صحيفة الغدير

مكتبة العلويون

 

من كتاب

"المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكّام"

لمؤلفه فضيلة الشيخ العلوي

" حسين محمد المظلوم"

 

فصل:

حوار صريح مع الموسوعة الميسرة
في الأديان والمذاهب المعاصرة




صدرت هذه الموسوعة عن الندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض برئاسة أمينها العام الدكتور مانع بن حماد الجهني , وبموافقة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية وموافقة المديرية العامة للمطبوعات بوزارة الإعلام .

وتحدث واضعوها عن حوالي 58 طائفة دينية , ومذهب وضعي , وحزب حاكم .
والغاية منها كما جاء في مقدمتها :
تقديم دراسةٍ جادّةٍ نزيهةٍ تضع الحقائق في إطار موضوعي دقيق مركز , وتقديم زاد فكري ثقافي موثوق لأبناء الجيل المعاصر حتى يعرفوا توجهات هذا العصر وليكونوا على بيّنة من ذلك كله , فيكون بوسعهم اتخاذ الموقف المناسب منها رفضاً أو قبولاً .

وتحاشى أصحاب هذه الموسوعة على حد قولهم الإسهاب , وتجنبوا السطحية , والتزموا الصدق والأمانة , وابتعدوا عن التهجم والتجريح , واعتمدوا على المصادر المتوفرة , وتمنوا أن يكونوا قد قدّموا الحقيقة العلمية للقارئ الكريم .

وهنا نسأل :
هل التزموا بهذه العهود التي أخذوها على أنفسهم أم أنها مجرد شعارات براقة , وعناوين خفاقة , تجاوزها فيما بعد ترويجاً لكتابهم وتحقيقاً لأهدافهم ؟ ؟
والجواب عن ذلك سنعرفه في حينه .

وفي الختام طلبوا من الأخوة القرّاء العاملين منهم في البحث العلمي المتعلق بموضوعات موسوعتهم إبداء آرائهم وملاحظاتهم ووعدوا أن تكون هذه الملاحظات والآراء محل عناية تامة .

وأنا بدوري آمل أن تكون هذه الملاحظات التي سأسجلها موضع اهتمامهم وعنايتهم , ولهذا أقول :




---------------------------------------------------------------------------------------------

هذا الموضوع منقول من كتاب فضيلة الشيخ العلوي "حسين محمد المظلوم" في كتابه "المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام" والذي قال في مقدمته:

و ألفت النظر بأننا حينما نتعرض لكاتب ما , فهذا لا يعني أننا نهاجم الطائفة التي ينتمي إليها والمذهب الذي يتمذهب به , بل نهاجم فرداً شاذاً عن آداب الإسلام وأصوله الذي ينهي عن تكفير أبنائه .
ولا يخفى على أحدٍ أن المسلمين العلويين لم يتعرضوا يوماً لأي طائفة من الطوائف في كتاباتهم وما ذلك إلا دليلاً على أخلاقهم الفاضلة وآدابهم الإسلامية المتأصّلة في نفوسهم , وفهمهم الصحيح لهذا الدين الحنيف والتزاماً منهم وإيماناً بما جاء في كتاب الله الذي يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر في كثير من آياته ...


.

 

 

 


إنّ أصحاب هذه الموسوعة لم يعتمدوا فيما كتبوا على أي مصدر من مصادر القوم المُفترى عليهم مع توفرها , ولا على أيّ مصدر أنصفهم بعدما عرفهم عن كثب , وكتب عنهم ما شاهد منهم من الإيمان والإسلام, بل اعتمدوا اعتماداً كلياً على أقوال خصومهم من دعاة التفرقة ومُثيري الفتنة , بالإضافة إلى أقوال المستشرقين - وهنا لا بُدّ لي من إبداء ملاحظة هامة وهي تتعلق بالمستشرقين – ولقد أفرد أصحاب هذه الموسوعة فصلاً كاملاً بخصوص المستشرقين نختصر منه موضع الحاجة :



تحدثوا عن الأهداف السياسية للمستشرقين فقالوا :

- ...
إنّ هدفهم إضعاف روح الإخاء بين المسلمين وتفرقتهم لإحكام السيطرة عليهم .
وكانوا يوجّهون موظفيهم في هذه المستعمرات إلى تعلم لغات تلك البلاد ودراسة آدابها ودينها ليعرفوا كيف يسوّسونها ويحكمونها .



ثم تحدّثوا عن أهداف المستشرقين الدّينيّة فقالوا :

-
التشكيك في صحّة رسالة النبي (ص) والزعم بأن الحديث النبوي إنما هو من عمل المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى .
-
التشكيك في صحّة القرآن والطعنُ فيه .
-
التقليل من قيمة الفقه الإسلامي واعتباره مُستمداً من الفقه الروماني .
-
النيل من اللغة العربية واستبعاد قدرتها على مسايرة ركب التطوّر .
-
إرجاء الإسلام إلى مصادر يهودية ونصرانية ... الخ .

فأقول :
إنّ كل هذه النظريات المتعلقة بأهداف المستشرقين صحيحة وثابتة , ومع هذا فقد اعتمدوا على أقوالهم في حديثهم عن العلويين متجاهلين ما قالوه سابقاً ... وهذه نقطة سوداء تسجّل عليهم .



وقالوا إنّهم اعتمدوا على المصادر المتوفرة .

وهنا أقول :
إنّ هذا الكلام خالٍ من الصحة بعيدٌ عن الحقيقة مُنافٍ للمنطق مُجانب للصواب ...
الم يكن متوفراً لديهم كتاب إسلامنا في التوفيق بين السنة والشيعة للدكتور مصطفى الرافعي ؟
وكتاب المسلمون العلويون من هم وأين هم للأستاذ منير الشريف ؟
وغيرها من الكتب التي تحدثت عن القوم بإنصاف وعايش أصحابها أبناء هذه الطائفة ؟
بالإضافة إلى كتب القوم أنفسهم فهل حُرِّمَ عليهم اعتمادها كمصادر من لسان أصحابها ؟
أم أنها غير موثوقة عندهم لأنها لا تخدم غاياتهم ولا تحقق أهدافهم القائمة على تكفير كل من يقول بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ؟؟! .

وهل هذه هي الدراسة الجادة والنزيهة التي تضع الحقائق في إطار موضوعي دقيق ومُركّز ؟؟!

أم أنها دراسة تكفيرية وتنفيرية تشوّه الحقائق وتـُلبس الحق بالباطل , قال تعالى :
وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ .

وهل يُعتبر تكفير فئة إسلامية مؤمنة, خدمةٌ لأبناء الجيل وتقديم زاد فكري ثقافي موثوق لهم ؟



وقالوا أيضاً : إنهم التزموا الصدق والأمانة .

ولهذا سأعطي دليلاً على ما يُناقِض قولهم .
جاء في الصفحة (514) من موسوعتهم , والحديثُ عن العلويين :
(
ليس لهم مساجد عامة , بل يُصلون في بيوتهم , وصلاتهم تكون مصحوبة بتلاوة الخرافات ) .

ومن المعلوم أنّ للعلويين في لبنان وسوريا أكثر من مئتي مسجد تُقام فيها شعائر الإسلام , على مذهب الإمام جعفر الصادق عليه السلام سادس أئمة أهل البيت الذي تخرّج عنه كبار أئمة المذاهب الإسلامية الأخرى . وهذا أمرٌ مُثبّت لا يسع أحدٌ إنكاره .

فهذا دليلٌ على اعتماد أصحاب هذه الموسوعة إلى تشويه الحقائق واختلاق الأكاذيب وعدم مبالاتهم بالوقائع الثابتة والمنظورة , ونكثهم بالتزاماتهم التي قطعوها على أنفسهم .



وقالوا إنهم ابتعدوا عن ( التهجم والتجريح ) :

والقارئ لهذه الموسوعة الضيقة بأهدافها يُلاحظ التهجم الواضح والتجريح المقزع ...

 

 

 

 


تعقيب على بعض الأخطاء



بعد هذا التمهيد المختصر نقف مع ما قالوه بحق هذه الطائفة المسلمة والمسالمة ونعقـّب على بعض النقاط التي لا بدّ من توضيحها للقارئ الكريم حتى يكون على بيّنة من الأمور السلبية التي تُشاعُ بحق أهل الولاية لا لشيء إلا لتمسكهم بالولاية .


قال أصحاب الموسوعة:
( النصيرية حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة , أصحابها يُعدّون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجود جزء إلهي في علي وألهوه به , مقصدهم هدم الإسلام ونقض عُراه , وهم مع كل غاز لأرض المسلمين , ولقد أطلق عليهم الإستعمار الفرنسي لسورية إسم (العلويين) تمويهاً وتغطيةً لحقيقتهم الرافضة ).


-
الروافض في حكم أصحاب هذه الموسوعة قومٌ فاسقون يجب لعنهم(1) والبراءة منهم, ولا يجوز الصلاة معهم , ولا خلفهم , ولا أمامهم , ولا مؤاكلتهم , ولا مشاربتهم , وهم أهل بِدَع وزيغ وأهواء , إلى ما هنالك من أوصاف الكفر والنفاق .

وهم في نظرهم (أي الروافض) :
(كل من قال بأفضلية أمير المؤمنين على بقية الصحابة واعتقد أحقيّته في الخلافة ).

وعلى هذا الأساس لا نستغرب منهم هذه الهجمة التكفيرية والسيل من الإتهامات . والعلويون باعتراف أصحاب الموسوعة حقيقتهم رافضةٌ , معتبرين أن تسميتهم بالعلويين لم يكن إلا تستيراً وتمويهاً لحقيقتهم .

-
والرفض باصطلاحهم أيضاً غلوّ يُخرج صاحبه عن الإسلام ويجعله في مصاف أهل الكفر والجحود .

وهذه الأحكام الجائرة من القوم إن دلّت على شيء فإنما تدل على بغض قديم , وتعصّب شديد , وجهل مُطبق .
بغض بذره معاوية ومن كان على شاكلته , وتعصّب أسّسه ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وابن باز , وجهل فرضه إنغلاقهم على أنفسهم وعدم اطلاعهم بتجرّد على آراء الآخرين .
فنتج هذا العداء والتعدي السافر , والإفراط في إطلاق الأحكام الجائرة لآداب الإسلام وأصوله وفروعه .

أصبح حب علي عليه السلام عند القوم رفضاً وغلواً ينطبق على صاحبه أحكامٌ لا تُحصى , بينما يقول السيد الرسول (ص) :
" يا علي لا يحبك إلا مؤمن "
فمتى أصبح الإيمان كفراً وغلواً ورفضاً ؟؟
نعوذ بالله من مرض التعصب الأعمى والحِقد المُفرط .

كنا نتمنى من أصحاب هذه الموسوعة أن يبيّنوا لنا متى كان العلويون مع كل غازِ لأرض المسلمين ؟...

ومتى كانوا خطراً على الإسلام ومصدر تهديد لهدمه ونقض عُراه ؟

كل هذا لأنهم فقط قالوا بما أمرهم به رسول الله (ص) من صدق الموالاة لإمام الهُدى ومعدن التقى الإمام علي بن أبي طالب (ع) وبنيه المعصومين فإنا لله وإنا إليه راجعون .

العلويون كانوا وما زالوا دائماً وأبداً ضد كل غازٍ لهذه البلاد العربية والأمة الإسلامية , ولا يخفى على أحد بطولاتهم الحمدانية ضد الغزاة الروم وصمودهم المُشرّف بوجه الإستعمار الفرنسي الغاشم , ولسنا بصدد الخوض في تاريخ الثورات العلوية ضد المستعمرين العُتاة فهي غير خافية على المؤرخين المنصفين .

وإن هذا القول الذي أطلقه أصحاب هذه الموسوعة وغيرهم مصدره فتوى ابن تيمية الذي لا يقبل جهاد أحد إلا أن يكون على مذهبه ومن مقلديه ولن نكون على مذهبه ما دمنا متفيئين بظلال الولاية , ومتيقنين بصدقها ومؤمنين بنقائها من كل شائبة ...

أما العلوي فهو الإسم الحقيقي لهذه الطائفة, والذي أطلقه عليها فهو نبي الهُدى (ص) وذلك حينما قال:
"
ألا إنّ شيعة عليّ يقولون يوم القيامة, نحن العلويون فتقول لهم الملائكة فأنتم الآمنون, ولا خوفٌ عليكم ولا أنتم تحزنون".


أما لفظ النصيري فهو نسبة إلى السيّد العلوي الشريف أبي شعيب محمد بن نصير أحد أعلام هذا البيت العلوي الهاشمي المُنيف.

ولا حاجة إلى التطويل في هذا المجال فلقد بحثنا هذه القضايا في مواضع عدّة من كتابنا (2).

-----------------------------------------------------------------------------------

(1) - قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين وهو من شيوخ هذه الموسوعة في ردّه على بعض المسائل التي وُجّهت إليه قضية أرض فدك : عتقد الرافضةلعنهم الله – أن النبي ص يورث كغيره من البشر ... الخ . وهذا دليلٌ على صحّة ما أكّدتهُ من القول يُطلقون اللعن على من يعتبرونهم روافض...

(2) - وبالإضافة إلى ذكر بحث هذه القضايا في مواضع عدّة من هذا الكتاب تجدر الإشارة إلى كتاب "الحجة الكاملة بالأدلة الشاملة" الذي رد فيه فضيلة الشيخ حسين على هذه المفتريات بشكل أوسع وهو منشور في موقعنا.

 

 

 


وبعد هذا التعريف راح أصحاب هذه الموسوعة الضيقة بآفاقها يبحثون كحاطب ليل, عن المؤسس لهذه الفرقة وأبرز الشخصيات فيها, فكان غايةُ كلامهم وما توصلت إليه قرائِحُهُم أنّ السيد أبا شعيب هو المؤسس الأول لها, فنقول:

كما قلنا مراراً وتكراراً أنّ السيد أبا شعيب هو أحد أعلام هذا المذهب العلوي وليس المؤسس, أما المؤسّس لها على الحقيقة فهو الذي دعا الأمّة إلى التمسك بولاية أمير المؤمنين وأمرهم بطاعته وإخلاص الولاء له, وذلك في مواضع عدّة ذكرتها كتب التاريخ والسِيَر.

وذكرت الموسوعة الإتهامات التي أُطلِقت جِزافاً بحق السيّد أبي شعيب من أنّه ادّعى النبوّة, وقال بألوهية الأئمة إلى ما هنالك من التخرصات الكاذبة التي اعتدنا على سماعها بين الحين والآخر, ولا حاجة لنا لأن نعقـّب ونرد عليها لكثرة تكرارها.

ولم يكن ذنبُ السيّد أبي شعيب إلا أنـّه قالَ بعصمة أئمته ووجوب اتباعهم ودعا إلى ذلك أتباعهُ ومؤيدوه.

 

 

 


ومن أبرز الشخصيات العلوية التي ذكرتها هذه الموسوعة:

-
محمد بن جندب.
-
أبو محمد بن عبد الله بن محمد الجنان الجنبلاتي.
-
الحسين بن علي بن حمدان الخصيبي.
-
محمد بن علي الجلّي.
-
علي الجسري.
-
أبو سعيد ميمون سرور بن قاسم الطبراني.
-
الأمير حسن المكزون السنجاري.
-
عصمة الدولة حاتم الطوباني.
-
حسن عجرد من منطقة أعنا.
-
الشاعر القمري محمد بن يونس كلاذي.
-
علي ماخوس.
-
ناصر نيصفي.
-
يوسف عبيدي.
-
سليمان أفندي الأذني.
محمد أمين غالب الطويل.
-
سليمان الأحمد.
-
سليمان مرشد.
-
سليمان الميدة.

إنّ المطّلع على الواقع العلوي عن كثب يُلاحظ حين تلاوة هذه الأسماء ثلاثة أمور لا يُمكنُ الإغضاءُ عنها.

الأول: الخطأ في بعضها.
الثاني: الخطأ في التعريف عنها.
الثالث: إضافة أسماء ليس لها علاقة بالعلويين.

وهنا يقع الإستغراب والتساؤل؟؟!!.

كيف تُعَدّ دراسة عقائدية عن قومٍ من قبل مجموعة من الباحثين كما يُطلقون على أنفسهم وهم لا يعرفون حتى أسماء الشخصيات المرتبطة بالقوم؟؟
فإذا كانوا يجهلون الأسماء فكيف سيعرفون العقائد؟؟...

أوَليس هذا دليلٌ على أنّ ما جاء في هذه الموسوعة باطلٌ ولا أساس له من الصحّة وهو من مفتريات أصحابها, وقد نقلوا أكثرها من هنا وهناك من غير تبيّن.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا .
ولكنّ القوم وللأسف الشديد ليس من مصلحتهم أن يتبيّنوا لأن غايتهم تكفيرُ العلويين لأسباب معروفة...

وسنعقّب قليلاً على هذه الأخطاء التي وقعوا بها لنستدل بذلك على أنّهم مجرد ناقلين وليسوا باحثين.

 

 

 

 

أولاً:



ذكروا السيّد الخصيبي (ق) وأطلقوا عليه اسم:
(
حُسين بن علي بن الحسين بن حمدان الخصيبي)
والصواب: أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي, فوالده حمدان وليس علي.
وذكروا أنّه جاء مع أستاذه من مصر إلى جنبلا, والمُراد بأستاذه هو السيّد الجنان (ق) وهنا نقول:
إنّ الخصيبي وأستاذه الجنّان لم يدخلا مصر مدّة حياتهما. وهذا أمر ذكرناه في الجزء الأول من كتابنا.

وذكروا أنّه (أي الخصيبي) أنشأ للنصيرية مركزين: أوّلهما في حلب رئيسه محمد علي الجلي, والآخر في بغداد ورئيسه علي الجسري...
وحتى الآن لم يُوَضّح لنا أي ناقل لهذه العبارة ما المراد بهذين المركزين.؟!
وما نعلمه هو أنّ السيدين أبا الحسين محمد بن علي الجلي, وابا الحسن علي بن عيسى الجسري هما تلاميذ الشيخ الخصيبي, وتابعيه, وقد أخذا عنه ودرسا على يديه النحو والصرف والتفسير والأصول والفقه حتى بلغا الغاية, وكانا موضع ثقة.

ونلفتُ النظر إلى أمر هام وهو:
أنّ الذي دبّج هذا القول وروّج له هو محمد أمين غالب الطويل وأنّ سائر الذين أتوا على ذكره فقد نقلوه على علاّته.

 

 

 

 

ثانياً:


قالوا: (إنّ الأمير حسن بن مكزون السنجاري) أرسى قواعِد المذهب النصيري في جبال اللاذقية مع أنّهم ذكروا أنّ مركز حلب الذي كان يرأسه الجلي انتقل إلى اللاذقية على يد أبي سعيد ميمون؟؟!!
وأبو سعيد ميمون بن القاسم الطبراني (ق) قبل المكزون يحوالي ((150)) عاماً.

فنقول:
إنّ الأمير حسن بن يوسف بن مكزون السنجاري إنّما جاء إلى هذه البلاد لكثرة الضغوطات التي تعرضت لها أهل الولاية من قِبل الحكام المتعصبين لا ليُرسي قواعد المذهب كما ذكروا لأنّ قواعد هذا المذهب الإسلامي العلوي الإمامي كان قائماً ومعمولاً به في تلك الجبال منذ أمدٍ بعيد وقبل السيد أبو سعيد بكثير.

 

 

 

 

ثالثاً:


خلطوا ما بين عصمة الدولة والشيخ حاتم الطوباني واعتبروهما شخصاً واحداً بقولهم: (ظهر فيهم عصمة الدولة حاتم الطوباني وهو كاتب الرسالة القبرصية).

أولاً: لا يوجد رسالةٌ بهذا الإسم لأي من الشخصيتين.

ثانياً: إنّ عصمة الدولة هو من أعلام القرن الخامس الهجري, واسمه أبو الفتح محمد الملقب بعصمة الدولة ابم الأمير معزّ الدولة علي بن عيسى الذي بنى القاهرة.

أمّا الشيخ حاتم بن يوسف الطوباني فهو من الأعلام العلويين في القرن السابع الهجري, والطوباني نسبة إلى قريته طوبا التي في جوار محورتي في جنوب قرفيص.

 

 

 

 

رابعاً:


أتوزا على ذكر (حسن عجرد من منطقة أعنا) ولم نسمع بهذه الشخصية مُطلقاً بل الصحيح حسن بن محمود بن صالح بن ابراهيم بن محمد الحمودي اليمني, وكنيته العاني الحموي ويُلقب بالأجرودي.

أمّا منطقة أعنا فلا وجود لها على هذه البسيطة بل يوجد في العراق بلدة عانة ويُنسب إليها أحد أجداده.

والشيخ حسن (ق) كان من أعلام القرن الثامن الهجري وكان من كبار الشعراء العلويين.

 

 

 

 

خامساً:


ذكروا أنّ من جملة رؤساء التجمعات النصيرية (الشاعر القمري محمد بن يونس كلاذي قرب أنطاكية, وعلي الماخوس, وناصر صيفي, ويوسف عبيدي).

أولاً:
لا يوجد تجمعات نصيرية بالمعنى الذي أطلقوه, وأنّ هذا المصطلح يفيد بأنّ العلويين منقسمون على أنفسهم وهذا ما لا أصل له.

فالعلويون طائفةٌ واحدة لا انقسام فيهم وهم من بيتٍ واحدٍ وهو البيت العلوي القائم على الإقرار بالشهادتين والتمسك بولاء أهل العصمة عليهم السلام.

وأنّ بدعة (التجمعات) أطلقها محمد الطويل في تاريخه العليل, ونُقلت عنه تقليداً بلا دليل.


ثانياً:
ليس للعلويين شعراء (قمريون ولا شمسيون) كما تفصحوا وأنّ هذا الوصف المصطنع ابتدعه الكاتب مصطفى شكعة صاحب كتاب (إسلام بلا مذاهب) وأطلقه على الشيخ محمد بن يونس الكلاذي الأنطاكي, وذلك حينما نسب إليه قصيدة فيها (تقديس القمر) لم يَسمع بها الشيخ نفسه.

وكم ألصق بالعلويين كتب وقصائد لا تمتّ إليهم بصلة ولم يسمعوا بها ومن جملة هذه المنسوبات الباكورة السليمانية, وكتاب المجموع, وغيرهما.


ثالثاً:
علي ماخوس, وناصر نيصفي, ويوسف عبيدي ليسوا رؤساء تجمعات كما توهّم أصحاب هذه الموسوعة, وأنّ هذا القول لا ينطبق مع الواقع وهو منقولٌ عن محمد الطويل صاحب الخيال الواسع.

 

 

 

 

سادساً:


ذكروا سليمان أفندي الأذني ووضعوا لنا سيرة عن حياته وقالوا إنّهُ نشر الديانة النصيرية بعد أن تنصّر على يد أحد المبشرين وطبع باكورته في بيروت إلى نهاية هذه القصة المضحكة والتي رواها كل من تعرّض للعلويين ولكن بصورة مختلفة.

أقول:
إنّ هذا السليمانَ الأفندي شخصية وهمية لم ينزل من بطن أمّه بعد وإنّ هذه الباكورة الموتورة هي من وضع المبشرين, ومن يراجعها بإمعانٍ وتجرّد يُلاحظ ما يدل على ذلك ويتضح له بأنها قد كُتبت حديثاً وألصقت بالعلويين (1).

والشيء الملفت للنظر هو أنّهم مع إصرارهم على وجود هذا الأفندي فهم مختلفون في اسمه, وفي قصة حياته.

أما الإختلاف في الإسم فمنهم من يُطلق عليه سليمان الأذني, ومنهم من يسميه سليمان الأخني, ومنهم من يقول سليمان الأضني إلى ما هنالك.

وأما اختلافهم في قصته فمنهم من يقول إنّه قتل من قبل أقاربه في اللاذقية وآخرون يقولون أنّ أهله استدرجوه إلى ولاية آطنه وقتلوه هناك خنقاً, وبعضهم قال حرقاً بالنار ... وهو لم يولد بعد.

وهناك تناقضات كثيرة في هذه الأسطورة المثيرة تركناها ضجراً من ترديدها.

---------------------------------------------------------------

(1) -
جاء في الباكورة ما يلي:
(
روى الخبر عن أبي شعيب محمد بن نصير أنه قال من أراد النجاة من حر النيران فليقل: اللهم العن ... الشيخ أحمد البدوي, والشيخ أحمد الرفاعي, والشيخ ابراهيم الدسوقي, والشيخ محمد المغربي)
والشيء الملفت للنظر أن هؤلاء الأربعة ولدوا بعد السيد أبي شعيب بمئات السنين فكيف يلعن قوماً قبل وجودهم؟
أليس هذا دليل على أنّ هذه الباكورة ... كتبت حديثاً وألصقت بالعلويين, وأنّ الذين كتبوها أرادوا إيقاع الفتنة بين العلويين وبين أنصار هؤلاء الشيوخ؟...

 

 

 

 

سابعاً:


ذكروا لنا محمد أمين غالب الطويل وقالوا عنه أنه شخصية نصيرية, كان أحد قادتهم ايّام الإحتلال الفرنسي لسوريا, ألّف كتاب (تاريخ العلويين) يتحدث فيه عن جذور هذه الفرقة...

قلنا سابقاً ونؤكد من جديد على أنّ كتاب (تاريخ العلويين) وضعه الإستعمار الفرنسي على يد أحد المستشرقين وتبنّاه الطويل ابن فرنسا المدلل وعميلها الموثوق على اساس أنّه علوي فالكتاب إذا بنظرهم القاصر يمثـّل واقع العلويين, وهذا أمر يُكذّبه ما جاء في الكتاب نفسه من التناقضات العجيبة التي وقع بها واضعوه.

وسأضرب بعض الأمثلة على سبيل الإختصار:

قال (الطويل) : (ولمّا انتقلت الإمامة إلى عليّ زين العابدين (ع) كانت بعده لولده زيد).

فهل يوجد علوي يقول هذا القول الذي يتناقض مع عقيدته الأثنى عشرية التي تنصّ على أنّ الإمامة بعد الإمام علي زين العابدين هي للإمام محمد الباقر(ع).

وقال أيضاً: (إنّ العلويين انقسموا إلى إسحاقية وهالتية وعلوية محضة).

فأقول:
إنّ هذا التقسيم لم ينقله أحدٌ لا قديماً ولا حديثاً فمن أين أتانا بالهالتيين ومن هي هذه الفرقة التي لم يأتِ أحدٌ على ذكرها أو تعريفها؟
أمّا الإسحاقية فهم جماعة اسحاق الأحمر النخعي المُكنى بأبي يعقوب وهذه الفرقة انفصلت عن النهج الإمامي عُقيبَ وفاة الإمام العسكري(ع) وذلك لقولها بالحلول وهي أيضاً فرقة منقرضة منذ أمدٍ بعيد.

وقال أيضاً: (ولقد وصّى جعفر الصادق (ع) بالإمامة لولده اسماعيل من بعده ولمّا توفي قبل ابيه أوصى إلى ولده الثاني موسى).

هذا القول قريبٌ من أقوال الفرقة الإسماعيلية الذين قالوا بأنّ الإمام الصادق أوصى بإمامة ابنه محمّد... إلا أنّ الطويل استدرك وقال:
(
ولما توفي قبل أبيه أوصى بها إلى ولده الثاني موسى) وهذا قولٌ بعيدٌ عن النهج الإسلامي العلوي.
فالإمامة نص إلهي بلّغه الرسول(ص) عن ربه وبلغه الإمام المعصوم كما تبلّغه وهنا يقع القارئ لأقوال الطويل في حيرة من أمره فيسأل عن مذهبه, أهو علوي؟ أم إسماعيلي؟ أم زيدي؟ لقوله السابق (إنّ الإمامة كانت بعد الإمام زين العابدين(ع) لولده زيد).

وقال أيضاً: (وكان أهل السنة يظنون أنّ علم الباطن منحصرٌ بين الإسماعيلية والحقيقة أنّ علم الباطن هو علمٌ مختص بالعلويين).

هذا القول يُثبت لنا أمرين:
الأول: هو أنّ واضعي هذا الكتاب هم المستشرقون كما قلنا سابقاً, لإيهام بقية الفرق بباطنية العلويين, وبهذا يحظون بإبعادهم عن إخوانهم في العقيدة الإسلامية.

الثاني: هو أنّ محمد أمين غالب الطويل إسماعيلي وليس علوياً كما ادعى, ويبرز ذلك من خلال عدة نقاط:
-
محاولته الدؤوبة لتبرئة الإسماعيليين من القول بالباطن وإلصاقه بالعلويين.
-
القول بأن الإمام الصادق(ع) أوصى بالإمامة إلى ابنه اسماعيل.
-
إعجابه الشديد بالسيّد طاهر سيف الدين (إمام البهرة من الإسماعيليين).
وهذا الإعجاب الشديد صرّح به للشيخ عبد الرحمن الخير كما ذكر الثاني.

وهنا نقول: إنّه لا يوجد إنسان شريف ومؤمن بعقيدته يتهم أبناء مذهبه بما لا يقولون.

ومن الغرائب التي أتى بها اعتباره بأن المماليك المصريين علويين, مع العلم بأنّ الظلم الذي لحق بالعلويين في عصر المماليك لا يوصف لشدّة فظاعته ويكفي الحملة المملوكية التي استهدفت علويي لبنان بأمر من السلطان الغاشم محمد بن قلاوون وذلك عُقيْب فتوى ابن تيمية.

واعتبر أيضاً بأنّ محيي الدين ابن عربي علوي وهذا أمرٌ لا يقرّه حتى محبي ابن عربي, ولا يقوله أي علويّ لا قديماً ولا حديثاً.

وأكتفي بهذا القدر من التعليق على أقواله المتناقضة, ويوجد غيرها الكثير لا حاجة إلى التنويه عنها فالقارئ الفطن يسهل عليه إيجادها ببساطة.



أمّا قول أصحاب الموسوعة من (أنّ الطويل كان أحد قادات العلويين أيّام الإستعمار) فكلام يتناقض مع حياة هذا الرجل الذي قضاها عميلاً مع كل مستعمر وذلك أنّه كان مدير بوليس ولاية في الحكومة العثمانية, وقام بجولة في بلاد الهند مع لجنة لجمع التبرعات بتفويض خطي من أمراء آل عثمان وهذا يدل على مكانته لديهم.

وبعد أفول العثمانيين عيّنه الإستعمار الفرنسي عضو محكمة بدايةً في اللاذقية, ثم حاكم صلح في تلكلخ, فمتى كان قائداً من قادات العلويين؟؟
وهو لا يحق له في ذلك الوقت لتآمره وخيانته أن يكون خادماً عند ثائر من ثوار المجاهد العربي الكبير الشيخ صالح علي سلمان رحمه الله.

 

 

 

 

ثامناً :


أتوا على ذكر العلامة الكبير الشيخ سليمان الأحمد (ق) وقالوا عنه :
(
سليمان أحمد شغل منصباً دينيّاً في دولة العلويين عام 1920 م ) .

أقول :
إنّ ذكرهم للعلامة بإيجاز مقتضب مع حفظ اللقب لا يخلو من الإزدراء الواضح , وكأنهم أرادوا التقليل من قيمته , والحط من مكانته ولكنه (ق) بما أفاض الله عليه من وافر النعم وسعة العلم فإنه أرفع من أن تناله ألسنة الحاسدين والحاقدين , وإسقاط لقب رجل الدين المعروف به من قبل الآخرين دليل على عدم تأدّبهم بآداب العلم .

أما قولهم أن العلامة : ( شغل منصبا دينياً في دولة العلويين عام 1920 م ) .
فكلام بعيد عن الصواب ولا يخلو من غايات سيئة. والصواب هو كما قال الأستاذ الأديب والعالم الأريب فضيلة الشيخ محمد حسن شعبان ( كان من تلامذته ومن الموثوقين عنده ) قال :

"
عُيّن سماحته رئيساً لمحكمة الإستئناف والتمييز الشرعية سنة 1918 ميلادية في عهد المغفور له الملك فيصل كما في المقدمة ولما انطوى العهد الفيصلي عن أرض سورية وجاء الإستعمار البغيض , استقال من رئاسة المحكمة ورفض كل عرضٍ ومساومةٍ للرجوع عن الإستقالة , وانصرف لمهامه الإصلاحية التي بدأها وإتمام رسالته التي ألزمها نفسه يدعو شعبه للإلفة والمحبة , ولكن المستعمر أخذ يؤلب الشعب بعضه على بعض ويزرع بينهم بذور الفتنة والشقاق بشتى الأساليب فأغرى بعض الجهلة بالسطو على بعض إخوانهم والسلب لمواشيهم ونهب محتوياتهم , فطلع فضيلته بفتيا على الجناة العادين على إخوانهم برد الأسلاب . نثبتها هنا كوثيقة تاريخية .

إلى سائر إخواننا من أهل الولاية
إن هذه الفوضى خارجة عن الدين والإنسانية معاً فالواجب على كل من يؤمن بالله واليوم الآخر ويوالي العِترة الطاهرة أن يبذل وسعه لإرجاع هذه المسلوبات إلى أربابها , ومن منعته الجهالة والعصبية عن الإنقياد إلى أمر الله وطاعة المؤمنين فليُهجر ولا يُعاشر , ولا يجوز أن تقبل منه صدقة ولا زكاة ولا يُصلّى عليه إذا مات حتى يفيء إلى أمر الله , وبما أنه لا قوّة لنا على تنفيذ أحكام الشرع الحنيف في هذه المسألة فلنفعل ما يجب علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر لئلا نقع تحت طائلة الوعيد , فإن المُنكر إذا فشا عمَّت عقوبته الحلماء والسفهاء , الحلماء لترك النهي , والسفهاء لعدم التناهي , وإذا وُجد من المشائخ من يتساهل مع أهل الجهالة يُعامل معاملتهم – اللهم إنّا نبرأ إليك من هذه الأعمال الجائرة وممّن يقرّها , ولا حول ولا قوة إلا بالله ... الخ .



هذا التعريف المختصر بحياة العلامة من قبل بعض معاصريه يوضح لنا عدّة نقاط :

أولا:
سنة 1918 م لم يكن هناك ما سُمّيَ بدولة العلويين التي فرضها الإستعمار الغاشم لعزل العلويين عن إخوانهم في العروبة والإسلام .

ثانياً :
لم يكن الفرنسيون حينما عُيّن العلامة في هذا المنصب قد دخلوا سورية بعد .

ثالثاً :
يتضح لنا بأن أصحاب هذه الموسوعة يُطلقون الكلام على عواهنه من دون نظر فيه أو تدبر لمعانيه , غايتهم الإساءة إلى هذه الطائفة الكريمة , وليوهموا القرّاء بأن العلامة كان راضياً عن إقامة دولة العلويين وهذا ما لا أساس له من الصحة لأن من أكبر أسباب إستقالته هو طلب الفرنسيين منه تشجيع إقامة هذه الدولة وتأييدها , بصفته أكبر مرجعية للعلويين في وقته , فكان رفضه (ق) صفعة مدوّية على جبين الإستعمار , أذل بها كبرياءهم ومرّغ أنوفهم .


ويحاول أصحاب هذه الموسوعة وغيرهم القول بأن العلويين كانوا راضين راغبين في إقامة دولة لهم وذلك بتمرير بعض الإتهامات الكاذبة كالقول بأن العلويين
( كانوا دائماً وأبداً مع كل غازٍ لهذه البلاد العربية )

ولهذا نقول لأولئك المتقولين علينا ما لا نقول :
إليكم هذه الوثيقة التاريخية التي تدحض هاتين الوصمتين وهي كلمة قالها السيد إحسان بك الجابري (1) في تقديمه لكتاب ( تاريخ الثورة العلوية ) تأليف الأستاذ عبد اللطيف اليونس وصاحب الكلمة كان على اطلاع تام بجميع أحوال الثورة ووضعها والمراحل التي مرّت بها والنتائج التي أسفرت عنها :

-------------------------------------------------------------------------------------

(1) -
إحسان بك الجابري كان محافظ اللاذقية في عصر الإنتداب خلفاً للسيد مظهر أرسلان وقد كان الجابري يتبع سياسة تمزيق العلويين وقد أساء معاملتهم بصورة مباشرة وخلفه على هذا المنصب السيد شوكت العباس. وقد اخترت شهادة الجابري بوطنية العلويين كمستند تاريخي للأسباب التي ذكرتها حوله, فشهادة البعيد في هذه القضايا الحساسة أفضل من شهادة القريب وأقوى حجّة...

 

 

 

.

وثيقــة تاريخيــة



إنّه من الصعب أن يعرف المرء أهميّة الثورة التي قام بها الشيخ صالح العلي - من الوجهتين المادية والمعنوية- قبل أن يعلم نوايا الفرنسيين الحقيقية ومقاصدهم الإستعمارية التي دفعتهم إلى دخول الحرب الكبرى بقصد الإستيلاء على ممتلكات في حوض البحر الأبيض المتوسط وخاصة سوية ولبنان اللذين كانت تعتبرهما فرنسا مركز إشعاع لمدنيتها وثقافتها في سائر أنحاء الشرق.
ولمّا وقف الإنكليز - أوّلا - في وجه مطامع الفرنسيين في جميع المؤتمرات والمفاوضات كان هؤلاء يزعمون أنّ السوريين واللبنانيين ينتظرون جيوشهم بفارغ الصبر!!
وأنه لا يوجد في البلاد السورية واللبنانية من يرفض انتدابهم واحتلالهم!!

وقد أثبتت الوقائع فيما بعد بطلان هذه الإدعاءات والإفتراءات وبرهنت على أنّ الشعب السوري بأسره يرفض أي انتداب أو احتلال.
ولهذا فقد كانت ثورة الشيخ صالح العلي صدمة عنيفة لإدعاء الفرنسيين وتبجّحهم وغرورهم. وكان لها – بالنسبة للفرنسيين- صدى سيء في المحافل الأوروبية جمعاء. وقد مُنيَ دعاتهم بخيبة مريرة وإخفاق شديد.

ولقد كنا في جنيف نجابه الفرنسيين بذكر الثورة العلوية حينما يزعم دُعاتهم المغرضون بأنّ العلويين يكرهون الوحدة ويريدون الإنفصال. والذي يُقيّض له الإطلاع على سجلات جامعة الأمم يرى أننا كنا نستشهد بثورة الشيخ صالح العلي لدحض المفتريات الفرنسية ومزاعمهم ضد العلويين خاصة والسوريين عامة.
من هذا, وهذا وحده, يستطيع القارئ أن يُدرك مدى انتفاعنا من تلك الثورة العنيفة التي دامت ماينوف عن الثلاث سنوات.

وإنّ من أعظم مزايا ثورة الشيخ صالح العلي أنها استمرّت مايُقارب السنة بعد خروج الملك فيصل من الشام, وانقطاع المساعدات المنظمة عن الثورة. ولم يكن لها ما يُغذّيها في فترة تلك السنة الأخيرة إلا إيمان الشيخ صالح, وثباته ومتانة عقيدته, وما أزال أحتفظ بين مذكراتي ببعض الرسائل التي كانت تردنا من دمشق وهي مملوءة بالعزيمة الصادقة والإخلاص الشديد.

وثمّة منافع أخرى كثيرة أتت عن طريق تلك الثورة ودلّت على أنّ فائدتها لم تنحصر ضمن نطاق معيّن. ومن ذلك الثورات التي قامت بعدها في جبل الدروز وجبل الزاوية وجبل عامل والغوطة وحماة وبقية المناطق الأخرى والتي لم تكن إلا بمثابة تموّجات طبيعية للثورة الأولى التي أطلقها الشيخ صالح العلي رصاصتها الأولى.

ولو كانت اليقظة العربية مثلها اليوم لما تخلل تلك الثورات ماتخللها من فترات الهدوء والسكينة. ولكان مصير فرنسا الذي تقرر منذ عامين قد تقرّر منذ عشرين عاماً.

والذي يبعث على تقدير الشيخ واحترامه أنّ ثورته كانت بعيدة عن الإستثمار وأنّ شخصه كان أرفع من أن تؤثر به المغريات الماديّة, والمؤثرات السياسية. أو أن تُخرجه من عزلته للإستفادة التي كانت تُعرض عليه في كل مناسبة ويُعرِض عنها بكل شرفٍ وإباء.

وهو لم يتلكأ عن القيام بواجباته الوطنية حينما كانت المصلحة العامة تدعوه إلى ذلك, بل كان يقوم بها خير قيام ويؤديها خير أداء.
وقد لقيتُ منه يوم كنت محافظ اللاذقية في أصعب الظروف وأقسى الأحوال أصدق معونة وأنبل إخلاص.

أمدّ الله في عمر الشيخ صالح العلي وعمر رفاقه المجاهدين وحفظهم وحفظ البلاد العربية من كل أذى ومكروه والله جل جلاله لا يُضيّع أجر من أحسن عملا.

إحسان الجابري.
(
انتهى)


.

 

 

 

.

لو نظر مُنصف إلى هذه الكلمة الصادقة والغنية بالحقائق الثابتة لتبيّن له وبكل وضوح الأمور التالية:



أولاً:

أنّ المسلم العلوي كان وسيبقى دائما وأبداً ضد كل غازٍ لهذه البلاد العربية والإسلامية
وأنّه وبإصرار شديد يرفض كل تجزئة للوطن العربي
ولم يكن يوماً مع الإنفصال عن بقيّة إخوانه العرب والمسلمين
ولم يرضخ لمخططات أعداء الدين والوطن فلا يثنيه عن مبادئه الترهيب, ولا يغريه الترغيب.




ثانياً:

يُبيّن لنا الوثيقة أنّ ثورة المجاهد الكبير الشيخ صالح العلي رحمه الله حطّمت كبرياء الفرنسي وأذلته
وكانت شاهداً حياً على عروبة العلوي وصدق إسلامه
وبرهانا على قدسيّة الجهاد عنده
وحافزاً على قيام ثوراتٍ عديدةٍ
وأخيراً وليس آخرا تكذيباً للمتخرصين ورداً على افتراءاتهم.


.

 

 

 

 

تاسعا:


ذكروا سليمان مرشد وقالوا عنه أنّه (كان راعي بقر, لكن الفرنسيين احتضنوه وأعانوه على ادّعاء الربوبية, كما اتخذ له رسولا "سليمان الميدة" وهو راعي غنم, ولقد قضت عليه حكومة الإستقلال وأعدمته شنقاً عام 1946م).

هنا لا بد لي من القول إنّ الفرنسيين لم يحتضنوه ويعينوه فقط, بل هم الذين ابتكروا هذه الفكرة الخبيثة, وروّجوا لها وزمّروا وطبلوا, وملأوا الدنيا ضجيجاً وعجيجاً, وذلك تشويهاً لسمعة العلويين وإلحاق الأذى بكرامتهم, وليوهموا الآخرين بأنّ العلويين يعبدون رجلاً, والعياذ بالله من هذا الإدّعاء الفاسد, والرأي الحائد.

ونحمد الله من أنّ أصحاب هذه الموسوعة اعترفوا بألسنتهم أنّ للفرنسيين اليد الطولى في هذه المهزلة المقرفة والمضحكة معاً, ولكن ما نستغربه هو إدراجهم لاسمه بين الشخصيات العلوية البارزة, وهذا أمرٌ تعمّدوه مرّات عدّة قد نوّهنا على ذلك سابقاً, والغاية من إدراج اسمه في قائمة الشخصيات العلوية واضحة ومكشوفة, فالقوم أرادوا أن يقولوا إنّ لهذا السليمان شأناً عند العلويين, وهذا أمرٌ بعيدٌ عن الواقع بُعدَ السماء عن الأرض. ولا يقرّه علويٌّ صغيراً كان أم كبيراً.

 

 

 

 

مقالة الشيخ أحمد اسماعيل الرقمة


في الماضي القريب كتب أحد العلماء العلويين مقالة تتعلق بهذه القضية, وهو فضيلة الشيخ أحمد اسماعيل (الرقمة) أطال الله عمره (1) وقد نشرت هذه المقالة في مجلة العرفان اللبنانية (المجلد 33 سنة 1366هـ تحت عنوان:
مات ولم يمت

قال الشيخ أحمد اسماعيل:
مات (المرشد) وقدِمَ إلى ما قَدِمَ ولم تمت حسيكة القلوب التي هبّ أوارها وطار شرارها في أصقاع العالم الأرضي واستطالت يد سلطانها الجائر المستبد إلى أقصى المعمور.

مات (المرشد) ولم تمت دعاة السوء الذين أفسدوا أو كادوا أن يُفسدوا على الأمة دينها ودنياها ولم يقضِ على العادات ولم تستأصل الحزازات التي طغت على العدالة الحقة وطمست الحقائق الراهنة وثلمت الصفوف العربية ومزّقت الملة الإسلامية وكادت تقضي على الطائفة العلوية لولا وجود بعض المنصفين الذين يعملون لله والوطن.

أجل مات (المرشد) وطالما قرأنا الكثير وسمعنا ما يفوق حد الكثرة من المقالات الطنانة التي ملأت الدنيا دويّاً ولعبت شوطا بعيداً في دنيا العالم وذلك مِمّا أملاه وجدان العائثين ودبّجته أيدي الظالمين في حقنا العلويين بسبب ذلك الظالم الغاشم الذي مضى لسبيله...

...
ولطالما تصاممنا وما بنا من صمم وتغاضينا عن كثير من الأقوال التي ما أنزل الله بها من سلطان وأعرضنا عن تلك السفسطات الفارغة والسخريات اللاذعة الحمقاء وقابلناها بفارغ الصبر وسِعة الصدر وكم بتنا نتشوق بكل جوارحنا إلى ما يقولُهُ أهل العدالةِ والإنصاف في حقيقة هذه البدعة السيئة ولكن من هم وأين هم؟؟.

نعم مات (المرشد) ولكن لم تمت الوصمة التي وُصِمنا بها والتهمة التي لوثنا بها أولئك العائثون في آدابهم العاملون لخراب بلادهم الذين ملأوا الدنيا صراخاً في هجر الأقوال وأوسعوا الدعابات الكاذبة سيَّما بعض الصحفيين الذين يطرحون الكلام على عواهنه فقد تقوّلوا علينا وأجازوا في حقنا القول الشنيع الذي يأباه الله ورسوله ولا يقرّه الإسلام ولا يرضاهُ الإيمان.

-
فإنا لله وإنا إليه راجعون - أما كان في وسعهم أن ينقلوا أضاليل هذه البدعة على صحّتها ويؤثرون الحق الذي به تعرف الرّجال على الباطل الذي لا تقوم به قيامة ولا تحمد له عاقبة.

-
أما والله إنّ في أقوالهم هذه خروجاً على الدين الصحيح وليست أقوال ذي وجدان. وقد شوّهوا وجه الحقيقة والتاريخ بهذه الدسائس المحرّمة - فيا لها من جرأة على الإنسانية أجمع. وما أعظمها من فِرْيَة وأكبرها من جريمة لا تغتفر -
ويا للعجب مرة ويا للغرابة الف مرة. أصحيحٌ أنّ كل هؤلاء القائلين يعتقدون أو يظنون أنّ العلويين يعتقدون أنّ (سلمان مرشد) رب - معاذ الله وكلا - ولكن لا شك أن التعصب يَعمي البصير عن رؤية الحق المنير (إنما تنجح المقالة في المرء إذا صادفت هوىً في الفؤاد) والله يعلم وأكثر القائلين يعلمون إننا من هذه التهمة بُريئون وما نراها إلا بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار ولنا في رسول الله (ص) أسوة حسنة وسبيلنا في ديننا الثقلان اللذان قال فيهما (ص) :
"
إني مخلّفٌ فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض"
وقد أمرنا بالإقتداء بهما بقوله (ص) : اقتدوا بالذي بعدي.
ولا نرى في ديننا إلا ما ثبت لدينا بالنقل الصحيح المتواتر عن أهل بيت رحمته (ع) الذين قال فيهم (ص):
"
أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق"...
والله من وراء القصد.

(
انتهت المقالة)

------------------------------------------------------------------------------------------

(1) -
العالم الجليل الشيخ أحمد إسماعيل من كبار العلماء العلويين في سوريا, شاعر وأديب وفقيه محدّث, ولد سنة 1329هـ في قرية الرقمة التابعة لمحافظة طرطوس, قضى حياته وما زال في العلم والتعليم , له مقالات واشعار عديدة, ومراسلات مع كبار علماء الشيعة, أطال الله لنا بعمره الشريف...

 

 

 


في هذه الكلمة الصادقة خير دليل على ما نوّهنا عنه سابقاً من أنّ قضية (المرشد) لا علاقة للعلويين بها بل هي وليدة المكر الإستعماري الفرنسي.


وبعد انتهاء أصحاب هذه الموسوعة من ذكر أبرز الشخصيات العلوية (كما يقولون) راحوا يبحثون في الأفكار والمعتقدات, فنسبوا إلينا خليطاً غير متجانس من الإعتقادات المتناقضة فيما بينها, والبعيدة عن العقيدة الإسلامية العلوية الحقّة المُصرّح بها من قبل علمائنا الثقاة, وقد نقلوا هذه المفتريات كما ذكروا عن الشهرستاني, وابن تيمية, والأذني, ومحمد الطويل, ومصطفى الشكعة, ورينيه دوسو, وبروكلمان, وصابر طعيمة, والحسيني عبد الله, ومحمد فريد وجدي, وغيرهم من الذين أكل الحقدُ قلوبهم, واستولى عليهم وعلى ضمائرهم سلطان التعصب المقيت, وتعرّش في نفوسهم حبُّ الفتنة البغيضة, فأعاذنا الله مِمّن هذه صفاتهم وأخلاقهم.

وبما أنّ أصحاب هذه الموسوعة اعتمدوا فيما كتبوا عن هؤلاء الكتـّاب المشبوهين فلا داعي للرد عليهم لعدم الثقة في كتاباتهم, ولكن لا بُدّ من الوقوف على أمرٍ واحد قد أتوا على ذكره, وهو قولهم:
(
اتفق علماءُ المسلمين على أنّ هؤلاء النصيريين لا تجوز مناكحتهم, ولا تُباح ذبائحهم, ولا يُصلّى على من مات منهم, ولا يُدفن في مقابر المسلمين, ولا يجوز استخدامهم في الثغور والحصون).

وهنا نسأل ويحق لنا ذلك:
من هم العلماء الذين اتفقوا على هذه الأكاذيب والكبائر التي تنص على تكفير قوم أسلموا للهِ خالص اعتقادهم؟.
ولماذا لم يذكروا لنا أسماءهم وصورة هذا الإتفاق, والحجج التي استندوا عليها؟.

وفي الحقيقة التي يُقرّها المنصفون فلا يوجد من هؤلاء (العلماء) سوى ابن تيمية, الذي أطلق هذه الفِرْيَة, وقد صرحوا بذلك حينما ذكروا قسماً من فتواه الجائرة التي هي عن الحق نافرة.

 

 

 

 

العوامل النفسية التي دفعت ابن تيميّة
لتكفير العلويين؟



ما هي العوامل النفسية التي دفعت ابن تيميّة لإصدار هذه الفتوى الأموية؟؟

الجواب عن ذلك لا يتـّضح إلا من خلال معرفة عقيدة هذا (الفقيه) وخصوصاً في أمير المؤمنين عليه السلام.

ذكر الحافظ ابم حجر العسقلاني في "الدرر الكامنة" أنّ ابن تيميّة خطـَّأ أمير المؤمنين علياً كرّم الله وجهه في سبعة عشر موضعاً خالف فيها نصّ الكتاب, وأنّ العلماء نسبوه إلى النفاق (1) لقوله هذا في عليّ كرّم الله وجهه(2).

فمن يُخطّئ أمير المؤمنين (ع) ويُجهر ببغضه له حبّاً في معاوية ودفاعاً عنه, فهل يصعب عليه بعد ذلك تكفير شيعته ومواليه؟
ويقول فيهم إنهم "أكفر من اليهود والنصارى بل أكفر من كثير من المشركين".

ففي عقيدة ابن تيميّة كما يتّضح أن حبّ عليّ كفر, وبُغضهُ إيمان, بخلاف ما قاله الرسول(ص) : "يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق".
وهذا الحديث متفق عليه عند سائر العلماء باستثناء ابن تيميّة الذي أجهد نفسهُ وسخّر علمَهُ وصرف عُمره في تضعيف سائر الأحاديث الدّالة على فضائل أمير المؤمنين (ع) والتشكيك بصحّتها, حتى ولو اضطر إلى مخالفة وتكذيب جُمهور السنّة منهم قبل الشيعة.

ومن جملة هذه الأحاديث قولُ الرسول(ص) لعمّار :"تقتلك الفئة الباغية".(3)
هذا الحديث رواه أكثر من عشرين صحابياً يُضعفه ابن تيمية ويطعن به لما يضمر في نفسه من حقد على أمير المؤمنين (ع) ولأن هذا الحديث فيه تذكية للإمام (ع) وطعناً بمعاوية...


وكذلك قول الرسول(ص) لعلي(ع) :"أنت وليّ كل مؤمن بعدي".
يقول فيه ابن تيمية في منهاجه (فإنّ هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث وهو كذب على رسول الله(ص) ).
مع العلم أنّ هذا الحديث رواه الترمذي في سننه والنسائي في الخصائص, وأحمد بن حنبل في مسنده, وفي فضائل الصحابة, وصحّحه ابن حبان, وأخرجه الحاكم في المستدرك, والطيالسي في مسنده, والطبراني في معجمه, وأبو نعيم في الحلية, وابن الحجر في الإصابة, وابن شيبة في مُصنّفه...

وقد طعن ابن تيميّة بعدّة أحاديث أثبتها العلماء ورواها أكثر الصحابة:
كحديث سدّ الأبواب إلا باب علي,
وحديث "أنا مدينة العلم وعلي بابها",
وحديث المؤاخات,
وحديث الولاية "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه",
وحديث "أقضاكم علي",
وحديث "من أحبّ علي فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله, ومن أبغض علي فقد أبغضني, ومن أبغضني فقد أبغض الله".

إلى ما هنالك من الأحاديث الصحيحة والثابتة, فإن ابن تيمية في علم الحديث بارعٌ جداً, يُصحّح منه ما يوافق هواه ولو كان ضعيفاً ومنسوباً, ويطعن بما يخالف مبتغاه ولو كان متواتراً, وإن دلّ هذا على شيء (ولا بد) فإنّه يدل على أنّه كان ناصبياً (كما أوضح الحافظ ابن حجر) يجهر بعدائه لأمير المؤمنين وسيّد الوصيين الذي لم يبغضه إلا منافق, ولهذا فنحن لا نستغرب فتواه في تكفيرنا, ولا فتوى مقلديه ومن استند إليه.


---------------------------------------------------------------------------------------------------

(1) -
استدل العلماء على نفاق ابن تيميّة من خلال الحديث الوارد في الإصحاحات والدال على أنّ حب علي إيمان وبغضهُ نفاق. فلتراجع.

(2) -
المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية - للشيخ عبد الهادي الهرري.

(3) -
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (ج1 , ص 543) : فائدة:
روى حديث "تقتل عمار الفئة الباغية" جماعة من الصحابة منهم قتادة بن النعمان كما تقدّم, وأم سلمة عند مسلم, وأبو هريرة عند الترمذي, وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي, وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه وكلها عند الطبراني وغيره, وغالب طرقها صحيحة أو حسنة, وفيه عن جماعة آخرين يطول عدّهم, وفي هذا الحديث علمٌ من أعلام النبوّة وفضيلة ظاهرة لعليّ ولعمّار, ورداً على النواصب الزاعمين أنّ علياً لم يكن مُصيباً في حروبه. انتهى.

 

 

 


ثم ختم أصحاب هذه الموسوعة ادعاءاتهم الكاذبة بالقول:
(
إنّ العلويين قدّسوا الكواكب والنجوم وجعلوها مسكناً للإمام علي, وبنوا معتقداتهم على مذاهب الفلاسفة والمجوس والهنود, وأخذوا عن النصرانية, ونقلوا عن الغنوصية المسيحية, وتأثروا بالأفلاطونية المحدثة... الخ).

فليخجل هؤلاء القوم من نقل الأكاذيب وترديد السخافات,
فالأجدى بهم والأنفع لهم أن ينصرفوا إلى معالجة القضايا الإسلامية الكبرى
ويعملوا بإخلاص لرأب الصدع وتوحيد الكلمة,
والسعي لإزالة الخلافات العالقة والتي يستغلها أعداءُ الدين والوطن ويعمل من خلالها لتحقيق مآربه
وذلك بإضعاف المسلمين ليتسنى له السيطرة عليهم واستغلال خيراتهم.



وإنّ الإقرار بوحدانية الخالق جلّ وعلا, والقول بنبوّة خاتم الأنبياء وسيّد المرسلين والإيمان بولاية عليّ وولده المعصومين (ع) لم يكن يوماً من اعتقادات المجوس والهنود والنصارى والفلاسفة, بل هو من كمال الدين وإتمام النعمة, التي دعا إليها السيّد الرسول(ص), وآمنت بها أهل العقول, وصدّقتها بحسن القبول...

وفي هذا كفاية.

 

والسلام على من اتبع الهُدى...