تحف العقول عن آل الرسول ص‏

ابن شعبة الحراني ‏

 

الكتاب : تحف العقول

 عن آل الرسول صلى الله عليهم

 

المؤلف : ابن شعبة الحراني

الوفاة : ق 4

المجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه

تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري

الطبعة : الثانية

سنة الطبع : 1404 - 1363 ش

الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

موافق للمطبوع

إعداد : متين زيفة العلوي الأنطاكي- موقع الغدير

                       www.elgadir.com  

 

 

مقدمة المؤلف

* (ما روى عن النبى صلى الله عليه وآله في طوال هذه المعانى)*

* (وصية اخرى إلى أمير المؤمنين عليه السلام مختصرة) *

* (وصية له اخرى إلى أمير المؤمنين عليه السلام) *

* (ومن حكمه صلى الله عليه وآله وكلامه) *

وصيته صلى الله عليه وآله لمعاذ بن جبل ما بعثه إلى اليمن

* (ومن كلامه صلى الله عليه وآله) *

* (ذكره صلى الله عليه وآله العلم والعقل والجهل) *

* (موعظة) *

* (خطبته صلى الله عليه وآله في حجة الوداع) *

* (وروى عنه صلى الله عليه وآله في قصار هذه المعانى) *

 

[ باب ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام ] 61

* (خطبته عليه السلام في اخلاص التوحيد) *

* (كتابه إلى ابنه الحسن عليهما السلام) *

* (وصيته لابنه الحسين عليهما السلام) *

* (خطبته المعروفة بالوسيلة) *

* (آدابه عليه السلام لاصحابه) (وهى أربعمائة باب للدين والدنيا) *

* (خطبته عليه السلام المعروفة بالديباج) *

* (ومن حكمه صلوات الله عليه وترغيبه وترهيبه ووعظه) *

* (موعظته عليه السلام ووصفه المقصرين) *

* (وصفه عليه السلام المتقين) *

* (خطبته عليه السلام التي يذكر فيها الايمان) *

* (ومن كلامه عليه السلام لكميل بن زياد) *

* (وصيته عليه السلام لكميل بن زياد مختصرة) *

* (وصيته عليه السلام محمد بن أبي بكر حين ولاه مصر) *

* (ثم كتب إلى أهل مصر بعد مسيره ما اختصرناه) *

* (ومن كلامه عليه السلام في الزهد وذم الدنيا وعاجلها) *

خطبته عليه السلام عندما انكر عليه قوم تسويته بين الناس في الفئ

* (ومن كلامه عليه السلام في وضع المال مواضعه) *

* (وصفه عليه السلام الدنيا للمتقين) *

* (ذكره عليه السلام الايمان والارواح واختلافها) *

* (وصيته عليه السلام لزياد بن النضر) *

* (وصفه عليه السلام لنقلة الحديث) *

(كلامه عليه السلام في قواعد الاسلام) وحقيقة التوبة والاستغفار

* (وصيته إلى ابنه الحسن عليهما السلام لما حضرته الوفاة) *

* (تفضيله العلم) *

* (وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني) *

 

ما روي عن الإمام السبط التقى أبى محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما ورحمته وبركاته 225

* (ومن حكمه عليه السلام) *

* (جوابه عليه السلام عن مسائل سئل عنها) *

* (كلامه عليه السلام في الاستطاعة) *

* (موعظة) *

* (خطبته عليه السلام حين قال له معاوية بعد الصلح: اذكر فضلنا) *

* (وروى عنه عليه السلام في قصار هذه المعانى) *

 

ما روي عن الامام التقى السبط الشهيد أبى عبد الله، الحسين بن علي عليهما السلام 237

* (في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ويروى عن أمير المؤمنين عليه السلام) *

* (موعظة) *

* (كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة لما سار ورأى خذلانهم إياه) *

* (جوابه عليه السلام عن مسائل سأله عنها ملك الروم) *

* (وجوه الجهاد) *

* (توحيد) *

* (وعنه عليه السلام في قصار هذه المعاني) *

 

ما روي عن الإمام سيد العابدين على بن الحسين عليهما السلام 249

* (موعظته عليه السلام لسائر أصحابه وشيعته وتذكيره إياهم كل يوم جمعة) *

* (موعظة وزهد وحكمة) *

* (رسالته عليه السلام المعروفة برسالة الحقوق) *

* (ثم حقوق الأفعال) *

* (ثم حقوق ألائمة) *

* (ثم حقوق الرعية) *

* (واما حق الرحم) *

* (ومن كلامه عليه السلام في الزهد) *

* (كتابه عليه السلام إلى محمد بن مسلم الزهري يعظه) *

* (وروى عنه عليه السلام في قصار هذه المعانى) *

 

ما روي عن الإمام الباقر عن علم الله وعلم رسوله 284

* (ومن كلامه عليه السلام لجابر أيضا) *

* (ومن كلامه عليه السلام في أحكام السيوف) *

موعظة

* (وروى عنه عليه السلام في قصار هذه المعانى) *

 

ما روي عن الإمام الصادق أبى عبد الله جعفر بن محمد 301

* (وصيته عليه السلام لأبى جعفر محمد بن النعمان الاحول) *

* (رسالته عليه السلام إلى جماعة شيعته وأصحابه) *

* (ومن كلامه عليه السلام سماه بعض الشيعة نثر الدرر) *

كلامه (ع) في وصف المحبة لاهل البيت والتوحيد والايمان والاسلام والكفر والفسق

* (صفة الإسلام) *

* (صفة الخروج من الايمان) *

* (جوابه عليه السلام عن جهات معائش العباد ووجوه اخراج الاموال) *

* (تفسير معنى الولايات) *

* (تفسير التجارات) *

* (تفسير الاجارات) *

* (تفسير الصناعات) *

* (وجوه اخراج الاموال وانفاقها) *

* (ما يحل للانسان أكله) *

* (رسالته عليه السلام في الغنائم ووجوب الخمس) *

* (إحتجاجه (ع) على الصوفية لما دخلوا عليه فيما ينهون عنه من طلب الرزق) *

* (كلامه عليه السلام في خلق الانسان وتركيبه) *

* (ومن حكمه عليه السلام) *

* (وروى عنه عليه السلام في قصار هذه المعانى) *

 

ما روي عن الإمام الكاظم الأمين أبى إبراهيم ويكنى أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 383

(وصيته عليه السلام لهشام وصفته للعقل)

* (جنود العقل والجهل) *

(ومن كلامه عليه السلام مع الرشيد في خبر طويل ذكرنا موضع الحاجة اليه)

·        (وروى عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني) *

 

(ما روي عن الامام الهمام أبى الحسن على بن موسى الرضا (ع) .. 415

* (ومن كلامه عليه السلام في التوحيد) *

* (ومن كلامه عليه السلام في الاصطفاء) *

* (وصفه عليه السلام الإمامة والإمام ومنزلته) *

* (وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني) *

 

ما روي عن الإمام الناصح الهادي أبى جعفر محمد بن علي عليهما السلام 451

* (في محرم قتل صيدا) *

* (مسألة غريبة) *

 

* ما روى عن الإمام الراشد الصابر أبى الحسن علي بن محمد ... 458

* (أجوبته عليه السلام ليحيى بن أكثم عن مسائله) *

* (وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني) *

 

* ما روى عن الامام الخالص الهادى أبى محمد الحسن بن على عليهما السلام 484

* (وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني) *

 

* مناجاة الله عزوجل لموسى بن عمران عليه السلام 490

 

*  مناجاة الله جل ثناؤه لعيسى ابن مريم صلوات الله عليهما 496

 

* (مواعظ المسيح عليه السلام في الإنجيل وغيره ومن حكمه) * 501

 

*  وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة 513

 

‹ صفحة المقدمة 1 ›

تحف العقول

عن آل الرسول صلى الله عليهم

ألفه

الشيخ الثقة الجليل الأقدم

أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني رحمه الله

من أعلام القرن الرابع

عنى بتصحيحه والتعليق عليه

علي أكبر الغفاري

الطبعة الثانية 1363 - ش 1404 - ق

مؤسسة النشر الاسلامي ( التابعة )

لجماعة المدرسين بقم المشرفة ( إيران )

حقوق الطبع والتقليد بهذه الصورة المزدانة بالتعاليق والحواشي محفوظة للناشر

‹ صفحة المقدمة 2 ›

( شكر وتقدير )

حمدا خالدا لولي النعم الذي من علي فضلا منه بتحقيق هذا التراث العلمي

النفيس الذي لا مندوحة عنه لأي محدث عليم ، أو باحث فهيم ، أو واعظ ناطق ، أو معلم

ناصح ، أو عالم عامل ، أو أديب أريب ، أو عابد ناسك ، أو ذي قلب سليم ارتاد مهيع الحق ،

أو مثقف ديني ابتغى سبيل الرشاد . وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل

العظيم .

وشكرا متواصلا لحضرة الأستاذ الاجل ، المهذب ، فرع الشجرة النبوية ، صاحب

الفضيلة " السيد علاء الدين العلوي الطالقاني " أطال الله سبحانه بقاه وبلغه غاية

مناه حيث تفضل وأعانني في كثير من الموارد التي تحتاج إلى مزيد الاطلاع ، فشكرا

له ثم شكرا .

وثناء جميلا عليه الصديق الأعز الأديب الأحوذي الميرزا " محسن الأحمدي " بما

أخلص وعاضدني في مهمة تصحيح الكتاب وصرف الهمة ولم يأل جهدا في مراعاة -

صحة الاعراب . جعله الله من العلماء العاملين وزمرة أصحاب اليمين بمنه وكرمه . و

كان ذلك منه في الطبعة الثانية .

على أكبر الغفاري

‹ صفحة المقدمة 3 ›

الاهداء

إلى مكتبة الجامعة العلمية الكبرى .

إلى مكتبة كلية الفقه والعلم والدين .

إلى مكتبة معقد العز والفخر والعظمة ( النجف الأشرف ) .

إلى أم المكتبات التي تنتهي إليها حلقات المجد المؤثل .

إلى مكتبة الامام أمير المؤمنين عليه السلام العامة .

نهدي هذا السفر الكريم بيد الولاء الخالص ، تقديرا لها ، وإكبارا لمقامها ، وإعجابا

بها ، راجيا من المولى سبحانه القبول وله الحمد .

‹ صفحة المقدمة 4 ›

كلمة طيبة

أتتنا من مديرية المكتبة العامرة [ مكتبة الامام أمير المؤمنين عليه السلام العامة ]

في النجف الأشرف ، نعتز بها ، ونجل محلها ونعظم ساحة صدورها ، ننشرها

بنصها وفصها ، ردفها الشكر المتواصل منا غير مجذوذ . ألا وهي :

بسم الله الرحمن الرحيم

حمدا لك يامن خلق فرزق ، وألهم فأنطق ، وابتدع فشرع ، وعلا فارتفع ،

وقدر فأحسن ، وصور فأتقن ، واحتج فأبلغ ، وأنعم فأسبغ ، وأعطى فأجزل ، ومنح

فأفضل ، حمدا لك وألف حمد .

وصلاة عليك يا أبا القاسم ، نبي الرحمة ، ومنقذ الأمة ، وسيد ولد آدم ، وعلة

الكون ، وسر الوجود ، ونور الأرض والسماوات العلى ، وقطب مدار الفلك ، ومهبط

الوحي والملك ! وعلى أهل بيتك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .

ما هي تحف العقول ؟

لم يحظ الانسان بنفيس أثمن وأغلى من العقل ، وهو دعامته ، ولا مال أعود منه ،

أتحفه إياه ربه وحباه ، وشرفه وفوقه بذلك على ما سواه ، هي غريزة تأبى ذميم

الفعل ، وفضيلة تدرك بها سعادة الأبد ، وينال بها الفوز والفلاح في الحياة الدنيا ،

هي طرة صحائف الفضائل الانسانية ، وغرة طرة الانسان الكامل ، وبلج جبهته ، وعنوان

بشائر فضائله وفواضله ، هي بضاعة حياة البشر السعيد في نشأتيه ، وبذرة كل خير

كسبت يداه ، وجمال كل محمدة ومكرمة يتحلى بها .

وإنما قيمة المرء عقله ، وهو نظامه ، وعلى قدره يكون الدين والطاعة ، وهو

أفضل رائد ، وجمال السرائر والظواهر ، وبه توزن الأعمال ، ويجازى به الانسان ،

وبه تتأتى سعادته ، وينجو عن البوار والبوائق ، وهو دليل شرفه ، ومقياس ما اكتسبه

‹ صفحة المقدمة 5 ›

كلمة طيبة

أو اقترفه في ورده وصدره ، من خير أو شر ، من حسنة أو سيئة ، وإنما يناقش الله

العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا .

وللعقل سمات وعلامات ، وبه تحد الصفات ، وتقيد الفعال والخصال ، يوقف

صاحبها على حد ، ويعرفه الملا بمعروفه ومنكره ، ويعرب عن مدى حياته ، ومبلغ

رشده ، وغاية سيره وسلوكه .

وهو كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام : عقلان : مطبوع ومكتسب . يدوران في

قوسي الصعود والنزول ، ويقبلان التعالي والانحطاط ، فصاحبهما بين سعادة وشقاء ، سعيد

أسعد الله حظه ، وأصلح باله ، ورافقه توفيقه ، يعبد الرحمن ، ويكتسب الجنان ، فبالعقل

طاب كسبه ، وكثر خيره ، وصلحت سريرته ، وحسنت سيرته ، واستقامت خليقته .

وآخر : ذو نكراء منكر ، فطنته الدهاء ، وفكرته المكر والخديعة ، يتوانى

عن البر ويبطئ عنه ، وإن تكلم أثم ، وإن قال مال ، وإن عرضت له فتنه سارع إليها ،

وإن رأى سوءة قحم فيها .

وإنما العلم نور العقل ودليله ، يقيم أوده ، ويبرء أمته ، يقوده إلى الخير ،

ويدله على سبل السلام ، ومناهج السعادة ، وجدد الصلاح ، ومهيع العمل الناجع ،

وبه يتأتى كماله ، ويتم نضجه ، ويبدو صلاحه ، وقد جاء في حكم الامام أبي عبد الله

الصادق عليه السلام قوله : لا يصلح من لا يعقل ولا يعقل من لا يعلم .

والكلم الطيب في العلم والدين والحكم والآداب والأخلاق والمعارف هي :

تحف العقول . يتفكه بها النهى ، ويتمتع بها الحجي ، ويأنس بها اللبيب . ولغرر الكلم

ودرر الحكم ينابيع جارية فجرها الله على ألسنة ناطقة من الصلحاء والصادقين ،

ولتلكم الدروس العالية من العلوم الراقية حملة من أهل بيت الوحي ولتربية العقول

السليمة أئمة معصومون لم يدنسهم لوث الجاهلية ، ولم تلبسهم مدلهمات ثيابها ،

فإن عطفت النظرة إلى كلم الأنبياء والأوصياء الماضين والتابعين لهم باحسان من ولي

صالح ، وحكيم إلهي ، ومتكلم مفوه ، وخطيب مصقع ، وعارف نابه ، وإمام مقتدى

من لدن آدم عليه السلام وهلم جرا تجدها دون ما نطق به سيد من نطق بالضاد ، نبي العظمة

‹ صفحة المقدمة 6 ›

كلمة طيبة

رسول الكتاب والحكمة ، وأوصياؤه المصطفون ، تقصر لدى كلمهم الكلم ، وعند

حكمهم الحكم ، ويعجز عن أن يأتي بمثلها الحكماء البلغاء من السلف والخلف ،

ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، ويكل عن ندها لسان كل طلق ذلق ، ويحسر عن وصفها

بيان كل ذرب اللسان منطيق ، ولا يبلغ مداه ، ولا يسعه الاستكناه .

نعم تلكم الكلم الصادرة عن ينابيع الوحي الفياضة من أهل بيت العصمة :

تحف العقول . وهي آية في البلاغة والفصاحة والمتانة في اللفظ والمعنى ، دون كلام الخالق

وفوق مقال البشر ، ومن أمعن فيها يجدها أقوى برهنة وأدل دليل على إمامة أولئك

السادة القادة أئمة الكلام ، ومداره الحكمة ، ويراها أكبر معجز وأعظم كرامة

لأولئك النفوس القدسية الطاهرة ، تبقى مدى الأبد تذكر وتشكر .

وحسب أولئك الذرية الطيبة عظمة وفخرا ما خلده صدق منطقهم في الدهر

من غرر الآثار ، أو مآثر بثتها ألسنتهم مما نفث الله من الحكمة في روعهم ، يفتقر

إليها المجتمع البشري ، وتصلح بها الأمة المسلمة ، ويحتاج إليها كل حكيم بارع ،

وعاقل محنك ، وخلقي كريم ، وفيلسوف نابه ، وعارف ناصح ، وإمام مصلح . ولا

مندح عنها لأي ابن أنثى إن عقل صالحه .

جير : متى ما سمعت كلمة قيمة تعزى إلى أحد من عظماء الدنيا تقرطت الآذان

فثق بأنها من مستقى ذلك العذب النمير ، ومهما قرعت سمعك حكمة بالغة أو موعظة

حسنة تلوكها الأشداق فأيقن بأنها قطرة من ذلك البحر الطامي ، وإن أعجبك صلاح

أو صالح أخذ الامر بالأوثق فلتعلم أنهما ينتهيان إلى أولئك العترة الهادية عليهم صلوات

من ربهم ورحمة .

إي ولعمر الله هم عيش العلم وموت الجهل ، يخبر حلمهم عن علمهم ، وظاهرهم عن

باطنهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يخالفون الحق ولا يختفون فيه ، هم دعائم

الاسلام ، وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحق في نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ،

وانقطع لسانه عن منبته ، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية ، لا عقل سماع ورواية ، فإن

رواة العلم كثير ورعاته قليل ( 1 ) .

ــــــــــــــــ

( 1 ) هذه جمل من خطبة لمولانا أمير المؤمنين يصف أهل بيته سلام الله عليه وعليهم .

 

‹ صفحة المقدمة 7 ›

كلمة طيبة

فإن قرن الله ولايتهم بولايته فلا بدع ، وإن قارنهم نبي العظمة بالكتاب الكريم

في التمسك بهما ، والاخذ بحجزتهما ، وعدهما عكمى بعير في الثقل لن يفترقا حتى

يردا عليه الحوض ، فبالحق نطق وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .

وإن عرفهم أمير المؤمنين عليه السلام بقوله : نحن معدن العلم والحكمة ، أمان لأهل

الأرض ، ونجاة لمن طلب ، فإنا صنايع ربنا ، والناس بعد صنايع لنا ، إنا لأمراء

الكلام وفينا تنشبت عروقه ، وعلينا تهدلت غصونه ، نحن شجرة النبوة ، ومحط

الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعدن العلم ، وينابيع الحكم ( 1 ) إلى أمثال هذه الكلم

من الكثير الطيب ، فقد أعرب عن حقيقة ناصعة يخبت إليها الموالي ، ولا تعزب عن

المناوئ إن شاء وإن أبى .

ولقد قيض الله سبحانه في القرون الخالية أمة من أعلام الدين ، وأساتذة العلم

وأئمة الحديث ، لجمع شتات تلكم الآثار والماثر ، ولم شعثها لبغاة العلم ، ورواد

الفضيلة ، وحملة العقل والنهى ، فدونوا من كلم أولئك السادة أئمة أهل البيت عليهم السلام

مجاميع ومسانيد وألفوا كتبا قيمة تحوى دررا وغررا ، وتتضمن بين دفتيها ينابيع

الحكم وجوامع الكلم وعقود العظات البالغة ومعاقد المنجيات والمهلكات .

وفي طليعة أولئك الأفذاذ وتآليفهم هذا الكتاب القيم الذي لا ريب فيه هدى

للمتقين [ تحف العقول ] ومؤلفه الحبر الفقيه النيقد الأعظم ، حسنة الدهر ، ومفخرة

العلم والفضيلة في القرن الرابع شيخنا أبو محمد الحسن بن علي بن حسين بن شعبة الحراني

ولقد جمع فأوعى ، وأفاد بإثارة علمه فأجاد ، وأتحف العقول بفضله الجم ، وأدبه الكثار ،

فجاء كتابه منية المريد ، وبغية المحدث ، وطلبة الباحث ، ومأرب الواعظ الناصح ،

ونجعة المتكلم المصلح ، فليس من البدع أن يكون كتابه في الطبقة العليا من موسوعات

العلم والعمل ، وقد عكفت عليه العلماء الأعلام منذ يوم تأليفه حتى شارف عصرنا الحاضر ،

ووصفوه في المعاجم والتراجم ( 2 ) بكل جميل ونصوا على اعتبار الكتاب واعتماد الأصحاب

ــــــــــــــــــــ

( 1 ) فصول مختارة من خطب مولانا أمير المؤمنين توجد برمتها في مسند المناقب ومرسلها من

كتاب [ الغدير ] الأغر .

( 2 ) راجع أمل الآمل لشيخنا الحر العاملي ، رياض العلماء ج 1 ، ديباجة البحار ، الفرقة الناجية

للقطيفي ، روضات الجنات ص 177 ، الفوائد الرضوية 1 : 109 ، الذريعة ج 3 : 400 .

 

 

‹ صفحة المقدمة 8 ›

كلمة طيبة

عليه وشهرته وكثرة فوائده ، وأثنوا على مؤلفه بالفقه والعلم والفضل والتبحر والنباهة

والوجاهة والجلالة والثقة به ، أضف إليها حسن اختياره وانتخابه ، وهو دليل عقله

وبرهان قدسه ، وتضلعه من الحديث .

أتانا البريد بهذا السفر الكريم هدية إلى [ مكتبة الامام أمير المؤمنين عليه السلام

العامة ] وهي أثمن هدية وأغلى تحفة ، عني بنشره الألمعي البارع حلف الصلاح

" ميرزا علي الأكبر الغفاري الرازي " - وفقه الله لمرضاته - في عاصمة إيران [ طهران ] أسدى

إلى الملا العلمي خيرا عم نفعه ، وأتحف المكتبات معروفا تزادان به وتشكر يده .

وهذه الطبعة انمازت عن سابقتها بتعاليق قيمة فيها فوائد جمة وتخريج الأحاديث

من ينابيع قويمة ، وتوضيح ما فيه من مشكل اللغة ، وبيان ما يحتاج إليه الباحث في درك

المغزى من دقائق ورقائق ، وتراجم أناس ينبغي أن يقف القارئ عليها ، فنحن نشكر المهدي

الصالح على هديته الغالية وإخراجه الكتاب القيم بهذه الصورة البهية ، والجمال الرايع

وعنايته البالغة في تصحيحه وتنميقه وتهذيبه جزاه الله عنا وعن الأمة المسلمة خير

جزاء المحسنين ، والسلام عليه وعلى الجمعية الكريمة ورحمة الله وبركاته .

مديرية المكتبة

عبد الحسين احمد الأميني 1376

‹ صفحة المقدمة 9 ›

ترجمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم

المؤلف والثناء عليه

أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني الحلبي المعاصر للشيخ الصدوق

الذي توفي سنة 381 والراوي عن أبي علي ( 1 ) محمد بن همام المتوفى سنة 336 .

كان - رحمه الله - من أعاظم علماء الإمامية في القرن الرابع ، وأوحديا من نياقدها ،

وفذا من أفذاذ الشيعة ومفخرا من مفاخرها بل هو عبقري من عباقرة الأمة وعلم من أعلامها

فقيه من فقهاء الطائفة وإمام من أئمتها ، محدث جليل القدر ، عظيم الشأن ، رفيع المنزلة

كثير العلم ، له نفسياته الزاكية وفضله الواسع وأدبه الناصع وعلمه الناجع ، ينم عن

كل ذلك تأليفه القيم الذي هو عنوان عقله وعيار قدره بل لسان فضله وميزان علمه

كتاب تحف العقول في ما جاء من الحكم والمواعظ عن آل الرسول ، كتاب كريم لم يصنف

مثله وهو يحوي من نظام عقود الغرر والدرر ، ومحاسن الكتب والمواعظ والزواجر

والعبر وكرائم الحكم والخطب وعقائل الكلم والأدب ما يروق اللبيب رواؤها ويروي

الغليل رواؤها ، تزجر النفوس عن رداها وترشد القلوب إلى مستواها وتوحي إليها

رشدها وكمالها وتبصرها عيوبها وعماها وتخلبها عن غاشيات هواها ويلمها فجورها

وتقواها ، وتقودها إلى الملكوت الاعلى وسنامها الأسنى وتسوقها إلى مشهد النور

الاجلى ، وهي الغاية المتحراة للعقل الرشيد وذلك لمن كان له قلب أو ألقى السمع

وهو شهيد .

( أقوال العلماء حول المؤلف وتأليفه )

قد أثنى عليه كل من تعرض له وأطراه بالعظمة والنبالة والتبجيل وأطبقت

كافتهم على فضله وفقهه وتبحره وجلالة قدره ورفعة شأنه ووثاقته والاعتماد على كتابه .

قال الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي المعاصر للمحقق الكركي - رحمهما الله - في كتابه

ــــــــــــــــــ

( 1 ) أبو علي بن همام كان من أهل بغداد ثقة جليل القدر ، يروى عنه التلعكبري . راجع الكنى

والألقاب للمحدث القمي ج 1 ص 318 .

 

 

‹ صفحة المقدمة 10 ›

ترجمة المؤلف

الوافية في تعيين الفرقة الناجية على ما حكاه القاضي التستري - قدس سره - في المجالس

في ترجمة أبي بكر الحضرمي : الحديث الأول ما رواه الشيخ العالم الفاضل العامل الفقيه

النبيه أبو محمد الحسن بن علي بن شعبة الحراني في الكتاب المسمى بالتمحيص عن

أمير المؤمنين عليه السلام . . الحديث

وقال الشيخ الحر العاملي - رحمه الله - في أمل الآمل : أبو محمد الحسن بن علي بن

شعبة فاضل محدث ، جليل ، له كتاب تحف العقول عن آل الرسول حسن كثير الفوائد ،

مشهور : وكتاب التمحيص ذكره صاحب مجالس المؤمنين . إه‍ .

وقال العلامة المجلسي - رضوان الله عليه - في الفصل الثاني من مقدمة البحار : كتاب

تحف العقول عثرنا على كتاب عتيق ونظمه دل على رفعة شأن مؤلفه وأكثره في المواعظ

والأصول المعلومة التي لا تحتاج فيها إلى سند . إه‍ .

وقال المولى عبد الله الأفندي صاحب الرياض - قدس سره - : الفاضل العالم

الفقيه المحدث المعروف صاحب كتاب تحف العقول وقد اعتمد على كتابه التمحيص

الأستاذ - أيده الله - في البحار والمولى الفاضل القاساني في الوافي . إلخ .

وقال صاحب الروضات - رحمه الله - : الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني

أو الحلبي - كما في بعض النسخ - : فاضل فقيه ، ومتبحر نبيه ، ومترفع وجيه له كتاب

تحف العقول عن آل الرسول ، مبسوط كثير الفوائد ، معتمد عليه عند الأصحاب ، أورد فيه

جملة وافية من النبويات وأخبار الأئمة عليهم السلام ومواعظهم الشافية على الترتيب وفي

آخره القدسيان المعروفان الموحى بهما إلى موسى وعيسى ابن مريم في الحكم والنصائح

البالغة الإلهية وباب في مواعظ المسيح الواقعة في الإنجيل ، وفي آخره وصية المفضل بن

عمر للشيعة . اه‍ .

وقال الشيخ الجليل العارف الرباني الشيخ حسين بن علي بن صادق البحراني

- طيب الله رمسه - في رسالته في الأخلاق والسلوك إلى الله على طريقة أهل البيت عليهم السلام

ما لفظه : ويعجبني أن أنقل في هذا الباب حديثا عجيبا وافيا شافيا عثرت عليه في كتاب

‹ صفحة المقدمة 11 ›

مصادر التصحيح والتعليق

تحف العقول للفاضل النبيل الحسن بن علي بن شعبة من قدماء أصحابنا حتى أن شيخنا

المفيد ينقل عن هذا الكتاب وهو كتاب لم يسمح الدهر بمثله . الكنى ج 1 ص 318 .

يوجد ذكره الجميل في أعيان الشيعة لسيدنا العلم الحجة - رحمة الله عليه -

ج 22 ص 318 وتأسيس الشيعة ص 413 والذريعة للعلامة الرازي ج 3 ص 40 والكنى

 

والألقاب للمحدث القمي ص 318 وفي مقدمة بحار الأنوار المطبوع حديثا وغير ذلك

من معاجم التراجم .

* ( مصادر التصحيح والتعليق ) *

1 - نسخة نفيسة ثمينة مخطوطة لخزانة كتب العالم النحرير ، الفهامة الجليل ،

الشريف السيد جلال الدين الأرموي المعروف بالمحدث ( دام مجده ) .

2 - نسخة مخطوطة لمكتبة العامة [ كتابخانه ملى ] في عاصمة إيران ( تهران ) .

3 - الكتب المتأخرة الناقلة عن الكتاب كالوافي والوسائل والبحار ومستدرك

الوسائل وغير ذلك .

وأريد من البحار طبع الكمپاني . ومن أمالي الصدوق الطبعة الحروفية الحديثة .

ومن أصول الكافي طبعته الحديثة التي عليها تعاليقنا . ومن فروعه وروضته الطبعة الأولى

وهكذا بقية الكتب التي نقلنا عنها في الهامش نريد منها طبعتها الأولى .

علي أكبر الغفاري

1335 - ش = 1376 - ق

 

 

                          تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 1

مقدمة المؤلف‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الحمد لله الذي جعل الحمد له من غير حاجة منه إلى حمد حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته وصمدانيته وربانيته وسببا إلى المزيد من رحمته ومحجة للطالب من فضله ومكن في إبطان اللفظ حقيقة الاعتراف لبر إنعامه فكان من إنعامه الحمد له على إنعامه فناب الاعتراف له بأنه المنعم عن كل حمد باللفظ وإن عظم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة بزغت عن إخلاص الطوي ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي إنه الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏- لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ إذ كان الشي‏ء من مشيئته وكان لا يشبهه مكونه. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله استخلصه في القدم على سائر الأمم على علم منه بانفراده عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس وانتجبه آمرا وناهيا عنه أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه إذ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ولا تحويه خواطر الأفكار ولا تمثله غوامض الظنن في الأسرار لا إله إلا هو الملك الجبار

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 2

و قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته وهو أهل ذلك بخاصته وخلته إذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا من يلحقه التنظير وأمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته وتطريقا لعترته فصلى الله عليه وعلى آله وكرم وشرف وعظم مزيدا لا يلحقه التنفيد ولا ينقطع على التأبيد وإن الله تبارك وتعالى اختص لنفسه بعد نبيه خاصة علاهم بتعليته وسما بهم إلى رتبته وجعلهم إليه والأدلاء بالإرشاد عليه أئمة معصومين فاضلين كاملين وجعلهم الحجج على الورى ودعاة إليه شفعاء بإذنه- لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يحكمون بأحكامه ويستنون بسنته ويقيمون حدوده ويؤدون فروضه- لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى‏ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ صلوات الله والملائكة الأبرار على محمد وآله الأخيار. وبعد فإني لما تأملت ما وصل إلي من علوم نبينا ووصيه والأئمة من ولدهما صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته وأدمت النظر فيه والتدبر له علمت أنه قليل مما خرج عنهم يسير في جنب ما لم يخرج فوجدته مشتملا على أمر الدين والدنيا وجامعا لصلاح العاجل والآجل لا يوجد الحق إلا معهم ولا يؤخذ الصواب إلا عنهم ولا يلتمس الصدق إلا منهم ورأيت من تقدم من علماء الشيعة قد ألفوا عنهم في الحلال والحرام والفرائض والسنن ما قد كتب الله لهم ثوابه وأغنوا من بعدهم عن مئونة التأليف وحملوا عنهم ثقل التصنيف ووقفت مما انتهى إلي‏

 

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 3

من علوم السادة ع على حكم بالغة ومواعظ شافية وترغيب فيما يبقى وتزهيد فيما يفنى ووعد ووعيد وحض على مكارم الأخلاق والأفعال ونهي عن مساويهما وندب إلى الورع وحث على الزهد ووجدت بعضهم ع قد ذكروا جملا من ذلك فيما طال من وصاياهم وخطبهم ورسائلهم وعهودهم وروي عنهم في مثل هذه المعاني ألفاظ قصرت وانفردت معانيها وكثرت فائدتها ولم ينته إلي لبعض علماء الشيعة في هذه المعاني تأليف أقف عنده ولا كتاب أعتمد عليه وأستغني به يأتي على ما في نفسي منه فجمعت ما كانت هذه سبيله وأضفت إليه ما جانسه وضاهاه وشاكله وساواه من خبر غريب أو معنى حسن متوخيا بذلك وجه الله جل ثناؤه وطالبا ثوابه وحاملا لنفسي عليه ومؤدبا لها به وحملها منه على ما فيه نجاتها شوق الثواب وخوف العقاب ومنبها لي وقت الغفلة ومذكرا حين النسيان ولعله أن ينظر فيه مؤمن مخلص فما علمه منه كان له درسا وما لم يعلمه استفاده فيشركني في ثواب من علمه وعمل به لما فيه من أصول الدين وفروعه وجوامع الحق وفصوله وجملة السنة وآدابها وتوقيف الأئمة وحكمها والفوائد البارعة والأخبار الرائقة وأتيت على ترتيب مقامات الحجج ع وأتبعتها بأربع وصايا شاكلت الكتاب ووافقت معناه وأسقطت الأسانيد تخفيفا وإيجازا وإن كان أكثره لي سماعا ولأن أكثره آداب وحكم تشهد لأنفسها ولم أجمع ذلك للمنكر المخالف بل ألفته للمسلم للأئمة العارف بحقهم الراضي بقولهم الراد إليهم وهذه المعاني أكثر من أن يحيط بها حصر وأوسع من أن يقع عليها حظر وفيما ذكرناه مقنع لمن كان له قلب وكاف لمن كان له لب.

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 4

فتأملوا معاشر شيعة المؤمنين ما قالته أئمتكم ع وندبوا إليه وحضوا عليه وانظروا إليه بعيون قلوبكم واسمعوه بآذانها وعوه بما وهبه الله لكم واحتج به عليكم من العقول السليمة والأفهام الصحيحة ولا تكونوا كأنداكم الذين يسمعون الحجج اللازمة والحكم البالغة صفحا وينظرون فيها تصفحا ويستجيدونها قولا ويعجبون بها لفظا فهم بالموعظة لا ينتفعون ولا فيما رغبوا يرغبون ولا عما حذروا ينزجرون فالحجة لهم لازمة والحسرة عليهم دائمة بل خذوا ما ورد إليكم عمن فرض الله طاعته عليكم وتلقوا ما نقله الثقات عن السادات بالسمع والطاعة والانتهاء إليه والعمل به وكونوا من التقصير مشفقين وبالعجز مقرين. واجتهدوا في طلب ما لم تعلموا واعملوا بما تعلمون ليوافق قولكم فعلكم فبعلومهم النجاة وبها الحياة فقد أقام الله بهم الحجة وأقام بمكانهم المحجة وقطع بموضعهم العذر فلم يدعوا لله طريقا إلى طاعته ولا سببا إلى مرضاته ولا سبيلا إلى جنته إلا وقد أمروا به وندبوا إليه ودلوا عليه وذكروه وعرفوه ظاهرا وباطنا وتعريضا وتصريحا ولا تركوا ما يقود إلى معصية الله ويدني من سخطه ويقرب من عذابه إلا وقد حذروا منه ونهوا عنه وأشاروا إليه وخوفوا منه لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ فالسعيد من وفقه الله لاتباعهم والأخذ عنهم والقبول منهم والشقي من خالفهم واتخذ من دونهم وليجة وترك أمرهم رغبة عنه إذ كانوا العروة الوثقى وحبل الله الذي أمرنا رسول الله ص بالاعتصام والتمسك به وسفينة النجاة وولاة الأمر الذين فرض الله طاعتهم فقال أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ والصادقين الذين‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 5

أمرنا بالكون معهم فقال اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. واجتهدوا في العمل بما أمروا به صغيرا كان أو كبيرا واحذروا ما حذروا قليلا كان أو كثيرا فإنه من عمل بصغار الطاعات ارتقى إلى كبارها ومن لم يجتنب قليل الذنوب ارتكب كثيرها.

وَ قَدْ رُوِيَ اتَّقُوا الْمُحَقَّرَاتِ مِنَ الذُّنُوبِ وَهِيَ قَوْلُ الْعَبْدِ لَيْتَ لَا يَكُونُ لِي غَيْرُ هَذَا الذَّنْبِ‏

وَ رُوِيَ لَا تَنْظُرْ إِلَى الذَّنْبِ وَصِغَرِهِ وَلَكِنِ انْظُرْ مَنْ تَعْصِي بِهِ فَإِنَّهُ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ‏

فإن الله إذا علم من عبده صحة نيته وخلوص طويته في طاعته ومحبته لمرضاته وكراهته لسخطه وفقه وأعانه وفتح له مسامع قلبه وكان كل يوم في مزيد فإن الأعمال بالنيات. وفقنا الله وإياكم لصالح الأعمال وسددنا في المقال وأعاننا على أمر الدنيا والدين وجعلنا الله وإياكم من الذين إذا أعطوا شكروا وإذا ابتلوا صبروا وإذا أساءوا استغفروا وجعل ما وهبه لنا من الإيمان والتوحيد له والائتمام بالأئمة مستقرا غير مستودع إنه جواد كريم‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 6

ما روي عن النبي ص في طوال هذه المعاني‏

وصيته لأمير المؤمنين ع‏

يَا عَلِيُّ إِنَّ مِنَ الْيَقِينِ أَنْ لَا تُرْضِيَ أَحَداً بِسَخَطِ اللَّهِ وَلَا تَحْمَدَ أَحَداً بِمَا آتَاكَ اللَّهُ وَلَا تَذُمَّ أَحَداً عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ فَإِنَّ الرِّزْقَ لَا يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ وَلَا تَصْرِفُهُ كَرَاهَةُ كَارِهٍ إِنَّ اللَّهَ بِحُكْمِهِ وَفَضْلِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ فِي الْيَقِينِ وَالرِّضَا وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِّ وَالسَّخَطِ يَا عَلِيُّ إِنَّهُ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَلَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَلَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَلَا مُظَاهَرَةَ أَحْسَنُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ وَلَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَلَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ يَا عَلِيُّ آفَةُ الْحَدِيثِ الْكَذِبُ وَآفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ وَآفَةُ الْعِبَادَةِ الْفَتْرَةُ وَآفَةُ السَّمَاحَةِ الْمَنُّ وَآفَةُ الشَّجَاعَةِ الْبَغْيُ وَآفَةُ الْجَمَالِ الْخُيَلَاءُ وَآفَةُ الْحَسَبِ الْفَخْرُ يَا عَلِيُّ عَلَيْكَ بِالصِّدْقِ وَلَا تَخْرُجْ مِنْ فِيكَ كَذِبَةٌ أَبَداً وَلَا تَجْتَرِئَنَّ عَلَى خِيَانَةٍ أَبَداً وَالْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَابْذُلْ مَالَكَ وَنَفْسَكَ دُونَ دِينِكَ وَعَلَيْكَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ فَارْكَبْهَا وَعَلَيْكَ بِمَسَاوِي الْأَخْلَاقِ فَاجْتَنِبْهَا-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 7

يَا عَلِيُّ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَمَنْ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ وَمَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ تَكُفُّ لِسَانَكَ وَتَبْكِي عَلَى خَطِيئَتِكَ وَيَسَعُكَ بَيْتُكَ يَا عَلِيُّ سَيِّدُ الْأَعْمَالِ ثَلَاثُ خِصَالٍ إِنْصَافُكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَمُسَاوَاةُ [مُوَاسَاةُ الْأَخِ فِي اللَّهِ وَذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَا عَلِيُّ ثَلَاثَةٌ مِنْ حُلَلِ [خَلَلِ اللَّهِ رَجُلٌ زَارَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ فِي اللَّهِ فَهُوَ زَوْرُ اللَّهِ وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكْرِمَ زَوْرَهُ وَيُعْطِيَهُ مَا سَأَلَ وَرَجُلٌ صَلَّى ثُمَّ عَقَّبَ إِلَى الصَّلَاةِ الْأُخْرَى فَهُوَ ضَيْفُ اللَّهِ وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكْرِمَ ضَيْفَهُ وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ فَهُمَا وَفْدُ اللَّهِ وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكْرِمَ وَفْدَهُ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ ثَوَابُهُنَّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْحَجُّ يَنْفِي الْفَقْرَ وَالصَّدَقَةُ تَدْفَعُ الْبَلِيَّةَ وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ يَكُنَّ فِيهِ لَمْ يَقُمْ لَهُ عَمَلٌ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ السَّفِيهِ وَعَقْلٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ يَا عَلِيُّ ثَلَاثَةٌ تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَحَبَّ لِأَخِيهِ مَا أَحَبَّ لِنَفْسِهِ وَرَجُلٌ بَلَغَهُ أَمْرٌ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ لِلَّهِ رِضًا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 8

أَوْ سَخَطٌ وَرَجُلٌ لَمْ يَعِبْ أَخَاهُ بِعَيْبٍ حَتَّى يُصْلِحَ ذَلِكَ الْعَيْبَ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ كُلَّمَا أَصْلَحَ مِنْ نَفْسِهِ عَيْباً بَدَا لَهُ مِنْهَا آخَرُ وَكَفَى بِالْمَرْءِ فِي نَفْسِهِ شُغُلًا يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ سَخَاءُ النَّفْسِ وَطِيبُ الْكَلَامِ وَالصَّبْرُ عَلَى الْأَذَى يَا عَلِيُّ فِي التَّوْرَاةِ أَرْبَعٌ إِلَى جَنْبِهِنَّ أَرْبَعٌ مَنْ أَصْبَحَ عَلَى الدُّنْيَا حَرِيصاً أَصْبَحَ وَهُوَ عَلَى اللَّهِ سَاخِطٌ وَمَنْ أَصْبَحَ يَشْكُو مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا يَشْكُو رَبَّهُ وَمَنْ أَتَى غَنِيّاً فَتَضَعْضَعَ لَهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ وَمَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَهُوَ مِمَّنِ اتَّخَذَ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَلَعِباً أَرْبَعٌ إِلَى جَنْبِهِنَّ أَرْبَعٌ مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَشِرْ يَنْدَمْ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ وَالْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ فَقِيلَ لَهُ الْفَقْرُ مِنَ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ فَقَالَ الْفَقْرُ مِنَ الدِّينِ يَا عَلِيُّ كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا ثَلَاثَ أَعْيُنٍ عَيْنٌ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَيْنٌ غُضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَعَيْنٌ فَاضَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ يَا عَلِيُّ طُوبَى لِصُورَةٍ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهَا تَبْكِي عَلَى ذَنْبٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ الذَّنْبِ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ مُوبِقَاتٌ وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ فَأَمَّا الْمُوبِقَاتُ فَهَوًى مُتَّبَعٌ وَشُحٌّ مُطَاعٌ- وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا الْمُنْجِيَاتُ فَالْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَالْقَصْدُ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 9

فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَخَوْفُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ يَحْسُنُ فِيهِنَّ الْكَذِبُ الْمَكِيدَةُ فِي الْحَرْبِ وَعِدَتُكَ زَوْجَتَكَ وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ يَقْبُحُ فِيهِنَّ الصِّدْقُ النَّمِيمَةُ وَإِخْبَارُكَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِهِ بِمَا يَكْرَهُ وَتَكْذِيبُكَ الرَّجُلَ عَنِ الْخَيْرِ يَا عَلِيُّ أَرْبَعٌ يَذْهَبْنَ ضَلَالًا الْأَكْلُ بَعْدَ الشِّبَعِ وَالسِّرَاجُ فِي الْقَمَرِ وَالزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ السَّبِخَةِ وَالصَّنِيعَةُ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهَا يَا عَلِيُّ أَرْبَعٌ أَسْرَعُ شَيْ‏ءٍ عُقُوبَةً رَجُلٌ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ فَكَافَأَكَ بِالْإِحْسَانِ إِسَاءَةً وَرَجُلٌ لَا تَبْغِي عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْغِي عَلَيْكَ وَرَجُلٌ عَاقَدْتَهُ عَلَى أَمْرٍ فَمِنْ أَمْرِكَ الْوَفَاءُ لَهُ وَمِنْ أَمْرِهِ الْغَدْرُ بِكَ وَرَجُلٌ تَصِلُهُ رَحِمُهُ وَيَقْطَعُهَا يَا عَلِيُّ أَرْبَعٌ مَنْ يَكُنَّ فِيهِ كَمَلَ إِسْلَامُهُ الصِّدْقُ وَالشُّكْرُ وَالْحَيَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ يَا عَلِيُّ قِلَّةُ طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنَ النَّاسِ هُوَ الْغِنَى الْحَاضِرُ وَكَثْرَةُ الْحَوَائِجِ إِلَى النَّاسِ مَذَلَّةٌ وَهُوَ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 10

وصية أخرى إلى أمير المؤمنين ع مختصرة

يَا عَلِيُّ إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ الصِّيَامُ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَإِنَّ لِلْمُتَكَلِّفِ مِنَ الرِّجَالِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ يَتَمَلَّقُ إِذَا شَهِدَ وَيَغْتَابُ إِذَا غَابَ وَيَشْمَتُ بِالْمُصِيبَةِ وَلِلظَّالِمِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ يَقْهَرُ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ وَمَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَةِ وَيُظَاهِرُ الظَّلَمَةَ لِلْمُرَائِي ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَنْشَطُ إِذَا كَانَ عِنْدَ النَّاسِ وَيَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَيُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَلِلْمُنَافِقِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ إِنْ حَدَّثَ كَذَبَ وَإِنِ اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِنْ وَعَدَ أَخْلَفَ وَلِلْكَسْلَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَتَوَانَى حَتَّى يُفَرِّطَ وَيُفَرِّطُ حَتَّى يُضَيِّعَ وَيُضَيِّعُ حَتَّى يَأْثَمَ وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ شَاخِصاً إِلَّا فِي ثَلَاثٍ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ خُطْوَةٍ لِمَعَادٍ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ يَا عَلِيُّ إِنَّهُ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَلَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَلَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَلَا عَمَلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ إِنَّ الْكَذِبَ آفَةُ الْحَدِيثِ وَآفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ وَآفَةُ السَّمَاحَةِ الْمَنُّ يَا عَلِيُّ إِذَا رَأَيْتَ الْهِلَالَ فَكَبِّرْ ثَلَاثاً وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَخَلَقَكَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 11

وَ قَدَّرَكَ مَنَازِلَ وَجَعَلَكَ آيَةً لِلْعَالَمِينَ يَا عَلِيُّ إِذَا نَظَرْتَ فِي مِرْآةٍ فَكَبِّرْ ثَلَاثاً وَقُلِ اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي يَا عَلِيُّ إِذَا هَالَكَ أَمْرٌ فَقُلِ اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا فَرَّجْتَ عَنِّي قَالَ عَلِيٌّ ع قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ مَا هَذِهِ الْكَلِمَاتُ قَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَهْبَطَ آدَمَ بِالْهِنْدِ وَأَهْبَطَ حَوَّاءَ بِجُدَّةَ وَالْحَيَّةَ بِأَصْبَهَانَ وَإِبْلِيسَ بِمِيسَانَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ شَيْ‏ءٌ أَحْسَنَ مِنَ الْحَيَّةِ وَالطَّاوُسِ وَكَانَ لِلْحَيَّةِ قَوَائِمُ كَقَوَائِمِ الْبَعِيرِ فَدَخَلَ إِبْلِيسُ جَوْفَهَا فَغَرَّ آدَمَ وَخَدَعَهُ فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَى الْحَيَّةِ وَأَلْقَى عَنْهَا قَوَائِمَهَا وَقَالَ جَعَلْتُ رِزْقَكِ التُّرَابَ وَجَعَلْتُكِ تَمْشِينَ عَلَى بَطْنِكِ لَا رَحِمَ اللَّهُ مَنْ رَحِمَكِ وَغَضِبَ عَلَى الطَّاوُسِ لِأَنَّهُ كَانَ دَلَّ إِبْلِيسَ عَلَى الشَّجَرَةِ فَمَسَخَ مِنْهُ صَوْتَهُ وَرِجْلَيْهِ فَمَكَثَ آدَمُ بِالْهِنْدِ مِائَةَ سَنَةٍ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ يَبْكِي عَلَى خَطِيئَتِهِ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلَ فَقَالَ يَا آدَمُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ يَا آدَمُ أَ لَمْ أَخْلُقْكَ بِيَدِي أَ لَمْ أَنْفُخْ فِيكَ مِنْ رُوحِي أَ لَمْ أُسْجِدْ لَكَ مَلَائِكَتِي أَ لَمْ أُزَوِّجْكَ حَوَّاءَ أَمَتِي أَ لَمْ أُسْكِنْكَ جَنَّتِي فَمَا هَذَا الْبُكَاءُ يَا آدَمُ تَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ قَابِلٌ تَوْبَتَكَ قُلْ سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ عَمِلْتُ سُوءاً وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 12

يَا عَلِيُّ إِذَا رَأَيْتَ حَيَّةً فِي رَحْلِكَ فَلَا تَقْتُلْهَا حَتَّى تَخْرُجَ عَلَيْهَا ثَلَاثاً فَإِنْ رَأَيْتَهَا الرَّابِعَةَ فَاقْتُلْهَا فَإِنَّهَا كَافِرَةٌ يَا عَلِيُّ إِذَا رَأَيْتَ حَيَّةً فِي طَرِيقٍ فَاقْتُلْهَا فَإِنِّي قَدِ اشْتَرَطْتُ عَلَى الْجِنِّ أَلَّا يَظْهَرُوا فِي صُورَةِ الْحَيَّاتِ يَا عَلِيُّ أَرْبَعُ خِصَالٍ مِنَ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَيْنِ وَقَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَبُعْدُ الْأَمَلِ وَحُبُّ الدُّنْيَا مِنَ الشَّقَاءِ يَا عَلِيُّ إِذَا أُثْنِيَ عَلَيْكَ فِي وَجْهِكَ فَقُلِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ وَاغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ وَلَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ يَا عَلِيُّ إِذَا جَامَعْتَ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي فَإِنْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَداً يَا عَلِيُّ ابْدَأْ بِالْمِلْحِ وَاخْتِمْ بِهِ فَإِنَّ الْمِلْحَ شِفَاءٌ مِنْ سَبْعِينَ دَاءً أَذَلُّهَا الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ يَا عَلِيُّ ادَّهِنْ بِالزَّيْتِ فَإِنَّ مَنِ ادَّهَنَ بِالزَّيْتِ لَمْ يَقْرَبْهُ الشَّيْطَانُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً يَا عَلِيُّ لَا تُجَامِعْ أَهْلَكَ لَيْلَةَ النِّصْفِ وَلَا لَيْلَةَ الْهِلَالِ أَ مَا رَأَيْتَ الْمَجْنُونَ يُصْرَعُ فِي لَيْلَةِ الْهِلَالِ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ كَثِيراً-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 13

يَا عَلِيُّ إِذَا وُلِدَ لَكَ غُلَامٌ أَوْ جَارِيَةٌ فَأَذِّنْ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقِمْ فِي الْيُسْرَى فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ أَبَداً يَا عَلِيُّ أَ لَا أُنَبِّئُكَ بِشَرِّ النَّاسِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَلَا يُقِيلُ الْعَثْرَةَ أَ لَا أُنَبِّئُكَ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ وَلَا يُرْجَى خَيْرُهُ‏

وصية له أخرى إلى أمير المؤمنين ع‏

يَا عَلِيُّ إِيَّاكَ وَدُخُولَ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ فَإِنَّ مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ مَلْعُونٌ النَّاظِرُ وَالْمَنْظُورُ إِلَيْهِ يَا عَلِيُّ لَا تَتَخَتَّمْ فِي السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فَإِنَّهُ كَانَ يَتَخَتَّمُ قَوْمُ لُوطٍ فِيهِمَا وَلَا تُعَرِّ الْخِنْصِرَ يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ يُعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ يَقُولُ يَا مَلَائِكَتِي عَبْدِي هَذَا قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 14

يَا عَلِيُّ إِيَّاكَ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يُسَوِّدُ الْوَجْهَ ثُمَّ يُكْتَبُ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً وَإِنَّ الصِّدْقَ يُبَيِّضُ الْوَجْهَ وَيُكْتَبُ عِنْدَ اللَّهِ صَادِقاً وَاعْلَمْ أَنَّ الصِّدْقَ مُبَارَكٌ وَالْكَذِبَ مَشْئُومٌ يَا عَلِيُّ احْذَرِ الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ فَإِنَّ الْغِيبَةَ تُفَطِّرُ وَالنَّمِيمَةَ تُوجِبُ عَذَابَ الْقَبْرِ يَا عَلِيُّ لَا تَحْلِفْ بِاللَّهِ كَاذِباً وَلَا صَادِقاً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا تَجْعَلِ اللَّهَ عُرْضَةً لِيَمِينِكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْحَمُ وَلَا يَرْعَى مَنْ حَلَفَ بِاسْمِهِ كَاذِباً يَا عَلِيُّ لَا تَهْتَمَّ لِرِزْقِ غَدٍ فَإِنَّ كُلَّ غَدٍ يَأْتِي رِزْقُهُ يَا عَلِيُّ إِيَّاكَ وَاللَّجَاجَةَ فَإِنَّ أَوَّلَهَا جَهْلٌ وَآخِرَهَا نَدَامَةٌ يَا عَلِيُّ عَلَيْكَ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَمَجْلَاةٌ لِلْعَيْنِ وَالْخِلَالُ يُحَبِّبُكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى بِرِيحِ فَمِ مَنْ لَا يَتَخَلَّلُ بَعْدَ الطَّعَامِ يَا عَلِيُّ لَا تَغْضَبْ فَإِذَا غَضِبْتَ فَاقْعُدْ وَتَفَكَّرْ فِي قُدْرَةِ الرَّبِّ عَلَى الْعِبَادِ وَحِلْمِهِ عَنْهُمْ وَإِذَا قِيلَ لَكَ اتَّقِ اللَّهَ فَانْبِذْ غَضَبَكَ وَرَاجِعْ حِلْمَكَ يَا عَلِيُّ احْتَسِبْ بِمَا تُنْفِقُ عَلَى نَفْسِكَ تَجِدْهُ عِنْدَ اللَّهِ مَذْخُوراً يَا عَلِيُّ أَحْسِنْ خُلُقَكَ مَعَ أَهْلِكَ وَجِيرَانِكَ وَمَنْ تُعَاشِرُ وَتُصَاحِبُ مِنَ النَّاسِ تُكْتَبْ عِنْدَ اللَّهِ فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى يَا عَلِيُّ مَا كَرِهْتَهُ لِنَفْسِكَ فَاكْرَهْ لِغَيْرِكَ وَمَا أَحْبَبْتَهُ لِنَفْسِكَ فَأَحْبِبْهُ لِأَخِيكَ تَكُنْ عَادِلًا فِي حُكْمِكَ مُقْسِطاً فِي عَدْلِكَ مُحَبّاً فِي أَهْلِ السَّمَاءِ مَوْدُوداً فِي صُدُورِ أَهْلِ الْأَرْضِ احْفَظْ وَصِيَّتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 15

و من حكمه ص وكلامه‏

فِي جُمْلَةِ خَبَرٍ طَوِيلٍ وَمَسَائِلَ كَثِيرَةٍ سَأَلَهُ عَنْهَا رَاهِبٌ يُعْرَفُ بِشَمْعُونَ بْنِ لَاوَى بْنِ يَهُودَا مِنْ حَوَارِيِّ عِيسَى ع فَأَجَابَهُ عَنْ جَمِيعِ مَا سَأَلَ عَنْهُ عَلَى كَثْرَتِهِ فَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَكَتَبْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَمِنْهُ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْعَقْلِ مَا هُوَ وَكَيْفَ هُوَ وَمَا يَتَشَعَّبُ مِنْهُ وَمَا لَا يَتَشَعَّبُ وَصِفْ لِي طَوَائِفَهُ كُلَّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ الْعَقْلَ عِقَالٌ مِنَ الْجَهْلِ وَالنَّفْسَ مِثْلُ أَخْبَثِ الدَّوَابِّ فَإِنْ لَمْ تُعْقَلْ حَارَتْ فَالْعَقْلُ عِقَالٌ مِنَ الْجَهْلِ وَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْعَقْلَ فَقَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ وَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أَعْظَمَ مِنْكَ وَلَا أَطْوَعَ مِنْكَ بِكَ أُبْدِأُ وَبِكَ أُعِيدُ لَكَ الثَّوَابُ وَعَلَيْكَ الْعِقَابُ- فَتَشَعَّبَ مِنَ الْعَقْلِ الْحِلْمُ وَمِنَ الْحِلْمِ الْعِلْمُ وَمِنَ الْعِلْمِ الرُّشْدُ وَمِنَ الرُّشْدِ الْعَفَافُ وَمِنَ الْعَفَافِ الصِّيَانَةُ وَمِنَ الصِّيَانَةِ الْحَيَاءُ وَمِنَ الْحَيَاءِ الرَّزَانَةُ وَمِنَ الرَّزَانَةِ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْخَيْرِ وَمِنَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْخَيْرِ كَرَاهِيَةُ الشَّرِّ وَمِنْ كَرَاهِيَةِ الشَّرِّ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 16

طَاعَةُ النَّاصِحِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ الْأَصْنَافِ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ فَأَمَّا الْحِلْمُ فَمِنْهُ رُكُوبُ الْجَمِيلِ وَصُحْبَةُ الْأَبْرَارِ وَرَفْعٌ مِنَ الضِّعَةِ وَرَفْعٌ مِنَ الخَسَاسَةِ وَتَشَهِّي الْخَيْرِ وَتَقَرُّبُ صَاحِبِهِ مِنْ مَعَالِي الدَّرَجَاتِ وَالْعَفْوُ وَالْمَهَلُ وَالْمَعْرُوفُ وَالصَّمْتُ فَهَذَا مَا يَتَشَعَّبُ لِلْعَاقِلِ بِحِلْمِهِ وَأَمَّا الْعِلْمُ فَيَتَشَعَّبُ مِنْهُ الْغِنَى وَإِنْ كَانَ فَقِيراً وَالْجُودُ وَإِنْ كَانَ بَخِيلًا وَالْمَهَابَةُ وَإِنْ كَانَ هَيِّناً وَالسَّلَامَةُ وَإِنْ كَانَ سَقِيماً وَالْقُرْبُ وَإِنْ كَانَ قَصِيّاً وَالْحَيَاءُ وَإِنْ كَانَ صَلِفاً وَالرِّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ وَضِيعاً وَالشَّرَفُ وَإِنْ كَانَ رَذْلًا وَالْحِكْمَةُ وَالْحُظْوَةُ فَهَذَا مَا يَتَشَعَّبُ لِلْعَاقِلِ بِعِلْمِهِ فَطُوبَى لِمَنْ عَقَلَ وَعَلِمَ وَأَمَّا الرُّشْدُ فَيَتَشَعَّبُ مِنْهُ السَّدَادُ وَالْهُدَى وَالْبِرُّ وَالتَّقْوَى وَالْمَنَالَةُ

تحف العقول عن آل الرسول ص         24    ومن حكمه ص وكلامه .....  ص : 15

ُ وَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 17

الْقَصْدُ وَالِاقْتِصَادُ وَالصَّوَابُ وَالْكَرَمُ وَالْمَعْرِفَةُ بِدِينِ اللَّهِ فَهَذَا مَا أَصَابَ الْعَاقِلُ بِالرُّشْدِ فَطُوبَى لِمَنْ أَقَامَ بِهِ عَلَى مِنْهَاجِ الطَّرِيقِ وَأَمَّا الْعَفَافُ فَيَتَشَعَّبُ مِنْهُ الرِّضَا وَالِاسْتِكَانَةُ وَالْحَظُّ وَالرَّاحَةُ وَالتَّفَقُّدُ وَالْخُشُوعُ وَالتَّذَكُّرُ وَالتَّفَكُّرُ وَالْجُودُ وَالسَّخَاءُ فَهَذَا مَا يَتَشَعَّبُ لِلْعَاقِلِ بِعَفَافِهِ رِضىً بِاللَّهِ وَبِقَسْمِهِ وَأَمَّا الصِّيَانَةُ فَيَتَشَعَّبُ مِنْهَا الصَّلَاحُ وَالتَّوَاضُعُ وَالْوَرَعُ وَالْإِنَابَةُ وَالْفَهْمُ وَالْأَدَبُ وَالْإِحْسَانُ وَالتَّحَبُّبُ وَالْخَيْرُ وَاجْتِنَاءُ الْبِشْرِ فَهَذَا مَا أَصَابَ الْعَاقِلُ بِالصِّيَانَةِ فَطُوبَى لِمَنْ أَكْرَمَهُ مَوْلَاهُ بِالصِّيَانَةِ- وَأَمَّا الْحَيَاءُ فَيَتَشَعَّبُ مِنْهُ اللِّينُ وَالرَّأْفَةُ وَالْمُرَاقَبَةُ لِلَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالسَّلَامَةُ وَاجْتِنَابُ الشَّرِّ وَالْبَشَاشَةُ وَالسَّمَاحَةُ وَالظَّفَرُ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْءِ فِي النَّاسِ فَهَذَا مَا أَصَابَ الْعَاقِلُ بِالْحَيَاءِ فَطُوبَى لِمَنْ قَبِلَ نَصِيحَةَ اللَّهِ وَخَافَ فَضِيحَتَهُ وَأَمَّا الرَّزَانَةُ فَيَتَشَعَّبُ مِنْهَا اللُّطْفُ وَالْحَزْمُ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ وَصِدْقُ اللِّسَانِ وَتَحْصِينُ الْفَرْجِ وَاسْتِصْلَاحُ الْمَالِ وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْعَدُوِّ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتَرْكُ السَّفَهِ فَهَذَا مَا أَصَابَ الْعَاقِلُ بِالرَّزَانَةِ فَطُوبَى لِمَنْ تَوَقَّرَ وَلِمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خِفَّةٌ وَلَا جَاهِلِيَّةٌ وَعَفَا وَصَفَحَ وَأَمَّا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْخَيْرِ فَيَتَشَعَّبُ مِنْهُ تَرْكُ الْفَوَاحِشِ وَالْبُعْدُ مِنَ الطَّيْشِ وَالتَّحَرُّجُ وَالْيَقِينُ وَحُبُّ النَّجَاةِ وَطَاعَةُ الرَّحْمَنِ وَتَعْظِيمُ الْبُرْهَانِ وَاجْتِنَابُ الشَّيْطَانِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 18

وَ الْإِجَابَةُ لِلْعَدْلِ وَقَوْلُ الْحَقِّ فَهَذَا مَا أَصَابَ الْعَاقِلُ بِمُدَاوَمَةِ الْخَيْرِ فَطُوبَى لِمَنْ ذَكَرَ أَمَامَهُ وَذَكَرَ قِيَامَهُ وَاعْتَبَرَ بِالْفَنَاءِ وَأَمَّا كَرَاهِيَةُ الشَّرِّ فَيَتَشَعَّبُ مِنْهُ الْوَقَارُ وَالصَّبْرُ وَالنَّصْرُ وَالِاسْتِقَامَةُ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الرَّشَادِ وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالتَّوَفُّرُ وَالْإِخْلَاصُ وَتَرْكُ مَا لَا يَعْنِيهِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى مَا يَنْفَعُهُ فَهَذَا مَا أَصَابَ الْعَاقِلُ بِالْكَرَاهِيَةِ لِلشَّرِّ فَطُوبَى لِمَنْ أَقَامَ بِحَقِّ اللَّهِ وَتَمَسَّكَ بِعُرَى سَبِيلِ اللَّهِ وَأَمَّا طَاعَةُ النَّاصِحِ فَيَتَشَعَّبُ مِنْهَا الزِّيَادَةُ فِي الْعَقْلِ وَكَمَالُ اللُّبِّ وَمَحْمَدَةُ الْعَوَاقِبِ وَالنَّجَاةُ مِنَ اللَّوْمِ وَالْقَبُولُ وَالْمَوَدَّةُ وَالِانْشِرَاحُ وَالْإِنْصَافُ وَالتَّقَدُّمُ فِي الْأُمُورِ وَالْقُوَّةُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَطُوبَى لِمَنْ سَلِمَ مِنْ مَصَارِعِ الْهَوَى فَهَذِهِ الْخِصَالُ كُلُّهَا تَتَشَعَّبُ مِنَ الْعَقْلِ قَالَ شَمْعُونُ فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَعْلَامِ الْجَاهِلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنْ صَحِبْتَهُ عَنَّاكَ وَإِنِ اعْتَزَلْتَهُ شَتَمَكَ وَإِنْ أَعْطَاكَ مَنَّ عَلَيْكَ وَإِنْ أَعْطَيْتَهُ كَفَرَكَ وَإِنْ أَسْرَرْتَ إِلَيْهِ خَانَكَ وَإِنْ أَسَرَّ إِلَيْكَ اتَّهَمَكَ وَإِنِ اسْتَغْنَى بَطِرَ وَكَانَ فَظّاً غَلِيظاً وَإِنِ افْتَقَرَ جَحَدَ نِعْمَةَ اللَّهِ وَلَمْ يَتَحَرَّجْ وَإِنْ فَرِحَ أَسْرَفَ وَطَغَى وَإِنْ حَزِنَ أَيِسَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 19

وَ إِنْ ضَحِكَ فَهِقَ وَإِنْ بَكَى خَارَ يَقَعُ فِي الْأَبْرَارِ وَلَا يُحِبُّ اللَّهَ وَلَا يُرَاقِبُهُ وَلَا يَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ وَلَا يَذْكُرُهُ إِنْ أَرْضَيْتَهُ مَدَحَكَ وَقَالَ فِيكَ مِنَ الْحَسَنَةِ مَا لَيْسَ فِيكَ وَإِنْ سَخِطَ عَلَيْكَ ذَهَبَتْ مِدْحَتُهُ وَوَقَّعَ فِيكَ مِنَ السُّوءِ مَا لَيْسَ فِيكَ فَهَذَا مَجْرَى الْجَاهِلِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ عَلَامَةِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْإِيمَانُ وَالْعِلْمُ وَالْعَمَلُ قَالَ فَمَا عَلَامَةُ الْإِيمَانِ وَمَا عَلَامَةُ الْعِلْمِ وَمَا عَلَامَةُ الْعَمَلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَمَّا عَلَامَةُ الْإِيمَانِ فَأَرْبَعَةٌ الْإِقْرَارُ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَالْإِيمَانُ بِكُتُبِهِ وَالْإِيمَانُ بِرُسُلِهِ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْعِلْمِ فَأَرْبَعَةٌ الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَالْعِلْمُ بِمُحِبِّيهِ وَالْعِلْمُ بِفَرَائِضِهِ وَالْحِفْظُ لَهَا حَتَّى تُؤَدَّى وَأَمَّا الْعَمَلُ فَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ وَالْإِخْلَاصُ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ عَلَامَةِ الصَّادِقِ وَعَلَامَةِ الْمُؤْمِنِ وَعَلَامَةِ الصَّابِرِ وَعَلَامَةِ التَّائِبِ وَعَلَامَةِ الشَّاكِرِ وَعَلَامَةِ الْخَاشِعِ وَعَلَامَةِ الصَّالِحِ وَعَلَامَةِ النَّاصِحِ وَعَلَامَةِ الْمُوقِنِ وَعَلَامَةِ الْمُخْلِصِ وَعَلَامَةِ الزَّاهِدِ وَعَلَامَةِ الْبَارِّ وَعَلَامَةِ التَّقِيِّ وَعَلَامَةِ الْمُتَكَلِّفِ وَعَلَامَةِ الظَّالِمِ وَعَلَامَةِ الْمُرَائِي وَعَلَامَةِ الْمُنَافِقِ وَعَلَامَةِ الْحَاسِدِ وَعَلَامَةِ الْمُسْرِفِ وَعَلَامَةِ الْغَافِلِ وَعَلَامَةِ الْخَائِنِ وَعَلَامَةِ الْكَسْلَانِ وَعَلَامَةِ الْكَذَّابِ وَعَلَامَةِ الْفَاسِقِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 20

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَمَّا عَلَامَةُ الصَّادِقِ فَأَرْبَعَةٌ يَصْدُقُ فِي قَوْلِهِ وَيُصَدِّقُ وَعْدَ اللَّهِ وَوَعِيدَهُ وَيُوفِي بِالْعَهْدِ وَيَجْتَنِبُ الْغَدْرَ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَرْؤُفُ وَيَفْهَمُ وَيَسْتَحْيِي وَأَمَّا عَلَامَةُ الصَّابِرِ فَأَرْبَعَةٌ الصَّبْرُ عَلَى الْمَكَارِهِ وَالْعَزْمُ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالتَّوَاضُعُ وَالْحِلْمُ وَأَمَّا عَلَامَةُ التَّائِبِ فَأَرْبَعَةٌ النَّصِيحَةُ لِلَّهِ فِي عَمَلِهِ وَتَرْكُ الْبَاطِلِ وَلُزُومُ الْحَقِّ وَالْحِرْصُ عَلَى الْخَيْرِ وَأَمَّا عَلَامَةُ الشَّاكِرِ فَأَرْبَعَةٌ الشُّكْرُ فِي النَّعْمَاءِ وَالصَّبْرُ فِي الْبَلَاءِ وَالْقُنُوعُ بِقَسْمِ اللَّهِ وَلَا يَحْمَدُ وَلَا يُعَظِّمُ إِلَّا اللَّهَ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْخَاشِعِ فَأَرْبَعَةٌ مُرَاقَبَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَرُكُوبُ الْجَمِيلِ وَالتَّفَكُّرُ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْمُنَاجَاةُ لِلَّهِ وَأَمَّا عَلَامَةُ الصَّالِحِ فَأَرْبَعَةٌ يُصَفِّي قَلْبَهُ وَيُصْلِحُ عَمَلَهُ وَيُصْلِحُ كَسْبَهُ وَيُصْلِحُ أُمُورَهُ كُلَّهَا وَأَمَّا عَلَامَةُ النَّاصِحِ فَأَرْبَعَةٌ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَيُعْطِي الْحَقَّ مِنْ نَفْسِهِ وَيَرْضَى لِلنَّاسِ مَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَعْتَدِي عَلَى أَحَدٍ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْمُوقِنِ فَسِتَّةٌ أَيْقَنَ بِاللَّهِ حَقّاً فَآمَنَ بِهِ وَأَيْقَنَ بِأَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ فَحَذِرَهُ وَأَيْقَنَ بِأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ فَخَافَ الْفَضِيحَةَ وَأَيْقَنَ بِأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ فَاشْتَاقَ إِلَيْهَا وَأَيْقَنَ بِأَنَّ النَّارَ حَقٌّ فَظَهَرَ سَعْيُهُ لِلنَّجَاةِ مِنْهَا وَأَيْقَنَ بِأَنَّ الْحِسَابَ حَقٌّ فَحَاسَبَ نَفْسَهُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 21

وَ أَمَّا عَلَامَةُ الْمُخْلِصِ فَأَرْبَعَةٌ يَسْلَمُ قَلْبُهُ وَتَسْلَمُ جَوَارِحُهُ وَبَذَلَ خَيْرَهُ وَكَفَّ شَرَّهُ وَأَمَّا عَلَامَةُ الزَّاهِدِ فَعَشَرَةٌ يَزْهَدُ فِي الْمَحَارِمِ وَيَكُفُّ نَفْسَهُ وَيُقِيمُ فَرَائِضَ رَبِّهِ فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكاً أَحْسَنَ الطَّاعَةَ وَإِنْ كَانَ مَالِكاً أَحْسَنَ الْمَمْلَكَةَ وَلَيْسَ لَهُ حَمِيَّةٌ وَلَا حِقْدٌ يُحْسِنُ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ وَيَنْفَعُ مَنْ ضَرَّهُ وَيَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَيَتَوَاضَعُ لِحَقِّ اللَّهِ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْبَارِّ فَعَشَرَةٌ يُحِبُّ فِي اللَّهِ وَيُبْغِضُ فِي اللَّهِ وَيُصَاحِبُ فِي اللَّهِ وَيُفَارِقُ فِي اللَّهِ وَيَغْضَبُ فِي اللَّهِ وَيَرْضَى فِي اللَّهِ وَيَعْمَلُ لِلَّهِ وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ وَيَخْشَعُ لِلَّهِ خَائِفاً مَخُوفاً طَاهِراً مُخْلِصاً مُسْتَحْيِياً مُرَاقِباً وَيُحْسِنُ فِي اللَّهِ وَأَمَّا عَلَامَةُ التَّقِيِّ فَسِتَّةٌ يَخَافُ اللَّهَ وَيَحْذَرُ بَطْشَهُ وَيُمْسِي وَيُصْبِحُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ لَا تُهِمُّهُ الدُّنْيَا وَلَا يَعْظُمُ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْ‏ءٌ لِحُسْنِ خُلُقِهِ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْمُتَكَلِّفِ فَأَرْبَعَةٌ الْجِدَالُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَيُنَازِعُ مَنْ فَوْقَهُ وَيَتَعَاطَى مَا لَا يَنَالُ وَيَجْعَلُ هَمَّهُ لِمَا لَا يُنْجِيهِ وَأَمَّا عَلَامَةُ الظَّالِمِ فَأَرْبَعَةٌ يَظْلِمُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَةِ وَيَمْلِكُ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ وَيُبْغِضُ الْحَقَّ وَيُظْهِرُ الظُّلْمَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 22

وَ أَمَّا عَلَامَةُ الْمُرَائِي فَأَرْبَعَةٌ يَحْرِصُ فِي الْعَمَلِ لِلَّهِ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ وَيَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَيَحْرِصُ فِي كُلِّ أَمْرِهِ عَلَى الْمَحْمَدَةِ وَيُحْسِنُ سَمْتَهُ بِجُهْدِهِ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْمُنَافِقِ فَأَرْبَعَةٌ فَاجِرٌ دَخْلُهُ يُخَالِفُ لِسَانُهُ قَلْبَهُ وَقَوْلُهُ فِعْلَهُ وَسَرِيرَتُهُ عَلَانِيَتَهُ فَوَيْلٌ لِلْمُنَافِقِ مِنَ النَّارِ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْحَاسِدِ فَأَرْبَعَةٌ الْغِيبَةُ وَالتَّمَلُّقُ وَالشَّمَاتَةُ بِالْمُصِيبَةِ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْمُسْرِفِ فَأَرْبَعَةٌ الْفَخْرُ بِالْبَاطِلِ وَيَأْكُلُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَيَزْهَدُ فِي اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ وَيُنْكِرُ مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْهُ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْغَافِلِ فَأَرْبَعَةٌ الْعَمَى وَالسَّهْوُ وَاللَّهْوُ وَالنِّسْيَانُ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْكَسْلَانِ فَأَرْبَعَةٌ يَتَوَانَى حَتَّى يُفَرِّطَ وَيُفَرِّطُ حَتَّى يُضَيِّعَ وَيُضَيِّعُ حَتَّى يَضْجَرَ وَيَضْجَرُ حَتَّى يَأْثَمَ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْكَذَّابِ فَأَرْبَعَةٌ إِنْ قَالَ لَمْ يَصْدُقْ وَإِنْ قِيلَ لَهُ لَمْ يُصَدِّقْ وَالنَّمِيمَةُ وَالْبَهْتُ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْفَاسِقِ فَأَرْبَعَةٌ اللَّهْوُ وَاللَّغْوُ وَالْعُدْوَانُ وَالْبُهْتَانُ وَأَمَّا عَلَامَةُ الْخَائِنِ فَأَرْبَعَةٌ عِصْيَانُ الرَّحْمَنِ وَأَذَى الْجِيرَانِ وَبُغْضُ الْأَقْرَانِ وَالْقُرْبُ إِلَى الطُّغْيَانِ فَقَالَ شَمْعُونُ لَقَدْ شَفَيْتَنِي وَبَصَّرْتَنِي مِنْ عَمَايَ فَعَلِّمْنِي طَرَائِقَ أَهْتَدِي بِهَا-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 23

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا شَمْعُونُ إِنَّ لَكَ أَعْدَاءً يَطْلُبُونَكَ وَيُقَاتِلُونَكَ لِيَسْلُبُوا دِينَكَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ- فَأَمَّا الَّذِينَ مِنَ الْإِنْسِ فَقَوْمٌ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا رَغْبَةَ لَهُمْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ إِنَّمَا هَمُّهُمْ تَعْيِيرُ النَّاسِ بِأَعْمَالِهِمْ لَا يُعَيِّرُونَ أَنْفُسَهُمْ وَلَا يُحَاذِرُونَ أَعْمَالَهُمْ إِذْ [إِنْ رَأَوْكَ صَالِحاً حَسَدُوكَ وَقَالُوا مُرَاءٍ وَإِنْ رَأَوْكَ فَاسِداً قَالُوا لَا خَيْرَ فِيهِ وَأَمَّا أَعْدَاؤُكَ مِنَ الْجِنِّ فَإِبْلِيسُ وَجُنُودُهُ فَإِذَا أَتَاكَ فَقَالَ مَاتَ ابْنُكَ فَقُلْ إِنَّمَا خُلِقَ الْأَحْيَاءُ لِيَمُوتُوا وَتَدْخُلُ بَضْعَةٌ مِنِّي الْجَنَّةَ إِنَّهُ لَيَسُرُّنِي فَإِذَا أَتَاكَ وَقَالَ قَدْ ذَهَبَ مَالُكَ فَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعْطَى وَأَخَذَ وَأَذْهَبَ عَنِّي الزَّكَاةَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيَّ وَإِذَا أَتَاكَ وَقَالَ لَكَ النَّاسُ يَظْلِمُونَكَ وَأَنْتَ لَا تَظْلِمُ فَقُلْ إِنَّمَا السَّبِيلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ- عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَإِذَا أَتَاكَ وَقَالَ لَكَ مَا أَكْثَرَ إِحْسَانَكَ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَكَ الْعُجْبَ فَقُلْ إِسَاءَتِي أَكْثَرُ مِنْ إِحْسَانِي وَإِذَا أَتَاكَ وَقَالَ لَكَ مَا أَكْثَرَ صَلَاتَكَ فَقُلْ غَفْلَتِي أَكْثَرُ مِنْ صَلَاتِي وَإِذَا قَالَ لَكَ كَمْ تُعْطِي النَّاسَ فَقُلْ مَا آخُذُ أَكْثَرُ مِمَّا أُعْطِي وَإِذَا قَالَ لَكَ مَا أَكْثَرَ مَنْ يَظْلِمُكَ فَقُلْ مَنْ ظَلَمْتُهُ أَكْثَرُ وَإِذَا أَتَاكَ وَقَالَ لَكَ كَمْ تَعْمَلُ فَقُلْ طَالَمَا عَصَيْتُ وَإِذَا أَتَاكَ وَقَالَ لَكَ اشْرَبِ الشَّرَابَ فَقُلْ لَا أَرْتَكِبُ الْمَعْصِيَةَ وَإِذَا أَتَاكَ وَقَالَ لَكَ‏

تحف العقول عن آل الرسول ص         30    موعظة .....  ص : 29

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 24

أَ لَا تُحِبُّ الدُّنْيَا فَقُلْ مَا أُحِبُّهَا وَقَدْ اغْتَرَّ بِهَا غَيْرِي يَا شَمْعُونُ خَالِطِ الْأَبْرَارَ وَاتَّبِعِ النَّبِيِّينَ يَعْقُوبَ وَيُوسُفَ وَدَاوُدَ- إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ السُّفْلَى فَخَرَتْ وَزَخَرَتْ وَقَالَتْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الْأَرْضَ فَسَطَحَهَا عَلَى ظَهْرِهَا فَذَلَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْأَرْضَ فَخَرَتْ وَقَالَتْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ اللَّهُ الْجِبَالَ فَأَثْبَتَهَا عَلَى ظَهْرِهَا أَوْتَاداً مِنْ أَنْ تَمِيدَ بِمَا عَلَيْهَا فَذَلَّتِ الْأَرْضُ وَاسْتَقَرَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْجِبَالَ فَخَرَتْ عَلَى الْأَرْضِ فَشَمَخَتْ وَاسْتَطَالَتْ وَقَالَتْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الْحَدِيدَ فَقَطَعَهَا فَذَلَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْحَدِيدَ فَخَرَ عَلَى الْجِبَالِ وَقَالَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ النَّارَ فَأَذَابَتِ الْحَدِيدَ فَذَلَّ الْحَدِيدُ ثُمَّ إِنَّ النَّارَ زَفَرَتْ وَشَهَقَتْ وَفَخَرَتْ وَقَالَتْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الْمَاءَ فَأَطْفَأَهَا فَذَلَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْمَاءَ فَخَرَ وَزَخَرَ وَقَالَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الرِّيحَ فَحَرَّكَتْ أَمْوَاجَهُ وَأَثَارَتْ مَا فِي قَعْرِهِ وَحَبَسَتْهُ عَنْ مَجَارِيهِ فَذَلَّ الْمَاءُ ثُمَّ إِنَّ الرِّيحَ فَخَرَتْ وَعَصَفَتْ وَقَالَتْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الْإِنْسَانَ فَبَنَى وَاحْتَالَ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ مِنَ الرِّيحِ وَغَيْرِهَا فَذَلَّتِ الرِّيحُ ثُمَّ إِنَّ الْإِنْسَانَ طَغَى وَقَالَ مَنْ أَشَدُّ مِنِّي قُوَّةً فَخَلَقَ الْمَوْتَ فَقَهَرَهُ فَذَلَّ الْإِنْسَانُ ثُمَّ إِنَّ الْمَوْتَ فَخَرَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا تَفْخَرْ فَإِنِّي ذَابِحُكَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ ثُمَّ لَا أُحْيِيكَ أَبَداً فَخَافَ- ثُمَّ قَالَ وَالْحِلْمُ يَغْلِبُ الْغَضَبَ وَالرَّحْمَةُ تَغْلِبُ السَّخَطَ وَالصَّدَقَةُ تَغْلِبُ الْخَطِيئَةَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 25

وصيته ص لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن‏

يَا مُعَاذُ عَلِّمْهُمْ كِتَابَ اللَّهِ وَأَحْسِنْ أَدَبَهُمْ عَلَى الْأَخْلَاقِ الصَّالِحَةِ وَأَنْزِلِ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ خَيْرَهُمْ وَشَرَّهُمْ وَأَنْفِذْ فِيهِمْ أَمْرَ اللَّهِ وَلَا تُحَاشِ فِي أَمْرِهِ وَلَا مَالِهِ أَحَداً فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِوَلَايَتِكَ وَلَا مَالِكَ وَأَدِّ إِلَيْهِمُ الْأَمَانَةَ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَعَلَيْكَ بِالرِّفْقِ وَالْعَفْوِ فِي غَيْرِ تَرْكٍ لِلْحَقِّ يَقُولُ الْجَاهِلُ قَدْ تَرَكْتَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ وَاعْتَذِرْ إِلَى أَهْلِ عَمَلِكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ خَشِيتَ أَنْ يَقَعَ إِلَيْكَ مِنْهُ عَيْبٌ حَتَّى يَعْذِرُوكَ وَأَمِتْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا مَا سَنَّهُ الْإِسْلَامُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 26

وَ أَظْهِرْ أَمْرَ الْإِسْلَامِ كُلَّهُ صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ وَلْيَكُنْ أَكْثَرُ هَمِّكَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا رَأْسُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدِّينِ وَذَكِّرِ النَّاسَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَاتَّبِعِ الْمَوْعِظَةَ فَإِنَّهُ أَقْوَى لَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا يُحِبُّ اللَّهُ ثُمَّ بُثَّ فِيهِمُ الْمُعَلِّمِينَ وَاعْبُدِ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تَرْجِعُ وَلَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَأُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ وَلِينِ الْكَلَامِ وَبَذْلِ السَّلَامِ وَحِفْظِ الْجَارِ وَرَحْمَةِ الْيَتِيمِ وَحُسْنِ الْعَمَلِ وَقَصْرِ الْأَمَلِ وَحُبِّ الْآخِرَةِ وَالْجَزَعِ مِنَ الْحِسَابِ وَلُزُومِ الْإِيمَانِ وَالْفِقْهِ فِي الْقُرْآنِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ وَخَفْضِ الْجَنَاحِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَشْتِمَ مُسْلِماً أَوْ تُطِيعَ آثِماً أَوْ تَعْصِيَ إِمَاماً عَادِلًا أَوْ تُكَذِّبَ صَادِقاً أَوْ تُصَدِّقَ كَاذِباً وَاذْكُرْ رَبَّكَ عِنْدَ كُلِّ شَجَرٍ وَحَجَرٍ وَأَحْدِثْ لِكُلِّ ذَنْبٍ تَوْبَةً السِّرِّ بِالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ بِالْعَلَانِيَةِ يَا مُعَاذُ لَوْ لَا أَنَّنِي أَرَى أَلَّا نَلْتَقِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَقَصَّرْتُ فِي الْوَصِيَّةِ وَلَكِنَّنِي أَرَى أَنْ لَا نَلْتَقِيَ أَبَداً ثُمَّ اعْلَمْ يَا مُعَاذُ أَنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي عَلَى مِثْلِ الْحَالِ الَّتِي فَارَقَنِي عَلَيْهَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 27

و من كلامه ص‏

إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ شَرَفاً وَإِنَّ شَرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَعَزَّ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَلْيَكُنْ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِ النَّاسِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ نَزَلَ وَحْدَهُ وَمَنَعَ رِفْدَهُ وَجَلَدَ عَبْدَهُ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَا يُقِيلُ عَثْرَةً وَلَا يَقْبَلُ مَعْذِرَةً ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ يُبْغِضُ النَّاسَ وَيُبْغِضُونَهُ إِنَّ عِيسَى ع قَامَ خَطِيباً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَكَلَّمُوا بِالْحِكْمَةِ عِنْدَ الْجُهَّالِ فَتَظْلِمُوهَا وَلَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ وَلَا تُكَافِئُوا ظَالِماً فَيَبْطُلَ فَضْلُكُمْ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَاتَّبِعُوهُ وَأَمْرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَأَمْرٌ اخْتُلِفَ فِيهِ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لَكُمْ مَعَالِمَ فَانْتَهُوا إِلَى مَعَالِمِكُمْ وَإِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ إِنَّ الْمُؤْمِنَ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ أَجَلٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ فِيهِ وَبَيْنَ أَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ قَاضٍ فِيهِ فَلْيَأْخُذِ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ وَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 28

مِنَ الشَّيْبَةِ قَبْلَ الْكِبَرِ وَمِنَ الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ وَمَا بَعْدَ الدُّنْيَا دَارٌ إِلَّا الْجَنَّةُ وَالنَّارُ

ذكره ص العلم والعقل والجهل‏

قَالَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ حَسَنَةٌ وَمُدَارَسَتَهُ تَسْبِيحٌ وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ وَتَعْلِيمَهُ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ لِأَنَّهُ مَعَالِمُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَسَالِكٌ بِطَالِبِهِ سُبُلَ الْجَنَّةِ وَمُونِسٌ فِي الْوَحْدَةِ وَصَاحِبٌ فِي الْغُرْبَةِ وَدَلِيلٌ عَلَى السَّرَّاءِ وَسِلَاحٌ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَزَيْنُ الْأَخِلَّاءِ يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَاماً يَجْعَلُهُمْ فِي الْخَيْرِ أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ تُرْمَقُ أَعْمَالُهُمْ وَتُقْتَبَسُ آثَارُهُمْ وَتَرْغَبُ الْمَلَائِكَةُ فِي خَلَّتِهِمْ لِأَنَّ الْعِلْمَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَنُورُ الْأَبْصَارِ مِنَ الْعَمَى وَقُوَّةُ الْأَبْدَانِ مِنَ الضَّعْفِ وَيُنْزِلُ اللَّهُ حَامِلَهُ مَنَازِلَ الْأَحِبَّاءِ وَيَمْنَحُهُ مُجَالَسَةَ الْأَبْرَارِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ- بِالْعِلْمِ يُطَاعُ اللَّهُ وَيُعْبَدُ وَبِالْعِلْمِ يُعْرَفُ اللَّهُ وَيُوَحَّدُ وَبِهِ تُوصَلُ الْأَرْحَامُ وَيُعْرَفُ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَالْعِلْمُ إِمَامُ الْعَقْلِ- وَالْعَقْلُ يُلْهِمُهُ اللَّهُ السُّعَدَاءَ وَيَحْرِمُهُ الْأَشْقِيَاءَ وَصِفَةُ الْعَاقِلِ أَنْ يَحْلُمَ عَمَّنْ جَهِلَ عَلَيْهِ وَيَتَجَاوَزَ عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَيَتَوَاضَعَ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَيُسَابِقَ مَنْ فَوْقَهُ فِي طَلَبِ الْبِرِّ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ تَدَبَّرَ فَإِنْ كَانَ خَيْراً تَكَلَّمَ فَغَنِمَ وَإِنْ كَانَ شَرّاً سَكَتَ فَسَلِمَ وَإِذَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 29

عَرَضَتْ لَهُ فِتْنَةٌ اسْتَعْصَمَ بِاللَّهِ وَأَمْسَكَ يَدَهُ وَلِسَانَهُ وَإِذَا رَأَى فَضِيلَةً انْتَهَزَ بِهَا لَا يُفَارِقُهُ الْحَيَاءُ وَلَا يَبْدُو مِنْهُ الْحِرْصُ فَتِلْكَ عَشْرُ خِصَالٍ يُعْرَفُ بِهَا الْعَاقِلُ وَصِفَةُ الْجَاهِلِ أَنْ يَظْلِمَ مَنْ خَالَطَهُ وَيَتَعَدَّى عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَيَتَطَاوَلَ عَلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ كَلَامُهُ بِغَيْرِ تَدَبُّرٍ إِنْ تَكَلَّمَ أَثِمَ وَإِنْ سَكَتَ سَهَا وَإِنْ عَرَضَتْ لَهُ فِتْنَةٌ سَارَعَ إِلَيْهَا فَأَرْدَتْهُ وَإِنْ رَأَى فَضِيلةً أَعْرَضَ وَأَبْطَأَ عَنْهَا لَا يَخَافُ ذُنُوبَهُ الْقَدِيمَةَ وَلَا يَرْتَدِعُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ مِنَ الذُّنُوبِ يَتَوَانَى عَنِ الْبِرِّ وَيُبْطِئُ عَنْهُ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ لِمَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ ضَيَّعَهُ فَتِلْكَ عَشْرُ خِصَالٍ مِنْ صِفَةِ الْجَاهِلِ الَّذِي حُرِمَ الْعَقْلَ‏

موعظة

مَا لِي أَرَى حُبَّ الدُّنْيَا قَدْ غَلَبَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّ الْمَوْتَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِهِمْ كُتِبَ وَكَأَنَّ الْحَقَّ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِهِمْ وَجَبَ وَحَتَّى كَأَنَّ مَا يَسْمَعُونَ مِنْ خَبَرِ الْأَمْوَاتِ قَبْلَهُمْ عِنْدَهُمْ كَسَبِيلِ قَوْمٍ سَفْرٍ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْهِمْ رَاجِعُونَ تُبَوِّءُونَهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَتَأْكُلُونَ تُرَاثَهُمْ وَأَنْتُمْ مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ أَ مَا يَتَّعِظُ آخِرُهُمْ بِأَوَّلِهِمْ لَقَدْ جَهِلُوا وَنَسُوا كُلَّ مَوْعِظَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَأَمِنُوا شَرَّ كُلِّ عَاقِبَةِ سَوْءٍ وَلَمْ يَخَافُوا نُزُولَ فَادِحَةٍ وَلَا بَوَائِقَ كُلِّ حَادِثَةٍ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         37    وروي عنه ص في قصار هذه المعاني .....  ص : 35

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 30

طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ خَوْفُ اللَّهُ عَنْ خَوْفِ النَّاسِ طُوبَى لِمَنْ طَابَ كَسْبُهُ وَصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ وَحَسُنَتْ عَلَانِيَتُهُ وَاسْتَقَامَتْ خَلِيقَتُهُ طُوبَى لِمَنْ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ طُوبَى لِمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَزَهِدَ فِيمَا أُحِلَّ لَهُ مِنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ عَنْ سُنَّتِي وَرَفَضَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ تَحَوُّلٍ عَنْ سُنَّتِي وَاتَّبَعَ الْأَخْيَارَ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ بَعْدِي وَخَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ وَرَحِمَ أَهْلَ الْمَسْكَنَةِ طُوبَى لِمَنِ اكْتَسَبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَالًا مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَأَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَعَادَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَجَانَبَ أَهْلَ الْخُيَلَاءِ وَالتَّفَاخُرِ وَالرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا الْمُبْتَدِعِينَ خِلَافَ سُنَّتِي الْعَامِلِينَ بِغَيْرِ سِيرَتِي طُوبَى لِمَنْ حَسُنَ مَعَ النَّاسِ خُلُقُهُ وَبَذَلَ لَهُمْ مَعُونَتَهُ وَعَدَلَ عَنْهُمْ شَرَّهُ‏

خطبته ص في حجة الوداع‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأَحُثُّكُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَأَسْتَفْتِحُ اللَّهَ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مِنِّي مَا أُبَيِّنُ لَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا فِي مَوْقِفِي هَذَا-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 31

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمُ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا وَإِنَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَإِنَّ أَوَّلَ رِباً أَبْدَأُ بِهِ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَإِنَّ دِمَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَبْدَأُ بِهِ دَمُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَإِنَّ مَآثِرَ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ غَيْرَ السِّدَانَةِ وَالسِّقَايَةِ وَالْعَمْدُ قَوَدٌ وَشِبْهُ الْعَمْدِ مَا قُتِلَ بِالْعَصَا وَالْحَجَرِ وَفِيهِ مِائَةُ بَعِيرٍ فَمَنِ ازْدَادَ فَهُوَ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 32

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِأَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فِيمَا تَحْتَقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا النَّسِي‏ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَإِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَإِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ اشْهَدْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 33

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ حَقّاً حَقُّكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ أَحَداً فُرُشَكُمْ وَلَا يُدْخِلْنَ أَحَداً تَكْرَهُونَهُ بُيُوتَكُمْ إِلَّا بِإِذْنِكُمْ وَأَلَّا يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَعْضُلُوهُنَّ وَتَهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَتَضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِذَا انْتَهَيْنَ وَأَطَعْنَكُمْ فَعَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 34

بِالْمَعْرُوفِ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ وَاسْتَوْصُوا بِهِنَّ خَيْراً أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وَلَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ مَالُ أَخِيهِ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ اشْهَدْ- فَلَا تَرْجِعُنَّ كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ فَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ كُلُّكُمْ لِآدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ- إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ وَلَيْسَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَلَا تَجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ فِي أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَالْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدْلًا وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 35

و روي عنه ص في قصار هذه المعاني‏

قَالَ ص كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظاً وَكَفَى بِالتُّقَى غِنًى وَكَفَى بِالْعِبَادَةِ شُغُلًا وَكَفَى بِالْقِيَامَةِ مَوْئِلًا وَبِاللَّهِ مُجَازِياً

وَ قَالَ ص خَصْلَتَانِ لَيْسَ فَوْقَهُمَا مِنَ الْبِرِّ شَيْ‏ءٌ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالنَّفْعُ لِعِبَادِ اللَّهِ وَخَصْلَتَانِ لَيْسَ فَوْقَهُمَا مِنَ الشَّرِّ شَيْ‏ءٌ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالضَّرُّ لِعِبَادِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْصِنِي بِشَيْ‏ءٍ يَنْفَعُنِيَ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ ص أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ يُسَلِّكَ عَنِ الدُّنْيَا وَعَلَيْكَ بِالشُّكْرِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي النِّعْمَةِ وَأَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَتَى يُسْتَجَابُ لَكَ وَإِيَّاكَ وَالْبَغْيَ فَإِنَّ اللَّهَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ وَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ وَإِيَّاكَ وَالْمَكْرَ فَإِنَّ اللَّهَ قَضَى أَنْ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ‏

وَ قَالَ ص سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْكُمْ حَسْرَةً وَنَدَامَةً فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ

وَ قَالَ ص لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ أَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى امْرَأَةٍ

وَ قِيلَ لَهُ ص أَيُّ الْأَصْحَابِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ إِذَا ذَكَرْتَ أَعَانَكَ وَإِذَا نَسِيتَ ذَكَّرَكَ وَقِيلَ أَيُّ النَّاسِ شَرٌّ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِذَا فَسَدُوا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 36

وَ قَالَ ص أَوْصَانِي رَبِّي بِتِسْعٍ أَوْصَانِي بِالْإِخْلَاصِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالْعَدْلِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَالْقَصْدِ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَأَنْ أَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي وَأُعْطِيَ مَنْ حَرَمَنِي وَأَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي وَأَنْ يَكُونَ صَمْتِي فِكْراً وَمَنْطِقِي ذِكْراً وَنَظَرِي عِبَراً

وَ قَالَ ص قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ‏

وَ قَالَ ص إِذَا سَادَ الْقَوْمَ فَاسِقُهُمْ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَذَلَّهُمْ وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ الْفَاسِقُ فَلْيُنْتَظَرِ الْبَلَاءُ

وَ قَالَ ص سُرْعَةُ الْمَشْيِ يَذْهَبُ بِبَهَاءِ الْمُؤْمِنِ‏

وَ قَالَ ص لَا يَزَالُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فِي تُهَمَةِ مَنْ هُوَ بَرِي‏ءٌ حَتَّى يَكُونَ أَعْظَمَ جُرْماً مِنَ السَّارِقِ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَوَادَ فِي حَقِّهِ‏

وَ قَالَ ص إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ وَأَمْرُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا

وَ قَالَ ص مَنْ أَمْسَى وَأَصْبَحَ وَعِنْدَهُ ثَلَاثٌ فَقَدْ تَمَّتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ فِي الدُّنْيَا مَنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَى مُعَافًى فِي بَدَنِهِ آمِناً فِي سَرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ الرَّابِعَةُ فَقَدْ تَمَّتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُوَ الْإِيمَانُ‏

وَ قَالَ ص ارْحَمُوا عَزِيزاً ذَلَّ وَغَنِيّاً افْتَقَرَ وَعَالِماً ضَاعَ فِي زَمَانِ جُهَّالٍ‏

وَ قَالَ ص خَلَّتَانِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِيهِمَا مَفْتُونٌ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         43    وروي عنه ص في قصار هذه المعاني .....  ص : 35

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 37

 

وَ قَالَ ص جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهَا

وَ قَالَ ص إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ‏

وَ قَالَ ص مَلْعُونٌ مَنْ أَلْقَى كَلَّهُ عَلَى النَّاسِ‏

وَ قَالَ ص الْعِبَادَةُ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ أَفْضَلُهَا طَلَبُ الْحَلَالِ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ اللَّهَ لَا يُطَاعُ جَبْراً وَلَا يُعْصَى مَغْلُوباً وَلَمْ يُهْمِلِ الْعِبَادَ مِنَ الْمَمْلَكَةِ وَلَكِنَّهُ الْقَادِرُ عَلَى مَا أَقْدَرَهُمْ عَلَيْهِ وَالْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَهُمْ إِيَّاهُ فَإِنَّ الْعِبَادَ إِنِ ائْتَمَرُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا مَانِعٌ وَلَا عَنْهَا صَادٌّ وَإِنْ عَمِلُوا بِمَعْصِيَتِهِ فَشَاءَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا فَعَلَ وَلَيْسَ مَنْ إِنْ شَاءَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَيْ‏ءٍ فَعَلَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَأَتَاهُ الَّذِي فَعَلَهُ كَانَ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِيهِ‏

وَ قَالَ ص لِابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ لَوْ لَا أَنَّ الْمَاضِيَ فَرَطُ الْبَاقِي وَأَنَّ الْآخِرَ لَاحِقٌ بِالْأَوَّلِ لَحَزِنَّا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ دَمَعَتْ عَيْنُهُ وَقَالَ ص تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى الرَّبُّ وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ‏

وَ قَالَ ص الْجَمَالُ فِي اللِّسَانِ‏

وَ قَالَ ص لَا يُقْبَضُ الْعِلْمُ انْتِزَاعاً مِنَ النَّاسِ وَلَكِنَّهُ يُقْبَضُ الْعُلَمَاءُ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا اسْتَفْتَوْا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا

وَ قَالَ ص أَفْضَلُ جِهَادِ أُمَّتِي انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 38

وَ قَالَ ص مُرُوءَتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ الْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَنَا وَإِعْطَاءُ مَنْ حَرَمَنَا

وَ قَالَ ص أَغْبَطُ أَوْلِيَائِي عِنْدِي مِنْ أُمَّتِي رَجُلٌ خَفِيفُ الْحَاذِ ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاةٍ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ فِي الْغَيْبِ وَكَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبَرَ عَلَيْهِ وَمَاتَ قَلَّ تُرَاثُهُ وَقَلَّ بَوَاكِيهِ‏

وَ قَالَ ص مَا أَصَابَ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا حُزْنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهِمُّهُ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ‏

وَ قَالَ ص مَنْ أَكَلَ مَا يَشْتَهِي وَلَبِسَ مَا يَشْتَهِي وَرَكِبَ مَا يَشْتَهِي لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتْرُكَ‏

وَ قَالَ ص مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ السُّنْبُلَةِ تَخِرُّ مَرَّةً وَتَسْتَقِيمُ مَرَّةً وَمَثَلُ الْكَافِرِ مَثَلُ الْأَرْزَةِ لَا يَزَالُ مُسْتَقِيماً لَا يَشْعُو

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 39

وَ سُئِلَ ص مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً فِي الدُّنْيَا فَقَالَ ص النَّبِيُّونَ ثُمَّ الْأَمَاثِلُ فَالْأَمَاثِلُ وَيُبْتَلَى الْمُؤْمِنُ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِ وَحُسْنِ عَمَلِهِ فَمَنْ صَحَّ إِيمَانُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَمَنْ سَخُفَ إِيمَانُهُ وَضَعُفَ عَمَلُهُ قَلَّ بَلَاؤُهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 40

وَ قَالَ ص لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ مَا أَعْطَى كَافِراً وَلَا مُنَافِقاً مِنْهَا شَيْئاً

وَ قَالَ ص الدُّنْيَا دُوَلٌ فَمَا كَانَ لَكَ أَتَاكَ عَلَى ضَعْفِكَ وَمَا كَانَ مِنْهَا عَلَيْكَ لَمْ تَدْفَعْهُ بِقُوَّتِكَ وَمَنِ انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ مِمَّا فَاتَ اسْتَرَاحَ بَدَنُهُ وَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَهُ اللَّهُ قَرَّتْ عَيْنُهُ‏

وَ قَالَ ص إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا وَقَدْ نَبَّأْتُكُمْ بِهِ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْهُ وَمَا مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا وَقَدْ نَبَّأْتُكُمْ بِهِ وَأَمَرْتُكُمْ بِهِ فَإِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ شَيْ‏ءٍ مِنَ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوا مَا عِنْدَ اللَّهِ بِمَعَاصِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ‏

وَ قَالَ ص صَوْتَانِ يُبْغِضُهُمَا اللَّهُ إِعْوَالٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ وَمِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ

وَ قَالَ ص عَلَامَةُ رِضَا اللَّهِ عَنْ خَلْقِهِ رُخْصُ أَسْعَارِهِمْ وَعَدْلُ سُلْطَانِهِمْ وَعَلَامَةُ غَضَبِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ جَوْرُ سُلْطَانِهِمْ وَغَلَاءُ أَسْعَارِهِمْ‏

وَ قَالَ ص أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ فِي نُورِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ مَنْ كَانَ عِصْمَةُ أَمْرِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 41

شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَمَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ قَالَ- إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ وَمَنْ إِذَا أَصَابَ خَيْراً قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَنْ إِذَا أَصَابَ خَطِيئَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ‏

وَ قَالَ ص مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِيَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ وَمَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيَادَةَ وَمَنْ أُعْطِيَ التَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ الْقَبُولَ وَمَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ الْإِجَابَةَ

وَ قَالَ ص الْعِلْمُ خَزَائِنُ وَمَفَاتِيحُهُ السُّؤَالُ فَاسْأَلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَإِنَّهُ تُؤْجَرُ أَرْبَعَةٌ السَّائِلُ وَالْمُتَكَلِّمُ وَالْمُسْتَمِعُ وَالْمُحِبُّ لَهُمْ‏

وَ قَالَ ص سَائِلُوا الْعُلَمَاءَ وَخَاطِبُوا الْحُكَمَاءَ وَجَالِسُوا الْفُقَرَاءَ

وَ قَالَ ص فَضْلُ الْعِلْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ وَأَفْضَلُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ‏

وَ قَالَ ص مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ عَظِيمَ الْبَلَاءِ يُكَافَأُ بِهِ عَظِيمُ الْجَزَاءِ فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً ابْتَلَاهُ فَمَنْ رَضِيَ قَلْبُهُ فَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ

وَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي فَقَالَ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئاً وَإِنْ حُرِّقْتَ بِالنَّارِ وَإِنْ عُذِّبْتَ إِلَّا وَقَلْبُكَ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَوَالِدَيْكَ فَأَطِعْهُمَا وَبَرَّهُمَا حَيَّيْنِ أَوْ مَيِّتَيْنِ فَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ فَافْعَلْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ فَلَا تَدَعْهَا مُتَعَمِّداً فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً فَرِيضَةً مُتَعَمِّداً فَإِنَّ ذِمَّةَ اللَّهِ مِنْهُ بَرِيئَةٌ وَإِيَّاكَ وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَكُلِّ [كُلَّ مُسْكِرٍ فَإِنَّهُمَا مِفْتَاحَا كُلِّ شَرٍّ

وَ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَيَّةَ فَقَالَ إِلَامَ تَدْعُو النَّاسَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 42

يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَأَدْعُو إِلَى مَنْ إِذَا أَصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ وَإِنِ اسْتَعَنْتَ بِهِ وَأَنْتَ مَكْرُوبٌ أَعَانَكَ وَإِنْ سَأَلْتَهُ وَأَنْتَ مُقِلٌّ أَغْنَاكَ فَقَالَ أَوْصِنِي يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ لَا تَغْضَبْ قَالَ زِدْنِي قَالَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَى لَهُمْ بِهِ مِنْ نَفْسِكَ فَقَالَ زِدْنِي فَقَالَ لَا تَسُبَّ النَّاسَ فَتَكْتَسِبَ الْعَدَاوَةَ مِنْهُمْ قَالَ زِدْنِي قَالَ لَا تَزْهَدْ فِي الْمَعْرُوفِ عِنْدَ أَهْلِهِ قَالَ زِدْنِي قَالَ تُحِبُّ النَّاسَ يُحِبُّوكَ وَالْقَ أَخَاكَ بِوَجْهٍ مُنْبَسِطٍ وَلَا تَضْجَرْ فَيَمْنَعَكَ الضَّجَرُ مِنَ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا وَاتَّزِرْ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَخِيلَةِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ

وَ قَالَ ص إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الشَّيْخَ الزَّانِيَ وَالْغَنِيَّ الظَّلُومَ وَالْفَقِيرَ الْمُخْتَالَ وَالسَّائِلَ الْمُلْحِفَ وَيُحْبِطُ أَجْرَ الْمُعْطِي الْمَنَّانِ وَيَمْقُتُ الْبَذِيخَ الْجَرِي‏ءَ الْكَذَّابَ‏

وَ قَالَ ص مَنْ تَفَاقَرَ افْتَقَرَ

وَ قَالَ ص مُدَارَاةُ النَّاسِ نِصْفُ الْإِيمَانِ وَالرِّفْقُ بِهِمْ نِصْفُ الْعَيْشِ‏

وَ قَالَ ص رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ فِي غَيْرِ تَرْكِ حَقٍّ وَمِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ خِفَّةُ لِحْيَتِهِ‏

وَ قَالَ ص مَا نُهِيتُ عَنْ شَيْ‏ءٍ بَعْدَ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مَا نُهِيتُ عَنْ مُلَاحَاةِ الرِّجَالِ‏

وَ قَالَ ص لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ مُسْلِماً أَوْ ضَرَّهُ أَوْ مَاكَرَهُ‏

وَ قَامَ ص فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَبَلَّغَهَا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ-

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         47    وروي عنه ص في قصار هذه المعاني .....  ص : 35

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 43

ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَالنَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَاللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ- الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ‏

وَ قَالَ ص إِذَا بَايَعَ الْمُسْلِمُ الذِّمِّيَّ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ خِرْ لِي عَلَيْهِ وَإِذَا بَايَعَ الْمُسْلِمَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ خِرْ لِي وَلَهُ‏

وَ قَالَ ص رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً قَالَ خَيْراً فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ عَنْ سُوءٍ فَسَلِمَ‏

وَ قَالَ ص ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ اسْتَكْمَلَ خِصَالَ الْإِيمَانِ الَّذِي إِذَا رَضِيَ لَمْ يُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِي بَاطِلٍ وَإِذَا غَضِبَ لَمْ يُخْرِجْهُ الْغَضَبُ مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا قَدَرَ لَمْ يَتَعَاطَ مَا لَيْسَ لَهُ‏

وَ قَالَ ص مَنْ بَلَغَ حَدّاً فِي غَيْرِ حَقٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ‏

وَ قَالَ ص قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَذِكْرُ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّوْمُ حَسَنَةٌ ثُمَّ قَالَ لَا قَوْلَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَلَا قَوْلَ وَلَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَلَا قَوْلَ وَلَا عَمَلَ وَلَا نِيَّةَ إِلَّا بِإِصَابَةِ السُّنَّةِ

وَ قَالَ ص الْأَنَاةُ مِنَ اللَّهِ وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 44

يَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ لِيُعَظِّمُوهُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ فَإِنَّ الرِّئَاسَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهِ وَلِأَهْلِهَا وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ اللَّهُ فِيهِ مَقَتَهُ اللَّهُ وَمَنْ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ أَنَا رَئِيسُكُمْ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَمَّا قَالَ وَيَتُوبَ إِلَى اللَّهِ مِمَّا ادَّعَى‏

وَ قَالَ ص قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ تَحَبَّبُوا إِلَى اللَّهِ وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ قَالُوا يَا رُوحَ اللَّهِ بِمَا ذَا نَتَحَبَّبُ إِلَى اللَّهِ وَنَتَقَرَّبُ قَالَ بِبُغْضِ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْتَمِسُوا رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِهِمْ قَالُوا يَا رُوحَ اللَّهِ فَمَنْ نُجَالِسُ إِذاً قَالَ مَنْ يُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ وَيَزِيدُ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ وَيُرَغِّبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ‏

وَ قَالَ ص أَبْعَدُكُمْ بِي شَبَهاً الْبَخِيلُ الْبَذِي‏ءُ الْفَاحِشُ‏

وَ قَالَ ص سُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ‏

وَ قَالَ ص إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ لَا يُبَالِي مَا قَالَ أَوْ مَا قِيلَ فِيهِ فَإِنَّهُ لِبَغِيٍّ أَوْ شَيْطَانٍ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى كُلِّ فَاحِشٍ بَذِي‏ءٍ قَلِيلِ الْحَيَاءِ لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَمَا قِيلَ فِيهِ أَمَا إِنَّهُ إِنْ تَنْسُبْهُ لَمْ تَجِدْهُ إِلَّا لِبَغِيٍّ أَوْ شِرْكِ شَيْطَانٍ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي النَّاسِ شَيَاطِينُ قَالَ نَعَمْ أَ وَمَا تَقْرَأُ قَوْلَ اللَّهِ- وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ

وَ قَالَ ص مَنْ تَنْفَعْهُ يَنْفَعْكَ وَمَنْ لَا يُعِدَّ الصَّبْرَ لِنَوَائِبِ الدَّهْرِ يَعْجِزْ وَمَنْ قَرَضَ النَّاسَ قَرَضُوهُ وَمَنْ تَرَكَهُمْ لَمْ يَتْرُكُوهُ قِيلَ فَأَصْنَعُ مَا ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 45

قَالَ أَقْرِضْهُمْ مِنْ عِرْضِكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ‏

وَ قَالَ ص أَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ أَخْلَاقِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ‏

وَ خَرَجَ ص يَوْماً وَقَوْمٌ يَدْحُونَ حَجَراً فَقَالَ أَشَدُّكُمْ مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَأَحْمَلُكُمْ مَنْ عَفَا بَعْدَ الْمَقْدُرَةِ

وَ قَالَ ص قَالَ اللَّهُ هَذَا دِيْنٌ أَرْتَضِيهِ لِنَفْسِي وَلَنْ يُصْلِحَهُ إِلَّا السَّخَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ فَأَكْرِمُوهُ بِهِمَا مَا صَحِبْتُمُوهُ‏

وَ قَالَ ص أَفْضَلُكُمْ إِيمَاناً أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقاً

وَ قَالَ ص حُسْنُ الْخُلُقِ يَبْلُغُ بِصَاحِبِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ فَقِيلَ لَهُ مَا أَفْضَلُ مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ قَالَ حُسْنُ الْخُلُقِ‏

وَ قَالَ ص حُسْنُ الْخُلُقِ يُثْبِتُ الْمَوَدَّةَ

وَ قَالَ ص حُسْنُ الْبِشْرِ يَذْهَبُ بِالسَّخِيمَةِ

وَ قَالَ ص خِيَارُكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقاً الَّذِينَ يَأْلِفُونَ وَيُؤْلَفُونَ‏

وَ قَالَ ص الْأَيْدِي ثَلَاثَةٌ سَائِلَةٌ وَمُنْفِقَةٌ وَمُمْسِكَةٌ وَخَيْرُ الْأَيْدِي الْمُنْفِقَةُ

وَ قَالَ ص الْحَيَاءُ حَيَاءَانِ حَيَاءُ عَقْلٍ وَحَيَاءُ حُمْقٍ فَحَيَاءُ الْعَقْلِ الْعِلْمُ وَحَيَاءُ الْحُمْقِ الْجَهْلُ‏

وَ قَالَ ص مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ لَا غِيبَةَ لَهُ‏

وَ قَالَ ص مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَفِ إِذَا وَعَدَ

وَ قَالَ ص الْأَمَانَةُ تَجْلِبُ الرِّزْقَ وَالْخِيَانَةُ تَجْلِبُ الْفَقْرَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 46

وَ قَالَ ص نَظَرُ الْوَلَدِ إِلَى وَالِدَيْهِ حُبّاً لَهُمَا عِبَادَةٌ

وَ قَالَ ص جُهْدُ الْبَلَاءِ أَنْ يُقَدَّمَ الرَّجُلُ فَتُضْرَبَ رَقَبَتُهُ صَبْراً وَالْأَسِيرُ مَا دَامَ فِي وَثَاقِ الْعَدُوِّ وَالرَّجُلُ يَجِدُ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِهِ رَجُلًا

وَ قَالَ ص الْعِلْمُ خَدِينُ الْمُؤْمِنِ وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ وَالصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ وَالرِّفْقُ وَالِدُهُ وَالْبِرُّ أَخُوهُ وَالنَّسَبُ آدَمُ وَالْحَسَبُ التَّقْوَى وَالْمُرُوءَةُ إِصْلَاحُ الْمَالِ‏

وَ جَاءَهُ رَجُلٌ بِلَبَنٍ وَعَسَلٍ لِيَشْرَبَهُ فَقَالَ ص شَرَابَانِ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ صَاحِبِهِ لَا أَشْرَبُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ وَلَكِنِّي أَتَوَاضَعُ لِلَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ وَمَنْ تَكَبَّرَ وَضَعَهُ اللَّهُ وَمَنِ اقْتَصَدَ فِي مَعِيشَتِهِ رَزَقَهُ اللَّهُ وَمَنْ بَذَّرَ حَرَمَهُ اللَّهُ وَمَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللَّهِ آجَرَهُ اللَّهُ‏

وَ قَالَ ص أَقْرَبُكُمْ مِنِّي غَداً فِي الْمَوْقِفِ أَصْدَقُكُمْ لِلْحَدِيثِ وَآدَاكُمْ لِلْأَمَانَةِ وَأَوْفَاكُمْ بِالْعَهْدِ وَأَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَأَقْرَبُكُمْ مِنَ النَّاسِ‏

وَ قَالَ ص إِذَا مُدِحَ الْفَاجِرُ اهْتَزَّ الْعَرْشُ وَغَضِبَ الرَّبُ‏

وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا الْحَزْمُ قَالَ ص تُشَاوِرُ امْرَأً ذَا رَأْيٍ ثُمَّ تُطِيعُهُ‏

وَ قَالَ ص يَوْماً أَيُّهَا النَّاسُ مَا الرَّقُوبُ فِيكُمْ قَالُوا الرَّجُلُ يَمُوتُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَداً فَقَالَ ص بَلِ الرَّقُوبُ حَقُّ الرَّقُوبِ رَجُلٌ مَاتَ وَلَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وُلْدِهِ أَحَداً يَحْتَسِبُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنْ كَانُوا كَثِيراً بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَ ص مَا الصُّعْلُوكُ فِيكُمْ قَالُوا الرَّجُلُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ فَقَالَ ص بَلِ الصُّعْلُوكُ حَقُّ الصُّعْلُوكِ مَنْ لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         52    وروي عنه ص في قصار هذه المعاني .....  ص : 35

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 47

مَالِهِ شَيْئاً يَحْتَسِبُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيراً مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ قَالَ ص مَا الصُّرَعَةُ فِيكُمْ قَالُوا الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ الَّذِي لَا يُوضَعُ جَنْبُهُ فَقَالَ بَلِ الصُّرَعَةُ حَقُّ الصُّرَعَةِ رَجُلٌ وَكَزَ الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ وَظَهَرَ دَمُهُ ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهَ فَصَرَعَ بِحِلْمِهِ غَضَبَهُ‏

وَ قَالَ ص مَنْ عَمِلَ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ‏

وَ قَالَ ص الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ عِبَادَةٌ مَا لَمْ يُحْدِثْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْحَدَثُ قَالَ ص الِاغْتِيَابُ‏

وَ قَالَ ص الصَّائِمُ فِي عِبَادَةٍ وَإِنْ كَانَ نَائِماً عَلَى فِرَاشِهِ مَا لَمْ يَغْتَبْ مُسْلِماً

وَ قَالَ ص مَنْ أَذَاعَ فَاحِشَةً كَانَ كَمُبْدِيهَا وَمَنْ عَيَّرَ مُؤْمِناً بِشَيْ‏ءٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرْكَبَهُ‏

وَ قَالَ ص ثَلَاثَةٌ وَإِنْ لَمْ تَظْلِمْهُمْ ظَلَمُوكَ السَّفِلَةُ وَزَوْجَتُكَ وَخَادِمُكَ‏

وَ قَالَ ص أَرْبَعٌ مِنْ عَلَامَاتِ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَيْنِ وَقَسْوَةُ الْقَلْبِ وَشِدَّةُ الْحِرْصِ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَالْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ‏

وَ قَالَ رَجُلٌ أَوْصِنِي فَقَالَ ص لَا تَغْضَبْ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا تَغْضَبْ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ أَكْمَلَ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ أَخْلَاقاً

وَ قَالَ ص مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْ‏ءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا كَانَ الْخُرْقُ فِي شَيْ‏ءٍ إِلَّا شَانَهُ‏

وَ قَالَ ص الْكِسْوَةُ تُظْهِرُ الْغِنَى وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْخَادِمِ يَكْبِتُ الْعَدُوَّ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 48

وَ قَالَ ص أُمِرْتُ بِمُدَارَاةِ النَّاسِ كَمَا أُمِرْتُ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ

وَ قَالَ ص اسْتَعِينُوا عَلَى أُمُورِكُمْ بِالْكِتْمَانِ فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ

وَ قَالَ ص الْإِيمَانُ نِصْفَانِ نِصْفٌ فِي الصَّبْرِ وَنِصْفٌ فِي الشُّكْرِ

وَ قَالَ ص حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ‏

وَ قَالَ ص الْأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءَةٌ

وَ قَالَ ص الْحَوَائِجُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْبَابُهَا فَاطْلُبُوهَا إِلَى اللَّهِ بِهِمْ فَمَنْ أَعْطَاكُمُوهَا فَخُذُوهَا عَنِ اللَّهِ بِصَبْرٍ

وَ قَالَ ص عَجَباً لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ عَلَيْهِ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْراً لَهُ سَرَّهُ أَوْ سَاءَهُ إِنِ ابْتَلَاهُ كَانَ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ وَإِنْ أَعْطَاهُ وَأَكْرَمَهُ كَانَ قَدْ حَبَاهُ‏

وَ قَالَ ص مَنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَى وَالْآخِرَةُ أَكْبَرُ هَمِّهِ جَعَلَ اللَّهُ الْغِنَى فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ أَمْرَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ وَمَنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَى وَالدُّنْيَا أَكْبَرُ هَمِّهِ جَعَلَ اللَّهُ الْفَقْرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَشَتَّتَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَلَمْ يَنَلْ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُسِمَ لَهُ‏

وَ قَالَ ص لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَنْ جَمَاعَةِ أُمَّتِهِ فَقَالَ جَمَاعَةُ أُمَّتِي أَهْلُ الْحَقِّ وَإِنْ قَلُّوا

وَ قَالَ ص مَنْ وَعَدَهُ اللَّهُ عَلَى عَمَلٍ ثَوَاباً فَهُوَ مُنْجِزٌ لَهُ وَمَنْ أَوْعَدَهُ عَلَى عَمَلٍ عِقَاباً فَهُوَ بِالْخِيَارِ

وَ قَالَ ص أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْبَهِكُمْ بِي أَخْلَاقاً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقاً وَأَعْظَمُكُمْ حِلْماً وَأَبَرُّكُمْ بِقَرَابَتِهِ وَأَشَدُّكُمْ إِنْصَافاً مِنْ نَفْسِهِ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا

وَ قَالَ ص الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّائِمِ الصَّامِتِ‏

وَ قَالَ ص وُدُّ الْمُؤْمِنِ الْمُؤْمِنَ فِي اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَمَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ وَأَبْغَضَ فِي اللَّهِ وَأَعْطَى فِي اللَّهِ وَمَنَعَ فِي اللَّهِ فَهُوَ مِنَ الْأَصْفِيَاءِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 49

وَ قَالَ ص أَحَبُّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِبَادِهِ وَأَقْوَمُهُمْ بِحَقِّهِ الَّذِينَ يُحَبِّبُ إِلَيْهِمُ الْمَعْرُوفَ وَفِعَالَهُ‏

وَ قَالَ ص مَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَأَثْنُوهُ فَإِنَّ الثَّنَاءَ جَزَاءٌ

وَ قَالَ ص مَنْ حُرِمَ الرِّفْقَ فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ‏

وَ قَالَ ص لَا تُمَارِ أَخَاكَ وَلَا تُمَازِحْهُ وَلَا تَعِدْهُ فَتُخْلِفَهُ‏

وَ قَالَ ص الْحُرُمَاتُ الَّتِي تَلْزَمُ كُلَّ مُؤْمِنٍ رِعَايَتُهَا وَالْوَفَاءُ بِهَا حُرْمَةُ الدِّينِ وَحُرْمَةُ الْأَدَبِ وَحُرْمَةُ الطَّعَامِ‏

وَ قَالَ ص الْمُؤْمِنُ دَعِبٌ لَعِبٌ وَالْمُنَافِقُ قَطِبٌ غَضِبٌ‏

وَ قَالَ ص نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ الْغِنَى‏

وَ قَالَ ص أَعْجَلُ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ‏

وَ قَالَ ص الْهَدِيَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ هَدِيَّةُ مُكَافَأَةٍ وَهَدِيَّةُ مُصَانَعَةٍ وَهَدِيَّةٌ لِلَّهِ‏

وَ قَالَ ص طُوبَى لِمَنْ تَرَكَ شَهْوَةً حَاضِرَةً لِمَوْعُودٍ لَمْ يَرَهُ‏

وَ قَالَ ص مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ فَقَدْ أَسَاءَ صُحْبَةَ الْمَوْتِ‏

وَ قَالَ ص كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَ نِسَاؤُكُمْ وَفَسَقَ شُبَّانُكُمْ وَلَمْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ قِيلَ لَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ وَكَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالْمُنْكَرِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمَعْرُوفِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ وَكَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَالْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 50

وَ قَالَ ص إِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تَقْضِ وَإِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ‏

وَ قَالَ ص رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعٌ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَمَا لَا يَعْلَمُونَ وَمَا لَا يُطِيقُونَ وَمَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ وَالْحَسَدُ وَالطِّيَرَةُ وَالتَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْقِ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِشَفَةٍ وَلَا لِسَانٍ‏

وَ قَالَ ص لَا يَحْزَنْ أَحَدُكُمْ أَنْ تُرْفَعَ عَنْهُ الرُّؤْيَا فَإِنَّهُ إِذَا رَسَخَ فِي الْعِلْمِ رُفِعَتْ عَنْهُ الرُّؤْيَا

وَ قَالَ ص صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي إِذَا صَلَحَا صَلَحَتْ أُمَّتِي وَإِذَا فَسَدَا فَسَدَتْ أُمَّتِي قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ هُمْ قَالَ الْفُقَهَاءُ وَالْأُمَرَاءُ

وَ قَالَ ص أَكْمَلُ النَّاسِ عَقْلًا أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ وَأَطْوَعُهُمْ لَهُ وَأَنْقَصُ النَّاسِ عَقْلًا أَخْوَفُهُمْ لِلسُّلْطَانِ وَأَطْوَعُهُمْ لَهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 51

وَ قَالَ ص ثَلَاثَةٌ مُجَالَسَتُهُمْ تُمِيتُ الْقَلْبَ الْجُلُوسُ مَعَ الْأَنْذَالِ وَالْحَدِيثُ مَعَ النِّسَاءِ وَالْجُلُوسُ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ

وَ قَالَ ص إِذَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَى أُمَّةٍ وَلَمْ يُنْزِلِ الْعَذَابَ عَلَيْهِمْ غَلَتْ أَسْعَارُهَا وَقَصُرَتْ أَعْمَارُهَا وَلَمْ تَرْبَحْ تُجَّارُهَا وَلَمْ تَزْكُ ثِمَارُهَا وَلَمْ تَغْزُرْ أَنْهَارُهَا وَحُبِسَ عَنْهَا أَمْطَارُهَا وَسُلِّطَ عَلَيْهَا أَشْرَارُهَا

وَ قَالَ ص إِذَا كَثُرَ الزِّنَا بَعْدِي كَثُرَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ وَإِذَا طُفِّفَ الْمِكْيَالُ أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ وَالنَّقْصِ وَإِذَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ مَنَعَتِ الْأَرْضُ بَرَكَاتِهَا مِنَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَالْمَعَادِنِ وَإِذَا جَارُوا فِي الْحُكْمِ تَعَاوَنُوا عَلَى الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِذَا نَقَضُوا الْعُهُودَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَإِذَا قَطَعُوا الْأَرْحَامَ جُعِلَتِ الْأَمْوَالُ فِي أَيْدِي الْأَشْرَارِ وَإِذَا لَمْ يَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَمْ يَتَّبِعُوا الْأَخْيَارَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَشْرَارَهُمْ فَيَدْعُو عِنْدَ ذَلِكَ خِيَارُهُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ‏

وَ لَمَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ- لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ ص مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ انْقَطَعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَى الدُّنْيَا وَمَنْ مَدَّ عَيْنَيْهِ إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ دُنْيَاهُمْ طَالَ حُزْنُهُ وَسَخِطَ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ‏

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         57    وروي عنه ص في قصار هذه المعاني .....  ص : 35

 

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 52

رِزْقِهِ وَتَنَغَّصَ عَلَيْهِ عَيْشُهُ وَمَنْ لَمْ يَرَ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَةً إِلَّا فِي مَطْعَمٍ أَوْ مَشْرَبٍ فَقَدْ جَهِلَ وَكَفَرَ نِعَمَ اللَّهِ وَضَلَّ سَعْيُهُ وَدَنَا مِنْهُ عَذَابُهُ‏

وَ قَالَ ص لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ مُسْلِماً فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْإِسْلَامُ فَقَالَ الْإِسْلَامُ عُرْيَانٌ وَلِبَاسُهُ التَّقْوَى وَشِعَارُهُ الْهُدَى وَدِثَارُهُ الْحَيَاءُ وَمِلَاكُهُ الْوَرَعُ وَكَمَالُهُ الدِّينُ وَثَمَرَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَلِكُلِّ شَيْ‏ءٍ أَسَاسٌ وَأَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ‏

وَ قَالَ ص مَنْ طَلَبَ رِضَا مَخْلُوقٍ بِسَخَطِ الْخَالِقِ سَلَّطَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَخْلُوقَ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ عَبِيداً مِنْ خَلْقِهِ لِحَوَائِجِ النَّاسِ يَرْغَبُونَ فِي الْمَعْرُوفِ وَيَعُدُّونَ الْجُوْدَ مَجْداً وَاللَّهُ يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً يَفْزَعُ إِلَيْهِمُ النَّاسُ فِي حَوَائِجِهِمْ أُولَئِكَ هُمُ الْآمِنُونَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَ قَالَ ص إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْخُذُ بِأَدَبِ اللَّهِ إِذَا أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ اتَّسَعَ وَإِذَا أَمْسَكَ عَنْهُ أَمْسَكَ‏

وَ قَالَ ص يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الرَّجُلُ مَا تَلِفَ مِنْ دِينِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْيَاهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 53

وَ قَالَ ص إِنَّ اللَّهَ جَبَلَ قُلُوبَ عِبَادِهِ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهَا

وَ قَالَ ص إِذَا فَعَلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلَاءُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هُنَّ قَالَ إِذَا أَخَذُوا الْمَغْنَمَ دُوَلًا وَالْأَمَانَةَ مَغْنَماً وَالزَّكَاةَ مَغْرَماً وَأَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَعَقَّ أُمَّهُ وَبَرَّ صَدِيقَهُ وَجَفَا أَبَاهُ وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ فِي الْمَسَاجِدِ وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وَإِذَا لُبِسَ الْحَرِيرُ وَشُرِبَتِ الْخَمْرُ وَاتُّخِذَ الْقِيَانُ وَالْمَعَازِفُ وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَلْيَتَرَقَّبُوا بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ خِصَالَ رِيحاً حَمْرَاءَ وَمَسْخاً وَفَسْخاً

وَ قَالَ ص الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 54

وَ قَالَ ص يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ النَّاسُ فِيهِ ذِئَاباً فَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذِئْباً أَكَلَتْهُ الذِّئَابُ‏

وَ قَالَ ص أَقَلُّ مَا يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَخٌ يُوثَقُ بِهِ أَوْ دِرْهَمٌ مِنْ حَلَالٍ‏

وَ قَالَ ص احْتَرِسُوا مِنَ النَّاسِ بِسُوءِ الظَّنِ‏

وَ قَالَ ص إِنَّمَا يُدْرَكُ الْخَيْرُ كُلُّهُ بِالْعَقْلِ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ‏

وَ أَثْنَى قَوْمٌ بِحَضْرَتِهِ عَلَى رَجُلٍ حَتَّى ذَكَرُوا جَمِيعَ خِصَالِ الْخَيْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَيْفَ عَقْلُ الرَّجُلِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُخْبِرُكَ عَنْهُ بِاجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ وَأَصْنَافِ الْخَيْرِ تَسْأَلُنَا عَنْ عَقْلِهِ فَقَالَ ص إِنَّ الْأَحْمَقَ يُصِيبُ بِحُمْقِهِ أَعْظَمَ مِنْ فُجُورِ الْفَاجِرِ وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ الْعِبَادُ غَداً فِي الدَّرَجَاتِ وَيَنَالُونَ الزُّلْفَى مِنْ رَبِّهِمْ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ‏

وَ قَالَ ص قَسَمَ اللَّهُ الْعَقْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَمَنْ كُنَّ فِيهِ كَمَلَ عَقْلُهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنَّ فَلَا عَقَلَ لَهُ حُسْنُ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَحُسْنُ الطَّاعَةِ لِلَّهِ وَحُسْنُ الصَّبْرِ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ‏

وَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ وَكَانَ فِيهِ بَيَانٌ وَلَهُ وَقَارٌ وَهَيْبَةٌ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْقَلَ هَذَا النَّصْرَانِيَّ فَزَجَرَ الْقَائِلَ وَقَالَ مَهْ إِنَّ الْعَاقِلَ مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ وَعَمِلَ بِطَاعَتِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 55

وَ قَالَ ص الْعِلْمُ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ وَالْعَمَلُ قَيِّمُهُ وَالصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ وَالرِّفْقُ وَالِدُهُ وَالْبِرُّ أَخُوهُ وَالنَّسَبُ آدَمُ وَالْحَسَبُ التَّقْوَى وَالْمُرُوءَةُ إِصْلَاحُ الْمَالِ‏

وَ قَالَ ص مَنْ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ يَدٌ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ أَنْ يُكَافِئَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالثَّنَاءُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَةَ

وَ قَالَ ص تَصَافَحُوا فَإِنَّ التَّصَافُحَ يُذْهِبُ السَّخِيمَةَ

وَ قَالَ ص يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ خَصْلَةٍ وَلَا يُطْبَعُ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا عَلَى الْخِيَانَةِ

وَ قَالَ ص إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْماً وَرُوِيَ حِكْمَةً وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْراً

وَ قَالَ ص لِأَبِي ذَرٍّ أَيُّ عُرَى الْإِيمَانِ أَوْثَقُ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ الْمُوَالاةُ فِي اللَّهِ وَالْمُعَادَاةُ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ‏

وَ قَالَ ص مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَةُ اللَّهِ وَرِضَاهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللَّهِ وَسَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ‏

وَ قَالَ ص النَّدَمُ تَوْبَةٌ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 56

وَ قَالَ ص مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ حَرَامَهُ‏

وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْصِنِي فَقَالَ ص احْفَظِ لِسَانَكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ ص احْفَظِ لِسَانَكَ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي فَقَالَ وَيْحَكَ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ‏

وَ قَالَ ص صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ وَالصَّدَقَةُ الْخَفِيَّةُ تُطْفِئُ غَضَبَ اللَّهِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ زِيَادَةٌ فِي الْعُمُرِ وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ وَأَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الْآخِرَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ وَيُبْغِضُ الْبُؤْسَ وَالتَّبَؤُّسَ‏

وَ قَالَ ص حُسْنُ الْمَسْأَلَةِ نِصْفُ الْعِلْمِ وَالرِّفْقُ نِصْفُ الْعَيْشِ‏

وَ قَالَ ص وَيَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ وَالْأَمَلُ‏

وَ قَالَ ص الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ‏

وَ قَالَ ص إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ تَزُلْ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ وَعَمَّا اكْتَسَبَهُ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ حُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 57

وَ قَالَ ص مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ وَحَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ وَوَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمْ فَهُوَ مِمَّنْ كَمَلَتْ مُرُوَّتُهُ وَظَهْرَ عَدَالَتُهُ وَوَجَبَ أَجْرُهُ وَحَرُمَتْ غِيبَتُهُ‏

وَ قَالَ ص الْمُؤْمِنُ حَرَامٌ كُلُّهُ عِرْضُهُ وَمَالُهُ وَدَمُهُ‏

وَ قَالَ ص صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ‏

وَ قَالَ ص الْإِيمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ‏

وَ قَالَ ص لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ‏

وَ قَالَ ص تَرْكُ الشَّرِّ صَدَقَةٌ

 

تحف العقول عن آل الرسول ص         63    خطبته ع في إخلاص التوحيد .....  ص : 61

وَ قَالَ ص أَرْبَعَةٌ تَلْزَمُ كُلَّ ذِي حِجًى وَعَقْلٍ مِنْ أُمَّتِي قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هُنَّ قَالَ اسْتِمَاعُ الْعِلْمِ وَحِفْظُهُ وَنَشْرُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ‏

وَ قَالَ ص إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْراً وَمِنَ الْعِلْمِ جَهْلًا وَمِنَ الْقَوْلِ عِيّاً

وَ قَالَ ص السُّنَّةُ سُنَّتَانِ سُنَّةٌ فِي فَرِيضَةٍ الْأَخْذُ بَعْدِي بِهَا هُدًى وَتَرْكُهَا ضَلَالَةٌ وَسُنَّةٌ فِي غَيْرِ فَرِيضَةٍ الْأَخْذُ بِهَا فَضِيلَةٌ وَتَرْكُهَا غَيْرُ خَطِيئَةٍ

وَ قَالَ ص مَنْ أَرْضَى سُلْطَاناً بِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ خَرَجَ مِنْ دِينِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ص خَيْرٌ مِنَ الْخَيْرِ مُعْطِيهِ وَشَرٌّ مِنَ الشَّرِّ فَاعِلُهُ‏

وَ قَالَ ص مَنْ نَقَلَهُ اللَّهُ مِنْ ذُلِّ الْمَعَاصِي إِلَى عِزِّ الطَّاعَةِ أَغْنَاهُ بِلَا مَالٍ وَأَعَزَّهُ بِلَا عَشِيرَةٍ وَآنَسَهُ بِلَا أَنِيسٍ وَمَنْ خَافَ اللَّهَ أَخَافُ مِنْهُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَمَنْ رَضِيَ مِنَ اللَّهِ بِالْيَسِيرِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْعَمَلِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَحْيِ مِنْ طَلَبِ الْحَلَالِ مِنَ الْمَعِيشَةِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَرَخِيَ بَالُهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 58

وَ نُعِّمَ عِيَالُهُ وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ وَأَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَبَصَّرَهُ عُيُوبَ الدُّنْيَا دَاءَهَا وَدَوَاءَهَا وَأَخْرَجَهُ مِنَ الدُّنْيَا سَالِماً إِلَى دَارِ الْقَرَارِ

وَ قَالَ ص أَقِيلُوا ذَوِي الْهَنَاةِ عَثَرَاتِهِمْ‏

وَ قَالَ ص الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قَصْرُ الْأَمَلِ وَشُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ وَالْوَرَعُ عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ‏

وَ قَالَ ص لَا تَعْمَلْ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ رِئَاءً وَلَا تَدَعْهُ حَيَاءً

وَ قَالَ ص إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي ثَلَاثاً شُحّاً مُطَاعاً وَهَوًى مُتَّبَعاً وَإِمَاماً ضَلَالًا [ضَالًّا

وَ قَالَ ص مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ سَقِمَ بَدَنُهُ وَمَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ وَمَنْ لَاحَى الرِّجَالَ ذَهَبَتْ مُرُوَّتُهُ وَكَرَامَتُهُ‏

وَ قَالَ ص أَلَا إِنَّ شَرَّ أُمَّتِي الَّذِينَ يُكْرَمُونَ مَخَافَةَ شَرِّهِمْ أَلَا وَمَنْ أَكْرَمَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ فَلَيْسَ مِنِّي‏

وَ قَالَ ص مَنْ أَصْبَحَ مِنْ أُمَّتِي وَهِمَّتُهُ غَيْرُ اللَّهِ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ وَمَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأُمُورِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ وَمَنْ أَقَرَّ بِالذُّلِّ طَائِعاً فَلَيْسَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 59

وَ كَتَبَ ص إِلَى مُعَاذٍ يُعَزِّيهِ بِابْنِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ سَلَامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي جَزَعُكَ عَلَى وَلَدِكَ الَّذِي قَضَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ ابْنُكَ مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ الْهَنِيئَةِ وَعَوَارِيهِ الْمُسْتَوْدَعَةِ عِنْدَكَ فَمَتَّعَكَ اللَّهُ بِهِ إِلَى أَجَلٍ وَقَبَضَهُ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ فَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ لَا يَحْبِطَنَّ جَزَعُكَ أَجْرَكَ وَلَوْ قَدِمْتَ عَلَى ثَوَابِ مُصِيبَتِكَ لَعَلِمْتَ أَنَّ الْمُصِيبَةَ قَدْ قَصُرَتْ لِعَظِيمِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنَ الثَّوَابِ لِأَهْلِ التَّسْلِيمِ وَالصَّبْرِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَزَعَ لَا يَرُدُّ مَيِّتاً وَلَا يَدْفَعُ قَدَراً فَأَحْسِنِ الْعَزَاءَ وَتَنَجَّزِ الْمَوْعُودَ فَلَا يَذْهَبَنَّ أَسَفُكَ عَلَى مَا لَازِمٌ لَكَ وَلِجَمِيعِ الْخَلْقِ نَازِلٌ بِقَدَرِهِ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ‏

وَ قَالَ ص مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَثْرَةُ الْقُرَّاءِ وَقِلَّةُ الْفُقَهَاءِ وَكَثْرَةُ الْأُمَرَاءِ وَقِلَّةُ الْأُمَنَاءِ وَكَثْرَةُ الْمَطَرِ وَقِلَّةُ النَّبَاتِ‏

وَ قَالَ ص أَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغِي حَاجَتَهُ فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَاناً حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَ قَالَ ص غَرِيبَتَانِ كَلِمَةُ حُكْمٍ مِنْ سَفِيهٍ فَاقْبَلُوهَا وَكَلِمَةُ سَفَهٍ مِنْ حَكِيمٍ فَاغْفِرُوهَا

وَ قَالَ ص لِلْكَسْلَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَتَوَانَى حَتَّى يُفَرِّطَ وَيُفَرِّطُ حَتَّى يُضَيِّعَ وَيُضَيِّعُ حَتَّى يَأْثَمَ‏

وَ قَالَ ص مَنْ لَا يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَلَالِ نَفَعَ نَفْسَهُ وَخَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَنَفَى عَنْهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 60

الْكِبْرَ وَمَنْ رَضِيَ مِنَ اللَّهِ بِالْيَسِيرِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْعَمَلِ وَمَنْ يَرْغَبْ فِي الدُّنْيَا فَطَالَ فِيهَا أَمَلُهُ أَعْمَى اللَّهُ قَلْبَهُ عَلَى قَدْرِ رَغْبَتِهِ فِيهَا وَمَنْ زَهِدَ فِيهَا فَقَصَّرَ فِيهَا أَمَلَهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ عِلْماً بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ وَهُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ فَأَذْهَبَ عَنْهُ الْعَمَى وَجَعَلَهُ بَصِيراً أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أَقْوَامٌ لَا يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمُلْكُ إِلَّا بِالْقَتْلِ وَالتَّجَبُّرِ وَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْغِنَى إِلَّا بِالْبُخْلِ وَلَا تَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمَحَبَّةُ فِي النَّاسِ إِلَّا بِاتِّبَاعِ الْهَوَى وَالتَيْسِيرِ فِي الدِّينِ أَلَا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ فَصَبَرَ عَلَى الْفَقْرِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْغِنَى وَصَبَرَ عَلَى الذُّلِّ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْعِزِّ وَصَبَرَ عَلَى الْبَغْضَاءِ فِي النَّاسِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَحَبَّةِ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ خَمْسِينَ صِدِّيقاً

وَ قَالَ ص إِيَّاكُمْ وَتَخَشُّعَ النِّفَاقِ وَهُوَ أَنْ يُرَى الْجَسَدُ خَاشِعاً وَالْقَلْبُ لَيْسَ بِخَاشِعٍ‏

وَ قَالَ ص الْمُحْسِنُ الْمَذْمُومُ مَرْحُومٌ‏

وَ قَالَ ص اقْبَلُوا الْكَرَامَةَ وَأَفْضَلُ الْكَرَامَةِ الطِّيبُ أَخَفُّهُ حَمْلًا وَأَطْيَبُهُ رِيحاً

وَ قَالَ ص إِنَّمَا تَكُونُ الصَّنِيعَةُ إِلَى ذِي دِينٍ أَوْ ذِي حَسَبٍ وَجِهَادُ الضُّعَفَاءِ الْحَجُّ وَجِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ لِزَوْجِهَا وَالتَّوَدُّدُ نِصْفُ الدِّينِ وَمَا عَالَ امْرُؤٌ قَطُّ عَلَى اقْتِصَادٍ وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ أَبَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ رِزْقَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَيْثُ يَحْتَسِبُونَ‏

وَ قَالَ ص لَا يَبْلُغُ عَبْدٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَراً لِمَا بِهِ الْبَأْسُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 61

باب ما روي عن أمير المؤمنين ع‏

و روي عن أمير المؤمنين الوصي المرتضى علي بن أبي طالب ص في طوال هذه المعاني على أننا لو استغرقنا جميع ما وصل إلينا من خطبه وكلامه في التوحيد خاصة دون ما سواه من المعاني لكان مثل جميع هذا الكتاب ولكننا ابتدأنا الرواية عنه بخطبة واحدة في التوحيد وقع الاقتصار عليها ثم ذكرنا بعدها ما اقتضاه الكتاب مقتصرين مما ورد عنه في هذه المعاني على ما غرب منها وأجمع على تفضيله الخاص والعام وفيه مقنع إن شاء الله تعالى‏

خطبته ع في إخلاص التوحيد

إِنَّ أَوَّلَ عِبَادَةِ اللَّهِ مَعْرِفَتُهُ وَأَصْلَ مَعْرِفَتِهِ تَوْحِيدُهُ وَنِظَامَ تَوْحِيدِهِ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ لِشَهَادَةِ الْعُقُولِ أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ وَمَوْصُوفٍ مَخْلُوقٌ وَشَهَادَةِ كُلِّ مَخْلُوقٍ أَنَّ لَهُ خَالِقاً لَيْسَ بِصِفَةٍ وَلَا مَوْصُوفٍ وَشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ وَمَوْصُوفٍ بِالاقْتِرَانِ وَشَهَادَةِ الِاقْتِرَانِ بِالْحَدَثِ وَشَهَادَةِ الْحَدَثِ بِالامْتِنَاعِ مِنَ الْأَزَلِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ حَدَثِهِ فَلَيْسَ اللَّهَ عَرَفَ مَنْ عَرَفَ ذَاتَهُ وَلَا لَهُ وَحَّدَ مَنْ نَهَّاهُ وَلَا بِهِ صَدَّقَ مَنْ مَثَّلَهُ وَلَا حَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَنْ شَبَّهَهُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 62

وَ لَا إِيَّاهُ أَرَادَ مَنْ تَوَهَّمَهُ وَلَا لَهُ وَحَّدَ مَنِ اكْتَنَهَهُ وَلَا بِهِ آمَنَ مَنْ جَعَلَ لَهُ نِهَايَةً وَلَا صَمَدَهُ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَلَا إِيَّاهُ عَنَى مَنْ حَدَّهُ وَلَا لَهُ تَذَلَّلَ مَنْ بَعَّضَهُ كُلُّ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ مَصْنُوعٌ وَكُلُّ مَوْجُودٍ فِي سِوَاهُ مَعْلُولٌ- بِصُنْعِ اللَّهِ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ وَبِالْعُقُولِ تُعْتَقَدُ مَعْرِفَتُهُ وَبِالْفِكْرَةِ تَثْبُتُ حُجَّتُهُ وَبِآيَاتِهِ احْتَجَّ عَلَى خَلْقِهِ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَعَلَّقَ حِجَاباً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَبِمُبَايَنَتِهِ إِيَّاهُمْ مُفَارَقَتُهُ إِنِّيَّتَهُمْ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         71    كتابه إلى ابنه الحسن ع .....  ص : 68

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 63

وَ إِيدَاؤُهُ إِيَّاهُمْ شَاهِدٌ عَلَى أَلَّا أَدَاةَ فِيهِ لِشَهَادَةِ الْأَدَوَاتِ بِفَاقَةِ الْمُؤَدِّينَ وَابْتِدَاؤُهُ إِيَّاهُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَلَّا ابْتِدَاءَ لَهُ لِعَجْزِ كُلِّ مُبْتَدَإٍ عَنْ إِبْدَاءِ غَيْرِهِ أَسْمَاؤُهُ تَعْبِيرٌ وَأَفْعَالُهُ تَفْهِيمٌ وَذَاتُهُ حَقِيقَةٌ وَكُنْهُهُ تَفْرِقَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ قَدْ جَهِلَ اللَّهَ مَنِ اسْتَوْصَفَهُ وَتَعَدَّاهُ مَنْ مَثَّلَهُ وَأَخْطَأَهُ مَنِ اكْتَنَهَهُ فَمَنْ قَالَ أَيْنَ فَقَدْ بَوَّأَهُ وَمَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ ضَمَّنَهُ وَمَنْ قَالَ إِلَامَ فَقَدْ نَهَّاهُ وَمَنْ قَالَ لِمَ فَقَدْ عَلَّلَهُ وَمَنْ قَالَ كَيْفَ فَقَدْ شَبَّهَهُ وَمَنْ قَالَ إِذْ فَقَدْ وَقَّتَهُ وَمَنْ قَالَ حَتَّى فَقَدْ غَيَّاهُ وَمَنْ غَيَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ وَصَفَهُ وَمَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ أَلْحَدَ فِيهِ وَمَنْ بَعَّضَهُ فَقَدْ عَدَلَ عَنْهُ لَا يَتَغَيَّرُ اللَّهُ بِتَغْيِيرِ الْمَخْلُوقِ كَمَا لَا يَتَحَدَّدُ بِتَحْدِيدِ الْمَحْدُودِ أَحَدٌ لَا بِتَأْوِيلِ عَدَدٍ صَمَدٌ لَا بِتَبْعِيضِ بَدَدٍ بَاطِنٌ لَا بِمُدَاخَلَةٍ ظَاهِرٌ لَا بِمُزَايَلَةٍ مُتَجَلٍّ لَا بِاشْتِمَالِ رُؤْيَةٍ لَطِيفٌ لَا بِتَجَسُّمٍ فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابِ حَرَكَةٍ مُقَدِّرٌ لَا بِجَوْلِ فِكْرَةٍ مُدَبِّرٌ لَا بِحَرَكَةٍ سَمِيعٌ لَا بِآلَةٍ بَصِيرٌ لَا بِأَدَاةٍ قَرِيبٌ لَا بِمُدَانَاةٍ بَعِيدٌ لَا بِمَسَافَةٍ مَوْجُودٌ لَا بَعْدَ عَدَمٍ لَا تَصْحَبُهُ الْأَوْقَاتُ وَلَا تَتَضَمَّنُهُ الْأَمَاكِنُ وَلَا تَأْخُذُهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 64

السِّنَاتُ وَلَا تَحُدُّهُ الصِّفَاتُ وَلَا تُقَيِّدُهُ الْأَدَوَاتُ سَبَقَ الْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ وَالْعَدَمَ وُجُودُهُ وَالِابْتِدَاءَ أَزَلُهُ بِتَشْعِيرِهِ الْمَشَاعِرَ عُلِمَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَهُ- وَبِتَجْهِيرِهِ الْجَوَاهِرَ عُلِمَ أَنْ لَا جَوْهَرَ لَهُ وَبِإِنْشَائِهِ الْبَرَايَا عُلِمَ أَنْ لَا مُنْشِئَ لَهُ وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الْأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَهُ وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُلِمَ أَنْ لَا قَرِينَ لَهُ ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ وَالصَّرْدَ بِالْحَرُورِ مُؤَلِّفاً

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 65

بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا مُتَقَارِباً بَيْنَ مُتَبَايِنَاتِهَا دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلَى مُفَرِّقِهَا وَبِتَأْلِيفِهَا عَلَى مُؤَلِّفِهَا جَعَلَهَا سُبْحَانَهُ دَلَائِلَ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَشَوَاهِدَ عَلَى غَيْبَتِهِ وَنَوَاطِقَ عَنْ حِكْمَتِهِ إِذْ يَنْطِقُ تَكَوُّنُهُنَّ عَنْ حَدَثِهِنَّ وَيُخْبِرْنَ بِوُجُودِهِنَّ عَنْ عَدَمِهِنَّ وَيُنْبِئْنَ بِتَنْقِيلِهِنَّ عَنْ زَوَالِهِنَّ وَيُعْلِنَّ بِأُفُولِهِنَّ أَنْ لَا أُفُولَ لِخَالِقِهِنَّ وَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ- وَمِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَفَرَّقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ قَبْلٍ وَبَعْدٍ لِيُعْلَمَ أَنْ لَا قَبْلَ لَهُ وَلَا بَعْدَ شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا أَنْ لَا غَرِيزَةَ لِمُغَرِّزِهَا دَالَّةً بِتَفَاوُتِهَا أَنْ لَا تَفَاوُتَ فِي مُفَاوِتِهَا مُخْبِرَةً بِتَوْقِيتِهَا أَنْ لَا وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ لِيُعْلَمَ أَنْ لَا حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَبَتَ لَهُ مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ إِذْ لَا مَرْبُوبَ وَحَقِيقَةُ الْإِلَهِيَّةِ وَلَا مَأْلُوهَ وَتَأْوِيلُ السَّمْعِ وَلَا مَسْمُوعَ وَمَعْنَى الْعِلْمِ وَلَا مَعْلُومَ وَوُجُوبُ الْقُدْرَةِ وَلَا مَقْدُورَ عَلَيْهِ لَيْسَ مُذْ خَلَقَ الْخَلْقَ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْخَالِقِ وَلَا بِإِحْدَاثِهِ الْبَرَايَا اسْتَحَقَّ اسْمَ الْبَارِئِ فَرَّقَهَا لَا مِنْ شَيْ‏ءٍ وَأَلَّفَهَا لَا بِشَيْ‏ءٍ وَقَدَّرَهَا لَا بِاهْتِمَامٍ لَا تَقَعُ الْأَوْهَامُ عَلَى كُنْهِهِ وَلَا تُحِيطُ الْأَفْهَامُ بِذَاتِهِ لَا تَفُوتُهُ مَتَى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 66

وَ لَا تُدْنِيهِ قَدْ وَلَا تَحْجُبُهُ لَعَلَّ وَلَا تُقَارِنُهُ مَعَ وَلَا تَشْتَمِلُهُ هُوَ إِنَّمَا تَحُدُّ الْأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا وَتُشِيرُ الْآلَةُ إِلَى نَظَائِرِهَا وَفِي الْأَشْيَاءِ تُوجَدُ أَفْعَالُهَا وَعَنِ الْفَاقَةِ تُخْبِرُ الْأَدَاةُ وَعَنِ الضِّدِ يُخْبِرُ التَّضَادُّ وَإِلَى شِبْهِهِ يَئُولُ الشَّبِيهُ وَمَعَ الْأَحْدَاثِ أَوْقَاتُهَا وَبِالْأَسْمَاءِ تَفْتَرِقُ صِفَاتُهَا وَمِنْهَا فُصِّلَتْ قَرَائِنُهَا وَإِلَيْهَا آلَتْ أَحْدَاثُهَا مَنَعَتْهَا مُذُ الْقِدْمَةَ وَحَمَتْهَا قَدُ الْأَزَلِيَّةَ وَنَفَتْ عَنْهَا لَوْلَا الْجَبْرِيَّةَ افْتَرَقَتْ فَدَلَّتْ عَلَى مُفَرِّقِهَا وَتَبَايَنَتْ فَأَعْرَبَتْ عَنْ مُبَايِنِهَا بِهَا تَجَلَّى صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ وَبِهَا احْتَجَبَ عَنِ الرُّؤْيَةِ وَإِلَيْهَا تَحَاكَمَ الْأَوْهَامُ وَفِيهَا أُثْبِتَتِ الْعِبْرَةُ وَمِنْهَا أُنِيطَ الدَّلِيلُ بِالْعُقُولِ يُعْتَقَدُ التَّصْدِيقُ بِاللَّهِ وَبِالْإِقْرَارِ يَكْمُلُ الْإِيمَانُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 67

لَا دِينَ إِلَّا بِمَعْرِفَةٍ وَلَا مَعْرِفَةَ إِلَّا بِتَصْدِيقٍ وَلَا تَصْدِيقَ إِلَّا بِتَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ وَلَا تَوْحِيدَ إِلَّا بِالْإِخْلَاصِ وَلَا إِخْلَاصَ مَعَ التَّشْبِيهِ وَلَا نَفْيَ مَعَ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَلَا تَجْرِيدَ إِلَّا بِاسْتِقْصَاءِ النَّفْيِ كُلِّهِ إِثْبَاتُ بَعْضِ التَّشْبِيهِ يُوجِبُ الْكُلَّ وَلَا يَسْتَوْجِبُ كُلُّ التَّوْحِيدِ بِبَعْضِ النَّفْيِ دُونَ الْكُلِّ وَالْإِقْرَارُ نَفْيُ الْإِنْكَارِ وَلَا يُنَالُ الْإِخْلَاصُ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْإِنْكَارِ كُلُّ مَوْجُودٍ فِي الْخَلْقِ لَا يُوجَدُ فِي خَالِقِهِ وَكُلُّ مَا يُمْكِنُ فِيهِ يَمْتَنِعُ فِي صَانِعِهِ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْحَرَكَةُ وَلَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّجْزِئَةُ وَلَا الِاتِّصَالُ وَكَيْفَ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ أَوْ يَعُودُ إِلَيْهِ مَا هُوَ ابْتَدَأَهُ أَوْ يَحْدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ وَلَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ وَلَامْتَنَعَ مِنَ الْأَزَلِ مَعْنَاهُ وَلَمَا كَانَ لِلْأَزَلِ مَعْنًى إِلَّا مَعْنَى الْحَدَثِ وَلَا لِلْبَارِئِ إِلَّا مَعْنَى الْمَبْرُوءِ لَوْ كَانَ لَهُ وَرَاءٌ لَكَانَ لَهُ أَمَامٌ وَلَوِ الْتَمَسَ التَّمَامَ إِذاً لَزِمَهُ النُّقْصَانُ وَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ اسْمَ الْأَزَلِ مَنْ لَا يَمْتَنِعُ مِنَ الْحَدَثِ وَكَيْفَ يَسْتَأْهِلُ الدَّوَامَ مَنْ تَنْقُلُهُ الْأَحْوَالُ وَالْأَعْوَامُ وَكَيْفَ يُنْشِئُ الْأَشْيَاءَ مَنْ لَا يَمْتَنِعُ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِذاً لَقَامَتْ فِيهِ آلَةُ الْمَصْنُوعِ وَلَتَحَوَّلَ دَلِيلًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولًا عَلَيْهِ وَلَاقْتَرَنَتْ صِفَاتُهُ بِصِفَات مَا دُونَهُ لَيْسَ فِي مُحَالِ الْقَوْلِ حُجَّةٌ وَلَا فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْهَا جَوَابٌ هَذَا مُخْتَصَرٌ مِنْهَا.

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 68

كتابه إلى ابنه الحسن ع‏

مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ الْمُدْبِرِ الْعُمُرِ الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ الذَّامِّ لِلدُّنْيَا السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتَى الظَّاعِنِ عَنْهَا إِلَيْهِمْ غَداً إِلَى الْمَوْلُودِ الْمُؤَمِّلِ مَا لَا يُدْرِكُ السَّالِكِ سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ غَرَضِ الْأَسْقَامِ وَرَهِينَةِ الْأَيَّامِ وَرَمِيَّةِ الْمَصَائِبِ وَعَبْدِ الدُّنْيَا وَتَاجِرِ الْغُرُورِ وَغَرِيمِ الْمَنَايَا وَأَسِيرِ الْمَوْتِ وَحَلِيفِ الْهُمُومِ وَقَرِينِ الْأَحْزَانِ وَنُصُبِ الْآفَاتِ وَصَرِيعِ الشَّهَوَاتِ وَخَلِيفَةِ الْأَمْوَاتِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فِيمَا تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْيَا عَنِّي وَجُمُوحِ الدَّهْرِ عَلَيَّ وَإِقْبَالِ الْآخِرَةِ إِلَيَّ مَا يَزَعُنِي عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ وَالِاهْتِمَامِ بِمَا وَرَائِي غَيْرَ أَنَّهُ حَيْثُ تَفَرَّدَ بِي دُونَ هُمُومِ النَّاسِ هَمُّ نَفْسِي فَصَدَفَنِي رَأْيِي وَصَرَفَنِي هَوَايَ وَصَرَّحَ لِي مَحْضُ أَمْرِي فَأَفْضَى بِي إِلَى جِدٍّ لَا يَكُونُ فِيهِ لَعِبٌ وَصِدْقٍ لَا يَشُوبُهُ كَذِبٌ وَوَجَدْتُكَ بَعْضِي بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي وَكَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي فَكَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابِي هَذَا مُسْتَظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقِيتُ لَكَ أَوْ فَنِيتُ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ أَيْ بُنَيَّ وَلُزُومِ أَمْرِهِ وَعِمَارَةِ قَلْبِكَ بِذِكْرِهِ وَالِاعْتِصَامِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 69

بِحَبْلِهِ وَأَيُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبَبٍ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ إِنْ أَنْتَ أَخَذْتَ بِهِ أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَمَوِّتْهُ بِالزُّهْدِ وَقَوِّهِ بِالْيَقِينِ وَذَلِّلْهُ بِالْمَوْتِ وَقَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ وَبَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا وَحَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَفُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ وَذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ وَسِرْ فِي بِلَادِهِمْ وَآثَارِهِمْ وَانْظُرْ مَا فَعَلُوا وَأَيْنَ حَلُّوا وَعَمَّا انْتَقَلُوا فَإِنَّكَ تَجِدُهُمُ انْتَقَلُوا عَنِ الْأَحِبَّةِ وَحَلُّوا دَارَ الْغُرْبَةِ وَنَادِ فِي دِيَارِهِمْ أَيَّتُهَا الدِّيَارُ الْخَالِيَةُ أَيْنَ أَهْلُكِ ثُمَّ قِفْ عَلَى قُبُورِهِمْ فَقُلْ أَيَّتُهَا الْأَجْسَادُ الْبَالِيَةُ وَالْأَعْضَاءُ الْمُتَفَرِّقَةُ كَيْفَ وَجَدْتُمُ الدَّارَ الَّتِي أَنْتُمْ بِهَا أَيْ بُنَيَّ وَكَأَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ وَلَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ وَدَعِ الْقَوْلَ فِيمَا لَا تَعْرِفُ وَالْخِطَابَ فِيمَا لَا تُكَلَّفُ وَأَمْسِكْ عَنْ طَرِيقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلَالَهُ فَإِنَّ الْكَفَّ عَنْ حَيْرَةِ الضَّلَالَةِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْأَهْوَالِ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ وَأَنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِلِسَانِكَ وَيَدِكَ وَبَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ وَجَاهِدْ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ وَلَا تَأْخُذْكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ وَخُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ حَيْثُ كَانَ وَتَفَقَّهْ فِي الدِّينِ وَعَوِّدْ نَفْسَكَ التَّصَبُّرَ وَأَلْجِئْ نَفْسَكَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا إِلَى إِلَهِكَ فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَى كَهْفٍ حَرِيزٍ وَمَانِعٍ عَزِيزٍ وَأَخْلِصْ فِي الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ فَإِنَّ بِيَدِهِ الْعَطَاءَ وَالْحِرْمَانَ وَأَكْثِرِ الِاسْتِخَارَةَ وَتَفَهَّمْ وَصِيَّتِي وَلَا تَذْهَبَنَّ عَنْهَا صَفْحاً فَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ مَا نَفَعَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 70

وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِعِلْمٍ حِينَ لَا يُقَالُ بِهِ أَيْ بُنَيَّ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُكَ قَدْ بَلَغْتَ سِنّاً وَرَأَيْتُنِي أَزْدَادُ وَهْناً بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِي إِيَّاكَ خِصَالًا مِنْهُنَّ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي أَوْ أُنْقَصَ فِي رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوَى وَفِتَنِ الدُّنْيَا فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ وَإِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْ‏ءٍ قَبِلَتْهُ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَيَشْتَغِلَ لُبُّكَ لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَتَجْرِبَتَهُ فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَعُوفِيتَ مِنْ عِلَاجِ التَّجْرِبَةِ فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ وَاسْتَبَانَ لَكَ مِنْهُ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا فِيهِ أَيْ بُنَيَّ إِنِّي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ وَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرِّهِ فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِيلَهُ وَتَوَخَّيْتُ لَكَ جَمِيلَهُ وَصَرَفْتُ عَنْكَ‏

تحف العقول عن آل الرسول ص         77    كتابه إلى ابنه الحسن ع .....  ص : 68

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 71

مَجْهُولَهُ وَرَأَيْتُ حَيْثُ عَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِي الْوَالِدَ الشَّفِيقَ وَأَجْمَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَبِكَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَأَنْتَ مُقْبِلٌ بَيْنَ ذِي النَّقِيَّةِ وَالنِّيَّةِ وَأَنْ أَبْدَأَكَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اللَّهِ وَتَأْوِيلِهِ وَشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَأَحْكَامِهِ وَحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ لَا أُجَاوِزُ ذَلِكَ بِكَ إِلَى غَيْرِهِ ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ يَلْبِسَكَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِي لَبَسَهُمْ وَكَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ لَكَ عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِيهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلَامِكَ إِلَى أَمْرٍ لَا آمَنُ عَلَيْكَ فِيهِ الْهَلَكَةَ وَرَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَكَ اللَّهُ فِيهِ لِرُشْدِكَ وَأَنْ يَهْدِيَكَ لِقَصْدِكَ فَعَهِدْتُ إِلَيْكَ وَصِيَّتِي هَذِهِ وَأُحْكِمُ [اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَيْ بُنَيَّ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتِي تَقْوَى اللَّهِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا افْتَرَضَ عَلَيْكَ وَالْأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ وَالصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا أَنَّ يَنْظُرُوا لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ وَفَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَى الْأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا وَالْإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ يُكَلَّفُوا فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا كَانُوا عَلِمُوا فَلْيَكُنْ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَتَعَلُّمٍ لَا بِتَوَرُّطِ الشُّبُهَاتِ وَعُلَقِ الْخُصُومَاتِ وَابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِي ذَلِكَ بِالاسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ عَلَيْهِ وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي تَوْفِيقِكَ وَتَرْكِ كُلِّ شَائِبَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَيْكَ شُبْهَةً وَأَسْلَمَتْكَ إِلَى ضَلَالَةٍ وَإِذَا أَنْتَ أَيْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا لَكَ قَلْبُكَ فَخَشَعَ وَتَمَّ رَأْيُكَ فَاجْتَمَعَ وَكَانَ هَمُّكَ فِي ذَلِكَ هَمّاً وَاحِداً فَانْظُرْ فِيمَا فَسَّرْتُ لَكَ وَإِنْ أَنْتَ لَمْ يَجْتَمِعْ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ مِنْ فَرَاغِ فِكْرِكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 72

وَ نَظَرِكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبِطُ خَبْطَ الْعَشْوَاءِ وَلَيْسَ طَالِبُ الدِّينِ مَنْ خَبَطَ وَلَا خَلَطَ وَالْإِمْسَاكُ عِنْدَ ذَلِكَ أَمْثَلُ- وَإِنَّ أَوَّلَ مَا أَبْدَأُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَآخِرَهُ أَنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ إِلَهِي وَإِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَرَبَّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَكَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَكَمَا يُحِبُّ وَيَنْبَغِي وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَنَّا عَلَى نَبِيِّنَا ص وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَعَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ بِصَلَاةِ جَمِيعِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ وَأَنْ يُتِمَّ نِعَمَهُ عَلَيْنَا فِيمَا وَفَّقَنَا لَهُ مِنْ مَسْأَلَتِهِ بِالْإِجَابَةِ لَنَا فَإِنَّ بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ فَتَفَهَّمْ أَيْ بُنَيَّ وَصِيَّتِي وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ الْحَيَاةِ وَأَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُمِيتُ وَأَنَّ الْمُفْنِيَ هُوَ الْمُعِيدُ وَأَنَّ الْمُبْتَلِيَ هُوَ الْمُعَافِي وَأَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِيمَ إِلَّا عَلَى مَا خَلَقَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِ مِنَ النَّعْمَاءِ وَالِابْتِلَاءِ وَالْجَزَاءِ فِي الْمَعَادِ أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لَا نَعْلَمُ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ مِنْ ذَلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلَى جَهَالَتِكَ بِهِ فَإِنَّكَ أَوَّلَ مَا خُلِقْتَ خُلِقْتَ جَاهِلًا ثُمَّ عُلِّمْتَ وَمَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الْأَمْرِ وَيَتَحَيَّرُ فِيهِ رَأْيُكَ وَيَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَاعْتَصِمْ بِالَّذِي خَلَقَكَ وَرَزَقَكَ وَسَوَّاكَ وَلْيَكُنْ لَهُ تَعَمُّدُكَ وَإِلَيْهِ رَغْبَتُكَ وَمِنْهُ شَفَقَتُكَ وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَداً لَمْ يُنْبِئْ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَمَا أَنْبَأَ عَنْهُ نَبِيُّنَا ص فَارْضَ بِهِ رَائِداً وَإِلَى النَّجَاةِ قَائِداً فَإِنِّي لَمْ آلُكَ نَصِيحَةً وَإِنَّكَ لَمْ تَبْلُغْ فِي النَّظَرِ لِنَفْسِكَ وَإِنِ اجْتَهَدْتَ مَبْلَغَ نَظَرِي لَكَ وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَرِيكٌ لَأَتَتْكَ رُسُلُهُ وَلَرَأَيْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ وَلَعَرَفْتَ صِفَتَهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 73

وَ فِعَالَهُ وَلَكِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ لَا يُضَادُّهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَلَا يُحَاجُّهُ وَأَنَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَأَنَّهُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُثْبِتَ لِرُبُوبِيَّتِهِ بِالْإِحَاطَةِ قَلْبٌ أَوْ بَصَرٌ وَإِذَا أَنْتَ عَرَفْتَ ذَلِكَ فَافْعَلْ كَمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِكَ فِي صِغَرِ خَطَرِكَ وَقِلَّةِ مَقْدُرَتِكَ وَعِظَمِ حَاجَتِكَ إِلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهُ فِي طَلَبِ طَاعَتِهِ وَالرَّهْبَةِ لَهُ وَالشَّفَقَةِ مِنْ سُخْطِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْكَ إِلَّا بِحَسَنٍ وَلَمْ يَنْهَكَ إِلَّا عَنْ قَبِيحٍ أَيْ بُنَيَّ إِنِّي قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الدُّنْيَا وَحَالِهَا وَزَوَالِهَا وَانْتِقَالِهَا بِأَهْلِهَا وَأَنْبَأْتُكَ عَنِ الْآخِرَةِ وَمَا أُعِدَّ لِأَهْلِهَا فِيهَا وَضَرَبْتُ لَكَ فِيهِمَا الْأَمْثَالَ إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ أَبْصَرَ الدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ جَدْبٌ فَأَمُّوا مَنْزِلًا خَصِيباً وَجَنَاباً مَرِيعاً فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ الطَّرِيقِ وَفِرَاقَ الصَّدِيقِ وَخُشُونَةَ السَّفَرِ فِي الطَّعَامِ وَالْمَنَامِ لِيَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ وَمَنْزِلَ قَرَارِهِمْ فَلَيْسَ يَجِدُونَ لِشَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً وَلَا يَرَوْنَ نَفَقَةً مَغْرَماً وَلَا شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ وَمَثَلُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا بِمَنْزِلٍ خِصْبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَى مَنْزِلٍ جَدْبٍ فَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِمْ وَلَا أَهْوَلَ لَدَيْهِمْ مِنْ مُفَارَقَةِ مَا هُمْ فِيهِ إِلَى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ وَيَصِيرُونَ إِلَيْهِ وَقَرَعْتُكَ بِأَنْوَاعِ الْجَهَالاتِ لِئَلَّا تَعُدَّ نَفْسَكَ عَالِماً فَإِنْ وَرَدَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ تَعْرِفُهُ أَكْبَرْتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَالِمَ مَنْ عَرَفَ أَنَّ مَا يَعْلَمُ فِيمَا لَا يَعْلَمُ قَلِيلٌ فَعَدَّ نَفْسَهُ بِذَلِكَ جَاهِلًا فَازْدَادَ بِمَا عَرَفَ مِنْ ذَلِكَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ اجْتِهَاداً فَمَا يَزَالُ لِلْعِلْمِ طَالِباً وَفِيهِ رَاغِباً وَلَهُ مُسْتَفِيداً وَلِأَهْلِهِ خَاشِعاً مُهْتَمّاً وَلِلصَّمْتِ لَازِماً وَلِلْخَطَإِ حَاذِراً وَمِنْهُ مُسْتَحْيِياً وَإِنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْرِفُ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ لِمَا قَرَّرَ بِهِ نَفْسَهُ مِنَ الْجَهَالَةِ وَإِنَّ الْجَاهِلَ مَنْ عَدَّ نَفْسَهُ بِمَا جَهِلَ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ عَالِماً وَبِرَأْيِهِ مُكْتَفِياً فَمَا يَزَالُ لِلْعُلَمَاءِ مُبَاعِداً وَعَلَيْهِمُ زَارِياً وَلِمَنْ خَالَفَهُ مُخَطِّئاً وَلِمَا لَمْ يَعْرِفْ مِنَ الْأُمُورِ مُضَلِّلًا فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ الْأُمُورِ مَا لَمْ يَعْرِفْهُ أَنْكَرَهُ وَكَذَّبَ بِهِ وَقَالَ بِجَهَالَتِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 74

مَا أَعْرِفُ هَذَا وَمَا أَرَاهُ كَانَ وَمَا أَظُنُّ أَنْ يَكُونَ وَأَنَّى كَانَ وَذَلِكَ لِثِقَتِهِ بِرَأْيِهِ وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِجَهَالَتِهِ فَمَا يَنْفَكُّ بِمَا يَرَى مِمَّا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ رَأْيَهُ مِمَّا لَا يَعْرِفُ لِلْجَهْلِ مُسْتَفِيداً وَلِلْحَقِّ مُنْكِراً وَفِي الْجَهَالَةِ مُتَحَيِّراً وَعَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ مُسْتَكْبِراً أَيْ بُنَيَّ تَفَهَّمْ وَصِيَّتِي وَاجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَلَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُ مِنْ غَيْرِكَ وَارْضَ مِنَ النَّاسِ لَكَ مَا تَرْضَى بِهِ لَهُمْ مِنْكَ وَلَا تَقُلْ بِمَا لَا تَعْلَمُ بَلْ لَا تَقُلْ كُلَّ مَا تَعْلَمُ وَلَا تَقُلْ مَا لَا تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ وَآفَةُ الْأَلْبَابِ فَإِذَا أَنْتَ هُدِيتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ وَاعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ طَرِيقاً ذَا مَشَقَّةٍ بَعِيدَةٍ وَأَهْوَالٍ شَدِيدَةٍ وَأَنَّهُ لَا غِنَى بِكَ فِيهِ عَنْ حُسْنِ الِارْتِيَادِ وَقَدْرِ بَلَاغِكَ مِنَ الزَّادِ مَعَ خِفَّةِ الظَّهْرِ فَلَا تَحْمِلَنَّ عَلَى ظَهْرِكَ فَوْقَ بَلَاغِكَ فَيَكُونَ ثِقْلًا وَوَبَالًا عَلَيْكَ وَإِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ فَيُوَافِيكَ بِهِ حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَاغْتَنِمْهُ وَاغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ فِي حَالِ غِنَاكَ وَاجْعَلْ وَقْتَ قَضَائِكَ فِي يَوْمِ عُسْرَتِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَئُوداً لَا مَحَالَةَ مُهْبِطاً بِكَ عَلَى جَنَّةٍ أَوْ عَلَى نَارٍ الْمُخِفُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 75

فِيهَا أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمُثْقِلِ فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَدْ أَذِنَ بِدُعَائِكَ وَتَكَفَّلَ بِإِجَابَتِكَ وَأَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ وَهُوَ رَحِيمٌ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَاناً وَلَمْ يَحْجُبْكَ عَنْهُ وَلَمْ يُلْجِئْكَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ إِلَيْهِ لَكَ وَلَمْ يَمْنَعْكَ إِنْ أَسَأْتَ التَّوْبَةَ وَلَمْ يُعَيِّرْكَ بِالْإِنَابَةِ وَلَمْ يُعَاجِلْكَ بِالنَّقِمَةِ وَلَمْ يَفْضَحْكَ حَيْثُ تَعَرَّضْتَ لِلْفَضِيحَةِ وَلَمْ يُنَاقِشْكَ بِالْجَرِيمَةِ وَلَمْ يُؤْيِسْكَ مِنَ الرَّحْمَةِ وَلَمْ يُشَدِّدْ عَلَيْكَ فِي التَّوْبَةِ فَجَعَلَ النُّزُوعَ عَنِ الذَّنْبِ حَسَنَةً وَحَسَبَ سَيِّئَتَكَ وَاحِدَةً وَحَسَبَ حَسَنَتَكَ عَشْراً وَفَتَحَ لَكَ بَابَ الْمَتَابِ وَالِاسْتِئْنَافِ فَمَتَى شِئْتَ سَمِعَ نِدَاءَكَ وَنَجْوَاكَ فَأَفْضَيْتَ إِلَيْهِ بِحَاجَتِكَ وَأَنْبَأْتَهُ عَنْ ذَاتِ نَفْسِكَ وَشَكَوْتَ إِلَيْهِ هُمُومَكَ وَاسْتَعَنْتَهُ عَلَى أُمُورِكَ وَنَاجَيْتَهُ بِمَا تَسْتَخْفِي بِهِ مِنَ الْخَلْقِ مِنْ سِرِّكَ ثُمَّ جَعَلَ بِيَدِكَ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِهِ فَأَلْحِحْ فِي الْمَسْأَلَةِ يَفْتَحْ لَكَ بَابَ الرَّحْمَةِ بِمَا أَذِنَ لَكَ فِيهِ مِنْ مَسْأَلَتِهِ فَمَتَى شِئْتَ اسْتَفْتَحْتَ بِالدُّعَاءِ أَبْوَابَ خَزَائِنِهِ فَأَلْحِحْ وَلَا يُقَنِّطْكَ إِنْ أَبْطَأَتْ عَنْكَ الْإِجَابَةُ فَإِنَّ الْعَطِيَّةَ عَلَى قَدْرِ الْمَسْأَلَةِ وَرُبَّمَا أُخِّرَتْ عَنْكَ الْإِجَابَةُ لِيَكُونَ أَطْوَلَ لِلْمَسْأَلَةِ وَأَجْزَلَ لِلْعَطِيَّةِ وَرُبَّمَا سَأَلْتَ الشَّيْ‏ءَ فَلَمْ تُؤْتَاهُ وَأُوتِيتَ خَيْراً مِنْهُ عَاجِلًا وَآجِلًا أَوْ صُرِفَ عَنْكَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ فَلَرُبَّ أَمْرٍ قَدْ طَلَبْتَهُ فِيهِ هَلَاكُ دِينِكَ لَوْ أُوتِيتَهُ وَلْتَكُنْ مَسْأَلَتُكَ فِيمَا يَعْنِيكَ مِمَّا يَبْقَى لَكَ جَمَالُهُ أَوْ يُنْفَى عَنْكَ وَبَالُهُ وَالْمَالُ لَا يَبْقَى لَكَ وَلَا تَبْقَى لَهُ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ تَرَى عَاقِبَةَ أَمْرِكَ حَسَناً أَوْ سَيِّئاً أَوْ يَعْفُوَ الْعَفُوُّ الْكَرِيمُ.

تحف العقول عن آل الرسول ص         81    كتابه إلى ابنه الحسن ع .....  ص : 68

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 76

وَ اعْلَمْ أَنَّكَ خُلِقْتَ لِلْآخِرَةِ لَا لِلدُّنْيَا وَلِلْفَنَاءِ لَا لِلْبَقَاءِ وَلِلْمَوْتِ لَا لِلْحَيَاةِ وَأَنَّكَ فِي مَنْزِلِ قُلْعَةٍ وَدَارِ بُلْغَةٍ وَطَرِيقٍ إِلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّكَ طَرِيدُ الْمَوْتِ الَّذِي لَا يَنْجُو مِنْهُ هَارِبُهُ وَلَا بُدَّ أَنَّهُ يُدْرِكُكَ يَوْماً فَكُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ أَنْ يُدْرِكَكَ عَلَى حَالِ سَيِّئَةٍ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ فِيهَا بِالتَّوْبَةِ فَيَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ أَيْ بُنَيَّ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَذِكْرَ مَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ وَتُفْضِي بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَيْهِ وَاجْعَلْهُ أَمَامَكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ وَقَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ وَلَا يَأْخُذَكَ عَلَى غِرَّتِكَ وَأَكْثِرْ ذِكْرَ الْآخِرَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُزَهِّدُكَ فِي الدُّنْيَا وَيُصَغِّرُهَا عِنْدَكَ وَقَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ عَنْهَا وَنَعَتْ لَكَ نَفْسَهَا وَكَشَفَتْ عَنْ مَسَاوِيهَا فَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلَادِ أَهْلِهَا إِلَيْهَا وَتَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلَابٌ عَاوِيَةٌ وَسِبَاعٌ ضَارِيَةٌ يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ يَأْكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا وَكَبِيرُهَا صَغِيرَهَا قَدْ أَضَلَّتْ أَهْلَهَا عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ وَسَلَكَتْ بِهِمْ طَرِيقَ الْعَمَى وَأَخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنْهَجِ الصَّوَابِ فَتَاهُوا فِي حَيْرَتِهَا وَغَرِقُوا فِي فِتْنَتِهَا وَاتَّخَذُوهَا رَبّاً فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَلَعِبُوا بِهَا وَنَسُوا مَا وَرَاءَهَا- فَإِيَّاكَ يَا بُنَيَّ أَنْ تَكُونَ قَدْ شَانَتْهُ كَثْرَةُ عُيُوبِهَا نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وَأُخْرَى مُهْمَلَةٌ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 77

قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا وَرَكِبَتْ مَجْهُولَهَا سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقِيمُهَا رُوَيْداً حَتَّى يُسْفِرَ الظَّلَامُ كَأَنْ قَدْ وَرَدَتِ الظَّعِينَةُ يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ يَئُوبَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَإِنَّهُ يُسَارُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسِيرُ أَبَى اللَّهُ إِلَّا خَرَابَ الدُّنْيَا وَعِمَارَةَ الْآخِرَةِ أَيْ بُنَيَّ فَإِنْ تَزْهَدْ فِيمَا زَهَّدَكَ اللَّهُ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا وَتَعْزِفْ نَفْسَكَ عَنْهَا فَهِيَ أَهْلُ ذَلِكَ وَإِنْ كُنْتَ غَيْرَ قَابِلٍ نَصِيحَتِي إِيَّاكَ فِيهَا فَاعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ وَلَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ وَأَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَاخْفِضْ فِي الطَّلَبِ وَأَجْمِلْ فِي الْمُكْتَسَبِ فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ وَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِنَاجٍ وَكُلُّ مُجْمِلٍ بِمُحْتَاجٍ وَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَإِنْ سَاقَتْكَ إِلَى رَغْبَةٍ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً وَلَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ حُرّاً وَمَا خَيْرُ خَيْرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِشَرٍّ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 78

وَ يُسْرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِعُسْرٍ وَإِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قِسْمَكَ وَآخِذٌ سَهْمَكَ وَإِنَّ الْيَسِيرَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِهِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ وَلَوْ نَظَرْتَ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِيمَا تَطْلُبُ مِنَ الْمُلُوكِ وَمَنْ دُونَهُمْ مِنَ السَّفِلَةِ لَعَرَفْتَ أَنَّ لَكَ فِي يَسِيرِ مَا تُصِيبُ مِنَ الْمُلُوكِ افْتِخَاراً وَأَنَّ عَلَيْكَ فِي كَثِيرِ مَا تُصِيبُ مِنَ الدُّنَاةِ عَاراً فَاقْتَصِدْ فِي أَمْرِكَ تُحْمَدْ مَغَبَّةُ عَمَلِكَ إِنَّكَ لَسْتَ بَائِعاً شَيْئاً مِنْ دِينِكَ وَعِرْضِكَ بِثَمَنٍ وَالْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ نَصِيبَهُ مِنَ اللَّهِ فَخُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا أَتَاكَ وَاتْرُكْ مَا تَوَلَّى فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَأَجْمِلْ فِي الطَّلَبِ وَإِيَّاكَ وَمُقَارَبَةَ مَنْ رَهِبْتَهُ عَلَى دِينِكَ وَبَاعِدِ السُّلْطَانَ وَلَا تَأْمَنْ خُدَعَ الشَّيْطَانِ وَتَقُولُ مَتَى أَرَى مَا أُنْكِرُ نَزَعْتُ فَإِنَّهُ كَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَقَدْ أَيْقَنُوا بِالْمَعَادِ فَلَوْ سُمْتَ بَعْضَهُمْ بَيْعَ آخِرَتِهِ بِالدُّنْيَا لَمْ يَطِبْ بِذَلِكَ نَفْساً ثُمَّ قَدْ يَتَخَبَّلُهُ الشَّيْطَانُ بِخَدْعِهِ وَمَكْرِهِ حَتَّى يُوَرِّطَهُ فِي هَلَكَتِهِ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا حَقِيرٍ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 79

وَ يَنْقُلَهُ مِنْ شَرٍّ إِلَى شَرٍّ حَتَّى يُؤْيِسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَيُدْخِلَهُ فِي الْقُنُوطِ فَيَجِدُ الْوَجْهَ إِلَى مَا خَالَفَ الْإِسْلَامَ وَأَحْكَامَهُ فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ إِلَّا حُبَّ الدُّنْيَا وَقُرْبَ السُّلْطَانِ فَخَالَفْتَ مَا نَهَيْتُكَ عَنْهُ بِمَا فِيهِ رُشْدُكَ فَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ فَإِنَّهُ لَا ثِقَةَ لِلْمُلُوكِ عِنْدَ الْغَضَبِ وَلَا تَسْأَلْ عَنْ أَخْبَارِهِمْ وَلَا تَنْطِقْ عِنْدَ إِسْرَارِهِمْ وَلَا تَدْخُلْ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ وَفِي الصَّمْتِ السَّلَامَةُ مِنَ النَّدَامَةِ وَتَلَافِيكَ مَا فَرَطَ مِنْ صَمْتِكَ أَيْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ مَا فَاتَ مِنْ مَنْطِقِكَ وَحِفْظُ مَا فِي الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ وَحِفْظُ مَا فِي يَدَيْكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ طَلَبِ مَا فِي يَدِ غَيْرِكَ وَلَا تُحَدِّثْ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ فَتَكُونَ كَاذِباً وَالْكَذِبُ ذُلٌّ وَحُسْنُ التَّدْبِيرِ مَعَ الْكَفَافِ أَكْفَى لَكَ مِنَ الْكَثِيرِ مَعَ الْإِسْرَافِ وَحُزْنُ الْيَأْسِ خَيْرٌ مِنَ الطَّلَبِ إِلَى النَّاسِ وَالْعِفَّةُ مَعَ الْحِرْفَةِ خَيْرٌ مِنْ سُرُورٍ مَعَ فُجُورٍ وَالْمَرْءُ أَحْفَظُ لِسِرِّهِ وَرُبَّ سَاعٍ فِيمَا يَضُرُّهُ مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ وَمَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ وَمِنْ خَيْرِ حَظِّ امْرِئٍ قَرِينٌ صَالِحٌ فَقَارِنْ أَهْلَ الْخَيْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ وَبَايِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ وَلَا يَغْلِبَنَّ عَلَيْكَ سُوءُ الظَّنِّ فَإِنَّهُ لَا يَدَعُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلِيلٍ صُلْحاً وَقَدْ يُقَالُ مِنَ الْحَزْمِ سُوءُ الظَّنِّ بِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ وَظُلْمُ الضَّعِيفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ وَالْفَاحِشَةُ كَاسْمِهَا التَّصَبُّرُ عَلَى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 80

الْمَكْرُوهِ نَقْصٌ لِلْقَلْبِ [يَعْصِمُ الْقَلْبَ‏] وَإِنْ كَانَ الرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ الْخُرْقُ رِفْقاً وَرُبَّمَا كَانَ الدَّوَاءُ دَاءً وَالدَّاءُ دَوَاءً وَرُبَّمَا نَصَحَ غَيْرُ النَّاصِحِ وَغَشَّ الْمُسْتَنْصَحُ وَإِيَّاكَ وَالِاتِّكَالَ عَلَى الْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَى وَتَثَبُّطٌ عَنْ خَيْرِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا ذَكِّ قَلْبَكَ بِالْأَدَبِ كَمَا تُذَكَّى النَّارُ بِالْحَطَبِ وَلَا تَكُنْ كَحَاطِبِ اللَّيْلِ وَغُثَاءِ السَّيْلِ وَكُفْرُ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ وَصُحْبَةُ الْجَاهِلِ شُؤْمٌ وَالْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارِبِ وَخَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ وَمِنَ الْكَرَمِ لِينُ الشِّيَمِ بَادِرِ الْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً مِنَ الْحَزْمِ الْعَزْمُ مِنْ سَبَبِ الْحِرْمَانِ التَّوَانِي لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ وَلَا كُلُّ رَاكِبٍ يَئُوبُ وَمِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةُ الزَّادِ وَلِكُلِّ أَمْرٍ عَاقِبَةٌ رُبَّ يَسِيرٍ أَنْمَى مِنْ كَثِيرٍ سَوْفَ يَأْتِيكَ مَا قُدِّرَ لَكَ التَّاجِرُ مُخَاطِرٌ وَلَا خَيْرَ فِي مُعِينٍ مَهِينٍ [مُهِينٍ لَا تَبِيتَنَّ مِنْ أَمْرٍ عَلَى غَرَرٍ مَنْ حَلُمَ سَادَ وَمَنْ تَفَهَّمَ ازْدَادَ وَلِقَاءُ أَهْلِ الْخَيْرِ عِمَارَةُ الْقُلُوبِ سَاهِلِ الدَّهْرَ مَا ذَلَّ لَكَ قَعُودُهُ وَإِيَّاكَ أَنْ تَجْمَحَ بِكَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         87    كتابه إلى ابنه الحسن ع .....  ص : 68

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 81

مَطِيَّةُ اللَّجَاجِ وَإِنْ قَارَفْتَ سَيِّئَةً فَعَجِّلْ مَحْوَهَا بِالتَّوْبَةِ وَلَا تَخُنْ مَنِ ائْتَمَنَكَ وَإِنْ خَانَكَ وَلَا تُذِعْ سِرَّهُ وَإِنْ أَذَاعَهُ وَلَا تُخَاطِرْ بِشَيْ‏ءٍ رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَاطْلُبْ فَإِنَّهُ يَأْتِيكَ مَا قُسِمَ لَكَ خُذْ بِالْفَضْلِ وَأَحْسِنِ الْبَذْلَ وَقُلْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَيُّ كَلِمَةِ حُكْمٍ جَامِعَةٍ أَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لَهَا إِنَّكَ قَلَّ مَا تَسْلَمُ مِمَّنْ تَسَرَّعْتَ إِلَيْهِ أَنْ تَنْدَمَ أَوْ تَتَفَضَّلَ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْكَرَمِ الْوَفَاءَ بِالذِّمَمِ وَالدَّفْعَ عَنِ الْحُرُمِ وَالصُّدُودُ آيَةُ الْمَقْتِ وَكَثْرَةُ الْعِلَلِ آيَةُ الْبُخْلِ وَلَبَعْضُ إِمْسَاكِكَ عَنْ أَخِيكَ مَعَ لُطْفٍ خَيْرٌ مِنْ بَذْلٍ مَعَ جَنَفٍ وَمِنَ التَّكَرُّمِ صِلَةُ الرَّحِمِ وَمَنْ يَرْجُوكَ أَوْ يَثِقُ بِصِلَتِكَ إِذَا قَطَعْتَ قَرَابَتَكَ وَالتَّحْرِيمُ وَجْهُ الْقَطِيعَةِ احْمِلْ نَفْسَكَ مَعَ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى الصِّلَةِ وَعِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اللُّطْفِ وَالْمَسْأَلَةِ وَعِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى الْبَذْلِ وَعِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ وَعِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اللِّينِ وَعِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى الِاعْتِذَارِ حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ وَكَأَنَّهُ ذُو نِعْمَةٍ عَلَيْكَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَأَنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ أَهْلِهِ لَا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقِكَ صَدِيقاً فَتُعَادِيَ صَدِيقَكَ وَلَا تَعْمَلْ بِالْخَدِيعَةِ فَإِنَّهَا خُلُقُ اللِّئَامِ وَامْحَضْ أَخَاكَ النَّصِيحَةَ حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبِيحَةً وَسَاعِدْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَزُلْ مَعَهُ حَيْثُ زَالَ وَلَا تَطْلُبَنَّ مُجَازَاةَ أَخِيكَ وَلَوْ حَثَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 82

التُّرَابَ بِفِيكَ وَخُذْ عَلَى عَدُوِّكَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّهُ أَحْرَى لِلظَّفَرِ وَتَسْلَمُ مِنَ النَّاسِ بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَتَجَرُّعِ الْغَيْظِ فَإِنِّي لَمْ أَرَ جُرْعَةً أَحْلَى مِنْهَا عَاقِبَةً وَلَا أَلَذَّ مَغَبَّةً وَلَا تَصْرِمْ أَخَاكَ عَلَى ارْتِيَابٍ وَلَا تَقْطَعْهُ دُونَ اسْتِعْتَابٍ وَلِنْ لِمَنْ غَالَظَكَ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَلِينَ لَكَ مَا أَقْبَحَ الْقَطِيعَةَ بَعْدَ الصِّلَةِ وَالْجَفَاءَ بَعْدَ الْإِخَاءِ وَالْعَدَاوَةَ بَعْدَ الْمَوَدَّةِ وَالْخِيَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَخُلْفَ الظَّنِّ لِمَنِ ارْتَجَاكَ وَالْغَدْرَ بِمَنِ اسْتَأْمَنَ إِلَيْكَ فَإِنْ أَنْتَ غَلَبَتْكَ قَطِيعَةُ أَخِيكَ فَاسْتَبْقِ لَهَا مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّةً يَرْجِعُ إِلَيْهَا إِنْ بَدَا ذَلِكَ لَهُ يَوْماً مَا وَمَنْ ظَنَّ بِكَ خَيْراً فَصَدِّقْ ظَنَّهُ وَلَا تُضِيعَنَّ حَقَّ أَخِيكَ اتِّكَالًا عَلَى مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّهُ وَلَا يَكُنْ أَهْلُكَ أَشْقَى الْخَلْقِ بِكَ وَلَا تَرْغَبَنَّ فِيمَنْ زَهِدَ فِيكَ وَلَا تَزْهَدَنَّ فِيمَنْ رَغِبَ إِلَيْكَ إِذَا كَانَ لِلْخُلْطَةِ مَوْضِعاً وَلَا يَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوَى عَلَى قَطِيعَتِكَ مِنْكَ عَلَى صِلَتِهِ وَلَا تَكُونَنَّ عَلَى الْإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الْإِحْسَانِ وَلَا عَلَى الْبُخْلِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الْبَذْلِ وَلَا عَلَى التَّقْصِيرِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الْفَضْلِ وَلَا يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَسْعَى فِي مَضَرَّتِهِ وَنَفْعِكَ وَلَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ وَالرِّزْقُ رِزْقَانِ رِزْقٌ تَطْلُبُهُ وَرِزْقٌ يَطْلُبُكَ فَإِنْ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 83

وَ اعْلَمْ أَيْ بُنَيَّ أَنَّ الدَّهْرَ ذُو صُرُوفٍ فَلَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ تَشْتَدُّ لَائِمَتُهُ وَيَقِلُّ عِنْدَ النَّاسِ عُذْرُهُ مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَى- إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ فَأَنْفِقْ فِي حَقٍّ وَلَا تَكُنْ خَازِناً لِغَيْرِكَ وَإِنْ كُنْتَ جَازِعاً عَلَى مَا تَفَلَّتَ مِنْ يَدَيْكَ فَاجْزَعْ عَلَى كُلِّ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ وَاسْتَدْلِلْ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا كَانَ فَإِنَّمَا الْأُمُورُ أَشْبَاهٌ وَلَا تَكْفُرَنَّ ذَا نِعْمَةٍ فَإِنَّ كُفْرَ النِّعْمَةِ مِنْ أَلْأَمِ الْكُفْرِ وَاقْبَلِ الْعُذْرَ وَلَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لَا يَنْتَفِعُ مِنَ الْعِظَةِ إِلَّا بِمَا لَزِمَهُ فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَنْتَفِعُ بِالْأَدَبِ وَالْبَهَائِمَ لَا تَتَّعِظُ إِلَّا بِالضَّرْبِ اعْرِفِ الْحَقَّ لِمَنْ عَرَفَهُ لَكَ رَفِيعاً كَانَ أَوْ وَضِيعاً وَاطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وَحُسْنِ الْيَقِينِ مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ جَارَ وَنِعْمَ حَظُّ الْمَرْءِ الْقَنَاعَةُ وَمِنْ شَرِّ مَا صَحِبَ الْمَرْءَ الْحَسَدُ وَفِي الْقُنُوطِ التَّفْرِيطُ وَالشُّحُّ يَجْلِبُ الْمَلَامَةَ وَالصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ وَالصَّدِيقُ مَنْ صَدَقَ غَيْبُهُ وَالْهَوَى شَرِيكُ الْعَمَى وَمِنَ التَّوْفِيقِ الْوُقُوفُ عِنْدَ الْحَيْرَةِ وَنِعْمَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 84

طَارِدِ الْهَمِّ الْيَقِينُ وَعَاقِبَةُ الْكَذِبِ الذَّمُّ وَفِي الصِّدْقِ السَّلَامَةُ وَعَاقِبَةُ الْكَذِبِ شَرُّ عَاقِبَةٍ رُبَّ بَعِيدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ وَقَرِيبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعِيدٍ وَالْغَرِيبُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبِيبٌ لَا يُعْدِمْكَ مِنْ حَبِيبٍ سُوءُ ظَنٍّ وَمَنْ حَمَى طَنَى وَمَنْ تَعَدَّى الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِهِ كَانَ أَبْقَى لَهُ نِعْمَ الْخُلُقُ التَّكَرُّمُ وَأَلْأَمُ اللُّؤْمِ الْبَغْيُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَالْحَيَاءُ سَبَبٌ إِلَى كُلِّ جَمِيلٍ وَأَوْثَقُ الْعُرَى التَّقْوَى وَأَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِهِ سَبَبٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ وَمَنَّكَ مَنْ أَعْتَبَكَ وَالْإِفْرَاطُ فِي الْمَلَامَةِ يَشُبُّ نِيرَانَ اللَّجَاجِ وَكَمْ مِنْ دَنِفٍ قَدْ نَجَا وَصَحِيحٍ قَدْ هَوَى وَقَدْ يَكُونُ الْيَأْسُ إِدْرَاكاً إِذَا كَانَ الطَّمَعُ هَلَاكاً وَلَيْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تُظْهَرُ وَلَا كُلُّ فَرِيضَةٍ تُصَابُ وَرُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصِيرُ قَصْدَهُ وَأَصَابَ الْأَعْمَى رُشْدَهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ طَلَبَ وَجَدَ وَلَا كُلُّ مَنْ تَوَقَّى نَجَا أَخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَهُ وَأَحْسِنْ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ وَاحْتَمِلْ أَخَاكَ عَلَى مَا فِيهِ وَلَا تُكْثِرِ الْعِتَابَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الضَّغِينَةَ وَيُجَرُّ إِلَى الْبِغْضَةِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 85

 

وَ اسْتَعْتِبْ مَنْ رَجَوْتَ إِعْتَابَهُ وَقَطِيعَةُ الْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ الْعَاقِلِ وَمِنَ الْكَرَمِ مَنْعُ الْحَزْمِ مَنْ كَابَرَ الزَّمَانَ عَطِبَ وَمَنْ يُنْقَمْ عَلَيْهِ غَضِبَ مَا أَقْرَبَ النَّقِمَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَأَخْلَقُ بِمَنْ غَدَرَ أَلَّا يُوفَى لَهُ. زَلَّةُ الْمُتَوَقِّي أَشَدُّ زَلَّةٍ وَعِلَّةُ الْكَذِبِ أَقْبَحُ عَلَّةٍ وَالْفَسَادُ يُبِيرُ الْكَثِيرَ وَالِاقْتِصَادُ يُثْمِرُ الْيَسِيرَ وَالْقِلَّةُ ذِلَّةٌ وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ مِنْ كَرَمِ الطَّبِيعَةِ وَالزَّلَلُ مَعَ الْعَجَلِ وَلَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ تُعْقِبُ نَدَماً وَالْعَاقِلُ مَنْ وَعَظَتْهُ التَّجَارِبُ وَالْهُدَى يَجْلُو الْعَمَى وَلِسَانُكَ تَرْجُمَانُ عَقْلِكَ لَيْسَ مَعَ الِاخْتِلَافِ ائْتِلَافٌ مِنْ حُسْنِ الْجِوَارِ تَفَقُّدُ الْجَارِ لَنْ يَهْلِكَ مَنِ اقْتَصَدَ وَلَنْ يَفْتَقِرَ مَنْ زَهِدَ بَيَّنَ عَنِ امْرِئٍ دَخِيلُهُ رُبَّ بَاحِثٍ عَنْ حَتْفِهِ لَا تَشْتَرِيَنَّ بِثِقَةٍ رَجَاءً مَا كُلُّ مَا يُخْشَى يَضُرُّ رُبَّ هَزْلٍ عَادَ جِدّاً مَنْ أَمِنَ الزَّمَانَ خَانَهُ وَمَنْ تَعَظَّمَ عَلَيْهِ أَهَانَهُ وَمَنْ تَرَغَّمَ عَلَيْهِ أَرْغَمَهُ وَمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ أَسْلَمَهُ- وَلَيْسَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 86

كُلُّ مَنْ رَمَى أَصَابَ إِذَا تَغَيَّرَ السُّلْطَانُ تَغَيَّرَ الزَّمَانُ وَخَيْرُ أَهْلِكَ مَنْ كَفَاكَ وَالْمِزَاحُ يُورِثُ الضَّغَائِنَ وَرُبَّمَا أَكْدَى الْحَرِيصُ رَأْسُ الدِّينِ صِحَّةُ الْيَقِينِ وَتَمَامُ الْإِخْلَاصِ تَجَنُّبُكَ الْمَعَاصِيَ وَخَيْرُ الْمَقَالِ مَا صَدَّقَهُ الْفِعَالُ وَالسَّلَامَةُ مَعَ الِاسْتِقَامَةِ وَالدُّعَاءُ مِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ وَعَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ وَكُنْ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى قُلْعَةٍ احْمِلْ لِمَنْ أَدَلَّ عَلَيْكَ وَاقْبَلْ عُذْرَ مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْكَ وَخُذِ الْعَفْوَ مِنَ النَّاسِ وَلَا تُبْلِغْ إِلَى أَحَدٍ مَكْرُوهَهُ أَطِعْ أَخَاكَ وَإِنْ عَصَاكَ وَصِلْهُ وَإِنْ جَفَاكَ وَعَوِّدْ نَفْسَكَ السَّمَاحَ وَتَخَيَّرْ لَهَا مِنْ كُلِّ خُلُقٍ أَحْسَنَهُ فَإِنَّ الْخَيْرَ عَادَةٌ وَإِيَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ الْكَلَامِ قَذِراً أَوْ تَكُونَ مُضْحِكاً وَإِنْ حَكَيْتَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِكَ وَأَنْصِفْ مِنْ نَفْسِكَ قَبْلَ أَنْ يُنْتَصَفَ مِنْكَ وَإِيَّاكَ وَمُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ فَإِنَّ رَأْيَهُنَّ إِلَى أَفَنٍ [أَفْنٍ وَعَزْمَهُنَّ إِلَى وَهَنٍ [وَهْنٍ وَاكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحَجْبِكَ إِيَاهُنَّ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ خَيْرٌ لَكَ وَلَهُنَّ-

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         92    خطبته المعروفة بالوسيلة .....  ص : 92

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 87

وَ لَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ عَلَيْهِنَّ وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ وَلَا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَنْعَمُ لِحَالِهَا وَأَرْخَى لِبَالِهَا وَأَدْوَمُ لِجَمَالِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ وَلَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ وَلَا تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا وَلَا تُطْمِعْهَا أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا فَتَمِيلَ مُغْضَبَةً عَلَيْكَ مَعَهَا وَلَا تُطِلِ الْخَلْوَةَ مَعَ النِّسَاءِ فَيَمَلَّنَّكَ [فَيَمْلَلْنَكَ أَوْ تَمَلَّهُنَّ وَاسْتَبْقِ مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّةً مِنْ إِمْسَاكِكَ فَإِنَّ إِمْسَاكَكَ عَنْهُنَّ وَهُنَّ يَرَيْنَ أَنَّكَ ذُو اقْتِدَارٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَظْهَرْنَ مِنْكَ عَلَى انْتِشَارٍ وَإِيَّاكَ وَالتَّغَايُرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُو الصَّحِيحَةَ مِنْهُنَّ إِلَى السَّقَمِ وَلَكِنْ أَحْكِمْ أَمْرَهُنَّ فَإِنْ رَأَيْتَ ذَنْباً فَعَاجِلِ النَّكِيرَ عَلَى الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَإِيَّاكَ أَنْ تُعَاقِبَ فَتُعْظِمَ الذَّنْبَ وَتُهَوِّنَ الْعَتْبَ وَأَحْسِنْ لِلْمَمَالِيكِ الْأَدَبَ وَأَقْلِلِ الْغَضَبَ وَلَا تُكْثِرِ الْعَتْبَ فِي غَيْرِ ذَنْبٍ فَإِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ ذَنْباً فَأَحْسِنِ الْعَذْلَ فَإِنَّ الْعَذْلَ مَعَ الْعَفْوِ أَشَدُّ مِنَ الضَّرْبِ لِمَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ وَلَا تُمْسِكْ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَخَفِ الْقِصَاصَ وَاجْعَلْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَمَلًا تَأْخُذُهُ بِهِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ لَا يَتَوَاكَلُوا وَأَكْرِمْ عَشِيرَتَكَ فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ الَّذِي بِهِ تَطِيرُ وَأَصْلُكَ الَّذِي إِلَيْهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 88

تَصِيرُ وَبِهِمْ تَصُولُ وَهُمُ الْعُدَّةُ عِنْدَ الشِدَّةِ فَأَكْرِمْ كَرِيمَهُمْ وَعُدْ سَقِيمَهُمْ وَأَشْرِكْهُمْ فِي أُمُورِهِمْ وَتَيَسَّرْ عِنْدَ مَعْسُورٍ لَهُمْ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَى أُمُورِكَ فَإِنَّهُ أَكْفَى مُعِينٍ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَدُنْيَاكَ وَأَسْأَلُهُ خَيْرَ الْقَضَاءِ لَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهُ‏

وصيته لابنه الحسين ع‏

يَا بُنَيَّ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَكَلِمَةِ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَالْقَصْدِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَبِالْعَدْلِ عَلَى الصَّدِيقِ وَالْعَدُوِّ وَبِالْعَمَلِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَالرِّضَا عَنِ اللَّهِ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ أَيْ بُنَيَّ مَا شَرٌّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ بِشَرٍّ وَلَا خَيْرٌ بَعْدَهُ النَّارُ بِخَيْرٍ وَكُلُّ نَعِيمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَكُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِيَةٌ وَاعْلَمْ أَيْ بُنَيَّ أَنَّهُ مَنْ أَبْصَرَ عَيْبَ نَفْسِهِ شُغِلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ وَمَنْ تَعَرَّى مِنْ لِبَاسِ التَّقْوَى لَمْ يَسْتَتِرْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ اللِّبَاسِ وَمَنْ رَضِيَ بِقَسْمِ اللَّهِ لَمْ يَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَهُ وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ وَمَنْ حَفَرَ بِئْراً لِأَخِيهِ وَقَعَ فِيهَا وَمَنْ هَتَكَ حِجَابَ غَيْرِهِ انْكَشَفَتْ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ وَمَنْ نَسِيَ خَطِيئَتَهُ اسْتَعْظَمَ خَطِيئَةَ غَيْرِهِ وَمَنْ كَابَدَ الْأُمُورَ عَطِبَ وَمَنِ اقْتَحَمَ الْغَمَرَاتِ غَرِقَ وَمَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ضَلَّ وَمَنِ اسْتَغْنَى بِعَقْلِهِ زَلَّ وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى النَّاسِ ذَلَّ وَمَنْ خَالَطَ الْعُلَمَاءَ وُقِّرَ وَمَنْ خَالَطَ الْأَنْذَالَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 89

حُقِّرَ وَمَنْ سَفِهَ عَلَى النَّاسِ شُتِمَ وَمَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السَّوْءِ اتُّهِمَ وَمَنْ مَزَحَ اسْتُخِفَّ بِهِ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْ‏ءٍ عُرِفَ بِهِ وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ وَمَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَمَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّارَ أَيْ بُنَيَّ مَنْ نَظَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ وَرَضِيَ لِنَفْسِهِ بِهَا فَذَاكَ الْأَحْمَقُ بِعَيْنِهِ وَمَنْ تَفَكَّرَ اعْتَبَرَ وَمَنِ اعْتَبَرَ اعْتَزَلَ وَمَنِ اعْتَزَلَ سَلِمَ وَمَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ كَانَ حُرّاً وَمَنْ تَرَكَ الْحَسَدَ كَانَتْ لَهُ الْمَحَبَّةُ عِنْدَ النَّاسِ أَيْ بُنَيَّ عِزُّ الْمُؤْمِنِ غِنَاهُ عَنِ النَّاسِ وَالْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا يَنْفَدُ وَمَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ رَضِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَنْفَعُهُ أَيْ بُنَيَّ الْعَجَبُ مِمَّنْ يَخَافُ الْعِقَابَ فَلَمْ يَكُفَّ وَرَجَا الثَّوَابَ فَلَمْ يَتُبْ وَيَعْمَلْ أَيْ بُنَيَّ الْفِكْرَةُ تُورِثُ نُوراً وَالْغَفْلَةُ ظُلْمَةٌ وَالْجَهَالَةُ ضَلَالَةٌ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَالْأَدَبُ خَيْرُ مِيرَاثٍ وَحُسْنُ الْخُلُقِ خَيْرُ قَرِينٍ لَيْسَ مَعَ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ نَمَاءٌ وَلَا مَعَ الْفُجُورِ غِنًى أَيْ بُنَيَّ الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي الصَّمْتِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ وَوَاحِدٌ فِي تَرْكِ مُجَالَسَةِ السُّفَهَاءِ أَيْ بُنَيَّ مَنْ تَزَيَّا بِمَعَاصِي اللَّهِ فِي الْمَجَالِسِ أَوْرَثَهُ اللَّهُ ذُلًّا وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ عَلِمَ يَا بُنَيَّ رَأْسُ الْعِلْمِ الرِّفْقُ وَآفَتُهُ الْخُرْقُ وَمِنْ كُنُوزِ الْإِيمَانِ الصَّبْرُ عَلَى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 90

الْمَصَائِبِ وَالْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ وَالشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى كَثْرَةُ الزِّيَارَةِ تُورِثُ الْمَلَالَةَ وَالطُّمَأْنِينَةُ قَبْلَ الْخِبْرَةِ ضِدُّ الْحَزْمِ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ عَقْلِهِ أَيْ بُنَيَّ كَمْ نَظْرَةٍ جَلَبَتْ حَسْرَةً وَكَمْ مِنْ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً أَيْ بُنَيَّ لَا شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الْإِسْلَامِ وَلَا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَى وَلَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ وَلَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَلَا لِبَاسَ أَجْمَلُ مِنَ الْعَافِيَةِ وَلَا مَالَ أَذْهَبُ بِالْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا بِالْقُوتِ وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الْكَفَافِ تَعَجَّلَ الرَّاحَةَ وَتَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ أَيْ بُنَيَّ الْحِرْصُ مِفْتَاحُ التَّعَبِ وَمَطِيَّةُ النَّصَبِ وَدَاعٍ إِلَى التَّقَحُّمِ فِي الذُّنُوبِ وَالشَّرَهُ جَامِعٌ لِمَسَاوِي الْعُيُوبِ وَكَفَاكَ تَأْدِيباً لِنَفْسِكَ مَا كَرِهْتَهُ مِنْ غَيْرِكَ لِأَخِيكَ عَلَيْكَ مِثْلُ الَّذِي لَكَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَوَرَّطَ فِي الْأُمُورِ بِغَيْرِ نَظَرٍ فِي الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلنَّوَائِبِ التَّدْبِيرُ قَبْلَ الْعَمَلِ يُؤْمِنُكَ النَّدَمَ مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الْآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَإِ الصَّبْرُ جُنَّةٌ مِنَ الْفَاقَةِ الْبُخْلُ جِلْبَابُ الْمَسْكَنَةِ الْحِرْصُ عَلَامَةُ الْفَقْرِ وَصُولٌ مُعْدِمٌ خَيْرٌ مِنْ جَافٍ مُكْثِرٍ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ قُوتٌ وَابْنُ آدَمَ قُوتُ الْمَوْتِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 91

أَيْ بُنَيَّ لَا تُؤْيِسْ مُذْنِباً فَكَمْ مِنْ عَاكِفٍ عَلَى ذَنْبِهِ خُتِمَ لَهُ بِخَيْرٍ وَكَمْ مِنْ مُقْبِلٍ عَلَى عَمَلِهِ مُفْسِدٍ فِي آخِرِ عُمُرِهِ صَائِرٌ إِلَى النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا أَيْ بُنَيَّ كَمْ مِنْ عَاصٍ نَجَا وَكَمْ مِنْ عَامِلٍ هَوَى مَنْ تَحَرَّى الصِّدْقَ خَفَّتْ عَلَيْهِ الْمُؤَنُ فِي خِلَافِ النَّفْسِ رُشْدُهَا السَّاعَاتُ تَنْتَقِصُ الْأَعْمَارَ وَيْلٌ لِلْبَاغِينَ مِنْ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ وَعَالِمِ ضَمِيرِ الْمُضْمِرِينَ يَا بُنَيَّ بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَى الْعِبَادِ فِي كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقٌ وَفِي كُلِّ أُكْلَةٍ غَصَصٌ لَنْ تُنَالَ نِعْمَةٌ إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى مَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ النَّصَبِ وَالْبُؤْسَ مِنَ النَّعِيمِ وَالْمَوْتَ مِنَ الْحَيَاةِ وَالسُّقْمَ مِنَ الصِّحَّةِ فَطُوبَى لِمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ عَمَلَهُ وَعِلْمَهُ وَحُبَّهُ وَبُغْضَهُ وَأَخْذَهُ وَتَرْكَهُ وَكَلَامَهُ وَصَمْتَهُ وَفِعْلَهُ وَقَوْلَهُ وَبَخْ بَخْ لِعَالِمٍ عَمِلَ فَجَدَّ وَخَافَ الْبَيَاتَ فَأَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ إِنْ سُئِلَ نَصَحَ وَإِنْ تُرِكَ صَمَتَ كَلَامُهُ صَوَابٌ وَسُكُوتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ جَوَابٌ وَالْوَيْلُ لِمَنْ بُلِيَ بِحِرْمَانٍ وَخِذْلَانٍ وَعِصْيَانٍ فَاسْتَحْسَنَ لِنَفْسِهِ مَا يَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَأَزْرَى عَلَى النَّاسِ بِمِثْلِ مَا يَأْتِي وَاعْلَمْ أَيْ بُنَيَّ أَنَّهُ مَنْ لَانَتْ كَلِمَتُهُ وَجَبَتْ مَحَبَّتُهُ وَفَّقَكَ اللَّهُ لِرُشْدِكَ وَجَعَلَكَ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ بِقُدْرَتِهِ إِنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         97    خطبته المعروفة بالوسيلة .....  ص : 92

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 92

خطبته المعروفة بالوسيلة

كتبنا منه ما اقتضاه الكتاب دون غيره‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعْدَمَ الْأَوْهَامَ أَنْ تَنَالَ إِلَّا وُجُودَهُ وَحَجَبَ الْعُقُولَ أَنْ تَخَالَ ذَاتَهُ لِامْتِنَاعِهَا مِنَ الشَّبَهِ وَالتَّشَاكُلِ بَلْ هُوَ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ ذَاتُهُ وَلَا يَتَبَعَّضُ بِتَجْزِئَةِ الْعَدَدِ فِي كَمَالِهِ فَارَقَ الْأَشْيَاءَ لَا بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَيَكُونُ فِيهَا لَا عَلَى الْمُمَازَجَةِ وَعَلِمَهَا لَا بِأَدَاةٍ لَا يَكُونُ الْعِلْمُ إِلَّا بِهَا وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْلُومِهِ عِلْمُ غَيْرِهِ كَانَ عَالِماً لِمَعْلُومِهِ إِنْ قِيلَ كَانَ فَعَلَى تَأْوِيلِ أَزَلِيَّةِ الْوُجُودِ وَإِنْ قِيلَ لَمْ يَزَلْ فَعَلَى تَأْوِيلِ نَفْيِ الْعَدَمِ فَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ قَوْلِ مَنْ عَبَدَ سِوَاهُ فَاتَّخَذَ إِلَهاً غَيْرَهُ عُلُوّاً كَبِيراً نَحْمَدُهُ بِالْحَمْدِ الَّذِي ارْتَضَاهُ مِنْ خَلْقِهِ وَأَوْجَبَ قَبُولَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ شَهَادَتَانِ تَرْفَعَانِ الْقَوْلَ وَتَضَعَانِ الْعَمَلَ خَفَّ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ مِنْهُ وَثَقُلَ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ وَبِهِمَا الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَالْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ وَبِالشَّهَادَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَبِالصَّلَاةِ تَنَالُونَ الرَّحْمَةَ فَأَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّكُمْ- إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 93

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الْإِسْلَامِ وَلَا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَى وَلَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ وَلَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَلَا لِبَاسَ أَجَلُّ مِنَ الْعَافِيَةِ وَلَا وِقَايَةَ أَمْنَعُ مِنَ السَّلَامَةِ وَلَا مَالَ أَذْهَبُ بِالْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا وَالْقُنُوعِ وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَالرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ التَّعَبِ وَالِاحْتِكَارُ مَطِيَّةُ النَّصَبِ وَالْحَسَدُ آفَةُ الدِّينِ وَالْحِرْصُ دَاعٍ إِلَى التَّقَحُّمِ فِي الذُّنُوبِ وَهُوَ دَاعٍ إِلَى الْحِرْمَانِ وَالْبَغْيُ سَائِقٌ إِلَى الْحَيْنِ وَالشَّرَهُ جَامِعٌ لِمَسَاوِي الْعُيُوبِ رُبَّ طَمَعٍ خَائِبٍ وَأَمَلٍ كَاذِبٍ وَرَجَاءٍ يُؤَدِّي إِلَى الْحِرْمَانِ وَتِجَارَةٍ تَئُولُ إِلَى الْخُسْرَانِ أَلَا وَمَنْ تَوَرَّطَ فِي الْأُمُورِ غَيْرَ نَاظِرٍ فِي الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمُفْضِحَاتِ النَّوَائِبِ وَبِئْسَتِ الْقِلَادَةُ الدَّيْنُ لِلْمُؤْمِنِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا كَنْزَ أَنْفَعُ مِنَ الْعِلْمِ وَلَا عِزَّ أَنْفَعُ مِنَ الْحِلْمِ وَلَا حَسَبَ أَبْلَغُ مِنَ الْأَدَبِ وَلَا نَصَبَ أَوْجَعُ مِنَ الْغَضَبِ وَلَا جَمَالَ أَحْسَنُ مِنَ الْعَقْلِ وَلَا قَرِينَ شَرٌّ مِنَ الْجَهْلِ وَلَا سَوْأَةَ أَسْوَءُ مِنَ الْكَذِبِ وَلَا حَافِظَ أَحْفَظُ مِنَ الصَّمْتِ وَلَا غَائِبَ أَقْرَبُ مِنَ الْمَوْتِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ نَظَرَ فِي عَيْبِ نَفْسِهِ شُغِلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ وَمَنْ رَضِيَ بِرِزْقِ اللَّهِ لَمْ يَأْسَفْ عَلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ وَمَنْ حَفَرَ لِأَخِيهِ بِئْراً وَقَعَ فِيهَا وَمَنْ هَتَكَ حِجَابَ غَيْرِهِ انْكَشَفَتْ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ وَمَنْ نَسِيَ زَلَّتَهُ اسْتَعْظَمَ زَلَلَ غَيْرِهِ وَمَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ضَلَّ وَمَنِ اسْتَغْنَى بِعَقْلِهِ زَلَّ وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى النَّاسِ ذَلَّ وَمَنْ سَفِهَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 94

عَلَى النَّاسِ شُتِمَ وَمَنْ خَالَطَ الْعُلَمَاءَ وُقِّرَ وَمَنْ خَالَطَ الْأَنْذَالَ حُقِّرَ وَمَنْ حَمَلَ مَا لَا يُطِيقُ عَجَزَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا مَالَ هُوَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَلَا فَقْرَ هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَلَا وَاعِظَ هُوَ أَبْلَغُ مِنَ النُّصْحِ وَلَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ وَلَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ وَلَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَلَا حِلْمَ كَالصَّبْرِ وَالصَّمْتِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ فِي الْإِنْسَانِ عَشْرَ خِصَالٍ يُظْهِرُهَا لِسَانُهُ شَاهِدٌ يُخْبِرُ عَنِ الضَّمِيرِ وَحَاكِمٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الْخِطَابِ وَنَاطِقٌ يُرَدُّ بِهِ الْجَوَابُ وَشَافِعٌ تُدْرَكُ بِهِ الْحَاجَةُ وَوَاصِفٌ تُعْرَفُ بِهِ الْأَشْيَاءُ وَأَمِيرٌ يَأْمُرُ بِالْحَسَنِ وَوَاعِظٌ يَنْهَى عَنِ الْقَبِيحِ وَمُعَزٍّ تُسَكَّنُ [تَسْكُنُ بِهِ الْأَحْزَانُ وَحَامِدٌ تَجَلَّى بِهِ الضَّغَائِنُ وَمُونِقٌ يُلْهِي الْأَسْمَاعَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ وَمَنْ لَا يَتَعَلَّمْ يَجْهَلْ وَمَنْ لَا يَتَحَلَّمْ لَا يَحْلُمْ وَمَنْ لَا يَرْتَدِعْ لَا يَعْقِلْ وَمَنْ لَا يَعْقِلْ يَهُنْ وَمَنْ يَهُنْ لَا يُوَقَّرْ وَمَنْ يَتَّقِ يَنْجُ وَمَنْ يَكْسِبْ مَالًا مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ يَصْرِفْهُ فِي غَيْرِ أَجْرِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 95

وَ مَنْ لَا يَدَعْ وَهُوَ مَحْمُودٌ يَدَعْ وَهُوَ مَذْمُومٌ وَمَنْ لَمْ يُعْطِ قَاعِداً مُنِعَ قَائِماً وَمَنْ يَطْلُبِ الْعِزَّ بِغَيْرِ حَقٍّ يَذِلَّ وَمَنْ عَانَدَ الْحَقَّ لَزِمَهُ الْوَهْنُ وَمَنْ تَفَقَّهَ وُقِّرَ وَمَنْ تَكَبَّرَ حُقِّرَ وَمَنْ لَا يُحْسِنْ لَا يُحْمَدْ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَنِيَّةَ قَبْلَ الدَّنِيَّةِ وَالتَّجَلُّدَ قَبْلَ التَّبَلُّدِ وَالْحِسَابَ قَبْلَ الْعِقَابِ وَالْقَبْرَ خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ وَعَمَى الْبَصَرِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّظَرِ وَالدَّهْرُ يَوْمَانِ يَوْمٌ لَكَ وَيَوْمٌ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ فَبِكِلَيْهِمَا تُمْتَحَنُ أَيُّهَا النَّاسُ أَعْجَبُ مَا فِي الْإِنْسَانِ قَلْبُهُ وَلَهُ مَوَادُّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَأَضْدَادٌ مِنْ خِلَافِهَا فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ وَإِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ وَإِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الْأَسَفُ وَإِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشْتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ وَإِنْ أُسْعِدَ بِالرِّضَا نَسِيَ التَّحَفُّظَ وَإِنْ نَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحُزْنُ وَإِنِ اتَّسَعَ بِالْأَمْنِ اسْتَلَبَتْهُ الْغِرَّةُ وَإِنْ جُدِّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ وَإِنْ أَفَادَ مَالًا أَطْغَاهُ الْغِنَى وَإِنْ عَضَّتْهُ فَاقَةٌ شَغَلَهُ الْبَلَاءُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ وَإِنْ أَجْهَدَهُ الْجَزَعُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 96

قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ وَإِنْ أَفْرَطَ فِي الشِّبَعِ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ فَكُلُّ تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌّ وَكُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ قَلَّ ذَلَّ وَمَنْ جَادَ سَادَ وَمَنْ كَثُرَ مَالُهُ رَأَسَ وَمَنْ كَثُرَ حِلْمُهُ نَبُلَ وَمَنْ فَكَّرَ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَزَنْدَقَ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْ‏ءٍ عُرِفَ بِهِ وَمَنْ كَثُرَ مِزَاحُهُ اسْتُخِفَّ بِهِ وَمَنْ كَثُرَ ضِحْكُهُ ذَهَبَتْ هَيْبَتُهُ فَسَدَ حَسَبُ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَدَبٌ إِنَّ أَفْضَلَ الْفِعَالِ صِيَانَةُ الْعِرْضِ بِالْمَالِ لَيْسَ مَنْ جَالَسَ الْجَاهِلَ بِذِي مَعْقُولٍ مَنْ جَالَسَ الْجَاهِلَ فَلْيَسْتَعِدَّ لِقِيلٍ وَقَالٍ لَنْ يَنْجُوَ مِنَ الْمَوْتِ غَنِيٌّ بِمَالِهِ وَلَا فَقِيرٌ لِإِقْلَالِهِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَوَاهِدَ تُجْرِي الْأَنْفُسَ عَنْ مَدْرَجَةِ أَهْلِ التَّفْرِيطِ فِطْنَةُ الْفَهْمِ لِلْمَوَاعِظِ مِمَّا يَدْعُو النَّفْسَ إِلَى الْحَذَرِ مِنَ الْخَطَإِ وَلِلنُّفُوسِ خَوَاطِرُ لِلْهَوَى وَالْعُقُولُ تَزْجُرُ وَتَنْهَى وَفِي التَّجَارِبِ عِلْمٌ مُسْتَأْنَفٌ وَالِاعْتِبَارُ يَقُودُ إِلَى‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         102    آدابه ع لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا .....  ص : 100

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 97

الرَّشَادِ وَكَفَاكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ مَا تَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِكَ عَلَيْكَ لِأَخِيكَ الْمُؤْمِنِ مِثْلُ الَّذِي لَكَ عَلَيْهِ لَقَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ. وَالتَّدْبِيرُ قَبْلَ الْعَمَلِ يُؤْمِنُكَ مِنَ النَّدَمِ وَمَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الْآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِفَ الْخَطَإِ وَمَنْ أَمْسَكَ عَنِ الْفُضُولِ عَدَّلَتْ رَأْيَهُ الْعُقُولُ وَمَنْ حَصَرَ شَهْوَتَهُ فَقَدْ صَانَ قَدْرَهُ وَمَنْ أَمْسَكَ لِسَانَهُ أَمِنَهُ قَوْمُهُ وَنَالَ حَاجَتَهُ وَفِي تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ وَالْأَيَّامُ تُوضِحُ لَكَ السَّرَائِرَ الْكَامِنَةَ وَلَيْسَ فِي الْبَرْقِ الْخَاطِفِ مُسْتَمْتَعٌ لِمَنْ يَخُوضُ فِي الظُّلْمَةِ وَمَنْ عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ لَحَظَتْهُ الْعُيُونُ بِالْوَقَارِ وَالْهَيْبَةِ وَأَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى وَالصَّبْرُ جُنَّةٌ مِنَ الْفَاقَةِ وَالْحِرْصُ عَلَامَةُ الْفَقْرِ وَالْبُخْلُ جِلْبَابُ الْمَسْكَنَةِ وَالْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَوَصُولٌ مُعْدِمٌ خَيْرٌ مِنْ جَافٍ مُكْثِرٍ وَالْمَوْعِظَةُ كَهْفٌ لِمَنْ وَعَاهَا وَمَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ كَثُرَ أَسَفُهُ وَمَنْ ضَاقَ خُلُقُهُ مَلَّهُ أَهْلُهُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 98

وَ مَنْ نَالَ اسْتَطَالَ قَلَّمَا تُصَدِّقُكَ الْأُمْنِيَّةُ التَّوَاضُعَ يَكْسُوكَ الْمَهَابَةَ وَفِي سَعَةِ الْأَخْلَاقِ كُنُوزُ الْأَرْزَاقِ مَنْ كَسَاهُ الْحَيَاءُ ثَوْبَهُ خَفِيَ عَلَى النَّاسِ عَيْبُهُ تَحَرَّ الْقَصْدَ مِنَ الْقَوْلِ فَإِنَّهُ مَنْ تَحَرَّى الْقَصْدَ خَفَّتْ عَلَيْهِ الْمُؤَنُ فِي خِلَافِ النَّفْسِ رُشْدُهَا مَنْ عَرَفَ الْأَيَّامَ لَمْ يَغْفُلْ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ أَلَا وَإِنَّ مَعَ كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقاً وَفِي كُلِّ أُكْلَةٍ غَصَصاً لَا تُنَالُ نِعْمَةٌ إِلَّا بِزَوَالِ أُخْرَى لِكُلِّ ذِي رَمَقٍ قُوتٌ وَلِكُلِّ حَبَّةٍ آكِلٌ وَأَنْتَ قُوتُ الْمَوْتِ اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ مَشَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَى بَطْنِهَا وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ يَتَسَارَعَانِ فِي هَدْمِ الْأَعْمَارِ أَيُّهَا النَّاسُ كُفْرُ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ وَصُحْبَةُ الْجَاهِلِ شُؤْمٌ مِنَ الْكَرَمِ لِينُ الْكَلَامِ إِيَّاكَ وَالْخَدِيعَةَ فَإِنَّهَا مِنْ خُلُقِ اللِّئَامِ لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ وَلَا كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبُ لَا تَرْغَبْ فِيمَنْ زَهِدَ فِيكَ رُبَّ بَعِيدٍ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ وَعَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ اسْتُرْ عَوْرَةَ أَخِيكَ لِمَا تَعْلَمُهُ فِيكَ اغْتَفِرْ زَلَّةَ صَدِيقِكَ لِيَوْمٍ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 99

يَرْكَبُكَ عَدُوُّكَ مَنْ غَضِبَ عَلَى مَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَضُرَّهُ طَالَ حُزْنُهُ وَعَذَّبَ نَفْسَهُ مَنْ خَافَ رَبَّهُ كَفَّ ظُلْمَهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ إِنَّ مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةَ الزَّادِ مَا أَصْغَرَ الْمُصِيبَةَ مَعَ عِظَمِ الْفَاقَةِ غَداً وَمَا تَنَاكَرْتُمْ إِلَّا لِمَا فِيكُمْ مِنَ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ مَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ التَّعَبِ وَالْبُؤْسَ مِنَ التَّغْيِيرِ مَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ وَمَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ وَكُلُّ نَعِيمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَكُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِيَةٌ عِنْدَ تَصْحِيحِ الضَّمَائِرِ تَبْدُو الْكَبَائِرُ تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ تَخْلِيصُ النِّيَّةِ عَنِ الْفَسَادِ أَشَدُّ عَلَى الْعَامِلِينَ مِنْ طُولِ الْجِهَادِ هَيْهَاتَ لَوْ لَا التُّقَى كُنْتُ أَدْهَى الْعَرَبِ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةِ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَالْقَصْدِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَبِالْعَدْلِ عَلَى الْعَدُوِّ وَالصَّدِيقِ وَبِالْعَمَلِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَالرِّضَا عَنِ اللَّهِ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ وَمَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَمَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّارَ وَمَنْ تَفَكَّرَ اعْتَبَرَ وَمَنِ اعْتَبَرَ اعْتَزَلَ وَمَنِ اعْتَزَلَ سَلِمَ وَمَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ كَانَ حُرّاً وَمَنْ تَرَكَ الْحَسَدَ كَانَتْ لَهُ الْمَحَبَّةُ عِنْدَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 100

النَّاسِ عِزُّ الْمُؤْمِنِ غِنَاهُ عَنِ النَّاسِ الْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا يَنْفَدُ وَمَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ رَضِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَنْفَعُهُ الْعَجَبُ مِمَّنْ يَخَافُ الْعِقَابَ فَلَا يَكُفُّ وَيَرْجُو الثَّوَابَ وَلَا يَتُوبُ وَيَعْمَلُ الْفِكْرَةُ تُورِثُ نُوراً وَالْغَفْلَةُ ظُلْمَةٌ وَالْجَهَالَةُ ضَلَالَةٌ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَالْأَدَبُ خَيْرُ مِيرَاثٍ حُسْنُ الْخُلُقِ خَيْرُ قَرِينٍ لَيْسَ مَعَ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ نَمَاءٌ وَلَا مَعَ الْفُجُورِ غِنًى الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي الصَّمْتِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ وَوَاحِدٌ فِي تَرْكِ مُجَالَسَةِ السُّفَهَاءِ- رَأْسُ الْعِلْمِ الرِّفْقُ وَآفَتُهُ الْخُرْقُ وَمِنْ كُنُوزِ الْإِيمَانِ الصَّبْرُ عَلَى الْمَصَائِبِ وَالْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ وَالشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى كَثْرَةُ الزِّيَارَةِ تُورِثُ الْمَلَالَةَ وَالطُّمَأْنِينَةُ قَبْلَ الْخِبْرَةِ ضِدُّ الْحَزْمِ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ عَقْلِهِ لَا تُؤْيِسْ مُذْنِباً فَكَمْ مِنْ عَاكِفٍ عَلَى ذَنْبِهِ خُتِمَ لَهُ بِخَيْرٍ وَكَمْ مِنْ مُقْبِلٍ عَلَى عَمَلِهِ مُفْسِدٍ فِي آخِرِ عُمُرِهِ صَائِرٌ إِلَى النَّارِ بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَى الْعِبَادِ طُوبَى لِمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ عَمَلَهُ وَعِلْمَهُ وَحُبَّهُ وَبُغْضَهُ وَأَخْذَهُ وَتَرْكَهُ وَكَلَامَهُ وَصَمْتَهُ وَفِعْلَهُ وَقَوْلَهُ- لَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ مُسْلِماً حَتَّى يَكُونَ وَرِعاً وَلَنْ يَكُونَ وَرِعاً حَتَّى يَكُونَ زَاهِداً وَلَنْ يَكُونَ زَاهِداً حَتَّى يَكُونَ حَازِماً وَلَنْ يَكُونَ حَازِماً حَتَّى يَكُونَ عَاقِلًا وَمَا الْعَاقِلُ إِلَّا مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ وَعَمِلَ لِلدَّارِ الْآخِرَةِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ‏

آدابه ع لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا

الْحِجَامَةُ تُصِحُّ الْبَدَنَ وَتَشُدُّ الْعَقْلَ أَخْذُ الشَّارِبِ مِنَ النَّظَافَةِ وَهُوَ مِنَ السُّنَّةِ الطِّيبُ فِي الشَّارِبِ كَرَامَةٌ لِلْكَاتِبَيْنِ وَهُوَ مِنَ السُّنَّةِ الدُّهْنُ يُلَيِّنُ الْبَشَرَةَ وَيَزِيدُ فِي الدِّمَاغِ وَالْعَقْلِ وَيُسَهِّلُ مَوْضِعَ الطَّهُورِ وَيَذْهَبُ بِالشَّعَثِ وَيُصَفِّي اللَّوْنَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 101

السِّوَاكُ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَمَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ وَهُوَ مِنَ السُّنَّةِ غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ يَذْهَبُ بِالدَّرَنِ وَيُنَقِّي الْأَقْذَارَ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ عِنْدَ الطَّهُورِ طَهُورٌ لِلْفَمِ وَالْأَنْفِ السُّعُوطُ مَصَحَّةٌ لِلرَّأْسِ وَشِفَاءٌ لِلْبَدَنِ وَسَائِرِ أَوْجَاعِ الرَّأْسِ النُّورَةُ مَشَدَّةٌ لِلْبَدَنِ وَطَهُورٌ لِلْجَسَدِ- وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ يَمْنَعُ الدَّاءَ الْأَعْظَمَ وَيَجْلِبُ الرِّزْقَ وَيُدِرُّهُ نَتْفُ الْإِبْطِ يَنْفِي الرَّائِحَةَ الْمُنْكَرَةَ وَهُوَ طَهُورٌ وَسُنَّةٌ غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ زِيَادَةٌ فِي الرِّزْقِ غُسْلُ الْأَعْيَادِ طَهُورٌ لِمَنْ أَرَادَ طَلَبَ الْحَوَائِجِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاتِّبَاعَ السُّنَّةِ قِيَامُ اللَّيْلِ مَصَحَّةٌ لِلْبَدَنِ وَرِضًا لِلرَّبِّ وَتَعَرُّضٌ لِلرَّحْمَةِ وَتَمَسُّكٌ بِأَخْلَاقِ النَّبِيِّينَ أَكْلُ التُّفَّاحِ نَضُوحٌ لِلْمَعِدَةِ مَضْغُ اللُّبَانِ يَشُدُّ الْأَضْرَاسَ وَيَنْفِي الْبَلْغَمَ وَيَقْطَعُ رِيحَ الْفَمِ الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَسْرَعُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ أَكْلُ السَّفَرْجَلِ قُوَّةٌ لِلْقَلْبِ الضَّعِيفِ وَهُوَ يُطَيِّبُ الْمَعِدَةَ وَيُذَكِّي الْفُؤَادَ وَيُشَجِّعُ الْجَبَانَ وَيُحَسِّنُ الْوَلَدَ أَكْلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ زَبِيبَةً حَمْرَاءَ عَلَى الرِّيقِ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَدْفَعُ الْأَمْرَاضَ إِلَّا مَرَضَ الْمَوْتِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِقَوْلِ اللَّهِ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى‏ نِسائِكُمْ لَا تَخَتَّمُوا بِغَيْرِ الْفِضَّةِ فَإِنَّ رَسُولَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         107    آدابه ع لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا .....  ص : 100

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 102

اللَّهِ ص قَالَ مَا طَهَّرَ اللَّهُ يَداً فِيهَا خَاتَمُ حَدِيدٍ مَنْ نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ اسْماً مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَلْيُحَوِّلْهُ عَنِ الْيَدِ الَّتِي يَسْتَنْجِي بِهَا إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمِرْآةِ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي فَأَحْسَنَ خَلْقِي وَصَوَّرَنِي فَأَحْسَنَ صُورَتِي وَزَانَ مِنِّي مَا شَانَ مِنْ غَيْرِي وَأَكْرَمَنِي بِالْإِسْلَامِ لِيَتَزَيَّنْ أَحَدُكُمْ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ إِذَا أَتَاهُ كَمَا يَتَزَيَّنُ لِلْغَرِيبِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَرَاهُ فِي أَحْسَنِ هَيْئَةٍ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَصَوْمُ شَعْبَانَ يَذْهَبُ بِوَسْوَاسِ الصَّدْرِ وَبَلَابِلِ الْقَلْبِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ غَسْلُ الثِّيَابِ يَذْهَبُ بِالْهَمِّ وَطَهُورٌ لِلصَّلَاةِ لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورٌ وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَنَامُ الْمُسْلِمُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَنَامُ إِلَّا عَلَى طَهُورٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَلْيَتَيَمَّمْ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ تَرْتَفِعُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَقْبَلُهَا وَيُبَارِكُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ أَجَلُهَا قَدْ حَضَرَ جَعَلَهَا فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهَا بَعَثَ بِهَا مَعَ أُمَنَائِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَرَدَّهَا فِي جَسَدِهِ لَا يَتْفُلِ الْمُسْلِمُ فِي الْقِبْلَةِ فَإِنْ فَعَلَ نَاسِياً فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ لَا يَنْفُخِ الْمَرْءُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَلَا فِي طَعَامِهِ وَلَا فِي شَرَابِهِ وَلَا فِي تَعْوِيذِهِ- لَا يَتَغَوَّطَنَّ أَحَدُكُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ وَلَا يَبُلْ عَلَى سَطْحٍ فِي الْهَوَاءِ وَلَا فِي مَاءٍ جَارٍ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَصَابَهُ شَيْ‏ءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ فَإِنَّ لِلْمَاءِ أَهْلًا وَلِلْهَوَاءِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 103

أَهْلًا وَإِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَطْمَحَنَّ بِبَوْلِهِ وَلَا يَسْتَقْبِلْ بِهِ الرِّيحَ لَا يَنَامَنَّ مُسْتَلْقِياً عَلَى ظَهْرِهِ لَا يَقُومَنَّ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ مُتَكَاسِلًا وَلَا مُتَقَاعِساً لِيُقِلَّ الْعَبْدُ الْفِكْرَ إِذَا قَامَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَإِنَّمَا لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ مَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ لَا تَدَعُوا ذِكْرَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَا عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَلْتَفِتَنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا الْتَفَتَ فِيهَا قَالَ اللَّهُ لَهُ إِلَيَّ عَبْدِي خَيْرٌ لَكَ مِمَّنْ تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ كُلُوا مَا يَسْقُطُ مِنَ الْخِوَانِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ بِإِذْنِ اللَّهِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ بِهِ الْبَسُوا ثِيَابَ الْقُطْنِ فَإِنَّهُ لِبَاسُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَلَمْ يَكُنْ يَلْبَسُ الصُّوفَ وَلَا الشَّعْرَ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمُ الطَّعَامَ فَمَصَّ أَصَابِعَهُ الَّتِي أَكَلَ بِهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذِكْرُهُ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ إِنَّ اللَّهَ لَيُحِبُّ الْجَمَالَ وَأَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ لِقَوْلِ اللَّهِ- وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ وَلَا تَقْطَعُوا نَهَارَكُمْ بِكَيْتَ وَكَيْتَ وَفَعَلْنَا كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ مَعَكُمْ حَفَظَةً يَحْفَظُونَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِكُلِّ مَكَانٍ صَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُ دُعَاءَكُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَرِعَايَتِكُمْ لَهُ أَقِرُّوا الْحَارَّ حَتَّى يَبْرُدَ وَيُمْكِنَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ وَقَدْ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 104

قَرُبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ حَارُّ أَقِرُّوهُ حَتَّى يَبْرُدَ وَيُمْكِنَ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْعِمَنَا الْحَارَّ وَالْبَرَكَةُ فِي الْبَارِدِ وَالْحَارُّ غَيْرُ ذِي بَرَكَةٍ عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمْ مَا يَنْفَعُهُمُ اللَّهُ بِهِ لَا تَغْلِبْ عَلَيْهِمُ الْمُرْجِئَةُ. أَيُّهَا النَّاسُ كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً أَدُّوا الْأَمَانَاتِ وَلَوْ إِلَى قَتَلَةِ الْأَنْبِيَاءِ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ إِذَا دَخَلْتُمُ الْأَسْوَاقَ وَعِنْدَ اشْتِغَالِ النَّاسِ بِالتِّجَارَاتِ فَإِنَّهُ كَفَّارَةٌ لِلذُّنُوبِ وَزِيَادَةٌ فِي الْحَسَنَاتِ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْغَافِلِينَ لَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُسَافِرَ إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ لِقَوْلِ اللَّهِ- فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ لَيْسَ فِي شُرْبِ الْمُسْكِرِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ تَقِيَّةٌ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِينَا قُولُوا إِنَّا عِبَادٌ مَرْبُوبُونَ وَقُولُوا فِي فَضْلِنَا مَا شِئْتُمْ مَنْ أَحَبَّنَا فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِنَا وَيَسْتَعِنْ بِالْوَرَعِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَا تُجَالِسُوا لَنَا عَائِباً وَلَا تَمْدَحُونَا مُعْلِنِينَ عِنْدَ عَدُوِّنَا فَتُظْهِرُوا حُبَّنَا وَتُذِلُّوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَ سُلْطَانِكُمْ الْزَمُوا الصِّدْقَ فَإِنَّهُ مَنْجَاةٌ ارْغَبُوا فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ وَاطْلُبُوا مَرْضَاتَهُ وَطَاعَتَهُ وَاصْبِرُوا عَلَيْهِمَا فَمَا أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ مَهْتُوكُ السِّتْرِ لَا تُعْيُونَا فِي طَلَبِ الشَّفَاعَةِ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسَبَبِ مَا قَدَّمْتُمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 105

وَ لَا تَفْضَحُوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَ عَدُوِّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا تَكْذِبُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بِالْحَقِيرِ مِنَ الدُّنْيَا تَمَسَّكُوا بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ- فَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ أَنْ يَغْتَبِطَ وَيَرَى مَا يُحِبُّ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى‏ وَتَأْتِيهِ الْبِشَارَةُ وَاللَّهِ فَتَقَرُّ عَيْنُهُ وَيُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ لَا تُحَقِّرُوا ضُعَفَاءَ إِخْوَانِكُمْ فَإِنَّهُ مَنِ احْتَقَرَ مُؤْمِناً حَقَّرَهُ اللَّهُ وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَلَا يُكَلِّفِ الْمَرْءُ أَخَاهُ الطَّلَبَ إِلَيْهِ إِذَا عَرَفَ حَاجَتَهُ تَزَاوَرُوا وَتَعَاطَفُوا وَتَبَاذَلُوا وَلَا تَكُونُوا بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَصِفُ مَا لَا يَفْعَلُ تَزَوَّجُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ مَنْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَسْتَنَّ بِسُنَّتِي فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِيَ التَّزْوِيجَ اطْلُبُوا الْوَلَدَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ تَوَقَّوْا عَلَى أَوْلَادِكُمْ مِنْ لَبَنِ الْبَغِيِّ مِنَ النِّسَاءِ وَالْمَجْنُونَةِ فَإِنَّ اللَّبَنَ يُعْدِي تَنَزَّهُوا عَنْ أَكْلِ الطَّيْرِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ قَانِصَةٌ وَلَا صِيصِيَةٌ وَلَا حَوْصَلَةٌ وَلَا كَابِرَةٌ اتَّقُوا أَكْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَلَا تَأْكُلُوا الطِّحَالَ فَإِنَّهُ يَنْبُتُ مِنَ الدَّمِ الْفَاسِدِ وَلَا تَلْبَسُوا السَّوَادَ فَإِنَّهُ لِبَاسُ فِرْعَوْنَ اتَّقُوا الْغُدَدَ مِنَ اللَّحْمِ فَإِنَّهَا تُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ لَا تَقِيسُوا الدِّينَ فَإِنَّهُ لَا يُقَاسُ وَسَيَأْتِي قَوْمٌ يَقِيسُونَ الدِّينَ هُمْ أَعْدَاؤُهُ وَأَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ لَا تَتَّخِذُوا الْمُلَسَّنَ فَإِنَّهُ حِذَاءُ فِرْعَوْنَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ حَذَا الْمُلَسَّنَ خَالِفُوا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 106

أَصْحَابَ الْمُسْكِرِ وَكُلُوا التَّمْرَ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنَ الْأَدْوَاءِ اتَّبِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَكْثِرُوا الِاسْتِغْفَارَ فَإِنَّهُ يَجْلِبُ الرِّزْقَ قَدِّمُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ عَمَلِ الْخَيْرِ تَجِدُوهُ غَداً إِيَّاكُمْ وَالْجِدَالَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الشَّكَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ فَلْيَطْلُبْهَا فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةِ الزَّوَالِ حِينَ تَهُبُّ الرِّيحُ وَتُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتَنْزِلُ الرَّحْمَةُ وَتَصُوتُ الطَّيْرُ وَسَاعَةٍ فِي آخِرِ اللَّيْلِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِنَّ مَلَكَيْنِ يُنَادِيَانِ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَيُغْفَرَ لَهُ هَلْ مِنْ طَالِبِ حَاجَةٍ [فَتُقْضَى لَهُ فَأَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَاطْلُبُوا الرِّزْقَ فِيمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ أَسْرَعُ لِطَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يَقْسِمُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ فِيهَا الْأَرْزَاقَ بَيْنَ عِبَادِهِ انْتَظِرُوا الْفَرَجَ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَى اللَّهِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ وَمَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُ تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ عِنْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ فَرَاغِكُمْ مِنْهَا فَفِيهَا تُعْطَى الرَّغَائِبُ لَا تَخْرُجُوا بِالسُّيُوفِ إِلَى الْحَرَمِ وَلَا يُصَلِّ أَحَدُكُمْ وَبَيْنَ يَدَيْهِ سَيْفٌ فَإِنَّ الْقِبْلَةَ أَمْنٌ أَلِمُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ ص إِذَا حَجَجْتُمْ فَإِنَّ تَرْكَهُ جَفَاءٌ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُمْ أَلِمُّوا بِالْقُبُورِ الَّتِي يَلْزَمُكُمْ حَقُّ سُكَّانِهَا وَزُورُوهَا وَاطْلُبُوا الرِّزْقَ عِنْدَهَا فَإِنَّهُمْ يَفْرَحُونَ بِزِيَارَتِكُمْ لِيَطْلُبِ الرَّجُلُ الْحَاجَةَ عِنْدَ قَبْرِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ بَعْدَ مَا يَدْعُو لَهُمَا لَا تَسْتَصْغِرُوا قَلِيلَ الْإِثْمِ لَمَّا لَمْ تَقْدِرُوا عَلَى الْكَبِيرِ فَإِنَّ الصَّغِيرَ يُحْصَى وَيَرْجِعُ إِلَى الْكَبِيرِ أَطِيلُوا السُّجُودَ فَمَنْ أَطَالَهُ أَطَاعَ وَنَجَا أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ وَيَوْمَ خُرُوجِكُمْ مِنَ الْقُبُورِ وَيَوْمَ قِيَامِكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَهُنْ عَلَيْكُمُ الْمَصَائِبُ إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ عَيْنَهُ فَلْيَقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَلْيُضْمِرْ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا تَبْرَأُ فَإِنَّهُ يُعَافَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَوَقَّوُا الذُّنُوبَ فَمَا مِنْ بَلِيَّةٍ وَلَا نَقْصِ رِزْقٍ إِلَّا بِذَنْبٍ حَتَّى الْخَدْشِ وَالنَّكْبَةِ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         111    آدابه ع لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا .....  ص : 100

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 107

وَ الْمُصِيبَةِ فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ يَقُولُ- ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ عَلَى الطَّعَامِ وَلَا تَلْفَظُوا فِيهِ فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ وَرِزْقٌ مِنْ رِزْقِهِ يَجِبُ عَلَيْكُمْ شُكْرُهُ وَحَمْدُهُ أَحْسِنُوا صُحْبَةَ النِّعَمِ قَبْلَ فَوَاتِهَا فَإِنَّهَا تَزُولُ وَتَشْهَدُ عَلَى صَاحِبِهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا مَنْ رَضِيَ مِنَ اللَّهِ بِالْيَسِيرِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْعَمَلِ- إِيَّاكُمْ وَالتَّفْرِيطَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْحَسْرَةَ حِينَ لَا تَنْفَعُ الْحَسْرَةُ إِذَا لَقِيتُمْ عَدُوَّكُمْ فِي الْحَرْبِ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ وَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَلَا تَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ فَتُسْخِطُوا اللَّهَ وَتَسْتَوْجِبُوا غَضَبَهُ إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمُ الْمَجْرُوحَ فِي الْحَرْبِ أَوْ مَنْ قَدْ نُكِلَ أَوْ طَمِعَ عَدُوُّكُمْ فِيهِ فَقَوُّوهُ بِأَنْفُسِكُمْ اصْطَنِعُوا الْمَعْرُوفَ بِمَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ- مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَعْلَمَ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةُ اللَّهِ مِنْهُ عِنْدَ الذُّنُوبِ أَفْضَلُ مَا يَتَّخِذُ الرَّجُلُ فِي مَنْزِلِهِ الشَّاةُ فَمَنْ كَانَتْ فِي مَنْزِلِهِ شَاةٌ قَدَّسَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَاتَانِ قَدَّسَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي الثَّلَاثِ وَيَقُولُ اللَّهُ بُورِكَ فِيكُمْ إِذَا ضَعُفَ الْمُسْلِمُ فَلْيَأْكُلِ اللَّحْمَ بِاللَّبَنِ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْقُوَّةَ فِيهِمَا إِذَا أَرَدْتُمُ الْحَجَّ فَتَقَدَّمُوا فِي شِرَاءِ بَعْضِ حَوَائِجِكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ- وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الشَّمْسِ فَلْيَسْتَدْبِرْهَا لِظَهْرِهِ فَإِنَّهَا تُظْهِرُ الدَّاءَ الدَّفِينَ إِذَا حَجَجْتُمْ فَأَكْثِرُوا النَّظَرَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَإِنَّ لِلَّهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ رَحْمَةً عِنْدَ بَيْتِهِ الْحَرَامِ مِنْهَا سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ أَقِرُّوا عِنْدَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامَ بِمَا حَفِظْتُمُوهُ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَمَا لَمْ تَحْفَظُوهُ فَقُولُوا مَا حَفِظْتَهُ يَا رَبِّ عَلَيْنَا وَنَسِينَاهُ فَاغْفِرْهُ لَنَا فَإِنَّهُ مَنْ أَقَرَّ بِذُنُوبِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 108

فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَعَدَّدُهَا وَذَكَرَهَا وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ مِنْهَا كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يَغْفِرَهَا لَهُ تَقَدَّمُوا فِي الدُّعَاءِ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ فَإِنَّهُ تُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فِي سِتَّةِ مَوَاقِفَ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَعِنْدَ الزَّحْفِ وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَنْ مَسَّ جَسَدَ مَيِّتٍ بَعْدَ مَا يَبْرُدُ لَزِمَهُ الْغُسْلُ مَنْ غَسَّلَ مُؤْمِناً فَلْيَغْتَسِلْ بَعْدَ مَا يُلْبِسُهُ أَكْفَانَهُ وَلَا يَمَسَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَجِبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ- وَلَا تُجَمِّرُوا الْأَكْفَانَ وَلَا تُمِسُّوا مَوْتَاكُمُ الطِّيبَ إِلَّا الْكَافُورَ فَإِنَّ الْمَيِّتَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْرِمِ مُرُوا أَهَالِيَكُمْ بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ص لَمَّا قُبِضَ أَبُوهَا ع أَشْعَرَهَا بَنَاتُ هَاشِمٍ فَقَالَتْ اتْرُكُوا الْحِدَادَ وَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ الْمُسْلِمُ مِرْآةُ أَخِيهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ أَخِيكُمْ هَفْوَةً فَلَا تَكُونُوا عَلَيْهِ أَلْباً وَأَرْشِدُوهُ وَانْصَحُوا لَهُ وَتَرَفَّقُوا بِهِ وَإِيَّاكُمْ وَالْخِلَافَ فَإِنَّهُ مُرُوقٌ وَعَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ تَرَاءَفُوا وَتَرَاحَمُوا مَنْ سَافَرَ بِدَابَّتِهِ بَدَأَ بِعَلْفِهَا وَسَقْيِهَا لَا تَضْرِبُوا الدَّوَابَّ عَلَى حُرِّ وُجُوهِهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ رَبَّهَا مَنْ ضَلَّ مِنْكُمْ فِي سَفَرٍ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فَلْيُنَادِ يَا صَالِحُ أَغِثْنِي فَإِنَّ فِي إِخْوَانِكُمُ الْجِنِّ مَنْ إِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ أَجَابَ وَأَرْشَدَ الضَّالَّ مِنْكُمْ وَحَبَسَ عَلَيْهِ دَابَّتَهُ وَمَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْأَسَدَ عَلَى نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ وَغَنَمِهِ فَلْيَخُطَّ عَلَيْهَا خِطَّةً وَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ رَبَّ دَانِيَالَ وَالْجُبِّ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 109

وَ كُلِّ أَسَدٍ مُسْتَأْسِدٍ احْفَظْنِي وَغَنَمِي وَمَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْغَرَقَ فَلْيَقُلْ- بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ- وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ وَمَنْ خَافَ الْعَقْرَبَ فَلْيَقْرَأْ- سَلامٌ عَلى‏ نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ.  إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.  إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ عُقُّوا عَنْ أَوْلَادِكُمْ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ- وَتَصَدَّقُوا إِذَا حَلَقْتُمْ رُءُوسَهُمْ بِوَزْنِ شُعُورِهِمْ فِضَّةً فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إِذَا نَاوَلْتُمْ سَائِلًا شَيْئاً فَاسْأَلُوهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكُمْ فَإِنَّهُ يُسْتَجَابُ فِيكُمْ وَلَا يُجَابُ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُمْ يَكْذِبُونَ وَيَرُدُّ الَّذِي يُنَاوِلُهُ يَدَهُ إِلَى فِيهِ فَلْيُقَبِّلْهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَأْخُذُهَا قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ السَّائِلِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ تَصَدَّقُوا بِاللَّيْلِ فَإِنَّ صَدَقَةَ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ احْسُبُوا كَلَامَكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ يَقِلَّ كَلَامُكُمْ إِلَّا فِي الْخَيْرِ- أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ فَإِنَّ الْمُنْفِقَ فِيَّ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ أَنْفَقَ وَسَخَتْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ فَأَصَابَهُ مَا يَشُكُّ فَلْيَمْضِ عَلَى يَقِينِهِ فَإِنَّ الشَّكَّ لَا يَدْفَعُ الْيَقِينَ وَلَا يَنْقُضُهُ وَلَا تَشْهَدُوا قَوْلَ الزُّورِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 110

وَ لَا تَجْلِسُوا عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَدْرِي مَتَى يُؤْخَذُ وَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَلْيَجْلِسْ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَيَأْكُلْ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَضَعْ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَلَا يَتَرَبَّعْ فَإِنَّهَا جِلْسَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ وَيَمْقُتُ صَاحِبَهَا عَشَاءُ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ فَلَا تَدَعُوا الْعَشَاءَ فَإِنَّ تَرْكَهُ يُخَرِّبُ الْبَدَنَ الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ وَسِجْنُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَحْبِسُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهِيَ تَحُتُّ الذُّنُوبَ كَمَا تَحَاتُّ [يَتَحَاتُّ الْوَبَرُ عَنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ لَيْسَ مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَهُوَ دَاخِلُ الْجَوْفِ إِلَّا الْجِرَاحَةَ وَالْحُمَّى فَإِنَّهُمَا يَرِدَانِ عَلَى الْجَسَدِ وُرُوداً اكْسِرُوا حَرَّ الْحُمَّى بِالْبَنَفْسَجِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ فَإِنَّ حَرَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ لَا يَتَدَاوَى الْمُسْلِمُ حَتَّى يَغْلِبَ مَرَضُهُ صِحَّتَهُ الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَضَاءَ الْمُبْرَمَ فَأَعِدُّوهُ وَاسْتَعْمِلُوهُ لِلْوُضُوءِ بَعْدَ الطُّهْرِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ فَتَطَهَّرُوا إِيَّاكُمْ وَالْكَسَلَ فَإِنَّهُ مَنْ كَسِلَ لَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ تَنَظَّفُوا بِالْمَاءِ مِنَ الرِّيحِ الْمُنْتِنَةِ وَتَعَهَّدُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ الْقَاذُورَةَ الَّذِي يَتَأَفَّفُ بِهِ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ لَا يَعْبَثْ أَحَدُكُمْ بِلِحْيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا بَادِرُوا بِعَمَلِ الْخَيْرِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا عَنْهُ بِغَيْرِهِ. الْمُؤْمِنُ نَفْسُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ لِيَكُنْ جُلُّ كَلَامِكُمْ ذِكْرَ اللَّهِ احْذَرُوا الذُّنُوبَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُحْبَسُ عَنْهُ الرِّزْقُ دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ وَالْحَجُّ جِهَادُ كُلِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         115    آدابه ع لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا .....  ص : 100

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 111

ضَعِيفٍ حُسْنُ التَّبَعُّلِ جِهَادُ الْمَرْأَةِ الْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ قِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ التَّقْدِيرُ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ مَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ مَا عَطِبَ امْرُؤٌ اسْتَشَارَ- لَا تَصْلُحُ الصَّنِيعَةُ إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ وَدِينٍ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ ثَمَرَةٌ وَثَمَرَةُ الْمَعْرُوفِ تَعْجِيلُ السَّرَاحِ مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ مَنْ ضَرَبَ عَلَى فَخِذَيْهِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ فَقَدْ حَبِطَ أَجْرُهُ أَفْضَلُ عَمَلِ الْمُؤْمِنِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ- مَنْ أَحْزَنَ وَالِدَيْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ ادْفَعُوا أَنْوَاعَ الْبَلَاءِ بِالدُّعَاءِ عَلَيْكُمْ بِهِ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَلْبَلَاءُ أَسْرَعُ إِلَى الْمُؤْمِنِ مِنَ السَّيْلِ مِنْ أَعْلَى التَّلْعَةِ إِلَى أَسْفَلِهَا أَوْ مِنْ رَكْضِ الْبَرَاذِينِ سَلُوا الْعَافِيَةَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ فَإِنَّ جَهْدَ الْبَلَاءِ ذَهَابُ الدِّينِ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَاتَّعَظَ رَوِّضُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ يَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا خَمْرٌ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ وَإِنْ كَانَ مَغْفُوراً لَهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةٍ- الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ لِتَطَيَّبِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا الْمَقْتُولُ دُونَ مَالِهِ شَهِيدٌ الْمَغْبُونُ لَا مَحْمُودٌ وَلَا مُحَاوَرٌ [مَأْجُورٌ لَا يَمِينَ لِلْوَلَدِ مَعَ وَالِدِهِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا لَا صَمْتَ إِلَى اللَّيْلِ إِلَّا فِي ذِكْرِ اللَّهِ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَلَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ تَعَرَّضُوا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ فِيهِ غِنًى عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْتَرِفَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 112

الْأَمِينَ لَيْسَ مِنْ عَمَلٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الصَّلَاةِ- لَا تَشْغَلَنَّكُمْ عَنْ أَوْقَاتِهَا أُمُورُ الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ ذَمَّ أَقْوَاماً اسْتَهَانُوا بِأَوْقَاتِهَا فَقَالَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ يَعْنِي غَافِلِينَ اعْلَمُوا أَنَّ صَالِحِي عَدُوِّكُمْ يُرَائِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُوَفِّقُهُمْ وَلَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ الْبِرُّ لَا يَبْلَى وَالذَّنْبُ لَا يُنْسَى- إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ الْمُؤْمِنُ لَا يُعَيِّرُ أَخَاهُ وَلَا يَخُونُهُ وَلَا يَتَّهِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَتَبَرَّأُ مِنْهُ اقْبَلْ عُذْرَ أَخِيكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فَالْتَمِسْ لَهُ عُذْراً مُزَاوَلَةُ قَلْعِ الْجِبَالِ أَيْسَرُ مِنْ مُزَاوَلَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ- اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ لَا تَعَجَّلُوا الْأَمْرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَتَنْدَمُوا وَلَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ ارْحَمُوا ضُعَفَاءَكُمْ وَاطْلُبُوا الرَّحْمَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاكُمْ وَالْغِيبَةَ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَغْتَابُ أَخَاهُ وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ لَا يَجْمَعُ الْمُؤْمِنُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ قَائِمٌ يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الْكُفْرِ لَا يَشْرَبْ أَحَدُكُمُ الْمَاءَ قَائِماً فَإِنَّهُ يُورِثُ الدَّاءَ الَّذِي لَا دَوَاءَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُعَافِيَ اللَّهُ إِذَا أَصَابَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ الدَّابَّةَ فَلْيَدْفِنْهَا أَوْ يَتْفُلْ عَلَيْهَا أَوْ يَضُمَّهَا فِي ثَوْبِهِ حَتَّى يَنْصَرِفَ وَالِالْتِفَاتُ الْفَاحِشُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَمَنْ فَعَلَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 113

فَعَلَيْهِ الِابْتِدَاءُ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالتَّكْبِيرِ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَمِثْلَهَا إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمِثْلَهَا آيَةَ الْكُرْسِيِّ مَنَعَ مَالَهُ مِمَّا يَخَافُ عَلَيْهِ وَمَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَإِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَمْ يُصِبْ ذَنْباً وَإِنِ اجْتَهَدَ فِيهِ إِبْلِيسُ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ مَثَلُ أَهْلِ الْبَيْتِ سَفِينَةُ نُوحٍ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ تَشْمِيرُ الثِّيَابِ طَهُورٌ لِلصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى- وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ أَيْ فَشَمِّرْ لَعْقُ الْعَسَلِ شِفَاءٌ قَالَ اللَّهُ- يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ابْدَءُوا بِالْمِلْحِ فِي أَوَّلِ طَعَامِكُمْ وَاخْتِمُوا بِهِ فَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْمِلْحِ لَاخْتَارُوهُ عَلَى الدِّرْيَاقِ مَنِ ابْتَدَأَ طَعَامَهُ بِهِ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْعِينَ دَاءً لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ صُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَهِيَ تَعْدِلُ صَوْمَ الدَّهْرِ وَنَحْنُ نَصُومُ خَمِيسَيْنِ وَأَرْبِعَاءَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءَ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ مِنْهَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْحَاجَةَ فَلْيُبَكِّرْ فِيهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكْرَتِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَلْيَقْرَأْ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ- إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ وَإِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَأُمَّ الْكِتَابِ فَإِنَّ فِيهَا قَضَاءَ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَلَيْكُمْ بِالصَّفِيقِ مِنَ الثِّيَابِ فَإِنَّهُ مَنْ رَقَّ ثَوْبُهُ رَقَّ دِينُهُ لَا يَقُومَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ يَصِفُهُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَادْخُلُوا فِي مَحَبَّتِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 114

فَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ وَالْمُؤْمِنُ مُنِيبٌ وَتَوَّابٌ إِذَا قَالَ الْمُؤْمِنُ لِأَخِيهِ أُفٍّ انْقَطَعَ مَا بَيْنَهُمَا وَإِذَا قَالَ لَهُ أَنْتَ كَافِرٌ كَفَرَ أَحَدُهُمَا وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَّهِمَهُ فَإِنِ اتَّهَمَهُ انْمَاثَ الْإِيمَانُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ أَرَادَهَا فَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى‏ رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ أَوْفُوا بِالْعُهُودِ إِذا عاهَدْتُمْ فَمَا زَالَتْ نِعْمَةٌ عَنْ قَوْمٍ وَلَا عَيْشٌ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوهَا- أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وَلَوِ اسْتَقْبَلُوا ذَلِكَ بِالدُّعَاءِ لَمْ تَزُلْ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذَا نَزَلَتْ بِهِمُ النِّقَمُ أَوْ زَالَتْ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ وَلَمْ يَهِنُوا وَلَمْ يُسْرِفُوا لَأَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ ضَائِعٍ إِذَا ضَاقَ الْمُسْلِمُ فَلَا يَشْكُوَنَّ رَبَّهُ وَلَكِنْ يَشْكُو إِلَيْهِ فَإِنَّ بِيَدِهِ مَقَالِيدَ الْأُمُورِ وَتَدْبِيرَهَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ- وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَإِذَا جَلَسَ الْعَبْدُ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَقُلْ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْعِبَادِ حَسْبِي هُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَإِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَكْنَافِ السَّمَاءِ وَلْيَقْرَأْ- إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِلَى قَوْلِهِ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ الِاطِّلَاعُ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ يَذْهَبُ بِالدَّاءِ فَاشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ الْفُرَاتُ وَالنِّيلُ وَسَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَهُمَا نَهْرَانِ- لَا يَخْرُجُ الْمُسْلِمُ فِي الْجِهَادِ مَعَ مَنْ لَا يُؤْمَنُ عَلَى الْحُكْمِ وَلَا يُنْفِذُ فِي الْفَيْ‏ءِ أَمْرَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ كَانَ مُعِيناً لِعَدُوِّنَا فِي حَبْسِ حَقِّنَا وَالْإِشَاطَةِ بِدِمَائِنَا وَمِيتَتُهُ مِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ذِكْرُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ شِفَاءٌ مِنَ الْوَغَلِ وَالْأَسْقَامِ وَوَسْوَاسِ‏

  تحف العقول عن آل الرسول ص         119    آدابه ع لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا .....  ص : 100

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 115

الرَّيْبِ وَحُبُّنَا رِضَا الرَّبِّ وَالْآخِذُ بِأَمْرِنَا وَطَرِيقَتِنَا وَمَذْهَبِنَا مَعَنَا غَداً فِي حَظِيرَةِ الْفِرْدَوْسِ وَالْمُنْتَظِرُ لِأَمْرِنَا كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ- مَنْ شَهِدَنَا فِي حَرْبِنَا وَسَمِعَ وَاعِيَتَنَا فَلَمْ يَنْصُرْنَا أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ نَحْنُ بَابُ الْجَنَّةِ إِذَا بُعِثُوا وَضَاقَتِ الْمَذَاهِبُ وَنَحْنُ بَابُ حِطَّةٍ وَهُوَ السِّلْمُ مَنْ دَخَلَهُ نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَوَى بِنَا فَتَحَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ وَبِنَا يَخْتِمُ اللَّهُ وَبِنَا يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَبِنَا يَدْفَعُ اللَّهُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ وَبِنَا يُنَزِّلُ الْغَيْثَ- وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لَأَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَلَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَذَهَبَتِ الشَّحْنَاءُ مِنْ قُلُوبِ الْعِبَادِ وَاصْطَلَحَتِ السِّبَاعُ وَالْبَهَائِمُ حَتَّى تَمْشِيَ الْمَرْأَةُ بَيْنَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ لَا تَضَعُ قَدَمَيْهَا إِلَّا عَلَى نَبَاتٍ وَعَلَى رَأْسِهَا زَنْبِيلُهَا لَا يُهَيِّجُهَا سَبُعٌ وَلَا تَخَافُهُ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي مُقَامِكُمْ بَيْنَ عَدُوِّكُمْ وَصَبْرِكُمْ عَلَى مَا تَسْمَعُونَ مِنَ الْأَذَى لَقَرَّتْ أَعْيُنُكُمْ لَوْ قَدْ فَقَدْتُمُونِي لَرَأَيْتُمْ بَعْدِي أَشْيَاءَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِمَّا يَرَى مِنَ الْجَوْرِ وَالْعُدْوَانِ وَالْأَثَرَةِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِحَقِّ اللَّهِ وَالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَالتَّقِيَّةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ التَّلَوُّنَ لَا تَزُولُوا عَنِ الْحَقِّ وَأَهْلِهِ فَإِنَّ مَنِ اسْتَبْدَلَ بِنَا هَلَكَ وَفَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَخَرَجَ مِنْهَا آثِماً إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَلْيَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا وَيَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ فَإِنَّهُ يَنْفِي الْفَقْرَ عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمُ الصَّلَاةَ وَخُذُوهُمْ بِهَا إِذَا بَلَغُوا ثَمَانِيَ سِنِينَ تَنَزَّهُوا عَنْ قُرْبِ الْكِلَابِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 116

فَمَنْ أَصَابَهُ كَلْبٌ جَافٌّ فَلْيَنْضَحْ ثَوْبَهُ بِالْمَاءِ وَإِنْ كَانَ الْكَلْبُ رَطْباً فَلْيَغْسِلْهُ إِذَا سَمِعْتُمْ مِنْ حَدِيثِنَا مَا لَا تَعْرِفُونَهُ فَرُدُّوهُ إِلَيْنَا وَقِفُوا عِنْدَهُ وَسَلِّمُوا إِذَا تَبَيَّنَ لَكُمُ الْحَقُّ وَلَا تَكُونُوا مَذَائِيعَ عَجْلَى فَإِلَيْنَا يَرْجِعُ الْغَالِي وَبِنَا يَلْحَقُ الْمُقَصِّرُ مَنْ تَمَسَّكَ بِنَا لَحِقَ وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنَّا مُحِقَ مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَنَا لَحِقَ مَنْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقَتِنَا سُحِقَ- لِمُحِبِّينَا أَفْوَاجٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَلِمُبْغِضِينَا أَفْوَاجٌ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ- طَرِيقُنَا الْقَصْدُ وَأَمْرُنَا الرُّشْدُ لَا يَجُوزُ السَّهْوُ فِي خَمْسٍ الْوَتْرِ وَالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ الَّتِي تَكُونُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةُ وَالصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَكُلِّ ثُنَائِيَّةٍ مَفْرُوضَةٍ وَإِنْ كَانَتْ سَفَراً وَلَا يَقْرَأُ الْعَاقِلُ الْقُرْآنَ إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ حَتَّى يَتَطَهَّرَ لَهُ أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَقَّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إِذَا كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي قَمِيصٍ مُتَوَشِّحاً بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ فِعَالِ أَهْلِ لُوطٍ تُجْزِي لِلرَّجُلِ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَعْقِدُ طَرَفَيْهِ عَلَى عُنُقِهِ وَفِي الْقَمِيصِ الصَّفِيقِ يَزُرُّهُ عَلَيْهِ لَا يَسْجُدِ الرَّجُلُ عَلَى صُورَةٍ وَلَا عَلَى بِسَاطٍ هِيَ فِيهِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ أَوْ يَطْرَحَ عَلَيْهَا مَا يُوَارِيهَا وَلَا يَعْقِدِ الرَّجُلُ الدِّرْهَمَ الَّذِي فِيهِ الصُّورَةُ فِي ثَوْبِهِ وَهُوَ يُصَلِّي-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 117

وَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ فِي هِمْيَانٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ إِنْ كَانَ ظَاهِراً- لَا يَسْجُدِ الرَّجُلُ عَلَى كُدْسِ حِنْطَةٍ وَلَا عَلَى شَعِيرٍ وَلَا عَلَى شَيْ‏ءٍ مِمَّا يُؤْكَلُ وَلَا عَلَى الْخُبْزِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَمِطْ عَنِّي الْأَذَى وَأَعِذْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَلْيَقُلْ إِذَا جَلَسَ اللَّهُمَّ كَمَا أَطْعَمْتَنِيهِ طَيِّباً وَسَوَّغْتَنِيهِ فَاكْفِنِيهِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَى حَدَثِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْحَلَالَ وَجَنِّبْنِي الْحَرَامَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً يَلْوِي عُنُقَهُ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَيْهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الْحَلَالَ فَإِنَّ الْمَلَكَ يَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ هَذَا مَا حَرَصْتَ عَلَيْهِ انْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَهُ وَإِلَى مَا ذَا صَارَ لَا يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ حَتَّى يُسَمِّيَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ الْمَاءَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَهُورِهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ص فَعِنْدَهَا يَسْتَحِقُّ الْمَغْفِرَةَ مَنْ أَتَى الصَّلَاةَ عَارِفاً بِحَقِّهَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلَا يُصَلِّ الرَّجُلُ نَافِلَةً فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ وَلَا يَتْرُكْهَا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَلْيَقْضِ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ- الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ هُمُ الَّذِينَ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ وَمِنَ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ لَا تَقْضُوا النَّافِلَةَ فِي وَقْتِ الْفَرِيضَةِ وَلَكِنِ ابْدَءُوا بِالْفَرِيضَةِ ثُمَّ صَلُّوا مَا بَدَا لَكُمُ الصَّلَاةُ فِي الْحَرَمَيْنِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ دِرْهَمٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ فِي الْحَجِّ يَعْدِلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَخْشَعِ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ مَنْ خَشَعَ لِلَّهِ فِي الرَّكْعَةِ فَلَا يَعْبَثْ بِشَيْ‏ءٍ فِي صَلَاةٍ الْقُنُوتُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ ثُنَائِيَّةٍ قَبْلَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إِلَّا الْجُمُعَةَ فَإِنَّ فِيهَا قُنُوتَيْنِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 118

أَحَدُهُمَا قَبْلَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالْآخَرُ بَعْدَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالْقِرَاءَةُ فِي الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَإِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ. اجْلِسُوا بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى تَسْكُنَ جَوَارِحُكُمْ ثُمَّ قُومُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِنَا إِذَا افْتَتَحَ أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فَلْيَرْفَعْ يَدَيْهِ بِحِذَاءِ صَدْرِهِ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَلْيَتَجَوَّزْ وَلْيُقِمْ صُلْبَهُ وَلَا يَنْحَنِي إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ فَلْيَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ وَلْيَنْتَصِبْ فَقَالَ ابْنُ سَبَإٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكُلِّ مَكَانٍ قَالَ بَلَى قَالَ فَلِمَ نَرْفَعُ أَيْدِيَنَا إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ وَيْحَكَ أَ مَا تَقْرَأُ وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ فَمِنْ أَيْنَ نَطْلُبُ الرِّزْقَ إِلَّا مِنْ مَوْضِعِهِ وَهُوَ مَا وَعَدَ اللَّهُ فِي السَّمَاءِ لَا تُقْبَلُ مِنْ عَبْدٍ صَلَاةٌ حَتَّى يَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَيَسْتَجِيرَ بِهِ مِنَ النَّارِ وَيَسْأَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ- لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ التَّبَسُّمُ وَتَقْطَعُهَا الْقَهْقَهَةُ إِذَا خَالَطَ النَّوْمُ الْقَلْبَ فَقَدْ وَجَبَ الْوُضُوءُ إِذَا غَلَبَتْكَ عَيْنُكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَاقْطَعْهَا وَنَمْ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّكَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَى نَفْسِكَ مَنْ أَحَبَّنَا

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         123    آدابه ع لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا .....  ص : 100

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 119

بِقَلْبِهِ وَأَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَقَاتَلَ مَعَنَا بِيَدِهِ فَهُوَ مَعَنَا فِي الْجَنَّةِ فِي دَرَجَتِنَا وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُعِنَّا بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَنَا فَهُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ بِدَرَجَةٍ وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُعِنَّا بِلِسَانِهِ وَلَا بِيَدِهِ فَهُوَ مَعَنَا فِي الْجَنَّةِ وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ فَهُوَ فِي أَسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ النَّارِ وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُعِنْ عَلَيْنَا بِيَدِهِ فَهُوَ فَوْقَ ذَلِكَ بِدَرَجَةٍ وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُعِنْ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَلَا يَدِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَنْظُرُونَ إِلَى مَنَازِلِ شِيعَتِنَا كَمَا يَنْظُرُ الْإِنْسَانُ إِلَى الْكَوَاكِبِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ إِذَا قَرَأْتُمْ مِنَ الْمُسَبِّحَاتِ شَيْئاً فَقُولُوا سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَإِذَا قَرَأْتُمْ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ كَثِيراً وَفِي غَيْرِهَا لَيْسَ فِي الْبَدَنِ أَقَلُّ شُكْراً مِنَ الْعَيْنِ فَلَا تُعْطُوهَا سُؤْلَهَا فَتَشْغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ إِذَا قَرَأْتُمْ وَالتِّينِ فَقُولُوا فِي آخِرِهَا وَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ إِذَا قَرَأْتُمْ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ فَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ حَتَّى تَبْلُغُوا إِلَى قَوْلِهِ- وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ- وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثاً فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ مَا عُبِدَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بِشَيْ‏ءٍ هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ اطْلُبُوا الْخَيْرَ فِي أَعْنَاقِ الْإِبِلِ وَأَخْفَافِهَا صَادِرَةً وَوَارِدَةً إِنَّمَا سُمِّيَ نَبِيذُ السِّقَايَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أُتِيَ بِزَبِيبٍ مِنَ الطَّائِفِ فَأَمَرَ أَنْ يُنْبَذَ وَيُطْرَحَ فِي مَاءِ زَمْزَمَ لِأَنَّهُ مُرٌّ فَأَرَادَ أَنْ تَسْكُنَ مَرَارَتُهُ فَلَا تَشْرَبُوا إِذَا أُعْتِقَ إِذَا تَعَرَّى الرَّجُلُ نَظَرَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ فَطَمِعَ فِيهِ فَاسْتَتِرُوا- لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَكْشِفَ ثِيَابَهُ عَنْ فَخِذِهِ وَيَجْلِسَ بَيْنَ يَدَيْ قَوْمٍ مَنْ أَكَلَ شَيْئاً مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 120

لِيَرْفَعِ السَّاجِدُ مُؤَخَّرَهُ فِي الصَّلَاةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْغُسْلَ فَلْيَبْدَأْ بِذِرَاعَيْهِ فَلْيَغْسِلْهُمَا إِذَا صَلَّيْتَ وَحْدَكَ فَأَسْمِعْ نَفْسَكَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّكْبِيرَ وَالتَّسْبِيحَ إِذَا انْفَتَلْتَ مِنْ صَلَاتِكَ فَعَنْ يَمِينِكَ تَزَوَّدُوا مِنَ الدُّنْيَا التَّقْوَى فَإِنَّهَا خَيْرُ مَا تَزَوَّدْتُمُوهُ مِنْهَا مَنْ كَتَمَ وَجَعاً أَصَابَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ النَّاسِ وَشَكَا إِلَى اللَّهِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعَافِيَهُ مِنْهُ- أَبْعَدُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ إِذَا كَانَتْ هِمَّتُهُ بَطْنَهُ وَفَرْجَهُ لَا يَخْرُجِ الرَّجُلُ فِي سَفَرٍ يَخَافُ عَلَى دِينِهِ مِنْهُ أَعْطِ السَّمْعَ أَرْبَعَةً فِي الدُّعَاءِ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ وَالطَّلَبَ مِنْ رَبِّكَ الْجَنَّةَ وَالتَّعَوُّذَ مِنَ النَّارِ وَسُؤَالَكَ إِيَّاهُ الْحُورَ الْعِينَ إِذَا فَرَغَ الرَّجُلُ مِنْ صَلَاتِهِ فَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ص وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَيَسْتَجِيرُ بِهِ مِنَ النَّارِ وَيَسْأَلُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ الْحُورَ الْعِينَ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ رَجَعَتْ دَعْوَتُهُ وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ سَمِعَتِ الْجَنَّةُ فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ وَمَنِ اسْتَجَارَ بِهِ مِنَ النَّارِ قَالَتِ النَّارُ يَا رَبِّ أَجِرْ عَبْدَكَ مِمَّا اسْتَجَارَ مِنْهُ وَمَنْ سَأَلَ الْحُورَ الْعِينَ سَمِعَتِ الْحُورُ الْعِينُ فَقَالَتْ أَعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ الْغِنَاءُ نَوْحُ إِبْلِيسَ عَلَى الْجَنَّةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي لِلَّهِ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَدِينِ مُحَمَّدٍ وَوَلَايَةِ مَنِ افْتَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنَامِهِ حُفِظَ مِنَ اللِّصِّ الْمُغِيرِ وَالْهَدْمِ وَاسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يَنْتَبِهَ وَمَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ خَمْسِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَحْرُسُونَهُ لَيْلَتَهُ إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَضَعَنَّ جَنْبَهُ حَتَّى يَقُولَ أُعِيذُ نَفْسِي وَأَهْلِي وَدِينِي وَمَالِي وَوُلْدِي وَخَوَاتِيمَ عَمَلِي وَمَا خَوَّلَنِي رَبِّي وَرَزَقَنِي بِعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَبَرُوتِ اللَّهِ وَسُلْطَانِ اللَّهِ وَرَحْمَةِ اللَّهِ وَرَأْفَةِ اللَّهِ وَغُفْرَانِ اللَّهِ وَقُوَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَةِ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَرْكَانِ اللَّهِ وَصُنْعِ اللَّهِ وَجَمْعِ اللَّهِ وَبِرَسُولِ اللَّهِ ص وَبِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ شَرِّ السَّامَّةِ وَالْهَامَّةِ وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 121

مِنْها وَمِنْ شَرِّ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ- وَهُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ بِهَا وَبِذَلِكَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ نَحْنُ الْخُزَّانُ لِدِينِ اللَّهِ وَنَحْنُ مَصَابِيحُ الْعِلْمِ إِذَا مَضَى مِنَّا عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ لَا يَضِلُّ مَنِ اتَّبَعَنَا وَلَا يَهْتَدِي مَنْ أَنْكَرَنَا وَلَا يَنْجُو مَنْ أَعَانَ عَلَيْنَا عَدُوَّنَا وَلَا يُعَانُ مَنْ أَسْلَمَنَا وَلَا يَخْلُو عَنَّا بِطَمَعٍ فِي حُطَامِ الدُّنْيَا الزَّائِلَةِ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَنْ آثَرَ الدُّنْيَا عَلَيْنَا عَظُمَتْ حَسْرَتُهُ غَداً وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ اغْسِلُوا صِبْيَانَكُمْ مِنَ الْغَمَرِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَشَمُّ الْغَمَرَ فَيَفْزَعُ الصَّبِيُّ فِي رُقَادِهِ وَيَتَأَذَّى بِهِ الْكَاتِبَانِ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ أَوَّلُ نَظْرَةٍ فَلَا تُتْبِعُوهَا وَاحْذَرُوا الْفِتْنَةَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ يَلْقَاهُ كَعَابِدِ وَثَنٍ فَقَالَ لَهُ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمُدْمِنُ لِلْخَمْرِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 122

قَالَ الَّذِي إِذَا وَجَدَهَا شَرِبَهَا مَنْ شَرِبَ مُسْكِراً لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً مَنْ قَالَ لِمُسْلِمٍ قَوْلًا يُرِيدُ بِهِ انْتِقَاصَ مُرُوَّتِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ فِي طِينَةِ خَبَالٍ حَتَّى يَأْتِيَ مِمَّا قَالَ بِمَخْرَجٍ لَا يَنَمِ الرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا الْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَبُ وَهُوَ التَّعْزِيرُ كُلُوا الدُّبَّاءَ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي الدِّمَاغِ وَكَانَ يُعْجِبُ النَّبِيَّ ص كُلُوا الْأُتْرُجَّ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ فَإِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ ص يَأْكُلُونَهُ الْكُمَّثْرَى يَجْلُو الْقَلْبَ وَيُسَكِّنُ أَوْجَاعَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَسَداً لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي تَغْشَاهُ شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا خَيْرُ الْأُمُورِ مَا كَانَ لِلَّهِ جَلَّ وَعَزَّ رِضًا مَنْ عَبَدَ الدُّنْيَا وَآثَرَهَا عَلَى الْآخِرَةِ اسْتَوْخَمَ الْعَاقِبَةَ لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَا يَغْشَاهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ مَا انْفَتَلَ وَلَا سَرَّهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ إِيَّاكُمْ وَالتَّسْوِيفَ فِي الْعَمَلِ بَادِرُوا بِهِ إِذَا أَمْكَنَكُمْ مَا كَانَ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَسَيَأْتِيكُمْ عَلَى ضَعْفِكُمْ وَمَا كَانَ عَلَيْكُمْ فَلَنْ تَقْدِرُوا عَلَى دَفْعِهِ بِحِيلَةٍ مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ إِذَا وُضِعَ الرِّجْلُ فِي الرِّكَابِ يُقَالُ- سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ  وَإِنَّا إِلى‏ رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ وَإِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ فِي سَفَرٍ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْحَامِلُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَإِذَا نَزَلْتُمْ فَقُولُوا اللَّهُمَّ أَنْزِلْنَا مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ إِذَا دَخَلْتُمُ الْأَسْوَاقَ لِحَاجَةٍ فَقُولُوا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ص اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَفْقَةٍ خَاسِرَةٍ وَيَمِينٍ فَاجِرَةٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ بَوَارِ الْأَيِّمِ الْمُنْتَظِرُ وَقْتَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ زَائِرٌ لِلَّهِ وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         127    عهده ع إلى الأشتر حين ولاه مصر وأعمالها .....  ص : 126

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 123

أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ وَيُعْطِيَهُ مَا سَأَلَ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكْرِمَ وَفْدَهُ وَيَحْبُوَهُ بِالْمَغْفِرَةِ- مَنْ سَقَى صَبِيّاً مُسْكِراً وَهُوَ لَا يَعْقِلُ حَبَسَهُ اللَّهُ فِي طِينَةِ خَبَالٍ حَتَّى يَأْتِيَ مِمَّا فَعَلَ بِمَخْرَجٍ الصَّدَقَةُ جُنَّةٌ عَظِيمَةٌ وَحِجَابٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ النَّارِ وَوِقَايَةٌ لِلْكَافِرِ مِنْ تَلَفِ الْمَالِ وَيُعَجِّلُ لَهُ الْخَلَفَ وَيَدْفَعُ السُّقْمَ عَنْ بَدَنِهِ- وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ بِاللِّسَانِ يُكَبُّ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ وَبِاللِّسَانِ سْتَوْجِبُ أَهْلُ الْقُبُورِ النُّورَ فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَاشْغَلُوهَا بِذِكْرِ اللَّهِ مَنْ عَمِلَ الصُّوَرَ سُئِلَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا أُخِذَتْ مِنْ أَحَدِكُمْ قَذَاةٌ فَلْيَقُلْ أَمَاطَ اللَّهُ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ مِنَ الْحَمَّامِ فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ طَابَ حَمِيمُكَ فَلْيَقُلْ أَنْعَمَ اللَّهُ بَالَكَ وَإِذَا قَالَ لَهُ حَيَّاكَ اللَّهُ بِالسَّلَامِ فَلْيَقُلْ وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ بِالسَّلَامِ وَأَحَلَّكَ دَارَ الْمُقَامِ السُّؤَالُ بَعْدَ الْمَدْحِ فَامْدَحُوا اللَّهَ ثُمَّ سَلُوهُ الْحَوَائِجَ وَأَثْنُوا عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَبِهَا يَا صَاحِبَ الدُّعَاءِ لَا تَسْأَلْ مَا لَا يَكُونُ وَلَا يَحِلُّ إِذَا هَنَّأْتُمُ الرَّجُلَ مِنْ مَوْلُودٍ ذَكَرٍ فَقُولُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي هِبَتِهِ وَبَلَغَ أَشُدَّهُ وَرُزِقْتَ بِرَّهُ إِذَا قَدِمَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَكَّةَ فَقَبِّلْ عَيْنَيْهِ وَفَمَهُ الَّذِي قَبَّلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ الَّذِي قَبَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَقَبِّلْ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَجَبْهَتَهُ وَإِذَا هَنَّأْتُمُوهُ فَقُولُوا قَبِلَ اللَّهُ نُسُكَكَ وَشَكَرَ سَعْيَكَ وَأَخْلَفَ عَلَيْكَ نَفَقَتَكَ وَلَا جَعَلَهُ آخِرَ عَهْدِكَ بِبَيْتِهِ الْحَرَامِ احْذَرُوا السَّفِلَةَ فَإِنَّ السَّفِلَةَ لَا يَخَافُ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ إِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ فَاخْتَارَنَا وَاخْتَارَ لَنَا شِيعَتَنَا يَنْصُرُونَنَا وَيَفْرَحُونَ بِفَرَحِنَا وَيَحْزَنُونَ بِحُزْنِنَا وَيَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ فِينَا أُولَئِكَ مِنَّا وَإِلَيْنَا مَا مِنْ شِيعَتِنَا أَحَدٌ يُقَارِفُ أَمْراً نَهَيْنَاهُ عَنْهُ فَيَمُوتُ حَتَّى يُبْتَلَى بِبَلِيَّةٍ تُمَحَّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ إِمَّا فِي مَالٍ أَوْ وَلَدٍ وَإِمَّا فِي نَفْسِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 124

حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ مُحِبُّنَا وَمَا لَهُ ذَنْبٌ وَإِنَّهُ لَيَبْقَى عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ ذُنُوبِهِ فَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيُمَحِّصُ ذُنُوبَهُ الْمَيِّتُ مِنْ شِيعَتِنَا صِدِّيقٌ شَهِيدٌ صَدَّقَ بِأَمْرِنَا وَأَحَبَّ فِينَا وَأَبْغَضَ فِينَا يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ مُؤْمِناً بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مَنْ أَذَاعَ سِرَّنَا أَذَاقَهُ اللَّهُ بَأْسَ الْحَدِيدِ اخْتِنُوا أَوْلَادَكُمْ يَوْمَ السَّابِعِ وَلَا يَمْنَعْكُمْ حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ فَإِنَّهُ طُهْرٌ لِلْجَسَدِ وَإِنَّ الْأَرْضَ لَتَضِجُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ بَوْلِ الْأَقْلَفِ أَصْنَافُ السُّكْرِ أَرْبَعَةُ سُكْرُ الشَّبَابِ وَسُكْرُ الْمَالِ وَسُكْرُ النَّوْمِ وَسُكْرُ الْمُلْكِ أُحِبُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَطَّلِيَ فِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً مَرَّةً بِالنُّورَةِ أَقِلُّوا أَكْلَ الْحِيتَانِ فَإِنَّهَا تُذِيبُ الْبَدَنَ وَتُكْثِرُ الْبَلْغَمَ وَتُغَلِّظُ النَّفَسَ الْحَسْوُ بِاللَّبَنِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا الْمَوْتَ كُلُوا الرُّمَّانَ بِشَحْمِهِ فَإِنَّهُ دِبَاغٌ لِلْمَعِدَةِ وَحَيَاةٌ لِلْقَلْبِ وَيَذْهَبُ بِوَسْوَاسِ الشَّيْطَانِ كُلُوا الْهِنْدَبَاءَ فَإِنَّهُ مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ قَطْرَةٌ مِنْ قَطْرِ الْجَنَّةِ اشْرَبُوا مَاءَ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ لِلْبَدَنِ وَيَدْفَعُ الْأَسْقَامَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ مَا مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَفِيهَا مِنْهُ شِفَاءٌ إِلَّا السَّامَ لُحُومُ الْبَقَرِ دَاءٌ وَأَلْبَانُهَا شِفَاءٌ وَكَذَلِكَ أَسْمَانُهَا مَا تَأْكُلُ الْحَامِلُ شَيْئاً وَلَا تَبْدَأُ بِهِ أَفْضَلَ مِنَ الرُّطَبِ قَالَ اللَّهُ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا حَنِّكُوا أَوْلَادَكُمْ بِالتَّمْرِ فَهَكَذَا فَعَلَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 125

رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَلَا يُعَاجِلَنَّهَا وَلْيَمْكُثْ يَكُنْ مِنْهَا مِثْلُ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ امْرَأَةً تُعْجِبُهُ فَلْيَلْقَ أَهْلَهُ فَإِنَّ عِنْدَهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَى وَلَا يَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ عَلَى قَلْبِهِ سَبِيلًا وَلْيَصْرِفْ بَصَرَهُ عَنْهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيَحْمَدِ اللَّهَ كَثِيراً إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ غِشْيَانَ زَوْجَتِهِ فَلْيُقِلَّ الْكَلَامَ فَإِنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ ذَلِكَ يُورِثُ الْخَرَسَ لَا يَنْظُرَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَى بَاطِنِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ وَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَحْلَلْتُ فَرْجَهَا بِأَمْرِكَ وَقَبِلْتُهَا بِأَمَانِكَ فَإِنْ قَضَيْتَ مِنْهَا وَلَداً فَاجْعَلْهُ ذَكَراً سَوِيّاً وَلَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ شِرْكاً وَنَصِيباً الْحُقْنَةُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِيهَا مَا قَالَ وَأَفْضَلُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحُقْنَةُ وَهِيَ تُعْظِمُ الْبَطْنَ وَتُنَقِّي دَاءَ الْجَوْفِ وَتُقَوِّي الْجَسَدَ اسْتَعِطُوا بِالْبَنَفْسَجِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْبَنَفْسَجِ لَحَسَوْهُ حَسْواً إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ إِتْيَانَ أَهْلِهِ فَلْيَتَوَقَّ الْأَهِلَّةَ وَأَنْصَافَ الشُّهُورِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَطْلُبُ الْوَلَدَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ تَوَقَّوُا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الْأَرْبِعَاءَ نَحْسٌ مُسْتَمِرٌّ وَفِيهِ خُلِقَتْ جَهَنَّمُ وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يَحْتَجِمُ فِيهِ أَحَدٌ إِلَّا مَاتَ.

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 126

عهده ع إلى الأشتر حين ولاه مصر وأعمالها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ حِينَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَايَةَ خَرَاجِهَا وَمُجَاهَدَةَ عَدُوِّهَا وَاسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَعِمَارَةَ بِلَادِهَا أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ الَّتِي لَا يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَلَا يَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَإِضَاعَتِهَا وَأَنْ يَنْصُرَ اللَّهَ بِيَدِهِ وَقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ فَإِنَّهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ عَزِيزٌ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ وَأَنْ يَعْتَمِدَ كِتَابَ اللَّهِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ فَإِنَّ فِيهِ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَأَنْ يَتَحَرَّى رِضَا اللَّهِ وَلَا يَتَعَرَّضَ لِسَخَطِهِ وَلَا يُصِرَّ عَلَى مَعْصِيَتِهِ فَإِنَّهُ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَجَوْرٍ وَأَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاةِ قَبْلَكَ وَيَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْيَكُنْ أَحَبُّ الذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بِالْقَصْدِ فِيمَا تَجْمَعُ وَمَا تَرْعَى بِهِ رَعِيَّتَكَ فَامْلِكْ هَوَاكَ وَشُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَكَ فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحْبَبْتَ وَكَرِهْتَ وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَالْمَحَبَّةَ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         132    عهده ع إلى الأشتر حين ولاه مصر وأعمالها .....  ص : 126

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 127

لَهُمْ وَاللُّطْفَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَلَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ تَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَتَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَيُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَصَفْحِكَ مِثْلَ الَّذِي تُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَوَالِي الْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَاللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ بِمَا عَرَّفَكَ مِنْ كِتَابِهِ وَبَصَّرَكَ مِنْ سُنَنِ نَبِيِّهِ ص عَلَيْكَ بِمَا كَتَبْنَا لَكَ فِي عَهِدْنَا هَذَا لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَدَ لَكَ بِنَقِمَتِهِ وَلَا غِنَى بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَرَحْمَتِهِ فَلَا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَلَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ وَلَا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ عَنْهَا مَنْدُوحَةً وَلَا تَقُولَنَّ إِنِّي مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِي الْقَلْبِ وَمَنْهَكَةٌ لِلدِّينِ وَتَقَرُّبٌ مِنَ الْفِتَنِ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَإِذَا أَعْجَبَكَ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِكَ فَحَدَثَتْ لَكَ بِهِ أُبَّهَةٌ أَوْ مَخِيلَةٌ فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْكِ اللَّهِ فَوْقَكَ وَقُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُطَامِنُ إِلَيْكَ مِنْ طِمَاحِكَ وَيَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ وَيَفِي‏ءُ إِلَيْكَ مَا عَزَبَ مِنْ عَقْلِكَ وَإِيَّاكَ وَمُسَامَاتَهُ فِي عَظَمَتِهِ أَوِ التَّشَبُّهَ بِهِ فِي جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَيُهِينُ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ* أَنْصِفِ اللَّهَ وَأَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَمِنْ خَاصَّتِكَ وَمِنْ أَهْلِكَ وَمَنْ لَكَ فِيهِ هَوًى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 128

مِنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَفْعَلْ تَظْلِمْ وَمَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَمَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ وَكَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ وَيَتُوبَ وَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةٍ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِينَ وَهُوَ لِلظَّالِمِينَ بِمِرْصَادٍ وَمَنْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ رَهِينُ هَلَاكٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلْيَكُنْ أَحَبُّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطَهَا فِي الْحَقِّ وَأَعَمَّهَا فِي الْعَدْلِ وَأَجْمَعَهَا لِلرَّعِيَّةِ فَإِنَّ سَخَطَ الْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَا الْخَاصَّةِ وَإِنَّ سَخَطَ الْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَا الْعَامَّةِ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَئُونَةً فِي الرَّخَاءِ وَأَقَلَّ لَهُ مَعُونَةً فِي الْبَلَاءِ وَأَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَأَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَأَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَأَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ وَأَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الْأُمُورِ مِنَ الْخَاصَّةِ وَإِنَّمَا عَمُودُ الدِّينِ وَجِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَالْعُدَّةُ لِلْأَعْدَاءِ أَهْلُ الْعَامَّةِ مِنَ الْأُمَّةِ فَلْيَكُنْ لَهُمْ صَغْوُكَ وَاعْمِدْ لِأَعَمِّ الْأُمُورِ مَنْفَعَةً وَخَيْرِهَا عَاقِبَةً وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلْيَكُنْ أَبْعَدُ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وَأَشْنَأُهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبَهُمْ لِعُيُوبِ النَّاسِ فَإِنَّ فِي النَّاسِ عُيُوباً الْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلَا تَكْشِفَنَّ مَا غَابَ عَنْكَ وَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ يَسْتُرِ اللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ وَأَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقَدَ كُلِّ حِقْدٍ وَاقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ وَاقْبَلِ الْعُذْرَ وَادْرَأِ الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَتَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَضِحُ لَكَ وَلَا تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِيقِ سَاعٍ فَإِنَّ السَّاعِيَ غَاشٌّ وَإِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 129

لَا تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلًا يَخْذُلُكَ عَنِ الْفَضْلِ وَيَعِدُكَ الْفَقْرَ وَلَا جَبَاناً يُضْعِفُ عَلَيْكَ الْأُمُورَ وَلَا حَرِيصاً يُزَيِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَالْجَوْرَ وَالْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ كُمُونُهَا فِي الْأَشْرَارِ أَيْقِنْ أَنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلْأَشْرَارِ وَزِيراً وَمَنْ شَرِكَهُمْ فِي الْآثَامِ وَقَامَ بِأُمُورِهِمْ فِي عِبَادِ اللَّهِ فَلَا يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً تُشْرِكُهُمْ فِي أَمَانَتِكَ كَمَا شَرِكُوا فِي سُلْطَانِ غَيْرِكَ فَأَرْدَوْهُمْ وَأَوْرَدُوهُمْ مَصَارِعَ السَّوْءِ وَلَا يُعْجِبَنَّكَ شَاهِدُ مَا يُحْضِرُونَكَ بِهِ فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَةِ وَإِخْوَانُ الظَّلَمَةِ وَعُبَابُ كُلِّ طَمَعٍ وَدَغَلٍ وَأَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ أَدَبِهِمْ وَنَفَاذِهِمْ مِمَّنْ قَدْ تَصَفَّحَ الْأُمُورَ فَعَرَفَ مَسَاوِئَهَا بِمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْهَا فَأُولَئِكَ أَخَفُّ عَلَيْكَ مَئُونَةً وَأَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَأَحْنَى عَلَيْكَ عَطْفاً وَأَقَلُّ لِغَيْرِكَ إِلْفاً لَمْ يُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَلَا آثِماً عَلَى إِثْمِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ غَيْرِكَ لَهُ سِيرَةٌ أَجْحَفَتْ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْمُعَاهَدِينَ فَاتَّخِذْ أُولَئِكَ خَاصَّةً لِخَلْوَتِكَ وَمَلَائِكَ ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى الضُّعَفَاءِ بِالْإِنْصَافِ وَأَقَلَّهُمْ لَكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 130

مُنَاظَرَةً فِيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ فَإِنَّهُمْ يَقِفُونَكَ عَلَى الْحَقِّ وَيُبَصِّرُونَكَ مَا يَعُودُ عَلَيْكَ نَفْعُهُ وَالْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَالصِّدْقِ وَذَوِي الْعُقُولِ وَالْأَحْسَابِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَنْ لَا يُطْرُوكَ وَلَا يَبْجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَتُدْنِي مِنَ الْغِرَّةِ وَالْإِقْرَارُ بِذَلِكَ يُوجِبُ الْمَقْتَ مِنَ اللَّهِ لَا يَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَالْمُسِي‏ءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ ذَلِكَ تَزْهِيدٌ لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِي الْإِحْسَانِ وَتَدْرِيبٌ لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عَلَى الْإِسَاءَةِ فَأَلْزِمْ كَلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ أَدَباً مِنْكَ يَنْفَعْكَ اللَّهُ بِهِ وَتَنْفَعْ بِهِ أَعْوَانَكَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ بِأَدْعَى لِحُسْنِ ظَنِّ وَالٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وَتَخْفِيفِهِ الْمَئُونَاتِ عَلَيْهِمْ وَقِلَّةِ اسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ فَلْيَكُنْ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ ظَنِّكَ بِرَعِيَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِيلًا وَإِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ وَأَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ فَاعْرِفْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ لَكَ وَعَلَيْكَ لِتَزِدْكَ بَصِيرَةً فِي حُسْنِ الصُّنْعِ وَاسْتِكْثَارِ حُسْنِ الْبَلَاءِ عِنْدَ الْعَامَّةِ مَعَ مَا يُوجِبُ اللَّهُ بِهَا لَكَ فِي الْمَعَادِ وَلَا تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَاجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَةُ وَصَلَحَتْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 131

عَلَيْهَا الرَّعِيَّةُ وَلَا تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تُضِرُّ بِشَيْ‏ءٍ مِمَّا مَضَى مِنْ تِلْكَ السُّنَنِ فَيَكُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَالْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا وَأَكْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ وَمُثَافَنَةَ الْحُكَمَاءِ فِي تَثْبِيتِ مَا صَلَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ بِلَادِكَ وَإِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ مِنْ قِبَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحِقَّ الْحَقَّ وَيَدْفَعُ الْبَاطِلَ وَيُكْتَفَى بِهِ دَلِيلًا وَمِثَالًا لِأَنَّ السُّنَنَ الصَّالِحَةَ هِيَ السَّبِيلُ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ- ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لَا يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ وَلَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَمِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَمِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ وَمِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَالرِّفْقِ وَمِنْهَا أَهْلُ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمُسْلِمَةِ النَّاسِ وَمِنْهَا التُّجَّارُ وَأَهْلُ الصِّنَاعَاتِ وَمِنْهَا طَبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ وَكُلًّا قَدْ سَمَّى اللَّهُ سَهْمَهُ وَوَضَعَ عَلَى حَدِّ فَرِيضَتِهِ فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ص وَعَهْداً عِنْدَنَا مَحْفُوظاً فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِيَّةِ وَزَيْنُ الْوُلَاةِ وَعِزُّ الدِّينِ وَسَبِيلُ الْأَمْنِ وَالْخَفْضِ وَلَيْسَ تَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِهِمْ ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِي يَصِلُونَ بِهِ إِلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَاتِهِمْ ثُمَّ لَا بَقَاءَ لِهَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَالْكُتَّابِ لِمَا يُحْكِمُونَ مِنَ الْأُمُورِ وَيُظْهِرُونَ مِنَ الْإِنْصَافِ وَيَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَيُؤْمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَعَوَامِّهَا وَلَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِيعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَذَوِي الصِّنَاعَاتِ فِيمَا يَجْمَعُونَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         136    عهده ع إلى الأشتر حين ولاه مصر وأعمالها .....  ص : 126

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 132

مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَيُقِيمُونَ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَيَكْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَيْدِيهِمْ مِمَّا لَا يَبْلُغُهُ رِفْقُ غَيْرِهِمْ ثُمَّ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ الَّذِينَ يَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَفِي فَيْ‏ءِ اللَّهِ لِكُلٍّ سَعَةٌ وَلِكُلٍّ عَلَى الْوَالِي حَقٌّ بِقَدْرٍ يُصْلِحُهُ وَلَيْسَ يَخْرُجُ الْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِالاهْتِمَامِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَتَوْطِينِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ وَالصَّبْرِ فِيمَا خَفَّ عَلَيْهِ وَثَقُلَ فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِي نَفْسِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِإِمَامِكَ وَأَنْقَاهُمْ جَيْباً وَأَفْضَلَهُمْ حِلْماً وَأَجْمَعَهُمْ عِلْماً وَسِيَاسَةً مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَيُسْرِعُ إِلَى الْعُذْرِ وَيَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَيَنْبُو عَلَى الْأَقْوِيَاءِ مِمَّنْ لَا يُثِيرُهُ الْعُنْفُ وَلَا يَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِي الْأَحْسَابِ وَأَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَالسَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالسَّخَاءِ وَالسَّمَاحَةِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ وَشُعَبٌ مِنَ العُرْفِ يَهْدُونَ إِلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِقَدَرِهِ ثُمَّ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِمَا يَتَفَقَّدُ الْوَالِدُ مِنْ وُلْدِهِ وَلَا يَتَفَاقَمَنَّ فِي نَفْسِكَ شَيْ‏ءٌ قَوَّيْتَهُمْ بِهِ وَلَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَإِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِيَةٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ النَّصِيحَةِ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ فَلَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِيفِ أُمُورِهِمُ اتِّكَالًا عَلَى جَسِيمِهَا فَإِنَّ لِلْيَسِيرِ مِنْ لُطْفِكَ مَوْضِعاً يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَلِلْجَسِيمِ مَوْقِعاً لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 133

وَ لْيَكُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنُودِكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِي مَعُونَتِهِ وَأَفْضَلَ عَلَيْهِمْ فِي بَذْلِهِ مِمَّنْ يَسَعُهُمْ وَيَسَعُ مَنْ وَرَائَهُمْ مِنَ الْخُلُوفِ مِنْ أَهْلِهِمْ حَتَّى يَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ ثُمَّ وَاتِرْ أَعْلَامَهُمْ ذَاتَ نَفْسِكَ فِي إِيثَارِهِمْ وَالتَّكْرِمَةِ لَهُمْ وَالْإِرْصَادِ بِالتَّوْسِعَةِ وَحَقِّقْ ذَلِكَ بِحُسْنِ الْفِعَالِ وَالْأَثَرِ وَالْعَطْفِ فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَيْهِمْ يَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْكَ وَإِنَّ أَفْضَلَ قُرَّةِ الْعُيُونِ لِلْوُلَاةِ اسْتِفَاضَةُ الْعَدْلِ فِي الْبِلَادِ وَظُهُورُ مَوَدَّةِ الرَّعِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلَّا بِسَلَامَةِ صُدُورِهِمْ وَلَا تَصِحُّ نَصِيحَتُهُمْ إِلَّا بِحَوْطَتِهِمْ عَلَى وُلَاةِ أُمُورِهِمْ وَقِلَّةِ اسْتِثْقَالِ دَوْلَتِهِمْ وَتَرْكِ اسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ ثُمَّ لَا تَكِلَنَّ جُنُودَكَ إِلَى مَغْنَمٍ وَزَّعْتَهُ بَيْنَهُمْ بَلْ أَحْدِثْ لَهُمْ مَعَ كُلَّ مَغْنَمٍ بَدَلًا مِمَّا سِوَاهُ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ تَسْتَنْصِرُ بِهِمْ بِهِ وَيَكُونُ دَاعِيَةً لَهُمْ إِلَى الْعَوْدَةِ لِنَصْرِ اللَّهِ وَلِدِينِهِ وَاخْصُصْ أَهْلَ النَّجْدَةِ فِي أَمَلِهِمْ إِلَى مُنْتَهَى غَايَةِ آمَالِكَ مِنَ النَّصِيحَةِ بِالْبَذْلِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَلَطِيفِ التَّعَهُّدِ لَهُمْ رَجُلًا رَجُلًا وَمَا أَبْلَى فِي كُلِّ مَشْهَدٍ فَإِنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ مِنْكَ لِحُسْنِ فِعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَتُحَرِّضُ النَّاكِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ لَا تَدَعْ أَنْ يَكُونَ لَكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 134

عَلَيْهِمْ عُيُونٌ مِنْ أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَالْقَوْلِ بِالْحَقِّ عِنْدَ النَّاسِ فَيُثْبِتُونَ بَلَاءَ كُلِّ ذِي بَلَاءٍ مِنْهُمْ لِيَثِقَ أُولَئِكَ بِعِلْمِكَ بِبَلَائِهِمْ ثُمَّ اعْرِفْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَلَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَايَةِ بَلَائِهِ وَكَافِ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْهُ وَاخْصُصْهُ مِنْكَ بِهَزِّهِ وَلَا يَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ صَغِيراً- وَلَا ضَعَةُ امْرِئٍ عَلَى أَنْ تُصَغِّرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ عَظِيماً وَلَا يُفْسِدَنَّ امْرَأً عِنْدَكَ عِلَّةٌ إِنْ عُرِضَتْ لَهُ وَلَا نَبْوَةُ حَدِيثٍ لَهُ قَدْ كَانَ لَهُ فِيهَا حُسْنُ بَلَاءٍ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. وَإِنِ اسْتُشْهِدَ أَحَدٌ مِنْ جُنُودِكَ وَأَهْلِ النِّكَايَةِ فِي عَدُوِّكَ فَاخْلُفْهُ فِي عِيَالِهِ بِمَا يَخْلُفُ بِهِ الْوَصِيُّ الشَّفِيقُ الْمُوَثَّقُ بِهِ حَتَّى لَا يُرَى عَلَيْهِمْ أَثَرُ فَقْدِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَعْطِفُ عَلَيْكَ قُلُوبَ شِيعَتِكَ وَيَسْتَشْعِرُونَ بِهِ طَاعَتَكَ وَيَسْلَسُونَ لِرُكُوبِ مَعَارِيضِ التَّلَفِ الشَّدِيدِ فِي وَلَايَتِكَ وَقَدْ كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص سُنَنٌ فِي الْمُشْرِكِينَ وَمِنَّا بَعْدَهُ سُنَنٌ قَدْ جَرَتْ بِهَا سُنَنٌ وَأَمْثَالٌ فِي الظَّالِمِينَ وَمَنْ تَوَجَّهَ قِبْلَتَنَا وَتُسَمَّى بِدِينِنَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وَقَالَ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 135

فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَالرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمُتَفَرِّقَةِ وَنَحْنُ أَهْلُ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِينَ نَسْتَنْبِطُ الْمُحْكَمَ مِنْ كِتَابِهِ وَنُمَيِّزُ الْمُتَشَابِهَ مِنْهُ وَنَعْرِفُ النَّاسِخَ مِمَّا نَسَخَ اللَّهُ وَوَضَعَ إِصْرَهُ فَسِرْ فِي عَدُوِّكَ بِمِثْلِ مَا شَاهَدْتَ مِنَّا فِي مِثْلِهِمْ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَوَاتِرْ إِلَيْنَا الْكُتُبَ بِالْإِخْبَارِ بِكُلِّ حَدَثٍ يَأْتِكَ مِنَّا أَمْرٌ عَامٌّ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ ثُمَّ انْظُرْ فِي أَمْرِ الْأَحْكَامِ بَيْنَ النَّاسِ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي إِنْصَافِ الْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ وَالْأَخْذِ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ وَإِقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ عَلَى سُنَّتِهَا وَمِنْهَاجِهَا مِمَّا يُصْلِحُ عِبَادَ اللَّهِ وَبِلَادَهُ فَاخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي نَفْسِكَ وَأَنْفَسَهُمْ لِلْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَالْوَرَعِ وَالسَّخَاءِ مِمَّنْ لَا تَضِيقُ بِهِ الْأُمُورُ وَلَا تُمْحِكُهُ الْخُصُومُ وَلَا يَتَمَادَى فِي إِثْبَاتِ الزَّلَّةِ وَلَا يَحْصَرُ مِنَ الْفَيْ‏ءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَلَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ وَلَا يَكْتَفِي بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ وَأَوْقَفَهُمْ فِي الشُّبُهَاتِ وَآخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَأَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الْخُصُومِ وَأَصْبَرَهُمْ عَلَى تَكَشُّفِ الْأُمُورِ وَأَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُكْمِ مِمَّنْ لَا يَزْدَهِيهِ إِطْرَاءٌ وَلَا يَسْتَمِيلُهُ إِغْرَاقٌ وَلَا يُصْغِي لِلتَّبْلِيغِ فَوَلِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         140    عهده ع إلى الأشتر حين ولاه مصر وأعمالها .....  ص : 126

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 136

قَضَاءَكَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ وَهُمْ قَلِيلٌ ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَهُّدَ قَضَائِهِ وَافْتَحْ لَهُ فِي الْبَذْلِ مَا يُزِيحُ عِلَّتَهُ وَيَسْتَعِينُ بِهِ وَتَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ وَأَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْكَ مَا لَا يَطْمَعُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ اغْتِيَالَ الرِّجَالِ إِيَّاهُ عِنْدَكَ وَأَحْسِنْ تَوْقِيرَهُ فِي صُحْبَتِكَ وَقَرِّبْهُ فِي مَجْلِسِكَ وَأَمْضِ قَضَاءَهُ وَأَنْفِذْ حُكْمَهُ وَاشْدُدْ عَضُدَهُ وَاجْعَلْ أَعْوَانَهُ خِيَارَ مَنْ تَرْضَى مِنْ نُظَرَائِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْوَرَعِ وَالنَّصِيحَةِ لِلَّهِ وَلِعِبَادِ اللَّهِ لِيُنَاظِرَهُمْ فِيمَا شُبِّهَ عَلَيْهِ وَيَلْطُفَ عَلَيْهِمْ لِعِلْمِ مَا غَابَ عَنْهُ وَيَكُونُونَ شُهَدَاءَ عَلَى قَضَائِهِ بَيْنَ النَّاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ حَمَلَةُ الْأَخْبَارِ لِأَطْرَافِكَ قُضَاةٌ تَجْتَهِدُ فِيهِمْ نَفْسُهُ لَا يَخْتَلِفُونَ وَلَا يَتَدَابَرُونَ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْحُكْمِ إِضَاعَةٌ لِلْعَدْلِ وَغِرَّةٌ فِي الدِّينِ وَسَبَبٌ مِنَ الْفُرْقَةِ وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَا يَأْتُونَ وَمَا يُنْفِقُونَ وَأَمَرَ بِرَدِّ مَا لَا يَعْلَمُونَ إِلَى مَنِ اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ عِلْمَ كِتَابِهِ وَاسْتَحْفَظَهُ الْحُكْمَ فِيهِ فَإِنَّمَا اخْتِلَافُ الْقُضَاةِ فِي دُخُولِ الْبَغْيِ بَيْنَهُمْ وَاكْتِفَاءِ كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ بِرَأْيِهِ دُونَ مَنْ فَرَضَ اللَّهُ وَلَايَتَهُ لَيْسَ يَصْلُحُ الدِّينُ وَلَا أَهْلُ الدِّينِ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَثَرِ وَالسُّنَّةِ فَإِذَا أَعْيَاهُ ذَلِكَ رَدَّ الْحُكْمَ إِلَى أَهْلِهِ فَإِنْ غَابَ أَهْلُهُ عَنْهُ نَاظَرَ غَيْرَهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ لِقَاضِيَيْنِ مِنَ أَهْلِ الْمِلَّةِ أَنْ يُقِيمَا عَلَى اخْتِلَافٍ فِي الْحُكْمِ دُونَ مَا رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ فِيكُمْ فَيَكُونُ هُوَ الْحَاكِمُ بِمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ يَجْتَمِعَانِ عَلَى حُكْمِهِ فِيمَا وَافَقَهُمَا أَوْ خَالَفَهُمَا فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ نَظَراً بَلِيغاً فَإِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ كَانَ أَسِيراً بِأَيْدِي الْأَشْرَارِ يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى وَتُطْلَبُ بِهِ الدُّنْيَا وَاكْتُبْ إِلَى قُضَاةِ بُلْدَانِكَ فَلْيَرْفَعُوا إِلَيْكَ كُلَّ حُكْمٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى حُقُوقِهِ ثُمَّ تَصَفَّحْ تِلْكَ الْأَحْكَامَ فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ وَالْأَثَرَ مِنْ إِمَامِكَ فَأَمْضِهِ وَاحْمِلْهُمْ عَلَيْهِ وَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ فَاجْمَعْ لَهُ الْفُقَهَاءَ-

 

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 137

بِحَضْرَتِكَ فَنَاظِرْهُمْ فِيهِ ثُمَّ أَمْضِ مَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ بِحَضْرَتِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ كُلَّ أَمْرٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الرَّعِيَّةُ مَرْدُودٌ إِلَى حُكْمِ الْإِمَامِ وَعَلَى الْإِمَامِ الِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ وَالِاجْتِهَادُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَجَبْرُ الرَّعِيَّةِ عَلَى أَمْرِهِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ انْظُرْ إِلَى أُمُورِ عُمَّالِكَ وَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً وَلَا تُوَلِّهِمْ أُمُورَكَ مُحَابَاةً وَأَثَرَةً فَإِنَّ الْمُحَابَاةَ وَالْأَثَرَةَ جِمَاعُ الْجَوْرِ وَالْخِيَانَةِ وَإِدْخَالُ الضَّرُورَةِ عَلَى النَّاسِ وَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الْأُمُورُ بِالْإِدْغَالِ فَاصْطَفِ لِوِلَايَةِ أَعْمَالِكَ أَهْلَ الْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالسِّيَاسَةِ وَتَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ وَالْحَيَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَالْقِدَمِ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلَاقاً وَأَصَحُّ أَعْرَاضاً وَأَقَلُّ فِي الْمَطَامِعِ إِشْرَافاً وَأَبْلَغُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً مِنْ غَيْرِهِمْ فَلْيَكُونُوا أَعْوَانَكَ عَلَى مَا تَقَلَّدْتَ ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِمْ فِي الْعَمَالاتِ وَوَسِّعْ عَلَيْهِمْ فِي الْأَرْزَاقِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ قُوَّةً لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَغِنًى عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ وَحُجَّةً عَلَيْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَابْعَثِ الْعُيُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ فَإِنَّ تَعَهُّدَكَ فِي السِّرِّ أُمُورَهُمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَةِ وَالرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ وَتَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَةٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا أَخْبَارُ عُيُونِكَ اكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ وَأَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ فَوَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ وَقَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَةِ وَتَفَقَّدْ مَا يُصْلِحُ أَهْلَ الْخَرَاجِ فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَصَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَلَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَأَهْلِهِ فَلْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ فَإِنَّ الْجَلْبَ لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالْعِمَارَةِ وَمَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَأَهْلَكَ الْعِبَادَ وَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِيلًا فَاجْمَعْ إِلَيْكَ أَهْلَ الْخَرَاجِ مِنْ كُلِّ بُلْدَانِكَ وَمُرْهُمْ فَلْيُعْلِمُوكَ حَالَ بِلَادِهِمْ وَمَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 138

فِيهِ صَلَاحُهُمْ وَرَخَاءُ جِبَايَتِهِمْ ثُمَّ سَلْ عَمَّا يَرْفَعُ إِلَيْكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ مِنْ غِيْرِهِمْ فَإِنْ كَانُوا شَكَوْا ثِقَلًا أَوْ عِلَّةً مِنِ انْقِطَاعِ شُرْبٍ أَوْ إِحَالَةِ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهِمُ الْعَطَشُ أَوْ آفَةٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ مَا تَرْجُو أَنْ يُصْلِحَ اللَّهُ بِهِ أَمْرَهُمْ وَإِنْ سَأَلُوا مَعُونَةً عَلَى إِصْلَاحِ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِأَمْوَالِهِمْ فَاكْفِهِمْ مَئُونَتَهُ فَإِنَّ فِي عَاقِبَةِ كِفَايَتِكَ إِيَّاهُمْ صَلَاحاً فَلَا يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ خَفَّفْتَ بِهِ عَنْهُمُ الْمَئُونَاتِ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ لِعِمَارَةِ بِلَادِكَ وَتَزْيِينِ وِلَايَتِكَ مَعَ اقْتِنَائِكَ مَوَدَّتَهُمْ وَحُسْنَ نِيَّاتِهِمْ وَاسْتَفَاضَةِ الْخَيْرِ وَمَا يُسَهِّلُ اللَّهُ بِهِ مِنْ جَلْبِهِمْ فَإِنَّ الْخَرَاجَ لَا يُسْتَخْرَجُ بِالْكَدِّ وَالْإِتْعَابِ مَعَ أَنَّهَا عَقْدٌ تُعْتَمَدُ عَلَيْهَا إِنْ حَدَثَ حَدَثٌ كُنْتَ عَلَيْهِمْ مُعْتَمِداً لِفَضْلِ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عَنْهُمْ مِنَ الْجَمَامِ وَالثِّقَةِ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ وَرِفْقِكَ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِعُذْرِكَ فِيمَا حَدَثَ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي اتَّكَلْتَ بِهِ عَلَيْهِمْ فَاحْتَمَلُوهُ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ وَإِنَّمَا يُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ لِإِعْوَازِ أَهْلِهَا وَإِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِسْرَافِ الْوُلَاةِ وَسُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَقِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ فَاعْمَلْ فِيمَا وُلِّيتَ عَمَلَ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَدَّخِرَ حُسْنَ الثَّنَاءِ مِنَ الرَّعِيَّةِ وَالْمَثُوبَةَ مِنَ اللَّهِ وَالرِّضَا مِنَ الْإِمَامِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ انْظُرْ فِي حَالِ كُتَّابِكَ فَاعْرِفْ حَالَ كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْهُمْ فَاجْعَلْ لَهُمْ مَنَازِلَ وَرُتَباً فَوَلِّ عَلَى أُمُورِكَ خَيْرَهُمْ وَاخْصُصْ رَسَائِلَكَ الَّتِي تُدْخِلُ فِيهَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 139

مَكِيدَتَكَ وَأَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ الْأَدَبِ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْمُنَاظَرَةِ فِي جَلَائِلِ الْأُمُورِ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ وَالنَّصِيحَةِ وَالذِّهْنِ أَطْوَاهُمْ عَنْكَ لِمَكْنُونِ الْأَسْرَارِ كَشْحاً مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْكَرَامَةُ وَلَا تَمْحَقُ بِهِ الدَّالَّةُ فَيَجْتَرِئَ بِهَا عَلَيْكَ فِي خَلَاءٍ أَوْ يَلْتَمِسَ إِظْهَارَهَا فِي مَلَاءٍ وَلَا تَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَةُ عَنْ إِيرَادِ كُتُبِ الْأَطْرَافِ عَلَيْكَ وَإِصْدَارِ جَوَابَاتِكَ عَلَى الصَّوَابِ عَنْكَ وَفِيمَا يَأْخُذُ وَيُعْطِي مِنْكَ وَلَا يُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَكَ وَلَا يَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَيْكَ وَلَا يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِي الْأُمُورِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلَ وَوَلِّ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ رَسَائِلِكَ وَجَمَاعَاتِ كُتُبِ خَرْجِكَ وَدَوَاوِينِ جُنُودِكَ قَوْماً تَجْتَهِدُ نَفْسُكَ فِي اخْتِيَارِهِمْ فَإِنَّهَا رُءُوسُ أَمْرِكَ أَجْمَعُهَا لِنَفْعِكَ وَأَعَمُّهَا لِنَفْعِ رَعِيَّتِكَ ثُمَّ لَا يَكُنِ اخْتِيَارُكَ إِيَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِكَ وَاسْتِنَامَتِكَ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِمْ فَإِنَّ الرِّجَالَ يَعْرِفُونَ فِرَاسَاتِ الْوُلَاةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَخِدْمَتِهِمْ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصِيحَةِ وَالْأَمَانَةِ وَلَكِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِي الْعَامَّةِ أَثَراً وَأَعْرَفِهِمْ فِيهَا بِالنُّبْلِ وَالْأَمَانَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَصِيحَتِكَ لِلَّهِ وَلِمَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ ثُمَّ مُرْهُمْ بِحُسْنِ الْوَلَايَةِ وَلِينِ الْكَلِمَةِ وَاجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ لَا يَقْهَرُهُ كَبِيرُهَا وَلَا يَتَشَتَّتُ عَلَيْهِ كَثِيرُهَا ثُمَّ تَفَقَّدْ مَا غَابَ عَنْكَ مِنْ حَالاتِهِمْ وَأُمُورِ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         145    عهده ع إلى الأشتر حين ولاه مصر وأعمالها .....  ص : 126

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 140

مَنْ يَرِدُ عَلَيْكَ رُسُلُهُ وَذَوِي الْحَاجَةِ وَكَيْفَ وَلَايَتُهُمْ وَقَبُولُهُمْ وَلِيَّهُمْ وَحُجَّتَهُمْ فَإِنَّ التَّبَرُّمَ وَالْعِزَّ وَالنَّخْوَةَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْكُتَّابِ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ وَلَيْسَ لِلنَّاسِ بُدٌّ مِنْ طَلَبِ حَاجَاتِهِمْ وَمَهْمَا كَانَ فِي كُتَّابِكَ مِنْ عَيْبٍ فَتَغَابَيْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ أَوْ فَضْلٍ نُسِبَ إِلَيْكَ مَعَ مَا لَكَ عِنْدَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الثَّوَابِ ثُمَّ التُّجَّارَ وَذَوِي الصِّنَاعَاتِ فَاسْتَوْصِ وَأَوْصِ بِهِمْ خَيْراً الْمُقِيمِ مِنْهُمْ وَالْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَالْمُتَرَفِّقِ بِيَدِهِ فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ لِلْمَنَافِعِ وَجُلَّابُهَا فِي الْبِلَادِ فِي بَرِّكَ وَبَحْرِكَ وَسَهْلِكَ وَجَبَلِكَ وَحَيْثُ لَا يَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَلَا يَجْتَرِءُونَ عَلَيْهَا مِنْ بِلَادِ أَعْدَائِكَ مِنْ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ الَّتِي أَجْرَى اللَّهُ الرِّفْقَ مِنْهَا عَلَى أَيْدِيهِمْ فَاحْفَظْ حُرْمَتَهُمْ وَآمِنْ سُبُلَهُمْ وَخُذْ لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَصُلْحٌ لَا تُحْذَرُ غَائِلَتُهُ أَحَبُّ الْأُمُورِ إِلَيْهِمْ أَجْمَعُهَا لِلْأَمْنِ وَأَجْمَعُهَا لِلسُّلْطَانِ فَتَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ وَفِي حَوَاشِي بِلَادِكَ وَاعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ ضَيْقاً فَاحِشاً وَشُحّاً قَبِيحاً وَاحْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ وَتَحَكُّماً فِي الْبِيَاعَاتِ وَذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ وَعَيْبٌ عَلَى الْوُلَاةِ فَامْنَعِ الِاحْتِكَارَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَهَى عَنْهُ وَلْيَكُنِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بَيْعاً سَمْحاً بِمَوَازِينِ عَدْلٍ وَأَسْعَارٍ لَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 141

تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْيِكَ فَنَكِّلْ وَعَاقِبْ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِي الطَّبَقَةِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِينَ لَا حِيلَةَ لَهُمْ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمُحْتَاجِينَ وَذَوِي الْبُؤْسِ وَالزَّمْنَى فَإِنَّ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ قَانِعاً وَمُعْتَرّاً فَاحْفَظِ اللَّهَ مَا اسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِيهَا وَاجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ صَوَافِي الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِي لِلْأَدْنَى وَكُلًّا قَدِ اسْتَرْعَيْتَ حَقَّهُ فَلَا يَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ نَظَرٌ فَإِنَّكَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْيِيعِ الصَّغِيرِ لِإِحْكَامِكَ الْكَثِيرَ الْمُهِمَّ فَلَا تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ وَتَوَاضَعْ لِلَّهِ يَرْفَعْكَ اللَّهُ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلضُّعَفَاءِ وَأَرِ بِهِمْ إِلَى ذَلِكَ مِنْكَ حَاجَةً وَتَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا لَا يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُيُونُ وَتُحَقِّرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْيَةِ وَالتَّوَاضُعِ فَلْيَرْفَعْ إِلَيْكَ أُمُورَهُمْ ثُمَّ اعْمَلْ فِيهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَحْوَجُ إِلَى الْإِنْصَافِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَكُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اللَّهِ فِي تَأْدِيَةِ حَقِّهِ إِلَيْهِ وَتَعَهَّدْ أَهْلَ الْيُتْمِ وَالزَّمَانَةِ وَالرِّقَّةِ فِي السِّنِّ مِمَّنْ لَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 142

حِيلَةَ لَهُ وَلَا يَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ فَأَجْرِ لَهُمْ أَرْزَاقاً فَإِنَّهُمْ عِبَادُ اللَّهِ فَتَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ بِتَخَلُّصِهِمْ وَوَضْعِهِمْ مَوَاضِعَهُمْ فِي أَقْوَاتِهِمْ وَحُقُوقِهِمْ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ تَخْلُصُ بِصِدْقِ النِّيَّاتِ ثُمَّ إِنَّهُ لَا تَسْكُنُ نُفُوسُ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ إِلَى أَنَّكَ قَدْ قَضَيْتَ حُقُوقَهُمْ بِظَهْرِ الْغَيْبِ دُونَ مُشَافَهَتِكَ بِالْحَاجَاتِ وَذَلِكَ عَلَى الْوُلَاةِ ثَقِيلٌ وَالْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِيلٌ وَقَدْ يُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا نُفُوسَهُمْ وَوَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لِمَنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ فَكُنْ مِنْهُمْ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاجْعَلْ لِذَوِي الْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِيهِ شَخْصَكَ وَذِهْنَكَ مِنَ كُلِّ شُغُلٍ ثُمَّ تَأْذَنُ لَهُمْ عَلَيْكَ وَتَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً تَتَوَاضَعُ فِيهِ لِلَّهِ الَّذِي رَفَعَكَ وَتُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَكَ وَأَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَشُرَطِكَ تَخْفِضُ لَهُمْ فِي مَجْلِسِكَ ذَلِكَ جَنَاحَكَ وَتُلِينُ لَهُمْ كَنَفَكَ فِي مُرَاجَعَتِكَ وَوَجْهِكَ حَتَّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَالْعِيَّ وَنَحِّ عَنْكَ الضِّيقَ وَالْأَنَفَ يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 143

يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ أَهْلِ طَاعَتِهِ فَأَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً وَامْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَإِعْذَارٍ وَتَوَاضَعْ هُنَاكَ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَاضِعِينَ وَلْيَكُنْ أَكْرَمُ أَعْوَانِكَ عَلَيْكَ أَلْيَنَهُمْ جَانِباً وَأَحْسَنَهُمْ مُرَاجَعَةً وَأَلْطَفَهُمْ بِالضُّعَفَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ إِنَّ أُمُوراً مِنْ أُمُورِكَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ مَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ وَمِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ فِي قَصَصِهِمْ وَمِنْهَا مَعْرِفَةُ مَا يَصِلُ إِلَى الْكُتَّابِ وَالْخُزَّانِ مِمَّا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ فَلَا تَتَوَانَ فِيمَا هُنَالِكَ وَلَا تَغْتَنِمْ تَأْخِيرَهُ وَاجْعَلْ لِكُلِّ أَمْرٍ مِنْهَا مَنْ يُنَاظِرُ فِيهِ وُلَاتَهُ بِتَفْرِيغٍ لِقَلْبِكَ وَهَمِّكَ فَكُلَّمَا أَمْضَيْتَ أَمْراً فَأَمْضِهِ بَعْدَ التَّرْوِيَةِ وَمُرَاجَعَةِ نَفْسِكَ وَمُشَاوَرَةِ وَلِيِّ ذَلِكَ بِغَيْرِ احْتِشَامٍ وَلَا رَأْيٍ يَكْسِبُ بِهِ عَلَيْكَ نَقِيضَهُ ثُمَّ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ وَاجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ وَأَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَحَّتْ فِيهَا النِّيَّةُ وَسَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ وَلْيَكُنْ فِي خَاصِّ مَا تُخْلِصُ لِلَّهِ بِهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ مَا يَجِبُ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ النَّافِلَةَ لِنَبِيِّهِ خَاصَّةً دُونَ خَلْقِهِ فَقَالَ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً فَذَلِكَ أَمْرٌ اخْتَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ وَأَكْرَمَهُ بِهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ سِوَاهُ وَهُوَ لِمَنْ سِوَاهُ تَطَوُّعٌ فَإِنَّهُ يَقُولُ- وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ فَوَفِّرْ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَكَرَمِهِ وَأَدِّ فَرَائِضَهُ إِلَى اللَّهِ كَامِلًا غَيْرَ مَثْلُوبٍ وَلَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً ذَلِكَ مِنْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 144

بَدَنِكَ مَا بَلَغَ فَإِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ بِالنَّاسِ فَلَا تُطَوِّلَنَّ وَلَا تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَلَا مُضَيِّعاً فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَلَهُ الْحَاجَةُ وَقَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى الْيَمَنِ كَيْفَ نُصَلِّي بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ كَصَلَاةِ أَضْعَفِهِمْ وَكُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً- وَبَعْدَ هَذَا فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّيقِ وَقِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ وَالِاحْتِجَابُ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبِيرُ وَيَعْظُمُ الصَّغِيرُ وَيَقْبُحُ الْحَسَنُ وَيَحْسُنُ الْقَبِيحُ وَيُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ وَإِنَّمَا الْوَالِي بَشَرٌ لَا يَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَلَيْسَتْ عَلَى الْقَوْلِ سِمَاتٌ يُعْرَفُ بِهَا الصِّدْقُ مِنَ الْكَذِبِ فَتَحَصَّنْ مِنَ الْإِدْخَالِ فِي الْحُقُوقِ بِلِينِ الْحِجَابِ فَإِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ فَفِيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِيهِ أَوْ خُلُقٍ كَرِيمٍ تُسْدِيهِ وَإِمَّا مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ مَا لَا مَئُونَةَ عَلَيْكَ فِيهِ مِنْ شِكَايَةِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فَانْتَفِعْ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ وَاقْتَصِرْ فِيهِ عَلَى حَظِّكَ وَرُشْدِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ لِلْمُلُوكِ خَاصَّةً وَبِطَانَةً فِيهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَتَطَاوُلٌ وَقِلَّةُ إِنْصَافٍ فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَلَا تَقْطَعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَشَمِكَ وَلَا حَامَّتِكَ قَطِيعَةً وَلَا تَعْتَمِدَنَّ فِي اعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ يَلِيهَا مِنَ النَّاسِ فِي شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         150    خطبته ع المعروفة بالديباج .....  ص : 149

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 145

يَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ وَعَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَلَيْكَ بِالْعَدْلِ فِي حُكْمِكَ إِذَا انْتَهَتِ الْأُمُورُ إِلَيْكَ وَأَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَكُنْ فِي ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَافْعَلْ ذَلِكَ بِقَرَابَتِكَ حَيْثُ وَقَعَ وَابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْهِ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ وَإِنْ ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ وَاعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ فَإِنَّ فِي تِلْكَ رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَرِفْقاً مِنْكَ بِرَعِيَّتِكَ وَإِعْذَاراً تَبْلُغُ فِيهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ فِي خَفْضٍ وَإِجْمَالٍ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ فِيهِ رِضًا فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَرَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَأَمْناً لِبِلَادِكَ وَلَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ مُقَارَبَةِ عَدُوِّكَ فِي طَلَبِ الصُّلْحِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَتَحَصَّنْ كُلَّ مَخُوفٍ تُؤْتَى مِنْهُ وَبِاللَّهِ الثِّقَةُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ- وَإِنْ لَجَّتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَدُوِّكَ قَضِيَّةٌ عَقَدْتَ لَهُ بِهَا صُلْحاً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَاجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنَ فَرَائِضِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 146

اجْتِمَاعاً فِي تَفْرِيقِ أَهْوَائِهِمْ وَتَشْتِيتِ أَدْيَانِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَقَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنَ الْغَدْرِ وَالْخَتْرِ فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَلَا تَخْفِرْ بِعَهْدِكَ وَلَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَحَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ وَيَسْتَفِيضُونَ بِهِ إِلَى جِوَارِهِ فَلَا خِدَاعَ وَلَا مُدَالَسَةَ وَلَا إِدْغَالَ فِيهِ- فَلَا يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللَّهِ عَلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَفَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَأَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللَّهِ طِلْبَةٌ وَلَا تَسْتَقِيلَ فِيهَا دُنْيَاكَ وَلَا آخِرَتَكَ وَإِيَّاكَ وَالدِّمَاءَ وَسَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَدْعَى لِنَقِمَةٍ وَلَا أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ وَلَا أَحْرَى لِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَانْقِطَاعِ مُدَّةٍ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَاللَّهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْعِبَادِ فِيمَا يَتَسَافَكُونَ مِنَ الدِّمَاءِ فَلَا تَصُونَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْلِقُهُ وَيُزِيلُهُ فَإِيَّاكَ وَالتَّعَرُّضَ لِسَخَطِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِوَلِيِّ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً سُلْطَاناً قَالَ اللَّهُ- وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 147

وَ لَا عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا عِنْدِي فِي قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ قَوَدَ الْبَدَنِ- فَإِنِ ابْتُلِيتَ بِخَطَإٍ وَأَفْرَطَ عَلَيْهِ سَوْطُكَ أَوْ يَدُكَ لِعُقُوبَةٍ فَإِنَّ فِي الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً فَلَا تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَهْلِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ دِيَةً مُسَلَّمَةً يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِيَّاكَ وَالْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ وَالثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَحُبَّ الْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِ إِيَّاكَ وَالْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانٍ أَوِ التَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ أَوْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ أَوِ التَّسَرُّعَ إِلَى الرَّعِيَّةِ بِلِسَانِكَ فَإِنَّ الْمَنَّ يُبْطِلُ الْإِحْسَانَ وَالْخُلْفَ يُوجِبُ الْمَقْتَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ- كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ- إِيَّاكَ وَالْعَجَلَةَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا وَالتَّسَاقُطَ فِيهَا عِنْدَ زَمَانِهَا وَاللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ وَالْوَهْنَ فِيهَا إِذَا أَوْضَحَتْ فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَأَوْقِعْ كُلَّ عَمَلٍ مَوقِعَهُ وَإِيَّاكَ وَالِاسْتِئْثَارَ بِمَا لِلنَّاسِ فِيهِ الْأُسْوَةُ وَالِاعْتِرَاضَ فِيمَا يَعْنِيكَ وَالتَّغَابِيَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 148

عَمَّا يُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِعُيُونِ النَّاظِرِينَ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ وَعَمَّا قَلِيلٍ تُكْشَفُ عَنْكَ أَغْطِيَةُ الْأُمُورِ وَيَبْرُزُ الْجَبَّارُ بِعَظَمَتِهِ فَيَنْتَصِفُ الْمَظْلُومُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ثُمَّ امْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ وَسَوْرَةَ حِدَّتِكَ وَسَطْوَةَ يَدِكَ وَغَرْبَ لِسَانِكَ وَاحْتَرِسْ كُلَّ ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ وَتَأْخِيرِ السَّطْوَةِ وَارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى السَّمَاءِ عِنْدَ مَا يَحْضُرُكَ مِنْهُ حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الِاخْتِيَارَ وَلَنْ تَحْكُمَ [تُحْكِمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جُمِعَ مَا فِي هَذَا الْعَهْدِ مِنْ صُنُوفِ مَا لَمْ آلُكَ فِيهِ رُشْداً إِنْ أَحَبَّ اللَّهُ إِرْشَادَكَ وَتَوْفِيقَكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا كَانَ مِنْ كُلِّ مَا شَاهَدْتَ مِنَّا فَتَكُونَ وَلَايَتُكَ هَذِهِ مِنَ حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِيِّكَ ص أَوْ فَرِيضَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَتَقْتَدِيَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ مِنْهَا وَتَجْتَهِدَ نَفْسَكَ فِي اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ فِي عَهْدِي وَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ الْحُجَّةِ لِنَفْسِي لِكَيْلَا تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلَى هَوَاهَا- فَلَيْسَ يَعْصِمُ مِنَ السُّوءِ وَلَا يُوَفِّقُ لِلْخَيْرِ إِلَّا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَقَدْ كَانَ مِمَّا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي وِصَايَتِهِ تَحْضِيضاً عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَبِذَلِكَ أَخْتِمُ لَكَ مَا عَهِدْتُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ سَعَةَ رَحْمَتِهِ وَعَظِيمَ مَوَاهِبِهِ وَقُدْرَتَهُ عَلَى إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَةٍ أَنْ يُوَفِّقَنِي وَإِيَّاكَ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَى الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَيْهِ وَإِلَى خَلْقِهِ مَعَ حُسْنِ الثَّنَاءِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 149

فِي الْعِبَادِ وَحُسْنِ الْأَثَرِ فِي الْبِلَادِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ وَتَضْعِيفِ الْكَرَامَةِ وَأَنْ يَخْتِمَ لِي وَلَكَ بِالسَّعَادَةِ وَالشَّهَادَةِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاغِبُونَ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ كَثِيراً

خطبته ع المعروفة بالديباج‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ الْخَلْقِ وَخَالِقِ الْإِصْبَاحِ وَمُنْشِرِ الْمَوْتَى وَبَاعِثِ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ص عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ وَمَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ وَحِجُّ الْبَيْتِ وَالْعُمْرَةُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيُكَفِّرَانِ الذَّنْبَ وَيُوجِبَانِ الْجَنَّةَ وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا ثَرْوَةٌ فِي الْمَالِ وَمَنْسَأَةٌ فِي الْأَجَلِ وَتَكْثِيرٌ لِلْعَدَدِ وَالصَّدَقَةُ فِي السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطَأَ وَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَالصَّدَقَةُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ وَأَفِيضُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الذِّكْرِ وَهُوَ أَمَانٌ مِنَ النِّفَاقِ وَبَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَتَذْكِيرٌ لِصَاحِبِهِ عِنْدَ كُلِّ خَيْرٍ يَقْسِمُهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ وَلَهُ دَوِيٌّ تَحْتَ الْعَرْشِ وَارْغَبُوا فِيمَا وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فَإِنَّ وَعْدَ اللَّهِ أَصْدَقُ الْوَعْدِ وَكُلُّ مَا وَعَدَ فَهُوَ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         154    ومن حكمه ص وترغيبه وترهيبه ووعظه .....  ص : 154

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 150

آتٍ كَمَا وَعَدَ فَاقْتَدُوا بِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الْهَدْيِ وَاسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فَإِنَّهَا أَشْرَفُ السُّنَنِ وَتَعَلَّمُوا كِتَابَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ وَأَبْلَغُ الْمَوْعِظَةِ وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَأَحْسِنُوا تِلَاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْقَصَصِ- وَإِذا قُرِئَ عَلَيْكُمْ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَإِذَا هُدِيتُمْ لِعِلْمِهِ فَاعْمَلُوا بِمَا عَلِمْتُمْ مِنْهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فَاعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لَا يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَلْوَمُ وَالْحَسْرَةُ أَدْوَمُ عَلَى هَذَا الْعَالِمِ الْمُنْسَلِخِ مِنْ عِلْمِهِ مِثْلُ مَا عَلَى هَذَا الْجَاهِلِ الْمُتَحَيِّرِ فِي جَهْلِهِ وَكِلَاهُمَا حَائِرٌ بَائِرٌ مُضِلٌّ مَفْتُونٌ مَبْتُورٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ عِبَادَ اللَّهِ لَا تَرْتَابُوا فَتَشُكُّوا وَلَا تَشُكُّوا فَتَكْفُرُوا وَلَا تَكْفُرُوا فَتَنْدَمُوا وَلَا تُرَخِّصُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَتَدْهَنُوا وَتَذْهَبَ بِكُمُ الرُّخَصُ مَذَاهِبَ الظَّلَمَةِ فَتَهْلِكُوا وَلَا تُدَاهِنُوا فِي الْحَقِّ إِذَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ وَعَرَفْتُمُوهُ فَتَخْسَرُوا خُسْراناً مُبِيناً عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ مِنَ الْحَزْمِ أَنْ تَتَّقُوا اللَّهَ وَإِنَّ مِنَ الْعِصْمَةِ أَلَّا تَغْتَرُّوا بِاللَّهِ عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ وَأَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لَهُ عِبَادَ اللَّهِ إِنَّهُ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ يَأْمَنْ وَيَسْتَبْشِرْ وَمَنْ يَعْصِهِ يَخِبْ وَيَنْدَمْ وَلَا يَسْلَمْ عِبَادَ اللَّهِ سَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ فَإِنَّ الْيَقِينَ رَأْسُ الدِّينِ وَارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي الْعَافِيَةِ فَإِنَّ أَعْظَمَ النِّعْمَةِ الْعَافِيَةُ فَاغْتَنِمُوهَا لِلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي التَّوْفِيقِ فَإِنَّهُ أُسٌ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 151

وَثِيقٌ وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ مَا لَزِمَ الْقَلْبَ الْيَقِينُ وَأَحْسَنَ الْيَقِينِ التُّقَى وَأَفْضَلَ أُمُورِ الْحَقِّ عَزَائِمُهَا وَشَرَّهَا مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَبِالْبِدَعِ هَدْمُ السُّنَنِ الْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ دِينَهُ وَالْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ وَحَسُنَ يَقِينُهُ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَالشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاهُ عِبَادَ اللَّهِ اعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ وَأَنَّ إِخْلَاصَ الْعَمَلِ الْيَقِينُ وَالْهَوَى يَقُودُ إِلَى النَّارِ وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ اللَّهْوِ يُنْسِي الْقُرْآنَ وَيُحْضِرُ الشَّيْطَانَ وَالنَّسِي‏ءَ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ وَأَعْمَالَ الْعُصَاةِ تَدْعُو إِلَى سَخَطِ الرَّحْمَنِ وَسَخَطَ الرَّحْمَنِ يَدْعُو إِلَى النَّارِ وَمُحَادَثَةَ النِّسَاءِ تَدْعُو إِلَى الْبَلَاءِ وَتُزِيغُ الْقُلُوبَ وَالرَّمْقَ لَهُنَّ يَخْطَفُ نُورَ أَبْصَارِ الْقُلُوبِ وَلَمْحَ الْعُيُونِ مَصَائِدُ الشَّيْطَانِ وَمُجَالَسَةَ السُّلْطَانِ يُهَيِّجُ النِّيرَانَ عِبَادَ اللَّهِ اصْدُقُوا فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّادِقِينَ وَجَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ وَإِنَّ الصَّادِقَ عَلَى شَرَفِ مَنْجَاةٍ وَكَرَامَةٍ وَالْكَاذِبَ عَلَى شَفَا مَهْوَاةٍ وَهَلَكَةٍ وَقُولُوا الْحَقَّ تُعْرَفُوا بِهِ وَاعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَأَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلَيْهَا وَصِلُوا أَرْحَامَ مَنْ قَطَعَكُمْ وَعُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَى مَنْ حَرَمَكُمْ وَإِذَا عَاقَدْتُمْ فَأَوْفُوا وَإِذَا حَكَمْتُمْ فَاعْدِلُوا وَإِذَا ظُلِمْتُمْ فَاصْبِرُوا وَإِذَا أُسِي‏ءَ إِلَيْكُمْ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يُعْفَى عَنْكُمْ وَلَا تَفَاخَرُوا بِالْآبَاءِ- وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَلَا تَمَازَحُوا وَلَا تَغَاضَبُوا وَلَا تَبَاذَخُوا- وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً وَلَا تَحَاسَدُوا فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 152

كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ وَلَا تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ وَأَفْشُوا السَّلَامَ فِي الْعَالَمِ وَرُدُّوا التَّحِيَّةَ عَلَى أَهْلِهَا بِأَحْسَنَ مِنْهَا وَارْحَمُوا الْأَرْمَلَةَ وَالْيَتِيمَ وَأَعِينُوا الضَّعِيفَ وَالْمَظْلُومَ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَالْمُكَاتَبَ وَالْمَسَاكِينَ وَانْصُرُوا الْمَظْلُومَ وَأَعْطُوا الْفُرُوضَ وَجاهِدُوا أَنْفُسَكُمْ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ فَإِنَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ* وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاقْرُوا الضَّيْفَ وَأَحْسِنُوا الْوُضُوءَ وَحافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ الْخَمْسِ فِي أَوْقَاتِهَا فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ بِمَكَانٍ- وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ- فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى‏ وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْأَمَلَ يُذْهِبُ الْعَقْلَ وَيُكَذِّبُ الْوَعْدَ وَيَحُثُّ عَلَى الْغَفْلَةِ وَيُورِثُ الْحَسْرَةَ فَاكْذِبُوا الْأَمَلَ فَإِنَّهُ غُرُورٌ وَإِنَّ صَاحِبَهُ مَأْزُورٌ فَاعْمَلُوا فِي الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ فَإِنْ نَزَلَتْ بِكُمْ رَغْبَةٌ فَاشْكُرُوا وَاجْمَعُوا مَعَهَا رَغْبَةً فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَأَذَّنَ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْحُسْنَى وَلِمَنْ شَكَرَ بِالزِّيَادَةِ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا وَلَا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا وَلَا أَكْثَرَ مُكْتَسِباً مِمَّنْ كَسَبَهُ الْيَوْمَ تُذْخَرُ فِيهِ الذَّخَائِرُ وَتُبْلَى فِيهِ السَّرَائِرُ وَإِنَّ مَنْ لَا يَنْفَعُهُ الْحَقُّ يَضُرُّهُ الْبَاطِلُ وَمَنْ لَا يَسْتَقِيمُ بِهِ الْهُدَى تَضُرُّهُ الضَّلَالَةُ وَمَنْ لَا يَنْفَعُهُ الْيَقِينُ يَضُرُّهُ الشَّكُّ وَإِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ وَدُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 153

أَلَا إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمُ اثْنَانِ طُولُ الْأَمَلِ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ أَدْبَرَتْ وَآذَنَتْ بِانْقِلَاعٍ أَلَا وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَآذَنَتْ بِاطِّلَاعٍ أَلَا وَإِنَّ الْمِضْمَارَ الْيَوْمَ وَالسِّبَاقَ غَداً أَلَا وَإِنَّ السُّبْقَةَ [السَّبَقَةَ الْجَنَّةُ وَالْغَايَةَ النَّارُ أَلَا وَإِنَّكُمْ فِي أَيَّامِ مَهَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ يَحُثُّهُ الْعَجَلُ فَمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ عَمَلَهُ فِي أَيَّامِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ أَجَلُهُ وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ فِي أَيَّامِ مَهَلِهِ ضَرَّهُ أَجَلُهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ عَمَلُهُ عِبَادَ اللَّهِ افْزَعُوا إِلَى قِوَامِ دِينِكُمْ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ فِي حِينِهَا وَالتَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَخَوْفِ الْمَعَادِ وَإِعْطَاءِ السَّائِلِ وَإِكْرَامِ الضَّعَفَةِ وَالضَّعِيفِ وَتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ- وَارْغَبُوا فِي ثَوَابِ اللَّهِ وَارْهَبُوا عَذَابَهُ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَتَزَوَّدُوا مِنَ الدُّنْيَا مَا تَحْرُزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ وَاعْمَلُوا بِالْخَيْرِ تُجْزَوْا بِالْخَيْرِ يَوْمَ يَفُوزُ بِالْخَيْرِ مَنْ قَدَّمَ الْخَيْرَ أَقُولُ قَوْلِي وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         158    موعظته ع ووصفه المقصرين .....  ص : 157

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 154

و من حكمه ص وترغيبه وترهيبه ووعظه‏

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَكْرَ وَالْخَدِيعَةَ فِي النَّارِ فَكُونُوا مِنَ اللَّهِ عَلَى وَجَلٍ وَمِنْ صَوْلَتِهِ عَلَى حَذَرٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ بَعْدَ إِعْذَارِهِ وَإِنْذَارِهِ اسْتِطْرَاداً وَاسْتِدْرَاجاً مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ* وَلِهَذَا يَضِلُّ سَعْيُ الْعَبْدِ حَتَّى يَنْسَى الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ وَيَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ أَحْسَنَ صُنْعاً وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ فِي ظَنٍّ وَرَجَاءٍ وَغَفْلَةٍ عَمَّا جَاءَهُ مِنَ النَّبَإِ يَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهِ الْعُقَدَ وَيُهْلِكُهُا بِكُلِّ جَهْدٍ وَهُوَ فِي مُهْلَةٍ مِنَ اللَّهِ عَلَى عَهْدٍ يَهْوِي مَعَ الْغَافِلِينَ وَيَغْدُو مَعَ الْمُذْنِبِينَ وَيُجَادِلُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَسْتَحْسِنُ تَمْوِيهَ الْمُتْرَفِينَ فَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ شَرَحَتْ قُلُوبُهُمْ بِالشُّبْهَةِ وَتَطَاوَلُوا عَلَى غَيْرِهِمْ بِالْفِرْيَةِ وَحَسِبُوا أَنَّهَا لِلَّهِ قُرْبَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِالْهَوَى وَغَيَّرُوا كَلَامَ الْحُكَمَاءِ وَحَرَّفُوهُ بِجَهْلٍ وَعَمًى وَطَلَبُوا بِهِ السُّمْعَةَ وَالرِّيَاءَ بِلَا سُبُلٍ قَاصِدَةٍ وَلَا أَعْلَامٍ جَارِيَةٍ وَلَا مَنَارٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَمَدِهِمْ وَإِلَى مَنْهَلٍ هُمْ وَارِدُوهُ حَتَّى إِذَا كَشَفَ اللَّهُ لَهُمْ عَنْ ثَوَابِ سِيَاسَتِهِمْ وَاسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ جَلَابِيبِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 155

غَفْلَتِهِمْ اسْتَقْبَلُوا مُدْبِراً وَاسْتَدْبَرُوا مُقْبِلًا فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا أَدْرَكُوا مِنْ أُمْنِيَّتِهِمْ وَلَا بِمَا نَالُوا مِنْ طَلِبَتِهِمْ وَلَا مَا قَضَوْا مِنْ وَطَرِهِمْ وَصَارَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَبَالًا فَصَارُوا يَهْرُبُونَ مِمَّا كَانُوا يَطْلُبُونَ وَإِنِّي أُحَذِّرُكُمْ هَذِهِ الْمَزَلَّةَ وَآمُرُكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي لَا يَنْفَعُ غَيْرُهُ فَلْيَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ صَادِقاً عَلَى مَا يَجُنُّ ضَمِيرُهُ فَإِنَّمَا الْبَصِيرُ مَنْ سَمِعَ وَتَفَكَّرَ وَنَظَرَ وَأَبْصَرَ وَانْتَفَعَ بِالْعِبَرِ وَسَلَكَ جَدَداً وَاضِحاً يَتَجَنَّبُ فِيهِ الصَّرْعَةَ فِي الْمَهْوَى وَيَتَنَكَّبُ طَرِيقَ الْعَمَى وَلَا يُعِينُ عَلَى فَسَادِ نَفْسِهِ الْغُوَاةَ بِتَعَسُّفٍ فِي حَقٍّ أَوْ تَحْرِيفٍ فِي نُطْقٍ أَوْ تَغْيِيرٍ فِي صِدْقٍ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قُولُوا مَا قِيلَ لَكُمْ وَسَلِّمُوا لِمَا رُوِيَ لَكُمْ وَلَا تَكَلَّفُوا مَا لَمْ تُكَلَّفُوا فَإِنَّمَا تَبِعَتُهُ عَلَيْكُمْ فِيمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَلَفَظَتْ أَلْسِنَتُكُمْ أَوْ سَبَقَتْ إِلَيْهِ غَايَتُكُمْ وَاحْذَرُوا الشُّبْهَةَ فَإِنَّهَا وُضِعَتْ لِلْفِتْنَةِ وَاقْصِدُوا السُّهُولَةَ وَاعْمَلُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَاسْتَعْمِلُوا الْخُضُوعَ وَاسْتَشْعِرُوا الْخَوْفَ وَالِاسْتِكَانَةَ لِلَّهِ وَاعْمَلُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ بِالتَّوَاضُعِ وَالتَّنَاصُفِ وَالتَّبَاذُلِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ فَإِنَّهَا وَصِيَّةُ اللَّهِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّحَاسُدَ وَالْأَحْقَادَ فَإِنَّهُمَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ- وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْعَبْدِ وَإِنِ اشْتَدَّ جَهْدُهُ وَعَظُمَتْ حِيلَتُهُ وَكَثُرَتْ نِكَايَتُهُ أَكْثَرَ مِمَّا قَدَّرَ لَهُ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ وَلَمْ يَحُلْ بَيْنَ الْمَرْءِ عَلَى ضَعْفِهِ وَقِلَّةِ حِيلَتِهِ وَبَيْنَ مَا كُتِبَ لَهُ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَنْ يَزْدَادَ امْرُؤٌ نَقِيراً بِحِذْقِهِ وَلَنْ يَنْتَقِصَ نَقِيراً بِحُمْقِهِ فَالْعَالِمُ بِهَذَا الْعَامِلُ بِهِ أَعْظَمُ النَّاسِ رَاحَةً فِي مَنْفَعَةٍ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 156

وَ التَّارِكُ لَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ شُغُلًا فِي مَضَرَّةٍ رُبَّ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ مُسْتَدْرَجٌ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَرُبَّ مُبْتَلًى عِنْدَ النَّاسِ مَصْنُوعٌ لَهُ فَأَفِقْ أَيُّهَا الْمُسْتَمْتِعُ مِنْ سُكْرِكَ وَانْتَبِهْ مِنْ غَفْلَتِكَ وَقَصِّرْ مِنْ عَجَلَتِكَ وَتَفَكَّرْ فِيمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيمَا لَا خُلْفَ فِيهِ وَلَا مَحِيصَ عَنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ ثُمَّ ضَعْ فَخْرَكَ وَدَعْ كِبْرَكَ وَأَحْضِرْ ذِهْنَكَ وَاذْكُرْ قَبْرَكَ وَمَنْزِلَكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ مَمَرَّكَ وَإِلَيْهِ مَصِيرَكَ وَكَمَا تَدِينُ تُدَانُ وَكَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ وَكَمَا تَصْنَعُ يُصْنَعُ بِكَ وَمَا قَدَّمْتَ إِلَيْهِ تَقْدَمُ عَلَيْهِ غَداً لَا مَحَالَةَ فَلْيَنْفَعْكَ النَّظَرُ فِيمَا وُعِظْتَ بِهِ وَعِ مَا سَمِعْتَ وَوُعِدْتَ فَقَدِ اكْتَنَفَكَ بِذَلِكَ خَصْلَتَانِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَقُومَ بِأَحَدِهِمَا إِمَّا طَاعَةُ اللَّهِ تَقُومُ لَهَا بِمَا سَمِعْتَ وَإِمَّا حُجَّةُ اللَّهِ تَقُومُ لَهَا بِمَا عَلِمْتَ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ وَالْجِدَّ الْجِدَّ فَإِنَّهُ لا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ إِنَّ مِنْ عَزَائِمِ اللَّهِ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ الَّتِي لَهَا يَرْضَى وَلَهَا يَسْخَطُ وَلَهَا يُثِيبُ وَعَلَيْهَا يُعَاقِبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَإِنْ حَسُنَ قَوْلُهُ وَزَيَّنَ وَصْفَهُ وَفَضْلَهُ غَيْرُهُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا فَلَقِيَ اللَّهَ بِخَصْلَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا الشِّرْكِ بِاللَّهِ فِيمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَتِهِ أَوْ شِفَاءِ غَيْظٍ بِهَلَاكِ نَفْسِهِ أَوْ يُقِرَّ بِعَمَلٍ فَعَمِلَ بِغَيْرِهِ أَوْ يَسْتَنْجِحَ حَاجَةً إِلَى النَّاسِ بِإِظْهَارِ بِدْعَةٍ فِي دِينِهِ أَوْ سَرَّهُ أَنْ يَحْمَدَهُ النَّاسُ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ مَشَى فِي النَّاسِ بِوَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ وَالتَّجَبُّرِ وَالْأُبَّهَةِ وَاعْلَمْ وَاعْقِلْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمِثْلَ دَلِيلٌ عَلَى شِبْهِهِ إِنَّ الْبَهَائِمَ هَمُّهَا بُطُونُهَا وَإِنَّ السِّبَاعَ هَمُّهَا التَّعَدِّي وَالظُّلْمُ وَإِنَّ النِّسَاءَ هَمُّهُنَّ زِينَةُ الدُّنْيَا وَالْفَسَادُ فِيهَا وَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ مُشْفِقُونَ مُسْتَكِينُونَ خَائِفُونَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 157

موعظته ع ووصفه المقصرين‏

لَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَيَرْجُو التَّوْبَةَ بِطُولِ الْأَمَلِ يَقُولُ فِي الدُّنْيَا قَوْلَ الزَّاهِدِينَ وَيَعْمَلُ فِيهَا عَمَلَ الرَّاغِبِينَ إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ وَإِنْ مُنِعَ لَمْ يَقْنَعْ يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِيَ وَيَبْتَغِي الزِّيَادَةَ فِيمَا بَقِيَ يَنْهَى النَّاسَ وَلَا يَنْتَهِي وَيَأْمُرُ النَّاسَ مَا لَا يَأْتِي يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَا يَعْمَلُ بِأَعْمَالِهِمْ وَيُبْغِضُ الْمُسِيئِينَ وَهُوَ مِنْهُمْ وَيَكْرَهُ الْمَوْتَ لِكَثْرَةِ سَيِّئَاتِهِ وَلَا يَدَعُهَا فِي حَيَاتِهِ يَقُولُ كَمْ أَعْمَلُ فَأَتَعَنَّى أَ لَا أَجْلِسُ فَأَتَمَنَّى فَهُوَ يَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ وَيَدْأَبُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ عُمِّرَ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ يَقُولُ فِيمَا ذَهَبَ لَوْ كُنْتُ عَمِلْتُ وَنَصِبْتُ لَكَانَ خَيْراً لِي وَيُضَيِّعُهُ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ لَاهِياً إِنْ سَقِمَ نَدِمَ عَلَى التَّفْرِيطِ فِي الْعَمَلِ وَإِنْ صَحَّ أَمِنَ مُغْتَرّاً يُؤَخِّرُ الْعَمَلَ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مَا عُوفِيَ وَيَقْنَطُ إِذَا ابْتُلِيَ تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ وَلَا يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ لَا يَقْنَعُ مِنَ الرِّزْقِ بِمَا قُسِمَ لَهُ وَلَا يَثِقُ مِنْهُ بِمَا قَدْ ضُمِنَ لَهُ وَلَا يَعْمَلُ مِنَ الْعَمَلِ بِمَا فُرِضَ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شَكٍّ إِنِ اسْتَغْنَى بَطِرَ وَفُتِنَ وَإِنِ افْتَقَرَ قَنِطَ وَوَهَنَ فَهُوَ مِنَ الذَّنْبِ وَالنِّعْمَةِ مُوَفَّرٌ وَيَبْتَغِي الزِّيَادَةَ وَلَا يَشْكُرُ وَيَتَكَلَّفُ مِنَ النَّاسِ مَا لَا يَعْنِيهِ وَيَصْنَعُ مِنْ نَفْسِهِ مَا هُوَ أَكْثَرُ إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ وَاقَعَهَا بِاتِّكَالٍ عَلَى التَّوْبَةِ وَهُوَ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ لَا تُغْنِيهِ رَغْبَتُهُ وَلَا تَمْنَعُهُ رَهْبَتُهُ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         162    وصفه ع المتقين .....  ص : 159

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 158

ثُمَّ يُبَالِغُ فِي الْمَسْأَلَةِ حِينَ يَسْأَلُ وَيُقَصِّرُ فِي الْعَمَلِ فَهُوَ بِالْقَوْلِ مُدِلٌّ وَمِنَ الْعَمَلِ مُقِلٌّ يَرْجُو نَفْعَ عَمَلِ مَا لَمْ يَعْمَلْهُ وَيَأْمَنُ عِقَابَ جُرْمٍ قَدْ عَمِلَهُ يُبَادِرُ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى مَا يَفْنَى وَيَدَعُ جَاهِلًا مَا يَبْقَى وَهُوَ يَخْشَى الْمَوْتَ وَلَا يَخَافُ الْفَوْتَ يَسْتَكْثِرُ مِنْ مَعْصِيَةِ غَيْرِهِ مَا يَسْتَقِلُّ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ طَاعَتِهِ مَا يَحْتَقِرُ مِنْ غَيْرِهِ يَخَافُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَدْنَى مِنْ ذَنْبِهِ وَيَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَدْنَى مِنْ عَمَلِهِ فَهُوَ عَلَى النَّاسِ طَاعِنٌ وَلِنَفْسِهِ مَدَاهِنٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ مَا عُوفِيَ وَأُرْضِيَ وَالْخِيَانَةَ إِذَا سَخِطَ وَابْتُلِيَ إِذَا عُوفِيَ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ تَابَ وَإِنِ ابْتُلِيَ ظَنُّ أَنَّهُ قَدْ عُوقِبَ يُؤَخِّرُ الصَّوْمَ وَيُعَجِّلُ النَّوْمَ لَا يَبِيتُ قَائِماً وَلَا يُصْبِحُ صَائِماً يُصْبِحُ وَهِمَّتُهُ الصُّبْحُ وَلَمْ يَسْهَرْ وَيُمْسِي وَهِمَّتُهُ الْعَشَاءُ وَهُوَ مُفْطِرٌ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ وَلَا يَتَعَوَّذُ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ يُنْصِبُ النَّاسَ لِنَفْسِهِ وَلَا يُنْصِبُ نَفْسَهُ لِرَبِّهِ النَّوْمُ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الرُّكُوعِ مَعَ الضُّعَفَاءِ يَغْضَبُ مِنَ الْيَسِيرِ وَيَعْصِي فِي الْكَثِيرِ يَعْزِفُ لِنَفْسِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا يَعْزِفُ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُطَاعَ وَلَا يُعْصَى وَيَسْتَوْفِيَ وَلَا يُوفِيَ يُرْشِدُ غَيْرَهُ وَيُغْوِي نَفْسَهُ وَيَخْشَى الْخَلْقَ فِي غَيْرِ رَبِّهِ وَلَا يَخْشَى رَبَّهُ فِي خَلْقِهِ يَعْرِفُ مَا أُنْكِرَ وَيُنْكِرُ مَا عُرِفَ وَلَا يَحْمَدُ رَبَّهُ عَلَى نِعَمِهِ وَلَا يَشْكُرُهُ عَلَى مَزِيدٍ وَلَا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ فَهُوَ دَهْرَهُ فِي لَبْسٍ إِنْ مَرِضَ أَخْلَصَ وَتَابَ وَإِنْ عُوفِيَ قَسَا وَعَادَ فَهُوَ أَبَداً عَلَيْهِ وَلَا لَهُ لَا يَدْرِي عَمَلَهُ إِلَى مَا يُؤَدِّيهِ إِلَيْهِ حَتَّى مَتَى وَإِلَى مَتَى اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْكَ عَلَى حَذَرٍ احْفَظْ وَعِ انْصَرِفْ إِذَا شِئْتَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 159

وصفه ع المتقين‏

قَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ وَمَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ خَضَعُوا لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ غَاضِّينَ أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ وَاقِفِينَ أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ نَزَلَتْ مِنْهُمْ أَنْفُسُهُمْ فِي الْبَلَاءِ كَالَّذِي نَزَلَتْ فِي الرَّخَاءِ رِضاً بِالْقَضَاءِ لَوْ لَا الْآجَالُ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ وَخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا وَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ وَحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ وَمَعُونَتُهُمْ لِلْإِسْلَامِ عَظِيمَةٌ صَبَرُوا أَيَّاماً قِصَاراً فَأَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً مُرْبِحَةً يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبٌّ كَرِيمٌ أَرَادَتْهُمُ الدُّنْيَا وَلَمْ يُرِيدُوهَا وَطَلِبَتْهُمْ فَأَعْجَزُوهَا أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالُونَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهُ تَرْتِيلًا يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ وَيَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ وَتَهِيجُ أَحْزَانُهُمْ بُكَاءً عَلَى ذُنُوبِهِمْ وَوَجَعِ كُلُومِهِمْ وَجِرَاحِهِمْ فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً وَتَطَلَّعَتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً وَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَشَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ فَهُمْ حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ وَمُفْتَرِشُونَ جِبَاهَهُمْ وَأَكُفَّهُمْ وَأَطْرَافَ الْأَقْدَامِ يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّهِ الْعَظِيمِ فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 160

أَمَّا النَّهَارَ فَحُكَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ أَمْثَالَ الْقِدَاحِ يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى وَيَقُولُ قَدْ خُولِطُوا وَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ إِذَا هُمْ ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَشِدَّةَ سُلْطَانِهِ مَعَ مَا يُخَالِطُهُمْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ أَفْزَعَ ذَلِكَ قُلُوبَهُمْ وَطَاشَتْ لَهُ أَحْلَامُهُمْ وَذَهَلَتْ لَهُ عُقُولُهُمْ فَإِذَا أَشْفَقُوا مِنْ ذَلِكَ بَادَرُوا إِلَى اللَّهِ بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ لَا يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ وَلَا يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِيرَ هُمْ لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ إِذَا زُكِّيَ أَحَدُهُمْ خَافَ مِمَّا يَقُولُونَ فَيَقُولُ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي وَرَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ وَاجْعَلْنِي خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ وَاغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ إِنَّكَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ فَمِنْ عَلَامَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً فِي دِينٍ وَخَوْفاً فِي لِينٍ وَإِيمَاناً فِي يَقِينٍ وَحِرْصاً فِي عِلْمٍ وَكَيْساً فِي رِفْقٍ وَشَفَقَةً فِي نَفَقَةٍ وَفَهْماً فِي فِقْهٍ وَعِلْماً فِي حِلْمٍ وَقَصْداً فِي غِنًى وَخُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ وَتَجَمُّلًا فِي فَاقَةٍ وَصَبْراً فِي شِدَّةٍ وَرَحْمَةً لِلْمَجْهُودِ وَإِعْطَاءً فِي حَقٍّ وَرِفْقاً فِي كَسْبٍ وَطَلَباً فِي حَلَالٍ وَنَشَاطاً فِي هُدًى وَتَحَرُّجاً عَنْ طَمَعٍ وَبِرّاً فِي اسْتِقَامَةٍ وَاعْتِصَاماً عِنْدَ شَهْوَةٍ لَا يَغُرُّهُ ثَنَاءُ مَنْ جَهِلَهُ وَلَا يَدَعُ إِحْصَاءَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 161

عَمَلِهِ مُسْتَبْطِئاً لِنَفْسِهِ فِي الْعَمَلِ يَعْمَلُ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَهُوَ عَلَى وَجَلٍ يُمْسِي وَهَمُّهُ الشُّكْرُ يُصْبِحُ وَهَمُّهُ الذِّكْرُ يَبِيتُ حَذِراً وَيُصْبِحُ فَرِحاً حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ فَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيمَا تَكْرَهُ لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا هَوِيَتْ فَرَحُهُ فِيمَا يَحْذَرُ وَقُرَّةُ عَيْنِهِ فِيمَا لَا يَزُولُ وَزَهَادَتُهُ فِيمَا يَفْنَى يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ وَيَمْزُجُ الْعِلْمَ بِالْعَمَلِ تَرَاهُ بَعِيداً كَسَلُهُ دَائِماً نَشَاطُهُ قَرِيباً أَمَلُهُ قَلِيلًا زَلَلُهُ خَاشِعاً قَلْبُهُ قَانِعَةً نَفْسُهُ مُتَغَيِّباً جَهْلُهُ سَهْلًا أَمْرُهُ حَرِيزاً دِينُهُ مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ مَكْظُوماً غَيْظُهُ صَافِياً خُلُقُهُ لَا يُحَدِّثُ الْأَصْدِقَاءَ بِالَّذِي يُؤْتَمَنَ عَلَيْهِ وَلَا يَكْتُمُ شَهَادَةَ الْأَعْدَاءِ لَا يَعْمَلُ شَيْئاً رِئَاءً وَلَا يَتْرُكُهُ اسْتِحْيَاءً الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَيُعْطِي مَنْ حَرَمَهُ وَيَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ لَا يَعْزُبُ حِلْمُهُ وَلَا يَعْجِزُ فِيمَا يَزِينُهُ بَعِيداً فُحْشُهُ لَيِّناً قَوْلُهُ غَائِباً مَكْرُهُ كَثِيراً مَعْرُوفُهُ حَسَناً فِعْلُهُ مُقْبِلًا خَيْرُهُ مُدْبِراً شَرُّهُ فَهُوَ فِي الزَّلَازِلِ وَقُورٌ وَفِي الْمَكَارِهِ صَبُورٌ وَفِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ لَا يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ وَلَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ وَلَا يَدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ وَلَا يَجْحَدُ حَقّاً هُوَ عَلَيْهِ يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ لَا يُضِيعُ مَا اسْتُحْفِظَ وَلَا يُنَابِزُ بِالْأَلْقَابِ لَا يَبْغِي وَلَا يَهُمُّ بِهِ وَلَا يُضَارُّ بِالْجَارِ وَلَا

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         168    خطبته ع التي يذكر فيها الإيمان ودعائمه وشعبه والكفر ودعائمه وشعبه .....  ص : 162

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 162

يَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ سَرِيعٌ إِلَى الصَّوَابِ مُؤَدٍّ لِلْأَمَانَاتِ بَطِي‏ءٌ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ لَا يَدْخُلُ فِي الدُّنْيَا بِجَهْلٍ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّهُ الصَّمْتُ وَإِنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ بِهِ الصَّوْتُ قَانِعٌ بِالَّذِي لَهُ لَا يَجْمَحُ بِهِ الْغَيْظُ وَلَا يَغْلِبُهُ الْهَوَى وَلَا يَقْهَرُهُ الشُّحُّ وَلَا يَطْمَعُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ يُخَالِطُ النَّاسَ لِيَعْلَمَ وَيَصْمُتُ لِيَسْلَمَ وَيَسْأَلُ لِيَفْهَمَ لَا يُنْصِتُ لِلْخَيْرِ لِيُعِجْزَ [لِيَفْخَرَ بِهِ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِهِ لِيَتَجَبَّرَ عَلَى مَنْ سِوَاهُ إِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ يَنْتَقِمُ لَهُ نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَجَاءٍ أَتْعَبَ نَفْسَهُ لِآخِرَتِهِ وَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ بُغْضٌ وَنَزَاهَةٌ وَدُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَرَحْمَةٌ لَيْسَ تَبَاعُدُهُ تَكَبُّراً وَلَا عَظَمَةً وَلَا دُنُوُّهُ خَدِيعَةً وَلَا خِلَابَةً بَلْ يَقْتَدِي بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَهُوَ إِمَامٌ لِمَنْ خَلْفَهُ مِنْ أَهْلِ الْبِرِّ

خطبته ع التي يذكر فيها الإيمان ودعائمه وشعبه والكفر ودعائمه وشعبه‏

إِنَّ اللَّهَ ابْتَدَأَ الْأُمُورَ فَاصْطَفَى لِنَفْسِهِ مِنْهَا مَا شَاءَ وَاسْتَخْلَصَ مِنْهَا مَا أَحَبَّ فَكَانَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 163

مِمَّا أَحَبَّ أَنَّهُ ارْتَضَى الْإِيمَانَ فَاشْتَقَّهُ مِنِ اسْمِهِ فَنَحَلَهُ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ ثُمَّ بَيَّنَهُ فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ وَأَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ جَانَبَهُ وَجَعَلَهُ عِزّاً لِمَنْ وَالاهُ وَأَمْناً لِمَنْ دَخَلَهُ وَهُدًى لِمَنِ ائْتَمَّ بِهِ وَزِينَةً لِمَنْ تَحَلَّى بِهِ وَدِيناً لِمَنِ انْتَحَلَهُ وَعِصْمَةً لِمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ وَحَبْلًا لِمَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَشَرَفاً لِمَنْ عَرَفَهُ وَحِكْمَةً لِمَنْ نَطَقَ بِهِ وَنُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِهِ وَحُجَّةً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ وَفَلْجاً لِمَنْ حَاجَّ بِهِ وَعِلْماً لِمَنْ وَعَى وَحَدِيثاً لِمَنْ رَوَى وَحُكْماً لِمَنْ قَضَى وَحِلْماً لِمَنْ حَدَّثَ وَلُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ وَفَهْماً لِمَنْ تَفَكَّرَ وَيَقِيناً لِمَنْ عَقَلَ وَبَصِيرَةً لِمَنْ عَزَمَ وَآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ وَعِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ وَنَجَاةً لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَمَوَدَّةً مِنَ اللَّهِ لِمَنْ صَلَحَ وَزُلْفَى لِمَنِ ارْتَقَبَ وَثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ وَرَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ وَصِبْغَةً لِمَنْ أَحْسَنَ وَخَيْراً لِمَنْ سَارَعَ وَجُنَّةً لِمَنْ صَبَرَ وَلِبَاساً لِمَنِ اتَّقَى وَتَطْهِيراً لِمَنْ رَشَدَ وَأَمَنَةً لِمَنْ أَسْلَمَ وَرُوحاً لِلصَّادِقِينَ فَالْإِيمَانُ أَصْلُ الْحَقِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 164

وَ أَصْلُ الْحَقِّ سَبِيلُهُ الْهُدَى وَصِفَتُهُ الْحُسْنَى وَمَأْثُرَتُهُ الْمَجْدُ فَهُوَ أَبْلَجُ الْمِنْهَاجِ مُشْرِقُ الْمَنَارِ مُضِي‏ءُ الْمَصَابِيحِ رَفِيعُ الْغَايَةِ يَسِيرُ الْمِضْمَارِ جَامِعُ الْحَلْبَةِ مُتَنَافِسُ السُّبْقَةِ قَدِيمُ الْعِدَّةِ كَرِيمُ الْفُرْسَانِ الصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ وَالْعِفَّةُ مَصَابِيحُهُ وَالْمَوْتُ غَايَتُهُ وَالدُّنْيَا مِضْمَارُهُ وَالْقِيَامَةُ حَلْبَتُهُ وَالْجَنَّةُ سُبْقَتُهُ وَالنَّارُ نَقِمَتُهُ وَالتَّقْوَى عُدَّتُهُ وَالْمُحْسِنُونَ فُرْسَانُهُ فَبِالْإِيمَانِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحَاتِ وَبِالصَّالِحَاتِ يُعْمَرُ الْفِقْهُ وَبِالْفِقْهِ يُرْهَبُ الْمَوْتُ وَبِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْيَا وَبِالدُّنْيَا تَحْذُو الْآخِرَةُ وَبِالْقِيَامَةِ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ وَالْجَنَّةُ حَسْرَةُ أَهْلِ النَّارِ وَالنَّارُ مَوْعِظَةُ التَّقْوَى وَالتَّقْوَى سِنْخُ الْإِحْسَانِ وَالتَّقْوَى غَايَةٌ لَا يَهْلِكُ مَنْ تَبِعَهَا وَلَا يَنْدَمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا لِأَنَّ بِالتَّقْوَى فَازَ الْفَائِزُونَ وَبِالْمَعْصِيَةِ خَسِرَ الْخَاسِرُونَ فَلْيَزْدَجِرْ أُولُو النُّهَى وَلْيَتَذَكَّرْ أَهْلُ التَّقْوَى فَالْإِيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ عَلَى الصَّبْرِ وَالْيَقِينِ وَالْعَدْلِ وَالْجِهَادِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 165

فَالصَّبْرُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الشَّوْقِ وَالشَّفَقِ وَالزُّهْدِ وَالتَّرَقُّبِ فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَنِ الْحُرُمَاتِ وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ وَالْيَقِينُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ وَتَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ وَمَوْعِظَةِ الْعِبْرَةِ وَسُنَّةِ الْأَوَّلِينَ فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَةِ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ وَمَنْ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ عَرَفَ الْعِبْرَةَ وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ عَرَفَ السُّنَّةَ وَمَنْ عَرَفَ السُّنَّةَ فَكَأَنَّمَا عَاشَ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْعَدْلُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى غَائِصِ الْفَهْمِ وَغَمْرَةِ الْعِلْمِ وَزَهْرَةِ الْحُكْمِ وَرَوْضَةِ الْحِلْمِ فَمَنْ فَهِمَ فَسَّرَ جَمِيعَ الْعِلْمِ وَمَنْ عَرَفَ الْحُكْمَ لَمْ يَضِلَّ وَمَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ أَمْرَهُ وَعَاشَ بِهِ فِي النَّاسِ حَمِيداً وَالْجِهَادُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالصِّدْقِ عِنْدَ الْمَوَاطِنِ وَشَنَآنِ الْفَاسِقِينَ فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِ وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أَنْفَ الْكَافِرِينَ وَمَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ وَمَنْ شَنَأَ الْفَاسِقِينَ غَضِبَ لِلَّهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 166

وَ مَنْ غَضِبَ لِلَّهِ غَضِبَ اللَّهُ لَهُ فَذَلِكَ الْإِيمَانُ وَدَعَائِمُهُ وَشُعَبُهُ وَالْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ عَلَى الْفِسْقِ وَالْغُلُوِّ وَالشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ. فَالْفِسْقُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ الْجَفَاءِ وَالْعَمَى وَالْغَفْلَةِ وَالْعُتُوِّ فَمَنْ جَفَا حَقَّرَ الْمُؤْمِنَ وَمَقَتَ الْفُقَهَاءَ وَأَصَرَّ عَلَى الْحِنْثِ وَمَنْ عَمِيَ نَسِيَ الذِّكْرَ فَبَذَا خُلُقُهُ وَبَارَزَ خَالِقَهُ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَمَنْ غَفَلَ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ وَانْقَلَبَ عَلَى ظَهْرِهِ وَحَسِبَ غَيَّهُ رُشْداً وَغَرَّتْهُ الْأَمَانِيُّ وَأَخَذَتْهُ الْحَسْرَةُ إِذَا انْقَضَى الْأَمْرُ وَانْكَشَفَ عَنْهُ الْغِطَاءُ وَبَدَا لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَحْتَسِبُ وَمَنْ عَتَا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ شَكَّ وَمَنْ شَكَّ تَعَالَى اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَذَلَّهُ بِسُلْطَانِهِ وَصَغَّرَهُ بِجَلَالِهِ كَمَا فَرَّطَ فِي حَيَاتِهِ وَاغْتَرَّ بِرَبِّهِ الْكَرِيمِ وَالْغُلُوُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى التَّعَمُّقِ وَالتَّنَازُعِ وَالزَّيْغِ وَالشِّقَاقِ فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الْحَقِّ وَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا غَرَقاً فِي الْغَمَرَاتِ لَا تَنْحَسِرُ عَنْهُ فِتْنَةٌ إِلَّا غَشِيَتْهُ أُخْرَى فَهُوَ يَهْوِي فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ وَمَنْ نَازَعَ وَخَاصَمَ وَقَعَ بَيْنَهُمُ الْفَشَلُ وَبَلِيَ أَمْرُهُمْ مِنْ طُولِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 167

اللَّجَاجِ وَمَنْ زَاغَ سَاءَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ وَحَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّيِّئَةُ وَسَكِرَ سُكْرَ الضَّلَالِ وَمَنْ شَاقَّ اعْوَرَّتْ عَلَيْهِ طُرُقُهُ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَضَاقَ مَخْرَجُهُ وَحَرِيٌّ أَنْ يُنْزَعَ مِنْ دِينِهِ مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَالشَّكُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الْمِرْيَةِ وَالْهَوْلِ وَالتَّرَدُّدِ وَالِاسْتِسْلَامِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ يَتَمَارَى الْمُمْتَرُونَ وَمَنْ هَالَهُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَمَنْ تَرَدَّدَ فِي دِينِهِ سَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ وَأَدْرَكَهُ الْآخَرُونَ وَوَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّيَاطِينِ وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هَلَكَ فِيهِمَا وَمَنْ نَجَا مِنْ ذَلِكَ فَبِفَضْلِ الْيَقِينِ وَالشُّبْهَةُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الْإِعْجَابِ بِالزِّينَةِ وَتَسْوِيلِ النَّفْسِ وَتَأَوُّلِ الْعِوَجِ وَلَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ وَذَلِكَ أَنَّ الزِّينَةَ تَصْدِفُ عَنِ الْبَيِّنَةِ وَتَسْوِيلَ النَّفْسِ تُقْحِمُ إِلَى الشَّهْوَةِ وَالْعِوَجَ يَمِيلُ بِصَاحِبِهِ مَيْلًا عَظِيماً وَاللَّبْسَ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ فَذَلِكَ الْكُفْرُ وَدَعَائِمُهُ وَشُعَبُهُ وَالنِّفَاقُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ عَلَى الْهَوَى وَالْهُوَيْنَا وَالْحَفِيظَةِ وَالطَّمَعِ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         173    وصيته ع لكميل بن زياد مختصرة .....  ص : 171

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 168

وَ الْهَوَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ وَالشَّهْوَةِ وَالْعِصْيَانِ فَمَنْ بَغَى كَثُرَتْ غَوَائِلُهُ وَتَخَلَّى عَنْهُ وَنُصِرَ عَلَيْهِ وَمَنِ اعْتَدَى لَمْ تُؤْمَنْ بَوَائِقُهُ وَلَمْ يَسْلَمْ قَلْبُهُ وَمَنْ لَمْ يَعْذِلْ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ خَاضَ فِي الْحَسَرَاتِ وَسَبَحَ فِيهَا وَمَنْ عَصَى ضَلَّ عَمْداً بِلَا عُذْرٍ وَلَا حُجَّةٍ وَأَمَّا شُعَبُ الْهُوَيْنَا فَالْهَيْبَةُ وَالْغِرَّةُ وَالْمُمَاطَلَةُ وَالْأَمَلُ وَذَلِكَ أَنَّ الْهَيْبَةَ تَرُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَالِاغْتِرَارَ بِالْعَاجِلِ تَفْرِيطُ الْأَجَلِ وَالْمُمَاطَلَةَ مُوَرِّطٌ فِي الْعَمَى وَلَوْ لَا الْأَمَلُ عَلِمَ الْإِنْسَانُ حِسَابَ مَا هُوَ فِيهِ وَلَوْ عَلِمَ حِسَابَ مَا هُوَ فِيهِ مَاتَ خُفَاتاً مِنَ الْهَوْلِ وَالْوَجَلِ وَأَمَّا شُعَبُ الْحَفِيظَةِ فَالْكِبْرُ وَالْفَخْرُ وَالْحَمِيَّةُ وَالْعَصَبِيَّةُ فَمَنِ اسْتَكْبَرَ أَدْبَرَ وَمَنْ فَخَرَ فَجَرَ وَمَنْ حَمِيَ أَصَرَّ وَمَنْ أَخَذَتْهُ الْعَصَبِيَّةُ جَارَ فَبِئْسَ الْأَمْرُ بَيْنَ إِدْبَارٍ وَفُجُورٍ وَإِصْرَارٍ وَشُعَبُ الطَّمَعِ الْفَرَحُ وَالْمَرَحُ وَاللَّجَاجَةُ وَالتَّكَبُّرُ فَالْفَرَحُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللَّهِ وَالْمَرَحُ خُيَلَاءُ وَاللَّجَاجَةُ بَلَاءٌ لِمَنِ اضْطَرَّتْهُ إِلَى حَمْلِ الْآثَامِ وَالتَّكَبُّرُ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَشُغُلٌ وَاسْتِبْدَالُ الَّذِي هُوَ أَدْنى‏ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 169

فَذَلِكَ النِّفَاقُ وَدَعَائِمُهُ وَشُعَبُهُ وَاللَّهُ قَاهِرٌ فَوْقَ عِبادِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ مِرَّتُهُ وَاشْتَدَّتْ قُوَّتُهُ وَفَاضَتْ بَرَكَتُهُ وَاسْتَضَاءَتْ حِكْمَتُهُ وَفَلَجَتْ حُجَّتُهُ وَخَلَصَ دِينُهُ وَحَقَّتْ كَلِمَتُهُ وَسَبَقَتْ حَسَنَاتُهُ وَصَفَتْ نِسْبَتُهُ وَأَقْسَطَتْ مَوَازِينُهُ وَبَلَغَتْ رِسَالاتُهُ وَحَضَرَتْ حَفَظَتُهُ ثُمَّ جَعَلَ السَّيِّئَةَ ذَنْباً وَالذَّنْبَ فِتْنَةً وَالْفِتْنَةَ دَنَساً وَجَعَلَ الْحُسْنَى غَنَماً وَالْعُتْبَى تَوْبَةً وَالتَّوْبَةَ طَهُوراً فَمَنْ تَابَ اهْتَدَى وَمَنِ افْتُتِنَ غَوَى مَا لَمْ يَتُبْ إِلَى اللَّهِ وَيَعْتَرِفْ بِذَنْبِهِ وَيُصَدِّقْ بِالْحُسْنَى وَلَا يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا هَالِكٌ فَاللَّهَ اللَّهَ مَا أَوْسَعَ مَا لَدَيْهِ مِنَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْبُشْرَى وَالْحِلْمِ الْعَظِيمِ وَمَا أَنْكَرَ مَا لَدَيْهِ مِنَ الْأَنْكَالِ وَالْجَحِيمِ وَالْعِزَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْبَطْشِ الشَّدِيدِ فَمَنْ ظَفِرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ اخْتَارَ كَرَامَتَهُ وَمَنْ لَمْ يَزَلْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ذَاقَ وَبِيلَ نَقِمَتِهِ هُنَالِكَ عُقْبَى الدَّارِ

و من كلامه ع لكميل بن زياد بعد أشياء ذكرها

إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا احْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ النَّاسُ ثَلَاثَةٌ عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 170

نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ فَيَهْتَدُوا وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ فَيَنْجُوا يَا كُمَيْلُ الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ وَالْمَالُ تُفْنِيهِ النَّفَقَةُ وَالْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ مَحَبَّةُ الْعَالِمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ بِهِ يَكْسِبُ الْإِنْسَانُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ وَجَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَمَنْفَعَةُ الْمَالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ مَاتَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ وَأَمْثِلَتُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ هَا إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً جَمّاً وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ لَمْ أُصِبْ لَهُ خَزَنَةً بَلَى أُصِيبُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُونٍ مُسْتَعْمِلًا آلَةَ الدِّينِ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا يَسْتَظْهِرُ بِحُجَجِ اللَّهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى مَعَاصِيهِ أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ بِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ اللَّهُمَّ لَا ذَا وَلَا ذَاكَ أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهْوَةِ أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَالِادِّخَارِ لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ وَلَا مِنَ ذَوِي الْبَصَائِرِ وَالْيَقِينِ أَقْرَبُ شَبَهاً بِهِمَا الْأَنْعَامُ السَّائِمَةُ كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَمَلَتِهِ اللَّهُمَّ بَلَى لَا يَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 171

لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَبَيِّنَاتُهُ وَرُوَاةُ كِتَابِهِ وَأَيْنَ أُولَئِكَ هُمُ الْأَقَلُّونَ عَدَداً الْأَعْظَمُونَ قَدْراً بِهِمْ يَحْفَظُ اللَّهُ حُجَجَهُ حَتَّى يُودِعَهُ نُظَرَاءَهُمْ وَيَزْرَعَهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقَائِقِ الْإِيمَانِ فَبَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ وَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَ مِنْهُ الْمُتْرَفُونَ وَاسْتَأْنَسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى يَا كُمَيْلُ أُولَئِكَ أُمَنَاءُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَخُلَفَاؤُهُ فِي أَرْضِهِ وَسُرُجُهُ فِي بِلَادِهِ وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ وَا شَوْقَاهْ إِلَى رُؤْيَتِهِمْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكَ‏

وصيته ع لكميل بن زياد مختصرة

يَا كُمَيْلُ سَمِّ كُلَّ يَوْمٍ بِاسْمِ اللَّهِ وَقُلْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَاذْكُرْنَا وَسَمِّ بِأَسْمَائِنَا وَصَلِّ عَلَيْنَا وَأَدِرْ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِكَ وَمَا تَحُوطُهُ عِنَايَتُكَ تُكْفَ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَا كُمَيْلُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَدَّبَهُ اللَّهُ وَهُوَ ع أَدَّبَنِي وَأَنَا أُؤَدِّبُ الْمُؤْمِنِينَ وَأُوَرِّثُ الْآدَابَ الْمُكْرَمِينَ يَا كُمَيْلُ مَا مِنْ عِلْمٍ إِلَّا وَأَنَا أَفْتَحُهُ وَمَا مِنَ سِرٍّ إِلَّا وَالْقَائِمُ ع يَخْتِمُهُ يَا كُمَيْلُ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يَا كُمَيْلُ لَا تَأْخُذْ إِلَّا عَنَّا تَكُنْ مِنَّا يَا كُمَيْلُ مَا مِنْ حَرَكَةٍ إِلَّا وَأَنْتَ مُحْتَاجٌ فِيهَا إِلَى مَعْرِفَةٍ يَا كُمَيْلُ إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَسَمِّ بِاسْمِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ وَفِيهِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ الْأَسْوَاءِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 172

يَا كُمَيْلُ وَآكِلِ الطَّعَامَ وَلَا تَبْخَلْ عَلَيْهِ فَإِنَّكَ لَنْ تَرْزُقَ النَّاسَ شَيْئاً وَاللَّهُ يُجْزِلُ لَكَ الثَّوَابَ بِذَلِكَ أَحْسِنْ عَلَيْهِ خُلُقَكَ وَابْسُطْ جَلِيسَكَ وَلَا تَتَّهِمْ خَادِمَكَ يَا كُمَيْلُ إِذَا أَكَلْتَ فَطَوِّلْ أَكْلَكَ لِيَسْتَوْفِيَ مَنْ مَعَكَ وَيُرْزَقَ مِنْهُ غَيْرُكَ يَا كُمَيْلُ إِذَا اسْتَوْفَيْتَ طَعَامَكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ عَلَى مَا رَزَقَكَ وَارْفَعْ بِذَلِكَ صَوْتَكَ يَحْمَدْهُ سِوَاكَ فَيَعْظُمُ بِذَلِكَ أَجْرُكَ يَا كُمَيْلُ لَا تُوقِرَنَّ مَعِدَتَكَ طَعَاماً وَدَعْ فِيهَا لِلْمَاءِ مَوْضِعاً وَلِلرِّيحِ مَجَالًا وَلَا تَرْفَعْ يَدَكَ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا وَأَنْتَ تَشْتَهِيهِ فَإِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ تَسْتَمْرِئُهُ فَإِنَّ صِحَّةَ الْجِسْمِ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ وَقِلَّةِ الْمَاءِ يَا كُمَيْلُ الْبَرَكَةُ فِي مَالِ مَنْ آتَى الزَّكَاةَ وَوَاسَى الْمُؤْمِنِينَ وَوَصَلَ الْأَقْرَبِينَ يَا كُمَيْلُ زِدْ قَرَابَتَكَ الْمُؤْمِنَ عَلَى مَا تُعْطِي سِوَاهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَكُنْ بِهِمْ أَرْأَفَ وَعَلَيْهِمْ أَعْطَفَ وَتَصَدَّقْ عَلَى الْمَسَاكِينِ يَا كُمَيْلُ لَا تَرُدَّ سَائِلًا وَلَوْ مِنْ شَطْرِ حَبَّةِ عِنَبٍ أَوْ شِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَنْمُو عِنْدَ اللَّهِ يَا كُمَيْلُ أَحْسَنُ حِلْيَةِ الْمُؤْمِنِ التَّوَاضُعُ وَجَمَالُهُ التَّعَفُّفُ وَشَرَفُهُ التَّفَقُّهُ وَعِزُّهُ تَرْكُ الْقَالِ وَالْقِيلِ يَا كُمَيْلُ فِي كُلِّ صِنْفٍ قَوْمٌ أَرْفَعُ مِنْ قَوْمٍ فَإِيَّاكَ وَمُنَاظَرَةَ الْخَسِيسِ مِنْهُمْ وَإِنْ أَسْمَعُوكَ وَاحْتَمِلْ وَكُنْ مِنَ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ- وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         177    ثم كتب إلى أهل مصر بعد مسيره ما اختصرناه .....  ص : 176

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 173

يَا كُمَيْلُ قُلِ الْحَقَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَوَادِّ الْمُتَّقِينَ وَاهْجُرِ الْفَاسِقِينَ وَجَانِبِ الْمُنَافِقِينَ وَلَا تُصَاحِبِ الْخَائِنِينَ يَا كُمَيْلُ لَا تَطْرُقْ أَبْوَابَ الظَّالِمِينَ لِلِاخْتِلَاطِ بِهِمْ وَالِاكْتِسَابِ مَعَهُمْ وَإِيَّاكَ أَنْ تُعَظِّمَهُمْ وَأَنْ تَشْهَدَ فِي مَجَالِسِهِمْ بِمَا يُسْخِطُ اللَّهُ عَلَيْكَ وَإِنِ اضْطُرِرْتَ إِلَى حُضُورِهِمْ فَدَاوِمْ ذِكْرَ اللَّهِ وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ وَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِهِمْ وَأَطْرِقْ عَنْهُمْ وَأَنْكِرْ بِقَلْبِكَ فِعْلَهُمْ وَاجْهَرْ بِتَعْظِيمِ اللَّهِ تُسْمِعْهُمْ فَإِنَّكَ بِهَا تُؤَيَّدُ وَتُكْفَى شَرَّهُمْ يَا كُمَيْلُ إِنَّ أَحَبَّ مَا تَمْتَثِلُهُ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَبِأَوْلِيَائِهِ التَّعَفُّفُ وَالتَّحَمُّلُ وَالِاصْطِبَارُ يَا كُمَيْلُ لَا تُرِ النَّاسَ إِقْتَارَكَ وَاصْبِرْ عَلَيْهِ احْتِسَاباً بِعِزٍّ وَتَسَتُّرٍ يَا كُمَيْلُ لَا بَأْسَ أَنْ تُعْلِمَ أَخَاكَ سِرَّكَ وَمَنْ أَخُوكَ أَخُوكَ الَّذِي لَا يَخْذُلُكَ عِنْدَ الشَّدِيدَةِ وَلَا يَقْعُدُ عَنْكَ عِنْدَ الْجَرِيرَةِ وَلَا يَدَعُكَ حَتَّى تَسْأَلَهُ وَلَا يَذَرُكَ وَأَمْرَكَ حَتَّى تُعْلِمَهُ فَإِنْ كَانَ مُمِيلًا فَأَصْلِحْهُ يَا كُمَيْلُ الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ لِأَنَّهُ يَتَأَمَّلُهُ فَيَسُدُّ فَاقَتَهُ وَيُجْمِلُ حَالَتَهُ يَا كُمَيْلُ الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وَلَا شَيْ‏ءَ آثَرُ عِنْدَ كُلِّ أَخٍ مِنْ أَخِيهِ يَا كُمَيْلُ إِنْ لَمْ تُحِبَّ أَخَاكَ فَلَسْتَ أَخَاهُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا فَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ قَصَّرَ عَنَّا وَمَنْ قَصَّرَ عَنَّا لَمْ يَلْحَقْ بِنَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا فَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ يَا كُمَيْلُ كُلُّ مَصْدُورٍ يَنْفِثُ فَمَنْ نَفَثَ إِلَيْكَ مِنَّا بِأَمْرٍ أَمَرَكَ بِسَتْرِهِ فَإِيَّاكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 174

أَنْ تُبْدِيَهُ وَلَيْسَ لَكَ مِنْ إِبْدَائِهِ تَوْبَةٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَوْبَةٌ فَالْمَصِيرُ إِلَى لَظَى يَا كُمَيْلُ إِذَاعَةُ سِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ ص لَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَلَا يُحْتَمَلُ أَحَدٌ عَلَيْهَا وَمَا قَالُوهُ فَلَا تُعْلِمْ إِلَّا مُؤْمِناً مُوقِناً يَا كُمَيْلُ قُلْ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ تُكْفَهَا وَقُلْ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَزْدَدْ مِنْهَا وَإِذَا أَبْطَأَتِ الْأَرْزَاقُ عَلَيْكَ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ يُوَسِّعْ عَلَيْكَ فِيهَا يَا كُمَيْلُ انْجُ بِوَلَايَتِنَا مِنْ أَنْ يَشْرَكَكَ الشَّيْطَانُ فِي مَالِكَ وَوُلْدِكَ يَا كُمَيْلُ إِنَّهُ مُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْتَوْدَعِينَ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقَرّاً إِذَا لَزِمْتَ الْجَادَّةَ الْوَاضِحَةَ الَّتِي لَا تُخْرِجُكَ إِلَى عِوَجٍ وَلَا تُزِيلُكَ عَنْ مَنْهَجٍ يَا كُمَيْلُ لَا رُخْصَةَ فِي فَرْضٍ وَلَا شِدَّةَ فِي نَافِلَةٍ يَا كُمَيْلُ إِنَّ ذُنُوبَكَ أَكْثَرُ مِنْ حَسَنَاتِكَ وَغَفْلَتَكَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ وَنِعَمَ اللَّهِ عَلَيْكَ أَكْثَرُ مِنْ عَمَلِكَ يَا كُمَيْلُ إِنَّكَ لَا تَخْلُو مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عِنْدَكَ وَعَافِيَتِهِ إِيَّاكَ فَلَا تَخْلُ مِنْ تَحْمِيدِهِ وَتَمْجِيدِهِ وَتَسْبِيحِهِ وَتَقْدِيسِهِ وَشُكْرِهِ وَذِكْرِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَا كُمَيْلُ لَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ- نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَنَسَبَهُمْ إِلَى الْفِسْقِ فَهُمْ فَاسِقُونَ يَا كُمَيْلُ لَيْسَ الشَّأْنَ أَنْ تُصَلِّيَ وَتَصُومَ وَتَتَصَدَّقَ الشَّأْنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِقَلْبٍ نَقِيٍّ وَعَمَلٍ عِنْدَ اللَّهِ مَرْضِيٍّ وَخُشُوعٍ سَوِيٍّ وَانْظُرْ فِيمَا تُصَلِّي وَعَلَى مَا تُصَلِّي إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَجْهِهِ وَحِلِّهِ فَلَا قَبُولَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 175

يَا كُمَيْلُ اللِّسَانُ يَنْزَحُ مِنَ الْقَلْبِ وَالْقَلْبُ يَقُومُ بِالْغِذَاءِ فَانْظُرْ فِيمَا تُغَذِّي قَلْبَكَ وَجِسْمَكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَلَالًا لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ تَسْبِيحَكَ وَلَا شُكْرَكَ يَا كُمَيْلُ افْهَمْ وَاعْلَمْ أَنَّا لَا نُرَخِّصُ فِي تَرْكِ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ فَمَنْ رَوَى عَنِّي فِي ذَلِكَ رُخْصَةً فَقَدْ أَبْطَلَ وَأَثِمَ وَجَزَاؤُهُ النَّارُ بِمَا كَذَبَ أُقْسِمُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ لِي قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَاعَةٍ مِرَاراً ثَلَاثاً يَا أَبَا الْحَسَنِ أَدِّ [أداء] الْأَمَانَةَ إِلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ فِيمَا جَلَّ وَقَلَّ حَتَّى الْخَيْطِ وَالْمِخْيَطِ يَا كُمَيْلُ لَا غَزْوَ إِلَّا مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ وَلَا نَفَلَ إِلَّا مِنْ إِمَامٍ فَاضِلٍ يَا كُمَيْلُ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ نَبِيٌّ وَكَانَ فِي الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ تَقِيُّ لَكَانَ فِي دُعَائِهِ إِلَى اللَّهِ مُخْطِئاً أَوْ مُصِيباً بَلْ وَاللَّهِ مُخْطِئاً حَتَّى يَنْصِبَهُ اللَّهُ لِذَلِكَ وَيُؤَهِّلَهُ لَهُ يَا كُمَيْلُ الدِّينُ لِلَّهِ فَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ الْقِيَامَ بِهِ إِلَّا رَسُولًا أَوْ نَبِيّاً أَوْ وَصِيّاً يَا كُمَيْلُ هِيَ نُبُوَّةٌ وَرِسَالَةٌ وَإِمَامَةٌ وَلَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا مُوَالِينَ مُتَّبِعِينَ أَوْ عَامِهِينَ مُبْتَدِعِينَ- إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ يَا كُمَيْلُ إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ حَلِيمٌ عَظِيمٌ رَحِيمٌ دَلَّنَا عَلَى أَخْلَاقِهِ وَأَمَرَنَا بِالْأَخْذِ بِهَا وَحَمَلَ النَّاسَ عَلَيْهَا فَقَدْ أَدَّيْنَاهَا غَيْرَ مُتَخَلِّفِينَ وَأَرْسَلْنَاهَا غَيْرَ مُنَافِقِينَ وَصَدَّقْنَاهَا غَيْرَ مُكَذِّبِينَ وَقَبِلْنَاهَا غَيْرَ مُرْتَابِينَ يَا كُمَيْلُ لَسْتُ وَاللَّهِ مُتَمَلِّقاً حَتَّى أُطَاعَ وَلَا مُمَنِّياً حَتَّى لَا أُعْصَى وَلَا مَائِلًا لِطَعَامِ الْأَعْرَابِ حَتَّى أُنْحَلَ إِمْرَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَأُدْعَى بِهَا يَا كُمَيْلُ إِنَّمَا حَظِيَ مَنْ حَظِيَ بِدُنْيَا زَائِلَةٍ مُدْبِرَةٍ وَنَحْظَى بِآخِرَةٍ بَاقِيَةٍ ثَابِتَةٍ يَا كُمَيْلُ إِنَّ كُلًّا يَصِيرُ إِلَى الْآخِرَةِ وَالَّذِي نَرْغَبُ فِيهِ مِنْهَا رِضَا اللَّهِ وَالدَّرَجَاتُ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ الَّتِي يُورِثُهَا مَنْ كانَ تَقِيًّا-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 176

يَا كُمَيْلُ مَنْ لَا يَسْكُنُ الْجَنَّةَ- فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وَخِزْيٍ مُقِيمٍ يَا كُمَيْلُ أَنَا أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا شِئْتَ فَقُمْ‏

وصيته ع محمد بن أبي بكر حين ولاه مصر

هَذَا مَا عَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ وَلَّاهُ مِصْرَ أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالطَّاعَةِ لَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَخَوْفِ اللَّهِ فِي الْغَيْبِ وَالْمَشْهَدِ وَبِاللِّينِ لِلْمُسْلِمِ وَبِالْغِلْظَةِ عَلَى الْفَاجِرِ وَبِالْعَدْلِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبِإِنْصَافِ الْمَظْلُومِ وَبِالشِّدَّةِ عَلَى الظَّالِمِ وَبِالْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ وَبِالْإِحْسَانِ مَا اسْتَطَاعَ وَاللَّهُ يَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَيُعَذِّبُ الْمُجْرِمِينَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ مَنْ قِبَلَهُ إِلَى الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْعَافِيَةِ وَعَظِيمِ الْمَثُوبَةِ مَا لَا يَقْدِرُونَ قَدْرَهُ وَلَا يَعْرِفُونَ كُنْهَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُلَيِّنَ لَهُمْ جَنَاحَهُ وَأَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَوَجْهِهِ وَيَكُونَ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِالْعَدْلِ وَأَنْ يُقِيمَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَتَّبِعَ الْهَوَى وَلَا يَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ مَنِ اتَّقَاهُ وَآثَرَ طَاعَتَهُ وَأَمْرَهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُ وَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ‏

ثم كتب إلى أهل مصر بعد مسيره ما اختصرناه‏

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَأَهْلِ مِصْرَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَصَلَ إِلَيَّ كِتَابُكَ وَفَهِمْتُ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ وَأَعْجَبَنِي اهْتِمَامُكَ بِمَا

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         181    ومن كلامه ع في الزهد وذم الدنيا وعاجلها .....  ص : 180

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 177

لَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ وَمَا لَا يُصْلِحُ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُهُ وَظَنَنْتُ أَنَّ الَّذِي أَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْكَ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ وَرَأْيٌ غَيْرُ مَدْخُولٍ أَمَّا بَعْدُ فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي مَقَامِكَ وَمَقْعَدِكَ وَسِرِّكَ وَعَلَانِيَتِكَ وَإِذَا أَنْتَ قَضَيْتَ بَيْنَ النَّاسِ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ وَلَيِّنَ لَهُمْ جَانِبَكَ وَابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَآسِ بَيْنَهُمْ فِي اللَّحْظِ وَالنَّظَرِ حَتَّى لَا يَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِي حَيْفِكَ لَهُمْ وَلَا يَأْيَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَنْ تَسْأَلَ الْمُدَّعِيَ الْبَيِّنَةَ وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَمَنْ صَالَحَ أَخَاهُ عَلَى صُلْحٍ فَأَجِزْ صُلْحَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صُلْحاً يُحَرِّمُ حَلَالًا أَوْ يُحَلِّلُ حَرَاماً وَآثِرِ الْفُقَهَاءَ وَأَهْلَ الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ وَالْحَيَاءِ وَالْوَرَعِ عَلَى أَهْلِ الْفُجُورِ وَالْكَذِبِ وَالْغَدْرِ وَلْيَكُنِ الصَّالِحُونَ الْأَبْرَارُ إِخْوَانَكَ وَالْفَاجِرُونَ الْغَادِرُونَ أَعْدَاءَكَ فَإِنَّ أَحَبَّ إِخْوَانِي إِلَيَّ أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْراً وَأَشَدُّهُمْ مِنْهُ خَوْفاً وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فِيمَا أَنْتُمْ عَنْهُ مَسْئُولُونَ وَعَمَّا أَنْتُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ- كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ وَقَالَ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ وَقَالَ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ  عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 178

فَإِنَّهَا تَجْمَعُ مِنَ الْخَيْرِ مَا لَا يَجْمَعُ غَيْرُهَا وَيُدْرَكُ بِهَا مِنَ الْخَيْرِ مَا لَا يُدْرَكُ بِغَيْرِهَا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَخَيْرِ الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُتَّقِينَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الْخَيْرِ وَآجِلِهِ شَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ وَلَمْ يُشَارِكْهُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي آخِرَتِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ الْآيَةَ سَكَنُوا الدُّنْيَا بِأَحْسَنِ مَا سُكِنَتْ وَأَكَلُوهَا بِأَحْسَنِ مَا أُكِلَتْ وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ إِذَا اتَّقَيْتُمُ اللَّهَ وَحَفِظْتُمْ نَبِيَّكُمْ فِي أَهْلِهِ فَقَدْ عَبَدْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ عِبَادَتِهِ وَذَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا ذُكِرَ وَشَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا شُكِرَ وَقَدْ أَخَذْتُمْ بِأَفْضَلِ الصَّبْرِ وَالشُّكْرِ وَاجْتَهَدْتُمْ بِأَفْضَلِ الِاجْتِهَادِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُكُمْ أَطْوَلَ مِنْكُمْ صَلَاةً وَأَكْثَرَ مِنْكُمْ صِيَاماً وَصَدَقَةً إِذْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ أَوْفَى لِلَّهِ وَأَنْصَحَ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ وَلِيُّ الْأَمْرِ مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ الْمَوْتَ وَقُرْبَهُ وَكَرْبَهُ وَسَكَرَاتِهِ وَأَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِأَمْرٍ عَظِيمٍ بِخَيْرٍ لَا يَكُونُ مَعَهُ شَرٌّ وَبِشَرٍّ لَا يَكُونُ مَعَهُ خَيْرٌ أَبَداً فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَى الْجَنَّةِ مِنْ عَامِلِهَا وَأَقْرَبُ إِلَى النَّارِ مِنْ أَهْلِهَا فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ عِنْدَ مَا تُنَازِعُكُمْ إِلَيْهِ أَنْفُسُكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ وَيَرْحَمْهُ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ وَاعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ أَنَّنِي وَلَّيْتُكَ أَعْظَمَ أَجْنَادِي فِي نَفْسِي أَهْلَ مِصْرَ وَأَنْتَ مَحْقُوقٌ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 179

أَنْ تَخَافَ عَلَى نَفْسِكَ وَأَنْ تَحْذَرَ فِيهِ عَلَى دِينِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُسْخِطَ رَبَّكَ بِرِضَا أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَافْعَلْ فَإِنَّ فِي اللَّهِ خَلَفاً مِنْ غَيْرِهِ وَلَا فِي شَيْ‏ءٍ خَلَفٌ مِنَ اللَّهِ اشْدُدْ عَلَى الظَّالِمِ وَخُذْ عَلَى يَدَيْهِ وَلِنْ لِأَهْلِ الْخَيْرِ وَقَرِّبْهُمْ مِنْكَ وَاجْعَلْهُمْ بِطَانَتَكَ وَإِخْوَانَكَ ثُمَّ انْظُرْ صَلَاتَكَ كَيْفَ هِيَ فَإِنَّكَ إِمَامٌ وَلَيْسَ مِنْ إِمَامٍ يُصَلِّي بِقَوْمٍ فَيَكُونُ فِي صَلَاتِهِمْ تَقْصِيرٌ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُهُمْ وَلَا يَنْتَقِصُ مِنْ صَلَاتِهِمْ شَيْ‏ءٌ وَلَا يُتَمِّمُهَا إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ وَلَا يَنْتَقِصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْ‏ءٌ وَانْظُرِ الْوُضُوءَ فَإِنَّهُ تَمَامُ الصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَيْ‏ءٍ مِنْ عَمَلِكَ تَابِعٌ لِصَلَاتِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ ضَيَّعَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ أَضْيَعُ وَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ يَا أَهْلَ مِصْرَ أَنْ يُصَدِّقَ قَوْلُكُمْ فِعْلَكُمْ وَسِرُّكُمْ عَلَانِيَتَكُمْ وَلَا تُخَالِفَ أَلْسِنَتُكُمْ أَفْعَالَكُمْ فَافْعَلُوا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مُؤْمِناً وَلَا مُشْرِكاً أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَمْنَعُهُ اللَّهُ بِإِيمَانِهِ وَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَيُخْزِيهِ اللَّهُ وَيَقْمَعُهُ بِشِرْكِهِ وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُلَّ مُنَافِقٍ حُلْوِ اللِّسَانِ يَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ وَيَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ص مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَاتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَاتُهُ فَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ حَقّاً وَكَانَ يَقُولُ ص خَصْلَتَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ حُسْنُ سَمْتٍ وَفِقْهٌ فِي سُنَّةٍ وَاعْلَمْ يَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَفْضَلَ الْفِقْهِ الْوَرَعُ فِي دِينِ اللَّهِ وَالْعَمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَى شُكْرِهِ وَذِكْرِهِ وَأَدَاءِ حَقِّهِ وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلَاءٍ وَفَنَاءٍ وَالْآخِرَةَ دَارُ بَقَاءٍ وَجَزَاءٍ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُزَيِّنَ مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى فَافْعَلْ رَزَقَنَا اللَّهُ بَصَرَ مَا بَصَّرَنَا وَفَهْمَ مَا فَهَّمَنَا حَتَّى لَا نُقَصِّرَ عَمَّا أَمَرَنَا وَلَا نَتَعَدَّى إِلَى مَا نَهَانَا عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَنْتَ إِلَى نَصِيبِكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 180

مِنَ الْآخِرَةِ أَحْوَجُ فَإِنْ عَرَضَ لَكَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا لِلْآخِرَةِ وَالْآخَرُ لِلدُّنْيَا فَابْدَأْ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُعْظِمَ رَغْبَتَكَ فِي الْخَيْرِ وَتُحْسِنَ فِيهِ نِيَّتَكَ فَافْعَلْ فَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ إِذَا أَحَبَّ الْخَيْرَ وَأَهْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ كَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَنْ فَعَلَهُ ثُمَّ إِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ثُمَّ بِسَبْعِ خِصَالٍ هُنَّ جَوَامِعُ الْإِسْلَامِ تَخْشَى اللَّهَ وَلَا تَخْشَى النَّاسَ فِي اللَّهِ فَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ مَا صَدَّقَهُ الْفِعْلُ وَلَا تَقْضِ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ بِقَضَاءَيْنِ فَيَخْتَلِفَ عَلَيْكَ أَمْرُكَ وَتَزِلَّ عَنِ الْحَقِّ وَأَحْبِبْ لِعَامَّةِ رَعِيَّتِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ وَالْزَمِ الْحُجَّةَ عِنْدَ اللَّهِ وَأَصْلِحْ رَعِيَّتَكَ وَخُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ وَلَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَأَقِمْ وَجْهَكَ وَانْصَحْ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ إِذَا اسْتَشَارَكَ وَاجْعَلْ نَفْسَكَ أُسْوَةً لِقَرِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعِيدِهِمْ- وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى‏ ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ‏

و من كلامه ع في الزهد وذم الدنيا وعاجلها

إِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ وَتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ وَعُمِّرَتْ بِالْآمَالِ وَتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ لَا تَدُومُ حَبْرَتُهَا وَلَا تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ لَا تَعْدُو إِذَا هِيَ تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالرِّضَا بِهَا أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ- كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مُقْتَدِراً مَعَ أَنَّ امْرَأً لَمْ يَكُنْ مِنْهَا

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         185    خطبته ع عند ما أنكر عليه قوم تسويته بين الناس في الفي‏ء .....  ص : 183

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 181

فِي حَبْرَةٍ إِلَّا أَعْقَبَتْهُ عَبْرَةً وَلَمْ يَلْقَ مِنْ سَرَّائِهَا بَطْناً إِلَّا مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً وَلَمْ تَطُلَّهُ فِيهَا دِيمَةُ رَخَاءٍ إِلَّا هَتَفَتْ عَلَيْهِ مُزْنَةُ بَلَاءٍ إِذَا هِيَ أَصْبَحَتْ مُنْتَصِرَةً أَنْ تُمْسِيَ لَهُ مُنْكِرَةً وَإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ لِامْرِئٍ وَاحْلَوْلَى أَمَرَّ عَلَيْهِ جَانِبٌ مِنْهَا فَأَوْبَى وَإِنْ لَبِسَ امْرُؤٌ مِنْهَا فِي جَنَاحِ أَمْنٍ إِلَّا أَصْبَحَ فِي أَخْوَفِ خَوْفٍ غَرَّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِيهَا فَانِيَةٌ فَانٍ مَنْ عَلَيْهَا لَا خَيْرَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ زَادِهَا إِلَّا التَّقْوَى مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُؤْمِنُهُ وَمَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَدُمْ لَهُ وَزَالَ عَمَّا قَلِيلٍ عَنْهُ كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ وَذِي طُمَأْنِينَةٍ إِلَيْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ وَذِي حَذَرٍ قَدْ خَدَعَتْهُ وَكَمْ ذِي أُبَّهَةٍ فِيهَا قَدْ صَيَّرَتْهُ حَقِيراً وَذِي نَخْوَةٍ قَدْ رَدَّتْهُ جَائِعاً فَقِيراً وَكَمْ ذِي تَاجٍ قَدْ أَكَبَّتْهُ لِلْيَدَيْنِ وَالْفَمِ سُلْطَانُهَا ذُلٌّ وَعَيْشُهَا رَنِقٌ وَعَذْبُهَا أُجَاجٌ وَحُلْوُهَا صَبِرٌ حَيُّهَا بِعَرَضِ مَوْتٍ وَصَحِيحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ وَمَنِيعُهَا بِعَرَضِ اهْتِضَامٍ وَمُلْكُهَا مَسْلُوبٌ وَعَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ وَأَمْنُهَا مَنْكُوبٌ وَجَارُهَا مَحْرُوبٌ وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ وَزَفَرَاتُهُ وَهَوْلُ الْمُطَّلَعِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 182

وَ الْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ الْعَدْلِ- لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى أَ لَسْتُمْ فِي مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وَأَبْيَنَ آثَاراً وَأَعَدَّ مِنْكُمْ عَدِيداً وَأَكْثَفَ مِنْكُمْ جُنُوداً وَأَشَدَّ مِنْكُمْ عُنُوداً تَعَبَّدُوا لِلدُّنْيَا أَيَّ تَعَبُّدٍ وَآثَرُوهَا أَيَّ إِيْثَارٍ ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِالصَّغَارِ أَ فَهَذِهِ تُؤْثِرُونَ أَمْ عَلَى هَذِهِ تَحْرِصُونَ أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ يَقُولُ اللَّهُ مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ.  أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ يَتَهَيَّبْهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا عَلَى وَجَلٍ وَاعْلَمُوا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ تَارِكُوهَا لَا بُدَّ وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا نَعَتَ اللَّهُ- لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ فَاتَّعِظُوا فِيهَا بِالَّذِينَ كَانُوا يَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً يَعْبَثُونَ وَيَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّهُمْ يَخْلُدُونَ وَبِالَّذِينَ قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً وَاتَّعِظُوا بِمَنْ رَأَيْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمْ كَيْفَ حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ وَلَا يُدْعَوْنَ رُكْبَاناً وَأُنْزِلُوا وَلَا يُدْعَوْنَ ضِيفَاناً وَجُعِلَ لَهُمْ مِنَ الضَّرِيحِ أَكْنَانٌ وَمِنَ التُّرَابِ أَكْفَانٌ وَمِنَ الرُّفَاتِ جِيرَانٌ فَهُمْ جِيرَةٌ لَا يُجِيبُونَ دَاعِياً وَلَا يَمْنَعُونَ ضَيْماً لَا يَزُورُونَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 183

وَ لَا يُزَارُونَ حُلَمَاءُ قَدْ بَارَتْ أَضْغَانُهُمْ جُهَلَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَحْقَادُهُمْ لَا تُخْشَى فَجْعَتُهُمْ وَلَا يُرْجَى دَفْعُهُمْ وَهُمْ كَمَنْ لَمْ يَكُنْ وَكَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ- فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الْأَرْضِ بَطْناً وَبِالسَّعَةِ ضِيقاً وَبِالْأَهْلِ غُرْبَةً وَبِالنُّورِ ظُلْمَةً جَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا حُفَاةً عُرَاةً قَدْ ظَعَنُوا مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ وَإِلَى خُلُودِ أَبَدٍ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ‏

خطبته ع عند ما أنكر عليه قوم تسويته بين الناس في الفي‏ء

أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّا نَحْمَدُ رَبَّنَا وَإِلَهَنَا وَوَلِيَّ النِّعْمَةِ عَلَيْنَا ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً بِغَيْرِ حَوْلٍ مِنَّا وَلَا قُوَّةٍ إِلَّا امْتِنَاناً عَلَيْنَا وَفَضْلًا لِيَبْلُوَنَا أَ نَشْكُرُ أَمْ نَكْفُرُ فَمَنْ شَكَرَ زَادَهُ وَمَنْ كَفَرَ عَذَّبَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ أَحَداً صَمَداً وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْأَنْعَامِ نِعْمَةً أَنْعَمَ بِهَا وَمَنّاً وَفَضْلًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأَفْضَلُ النَّاسِ أَيُّهَا النَّاسُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ خَطَراً أَطْوَعُهُمْ لِأَمْرِ اللَّهِ وَأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَأَتْبَعُهُمْ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَأَحْيَاهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عِنْدَنَا فَضْلٌ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَاتِّبَاعِ كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ص هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَهْدُ نَبِيِّ اللَّهِ وَسِيرَتُهُ فِينَا لَا يَجْهَلُهَا إِلَّا جَاهِلٌ مُخَالِفٌ مُعَانِدٌ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ اللَّهُ- يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى‏ وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ فَهُوَ الشَّرِيفُ الْمُكْرَمُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 184

الْمُحَبُّ وَكَذَلِكَ أَهْلُ طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ- إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَقَالَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ ثُمَّ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَيَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ أَ تَمُنُّونَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ بِإِسْلَامِكُمْ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ عَلَيْكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّهُ مَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَجْرَيْنَا عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ وَأَقْسَامَ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمُتَّقِينَ وَأَوْلِيَائِهِ وَأَحِبَّائِهِ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَتَرْغَبُونَ فِيهَا وَأَصْبَحَتْ تَعِظُكُمْ وَتَرْمِيكُمْ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ وَلَا مَنْزِلِكُمُ الَّذِي خُلِقْتُمْ لَهُ وَلَا الَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْهِ أَلَا وَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاقِيَةٍ لَكُمْ وَلَا تَبْقَوْنَ عَلَيْهَا فَلَا يَغُرَّنَّكُمْ عَاجِلُهَا فَقَدْ حُذِّرْتُمُوهَا وَوُصِفَتْ لَكُمْ وَجَرَّبْتُمُوهَا فَأَصْبَحْتُمْ لَا تَحْمَدُونَ عَاقِبَتَهَا فَسَابِقُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى مَنَازِلِكُمُ الَّتِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا فَهِيَ الْعَامِرَةُ الَّتِي لَا تَخْرَبُ أَبَداً وَالْبَاقِيَةُ الَّتِي لَا تَنْفَدُ رَغَّبَكُمُ اللَّهُ فِيهَا وَدَعَاكُمْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ لَكُمُ الثَّوَابَ فِيهَا فَانْظُرُوا يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَهْلِ دِينِ اللَّهِ مَا وُصِفْتُمْ بِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَنَزَلْتُمْ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَجَاهَدْتُمْ عَلَيْهِ فِيمَا فُضِّلْتُمْ بِهِ بِالْحَسَبِ وَالنَّسَبِ أَمْ بِعَمَلٍ وَطَاعَةٍ فَاسْتَتِمُّوا نِعَمَهُ عَلَيْكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِالصَّبْرِ لِأَنْفُسِكُمْ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى مَنِ اسْتَحْفَظَكُمُ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ أَلَا وَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكُمْ تَوَاضُعُ شَيْ‏ءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ بَعْدَ حِفْظِكُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَالتَّقْوَى وَلَا يَنْفَعُكُمْ شَيْ‏ءٌ حَافَظْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ بَعْدَ تَضْيِيعِ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنَ التَّقْوَى فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ وَالصَّبْرِ عَلَى بَلَائِهِ فَأَمَّا هَذَا الْفَيْ‏ءُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ أَثَرَةٌ قَدْ فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَسْمِهِ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         189    ذكره ع الإيمان والأرواح واختلافها .....  ص : 188

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 185

فَهُوَ مَالُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ عِبَادُ اللَّهِ الْمُسْلِمُونَ وَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ بِهِ أَقْرَرْنَا وَعَلَيْهِ شَهِدْنَا وَلَهُ أَسْلَمْنَا وَعَهْدُ نَبِيِّنَا بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِهَذَا فَلْيَتَوَلَّ كَيْفَ شَاءَ فَإِنَّ الْعَامِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَالْحَاكِمَ بِحُكْمِ اللَّهِ لَا وَحْشَةَ عَلَيْهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ- أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا وَإِلَهَنَا أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ وَأَنْ يَجْعَلَ رَغْبَتَنَا وَرَغْبَتَكُمْ فِيمَا عِنْدَهُ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ‏

و من كلامه ع في وضع المال مواضعه‏

لَمَّا رَأَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِصِفِّينَ مَا يَفْعَلُهُ مُعَاوِيَةُ بِمَنِ انْقَطَعَ إِلَيْهِ وَبَذْلَهُ لَهُمُ الْأَمْوَالَ وَالنَّاسُ أَصْحَابُ دُنْيَا قَالُوا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَعْطِ هَذَا الْمَالَ وَفَضِّلِ الْأَشْرَافَ وَمَنْ تَخَوَّفُ خِلَافَهُ وَفِرَاقَهُ حَتَّى إِذَا اسْتَتَبَّ لَكَ مَا تُرِيدُ عُدْتَ إِلَى أَحْسَنِ مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَدْلِ فِي الرَّعِيَّةِ وَالْقَسْمِ بِالسَّوِيَّةِ فَقَالَ أَ تَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهِ لَا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ بِهِ سَمِيرٌ وَمَا أَمَّ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً وَلَوْ كَانَ مَالُهُمْ مَالِي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ فَكَيْفَ وَإِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُهُمْ ثُمَّ أَزَمَ طَوِيلًا سَاكِتاً ثُمَّ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِيَّاهُ وَالْفَسَادَ فَإِنَّ إِعْطَاءَكَ الْمَالَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ وَهُوَ يَرْفَعُ ذِكْرَ صَاحِبِهِ فِي النَّاسِ وَيَضَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 186

إِلَّا حَرَمَهُ شُكْرَهُمْ وَكَانَ خَيْرُهُ لِغَيْرِهِ فَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنْهُمْ مَنْ يُرِيهِ الْوُدَّ وَيُظْهِرُ لَهُ الشُّكْرَ فَإِنَّمَا هُوَ مَلَقٌ وَكَذِبٌ وَإِنَّمَا يَقْرُبُ لِيَنَالَ مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ يَأْتِي إِلَيْهِ قَبْلُ فَإِنْ زَلَّتْ بِصَاحِبِهِ النَّعْلُ وَاحْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِ وَمُكَافَأَتِهِ فَأَشَرُّ خَلِيلٍ وَأَلْأَمُ خَدِينٍ مَقَالَةُ جُهَّالٍ مَا دَامَ عَلَيْهِمْ مُنْعِماً وَهُوَ عَنْ ذَاتِ اللَّهِ بَخِيلٌ فَأَيُّ حَظٍّ أَبْوَرُ وَأَخَسُّ مِنْ هَذَا الْحَظِّ وَأَيُّ مَعْرُوفٍ أَضْيَعُ وَأَقَلُّ عَائِدَةً مِنْ هَذَا الْمَعْرُوفِ فَمَنْ أَتَاهُ مَالٌ فَلْيَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ وَلْيُحْسِنْ بِهِ الضِّيَافَةَ وَلْيَفُكَّ بِهِ الْعَانِيَ وَالْأَسِيرَ وَلْيُعِنْ بِهِ الْغَارِمِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالْفُقَرَاءَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَلْيُصَبِّرْ نَفْسَهُ عَلَى الثَّوَابِ وَالْحُقُوقِ فَإِنَّهُ يَحُوزُ بِهَذِهِ الْخِصَالِ شَرَفاً فِي الدُّنْيَا وَدَرْكَ فَضَائِلِ الْآخِرَةِ

وصفه ع الدنيا للمتقين‏

قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ كُنَّا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع بِالْبَصْرَةِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُ أَشْرَفَ عَلَيْنَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَقَالَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ فَقُلْنَا فِي ذَمِّ الدُّنْيَا فَقَالَ عَلَامَ تَذُمُّ الدُّنْيَا يَا جَابِرُ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 187

ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ أَقْوَامٍ يَذُمُّونَ الدُّنْيَا انْتَحَلُوا الزُّهْدَ فِيهَا الدُّنْيَا مَنْزِلُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَمَسْكَنُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا وَدَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا مَسْجِدُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَمَهْبِطُ وَحْيِهِ وَمُصَلَّى مَلَائِكَتِهِ وَمَسْكَنُ أَحِبَّائِهِ وَمَتْجَرُ أَوْلِيَائِهِ اكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ وَرَبِحُوا مِنْهَا الْجَنَّةَ فَمَنْ ذَا يَذُمُّ الدُّنْيَا يَا جَابِرُ وَقَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِهَا وَنَادَتْ بِانْقِطَاعِهَا وَنَعَتْ نَفْسَهَا بِالزَّوَالِ وَمَثَّلَتْ بِبَلَائِهَا الْبَلَاءَ وَشَوَّقَتْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ وَرَاحَتْ بِفَجِيعَةٍ وَابْتَكَرَتْ بِنِعْمَةٍ وَعَافِيَةٍ تَرْهِيباً وَتَرْغِيباً يَذُمُّهَا قَوْمٌ عِنْدَ النَّدَامَةِ خَدَمَتْهُمْ جَمِيعاً فَصَدَّقَتْهُمْ وَذَكَّرَتْهُمْ فَذَكَرُوا وَوَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا وَخَوَّفَتْهُمْ فَخَافُوا وَشَوَّقَتْهُمْ فَاشْتَاقُوا فَأَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا مَتَى اسْتَذَمَّتْ إِلَيْكَ بَلْ مَتَى غَرَّتْكَ بِنَفْسِهَا بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَى أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ مِنَ الثَّرَى كَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ وَعَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الدَّوَاءَ وَتَطْلُبُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ لَمْ تُدْرِكْ فِيهِ طَلِبَتَكَ وَلَمْ تُسْعَفْ فِيهِ بِحَاجَتِكَ بَلْ مَثَّلَتِ الدُّنْيَا بِهِ نَفْسَكَ وَبِحَالِهِ حَالَكَ غَدَاةَ لَا يَنْفَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ نِدَاؤُكَ حِينَ يَشْتَدُّ مِنَ الْمَوْتِ أَعَالِينُ الْمَرَضِ وَأَلِيمُ لَوْعَاتِ الْمَضَضِ حِينَ لَا يَنْفَعُ الْأَلِيلُ وَلَا يَدْفَعُ الْعَوِيلُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 188

يَحْفَزُ بِهَا الْحَيْزُومُ وَيَغَصُّ بِهَا الْحُلْقُومُ لَا يُسْمِعُهُ النِّدَاءُ وَلَا يَرُوعُهُ الدُّعَاءُ فَيَا طُولَ الْحُزْنِ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْأَجَلِ ثُمَّ يُرَاحُ بِهِ عَلَى شَرْجَعٍ نَقَلَهُ أَكُفٌّ أَرْبَعٌ فَيَضْجَعُ فِي قَبْرِهِ فِي لَبْثٍ وَضِيقِ جَدَثٍ فَذَهَبَتِ الْجِدَةُ وَانْقَطَعَتِ الْمُدَّةُ وَرَفَضَتْهُ الْعُطَفَةُ وَقَطَعَتْهُ اللُّطَفَةُ لَا تُقَارِبُهُ الْأَخِلَّاءُ وَلَا يُلِمُّ بِهِ الزُّوَّارُ وَلَا اتَّسَقَتْ بِهِ الدَّارُ انْقَطَعَ دُونَهُ الْأَثَرُ وَاسْتُعْجِمَ دُونَهُ الْخَبَرُ وَبَكَّرَتْ وَرَثَتُهُ فَاقْتُسِمَتْ تَرِكَتُهُ وَلَحِقَهُ الْحُوبُ وَأَحَاطَتْ بِهِ الذُّنُوبُ فَإِنْ يَكُنْ قَدَّمَ خَيْراً طَابَ مَكْسَبُهُ وَإِنْ يَكُنْ قَدَّمَ شَرّاً تَبَّ مُنْقَلَبُهُ وَكَيْفَ يَنْفَعُ نَفْساً قَرَارُهَا وَالْمَوْتُ قَصَارُهَا وَالْقَبْرُ مَزَارُهَا فَكَفَى بِهَذَا وَاعِظاً كَفَى يَا جَابِرُ امْضِ مَعِي فَمَضَيْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا الْقُبُورَ فَقَالَ يَا أَهْلَ التُّرْبَةِ وَيَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ أَمَّا الْمَنَازِلُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَأَمَّا الْمَوَارِيثُ فَقَدْ قُسِمَتْ وَأَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ أَمْسَكَ عَنِّي مَلِيّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ وَالَّذِي أَقَلَّ السَّمَاءَ فَعَلَتْ وَسَطَحَ الْأَرْضَ فَدَحَتْ لَوْ أُذِنَ لِلْقَوْمِ فِي الْكَلَامِ لَقَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى‏ ثُمَّ قَالَ يَا جَابِرُ إِذَا شِئْتَ فَارْجِعْ‏

ذكره ع الإيمان والأرواح واختلافها

أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّ أُنَاساً يَزْعُمُونَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَأْكُلُ الرِّبَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْفِكُ دَماً حَرَاماً وَهُوَ مُؤْمِنٌ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         193    وصفه ع لنقلة الحديث .....  ص : 193

 

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 189

فَقَدْ كَبُرَ هَذَا عَلَيَّ وَحَرِجَ مِنْهُ صَدْرِي حَتَّى أَزْعُمَ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي يُصَلِّي وَيُوَارِينِي وَأُوَارِيهِ أُخْرِجُهُ مِنَ الْإِيمَانِ مِنْ أَجْلِ ذَنْبٍ يَسِيرٍ أَصَابَهُ فَقَالَ ع صَدَقَكَ أَخُوكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ فَأَنْزَلَهُمْ ثَلَاثَ مَنَازِلَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ.  وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ.  وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ  أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مِنَ السَّابِقِينَ السَّابِقِينَ فَإِنَّهُمْ أَنْبِيَاءُ مُرْسَلُونَ وَغَيْرُ مُرْسَلِينَ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُدُسِ وَرُوحَ الْإِيمَانِ وَرُوحَ الْقُوَّةِ وَرُوحَ الشَّهْوَةِ وَرُوحَ الْبَدَنِ فَبِرُوحِ الْقُدُسِ بُعِثُوا أَنْبِيَاءَ مُرْسَلِينَ وَبِرُوحِ الْإِيمَانِ عَبَدُوا اللَّهَ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِرُوحِ الْقُوَّةِ جَاهَدُوا عَدُوَّهُمْ وَعَالَجُوا مَعَايِشَهُمْ وَبِرُوحِ الشَّهْوَةِ أَصَابُوا لَذِيذَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَنَكَحُوا الْحَلَالَ مِنَ النِّسَاءِ وَبِرُوحِ الْبَدَنِ دَبُّوا وَدَرَجُوا فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ مَصْفُوحٌ عَنْ ذَنْبِهِمْ ثُمَّ قَالَ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ثُمَّ قَالَ فِي جَمَاعَتِهِمْ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ يَقُولُ أَكْرَمَهُمْ بِهَا وَفَضَّلَهُمْ عَلَى سِوَاهُمْ فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 190

ثُمَّ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْمَيْمَنَةِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً بِأَعْيَانِهِمْ فَجَعَلَ فِيهِمْ أَرْبَعَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْإِيمَانِ وَرُوحَ الْقُوَّةِ وَرُوحَ الشَّهْوَةِ وَرُوحَ الْبَدَنِ فَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ مُسْتَكْمِلًا هَذِهِ الْأَرْوَاحَ الْأَرْبَعَةَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَيْهِ حَالاتٌ فَقَالَ وَمَا هَذِهِ الْحَالاتُ فَقَالَ عَلِيٌّ ع أَمَّا أَوَّلُهُنَّ فَمَا قَالَ اللَّهُ- وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً فَهَذَا تَنْقُصُ مِنْهُ جَمِيعُ الْأَرْوَاحِ وَلَيْسَ بِالَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ اللَّهَ الْفَاعِلُ بِهِ ذَلِكَ وَرَادُّهُ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ فَهُوَ لَا يَعْرِفُ لِلصَّلَاةِ وَقْتاً وَلَا يَسْتَطِيعُ التَّهَجُّدَ بِاللَّيْلِ وَلَا الصِّيَامَ بِالنَّهَارِ فَهَذَا نُقْصَانٌ مِنْ رُوحِ الْإِيمَانِ وَلَيْسَ بِضَارِّهِ شَيْئاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَتَنْقُصُ مِنْهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ فَلَوْ مَرَّتْ بِهِ أَصْبَحُ بَنَاتِ آدَمَ مَا حَنَّ إِلَيْهَا وَتَبْقَى فِيهِ رُوحُ الْبَدَنِ فَهُوَ يَدِبُّ بِهَا وَيَدْرُجُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ فَهَذَا بِحَالِ خَيْرٍ اللَّهُ الْفَاعِلُ بِهِ ذَلِكَ وَقَدْ تَأْتِي عَلَيْهِ حَالاتٌ فِي قُوَّتِهِ وَشَبَابِهِ يَهُمُّ بِالْخَطِيئَةِ فَتُشَجِّعُهُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَتُزَيِّنُ لَهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ وَتَقُودُهُ رُوحُ الْبَدَنِ حَتَّى تُوقِعَهُ فِي الْخَطِيئَةِ فَإِذَا لَامَسَهَا تَفَصَّى مِنَ الْإِيمَانِ وَتَفَصَّى الْإِيمَانُ مِنْهُ فَلَيْسَ بِعَائِدٍ أَبَداً أَوْ يَتُوبَ فَإِنْ تَابَ وَعَرَفَ الْوَلَايَةَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَادَ فَهُوَ تَارِكٌ لِلْوَلَايَةِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ وَأَمَّا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ فَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ يَعْنِي مُحَمَّداً وَالْوَلَايَةَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ- وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.  الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَلَمَّا جَحَدُوا مَا عَرَفُوا ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ فَسَلَبَهُمْ رُوحَ الْإِيمَانِ وَأَسْكَنَ أَبْدَانَهُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 191

ثَلَاثَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُوَّةِ وَرُوحَ الشَّهْوَةِ وَرُوحَ الْبَدَنِ ثُمَّ أَضَافَهُمْ إِلَى الْأَنْعَامِ فَقَالَ- إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ تَحْمِلُ بِرُوحِ الْقُوَّةِ وَتَعْتَلِفُ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ وَتَسِيرُ بِرُوحِ الْبَدَنِ قَالَ لَهُ السَّائِلُ أَحْيَيْتَ قَلْبِي‏

وصيته ع لزياد بن النضر حين أنفذه على مقدمته إلى صفين‏

اتَّقِ اللَّهَ فِي كُلَّ مُمْسًى وَمُصْبَحٍ وَخَفْ عَلَى نَفْسِكَ الْغَرُورَ وَلَا تَأْمَنْهَا عَلَى حَالٍ مِنَ الْبَلَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَزَعْ نَفْسَكَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا تُحِبُّ مَخَافَةَ مَكْرُوهِهِ سَمَتْ بِكَ الْأَهْوَاءُ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الضُّرِّ حَتَّى تَظْعَنَ فَكُنْ لِنَفْسِكَ مَانِعاً وَازِعاً عَنِ الظُّلْمِ وَالْغَيِّ وَالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ قَدْ وَلَّيْتُكَ هَذَا الْجُنْدَ فَلَا تَسْتَذِلَّنَّهُمْ وَلَا تَسْتَطِلْ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَتْقَاكُمْ تَعَلَّمْ مِنْ عَالِمِهِمْ وَعَلِّمْ جَاهِلَهُمْ وَاحْلُمْ عَنْ سَفِيهِهِمْ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُدْرِكُ الْخَيْرَ بِالْعِلْمِ وَكَفِّ الْأَذَى وَالْجَهْلِ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِكِتَابٍ يُوصِيهِ فِيهِ وَيُحَذِّرُهُ اعْلَمْ أَنَّ مُقَدِّمَةَ الْقَوْمِ عُيُونُهُمْ وَعُيُونَ الْمُقَدِّمَةِ طَلَائِعُهُمْ فَإِذَا أَنْتَ خَرَجْتَ مِنْ بِلَادِكَ وَدَنَوْتَ مِنْ عَدُوِّكَ فَلَا تَسْأَمْ مِنْ تَوْجِيهِ الطَّلَائِعِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ وَفِي بَعْضِ الشِّعَابِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 192

وَ الشَّجَرِ وَالْخَمَرِ وَفِي كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَا يُغِيرَكُمْ عَدُوُّكُمْ وَيَكُونَ لَكُمْ كَمِينٌ وَلَا تُسَيِّرِ الْكَتَائِبَ وَالقَبَائِلَ مِنْ لَدُنِ الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءِ إِلَّا تَعْبِئَةً فَإِنْ دَهَمَكُمْ أَمْرٌ أَوْ غَشِيَكُمْ مَكْرُوهٌ كُنْتُمْ قَدْ تَقَدَّمْتُمْ فِي التَّعْبِئَةِ وَإِذَا نَزَلْتُمْ بِعَدُوٍّ أَوْ نَزَلَ بِكُمْ فَلْيَكُنْ مُعَسْكَرُكُمْ فِي أَقْبَالِ الْأَشْرَافِ أَوْ فِي سِفَاحِ الْجِبَالِ أَوْ أَثْنَاءِ الْأَنْهَارِ كَيْمَا يَكُونَ لَكُمْ رِدْءاً وَدُونَكُمْ مَرَدّاً وَلْتَكُنْ مُقَاتَلَتُكُمْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ وَاجْعَلُوا رُقَبَاءَكُمْ فِي صَيَاصِي الْجِبَالِ وَبِأَعْلَى الْأَشْرَافِ وَبِمَنَاكِبِ الْأَنْهَارِ يُرِيئُونَ لَكُمْ لِئَلَّا يَأْتِيَكُمْ عَدُوٌّ مِنْ مَكَانِ مَخَافَةٍ أَوْ أَمْنٍ وَإِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِيعاً وَإِذَا رَحَلْتُمْ فَارْحَلُوا جَمِيعاً وَإِذَا غَشِيَكُمُ اللَّيْلُ فَنَزَلْتُمْ فَحُفُّوا عَسْكَرَكُمْ بِالرِّمَاحِ وَالتِّرَسَةِ وَاجْعَلُوا رُمَاتَكُمْ يَلْوُونَ تِرَسَتَكُمْ كَيْلَا تُصَابَ لَكُمْ غِرَّةٌ وَلَا تُلْقَى لَكُمْ غَفْلَةٌ وَاحْرُسْ عَسْكَرَكَ بِنَفْسِكَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَرْقُدَ أَوْ تُصْبِحَ إِلَّا غِرَاراً أَوْ مَضْمَضَةً ثُمَّ لْيَكُنْ ذَلِكَ شَأْنَكَ وَدَأْبَكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى عَدُوِّكَ وَعَلَيْكَ بِالتَّأَنِّي فِي حَرْبِكَ وَإِيَّاكَ وَالْعَجَلَةَ إِلَّا أَنْ تُمْكِنَكَ فُرْصَةٌ وَإِيَّاكَ أَنْ تُقَاتِلَ إِلَّا أَنْ يَبْدَءُوكَ أَوْ يَأْتِيَكَ أَمْرِي وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         198    وصيته إلى ابنه الحسن ع لما حضرته الوفاة كتبنا منها ما اقتضاه الكتاب .....  ص : 197

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 193

وصفه ع لنقلة الحديث‏

قَالَ لَهُ سُلَيْمُ بْنُ قَيْسٍ إِنِّي سَمِعْتُ سَلْمَانَ وَأَبَا ذَرٍّ وَالْمِقْدَادَ يَتَحَدَّثُونَ بِأَشْيَاءَ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ سَمِعْتُ مِنْكَ تَصْدِيقَ ذَلِكَ وَرَأَيْتُ فِي أَيْدِي النَّاسِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص يُخَالِفُونَهَا فَيَكْذِبُ النَّاسُ مُتَعَمِّدِينَ وَيُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِآرَائِهِمْ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَدْ سَأَلْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ إِنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً وَبَاطِلًا وَصِدْقاً وَكَذِباً وَنَاسِخاً وَمَنْسُوخاً وَعَامّاً وَخَاصّاً وَمُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً وَحِفْظاً وَوَهَماً وَقَدْ كُذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فِي حَيَاتِهِ كَذِباً كَثِيراً حَتَّى قَامَ خَطِيباً فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ كَثُرَ عَلَيَّ الْكَذَّابَةُ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَكَذَلِكَ كُذِبَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ إِنَّمَا أَتَاكَ بِالْحَدِيثِ أَرْبَعَةٌ لَيْسَ لَهُمْ خَامِسٌ رَجُلٌ مُنَافِقٌ يُظْهِرُ الْإِيمَانَ مُتَصَنِّعٌ بِالْإِسْلَامِ لَا يَتَأَثَّمُ وَلَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَكْذِبَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 194

عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص مُتَعَمِّداً وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ مُنَافِقٌ كَذَّابٌ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ ص وَرَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ فَأَخَذُوا مِنْهُ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ حَالَهُ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِمَا أَخْبَرَ وَوَصَفَهُمُ بِأَحْسَنِ الْهَيْئَةِ فَقَالَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ثُمَّ تَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِهِ وَبَقُوا وَاخْتَلَفُوا وَتَقَرَّبُوا إِلَى أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ وَالدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ بِالزُّورِ وَالْكَذِبِ فَوَلَّوْهُمُ الْأَعْمَالَ وَالْأَحْكَامَ وَالْقَضَاءَ وَحَمَلُوهُمْ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ وَأَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْيَا-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 195

وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ النَّاسَ مَعَ الْمُلُوكِ أَتْبَاعُ الدُّنْيَا وَهِيَ غَايَتُهُمُ الَّتِي يَطْلُبُونَ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ فَهَذَا أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ وَالثَّانِي رَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ شَيْئاً وَوَهِمَ فِيهِ وَلَمْ يَحْفَظْهُ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ كَذِباً فَهُوَ فِي يَدِهِ يَعْمَلُ بِهِ وَيَقُولُ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ وَهَمٌ لَمْ يَقْبَلُوهُ وَلَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّهُ وَهَمٌ لَرَفَضَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ فَهَذَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ رَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَشْيَاءَ أَمَرَهَا بِهَا ثُمَّ نَهَى عَنْهَا وَهُوَ لَمْ يَعْلَمِ النَّهْيَ أَوْ نَهَى عَنْ شَيْ‏ءٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمِ الْأَمْرَ حَفِظَ الْمَنْسُوخَ وَلَمْ يَحْفَظِ النَّاسِخَ فَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضَهُ النَّاسُ وَرَفَضَهُ هُوَ فَهَذَا الرَّجُلُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ رَجُلٌ لَمْ يَكْذِبْ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ يُبْغِضُ الْكَذِبَ خَوْفاً مِنَ اللَّهِ وَتَعْظِيماً لِرَسُولِهِ ص وَلَمْ يَتَوَهَّمْ وَلَمْ يَنْسَ بَلْ حَفِظَ مَا سَمِعَ فَجَاءَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ لَمْ يَزِدْ فِيهِ وَلَمْ يَنْقُصْ حَفِظَ النَّاسِخَ وَعَمِلَ بِهِ وَعَلِمَ الْمَنْسُوخَ وَرَفَضَهُ فَإِنَّ أَمْرَ الرَّسُولِ ص مِثْلُ الْقُرْآنِ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص الْأَمْرُ لَهُ وَجْهَانِ كَلَامٌ عَامٌّ وَكَلَامٌ خَاصٌّ مِثْلُ الْقُرْآنِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 196

ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فَكَانَ يَسْمَعُ قَوْلَهُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا عَنَى اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ ص وَيَحْفَظُ وَلَمْ يَفْهَمْ وَلَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص كَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْ‏ءِ وَيَسْتَفْهِمُهُ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْأَلُ وَلَا يَسْتَفْهِمُ حَتَّى لَقَدْ كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يَجِي‏ءَ الْأَعْرَابِيُّ أَوِ الطَّارِي أَوِ الذِّمِّيُّ فَيَسْأَلَ حَتَّى يَسْمَعُوا وَيَفْهَمُوا وَلَقَدْ كُنْتُ أَنَا أَدْخُلُ كُلَّ يَوْمٍ دَخْلَةً فَيُخْلِينِي مَعَهُ أَدُورُ فِيهَا مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ عَلِمَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ ذَلِكَ بِأَحَدٍ غَيْرِي وَلَرُبَّمَا أَتَانِي فِي بَيْتِي وَإِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ مَنَازِلَهُ أَخْلَانِي وَأَقَامَ نِسَاءَهُ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ عِنْدَهُ غَيْرِي كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ أَجَابَنِي وَإِذَا سَكَتُّ وَفَنِيَتْ مَسَائِلِي ابْتَدَأَنِي وَمَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَةٌ فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ وَلَا سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا دُنْيَا وَآخِرَةٍ وَلَا جَنَّةٍ وَلَا نَارٍ وَلَا سَهْلٍ وَلَا جَبَلٍ وَلَا ضِيَاءٍ وَلَا ظُلْمَةٍ إِلَّا أَقْرَأَنِيهَا وَأَمْلَاهَا عَلَيَّ فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي وَعَلَّمَنِي تَأْوِيلَهَا وَتَفْسِيرَهَا وَنَاسِخَهَا وَمَنْسُوخَهَا وَمُحْكَمَهَا وَمُتَشَابِهَهَا وَخَاصَّهَا وَعَامَّهَا وَأَيْنَ نَزَلَتْ وَفِيمَ نَزَلَتْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

كلامه ع في قواعد الإسلام وحقيقة التوبة والاستغفار اختصرناه‏

قَالَ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ سَأَلْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ مَا هِيَ فَقَالَ قَوَاعِدُ الْإِسْلَامِ سَبْعَةٌ فَأَوَّلُهَا الْعَقْلُ وَعَلَيْهِ بُنِيَ الصَّبْرُ وَالثَّانِي صَوْنُ الْعِرْضِ وَصِدْقُ اللَّهْجَةِ وَالثَّالِثَةُ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ عَلَى جِهَتِهِ وَالرَّابِعَةُ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 197

وَ الْخَامِسَةُ حَقُّ آلِ مُحَمَّدٍ ص وَمَعْرِفَةُ وَلَايَتِهِمْ وَالسَّادِسَةُ حَقُّ الْإِخْوَانِ وَالْمُحَامَاةُ عَلَيْهِمْ وَالسَّابِعَةُ مُجَاوَرَةُ النَّاسِ بِالْحُسْنَى قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْعَبْدُ يُصِيبُ الذَّنْبَ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ فَمَا حَدُّ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ يَا ابْنَ زِيَادٍ التَّوْبَةُ قُلْتُ بَسْ قَالَ لَا قُلْتُ فَكَيْفَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَصَابَ ذَنْباً يَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِالتَّحْرِيكِ قُلْتُ وَمَا التَّحْرِيكُ قَالَ الشَّفَتَانِ وَاللِّسَانُ يُرِيدُ أَنْ يَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْحَقِيقَةِ قُلْتُ وَمَا الْحَقِيقَةُ قَالَ تَصْدِيقٌ فِي الْقَلْبِ وَإِضْمَارُ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ الَّذِي اسْتَغْفَرَ مِنْهُ قَالَ كُمَيْلٌ فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ قَالَ لَا قَالَ كُمَيْلٌ فَكَيْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّكَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَى الْأَصْلِ بَعْدُ قَالَ كُمَيْلٌ فَأَصْلُ الِاسْتِغْفَارِ مَا هُوَ قَالَ الرُّجُوعُ إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي اسْتَغْفَرْتَ مِنْهُ وَهِيَ أَوَّلُ دَرَجَةِ الْعَابِدِينَ وَتَرْكُ الذَّنْبِ وَالِاسْتِغْفَارُ اسْمٌ وَاقِعٌ لِمَعَانٍ سِتٍّ أَوَّلُهَا النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى وَالثَّانِي الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ أَبَداً وَالثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّيَ حُقُوقَ الْمَخْلُوقِينَ الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ وَالرَّابِعُ أَنْ تُؤَدِّيَ حَقَّ اللَّهِ فِي كُلِّ فَرْضٍ وَالْخَامِسُ أَنْ تُذِيبَ اللَّحْمَ الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ وَالْحَرَامِ حَتَّى يَرْجِعَ الْجِلْدُ إِلَى عَظْمِهِ ثُمَّ تُنْشِئَ فِيمَا بَيْنَهُمَا لَحْماً جَدِيداً وَالسَّادِسُ أَنْ تُذِيقَ الْبَدَنَ أَلَمَ الطَّاعَاتِ كَمَا أَذَقْتَهُ لَذَّاتِ الْمَعَاصِي‏

وصيته إلى ابنه الحسن ع لما حضرته الوفاة كتبنا منها ما اقتضاه الكتاب‏

هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوْصَى الْمُؤْمِنِينَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدى‏ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         201    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 200

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 198

كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.  لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ إِنِّي أُوصِيكَ يَا حَسَنُ وَجَمِيعَ وُلْدِي وَأَهْلَ بَيْتِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوَى اللَّهِ رَبِّكُمْ- وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.  وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَإِنَّ الْمُبِيرَةَ وَهِيَ الْحَالِقَةُ لِلدِّينِ فَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ انْظُرُوا ذَوِي أَرْحَامِكُمْ فَصِلُوهُمْ يُهَوِّنِ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحِسَابَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْأَيْتَامِ لَا يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ مَنْ عَالَ يَتِيماً حَتَّى يَسْتَغْنِيَ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ الْجَنَّةَ كَمَا أَوْجَبَ لِآكِلِ مَالِ الْيَتِيمِ النَّارَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْقُرْآنِ فَلَا يَسْبِقَنَّكُمْ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ غَيْرُكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَوْصَى بِهِمْ مَا زَالَ يُوصِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ فَلَا يَخْلُو مِنْكُمْ مَا بَقِيتُمْ فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا وَأَدْنَى مَا يَرْجِعُ بِهِ مَنْ أَمَّهُ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ مَا سَلَفَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا خَيْرُ الْعَمَلِ إِنَّهَا عِمَادُ دِينِكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ رَبِّكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِي صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّ صِيَامَهُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَشَارِكُوهُمْ فِي مَعَايِشِكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ رَجُلَانِ إِمَامُ هُدًى أَوْ مُطِيعٌ لَهُ مُقْتَدٍ بِهُدَاهُ اللَّهَ اللَّهَ فِي ذُرِّيَّةِ نَبِيِّكُمْ لَا تُظْلَمَنَّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقْدِرُونَ عَلَى الْمَنْعِ عَنْهُمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 199

اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِ نَبِيِّكُمُ الَّذِينَ لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثاً وَلَمْ يُؤْوُوا مُحْدِثاً فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَوْصَى بِهِمْ وَلَعَنَ الْمُحْدِثَ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ وَالْمُؤْوِيَ لِلْمُحْدِثِينَ اللَّهَ اللَّهَ فِي النِّسَاءِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَإِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ نَبِيُّكُمْ أَنْ قَالَ أُوصِيكُمْ بِالضَّعِيفَيْنِ النِّسَاءِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ لَا تَخَافُوا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ يَكْفِكُمْ مَنْ أَرَادَكُمْ وَبَغَى عَلَيْكُمْ- قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلِّيَ اللَّهُ أَمْرَكُمْ شِرَارَكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ عَلَيْكُمْ يَا بَنِيَّ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّبَاذُلِ وَالتَّبَادُرِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّقَاطُعَ وَالتَّدَابُرَ وَالتَّفَرُّقَ- وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى‏ وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَحَفِظَكُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ وَحَفِظَ نَبِيَّكُمْ فِيكُمْ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى مَضَى‏

تفضيله العلم‏

أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ كَمَالَ الدِّينِ طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْعَمَلُ بِهِ وَأَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ أَوْجَبُ عَلَيْكُمْ مِنْ طَلَبِ الْمَالِ إِنَّ الْمَالَ مَقْسُومٌ بَيْنَكُمْ مَضْمُونٌ لَكُمْ قَدْ قَسَمَهُ عَادِلٌ بَيْنَكُمْ وَضَمِنَهُ سَيَفِي لَكُمْ بِهِ وَالْعِلْمُ مَخْزُونٌ عَلَيْكُمْ عِنْدَ أَهْلِهِ قَدْ أُمِرْتُمْ بِطَلَبِهِ مِنْهُمْ فَاطْلُبُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ مَفْسَدَةٌ لِلدِّينِ مَقْسَاةٌ لِلْقُلُوبِ وَأَنَّ كَثْرَةَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلَ بِهِ مَصْلَحَةٌ لِلدِّينِ وَسَبَبٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَالنَّفَقَاتُ تَنْقُصُ الْمَالَ وَالْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى إِنْفَاقِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 200

فَإِنْفَاقُهُ بَثُّهُ إِلَى حَفَظَتِهِ وَرُوَاتِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ صُحْبَةَ الْعِلْمِ وَاتِّبَاعَهُ دِينٌ يُدَانُ اللَّهُ بِهِ وَطَاعَتَهُ مَكْسَبَةٌ لِلْحَسَنَاتِ مَمْحَاةٌ لِلسَّيِّئَاتِ وَذَخِيرَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرِفْعَةٌ فِي حَيَاتِهِمْ وَجَمِيلُ الْأُحْدُوثَةِ عَنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِنَّ الْعِلْمَ ذُو فَضَائِلَ كَثِيرَةٍ فَرَأْسُهُ التَّوَاضُعُ وَعَيْنُهُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْحَسَدِ وَأُذُنُهُ الْفَهْمُ وَلِسَانُهُ الصِّدْقُ وَحِفْظُهُ الْفَحْصُ وَقَلْبُهُ حُسْنُ النِّيَّةِ وَعَقْلُهُ مَعْرِفَةُ الْأَسْبَابِ بِالْأُمُورِ وَيَدُهُ الرَّحْمَةُ وَهِمَّتُهُ السَّلَامَةُ وَرِجْلُهُ زِيَارَةُ الْعُلَمَاءِ وَحِكْمَتُهُ الْوَرَعُ وَمُسْتَقَرُّهُ النَّجَاةُ وَقَائِدُهُ الْعَافِيَةُ وَمَرْكَبُهُ الْوَفَاءُ وَسِلَاحُهُ لِينُ الْكَلَامِ وَسَيْفُهُ الرِّضَا وَقَوْسُهُ الْمُدَارَاةُ وَجَيْشُهُ مُحَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ وَمَالُهُ الْأَدَبُ وَذَخِيرَتُهُ اجْتِنَابُ الذُّنُوبِ وَزَادُهُ الْمَعْرُوفُ وَمَأْوَاهُ الْمُوَادَعَةُ وَدَلِيلُهُ الْهُدَى وَرَفِيقُهُ صُحْبَةُ الْأَخْيَارِ

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ ع مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ الْبِرُّ وَإِخْفَاءُ الْعَمَلِ وَالصَّبْرُ عَلَى الرَّزَايَا وَكِتْمَانُ الْمَصَائِبِ‏

وَ قَالَ ع حُسْنُ الْخُلُقِ خَيْرُ قَرِينٍ وَعُنْوَانُ صَحِيفَةِ الْمُؤْمِنِ حُسْنُ خُلُقِهِ‏

وَ قَالَ ع الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَمْ يَغْلِبِ الْحَرَامُ صَبْرَهُ وَلَمْ يَشْغَلِ الْحَلَالُ شُكْرَهُ‏

وَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَرْءَ يَسُرُّهُ دَرْكُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ وَيَسُوءُهُ فَوْتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَهُ مِنْ آخِرَتِكَ وَلْيَكُنْ أَسَفُكَ عَلَى مَا فَاتَكَ مِنْهَا وَمَا نِلْتَهُ مِنَ الدُّنْيَا فَلَا تُكْثِرَنَّ بِهِ فَرَحاً وَمَا فَاتَكَ مِنْهَا فَلَا تَأْسَفَنَّ عَلَيْهِ حَزَناً وَلْيَكُنْ هَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         204    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 200

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 201

وَ قَالَ ع فِي ذَمِّ الدُّنْيَا أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَآخِرُهَا فَنَاءٌ فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ وَفِي حَرَامِهَا عِقَابٌ مَنْ صَحَّ فِيهَا أَمِنَ وَمَنْ مَرِضَ فِيهَا نَدِمَ مَنِ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ وَمَنِ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ مَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ وَمَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ وَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ وَمَنْ نَظَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ‏

وَ قَالَ ع أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا عَسَى أَنْ يَعْصِيَكَ يَوْماً مَا وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْناً مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا

وَ قَالَ ع لَا غِنَى مِثْلُ الْعَقْلِ وَلَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ‏

وَ قَالَ ع قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُ‏

وَ قَالَ ع قُرِنَتِ الْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ وَالْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ وَالْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَلْيَطْلُبْهَا وَلَوْ فِي أَيْدِي أَهْلِ الشَّرِّ

وَ قَالَ ع لَوْ أَنَّ حَمَلَةَ الْعِلْمِ حَمَلُوهُ بِحَقِّهِ لَأَحَبَّهُمُ اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ وَأَهْلُ طَاعَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَلَكِنَّهُمْ حَمَلُوهُ لِطَلَبِ الدُّنْيَا فَمَقَتَهُمُ اللَّهُ وَهَانُوا عَلَى النَّاسِ‏

وَ قَالَ ع أَفْضَلُ الْعِبَادِةِ الصَّبْرُ وَالصَّمْتُ وَانْتِظَارُ الْفَرَجِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلنَّكَبَاتِ غَايَاتٍ لَا بُدَّ أَنْ تَنْتَهِيَ إِلَيْهَا فَإِذَا حُكِمَ عَلَى أَحَدِكُمْ بِهَا فَلْيُطَأْطِئْ لَهَا وَيَصْبِرْ حَتَّى تَجُوزَ فَإِنَّ إِعْمَالَ الْحِيلَةِ فِيهَا عِنْدَ إِقْبَالِهَا زَائِدٌ فِي مَكْرُوهِهَا

 

وَ قَالَ ع لِلْأَشْتَرِ يَا مَالِكُ احْفَظْ عَنِّي هَذَا الْكَلَامَ وَعِهِ يَا مَالِكُ بَخَسَ مُرُوَّتَهُ مَنْ ضَعُفَ يَقِينُهُ وَأَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عَنْ ضُرِّهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 202

وَ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَطْلَعَ عَلَى سِرِّهِ وَأَهْلَكَهَا مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهِ لِسَانَهُ الشَّرَهُ جَزَّارُ الْخَطَرِ مَنْ أَهْوَى إِلَى مُتَفَاوِتٍ خَذَلَتْهُ الرَّغْبَةُ الْبُخْلُ عَارٌ وَالْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ وَالْوَرَعُ جُنَّةٌ وَالشُّكْرُ ثَرْوَةٌ وَالصَّبْرُ شَجَاعَةٌ وَالْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلَدِهِ وَالْفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ وَنِعْمَ الْقَرِينُ الرِّضَا الْأَدَبُ حُلَلٌ جُدُدٌ وَمَرْتَبَةُ الرَّجُلِ عَقْلُهُ وَصَدْرُهُ خِزَانَةُ سِرِّهِ وَالتَّثَبُّتُ حَزْمٌ وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ وَالْحِلْمُ سَجِيَّةٌ فَاضِلَةٌ وَالصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ وَأَعْمَالُ الْقَوْمِ فِي عَاجِلِهِمْ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ فِي آجِلِهِمْ وَالِاعْتِبَارُ مُنْذِرٌ صَالِحٌ وَالْبَشَاشَةُ فَخُّ الْمَوَدَّةِ

وَ قَالَ ع الصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ فَمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ لَا إِيمَانَ لَهُ‏

وَ قَالَ ع أَنْتُمْ فِي مَهَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ وَمَعَكُمْ أَمَلٌ يَعْتَرِضُ دُونَ الْعَمَلِ فَاغْتَنِمُوا الْمَهَلَ وَبَادِرُوا الْأَجَلَ وَكَذِّبُوا الْأَمَلَ وَتَزَوَّدُوا مِنَ الْعَمَلِ هَلْ مِنْ خَلَاصٍ أَوْ مَنَاصٍ أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَجَازٍ أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلَاذٍ أَوْ لَا فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ‏

وَ قَالَ ع أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا غِبْطَةٌ لِلطَّالِبِ الرَّاجِي وَثِقَةٌ لِلْهَارِبِ اللَّاجِي اسْتَشْعِرُوا التَّقْوَى شِعَاراً بَاطِناً وَاذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً خَالِصاً تَحْيَوْا بِهِ أَفْضَلَ الْحَيَاةِ وَتَسْلُكُوا بِهِ طُرُقَ النَّجَاةِ وَانْظُرُوا إِلَى الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِ الْمُفَارِقِ فَإِنَّهَا تُزِيلُ الثَّاوِيَ السَّاكِنَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 203

وَ تَفْجَعُ الْمُتْرَفَ الْآمِنَ لَا يُرْجَى مِنْهَا مَا وَلَّى فَأَدْبَرَ وَلَا يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَيُسْتَنْظَرَ وَصَلَ الرَّخَاءُ مِنْهَا بِالْبَلَاءِ وَالْبَقَاءُ مِنْهَا إِلَى الْفَنَاءِ سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ وَالْبَقَاءُ مِنْهَا إِلَى الضَّعْفِ وَالْوَهْنِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ الْخُيَلَاءَ مِنَ التَّجَبُّرِ وَالتَّجَبُّرَ مِنَ النَّخْوَةِ وَالنَّخْوَةَ مِنَ التَّكَبُّرِ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ عَدُوٌّ حَاضِرٌ يَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُ الْمُسْلِمِ فَلَا تَخَاذَلُوا وَلا تَنابَزُوا فَإِنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَاحِدَةٌ وَسُبُلَهُ قَاصِدَةٌ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَمَنْ فَارَقَهَا مَحَقَ وَمَنْ تَرَكَهَا مَرَقَ لَيْسَ الْمُسْلِمُ بِالْكَذُوبِ إِذَا نَطَقَ وَلَا بِالْمُخْلِفِ إِذَا وَعَدَ وَلَا بِالْخَائِنِ إِذَا اؤْتُمِنَ‏

وَ قَالَ ع الْعَقْلُ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ وَالرِّفْقُ وَالِدُهُ وَاللِّينُ أَخُوهُ وَلَا بُدَّ لِلْعَاقِلِ مِنْ ثَلَاثٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي شَأْنِهِ وَيَحْفَظَ لِسَانَهُ وَيَعْرِفَ زَمَانَهُ أَلَا وَإِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ الْفَاقَةَ وَأَشَدُّ مِنَ الْفَاقَةِ مَرَضُ الْبَدَنِ وَأَشَدُّ مِنْ مَرَضِ الْبَدَنِ مَرَضُ الْقَلْبِ أَلَا وَإِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةَ الْمَالِ وَأَفْضَلُ مِنْ سَعَةِ الْمَالِ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَأَفْضَلُ مِنْ صِحَّةِ الْبَدَنِ تَقْوَى الْقَلْبِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ فَسَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ وَسَاعَةٌ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ وَلَيْسَ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ شَاخِصاً إِلَّا فِي ثَلَاثٍ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشِهِ وَخُطْوَةٍ لِمَعَادِهِ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ‏

وَ قَالَ ع كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَكَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ وَكَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَمَا ابْتَلَى اللَّهُ عَبْداً بِمِثْلِ الْإِمْلَاءِ لَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         207    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 200

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 204

وَ قَالَ ع لِيَجْتَمِعْ فِي قَلْبِكَ الِافْتِقَارُ إِلَى النَّاسِ وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُمْ يَكُونُ افْتِقَارُكَ إِلَيْهِمْ فِي لِينِ كَلَامِكَ وَحُسْنِ بِشْرِكَ وَيَكُونُ اسْتِغْنَاؤُكَ عَنْهُمْ فِي نَزَاهَةِ عِرْضِكَ وَبَقَاءِ عِزِّكَ‏

وَ قَالَ ع لَا تَغْضَبُوا وَلَا تُغْضِبُوا أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطِيبُوا الْكَلَامَ‏

وَ قَالَ ع الْكَرِيمُ يَلِينُ إِذَا اسْتُعْطِفَ وَاللَّئِيمُ يَقْسُو إِذَا أُلْطِفَ‏

وَ قَالَ ع أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِالْفَقِيهِ حَقِّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُرَخِّصِ النَّاسَ فِي مَعَاصِي اللَّهِ وَلَمْ يُقَنِّطْهُمْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَلَمْ يَدَعِ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَى مَا سِوَاهُ وَلَا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَفَقُّهٌ وَلَا خَيْرَ فِي عِلْمٍ لَيْسَ فِيهِ تَفَكُّرٌ وَلَا خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَدَبُّرٌ

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ إِذَا جَمَعَ النَّاسَ نَادَى فِيهِمْ مُنَادٍ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَقْرَبَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ اللَّهِ أَشَدُّكُمْ مِنْهُ خَوْفاً وَإِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اللَّهِ أَحْسَنُكُمْ لَهُ عَمَلًا وَإِنَّ أَفْضَلَكُمْ عِنْدَهُ مَنْصَباً أَعْمَلُكُمْ فِيمَا عِنْدَهُ رَغْبَةً وَإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَلَيْهِ أَتْقَاكُمْ‏

وَ قَالَ ع عَجِبْتُ لِأَقْوَامٍ يَحْتَمُونَ الطَّعَامَ مَخَافَةَ الْأَذَى كَيْفَ لَا يَحْتَمُونَ الذُّنُوبَ مَخَافَةَ النَّارِ وَعَجِبْتُ مِمَّنْ يَشْتَرِي الْمَمَالِيكَ بِمَالِهِ كَيْفَ لَا يَشْتَرِي الْأَحْرَارَ بِمَعْرُوفِهِ فَيَمْلِكَهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ لَا يُعْرَفَانِ إِلَّا بِالنَّاسِ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ الْخَيْرَ فَاعْمَلِ الْخَيْرَ تَعْرِفْ أَهْلَهُ وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ الشَّرَّ فَاعْمَلِ الشَّرَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ اثْنَتَيْنِ طُولَ الْأَمَلِ وَاتِّبَاعَ الْهَوَى أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَإِنَّهُ يَصُدُّ عَنِ الْحَقِ‏

: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 205

بِالْبَصْرَةِ عَنِ الْإِخْوَانِ فَقَالَ الْإِخْوَانُ صِنْفَانِ إِخْوَانُ الثِّقَةِ وَإِخْوَانُ الْمُكَاشَرَةِ فَأَمَّا إِخْوَانُ الثِّقَةِ فَهُمُ الْكَهْفُ وَالْجَنَاحُ وَالْأَهْلُ وَالْمَالُ فَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَخِيكَ عَلَى حَدِّ الثِّقَةِ فَابْذُلْ لَهُ مَالَكَ وَيَدَكَ وَصَافِ مَنْ صَافَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وَاكْتُمْ سِرَّهُ وَعَيْبَهُ وَأَظْهِرْ مِنْهُ الْحَسَنَ اعْلَمْ أَيُّهَا السَّائِلُ أَنَّهُمْ أَقَلُّ مِنَ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ وَأَمَّا إِخْوَانُ الْمُكَاشَرَةِ فَإِنَّكَ تُصِيبُ مِنْهُمْ لَذَّتَكَ فَلَا تَقْطَعَنَّ مِنْهُمْ لَذَّتَكَ وَلَا تَطْلُبَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ ضَمِيرِهِمْ وَابْذُلْ لَهُمْ مَا بَذَلُوا لَكَ مِنْ طَلَاقَةِ الْوَجْهِ وَحَلَاوَةِ اللِّسَانِ‏

وَ قَالَ ع لَا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقِكَ صَدِيقاً فَتُعْدِيَ صَدِيقَكَ‏

وَ قَالَ ع لَا تَصْرِمْ أَخَاكَ عَلَى ارْتِيَابٍ وَلَا تَقْطَعْهُ دُونَ اسْتِعْتَابٍ‏

وَ قَالَ ع يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَجْتَنِبَ مُؤَاخَاةَ ثَلَاثَةٍ الْفَاجِرِ وَالْأَحْمَقِ وَالْكَذَّابِ فَأَمَّا الْفَاجِرُ فَيُزَيِّنُ لَكَ فِعْلَهُ وَيُحِبُّ أَنَّكَ مِثْلُهُ وَلَا يُعِينُكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ وَمَعَادِكَ فَمُقَارَنَتُهُ جَفَاءٌ وَقَسْوَةٌ وَمَدْخَلُهُ عَارٌ عَلَيْكَ وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَإِنَّهُ لَا يُشِيرُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ وَلَا يُرْجَى لِصَرْفِ السُّوءِ عَنْكَ وَلَوْ جَهَدَ نَفْسَهُ وَرُبَّمَا أَرَادَ نَفْعَكَ فَضَرَّكَ فَمَوْتُهُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِهِ وَسُكُوتُهُ خَيْرٌ مِنْ نُطْقِهِ وَبُعْدُهُ خَيْرٌ مِنْ قُرْبِهِ وَأَمَّا الْكَذَّابُ فَإِنَّهُ لَا يَهْنِئُكَ مَعَهُ عَيْشٌ يَنْقُلُ حَدِيثَكَ وَيَنْقُلُ إِلَيْكَ الْحَدِيثَ كُلَّمَا أَفْنَى أُحْدُوثَةً مَطَاهَا بِأُخْرَى مِثْلِهَا حَتَّى إِنَّهُ يُحَدِّثُ بِالصِّدْقِ فَلَا يُصَدَّقُ يُغْزِي بَيْنَ النَّاسِ بِالْعَدَاوَةِ فَيُنْبِتُ الشَّحْنَاءَ فِي الصُّدُورِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَانْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 206

وَ قَالَ ع لَا عَلَيْكَ أَنْ تَصْحَبَ ذَا الْعَقْلِ وَإِنْ لَمْ تَجْمُدْ كَرَمُهُ [تَحْمَدْ كَرَمَهُ وَلَكِنِ انْتَفِعْ بِعَقْلِهِ وَاحْتَرِسْ مِنْ سَيِّئِ أَخْلَاقِهِ وَلَا تَدَعَنَّ صُحْبَةَ الْكَرِيمِ وَإِنْ لَمْ تَنْتَفِعْ بِعَقْلِهِ وَلَكِنِ انْتَفِعْ بِكَرَمِهِ بِعَقْلِكَ وَافْرِرِ الْفِرَارَ كُلَّهُ مِنَ اللَّئِيمِ الْأَحْمَقِ‏

وَ قَالَ ع الصَّبْرُ ثَلَاثَةٌ الصَّبْرُ عَلَى الْمُصِيبَةِ وَالصَّبْرُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالصَّبْرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ

وَ قَالَ ع مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فَهُوَ خَلِيقٌ بِأَنْ لَا يَنْزِلَ بِهِ مَكْرُوهٌ أَبَداً قِيلَ وَمَا هُنَّ قَالَ الْعَجَلَةُ وَاللَّجَاجَةُ وَالْعُجْبُ وَالتَّوَانِي‏

وَ قَالَ ع الْأَعْمَالُ ثَلَاثَةٌ فَرَائِضُ وَفَضَائِلُ وَمَعَاصِي فَأَمَّا الْفَرَائِضُ فَبِأَمْرِ اللَّهِ وَمَشِيئَتِهِ وَبِرِضَاهُ وَبِعِلْمِهِ وَقَدَرِهِ يَعْمَلُهَا الْعَبْدُ فَيَنْجُو مِنَ اللَّهِ بِهَا وَأَمَّا الْفَضَائِلُ فَلَيْسَ بِأَمْرِ اللَّهِ لَكِنْ بِمَشِيئَتِهِ وَبِرِضَاهُ وَبِعِلْمِهِ وَبِقَدَرِهِ يَعْمَلُهَا الْعَبْدُ فَيُثَابُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْمَعَاصِي فَلَيْسَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَلَا بِمَشِيئَتِهِ وَلَا بِرِضَاهُ لَكِنْ بِعِلْمِهِ وَبِقَدَرِهِ يُقَدِّرُهَا لِوَقْتِهَا فَيَفْعَلُهَا الْعَبْدُ بِاخْتِيَارِهِ فَيُعَاقِبُهُ اللَّهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَدْ نَهَاهُ عَنْهَا فَلَمْ يَنْتَهِ‏

وَ قَالَ ع يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ حَقّاً فَمَنْ أَدَّاهُ زَادَهُ وَمَنْ قَصَّرَ عَنْهُ خَاطَرَ بِزَوَالِ النِّعْمَةِ وَتَعَجُّلِ الْعُقُوبَةِ فَلْيَرَاكُمُ اللَّهُ مِنَ النِّعْمَةِ وَجِلِينَ كَمَا يَرَاكُمْ مِنَ الذُّنُوبِ فَرِقِينَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ فَلَمْ يَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ حُسْنُ نَظَرٍ مِنَ اللَّهِ لَهُ فَقَدْ ضَيَّعَ مَأْمُولًا وَمَنْ وُسِّعَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ فَلَمْ يَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ مِنَ اللَّهِ فَقَدْ أَمِنَ مَخُوفاً

وَ قَالَ ع يَا أَيُّهَا النَّاسُ سَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ وَارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي الْعَافِيَةِ فَإِنَّ أَجَلَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         210    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 200

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 207

النِّعَمِ الْعَافِيَةُ وَخَيْرَ مَا دَامَ فِي الْقَلْبِ الْيَقِينُ وَالْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ دِينَهُ وَالْمَغْبُوطُ مَنْ حَسُنَ يَقِينُهُ‏

وَ قَالَ ع لَا يَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ‏

وَ قَالَ ع مَا ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُ بِشَيْ‏ءٍ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ خِصَالٍ ثَلَاثٍ يُحْرَمُهَا قِيلَ وَمَا هُنَّ قَالَ الْمُوَاسَاةُ فِي ذَاتِ يَدِهِ وَالْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِهِ وَذِكْرُ اللَّهِ كَثِيراً أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ لَكُمْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَكِنْ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ مَا أَحَلَّ لَهُ وَذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع مَنْ رَضِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا يُجْزِيهِ كَانَ أَيْسَرُ مَا فِيهِ يَكْفِيهِ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا يُجْزِيهِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْ‏ءٌ يَكْفِيهِ‏

وَ قَالَ ع الْمَنِيَّةُ لَا الدَّنِيَّةُ وَالتَّجَلُّدُ لَا التَّبَلُّدُ وَالدَّهْرُ يَوْمَانِ فَيَوْمٌ لَكَ وَيَوْمٌ عَلَيْكَ فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ وَإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَلَا تَحْزَنْ فَبِكِلَيْهِمَا سَتُخْتَبَرُ

وَ قَالَ ع أَفْضِلْ عَلَى مَنْ شِئْتَ يَكُنْ أَسِيرَكَ‏

وَ قَالَ ع لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ الْمَلَقُ وَلَا الْحَسَدُ إِلَّا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ‏

وَ قَالَ ع أَرْكَانُ الْكُفْرِ أَرْبَعَةٌ الرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ وَالسَّخَطُ وَالْغَضَبُ‏

وَ قَالَ ع الصَّبْرُ مِفْتَاحُ الدَّرَكِ وَالنُّجْحُ عُقْبَى مَنْ صَبَرَ وَلِكُلِّ طَالِبِ حَاجَةٍ وَقْتٌ يُحَرِّكُهُ الْقَدَرُ

وَ قَالَ ع اللِّسَانُ مِعْيَارٌ أَطَاشَهُ الْجَهْلُ وَأَرْجَحَهُ الْعَقْلُ‏

وَ قَالَ ع مَنْ طَلَبَ شَفَا غَيْظٍ بِغَيْرِ حَقٍّ أَذَاقَهُ اللَّهُ هَوَاناً بِحَقٍّ إِنَّ اللَّهَ عَدُوُّ مَا كَرِهَ‏

وَ قَالَ ع مَا حَارَ مَنِ اسْتَخَارَ وَلَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ

وَ قَالَ ع عُمِّرَتِ الْبُلْدَانُ بِحُبِّ الْأَوْطَانِ‏

وَ قَالَ ع ثَلَاثٌ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا سَعِدَ إِذَا ظَهَرَتْ عَلَيْكَ نِعْمَةٌ فَاحْمَدِ اللَّهَ وَإِذَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 208

أَبْطَأَ عَنْكَ الرِّزْقُ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَإِذَا أَصَابَتْكَ شِدَّةٌ فَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏

وَ قَالَ ع الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ الْفِقْهُ لِلْأَدْيَانِ وَالطِّبُّ لِلْأَبْدَانِ وَالنَّحْوُ لِلِّسَانِ‏

وَ قَالَ ع حَقُّ اللَّهِ فِي الْعُسْرِ الرِّضَا وَالصَّبْرُ وَحَقُّهُ فِي الْيُسْرِ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ

وَ قَالَ ع تَرْكُ الْخَطِيئَةِ أَيْسَرُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ وَكَمْ مِنْ شَهْوَةِ سَاعَةٍ قَدْ أَوْرَثَتْ حُزْناً طَوِيلًا وَالْمَوْتُ فَضَحَ الدُّنْيَا فَلَمْ يَتْرُكْ لِذِي لُبٍّ فِيهَا فَرَحاً وَلَا لِعَاقِلٍ لَذَّةً

وَ قَالَ ع الْعِلْمُ قَائِدٌ وَالْعَمَلُ سَائِقٌ وَالنَّفْسُ حَرُونٌ‏

وَ قَالَ ع كُنْ لِمَا لَا تَرْجُو أَرْجَى مِنْكَ لِمَا تَرْجُو فَإِنَّ مُوسَى ع خَرَجَ يَقْتَبِسُ لِأَهْلِهِ نَاراً فَكَلَّمَهُ اللَّهُ وَرَجَعَ نَبِيّاً وَخَرَجَتْ مَلِكَةُ سَبَإٍ فَأَسْلَمَتْ مَعَ سُلَيْمَانَ ع وَخَرَجَتْ سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ يَطْلُبُونَ الْعِزَّ لِفِرْعَوْنَ فَرَجَعُوا مُؤْمِنِينَ‏

وَ قَالَ ع النَّاسُ بِأُمَرَائِهِمْ أَشْبَهُ مِنْهُمْ بِآبَائِهِمْ‏

وَ قَالَ ع أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِلٍ مَنِ انْزَعَجَ مِنْ قَوْلِ الزُّورِ فِيهِ وَلَا بِحَكِيمٍ مَنْ رَضِيَ بِثَنَاءِ الْجَاهِلِ عَلَيْهِ النَّاسُ أَبْنَاءُ مَا يُحْسِنُونَ وَقَدْرُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُ فَتَكَلَّمُوا فِي الْعِلْمِ تَبَيَّنْ أَقْدَارُكُمْ‏

وَ قَالَ ع رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً رَاقَبَ رَبَّهُ وَتَوَكَّفَ ذَنْبَهُ وَكَابَرَ هَوَاهُ وَكَذَّبَ مُنَاهُ زَمَّ نَفْسَهُ مِنَ التَّقْوَى بِزِمَامٍ وَأَلْجَمَهَا مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهَا بِلِجَامٍ فَقَادَهَا إِلَى الطَّاعَةِ بِزِمَامِهَا وَقَدَعَهَا عَنِ الْمَعْصِيَةِ بِلِجَامِهَا رَافِعاً إِلَى الْمَعَادِ طَرْفَهُ مُتَوَقِّعاً فِي كُلِّ أَوَانٍ حَتْفَهُ دَائِمَ الْفِكْرِ طَوِيلَ السَّهَرِ عَزُوفاً عَنِ الدُّنْيَا كَدُوحاً لِآخِرَتِهِ جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ وَالتَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ وَدَوَاءَ دَاءِ جَوَاهُ فَاعْتَبَرَ وَقَاسَ فَوَتَرَ الدُّنْيَا وَالنَّاسَ يَتَعَلَّمُ لِلتَّفَقُّهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 209

وَ السَّدَادِ قَدْ وَقَّرَ قَلْبَهُ ذِكْرُ الْمَعَادِ فَطَوَى مِهَادَهُ وَهَجَرَ وِسَادَهُ قَدْ عَظُمَتْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَغْبَتُهُ وَاشْتَدَّتْ مِنْهُ رَهْبَتُهُ يُظْهِرُ دُونَ مَا يَكْتُمُ وَيَكْتَفِي بِأَقَلَّ مِمَّا يَعْلَمُ أُولَئِكَ وَدَائِعُ اللَّهِ فِي بِلَادِهِ الْمَدْفُوعُ بِهِمْ عَنْ عِبَادِهِ لَوْ أَقْسَمَ أَحَدُهُمْ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ- آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏

وَ قَالَ ع وُكِّلَ الرِّزْقُ بِالْحُمْقِ وَوُكِّلَ الْحِرْمَانُ بِالْعَقْلِ وَوُكِّلَ الْبَلَاءُ بِالصَّبْرِ

وَ قَالَ ع لِلْأَشْعَثِ يُعَزِّيهِ بِأَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنْ جَزِعْتَ فَحَقَّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفَيْتَ وَإِنْ صَبَرْتَ فَحَقَّ اللَّهِ أَدَّيْتَ عَلَى أَنَّكَ إِنْ صَبَرْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَضَاءُ وَأَنْتَ مَحْمُودٌ وَإِنْ جَزِعْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَضَاءُ وَأَنْتَ مَذْمُومٌ فَقَالَ الْأَشْعَثُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَ تَدْرِي مَا تَأْوِيلُهَا فَقَالَ الْأَشْعَثُ لَأَنْتَ غَايَةُ الْعِلْمِ وَمُنْتَهَاهُ فَقَالَ ع أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا لِلَّهِ فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِالْمُلْكِ وَأَمَّا قَوْلُكَ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِالْهُلْكِ‏

وَ رَكِبَ يَوْماً فَمَشَى مَعَهُ قَوْمٌ فَقَالَ ع لَهُمْ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ مَشْيَ الْمَاشِي مَعَ الرَّاكِبِ مَفْسَدَةٌ لِلرَّاكِبِ وَمَذَلَّةٌ لِلْمَاشِي انْصَرِفُوا

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         213    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 200

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 210

وَ قَالَ ع الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ بَانَ لَكَ رُشْدُهُ فَاتَّبِعْهُ وَأَمْرٌ بَانَ لَكَ غَيُّهُ فَاجْتَنِبْهُ وَأَمْرٌ أَشْكَلَ عَلَيْكَ فَرَدَدْتَهُ إِلَى عَالِمِهِ‏

وَ قَالَ لَهُ جَابِرٌ يَوْماً كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ ع أَصْبَحْنَا وَبِنَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ رَبِّنَا مَا لَا نُحْصِيهِ مَعَ كَثْرَةِ مَا نَعْصِيهِ فَلَا نَدْرِي مَا نَشْكُرُ أَ جَمِيلَ مَا يَنْشُرُ أَمْ قَبِيحَ مَا يَسْتُرُ

وَ عَزَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مَوْلُودٍ صَغِيرٍ مَاتَ لَهُ فَقَالَ ع لَمُصِيبَةٌ فِي غَيْرِكَ لَكَ أَجْرُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُصِيبَةٍ فِيكَ لِغَيْرِكَ ثَوَابُهَا فَكَانَ لَكَ الْأَجْرُ لَا بِكَ وَحَسُنَ لَكَ الْعَزَاءُ لَا عَنْكَ وَعَوَّضَكَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَ الَّذِي عَوَّضَهُ مِنْكَ‏

وَ قِيلَ لَهُ مَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ فَقَالَ ع نَدَمٌ بِالْقَلْبِ وَاسْتِغْفَارٌ بِاللِّسَانِ وَالْقَصْدُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ

وَ قَالَ ع إِنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً وَمَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً وَمُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً وَكَائِنُونَ رُفَاتاً وَمَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً وَمَدِينُونَ حِسَاباً فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْداً اقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ وَوَجِلَ فَعَمِلَ وَحَاذَرَ فَبَادَرَ وَعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ وَحُذِّرَ فَازْدَجَرَ وَأَجَابَ فَأَنَابَ وَرَاجَعَ فَتَابَ وَاقْتَدَى فَاحْتَذَى فَبَاحَثَ طَلَباً وَنَجَا هَرَباً وَأَفَادَ ذَخِيرَةً وَأَطَابَ سَرِيرَةً وَتَأَهَّبَ لِلْمَعَادِ وَاسْتَظْهَرَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ رَحِيلِهِ وَوَجْهِ سَبِيلِهِ وَحَالِ حَاجَتِهِ وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ فَقَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ فَمَهِّدُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ غَضَارَةِ الشَّبَابِ إِلَّا حَوَانِيَ الْهَرَمِ وَأَهْلُ بَضَاضَةِ الصِّحَّةِ إِلَّا نَوَازِلَ السَّقَمِ وَأَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلَّا مُفَاجَأَةَ الْفَنَاءِ وَاقْتِرَابَ الْفَوْتِ وَدُنُوَّ الْمَوْتِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 211

وَ قَالَ ع اتَّقُوا اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ شَمَّرَ تَجْرِيداً وَجَدَّ تَشْمِيراً وَانْكَمَشَ فِي مَهَلٍ وَأَشْفَقَ فِي وَجَلٍ وَنَظَرَ فِي كَرَّةِ الْمَوْئِلِ وَعَاقِبَةِ الْمَصِيرِ وَمَغَبَّةِ الْمَرْجِعِ فَكَفَى بِاللَّهِ مُنْتَقِماً وَنَصِيراً وَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَنَوَالًا وَكَفَى بِالنَّارِ عِقَاباً وَنَكَالًا وَكَفَى بِكِتَابِ اللَّهِ حَجِيجاً وَخَصِيماً

وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ وَالْفُرْقَةِ وَالْجَمَاعَةِ فَقَالَ ع أَمَّا السُّنَّةُ فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَأَمَّا الْبِدْعَةُ فَمَا خَالَفَهَا وَأَمَّا الْفُرْقَةُ فَأَهْلُ الْبَاطِلِ وَإِنْ كَثُرُوا وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ فَأَهْلُ الْحَقِّ وَإِنْ قَلُّوا وَقَالَ ص لَا يَرْجُو الْعَبْدُ إِلَّا رَبَّهُ وَلَا يَخَافُ إِلَّا ذَنْبَهُ وَلَا يَسْتَحِي الْعَالِمُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ

وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْصِنِي فَقَالَ ع أُوصِيكَ أَنْ لَا يَكُونَنَّ لِعَمَلِ الْخَيْرِ عِنْدَكَ غَايَةٌ فِي الْكَثْرَةِ وَلَا لِعَمَلِ الْإِثْمِ عِنْدَكَ غَايَةٌ فِي الْقِلَّةِ

وَ قَالَ لَهُ آخَرُ أَوْصِنِي فَقَالَ ع لَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِفَقْرٍ وَلَا طُولِ عُمُرٍ

وَ قَالَ ع إِنَّ لِأَهْلِ الدِّينِ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا صِدْقَ الْحَدِيثِ وَأَدَاءَ الْأَمَانَةِ وَوَفَاءً بِالْعَهْدِ وَصِلَةً لِلْأَرْحَامِ وَرَحْمَةً لِلضُّعَفَاءِ وَقِلَّةَ مُؤَاتَاةٍ لِلنِّسَاءِ وَبَذْلَ الْمَعْرُوفِ وَحُسْنَ الْخُلُقِ وَسَعَةَ الْحِلْمِ وَاتِّبَاعَ الْعِلْمِ وَمَا يُقَرِّبُ مِنَ اللَّهِ زُلْفَى فَ طُوبى‏ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ‏

وَ قَالَ ع مَا أَطَالَ الْعَبْدُ الْأَمَلَ إِلَّا أَنْسَاهُ الْعَمَلَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 212

وَ قَالَ ع ابْنُ آدَمَ أَشْبَهُ شَيْ‏ءٍ بِالْمِعْيَارِ إِمَّا نَاقِصٌ بِجَهْلٍ أَوْ رَاجِحٌ بِعِلْمٍ‏

وَ قَالَ ع سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فِسْقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ وَحُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ‏

وَ قَالَ ع ابْذُلْ لِأَخِيكَ دَمَكَ وَمَالَكَ وَلِعَدُوِّكَ عَدْلَكَ وَإِنْصَافَكَ وَلِلْعَامَّةِ بِشْرَكَ وَإِحْسَانَكَ سَلِّمْ عَلَى النَّاسِ يُسَلِّمُوا عَلَيْكَ‏

وَ قَالَ ع سَادَةُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا الْأَسْخِيَاءُ وَفِي الْآخِرَةِ الْأَتْقِيَاءُ

وَ قَالَ ع الشَّيْ‏ءُ شَيْئَانِ فَشَيْ‏ءٌ لِغَيْرِي لَمْ أُرْزَقْهُ فِيمَا مَضَى وَلَا آمُلُهُ فِيمَا بَقِيَ وَشَيْ‏ءٌ لَا أَنَالُهُ دُونَ وَقْتِهِ وَلَوْ أَجْلَبْتُ عَلَيْهِ بِقُوَّةِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَبِأَيِّ هَذَيْنِ أُفْنِي عُمُرِي‏

وَ قَالَ ع إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا نَظَرَ اعْتَبَرَ وَإِذَا سَكَتَ تَفَكَّرَ وَإِذَا تَكَلَّمَ ذَكَرَ وَإِذَا اسْتَغْنَى شَكَرَ وَإِذَا أَصَابَتْهُ شِدَّةٌ صَبَرَ فَهُوَ قَرِيبُ الرِّضَا بَعِيدُ السَّخَطِ يُرْضِيهِ عَنِ اللَّهِ الْيَسِيرُ وَلَا يُسْخِطُهُ الْكَثِيرُ وَلَا يَبْلُغُ بِنِيَّتِهِ إِرَادَتُهُ فِي الْخَيْرِ يَنْوِي كَثِيراً مِنَ الْخَيْرِ وَيَعْمَلُ بِطَائِفَةٍ مِنْهُ وَيَتَلَهَّفُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْخَيْرِ كَيْفَ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وَالْمُنَافِقُ إِذَا نَظَرَ لَهَا وَإِذَا سَكَتَ سَهَا وَإِذَا تَكَلَّمَ لَغَا وَإِذَا اسْتَغْنَى طَغَا وَإِذَا أَصَابَتْهُ شِدَّةٌ ضَغَا فَهُوَ قَرِيبُ السَّخَطِ بَعِيدُ الرِّضَا يُسْخِطُهُ عَلَى اللَّهِ الْيَسِيرُ وَلَا يُرْضِيهِ الْكَثِيرُ يَنْوِي كَثِيراً مِنَ الشَّرِّ وَيَعْمَلُ بِطَائِفَةٍ مِنْهُ وَيَتَلَهَّفُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الشَّرِّ كَيْفَ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ‏

وَ قَالَ ع الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عَدُوَّانِ مُتَعَادِيَانِ وَسَبِيلَانِ مُخْتَلِفَانِ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَوَالاهَا أَبْغَضَ الْآخِرَةَ وَعَادَاهَا مَثَلُهُمَا مَثَلُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَالْمَاشِي بَيْنَهُمَا لَا يَزْدَادُ مِنْ أَحَدِهِمَا قُرْباً إِلَّا ازْدَادَ مِنَ الْآخَرِ بُعْداً

وَ قَالَ ع مَنْ خَافَ الْوَعِيدَ قَرُبَ عَلَيْهِ الْبَعِيدُ وَمَنْ كَانَ مِنْ قُوتِ الدُّنْيَا لَا يَشْبَعُ لَمْ يَكْفِهِ مِنْهَا مَا يَجْمَعُ وَمَنْ سَعَى لِلدُّنْيَا فَاتَتْهُ وَمَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ إِنَّمَا الدُّنْيَا

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         216    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 200

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 213

ظِلٌّ مَمْدُودٌ إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى وَدُعِيَ إِلَى الرَّشَادِ فَدَنَا وَأَخَذَ بِحُجْزَةِ نَاجٍ هَادٍ فَنَجَا قَدَّمَ خَالِصاً وَعَمِلَ صَالِحاً قَدَّمَ مَذْخُوراً وَاجْتَنَبَ مَحْذُوراً رَمَى غَرَضاً وَأَحْرَزَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاهُ وَكَذَّبَ مُنَاهُ جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ وَالتَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ لَزِمَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ وَالْمَحَجَّةَ الْبَيْضَاءَ وَاغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَبَادَرَ الْأَجَلَ وَتَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ.

وَ قَالَ ع لِرَجُلٍ كَيْفَ أَنْتُمْ فَقَالَ نَرْجُو وَنَخَافُ فَقَالَ ع مَنْ رَجَا شَيْئاً طَلَبَهُ وَمَنْ خَافَ شَيْئاً هَرَبَ مِنْهُ مَا أَدْرِي مَا خَوْفُ رَجُلٍ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ فَلَمْ يَدَعْهَا لِمَا خَافَ مِنْهُ وَمَا أَدْرِي مَا رَجَاءُ رَجُلٍ نَزَلَ بِهِ بَلَاءٌ فَلَمْ يَصْبِرْ عَلَيْهِ لِمَا يَرْجُو

وَ قَالَ ع لِعَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ الَّتِي نَقُومُ وَنَقْعُدُ وَنَفْعَلُ إِنَّكَ سَأَلْتَ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ فَهَلْ تَمَلِكُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْ مَعَ اللَّهِ فَسَكَتَ عَبَايَةُ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنْ قُلْتَ تَمْلِكُهَا مَعَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ وَإِنْ قُلْتَ تَمْلِكُهَا دُونَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ فَقَالَ عَبَايَةُ فَمَا أَقُولُ قَالَ ع تَقُولُ إِنَّكَ تَمْلِكُهَا بِاللَّهِ الَّذِي يَمْلِكُهَا مِنْ دُونِكَ فَإِنْ مَلَّكَكَ إِيَّاهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَطَائِهِ وَإِنْ سَلَبَكَهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَلَائِهِ فَهُوَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَكَ وَالْقَادِرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَقْدَرَكَ‏

قَالَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 214

يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعِيَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ ع مَا عَاقَبَ اللَّهُ عَبْداً مُؤْمِناً فِي هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَّا كَانَ أَجْوَدَ وَأَمْجَدَ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِي عِقَابِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ مُؤْمِنٍ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَعَفَا عَنْهُ إِلَّا كَانَ أَمْجَدَ وَأَجْوَدَ وَأَكْرَمَ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِي عَفْوِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ ع وَقَدْ يَبْتَلِي اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْبَلِيَّةِ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وُلْدِهِ أَوْ أَهْلِهِ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ وَضَمَّ يَدَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَقُولُ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ

وَ قَالَ ع أَوَّلُ الْقَطِيعَةِ السَّجَا وَلَا تَأْسُ أَحَداً إِذَا كَانَ مَلُولًا أَقْبَحُ الْمُكَافَأَةِ الْمُجَازَاةُ بِالْإِسَاءَةِ

وَ قَالَ ع أَوَّلُ إِعْجَابِ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ فَسَادُ عَقْلِهِ مَنْ غَلَبَ لِسَانَهُ أَمِنَهُ مَنْ لَمْ يُصْلِحْ خَلَائِقَهُ كَثُرَتْ بَوَائِقُهُ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ مَلَّهُ أَهْلُهُ رُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً الشُّكْرُ عِصْمَةٌ مِنَ الْفِتْنَةِ الصِّيَانَةُ رَأْسُ الْمُرُوَّةِ شَفِيعُ الْمُذْنِبِ خُضُوعُهُ أَصْلُ الْحَزْمِ الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ فِي سَعَةِ الْأَخْلَاقِ كُنُوزُ الْأَرْزَاقِ‏

وَ قَالَ ع الْمَصَائِبُ بِالسَّوِيَّةِ مَقْسُومَةٌ بَيْنَ الْبَرِيَّةِ لَا تَيْأَسْ لِذَنْبِكَ وَبَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ الرُّشْدُ فِي خِلَافِ الشَّهْوَةِ تَارِيخُ الْمُنَى الْمَوْتُ النَّظَرُ إِلَى الْبَخِيلِ يُقْسِي الْقَلْبَ النَّظَرُ إِلَى الْأَحْمَقِ يُسْخِنُ الْعَيْنَ السَّخَاءُ فِطْنَةٌ وَاللُّؤْمُ تَغَافُلٌ‏

وَ قَالَ ع الْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ وَقِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ الْعَيْشِ وَالْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ وَمَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ وَمَا عَطِبَ امْرُؤٌ اسْتَشَارَ وَالصَّنِيعَةُ لَا تَصْلُحُ إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَالْمَغْبُونُ لَا مَحْمُودٌ وَلَا مَأْجُورٌ الْبِرُّ لَا يَبْلَى وَالذَّنْبُ لَا يُنْسَى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 215

وَ قَالَ ع اصْطَنِعُوا الْمَعْرُوفَ تَكْسِبُوا الْحَمْدَ وَاسْتَشْعِرُوا الْحَمْدَ يُؤْنِسْ بِكُمُ الْعُقَلَاءُ وَدَعُوا الْفُضُولَ يُجَانِبْكُمُ السُّفَهَاءُ وَأَكْرِمُوا الْجَلِيسَ تُعْمَرْ نَادِيكُمْ وَحَامُوا عَنِ الْخَلِيطِ يُرْغَبْ فِي جِوَارِكُمْ وَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ يُوثَقْ بِكُمْ وَعَلَيْكُمْ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّهَا رِفْعَةٌ وَإِيَّاكُمْ وَالْأَخْلَاقَ الدَّنِيَّةَ فَإِنَّهَا تَضَعُ الشَّرِيفَ وَتَهْدِمُ الْمَجْدَ

وَ قَالَ ع اقْنَعْ تَعِزَّ

وَ قَالَ ع الصَّبْرُ جُنَّةٌ مِنَ الْفَاقَةِ وَالْحِرْصُ عَلَامَةُ الْفَقْرِ وَالتَّجَمُّلُ اجْتِنَابُ الْمَسْكَنَةِ وَالْمَوْعِظَةُ كَهْفٌ لِمَنْ لَجَأَ إِلَيْهَا

وَ قَالَ ع مَنْ كَسَاهُ الْعِلْمُ ثَوْبَهُ اخْتَفَى عَنِ النَّاسِ عَيْبُهُ‏

وَ قَالَ ع لَا عَيْشَ لِحَسُودٍ وَلَا مَوَدَّةَ لِمَلُولٍ وَلَا مُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ‏

وَ قَالَ ع تَرَوَّحْ إِلَى بَقَاءِ عِزِّكَ بِالْوَحْدَةِ

وَ قَالَ ع كُلُّ عَزِيزٍ دَاخِلٍ تَحْتَ الْقُدْرَةِ فَذَلِيلٌ‏

وَ قَالَ ع أَهْلَكَ النَّاسَ اثْنَانِ خَوْفُ الْفَقْرِ وَطَلَبُ الْفَخْرِ

وَ قَالَ ع أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَحُبَّ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَبَابُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَقِرَانُ كُلِّ فِتْنَةٍ وَدَاعِي كُلِّ رَزِيَّةٍ

وَ قَالَ ع جُمِعَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي ثَلَاثِ خِصَالٍ النَّظَرِ وَالسُّكُوتِ وَالْكَلَامِ فَكُلُّ نَظَرٍ لَيْسَ فِيهِ اعْتِبَارٌ فَهُوَ سَهْوٌ وَكُلُّ سُكُوتٍ لَيْسَ فِيهِ فِكْرَةٌ فَهُوَ غَفْلَةٌ وَكُلُّ كَلَامٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ فَهُوَ لَغْوٌ فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ نَظَرُهُ عِبْرَةً وَسُكُوتُهُ فِكْرَةٌ وَكَلَامُهُ ذِكْراً وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ وَأَمِنَ النَّاسُ مِنْ شَرِّهِ‏

وَ قَالَ ع مَا أَعْجَبَ هَذَا الْإِنْسَانَ مَسْرُورٌ بِدَرْكِ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ مَحْزُونٌ عَلَى فَوْتِ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ وَلَوْ أَنَّهُ فَكَّرَ لَأَبْصَرَ وَعَلِمَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَأَنَّ الرِّزْقَ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ وَلَاقْتَصَرَ عَلَى مَا تَيَسَّرَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا تَعَسَّرَ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         219    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 200

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 216

وَ قَالَ ع إِذَا طَافَ فِي الْأَسْوَاقِ وَوَعَظَهُمْ قَالَ يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ قَدِّمُوا الِاسْتِخَارَةَ وَتَبَرَّكُوا بِالسُّهُولَةِ وَاقْتَرِبُوا مِنَ الْمُبْتَاعِينَ وَتَزَيَّنُوا بِالْحِلْمِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْيَمِينِ وَجَانِبُوا الْكَذِبَ وَتَجَافَوْا عَنِ الظُّلْمِ وَأَنْصِفُوا الْمَظْلُومِينَ وَلَا تَقْرَبُوا الرِّبَا- وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ‏

 وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ‏

وَ سُئِلَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ أَحْسَنُ فَقَالَ ع الْكَلَامُ فَقِيلَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ أَقْبَحُ قَالَ الْكَلَامُ ثُمَّ قَالَ بِالْكَلَامِ ابْيَضَّتِ الْوُجُوهُ وَبِالْكَلَامِ اسْوَدَّتِ الْوُجُوهُ‏

وَ قَالَ ع قُولُوا الْخَيْرَ تُعْرَفُوا بِهِ وَاعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ‏

وَ قَالَ ع إِذَا حَضَرَتْ بَلِيَّةٌ فَاجْعَلُوا أَمْوَالَكُمْ دُونَ أَنْفُسِكُمْ وَإِذَا نَزَلَتْ نَازِلَةٌ فَاجْعَلُوا أَنْفُسَكُمْ دُونَ دِينِكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ الْهَالِكَ مَنْ هَلَكَ دِينُهُ وَالْحَرِيبَ مَنْ سُلِبَ دِينَهُ أَلَا وَإِنَّهُ لَا فَقْرَ بَعْدَ الْجَنَّةِ وَلَا غِنَى بَعْدَ النَّارِ

وَ قَالَ ع لَا يَجِدُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ هَزْلَهُ وَجِدَّهُ‏

وَ قَالَ ع يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَجْتَنِبَ مُؤَاخَاةَ الْكَذَّابِ إِنَّهُ يَكْذِبُ حَتَّى يَجِي‏ءَ بِالصِّدْقِ فَمَا يُصَدَّقُ‏

وَ قَالَ ع أَعْظَمُ الْخَطَايَا اقْتِطَاعُ مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍ‏

وَ قَالَ ع مَنْ خَافَ الْقِصَاصَ كَفَّ عَنْ ظُلْمِ النَّاسِ‏

وَ قَالَ ع مَا رَأَيْتُ ظَالِماً أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنَ الْحَاسِدِ

وَ قَالَ ع الْعَامِلُ بِالظُّلْمِ وَالْمُعِينُ عَلَيْهِ وَالرَّاضِي بِهِ شُرَكَاءُ ثَلَاثَةٌ

وَ قَالَ ع الصَّبْرُ صَبْرَانِ صَبْرٌ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حَسَنٌ جَمِيلٌ وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ الصَّبْرُ عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالذِّكْرُ ذِكْرَانِ ذِكْرٌ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حَسَنٌ جَمِيلٌ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ حَاجِزاً

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 217

وَ قَالَ ع اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ بِي حَاجَةً إِلَى أَحَدٍ مِنْ شِرَارِ خَلْقِكَ وَمَا جَعَلْتَ بِي مِنْ حَاجَةٍ فَاجْعَلْهَا إِلَى أَحْسَنِهِمْ وَجْهاً وَأَسْخَاهُمْ بِهَا نَفْساً وَأَطْلَقِهِمْ بِهَا لِسَاناً وَأَقَلِّهِمْ عَلَيَّ بِهَا مَنّاً

وَ قَالَ ع طُوبَى لِمَنْ يَأْلَفُ النَّاسَ وَيَأْلَفُونَهُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ مِنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ أَنْ يُؤْثِرَ الْعَبْدُ الصِّدْقَ حَتَّى نَفَرَ عَنِ الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُ وَلَا يَعْدُ [يَعْدُوَ الْمَرْءُ بِمَقَالَتِهِ عِلْمَهُ‏

وَ قَالَ ع أَدُّوا الْأَمَانَةَ وَلَوْ إِلَى قَاتِلِ وُلْدِ الْأَنْبِيَاءِ

وَ قَالَ ع التَّقْوَى سِنْخُ الْإِيمَانِ‏

وَ قَالَ ع أَلَا إِنَّ الذُّلَّ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَقْرَبُ إِلَى الْعِزِّ مِنَ التَّعَاوُنِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع الْمَالُ وَالْبَنُونَ حَرْثُ الدُّنْيَا وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الْآخِرَةِ وَقَدْ جَمَعَهُمَا اللَّهُ لِأَقْوَامٍ‏

وَ قَالَ ع مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ فِي صَحِيفَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا مَنْ أَصْبَحَ عَلَى الدُّنْيَا حَزِيناً فَقَدْ أَصْبَحَ لِقَضَاءِ اللَّهِ سَاخِطاً وَمَنْ أَصْبَحَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَشْكُو مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ إِلَى مَنْ يُخَالِفُهُ عَلَى دِينِهِ فَإِنَّمَا يَشْكُو رَبَّهُ إِلَى عَدُوِّهِ وَمَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ طَلَباً لِمَا عِنْدَهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَهُوَ مِمَّنْ يَتَّخِذُ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَقَالَ ع فِي الصَّحِيفَةِ الْأُخْرَى مَنْ لَمْ يَسْتَشِرْ يَنْدَمْ وَمَنْ يَسْتَأْثِرْ مِنَ الْأَمْوَالِ يَهْلِكْ وَالْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ

وَ قَالَ ع الْإِنْسَانُ لُبُّهُ لِسَانُهُ وَعَقْلُهُ دِينُهُ وَمُرُوَّتُهُ حَيْثُ يَجْعَلُ نَفْسَهُ وَالرِّزْقُ مَقْسُومٌ وَالْأَيَّامُ دُوَلٌ وَالنَّاسُ إِلَى آدَمَ شَرَعٌ سَوَاءٌ

وَ قَالَ ع لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ رُوَيْدَكَ لَا تَشْهَرْ وَأَخْفِ شَخْصَكَ لَا تُذْكَرْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 218

تَعَلَّمْ تَعْلَمْ وَاصْمُتْ تَسْلَمْ لَا عَلَيْكَ إِذَا عَرَّفَكَ دِينَهُ لَا تَعْرِفُ النَّاسَ وَلَا يَعْرِفُونَكَ‏

وَ قَالَ ع لَيْسَ الْحَكِيمُ مَنْ لَمْ يُدَارِ مَنْ لَا يَجِدُ بُدّاً مِنْ مُدَارَاتِهِ‏

وَ قَالَ ع أَرْبَعٌ لَوْ ضَرَبْتُمْ فِيهِنَّ أَكْبَادَ الْإِبِلِ لَكَانَ ذَلِكَ يَسِيراً لَا يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَلَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَلَا يَسْتَحِيَنَّ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ إِذَا هُوَ لَمْ يَعْلَمْ وَلَا يَسْتَكْبِرَنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ‏

وَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَمَّا بَعْدُ فَاطْلُبْ مَا يَعْنِيكَ وَاتْرُكْ مَا لَا يَعْنِيكَ فَإِنَّ فِي تَرْكِ مَا لَا يَعْنِيكَ دَرْكَ مَا يَعْنِيكَ وَإِنَّمَا تَقْدَمُ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ لَا عَلَى مَا خَلَّفْتَ وَابْنِ مَا تَلْقَاهُ غَداً عَلَى مَا تَلْقَاهُ وَالسَّلَامُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ أَحْسَنَ مَا يَأْلَفُ بِهِ النَّاسُ قُلُوبَ أَوِدَّائِهِمْ وَنَفَوْا بِهِ الضِّغْنَ عَنْ قُلُوبِ أَعْدَائِهِمْ حُسْنُ الْبِشْرِ عِنْدَ لِقَائِهِمْ وَالتَّفَقُّدُ فِي غَيْبَتِهِمْ وَالْبَشَاشَةُ بِهِمْ عِنْدَ حُضُورِهِمْ‏

وَ قَالَ ع لَا يَجِدُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ‏

وَ قَالَ ع يَا رَبِّ مَا أَشْقَى جِدَّ مَنْ لَمْ يَعْظُمْ فِي عَيْنِهِ وَقَلْبِهِ مَا رَأَى مِنْ مُلْكِكَ وَسُلْطَانِكَ فِي جَنْبِ مَا لَمْ تَرَ عَيْنُهُ وَقَلْبُهُ مِنْ مُلْكِكَ وَسُلْطَانِكَ وَأَشْقَى مِنْهُ مَنْ لَمْ يَصْغُرْ فِي عَيْنِهِ وَقَلْبِهِ مَا رَأَى وَمَا لَمْ يَرَ مِنْ مُلْكِكَ وَسُلْطَانِكَ فِي جَنْبِ عَظَمَتِكَ وَجَلَالِكَ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّمَا الدُّنْيَا فَنَاءٌ وَعَنَاءٌ وَغِيَرٌ وَعِبَرٌ فَمِنْ فَنَائِهَا أَنَّكَ تَرَى الدَّهْرَ مُوَتِّراً قَوْسَهُ مُفَوِّقاً نَبْلَهُ لَا تُخْطِئُ سِهَامُهُ وَلَا تُشْفَى جِرَاحُهُ يَرْمِي الصَّحِيحَ بِالسَّقَمِ وَالْحَيَّ بِالْمَوْتِ وَمِنْ عَنَائِهَا أَنَّ الْمَرْءَ يَجْمَعُ مَا لَا يَأْكُلُ وَيَبْنِي مَا لَا يَسْكُنُ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى اللَّهِ لَا مَالًا حَمَلَ وَلَا بِنَاءً نَقَلَ وَمِنْ غِيَرِهَا أَنَّكَ تَرَى الْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً وَالْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً لَيْسَ بَيْنَهُمْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         223    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 200

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 219

إِلَّا نَعِيْمٌ زَالَ وَبُؤْسٌ نَزَلَ وَمِنْ عِبَرِهَا أَنَّ الْمَرْءَ يُشْرِفُ عَلَى أَمَلِهِ فَيَتَخَطَّفُهُ أَجَلُهُ فَلَا أَمَلٌ مَدْرُوكٌ وَلَا مُؤَمَّلٌ مَتْرُوكٌ فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَعَزَّ سُرُورَهَا وَأَظْمَأَ رِيَّهَا وَأَضْحَى فَيْئَهَا فَكَأَنَّ مَا كَانَ مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ وَكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ قَدْ كَانَ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْمُقَامِ وَدَارُ الْقَرَارِ وَجَنَّةٌ وَنَارٌ صَارَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ إِلَى الْأَجْرِ بِالصَّبْرِ وَإِلَى الْأَمَلِ بِالْعَمَلِ‏

وَ قَالَ ع مِنْ أَحَبِّ السُّبُلِ إِلَى اللَّهِ جُرْعَتَانِ جُرْعَةُ غَيْظٍ تَرُدُّهَا بِحِلْمٍ وَجُرْعَةُ حُزْنٍ تَرُدُّهَا بِصَبْرٍ وَمِنْ أَحَبِّ السُّبُلِ إِلَى اللَّهِ قَطْرَتَانِ قَطْرَةُ دُمُوعٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَقَطْرَةُ دَمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمِنْ أَحَبِّ السُّبُلِ إِلَى اللَّهِ خُطْوَتَانِ خُطْوَةُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشُدُّ بِهَا صَفّاً فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَخُطْوَةٌ فِي صِلَةِ الرَّحِمِ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ خُطْوَةٍ يَشُدُّ بِهَا صَفّاً فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع لَا يَكُونُ الصَّدِيقُ لِأَخِيهِ صَدِيقاً حَتَّى يَحْفَظَهُ فِي نَكْبَتِهِ وَغَيْبَتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ قُلُوبَ الْجُهَّالِ تَسْتَفِزُّهَا الْأَطْمَاعُ وَتَرْهَنُهَا الْمُنَى وَتَسْتَعْلِقُهَا الْخَدَائِعُ‏

وَ قَالَ ع مَنِ اسْتَحْكَمَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ اغْتَفَرْتُ مَا سِوَاهَا وَلَا أَغْتَفِرُ فَقْدَ عَقْلٍ وَلَا دِينٍ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الدِّينِ مُفَارَقَةُ الْأَمْنِ وَلَا حَيَاةَ مَعَ مَخَافَةٍ وَفَقْدَ الْعَقْلِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 220

فَقْدُ الْحَيَاةِ وَلَا يُقَاسُ إِلَّا بِالْأَمْوَاتِ‏

وَ قَالَ ع مَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهَمَةِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ فِي يَدِهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ سِتَّةً بِسِتَّةٍ الْعَرَبَ بِالْعَصَبِيَّةِ وَالدَّهَاقِينَ بِالْكِبْرِ وَالْأُمَرَاءَ بِالْجَوْرِ وَالْفُقَهَاءَ بِالْحَسَدِ وَالتُّجَّارَ بِالْخِيَانَةِ وَأَهْلَ الرُّسْتَاقِ بِالْجَهْلِ‏

وَ قَالَ ع أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ الصَّبْرَ عَلَى التَّقْوَى أَهْوَنُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى عَذَابِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قَصْرُ الْأَمَلِ وَشُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ وَالْوَرَعُ عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ الْأَشْيَاءَ لَمَّا ازْدَوَجَتْ ازْدَوَجَ الْكَسَلُ وَالْعَجْزُ فَنُتِجَ مِنْهُمَا الْفَقْرُ

وَ قَالَ ع أَلَا إِنَّ الْأَيَّامَ ثَلَاثَةٌ يَوْمٌ مَضَى لَا تَرْجُوهُ وَيَوْمٌ بَقِيَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَيَوْمٌ يَأْتِي لَا تَأْمَنُهُ فَالْأَمْسِ مَوْعِظَةٌ وَالْيَوْمَ غَنِيمَةٌ وَغَدٌ لَا تَدْرِي مَنْ أَهْلُهُ أَمْسِ شَاهِدٌ مَقْبُولٌ وَالْيَوْمَ أَمِينٌ مُؤَدٍّ وَغَدٌ يُعَجِّلُ بِنَفْسِكَ سَرِيعَ الظَّعْنِ طَوِيلَ الْغَيْبَةِ أَتَاكَ وَلَمْ تَأْتِهِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْبَقَاءَ بَعْدَ الْفَنَاءِ وَلَمْ تَكُنْ إِلَّا وَقَدْ وَرِثْنَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا وَلَنَا وَارِثُونَ بَعْدَنَا فَاسْتَصْلِحُوا مَا تَقْدَمُونَ عَلَيْهِ بِمَا تَظْعَنُونَ عَنْهُ وَاسْلُكُوا سُبُلَ الْخَيْرِ وَلَا تَسْتَوْحِشُوا فِيهَا لِقِلَّةِ أَهْلِهَا وَاذْكُرُوا حُسْنَ صُحْبَةِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا أَلَا وَإِنَّ الْعَوَارِيَ الْيَوْمَ وَالْهِبَاتِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 221

غَداً وَإِنَّمَا نَحْنُ فُرُوعٌ لِأُصُولٍ قَدْ مَضَتْ فَمَا بَقَاءُ الْفُرُوعِ بَعْدَ أُصُولِهَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ إِنْ آثَرْتُمُ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ أَسْرَعْتُمْ إِجَابَتَهَا إِلَى الْعَرَضِ الْأَدْنَى وَرَحَلَتْ مَطَايَا آمَالِكُمْ إِلَى الْغَايَةِ الْقُصْوَى تُورِدُ مَنَاهِلَ عَاقِبَتُهَا النَّدَمُ وَتُذِيقُكُمْ مَا فَعَلَتْ بِالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ وَالْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ مِنْ تَغَيُّرِ الْحَالاتِ وَتَكَوُّنِ الْمَثُلَاتِ.

وَ قَالَ ع الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ وَالْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ وَلِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زَكَاةٌ وَزَكَاةُ الْبَدَنِ الصِّيَامُ وَأَفْضَلُ عَمَلِ الْمَرْءِ انْتِظَارُهُ فَرَجَ اللَّهِ وَالدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ وَمَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ وَمَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ وَالتَّقْدِيرُ نِصْفُ الْعَيْشِ- وَالتَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ وَالْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ وَقِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ وَمَنْ أَحْزَنَ وَالِدَيْهِ عَقَّهُمَا وَمَنْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حَبِطَ أَجْرُهُ وَالصَّنِيعَةُ لَا تَكُونُ صَنِيعَةً إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ وَاللَّهُ يُنْزِلُ الصَّبْرَ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ فَمَنْ قَدَّرَ رَزَقَهُ اللَّهُ وَمَنْ بَذَّرَ حَرَمَهُ اللَّهُ وَالْأَمَانَةُ تَجُرُّ الرِّزْقَ وَالْخِيَانَةُ تَجُرُّ الْفَقْرَ وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ بِالنَّمْلَةِ صَلَاحاً مَا أَنْبَتَ لَهَا جَنَاحاً

وَ قَالَ ع مَتَاعُ الدُّنْيَا حُطَامٌ وَتُرَاثُهَا كُبَابٌ بُلْغَتُهَا أَفْضَلُ مِنْ أَثَرَتِهَا وَقُلْعَتُهَا أَرْكَنُ مِنْ طُمَأْنِينَتِهَا حُكِمَ بِالْفَاقَةِ عَلَى مُكْثِرِهَا وَأُعِينَ بِالرَّاحَةِ مَنْ رَغِبَ عَنْهَا مَنْ رَاقَهُ رُوَاؤُهَا أَعْقَبَتْ نَاظِرَيْهِ كَمَهاً وَمَنِ اسْتَشْعَرَ شَغَفَهَا مَلَأَتْ قَلْبَهُ أَشْجَاناً لَهُنَّ رَقْصٌ عَلَى سُوَيْدَاءِ قَلْبِهِ كَرَقِيصِ الزُّبْدَةِ عَلَى أَعْرَاضِ الْمِدْرَجَةِ هَمٌّ يَحْزُنُهُ وَهَمٌ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 222

يَشْغَلُهُ كَذَلِكَ حَتَّى يُؤْخَذَ بِكَظَمِهِ وَيُقْطَعَ أَبْهَرَاهُ وَيَلْقَى هَاماً لِلْقَضَاءِ طَرِيحاً هَيِّناً عَلَى اللَّهِ مَدَاهُ وَعَلَى الْأَبْرَارِ مَلْقَاهُ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْمُؤْمِنُ إِلَى الدُّنْيَا بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ وَيَقْتَاتُ مِنْهَا بِبَطْنِ الِاضْطِرَارِ وَيَسْمَعُ فِيهَا بِأُذُنِ النَّفْثِ‏

وَ قَالَ ع تَعَلَّمُوا الْحِلْمَ فَإِنَّ الْحِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ وَوَزِيرُهُ وَالْعِلْمَ دَلِيلُهُ وَالرِّفْقَ أَخُوهُ وَالْعَقْلَ رَفِيقُهُ وَالصَّبْرَ أَمِيرُ جُنُودِهِ‏

وَ قَالَ ع لِرَجُلٍ تَجَاوَزَ الْحَدَّ فِي التَّقَشُّفِ يَا هَذَا أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ- وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ فَوَ اللَّهِ لَابْتِذَالُكَ نِعَمَ اللَّهِ بِالْفَعَالِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنِ ابْتِذَالِكَهَا بِالْمَقَالِ‏

وَ قَالَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ ع أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَ مَحَلِّهَا وَأُوصِيكَ بِمَغْفِرَةِ الذَّنْبِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَالْحِلْمِ عِنْدَ الْجَاهِلِ وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَالتَّثَبُّتِ فِي الْأَمْرِ وَالتَّعَهُّدِ لِلْقُرْآنِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا فِي كُلِّ مَا عُصِيَ اللَّهُ فِيهِ‏

وَ قَالَ ع قِوَامُ الدُّنْيَا بِأَرْبَعَةٍ بِعَالِمٍ مُسْتَعْمِلٍ لِعِلْمِهِ وَبِغَنِيٍّ بَاذِلٍ لِمَعْرُوفِهِ وَبِجَاهِلٍ لَا يَتَكَبَّرُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَبِفَقِيرٍ لَا يَبِيعُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ وَإِذَا عَطَّلَ الْعَالِمُ عِلْمَهُ وَأَمْسَكَ الْغَنِيُّ مَعْرُوفَهُ وَتَكَبَّرَ الْجَاهِلُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَبَاعَ الْفَقِيرُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ فَعَلَيْهِمُ الثُّبُورُ

وَ قَالَ ع مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فَهُوَ خَلِيقٌ بِأَنْ لَا يَنْزِلَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         226    في أجوبته عن مسائل سأله عنها أمير المؤمنين ع أو غيره في معان مختلفة .....  ص : 225

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 223

بِهِ مَكْرُوهٌ أَبَداً قِيلَ وَمَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الْعَجَلَةُ وَاللَّجَاجَةُ وَالْعُجْبُ وَالتَّوَانِي‏

وَ قَالَ ع اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ التَّقْوَى حِصْنٌ حَصِينٌ وَالْفُجُورَ حِصْنٌ ذَلِيلٌ لَا يَمْنَعُ أَهْلَهُ وَلَا يُحْرِزُ مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ أَلَا وَبِالتَّقْوَى تُقْطَعُ حُمَةُ الْخَطَايَا وَبِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ يُنَالُ ثَوَابُ اللَّهِ وَبِالْيَقِينِ تُدْرَكُ الْغَايَةُ الْقُصْوَى عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَحْظُرْ عَلَى أَوْلِيَائِهِ مَا فِيهِ نَجَاتُهُمْ إِذْ دَلَّهُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقَنِّطْهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ لِعِصْيَانِهِمْ إِيَّاهُ إِنْ تَابُوا إِلَيْهِ‏

وَ قَالَ الصَّمْتُ حُكْمٌ وَالسُّكُوتُ سَلَامَةٌ وَالْكِتْمَانُ طَرَفٌ مِنَ السَّعَادَةِ

وَ قَالَ ع تَذِلُّ الْأُمُورُ لِلْمَقْدُورِ حَتَّى تَصِيرَ الْآفَةُ فِي التَّدْبِيرِ

وَ قَالَ ع لَا تَتِمُّ مُرُوَّةُ الرَّجُلِ حَتَّى يَتَفَقَّهَ فِي دِينِهِ وَيَقْتَصِدَ فِي مَعِيشَتِهِ وَيَصْبِرَ عَلَى النَّائِبَةِ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ وَيَسْتَعْذِبَ مَرَارَةَ إِخْوَانِهِ‏

وَ سُئِلَ ع مَا الْمُرُوَّةُ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ شَيْئاً فِي السِّرِّ تَسْتَحْيِي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ

وَ قَالَ ع الِاسْتِغْفَارُ مَعَ الْإِصْرَارِ ذُنُوبٌ مُجَدَّدَةٌ

وَ قَالَ ع سَكِّنُوا فِي أَنْفُسِكُمْ مَعْرِفَةَ مَا تَعْبُدُونَ حَتَّى يَنْفَعَكُمْ مَا تُحَرِّكُونَ مِنَ الْجَوَارِحِ بِعِبَادَةِ مَنْ تَعْرِفُونَ‏

وَ قَالَ ع الْمُسْتَأْكِلُ بِدِينِهِ حَظُّهُ مِنْ دِينِهِ مَا يَأْكُلُهُ‏

وَ قَالَ ع الْإِيمَانُ قَوْلٌ مَقْبُولٌ وَعَمَلٌ مَعْمُولٌ وَعِرْفَانٌ بِالْمَعْقُولِ‏

وَ قَالَ ع الْإِيمَانُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ وَالتَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِ اللَّهِ وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَأَرْكَانُ الْكُفْرِ أَرْبَعَةٌ الرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ وَالْغَضَبُ وَالشَّهْوَةُ

وَ قَالَ ع مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَجْزَعْ مِنْ ذُلِّهَا وَلَمْ يُنَافِسْ فِي عِزِّهَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 224

هَدَاهُ اللَّهُ بِغَيْرِ هِدَايَةٍ مِنْ مَخْلُوقٍ وَعَلَّمَهُ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ وَأَثْبَتَ الحِكْمَةَ فِي صَدْرِهِ وَأَجْرَاهَا عَلَى لِسَانِهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً عَامَلُوهُ بِخَالِصٍ مِنْ سِرِّهِ فَشَكَرَ لَهُمْ بِخَالِصٍ مِنْ شُكْرِهِ فَأُولَئِكَ تَمُرُّ صُحُفُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُرَّغاً فَإِذَا وُقِفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مَلَأَهَا لَهُمْ مِنْ سِرِّ مَا أَسَرُّوا إِلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع ذَلِّلُوا أَخْلَاقَكُمْ بِالْمَحَاسِنِ وَقَوِّدُوهَا إِلَى الْمَكَارِمِ وَعَوِّدُوا أَنْفُسَكُمُ الْحِلْمَ وَاصْبِرُوا عَلَى الْإِيثَارِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِيمَا تُجْمِدُونَ [تُحْمَدُونَ عَنْهُ وَلَا تُدَاقُّوا النَّاسَ وَزْناً بِوَزْنٍ وَعَظِّمُوا أَقْدَارَكُمْ بِالتَّغَافُلِ عَنِ الدَّنِيِّ مِنَ الْأُمُورِ وَأَمْسِكُوا رَمَقَ الضَّعِيفِ بِجَاهِكُمْ وَبِالْمَعُونَةِ لَهُ إِنْ عَجَزْتُمْ عَمَّا رَجَاهُ عِنْدَكُمْ وَلَا تَكُونُوا بَحَّاثِينَ عَمَّا غَابَ عَنْكُمْ فَيَكْثُرَ غَائِبُكُمْ [عَائِبُكُمْ وَتَحَفَّظُوا مِنَ الْكَذِبِ فَإِنَّهُ مِنْ أَدْنَى الْأَخْلَاقِ قَدْراً وَهُوَ نَوْعٌ عَنِ الْفُحْشِ وَضَرْبٌ مِنَ الدَّنَاءَةِ وَتَكَرَّمُوا بِالتَّعَامِي عَنِ الِاسْتِقْصَاءِ وَرُوِيَ بِالتَّعَامُسِ مِنَ الِاسْتِقْصَاءِ

وَ قَالَ ع كَفَى بِالْأَجَلِ حِرْزاً إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَمَعَهُ حَفَظَةٌ مِنَ اللَّهِ يَحْفَظُونَهُ أَنْ لَا يَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ وَلَا يَقَعَ عَلَيْهِ حَائِطٌ وَلَا يُصِيبَهُ سَبُعٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجَلِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 225

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

و روي عن الإمام السبط التقي أبي محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما ورحمته وبركاته في طوال هذه المعاني‏

في أجوبته عن مسائل سأله عنها أمير المؤمنين ع أو غيره في معان مختلفة

قِيلَ لَهُ ع مَا الزُّهْدُ قَالَ الرَّغْبَةُ فِي التَّقْوَى وَالزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا قِيلَ فَمَا الْحِلْمُ قَالَ كَظْمُ الْغَيْظِ وَمِلْكُ النَّفْسِ قِيلَ مَا السَّدَادُ قَالَ دَفْعُ الْمُنْكَرِ بِالْمَعْرُوفِ قِيلَ فَمَا الشَّرَفُ قَالَ اصْطِنَاعُ الْعَشِيرَةِ وَحَمْلُ الْجَرِيرَةِ قِيلَ فَمَا النَّجْدَةُ قَالَ الذَّبُّ عَنِ الْجَارِ وَالصَّبْرُ فِي الْمَوَاطِنِ وَالْإِقْدَامُ عِنْدَ الْكَرِيهَةِ قِيلَ فَمَا الْمَجْدُ قَالَ أَنْ تُعْطِيَ فِي الْغُرْمِ وَأَنْ تَعْفُوَ عَنِ الْجُرْمِ قِيلَ فَمَا الْمُرُوَّةُ قَالَ حِفْظُ الدِّينِ وَإِعْزَازُ النَّفْسِ وَلِينُ الْكَنَفِ وَتَعَهُّدُ الصَّنِيعَةِ وَأَدَاءُ الْحُقُوقِ وَالتَّحَبُّبُ إِلَى النَّاسِ قِيلَ فَمَا الْكَرَمُ قَالَ الِابْتِدَاءُ بِالْعَطِيَّةِ قَبْلَ الْمَسْأَلَةِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ فِي الْمَحْلِ قِيلَ فَمَا الدَّنِيئَةُ قَالَ النَّظَرُ فِي الْيَسِيرِ وَمَنْعُ الْحَقِيرِ قِيلَ فَمَا اللُّؤْمُ قَالَ قِلَّةُ النَّدَى وَأَنْ يُنْطَقَ بِالْخَنَا- قِيلَ فَمَا السَّمَاحُ قَالَ الْبَذْلُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ قِيلَ فَمَا الشُّحُّ قَالَ أَنْ تَرَى مَا فِي يَدَيْكَ شَرَفاً وَمَا أَنْفَقْتَهُ تَلَفاً قِيلَ فَمَا الْإِخَاءُ قَالَ الْإِخَاءُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ قِيلَ فَمَا الْجُبْنُ قَالَ الْجُرْأَةُ عَلَى الصَّدِيقِ وَالنُّكُولُ عَنِ الْعَدُوِّ قِيلَ فَمَا الْغِنَى قَالَ رِضَا النَّفْسِ بِمَا قُسِمَ لَهَا وَإِنْ قَلَّ قِيلَ فَمَا الْفَقْرُ قَالَ شَرَهُ النَّفْسِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         231    كلامه ع في الاستطاعة .....  ص : 231

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 226

إِلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قِيلَ فَمَا الْجُودُ قَالَ بَذْلُ الْمَجْهُودِ قِيلَ فَمَا الْكَرَمُ قَالَ الْحِفَاظُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ قِيلَ فَمَا الْجُرْأَةُ قَالَ مُوَاقَفَةُ الْأَقْرَانِ قِيلَ فَمَا الْمَنَعَةُ قَالَ شِدَّةُ الْبَأْسِ وَمُنَازَعَةُ أَعِزَّاءِ النَّاسِ قِيلَ فَمَا الذُّلُّ قَالَ الْفَرَقُ عِنْدَ الْمَصْدُوقَةِ قِيلَ فَمَا الْخُرْقُ قَالَ مُنَاوَأَتُكَ أَمِيرَكَ وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى ضُرِّكَ- قِيلَ فَمَا السَّنَاءُ قَالَ إِتْيَانُ الْجَمِيلِ وَتَرْكُ الْقَبِيحِ قِيلَ فَمَا الْحَزْمُ قَالَ طُولُ الْأَنَاةِ وَالرِّفْقُ بِالْوُلَاةِ وَالِاحْتِرَاسُ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ قِيلَ فَمَا الشَّرَفُ قَالَ مُوَافَقَةُ الْإِخْوَانِ وَحِفْظُ الْجِيرَانِ قِيلَ فَمَا الْحِرْمَانُ قَالَ تَرْكُكَ حَظَّكَ وَقَدْ عَرَضَ عَلَيْكَ قِيلَ فَمَا السَّفَهُ قَالَ اتِّبَاعُ الدُّنَاةِ وَمُصَاحَبَةُ الْغُوَاةِ قِيلَ فَمَا الْعِيُّ قَالَ الْعَبَثُ بِاللِّحْيَةِ وَكَثْرَةُ التَّنَحْنُحِ عِنْدَ الْمَنْطِقِ قِيلَ فَمَا الشَّجَاعَةُ قَالَ مُوَافَقَةُ [مُوَاقَفَةُ الْأَقْرَانِ وَالصَّبْرُ عِنْدَ الطِّعَانِ قِيلَ فَمَا الْكُلْفَةُ قَالَ كَلَامُكَ فِيمَا لَا يَعْنِيكَ قِيلَ وَمَا السَّفَاهُ قَالَ الْأَحْمَقُ فِي مَالِهِ الْمُتَهَاوِنُ بِعِرْضِهِ قِيلَ فَمَا اللُّؤْمُ قَالَ إِحْرَازُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ وَإِسْلَامُهُ عِرْسَهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 227

و من حكمه ع‏

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ نَصَحَ لِلَّهِ وَأَخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلًا هُدِيَ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَوَفَّقَهُ اللَّهُ لِلرَّشَادِ وَسَدَّدَهُ لِلْحُسْنَى فَإِنَّ جَارَ اللَّهِ آمِنٌ مَحْفُوظٌ وَعَدُوَّهُ خَائِفٌ مَخْذُولٌ فَاحْتَرِسُوا مِنَ اللَّهِ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ وَاخْشَوُا اللَّهَ بِالتَّقْوَى وَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِالطَّاعَةِ فَإِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ فَاسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَآمِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّهِ أَنْ يَتَعَاظَمَ فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ عَظَمَةَ اللَّهِ أَنْ يَتَوَاضَعُوا وَعِزَّ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ مَا جَلَالُ اللَّهِ أَنْ يَتَذَلَّلُوا لَهُ وَسَلَامَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ وَلَا يُنْكِرُوا أَنْفُسَهُمْ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَلَا يَضِلُّوا بَعْدَ الْهُدَى وَاعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا التُّقَى حَتَّى تَعْرِفُوا صِفَةَ الْهُدَى وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ وَلَنْ تَتْلُوا الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي حَرَّفَهُ فَإِذَا عَرَفْتُمْ ذَلِكَ عَرَفْتُمُ الْبِدَعَ وَالتَّكَلُّفَ وَرَأَيْتُمُ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ وَالتَّحْرِيفَ وَرَأَيْتُمْ كَيْفَ يَهْوِي مَنْ يَهْوِي وَلَا يُجْهِلَنَّكُمُ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ وَالْتَمِسُوا ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِهِ فَإِنَّهُمْ خَاصَّةً نُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِمْ وَأَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ بِهِمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَمَوْتُ الْجَهْلِ وَهُمُ الَّذِينَ أَخْبَرَكُمْ حِلْمُهُمْ عَنْ جَهْلِهِمْ وَحُكْمُ مَنْطِقِهِمْ عَنْ صَمْتِهِمْ وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ لَا يُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَلَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 228

يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَقَدْ خَلَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ سُنَّةٌ وَمَضَى فِيهِمْ مِنَ اللَّهِ حُكْمٌ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاعْقِلُوهُ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ وَلَا تَعْقِلُوهُ عَقْلَ رِوَايَةٍ فَإِنَّ رُوَاةَ الْكِتَابِ كَثِيرٌ وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ‏

جوابه ع عن مسائل سئل عنها في خبر طويل كتبنا منه موضع الحاجة

بَعَثَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا مُتَنَكِّراً يَسْأَلُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنْ مَسَائِلَ سَأَلَهُ عَنْهَا مَلِكُ الرُّومِ فَلَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ وَخَاطَبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنْكَرَهُ فَقَرَّرَهُ فَاعْتَرَفَ لَهُ بِالْحَالِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ مَا أَضَلَّهُ وَأَضَلَّ مَنْ مَعَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَعْتَقَ جَارِيَةً مَا أَحْسَنَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حَكَمَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَطَعُوا رَحِمِي وَصَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِي وَأَضَاعُوا أَيَّامِي عَلَيَّ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدٍ فَدُعُوا فَقَالَ ع يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ هَذَانِ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ ص وَهَذَا ابْنِي فَاسْأَلْ أَيَّهُمْ أَحْبَبْتَ فَقَالَ الشَّامِيُّ أَسْأَلُ هَذَا يَعْنِي الْحَسَنَ ع ثُمَّ قَالَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 229

كَمْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَكَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَكَمْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَعَنْ هَذَا الْمَحْوِ الَّذِي فِي الْقَمَرِ وَعَنْ قَوْسِ قُزَحَ وَعَنْ هَذِهِ الْمَجَرَّةِ وَعَنْ أَوَّلِ شَيْ‏ءٍ انْتَضَحَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَعَنْ أَوَّلِ شَيْ‏ءٍ اهْتَزَّ عَلَيْهَا وَعَنِ الْعَيْنِ الَّتِي تَأْوِي إِلَيْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَعَنِ الْمُؤَنَّثِ وَعَنْ عَشَرَةِ أَشْيَاءَ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ فَقَالَ الْحَسَنُ ع يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ مَا رَأَيْتَ بِعَيْنَيْكَ فَهُوَ الْحَقُّ وَقَدْ تَسْمَعُ بِأُذُنَيْكَ بَاطِلًا كَثِيراً وَبَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَمَدُّ الْبَصَرِ فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَكَذِّبْهُ وَبَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ يَوْمٌ مُطَّرِدٌ لِلشَّمْسِ تَنْظُرُ إِلَى الشَّمْسِ حِينَ تَطْلُعُ وَتَنْظُرُ إِلَيْهَا حِينَ تَغْرُبُ مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَكَذِّبْهُ وَأَمَّا هَذِهِ الْمَجَرَّةُ فَهِيَ أَشْرَاجُ السَّمَاءِ مَهْبِطُ الْمَاءِ الْمُنْهَمِرِ عَلَى نُوحٍ ع وَأَمَّا قَوْسُ قُزَحَ فَلَا تَقُلْ قُزَحَ فَإِنَّ قُزَحَ شَيْطَانٌ وَلَكِنَّهَا قَوْسُ اللَّهِ وَأَمَانٌ مِنَ الْغَرَقِ وَأَمَّا الْمَحْوُ الَّذِي فِي الْقَمَرِ فَإِنَّ ضَوْءَ الْقَمَرِ كَانَ مِثْلَ ضَوْءِ الشَّمْسِ فَمَحَاهُ اللَّهُ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً وَأَمَّا أَوَّلُ شَيْ‏ءٍ انْتَضَحَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَهُوَ وَادِي دَلَسٍ وَأَمَّا أَوَّلُ شَيْ‏ءٍ اهْتَزَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَهِيَ النَّخْلَةُ وَأَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي تَأْوِي إِلَيْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فَهِيَ عَيْنٌ يُقَالُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 230

لَهَا سَلْمَى وَأَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي تَأْوِي إِلَيْهَا أَرْوَاحُ الْكَافِرِينَ فَهِيَ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا بَرَهُوتُ وَأَمَّا الْمُؤَنَّثُ فَإِنْسَانٌ لَا يُدْرَى امْرَأَةٌ هُوَ أَوْ رَجُلٌ فَيُنْتَظَرُ بِهِ الْحُلُمُ فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً بَانَتْ ثَدْيَاهَا وَإِنْ كَانَ رَجُلًا خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ وَإِلَّا قِيلَ لَهُ يَبُولُ عَلَى الْحَائِطِ فَإِنْ أَصَابَ الْحَائِطَ بَوْلُهُ فَهُوَ رَجُلٌ وَإِنْ نَكَصَ كَمَا يَنْكُصُ بَوْلُ الْبَعِيرِ فَهِيَ امْرَأَةٌ وَأَمَّا عَشَرَةُ أَشْيَاءَ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ فَأَشَدُّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَ اللَّهُ الْحَجَرُ وَأَشَدُّ مِنَ الْحَجَرِ الْحَدِيدُ وَأَشَدُّ مِنَ الْحَدِيدِ النَّارُ وَأَشَدُّ مِنَ النَّارِ الْمَاءُ وَأَشَدُّ مِنَ الْمَاءِ السَّحَابُ وَأَشَدُّ مِنَ السَّحَابِ الرِّيحُ وَأَشَدُّ مِنَ الرِّيحِ الْمَلَكُ وَأَشَدُّ مِنَ الْمَلَكِ مَلَكُ الْمَوْتِ وَأَشَدُّ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ الْمَوْتُ وَأَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ أَمْرُ اللَّهِ قَالَ الشَّامِيُّ أَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَأَنَّ عَلِيّاً وَصِيُّ مُحَمَّدٍ ثُمَّ كَتَبَ هَذَا الْجَوَابَ وَمَضَى بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَأَنْفَذَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى ابْنِ الْأَصْفَرِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ وَلَا هُوَ إِلَّا مِنْ مَعْدِنِ النُّبُوَّةِ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         234    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 233

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 231

كلامه ع في الاستطاعة

كَتَبَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ الْفُلْكُ الْجَارِيَةُ فِي اللُّجَجِ الْغَامِرَةِ وَالْأَعْلَامُ النَّيِّرةُ الشَّاهِرَةُ أَوْ كَسَفِينَةِ نُوحٍ ع الَّتِي نَزَلَهَا الْمُؤْمِنُونَ وَنَجَا فِيهَا الْمُسْلِمُونَ كَتَبْتُ إِلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ عِنْدَ اخْتِلافِنَا فِي الْقَدَرِ وَحَيْرَتِنَا فِي الِاسْتِطَاعَةِ فَأَخْبِرْنَا بِالَّذِي عَلَيْهِ رَأْيُكَ وَرَأْيُ آبَائِكَ ع فَإِنَّ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عِلْمَكُمْ وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ وَاللَّهُ الشَّاهِدُ عَلَيْكُمْ- ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَأَجَابَهُ الْحَسَنُ ع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَصَلَ إِلَيَّ كِتَابُكَ وَلَوْ لَا مَا ذَكَرْتَهُ مِنْ حَيْرَتِكَ وَحَيْرَةِ مَنْ مَضَى قَبْلَكَ إِذاً مَا أَخْبَرْتُكَ أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ أَحَالَ الْمَعَاصِيَ عَلَى اللَّهِ فَقَدْ فَجَرَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُطَعْ مُكْرِهاً وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً وَلَمْ يُهْمِلِ الْعِبَادَ سُدًى مِنَ الْمَمْلَكَةِ بَلْ هُوَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَهُمْ وَالْقَادِرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَقْدَرَهُمْ بَلْ أَمَرَهُمْ تَخْيِيراً وَنَهَاهُمْ تَحْذِيراً فَإِنِ ائْتَمَرُوا بِالطَّاعَةِ لَمْ يَجِدُوا عَنْهَا صَادّاً وَإِنِ انْتَهَوْا إِلَى مَعْصِيَةٍ فَشَاءَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا فَعَلَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَيْهَا جَبْراً وَلَا أُلْزِمُوهَا كَرْهاً بَلْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَنْ بَصَّرَهُمْ وَعَرَّفَهُمْ وَحَذَّرَهُمْ وَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ لَا جَبْلًا لَهُمْ عَلَى مَا أَمَرَهُمْ بِهِ فَيَكُونُوا كَالْمَلَائِكَةِ وَلَا جَبْراً لَهُمْ عَلَى مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ وَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ- وَالسَّلامُ عَلى‏ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 232

موعظة

اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَلَيْسَ بِتَارِكِكُمْ سُدًى كَتَبَ آجَالَكُمْ وَقَسَمَ بَيْنَكُمْ مَعَايِشَكُمْ لِيَعْرِفَ كُلُّ ذِي لُبٍّ مَنْزِلَتَهُ وَأَنَّ مَا قُدِّرَ لَهُ أَصَابَهُ وَمَا صُرِفَ عَنْهُ فَلَنْ يُصِيبَهُ قَدْ كَفَاكُمْ مَئُونَةَ الدُّنْيَا وَفَرَغَكُمْ لِعِبَادَتِهِ وَحَثَّكُمْ عَلَى الشُّكْرِ وَافْتَرَضَ عَلَيْكُمُ الذِّكْرَ وَأَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى وَجَعَلَ التَّقْوَى مُنْتَهَى رِضَاهُ وَالتَّقْوَى بَابُ كُلِّ تَوْبَةٍ وَرَأْسُ كُلِّ حِكْمَةٍ وَشَرَفُ كُلِّ عَمَلٍ بِالتَّقْوَى فَازَ مَنْ فَازَ مِنَ الْمُتَّقِينَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً وَقَالَ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً مِنَ الْفِتَنِ وَيُسَدِّدْهُ فِي أَمْرِهِ وَيُهَيِّئْ لَهُ رُشْدَهُ وَيُفْلِجْهُ بِحُجَّتِهِ وَيُبَيِّضْ وَجْهَهُ وَيُعْطِهِ رَغْبَتَهُ- مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً

خطبته ع حين قال له معاوية بعد الصلح اذكر فضلنا

حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ ثُمَّ قَالَ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا الْحَسَنُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا ابْنُ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ أَنَا ابْنُ الْمُصْطَفَى بِالرِّسَالَةِ أَنَا ابْنُ مَنْ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ أَنَا ابْنُ مَنْ شُرِّفَتْ بِهِ الْأُمَّةُ أَنَا ابْنُ مَنْ كَانَ جَبْرَئِيلُ السَّفِيرَ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ أَنَا ابْنُ مَنْ بُعِثَ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ فَلَمْ يَقْدِرْ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَكْتُمَ عَدَاوَتَهُ وَحَسَدَهُ فَقَالَ يَا حَسَنُ عَلَيْكَ بِالرُّطَبِ فَانْعَتْهُ لَنَا قَالَ نَعَمْ يَا مُعَاوِيَةُ الرِّيحُ تَلْقَحُهُ وَالشَّمْسُ تَنْفُخُهُ وَالْقَمَرُ يُلَوِّنُهُ وَالْحَرُّ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 233

يُنْضِجُهُ وَاللَّيْلُ يُبَرِّدُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْطِقِهِ فَقَالَ أَنَا ابْنُ الْمُسْتَجَابِ الدَّعْوَةِ أَنَا ابْنُ مَنْ كَانَ مِنْ رَبِّهِ كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ أَنَا ابْنُ الشَّفِيعِ الْمُطَاعِ أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَمِنَى أَنَا ابْنُ مَنْ خَضَعَتْ لَهُ قُرَيْشٌ رَغْماً أَنَا ابْنُ مَنْ سَعِدَ تَابِعُهُ وَشَقِيَ خَاذِلُهُ أَنَا ابْنُ مَنْ جُعِلَتِ الْأَرْضُ لَهُ طَهُوراً وَمَسْجِداً أَنَا ابْنُ مَنْ كَانَتْ أَخْبَارُ السَّمَاءِ إِلَيْهِ تَتْرَى أَنَا ابْنُ مَنْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً فَقَالَ مُعَاوِيَةُ أَظُنُّ نَفْسَكَ يَا حَسَنُ تُنَازِعُكَ إِلَى الْخِلَافَةِ فَقَالَ وَيْلَكَ يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّمَا الْخَلِيفَةُ مَنْ سَارَ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَلَعَمْرِي إِنَّا لَأَعْلَامُ الْهُدَى وَمَنَارُ التُّقَى وَلَكِنَّكَ يَا مُعَاوِيَةُ مِمَّنْ أَبَارَ السُّنَنَ وَأَحْيَا الْبِدَعَ وَاتَّخَذَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا وَدِينَ اللَّهِ لَعِباً فَكَأَنْ قَدْ أُخْمِلَ مَا أَنْتَ فِيهِ فَعِشْتَ يَسِيراً وَبَقِيَتْ عَلَيْكَ تَبِعَاتُهُ يَا مُعَاوِيَةُ وَاللَّهِ لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ مَدِينَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْأُخْرَى بِالْمَغْرِبِ اسْمَاهُمَا جَابَلْقَا وَجَابَلْسَا مَا بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا أَحَداً غَيْرَ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَخْبِرْنَا عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ نَعَمْ عَنْ مِثْلِ هَذَا فَاسْأَلْ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ سَبْعاً وَالْأَرَضِينَ سَبْعاً وَالْجِنَّ مِنْ سَبْعٍ وَالْإِنْسَ مِنْ سَبْعٍ فَتَطْلُبُ مِنْ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ إِلَى لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ نَهَضَ ع‏

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ ع مَا تَشَاوَرَ قَوْمٌ إِلَّا هُدُوا إِلَى رُشْدِهِمْ‏

وَ قَالَ ع اللُّؤْمُ أَنْ لَا تَشْكُرَ النِّعْمَةَ

وَ قَالَ ع لِبَعْضِ وُلْدِهِ يَا بُنَيَّ لَا تُؤَاخِ أَحَداً حَتَّى تَعْرِفَ مَوَارِدَهُ وَمَصَادِرَهُ فَإِذَا اسْتَنْبَطْتَ الْخِبْرَةَ وَرَضِيتَ الْعِشْرَةَ فَآخِهِ عَلَى إِقَالَةِ الْعَثْرَةِ وَالْمُوَاسَاةِ فِي الْعُسْرَةِ

وَ قَالَ ع لَا تُجَاهِدِ الطَّلَبَ جِهَادَ الْغَالِبِ وَلَا تَتَّكِلْ عَلَى الْقَدَرِ اتِّكَالَ الْمُسْتَسْلِمِ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         237    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 233

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 234

فَإِنَّ ابْتِغَاءَ الْفَضْلِ مِنَ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَالَ فِي الطَّلَبِ مِنَ الْعِفَّةِ وَلَيْسَتِ الْعِفَّةُ بِدَافِعَةٍ رِزْقاً وَلَا الْحِرْصُ بِجَالِبٍ فَضْلًا فَإِنَّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ وَاسْتِعْمَالَ الْحِرْصِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْثَمِ‏

وَ قَالَ ع الْقَرِيبُ مَنْ قَرَّبَتْهُ الْمَوَدَّةُ وَإِنْ بَعُدَ نَسَبُهُ وَالْبَعِيدُ مَنْ بَاعَدَتْهُ الْمَوَدَّةُ وَإِنْ قَرُبَ نَسَبُهُ لَا شَيْ‏ءَ أَقْرَبُ مِنْ يَدٍ إِلَى جَسَدٍ وَإِنَّ الْيَدَ تُفَلُّ فَتُقْطَعُ وَتُحْسَمُ‏

وَ قَالَ ع مَنِ اتَّكَلَ عَلَى حُسْنِ الِاخْتِيَارِ مِنَ اللَّهِ لَهُ لَمْ يَتَمَنَّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْحَالِ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ لَهُ‏

وَ قَالَ ع الْعَارُ أَهْوَنُ مِنَ النَّارِ

وَ قَالَ ع الْخَيْرُ الَّذِي لَا شَرَّ فِيهِ الشُّكْرُ مَعَ النِّعْمَةِ وَالصَّبْرُ عَلَى النَّازِلَةِ

وَ قَالَ ع لِرَجُلٍ أَبَلَّ مِنْ عِلَّةٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَكَ فَاذْكُرْهُ وَأَقَالَكَ فَاشْكُرْهُ‏

وَ قَالَ ع عِنْدَ صُلْحِهِ لِمُعَاوِيَةَ إِنَّا وَاللَّهِ مَا ثَنَانَا عَنْ أَهْلِ الشَّامِ شَكٌّ وَلَا نَدَمٌ وَإِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ أَهْلَ الشَّامِ بِالسَّلَامَةِ وَالصَّبْرِ فَسُلِبَتِ السَّلَامَةُ بِالْعَدَاوَةِ وَالصَّبْرُ بِالْجَزَعِ وَكُنْتُمْ فِي مُنْتَدَبِكُمْ إِلَى صِفِّينَ وَدِينُكُمْ أَمَامَ دُنْيَاكُمْ وَقَدْ أَصْبَحْتُمُ الْيَوْمَ وَدُنْيَاكُمْ أَمَامَ دِينِكُمْ‏

وَ قَالَ ع مَا أَعْرِفُ أَحَداً إِلَّا وَهُوَ أَحْمَقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ‏

وَ قِيلَ لَهُ فِيكَ عَظَمَةٌ فَقَالَ ع بَلْ فِيَّ عِزَّةٌ قَالَ اللَّهُ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ‏

وَ قَالَ ع فِي وَصْفِ أَخٍ كَانَ لَهُ صَالِحٍ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ فِي عَيْنِي وَكَانَ رَأْسُ مَا عَظُمَ بِهِ فِي عَيْنِي صِغَرَ الدُّنْيَا فِي‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 235

عَيْنِهِ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ الْجَهَالَةِ فَلَا يَمُدُّ يَداً إِلَّا عَلَى ثِقَةٍ لِمَنْفَعَةٍ كَانَ لَا يَشْتَكِي وَلَا يَتَسَخَّطُ وَلَا يَتَبَرَّمُ كَانَ أَكْثَرَ دَهْرِهِ صَامِتاً فَإِذَا قَالَ بَذَّ الْقَائِلِينَ كَانَ ضَعِيفاً مُسْتَضْعَفاً فَإِذَا جَاءَ الْجِدُّ فَهُوَ اللَّيْثُ عَادِياً كَانَ إِذَا جَامَعَ الْعُلَمَاءَ عَلَى أَنْ يَسْتَمِعَ أَحْرَصَ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ كَانَ إِذَا غُلِبَ عَلَى الْكَلَامِ لَمْ يُغْلَبْ عَلَى السُّكُوتِ كَانَ لَا يَقُولُ مَا لَا يَفْعَلُ وَيَفْعَلُ مَا لَا يَقُولُ كَانَ إِذَا عَرَضَ لَهُ أَمْرَانِ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى رَبِّهِ نَظَرَ أَقْرَبَهُمَا مِنْ هَوَاهُ فَخَالَفَهُ كَانَ لَا يَلُومُ أَحَداً عَلَى مَا قَدْ يَقَعُ الْعُذْرُ فِي مِثْلِهِ‏

وَ قَالَ ع مَنْ أَدَامَ الِاخْتِلَافَ إِلَى الْمَسْجِدِ أَصَابَ إِحْدَى ثَمَانٍ آيَةً مُحْكَمَةً وَأَخاً مُسْتَفَاداً وَعِلْماً مُسْتَطْرَفاً وَرَحْمَةً مُنْتَظَرَةً وَكَلِمَةً تَدُلُّهُ عَلَى الْهُدَى أَوْ تَرُدُّهُ عَنْ رَدًى وَتَرْكَ الذُّنُوبِ حَيَاءً أَوْ خَشْيَةً

وَ رُزِقَ غُلَاماً فَأَتَتْهُ قُرَيْشٌ تُهَنِّيهِ فَقَالُوا يُهَنِّيكَ الْفَارِسُ فَقَالَ ع أَيُّ شَيْ‏ءٍ هَذَا الْقَوْلُ وَلَعَلَّهُ يَكُونُ رَاجِلًا فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ كَيْفَ نَقُولُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ ع إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِكُمْ غُلَامٌ فَأَتَيْتُمُوهُ فَقُولُوا لَهُ شَكَرْتَ الْوَاهِبَ وَبُورِكَ لَكَ فِي الْمَوْهُوبِ بَلَغَ اللَّهُ بِهِ أَشُدَّهُ وَرَزَقَكَ بِرَّهُ‏

وَ سُئِلَ عَنِ الْمُرُوَّةِ فَقَالَ ع شُحُّ الرَّجُلِ عَلَى دِينِهِ وَإِصْلَاحُهُ مَالَهُ وَقِيَامُهُ بِالْحُقُوقِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ أَبْصَرَ الْأَبْصَارِ مَا نَفَذَ فِي الْخَيْرِ مَذْهَبُهُ وَأَسْمَعَ الْأَسْمَاعِ مَا وَعَى التَّذْكِيرَ وَانْتَفَعَ بِهِ أَسْلَمُ الْقُلُوبِ مَا طَهُرَ مِنَ الشُّبُهَاتِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 236

وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُخِيلَهُ قَالَ ع إِيَّاكَ أَنْ تَمْدَحَنِي فَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْكَ أَوْ تَكْذِبَنِي فَإِنَّهُ لَا رَأْيَ لِمَكْذُوبٍ أَوْ تَغْتَابَ عِنْدِي أَحَداً فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ ائْذَنْ لِي فِي الِانْصِرَافِ فَقَالَ ع نَعَمْ إِذَا شِئْتَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ مَنْ طَلَبَ الْعِبَادَةَ تَزَكَّى لَهَا إِذَا أَضَرَّتِ النَّوَافِلُ بِالْفَرِيضَةِ فَارْفُضُوهَا الْيَقِينُ مَعَاذٌ لِلسَّلَامَةِ مَنْ تَذَكَّرَ بُعْدَ السَّفَرِ اعْتَدَّ وَلَا يَغُشُّ الْعَاقِلُ مَنِ اسْتَنْصَحَهُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمَوْعِظَةِ حِجَابُ الْعِزَّةِ قَطَعَ الْعِلْمُ عُذْرَ الْمُتَعَلِّمِينَ كُلُّ مُعَاجَلٍ يَسْأَلُ النَّظِرَةَ وَكُلُّ مُؤَجَّلٍ يَتَعَلَّلُ بِالتَّسْوِيفِ‏

وَ قَالَ ع اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَجِدُّوا فِي الطَّلَبِ وَتُجَاهَ الْهَرَبِ وَبَادِرُوا الْعَمَلَ قَبْلَ مُقَطَّعَاتِ النَّقِمَاتِ وَهَاذِمِ اللَّذَّاتِ فَإِنَّ الدُّنْيَا لَا يَدُومُ نَعِيمُهَا وَلَا تُؤْمَنُ فَجِيعُهَا وَلَا تُتَوَقَّى مَسَاوِئُهَا غُرُورٌ حَائِلٌ وَسِنَادٌ مَائِلٌ فَاتَّعِظُوا عِبَادَ اللَّهِ بِالْعِبَرِ وَاعْتَبِرُوا بِالْأَثَرِ وَازْدَجِرُوا بِالنَّعِيمِ وَانْتَفِعُوا بِالْمَوَاعِظِ فَكَفَى بِاللَّهِ مُعْتَصِماً وَنَصِيراً وَكَفَى بِالْكِتَابِ حَجِيجاً وَخَصِيماً وَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَكَفَى بِالنَّارِ عِقَاباً وَوَبَالًا

وَ قَالَ ع إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُقَبِّلْ مَوْضِعَ النُّورِ مِنْ جَبْهَتِهِ‏

وَ مَرَّ ع فِي يَوْمِ فِطْرٍ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ وَيَضْحَكُونَ فَوَقَفَ عَلَى رُءُوسِهِمْ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ شَهْرَ رَمَضَانَ مِضْمَاراً لِخَلْقِهِ فَيَسْتَبِقُونَ فِيهِ بِطَاعَتِهِ إِلَى مَرْضَاتِهِ فَسَبَقَ قَوْمٌ فَفَازُوا وَقَصَّرَ آخَرُونَ فَخَابُوا فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ ضَاحِكٍ لَاعِبٍ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُثَابُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ وَيَخْسَرُ فِيهِ الْمُبْطِلُونَ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ لَعَلِمُوا أَنَّ الْمُحْسِنَ مَشْغُولٌ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِي‏ءَ مَشْغُولٌ بِإِسَاءَتِهِ ثُمَّ مَضَى‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         241    كتابه ع إلى أهل الكوفة لما سار ورأى خذلانهم إياه .....  ص : 240

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 237

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

و روي عن الإمام التقي السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي ع في طوال هذه المعاني‏

من كلامه ع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويروى عن أمير المؤمنين‏

اعْتَبِرُوا أَيُّهَا النَّاسُ بِمَا وَعَظَ اللَّهُ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ سُوءِ ثَنَائِهِ عَلَى الْأَحْبَارِ إِذْ يَقُولُ لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَقَالَ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِلَى قَوْلِهِ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ وَإِنَّمَا عَابَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ مِنَ الظَّلَمَةِ الَّذِينَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمُ الْمُنْكَرَ وَالْفَسَادَ فَلَا يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ ذَلِكَ رَغْبَةً فِيمَا كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُمْ وَرَهْبَةً مِمَّا يَحْذَرُونَ وَاللَّهُ يَقُولُ- فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَبَدَأَ اللَّهُ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرِيضَةً مِنْهُ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا إِذَا أُدِّيَتْ وَأُقِيمَتِ اسْتَقَامَتِ الْفَرَائِضُ كُلُّهَا هَيِّنُهَا وَصَعْبُهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ دُعَاءٌ إِلَى الْإِسْلَامِ مَعَ رَدِّ الْمَظَالِمِ وَمُخَالَفَةِ الظَّالِمِ وَقِسْمَةِ الْفَيْ‏ءِ وَالْغَنَائِمِ وَأَخْذِ الصَّدَقَاتِ مِنْ مَوَاضِعِهَا وَوَضْعِهَا فِي حَقِّهَا ثُمَّ أَنْتُمْ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ عِصَابَةٌ بِالْعِلْمِ مَشْهُورَةٌ وَبِالْخَيْرِ مَذْكُورَةٌ وَبِالنَّصِيحَةِ مَعْرُوفَةٌ وَبِاللَّهِ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ مَهَابَةٌ يَهَابُكُمُ الشَّرِيفُ وَيُكْرِمُكُمُ الضَّعِيفُ وَيُؤْثِرُكُمْ مَنْ لَا فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَدَ لَكُمْ عِنْدَهُ تَشْفَعُونَ فِي الْحَوَائِجِ إِذَا امْتَنَعَتْ مِنْ طُلَّابِهَا وَتَمْشُونَ فِي الطَّرِيقِ بِهَيْبَةِ الْمُلُوكِ وَكَرَامَةِ الْأَكَابِرِ أَ لَيْسَ كُلُّ ذَلِكَ إِنَّمَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 238

نِلْتُمُوهُ بِمَا يُرْجَى عِنْدَكُمْ مِنَ الْقِيَامِ بِحَقِّ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُمْ عَنْ أَكْثَرِ حَقِّهِ تَقْصُرُونَ فَاسْتَخْفَفْتُمْ بِحَقِّ الْأَئِمَّةِ فَأَمَّا حَقَّ الضُّعَفَاءِ فَضَيَّعْتُمْ وَأَمَّا حَقَّكُمْ بِزَعْمِكُمْ فَطَلَبْتُمْ فَلَا مَالًا بَذَلْتُمُوهُ وَلَا نَفْساً خَاطَرْتُمْ بِهَا لِلَّذِي خَلَقَهَا وَلَا عَشِيرَةً عَادَيْتُمُوهَا فِي ذَاتِ اللَّهِ أَنْتُمْ تَتَمَنَّوْنَ عَلَى اللَّهِ جَنَّتَهُ وَمُجَاوَرَةَ رُسُلِهِ وَأَمَاناً مِنْ عَذَابِهِ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُتَمَنُّونَ عَلَى اللَّهِ أَنْ تَحُلَّ بِكُمْ نَقِمَةٌ مِنْ نَقِمَاتِهِ لِأَنَّكُمْ بَلَغْتُمْ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ مَنْزِلَةً فُضِّلْتُمْ بِهَا وَمَنْ يُعْرَفُ بِاللَّهِ لَا تُكْرِمُونَ وَأَنْتُمْ بِاللَّهِ فِي عِبَادِهِ تُكْرَمُونَ وَقَدْ تَرَوْنَ عُهُودَ اللَّهِ مَنْقُوضَةً فَلَا تَفْزَعُونَ وَأَنْتُمْ لِبَعْضِ ذِمَمِ آبَائِكُمْ تَفْزَعُونَ وَذِمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ص مَحْقُورَةٌ وَالْعُمْيُ وَالْبُكْمُ وَالزَّمْنَى فِي الْمَدَائِنِ مُهْمَلَةٌ لَا تُرْحَمُونَ وَلَا فِي مَنْزِلَتِكُمْ تَعْمَلُونَ وَلَا مَنْ عَمِلَ فِيهَا تُعِينُونَ وَبِالْإِدْهَانِ وَالْمُصَانَعَةِ عِنْدَ الظَّلَمَةِ تَأْمَنُونَ كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّهْيِ وَالتَّنَاهِي وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ وَأَنْتُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ مُصِيبَةً لِمَا غُلِبْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ مَنَازِلِ الْعُلَمَاءِ لَوْ كُنْتُمْ تَشْعُرُونَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَجَارِيَ الْأُمُورِ وَالْأَحْكَامِ عَلَى أَيْدِي الْعُلَمَاءِ بِاللَّهِ الْأُمَنَاءِ عَلَى حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ فَأَنْتُمُ الْمَسْلُوبُونَ تِلْكَ الْمَنْزِلَةَ وَمَا سُلِبْتُمْ ذَلِكَ إِلَّا بِتَفَرُّقِكُمْ عَنِ الْحَقِّ وَاخْتِلَافِكُمْ فِي السُّنَّةِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ الْوَاضِحَةِ وَلَوْ صَبَرْتُمْ عَلَى الْأَذَى وَتَحَمَّلْتُمُ الْمَئُونَةَ فِي ذَاتِ اللَّهِ كَانَتْ أُمُورُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ تَرِدُ وَعَنْكُمْ تَصْدُرُ وَإِلَيْكُمْ تَرْجِعُ وَلَكِنَّكُمْ مَكَّنْتُمُ الظَّلَمَةَ مِنْ مَنْزِلَتِكُمْ وَاسْتَسْلَمْتُمْ أُمُورَ اللَّهِ فِي أَيْدِيهِمْ يَعْمَلُونَ بِالشُّبُهَاتِ وَيَسِيرُونَ فِي الشَّهَوَاتِ سَلَّطَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِرَارُكُمْ مِنَ الْمَوْتِ وَإِعْجَابُكُمْ بِالْحَيَاةِ الَّتِي هِيَ مُفَارِقَتُكُمْ فَأَسْلَمْتُمُ الضُّعَفَاءَ فِي أَيْدِيهِمْ فَمِنْ بَيْنِ مُسْتَعْبَدٍ مَقْهُورٍ وَبَيْنِ مُسْتَضْعَفٍ عَلَى مَعِيشَتِهِ مَغْلُوبٍ يَتَقَلَّبُونَ فِي الْمُلْكِ بِآرَائِهِمْ وَيَسْتَشْعِرُونَ الْخِزْيَ بِأَهْوَائِهِمْ اقْتِدَاءً بِالْأَشْرَارِ وَجُرْأَةً عَلَى الْجَبَّارِ فِي كُلِّ بَلَدٍ مِنْهُمْ عَلَى مِنْبَرِهِ خَطِيبٌ يَصْقَعُ فَالْأَرْضُ لَهُمْ شَاغِرَةٌ وَأَيْدِيهِمْ فِيهَا مَبْسُوطَةٌ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 239

وَ النَّاسُ لَهُمْ خَوَلٌ لَا يَدْفَعُونَ يَدَ لَامِسٍ فَمِنْ بَيْنِ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَذِي سَطْوَةٍ عَلَى الضَّعَفَةِ شَدِيدٍ مُطَاعٍ لَا يَعْرِفُ الْمُبْدِئَ الْمُعِيدَ فَيَا عَجَباً وَمَا لِيَ لَا أَعْجَبُ وَالْأَرْضُ مِنْ غَاشٍّ غَشُومٍ وَمُتَصَدِّقٍ ظَلُومٍ وَعَامِلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ غَيْرِ رَحِيمٍ فَاللَّهُ الْحَاكِمُ فِيمَا فِيهِ تَنَازَعْنَا وَالْقَاضِي بِحُكْمِهِ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَنَا اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَا كَانَ مِنَّا تَنَافُساً فِي سُلْطَانٍ وَلَا الْتِمَاساً مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ وَلَكِنْ لِنُرِيَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ وَنُظْهِرَ الْإِصْلَاحَ فِي بِلَادِكَ وَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ وَيُعْمَلَ بِفَرَائِضِكَ وَسُنَنِكَ وَأَحْكَامِكَ فَإِنْ لَمْ تَنْصُرُونَا وَتُنْصِفُونَا قَوِيَ الظَّلَمَةُ عَلَيْكُمْ وَعَمِلُوا فِي إِطْفَاءِ نُورِ نَبِيِّكُمْ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْهِ أَنَبْنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ

موعظة

أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأُحَذِّرُكُمْ أَيَّامَهُ وَأَرْفَعُ لَكُمْ أَعْلَامَهُ فَكَأَنَّ الْمَخُوفَ قَدْ أَفِدَ بِمَهُولِ وُرُودِهِ وَنَكِيرِ حُلُولِهِ وَبَشِعِ مَذَاقِهِ فَاعْتَلَقَ مُهَجَكُمْ وَحَالَ بَيْنَ الْعَمَلِ وَبَيْنَكُمْ فَبَادِرُوا بِصِحَّةِ الْأَجْسَامِ فِي مُدَّةِ الْأَعْمَارِ كَأَنَّكُمْ بِبَغَتَاتِ طَوَارِقِهِ فَتَنْقُلُكُمْ مِنْ ظَهْرِ الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا وَمِنْ عُلْوِهَا إِلَى سُفْلِهَا وَمِنْ أُنْسِهَا إِلَى وَحْشَتِهَا وَمِنْ رَوْحِهَا وَضَوْئِهَا إِلَى ظُلْمَتِهَا وَمِنْ سَعَتِهَا إِلَى ضِيقِهَا حَيْثُ لَا يُزَارُ حَمِيمٌ وَلَا يُعَادُ سَقِيمٌ وَلَا يُجَابُ صَرِيخٌ أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ عَلَى أَهْوَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَنَجَّانَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِقَابِهِ وَأَوْجَبَ لَنَا وَلَكُمُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 240

الْجَزِيلَ مِنْ ثَوَابِهِ عِبَادَ اللَّهِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَصْرَ مَرْمَاكُمْ وَمَدَى مَظْعَنِكُمْ كَانَ حَسْبُ الْعَامِلِ شُغُلًا يَسْتَفْرِغُ عَلَيْهِ أَحْزَانَهُ وَيَذْهَلُهُ عَنْ دُنْيَاهُ وَيُكْثِرُ نَصَبَهُ لِطَلَبِ الْخَلَاصِ مِنْهُ فَكَيْفَ وَهُوَ بَعْدَ ذَلِكَ مُرْتَهَنٌ بِاكْتِسَابِهِ مُسْتَوْقَفٌ عَلَى حِسَابِهِ لَا وَزِيرَ لَهُ يَمْنَعُهُ وَلَا ظَهِيرَ عَنْهُ يَدْفَعُهُ وَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنِ اتَّقَاهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَمَّا يَكْرَهُ إِلَى مَا يُحِبُّ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَخَافُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَيَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يُخْدَعُ عَنْ جَنَّتِهِ وَلَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ‏

كتابه ع إلى أهل الكوفة لما سار ورأى خذلانهم إياه‏

أَمَّا بَعُدَ فَتَبّاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَتَرَحاً حِينَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَلِهِينَ فَأَصْرَخْنَاكُمْ مُوجِفِينَ سَلَلْتُمْ عَلَيْنَا سَيْفاً كَانَ فِي أَيْمَانِنَا وَحَشَشْتُمْ عَلَيْنَا نَاراً اقْتَدَحْنَاهَا عَلَى عَدُوِّنَا وَعَدُوِّكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ إِلْباً لَفّاً عَلَى أَوْلِيَائِكُمْ وَيَداً لِأَعْدَائِكُمْ بِغَيْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِيكُمْ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         245    توحيد .....  ص : 244

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 241

وَ لَا لِأَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِيهِمْ وَعَنْ غَيْرِ حَدَثٍ كَانَ مِنَّا وَلَا رَأْيٍ تَفَيَّلَ عَنَّا فَهَلَّا لَكُمُ الْوَيْلَاتُ تَرَكْتُمُونَا وَالسَّيْفُ مَشِيمٌ وَالْجَأْشُ طَامِنٌ وَالرَّأْيُ لَمْ يُسْتَحْصَفْ وَلَكِنِ اسْتَسْرَعْتُمْ إِلَيْهَا كَتَطَايُرِ الدَّبَى وَتَدَاعَيْتُمْ عَنْهَا كَتَدَاعِي الْفَرَاشِ فَسُحْقاً وَبُعْداً لِطَوَاغِيتِ الْأُمَّةِ وَشُذَّاذِ الْأَحْزَابِ وَنَبَذَةِ الْكِتَابِ وَنَفَثَةِ الشَّيْطَانِ وَمُحَرِّفِي الْكَلَامِ وَمُطْفِئِي السُّنَنِ وَمُلْحِقِي الْعَهْرَةِ بِالنَّسَبِ الْمُسْتَهْزِءِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَخَذْلٌ فِيكُمْ مَعْرُوفٌ قَدْ وَشَجَتْ عَلَيْهِ عُرُوقُكُمْ وَتَوَارَتْ عَلَيْهِ أُصُولُكُمْ فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ ثَمَرَةٍ شَجَا لِلنَّاطِرِ وَأُكْلَةً لِلْغَاصِبِ أَلَا فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى النَّاكِثِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلُوا اللَّهَ عَلَيْهِمْ كَفِيلًا أَلَا وَإِنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ قَدْ رَكَزَ مِنَّا بَيْنَ اثْنَتَيْنِ بَيْنَ الْمِلَّةِ [السَّلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَهَيْهَاتَ مِنَّا الدَّنِيئَةُ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَحُجُورٌ طَابَتْ وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ وَأَنْ نُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِّئَامِ عَلَى مَصَارِعِ الْكِرَامِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 242

وَ إِنِّي زَاحِفٌ إِلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْأُسْرَةِ عَلَى كَلَبِ الْعَدُوِّ وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَخِذْلَةِ النَّاصِرِ أَلَا وَمَا يَلْبَثُونَ إِلَّا كَرَيْثِمَا يُرْكَبُ الْفَرَسُ حَتَّى تَدُورَ رَحَى الْحَرْبِ وَتُعْلَقَ النُّحُورُ عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ أَبِي ع- فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ- إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏

جوابه ع عن مسائل سأله عنها ملك الروم حين وفد إليه ويزيد بن معاوية

في خبر طويل اختصرنا منه موضع الحاجة

سَأَلَهُ عَنِ الْمَجَرَّةِ وَعَنْ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ خَلَقَهَا اللَّهُ لَمْ تُخْلَقْ فِي رَحِمٍ فَضَحِكَ الْحُسَيْنُ ع فَقَالَ لَهُ مَا أَضْحَكَكَ قَالَ ع لِأَنَّكَ سَأَلْتَنِي عَنْ أَشْيَاءَ مَا هِيَ مِنْ مُنْتَهَى الْعِلْمِ إِلَّا كَالْقَذَى فِي عَرْضِ الْبَحْرِ أَمَّا الْمَجَرَّةُ فَهِيَ قَوْسُ اللَّهِ وَسَبْعَةُ أَشْيَاءَ لَمْ تُخْلَقْ فِي رَحِمٍ فَأَوَّلُهَا آدَمُ ثُمَّ حَوَّاءُ وَالْغُرَابُ وَكَبْشُ إِبْرَاهِيمَ ع وَنَاقَةُ اللَّهِ وَعَصَا مُوسَى ع وَالطَّيْرُ الَّذِي خَلَقَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْزَاقِ الْعِبَادِ فَقَالَ ع أَرْزَاقُ الْعِبَادِ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ يُنْزِلُهَا اللَّهُ بِقَدَرٍ وَيَبْسُطُهَا بِقَدَرٍ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْنَ تَجْتَمِعُ قَالَ تَجْتَمِعُ تَحْتَ صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ عَرْشُ اللَّهِ الْأَدْنَى مِنْهَا بَسَطَ الْأَرْضَ وَإِلَيْهَا يَطْوِيهَا وَمِنْهَا اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ* وَأَمَّا أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ فَتَجْتَمِعُ فِي دَارِ الدُّنْيَا فِي حَضْرَمَوْتَ وَرَاءَ مَدِينَةِ الْيَمَنِ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ نَاراً مِنَ الْمَشْرِقِ وَنَاراً مِنَ الْمَغْرِبِ بَيْنَهُمَا رِيحَانِ فَيَحْشُرَانِ النَّاسَ إِلَى تِلْكَ الصَّخْرَةِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 243

فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَتُحْبَسُ فِي يَمِينِ الصَّخْرَةِ وَتُزْلَفُ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَجَهَنَّمُ فِي يَسَارِ الصَّخْرَةِ فِي تُخُومِ الْأَرَضِينَ وَفِيهَا الْفَلَقُ وَالسِّجِّينُ فَتَفَرَّقُ الْخَلَائِقُ مِنْ عِنْدِ الصَّخْرَةِ فَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ دَخَلَهَا مِنْ عِنْدِ الصَّخْرَةِ وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ دَخَلَهَا مِنْ عِنْدِ الصَّخْرَةِ

وجوه الجهاد

سُئِلَ عَنِ الْجِهَادِ سُنَّةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ فَقَالَ ع الْجِهَادُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَجِهَادَانِ فَرْضٌ وَجِهَادٌ سُنَّةٌ لَا يُقَامُ إِلَّا مَعَ فَرْضٍ وَجِهَادٌ سُنَّةٌ فَأَمَّا أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ فَجِهَادُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ وَمُجَاهَدَةُ الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ فَرْضٌ وَأَمَّا الْجِهَادُ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ لَا يُقَامُ إِلَّا مَعَ فَرْضٍ فَإِنَّ مُجَاهَدَةَ الْعَدُوِّ فَرْضٌ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ لَوْ تَرَكُوا الْجِهَادَ لَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ وَهَذَا هُوَ مِنْ عَذَابِ الْأُمَّةِ وَهُوَ سُنَّةٌ عَلَى الْإِمَامِ وَحَدُّهُ أَنْ يَأْتِيَ الْعَدُوَّ مَعَ الْأُمَّةِ فَيُجَاهِدَهُمْ وَأَمَّا الْجِهَادُ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ فَكُلُّ سُنَّةٍ أَقَامَهَا الرَّجُلُ وَجَاهَدَ فِي إِقَامَتِهَا وَبُلُوغِهَا وَإِحْيَائِهَا فَالْعَمَلُ وَالسَّعْيُ فِيهَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ لِأَنَّهَا إِحْيَاءُ سُنَّةٍ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 244

توحيد

أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا هَؤُلَاءِ الْمَارِقَةَ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ اللَّهَ بِأَنْفُسِهِمْ- يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بَلْ هُوَ اللَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ- لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ اسْتَخْلَصَ الْوَحْدَانِيَّةَ وَالْجَبَرُوتَ وَأَمْضَى الْمَشِيئَةَ وَالْإِرَادَةَ وَالْقُدْرَةَ وَالْعِلْمَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَلَا كُفْوَ لَهُ يُعَادِلُهُ وَلَا ضِدَّ لَهُ يُنَازِعُهُ وَلَا سَمِيَّ لَهُ يُشَابِهُهُ وَلَا مِثْلَ لَهُ يُشَاكِلُهُ لَا تَتَدَاوَلُهُ الْأُمُورُ وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْوَالُ وَلَا تَنْزِلُ عَلَيْهِ الْأَحْدَاثُ وَلَا يَقْدِرُ الْوَاصِفُونَ كُنْهَ عَظَمَتِهِ وَلَا يَخْطُرُ عَلَى الْقُلُوبِ مَبْلَغُ جَبَرُوتِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْأَشْيَاءِ عَدِيلٌ وَلَا تُدْرِكُهُ الْعُلَمَاءُ بِأَلْبَابِهَا وَلَا أَهْلُ التَّفْكِيرِ بِتَفْكِيرِهِمْ إِلَّا بِالتَّحْقِيقِ إِيقَاناً بِالْغَيْبِ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَهُوَ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ مَا تُصُوِّرَ فِي الْأَوْهَامِ فَهُوَ خِلَافُهُ لَيْسَ بِرَبٍّ مَنْ طُرِحَ تَحْتَ الْبَلَاغِ وَمَعْبُودٍ مَنْ وُجِدَ فِي هَوَاءٍ أَوْ غَيْرِ هَوَاءٍ هُوَ فِي الْأَشْيَاءِ كَائِنٌ لَا كَيْنُونَةَ مَحْظُورٍ بِهَا عَلَيْهِ وَمِنَ الْأَشْيَاءِ بَائِنٌ لَا بَيْنُونَةَ غَائِبٍ عَنْهَا لَيْسَ بِقَادِرٍ مَنْ قَارَنَهُ ضِدٌّ أَوْ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         248    وعنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 245

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 245

سَاوَاهُ نِدٌّ لَيْسَ عَنِ الدَّهْرِ قِدَمُهُ وَلَا بِالنَّاحِيَةِ أَمَمُهُ احْتَجَبَ عَنِ الْعُقُولِ كَمَا احْتَجَبَ عَنِ الْأَبْصَارِ وَعَمَّنْ فِي السَّمَاءِ احْتِجَابَهُ كَمَنْ [عَمَّنْ فِي الْأَرْضِ قُرْبُهُ كَرَامَتُهُ وَبُعْدُهُ إِهَانَتُهُ لَا تَحُلُّهُ فِي وَلَا تُوَقِّتُهُ إِذْ وَلَا تُؤَامِرُهُ إِنْ عُلُوُّهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّلٍ وَمَجِيئُهُ مِنْ غَيْرِ تَنَقُّلٍ يُوجِدُ الْمَفْقُودَ وَيُفْقِدُ الْمَوْجُودَ وَلَا تَجْتَمِعُ لِغَيْرِهِ الصِّفَتَانِ فِي وَقْتٍ يُصِيبُ الْفِكْرُ مِنْهُ الْإِيمَانَ بِهِ مَوْجُوداً وَوُجُودَ الْإِيمَانِ لَا وُجُودَ صِفَةٍ بِهِ تُوصَفُ الصِّفَاتُ لَا بِهَا يُوصَفُ وَبِهِ تُعْرَفُ الْمَعَارِفُ لَا بِهَا يُعْرَفُ فَذَلِكَ اللَّهُ لَا سَمِيَّ لَهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

و عنه ع في قصار هذه المعاني‏

وَ قَالَ ع فِي مَسِيرِهِ إِلَى كَرْبَلَاءَ إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ وَخَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ لِيَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَّهِ مُحِقّاً فَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً وَلَا الْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَماً إِنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيَا وَالدِّينُ لَعْقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ‏

وَ قَالَ ع لِرَجُلٍ اغْتَابَ عِنْدَهُ رَجُلًا يَا هَذَا كُفَّ عَنِ الْغِيبَةِ فَإِنَّهَا إِدَامُ كِلَابِ النَّارِ

وَ قَالَ عِنْدَهُ رَجُلٌ إِنَّ الْمَعْرُوفَ إِذَا أُسْدِيَ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ ضَاعَ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 246

لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ تَكُونُ الصَّنِيعَةُ مِثْلَ وَابِلِ الْمَطَرِ تُصِيبُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ

وَ قَالَ ع مَا أَخَذَ اللَّهُ طَاقَةَ أَحَدٍ إِلَّا وَضَعَ عَنْهُ طَاعَتَهُ وَلَا أَخَذَ قُدْرَتَهُ إِلَّا وَضَعَ عَنْهُ كُلْفَتَهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ وَهِيَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ

وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ ابْتِدَاءً كَيْفَ أَنْتَ عَافَاكَ اللَّهُ فَقَالَ ع لَهُ السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ عَافَاكَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ ع لَا تَأْذَنُوا لِأَحَدٍ حَتَّى يُسَلِّمَ‏

وَ قَالَ ع الِاسْتِدْرَاجُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِعَبْدِهِ أَنْ يُسْبِغَ عَلَيْهِ النِّعَمَ وَيَسْلُبَهُ الشُّكْرَ

وَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ حِينَ سَيَّرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى الْيَمَنِ أَمَّا بَعْدُ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَيَّرَكَ إِلَى الطَّائِفِ فَرَفَعَ اللَّهُ لَكَ بِذَلِكَ ذِكْراً وَحَطَّ بِهِ عَنْكَ وِزْراً وَإِنَّمَا يُبْتَلَى الصَّالِحُونَ وَلَوْ لَمْ تُؤْجَرْ إِلَّا فِيمَا تُحِبُّ لَقَلَّ الْأَجْرُ عَزَمَ اللَّهُ لَنَا وَلَكَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلْوَى وَالشُّكْرِ عِنْدَ النُّعْمَى وَلَا أَشْمَتَ بِنَا وَلَا بِكَ عَدُوّاً حَاسِداً أَبَداً وَالسَّلَامُ‏

وَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ فَقَالَ ع إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا فِي غُرْمٍ فَادِحٍ أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ حَمَالَةٍ مُفْظِعَةٍ فَقَالَ الرَّجُلُ مَا جِئْتُ إِلَّا فِي إِحْدَاهُنَّ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ

وَ قَالَ لِابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع أَيْ بُنَيَّ إِيَّاكَ وَظُلْمَ مَنْ لَا يَجِدُ عَلَيْكَ نَاصِراً إِلَّا اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ

وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ- وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ قَالَ ع أَمَرَهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 247

أَنْ يُحَدِّثَ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ فِي دِينِهِ‏

وَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَهُ حَاجَةً فَقَالَ ع يَا أَخَا الْأَنْصَارِ صُنْ وَجْهَكَ عَنْ بِذْلَةِ الْمَسْأَلَةِ وَارْفَعْ حَاجَتَكَ فِي رُقْعَةٍ فَإِنِّي آتٍ فِيهَا مَا سَارَّكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَتَبَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَقَدْ أَلَحَّ بِي فَكَلِّمْهُ يُنْظِرْنِي إِلَى مَيْسَرَةٍ فَلَمَّا قَرَأَ الْحُسَيْنُ ع الرُّقْعَةَ دَخَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَخْرَجَ صُرَّةً فِيهَا أَلْفُ دِينَارٍ وَقَالَ ع لَهُ أَمَّا خَمْسُمِائَةٍ فَاقْضِ بِهَا دَيْنَكَ وَأَمَّا خَمْسُمِائَةٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا عَلَى دَهْرِكَ وَلَا تَرْفَعْ حَاجَتَكَ إِلَّا إِلَى أَحَدِ ثَلَاثَةٍ إِلَى ذِي دِينٍ أَوْ مُرُوَّةٍ أَوْ حَسَبٍ فَأَمَّا ذُو الدِّينِ فَيَصُونُ دِينَهُ وَأَمَّا ذُو الْمُرُوَّةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْيِي لِمُرُوَّتِهِ وَأَمَّا ذُو الْحَسَبِ فَيَعْلَمُ أَنَّكَ لَمْ تُكْرِمْ وَجْهَكَ أَنْ تَبْذُلَهُ لَهُ فِي حَاجَتِكَ فَهُوَ يَصُونُ وَجْهَكَ أَنْ يَرُدَّكَ بِغَيْرِ قَضَاءِ حَاجَتِكَ‏

وَ قَالَ ع الْإِخْوَانُ أَرْبَعَةٌ فَأَخٌ لَكَ وَلَهُ وَأَخٌ لَكَ وَأَخٌ عَلَيْكَ وَأَخٌ لَا لَكَ وَلَا لَهُ فَسُئِلَ عَنْ مَعْنَى ذَلِكَ فَقَالَ ع الْأَخُ الَّذِي هُوَ لَكَ وَلَهُ فَهُوَ الْأَخُ الَّذِي يَطْلُبُ بِإِخَائِهِ بَقَاءَ الْإِخَاءِ وَلَا يَطْلُبُ بِإِخَائِهِ مَوْتَ الْإِخَاءِ فَهَذَا لَكَ وَلَهُ لِأَنَّهُ إِذَا تَمَّ الْإِخَاءُ طَابَتْ حَيَاتُهُمَا جَمِيعاً وَإِذَا دَخَلَ الْإِخَاءُ فِي حَالِ التَّنَاقُضِ بَطَلَ جَمِيعاً وَالْأَخُ الَّذِي هُوَ لَكَ فَهُوَ الْأَخُ الَّذِي قَدْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ عَنْ حَالِ الطَّمَعِ إِلَى حَالِ الرَّغْبَةِ فَلَمْ يَطْمَعْ فِي الدُّنْيَا إِذَا رَغِبَ فِي الْإِخَاءِ فَهَذَا مُوَفِّرٌ عَلَيْكَ بِكُلِّيَّتِهِ وَالْأَخُ الَّذِي هُوَ عَلَيْكَ فَهُوَ الْأَخُ الَّذِي يَتَرَبَّصُ بِكَ الدَّوَائِرَ وَيُغَشِّي [يُفْشِي السَّرَائِرَ وَيَكْذِبُ عَلَيْكَ بَيْنَ الْعَشَائِرِ وَيَنْظُرُ فِي وَجْهِكَ نَظَرَ الْحَاسِدِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الْوَاحِدِ وَالْأَخُ الَّذِي لَا لَكَ وَلَا لَهُ فَهُوَ الَّذِي قَدْ مَلَأَهُ اللَّهُ حُمْقاً فَأَبْعَدَهُ سُحْقاً فَتَرَاهُ يُؤْثِرُ نَفْسَهُ عَلَيْكَ وَيَطْلُبُ شُحّاً مَا لَدَيْكَ‏

وَ قَالَ ع مِنْ دَلَائِلِ عَلَامَاتِ الْقَبُولِ الْجُلُوسُ إِلَى أَهْلِ الْعُقُولِ وَمِنْ عَلَامَاتِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         253    موعظة وزهد وحكمة .....  ص : 252

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 248

أَسْبَابِ الْجَهْلِ الْمُمَارَاةُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَمِنْ دَلَائِلِ الْعَالِمِ انْتِقَادُهُ لِحَدِيثِهِ وَعِلْمُهُ بِحَقَائِقِ فُنُونِ النَّظَرِ

وَ قَالَ ع إِنَّ الْمُؤْمِنَ اتَّخَذَ اللَّهَ عِصْمَتَهُ وَقَوْلَهُ مِرْآتَهُ فَمَرَّةً يَنْظُرُ فِي نَعْتِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَارَةً يَنْظُرُ فِي وَصْفِ الْمُتَجَبِّرِينَ فَهُوَ مِنْهُ فِي لَطَائِفَ وَمِنْ نَفْسِهِ فِي تَعَارُفٍ وَمِنْ فِطْنَتِهِ فِي يَقِينٍ وَمِنْ قُدْسِهِ عَلَى تَمْكِينٍ‏

وَ قَالَ ع إِيَّاكَ وَمَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُسِي‏ءُ وَلَا يَعْتَذِرُ وَالْمُنَافِقُ كُلَّ يَوْمٍ يُسِي‏ءُ وَيَعْتَذِرُ

وَ قَالَ ع لِلسَّلَامِ سَبْعُونَ حَسَنَةً تِسْعٌ وَسِتُّونَ لِلْمُبْتَدِئِ وَوَاحِدَةٌ لِلرَّادِّ

وَ قَالَ ع الْبَخِيلُ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ‏

وَ قَالَ ع مَنْ حَاوَلَ أَمْراً بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ كَانَ أَفْوَتَ لِمَا يَرْجُو وَأَسْرَعَ لِمَا يَحْذَرُ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 249

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

و روي عن الإمام سيد العابدين علي بن الحسين ع في طوال هذه المعاني‏

موعظته ع لسائر أصحابه وشيعته وتذكيره إياهم كل يوم جمعة

أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ فَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ الْغَافِلَ وَلَيْسَ مَغْفُولًا عَنْهُ إِنَّ أَجَلَكَ أَسْرَعُ شَيْ‏ءٍ إِلَيْكَ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَكَ حَثِيثاً يَطْلُبُكَ وَيُوشِكُ أَنْ يُدْرِكَكَ فَكَأَنْ قَدْ أَوْفَيْتَ أَجَلَكَ وَقَدْ قَبَضَ الْمَلَكُ رُوحَكَ وَصُيِّرْتَ إِلَى قَبْرِكَ وَحِيداً فَرَدَّ إِلَيْكَ رُوحَكَ وَاقْتَحَمَ عَلَيْكَ مَلَكَاكَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ لِمُسَاءَلَتِكَ وَشَدِيدِ امْتِحَانِكَ أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ مَا يَسْأَلَانِكَ عَنْ رَبِّكَ الَّذِي كُنْتَ تَعْبُدُهُ وَعَنْ نَبِيِّكَ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكَ وَعَنْ دِينِكَ الَّذِي كُنْتَ تَدِينُ بِهِ وَعَنْ كِتَابِكَ الَّذِي كُنْتَ تَتْلُوهُ وَعَنْ إِمَامِكَ الَّذِي كُنْتَ تَتَوَلَّاهُ وَعَنْ عُمُرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَ وَعَنْ مَالِكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَفِيمَا أَنْفَقْتَهُ فَخُذْ حِذْرَكَ وَانْظُرْ لِنَفْسِكَ وَأَعِدَّ الْجَوَابَ قَبْلَ الِامْتِحَانِ وَالْمُسَاءَلَةِ وَالِاخْتِبَارِ فَإِنْ تَكُ مُؤْمِناً عَارِفاً بِدِينِكَ مُتَّبِعاً لِلصَّادِقِينَ مُوَالِياً لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ لَقَّاكَ اللَّهُ حُجَّتَكَ وَأَنْطَقَ لِسَانَكَ بِالصَّوَابِ فَأَحْسَنْتَ الْجَوَابَ وَبُشِّرْتَ بِالْجَنَّةِ وَالرِّضْوَانِ مِنَ اللَّهِ وَاسْتَقْبَلَتْكَ الْمَلَائِكَةُ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ تَلَجْلَجَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 250

لِسَانُكَ وَدَحَضَتْ حُجَّتُكَ وَعَيِيتَ عَنِ الْجَوَابِ وَبُشِّرْتَ بِالنَّارِ وَاسْتَقْبَلَتْكَ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بِنُزُلٍ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةِ جَحِيمٍ وَاعْلَمْ يَا ابْنَ آدَمَ أَنَّ مَا وَرَاءَ هَذَا أَعْظَمُ وَأَفْظَعُ وَأَوْجَعُ لِلْقُلُوبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ- ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ- يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَيُبَعْثَرُ فِيهِ الْقُبُورُ ذَلِكَ يَوْمُ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ذَلِكَ يَوْمٌ لَا تُقَالُ فِيهِ عَثْرَةٌ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ أَحَدٍ فِدْيَةٌ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ مَعْذِرَةٌ وَلَا لِأَحَدٍ فِيهِ مُسْتَقْبَلُ تَوْبَةٍ لَيْسَ إِلَّا الْجَزَاءَ بِالْحَسَنَاتِ وَالْجَزَاءَ بِالسَّيِّئَاتِ فَمَنْ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَمِلَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَجَدَهُ وَمَنْ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَمِلَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ وَجَدَهُ فَاحْذَرُوا أَيُّهَا النَّاسُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي مَا قَدْ نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهَا وَحَذَّرَكُمُوهَا فِي الْكِتَابِ الصَّادِقِ وَالْبَيَانِ النَّاطِقِ وَلَا تَأْمَنُوا مَكْرَ اللَّهِ وَتَدْمِيرَهُ عِنْدَ مَا يَدْعُوكُمُ الشَّيْطَانُ اللَّعِينُ إِلَيْهِ مِنْ عَاجِلِ الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ وَأَشْعِرُوا قُلُوبَكُمْ خَوْفَ اللَّهِ وَتَذَكَّرُوا مَا قَدْ وَعَدَكُمْ فِي مَرْجِعِكُمْ إِلَيْهِ مِنْ حُسْنِ ثَوَابِهِ كَمَا قَدْ خَوَّفَكُمْ مِنْ شَدِيدِ عِقَابِهِ فَإِنَّهُ مَنْ خَافَ شَيْئاً حَذِرَهُ وَمَنْ حَذِرَ شَيْئاً تَرَكَهُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 251

وَ لَا تَكُونُوا مِنَ الْغَافِلِينَ الْمَائِلِينَ إِلَى زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ.  أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ.  أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى‏ تَخَوُّفٍ فَاحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ بِمَا فَعَلَ بِالظَّلَمَةِ فِي كِتَابِهِ وَلَا تَأْمَنُوا أَنْ يُنْزِلَ بِكُمْ بَعْضَ مَا تَوَعَّدَ بِهِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فِي كِتَابِهِ لَقَدْ وَعَظَكُمُ اللَّهُ بِغَيْرِكُمْ وَإِنَّ السَّعِيدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَلَقَدْ أَسْمَعَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا فَعَلَ بِالْقَوْمِ الظَّالِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى قَبْلَكُمْ حَيْثُ قَالَ وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ وَقَالَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ يَعْنِي يَهْرُبُونَ قَالَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى‏ ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهُمُ الْعَذَابُ قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَإِنْ قُلْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا أَهْلَ الشِّرْكِ فَكَيْفَ ذَاكَ وَهُوَ يَقُولُ- وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى‏ بِنا حاسِبِينَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ لَا تُنْصَبُ لَهُمُ الْمَوَازِينُ وَلَا تُنْشَرُ لَهُمُ الدَّوَاوِينُ وَإِنَّمَا يُحْشَرُونَ إِلى‏ جَهَنَّمَ زُمَراً وَإِنَّمَا تُنْصَبُ الْمَوَازِينُ وَتُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُحِبَّ زَهْرَةَ الدُّنْيَا لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَلَمْ يُرَغِّبْهُمْ فِيهَا وَفِي عَاجِلِ زَهْرَتِهَا وَظَاهِرِ بَهْجَتِهَا فَإِنَّمَا خَلَقَ الدُّنْيَا وَخَلَقَ أَهْلَهَا لِيَبْلُوَهُمْ فِيهَا أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا لِآخِرَتِهِ وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ ضُرِبَتْ لَكُمْ فِيهِ الْأَمْثَالُ وَصُرِفَتِ الْآيَاتُ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فَكُونُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 252

الْقَوْمِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَازْهَدُوا فِيمَا زَهَّدَكُمُ اللَّهُ فِيهِ مِنْ عَاجِلِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَقَوْلُهُ الْحَقَّ- إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِمُحَمَّدٍ ص وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى هَذِهِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا رُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا دَارَ قَرَارٍ وَمَنْزِلَ اسْتِيطَانٍ فَإِنَّهَا دَارُ قُلْعَةٍ وَمَنْزِلُ بُلْغَةٍ وَدَارُ عَمَلٍ فَتَزَوَّدُوا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ قَبْلَ تَفَرُّقِ أَيَّامِهَا وَقَبْلَ الْإِذْنِ مِنَ اللَّهِ فِي خَرَابِهَا فَكَانَ قَدْ أَخْرَبَهَا الَّذِي عَمَرَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَابْتَدَأَهَا وَهُوَ وَلِيُّ مِيرَاثِهَا وَأَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَوْنَ عَلَى تَزَوُّدِ التَّقْوَى وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الزَّاهِدِينَ فِي عَاجِلِ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي آجِلِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَإِنَّمَا نَحْنُ لَهُ وَبِهِ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ‏

موعظة وزهد وحكمة

كَفَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ كَيْدَ الظَّالِمِينَ وَبَغْيَ الْحَاسِدِينَ وَبَطْشَ الْجَبَّارِينَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الطَّوَاغِيتُ وَأَتْبَاعُهُمْ مِنْ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا الْمَائِلُونَ إِلَيْهَا الْمَفْتُونُونَ بِهَا الْمُقْبِلُونَ عَلَيْهَا وَعَلَى حُطَامِهَا الْهَامِدِ وَهَشِيمِهَا الْبَائِدِ غَداً وَاحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         258    رسالته ع المعروفة برسالة الحقوق .....  ص : 255

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 253

اللَّهُ مِنْهَا وَازْهَدُوا فِيمَا زَهَّدَكُمُ اللَّهُ فِيهِ مِنْهَا وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى مَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا رُكُونَ مَنْ أَعَدَّهَا دَاراً وَقَرَاراً وَبِاللَّهِ إِنَّ لَكُمْ مِمَّا فِيهَا عَلَيْهَا دَلِيلًا مِنْ زِينَتِهَا وَتَصْرِيفِ أَيَّامِهَا وَتَغْيِيرِ انْقِلَابِهَا وَمَثُلَاتِهَا وَتَلَاعُبِهَا بِأَهْلِهَا إِنَّهَا لَتَرْفَعُ الْخَمِيلَ وَتَضَعُ الشَّرِيفَ وَتُورِدُ النَّارَ أَقْوَاماً غَداً فَفِي هَذَا مُعْتَبَرٌ وَمُخْتَبَرٌ وَزَاجِرٌ لِمُنْتَبِهٍ وَإِنَّ الْأُمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَيْكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ مُظْلِمَاتِ الْفِتَنِ وَحَوَادِثِ الْبِدَعِ وَسُنَنِ الْجَوْرِ وَبَوَائِقِ الزَّمَانِ وَهَيْبَةِ السُّلْطَانِ وَوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ لَتُثَبِّطُ الْقُلُوبَ عَنْ نِيَّتِهَا وَتُذْهِلُهَا عَنْ مَوْجُودِ الْهُدَى وَمَعْرِفَةِ أَهْلِ الْحَقِّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ عَصَمَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ فَلَيْسَ يَعْرِفُ تَصَرُّفَ أَيَّامِهَا وَتَقَلُّبَ حَالاتِهَا وَعَاقِبَةَ ضَرَرِ فِتْنَتِهَا إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ وَنَهَجَ سَبِيلَ الرُّشْدِ وَسَلَكَ طَرِيقَ الْقَصْدِ ثُمَّ اسْتَعَانَ عَلَى ذَلِكَ بِالزُّهْدِ فَكَرَّرَ الْفِكْرَ وَاتَّعَظَ بِالْعِبَرِ وَازْدَجَرَ فَزَهِدَ فِي عَاجِلِ بَهْجَةِ الدُّنْيَا وَتَجَافَى عَنْ لَذَّاتِهَا وَرَغِبَ فِي دَائِمِ نَعِيمِ الْآخِرَةِ- وَسَعى‏ لَها سَعْيَها وَرَاقَبَ الْمَوْتَ وَشَنَأَ الْحَيَاةَ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَظَرَ إِلَى مَا فِي الدُّنْيَا بِعَيْنٍ نَيِّرَةٍ حَدِيدَةِ النَّظَرِ وَأَبْصَرَ حَوَادِثَ الْفِتَنِ وَضَلَالَ الْبِدَعِ وَجَوْرَ الْمُلُوكِ الظَّلَمَةِ فَقَدْ لَعَمْرِي اسْتَدْبَرْتُمْ مِنَ الْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْفِتَنِ الْمُتَرَاكِمَةِ وَالِانْهِمَاكِ فِيهَا مَا تَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى تَجَنُّبِ الْغُوَاةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَالْبَغْيِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَاسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَارْجِعُوا إِلَى طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالطَّاعَةِ مِنْ طَاعَةِ مَنِ اتُّبِعَ وَأُطِيعَ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ قَبْلِ النَّدَامَةِ وَالْحَسْرَةِ وَالْقُدُومِ عَلَى اللَّهِ وَالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَاللَّهِ مَا صَدَرَ قَوْمٌ قَطُّ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا إِلَى عَذَابِهِ وَمَا آثَرَ قَوْمٌ قَطُّ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ إِلَّا سَاءَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 254

مُنْقَلَبُهُمْ وَسَاءَ مَصِيرُهُمْ وَمَا الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَالْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ إِلَّا إِلْفَانِ مُؤْتَلِفَانِ فَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ خَافَهُ فَحَثَّهُ الْخَوْفُ عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَإِنَّ أَرْبَابَ الْعِلْمِ وَأَتْبَاعَهُمُ الَّذِينَ عَرَفُوا اللَّهَ فَعَمِلُوا لَهُ وَرَغِبُوا إِلَيْهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ- إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ فَلَا تَلْتَمِسُوا شَيْئاً فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَاشْتَغِلُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَاغْتَنِمُوا أَيَّامَهَا وَاسْعَوْا لِمَا فِيهِ نَجَاتُكُمْ غَداً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ لِلتَّبِعَةِ وَأَدْنَى مِنَ الْعُذْرِ وَأَرْجَى لِلنَّجَاةِ فَقَدِّمُوا أَمْرَ اللَّهِ وَطَاعَتَهُ وَطَاعَةَ مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ طَاعَتَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْأُمُورِ كُلِّهَا وَلَا تُقَدِّمُوا الْأُمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَيْكُمْ مِنْ طَاعَةِ الطَّوَاغِيتِ وَفِتْنَةِ زَهْرَةِ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيْ أَمْرِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَنَحْنُ مَعَكُمْ يَحْكُمُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ سَيِّدٌ حَاكِمٌ غَداً وَهُوَ مُوقِفُكُمْ وَمُسَائِلُكُمْ فَأَعِدُّوا الْجَوَابَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَالْمُسَاءَلَةِ وَالْعَرْضِ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْمَئِذٍ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يُصَدِّقُ كَاذِباً وَلَا يُكَذِّبُ صَادِقاً وَلَا يَرُدُّ عُذْرَ مُسْتَحِقٍّ وَلَا يَعْذِرُ غَيْرَ مَعْذُورٍ بَلْ لِلَّهِ الْحُجَّةُ عَلَى خَلْقِهِ بِالرُّسُلِ وَالْأَوْصِيَاءِ بَعْدَ الرُّسُلِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْتَقْبِلُوا مِنْ إِصْلَاحِ أَنْفُسِكُمْ وَطَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ مَنْ تَوَلَّوْنَهُ فِيهَا لَعَلَّ نَادِماً قَدْ نَدِمَ عَلَى مَا قَدْ فَرَّطَ بِالْأَمْسِ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَضَيَّعَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ وَتُوبُوا إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ ... وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَإِيَّاكُمْ وَصُحْبَةَ الْعَاصِينَ وَمَعُونَةَ الظَّالِمِينَ وَمُجَاوَرَةَ الْفَاسِقِينَ احْذَرُوا فِتْنَتَهُمْ وَتَبَاعَدُوا مِنْ سَاحَتِهِمْ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ خَالَفَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَدَانَ بِغَيْرِ دِينِ اللَّهِ وَاسْتَبَدَّ بِأَمْرِهِ دُونَ أَمْرِ وَلِيِّ اللَّهِ فِي نَارٍ تَلْتَهِبُ تَأْكُلُ أَبْدَاناً قَدْ غَابَتْ عَنْهَا أَرْوَاحُهَا غَلَبَتْ عَلَيْهَا شِقْوَتُهَا فَهُمْ مَوْتَى لَا يَجِدُونَ حَرَّ النَّارِ- فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 255

وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَا تَخْرُجُونَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ إِلَى غَيْرِ قُدْرَتِهِ- وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ* فَانْتَفِعُوا بِالْعِظَةِ وَتَأَدَّبُوا بِآدَابِ الصَّالِحِينَ‏

رسالته ع المعروفة برسالة الحقوق‏

اعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيْكَ حُقُوقاً مُحِيطَةً بِكَ فِي كُلِّ حَرَكَةٍ تَحَرَّكْتَهَا أَوْ سَكَنَةٍ سَكَنْتَهَا أَوْ مَنْزِلَةٍ نَزَلْتَهَا أَوْ جَارِحَةٍ قَلَبْتَهَا وَآلَةٍ تَصَرَّفْتَ بِهَا بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ وَأَكْبَرُ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَيْكَ مَا أَوْجَبَهُ لِنَفْسِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْحُقُوقِ وَمِنْهُ تَفَرَّعَ ثُمَّ أَوْجَبَهُ عَلَيْكَ لِنَفْسِكَ مِنْ قَرْنِكَ إِلَى قَدَمِكَ عَلَى اخْتِلَافِ جَوَارِحِكَ فَجَعَلَ لِبَصَرِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِسَمْعِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِلِسَانِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِيَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِرِجْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِبَطْنِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِفَرْجِكَ عَلَيْكَ حَقّاً فَهَذِهِ الْجَوَارِحُ السَّبْعُ الَّتِي بِهَا تَكُونُ الْأَفْعَالُ ثُمَّ جَعَلَ عَزَّ وَجَلَّ لِأَفْعَالِكَ عَلَيْكَ حُقُوقاً فَجَعَلَ لِصَلَاتِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِصَوْمِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِصَدَقَتِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِهَدْيِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَلِأَفْعَالِكَ عَلَيْكَ حَقّاً ثُمَّ تَخْرُجُ الْحُقُوقُ مِنْكَ إِلَى غَيْرِكَ مِنْ ذَوِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْكَ وَأَوْجَبُهَا عَلَيْكَ حُقُوقُ أَئِمَّتِكَ ثُمَّ حُقُوقُ رَعِيَّتِكَ ثُمَّ حُقُوقُ رَحِمِكَ فَهَذِهِ حُقُوقٌ يَتَشَعَّبُ مِنْهَا حُقُوقٌ فَحُقُوقُ أَئِمَّتِكَ ثَلَاثَةٌ أَوْجَبُهَا عَلَيْكَ حَقُّ سَائِسِكَ بِالسُّلْطَانِ ثُمَّ سَائِسِكَ بِالْعِلْمِ ثُمَّ حَقُّ سَائِسِكَ بِالْمِلْكِ وَكُلُّ سَائِسٍ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 256

إِمَامٌ وَحُقُوقُ رَعِيَّتِكَ ثَلَاثَةٌ أَوْجَبُهَا عَلَيْكَ حَقُّ رَعِيَّتِكَ بِالسُّلْطَانِ ثُمَّ حَقُّ رَعِيَّتِكَ بِالْعِلْمِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ رَعِيَّةُ الْعَالِمِ وَحَقُّ رَعِيَّتِكَ بِالْمِلْكِ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَمَا مَلَكْتَ مِنَ الْأَيْمَانِ وَحُقُوقُ رَحِمِكَ كَثِيرَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِقَدْرِ اتِّصَالِ الرَّحِمِ فِي الْقَرَابَةِ فَأَوْجَبُهَا عَلَيْكَ حَقُّ أُمِّكَ ثُمَّ حَقُّ أَبِيكَ ثُمَّ حَقُّ وُلْدِكَ ثُمَّ حَقُّ أَخِيكَ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَالْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ ثُمَّ حَقُّ مَوْلَاكَ الْمُنْعِمِ عَلَيْكَ ثُمَّ حَقُّ مَوْلَاكَ الْجَارِيَةِ نِعْمَتُكَ عَلَيْهِ ثُمَّ حَقُّ ذِي الْمَعْرُوفِ لَدَيْكَ ثُمَّ حَقُّ مُؤَذِّنِكَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ حَقُّ إِمَامِكَ فِي صَلَاتِكَ ثُمَّ حَقُّ جَلِيسِكَ ثُمَّ حَقُّ جَارِكَ ثُمَّ حَقُّ صَاحِبِكَ ثُمَّ حَقُّ شَرِيكِكَ ثُمَّ حَقُّ مَالِكَ ثُمَّ حَقُّ غَرِيمِكَ الَّذِي تُطَالِبُهُ ثُمَّ حَقُّ غَرِيمِكَ الَّذِي يُطَالِبُكَ ثُمَّ حَقُّ خَلِيطِكَ ثُمَّ حَقُّ خَصْمِكَ الْمُدَّعِي عَلَيْكَ ثُمَّ حَقُّ خَصْمِكَ الَّذِي تَدَّعِي عَلَيْهِ ثُمَّ حَقُّ مُسْتَشِيرِكَ ثُمَّ حَقُّ الْمُشِيرِ عَلَيْكَ ثُمَّ حَقُّ مُسْتَنْصِحِكَ ثُمَّ حَقُّ النَّاصِحِ لَكَ ثُمَّ حَقُّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ ثُمَّ حَقُّ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْكَ ثُمَّ حَقُّ سَائِلِكَ ثُمَّ حَقُّ مَنْ سَأَلْتَهُ ثُمَّ حَقُّ مَنْ جَرَى لَكَ عَلَى يَدَيْهِ مَسَاءَةٌ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ مَسَرَّةٌ بِذَلِكَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ عَنْ تَعَمُّدٍ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ مِنْهُ ثُمَّ حَقُّ أَهْلِ مِلَّتِكَ عَامَّةً ثُمَّ حَقُّ أَهْلِ الذِّمَّةِ ثُمَّ الْحُقُوقُ الْجَارِيَةُ بِقَدْرِ عِلَلِ الْأَحْوَالِ وَتَصَرُّفِ الْأَسْبَابِ فَطُوبَى لِمَنْ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى قَضَاءِ مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِهِ وَوَفَّقَهُ وَسَدَّدَهُ فَأَمَّا حَقُّ اللَّهِ الْأَكْبَرُ فَإِنَّكَ تَعْبُدُهُ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِإِخْلَاصٍ جَعَلَ لَكَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكْفِيَكَ أَمْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَحْفَظَ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْهَا وَأَمَّا حَقُّ نَفْسِكَ عَلَيْكَ فَأَنْ تَسْتَوْفِيَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَتُؤَدِّيَ إِلَى لِسَانِكَ حَقَّهُ وَإِلَى سَمْعِكَ حَقَّهُ وَإِلَى بَصَرِكَ حَقَّهُ وَإِلَى يَدِكَ حَقَّهَا وَإِلَى رِجْلِكَ حَقَّهَا وَإِلَى بَطْنِكَ حَقَّهُ وَإِلَى فَرْجِكَ حَقَّهُ وَتَسْتَعِينَ بِاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا حَقُّ اللِّسَانِ فَإِكْرَامُهُ عَنِ الْخَنَا وَتَعْوِيدُهُ عَلَى الْخَيْرِ وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَدَبِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 257

وَ إِجْمَامُهُ إِلَّا لِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ وَالْمَنْفَعَةِ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا وَإِعْفَاؤُهُ عَنِ الْفُضُولِ الشَّنِعَةِ الْقَلِيلَةِ الْفَائِدَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ ضَرَرُهَا مَعَ قِلَّةِ عَائِدَتِهَا وَيُعَدُّ شَاهِدَ الْعَقْلِ وَالدَّلِيلَ عَلَيْهِ وَتَزَيُّنُ الْعَاقِلِ بِعَقْلِهِ حُسْنُ سِيرَتِهِ فِي لِسَانِهِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَأَمَّا حَقُّ السَّمْعِ فَتَنْزِيهُهُ عَنْ أَنْ تَجْعَلَهُ طَرِيقاً إِلَى قَلْبِكَ إِلَّا لِفُوَّهَةٍ كَرِيمَةٍ تُحْدِثُ فِي قَلْبِكَ خَيْراً أَوْ تَكْسِبُ خُلُقاً كَرِيماً فَإِنَّهُ بَابُ الْكَلَامِ إِلَى الْقَلْبِ يُؤَدِّي إِلَيْهِ ضُرُوبُ الْمَعَانِي عَلَى مَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ بَصَرِكَ فَغَضُّهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَكَ وَتَرْكُ ابْتِذَالِهِ إِلَّا لِمَوْضِعِ عِبْرَةٍ تَسْتَقْبِلُ بِهَا بَصَراً أَوْ تَسْتَفِيدُ بِهَا عِلْماً فَإِنَّ الْبَصَرَ بَابُ الِاعْتِبَارِ وَأَمَّا حَقُّ رِجْلَيْكَ فَأَنْ لَا تَمْشِيَ بِهِمَا إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَكَ وَلَا تَجْعَلَهُمَا مَطِيَّتَكَ فِي الطَّرِيقِ الْمُسْتَخِفَّةِ بِأَهْلِهَا فِيهَا فَإِنَّهَا حَامِلَتُكَ وَسَالِكَةٌ بِكَ مَسْلَكَ الدِّينِ وَالسَّبْقِ لَكَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ يَدِكَ فَأَنْ لَا تَبْسُطَهَا إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَكَ فَتَنَالَ بِمَا تَبْسُطُهَا إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ الْعُقُوبَةَ فِي الْأَجَلِ وَمِنَ النَّاسِ بِلِسَانِ اللَّائِمَةِ فِي الْعَاجِلِ وَلَا تَقْبِضَهَا مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهَا وَلَكِنْ تُوَقِّرَهَا بِقَبْضِهَا عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا يَحِلُّ لَهَا وَبَسْطِهَا إِلَى كَثِيرٍ مِمَّا لَيْسَ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ عُقِلَتْ وَشُرِّفَتْ فِي الْعَاجِلِ وَجَبَ لَهَا حُسْنُ الثَّوَابِ فِي الْآجِلِ-

تحف العقول عن آل الرسول ص         263    وأما حق الرحم .....  ص : 263

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 258

وَ أَمَّا حَقُّ بَطْنِكَ فَأَنْ لَا تَجْعَلَهُ وِعَاءً لِقَلِيلٍ مِنَ الْحَرَامِ وَلَا لِكَثِيرٍ وَأَنْ تَقْتَصِدَ لَهُ فِي الْحَلَالِ وَلَا تُخْرِجَهُ مِنْ حَدِّ التَّقْوِيَةِ إِلَى حَدِّ التَّهْوِينِ وَذَهَابِ الْمُرُوَّةِ وَضَبْطُهُ إِذَا هَمَّ بِالْجُوعِ وَالظَّمَإِ فَإِنَّ الشِّبَعَ الْمُنْتَهِيَ بِصَاحِبِهِ إِلَى التُّخَمِ مَكْسَلَةٌ وَمَثْبَطَةٌ وَمَقْطَعَةٌ عَنْ كُلِّ بِرٍّ وَكَرَمٍ وَإِنَّ الرَّيَّ الْمُنْتَهِيَ بِصَاحِبِهِ إِلَى السُّكْرِ مَسْخَفَةٌ وَمَجْهَلَةٌ وَمَذْهَبَةٌ لِلْمُرُوَّةِ وَأَمَّا حَقُّ فَرْجِكَ فَحِفْظُهُ مِمَّا لَا يَحِلُّ لَكَ وَالِاسْتِعَانَةُ عَلَيْهِ بِغَضِّ الْبَصَرِ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْوَنِ الْأَعْوَانِ وَكَثْرَةِ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَالتَّهَدُّدِ لِنَفْسِكَ بِاللَّهِ وَالتَّخْوِيفِ لَهَا بِهِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّأْيِيدُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ‏

ثم حقوق الأفعال‏

فَأَمَّا حَقُّ الصَّلَاةِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا وِفَادَةٌ إِلَى اللَّهِ وَأَنَّكَ قَائِمٌ بِهَا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ كُنْتَ خَلِيقاً أَنْ تَقُومَ فِيهَا مَقَامَ الذَّلِيلِ الرَّاغِبِ الرَّاهِبِ الْخَائِفِ الرَّاجِي الْمِسْكِينِ الْمُتَضَرِّعِ الْمُعَظِّمِ مَنْ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسُّكُونِ وَالْإِطْرَاقِ وَخُشُوعِ الْأَطْرَافِ وَلِينِ الْجَنَاحِ وَحُسْنِ الْمُنَاجَاةِ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَالطَّلَبِ إِلَيْهِ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِكَ الَّتِي أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُكَ وَاسْتَهْلَكَتْهَا ذُنُوبُكَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الصَّوْمِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ حِجَابٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِكَ وَسَمْعِكَ وَبَصَرِكَ وَفَرْجِكَ وَبَطْنِكَ لِيَسْتُرَكَ بِهِ مِنَ النَّارِ وَهَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 259

فَإِنْ سَكَنَتْ أَطْرَافُكَ فِي حَجَبَتِهَا رَجَوْتَ أَنْ تَكُونَ مَحْجُوباً وَإِنْ أَنْتَ تَرَكْتَهَا تَضْطَرِبُ فِي حِجَابِهَا وَتَرْفَعُ جَنَبَاتِ الْحِجَابِ فَتَطَّلِعُ إِلَى مَا لَيْسَ لَهَا بِالنَّظْرَةِ الدَّاعِيَةِ لِلشَّهْوَةِ وَالْقُوَّةِ الْخَارِجَةِ عَنْ حَدِّ التَّقِيَّةِ لِلَّهِ لَمْ تَأْمَنْ أَنْ تَخْرِقَ الْحِجَابَ وَتَخْرُجَ مِنْهُ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الصَّدَقَةِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا ذُخْرُكَ عِنْدَ رَبِّكَ وَوَدِيعَتُكَ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى الْإِشْهَادِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ كُنْتَ بِمَا اسْتَوْدَعْتَهُ سِرّاً أَوْثَقَ بِمَا اسْتَوْدَعْتَهُ عَلَانِيَةً وَكُنْتَ جَدِيراً أَنْ تَكُونَ أَسْرَرْتَ إِلَيْهِ أَمْراً أَعْلَنْتَهُ وَكَانَ الْأَمْرُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فِيهَا سِرّاً عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَمْ تَسْتَظْهِرْ عَلَيْهِ فِيمَا اسْتَوْدَعْتَهُ مِنْهَا بِإِشْهَادِ الْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ عَلَيْهِ بِهَا كَأَنَّهَا أَوْثَقُ فِي نَفْسِكَ لَا كَأَنَّكَ لَا تَثِقُ بِهِ فِي تَأْدِيَةِ وَدِيعَتِكَ إِلَيْكَ ثُمَّ لَمْ تَمْتَنَّ بِهَا عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهَا لَكَ فَإِذَا امْتَنَنْتَ بِهَا لَمْ تَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ بِهَا مِثْلَ تَهْجِينِ حَالِكَ مِنْهَا إِلَى مَنْ مَنَنْتَ بِهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّكَ لَمْ تُرِدْ نَفْسَكَ بِهَا وَلَوْ أَرَدْتَ نَفْسَكَ بِهَا لَمْ تَمْتَنَّ بِهَا عَلَى أَحَدٍ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْهَدْيِ فَأَنْ تُخْلِصَ بِهَا الْإِرَادَةَ إِلَى رَبِّكَ وَالتَّعَرُّضَ لِرَحْمَتِهِ وَقَبُولِهِ وَلَا تُرِيدَ عُيُونَ النَّاظِرِينَ دُونَهُ فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ مُتَكَلِّفاً وَلَا مُتَصَنِّعاً وَكُنْتَ إِنَّمَا تَقْصِدُ إِلَى اللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يُرَادُ بِالْيَسِيرِ وَلَا يُرَادُ بِالْعَسِيرِ كَمَا أَرَادَ بِخَلْقِهِ التَيْسِيرَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِمُ التَّعْسِيرَ وَكَذَلِكَ التَّذَلُّلُ أَوْلَى بِكَ مِنَ التَّدَهْقُنِ لِأَنَّ الْكُلْفَةَ وَالْمَئُونَةَ فِي الْمُتَدَهْقِنِينَ فَأَمَّا التَّذَلُّلُ وَالتَّمَسْكُنُ فَلَا كُلْفَةَ فِيهِمَا وَلَا مَئُونَةَ عَلَيْهِمَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 260

لِأَنَّهُمَا الْخِلْقَةُ وَهُمَا مَوْجُودَانِ فِي الطَّبِيعَةِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏

ثم حقوق الأئمة

فَأَمَّا حَقُّ سَائِسِكَ بِالسُّلْطَانِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّكَ جُعِلْتَ لَهُ فِتْنَةً وَأَنَّهُ مُبْتَلًى فِيكَ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ عَلَيْكَ مِنَ السُّلْطَانِ وَأَنْ تُخْلِصَ لَهُ فِي النَّصِيحَةِ وَأَنْ لَا تُمَاحِكَهُ وَقَدْ بُسِطَتْ يَدُهُ عَلَيْكَ فَتَكُونَ سَبَبَ هَلَاكِ نَفْسِكَ وَهَلَاكِهِ وَتَذَلَّلْ وَتَلَطَّفْ لِإِعْطَائِهِ مِنَ الرِّضَا مَا يَكُفُّهُ عَنْكَ وَلَا يُضِرُّ بِدِينِكَ وَتَسْتَعِينُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِاللَّهِ وَلَا تُعَازِّهِ وَلَا تُعَانِدْهُ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ عَقَقْتَهُ وَعَقَقْتَ نَفْسَكَ فَعَرَّضْتَهَا لِمَكْرُوهِهِ وَعَرَّضْتَهُ لِلْهَلَكَةِ فِيكَ وَكُنْتَ خَلِيقاً أَنْ تَكُونَ مُعِيناً لَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَشَرِيكاً لَهُ فِيمَا أَتَى إِلَيْكَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ سَائِسِكَ بِالْعِلْمِ فَالتَّعْظِيمُ لَهُ وَالتَّوْقِيرُ لِمَجْلِسِهِ وَحُسْنُ الِاسْتِمَاعِ إِلَيْهِ وَالْإِقْبَالُ عَلَيْهِ وَالْمَعُونَةُ لَهُ عَلَى نَفْسِكَ فِيمَا لَا غِنَى بِكَ عَنْهُ مِنَ الْعِلْمِ بِأَنْ تُفَرِّغَ لَهُ عَقْلَكَ وَتُحَضِّرَهُ فَهْمَكَ وَتُزَكِّيَ لَهُ قَلْبَكَ وَتُجَلِّيَ لَهُ بَصَرَكَ بِتَرْكِ اللَّذَّاتِ وَنَقْصِ الشَّهَوَاتِ وَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّكَ فِيمَا أَلْقَى إِلَيْكَ رَسُولُهُ إِلَى مَنْ لَقِيَكَ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ فَلَزِمَكَ حُسْنُ التَّأْدِيَةِ عَنْهُ إِلَيْهِمْ وَلَا تَخُنْهُ فِي تَأْدِيَةِ رِسَالَتِهِ وَالْقِيَامِ بِهَا عَنْهُ إِذَا تَقَلَّدْتَهَا وَلَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 261

وَ أَمَّا حَقُّ سَائِسِكَ بِالْمِلْكِ فَنَحْوٌ مِنْ سَائِسِكَ بِالسُّلْطَانِ إِلَّا أَنَّ هَذَا يَمْلِكُ مَا لَا يَمْلِكُهُ ذَاكَ تَلْزَمُكَ طَاعَتُهُ فِيمَا دَقَّ وَجَلَّ مِنْكَ إِلَّا أَنْ تُخْرِجَكَ مِنْ وُجُوبِ حَقِّ اللَّهِ وَيَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ حَقِّهِ وَحُقُوقِ الْخَلْقِ فَإِذَا قَضَيْتَهُ رَجَعْتَ إِلَى حَقِّهِ فَتَشَاغَلْتَ بِهِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏

ثم حقوق الرعية

فَأَمَّا حُقُوقُ رَعِيَّتِكَ بِالسُّلْطَانِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّكَ إِنَّمَا اسْتَرْعَيْتَهُمْ بِفَضْلِ قُوَّتِكَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَحَلَّهُمْ مَحَلَّ الرَّعِيَّةِ لَكَ ضَعْفُهُمْ وَذُلُّهُمْ فَمَا أَوْلَى مَنْ كَفَاكَهُ ضَعْفُهُ وَذُلُّهُ حَتَّى صَيَّرَهُ لَكَ رَعِيَّةً وَصَيَّرَ حُكْمَكَ عَلَيْهِ نَافِذاً لَا يَمْتَنِعُ مِنْكَ بِعِزَّةٍ وَلَا قُوَّةٍ وَلَا يَسْتَنْصِرُ فِيمَا تَعَاظَمَهُ مِنْكَ إِلَّا بِاللَّهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْحِيَاطَةِ وَالْأَنَاةِ وَمَا أَوْلَاكَ إِذَا عَرَفْتَ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِ هَذِهِ الْعِزَّةِ وَالْقُوَّةِ الَّتِي قَهَرْتَ بِهَا أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ شَاكِراً وَمَنْ شَكَرَ اللَّهَ أَعْطَاهُ فِيمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بِالْعِلْمِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَكَ لَهُمْ فِيمَا آتَاكَ مِنَ الْعِلْمِ وَوَلَّاكَ مِنْ خِزَانَةِ الْحِكْمَةِ فَإِنْ أَحْسَنْتَ فِيمَا وَلَّاكَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَقُمْتَ بِهِ لَهُمْ مَقَامَ الْخَازِنِ الشَّفِيقِ النَّاصِحِ لِمَوْلَاهُ فِي عَبِيدِهِ الصَّابِرِ الْمُحْتَسِبِ الَّذِي إِذَا رَأَى ذَا حَاجَةٍ أَخْرَجَ لَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ الَّتِي فِي يَدَيْهِ كُنْتَ رَاشِداً وَكُنْتَ لِذَلِكَ آمِلًا مُعْتَقِداً وَإِلَّا كُنْتَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 262

لَهُ خَائِناً وَلِخَلْقِهِ ظَالِماً وَلِسَلَبِهِ وَعِزِّهِ مُتَعَرِّضاً وَأَمَّا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بِمِلْكِ النِّكَاحِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا سَكَناً وَمُسْتَرَاحاً وَأُنْساً وَوَاقِيَةً وَكَذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا يَجِبُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ نِعْمَةٌ مِنْهُ عَلَيْهِ وَوَجَبَ أَنْ يُحْسِنَ صُحْبَةَ نِعْمَةِ اللَّهِ وَيُكْرِمَهَا وَيَرْفَقَ بِهَا وَإِنْ كَانَ حَقُّكَ عَلَيْهَا أَغْلَظَ وَطَاعَتُكَ بِهَا أَلْزَمَ فِيمَا أَحْبَبْتَ وَكَرِهْتَ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً فَإِنَّ لَهَا حَقَّ الرَّحْمَةِ وَالْمُؤَانَسَةِ وَمَوْضِعُ السُّكُونِ إِلَيْهَا قَضَاءُ اللَّذَّةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا وَذَلِكَ عَظِيمٌ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ خَلْقُ رَبِّكَ وَلَحْمُكَ وَدَمُكَ وَأَنَّكَ تَمْلِكُهُ لَا أَنْتَ صَنَعْتَهُ دُونَ اللَّهِ وَلَا خَلَقْتَ لَهُ سَمْعاً وَلَا بَصَراً وَلَا أَجْرَيْتَ لَهُ رِزْقاً وَلَكِنَّ اللَّهَ كَفَاكَ ذَلِكَ ثُمَّ سَخَّرَهُ لَكَ وَائْتَمَنَكَ عَلَيْهِ وَاسْتَوْدَعَكَ إِيَّاهُ لِتَحْفَظَهُ فِيهِ وَتَسِيرَ فِيهِ بِسِيرَتِهِ فَتُطْعِمَهُ مِمَّا تَأْكُلُ وَتُلْبِسَهُ مِمَّا تَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفَهُ مَا لَا يُطِيقُ فَإِنْ كَرِهْتَهُ خَرَجْتَ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ وَاسْتَبْدَلْتَ بِهِ وَلَمْ تُعَذِّبْ خَلْقَ اللَّهِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         269    وأما حق الرحم .....  ص : 263

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 263

و أما حق الرحم‏

فَحَقُّ أُمِّكَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا حَمَلَتْكَ حَيْثُ لَا يَحْمِلُ أَحَدٌ أَحَداً وَأَطْعَمَتْكَ مِنْ ثَمَرَةِ قَلْبِهَا مَا لَا يُطْعِمُ أَحَدٌ أَحَداً وَأَنَّهَا وَقَتْكَ بِسَمْعِهَا وَبَصَرِهَا وَيَدِهَا وَرِجْلِهَا وَشَعْرِهَا وَبَشَرِهَا وَجَمِيعِ جَوَارِحِهَا مُسْتَبْشِرَةً بِذَلِكَ فَرِحَةً مُوَابِلَةً مُحْتَمِلَةً لِمَا فِيهِ مَكْرُوهُهَا وَأَلَمُهَا وَثِقْلُهَا وَغَمُّهَا حَتَّى دَفَعَتْهَا عَنْكَ يَدُ الْقُدْرَةِ وَأَخْرَجَتْكَ إِلَى الْأَرْضِ فَرَضِيَتْ أَنْ تَشْبَعَ وَتَجُوعَ هِيَ وَتَكْسُوَكَ وَتَعْرَى وَتُرْوِيَكَ وَتَظْمَأَ وَتُظِلَّكَ وَتَضْحَى وَتُنَعِّمَكَ بِبُؤْسِهَا وَتُلَذِّذَكَ بِالنَّوْمِ بِأَرَقِهَا وَكَانَ بَطْنُهَا لَكَ وِعَاءً وَحَجْرُهَا لَكَ حِوَاءً وَثَدْيُهَا لَكَ سِقَاءً وَنَفْسُهَا لَكَ وِقَاءً تُبَاشِرُ حَرَّ الدُّنْيَا وَبَرْدَهَا لَكَ وَدُونَكَ فَتَشْكُرُهَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَلَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ وَأَمَّا حَقُّ أَبِيكَ فَتَعْلَمُ أَنَّهُ أَصْلُكَ وَأَنَّكَ فَرْعُهُ وَأَنَّكَ لَوْلَاهُ لَمْ تَكُنْ فَمَهْمَا رَأَيْتَ فِي نَفْسِكَ مِمَّا يُعْجِبُكَ فَاعْلَمْ أَنَّ أَبَاكَ أَصْلُ النِّعْمَةِ عَلَيْكَ فِيهِ وَاحْمَدِ اللَّهَ وَاشْكُرْهُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ وَلَدِكَ فَتَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْكَ وَمُضَافٌ إِلَيْكَ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا بِخَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَأَنَّكَ مَسْئُولٌ عَمَّا وُلِّيتَهُ مِنْ حُسْنِ الْأَدَبِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى رَبِّهِ وَالْمَعُونَةِ لَهُ عَلَى طَاعَتِهِ فِيكَ وَفِي نَفْسِهِ فَمُثَابٌ عَلَى ذَلِكَ وَمُعَاقَبٌ فَاعْمَلْ فِي أَمْرِهِ عَمَلَ الْمُتَزَيِّنِ بِحُسْنِ أَثَرِهِ عَلَيْهِ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا الْمُعَذِّرِ إِلَى رَبِّهِ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ بِحُسْنِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَالْأَخْذِ لَهُ مِنْهُ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ أَخِيكَ فَتَعْلَمُ أَنَّهُ يَدُكَ الَّتِي تَبْسُطُهَا وَظَهْرُكَ الَّذِي تَلْتَجِئُ إِلَيْهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 264

وَ عِزُّكَ الَّذِي تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَقُوَّتُكَ الَّتِي تَصُولُ بِهَا فَلَا تَتَّخِذْهُ سِلَاحاً عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا عُدَّةً لِلظُّلْمِ بِحَقِّ اللَّهِ وَلَا تَدَعْ نُصْرَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَعُونَتَهُ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْحَوْلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَيَاطِينِهِ وَتَأْدِيَةَ النَّصِيحَةِ إِلَيْهِ وَالْإِقْبَالَ عَلَيْهِ فِي اللَّهِ فَإِنِ انْقَادَ لِرَبِّهِ وَأَحْسَنَ الْإِجَابَةَ لَهُ وَإِلَّا فَلْيَكُنِ اللَّهُ آثَرَ عِنْدَكَ وَأَكْرَمَ عَلَيْكَ مِنْهُ وَأَمَّا حَقُّ الْمُنْعِمِ عَلَيْكَ بِالْوَلَاءِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ أَنْفَقَ فِيكَ مَالَهُ وَأَخْرَجَكَ مِنْ ذُلِّ الرِّقِّ وَوَحْشَتِهِ إِلَى عِزِّ الْحُرِّيَّةِ وَأُنْسِهَا وَأَطْلَقَكَ مِنْ أَسْرِ الْمَلَكَةِ وَفَكَّ عَنْكَ حِلَقَ الْعُبُودِيَّةِ وَأَوْجَدَكَ رَائِحَةَ الْعِزِّ وَأَخْرَجَكَ مِنْ سِجْنِ الْقَهْرِ وَدَفَعَ عَنْكَ الْعُسْرَ وَبَسَطَ لَكَ لِسَانَ الْإِنْصَافِ وَأَبَاحَكَ الدُّنْيَا كُلَّهَا فَمَلَّكَكَ نَفْسَكَ وَحَلَّ أَسْرَكَ وَفَرَّغَكَ لِعِبَادَةِ رَبِّكَ وَاحْتَمَلَ بِذَلِكَ التَّقْصِيرَ فِي مَالِهِ فَتَعْلَمَ أَنَّهُ أَوْلَى الْخَلْقِ بِكَ بَعْدَ أُولِي رَحِمِكَ فِي حَيَاتِكَ وَمَوْتِكَ وَأَحَقُّ الْخَلْقِ بِنَصْرِكَ وَمَعُونَتِكَ وَمُكَانَفَتِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ فَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْهِ نَفْسَكَ مَا احْتَاجَ إِلَيْكَ وَأَمَّا حَقُّ مَوْلَاكَ الْجَارِيَةِ عَلَيْهِ نِعْمَتُكَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَكَ حَامِيَةً عَلَيْهِ وَوَاقِيَةً وَنَاصِراً وَمَعْقِلًا وَجَعَلَهُ لَكَ وَسِيلَةً وَسَبَباً بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَحْجُبَكَ عَنِ النَّارِ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ ثَوَابٌ مِنْهُ فِي الْآجِلِ وَيَحْكُمُ لَكَ بِمِيرَاثِهِ فِي الْعَاجِلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَحِمٌ مُكَافَأَةً لِمَا أَنْفَقْتَهُ مِنْ مَالِكَ عَلَيْهِ وَقُمْتَ بِهِ مِنْ حَقِّهِ بَعْدَ إِنْفَاقِ مَالِكَ فَإِنْ لَمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 265

تَقُمْ بِحَقِّهِ خِيفَ عَلَيْكَ أَنْ لَا يَطِيبَ لَكَ مِيرَاثُهُ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ ذِي الْمَعْرُوفِ عَلَيْكَ فَأَنْ تَشْكُرَهُ وَتَذْكُرَ مَعْرُوفَهُ وَتَنْشُرَ لَهُ الْمَقَالَةَ الْحَسَنَةَ وَتُخْلِصَ لَهُ الدُّعَاءَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ كُنْتَ قَدْ شَكَرْتَهُ سِرّاً وَعَلَانِيَةً ثُمَّ إِنْ أَمْكَنَ مُكَافَأَتُهُ بِالْفِعْلِ كَافَأْتَهُ وَإِلَّا كُنْتَ مُرْصِداً لَهُ مُوَطِّناً نَفْسَكَ عَلَيْهَا وَأَمَّا حَقُّ الْمُؤَذِّنِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ مُذَكِّرُكَ بِرَبِّكَ وَدَاعِيكَ إِلَى حَظِّكَ وَأَفْضَلُ أَعْوَانِكَ عَلَى قَضَاءِ الْفَرِيضَةِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْكَ فَتَشْكُرَهُ عَلَى ذَلِكَ شُكْرَكَ لِلْمُحْسِنِ إِلَيْكَ وَإِنْ كُنْتَ فِي بَيْتِكَ مُهْتَمّاً لِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ لِلَّهِ فِي أَمْرِهِ مُتَّهِماً وَعَلِمْتَ أَنَّهُ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْكَ لَا شَكَّ فِيهَا فَأَحْسِنْ صُحْبَةَ نِعْمَةِ اللَّهِ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَيْهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ إِمَامِكَ فِي صَلَاتِكَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ تَقَلَّدَ السِّفَارَةَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ وَالْوِفَادَةَ إِلَى رَبِّكَ وَتَكَلَّمَ عَنْكَ وَلَمْ تَتَكَلَّمْ عَنْهُ وَدَعَا لَكَ وَلَمْ تَدْعُ لَهُ وَطَلَبَ فِيكَ وَلَمْ تَطْلُبْ فِيهِ وَكَفَاكَ هَمَّ الْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَالْمُسَاءَلَةِ لَهُ فِيكَ وَلَمْ تَكْفِهِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ تَقْصِيرٌ كَانَ بِهِ دُونَكَ وَإِنْ كَانَ آثِماً لَمْ تَكُنْ شَرِيكَهُ فِيهِ وَلَمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 266

يَكُنْ لَهُ عَلَيْكَ فَضْلٌ فَوَقَى نَفْسَكَ بِنَفْسِهِ وَوَقَى صَلَاتَكَ بِصَلَاتِهِ فَتَشْكُرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْجَلِيسِ فَأَنْ تُلِينَ لَهُ كَنَفَكَ وَتُطِيبَ لَهُ جَانِبَكَ وَتُنْصِفَهُ فِي مُجَارَاةِ اللَّفْظِ وَلَا تُغْرِقَ فِي نَزْعِ اللَّحْظِ إِذَا لَحَظْتَ وَتَقْصِدَ فِي اللَّفْظِ إِلَى إِفْهَامِهِ إِذَا لَفَظْتَ وَإِنْ كُنْتَ الْجَلِيسَ إِلَيْهِ كُنْتَ فِي الْقِيَامِ عَنْهُ بِالْخِيَارِ وَإِنْ كَانَ الْجَالِسَ إِلَيْكَ كَانَ بِالْخِيَارِ وَلَا تَقُومَ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْجَارِ فَحِفْظُهُ غَائِباً وَكَرَامَتُهُ شَاهِداً وَنُصْرَتُهُ وَمَعُونَتُهُ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعاً لَا تَتَبَّعْ لَهُ عَوْرَةً وَلَا تَبْحَثْ لَهُ عَنْ سَوْءَةٍ لِتَعْرِفَهَا فَإِنْ عَرَفْتَهَا مِنْهُ عَنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ مِنْكَ وَلَا تَكَلُّفٍ كُنْتَ لِمَا عَلِمْتَ حِصْناً حَصِيناً وَسِتْراً سَتِيراً لَوْ بَحَثَتِ الْأَسِنَّةُ عَنْهُ ضَمِيراً لَمْ تَتَّصِلْ إِلَيْهِ لِانْطِوَائِهِ عَلَيْهِ لَا تَسْتَمِعْ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ لَا تُسْلِمْهُ عِنْدَ شَدِيدَةٍ وَلَا تَحْسُدْهُ عِنْدَ نِعْمَةٍ تُقِيلُ عَثْرَتَهُ وَتَغْفِرُ زَلَّتَهُ وَلَا تَدَّخِرْ حِلْمَكَ عَنْهُ إِذَا جَهِلَ عَلَيْكَ وَلَا تَخْرُجْ أَنْ تَكُونَ سِلْماً لَهُ تَرُدُّ عَنْهُ لِسَانَ الشَّتِيمَةِ وَتُبْطِلُ فِيهِ كَيْدَ حَامِلِ النَّصِيحَةِ وَتُعَاشِرُهُ مُعَاشَرَةً كَرِيمَةً وَلَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الصَّاحِبِ فَأَنْ تَصْحَبَهُ بِالْفَضْلِ مَا وَجَدْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَإِلَّا فَلَا أَقَلَّ مِنَ الْإِنْصَافِ وَأَنْ تُكْرِمَهُ كَمَا يُكْرِمُكَ وَتَحْفَظَهُ كَمَا يَحْفَظُكَ وَلَا يَسْبِقَكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ إِلَى مَكْرُمَةٍ فَإِنْ سَبَقَكَ كَافَأْتَهُ وَلَا تُقَصِّرَ بِهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّ مِنَ الْمَوَدَّةِ تُلْزِمُ نَفْسَكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 267

نَصِيحَتَهُ وَحِيَاطَتَهُ وَمُعَاضَدَتَهُ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ وَمَعُونَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا لَا يَهُمُّ بِهِ مِنْ مَعْصِيَةِ رَبِّهِ ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِ رَحْمَةً وَلَا تَكُونُ عَلَيْهِ عَذَاباً وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الشَّرِيكِ فَإِنْ غَابَ كَفَيْتَهُ وَإِنْ حَضَرَ سَاوَيْتَهُ وَلَا تَعْزِمْ عَلَى حُكْمِكَ دُونَ حُكْمِهِ وَلَا تَعْمَلْ بِرَأْيِكَ دُونَ مُنَاظَرَتِهِ وَتَحْفَظُ عَلَيْهِ مَالَهُ وَتَنْفِي عَنْهُ خِيَانَتَهُ فِيمَا عَزَّ أَوْ هَانَ فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَتَخَاوَنَا وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْمَالِ فَأَنْ لَا تَأْخُذَهُ إِلَّا مِنْ حِلِّهِ وَلَا تُنْفِقَهُ إِلَّا فِي حِلِّهِ وَلَا تُحَرِّفَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَلَا تَصْرِفَهُ عَنْ حَقَائِقِهِ وَلَا تَجْعَلَهُ إِذَا كَانَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ وَسَبَباً إِلَى اللَّهِ وَلَا تُؤْثِرَ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ مَنْ لَعَلَّهُ لَا يَحْمَدُكَ وَبِالْحَرِيِّ أَنْ لَا يُحْسِنَ خِلَافَتَهُ فِي تَرِكَتِكَ وَلَا يَعْمَلَ فِيهِ بِطَاعَةِ رَبِّكَ فَتَكُونَ مُعِيناً لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ بِمَا أَحْدَثَ فِي مَالِكَ أَحْسَنَ نَظَراً لِنَفْسِهِ فَيَعْمَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ فَيَذْهَبَ بِالْغَنِيمَةِ وَتَبُوءَ بِالْإِثْمِ وَالْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ مَعَ التَّبِعَةِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْغَرِيمِ الطَّالِبِ لَكَ فَإِنْ كُنْتَ مُوسِراً أَوْفَيْتَهُ وَكَفَيْتَهُ وَأَغْنَيْتَهُ وَلَمْ تَرْدُدْهُ وَتَمْطُلْهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِنْ كُنْتَ مُعْسِراً أَرْضَيْتَهُ بِحُسْنِ الْقَوْلِ وَطَلَبْتَ إِلَيْهِ طَلَباً جَمِيلًا وَرَدَدْتَهُ عَنْ نَفْسِكَ رَدّاً لَطِيفاً وَلَمْ تَجْمَعْ عَلَيْهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 268

ذَهَابَ مَالِهِ وَسُوءَ مُعَامَلَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لُؤْمٌ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْخَلِيطِ فَأَنْ لَا تَغُرَّهُ وَلَا تَغُشَّهُ وَلَا تَكْذِبَهُ وَلَا تُغْفِلَهُ وَلَا تَخْدَعَهُ وَلَا تَعْمَلَ فِي انْتِقَاضِهِ عَمَلَ الْعَدُوِّ الَّذِي لَا يَبْقَى عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنِ اطْمَأَنَّ إِلَيْكَ اسْتَقْصَيْتَ لَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَعَلِمْتَ أَنَّ غَبْنَ الْمُسْتَرْسِلِ رِبًا وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْخَصْمِ الْمُدَّعِي عَلَيْكَ فَإِنْ كَانَ مَا يَدَّعِي عَلَيْكَ حَقّاً لَمْ تَنْفَسِخْ فِي حُجَّتِهِ وَلَمْ تَعْمَلْ فِي إِبْطَالِ دَعْوَتِهِ وَكُنْتَ خَصْمَ نَفْسِكَ لَهُ وَالْحَاكِمَ عَلَيْهَا وَالشَّاهِدَ لَهُ بِحَقِّهِ دُونَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَقُّ اللَّهِ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ بَاطِلًا رَفَقْتَ بِهِ وَرَوَّعْتَهُ وَنَاشَدْتَهُ بِدِينِهِ وَكَسَرْتَ حِدَّتَهُ عَنْكَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَأَلْقَيْتَ حَشْوَ الْكَلَامِ وَلَغْطَهُ الَّذِي لَا يَرُدُّ عَنْكَ عَادِيَةَ عَدُوِّكَ بَلْ تَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَبِهِ يَشْحَذُ عَلَيْكَ سَيْفَ عَدَاوَتِهِ لِأَنَّ لَفْظَةَ السَّوْءِ تَبْعَثُ الشَّرَّ وَالْخَيْرُ مَقْمَعَةٌ لِلشَّرِّ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مَا تَدَّعِيهِ حَقّاً أَجْمَلْتَ فِي مُقَاوَلَتِهِ بِمَخْرَجِ الدَّعْوَى فَإِنَّ لِلدَّعْوَى غِلْظَةً فِي سَمْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَصَدْتَ قَصْدَ حُجَّتِكَ بِالرِّفْقِ وَأَمْهَلِ الْمُهْلَةِ وَأَبْيَنِ الْبَيَانِ وَأَلْطَفِ اللُّطْفِ وَلَمْ تَتَشَاغَلْ عَنْ حُجَّتِكَ بِمُنَازَعَتِهِ بِالْقِيلِ وَالْقَالِ فَتَذْهَبَ عَنْكَ حُجَّتُكَ وَلَا يَكُونَ لَكَ فِي ذَلِكَ دَرَكٌ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏

تحف العقول عن آل الرسول ص         274    ومن كلامه ع في الزهد .....  ص : 272

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 269

وَ أَمَّا حَقُّ الْمُسْتَشِيرِ فَإِنْ حَضَرَكَ لَهُ وَجْهُ رَأْيٍ جَهَدْتَ لَهُ فِي النَّصِيحَةِ وَأَشَرْتَ عَلَيْهِ بِمَا تَعْلَمُ أَنَّكَ لَوْ كُنْتَ مَكَانَهُ عَمِلْتَ بِهِ وَذَلِكَ لِيَكُنْ مِنْكَ فِي رَحْمَةٍ وَلِينٍ فَإِنَّ اللِّينَ يُؤْنِسُ الْوَحْشَةَ وَإِنَّ الْغِلَظَ يُوحِشُ مَوْضِعَ الْأُنْسِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْكَ لَهُ رَأْيٌ وَعَرَفْتَ لَهُ مَنْ تَثِقُ بِرَأْيِهِ وَتَرْضَى بِهِ لِنَفْسِكَ دَلَلْتَهُ عَلَيْهِ وَأَرْشَدْتَهُ إِلَيْهِ فَكُنْتَ لَمْ تَأْلُهُ خَيْراً وَلَمْ تَدَّخِرْهُ نُصْحاً وَلَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْمُشِيرِ عَلَيْكَ فَلَا تَتَّهِمْهُ فِيمَا لَا يُوَافِقُكَ عَلَيْهِ مِنْ رَأْيِهِ إِذَا أَشَارَ عَلَيْكَ فَإِنَّمَا هِيَ الْآرَاءُ وَتَصَرُّفُ النَّاسِ فِيهَا وَاخْتِلَافُهُمْ فَكُنْ عَلَيْهِ فِي رَأْيِهِ بِالْخِيَارِ إِذَا اتَّهَمْتَ رَأْيَهُ فَأَمَّا تُهَمَتُهُ فَلَا تَجُوزُ لَكَ إِذَا كَانَ عِنْدَكَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْمُشَاوَرَةَ وَلَا تَدَعْ شُكْرَهُ عَلَى مَا بَدَا لَكَ مِنْ إِشْخَاصِ رَأْيِهِ وَحُسْنِ وَجْهِ مَشُورَتِهِ فَإِذَا وَافَقَكَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَقَبِلْتَ ذَلِكَ مِنْ أَخِيكَ بِالشُّكْرِ وَالْإِرْصَادِ بِالْمُكَافَأَةِ فِي مِثْلِهَا إِنْ فَزِعَ إِلَيْكَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْمُسْتَنْصِحِ فَإِنَّ حَقَّهُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَيْهِ النَّصِيحَةَ عَلَى الْحَقِّ الَّذِي تَرَى لَهُ أَنَّهُ يَحْمِلُ وَتَخْرُجَ الْمَخْرَجَ الَّذِي يَلِينُ عَلَى مَسَامِعِهِ وَتُكَلِّمَهُ مِنَ الْكَلَامِ بِمَا يُطِيقُهُ عَقْلُهُ فَإِنَّ لِكُلِّ عَقْلٍ طَبَقَةً مِنَ الْكَلَامِ يَعْرِفُهُ وَيَجْتَنِبُهُ وَلْيَكُنْ مَذْهَبُكَ الرَّحْمَةَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ النَّاصِحِ فَأَنْ تُلِينَ لَهُ جَنَاحَكَ ثُمَّ تَشْرَئِبَّ لَهُ قَلْبَكَ وَتَفْتَحَ لَهُ سَمْعَكَ حَتَّى تَفْهَمَ عَنْهُ نَصِيحَتَهُ ثُمَّ تَنْظُرَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ وُفِّقَ فِيهَا لِلصَّوَابِ حَمِدْتَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَقَبِلْتَ مِنْهُ وَعَرَفْتَ لَهُ نَصِيحَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُفِّقَ لَهَا فِيهَا رَحِمْتَهُ وَلَمْ تَتَّهِمْهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ يَأْلُكَ نُصْحاً إِلَّا أَنَّهُ أَخْطَأَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مُسْتَحِقّاً لِلتُّهَمَةِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 270

فَلَا تَعْبَأْ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الْكَبِيرِ فَإِنَّ حَقَّهُ تَوْقِيرُ سِنِّهِ وَإِجْلَالُ إِسْلَامِهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ فِي الْإِسْلَامِ بِتَقْدِيمِهِ فِيهِ وَتَرْكُ مُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الْخِصَامِ وَلَا تَسْبِقْهُ إِلَى طَرِيقٍ وَلَا تَؤُمَّهُ فِي طَرِيقٍ وَلَا تَسْتَجْهِلْهُ وَإِنْ جَهِلَ عَلَيْكَ تَحَمَّلْتَ وَأَكْرَمْتَهُ بِحَقِّ إِسْلَامِهِ مَعَ سِنِّهِ فَإِنَّمَا حَقُّ السِّنِّ بِقَدْرِ الْإِسْلَامِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ الصَّغِيرِ فَرَحْمَتُهُ وَتَثْقِيفُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ وَالسَّتْرُ عَلَيْهِ وَالرِّفْقُ بِهِ وَالْمَعُونَةُ لَهُ وَالسَّتْرُ عَلَى جَرَائِرِ حَدَاثَتِهِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلتَّوْبَةِ وَالْمُدَارَاةُ لَهُ وَتَرْكُ مُمَاحَكَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى لِرُشْدِهِ وَأَمَّا حَقُّ السَّائِلِ فَإِعْطَاؤُهُ إِذَا تَيَقَّنْتَ صِدْقَهُ وَقَدَرْتَ عَلَى سَدِّ حَاجَتِهِ وَالدُّعَاءُ لَهُ فِيمَا نَزَلَ بِهِ وَالْمُعَاوَنَةُ لَهُ عَلَى طَلِبَتِهِ وَإِنْ شَكَكْتَ فِي صِدْقِهِ وَسَبَقَتْ إِلَيْهِ التُّهَمَةُ لَهُ وَلَمْ تَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ أَرَادَ أَنْ يَصُدَّكَ عَنْ حَظِّكَ وَيَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّقَرُّبِ إِلَى رَبِّكَ فَتَرَكْتَهُ بِسَتْرِهِ وَرَدَدْتَهُ رَدّاً جَمِيلًا وَإِنْ غَلَبْتَ نَفْسَكَ فِي أَمْرِهِ وَأَعْطَيْتَهُ عَلَى مَا عَرَضَ فِي نَفْسِكَ مِنْهُ- فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَأَمَّا حَقُّ الْمَسْئُولِ فَحَقُّهُ إِنْ أَعْطَى قُبِلَ مِنْهُ مَا أَعْطَى بِالشُّكْرِ لَهُ وَالْمَعْرِفَةِ لِفَضْلِهِ وَطَلَبِ وَجْهِ الْعُذْرِ فِي مَنْعِهِ وَأَحْسِنْ بِهِ الظَّنَّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِنْ مَنَعَ فَمَالَهُ مَنَعَ وَأَنْ لَيْسَ التَّثْرِيبُ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ ظَالِماً فَ إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 271

وَ أَمَّا حَقُّ مَنْ سَرَّكَ اللَّهُ بِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ فَإِنْ كَانَ تَعَمَّدَهَا لَكَ حَمِدْتَ اللَّهَ أَوَّلًا ثُمَّ شَكَرْتَهُ عَلَى ذَلِكَ بِقَدْرِهِ فِي مَوْضِعِ الْجَزَاءِ وَكَافَأْتَهُ عَلَى فَضْلِ الِابْتِدَاءِ وَأَرْصَدْتَ لَهُ الْمُكَافَأَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعَمَّدَهَا حَمِدْتَ اللَّهَ وَشَكَرْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ مِنْهُ تَوَحَّدَكَ بِهَا وَأَحْبَبْتَ هَذَا إِذْ كَانَ سَبَباً مِنْ أَسْبَابِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَتَرْجُو لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَيْراً فَإِنَّ أَسْبَابَ النِّعَمِ بَرَكَةٌ حَيْثُ مَا كَانَتْ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ مَنْ سَاءَكَ الْقَضَاءُ عَلَى يَدَيْهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَإِنْ كَانَ تَعَمَّدَهَا كَانَ الْعَفْوُ أَوْلَى بِكَ لِمَا فِيهِ لَهُ مِنَ الْقَمْعِ وَحُسْنِ الْأَدَبِ مَعَ كَثِيرِ أَمْثَالِهِ مِنَ الْخَلْقِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى قَوْلِهِ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ هَذَا فِي الْعَمْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَمْداً لَمْ تَظْلِمْهُ بِتَعَمُّدِ الِانْتِصَارِ مِنْهُ فَتَكُونَ قَدْ كَافَأْتَهُ فِي تَعَمُّدٍ عَلَى خَطَإٍ وَرَفَقْتَ بِهِ وَرَدَدْتَهُ بِأَلْطَفِ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَأَمَّا حَقُّ أَهْلِ مِلَّتِكَ عَامَّةً فَإِضْمَارُ السَّلَامَةِ وَنَشْرُ جَنَاحِ الرَّحْمَةِ وَالرِّفْقُ بِمُسِيئِهِمْ وَتَأَلُّفُهُمْ وَاسْتِصْلَاحُهُمْ وَشُكْرُ مُحْسِنِهِمْ إِلَى نَفْسِهِ وَإِلَيْكَ فَإِنَّ إِحْسَانَهُ إِلَى نَفْسِهِ إِحْسَانُهُ إِلَيْكَ إِذَا كَفَّ عَنْكَ أَذَاهُ وَكَفَاكَ مَئُونَتَهُ وَحَبَسَ عَنْكَ نَفْسَهُ فَعُمَّهُمْ جَمِيعاً بِدَعْوَتِكَ وَانْصُرْهُمْ جَمِيعاً بِنُصْرَتِكَ وَأَنْزَلْتَهُمْ [أَنْزِلْهُمْ جَمِيعاً مِنْكَ مَنَازِلَهُمْ كَبِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ وَصَغِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ وَأَوْسَطَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ فَمَنْ أَتَاكَ تَعَاهَدْتَهُ بِلُطْفٍ وَرَحْمَةٍ وَصِلْ أَخَاكَ بِمَا يَجِبُ لِلْأَخِ عَلَى أَخِيهِ وَأَمَّا حَقُّ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَالْحُكْمُ فِيهِمْ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا قَبِلَ اللَّهُ وَتَفِيَ بِمَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 272

جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ ذِمَّتِهِ وَعَهْدِهِ وَتَكِلَهُمْ إِلَيْهِ فِيمَا طُلِبُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأُجْبِرُوا عَلَيْهِ وَتَحْكُمَ فِيهِمْ بِمَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ فِيمَا جَرَى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ مِنْ مُعَامَلَةٍ وَلْيَكُنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ظُلْمِهِمْ مِنْ رِعَايَةِ ذِمَّةِ اللَّهِ وَالْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ وَعَهِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص حَائِلٌ فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً كُنْتُ خَصْمَهُ فَاتَّقِ اللَّهَ وَلَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَهَذِهِ خَمْسُونَ حَقّاً مُحِيطاً بِكَ لَا تَخْرُجْ مِنْهَا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ يَجِبُ عَلَيْكَ رِعَايَتُهَا وَالْعَمَلُ فِي تَأْدِيَتِهَا وَالِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ- وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏

و من كلامه ع في الزهد

إِنَّ عَلَامَةَ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ تَرْكُهُمْ كُلَّ خَلِيطٍ وَخَلِيلٍ وَرَفْضُهُمْ كُلَّ صَاحِبٍ لَا يُرِيدُ مَا يُرِيدُونَ أَلَا وَإِنَّ الْعَامِلَ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ هُوَ الزَّاهِدُ فِي عَاجِلِ زَهْرَةِ الدُّنْيَا الْآخِذُ لِلْمَوْتِ أُهْبَتَهُ الْحَاثُّ عَلَى الْعَمَلِ قَبْلَ فَنَاءِ الْأَجَلِ وَنُزُولِ مَا لَا بُدَّ مِنْ لِقَائِهِ وَتَقْدِيمِ الْحَذَرِ قَبْلَ الْحَيْنِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ  لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ فَلَيُنْزِلَنَّ أَحَدُكُمُ الْيَوْمَ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا كَمَنْزِلَةِ الْمَكْرُورِ إِلَى الدُّنْيَا النَّادِمِ عَلَى مَا فَرَّطَ فِيهَا مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ لِيَوْمِ فَاقَتِهِ وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّهُ مَنْ خَافَ الْبَيَاتَ تَجَافَى عَنِ الْوِسَادِ وَامْتَنَعَ مِنَ الرُّقَادِ وَأَمْسَكَ عَنْ بَعْضِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ خَوْفِ سُلْطَانِ أَهْلِ الدُّنْيَا فَكَيْفَ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ خَوْفِ بَيَاتِ سُلْطَانِ رَبِّ الْعِزَّةِ وَأَخْذِهِ الْأَلِيمِ وَبَيَاتِهِ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ مَعَ طَوَارِقِ الْمَنَايَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَذَلِكَ الْبَيَاتُ الَّذِي لَيْسَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 273

مِنْهُ مَنْجًى وَلَا دُونَهُ مُلْتَجَأٌ وَلَا مِنْهُ مَهْرَبٌ فَخَافُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْبَيَاتِ خَوْفَ أَهْلِ التَّقْوَى فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ- ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ فَاحْذَرُوا زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَغُرُورَهَا وَشُرُورَهَا وَتَذَكَّرُوا ضَرَرَ عَاقِبَةِ الْمَيْلِ إِلَيْهَا فَإِنَّ زِينَتَهَا فِتْنَةٌ وَحُبَّهَا خَطِيئَةٌ وَاعْلَمْ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ أَنَّ قَسْوَةَ الْبِطْنَةِ وَكِظَّةَ الْمِلْأَةِ وَسُكْرَ الشِّبَعِ وَغِرَّةَ الْمُلْكِ مِمَّا يُثَبِّطُ وَيُبْطِئُ عَنِ الْعَمَلِ وَيُنْسِي الذِّكْرَ وَيُلْهِي عَنِ اقْتِرَابِ الْأَجَلِ حَتَّى كَأَنَّ الْمُبْتَلَى بِحُبِّ الدُّنْيَا بِهِ خَبَلٌ مِنْ سُكْرِ الشَّرَابِ وَأَنَّ الْعَاقِلَ عَنِ اللَّهِ الْخَائِفَ مِنْهُ الْعَامِلَ لَهُ لَيُمَرِّنُ نَفْسَهُ وَيُعَوِّدُهَا الْجُوعَ حَتَّى مَا تَشْتَاقَ إِلَى الشِّبَعِ وَكَذَلِكَ تُضَمَّرُ الْخَيْلُ لِسَبْقِ الرِّهَانِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ تَقْوَى مُؤَمِّلٍ ثَوَابَهُ وَخَائِفٍ عِقَابَهُ فَقَدْ لِلَّهِ أَنْتُمْ أَعْذَرَ وَأَنْذَرَ وَشَوَّقَ وَخَوَّفَ فَلَا أَنْتُمْ إِلَى مَا شَوَّقَكُمْ إِلَيْهِ مِنْ كَرِيمِ ثَوَابِهِ تَشْتَاقُونَ فَتَعْمَلُونَ وَلَا أَنْتُمْ مِمَّا خَوَّفَكُمْ بِهِ مِنْ شَدِيدِ عِقَابِهِ وَأَلِيمِ عَذَابِهِ تَرْهَبُونَ فَتَنْكُلُونَ وَقَدْ نَبَّأَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ- فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ ثُمَّ ضَرَبَ لَكُمُ الْأَمْثَالَ فِي كِتَابِهِ وَصَرَّفَ الْآيَاتِ لِتَحْذَرُوا عَاجِلَ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَقَالَ‏نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ‏

 فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاتَّعِظُوا بِمَوَاعِظِ اللَّهِ وَمَا أَعْلَمُ إِلَّا كَثِيراً مِنْكُمْ قَدْ نَهَكَتْهُ عَوَاقِبُ الْمَعَاصِي فَمَا حَذَرَهَا وَأَضَرَّتْ بِدِينِهِ فَمَا مَقَتَهَا أَ مَا تَسْمَعُونَ النِّدَاءَ

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         278    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 278

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 274

مِنَ اللَّهِ بِعَيْبِهَا وَتَصْغِيرِهَا حَيْثُ قَالَ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ.  سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَقَالَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.  وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَتَفَكَّرُوا وَاعْمَلُوا لِمَا خُلِقْتُمْ لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى قَدْ عَرَّفَكُمْ نَفْسَهُ وَبَعَثَ إِلَيْكُمْ رَسُولَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْكُمْ كِتَابَهُ فِيهِ حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ وَحُجَجُهُ وَأَمْثَالُهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ فَقَدِ احْتَجَّ عَلَيْكُمْ رَبُّكُمْ فَقَالَ أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ.  وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ.  وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ فَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تُكْلَانَ إِلَّا عَلَيْهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ‏

كتابه ع إلى محمد بن مسلم الزهري يعظه‏

كَفَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ الْفِتَنِ وَرَحِمَكَ مِنَ النَّارِ فَقَدْ أَصْبَحْتَ بِحَالٍ يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَكَ بِهَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 275

أَنْ يَرْحَمَكَ فَقَدْ أَثْقَلَتْكَ نِعَمُ اللَّهِ بِمَا أَصَحَّ مِنْ بَدَنِكَ وَأَطَالَ مِنْ عُمُرِكَ وَقَامَتْ عَلَيْكَ حُجَجُ اللَّهِ بِمَا حَمَّلَكَ مِنْ كِتَابِهِ وَفَقَّهَكَ فِيهِ مِنْ دِينِهِ وَعَرَّفَكَ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ص فَرَضِيَ لَكَ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكَ وَفِي كُلِّ حُجَّةٍ احْتَجَّ بِهَا عَلَيْكَ الْفَرْضَ بِمَا قَضَى فَمَا قَضَى إِلَّا ابْتَلَى شُكْرَكَ فِي ذَلِكَ وَأَبْدَى فِيهِ فَضْلَهُ عَلَيْكَ فَقَالَ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ. فَانْظُرْ أَيَّ رَجُلٍ تَكُونُ غَداً إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَسَأَلَكَ عَنْ نِعَمِهِ عَلَيْكَ كَيْفَ رَعَيْتَهَا وَعَنْ حُجَجِهِ عَلَيْكَ كَيْفَ قَضَيْتَهَا وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ قَابِلًا مِنْكَ بِالتَّعْذِيرِ وَلَا رَاضِياً مِنْكَ بِالتَّقْصِيرِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لَيْسَ كَذَلِكَ أَخَذَ عَلَى الْعُلَمَاءِ فِي كِتَابِهِ إِذْ قَالَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ أَدْنَى مَا كَتَمْتَ وَأَخَفَّ مَا احْتَمَلْتَ أَنْ آنَسْتَ وَحْشَةَ الظَّالِمِ وَسَهَّلْتَ لَهُ طَرِيقَ الْغَيِّ بِدُنُوِّكَ مِنْهُ حِينَ دَنَوْتَ وَإِجَابَتِكَ لَهُ حِينَ دُعِيتَ فَمَا أَخْوَفَنِي أَنْ تَكُونَ تَبُوءُ بِإِثْمِكَ غَداً مَعَ الْخَوَنَةِ وَأَنْ تُسْأَلَ عَمَّا أَخَذْتَ بِإِعَانَتِكَ عَلَى ظُلْمِ الظَّلَمَةِ إِنَّكَ أَخَذْتَ مَا لَيْسَ لَكَ مِمَّنْ أَعْطَاكَ وَدَنَوْتَ مِمَّنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَى أَحَدٍ حَقّاً وَلَمْ تَرُدَّ بَاطِلًا حِينَ أَدْنَاكَ وَأَحْبَبْتَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ أَ وَلَيْسَ بِدُعَائِهِ إِيَّاكَ حِينَ دَعَاكَ جَعَلُوكَ قُطْباً أَدَارُوا بِكَ رَحَى مَظَالِمِهِمْ وَجِسْراً يَعْبُرُونَ عَلَيْكَ إِلَى بَلَايَاهُمْ وَسُلَّماً إِلَى ضَلَالَتِهِمْ دَاعِياً إِلَى غَيِّهِمْ سَالِكاً سَبِيلَهُمْ يُدْخِلُونَ بِكَ الشَّكَّ عَلَى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 276

الْعُلَمَاءِ وَيَقْتَادُونَ بِكَ قُلُوبَ الْجُهَّالِ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَبْلُغْ أَخَصُّ وُزَرَائِهِمْ وَلَا أَقْوَى أَعْوَانِهِمْ إِلَّا دُونَ مَا بَلَغْتَ مِنْ إِصْلَاحِ فَسَادِهِمْ وَاخْتِلَافِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ إِلَيْهِمْ فَمَا أَقَلَّ مَا أَعْطَوْكَ فِي قَدْرِ مَا أَخَذُوا مِنْكَ وَمَا أَيْسَرَ مَا عَمَرُوا لَكَ فَكَيْفَ مَا خَرَّبُوا عَلَيْكَ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ فَإِنَّهُ لَا يَنْظُرُ لَهَا غَيْرُكَ وَحَاسِبْهَا حِسَابَ رَجُلٍ مَسْئُولٍ وَانْظُرْ كَيْفَ شُكْرُكَ لِمَنْ غَذَّاكَ بِنِعَمِهِ صَغِيراً وَكَبِيراً فَمَا أَخْوَفَنِي أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ- فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى‏ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا إِنَّكَ لَسْتَ فِي دَارِ مُقَامٍ أَنْتَ فِي دَارٍ قَدْ آذَنَتْ بِرَحِيلٍ فَمَا بَقَاءُ الْمَرْءِ بَعْدَ قُرَنَائِهِ طُوبَى لِمَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا عَلَى وَجَلٍ يَا بُؤْسَ لِمَنْ يَمُوتُ وَتَبْقَى ذُنُوبُهُ مِنْ بَعْدِهِ احْذَرْ فَقَدْ نُبِّئْتَ وَبَادِرْ فَقَدْ أُجِّلْتَ إِنَّكَ تُعَامِلُ مَنْ لَا يَجْهَلُ وَإِنَّ الَّذِي يَحْفَظُ عَلَيْكَ لَا يَغْفُلُ تَجَهَّزْ فَقَدْ دَنَا مِنْكَ سَفَرٌ بَعِيدٌ وَدَاوِ ذَنْبَكَ فَقَدْ دَخَلَهُ سُقْمٌ شَدِيدٌ وَلَا تَحْسَبْ أَنِّي أَرَدْتُ تَوْبِيخَكَ وَتَعْنِيفَكَ وَتَعْيِيرَكَ لَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ يَنْعَشَ اللَّهُ مَا قَدْ فَاتَ مِنْ رَأْيِكَ وَيَرُدَّ إِلَيْكَ مَا عَزَبَ مِنْ دِينِكَ وَذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ- وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ أَ غَفَلْتَ ذِكْرَ مَنْ مَضَى مِنْ أَسْنَانِكَ وَأَقْرَانِكِ وَبَقِيتَ بَعْدَهُمْ كَقَرْنٍ أَعْضَبَ انْظُرْ هَلِ ابْتُلُوا بِمِثْلِ مَا ابْتُلِيتَ أَمْ هَلْ وَقَعُوا فِي مِثْلِ مَا وَقَعْتَ فِيهِ أَمْ هَلْ تَرَاهُمْ ذَكَرْتَ خَيْراً أَهْمَلُوهُ وَعَلِمْتَ شَيْئاً جَهِلُوهُ بَلْ حَظِيتَ بِمَا حَلَّ مِنْ حَالِكَ فِي صُدُورِ الْعَامَّةِ وَكَلَّفَهُمْ بِكَ إِذْ صَارُوا يَقْتَدُونَ بِرَأْيِكَ وَيَعْمَلُونَ بِأَمْرِكَ إِنْ أَحْلَلْتَ أَحَلُّوا وَإِنْ حَرَّمْتَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 277

حَرَّمُوا وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَكَ وَلَكِنْ أَظْهَرَهُمْ عَلَيْكَ رَغْبَتُهُمْ فِيمَا لَدَيْكَ ذَهَابُ عُلَمَائِهِمْ وَغَلَبَةُ الْجَهْلِ عَلَيْكَ وَعَلَيْهِمْ وَحُبُّ الرِّئَاسَةِ وَطَلَبُ الدُّنْيَا مِنْكَ وَمِنْهُمْ أَ مَا تَرَى مَا أَنْتَ فِيهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالْغِرَّةِ وَمَا النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْفِتْنَةِ قَدِ ابْتَلَيْتَهُمْ وَفَتَنْتَهُمْ بِالشُّغُلِ عَنْ مَكَاسِبِهِمْ مِمَّا رَأَوْا فَتَاقَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَى أَنْ يَبْلُغُوا مِنَ الْعِلْمِ مَا بَلَغْتَ أَوْ يُدْرِكُوا بِهِ مِثْلَ الَّذِي أَدْرَكْتَ فَوَقَعُوا مِنْكَ فِي بَحْرٍ لَا يُدْرَكُ عُمْقُهُ وَفِي بَلَاءٍ لَا يُقْدَرُ قَدْرُهُ فَاللَّهُ لَنَا وَلَكَ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ أَمَّا بَعْدُ فَأَعْرِضْ عَنْ كُلِّ مَا أَنْتَ فِيهِ حَتَّى تَلْحَقَ بِالصَّالِحِينَ الَّذِينَ دُفِنُوا فِي أَسْمَالِهِمْ لَاصِقَةً بُطُونُهُمْ بِظُهُورِهِمْ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ وَلَا تَفْتِنُهُمُ الدُّنْيَا وَلَا يُفْتَنُونَ بِهَا رَغِبُوا فَطُلِبُوا فَمَا لَبِثُوا أَنْ لَحِقُوا فَإِذَا كَانَتِ الدُّنْيَا تَبْلُغُ مِنْ مِثْلِكَ هَذَا الْمَبْلَغَ مَعَ كِبَرِ سِنِّكَ وَرُسُوخِ عِلْمِكَ وَحُضُورِ أَجَلِكَ فَكَيْفَ يَسْلَمُ الْحَدَثُ فِي سِنِّهِ الْجَاهِلُ فِي عِلْمِهِ الْمَأْفُونُ فِي رَأْيِهِ الْمَدْخُولُ فِي عَقْلِهِ- إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ عَلَى مَنِ الْمُعَوَّلُ وَعِنْدَ مَنِ الْمُسْتَعْتَبُ نَشْكُو إِلَى اللَّهِ بَثَّنَا وَمَا نَرَى فِيكَ وَنَحْتَسِبُ عِنْدَ اللَّهِ مُصِيبَتَنَا بِكَ فَانْظُرْ كَيْفَ شُكْرُكَ لِمَنْ غَذَّاكَ بِنِعَمِهِ صَغِيراً وَكَبِيراً وَكَيْفَ إِعْظَامُكَ لِمَنْ جَعَلَكَ بِدِينِهِ فِي النَّاسِ جَمِيلًا وَكَيْفَ صِيَانَتُكَ لِكِسْوَةِ مَنْ جَعَلَكَ بِكِسْوَتِهِ فِي النَّاسِ سَتِيراً وَكَيْفَ قُرْبُكَ أَوْ بُعْدُكَ مِمَّنْ أَمَرَكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُ قَرِيباً ذَلِيلًا- مَا لَكَ لَا تَنْتَبِهُ مِنْ نَعْسَتِكَ وَتَسْتَقِيلُ مِنْ عَثْرَتِكَ فَتَقُولَ وَاللَّهِ مَا قُمْتُ لِلَّهِ مَقَاماً وَاحِداً أَحْيَيْتُ بِهِ لَهُ دِيناً أَوْ أَمَتُّ لَهُ فِيهِ بَاطِلًا فَهَذَا شُكْرُكَ مَنِ اسْتَحْمَلَكَ مَا أَخْوَفَنِي أَنْ تَكُونَ كَمَنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ- أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا اسْتَحْمَلَكَ كِتَابَهُ وَاسْتَوْدَعَكَ عِلْمَهُ فَأَضَعْتَهَا فَنَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي عَافَانَا مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَالسَّلَامُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         282    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 278

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 278

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ ع الرِّضَا بِمَكْرُوهِ الْقَضَاءِ أَرْفَعُ دَرَجَاتِ الْيَقِينِ‏

وَ قَالَ ع مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا

وَ قِيلَ لَهُ مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ خَطَراً فَقَالَ ع مَنْ لَمْ يَرَ الدُّنْيَا خَطَراً لِنَفْسِهِ‏

وَ قَالَ بِحَضْرَتِهِ رَجُلٌ اللَّهُمَّ أَغْنِنِي عَنْ خَلْقِكَ فَقَالَ ع لَيْسَ هَكَذَا إِنَّمَا النَّاسُ بِالنَّاسِ وَلَكِنْ قُلِ اللَّهُمَّ أَغْنِنِي عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ قَنِعَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ‏

وَ قَالَ ع لَا يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ تَقْوَى وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ‏

وَ قَالَ ع اتَّقُوا الْكَذِبَ الصَّغِيرَ مِنْهُ وَالْكَبِيرَ فِي كُلِّ جِدٍّ وَهَزْلٍ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَذَبَ فِي الصَّغِيرِ اجْتَرَأَ عَلَى الْكَبِيرِ

وَ قَالَ ع كَفَى بِنَصْرِ اللَّهِ لَكَ أَنْ تَرَى عَدُوَّكَ يَعْمَلُ بِمَعَاصِي اللَّهِ فِيكَ‏

وَ قَالَ ع الْخَيْرُ كُلُّهُ صِيَانَةُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ‏

وَ قَالَ ع لِبَعْضِ بَنِيهِ يَا بُنَيَّ إِنَّ اللَّهَ رَضِيَنِي لَكَ وَلَمْ يَرْضَكَ لِي فَأَوْصَاكَ بِي وَلَمْ يُوصِنِي بِكَ عَلَيْكَ بِالْبِرِّ تُحْفَةً يَسِيرَةً

وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا الزُّهْدُ فَقَالَ ع الزُّهْدُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ فَأَعْلَى دَرَجَاتِ الزُّهْدِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الْوَرَعِ وَأَعْلَى دَرَجَاتِ الْوَرَعِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الْيَقِينِ وَأَعْلَى دَرَجَاتِ الْيَقِينِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الرِّضَا وَإِنَّ الزُّهْدَ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ- لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 279

وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ‏

وَ قَالَ ع طَلَبُ الْحَوَائِجِ إِلَى النَّاسِ مَذَلَّةٌ لِلْحَيَاةِ وَمَذْهَبَةٌ لِلْحَيَاءِ وَاسْتِخْفَافٌ بِالْوَقَارِ وَهُوَ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ وَقِلَّةُ طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنَ النَّاسِ هُوَ الْغِنَى الْحَاضِرُ

وَ قَالَ ع إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اللَّهِ أَحْسَنُكُمْ عَمَلًا وَإِنَّ أَعْظَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَمَلًا أَعْظَمُكُمْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَغْبَةً وَإِنَّ أَنْجَاكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَشَدُّكُمْ خَشْيَةً لِلَّهِ وَإِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنَ اللَّهِ أَوْسَعُكُمْ خُلُقاً وَإِنَّ أَرْضَاكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَسْبَغُكُمْ عَلَى عِيَالِهِ وَإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَلَى اللَّهِ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ‏

وَ قَالَ ع لِبَعْضِ بَنِيهِ يَا بُنَيَّ انْظُرْ خَمْسَةً فَلَا تُصَاحِبْهُمْ وَلَا تُحَادِثْهُمْ وَلَا تُرَافِقْهُمْ فِي طَرِيقٍ فَقَالَ يَا أَبَةِ مَنْ هُمْ قَالَ ع إِيَّاكَ وَمُصَاحَبَةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّرَابِ يُقَرِّبُ لَكَ الْبَعِيدَ وَيُبَعِّدُ لَكَ الْقَرِيبَ وَإِيَّاكَ وَمُصَاحَبَةَ الْفَاسِقِ فَإِنَّهُ بَايَعَكَ بِأُكْلَةٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَإِيَّاكَ وَمُصَاحَبَةَ الْبَخِيلِ فَإِنَّهُ يَخْذُلُكَ فِي مَالِهِ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ وَإِيَّاكَ وَمُصَاحَبَةَ الْأَحْمَقِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ وَإِيَّاكَ وَمُصَاحَبَةَ الْقَاطِعِ لِرَحِمِهِ فَإِنِّي وَجَدْتُهُ مَلْعُوناً فِي كِتَابِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ الْمَعْرِفَةَ وَكَمَالَ دِينِ الْمُسْلِمِ تَرْكُهُ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَقِلَّةُ مِرَائِهِ وَحِلْمُهُ وَصَبْرُهُ وَحُسْنُ خُلُقِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 280

وَ قَالَ ع ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ لَكَ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِكَ وَمَا كَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هَمِّكَ وَمَا كَانَ الْخَوْفُ لَكَ شِعَاراً وَالْحَذَرُ لَكَ دِثَاراً ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَمَبْعُوثٌ وَمَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ فَأَعِدَّ لَهُ جَوَاباً

وَ قَالَ ع لَا حَسَبَ لِقُرَشِيٍّ وَلَا لِعَرَبِيٍّ إِلَّا بِتَوَاضُعٍ وَلَا كَرَمَ إِلَّا بِتَقْوَى وَلَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَلَا عِبَادَةَ إِلَّا بِالتَّفَقُّهِ أَلَا وَإِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ مَنْ يَقْتَدِي بِسُنَّةِ إِمَامٍ وَلَا يَقْتَدِي بِأَعْمَالِهِ‏

وَ قَالَ ع الْمُؤْمِنُ مِنْ دُعَائِهِ عَلَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ بَلَاءٌ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ الْمُنَافِقَ يَنْهَى وَلَا يَنْتَهِي وَيَأْمُرُ وَلَا يَأْتِي إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَرَضَ وَإِذَا رَكَعَ رَبَضَ وَإِذَا سَجَدَ نَقَرَ يُمْسِي وَهَمُّهُ الْعَشَاءُ وَلَمْ يَصُمْ وَيُصْبِحُ وَهَمُّهُ النَّوْمُ وَلَمْ يَسْهَرْ وَالْمُؤْمِنُ خَلَطَ عَمَلَهُ بِحِلْمِهِ يَجْلِسُ لِيَعْلَمَ وَيُنْصِتُ لِيَسْلَمَ لَا يُحَدِّثُ بِالْأَمَانَةِ الْأَصْدِقَاءَ وَلَا يَكْتُمُ الشَّهَادَةَ لِلْبُعَدَاءِ وَلَا يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ الْحَقِّ رِئَاءً وَلَا يَتْرُكُهُ حَيَاءً إِنْ زُكِّيَ خَافَ مِمَّا يَقُولُونَ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ وَلَا يَضُرُّهُ جَهْلُ مَنْ جَهِلَهُ‏

وَ رَأَى ع عَلِيلًا قَدْ بَرِئَ فَقَالَ ع لَهُ يَهْنَؤُكَ الطَّهُورُ مِنَ الذُّنُوبِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَكَ فَاذْكُرْهُ وَأَقَالَكَ فَاشْكُرْهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 281

وَ قَالَ ع خَمْسٌ لَوْ رَحَلْتُمْ فِيهِنَّ لَأَنْضَيْتُمُوهُنَّ وَمَا قَدَرْتُمْ عَلَى مِثْلِهِنَّ لَا يَخَافُ عَبْدٌ إِلَّا ذَنْبَهُ وَلَا يَرْجُو إِلَّا رَبَّهُ وَلَا يَسْتَحْيِي الْجَاهِلُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَالصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ‏

وَ قَالَ ع يَقُولُ اللَّهُ يَا ابْنَ آدَمَ ارْضَ بِمَا آتَيْتُكَ تَكُنْ مِنْ أَزْهَدِ النَّاسِ ابْنَ آدَمَ اعْمَلْ بِمَا افْتَرَضْتُ عَلَيْكَ تَكُنْ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ ابْنَ آدَمَ اجْتَنِبْ مِمَّا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ‏

وَ قَالَ ع كَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَكَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِحُسْنِ السَّتْرِ عَلَيْهِ وَكَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع يَا سَوْأَتَاهْ لِمَنْ غَلَبَتْ إِحْدَاتُهُ عَشَرَاتِهِ يُرِيدُ أَنَّ السَّيِّئَةَ بِوَاحِدَةٍ وَالْحَسَنَةَ بِعَشَرَةٍ

وَ قَالَ ع إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَكُونُوا مِنَ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّ الزَّاهِدِينَ اتَّخَذُوا أَرْضَ اللَّهِ بِسَاطاً وَالتُّرَابَ فِرَاشاً وَالْمَدَرَ وِسَاداً وَالْمَاءَ طِيباً وَقَرَضُوا الْمَعَاشَ مِنَ الدُّنْيَا تَقْرِيضاً اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَارَعَ إِلَى الْحَسَنَاتِ وَسَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ بَادَرَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذُنُوبِهِ وَرَاجَعَ عَنِ الْمَحَارِمِ وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ مَصَائِبُهَا وَلَمْ يَكْرَهْهَا وَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَعِبَاداً قُلُوبُهُمْ مُعَلَّقَةٌ بِالْآخِرَةِ وَثَوَابِهَا وَهُمْ كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ مُخَلَّدِينَ مُنَّعَمِينَ وَكَمَنْ رَأَى أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ مُعَذَّبِينَ فَأُولَئِكَ شُرُورُهُمْ وَبَوَائِقُهُمْ عَنِ النَّاسِ مَأْمُونَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ قُلُوبَهُمْ عَنِ النَّاسِ مَشْغُولَةٌ بِخَوْفِ اللَّهِ فَطَرْفُهُمْ عَنِ الْحَرَامِ مَغْضُوضٌ وَحَوَائِجُهُمْ إِلَى النَّاسِ خَفِيفَةٌ قَبِلُوا الْيَسِيرَ مِنَ اللَّهِ فِي‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 282

الْمَعَاشِ وَهُوَ الْقُوتُ فَصَبَرُوا أَيَّاماً قِصَاراً لِطُولِ الْحَسْرَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ حُبّاً شَدِيداً فَنَكَسَ ع رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُحَبَّ فِيكَ وَأَنْتَ لِي مُبْغِضٌ ثُمَّ قَالَ لَهُ أُحِبُّكَ لِلَّذِي تُحِبُّنِي فِيهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْبَخِيلَ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ‏

 

تحف العقول عن آل الرسول ص         287    ومن كلامه ع لجابر أيضا .....  ص : 286

قَالَ ع رُبَّ مَغْرُورٍ مَفْتُونٍ يُصْبِحُ لَاهِياً ضَاحِكاً يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَهُوَ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ قَدْ سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ سَخَطَةٌ يَصْلَى بِهَا نَارَ جَهَنَّمَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ الْإِنْفَاقَ عَلَى قَدْرِ الْإِقْتَارِ وَالتَّوَسُّعَ عَلَى قَدْرِ التَّوَسُّعِ وَإِنْصَافَ النَّاسِ مِنْ نَفْسِهِ وَابْتِدَاءَهُ إِيَّاهُمْ بِالسَّلَامِ‏

وَ قَالَ ع ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ لِلْمُؤْمِنِ كَفُّ لِسَانِهِ عَنِ النَّاسِ وَاغْتِيَابِهِمْ وَإِشْغَالُهُ نَفْسَهُ بِمَا يَنْفَعُهُ لِآخِرَتِهِ وَدُنْيَاهُ وَطُولُ الْبُكَاءِ عَلَى خَطِيئَتِهِ‏

وَ قَالَ ع نَظَرُ الْمُؤْمِنِ فِي وَجْهِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ لِلْمَوَدَّةِ وَالْمَحَبَّةِ لَهُ عِبَادَةٌ

وَ قَالَ ع ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَأَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ وَآمَنَهُ مِنْ فَزَعِ الْيَوْمِ الْأَكْبَرِ مَنْ أَعْطَى النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ مَا هُوَ سَائِلُهُمْ لِنَفْسِهِ وَرَجُلٌ لَمْ يُقَدِّمْ يَداً وَلَا رِجْلًا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ قَدَّمَهَا أَوْ فِي مَعْصِيَتِهِ وَرَجُلٌ لَمْ يَعِبْ أَخَاهُ بِعَيْبٍ حَتَّى يَتْرُكَ ذَلِكَ الْعَيْبَ مِنْ نَفْسِهِ وَكَفَى بِالْمَرْءِ شُغُلًا بِعَيْبِهِ لِنَفْسِهِ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ‏

وَ قَالَ ع مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ مِنْ عِفَّةِ بَطْنٍ وَفَرْجٍ وَمَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ‏

وَ قَالَ لِابْنِهِ مُحَمَّدٍ ع افْعَلِ الْخَيْرَ إِلَى كُلِّ مَنْ طَلَبَهُ مِنْكَ فَإِنْ كَانَ أَهْلَهُ فَقَدْ أَصَبْتَ مَوْضِعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَهْلٍ كُنْتَ أَنْتَ أَهْلَهُ وَإِنْ شَتَمَكَ رَجُلٌ عَنْ يَمِينِكَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى يَسَارِكَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْكَ فَاقْبَلْ عُذْرَهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 283

وَ قَالَ ع مَجَالِسُ الصَّالِحِينَ دَاعِيَةٌ إِلَى الصَّلَاحِ وَآدَابُ الْعُلَمَاءِ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ وَطَاعَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ تَمَامُ الْعِزِّ وَاسْتِنْمَاءُ الْمَالِ تَمَامُ الْمُرُوَّةِ وَإِرْشَادُ الْمُسْتَشِيرِ قَضَاءٌ لِحَقِّ النِّعْمَةِ وَكَفُّ الْأَذَى مِنْ كَمَالِ الْعَقْلِ وَفِيهِ رَاحَةٌ لِلْبَدَنِ عَاجِلًا وَآجِلًا

وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ- وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها يَقُولُ ع سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِي أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ نِعَمِهِ إِلَّا الْمَعْرِفَةَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَتِهَا كَمَا لَمْ يَجْعَلْ فِي أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ إِدْرَاكِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فَشَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ مَعْرِفَةَ الْعَارِفِينَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَجَعَلَ مَعْرِفَتَهُمْ بِالتَّقْصِيرِ شُكْراً كَمَا جَعَلَ عِلْمَ الْعَالِمِينَ أَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَهُ إِيمَاناً عِلْماً مِنْهُ أَنَّهُ قَدْرُ وُسْعِ الْعِبَادِ فَلَا يُجَاوِزُونَ ذَلِكَ‏

وَ قَالَ ع سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الِاعْتِرَافَ بِالنِّعْمَةِ لَهُ حَمْداً سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الِاعْتِرَافَ بِالْعَجْزِ عَنِ الشُّكْرِ شُكْراً

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 284

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

و روي عن الإمام الباقر عن علم الله وعلم رسوله أبي جعفر محمد بن علي ع في طوال هذه المعاني‏

وصيته ع لجابر بن يزيد الجعفي‏

رُوِيَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ لَهُ يَا جَابِرُ اغْتَنِمْ مِنْ أَهْلِ زَمَانِكَ خَمْساً إِنْ حَضَرْتَ لَمْ تُعْرَفْ وَإِنْ غِبْتَ لَمْ تُفْتَقَدْ وَإِنْ شَهِدْتَ لَمْ تُشَاوَرْ وَإِنْ قُلْتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُكَ وَإِنْ خَطَبْتَ لَمْ تُزَوَّجْ وَأُوصِيكَ بِخَمْسٍ إِنْ ظُلِمْتَ فَلَا تَظْلِمْ وَإِنْ خَانُوكَ فَلَا تَخُنْ وَإِنْ كُذِّبْتَ فَلَا تَغْضَبْ وَإِنْ مُدِحْتَ فَلَا تَفْرَحْ وَإِنْ ذُمِمْتَ فَلَا تَجْزَعْ وَفَكِّرْ فِيمَا قِيلَ فِيكَ فَإِنْ عَرَفْتَ مِنْ نَفْسِكَ مَا قِيلَ فِيكَ فَسُقُوطُكَ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ عِنْدَ غَضَبِكَ مِنَ الْحَقِّ أَعْظَمُ عَلَيْكَ مُصِيبَةً مِمَّا خِفْتَ مِنْ سُقُوطِكَ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ عَلَى خِلَافِ مَا قِيلَ فِيكَ فَثَوَابٌ اكْتَسَبْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتْعَبَ بَدَنُكَ وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ لَا تَكُونُ لَنَا وَلِيّاً حَتَّى لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْكَ أَهْلُ مِصْرِكَ وَقَالُوا إِنَّكَ رَجُلُ سَوْءٍ لَمْ يَحْزُنْكَ ذَلِكَ وَلَوْ قَالُوا إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ لَمْ يَسُرَّكَ ذَلِكَ وَلَكِنِ اعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كُنْتَ سَالِكاً سَبِيلَهُ زَاهِداً فِي تَزْهِيدِهِ رَاغِباً فِي تَرْغِيبِهِ خَائِفاً مِنْ تَخْوِيفِهِ فَاثْبُتْ وَأَبْشِرْ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكَ مَا قِيلَ فِيكَ وَإِنْ كُنْتَ مُبَايِناً لِلْقُرْآنِ فَمَا ذَا الَّذِي يَغُرُّكَ مِنْ نَفْسِكَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَعْنِيٌّ بِمُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ لِيَغْلِبَهَا عَلَى هَوَاهَا فَمَرَّةً يُقِيمُ أَوَدَهَا وَيُخَالِفُ هَوَاهَا فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ وَمَرَّةً تَصْرَعُهُ نَفْسُهُ فَيَتَّبِعُ هَوَاهَا فَيَنْعَشُهُ اللَّهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 285

فَيَنْتَعِشُ وَيُقِيلُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ فَيَتَذَكَّرُ وَيَفْزَعُ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْمَخَافَةِ فَيَزْدَادُ بَصِيرَةً وَمَعْرِفَةً لِمَا زِيدَ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ- إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ يَا جَابِرُ اسْتَكْثِرْ لِنَفْسِكَ مِنَ اللَّهِ قَلِيلَ الرِّزْقِ تَخَلُّصاً إِلَى الشُّكْرِ وَاسْتَقْلِلْ مِنْ نَفْسِكَ كَثِيرَ الطَّاعَةِ لِلَّهِ إِزْرَاءً عَلَى النَّفْسِ وَتَعَرُّضاً لِلْعَفْوِ وَادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ حَاضِرَ الشَّرِّ بِحَاضِرِ الْعِلْمِ وَاسْتَعْمِلْ حَاضِرَ الْعِلْمِ بِخَالِصِ الْعَمَلِ وَتَحَرَّزْ فِي خَالِصِ الْعَمَلِ مِنْ عَظِيمِ الْغَفْلَةِ بِشِدَّةِ التَّيَقُّظِ وَاسْتَجْلِبْ شِدَّةَ التَّيَقُّظِ بِصِدْقِ الْخَوْفِ وَاحْذَرْ خَفِيَّ التَّزَيُّنِ بِحَاضِرِ الْحَيَاةِ وَتَوَقَّ مُجَازَفَةَ الْهَوَى بِدَلَالَةِ الْعَقْلِ وَقِفْ عِنْدَ غَلَبَةِ الْهَوَى بِاسْتِرْشَادِ الْعِلْمِ وَاسْتَبْقِ خَالِصَ الْأَعْمَالِ لِيَوْمِ الْجَزَاءِ وَانْزِلْ سَاحَةَ الْقَنَاعَةِ بِاتِّقَاءِ الْحِرْصِ وَادْفَعْ عَظِيمَ الْحِرْصِ بِإِيثَارِ الْقَنَاعَةِ وَاسْتَجْلِبْ حَلَاوَةَ الزَّهَادَةِ بِقَصْرِ الْأَمَلِ وَاقْطَعْ أَسْبَابَ الطَّمَعِ بِبَرْدِ الْيَأْسِ وَسُدَّ سَبِيلَ الْعُجْبِ بِمَعْرِفَةِ النَّفْسِ وَتَخَلَّصْ إِلَى رَاحَةِ النَّفْسِ بِصِحَّةِ التَّفْوِيضِ وَاطْلُبْ رَاحَةَ الْبَدَنِ بِإِجْمَامِ الْقَلْبِ وَتَخَلَّصْ إِلَى إِجْمَامِ الْقَلْبِ بِقِلَّةِ الْخَطَإِ وَتَعَرَّضْ لِرِقَّةِ الْقَلْبِ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ فِي الْخَلَوَاتِ وَاسْتَجْلِبْ نُورَ الْقَلْبِ بِدَوَامِ الْحُزْنِ وَتَحَرَّزْ مِنْ إِبْلِيسَ بِالْخَوْفِ الصَّادِقِ وَإِيَّاكَ وَالرَّجَاءَ الْكَاذِبَ فَإِنَّهُ يُوقِعُكَ فِي الْخَوْفِ الصَّادِقِ وَتَزَيَّنْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالصِّدْقِ فِي الْأَعْمَالِ وَتَحَبَّبْ إِلَيْهِ بِتَعْجِيلِ الِانْتِقَالِ وَإِيَّاكَ وَالتَّسْوِيفَ فَإِنَّهُ بَحْرٌ يَغْرَقُ فِيهِ الْهَلْكَى وَإِيَّاكَ وَالْغَفْلَةَ فَفِيهَا تَكُونُ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَإِيَّاكَ وَالتَّوَانِيَ فِيمَا لَا عُذْرَ لَكَ فِيهِ فَإِلَيْهِ يَلْجَأُ النَّادِمُونَ وَاسْتَرْجِعْ سَالِفَ الذُّنُوبِ بِشِدَّةِ النَّدَمِ وَكَثْرَةِ الِاسْتِغْفَارِ وَتَعَرَّضْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 286

لِلرَّحْمَةِ وَعَفْوِ اللَّهِ بِحُسْنِ الْمُرَاجَعَةِ وَاسْتَعِنْ عَلَى حُسْنِ الْمُرَاجَعَةِ بِخَالِصِ الدُّعَاءِ وَالْمُنَاجَاةِ فِي الظُّلَمِ وَتَخَلَّصْ إِلَى عَظِيمِ الشُّكْرِ بِاسْتِكْثَارِ قَلِيلِ الرِّزْقِ وَاسْتِقْلَالِ كَثِيرِ الطَّاعَةِ وَاسْتَجْلِبْ زِيَادَةَ النِّعَمِ بِعَظِيمِ الشُّكْرِ وَالتَّوَسُّلِ إِلَى عَظِيمِ الشُّكْرِ بِخَوْفِ زَوَالِ النِّعَمِ وَاطْلُبْ بَقَاءَ الْعِزِّ بِإِمَاتَةِ الطَّمَعِ وَادْفَعْ ذُلَّ الطَّمَعِ بِعِزِّ الْيَأْسِ وَاسْتَجْلِبْ عِزَّ الْيَأْسِ بِبُعْدِ الْهِمَّةِ وَتَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا بِقَصْرِ الْأَمَلِ وَبَادِرْ بِانْتِهَازِ الْبُغْيَةِ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ وَلَا إِمْكَانَ كَالْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ مَعَ صِحَّةِ الْأَبْدَانِ وَإِيَّاكَ وَالثِّقَةَ بِغَيْرِ الْمَأْمُونِ فَإِنَّ لِلشَّرِّ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْغِذَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا عِلْمَ كَطَلَبِ السَّلَامَةِ وَلَا سَلَامَةَ كَسَلَامَةِ الْقَلْبِ وَلَا عَقَلَ كَمُخَالَفَةِ الْهَوَى وَلَا خَوْفَ كَخَوْفٍ حَاجِزٍ وَلَا رَجَاءَ كَرَجَاءٍ مُعِينٍ وَلَا فَقْرَ كَفَقْرِ الْقَلْبِ وَلَا غِنَى كَغِنَى النَّفْسِ وَلَا قُوَّةَ كَغَلَبَةِ الْهَوَى وَلَا نُورَ كَنُورِ الْيَقِينِ وَلَا يَقِينَ كَاسْتِصْغَارِكَ الدُّنْيَا وَلَا مَعْرِفَةَ كَمَعْرِفَتِكَ بِنَفْسِكَ وَلَا نِعْمَةَ كَالْعَافِيَةِ وَلَا عَافِيَةَ كَمُسَاعَدَةِ التَّوْفِيقِ وَلَا شَرَفَ كَبُعْدِ الْهِمَّةِ وَلَا زُهْدَ كَقَصْرِ الْأَمَلِ وَلَا حِرْصَ كَالْمُنَافَسَةِ فِي الدَّرَجَاتِ وَلَا عَدْلَ كَالْإِنْصَافِ وَلَا تَعَدِّيَ كَالْجَوْرِ وَلَا جَوْرَ كَمُوَافَقَةِ الْهَوَى وَلَا طَاعَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَلَا خَوْفَ كَالْحُزْنِ وَلَا مُصِيبَةَ كَعَدَمِ الْعَقْلِ وَلَا عَدَمَ عَقْلٍ كَقِلَّةِ الْيَقِينِ وَلَا قِلَّةَ يَقِينٍ كَفَقْدِ الْخَوْفِ وَلَا فَقْدَ خَوْفٍ كَقِلَّةِ الْحُزْنِ عَلَى فَقْدِ الْخَوْفِ وَلَا مُصِيبَةَ كَاسْتِهَانَتِكَ بِالذَّنْبِ وَرِضَاكَ بِالْحَالَةِ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَلَا فَضِيلَةَ كَالْجِهَادِ وَلَا جِهَادَ كَمُجَاهَدَةِ الْهَوَى وَلَا قُوَّةَ كَرَدِّ الْغَضَبِ وَلَا مَعْصِيَةَ كَحُبِّ الْبَقَاءِ وَلَا ذُلَّ كَذُلِّ الطَّمَعِ وَإِيَّاكَ وَالتَّفْرِيطَ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ فَإِنَّهُ مَيْدَانٌ يَجْرِي لِأَهْلِهِ بِالْخُسْرَانِ‏

و من كلامه ع لجابر أيضا

خَرَجَ يَوْماً وَهُوَ يَقُولُ أَصْبَحْتُ وَاللَّهِ يَا جَابِرُ مَحْزُوناً مَشْغُولَ الْقَلْبِ فَقُلْتُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         291    موعظة .....  ص : 291

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 287

جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حُزْنُكَ وَشُغْلُ قَلْبِكَ كُلُّ هَذَا عَلَى الدُّنْيَا فَقَالَ ع لَا يَا جَابِرُ وَلَكِنْ حُزْنُ هَمِّ الْآخِرَةِ يَا جَابِرُ مَنْ دَخَلَ قَلْبَهُ خَالِصُ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ شُغِلَ عَمَّا فِي الدُّنْيَا مِنْ زِينَتِهَا إِنَّ زِينَةَ زَهْرَةِ الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ لَعِبٌ وَلَهْوٌ- وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ يَا جَابِرُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْكَنَ وَيَطْمَئِنَّ إِلَى زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاعْلَمْ أَنَّ أَبْنَاءَ الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ غَفْلَةٍ وَغُرُورٍ وَجَهَالَةٍ وَأَنَّ أَبْنَاءَ الْآخِرَةِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْعَامِلُونَ الزَّاهِدُونَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَأَهْلُ فِكْرَةٍ وَاعْتِبَارٍ وَاخْتِبَارٍ لَا يَمَلُّونَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَاعْلَمْ يَا جَابِرُ أَنَّ أَهْلَ التَّقْوَى هُمُ الْأَغْنِيَاءُ أَغْنَاهُمُ الْقَلِيلُ مِنَ الدُّنْيَا فَمَئُونَتُهُمْ يَسِيرَةٌ إِنْ نَسِيتَ الْخَيْرَ ذَكَّرُوكَ وَإِنْ عَمِلْتَ بِهِ أَعَانُوكَ أَخَّرُوا شَهَوَاتِهِمْ وَلَذَّاتِهِمْ خَلْفَهُمْ وَقَدَّمُوا طَاعَةَ رَبِّهِمْ أَمَامَهُمْ وَنَظَرُوا إِلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَإِلَى وَلَايَةِ أَحِبَّاءِ اللَّهِ فَأَحَبُّوهُمْ وَتَوَلَّوْهُمْ وَاتَّبَعُوهُمْ فَأَنْزِلْ نَفْسَكَ مِنَ الدُّنْيَا كَمَثَلِ مَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ سَاعَةً ثُمَّ ارْتَحَلْتَ عَنْهُ أَوْ كَمَثَلِ مَالٍ اسْتَفَدْتَهُ فِي مَنَامِكَ فَفَرِحْتَ بِهِ وَسُرِرْتَ ثُمَّ انْتَبَهْتَ مِنْ رَقْدَتِكَ وَلَيْسَ فِي يَدِكَ شَيْ‏ءٌ وَإِنِّي إِنَّمَا ضَرَبْتُ لَكَ مَثَلًا لِتَعْقِلَ وَتَعْمَلَ بِهِ إِنْ وَفَّقَكَ اللَّهُ لَهُ فَاحْفَظْ يَا جَابِرُ مَا أَسْتَوْدِعُكَ مِنْ دِينِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ وَانْصَحْ لِنَفْسِكَ وَانْظُرْ مَا اللَّهُ عِنْدَكَ فِي حَيَاتِكَ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لَكَ الْعَهْدُ عِنْدَهُ فِي مَرْجِعِكَ وَانْظُرْ فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْيَا عِنْدَكَ عَلَى غَيْرِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فَتَحَوَّلْ عَنْهَا إِلَى دَارِ الْمُسْتَعْتَبِ الْيَوْمَ فَلَرُبَّ حَرِيصٍ عَلَى أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا قَدْ نَالَهُ فَلَمَّا نَالَهُ كَانَ عَلَيْهِ وَبَالًا وَشَقِيَ بِهِ وَلَرُبَّ كَارِهٍ لِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ قَدْ نَالَهُ فَسَعِدَ بِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 288

و من كلامه ع في أحكام السيوف‏

سَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِهِ عَنْ حُرُوبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ص فَقَالَ ع لَهُ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً ص بِخَمْسَةِ أَسْيَافٍ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا شَاهِرَةٌ لَا تُغْمَدُ حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها وَلَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا أَمِنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً وَسَيْفٌ مَكْفُوفٌ وَسَيْفٌ مِنْهَا مَغْمُودٌ سَلُّهُ إِلَى غَيْرِنَا وَحُكْمُهُ إِلَيْنَا فَأَمَّا السُّيُوفُ الثَّلَاثَةُ الشَّاهِرَةُ فَسَيْفٌ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ- فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ- فَإِنْ تابُوا أَيْ آمَنُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ هَؤُلَاءِ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ وَأَمْوَالُهُمْ فَيْ‏ءٌ وَذَرَارِيُّهُمْ سَبْيٌ عَلَى مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ص فَإِنَّهُ سَبَى وَعَفَا وَقَبِلَ الْفِدَاءَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 289

وَ السَّيْفُ الثَّانِي عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ- وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ وَنَسَخَهَا قَوْلُهُ- قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الْجِزْيَةُ أَوِ الْقَتْلُ وَمَالُهُمْ فَيْ‏ءٌ وَذَرَارِيُّهُمْ سَبْيٌ فَإِذَا قَبِلُوا الْجِزْيَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ حَرُمَ عَلَيْنَا سَبْيُهُمْ وَحَرُمَتْ أَمْوَالُهُمْ وَحَلَّتْ لَنَا مَنَاكِحُهُمْ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَلَّ لَنَا سَبْيُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ وَلَمْ تَحِلَّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ إِلَّا دُخُولُ دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةُ أَوِ الْقَتْلُ وَالسَّيْفُ الثَّالِثُ عَلَى مُشْرِكِي الْعَجَمِ كَالتُّرْكِ وَالدَّيْلَمِ وَالْخَزَرِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَصَّ قِصَّتَهُمْ ثُمَّ قَالَ فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها فَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ يَعْنِي بَعْدَ السَّبْيِ مِنْهُمْ- وَإِمَّا فِداءً يَعْنِي الْمُفَادَاةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهَؤُلَاءِ لَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يَحِلُّ لَنَا نِكَاحُهُمْ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَمَّا السَّيْفُ الْمَكْفُوفُ فَسَيْفٌ عَلَى أَهْلِ الْبَغْيِ وَالتَّأْوِيلِ قَالَ اللَّهُ وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما صُلْحاً- فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 290

الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ بَعْدِي عَلَى التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ فَسُئِلَ النَّبِيُّ ص مَنْ هُوَ فَقَالَ خَاصِفُ النَّعْلِ يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ قَاتَلْتُ بِهَذِهِ الرَّايَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص ثَلَاثاً وَهَذِهِ الرَّابِعَةُ وَاللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا السَّعَفَاتِ مِنْ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ وَكَانَتِ السِّيرَةُ فِيهِمْ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع مِثْلَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي أَهْلِ مَكَّةَ يَوْمَ فَتَحَهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِ لَهُمْ ذُرِّيَّةً وَقَالَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَكَذَلِكَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَوْمَ الْبَصْرَةِ نَادَى فِيهِمْ لَا تَسْبُوا لَهُمْ ذُرِّيَّةً وَلَا تُدَفِّفُوا عَلَى جَرِيحٍ وَلَا تُتْبِعُوا مُدْبِراً وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَالسَّيْفُ الْمَغْمُودُ فَالسَّيْفُ الَّذِي يُقَامُ بِهِ الْقِصَاصُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ فَسَلُّهُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَحُكْمُهُ إِلَيْنَا فَهَذِهِ السُّيُوفُ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا مُحَمَّداً ص فَمَنْ جَحَدَهَا أَوْ جَحَدَ وَاحِداً مِنْهَا أَوْ شَيْئاً مِنْ سِيَرِهَا وَأَحْكَامِهَا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ ص‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 291

موعظة

 

تحف العقول عن آل الرسول ص         295    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 292

وَ حَضَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الشِّيعَةِ فَوَعَظَهُمْ وَحَذَّرَهُمْ وَهُمْ سَاهُونَ لَاهُونَ فَأَغَاظَهُ ذَلِكَ فَأَطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّ كَلَامِي لَوْ وَقَعَ طَرَفٌ مِنْهُ فِي قَلْبِ أَحَدِكُمْ لَصَارَ مَيِّتاً أَلَا يَا أَشْبَاحاً بِلَا أَرْوَاحٍ وَذُبَاباً بِلَا مِصْبَاحٍ كَأَنَّكُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ وَأَصْنَامٌ مَرِيدَةُ أَ لَا تَأْخُذُونَ الذَّهَبَ مِنَ الْحَجَرِ أَ لَا تَقْتَبِسُونَ الضِّيَاءَ مِنَ النُّورِ الْأَزْهَرِ أَ لَا تَأْخُذُونَ اللُّؤْلُؤَ مِنَ الْبَحْرِ خُذُوا الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ مِمَّنْ قَالَهَا وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ- الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَيْحَكَ يَا مَغْرُورُ أَ لَا تَحْمَدُ مَنْ تُعْطِيهِ فَانِياً وَيُعْطِيكَ بَاقِياً دِرْهَمٌ يَفْنَى بِعَشَرَةٍ تَبْقَى إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ مُضَاعَفَةٍ مِنْ جَوَادٍ كَرِيمٍ آتَاكَ اللَّهُ عِنْدَ مُكَافَأَةٍ هُوَ مُطْعِمُكَ وَسَاقِيكَ وَكَاسِيكَ وَمُعَافِيكَ وَكَافِيكَ وَسَاتِرُكَ مِمَّنْ يُرَاعِيكَ مَنْ حَفِظَكَ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ وَأَجَابَكَ عِنْدَ اضْطِرَارِكَ وَعَزَمَ لَكَ عَلَى الرُّشْدِ فِي اخْتِبَارِكَ كَأَنَّكَ قَدْ نَسِيتَ لَيَالِيَ أَوْجَاعِكَ وَخَوْفِكَ دَعَوْتَهُ فَاسْتَجَابَ لَكَ فَاسْتَوْجَبَ بِجَمِيلِ صَنِيعِهِ الشُّكْرَ فَنَسِيتَهُ فِيمَنْ ذَكَرَ وَخَالَفْتَهُ فِيمَا أَمَرَ وَيْلَكَ إِنَّمَا أَنْتَ لِصٌّ مِنْ لُصُوصِ الذُّنُوبِ كُلَّمَا عَرَضَتْ لَكَ شَهْوَةٌ أَوِ ارْتِكَابُ ذَنْبٍ سَارَعْتَ إِلَيْهِ وَأَقْدَمْتَ بِجَهْلِكَ عَلَيْهِ فَارْتَكَبْتَهُ كَأَنَّكَ لَسْتَ بِعَيْنِ اللَّهِ أَوْ كَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَكَ بِالْمِرْصَادِ يَا طَالِبَ الْجَنَّةِ مَا أَطْوَلَ نَوْمَكَ وَأَكَلَّ مَطِيَّتَكَ وَأَوْهَى هِمَّتَكَ فَلِلَّهِ أَنْتَ مِنْ طَالِبٍ وَمَطْلُوبٍ وَيَا هَارِباً مِنَ النَّارِ مَا أَحَثَّ مَطِيَّتَكَ إِلَيْهَا وَمَا أَكْسَبَكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 292

لِمَا يُوقِعُكَ فِيهَا انْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الْقُبُورِ سُطُوراً بِأَفْنَاءِ الدُّورِ تَدَانَوْا فِي خِطَطِهِمْ وَقَرُبُوا فِي مَزَارِهِمْ وَبَعُدُوا فِي لِقَائِهِمْ عَمَرُوا فَخُرِبُوا وَآنَسُوا فَأَوْحَشُوا وَسَكَنُوا فَأُزْعِجُوا وَقَطَنُوا فَرَحَلُوا فَمَنْ سَمِعَ بِدَانٍ بَعِيدٍ وَشَاحِطٍ قَرِيبٍ وَعَامِرٍ مَخْرُوبٍ وَآنِسٍ مُوحِشٍ وَسَاكِنٍ مُزْعَجٍ وَقَاطِنٍ مُرْحَلٍ غَيْرِ أَهْلِ الْقُبُورِ يَا ابْنَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثِ يَوْمِكَ الَّذِي وُلِدْتَ فِيهِ وَيَوْمِكَ الَّذِي تَنْزِلُ فِيهِ قَبْرَكَ وَيَوْمِكَ الَّذِي تَخْرُجُ فِيهِ إِلَى رَبِّكَ فَيَا لَهُ مِنْ يَوْمٍ عَظِيمٍ يَا ذَوِي الْهَيْئَةِ الْمُعْجِبَةِ وَالْهِيمِ الْمُعْطَنَةِ مَا لِي أَرَى أَجْسَامَكُمْ عَامِرَةً وَقُلُوبَكُمْ دَامِرَةً أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عَايَنْتُمْ مَا أَنْتُمْ مُلَاقُوهُ وَمَا أَنْتُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ لَقُلْتُمْ يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ- بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ‏

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ ع صَانِعِ الْمُنَافِقَ بِلِسَانِكَ وَأَخْلِصْ مَوَدَّتَكَ لِلْمُؤْمِنِ وَإِنْ جَالَسَكَ يَهُودِيٌّ فَأَحْسِنْ مُجَالَسَتَهُ‏

وَ قَالَ ع مَا شِيبَ شَيْ‏ءٌ بِشَيْ‏ءٍ أَحْسَنَ مِنْ حِلْمٍ بِعِلْمٍ‏

وَ قَالَ ع الْكَمَالُ كُلُّ الْكَمَالِ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ وَالصَّبْرُ عَلَى النَّائِبَةِ وَتَقْدِيرُ الْمَعِيشَةِ

وَ قَالَ ع وَاللَّهِ الْمُتَكَبِّرُ يُنَازِعُ اللَّهَ رِدَاءَهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 293

وَ قَالَ ع يَوْماً لِمَنْ حَضَرَهُ مَا الْمُرُوَّةُ فَتَكَلَّمُوا فَقَالَ ع الْمُرُوَّةُ أَنْ لَا تَطْمَعَ فَتَذِلَّ وَتَسْأَلَ فَتُقِلَّ وَلَا تَبْخَلَ فَتُشْتَمَ وَلَا تَجْهَلَ فَتُخْصَمَ فَقِيلَ وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ ع مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ كَالنَّاظِرِ فِي الْحَدَقَةِ وَالْمِسْكِ فِي الطِّيبِ وَكَالْخَلِيفَةِ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا فِي الْقَدْرِ

وَ قَالَ يَوْماً رَجُلٌ عِنْدَهُ اللَّهُمَّ أَغْنِنَا عَنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَا تَقُلْ هَكَذَا وَلَكِنْ قُلِ اللَّهُمَّ أَغْنِنَا عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ أَخِيهِ‏

وَ قَالَ ع قُمْ بِالْحَقِّ وَاعْتَزِلْ مَا لَا يَعْنِيكَ وَتَجَنَّبْ عَدُوَّكَ وَاحْذَرْ صَدِيقَكَ مِنَ الْأَقْوَامِ إِلَّا الْأَمِينَ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ وَلَا تَصْحَبِ الْفَاجِرَ وَلَا تُطْلِعْهُ عَلَى سِرِّكَ وَاسْتَشِرْ فِي أَمْرِكَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ‏

وَ قَالَ ع صُحْبَةُ عِشْرِينَ سَنَةً قَرَابَةٌ

وَ قَالَ ع إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُعَامِلَ أَحَداً إِلَّا وَلَكَ الْفَضْلُ عَلَيْهِ فَافْعَلْ‏

وَ قَالَ ع ثَلَاثَةٌ مِنْ مَكَارِمِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَتَحْلُمَ إِذَا جُهِلَ عَلَيْكَ‏

وَ قَالَ ع الظُّلْمُ ثَلَاثَةٌ ظُلْمٌ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ وَظُلْمٌ يَغْفِرُهُ اللَّهُ وَظُلْمٌ لَا يَدَعُهُ اللَّهُ فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ فَالشِّرْكُ بِاللَّهِ وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يَغْفِرُهُ اللَّهُ فَظُلْمُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَدَعُهُ اللَّهُ فَالْمُدَايَنَةُ بَيْنَ الْعِبَادِ

وَ قَالَ ع مَا مِنْ عَبْدٍ يَمْتَنِعُ مِنْ مَعُونَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَالسَّعْيِ لَهُ فِي حَاجَتِهِ قُضِيَتْ أَوْ لَمْ تُقْضَ إِلَّا ابْتُلِيَ بِالسَّعْيِ فِي حَاجَةِ مَنْ يَأْثَمُ عَلَيْهِ وَلَا يُؤْجَرُ وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَبْخَلُ بِنَفَقَةٍ يُنْفِقُهَا فِيمَا يُرْضِي اللَّهُ إِلَّا ابْتُلِيَ بِأَنْ يُنْفِقَ أَضْعَافَهَا فِيمَا أَسْخَطَ اللَّهَ‏

وَ قَالَ ع فِي كُلِّ قَضَاءِ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ إِلْحَاحَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَحَبَّ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَيُطْلَبَ مَا عِنْدَهُ.

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 294

وَ قَالَ ع مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظاً فَإِنَّ مَوَاعِظَ النَّاسِ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُ شَيْئاً

وَ قَالَ ع مَنْ كَانَ ظَاهِرُهُ أَرْجَحَ مِنْ بَاطِنِهِ خَفَّ مِيزَانُهُ‏

وَ قَالَ ع كَمْ مِنْ رَجُلٍ قَدْ لَقِيَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ كَبَّ اللَّهُ عَدُوَّكَ وَمَا لَهُ مِنْ عَدُوٍّ إِلَّا اللَّهُ‏

وَ قَالَ ع ثَلَاثَةٌ لَا يُسَلَّمُونَ الْمَاشِي إِلَى الْجُمُعَةِ وَالْمَاشِي خَلْفَ جَنَازَةٍ وَفِي بَيْتِ الْحَمَّامِ‏

وَ قَالَ ع عَالِمٌ يُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفَ عَابِدٍ

وَ قَالَ ع لَا يَكُونُ الْعَبْدُ عَالِماً حَتَّى لَا يَكُونَ حَاسِداً لِمَنْ فَوْقَهُ وَلَا مُحَقِّراً لِمَنْ دُونَهُ‏

وَ قَالَ ع مَا عَرَفَ اللَّهَ مَنْ عَصَاهُ وَأَنْشَدَ-

          تَعْصِي الْإِلَهَ وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ             هَذَا لَعَمْرُكَ فِي الْفِعَالِ بَدِيعٌ‏

             لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقاً لَأَطَعْتَهُ             إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ أَحَبَّ مُطِيعٌ‏

وَ قَالَ ع إِنَّمَا مَثَلُ الْحَاجَةِ إِلَى مَنْ أَصَابَ مَالَهُ حَدِيثاً كَمَثَلِ الدِّرْهَمِ فِي فَمِ الْأَفْعَى أَنْتَ إِلَيْهِ مُحْوِجٌ وَأَنْتَ مِنْهَا عَلَى خَطَرٍ

وَ قَالَ ع ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَمُوتُ صَاحِبُهُنَّ أَبَداً حَتَّى يَرَى وَبَالَهُنَّ الْبَغْيُ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ وَالْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ يُبَارِزُ اللَّهَ بِهَا وَإِنَّ أَعْجَلَ الطَّاعَةِ ثَوَاباً لَصِلَةُ الرَّحِمِ وَإِنَّ الْقَوْمَ لَيَكُونُونَ فُجَّاراً فَيَتَوَاصَلُونَ فَتَنْمِي أَمْوَالُهُمْ وَيُثْرُونَ وَإِنَّ الْيَمِينَ الْكَاذِبَةَ وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ لَيَذَرَانِ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ مِنْ أَهْلِهَا

وَ قَالَ ع لَا يُقْبَلُ عَمَلٌ إِلَّا بِمَعْرِفَةٍ وَلَا مَعْرِفَةَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَمَنْ عَرَفَ دَلَّتْهُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى الْعَمَلِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَلَا عَمَلَ لَهُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         298    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 292

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 295

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلْمَعْرُوفِ أَهْلًا مِنْ خَلْقِهِ حَبَّبَ إِلَيْهِمُ الْمَعْرُوفَ وَحَبَّبَ إِلَيْهِمْ فِعَالَهُ وَوَجَّهَ لِطُلَّابِ الْمَعْرُوفِ الطَّلَبَ إِلَيْهِمْ وَيَسَّرَ لَهُمْ قَضَاءَهُ كَمَا يَسَّرَ الْغَيْثَ لِلْأَرْضِ الْمُجْدِبَةِ لِيُحْيِيَهَا وَيُحْيِيَ أَهْلَهَا وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلْمَعْرُوفِ أَعْدَاءً مِنْ خَلْقِهِ بَغَّضَ إِلَيْهِمُ الْمَعْرُوفَ وَبَغَّضَ إِلَيْهِمْ فِعَالَهُ وَحَظَرَ عَلَى طُلَّابِ الْمَعْرُوفِ التَّوَجُّهَ إِلَيْهِمْ وَحَظَرَ عَلَيْهِمْ قَضَاءَهُ كَمَا يَحْظُرُ الْغَيْثَ عَنِ الْأَرْضِ الْمُجْدِبَةِ لِيُهْلِكَهَا وَيُهْلِكَ أَهْلَهَا وَمَا يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ

وَ قَالَ ع اعْرِفِ الْمَوَدَّةَ فِي قَلْبِ أَخِيكَ بِمَا لَهُ فِي قَلْبِكَ‏

وَ قَالَ ع الْإِيمَانُ حُبٌّ وَبُغْضٌ‏

وَ قَالَ ع مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَأَطَاعَهُ وَمَا كَانُوا يُعْرَفُونَ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَالتَّخَشُّعِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَكَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ وَتَعَهُّدِ الْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَذَوِي الْمَسْكَنَةِ وَالْغَارِمِينَ وَالْأَيْتَامِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَكَفِّ الْأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ وَكَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الْأَشْيَاءِ

وَ قَالَ ع أَرْبَعٌ مِنْ كُنُوزِ الْبِرِّ كِتْمَانُ الْحَاجَةِ وَكِتْمَانُ الصَّدَقَةِ وَكِتْمَانُ الْوَجَعِ وَكِتْمَانُ الْمُصِيبَةِ

وَ قَالَ ع مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَا عَمَلُهُ وَمَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ زِيدَ فِي رِزْقِهِ وَمَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِأَهْلِهِ زِيدَ فِي عُمُرِهِ‏

وَ قَالَ ع إِيَّاكَ وَالْكَسَلَ وَالضَّجَرَ فَإِنَّهُمَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ مَنْ كَسِلَ لَمْ يُؤَدِّ حَقّاً وَمَنْ ضَجِرَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى حَقٍ‏

وَ قَالَ ع مَنِ اسْتَفَادَ أَخاً فِي اللَّهِ عَلَى إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَوَفَاءٍ بِإِخَائِهِ طَلَباً لِمَرْضَاةِ اللَّهِ فَقَدِ اسْتَفَادَ شُعَاعاً مِنْ نُورِ اللَّهِ وَأَمَاناً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَحُجَّةً يُفْلِجُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعِزّاً بَاقِياً وَذِكْراً نَامِياً لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا مَوْصُولٌ وَلَا مَفْصُولٌ قِيلَ لَهُ ع مَا مَعْنَى لَا مَفْصُولٌ وَلَا مَوْصُولٌ قَالَ لَا مَوْصُولٌ بِهِ أَنَّهُ هُوَ وَلَا مَفْصُولٌ مِنْهُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 296

وَ قَالَ ع كَفَى بِالْمَرْءِ غِشّاً لِنَفْسِهِ أَنْ يُبْصِرَ مِنَ النَّاسِ مَا يَعْمَى عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ نَفْسِهِ أَوْ يَعِيبَ غَيْرَهُ بِمَا لَا يَسْتَطِيعُ تَرْكَهُ أَوْ يُؤْذِيَ جَلِيسَهُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ‏

وَ قَالَ ع التَّوَاضُعُ الرِّضَا بِالْمَجْلِسِ دُونَ شَرَفِهِ وَأَنْ تُسَلِّمَ عَلَى مَنْ لَقِيتَ وَأَنْ تَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كُنْتَ مُحِقّاً

وَ قَالَ ع إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَخُ الْمُؤْمِنِ لَا يَشْتِمُهُ وَلَا يَحْرِمُهُ وَلَا يُسِي‏ءُ بِهِ الظَّنَ‏

وَ قَالَ ع لِابْنِهِ اصْبِرْ نَفْسَكَ عَلَى الْحَقِّ فَإِنَّهُ مَنْ مَنَعَ شَيْئاً فِي حَقٍّ أُعْطِيَ فِي بَاطِلٍ مِثْلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع مَنْ قُسِمَ لَهُ الْخُرْقُ حُجِبَ عَنْهُ الْإِيمَانُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلَّهِ عُقُوبَاتٍ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ ضَنْكٌ فِي الْمَعِيشَةِ وَوَهْنٌ فِي الْعِبَادَةِ وَمَا ضُرِبَ عَبْدٌ بِعُقُوبَةٍ أَعْظَمَ مِنْ قَسْوَةِ الْقَلْبِ‏

وَ قَالَ ع إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَيْنَ الصَّابِرُونَ فَيَقُومُ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ الْمُتَصَبِّرُونَ فَيَقُومُ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الصَّابِرُونَ وَالْمُتَصَبِّرُونَ فَقَالَ ع الصَّابِرُونَ عَلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالْمُتَصَبِّرُونَ عَلَى تَرْكِ الْمَحَارِمِ‏

وَ قَالَ ع يَقُولُ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ اجْتَنِبْ مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ‏

وَ قَالَ ع أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ عِفَّةُ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ‏

وَ قَالَ ع الْبِشْرُ الْحَسَنُ وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ مَكْسَبَةٌ لِلْمَحَبَّةِ وَقُرْبَةٌ مِنَ اللَّهِ وَعُبُوسُ الْوَجْهِ وَسُوءُ الْبِشْرِ مَكْسَبَةٌ لِلْمَقْتِ وَبُعْدٌ مِنَ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع مَا تُذُرِّعَ إِلَيَّ بِذَرِيعَةٍ وَلَا تُوُسِّلَ بِوَسِيلَةٍ هِيَ أَقْرَبُ لَهُ إِلَى مَا يُحِبُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 297

مِنْ يَدٍ سَالِفَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ أَتْبَعْتُهَا أُخْتَهَا لِتُحْسِنَ حِفْظَهَا وَرِيَّهَا لِأَنَّ مَنْعَ الْأَوَاخِرِ يَقْطَعُ لِسَانَ شُكْرِ الْأَوَائِلِ وَمَا سَمَحَتْ لِي نَفْسِي بِرَدِّ بِكْرِ الْحَوَائِجِ‏

وَ قَالَ ع الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ مَقْرُونَانِ فِي قَرَنٍ فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُهُمَا تَبِعَهُ صَاحِبُهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا تَعَاطَاهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ وَإِنَّ هَذَا الدِّينَ لَا يُعْطِيهِ اللَّهُ إِلَّا أَهْلَ خَاصَّتِهِ‏

وَ قَالَ ع الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ وَعَمَلٌ وَالْإِسْلَامُ إِقْرَارٌ بِلَا عَمَلٍ‏

وَ قَالَ ع الْإِيمَانُ مَا كَانَ فِي الْقَلْبِ وَالْإِسْلَامُ مَا عَلَيْهِ التَّنَاكُحُ وَالتَّوَارُثُ وَحُقِنَتْ بِهِ الدِّمَاءُ وَالْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَالْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ عَلَّمَ بَابَ هُدًى فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهِ وَلَا يُنْقَصُ أُولَئِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً وَمَنْ عَلَّمَ بَابَ ضَلَالٍ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهِ وَلَا يُنْقَصُ أُولَئِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئاً

وَ قَالَ ع لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ الْمَلَقُ وَالْحَسَدُ إِلَّا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ‏

وَ قَالَ ع لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْ‏ءٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْعَالِمِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَفِي خَبَرٍ آخَرَ يَقُولُ لَا أَدْرِي لِئَلَّا يُوقِعَ فِي قَلْبِ السَّائِلِ شَكّاً

وَ قَالَ ع أَوَّلُ مَنْ شُقَّ لِسَانُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ع وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ لِسَانُهُ عَلَى لِسَانِ أَبِيهِ وَأَخِيهِ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِهَا وَهُوَ الذَّبِيحُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         302    وصيته ع لعبد الله بن جندب .....  ص : 301

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 298

وَ قَالَ ع أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْ‏ءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ يَبْعُدُ السُّلْطَانُ وَالشَّيْطَانُ مِنْكُمْ فَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ بَلَى أَخْبِرْنَا بِهِ حَتَّى نَفْعَلَهُ فَقَالَ ع عَلَيْكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَبَكِّرُوا بِهَا فَإِنَّهَا تُسَوِّدُ وَجْهَ إِبْلِيسَ وَتَكْسِرُ شِرَّةَ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ عَنْكُمْ فِي يَوْمِكُمْ ذَلِكَ وَعَلَيْكُمْ بِالْحُبِّ فِي اللَّهِ وَالتَّوَدُّدِ وَالْمُوَازَرَةِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ دَابِرَهُمَا يَعْنِي السُّلْطَانَ وَالشَّيْطَانَ وَأَلِحُّوا فِي الِاسْتِغْفَارِ فَإِنَّهُ مَمْحَاةٌ لِلذُّنُوبِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ هَذَا اللِّسَانَ مِفْتَاحُ كُلِّ خَيْرٍ وَشَرٍّ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى لِسَانِهِ كَمَا يَخْتِمُ عَلَى ذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ رَحِمَ اللَّهُ مُؤْمِناً أَمْسَكَ لِسَانَهُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ فَإِنَّ ذَلِكَ صَدَقَةٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ ع لَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنَ الذُّنُوبِ حَتَّى يَخْزُنَ لِسَانَهُ‏

وَ قَالَ ع مِنَ الْغِيبَةِ أَنْ تَقُولَ فِي أَخِيكَ مَا سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْأَمْرُ الظَّاهِرُ مِنْهُ مِثْلُ الْحِدَّةِ وَالْعَجَلَةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَقُولَهُ وَإِنَّ الْبُهْتَانَ أَنْ تَقُولَ فِي أَخِيكَ مَا لَيْسَ فِيهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْدٌ وَصَفَ عَدْلًا ثُمَّ خَالَفَهُ إِلَى غَيْرِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 299

وَ قَالَ ع عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ وَالِاجْتِهَادِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلَيْهَا بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً فَلَوْ أَنَّ قَاتِلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع ائْتَمَنَنِي عَلَى أَمَانَةٍ لَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع صِلَةُ الْأَرْحَامِ تُزَكِّي الْأَعْمَالَ وَتُنْمِي الْأَمْوَالَ وَتَدْفَعُ الْبَلْوَى وَتُيَسِّرُ الْحِسَابَ وَتُنْسِئُ فِي الْأَجَلِ‏

وَ قَالَ ع أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَغْرَاضٌ تَنْتَضِلُ فِيكُمُ الْمَنَايَا لَنْ يَسْتَقْبِلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَوْماً جَدِيداً مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا بِانْقِضَاءِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ فَأَيَّةُ أُكْلَةٍ لَيْسَ فِيهَا غُصَصٌ أَمْ أَيُّ شَرْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا شَرَقٌ اسْتَصْلِحُوا مَا تَقْدَمُونَ عَلَيْهِ بِمَا تَظْعَنُونَ عَنْهُ فَإِنَّ الْيَوْمَ غَنِيمَةٌ وَغَداً لَا تَدْرِي لِمَنْ هُوَ أَهْلُ الدُّنْيَا سَفْرٌ يَحُلُّونَ عَقْدَ رِحَالِهِمْ فِي غَيْرِهَا قَدْ خَلَتْ مِنَّا أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا فَمَا بَقَاءُ الْفَرْعِ بَعْدَ أَصْلِهِ أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا أَطْوَلَ أَعْمَاراً مِنْكُمْ وَأَبْعَدَ آمَالًا أَتَاكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا لَا تَرُدُّهُ وَذَهَبَ عَنْكَ مَا لَا يَعُودُ فَلَا تَعُدَّنَّ عَيْشاً مُنْصَرِفاً عَيْشاً مَا لَكَ مِنْهُ إِلَّا لَذَّةٌ تَزْدَلِفُ بِكَ إِلَى حِمَامِكَ وَتُقَرِّبُكَ مِنْ أَجَلِكَ فَكَأَنَّكَ قَدْ صِرْتَ الْحَبِيبَ الْمَفْقُودَ وَالسَّوَادَ الْمُخْتَرَمَ فَعَلَيْكَ بِذَاتِ نَفْسِكَ وَدَعْ مَا سِوَاهَا وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ يُعِنْكَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صُنِعَ إِلَيْهِ فَقَدْ كَافَأَ وَمَنْ أَضْعَفَ كَانَ شَكُوراً وَمَنْ شَكَرَ كَانَ كَرِيماً وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَا صَنَعَ كَانَ إِلَى نَفْسِهِ لَمْ يَسْتَبْطِئِ النَّاسَ فِي شُكْرِهِمْ وَلَمْ يَسْتَزِدْهُمْ فِي مَوَدَّتِهِمْ فَلَا تَلْتَمِسْ مِنْ غَيْرِكَ شُكْرَ مَا آتَيْتَهُ إِلَى نَفْسِكَ وَوَقَيْتَ بِهِ عِرْضَكَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 300

وَ اعْلَمْ أَنَّ طَالِبَ الْحَاجَةِ لَمْ يُكْرِمْ وَجْهَهُ عَنْ مَسْأَلَتِكَ فَأَكْرِمْ وَجْهَكَ عَنْ رَدِّهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ يَتَعَهَّدُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَتَعَهَّدُ الْغَائِبُ أَهْلَهُ بِالْهَدِيَّةِ وَيَحْمِيهِ عَنِ الدُّنْيَا كَمَا يَحْمِي الطَّبِيبُ الْمَرِيضَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَيُبْغِضُ وَلَا يُعْطِي دِينَهُ إِلَّا مَنْ يُحِبُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّمَا شِيعَةُ عَلِيٍّ ع الْمُتَبَاذِلُونَ فِي وَلَايَتِنَا الْمُتَحَابُّونَ فِي مَوَدَّتِنَا الْمُتَزَاوِرُونَ لِإِحْيَاءِ أَمْرِنَا الَّذِينَ إِذَا غَضِبُوا لَمْ يَظْلِمُوا وَإِذَا رَضُوا لَمْ يُسْرِفُوا بَرَكَةٌ عَلَى مَنْ جَاوَرُوا سِلْمٌ لِمَنْ خَالَطُوا

وَ قَالَ ع الْكَسَلُ يَضُرُّ بِالدِّينِ وَالدُّنْيَا

وَ قَالَ ع لَوْ يَعْلَمُ السَّائِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مَا سَأَلَ أَحَدٌ أَحَداً وَلَوْ يَعْلَمُ الْمَسْئُولُ مَا فِي الْمَنْعِ مَا مَنَعَ أَحَدٌ أَحَداً

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً مَيَامِينَ مَيَاسِيرَ يَعِيشُونَ وَيَعِيشُ النَّاسُ فِي أَكْنَافِهِمْ وَهُمْ فِي عِبَادِهِ مِثْلُ الْقَطْرِ وَلِلَّهِ عِبَادٌ مَلَاعِينُ مَنَاكِيدُ لَا يَعِيشُونَ وَلَا يَعِيشُ النَّاسُ فِي أَكْنَافِهِمْ وَهُمْ فِي عِبَادِهِ مِثْلُ الْجَرَادِ لَا يَقَعُونَ عَلَى شَيْ‏ءٍ إِلَّا أَتَوْا عَلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع قُولُوا لِلنَّاسِ أَحْسَنَ مَا تُحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ اللَّعَّانَ السَّبَّابَ الطَّعَّانَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ وَيُحِبُّ الْحَيِيَّ الْحَلِيمَ الْعَفِيفَ الْمُتَعَفِّفَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِفْشَاءَ السَّلَامِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 301

و روي عن الإمام الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمد ص في طوال هذه المعاني‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

وصيته ع لعبد الله بن جندب‏

رُوِيَ أَنَّهُ ع قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَقَدْ نَصَبَ إِبْلِيسُ حَبَائِلَهُ فِي دَارِ الْغُرُورِ فَمَا يَقْصِدُ فِيهَا إِلَّا أَوْلِيَاءَنَا وَلَقَدْ جَلَّتِ الْآخِرَةُ فِي أَعْيُنِهِمْ حَتَّى مَا يُرِيدُونَ بِهَا بَدَلًا ثُمَّ قَالَ آهِ آهِ عَلَى قُلُوبٍ حُشِيَتْ نُوراً وَإِنَّمَا كَانَتِ الدُّنْيَا عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الشُّجَاعِ الْأَرْقَمِ وَالْعَدُوِّ الْأَعْجَمِ أَنِسُوا بِاللَّهِ وَاسْتَوْحَشُوا مِمَّا بِهِ اسْتَأْنَسَ الْمُتْرَفُونَ أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي حَقّاً وَبِهِمْ تُكْشَفُ كُلُّ فِتْنَةٍ وَتُرْفَعُ كُلُّ بَلِيَّةٍ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَعْرِفُنَا أَنْ يَعْرِضَ عَمَلَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَى نَفْسِهِ فَيَكُونَ مُحَاسِبَ نَفْسِهِ فَإِنْ رَأَى حَسَنَةً اسْتَزَادَ مِنْهَا وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً اسْتَغْفَرَ مِنْهَا لِئَلَّا يَخْزَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِعَبْدٍ لَمْ يَغْبِطِ الْخَاطِئِينَ عَلَى مَا أُوتُوا مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا طُوبَى لِعَبْدٍ طَلَبَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا طُوبَى لِمَنْ لَمْ تُلْهِهِ الْأَمَانِيُّ الْكَاذِبَةُ ثُمَّ قَالَ ع رَحِمَ اللَّهُ قَوْماً كَانُوا سِرَاجاً وَمَنَاراً كَانُوا دُعَاةً إِلَيْنَا بِأَعْمَالِهِمْ وَمَجْهُودِ طَاقَتِهِمْ لَيْسَ كَمَنْ يُذِيعُ أَسْرَارَنَا يَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّهَ وَيُشْفِقُونَ أَنْ يُسْلَبُوا مَا أُعْطُوا مِنَ الْهُدَى فَإِذَا ذَكَرُوا اللَّهَ وَنَعْمَاءَهُ وَجِلُوا وَأَشْفَقُوا- وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً مِمَّا أَظْهَرَهُ مِنْ نَفَاذِ قُدْرَتِهِ- وَعَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ قَدِيماً عَمِرَ الْجَهْلُ وَقَوِيَ أَسَاسُهُ وَذَلِكَ لِاتِّخَاذِهِمْ دِينَ اللَّهِ لَعِباً حَتَّى‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         306    وصيته ع لعبد الله بن جندب .....  ص : 301

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 302

لَقَدْ كَانَ الْمُتَقَرِّبُ مِنْهُمْ إِلَى اللَّهِ بِعِلْمِهِ يُرِيدُ سِوَاهُ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ لَوْ أَنَّ شِيعَتَنَا اسْتَقَامُوا لَصَافَحَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَلَأَظَلَّهُمُ الْغَمَامُ وَلَأَشْرَقُوا نَهَاراً وَلَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَلَمَا سَأَلُوا اللَّهَ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُمْ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ لَا تَقُلْ فِي الْمُذْنِبِينَ مِنْ أَهْلِ دَعْوَتِكُمْ إِلَّا خَيْراً وَاسْتَكِينُوا إِلَى اللَّهِ فِي تَوْفِيقِهِمْ وَسَلُوا التَّوْبَةَ لَهُمْ فَكُلُّ مَنْ قَصَدَنَا وَوَالانَا وَلَمْ يُوَالِ عَدُوَّنَا وَقَالَ مَا يَعْلَمُ وَسَكَتَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ يَهْلِكُ الْمُتَّكِلُ عَلَى عَمَلِهِ وَلَا يَنْجُو الْمُجْتَرِئُ عَلَى الذُّنُوبِ الْوَاثِقُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ قُلْتُ فَمَنْ يَنْجُو قَالَ الَّذِينَ هُمْ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ فِي مِخْلَبِ طَائِرٍ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ وَخَوْفاً مِنَ الْعَذَابِ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ اللَّهُ الْحُورَ الْعِينَ وَيُتَوِّجَهُ بِالنُّورِ فَلْيُدْخِلْ عَلَى أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ السُّرُورَ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ أَقِلَّ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ وَالْكَلَامَ بِالنَّهَارِ فَمَا فِي الْجَسَدِ شَيْ‏ءٌ أَقَلَّ شُكْراً مِنَ الْعَيْنِ وَاللِّسَانِ فَإِنَّ أُمَّ سُلَيْمَانَ قَالَتْ لِسُلَيْمَانَ ع يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالنَّوْمَ فَإِنَّهُ يُفْقِرُكَ يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّ لِلشَّيْطَانِ مَصَائِدَ يَصْطَادُ بِهَا فَتَحَامَوْا شِبَاكَهُ وَمَصَائِدَهُ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَمَا هِيَ قَالَ أَمَّا مَصَائِدُهُ فَصَدٌّ عَنْ بِرِّ الْإِخْوَانِ وَأَمَّا شِبَاكُهُ فَنَوْمٌ عَنْ قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ أَمَا إِنَّهُ مَا يُعْبَدُ اللَّهُ بِمِثْلِ نَقْلِ الْأَقْدَامِ إِلَى بِرِّ الْإِخْوَانِ وَزِيَارَتِهِمْ وَيْلٌ لِلسَّاهِينَ عَنِ الصَّلَوَاتِ النَّائِمِينَ فِي الْخَلَوَاتِ الْمُسْتَهْزِءِينَ بِاللَّهِ وَآيَاتِهِ فِي الْفَتَرَاتِ أُولَئِكَ الَّذِينَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ... يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ مَنْ أَصْبَحَ مَهْمُوماً لِسِوَى فَكَاكِ رَقَبَتِهِ فَقَدْ هَوَّنَ عَلَيْهِ الْجَلِيلَ وَرَغِبَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 303

مِنْ رَبِّهِ فِي الرِّبْحِ الْحَقِيرِ وَمَنْ غَشَّ أَخَاهُ وَحَقَّرَهُ وَنَاوَأَهُ جَعَلَ اللَّهُ النَّارَ مَأْوَاهُ وَمَنْ حَسَدَ مُؤْمِناً انْمَاثَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ الْمَاشِي فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَالسَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَاضِي حَاجَتِهِ كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَوْمَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَمَا عَذَّبَ اللَّهُ أُمَّةً إِلَّا عِنْدَ اسْتِهَانَتِهِمْ بِحُقُوقِ فُقَرَاءِ إِخْوَانِهِمْ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ بَلِّغْ مَعَاشِرَ شِيعَتِنَا وَقُلْ لَهُمْ لَا تَذْهَبَنَّ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ فَوَ اللَّهِ لَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْوَرَعِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الدُّنْيَا وَمُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ وَلَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ يَظْلِمُ النَّاسَ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّمَا شِيعَتُنَا يُعْرَفُونَ بِخِصَالٍ شَتَّى بِالسَّخَاءِ وَالْبَذْلِ لِلْإِخْوَانِ وَبِأَنْ يُصَلُّوا الْخَمْسِينَ لَيْلًا وَنَهَاراً شِيعَتُنَا لَا يَهِرُّونَ هَرِيرَ الْكَلْبِ وَلَا يَطْمَعُونَ طَمَعَ الْغُرَابِ وَلَا يُجَاوِرُونَ لَنَا عَدُوّاً وَلَا يَسْأَلُونَ لَنَا مُبْغِضاً وَلَوْ مَاتُوا جُوعاً شِيعَتُنَا لَا يَأْكُلُونَ الْجِرِّيَّ وَلَا يَمْسَحُونَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَيُحَافِظُونَ عَلَى الزَّوَالِ وَلَا يَشْرَبُونَ مُسْكِراً قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَيْنَ أَطْلُبُهُمْ قَالَ ع عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ وَأَطْرَافِ الْمُدُنِ وَإِذَا دَخَلْتَ مَدِينَةً فَسَلْ عَمَّنْ لَا يُجَاوِرُهُمْ وَلَا يُجَاوِرُونَهُ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ- وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى‏ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ حَبِيبَ النَّجَّارِ وَحْدَهُ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ كُلُّ الذُّنُوبِ مَغْفُورَةٌ سِوَى عُقُوقِ أَهْلِ دَعْوَتِكَ وَكُلُّ الْبِرِّ مَقْبُولٌ إِلَّا مَا كَانَ رِئَاءً يَا ابْنَ جُنْدَبٍ أَحْبِبْ فِي اللَّهِ وَاسْتَمْسِكْ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ وَاعْتَصِمْ بِالْهُدَى يُقْبَلْ عَمَلُكَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ... ثُمَّ اهْتَدى‏ فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا الْإِيمَانُ وَلَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 304

إِيمَانَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَلَا عَمَلَ إِلَّا بِيَقِينٍ وَلَا يَقِينَ إِلَّا بِالْخُشُوعِ وَمِلَاكُهَا كُلُّهَا الْهُدَى فَمَنِ اهْتَدَى يُقْبَلُ عَمَلُهُ وَصَعِدَ إِلَى الْمَلَكُوتِ مُتَقَبَّلًا- وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُجَاوِرَ الْجَلِيلَ فِي دَارِهِ وَتَسْكُنَ الْفِرْدَوْسَ فِي جِوَارِهِ فَلْتَهُنْ عَلَيْكَ الدُّنْيَا وَاجْعَلِ الْمَوْتَ نُصْبَ عَيْنِكَ وَلَا تَدَّخِرْ شَيْئاً لِغَدٍ وَاعْلَمْ أَنَّ لَكَ مَا قَدَّمْتَ وَعَلَيْكَ مَا أَخَّرْتَ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ مَنْ حَرَمَ نَفْسَهُ كَسْبَهُ فَإِنَّمَا يَجْمَعُ لِغَيْرِهِ وَمَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ فَقَدْ أَطَاعَ عَدُوَّهُ مَنْ يَثِقْ بِاللَّهِ يَكْفِهِ مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ وَيَحْفَظْ لَهُ مَا غَابَ عَنْهُ وَقَدْ عَجَزَ مَنْ لَمْ يُعِدَّ لِكُلِّ بَلَاءٍ صَبْراً وَلِكُلِّ نِعْمَةٍ شُكْراً وَلِكُلِّ عُسْرٍ يُسْراً صَبِّرْ نَفْسَكَ عِنْدَ كُلِّ بَلِيَّةٍ فِي وَلَدٍ أَوْ مَالٍ أَوْ رَزِيَّةٍ فَإِنَّمَا يَقْبِضُ عَارِيَتَهُ وَيَأْخُذُ هِبَتَهُ لِيَبْلُوَ فِيهِمَا صَبْرَكَ وَشُكْرَكَ وَارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَا يُجَرِّيكَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَخَفْهُ خَوْفاً لَا يُؤْيِسُكَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلَا تَغْتَرَّ بِقَوْلِ الْجَاهِلِ وَلَا بِمَدْحِهِ فَتَكَبَّرَ وَتَجَبَّرَ وَتُعْجَبَ بِعَمَلِكَ فَإِنَّ أَفْضَلَ الْعَمَلِ الْعِبَادَةُ وَالتَّوَاضُعُ فَلَا تُضَيِّعْ مَالَكَ وَتُصْلِحَ مَالَ غَيْرِكَ مَا خَلَّفْتَهُ وَرَاءَ ظَهْرِكَ وَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَا تَنْظُرْ إِلَّا إِلَى مَا عِنْدَكَ وَلَا تَتَمَنَّ مَا لَسْتَ تَنَالُهُ فَإِنَّ مَنْ قَنِعَ شَبِعَ وَمَنْ لَمْ يَقْنَعْ لَمْ يَشْبَعْ وَخُذْ حَظَّكَ مِنْ آخِرَتِكَ وَلَا تَكُنْ بَطِراً فِي الْغِنَى وَلَا جَزِعاً فِي الْفَقْرِ وَلَا تَكُنْ فَظّاً غَلِيظاً يَكْرَهِ النَّاسُ قُرْبَكَ وَلَا تَكُنْ وَاهِناً يُحَقِّرْكَ مَنْ عَرَفَكَ وَلَا تُشَارَّ مَنْ فَوْقَكَ وَلَا تَسْخَرْ بِمَنْ هُوَ دُونَكَ وَلَا تُنَازِعِ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَلَا تُطِعِ السُّفَهَاءَ وَلَا تَكُنْ مَهِيناً تَحْتَ كُلِّ أَحَدٍ وَلَا تَتَّكِلَنَّ عَلَى كِفَايَةِ أَحَدٍ وَقِفْ عِنْدَ كُلِّ أَمْرٍ حَتَّى تَعْرِفَ مَدْخَلَهُ مِنْ مَخْرَجِهِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِيهِ فَتَنْدَمَ وَاجْعَلْ قَلْبَكَ قَرِيباً تُشَارِكُهُ وَاجْعَلْ عَمَلَكَ وَالِداً تَتَّبِعُهُ وَاجْعَلْ نَفْسَكَ عَدُوّاً تُجَاهِدُهُ وَعَارِيَةً تَرُدُّهَا-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 305

فَإِنَّكَ قَدْ جُعِلْتَ طَبِيبَ نَفْسِكَ وَعُرِّفْتَ آيَةَ الصِّحَّةِ وَبُيِّنَ لَكَ الدَّاءُ وَدُلِلْتَ عَلَى الدَّوَاءِ فَانْظُرْ قِيَامَكَ عَلَى نَفْسِكَ وَإِنْ كَانَتْ لَكَ يَدٌ عِنْدَ إِنْسَانٍ فَلَا تُفْسِدْهَا بِكَثْرَةِ الْمَنِّ وَالذِّكْرِ لَهَا وَلَكِنْ أَتْبِعْهَا بِأَفْضَلَ مِنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْمَلُ بِكَ فِي أَخْلَاقِكَ وَأَوْجَبُ لِلثَّوَابِ فِي آخِرَتِكَ وَعَلَيْكَ بِالصَّمْتِ تُعَدَّ حَلِيماً جَاهِلًا كُنْتَ أَوْ عَالِماً فَإِنَّ الصَّمْتَ زَيْنٌ لَكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَسَتْرٌ لَكَ عِنْدَ الْجُهَّالِ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ع قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَ رَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ مَرَّ بِأَخِيهِ فَرَأَى ثَوْبَهُ قَدِ انْكَشَفَ عَنْ بَعْضِ عَوْرَتِهِ أَ كَانَ كَاشِفاً عَنْهَا كُلِّهَا أَمْ يَرُدُّ عَلَيْهَا مَا انْكَشَفَ مِنْهَا قَالُوا بَلْ نَرُدُّ عَلَيْهَا قَالَ كَلَّا بَلْ تَكْشِفُونَ عَنْهَا كُلِّهَا فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَهُمْ فَقِيلَ يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَطَّلِعُ عَلَى الْعَوْرَةِ مِنْ أَخِيهِ فَلَا يَسْتُرُهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّكُمْ لَا تُصِيبُونَ مَا تُرِيدُونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ وَلَا تَنَالُونَ مَا تَأْمُلُونَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ إِيَّاكُمْ وَالنَّظِرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَةَ وَكَفَى بِهَا لِصَاحِبِهَا فِتْنَةً طُوبَى لِمَنْ جَعَلَ بَصَرَهُ فِي قَلْبِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ بَصَرَهُ فِي عَيْنِهِ لَا تَنْظُرُوا فِي عُيُوبِ النَّاسِ كَالْأَرْبَابِ وَانْظُرُوا فِي عُيُوبِكُمْ كَهَيْئَةِ الْعَبِيدِ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُبْتَلًى وَمُعَافًى فَارْحَمُوا الْمُبْتَلَى وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَأَحْسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ سَبَّكَ وَأَنْصِفْ مَنْ خَاصَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ كَمَا أَنَّكَ تُحِبُّ أَنْ يُعْفَى عَنْكَ فَاعْتَبِرْ بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْكَ أَ لَا تَرَى أَنَّ شَمْسَهُ أَشْرَقَتْ عَلَى الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ وَأَنَّ مَطَرَهُ يَنْزِلُ عَلَى الصَّالِحِينَ وَالْخَاطِئِينَ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ لَا تَتَصَدَّقْ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لِيُزَكُّوكَ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَوْفَيْتَ أَجْرَكَ وَلَكِنْ إِذَا أَعْطَيْتَ بِيَمِينِكَ فَلَا تُطْلِعْ عَلَيْهَا شِمَالَكَ فَإِنَّ الَّذِي تَتَصَدَّقُ لَهُ سِرّاً يُجْزِيكَ عَلَانِيَةً عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا يُطْلِعَ النَّاسَ عَلَى صَدَقَتِكَ وَاخْفِضِ الصَّوْتَ إِنَّ رَبَّكَ الَّذِي يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ قَدْ عَلِمَ مَا تُرِيدُونَ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ وَإِذَا صُمْتَ فَلَا تَغْتَبْ أَحَداً وَلَا تَلْبِسُوا صِيَامَكُمْ بِظُلْمٍ وَلَا تَكُنْ كَالَّذِي يَصُومُ رِئَاءَ النَّاسِ مُغْبَرَّةً وُجُوهُهُمْ شَعِثَةً رُءُوسُهُمْ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         310    وصيته ع لأبي جعفر محمد بن النعمان الأحول .....  ص : 307

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 306

يَابِسَةً أَفْوَاهُهُمْ لِكَيْ يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهُمْ صَيَامَى يَا ابْنَ جُنْدَبٍ الْخَيْرُ كُلُّهُ أَمَامَكَ وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ أَمَامَكَ وَلَنْ تَرَى الْخَيْرَ وَالشَّرَّ إِلَّا بَعْدَ الْآخِرَةِ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ جَعَلَ الْخَيْرَ كُلَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَالشَّرَّ كُلَّهُ فِي النَّارِ لِأَنَّهُمَا الْبَاقِيَانِ وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ وَهَبَ اللَّهُ لَهُ الْهُدَى وَأَكْرَمَهُ بِالْإِيمَانِ وَأَلْهَمَهُ رُشْدَهُ وَرَكَّبَ فِيهِ عَقْلًا يَتَعَرَّفُ بِهِ نِعَمَهُ وَآتَاهُ عِلْماً وَحُكْماً يُدَبِّرُ بِهِ أَمْرَ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ وَلَا يَكْفُرَهُ وَأَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ وَلَا يَنْسَاهُ وَأَنْ يُطِيعَ اللَّهَ وَلَا يَعْصِيَهُ لِلْقَدِيمِ الَّذِي تَفَرَّدَ لَهُ بِحُسْنِ النَّظَرِ وَلِلْحَدِيثِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهِ بَعْدَ إِذْ أَنْشَأَهُ مَخْلُوقاً وَلِلْجَزِيلِ الَّذِي وَعَدَهُ وَالْفَضْلِ الَّذِي لَمْ يُكَلِّفْهُ مِنْ طَاعَتِهِ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَمَا يَعْجِزُ عَنِ الْقِيَامِ بِهِ وَضَمِنَ لَهُ الْعَوْنَ عَلَى تَيْسِيرِ مَا حَمَلَهُ مِنْ ذَلِكَ وَنَدَبَهُ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ عَلَى قَلِيلِ مَا كَلَّفَهُ وَهُوَ مُعْرِضٌ عَمَّا أَمَرَهُ وَعَاجِزٌ عَنْهُ قَدْ لَبِسَ ثَوْبَ الِاسْتِهَانَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مُتَقَلِّداً لِهَوَاهُ مَاضِياً فِي شَهَوَاتِهِ مُؤْثِراً لِدُنْيَاهُ عَلَى آخِرَتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَتَمَنَّى جِنَانَ الْفِرْدَوْسِ وَمَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَطْمَعَ أَنْ يَنْزِلَ بِعَمَلِ الْفُجَّارِ مَنَازِلَ الْأَبْرَارِ أَمَا إِنَّهُ لَوْ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ وَقَامَتِ الْقِيَامَةُ وَجاءَتِ الطَّامَّةُ وَنَصَبَ الْجَبَّارُ الْمَوَازِينَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَبَرَزَ الْخَلَائِقُ لِيَوْمِ الْحِسَابِ أَيْقَنْتَ عِنْدَ ذَلِكَ لِمَنْ تَكُونُ الرِّفْعَةُ وَالْكَرَامَةُ وَبِمَنْ تَحِلُّ الْحَسْرَةُ وَالنَّدَامَةُ فَاعْمَلِ الْيَوْمَ فِي الدُّنْيَا بِمَا تَرْجُو بِهِ الْفَوْزَ فِي الْآخِرَةِ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ فِي بَعْضِ مَا أَوْحَى إِنَّمَا أَقْبَلُ الصَّلَاةَ مِمَّنْ يَتَوَاضَعُ لِعَظَمَتِي وَيَكُفُّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ مِنْ أَجْلِي وَيَقْطَعُ نَهَارَهُ بِذِكْرِي وَلَا يَتَعَظَّمُ عَلَى خَلْقِي وَيُطْعِمُ الْجَائِعَ وَيَكْسُو الْعَارِيَ وَيَرْحَمُ الْمُصَابَ وَيُؤْوِي الْغَرِيبَ فَذَلِكَ يُشْرِقُ نُورُهُ مِثْلَ الشَّمْسِ أَجْعَلُ لَهُ فِي الظُّلْمَةِ نُوراً وَفِي الْجَهَالَةِ حِلْماً أَكْلَؤُهُ بِعِزَّتِي وَأَسْتَحْفِظُهُ مَلَائِكَتِي يَدْعُونِي فَأُلَبِّيهِ وَيَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ فَمَثَلُ ذَلِكَ الْعَبْدِ عِنْدِي كَمَثَلِ جَنَّاتِ الْفِرْدَوْسِ لَا يُسْبَقُ أَثْمَارُهَا وَلَا تَتَغَيَّرُ عَنْ حَالِهَا-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 307

يَا ابْنَ جُنْدَبٍ الْإِسْلَامُ عُرْيَانٌ فَلِبَاسُهُ الْحَيَاءُ وَزِينَتُهُ الْوَقَارُ وَمُرُوءَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَعِمَادُهُ الْوَرَعُ وَلِكُلِّ شَيْ‏ءٍ أَسَاسٌ وَأَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ يَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سُوراً مِنْ نُورٍ مَحْفُوفاً بِالزَّبَرْجَدِ وَالْحَرِيرِ مُنَجَّداً بِالسُّنْدُسِ وَالدِّيبَاجِ يُضْرَبُ هَذَا السُّورُ بَيْنَ أَوْلِيَائِنَا وَبَيْنَ أَعْدَائِنَا فَإِذَا غَلَى الدِّمَاغُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَنُضِجَتِ الْأَكْبَادُ مِنْ طُولِ الْمَوْقِفِ أُدْخِلَ فِي هَذَا السُّورِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ فَكَانُوا فِي أَمْنِ اللَّهِ وَحِرْزِهِ لَهُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَعْدَاءُ اللَّهِ قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ وَقَطَعَهُمُ الْفَرَقُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فَيَقُولُونَ ما لَنا لا نَرى‏ رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ فَيَضْحَكُونَ مِنْهُمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ- أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ وَقَوْلُهُ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ.  عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ أَعَانَ مُؤْمِناً مِنْ أَوْلِيَائِنَا بِكَلِمَةٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ‏

وصيته ع لأبي جعفر محمد بن النعمان الأحول‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ لِيَ الصَّادِقُ ع إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ عَيَّرَ أَقْوَاماً فِي الْقُرْآنِ بِالْإِذَاعَةِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَيْنَ قَالَ قَالَ قَوْلُهُ وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 308

الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ ثُمَّ قَالَ الْمُذِيعُ عَلَيْنَا سِرَّنَا كَالشَّاهِرِ بِسَيْفِهِ عَلَيْنَا رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ بِمَكْنُونِ عِلْمِنَا فَدَفَنَهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ بِشِرَارِكُمْ مِنَ الْبَيْطَارِ بِالدَّوَابِّ شِرَارُكُمْ الَّذِينَ لَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ إِلَّا هَجْراً وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا دَبْراً وَلَا يَحْفَظُونَ أَلْسِنَتَهُمْ اعْلَمْ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ع لَمَّا طُعِنَ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ سَلَّمَ الْأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ الشِّيعَةُ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ ع مَا أَنَا بِمُذِلِّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنِّي مُعِزُّ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُكُمْ لَيْسَ بِكُمْ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ سَلَّمْتُ الْأَمْرَ لِأَبْقَى أَنَا وَأَنْتُمْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ كَمَا عَابَ الْعَالِمُ السَّفِينَةَ لِتَبْقَى لِأَصْحَابِهَا وَكَذَلِكَ نَفْسِي وَأَنْتُمْ لِنَبْقَى بَيْنَهُمْ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنِّي لَأُحَدِّثُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ بِحَدِيثٍ فَيَتَحَدَّثُ بِهِ عَنِّي فَأَسْتَحِلُّ بِذَلِكَ لَعَنْتَهُ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُ فَإِنَّ أَبِي كَانَ يَقُولُ وَأَيُّ شَيْ‏ءٍ أَقَرُّ لِلْعَيْنِ مِنَ التَّقِيَّةِ إِنَّ التَّقِيَّةَ جُنَّةُ الْمُؤْمِنِ وَلَوْ لَا التَّقِيَّةُ مَا عُبِدَ اللَّهُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ- لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْ‏ءٍ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 309

إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِيَّاكَ وَالْمِرَاءَ فَإِنَّهُ يُحْبِطُ عَمَلَكَ وَإِيَّاكَ وَالْجِدَالَ فَإِنَّهُ يُوبِقُكَ وَإِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْخُصُومَاتِ فَإِنَّهَا تُبْعِدُكَ مِنَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الصَّمْتَ وَأَنْتُمْ تَتَعَلَّمُونَ الْكَلَامَ كَانَ أَحَدُهُمَا إِذَا أَرَادَ التَّعَبُّدَ يَتَعَلَّمُ الصَّمْتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَشْرِ سِنِينَ فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُهُ وَيَصْبِرُ عَلَيْهِ تَعَبَّدَ وَإِلَّا قَالَ مَا أَنَا لِمَا أَرُومُ بِأَهْلٍ إِنَّمَا يَنْجُو مَنْ أَطَالَ الصَّمْتَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَصَبَرَ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ عَلَى الْأَذَى أُولَئِكَ النُّجَبَاءُ الْأَصْفِيَاءُ الْأَوْلِيَاءُ حَقّاً وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ الْمُتَرَاسُّونَ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمَائِمِ الْحَسَدَةُ لِإِخْوَانِهِمْ لَيْسُوا مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْهُمْ إِنَّمَا أَوْلِيَائِيَ الَّذِينَ سَلَّمُوا لِأَمْرِنَا وَاتَّبَعُوا آثَارَنَا وَاقْتَدَوْا بِنَا فِي كُلِّ أُمُورِنَا ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَوْ قَدَّمَ أَحَدُكُمْ مِلْ‏ءَ الْأَرْضِ ذَهَباً عَلَى اللَّهِ ثُمَّ حَسَدَ مُؤْمِناً لَكَانَ ذَلِكَ الذَّهَبُ مِمَّا يُكْوَى بِهِ فِي النَّارِ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّ الْمُذِيعَ لَيْسَ كَقَاتِلِنَا بِسَيْفِهِ بَلْ هُوَ أَعْظَمُ وِزْراً بَلْ هُوَ أَعْظَمُ وِزْراً بَلْ هُوَ أَعْظَمُ وِزْراً يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّهُ مَنْ رَوَى عَلَيْنَا حَدِيثاً فَهُوَ مِمَّنْ قَتَلَنَا عَمْداً وَلَمْ يَقْتُلْنَا خَطَأً يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِذَا كَانَتْ دَوْلَةُ الظُّلْمِ فَامْشِ وَاسْتَقْبِلْ مَنْ تَتَّقِيهِ بِالتَّحِيَّةِ فَإِنَّ الْمُتَعَرِّضَ لِلدَّوْلَةِ قَاتِلُ نَفْسِهِ وَمُوبِقُهَا إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ يُدْخِلُ فِينَا مَنْ لَيْسَ مِنَّا وَلَا مِنْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         315    رسالته ع إلى جماعة شيعته وأصحابه .....  ص : 313

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 310

أَهْلِ دِينِنَا فَإِذَا رَفَعَهُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّاسُ أَمَرَهُ الشَّيْطَانُ فَيَكْذِبُ عَلَيْنَا وَكُلَّمَا ذَهَبَ وَاحِدٌ جَاءَ آخَرُ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَقَالَ لَا أَدْرِي فَقَدْ نَاصَفَ الْعِلْمَ وَالْمُؤْمِنُ يَحْقِدُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ فَإِذَا قَامَ ذَهَبَ عَنْهُ الْحِقْدُ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّ الْعَالِمَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُخْبِرَكَ بِكُلِّ مَا يَعْلَمُ لِأَنَّهُ سِرُّ اللَّهِ الَّذِي أَسَرَّهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ ع وَأَسَرَّهُ جَبْرَئِيلُ ع إِلَى مُحَمَّدٍ ص وَأَسَرَّهُ مُحَمَّدٌ ص إِلَى عَلِيٍّ ع وَأَسَرَّهُ عَلِيٌّ ع إِلَى الْحَسَنِ ع وَأَسَرَّهُ الْحَسَنُ ع إِلَى الْحُسَيْنِ ع وَأَسَرَّهُ الْحُسَيْنُ ع إِلَى عَلِيٍّ ع وَأَسَرَّهُ عَلِيٌّ ع إِلَى مُحَمَّدٍ ع وَأَسَرَّهُ مُحَمَّدٌ ع إِلَى مَنْ أَسَرَّهُ فَلَا تَعْجَلُوا فَوَ اللَّهِ لَقَدْ قَرُبَ هَذَا الْأَمْرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَذَعْتُمُوهُ فَأَخَّرَهُ اللَّهُ وَاللَّهِ مَا لَكُمْ سِرٌّ إِلَّا وَعَدُوُّكُمْ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ ابْقَ عَلَى نَفْسِكَ فَقَدْ عَصَيْتَنِي لَا تُذِعْ سِرِّي فَإِنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ سَعِيدٍ كَذَبَ عَلَى أَبِي وَأَذَاعَ سِرَّهُ فَأَذَاقَهُ اللَّهُ حَرَّ الْحَدِيدِ وَإِنَّ أَبَا الْخَطَّابِ كَذَبَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 311

عَلَيَّ وَأَذَاعَ سِرِّي فَأَذَاقَهُ اللَّهُ حَرَّ الْحَدِيدِ وَمَنْ كَتَمَ أَمْرَنَا زَيَّنَهُ اللَّهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعْطَاهُ حَظَّهُ وَوَقَاهُ حَرَّ الْحَدِيدِ وَضِيقَ الْمَحَابِسِ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُحِطُوا حَتَّى هَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَالنَّسْلُ فَدَعَا اللَّهَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ع فَقَالَ يَا مُوسَى إِنَّهُمْ أَظْهَرُوا الزِّنَا وَالرِّبَا وَعَمَرُوا الْكَنَائِسَ وَأَضَاعُوا الزَّكَاةَ فَقَالَ إِلَهِي تَحَنَّنْ بِرَحْمَتِكَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 312

لَا يَعْقِلُونَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِّي مُرْسِلُ قَطْرِ السَّمَاءِ وَمُخْتَبِرُهُمْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً فَأَذَاعُوا ذَلِكَ وَأَفْشَوْهُ فَحُبِسَ عَنْهُمُ الْقَطْرُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَنْتُمْ قَدْ قَرُبَ أَمْرُكُمْ فَأَذَعْتُمُوهُ فِي مَجَالِسِكُمْ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مَا لَكُمْ وَلِلنَّاسِ كُفُّوا عَنِ النَّاسِ وَلَا تَدْعُوا أَحَداً إِلَى هَذَا الْأَمْرِ فَوَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يُضِلُّوا عَبْداً يُرِيدُ اللَّهُ هُدَاهُ مَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يُضِلُّوهُ كُفُّوا عَنِ النَّاسِ وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَخِي وَعَمِّي وَجَارِي فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً طَيَّبَ رُوحَهُ فَلَا يَسْمَعُ مَعْرُوفاً إِلَّا عَرَفَهُ وَلَا مُنْكَراً إِلَّا أَنْكَرَهُ ثُمَّ قَذَفَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ كَلِمَةً يَجْمَعُ بِهَا أَمْرَهُ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَصْفُوَ لَكَ وُدُّ أَخِيكَ فَلَا تُمَازِحَنَّهُ وَلَا تُمَارِيَنَّهُ وَلَا تُبَاهِيَنَّهُ وَلَا تُشَارَّنَّهُ وَلَا تُطْلِعْ صَدِيقَكَ مِنْ سِرِّكَ إِلَّا عَلَى مَا لَوِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ عَدُوُّكَ لَمْ يَضُرَّكَ فَإِنَّ الصَّدِيقَ قَدْ يَكُونُ عَدُوَّكَ يَوْماً يَا ابْنَ النُّعْمَانِ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ سُنَنٍ سُنَّةٌ مِنَ اللَّهِ وَسُنَّةٌ مِنْ رَسُولِهِ وَسُنَّةٌ مِنَ الْإِمَامِ فَأَمَّا السُّنَّةُ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ كَتُوماً لِلْأَسْرَارِ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ- عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً وَأَمَّا الَّتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَهُوَ أَنْ يُدَارِيَ النَّاسَ وَيُعَامِلَهُمْ بِالْأَخْلَاقِ الْحَنِيفِيَّةِ وَأَمَّا الَّتِي مِنَ الْإِمَامِ فَالصَّبْرُ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ حَتَّى يَأْتِيَهُ اللَّهُ بِالْفَرَجِ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ لَيْسَتِ الْبَلَاغَةُ بِحِدَّةِ اللِّسَانِ وَلَا بِكَثْرَةِ الْهَذَيَانِ وَلَكِنَّهَا إِصَابَةُ الْمَعْنَى وَقَصْدُ الْحُجَّةِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 313

يَا ابْنَ النُّعْمَانِ مَنْ قَعَدَ إِلَى سَابِّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ كَظَمَ غَيْظاً فِينَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِمْضَائِهِ كَانَ مَعَنَا فِي السَّنَامِ الْأَعْلَى وَمَنِ اسْتَفْتَحَ نَهَارَهُ بِإِذَاعَةِ سِرِّنَا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرَّ الْحَدِيدِ وَضِيقَ الْمَحَابِسِ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ لَا تَطْلُبِ الْعِلْمَ لِثَلَاثٍ لِتُرَائِيَ بِهِ وَلَا لِتُبَاهِيَ بِهِ وَلَا لِتُمَارِيَ وَلَا تَدَعْهُ لِثَلَاثٍ رَغْبَةٍ فِي الْجَهْلِ وَزَهَادَةٍ فِي الْعِلْمِ وَاسْتِحْيَاءٍ مِنَ النَّاسِ وَالْعِلْمُ الْمَصُونُ كَالسِّرَاجِ الْمُطْبَقِ عَلَيْهِ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً بَيْضَاءَ فَجَالَ الْقَلْبُ يَطْلُبُ الْحَقَّ ثُمَّ هُوَ إِلَى أَمْرِكُمْ أَسْرَعُ مِنَ الطَّيْرِ إِلَى وَكْرِهِ يَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّ حُبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ يُنْزِلُهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ خَزَائِنَ تَحْتَ الْعَرْشِ كَخَزَائِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا يُنْزِلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ وَلَا يُعْطِيهِ إِلَّا خَيْرَ الْخَلْقِ وَإِنَّ لَهُ غَمَامَةً كَغَمَامَةِ الْقَطْرِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ أَذِنَ لِتِلْكَ الْغَمَامَةِ فَتَهَطَّلَتْ كَمَا تَهَطَّلَتِ السَّحَابُ فَتُصِيبُ الْجَنِينَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ‏

رسالته ع إلى جماعة شيعته وأصحابه‏

أَمَّا بَعْدُ فَسَلُوا رَبَّكُمُ الْعَافِيَةَ وَعَلَيْكُمْ بِالدَّعَةِ وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ وَالْحَيَاءِ وَالتَّنَزُّهِ عَمَّا تَنَزَّهَ عَنْهُ الصَّالِحُونَ مِنْكُمْ وَعَلَيْكُمْ بِمُجَامَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ تَحَمَّلُوا الضَّيْمَ مِنْهُمْ وَإِيَّاكُمْ وَمُمَاظَّتَهُمْ دِينُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ إِذَا أَنْتُمْ جَالَسْتُمُوهُمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 314

وَ خَالَطْتُمُوهُمْ وَنَازَعْتُمُوهُمُ الْكَلَامَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَمُخَالَطَتِهِمْ وَمُنَازَعَتِهِمْ بِالتَّقِيَّةِ الَّتِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهَا فَإِذَا ابْتُلِيتُمْ بِذَلِكَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ سَيُؤْذُونَكُمْ وَيَعْرِفُونَ فِي وُجُوهِكُمُ الْمُنْكَرَ وَلَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُهُمْ عَنْكُمْ لَسَطَوْا بِكُمْ وَمَا فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا يُبْدُونَ لَكُمْ مَجَالِسُكُمْ وَمَجَالِسُهُمْ وَاحِدَةٌ وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ فِي الْأَصْلِ أَصْلِ الْخَلْقِ مُؤْمِناً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُكَرِّهَ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَيُبَاعِدَهُ مِنْهُ وَمَنْ كَرَّهَ اللَّهُ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَبَاعَدَهُ مِنْهُ عَافَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكِبْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ وَالْجَبَرِيَّةِ فَلَانَتْ عَرِيكَتُهُ وَحَسُنَ خُلُقُهُ وَطَلُقَ وَجْهُهُ وَصَارَ عَلَيْهِ وَقَارُ الْإِسْلَامِ وَسَكِينَتُهُ وَتَخَشُّعُهُ وَوَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَاجْتَنَبَ مَسَاخِطَهُ وَرَزَقَهُ اللَّهُ مَوَدَّةَ النَّاسِ وَمُجَامَلَتَهُمْ وَتَرْكَ مُقَاطَعَةِ النَّاسِ وَالْخُصُومَاتِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلَا مِنْ أَهْلِهَا فِي شَيْ‏ءٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ فِي الْأَصْلِ أَصْلِ الْخَلْقِ كَافِراً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُحَبِّبَ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَيُقَرِّبَهُ مِنْهُ فَإِذَا حَبَّبَ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَقَرَّبَهُ مِنْهُ ابْتُلِيَ بِالْكِبْرِ وَالْجَبَرِيَّةِ فَقَسَا قَلْبُهُ وَسَاءَ خُلُقُهُ وَغَلُظَ وَجْهُهُ وَظَهَرَ فُحْشُهُ وَقَلَّ حَيَاؤُهُ وَكَشَفَ اللَّهُ سِتْرَهُ وَرَكِبَ الْمَحَارِمَ فَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا وَرَكِبَ مَعَاصِيَ اللَّهِ وَأَبْغَضَ طَاعَتَهُ وَأَهْلَهَا فَبُعْدٌ مَا بَيْنَ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَاطْلُبُوهَا إِلَيْهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الَّذِينَ يَدْعُونَهُ وَقَدْ وَعَدَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ الِاسْتِجَابَةَ وَاللَّهُ مُصَيِّرٌ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُمْ عَمَلًا يَزِيدُهُمْ بِهِ فِي الْجَنَّةِ وَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ لَهُ وَاللَّهُ ذَاكِرٌ مَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا ذَكَرَهُ بِخَيْرٍ وَعَلَيْكُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى‏ وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ كَمَا

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         320    ومن كلامه ع سماه بعض الشيعة نثر الدرر .....  ص : 315

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 315

أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَبْلِكُمْ وَعَلَيْكُمْ بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ مَنْ حَقَّرَهُمْ وَتَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ زَلَّ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَهُ حَاقِرٌ مَاقِتٌ وَقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ ص أَمَرَنِي رَبِّي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ حَقَّرَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَقْتَ مِنْهُ وَالْمَحْقَرَةَ حَتَّى يَمْقُتَهُ النَّاسُ أَشَدَّ مَقْتاً فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً أَنْ تُحِبُّوهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ ص بِحُبِّهِمْ فَمَنْ لَمْ يُحِبَّ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِحُبِّهِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ مَاتَ وَهُوَ مِنَ الْغَاوِينَ إِيَّاكُمْ وَالْعَظَمَةَ وَالْكِبْرَ فَإِنَّ الْكِبْرَ رِدَاءُ اللَّهِ فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ قَصَمَهُ اللَّهُ وَأَذَلَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِيَّاكُمْ أَنْ يَبْغِيَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خِصَالِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُ مَنْ بَغَى صَيَّرَ اللَّهُ بَغْيَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَصَارَتْ نُصْرَةُ اللَّهِ لِمَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ وَمَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ غَلَبَ وَأَصَابَ الظَّفَرَ مِنَ اللَّهِ إِيَّاكُمْ أَنْ يَحْسُدَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ الْكُفْرَ أَصْلُهُ الْحَسَدُ إِيَّاكُمْ أَنْ تُعِينُوا عَلَى مُسْلِمٍ مَظْلُومٍ يَدْعُو اللَّهَ عَلَيْكُمْ وَيُسْتَجَابُ لَهُ فِيكُمْ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ إِيَّاكُمْ أَنْ تَشْرَهَ نُفُوسُكُمْ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ هَاهُنَا فِي الدُّنْيَا حَالَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا وَلَذَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا الْقَائِمَةِ الدَّائِمَةِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَبَدَ الْآبِدِينَ‏

و من كلامه ع سماه بعض الشيعة نثر الدرر

الِاسْتِقْصَاءُ فُرْقَةٌ الِانْتِقَادُ عَدَاوَةٌ قِلَّةُ الصَّبْرِ فَضِيحَةٌ إِفْشَاءُ السِّرِّ سُقُوطٌ السَّخَاءُ فِطْنَةٌ اللَّوْمُ تَغَافُلٌ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 316

ثَلَاثَةٌ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِنَّ نَالَ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بُغْيَتَهُ مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ وَرَضِيَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الظَّنَّ بِاللَّهِ ثَلَاثَةٌ مَنْ فَرَّطَ فِيهِنَّ كَانَ مَحْرُوماً اسْتِمَاحَةُ جَوَادٍ وَمُصَاحَبَةُ عَالِمٍ وَاسْتِمَالَةُ سُلْطَانٍ ثَلَاثَةٌ تُورِثُ الْمَحَبَّةَ الدِّينُ وَالتَّوَاضُعُ وَالْبَذْلُ مَنْ بَرِئَ مِنْ ثَلَاثَةٍ نَالَ ثَلَاثَةً مَنْ بَرِئَ مِنَ الشَّرِّ نَالَ الْعِزَّ وَمَنْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ نَالَ الْكَرَامَةَ وَمَنْ بَرِئَ مِنَ الْبُخْلِ نَالَ الشَّرَفَ ثَلَاثَةٌ مَكْسَبَةٌ لِلْبَغْضَاءِ النِّفَاقُ وَالظُّلْمُ وَالْعُجْبُ وَمَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَمْ يُعَدَّ نَبِيلًا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَقْلٌ يَزِينُهُ أَوْ جِدَةٌ تُغْنِيهِ أَوْ عَشِيرَةٌ تَعْضُدُهُ ثَلَاثَةٌ تُزْرِي بِالْمَرْءِ الْحَسَدُ وَالنَّمِيمَةُ وَالطَّيْشُ ثَلَاثَةٌ لَا تُعْرَفُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ لَا يُعْرَفُ الْحَلِيمُ إِلَّا عِنْدَ الْغَضَبِ وَلَا الشُّجَاعُ إِلَّا عِنْدَ الْحَرْبِ وَلَا أَخٌ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ احْذَرْ مِنَ النَّاسِ ثَلَاثَةً الْخَائِنَ وَالظَّلُومَ وَالنَّمَّامَ لِأَنَّ مَنْ خَانَ لَكَ خَانَكَ وَمَنْ ظَلَمَ لَكَ سَيَظْلِمُكَ وَمَنْ نَمَّ إِلَيْكَ سَيَنُمُّ عَلَيْكَ لَا يَكُونُ الْأَمِينُ أَمِيناً حَتَّى يُؤْتَمَنَ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَيُؤَدِّيَهَا عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْأَسْرَارِ وَالْفُرُوجِ وَإِنْ حَفِظَ اثْنَيْنِ وَضَيَّعَ وَاحِدَةً فَلَيْسَ بِأَمِينٍ لَا تُشَاوِرْ أَحْمَقَ وَلَا تَسْتَعِنْ بِكَذَّابٍ وَلَا تَثِقْ بِمَوَدَّةِ مَلُولٍ فَإِنَّ الْكَذَّابَ يُقَرِّبُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 317

لَكَ الْبَعِيدَ وَيُبَعِّدُ لَكَ الْقَرِيبَ وَالْأَحْمَقَ يُجْهِدُ لَكَ نَفْسَهُ وَلَا يَبْلُغُ مَا تُرِيدُ وَالْمَلُولَ أَوْثَقَ مَا كُنْتَ بِهِ خَذَلَكَ وَأَوْصَلَ مَا كُنْتَ لَهُ قَطَعَكَ أَرْبَعَةٌ لَا تَشْبَعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَرْضٌ مِنْ مَطَرٍ وَعَيْنٌ مِنْ نَظَرٍ وَأُنْثَى مِنْ ذَكَرٍ وَعَالِمٌ مِنْ عِلْمٍ أَرْبَعَةٌ تُهْرِمُ قَبْلَ أَوَانِ الْهَرَمِ أَكْلُ الْقَدِيدِ وَالْقُعُودُ عَلَى النَّدَاوَةِ وَالصُّعُودُ فِي الدَّرَجِ وَمُجَامَعَةُ الْعَجُوزِ النِّسَاءُ ثَلَاثٌ فَوَاحِدَةٌ لَكَ وَوَاحِدَةٌ لَكَ وَعَلَيْكَ وَوَاحِدَةٌ عَلَيْكَ لَا لَكَ فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَكَ فَالْمَرْأَةُ الْعَذْرَاءُ وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَكَ وَعَلَيْكَ فَالثَّيِّبُ وَأَمَّا الَّتِي هِيَ عَلَيْكَ لَا لَكَ فَهِيَ الْمُتْبِعُ الَّتِي لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِكَ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ سَيِّداً كَظْمُ الْغَيْظِ وَالْعَفْوُ عَنِ الْمُسِي‏ءِ وَالصِّلَةُ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ ثَلَاثَةٌ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ثَلَاثٍ لَا بُدَّ لِلْجَوَادِ مِنْ كَبْوَةٍ وَلِلسَّيْفِ مِنْ نَبْوَةٍ وَلِلْحَلِيمِ مِنْ هَفْوَةٍ ثَلَاثَةٌ فِيهِنَّ الْبَلَاغَةُ التَّقَرُّبُ مِنْ مَعْنَى الْبُغْيَةِ وَالتَّبَعُّدُ مِنْ حَشْوِ الْكَلَامِ وَالدَّلَالَةُ بِالْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ النَّجَاةُ فِي ثَلَاثٍ تُمْسِكُ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَيَسَعُكَ بَيْتُكَ وَتَنْدَمُ عَلَى خَطِيئَتِكَ الْجَهْلُ فِي ثَلَاثٍ فِي تَبَدُّلِ الْإِخْوَانِ وَالْمُنَابَذَةِ بِغَيْرِ بَيَانٍ وَالتَّجَسُّسِ عَمَّا لَا يَعْنِي ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كُنَّ عَلَيْهِ الْمَكْرُ وَالنَّكْثُ وَالْبَغْيُ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 318

أَجْمَعِينَ وَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى‏ نَفْسِهِ وَقَالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثَلَاثٌ يَحْجُزْنَ الْمَرْءَ عَنْ طَلَبِ الْمَعَالِي قَصْرُ الْهِمَّةِ وَقِلَّةُ الْحِيلَةِ وَضَعْفُ الرَّأْيِ الْحَزْمُ فِي ثَلَاثَةٍ الِاسْتِخْدَامِ لِلسُّلْطَانِ وَالطَّاعَةِ لِلْوَالِدِ وَالْخُضُوعِ لِلْمَوْلَى الْأُنْسُ فِي ثَلَاثٍ فِي الزَّوْجَةِ الْمُوَافِقَةِ وَالْوَلَدِ الْبَارِّ وَالصَّدِيقِ الْمُصَافِي مَنْ رُزِقَ ثَلَاثاً نَالَ ثَلَاثاً وَهُوَ الْغِنَى الْأَكْبَرُ الْقَنَاعَةُ بِمَا أُعْطِيَ وَالْيَأْسُ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَتَرْكُ الْفُضُولِ لَا يَكُونُ الْجَوَادُ جَوَاداً إِلَّا بِثَلَاثَةٍ يَكُونُ سَخِيّاً بِمَالِهِ عَلَى حَالِ الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ وَأَنْ يَبْذُلَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ وَيَرَى أَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ شُكْرِ الَّذِي أَسْدَى إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا أَعْطَاهُ ثَلَاثَةٌ لَا يُعْذَرُ الْمَرْءُ فِيهَا مُشَاوَرَةُ نَاصِحٍ وَمُدَارَاةُ حَاسِدٍ وَالتَّحَبُّبُ إِلَى النَّاسِ لَا يُعَدُّ الْعَاقِلُ عَاقِلًا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ ثَلَاثاً إِعْطَاءَ الْحَقِّ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى حَالِ الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَأَنْ يَرْضَى لِلنَّاسِ مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ وَاسْتِعْمَالَ الْحِلْمِ عِنْدَ الْعَثْرَةِ لَا تَدُومُ النِّعَمُ إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ مَعْرِفَةٍ بِمَا يَلْزَمُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فِيهَا وَأَدَاءِ شُكْرِهَا وَالتَّعَبِ فِيهَا ثَلَاثٌ مَنِ ابْتُلِيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَمَنَّى الْمَوْتَ فَقْرٌ مُتَتَابِعٌ وَحُرْمَةٌ فَاضِحَةٌ وَعَدُوٌّ غَالِبٌ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 319

مَنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي ثَلَاثٍ ابْتُلِيَ بِثَلَاثٍ مَنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي السَّلَامَةِ ابْتُلِيَ بِالْخِذْلَانِ وَمَنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي الْمَعْرُوفِ ابْتُلِيَ بِالنَّدَامَةِ وَمَنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْإِخْوَانِ ابْتُلِيَ بِالْخُسْرَانِ ثَلَاثٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ تَجَنُّبُهَا مُقَارَنَةُ الْأَشْرَارِ وَمُحَادَثَةُ النِّسَاءِ وَمُجَالَسَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ ثَلَاثَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَرَمِ الْمَرْءِ حُسْنُ الْخُلُقِ وَكَظْمُ الْغَيْظِ وَغَضُّ الطَّرْفِ مَنْ وَثِقَ بِثَلَاثَةٍ كَانَ مَغْرُوراً مَنْ صَدَّقَ بِمَا لَا يَكُونُ وَرَكِنَ إِلَى مَنْ لَا يَثِقُ بِهِ وَطَمِعَ فِي مَا لَا يَمْلِكُ ثَلَاثَةٌ مَنِ اسْتَعْمَلَهَا أَفْسَدَ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ مَنْ أَسَاءَ ظَنَّهُ وَأَمْكَنَ مِنْ سَمْعِهِ وَأَعْطَى قِيَادَهُ حَلِيلَتَهُ أَفْضَلُ الْمُلُوكِ مَنْ أُعْطِيَ ثَلَاثَ خِصَالٍ الرَّأْفَةَ وَالْجُودَ وَالْعَدْلَ وَلَيْسَ يُحَبُّ لِلْمُلُوكِ أَنْ يُفَرِّطُوا فِي ثَلَاثٍ فِي حِفْظِ الثُّغُورِ وَتَفَقُّدِ الْمَظَالِمِ وَاخْتِيَارِ الصَّالِحِينَ لِأَعْمَالِهِمْ ثَلَاثُ خِلَالٍ تَجِبُ لِلْمُلُوكِ عَلَى أَصْحَابِهِمْ وَرَعِيَّتِهِمْ الطَّاعَةُ لَهُمْ وَالنَّصِيحَةُ لَهُمْ فِي الْمَغِيبِ وَالْمَشْهَدِ وَالدُّعَاءُ بِالنَّصْرِ وَالصَّلَاحِ ثَلَاثَةٌ تَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ مُكَافَأَةُ الْمُحْسِنِ بِالْإِحْسَانِ لِيَزْدَادُوا رَغْبَةً فِيهِ وَتَغَمُّدُ ذُنُوبِ الْمُسِي‏ءِ لِيَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَنْ غَيِّهِ وَتَأَلُّفُهُمْ جَمِيعاً بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْصَافِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مَنِ احْتَقَرَهَا مِنَ الْمُلُوكِ وَأَهْمَلَهَا تَفَاقَمَتْ عَلَيْهِ خَامِلٌ قَلِيلُ الْفَضْلِ شَذَّ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَدَاعِيَةٌ إِلَى بِدْعَةٍ جَعَلَ جُنَّتَهُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         325    كلامه ع في وصف المحبة لأهل البيت والتوحيد والإيمان والإسلام والكفر والفسق .....  ص : 325

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 320

وَ أَهْلُ بَلَدٍ جَعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ رَئِيساً يَمْنَعُ السُّلْطَانَ مِنْ إِقَامَةِ الْحُكْمِ فِيهِمْ- الْعَاقِلُ لَا يَسْتَخِفُّ بِأَحَدٍ وَأَحَقُّ مَنْ لَا يُسْتَخَفُّ بِهِ ثَلَاثَةٌ الْعُلَمَاءُ وَالسُّلْطَانُ وَالْإِخْوَانُ لِأَنَّهُ مَنِ اسْتَخَفَّ بِالْعُلَمَاءِ أَفْسَدَ دِينَهُ وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالسُّلْطَانِ أَفْسَدَ دُنْيَاهُ وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالْإِخْوَانِ أَفْسَدَ مُرُوَّتَهُ وَجَدْنَا بِطَانَةَ السُّلْطَانِ ثَلَاثَ طَبَقَاتٍ طَبَقَةٌ مُوَافِقَةً لِلْخَيْرِ وَهِيَ بَرَكَةٌ عَلَيْهَا وَعَلَى السُّلْطَانِ وَعَلَى الرَّعِيَّةِ وَطَبَقَةٌ غَايَتُهَا الْمُحَامَاةُ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهَا فَتِلْكَ لَا مَحْمُودَةٌ وَلَا مَذْمُومَةٌ بَلْ هِيَ إِلَى الذَّمِّ أَقْرَبُ وَطَبَقَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلشَّرِّ وَهِيَ مَشْئُومَةٌ مَذْمُومَةٌ عَلَيْهَا وَعَلَى السُّلْطَانِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ يَحْتَاجُ النَّاسُ طُرّاً إِلَيْهَا الْأَمْنُ وَالْعَدْلُ وَالْخِصْبُ ثَلَاثَةٌ تُكَدِّرُ الْعَيْشَ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ وَالْجَارُ السَّوْءُ وَالْمَرْأَةُ الْبَذِيَّةُ لَا تَطِيبُ السُّكْنَى إِلَّا بِثَلَاثٍ الْهَوَاءِ الطَّيِّبِ وَالْمَاءِ الْغَزِيرِ الْعَذْبِ وَالْأَرْضِ الْخَوَّارَةِ ثَلَاثَةٌ تُعْقِبُ النَّدَامَةَ الْمُبَاهَاةُ وَالْمُفَاخَرَةُ وَالْمُعَازَّةُ ثَلَاثَةٌ مُرَكَّبَةٌ فِي بَنِي آدَمَ الْحَسَدُ وَالْحِرْصُ وَالشَّهْوَةُ مَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ- انْتَظَمَتْ فِيهِ ثَلَاثَتُهَا فِي تَفْخِيمِهِ وَهَيْبَتِهِ وَجَمَالِهِ مَنْ كَانَ لَهُ وَرَعٌ أَوْ سَمَاحَةٌ أَوْ شَجَاعَةٌ ثَلَاثُ خِصَالٍ مَنْ رُزِقَهَا كَانَ كَامِلًا الْعَقْلُ وَالْجَمَالُ وَالْفَصَاحَةُ ثَلَاثَةٌ تُقْضَى لَهُمْ بِالسَّلَامَةِ إِلَى بُلُوغِ غَايَتِهِمْ الْمَرْأَةُ إِلَى انْقِضَاءِ حَمْلِهَا وَالْمَلِكُ إِلَى أَنْ يَنْفَدَ عُمُرُهُ وَالْغَائِبُ إِلَى حِينِ إِيَابِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 321

ثَلَاثَةٌ تُورِثُ الْحِرْمَانَ الْإِلْحَاحُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْغِيبَةُ وَالْهُزْءُ ثَلَاثَةٌ تُعْقِبُ مَكْرُوهاً حَمْلَةُ الْبَطَلِ فِي الْحَرْبِ فِي غَيْرِ فُرْصَةٍ وَإِنْ رُزِقَ الظَّفَرَ وَشُرْبُ الدَّوَاءِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَإِنْ سَلِمَ مِنْهُ وَالتَّعَرُّضُ لِلسُّلْطَانِ وَإِنْ ظَفِرَ الطَّالِبُ بِحَاجَتِهِ مِنْهُ ثَلَاثُ خِلَالٍ يَقُولُ كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّهُ عَلَى صَوَابٍ مِنْهَا دِينُهُ الَّذِي يَعْتَقِدُهُ وَهَوَاهُ الَّذِي يَسْتَعْلِي عَلَيْهِ وَتَدْبِيرُهُ فِي أُمُورِهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ سَادَةٌ مُطَاعُونَ وَأَكْفَاءٌ مُتَكَافُونَ وَأُنَاسٌ مُتْعَادُونَ قِوَامُ الدُّنْيَا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ النَّارِ وَالْمِلْحِ وَالْمَاءِ مَنْ طَلَبَ ثَلَاثَةً بِغَيْرِ حَقٍّ حُرِمَ ثَلَاثَةً بِحَقٍّ مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا بِغَيْرِ حَقٍّ حُرِمَ الْآخِرَةَ بِحَقٍّ وَمَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ بِغَيْرِ حَقٍّ حُرِمَ الطَّاعَةَ لَهُ بِحَقٍّ وَمَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِغَيْرِ حَقٍّ حُرِمَ بَقَاءَهُ لَهُ بِحَقٍّ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ الْحَازِمِ أَنَّ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا شُرْبُ السَّمِّ لِلتَّجْرِبَةِ وَإِنْ نَجَا مِنْهُ وَإِفْشَاءُ السِّرِّ إِلَى الْقَرَابَةِ الْحَاسِدِ وَإِنْ نَجَا مِنْهُ وَرُكُوبُ الْبَحْرِ وَإِنْ كَانَ الْغِنَى فِيهِ لَا يَسْتَغْنِي أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ عَنْ ثَلَاثَةٍ يَفْزَعُ إِلَيْهِمْ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ فَإِنْ عَدِمُوا ذَلِكَ كَانُوا هَمَجاً فَقِيهٍ عَالِمٍ وَرَعٍ وَأَمِيرٍ خَيِّرٍ مُطَاعٍ وَطَبِيبٍ بَصِيرٍ ثِقَةٍ يُمْتَحَنُ الصَّدِيقُ بِثَلَاثِ خِصَالٍ فَإِنْ كَانَ مُؤَاتِياً فِيهَا فَهُوَ الصَّدِيقُ الْمُصَافِي وَإِلَّا كَانَ صَدِيقَ رَخَاءٍ لَا صَدِيقَ شِدَّةٍ تَبْتَغِي مِنْهُ مَالًا أَوْ تَأْمَنُهُ عَلَى مَالٍ أَوْ تُشَارِكُهُ فِي مَكْرُوهٍ إِنْ يَسْلَمِ النَّاسُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ كَانَتْ سَلَامَةً شَامِلَةً لِسَانِ السَّوْءِ وَيَدِ السَّوْءِ وَفِعْلِ السَّوْءِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 322

إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْمَمْلُوكِ خَصْلَةٌ مِنْ ثَلَاثٍ فَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ فِي إِمْسَاكِهِ رَاحَةٌ دِينٌ يُرْشِدُهُ أَوْ أَدَبٌ يَسُوسُهُ أَوْ خَوْفٌ يَرْدَعُهُ إِنَّ الْمَرْءَ يَحْتَاجُ فِي مَنْزِلِهِ وَعِيَالِهِ إِلَى ثَلَاثِ خِلَالٍ يَتَكَلَّفُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَبْعِهِ ذَلِكَ مُعَاشَرَةٌ جَمِيلَةٌ وَسَعَةٌ بِتَقْدِيرٍ وَغَيْرَةٌ بِتَحَصُّنٍ كُلُّ ذِي صِنَاعَةٍ مُضْطَرٌّ إِلَى ثَلَاثِ خِلَالٍ يَجْتَلِبُ بِهَا الْمَكْسَبَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَاذِقاً بِعَمَلِهِ مُؤَدِّياً لِلْأَمَانَةِ فِيهِ مُسْتَمِيلًا لِمَنِ اسْتَعْمَلَهُ ثَلَاثٌ مَنِ ابْتُلِيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَانَ طَائِحَ الْعَقْلِ نِعْمَةٌ مُوَلِّيَةٌ وَزَوْجَةٌ فَاسِدَةٌ وَفَجِيعَةٌ بِحَبِيبٍ جُبِلَتِ الشَّجَاعَةُ عَلَى ثَلَاثِ طَبَائِعَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَضِيلَةٌ لَيْسَتْ لِلْأُخْرَى السَّخَاءُ بِالنَّفْسِ وَالْأَنَفَةُ مِنَ الذُّلِّ وَطَلَبُ الذِّكْرِ فَإِنْ تَكَامَلَتْ فِي الشُّجَاعِ كَانَ الْبَطَلَ الَّذِي لَا يُقَامُ لِسَبِيلِهِ وَالْمَوْسُومَ بِالْإِقْدَامِ فِي عَصْرِهِ وَإِنْ تَفَاضَلَتْ فِيهِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ كَانَتْ شَجَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ الَّذِي تَفَاضَلَتْ فِيهِ أَكْثَرَ وَأَشَدَّ إِقْدَاماً وَيَجِبُ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى الْوَلَدِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ شُكْرُهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَطَاعَتُهُمَا فِيمَا يَأْمُرَانِهِ وَيَنْهَيَانِهِ عَنْهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَنَصِيحَتُهُمَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَتَجِبُ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ اخْتِيَارُهُ لِوَالِدَتِهِ وَتَحْسِينُ اسْمِهِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَأْدِيبِهِ تَحْتَاجُ الْإِخْوَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَإِنِ اسْتَعْمَلُوهَا وَإِلَّا تَبَايَنُوا وَتَبَاغَضُوا-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 323

وَ هِيَ التَّنَاصُفُ وَالتَّرَاحُمُ وَنَفْيُ الْحَسَدِ إِذَا لَمْ تَجْتَمِعِ الْقَرَابَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ تَعَرَّضُوا لِدُخُولِ الْوَهْنِ عَلَيْهِمْ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ بِهِمْ وَهِيَ تَرْكُ الْحَسَدِ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِئَلَّا يَتَحَزَّبُوا فَيَتَشَتَّتَ أَمْرُهُمْ وَالتَّوَاصُلُ لِيَكُونَ ذَلِكَ حَادِياً لَهُمْ عَلَى الْأُلْفَةِ وَالتَّعَاوُنُ لِتَشْمِلَهُمُ الْعِزَّةُ لَا غِنَى بِالزَّوْجِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِيَجْتَلِبَ بِهَا مُوَافَقَتَهَا وَمَحَبَّتَهَا وَهَوَاهَا وَحُسْنُ خُلُقِهِ مَعَهَا وَاسْتِعْمَالُهُ اسْتِمَالَةَ قَلْبِهَا بِالْهَيْئَةِ الْحَسَنَةِ فِي عَيْنِهَا وَتَوْسِعَتُهُ عَلَيْهَا وَلَا غِنَى بِالزَّوْجَةِ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الْمُوَافِقِ لَهَا عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ وَهُنَّ صِيَانَةُ نَفْسِهَا عَنْ كُلِّ دَنَسٍ حَتَّى يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ إِلَى الثِّقَةِ بِهَا فِي حَالِ الْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَحِيَاطَتُهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ عَاطِفاً عَلَيْهَا عِنْدَ زَلَّةٍ تَكُونُ مِنْهَا وَإِظْهَارُ الْعِشْقِ لَهُ بِالْخِلَابَةِ وَالْهَيْئَةِ الْحَسَنَةِ لَهَا فِي عَيْنِهِ لَا يَتِمُّ الْمَعْرُوفُ إِلَّا بِثَلَاثِ خِلَالٍ تَعْجِيلُهُ وَتَقْلِيلُ كَثِيرِهِ وَتَرْكُ الِامْتِنَانِ بِهِ وَالسُّرُورُ فِي ثَلَاثِ خِلَالٍ فِي الْوَفَاءِ وَرِعَايَةِ الْحُقُوقِ وَالنُّهُوضِ فِي النَّوَائِبِ ثَلَاثَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى إِصَابَةِ الرَّأْيِ حُسْنُ اللِّقَاءِ وَحُسْنُ الِاسْتِمَاعِ وَحُسْنُ الْجَوَابِ الرِّجَالُ ثَلَاثَةٌ عَاقِلٌ وَأَحْمَقُ وَفَاجِرٌ فَالْعَاقِلُ إِنْ كُلِّمَ أَجَابَ وَإِنْ نَطَقَ أَصَابَ وَإِنْ سَمِعَ وَعَى وَالْأَحْمَقُ إِنْ تَكَلَّمَ عَجَّلَ وَإِنْ حَدَّثَ ذَهِلَ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْقَبِيحِ فَعَلَ وَالْفَاجِرُ إِنِ ائْتَمَنْتَهُ خَانَكَ وَإِنْ حَدَّثْتَهُ شَانَكَ الْإِخْوَانُ ثَلَاثَةٌ فَوَاحِدٌ كَالْغِذَاءِ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ فَهُوَ الْعَاقِلُ وَالثَّانِي فِي مَعْنَى الدَّاءِ وَهُوَ الْأَحْمَقُ وَالثَّالِثُ فِي مَعْنَى الدَّوَاءِ فَهُوَ اللَّبِيبُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ تَدُلُّ عَلَى عَقْلِ فَاعِلِهَا الرَّسُولُ عَلَى قَدْرِ مَنْ أَرْسَلَهُ وَالْهَدِيَّةُ عَلَى قَدْرِ مُهْدِيهَا وَالْكِتَابُ عَلَى قَدْرِ كَاتِبِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 324

الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ آيَةٌ مُحْكَمَةٌ وَفَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ النَّاسُ ثَلَاثَةٌ جَاهِلٌ يَأْبَى أَنْ يَتَعَلَّمَ وَعَالِمٌ قَدْ شَفَّهُ عِلْمُهُ وَعَاقِلٌ يَعْمَلُ لِدُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ ثَلَاثَةٌ لَيْسَ مَعَهُنَّ غُرْبَةٌ حُسْنُ الْأَدَبِ وَكَفُّ الْأَذَى وَمُجَانَبَةُ الرَّيْبِ الْأَيَّامُ ثَلَاثَةٌ فَيَوْمٌ مَضَى لَا يُدْرَكُ وَيَوْمٌ النَّاسُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَغْتَنِمُوهُ وَغَداً إِنَّمَا فِي أَيْدِيهِمْ أَمَلُهُ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ لَمْ يَنْفَعْهُ الْإِيمَانُ حِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ وَوَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ طَلَبِ الْمَحَارِمِ وَخُلُقٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ مَنْ إِذَا غَضِبَ لَمْ يُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا رَضِيَ لَمْ يُخْرِجْهُ رِضَاهُ إِلَى الْبَاطِلِ وَمَنْ إِذَا قَدَرَ عَفَا ثَلَاثُ خِصَالٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا صَاحِبُ الدُّنْيَا الدَّعَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَانٍ وَالسَّعَةُ مَعَ قَنَاعَةٍ وَالشَّجَاعَةُ مِنْ غَيْرِ كَسَلٍ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ لَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَنْسَاهُنَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَنَاءُ الدُّنْيَا وَتَصَرُّفُ الْأَحْوَالِ وَالْآفَاتُ الَّتِي لَا أَمَانَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ لَا تُرَى كَامِلَةً فِي وَاحِدٍ قَطُّ الْإِيمَانُ وَالْعَقْلُ وَالِاجْتِهَادُ الْإِخْوَانُ ثَلَاثَةٌ مُوَاسٍ بِنَفْسِهِ وَآخَرُ مُوَاسٍ بِمَالِهِ وَهُمَا الصَّادِقَانِ فِي الْإِخَاءِ وَآخَرُ يَأْخُذُ مِنْكَ الْبُلْغَةَ وَيُرِيدُكَ لِبَعْضِ اللَّذَّةِ فَلَا تَعُدَّهُ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ لَا يَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ ثَلَاثٌ الْفِقْهُ فِي الدِّينِ وَحُسْنُ التَّقْدِيرِ فِي الْمَعِيشَةِ وَالصَّبْرُ عَلَى الرَّزَايَا وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         330    صفة الإسلام .....  ص : 329

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 325

كلامه ع في وصف المحبة لأهل البيت والتوحيد والإيمان والإسلام والكفر والفسق‏

دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ ع لَهُ مِمَّنِ الرَّجُلُ فَقَالَ مِنْ مُحِبِّيكُمْ وَمَوَالِيكُمْ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ ع لَا يُحِبُّ اللَّهَ عَبْدٌ حَتَّى يَتَوَلَّاهُ وَلَا يَتَوَلَّاهُ حَتَّى يُوجِبَ لَهُ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ لَهُ مِنْ أَيِّ مُحِبِّينَا أَنْتَ فَسَكَتَ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ سَدِيرٌ وَكَمْ مُحِبُّوكُمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ طَبَقَةٌ أَحَبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَلَمْ يُحِبُّونَا فِي السِّرِّ وَطَبَقَةٌ يُحِبُّونَا فِي السِّرِّ وَلَمْ يُحِبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَطَبَقَةٌ يُحِبُّونَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ هُمُ النَّمَطُ الْأَعْلَى شَرِبُوا مِنَ الْعَذْبِ الْفُرَاتِ وَعَلِمُوا تَأْوِيلَ الْكِتَابِ وَفَصْلَ الْخِطَابِ وَسَبَبَ الْأَسْبَابِ فَهُمُ النَّمَطُ الْأَعْلَى الْفَقْرُ وَالْفَاقَةُ وَأَنْوَاعُ الْبَلَاءِ أَسْرَعُ إِلَيْهِمْ مِنْ رَكْضِ الْخَيْلِ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا وَفُتِنُوا فَمِنْ بَيْنِ مَجْرُوحٍ وَمَذْبُوحٍ مُتَفَرِّقِينَ فِي كُلِّ بِلَادٍ قَاصِيَةٍ بِهِمْ يَشْفِي اللَّهُ السَّقِيمَ وَيُغْنِي الْعَدِيمَ وَبِهِمْ تُنْصَرُونَ وَبِهِمْ تُمْطَرُونَ وَبِهِمْ تُرْزَقُونَ وَهُمُ الْأَقَلُّونَ عَدَداً الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً وَخَطَراً وَالطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ النَّمَطُ الْأَسْفَلُ أَحَبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَسَارُوا بِسِيرَةِ الْمُلُوكِ فَأَلْسِنَتُهُمْ مَعَنَا وَسُيُوفُهُمْ عَلَيْنَا وَالطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ النَّمَطُ الْأَوْسَطُ أَحَبُّونَا فِي السِّرِّ وَلَمْ يُحِبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَلَعَمْرِي‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 326

لَئِنْ كَانُوا أَحَبُّونَا فِي السِّرِّ دُونَ الْعَلَانِيَةِ فَهُمُ الصَّوَّامُونَ بِالنَّهَارِ الْقَوَّامُونَ بِاللَّيْلِ تَرَى أَثَرَ الرَّهْبَانِيَّةِ فِي وُجُوهِهِمْ أَهْلُ سِلْمٍ وَانْقِيَادٍ قَالَ الرَّجُلُ فَأَنَا مِنْ مُحِبِّيكُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ قَالَ جَعْفَرٌ ع إِنَّ لِمُحِبِّينَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ علَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا قَالَ الرَّجُلُ وَمَا تِلْكَ الْعَلَامَاتُ قَالَ ع تِلْكَ خِلَالٌ أَوَّلُهَا أَنَّهُمْ عَرَفُوا التَّوْحِيدَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَأَحْكَمُوا عِلْمَ تَوْحِيدِهِ وَالْإِيمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا هُوَ وَمَا صِفَتُهُ ثُمَّ عَلِمُوا حُدُودَ الْإِيمَانِ وَحَقَائِقَهُ وَشُرُوطَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ سَدِيرٌ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا سَمِعْتُكَ تَصِفُ الْإِيمَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ قَالَ نَعَمْ يَا سَدِيرُ لَيْسَ لِلسَّائِلِ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ حَتَّى يَعْلَمَ الْإِيمَانَ بِمَنْ قَالَ سَدِيرٌ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُفَسِّرَ مَا قُلْتَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللَّهَ بِتَوَهُّمِ الْقُلُوبِ فَهُوَ مُشْرِكٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللَّهَ بِالاسْمِ دُونَ الْمَعْنَى فَقَدْ أَقَرَّ بِالطَّعْنِ لِأَنَّ الِاسْمَ مُحْدَثٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ الِاسْمَ وَالْمَعْنَى فَقَدْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ شَرِيكاً وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ الْمَعْنَى بِالصِّفَةِ لَا بِالْإِدْرَاكِ فَقَدْ أَحَالَ عَلَى غَائِبٍ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ الصِّفَةَ وَالْمَوْصُوفَ فَقَدْ أَبْطَلَ التَّوْحِيدَ لِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُضِيفُ الْمَوْصُوفَ إِلَى الصِّفَةِ فَقَدْ صَغَّرَ بِالْكَبِيرِ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 327

قِيلَ لَهُ فَكَيْفَ سَبِيلُ التَّوْحِيدِ قَالَ ع بَابُ الْبَحْثِ مُمْكِنٌ وَطَلَبُ الْمَخْرَجِ مَوْجُودٌ إِنَّ مَعْرِفَةَ عَيْنِ الشَّاهِدِ قَبْلَ صِفَتِهِ وَمَعْرِفَةَ صِفَةِ الْغَائِبِ قَبْلَ عَيْنِهِ قِيلَ وَكَيْفَ نَعْرِفُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 328

عَيْنَ الشَّاهِدِ قَبْلَ صِفَتِهِ قَالَ ع تَعْرِفُهُ وَتَعْلَمُ عِلْمَهُ وَتَعْرِفُ نَفْسَكَ بِهِ وَلَا تَعْرِفُ نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِكَ وَتَعْلَمُ أَنَّ مَا فِيهِ لَهُ وَبِهِ كَمَا قَالُوا لِيُوسُفَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي فَعَرَفُوهُ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ بِغَيْرِهِ وَلَا أَثْبَتُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِتَوَهُّمِ الْقُلُوبِ أَ مَا تَرَى اللَّهَ يَقُولُ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها يَقُولُ لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَنْصِبُوا إِمَاماً-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 329

مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِكُمْ تُسَمُّونَهُ مُحِقّاً بِهَوَى أَنْفُسِكُمْ وَإِرَادَتِكُمْ ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ ع ثَلَاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ مَنْ أَنْبَتَ شَجَرَةً لَمْ يُنْبِتْهُ اللَّهُ يَعْنِي مَنْ نَصَبَ إِمَاماً لَمْ يَنْصِبْهُ اللَّهُ أَوْ جَحَدَ مَنْ نَصَبَهُ اللَّهُ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لِهَذَيْنِ سَهْماً فِي الْإِسْلَامِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ

صفة الإيمان‏

قَالَ ع مَعْنَى صِفَةِ الْإِيمَانِ الْإِقْرَارُ وَالْخُضُوعُ لِلَّهِ بِذُلِّ الْإِقْرَارِ وَالتَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِهِ وَالْأَدَاءُ لَهُ بِعِلْمِ كُلِّ مَفْرُوضٍ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ مِنْ حَدِّ التَّوْحِيدِ فَمَا دُونَهُ إِلَى آخِرِ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الطَّاعَةِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا مَقْرُونٌ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ مَوْصُولٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَإِذَا أَدَّى الْعَبْدُ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ مِمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ عَلَى صِفَةِ مَا وَصَفْنَاهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُسْتَحِقٌّ لِصِفَةِ الْإِيمَانِ مُسْتَوْجِبٌ لِلثَّوَابِ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى جُمْلَةِ الْإِيمَانِ الْإِقْرَارُ وَمَعْنَى الْإِقْرَارِ التَّصْدِيقُ بِالطَّاعَةِ فَلِذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ الطَّاعَةَ كُلَّهَا صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا مَقْرُونَةٌ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَلَا يَخْرُجُ الْمُؤْمِنُ مِنْ صِفَةِ الْإِيمَانِ إِلَّا بِتَرْكِ مَا اسْتَحَقَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ مُؤْمِناً وَإِنَّمَا اسْتَوْجَبَ وَاسْتَحَقَّ اسْمَ الْإِيمَانِ وَمَعْنَاهُ بِأَدَاءِ كِبَارِ الْفَرَائِضِ مَوْصُولَةً وَتَرْكِ كِبَارِ الْمَعَاصِي وَاجْتِنَابِهَا وَإِنْ تَرَكَ صِغَارَ الطَّاعَةِ وَارْتَكَبَ صِغَارَ الْمَعَاصِي فَلَيْسَ بِخَارِجٍ مِنَ الْإِيمَانِ وَلَا تَارِكٍ لَهُ مَا لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً مِنْ كِبَارِ الطَّاعَةِ وَلَمْ يَرْتَكِبْ شَيْئاً مِنْ كِبَارِ الْمَعَاصِي فَمَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ لِقَوْلِ اللَّهِ- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً يَعْنِي الْمَغْفِرَةَ مَا دُونَ الْكَبَائِرِ فَإِنْ هُوَ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الْمَعَاصِي كَانَ مَأْخُوذاً بِجَمِيعِ الْمَعَاصِي صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا مُعَاقَباً عَلَيْهَا مُعَذَّباً بِهَا فَهَذِهِ صِفَةُ الْإِيمَانِ وَصِفَةُ الْمُؤْمِنِ الْمُسْتَوْجِبِ لِلثَّوَابِ‏

صفة الإسلام‏

وَ أَمَّا مَعْنَى صِفَةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ الْإِقْرَارُ بِجَمِيعِ الطَّاعَةِ الظَّاهِرِ الْحُكْمِ وَالْأَدَاءُ لَهُ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِجَمِيعِ الطَّاعَةِ فِي الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِالْقُلُوبِ فَقَدِ اسْتَحَقَّ اسْمَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         333    وأما تفسير التجارات .....  ص : 332

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 330

الْإِسْلَامِ وَمَعْنَاهُ وَاسْتَوْجَبَ الْوَلَايَةَ الظَّاهِرَةَ وَإِجَازَةَ شَهَادَتِهِ وَالْمَوَارِيثَ وَصَارَ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَذِهِ صِفَةُ الْإِسْلَامِ وَفَرْقُ مَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْمُؤْمِنِ أَنَّ الْمُسْلِمَ إِنَّمَا يَكُونُ مُؤْمِناً أَنْ يَكُونَ مُطِيعاً فِي الْبَاطِنِ مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِالظَّاهِرِ كَانَ مُسْلِماً وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِخُضُوعٍ وَتَقَرُّبٍ بِعِلْمٍ كَانَ مُؤْمِناً فَقَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ مُسْلِماً وَلَا يَكُونُ مُؤْمِناً إِلَّا وَهُوَ مُسْلِمٌ‏

صفة الخروج من الإيمان‏

وَ قَدْ يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ بِخَمْسِ جِهَاتٍ مِنَ الْفِعْلِ كُلُّهَا مُتَشَابِهَاتٌ مَعْرُوفَاتٌ الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ وَالضَّلَالُ وَالْفِسْقُ وَرُكُوبُ الْكَبَائِرِ فَمَعْنَى الْكُفْرِ كُلُّ مَعْصِيَةٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهَا بِجِهَةِ الْجَحْدِ وَالْإِنْكَارِ وَالِاسْتِخْفَافِ وَالتَّهَاوُنِ فِي كُلِّ مَا دَقَّ وَجَلَّ وَفَاعِلُهُ كَافِرٌ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى كُفْرٍ مِنْ أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ وَمِنْ أَيِّ فِرْقَةٍ كَانَ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَعْنَى الشِّرْكِ كُلُّ مَعْصِيَةٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهَا بِالتَّدَيُّنِ فَهُوَ مُشْرِكٌ صَغِيرَةً كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ أَوْ كَبِيرَةً فَفَاعِلُهَا مُشْرِكٌ وَمَعْنَى الضَّلَالِ الْجَهْلُ بِالْمَفْرُوضِ وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الطَّاعَةِ الَّتِي لَا يَسْتَحِقُّ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ إِلَّا بِهَا بَعْدَ وُرُودِ الْبَيَانِ فِيهَا وَالِاحْتِجَاجِ بِهَا فَيَكُونَ التَّارِكُ لَهَا تَارِكاً بِغَيْرِ جِهَةِ الْإِنْكَارِ وَالتَّدَيُّنِ بِإِنْكَارِهَا وَجُحُودِهَا وَلَكِنْ يَكُونُ تَارِكاً عَلَى جِهَةِ التَّوَانِي وَالْإِغْفَالِ وَالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا فَهُوَ ضَالٌّ مُتَنَكِّبٌ عَنْ طَرِيقِ الْإِيمَانِ جَاهِلٌ بِهِ خَارِجٌ مِنْهُ مُسْتَوْجِبٌ لِاسْمِ الضَّلَالَةِ وَمَعْنَاهَا مَا دَامَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَاهُ بِهَا فَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي مَالَ بِهَوَاهُ إِلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمَعْصِيَةِ بِجِهَةِ الْجُحُودِ وَالِاسْتِخْفَافِ وَالتَّهَاوُنِ كَفَرَ وَإِنْ هُوَ مَالَ بِهَوَاهُ إِلَى التَّدَيُّنِ بِجِهَةِ التَّأْوِيلِ وَالتَّقْلِيدِ وَالتَّسْلِيمِ وَالرِّضَا بِقَوْلِ الْآبَاءِ وَالْأَسْلَافِ فَقَدْ أَشْرَكَ وَقَلَّمَا يَلْبَثُ الْإِنْسَانُ عَلَى ضَلَالَةٍ حَتَّى يَمِيلَ بِهَوَاهُ إِلَى بَعْضِ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ صِفَتِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 331

وَ مَعْنَى الْفِسْقِ فَكُلُّ مَعْصِيَةٍ مِنَ الْمَعَاصِي الْكِبَارِ فَعَلَهَا فَاعِلٌ أَوْ دَخَلَ فِيهَا دَاخِلٌ بِجِهَةِ اللَّذَّةِ وَالشَّهْوَةِ وَالشَّوْقِ الْغَالِبِ فَهُوَ فِسْقٌ وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ خَارِجٌ مِنَ الْإِيمَانِ بِجِهَةِ الْفِسْقِ فَإِنْ دَامَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ فِي حَدِّ التَّهَاوُنِ وَالِاسْتِخْفَافِ فَقَدْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِتَهَاوُنِهِ وَاسْتِخْفَافِهِ كَافِراً وَمَعْنَى رَاكِبِ الْكَبَائِرِ الَّتِي بِهَا يَكُونُ فَسَادُ إِيمَانِهِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُنْهَمِكاً عَلَى كَبَائِرِ الْمَعَاصِي بِغَيْرِ جُحُودٍ وَلَا تَدَيُّنٍ وَلَا لَذَّةٍ وَلَا شَهْوَةٍ وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ الْحَمِيَّةِ وَالْغَضَبِ يُكْثِرُ الْقَذْفَ وَالسَّبَّ وَالْقَتْلَ وَأَخْذَ الْأَمْوَالِ وَحَبْسَ الْحُقُوقِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي الْكَبَائِرِ الَّتِي يَأْتِيهَا صَاحِبُهَا بِغَيْرِ جِهَةِ اللَّذَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْأَيْمَانُ الْكَاذِبَةُ وَأَخْذُ الرِّبَا وَغَيْرُ ذَلِكَ الَّتِي يَأْتِيهَا مَنْ أَتَاهَا بِغَيْرِ اسْتِلْذَاذٍ وَالْخَمْرُ وَالزِّنَا وَاللَّهْوُ فَفَاعِلُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ كُلِّهَا مُفْسِدٌ لِلْإِيمَانِ خَارِجٌ مِنْهُ مِنْ جِهَةِ رُكُوبِهِ الْكَبِيرَةَ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ غَيْرُ مُشْرِكٍ وَلَا كَافِرٍ وَلَا ضَالٍّ جَاهِلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ جِهَةِ الْجَهَالَةِ فَإِنْ هُوَ مَالَ بِهَوَاهُ إِلَى أَنْوَاعِ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ حَدِّ الْفَاعِلِينَ كَانَ مِنْ صِنْفِهِ‏

جوابه ع عن جهات معايش العباد ووجوه إخراج الأموال‏

سَأَلَهُ سَائِلٌ فَقَالَ كَمْ جِهَاتُ مَعَايِشِ الْعِبَادِ الَّتِي فِيهَا الِاكْتِسَابُ أَوِ التَّعَامُلُ بَيْنَهُمْ وَوُجُوهُ النَّفَقَاتِ فَقَالَ ع جَمِيعُ الْمَعَايِشِ كُلِّهَا مِنْ وُجُوهِ الْمُعَامَلَاتِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِمَّا يَكُونُ لَهُمْ فِيهِ الْمَكَاسِبُ أَرْبَعُ جِهَاتٍ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ فَقَالَ لَهُ أَ كُلُّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَجْنَاسِ حَلَالٌ أَوْ كُلُّهَا حَرَامٌ أَوْ بَعْضُهَا حَلَالٌ وَبَعْضُهَا حَرَامٌ فَقَالَ ع قَدْ يَكُونُ فِي هَؤُلَاءِ الْأَجْنَاسِ الْأَرْبَعَةِ حَلَالٌ مِنْ جِهَةٍ حَرَامٌ مِنْ جِهَةٍ وَهَذِهِ الْأَجْنَاسُ مُسَمَّيَاتٌ مَعْرُوفَاتُ الْجِهَاتِ فَأَوَّلُ هَذِهِ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعَةِ الْوِلَايَةُ وَتَوْلِيَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَالْأَوَّلُ وِلَايَةُ الْوُلَاةِ وَوُلَاةِ الْوُلَاةِ إِلَى أَدْنَاهُمْ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْوِلَايَةِ عَلَى مَنْ هُوَ وَالٍ عَلَيْهِ ثُمَّ التِّجَارَةُ فِي جَمِيعِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ الصِّنَاعَاتُ فِي جَمِيعِ صُنُوفِهَا ثُمَّ الْإِجَارَاتُ فِي كُلِّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْإِجَارَاتِ وَكُلُّ هَذِهِ الصُّنُوفِ تَكُونُ حَلَالًا مِنْ جِهَةٍ وَحَرَاماً مِنْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 332

جِهَةٍ وَالْفَرْضُ مِنَ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ الدُّخُولُ فِي جِهَاتِ الْحَلَالِ مِنْهَا وَالْعَمَلُ بِذَلِكَ الْحَلَالِ وَاجْتِنَابُ جِهَاتِ الْحَرَامِ مِنْهَا

تفسير معنى الولايات‏

وَ هِيَ جِهَتَانِ فَإِحْدَى الْجِهَتَيْنِ مِنَ الْوِلَايَةِ وِلَايَةُ وُلَاةِ الْعَدْلِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِوِلَايَتِهِمْ وَتَوْلِيَتِهِمْ عَلَى النَّاسِ وَوِلَايَةِ وُلَاتِهِ وَوُلَاةِ وُلَاتِهِ إِلَى أَدْنَاهُمْ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْوِلَايَةِ عَلَى مَنْ هُوَ وَالٍ عَلَيْهِ وَالْجِهَةُ الْأُخْرَى مِنَ الْوِلَايَةِ وِلَايَةُ وُلَاةِ الْجَوْرِ وَوُلَاةِ وُلَاتِهِ إِلَى أَدْنَاهُمْ بَاباً مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي هُوَ وَالٍ عَلَيْهِ فَوَجْهُ الْحَلَالِ مِنَ الْوِلَايَةِ وِلَايَةُ الْوَالِي الْعَادِلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِمَعْرِفَتِهِ وَوِلَايَتِهِ وَالْعَمَلِ لَهُ فِي وِلَايَتِهِ وَوِلَايَةِ وُلَاتِهِ وَوُلَاةِ وُلَاتِهِ بِجِهَةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْوَالِيَ الْعَادِلَ بِلَا زِيَادَةٍ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ وَلَا نُقْصَانٍ مِنْهُ وَلَا تَحْرِيفٍ لِقَوْلِهِ وَلَا تَعَدٍّ لِأَمْرِهِ إِلَى غَيْرِهِ فَإِذَا صَارَ الْوَالِي وَالِيَ عَدْلٍ بِهَذِهِ الْجِهَةِ فَالْوِلَايَةُ لَهُ وَالْعَمَلُ مَعَهُ وَمَعُونَتُهُ فِي وِلَايَتِهِ وَتَقْوِيَتُهُ حَلَالٌ مُحَلَّلٌ وَحَلَالٌ الْكَسْبُ مَعَهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ فِي وِلَايَةِ وَالِي الْعَدْلِ وَوُلَاتِهِ إِحْيَاءَ كُلِّ حَقٍّ وَكُلِّ عَدْلٍ وَإِمَاتَةَ كُلِّ ظُلْمٍ وَجَوْرٍ وَفَسَادٍ فَلِذَلِكَ كَانَ السَّاعِي فِي تَقْوِيَةِ سُلْطَانِهِ وَالْمُعِينُ لَهُ عَلَى وِلَايَتِهِ سَاعِياً إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ مُقَوِّياً لِدِينِهِ وَأَمَّا وَجْهُ الْحَرَامِ مِنَ الْوِلَايَةِ فَوِلَايَةُ الْوَالِي الْجَائِرِ وَوِلَايَةُ وُلَاتِهِ الرَّئِيسِ مِنْهُمْ وَأَتْبَاعِ الْوَالِي فَمَنْ دُونَهُ مِنْ وُلَاةِ الْوُلَاةِ إِلَى أَدْنَاهُمْ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْوِلَايَةِ عَلَى مَنْ هُوَ وَالٍ عَلَيْهِ وَالْعَمَلُ لَهُمْ وَالْكَسْبُ مَعَهُمْ بِجِهَةِ الْوِلَايَةِ لَهُمْ حَرَامٌ وَمُحَرَّمٌ مُعَذَّبٌ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى قَلِيلٍ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ كَثِيرٍ لِأَنَّ كُلَّ شَيْ‏ءٍ مِنْ جِهَةِ الْمَعُونَةِ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ وَذَلِكَ أَنَّ فِي وِلَايَةِ الْوَالِي الْجَائِرِ دَوْسَ الْحَقِّ كُلِّهِ وَإِحْيَاءَ الْبَاطِلِ كُلِّهِ وَإِظْهَارَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ وَالْفَسَادِ وَإِبْطَالَ الْكُتُبِ وَقَتْلَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَهَدْمَ الْمَسَاجِدِ وَتَبْدِيلَ سُنَّةِ اللَّهِ وَشَرَائِعِهِ فَلِذَلِكَ حَرُمَ الْعَمَلُ مَعَهُمْ وَمَعُونَتُهُمْ وَالْكَسْبُ مَعَهُمْ إِلَّا بِجِهَةِ الضَّرُورَةِ نَظِيرَ الضَّرُورَةِ إِلَى الدَّمِ وَالْمَيْتَةِ

و أما تفسير التجارات‏

فِي جَمِيعِ الْبُيُوعِ وَوُجُوهِ الْحَلَالِ مِنْ وَجْهِ التِّجَارَاتِ الَّتِي يَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي الَّذِي يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ فَكُلُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         336    وأما تفسير الصناعات .....  ص : 335

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 333

مَأْمُورٍ بِهِ مِمَّا هُوَ غِذَاءٌ لِلْعِبَادِ وَقِوَامُهُمْ بِهِ فِي أُمُورِهِمْ فِي وُجُوهِ الصَّلَاحِ الَّذِي لَا يُقِيمُهُمْ غَيْرُهُ مِمَّا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَلْبَسُونَ وَيَنْكِحُونَ وَيَمْلِكُونَ وَيَسْتَعْمِلُونَ مِنْ جِهَةِ مِلْكِهِمْ وَيَجُوزُ لَهُمُ الِاسْتِعْمَالُ لَهُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَا يُقِيمُهُمْ غَيْرُهَا مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ لَهُمْ فِيهِ الصَّلَاحُ مِنْ جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ فَهَذَا كُلُّهُ حَلَالٌ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَإِمْسَاكُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ وَهِبَتُهُ وَعَارِيَّتُهُ وَأَمَّا وُجُوهُ الْحَرَامِ مِنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَكُلُّ أَمْرٍ يَكُونُ فِيهِ الْفَسَادُ مِمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ أَوْ كَسْبِهِ أَوْ نِكَاحِهِ أَوْ مِلْكِهِ أَوْ إِمْسَاكِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ عَارِيَّتِهِ أَوْ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ فِيهِ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ نَظِيرُ الْبَيْعِ بِالرِّبَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ أَوِ الْبَيْعِ لِلْمَيْتَةِ أَوِ الدَّمِ أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ لُحُومِ السِّبَاعِ مِنْ صُنُوفِ سِبَاعِ الْوَحْشِ أَوِ الطَّيْرِ أَوْ جُلُودِهَا أَوِ الْخَمْرِ أَوْ شَيْ‏ءٍ مِنْ وُجُوهِ النَّجِسِ فَهَذَا كُلُّهُ حَرَامٌ وَمُحَرَّمٌ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَلُبْسِهِ وَمِلْكِهِ وَإِمْسَاكِهِ وَالتَّقَلُّبِ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ فَجَمِيعُ تَقَلُّبِهِ فِي ذَلِكَ حَرَامٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ بَيْعٍ مَلْهُوٍّ بِهِ وَكُلُّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ يَقْوَى بِهِ الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِ الْمَعَاصِي أَوْ بَابٌ مِنَ الْأَبْوَابِ يَقْوَى بِهِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الضَّلَالَةِ أَوْ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْبَاطِلِ أَوْ بَابٌ يُوهَنُ بِهِ الْحَقُّ فَهُوَ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ حَرَامٌ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَإِمْسَاكُهُ وَمِلْكُهُ وَهِبَتُهُ وَعَارِيَّتُهُ وَجَمِيعُ التَّقَلُّبِ فِيهِ إِلَّا فِي حَالٍ تَدْعُو الضَّرُورَةُ فِيهِ إِلَى ذَلِكَ‏

و أما تفسير الإجارات‏

فَإِجَارَةُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ أَوْ مَا يَمْلِكُ أَوْ يَلِي أَمْرَهُ مِنْ قَرَابَتِهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَوْ ثَوْبِهِ بِوَجْهِ الْحَلَالِ مِنْ جِهَاتِ الْإِجَارَاتِ أَنْ يُؤْجِرَ نَفْسَهُ أَوْ دَارَهُ أَوْ أَرْضَهُ أَوْ شَيْئاً يَمْلِكُهُ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ أَوِ الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ وَوُلْدِهِ وَمَمْلُوكِهِ أَوْ أَجِيرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لِلْوَالِي أَوْ وَالِياً لِلْوَالِي فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ أَجِيراً يُؤْجِرُ نَفْسَهُ أَوْ وُلْدَهُ أَوْ قَرَابَتَهُ أَوْ مِلْكَهُ أَوْ وَكِيلَهُ فِي إِجَارَتِهِ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ الْأَجِيرِ مِنْ عِنْدِهِ لَيْسَ هُمْ بِوُلَاةِ الْوَالِي نَظِيرُ الْحَمَّالِ الَّذِي يَحْمِلُ شَيْئاً بِشَيْ‏ءٍ مَعْلُومٍ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَيَحْمِلُ ذَلِكَ الشَّيْ‏ءَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 334

الَّذِي يَجُوزُ لَهُ حَمْلُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمِلْكِهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَوْ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ يَعْمَلُ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَمْلُوكِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ أَوْ بِأَجِيرٍ مِنْ قِبَلِهِ فَهَذِهِ وُجُوهٌ مِنْ وُجُوهِ الْإِجَارَاتِ حَلَالٌ لِمَنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ مَلِكاً أَوْ سُوقَةً أَوْ كَافِراً أَوْ مُؤْمِناً فَحَلَالٌ إِجَارَتُهُ وَحَلَالٌ كَسْبُهُ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَأَمَّا وُجُوهُ الْحَرَامِ مِنْ وُجُوهِ الْإِجَارَةِ نَظِيرُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ عَلَى حَمْلِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ أَوْ شُرْبُهُ أَوْ لُبْسُهُ أَوْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ فِي صَنْعَةِ ذَلِكَ الشَّيْ‏ءِ أَوْ حِفْظِهِ أَوْ لُبْسِهِ أَوْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ فِي هَدْمِ الْمَسَاجِدِ ضِرَاراً أَوْ قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حِلٍّ أَوْ حَمْلِ التَّصَاوِيرِ وَالْأَصْنَامِ وَالْمَزَامِيرِ وَالْبَرَابِطِ وَالْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ أَوْ شَيْ‏ءٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ الَّذِي كَانَ مُحَرَّماً عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِجَارَةِ فِيهِ وَكُلُّ أَمْرٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ مِنْ جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ فَمُحَرَّمٌ عَلَى الْإِنْسَانِ إِجَارَةُ نَفْسِهِ فِيهِ أَوْ لَهُ أَوْ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ أَوْ لَهُ إِلَّا لِمَنْفَعَةِ مَنِ اسْتَأْجَرْتَهُ كَالَّذِي يَسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ يَحْمِلُ لَهُ الْمَيْتَةَ يُنْجِيهَا عَنْ أَذَاهُ أَوْ أَذَى غَيْرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَعْنَى الْوِلَايَةِ وَالْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا يَعْمَلَانِ بِأَجْرٍ أَنَّ مَعْنَى الْوِلَايَةِ أَنْ يَلِيَ الْإِنْسَانُ لِوَالِي الْوُلَاةِ أَوْ لِوُلَاةِ الْوُلَاةِ فَيَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ فِي التَّوْلِيَةِ عَلَيْهِ وَتَسْلِيطِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَقِيَامِهِ مَقَامَ الْوَلِيِّ إِلَى الرَّئِيسِ أَوْ مَقَامَ وُكَلَائِهِ فِي أَمْرِهِ وَتَوْكِيدِهِ فِي مَعُونَتِهِ وَتَسْدِيدِ وِلَايَتِهِ وَإِنْ كَانَ أَدْنَاهُمْ وِلَايَةً فَهُوَ وَالٍ عَلَى مَنْ هُوَ وَالٍ عَلَيْهِ يَجْرِي مَجْرَى الْوُلَاةِ الْكِبَارِ الَّذِينَ يَلُونَ وِلَايَةَ النَّاسِ فِي قَتْلِهِمْ مَنْ قَتَلُوا وَإِظْهَارِ الْجَوْرِ وَالْفَسَادِ وَأَمَّا مَعْنَى الْإِجَارَةِ فَعَلَى مَا فَسَّرْنَا مِنْ إِجَارَةِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ أَوْ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤَاجِرَ الشَّيْ‏ءَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ يَمْلِكُ يَمِينَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ وَأَمْرَ مَا يَمْلِكُ قَبْلَ أَنْ يُؤَاجِرَهُ مِمَّنْ هُوَ آجَرَهُ وَالْوَالِي لَا يَمْلِكُ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئاً إِلَّا بَعْدَ مَا يَلِي أُمُورَهُمْ وَيَمْلِكُ تَوْلِيَتَهُمْ وَكُلُّ مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ أَوْ آجَرَ مَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ أَوْ يَلِي أَمْرَهُ مِنْ كَافِرٍ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 335

أَوْ مُؤْمِنٍ أَوْ مَلِكٍ أَوْ سُوقَةٍ عَلَى مَا فَسَّرْنَا مِمَّا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيهِ فَحَلَالٌ مُحَلَّلٌ فِعْلُهُ وَكَسْبُهُ‏

و أما تفسير الصناعات‏

فَكُلُّ مَا يَتَعَلَّمُ الْعِبَادُ أَوْ يُعَلِّمُونَ غَيْرَهُمْ مِنْ صُنُوفِ الصِّنَاعَاتِ مِثْلِ الْكِتَابَةِ وَالْحِسَابِ وَالتِّجَارَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَالسِّرَاجَةِ وَالْبِنَاءِ وَالْحِيَاكَةِ وَالْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَصَنْعَةِ صُنُوفِ التَّصَاوِيرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُثُلَ الرُّوحَانِيِّ وَأَنْوَاعِ صُنُوفِ الْآلَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْعِبَادُ الَّتِي مِنْهَا مَنَافِعُهُمْ وَبِهَا قِوَامُهُمْ وَفِيهَا بُلْغَةُ جَمِيعِ حَوَائِجِهِمْ فَحَلَالٌ فِعْلُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَفِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الصِّنَاعَةُ وَتِلْكَ الْآلَةُ قَدْ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى وُجُوهِ الْفَسَادِ وَوُجُوهِ الْمَعَاصِي وَيَكُونُ مَعُونَةً عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَلَا بَأْسَ بِصِنَاعَتِهِ وَتَعْلِيمِهِ نَظِيرُ الْكِتَابَةِ الَّتِي هِيَ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ مِنْ تَقْوِيَةِ مَعُونَةِ وُلَاةِ وُلَاةِ الْجَوْرِ وَكَذَلِكَ السِّكِّينُ وَالسَّيْفُ وَالرُّمْحُ وَالْقَوْسُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْآلَةِ الَّتِي قَدْ تُصْرَفُ إِلَى جِهَاتِ الصَّلَاحِ وَجِهَاتِ الْفَسَادِ وَتَكُونُ آلَةً وَمَعُونَةً عَلَيْهِمَا فَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيمِهِ وَتَعَلُّمِهِ وَأَخْذِ الْأَجْرِ عَلَيْهِ وَفِيهِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَفِيهِ لِمَنْ كَانَ لَهُ فِيهِ جِهَاتُ الصَّلَاحِ مِنْ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ وَمُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ فِيهِ تَصْرِيفُهُ إِلَى جِهَاتِ الْفَسَادِ وَالْمَضَارِّ فَلَيْسَ عَلَى الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ إِثْمٌ وَلَا وِزْرٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الرُّجْحَانِ فِي مَنَافِعِ جِهَاتِ صَلَاحِهِمْ وَقِوَامِهِمْ بِهِ وَبَقَائِهِمْ وَإِنَّمَا الْإِثْمُ وَالْوِزْرُ عَلَى الْمُتَصَرِّفِ بِهَا فِي وُجُوهِ الْفَسَادِ وَالْحَرَامِ وَذَلِكَ إِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الصِّنَاعَةَ الَّتِي حَرَامٌ هِيَ كُلُّهَا الَّتِي يَجِي‏ءُ مِنْهَا الْفَسَادُ مَحْضاً نَظِيرَ الْبَرَابِطِ وَالْمَزَامِيرِ وَالشِّطْرَنْجِ وَكُلِّ مَلْهُوٍّ بِهِ وَالصُّلْبَانِ وَالْأَصْنَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ صِنَاعَاتِ الْأَشْرِبَةِ الْحَرَامِ وَمَا يَكُونُ مِنْهُ وَفِيهِ الْفَسَادُ

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         339    رسالته ع في الغنائم ووجوب الخمس .....  ص : 339

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 336

مَحْضاً وَلَا يَكُونُ فِيهِ وَلَا مِنْهُ شَيْ‏ءٌ مِنْ وُجُوهِ الصَّلَاحِ فَحَرَامٌ تَعْلِيمُهُ وَتَعَلُّمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَأَخْذُ الْأَجْرِ عَلَيْهِ وَجَمِيعُ التَّقَلُّبِ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِ الْحَرَكَاتِ كُلِّهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ صِنَاعَةً قَدْ تَنْصَرِفُ إِلَى جِهَاتِ الصَّنَائِعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُتَصَرَّفُ بِهَا وَيُتَنَاوَلُ بِهَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْمَعَاصِي فَلَعَلَّهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الصَّلَاحِ حَلَّ تَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ صَرَفَهُ إِلَى غَيْرِ وَجْهِ الْحَقِّ وَالصَّلَاحِ فَهَذَا تَفْسِيرُ بَيَانِ وَجْهِ اكْتِسَابِ مَعَاشِ الْعِبَادِ وَتَعْلِيمِهِمْ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ اكْتِسَابِهِمْ‏

وجوه إخراج الأموال وإنفاقها

أَمَّا الْوُجُوهُ الَّتِي فِيهَا إِخْرَاجُ الْأَمْوَالِ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الْحَلَالِ الْمُفْتَرَضُ عَلَيْهِمْ وَوُجُوهُ النَّوَافِلِ كُلِّهَا فَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَجْهاً مِنْهَا سَبْعَةُ وُجُوهٍ عَلَى خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَخَمْسَةُ وُجُوهٍ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفْسُهُ وَثَلَاثَةُ وُجُوهٍ مِمَّا تَلْزَمُهُ فِيهَا مِنْ وُجُوهِ الدَّيْنِ وَخَمْسَةُ وُجُوهٍ مِمَّا تَلْزَمُهُ فِيهَا مِنْ وُجُوهِ الصِّلَاتِ وَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ مِمَّا تَلْزَمُهُ فِيهَا النَّفَقَةُ مِنْ وُجُوهِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ فَأَمَّا الْوُجُوهُ الَّتِي تَلْزَمُهُ فِيهَا النَّفَقَةُ عَلَى خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَهِيَ مَطْعَمُهُ وَمَشْرَبُهُ وَمَلْبَسُهُ وَمَنْكَحُهُ وَمَخْدَمُهُ وَعَطَاؤُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْأُجَرَاءِ عَلَى مَرَمَّةِ مَتَاعِهِ أَوْ حَمْلِهِ أَوْ حِفْظِهِ وَشَيْ‏ءٌ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ نَحْوِ مَنْزِلِهِ أَوْ آلَةٍ مِنَ الْآلَاتِ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى حَوَائِجِهِ وَأَمَّا الْوُجُوهُ الْخَمْسُ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفْسُهُ فَعَلَى وَلَدِهِ وَوَالِدَيْهِ وَامْرَأَتِهِ وَمَمْلُوكِهِ لَازِمٌ لَهُ ذَلِكَ فِي حَالِ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَأَمَّا الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ الْمَفْرُوضَةُ مِنْ وُجُوهِ الدَّيْنِ فَالزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ الْوَاجِبَةُ فِي كُلِّ عَامٍ وَالْحَجُّ الْمَفْرُوضُ وَالْجِهَادُ فِي إِبَّانِهِ وَزَمَانِهِ وَأَمَّا الْوُجُوهُ الْخَمْسُ مِنْ وُجُوهِ الصِّلَاتِ النَّوَافِلِ فَصِلَةُ مَنْ فَوْقَهُ وَصِلَةُ الْقَرَابَةِ وَصِلَةُ الْمُؤْمِنِينَ وَالتَّنَفُّلُ فِي وُجُوهِ الصَّدَقَةِ وَالْبِرِّ وَالْعِتْقُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 337

وَ أَمَّا الْوُجُوهُ الْأَرْبَعُ فَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ وَإِقْرَاءُ الضَّيْفِ وَاجِبَاتٌ فِي السُّنَّةِ

ما يحل للإنسان أكله‏

فَأَمَّا مَا يَحِلُّ وَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَكْلُهُ مِمَّا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ فَثَلَاثَةُ صُنُوفٍ مِنَ الْأَغْذِيَةِ صِنْفٌ مِنْهَا جَمِيعُ الْحَبِّ كُلِّهِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْأَرُزِّ وَالْحِمَّصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صُنُوفِ الْحَبِّ وَصُنُوفِ السَّمَاسِمِ وَغَيْرِهَا كُلُّ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْحَبِّ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ فِي بَدَنِهِ وَقُوتُهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَكُلُّ شَيْ‏ءٍ تَكُونُ فِيهِ الْمَضَرَّةُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي بَدَنِهِ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ إِلَّا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ وَالصِّنْفُ الثَّانِي مِمَّا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ مِنْ جَمِيعِ صُنُوفِ الثِّمَارِ كُلِّهَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ وَمَنْفَعَةٌ لَهُ وَقُوتُهُ بِهِ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَمَا كَانَ فِيهِ الْمَضَرَّةُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي أَكْلِهِ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ جَمِيعُ صُنُوفِ الْبُقُولِ وَالنَّبَاتِ وَكُلُّ شَيْ‏ءٍ تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنَ الْبُقُولِ كُلِّهَا مِمَّا فِيهِ مَنَافِعُ الْإِنْسَانِ وَغِذَاءٌ لَهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَمَا كَانَ مِنْ صُنُوفِ الْبُقُولِ مِمَّا فِيهِ الْمَضَرَّةُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي أَكْلِهِ نَظِيرَ بُقُولِ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ وَنَظِيرَ الدِّفْلَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صُنُوفِ السَّمِّ الْقَاتِلِ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ‏

و أما ما يحل أكله من لحوم الحيوان‏

فَلُحُومُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَمَا يَحِلُّ مِنْ لُحُومِ الْوَحْشِ وَكُلُّ مَا لَيْسَ فِيهِ نَابٌ وَلَا لَهُ مِخْلَبٌ وَمَا يَحِلُّ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الطَّيْرِ كُلِّهَا مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَانِصَةٌ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ صُنُوفِ الْجَرَادِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 338

و أما ما يجوز أكله من البيض‏

فَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَمَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ‏

و ما يجوز أكله من صيد البحر

مِنْ صُنُوفِ السَّمَكِ مَا كَانَ لَهُ قُشُورٌ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قُشُورٌ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ‏

و ما يجوز من الأشربة

مِنْ جَمِيعِ صُنُوفِهَا فَمَا لَا يُغَيِّرُ الْعَقْلَ كَثِيرُهُ فَلَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ وَكُلُّ شَيْ‏ءٍ مِنْهَا يُغَيِّرَ الْعَقْلَ كَثِيرُهُ فَالْقَلِيلُ مِنْهُ حَرَامٌ‏

و ما يجوز من اللباس‏

فَكُلُّ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَكُلُّ شَيْ‏ءٍ يَحِلُّ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ جِلْدِهِ الذَّكِيِّ مِنْهُ وَصُوفِهِ وَشَعْرِهِ وَوَبَرِهِ وَإِنْ كَانَ الصُّوفُ وَالشَّعْرُ وَالرِّيشُ وَالْوَبَرُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِ الْمَيْتَةِ ذَكِيّاً فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ ذَلِكَ وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَكُلُّ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ غِذَاءَ الْإِنْسَانِ فِي مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ أَوْ مَلْبَسَهُ فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَلَا السُّجُودُ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ ثَمَرٍ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَغْزُولًا فَإِذَا صَارَ غَزْلًا فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إِلَّا فِي حَالِ ضَرُورَةٍ

أما ما يجوز من المناكح‏

فَأَرْبَعَةُ وُجُوهٍ نِكَاحٌ بِمِيرَاثٍ وَنِكَاحٌ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ وَنِكَاحُ الْيَمِينِ وَنِكَاحٌ بِتَحْلِيلٍ مِنَ الْمُحَلِّلِ لَهُ مِنْ مِلْكِ مَنْ يَمْلِكُ‏

وَ أَمَّا مَا يَجُوزُ مِنَ الْمِلْكِ وَالْخِدْمَةِ

فَسِتَّةُ وُجُوهٍ مِلْكُ الْغَنِيمَةِ وَمِلْكُ الشِّرَاءِ وَمِلْكُ الْمِيرَاثِ وَمِلْكُ الْهِبَةِ وَمِلْكُ الْعَارِيَّةِ وَمِلْكُ الْأَجْرِ فَهَذِهِ وُجُوهُ مَا يَحِلُّ وَمَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ إِنْفَاقُ مَالِهِ وَإِخْرَاجُهُ بِجِهَةِ الْحَلَالِ فِي وُجُوهِهِ وَمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّصَرُّفُ وَالتَّقَلُّبُ مِنْ وُجُوهِ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         344    رسالته ع في الغنائم ووجوب الخمس .....  ص : 339

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 339

رسالته ع في الغنائم ووجوب الخمس‏

فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ اهْتَمَمْتَ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ بِوُجُوهِ مَوَاضِعِ مَا لِلَّهِ فِيهِ رِضًا وَكَيْفَ أُمْسِكُ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مِنْهُ وَمَا سَأَلْتَنِي مِنْ إِعْلَامِكَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَاسْمَعْ بِقَلْبِكَ وَانْظُرْ بِعَقْلِكَ ثُمَّ أَعْطِ فِي جَنْبِكَ النَّصَفَ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لَكَ غَداً عِنْدَ رَبِّكَ الْمُتَقَدِّمِ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ إِلَيْكَ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكَ مَا غَابَ عَنْ شَيْ‏ءٍ- وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا وَمَا فَرَّطَ فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَكُلَّ شَيْ‏ءٍ فَصَّلَهُ تَفْصِيلًا وَأَنَّهُ لَيْسَ مَا وَضَّحَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ أَخْذِ مَالِهِ بِأَوْضَحَ مِمَّا أَوْضَحَ اللَّهُ مِنْ قِسْمَتِهِ إِيَّاهُ فِي سُبُلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْتَرِضْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً فِي شَيْ‏ءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا وَقَدْ أَتْبَعَهُ بِسُبُلِهِ إِيَّاهُ غَيْرَ مُفَرِّقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ يُوجِبُهُ لِمَنْ فَرَضَ لَهُ مَا لَا يَزُولُ عَنْهُ مِنَ الْقَسْمِ كَمَا يَزُولُ مَا بَقِيَ سِوَاهُ عَمَّنْ سُمِّيَ لَهُ لِأَنَّهُ يَزُولُ عَنِ الشَّيْخِ بِكِبَرِهِ وَالْمِسْكِينِ بِغِنَاهُ وَابْنِ السَّبِيلِ بِلُحُوقِهِ بِبَلَدِهِ وَمَعَ تَوْكِيدِ الْحَجِّ مَعَ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِهِ تَعْلِيماً وَبِالنَّهْيِ عَمَّا رَكِبَ مِمَّنْ مَنَعَهُ تَحَرُّجاً فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ فِي الصَّدَقَاتِ وَكَانَتْ أَوَّلَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ سُبُلَهُ- إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَاللَّهُ أَعْلَمَ نَبِيَّهُ ع مَوْضِعَ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ يَضَعُهَا حَيْثُ يَشَاءُ مِنْهُمْ عَلَى مَا يَشَاءُ وَيَكُفُّ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ نَبِيَّهُ وَأَقْرِبَاءَهُ عَنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ وَأَوْسَاخِهِمْ فَهَذَا سَبِيلُ الصَّدَقَاتِ وَأَمَّا الْمَغَانِمُ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا وَمَنْ أَسَرَ أَسِيراً فَلَهُ مِنْ غَنَائِمِ الْقَوْمِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي أَنْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 340

يَفْتَحَ عَلَيَّ وَأَنْعَمَنِي عَسْكَرَهُمْ فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ وَجُمِعَتْ غَنَائِمُهُمْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَحَثَثْتَنَا عَلَيْهِ وَقُلْتَ مَنْ أَسَرَ أَسِيراً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ غَنَائِمِ الْقَوْمِ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا إِنِّي قَتَلْتُ قَتِيلَيْنِ لِي بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ وَأَسَرْتُ أَسِيراً فَأَعْطِنَا مَا أَوْجَبْتَ عَلَى نَفْسِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مَنَعَنَا أَنْ نُصِيبَ مِثْلَ مَا أَصَابُوا جُبْنٌ عَنِ الْعَدُوِّ وَلَا زَهَادَةٌ فِي الْآخِرَةِ وَالْمَغْنَمِ وَلَكِنَّا تَخَوَّفْنَا إِنْ بَعُدَ مَكَانُنَا مِنْكَ فَيَمِيلَ إِلَيْكَ مِنْ جُنْدِ الْمُشْرِكِينَ أَوْ يُصِيبُوا مِنْكَ ضَيْعَةً فَيَمِيلُوا إِلَيْكَ فَيُصِيبُوكَ بِمُصِيبَةٍ وَإِنَّكَ إِنْ تُعْطِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مَا طَلَبُوا يَرْجِعْ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ شَيْ‏ءٌ ثُمَّ جَلَسَ فَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ جَلَسَ يَقُولُ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَصَدَّ النَّبِيُّ ص بِوَجْهِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ وَالْأَنْفَالُ اسْمٌ جَامِعٌ لِمَا أَصَابُوا يَوْمَئِذٍ مِثْلُ قَوْلِهِ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 341

رَسُولِهِ وَمِثْلُ قَوْلِهِ أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ ثُمَّ قَالَ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاخْتَلَجَهَا اللَّهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ فَجَعَلَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمَدِينَةَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى‏ وَالْيَتامى‏ وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى‏ عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَأَمَّا قَوْلُهُ لِلَّهِ فَكَمَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ هُوَ لِلَّهِ وَلَكَ وَلَا يُقْسَمُ لِلَّهِ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ فَخَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْغَنِيمَةَ الَّتِي قَبَضَ بِخَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَقَبَضَ سَهْمَ اللَّهِ لِنَفْسِهِ يُحْيِي بِهِ ذِكْرَهُ وَيُورَثُ بَعْدَهُ وَسَهْماً لِقَرَابَتِهِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَنْفَذَ سَهْماً لِأَيْتَامِ الْمُسْلِمِينَ وَسَهْماً لِمَسَاكِينِهِمْ وَسَهْماً لِابْنِ السَّبِيلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ تِجَارَةٍ فَهَذَا يَوْمُ بَدْرٍ وَهَذَا سَبِيلُ الْغَنَائِمِ الَّتِي أُخِذَتْ بِالسَّيْفِ وَأَمَّا مَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ فَإِنْ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ أَعْطَتْهُمُ الْأَنْصَارُ نِصْفَ دُورِهِمْ وَنِصْفَ أَمْوَالِهِمْ وَالْمُهَاجِرُونَ يَوْمَئِذٍ نَحْوُ مِائَةِ رَجُلٍ فَلَمَّا ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَقَبَضَ أَمْوَالَهُمْ قَالَ النَّبِيُّ ص‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 342

لِلْأَنْصَارِ إِنْ شِئْتُمْ أَخْرَجْتُمُ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ دُورِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَقَسَمْتُ لَهُمْ هَذِهِ الْأَمْوَالَ دُونَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُمْ أَمْوَالَكُمْ وَدُورَكُمْ وَقَسَمْتُ لَكُمْ مَعَهُمْ قَالَتِ الْأَنْصَارُ بَلِ اقْسِمْ لَهُمْ دُونَنَا وَاتْرُكْهُمْ مَعَنَا فِي دُورِنَا وَأَمْوَالِنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْهُمْ يَعْنِي يَهُودَ قُرَيْظَةَ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعَهُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْرَبَ مِنْ أَنْ يُوجَفَ عَلَيْهِمْ بِخَيْلٍ وَرِكَابٍ ثُمَّ قَالَ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ فَجَعَلَهَا اللَّهُ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْ قُرَيْشٍ مَعَ النَّبِيِّ ص وَصَدَقَ وَأَخْرَجَ أَيْضاً عَنْهُمُ الْمُهَاجِرِينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنَ الْعَرَبِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 343

لِقَوْلِهِ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ لِأَنَّ قُرَيْشاً كَانَتْ تَأْخُذُ دِيَارَ مَنْ هَاجَرَ مِنْهَا وَأَمْوَالَهُمْ وَلَمْ تَكُنِ الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ هَاجَرَ مِنْهَا ثُمَّ أَثْنَى عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ جَعَلَ لَهُمُ الْخُمُسَ وَبَرَّأَهُمْ مِنَ النِّفَاقِ بِتَصْدِيقِهِمْ إِيَّاهُ حِينَ قَالَ- أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ لَا الْكَاذِبُونَ ثُمَّ أَثْنَى عَلَى الْأَنْصَارِ وَذَكَرَ مَا صَنَعُوا وَحُبَّهُمْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَإِيثَارَهُمْ إِيَّاهُمْ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَاجَةً يَقُولُ حَزَازَةً مِمَّا أُوتُوا يَعْنِي الْمُهَاجِرِينَ دُونَهُمْ فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَقَدْ كَانَ رِجَالٌ اتَّبَعُوا النَّبِيَّ ص قَدْ وَتَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِيمَا أَخَذُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَكَانَتْ قُلُوبُهُمْ قَدِ امْتَلَأَتْ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا حَسُنَ إِسْلَامُهُمْ اسْتَغْفَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ وَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِلِّ لِمَنْ سَبَقَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَاسْتَغْفَرُوا لَهُمْ حَتَّى يُحَلِّلَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ وَصَارُوا إِخْوَاناً لَهُمْ فَأَثْنَى اللَّهُ عَلَى الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ خَاصَّةً فَقَالَ وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ص الْمُهَاجِرِينَ عَامَّةً مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ فِيمَا يَرَى لِأَنَّهَا لَمْ تُخْمَسْ فَتُقْسَمُ بِالسَّوِيَّةِ وَلَمْ يُعْطِ أَحَداً مِنْهُمْ شَيْئاً إِلَّا الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ غَيْرَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَنْصَارٍ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ‏

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         350    احتجاجه ع على الصوفية لما دخلوا عليه فيما ينهون عنه من طلب الرزق .....  ص : 348

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 344

وَ لِلْآخَرِ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ فَإِنَّهُ أَعْطَاهُمَا لِشِدَّةِ حَاجَةٍ كَانَتْ بِهِمَا مِنْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 345

حَقِّهِ وَأَمْسَكَ النَّبِيُّ ص مِنْ أَمْوَالِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ خَيْلٌ وَلَا رِكَابٌ سَبْعَ حَوَائِطَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَفْ عَلَى فَدَكَ خَيْلٌ أَيْضاً وَلَا رِكَابٌ وَأَمَّا خَيْبَرُ فَإِنَّهَا كَانَتْ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَهِيَ أَمْوَالُ الْيَهُودِ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 346

وَ لَكِنَّهُ أُوجِفَ عَلَيْهَا خَيْلٌ وَرِكَابٌ وَكَانَتْ فِيهَا حَرْبٌ فَقَسَمَهَا عَلَى قِسْمَةِ بَدْرٍ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ- ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى‏ وَالْيَتامى‏ وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فَهَذَا سَبِيلُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا أُوجِفَ عَلَيْهِ خَيْلٌ وَرِكَابٌ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 347

وَ قَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ص مَا زِلْنَا نَقْبِضُ سَهْمَنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي أَوَّلُهَا تَعْلِيمٌ وَآخِرُهَا تَحَرُّجٌ حَتَّى جَاءَ خُمُسُ السُّوسِ وَجُنْدَيْسَابُورَ إِلَى عُمَرَ وَأَنَا وَالْمُسْلِمُونَ وَالْعَبَّاسُ عِنْدَهُ فَقَالَ عُمَرُ لَنَا إِنَّهُ قَدْ تَتَابَعَتْ لَكُمْ مِنَ الْخُمُسِ أَمْوَالٌ فَقَبَضْتُمُوهَا حَتَّى لَا حَاجَةَ بِكُمُ الْيَوْمَ وَبِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ وَخَلَلٌ فَأَسْلِفُونَا حَقَّكُمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِقَضَائِهِ مِنْ أَوَّلِ شَيْ‏ءٍ يَأْتِي الْمُسْلِمِينَ فَكَفَفْتُ عَنْهُ لِأَنِّي لَمْ آمَنْ حِينَ جَعَلَهُ سَلَفاً لَوْ أَلْحَحْنَا عَلَيْهِ فِيهِ أَنْ يَقُولَ فِي خُمُسِنَا مِثْلَ قَوْلِهِ فِي أَعْظَمَ مِنْهُ أَعْنِي مِيرَاثَ نَبِيِّنَا ص حِينَ أَلْحَحْنَا عَلَيْهِ فِيهِ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ لَا تَغْمِزْ فِي الَّذِي لَنَا يَا عُمَرُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَثْبَتَهُ لَنَا بِأَثْبَتَ مِمَّا أَثْبَتَ بِهِ الْمَوَارِيثَ بَيْنَنَا فَقَالَ عُمَرُ وَأَنْتُمْ أَحَقُّ مَنْ أَرْفَقَ الْمُسْلِمِينَ وَشَفَّعَنِي فَقَبَضَهُ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ لَا وَاللَّهِ مَا آتِيهِمْ مَا يَقْبِضُنَا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ ثُمَّ مَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ ع إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص الصَّدَقَةَ فَعَوَّضَهُ مِنْهَا سَهْماً مِنَ الْخُمُسِ وَحَرَّمَهَا عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ خَاصَّةً دُونَ قَوْمِهِمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 348

وَ أَسْهَمَ لِصَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ وَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ وَفَقِيرِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ وَغَائِبِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ إِنَّمَا أُعْطُوا سَهْمَهُمْ لِأَنَّهُمْ قَرَابَةُ نَبِيِّهِمْ وَالَّتِي لَا تَزُولُ عَنْهُمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَهُ مِنَّا وَجَعَلَنَا مِنْهُ فَلَمْ يُعْطِ رَسُولُ اللَّهِ ص أَحَداً مِنَ الْخُمُسِ غَيْرَنَا وَغَيْرَ حُلَفَائِنَا وَمَوَالِينَا لِأَنَّهُمْ مِنَّا وَأَعْطَى مِنْ سَهْمِهِ نَاساً لِحُرَمٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مَعُونَةً فِي الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ فَقَدْ أَعْلَمْتُكَ مَا أَوْضَحَ اللَّهُ مِنْ سَبِيلِ هَذِهِ الْأَنْفَالِ الْأَرْبَعَةِ وَمَا وَعَدَ مِنْ أَمْرِهِ فِيهِمْ وَنَوَّرَهُ بِشِفَاءٍ مِنَ الْبَيَانِ وَضِيَاءٍ مِنَ الْبُرْهَانِ جَاءَ بِهِ الْوَحْيُ الْمُنْزَلُ وَعَمِلَ بِهِ النَّبِيُّ الْمُرْسَلُ ص فَمَنْ حَرَّفَ كَلَامَ اللَّهِ أَوْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ وَعَقَلَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ حَجِيجُهُ فِيهِ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ‏

احتجاجه ع على الصوفية لما دخلوا عليه فيما ينهون عنه من طلب الرزق‏

دَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَرَأَى عَلَيْهِ ثِيَاباً بَيْضَاءَ كَأَنَّهَا غِرْقِئُ الْبَيَاضِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ لِبَاسِكَ فَقَالَ ع لَهُ اسْمَعْ مِنِّي وَعِ مَا أَقُولُ لَكَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ عَاجِلًا وَآجِلًا إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مِتَّ عَلَى السُّنَّةِ وَالْحَقِّ وَلَمْ تَمُتْ عَلَى بِدْعَةٍ أُخْبِرُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ فِي زَمَانٍ مُقْفِرٍ جَشِبٍ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا فَأَحَقُّ أَهْلِهَا بِهَا أَبْرَارُهَا لَا فُجَّارُهَا وَمُؤْمِنُوهَا لَا مُنَافِقُوهَا وَمُسْلِمُوهَا لَا كُفَّارُهَا فَمَا أَنْكَرْتَ يَا ثَوْرِيُّ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَمَعَ مَا تَرَى مَا أَتَى عَلَيَّ مُذْ عَقَلْتُ صَبَاحٌ وَلَا مَسَاءٌ وَلِلَّهِ فِي مَالِي حَقٌّ أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَهُ مَوْضِعاً إِلَّا وَضَعْتُهُ فَقَالَ ثُمَّ أَتَاهُ قَوْمٌ مِمَّنْ يُظْهِرُ التَّزَهُّدَ وَيَدْعُونَ النَّاسَ أَنْ يَكُونُوا مَعَهُمْ عَلَى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 349

مِثْلِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّقَشُّفِ فَقَالُوا إِنَّ صَاحِبَنَا حَصِرَ عَنْ كَلَامِكَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ حُجَّةٌ فَقَالَ ع لَهُمْ هَاتُوا حُجَجَكُمْ فَقَالُوا إِنَّ حُجَجَنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ ع لَهُمْ فَأَدْلُوا بِهَا فَإِنَّهَا أَحَقُّ مَا اتُّبِعَ وَعُمِلَ بِهِ فَقَالُوا يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُخْبِراً عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ص وَيُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فَمَدَحَ فِعْلَهُمْ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ- وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً فَنَحْنُ نَكْتَفِي بِهَذَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْجُلَسَاءِ إِنَّا مَا رَأَيْنَاكُمْ تَزْهَدُونَ فِي الْأَطْعِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَمَعَ ذَلِكَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتَّى تَتَمَتَّعُوا أَنْتُمْ بِهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع دَعُوا عَنْكُمْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَخْبِرُونِي أَيُّهَا النَّفَرُ أَ لَكُمْ عِلْمٌ بِنَاسِخِ الْقُرْآنِ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَمُحْكَمِهِ مِنْ مُتَشَابِهِهِ الَّذِي فِي مِثْلِهِ ضَلَّ مَنْ ضَلَّ وَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالُوا لَهُ بَعْضَهُ فَأَمَّا كُلَّهُ فَلَا فَقَالَ ع لَهُمْ مِنْ هَاهُنَا أُوتِيتُمْ وَكَذَلِكَ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ إِخْبَارِ اللَّهِ إِيَّانَا فِي كِتَابِهِ عَنِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ لِحُسْنِ فِعَالِهِمْ فَقَدْ كَانَ مُبَاحاً جَائِزاً وَلَمْ يَكُونُوا نُهُوا عَنْهُ وَثَوَابُهُمْ مِنْهُ عَلَى اللَّهِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَتَقَدَّسَ أَمَرَ بِخِلَافِ مَا عَمِلُوا بِهِ فَصَارَ أَمْرُهُ نَاسِخاً لِفِعْلِهِمْ وَكَانَ نَهَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَحْمَةً لِمُؤْمِنِينَ وَنَظَراً لِكَيْلَا يُضِرُّوا بِأَنْفُسِهِمْ وَعِيَالاتِهِمْ مِنْهُمُ الضَّعَفَةُ الصِّغَارُ وَالْوِلْدَانُ وَالشَّيْخُ الْفَانِ وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ الَّذِينَ لَا يَصْبِرُونَ عَلَى الْجُوعِ فَإِنْ تَصَدَّقْتُ بِرَغِيفِي وَلَا رَغِيفَ لِي‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         354    احتجاجه ع على الصوفية لما دخلوا عليه فيما ينهون عنه من طلب الرزق .....  ص : 348

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 350

غَيْرُهُ ضَاعُوا وَهَلَكُوا جُوعاً فَمِنْ ثَمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَمْسُ تَمَرَاتٍ أَوْ خَمْسُ قُرَصٍ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ يَمْلِكُهَا الْإِنْسَانُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُمْضِيَهَا فَأَفْضَلُهَا مَا أَنْفَقَهُ الْإِنْسَانُ عَلَى وَالِدَيْهِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ ثُمَّ الثَّالِثَةُ عَلَى الْقَرَابَةِ وَإِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ الرَّابِعَةُ عَلَى جِيرَانِهِ الْفُقَرَاءِ ثُمَّ الْخَامِسَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ أَخَسُّهَا أَجْراً وَقَالَ النَّبِيُّ ص لِلْأَنْصَارِيِّ حَيْثُ أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً مِنَ الرَّقِيقِ وَلَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ لَوْ أَعْلَمْتُمُونِي أَمْرَهُ مَا تَرَكْتُكُمْ تَدْفِنُونَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ تَرَكَ صِبْيَةً صِغَاراً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى ثُمَّ هَذَا مَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ رَدّاً لِقَوْلِكُمْ وَنَهْياً عَنْهُ مَفْرُوضٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ قَالَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً أَ فَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَيَّرَ مَا أَرَاكُمْ تَدْعُوْنَ إِلَيْهِ وَالْمُسْرِفِينَ وَفِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ يَقُولُ- إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ فَنَهَاهُمْ عَنِ الْإِسْرَافِ وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّقْتِيرِ لَكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا يُعْطِي جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ ثُمَّ يَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَهُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّ أَصْنَافاً مِنْ أُمَّتِي لَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ دُعَاؤُهُمْ رَجُلٌ يَدْعُو عَلَى وَالِدَيْهِ وَرَجُلٌ يَدْعُو عَلَى غَرِيمٍ ذَهَبَ لَهُ بِمَالٍ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ وَرَجُلٌ يَدْعُو عَلَى امْرَأَتِهِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 351

تَخْلِيَةَ سَبِيلِهَا بِيَدِهِ وَرَجُلٌ يَقْعُدُ فِي الْبَيْتِ وَيَقُولُ يَا رَبِّ ارْزُقْنِي وَلَا يَخْرُجُ يَطْلُبُ الرِّزْقَ فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ عَبْدِي أَ وَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ السَّبِيلَ إِلَى الطَّلَبِ وَالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ بِجَوَارِحَ صَحِيحَةٍ فَتَكُونَ قَدْ أَعْذَرْتَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي الطَّلَبِ لِاتِّبَاعِ أَمْرِي وَلِكَيْلَا تَكُونَ كَلًّا عَلَى أَهْلِكَ فَإِنْ شِئْتُ رَزَقْتُكَ وَإِنْ شِئْتُ قَتَّرْتُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ مَعْذُورٌ عِنْدِي وَرَجُلٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا كَثِيراً فَأَنْفَقَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ يَدْعُو يَا رَبِّ ارْزُقْنِي فَيَقُولُ اللَّهُ أَ لَمْ أَرْزُقْكَ رِزْقاً وَاسِعاً أَ فَلَا اقْتَصَدْتَ فِيهِ كَمَا أَمَرْتُكَ وَلِمَ تُسْرِفُ وَقَدْ نَهَيْتُكَ وَرَجُلٌ يَدْعُو فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ ثُمَّ عَلَّمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ص كَيْفَ يُنْفِقُ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَتْ عِنْدَهُ ص أُوقِيَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ فَكَرِهَ أَنْ تَبِيتَ عِنْدَهُ شَيْ‏ءٌ فَتَصَدَّقَ وَأَصْبَحَ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْ‏ءٌ وَجَاءَهُ مَنْ يَسْأَلُهُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ فَلَامَهُ السَّائِلُ وَاغْتَمَّ هُوَ ص حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ وَكَانَ رَحِيماً رَفِيقاً فَأَدَّبَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ص بِأَمْرِهِ إِيَّاهُ فَقَالَ- وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ يَسْأَلُونَكَ وَلَا يَعْذِرُونَكَ فَإِذَا أَعْطَيْتَ جَمِيعَ مَا عِنْدَكَ كُنْتَ قَدْ خَسِرْتَ مِنَ الْمَالِ فَهَذِهِ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللَّهِ ص يُصَدِّقُهَا الْكِتَابُ وَالْكِتَابُ يُصَدِّقُهُ أَهْلُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ مَوْتِهِ حَيْثُ قِيلَ لَهُ أَوْصِ فَقَالَ أُوصِي بِالْخُمُسِ وَالْخُمُسُ كَثِيرٌ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَ بِالْخُمُسِ فَأَوْصَى بِالْخُمُسِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الثُّلُثَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الثُّلُثَ خَيْرٌ لَهُ أَوْصَى بِهِ ثُمَّ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ بَعْدَهُ فِي فَضْلِهِ وَزُهْدِهِ سَلْمَانُ وَأَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَمَّا سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَ إِذَا أَخَذَ عَطَاءَهُ رَفَعَ مِنْهُ قُوتَهُ لِسَنَتِهِ حَتَّى يَحْضُرَهُ عَطَاؤُهُ مِنْ قَابِلٍ فَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْتَ فِي زُهْدِكَ تَصْنَعُ هَذَا وَإِنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّكَ تَمُوتُ الْيَوْمَ أَوْ غَداً فَكَانَ جَوَابَهُ أَنْ قَالَ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِيَ الْبَقَاءَ كَمَا خِفْتُمْ عَلَيَّ الْفَنَاءَ أَ وَمَا عَلِمْتُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 352

يَا جَهَلَةُ أَنَّ النَّفْسَ تَلْتَاثُ عَلَى صَاحِبِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنَ الْعَيْشِ مَا تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فَإِذَا هِيَ أَحْرَزَتْ مَعِيشَتَهَا اطْمَأَنَّتْ فَأَمَّا أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَتْ لَهُ نُوَيْقَاتٌ وَشُوَيْهَاتٌ يَحْلُبُهَا وَيَذْبَحُ مِنْهَا إِذَا اشْتَهَى أَهْلُهُ اللَّحْمَ أَوْ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ أَوْ رَأَى بِأَهْلِ الْمَاءِ الَّذِينَ هُمْ مَعَهُ خَصَاصَةً نَحَرَ لَهُمُ الْجَزُورَ أَوْ مِنَ الشِّيَاهِ عَلَى قَدْرِ مَا يُذْهِبُ عَنْهُمْ قَرَمَ اللَّحْمِ فَيَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ وَيَأْخُذُ كَنَصِيبِ أَحَدِهِمْ لَا يَفْضُلُ عَلَيْهِمْ وَمَنْ أَزْهَدُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَقَدْ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا قَالَ وَلَمْ يَبْلُغْ مِنْ أَمْرِهِمَا أَنْ صَارَا لَا يَمْلِكَانِ شَيْئاً الْبَتَّةَ كَمَا تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِإِلْقَاءِ أَمْتِعَتِهِمْ وَشَيْئِهِمْ وَيُؤْثِرُونَ بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعِيَالاتِهِمْ وَاعْلَمُوا أَيُّهَا النَّفَرُ أَنِّي سَمِعْتُ أَبِي يَرْوِي عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ يَوْماً مَا عَجِبْتُ مِنْ شَيْ‏ءٍ كَعَجَبِي مِنَ الْمُؤْمِنِ أَنَّهُ إِنْ قُرِّضَ جَسَدُهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ كَانَ خَيْراً لَهُ وَإِنْ مَلَكَ مَا بَيْنَ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا كَانَ خَيْراً لَهُ فَكُلُّ مَا يَصْنَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ فَلَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَحِيقُ فِيكُمُ الْيَوْمَ مَا قَدْ شَرَحْتُ لَكُمْ أَمْ أَزِيدُكُمْ أَ وَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ فَرَضَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنْ يُقَاتِلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَشَرَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ وَجْهَهُ عَنْهُمْ وَمَنْ وَلَّاهُمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ فَقَدْ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ثُمَّ حَوَّلَهُمْ مِنْ حَالِهِمْ رَحْمَةً مِنْهُ فَصَارَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَيْهِ أَنْ يُقَاتِلَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تَخْفِيفاً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ فَنَسَخَ الرَّجُلَانِ الْعَشَرَةَ وَأَخْبِرُونِي أَيْضاً عَنِ الْقُضَاةِ أَ جَوْرٌ مِنْهُمْ حَيْثُ يَفْرُضُونَ عَلَى الرَّجُلِ مِنْكُمْ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ إِذَا قَالَ أَنَا زَاهِدٌ وَإِنَّهُ لَا شَيْ‏ءَ لِي فَإِنْ قُلْتُمْ جَوْرٌ ظَلَمْتُمْ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَإِنْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 353

قُلْتُمْ بَلْ عَدْلٌ خَصَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَحَيْثُ تُرِيدُونَ صَدَقَةَ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ أَخْبِرُونِي لَوْ كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ كَمَا تُرِيدُونَ زُهَّاداً لَا حَاجَةَ لَهُمْ فِي مَتَاعِ غَيْرِهِمْ فَعَلَى مَنْ كَانَ يُتَصَدَّقُ بِكَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالصَّدَقَاتِ مِنْ فَرْضِ الزَّكَاةِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنَّخْلِ وَالزَّبِيبِ وَسَائِرِ مَا قَدْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَقُولُونَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْبِسَ شَيْئاً مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا إِلَّا قَدَّمَهُ وَإِنْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ فَبِئْسَ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ وَحَمَلْتُمُ النَّاسَ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ص وَأَحَادِيثِهِ الَّتِي يُصَدِّقُهَا الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ أَوْ رَدِّكُمْ إِيَّاهَا بِجَهَالَتِكُمْ وَتَرْكِكُمُ النَّظَرَ فِي غَرَائِبِ الْقُرْآنِ مِنَ التَّفْسِيرِ بِالنَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَالْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَأَخْبِرُونِي أَنْتُمْ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ع حَيْثُ سَأَلَ اللَّهَ مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ ذَلِكَ وَكَانَ ع يَقُولُ الْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِهِ ثُمَّ لَمْ نَجِدِ اللَّهَ عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا أَحَداً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَدَاوُدَ ع قَبْلَهُ فِي مُلْكِهِ وَشِدَّةِ سُلْطَانِهِ ثُمَّ يُوسُفَ النَّبِيِّ ع حَيْثُ قَالَ لِمَلِكِ مِصْرَ اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ فَكَانَ أَمْرُهُ الَّذِي كَانَ اخْتَارَ مَمْلَكَةَ الْمَلِكِ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى الْيَمَنِ فَكَانُوا يَمْتَارُونَ الطَّعَامَ مِنْ عِنْدِهِ لِمَجَاعَةٍ أَصَابَتْهُمْ وَكَانَ ع يَقُولُ الْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِهِ فَلَمْ نَجِدْ أَحَداً عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثُمَّ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَبْدٌ أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ طَوَى لَهُ الْأَسْبَابَ وَمَلَّكَهُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَكَانَ يَقُولُ بِالْحَقِّ وَيَعْمَلُ بِهِ ثُمَّ لَمْ نَجِدْ أَحَداً عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَتَأَدَّبُوا أَيُّهَا النَّفَرُ بِآدَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِينَ وَاقْتَصِرُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ وَدَعُوا عَنْكُمْ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْكُمْ مِمَّا لَا عِلْمَ لَكُمْ بِهِ وَرُدُّوا الْعِلْمَ إِلَى أَهْلِهِ تُؤْجَرُوا وَتُعْذَرُوا عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَكُونُوا فِي طَلَبِ عِلْمِ النَّاسِخِ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَمُحْكَمِهِ مِنْ مُتَشَابِهِهِ وَمَا أَحَلَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         358    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 357

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 354

اللَّهُ فِيهِ مِمَّا حَرَّمَ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ وَأَبْعَدُ لَكُمْ مِنَ الْجَهْلِ وَدَعُوا الْجَهَالَةَ لِأَهْلِهَا فَإِنَّ أَهْلَ الْجَهْلِ كَثِيرٌ وَأَهْلَ الْعِلْمِ قَلِيلٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ‏

كلامه ع في خلق الإنسان وتركيبه‏

قَالَ ع عِرْفَانُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ أَنْ يَعْرِفَهَا بِأَرْبَعِ طَبَائِعَ وَأَرْبَعِ دَعَائِمَ وَأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ فَطَبَائِعُهُ الدَّمُ وَالْمِرَّةُ وَالرِّيحُ وَالْبَلْغَمُ وَدَعَائِمُهُ الْعَقْلُ وَمِنَ الْعَقْلِ الْفَهْمُ وَالْحِفْظُ وَأَرْكَانُهُ النُّورُ وَالنَّارُ وَالرُّوحُ وَالْمَاءُ وَصُورَتُهُ طِينَتُهُ فَأَبْصَرَ بِالنُّورِ وَأَكَلَ وَشَرِبَ بِالنَّارِ وَجَامَعَ وَتَحَرَّكَ بِالرُّوحِ وَوَجَدَ طَعْمَ الذَّوْقِ وَالطَّعَامِ بِالْمَاءِ فَهَذَا تَأْسِيسُ صُورَتِهِ فَإِذَا كَانَ تَأْيِيدُ عَقْلِهِ مِنَ النُّورِ كَانَ عَالِماً حَافِظاً ذَكِيّاً فَطِناً فَهِماً وَعَرَفَ فِيمَا هُوَ وَمِنْ أَيْنَ يَأْتِيهِ وَلِأَيِّ شَيْ‏ءٍ هُوَ هَاهُنَا وَإِلَى مَا هُوَ صَائِرٌ بِإِخْلَاصِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ بِالطَّاعَةِ وَقَدْ تَجْرِي فِيهِ النَّفْسُ وَهِيَ حَارَّةٌ وَتَجْرِي فِيهِ وَهِيَ بَارِدَةٌ فَإِذَا حَلَّتْ بِهِ الْحَرَارَةُ أَشِرَ وَبَطِرَ وَارْتَاحَ وَقَتَلَ وَسَرَقَ وَبَهِجَ وَاسْتَبْشَرَ وَفَجَرَ وَزَنَى وَبَذَخَ وَإِذَا كَانَتْ بَارِدَةً اهْتَمَّ وَحَزِنَ وَاسْتَكَانَ وَذَبُلَ وَنَسِيَ فَهِيَ الْعَوَارِضُ الَّتِي تَكُونُ مِنْهَا الْأَسْقَامُ وَلَا يَكُونُ أَوَّلُ ذَلِكَ إِلَّا بِخَطِيئَةٍ عَمِلَهَا فَيُوَافِقُ ذَلِكَ مِنْ مَأْكَلٍ أَوْ مَشْرَبٍ فِي حَدِّ سَاعَاتٍ لَا تَكُونُ تِلْكَ السَّاعَةُ مُوَافِقَةً لِذَلِكَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ بِحَالِ الْخَطِيئَةِ فَيَسْتَوْجِبُ الْأَلَمَ مِنْ أَلْوَانِ الْأَسْقَامِ ثُمَّ قَالَ ع بَعْدَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ آخِرَ إِنَّمَا صَارَ الْإِنْسَانُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَعْمَلُ بِالنَّارِ وَيَسْمَعُ وَيَشَمُّ بِالرِّيحِ وَيَجِدُ لَذَّةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ بِالْمَاءِ وَيَتَحَرَّكُ بِالرُّوحِ فَلَوْ لَا أَنَّ النَّارَ فِي مَعِدَتِهِ لَمَا هَضَمَتِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِي جَوْفِهِ وَلَوْ لَا الرِّيحُ مَا الْتَهَبَتْ نَارُ الْمَعِدَةِ وَلَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 355

خَرَجَ الثُّفْلُ مِنْ بَطْنِهِ وَلَوْ لَا الرُّوحُ لَا جَاءَ وَلَا ذَهَبَ وَلَوْ لَا بَرْدُ الْمَاءِ لَأَحْرَقَتْهُ نَارُ الْمَعِدَةِ وَلَوْ لَا النُّورُ مَا أَبْصَرَ وَلَا عَقَلَ وَالطِّينُ صُورَتُهُ وَالْعَظْمُ فِي جَسَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرِ فِي الْأَرْضِ وَالشَّعْرُ فِي جَسَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَشِيشِ فِي الْأَرْضِ وَالْعَصَبُ فِي جَسَدِهِ بِمَنْزِلَةِ اللِّحَاءِ عَلَى الشَّجَرِ وَالدَّمُ فِي جَسَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ وَلَا قِوَامَ لِلْأَرْضِ إِلَّا بِالْمَاءِ وَلَا قِوَامَ لِجَسَدِ الْإِنْسَانِ إِلَّا بِالدَّمِ وَالْمُخُّ دَسَمُ الدَّمِ وَزُبْدُهُ فَهَكَذَا الْإِنْسَانُ خُلِقَ مِنْ شَأْنِ الدُّنْيَا وَشَأْنِ الْآخِرَةِ فَإِذَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا صَارَتْ حَيَاتُهُ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ نَزَلَ مِنْ شَأْنِ السَّمَاءِ إِلَى الدُّنْيَا فَإِذَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا صَارَتْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ الْمَوْتَ يُرَدُّ شَأْنُ الْآخِرَةِ إِلَى السَّمَاءِ فَالْحَيَاةُ فِي الْأَرْضِ وَالْمَوْتُ فِي السَّمَاءِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ فَرُدَّتِ الرُّوحُ وَالنُّورُ إِلَى الْقُدْرَةِ الْأُولَى وَتُرِكَ الْجَسَدُ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الدُّنْيَا وَإِنَّمَا فَسَدَ الْجَسَدُ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ الرِّيحَ تُنَشِّفُ الْمَاءَ فَيَيْبَسُ الطِّينُ فَيَصِيرُ رُفَاتاً وَيَبْلَى وَيُرَدُّ كُلٌّ إِلَى جَوْهَرِهِ الْأَوَّلِ وَتَحَرَّكَتِ الرُّوحُ بِالنَّفْسِ وَالنَّفْسُ حَرَكَتُهَا مِنَ الرِّيحِ فَمَا كَانَ مِنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ فَهُوَ نُورٌ مُؤَيَّدٌ بِالْعَقْلِ وَمَا كَانَ مِنْ نَفْسِ الْكَافِرِ فَهُوَ نَارٌ مُؤَيَّدٌ بِالنَّكْرَاءِ فَهَذَا مِنْ صُورَةِ نَارِهِ وَهَذَا مِنْ صُورَةِ نُورِهِ وَالْمَوْتُ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ وَنَقِمَةٌ عَلَى الْكَافِرِ وَلِلَّهِ عُقُوبَتَانِ إِحْدَاهُمَا مِنَ الرُّوحِ وَالْأُخْرَى تَسْلِيطُ النَّاسِ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ فَمَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الرُّوحِ فَهُوَ السُّقْمُ وَالْفَقْرُ وَمَا كَانَ مِنْ تَسْلِيطٍ فَهُوَ النَّقِمَةُ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ- وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ مِنَ الذُّنُوبِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَنْبِ الرُّوحِ فَعُقُوبَتُهُ بِذَلِكَ السُّقْمِ وَالْفَقْرِ وَمَا كَانَ مِنْ تَسْلِيطٍ فَهُوَ النَّقِمَةُ وَكُلُّ ذَلِكَ‏

 

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 356

عُقُوبَةٌ لِلْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا وَعَذَابٌ لَهُ فِيهَا وَأَمَّا الْكَافِرُ فَنَقِمَةٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَسُوءُ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِذَنْبٍ وَالذَّنْبُ مِنَ الشَّهْوَةِ وَهِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِ خَطَأٌ وَنِسْيَانٌ وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَكْرَهاً وَمَا لَا يُطِيقُ وَمَا كَانَ مِنَ الْكَافِرِ فَعَمْدٌ وَجُحُودٌ وَاعْتِدَاءٌ وَحَسَدٌ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ- كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ‏

و من حكمه ع‏

لَا يَصْلُحُ مَنْ لَا يَعْقِلُ وَلَا يَعْقِلُ مَنْ لَا يَعْلَمُ وَسَوْفَ يَنْجُبُ مَنْ يَفْهَمُ وَيَظْفَرُ مَنْ يَحْلُمُ وَالْعِلْمُ جُنَّةٌ وَالصِّدْقُ عِزٌّ وَالْجَهْلُ ذُلٌّ وَالْفَهْمُ مَجْدٌ وَالْجُودُ نُجْحٌ وَحُسْنُ الْخُلُقِ مَجْلَبَةٌ لِلْمَوَدَّةِ وَالْعَالِمُ بِزَمَانِهِ لَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ اللَّوَابِسُ وَالْحَزْمُ مِشْكَاةُ الظَّنِّ وَاللَّهُ وَلِيُّ مَنْ عَرَفَهُ وَعَدُوُّ مَنْ تَكَلَّفَهُ وَالْعَاقِلُ غَفُورٌ وَالْجَاهِلُ خَتُورٌ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُكْرَمَ فَلِنْ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُهَانَ فَاخْشُنْ وَمَنْ كَرُمَ أَصْلُهُ لَانَ قَلْبُهُ وَمَنْ خَشُنَ عُنْصُرُهُ غَلُظَ كَبِدُهُ وَمَنْ فَرَّطَ تَوَرَّطَ وَمَنْ خَافَ الْعَاقِبَةَ تَثْبُتُ فِيمَا لَا يَعْلَمُ وَمَنْ هَجَمَ عَلَى أَمْرٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ جَدَعَ أَنْفَ نَفْسِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَفْهَمْ وَمَنْ لَمْ يَفْهَمْ لَمْ يَسْلَمْ وَمَنْ لَمْ يَسْلَمْ لَمْ يُكْرَمْ وَمَنْ لَمْ يُكْرَمْ تُهْضَمْ وَمَنْ تُهْضَمْ كَانَ أَلْوَمَ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ أَحْرَى أَنْ يَنْدَمَ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ لَا تُعْرَفَ فَافْعَلْ وَمَا عَلَيْكَ إِذَا لَمْ يُثْنِ النَّاسُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 357

عَلَيْكَ وَمَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوماً عِنْدَ النَّاسِ إِذَا كُنْتَ عِنْدَ اللَّهِ مَحْمُوداً إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ يَقُولُ لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ رَجُلٍ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمَ فِيهَا إِحْسَاناً وَرَجُلٍ يَتَدَارَكُ مَنِيَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِكَ فَافْعَلْ وَإِنَّ عَلَيْكَ فِي خُرُوجِكَ أَنْ لَا تَغْتَابَ وَلَا تَكْذِبَ وَلَا تَحْسُدَ وَلَا تُرَائِيَ وَلَا تَتَصَنَّعَ وَلَا تُدَاهِنَ صَوْمَعَةُ الْمُسْلِمِ بَيْتُهُ يَحْبِسُ فِيهِ نَفْسَهُ وَبَصَرَهُ وَلِسَانَهُ وَفَرْجَهُ إِنَّ مَنْ عَرَفَ نِعْمَةَ اللَّهِ بِقَلْبِهِ اسْتَوْجَبَ الْمَزِيدَ مِنَ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرَ شُكْرَهَا عَلَى لِسَانِهِ ثُمَّ قَالَ ع كَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَكَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِسَتْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ إِنِّي لَأَرْجُو النَّجَاةَ لِمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ صَاحِبِ سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَصَاحِبِ هَوًى وَالْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ الْحُبُّ أَفْضَلُ مِنَ الْخَوْفِ وَاللَّهِ مَا أَحَبَّ اللَّهَ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَوَالَى غَيْرَنَا وَمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَأَحَبَّنَا فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ كُنْ ذَنَباً وَلَا تَكُنْ رَأْساً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ خَافَ كَلَّ لِسَانُهُ‏

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ ص مَنْ أَنْصَفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ رُضِيَ بِهِ حَكَماً لِغَيْرِهِ‏

وَ قَالَ ع إِذَا كَانَ الزَّمَانُ زَمَانَ جَوْرٍ وَأَهْلُهُ أَهْلَ غَدَرٍ فَالطُّمَأْنِينَةُ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ عَجْزٌ

وَ قَالَ ع إِذَا أُضِيفَ الْبَلَاءُ إِلَى الْبَلَاءِ كَانَ مِنَ الْبَلَاءِ عَافِيَةٌ

وَ قَالَ ع إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ صِحَّةَ مَا عِنْدَ أَخِيكَ فَأَغْضِبْهُ فَإِنْ ثَبَتَ لَكَ عَلَى الْمَوَدَّةِ فَهُوَ أَخُوكَ وَإِلَّا فَلَا

وَ قَالَ ع لَا تَعْتَدَّ بِمَوَدَّةِ أَحَدٍ حَتَّى تُغْضِبَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ‏

وَ قَالَ ع لَا تَثِقَنَّ بِأَخِيكَ كُلَّ الثِّقَةِ فَإِنَّ صَرْعَةَ الِاسْتِرْسَالِ لَا تُسْتَقَالُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         361    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 357

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 358

وَ قَالَ ع الْإِسْلَامُ دَرَجَةٌ وَالْإِيمَانُ عَلَى الْإِسْلَامِ دَرَجَةٌ وَالْيَقِينُ عَلَى الْإِيمَانِ دَرَجَةٌ وَمَا أُوتِيَ النَّاسُ أَقَلَّ مِنَ الْيَقِينِ‏

وَ قَالَ ع إِزَالَةُ الْجِبَالِ أَهْوَنُ مِنْ إِزَالَةِ قَلْبٍ عَنْ مَوْضِعِهِ‏

وَ قَالَ ع الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ وَالْيَقِينُ خَطَرَاتٌ‏

وَ قَالَ ع الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا تُورِثُ الْغَمَّ وَالْحَزَنَ وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا رَاحَةُ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ‏

وَ قَالَ ع مِنَ الْعَيْشِ دَارٌ يُكْرَى وَخُبْزٌ يُشْرَى‏

وَ قَالَ ع لِرَجُلَيْنِ تَخَاصَمَا بِحَضْرَتِهِ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَظْفَرْ بِخَيْرٍ مَنْ ظَفِرَ بِالظُّلْمِ وَمَنْ يَفْعَلِ السُّوءَ بِالنَّاسِ فَلَا يُنْكِرِ السُّوءَ إِذَا فُعِلَ بِهِ‏

وَ قَالَ ع التَّوَاصُلُ بَيْنَ الْإِخْوَانِ فِي الْحَضَرِ التَّزَاوُرُ وَالتَّوَاصُلُ فِي السَّفَرِ الْمُكَاتَبَةُ

وَ قَالَ ع لَا يَصْلُحُ الْمُؤْمِنُ إِلَّا عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَحُسْنِ التَّقْدِيرِ فِي الْمَعِيشَةِ وَالصَّبْرِ عَلَى النَّائِبَةِ

وَ قَالَ ع الْمُؤْمِنُ لَا يَغْلِبُهُ فَرْجُهُ وَلَا يَفْضَحُهُ بَطْنُهُ‏

وَ قَالَ ع صُحْبَةُ عِشْرِينَ سَنَةً قَرَابَةٌ

وَ قَالَ ع لَا تَصْلُحُ الصَّنِيعَةُ إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ وَمَا أَقَلَّ مَنْ يَشْكُرُ الْمَعْرُوفَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ مُؤْمِنٌ فَيَتَّعِظُ أَوْ جَاهِلٌ فَيَتَعَلَّمُ فَأَمَّا صَاحِبُ سَوْطٍ وَسَيْفٍ فَلَا

وَ قَالَ ع إِنَّمَا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ مَنْ كَانَتْ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ عَالِمٌ بِمَا يَأْمُرُ عَالِمٌ بِمَا يَنْهَى عَادِلٌ فِيمَا يَأْمُرُ عَادِلٌ فِيمَا يَنْهَى رَفِيقٌ بِمَا يَأْمُرُ رَفِيقٌ بِمَا يَنْهَى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 359

وَ قَالَ ع مَنْ تَعَرَّضَ لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ فَأَصَابَتْهُ مِنْهُ بَلِيَّةٌ لَمْ يُؤْجَرْ عَلَيْهَا وَلَمْ يُرْزَقِ الصَّبْرَ عَلَيْهَا

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ أَنْعَمَ عَلَى قَوْمٍ بِالْمَوَاهِبِ فَلَمْ يَشْكُرُوهُ فَصَارَتْ عَلَيْهِمْ وَبَالًا وَابْتَلَى قَوْماً بِالْمَصَائِبِ فَصَبَرُوا فَكَانَتْ عَلَيْهِمْ نِعْمَةً

وَ قَالَ ع صَلَاحُ حَالِ التَّعَايُشِ وَالتَّعَاشُرِ مِلْ‏ءُ مِكْيَالٍ ثُلُثَاهُ فِطْنَةٌ وَثُلُثُهُ تَغَافُلٌ‏

وَ قَالَ ع مَا أَقْبَحَ الِانْتِقَامَ بِأَهْلِ الْأَقْدَارِ

وَ قِيلَ لَهُ مَا الْمُرُوَّةُ فَقَالَ ع لَا يَرَاكَ اللَّهُ حَيْثُ نَهَاكَ وَلَا يَفْقِدُكَ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكَ‏

وَ قَالَ ع اشْكُرْ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْكَ وَأَنْعِمْ عَلَى مَنْ شَكَرَكَ فَإِنَّهُ لَا إِزَالَةَ لِلنِّعَمِ إِذَا شُكِرَتْ وَلَا إِقَامَةَ لَهَا إِذَا كُفِرَتْ وَالشُّكْرُ زِيَادَةٌ فِي النِّعَمِ وَأَمَانٌ مِنَ الْفَقْرِ

وَ قَالَ ع فَوْتُ الْحَاجَةِ خَيْرٌ مِنْ طَلَبِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَأَشَدُّ مِنَ الْمُصِيبَةِ سُوءُ الْخُلُقِ مِنْهَا

وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُعَلِّمَهُ مَا يَنَالُ بِهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَا يُطَوِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ ع لَا تَكْذِبْ‏

وَ قِيلَ لَهُ مَا الْبَلَاغَةُ فَقَالَ ع مَنْ عَرَفَ شَيْئاً قَلَّ كَلَامُهُ فِيهِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْبَلِيغَ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ حَاجَتَهُ بِأَهْوَنِ سَعْيِهِ‏

وَ قَالَ ع الدَّيْنُ غَمٌّ بِاللَّيْلِ وَذُلٌّ بِالنَّهَارِ

وَ قَالَ ع إِذَا صَلَحَ أَمْرُ دُنْيَاكَ فَاتَّهِمْ دِينَكَ‏

وَ قَالَ ع بَرُّوا آبَاءَكُمْ يَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ وَعِفُّوا عَنْ نِسَاءِ النَّاسِ تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 360

وَ قَالَ ع مَنِ ائْتَمَنَ خَائِناً عَلَى أَمَانَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى اللَّهِ ضَمَانٌ‏

وَ قَالَ ع لِحُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ يَا حُمْرَانُ انْظُرْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فِي الْمَقْدُرَةِ وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْنَعُ لَكَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ وَأَحْرَى أَنْ تَسْتَوْجِبَ الزِّيَادَةَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِيلَ عَلَى الْيَقِينِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَرَعَ أَنْفَعُ مِنْ تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللَّهِ وَالْكَفِّ عَنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَاغْتِيَابِهِمْ وَلَا عَيْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَلَا مَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْقَنَاعَةِ بِالْيَسِيرِ الْمُجْزِئِ وَلَا جَهْلَ أَضَرُّ مِنَ الْعُجْبِ‏

وَ قَالَ ع الْحَيَاءُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَمِنْهُ ضَعْفٌ وَمِنْهُ قُوَّةٌ وَإِسْلَامٌ وَإِيمَانٌ‏

وَ قَالَ ع تَرْكُ الْحُقُوقِ مَذَلَّةٌ وَإِنَّ الرَّجُلَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَتَعَرَّضَ فِيهَا لِلْكَذِبِ‏

وَ قَالَ ع إِذَا سَلَّمَ الرَّجُلُ مِنَ الْجَمَاعَةِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ وَإِذَا رَدَّ وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْمِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ‏

وَ قَالَ ع السَّلَامُ تَطَوُّعٌ وَالرَّدُّ فَرِيضَةٌ

وَ قَالَ ع مَنْ بَدَأَ بِكَلَامٍ قَبْلَ سَلَامٍ فَلَا تُجِيبُوهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ تَمَامَ التَّحِيَّةِ لِلْمُقِيمِ الْمُصَافَحَةُ وَتَمَامَ التَّسْلِيمِ عَلَى الْمُسَافِرِ الْمُعَانَقَةُ

وَ قَالَ ع تَصَافَحُوا فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِالسَّخِيمَةِ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         364    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 357

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 361

وَ قَالَ ع اتَّقِ اللَّهَ بَعْضَ التُّقَى وَإِنْ قَلَّ وَدَعْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ سِتْراً وَإِنْ رَقَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ إِذَا غَضِبَ وَإِذَا رَغِبَ وَإِذَا رَهِبَ وَإِذَا اشْتَهَى حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ

وَ قَالَ ع الْعَافِيَةُ نِعْمَةٌ خَفِيفَةٌ إِذَا وُجِدَتْ نُسِيَتْ وَإِذَا عُدِمَتِ ذُكِرَتْ‏

وَ قَالَ ع لِلَّهِ فِي السَّرَّاءِ نِعْمَةُ التَّفَضُّلِ وَفِي الضَّرَّاءِ نِعْمَةُ التَّطَهُّرِ

وَ قَالَ ع كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ لِلَّهِ عَلَى عَبْدِهِ فِي غَيْرِ أَمَلِهِ وَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ أَمَلًا الْخِيَارُ فِي غَيْرِهِ وَكَمْ مِنْ سَاعٍ إِلَى حَتْفِهِ وَهُوَ مُبْطِئٌ عَنْ حَظِّهِ‏

وَ قَالَ ع قَدْ عَجَزَ مَنْ لَمْ يُعِدَّ لِكُلِّ بَلَاءٍ صَبْراً وَلِكُلِّ نِعْمَةٍ شُكْراً وَلِكُلِّ عُسْرٍ يُسْراً اصْبِرْ نَفْسَكَ عِنْدَ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَرَزِيَّةٍ فِي وَلَدٍ أَوْ فِي مَالٍ فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يَقْبِضُ عَارِيَّتَهُ وَهِبَتَهُ لِيَبْلُوَ شُكْرَكَ وَصَبْرَكَ‏

وَ قَالَ ع مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَلَهُ حَدٌّ قِيلَ فَمَا حَدُّ الْيَقِينِ قَالَ ع أَنْ لَا تَخَافَ شَيْئاً

وَ قَالَ ع يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَمَانُ خِصَالٍ وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ صَبُورٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ شَكُورٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ قَانِعٌ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ لَا يَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ وَلَا يَتَحَمَّلُ الْأَصْدِقَاءَ بَدَنُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ

وَ قَالَ ع إِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ وَالْحِلْمَ وَزِيرُهُ وَالصَّبْرَ أَمِيرُ جُنُودِهِ وَالرِّفْقَ أَخُوهُ وَاللِّينَ وَالِدُهُ‏

وَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا يَجْعَلَ رِزْقِي عَلَى أَيْدِي الْعِبَادِ فَقَالَ ع‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 362

أَبَى اللَّهُ عَلَيْكَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ أَرْزَاقَ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَكِنِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ رِزْقَكَ عَلَى أَيْدِي خِيَارِ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ مِنَ السَّعَادَةِ وَلَا يَجْعَلَهُ عَلَى أَيْدِي شِرَارِ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ مِنَ الشَّقَاوَةِ

وَ قَالَ ع الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ فَلَا تَزِيدُهُ سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْداً

وَ قَالَ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ قَالَ يُطَاعُ فَلَا يُعْصَى وَيُذْكَرُ فَلَا يُنْسَى وَيُشْكَرُ فَلَا يُكْفَرُ

وَ قَالَ ع مَنْ عَرَفَ اللَّهَ خَافَ اللَّهَ وَمَنْ خَافَ اللَّهَ سَخَتْ نَفْسُهُ عَنِ الدُّنْيَا

وَ قَالَ ع الْخَائِفُ مَنْ لَمْ تَدَعْ لَهُ الرَّهْبَةُ لِسَاناً يَنْطِقُ بِهِ‏

وَ قِيلَ لَهُ ع قَوْمٌ يَعْمَلُونَ بِالْمَعَاصِي وَيَقُولُونَ نَرْجُو فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ الْمَوْتُ فَقَالَ ع هَؤُلَاءِ قَوْمٌ يَتَرَجَّحُونَ فِي الْأَمَانِيِّ كَذَبُوا لَيْسَ يَرْجُونَ إِنَّ مَنْ رَجَا شَيْئاً طَلَبَهُ وَمَنْ خَافَ مِنْ شَيْ‏ءٍ هَرَبَ مِنْهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّا لَنُحِبُّ مَنْ كَانَ عَاقِلًا عَالِماً فَهِماً فَقِيهاً حَلِيماً مُدَارِياً صَبُوراً صَدُوقاً وَفِيّاً إِنَّ اللَّهَ خَصَّ الْأَنْبِيَاءَ ع بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَمَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِ وَلْيَسْأَلْهُ إِيَّاهَا قِيلَ لَهُ وَمَا هِيَ قَالَ ع الْوَرَعُ وَالْقَنَاعَةُ وَالصَّبْرُ وَالشُّكْرُ وَالْحِلْمُ وَالْحَيَاءُ وَالسَّخَاءُ وَالشَّجَاعَةُ وَالْغَيْرَةُ وَصِدْقُ الْحَدِيثِ وَالْبِرُّ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَالْيَقِينُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَالْمُرُوَّةُ

وَ قَالَ ع مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ وَتُبْغِضَ فِي اللَّهِ وَتُعْطِيَ فِي اللَّهِ وَتَمْنَعَ فِي اللَّهِ.

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 363

وَ قَالَ ع لَا يَتْبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَّا ثَلَاثُ خِصَالٍ صَدَقَةٌ أَجْرَاهَا اللَّهُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ فَهِيَ تَجْرِي لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَسُنَّةُ هُدًى يُعْمَلُ بِهَا وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ الْكَذِبَةَ لَتَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ لِلصَّلَاةِ وَتُفْطِرُ الصِّيَامَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّا نَكْذِبُ فَقَالَ ع لَيْسَ هُوَ بِاللَّغْوِ وَلَكِنَّهُ الْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ ص ثُمَّ قَالَ إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَلَا مِنَ الشَّرَابِ وَحْدَهُ إِنَّ مَرْيَمَ ع قَالَتْ- إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً أَيْ صَمْتاً فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَازَعُوا فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ أَعْلَمَ اللَّهَ مَا لَمْ يَعْلَمْ اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ وَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا ابْتَلَى اللَّهُ مُؤْمِناً بِذَنْبٍ أَبَداً

وَ قَالَ ع مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ‏

وَ قَالَ ع الْمَعْرُوفُ كَاسْمِهِ وَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَفْضَلَ مِنَ الْمَعْرُوفِ إِلَّا ثَوَابُهُ وَالْمَعْرُوفُ هَدِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ إِلَى عَبْدِهِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَصْنَعَ الْمَعْرُوفَ إِلَى النَّاسِ يَصْنَعُهُ وَلَا كُلُّ مَنْ رَغِبَ فِيهِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا كُلُّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يُؤْذَنُ لَهُ فِيهِ فَإِذَا مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ جَمَعَ لَهُ الرَّغْبَةَ فِي الْمَعْرُوفِ وَالْقُدْرَةَ وَالْإِذْنَ فَهُنَاكَ تَمَّتِ السَّعَادَةُ وَالْكَرَامَةُ لِلطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ إِلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع لَمْ يُسْتَزَدْ فِي مَحْبُوبٍ بِمِثْلِ الشُّكْرِ وَلَمْ يُسْتَنْقَصْ مِنْ مَكْرُوهٍ بِمِثْلِ الصَّبْرِ

وَ قَالَ ع لَيْسَ لِإِبْلِيسَ جُنْدٌ أَشَدَّ مِنَ النِّسَاءِ وَالْغَضَبِ‏

وَ قَالَ ع الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَالصَّبْرُ حِصْنُهُ وَالْجَنَّةُ مَأْوَاهُ وَالدُّنْيَا جَنَّةُ الْكَافِرِ وَالْقَبْرُ سِجْنُهُ وَالنَّارُ مَأْوَاهُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         367    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 357

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 364

وَ قَالَ ع وَلَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ يَقِيناً لَا شَكَّ فِيهِ أَشْبَهَ بِشَكٍّ لَا يَقِينَ فِيهِ مِنَ الْمَوْتِ‏

وَ قَالَ ع إِذَا رَأَيْتُمُ الْعَبْدَ يَتَفَقَّدُ الذُّنُوبَ مِنَ النَّاسِ نَاسِياً لِذَنْبِهِ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ مُكِرَ بِهِ‏

وَ قَالَ ع الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ الْمُحْتَسِبِ وَالْمُعَافَى الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْمُبْتَلَى الصَّابِرِ

وَ قَالَ ع لَا يَنْبَغِي لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِماً أَنْ يُعَدَّ سَعِيداً وَلَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ وَدُوداً أَنْ يُعَدَّ حَمِيداً وَلَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ صَبُوراً أَنْ يُعَدَّ كَامِلًا وَلَا لِمَنْ لَا يَتَّقِي مَلَامَةَ الْعُلَمَاءِ وَذَمَّهُمْ أَنْ يُرْجَى لَهُ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ صَدُوقاً لِيُؤْمَنَ عَلَى حَدِيثِهِ وَشَكُوراً لِيَسْتَوْجِبَ الزِّيَادَةَ

وَ قَالَ ع لَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْتَمِنَ الْخَائِنَ وَقَدْ جَرَّبْتَهُ وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَتَّهِمَ مَنِ ائْتَمَنْتَ‏

وَ قِيلَ لَهُ مَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ ع أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لِلَّهِ وَأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ قُلْتُ فَمَنْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ قَالَ ع مَنْ يَتَّهِمُ اللَّهَ قُلْتُ أَحَدٌ يَتَّهِمُ اللَّهَ قَالَ ع نَعَمْ مَنِ اسْتَخَارَ اللَّهَ فَجَاءَتْهُ الْخِيَرَةُ بِمَا يَكْرَهُ فَيَسْخَطُ فَذَلِكَ يَتَّهِمُ اللَّهَ قُلْتُ وَمَنْ قَالَ يَشْكُو اللَّهَ قُلْتُ وَأَحَدٌ يَشْكُوهُ قَالَ ع نَعَمْ مَنْ إِذَا ابْتُلِيَ شَكَا بِأَكْثَرَ مِمَّا أَصَابَهُ قُلْتُ وَمَنْ قَالَ ع إِذَا أُعْطِيَ لَمْ يَشْكُرْ وَإِذَا ابْتُلِيَ لَمْ يَصْبِرْ قُلْتُ فَمَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ قَالَ ع مَنْ إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ

وَ قَالَ ع لَيْسَ لِمَلُولٍ صَدِيقٌ وَلَا لِحَسُودٍ غِنًى وَكَثْرَةُ النَّظَرِ فِي الْحِكْمَةِ تَلْقَحُ الْعَقْلَ‏

وَ قَالَ ع كَفَى بِخَشْيَةِ اللَّهِ عِلْماً وَكَفَى بِالاغْتِرَارِ بِهِ جَهْلًا

وَ قَالَ ع أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَالتَّوَاضُعُ لَهُ‏

وَ قَالَ ع عَالِمٌ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ وَأَلْفِ زَاهِدٍ وَأَلْفِ مُجْتَهِدٍ

وَ قَالَ ع إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زَكَاةٌ وَزَكَاةُ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَهْلَهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 365

وَ قَالَ ع الْقُضَاةُ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ رَجُلٌ قَضَى بِجَوْرٍ وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى بِجَوْرٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى بِحَقٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى بِحَقٍّ وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ

وَ سُئِلَ عَنْ صِفَةِ الْعَدْلِ مِنَ الرَّجُلِ فَقَالَ ع إِذَا غَضَّ طَرْفَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ وَلِسَانَهُ عَنِ الْمآثِمِ وَكَفَّهُ عَنِ الْمَظَالِمِ‏

وَ قَالَ ع كُلُّ مَا حَجَبَ اللَّهُ عَنِ الْعِبَادِ فَمَوْضُوعٌ عَنْهُمْ حَتَّى يُعَرِّفَهُمُوهُ‏

وَ قَالَ ع لِدَاوُدَ الرَّقِّيِّ تُدْخِلُ يَدَكَ فِي فَمِ التِّنِّينِ إِلَى الْمِرْفَقِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ إِلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكَانَ‏

وَ قَالَ ع قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلَى اللَّهِ وَأَسْبَابُهَا بَعْدَ اللَّهِ الْعِبَادُ تَجْرِي عَلَى أَيْدِيهِمْ فَمَا قَضَى اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ بِالشُّكْرِ وَمَا زَوَى عَنْكُمْ مِنْهَا فَاقْبَلُوهُ عَنِ اللَّهِ بِالرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ وَالصَّبْرِ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَيْراً لَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ‏

وَ قَالَ ع مَسْأَلَةُ ابْنِ آدَمَ لِابْنِ آدَمَ فِتْنَةٌ إِنْ أَعْطَاهُ حَمِدَ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ وَإِنْ رَدَّهُ ذَمَّ مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 366

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ كُلَّ خَيْرٍ فِي التَّزْجِيَةِ

وَ قَالَ ع إِيَّاكَ وَمُخَالَطَةَ السَّفِلَةِ فَإِنَّ مُخَالَطَةَ السَّفِلَةِ لَا تُؤَدِّي إِلَى خَيْرٍ

وَ قَالَ ع الرَّجُلُ يَجْزَعُ مِنَ الذُّلِّ الصَّغِيرِ فَيُدْخِلُهُ ذَلِكَ فِي الذُّلِّ الْكَبِيرِ

وَ قَالَ ع أَنْفَعُ الْأَشْيَاءِ لِلْمَرْءِ سَبْقُهُ النَّاسَ إِلَى عَيْبِ نَفْسِهِ وَأَشَدُّ شَيْ‏ءٍ مَئُونَةً إِخْفَاءُ الْفَاقَةِ وَأَقَلُّ الْأَشْيَاءِ غَنَاءً النَّصِيحَةُ لِمَنْ لَا يَقْبَلُهَا وَمُجَاوَرَةُ الْحَرِيصِ وَأَرْوَحُ الرَّوْحِ الْيَأْسُ مِنَ النَّاسِ لَا تَكُنْ ضَجِراً وَلَا غَلِقاً وَذَلِّلْ نَفْسَكَ بِاحْتِمَالِ مَنْ خَالَفَكَ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَكَ وَمَنْ لَهُ الْفَضْلُ عَلَيْكَ فَإِنَّمَا أَقْرَرْتَ لَهُ بِفَضْلِهِ لِئَلَّا تُخَالِفَهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفْ لِأَحَدٍ الْفَضْلَ فَهُوَ الْمُعْجَبُ بِرَأْيِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا عِزَّ لِمَنْ لَا يَتَذَلَّلُ لِلَّهِ وَلَا رِفْعَةَ لِمَنْ لَا يَتَوَاضَعُ لِلَّهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ لُبْسَ الْخَاتَمِ‏

وَ قَالَ ع أَحَبُّ إِخْوَانِي إِلَيَّ مَنْ أَهْدَى إِلَيَّ عُيُوبِي‏

وَ قَالَ ع لَا تَكُونُ الصَّدَاقَةُ إِلَّا بِحُدُودِهَا فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ هَذِهِ الْحُدُودُ أَوْ شَيْ‏ءٌ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا تَنْسُبْهُ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِنَ الصَّدَاقَةِ فَأَوَّلُهَا أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُهُ وَعَلَانِيَتُهُ لَكَ وَاحِدَةً وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَرَى زَيْنَكَ زَيْنَهُ وَشَيْنَكَ شَيْنَهُ وَالثَّالِثَةُ أَنْ لَا تُغَيِّرَهُ عَلَيْكَ وِلَايَةٌ وَلَا مَالٌ وَالرَّابِعَةُ لَا يَمْنَعُكَ شَيْئاً تَنَالُهُ مَقْدُرَتُهُ وَالْخَامِسَةُ وَهِيَ تَجْمَعُ هَذِهِ الْخِصَالَ أَنْ لَا يُسْلِمَكَ عِنْدَ النَّكَبَاتِ‏

وَ قَالَ ع مُجَامَلَةُ النَّاسِ ثُلُثُ الْعَقْلِ‏

وَ قَالَ ع ضِحْكُ الْمُؤْمِنِ تَبَسُّمٌ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         371    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 357

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 367

وَ قَالَ ع مَا أُبَالِي إِلَى مَنِ ائْتَمَنْتُ خَائِناً أَوْ مُضَيِّعاً

وَ قَالَ ع لِلْمُفَضَّلِ أُوصِيكَ بِسِتِّ خِصَالٍ تُبْلِغُهُنَّ شِيعَتِي قُلْتُ وَمَا هُنَّ يَا سَيِّدِي قَالَ ع أَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَأَنْ تَرْضَى لِأَخِيكَ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْأُمُورِ أَوَاخِرَ فَاحْذَرِ الْعَوَاقِبَ وَأَنَّ لِلْأُمُورِ بَغَتَاتٍ فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ وَإِيَّاكَ وَمُرْتَقَى جَبَلٍ سَهْلٍ إِذَا كَانَ الْمُنْحَدَرُ وَعْراً وَلَا تَعِدَنَّ أَخَاكَ وَعْداً لَيْسَ فِي يَدِكَ وَفَاؤُهُ‏

وَ قَالَ ع ثَلَاثٌ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِنَّ رُخْصَةً بِرُّ الْوَالِدَيْنِ بَرَّيْنِ كَانَا أَوْ فَاجِرَيْنِ وَوَفَاءٌ بِالْعَهْدِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ

وَ قَالَ ع إِنِّي لَأَرْحَمُ ثَلَاثَةً وَحَقٌّ لَهُمْ أَنْ يُرْحَمُوا عَزِيزٌ أَصَابَتْهُ مَذَلَّةٌ بَعْدَ الْعِزِّ وَغَنِيٌّ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ بَعْدَ الْغِنَى وَعَالِمٌ يَسْتَخِفُّ بِهِ أَهْلُهُ وَالْجَهَلَةُ

وَ قَالَ ع مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا تَعَلَّقَ مِنْ ضَرَرِهَا بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمٍّ لَا يَفْنَى وَأَمَلٍ لَا يُدْرَكُ وَرَجَاءٍ لَا يُنَالُ‏

وَ قَالَ ع الْمُؤْمِنُ لَا يُخْلَقُ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا عَلَى الْخِيَانَةِ وَخَصْلَتَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 368

فِي الْمُنَافِقِ سَمْتٌ حَسَنٌ وَفِقْهٌ فِي سُنَّةٍ

وَ قَالَ ع النَّاسُ سَوَاءٌ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ وَالْمَرْءُ كَثِيرٌ بِأَخِيهِ وَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَمْ يَرَ لَكَ مِثْلَ الَّذِي يَرَى لِنَفْسِهِ‏

وَ قَالَ ع مِنْ زَيْنِ الْإِيمَانِ الْفِقْهُ وَمِنْ زَيْنِ الْفِقْهِ الْحِلْمُ وَمِنْ زَيْنِ الْحِلْمِ الرِّفْقُ وَمِنْ زَيْنِ الرِّفْقِ اللِّينُ وَمِنْ زَيْنِ اللِّينِ السُّهُولَةُ

وَ قَالَ ع مَنْ غَضِبَ عَلَيْكَ مِنْ إِخْوَانِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَقُلْ فِيكَ مَكْرُوهاً فَأَعِدَّهُ لِنَفْسِكَ‏

وَ قَالَ ع يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْ‏ءٌ أَعَزَّ مِنْ أَخٍ أَنِيسٍ وَكَسْبِ دِرْهَمٍ حَلَالٍ‏

وَ قَالَ ع مَنْ وَقَفَ نَفْسَهُ مَوْقِفَ التُّهَمَةِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ فِي يَدِهِ وَكُلُّ حَدِيثٍ جَاوَزَ اثْنَيْنِ فَاشٍ وَضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ وَلَا تَطْلُبَنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمِلًا وَعَلَيْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَإِنَّهُمْ عُدَّةٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ وَجُنَّةٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ وَشَاوِرْ فِي حَدِيثِكَ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّهَ وَأَحْبِبِ الْإِخْوَانَ عَلَى قَدْرِ التَّقْوَى وَاتَّقِ شِرَارَ النِّسَاءِ وَكُنْ مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ وَإِنْ أَمَرْنَكُمْ بِالْمَعْرُوفِ فَخَالِفُوهُنَّ حَتَّى لَا يَطْمَعْنَ مِنْكُمْ فِي الْمُنْكَرِ

وَ قَالَ ع الْمُنَافِقُ إِذَا حَدَّثَ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَخْلَفَ وَإِذَا مَلَكَ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي مَالِهِ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 369

إِلى‏ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏

وَ قَالَ ع كَفَى بِالْمَرْءِ خِزْياً أَنْ يَلْبَسَ ثَوْباً يُشَهِّرُهُ أَوْ يَرْكَبَ دَابَّةً مَشْهُورَةً قُلْتُ وَمَا الدَّابَّةُ الْمَشْهُورَةُ قَالَ ع الْبَلْقَاءُ

وَ قَالَ ع لَا يَبْلُغُ أَحَدُكُمْ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ أَبْعَدَ الْخَلْقِ مِنْهُ فِي اللَّهِ وَيُبْغِضَ أَقْرَبَ الْخَلْقِ مِنْهُ فِي اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَعَرَفَهَا بِقَلْبِهِ وَعَلِمَ أَنَّ الْمُنْعِمَ عَلَيْهِ اللَّهُ فَقَدْ أَدَّى شُكْرَهَا وَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُعَاقِبَ عَلَى الذُّنُوبِ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ وَقَرَأَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ الْآيَةَ

وَ قَالَ ع خَصْلَتَيْنِ مُهْلِكَتَيْنِ تُفْتِي النَّاسَ بِرَأْيِكَ أَوْ تَدِينُ بِمَا لَا تَعْلَمُ‏

وَ قَالَ ع لِأَبِي بَصِيرٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَا تُفَتِّشِ النَّاسَ عَنْ أَدْيَانِهِمْ فَتَبْقَى بِلَا صَدِيقٍ‏

وَ قَالَ ع الصَّفْحُ الْجَمِيلُ أَنْ لَا تُعَاقِبَ عَلَى الذَّنْبِ وَالصَّبْرُ الْجَمِيلُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَكْوَى‏

وَ قَالَ ع أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُؤْمِناً وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ ذُنُوبٌ الصِّدْقُ وَالْحَيَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَالشُّكْرُ

وَ قَالَ ع لَا تَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى تَكُونَ خَائِفاً رَاجِياً وَلَا تَكُونُ خَائِفاً رَاجِياً حَتَّى تَكُونَ عَامِلًا لِمَا تَخَافُ وَتَرْجُو

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 370

وَ قَالَ ع لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّحَلِّي وَلَا بِالتَّمَنِّي وَلَكِنَّ الْإِيمَانَ مَا خَلَصَ فِي الْقُلُوبِ وَصَدَّقَتْهُ الْأَعْمَالُ‏

وَ قَالَ ع إِذَا زَادَ الرَّجُلُ عَلَى الثَّلَاثِينَ فَهُوَ كَهْلٌ وَإِذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ شَيْخٌ‏

وَ قَالَ ع النَّاسُ فِي التَّوْحِيدِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ مُثْبِتٍ وَنَافٍ وَمُشَبِّهٍ فَالنَّافِي مُبْطِلٌ وَالْمُثْبِتُ مُؤْمِنٌ وَالْمُشَبِّهُ مُشْرِكٌ‏

وَ قَالَ ع الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ وَالْإِسْلَامُ إِقْرَارٌ وَعَمَلٌ‏

وَ قَالَ ع لَا تُذْهِبِ الْحِشْمَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَخِيكَ وَأَبْقِ مِنْهَا فَإِنَّ ذَهَابَ الْحِشْمَةِ ذَهَابُ الْحَيَاءِ وَبَقَاءَ الْحِشْمَةِ بَقَاءُ الْمَوَدَّةِ

وَ قَالَ ع مَنِ احْتَشَمَ أَخَاهُ حَرُمَتْ وُصْلَتُهُ وَمَنِ اغْتَمَّهُ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ‏

وَ قِيلَ لَهُ خَلَوْتَ بِالْعَقِيقِ وَتُعْجِبُكَ الْوَحْدَةُ فَقَالَ ع لَوْ ذُقْتَ حَلَاوَةَ الْوَحْدَةِ لَاسْتَوْحَشْتَ مِنْ نَفْسِكَ ثُمَّ قَالَ ع أَقَلُّ مَا يَجِدُ الْعَبْدُ فِي الْوَحْدَةِ أَمْنُ مُدَارَاةِ النَّاسِ‏

وَ قَالَ ع مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ بَاباً مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا فَتَحَ عَلَيْهِ مِنَ الْحِرْصِ مِثْلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا غَرِيبٌ لَا يَجْزَعُ مِنْ ذُلِّهَا وَلَا يَتَنَافَسُ أَهْلَهَا فِي عِزِّهَا

وَ قِيلَ لَهُ أَيْنَ طَرِيقُ الرَّاحَةِ فَقَالَ ع فِي خِلَافِ الْهَوَى قِيلَ فَمَتَى يَجِدُ عَبْدٌ الرَّاحَةَ فَقَالَ ع عِنْدَ أَوَّلِ يَوْمٍ يَصِيرُ فِي الْجَنَّةِ

وَ قَالَ ع لَا يَجْمَعُ اللَّهُ لِمُنَافِقٍ وَلَا فَاسِقٍ حُسْنَ السَّمْتِ وَالْفِقْهَ وَحُسْنَ الْخُلُقِ أَبَداً

وَ قَالَ ع طَعْمُ الْمَاءِ الْحَيَاةُ وَطَعْمُ الْخُبْزِ الْقُوَّةُ وَضَعْفُ الْبَدَنِ وَقُوَّتُهُ مِنْ شَحْمِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         374    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 357

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 371

الْكُلْيَتَيْنِ وَمَوْضِعُ الْعَقْلِ الدِّمَاغُ وَالْقَسْوَةُ وَالرِّقَّةُ فِي الْقَلْبِ‏

وَ قَالَ ع الْحَسَدُ حَسَدَانِ حَسَدُ فِتْنَةٍ وَحَسَدُ غَفَلَةٍ فَأَمَّا حَسَدُ الْغَفْلَةِ فَكَمَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ حِينَ قَالَ اللَّهُ- إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ أَيِ اجْعَلْ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ مِنَّا وَلَمْ يَقُولُوا حَسَداً لِآدَمَ مِنْ جِهَةِ الْفِتْنَةِ وَالرَّدِّ وَالْجُحُودِ وَالْحَسَدُ الثَّانِي الَّذِي يَصِيرُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ فَهُوَ حَسَدُ إِبْلِيسَ فِي رَدِّهِ عَلَى اللَّهِ وَإِبَائِهِ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ ع‏

وَ قَالَ ع النَّاسُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّ الْأَمْرَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ فَقَدْ وَهَّنَ اللَّهَ فِي سُلْطَانِهِ فَهُوَ هَالِكٌ وَرَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي وَكَلَّفَهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ فَقَدْ ظَلَمَ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ فَهُوَ هَالِكٌ وَرَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ كَلَّفَ الْعِبَادَ مَا يُطِيقُونَهُ وَلَمْ يُكَلِّفْهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَهُ فَإِذَا أَحْسَنَ حَمِدَ اللَّهَ وَإِذَا أَسَاءَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ فَهَذَا مُسْلِمٌ بَالِغٌ‏

وَ قَالَ ع الْمَشْيُ الْمُسْتَعْجِلُ يَذْهَبُ بِبَهَاءِ الْمُؤْمِنِ وَيُطْفِئُ نُورَهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْغَنِيَّ الظَّلُومَ‏

وَ قَالَ ع الْغَضَبُ مَمْحَقَةٌ لِقَلْبِ الْحَكِيمِ وَمَنْ لَمْ يَمْلِكْ غَضَبَهُ لَمْ يَمْلِكْ عَقْلَهُ‏

وَ قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَ تَدْرِي مَنِ الشَّحِيحُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 372

قُلْتُ هُوَ الْبَخِيلُ فَقَالَ ع الشُّحُّ أَشَدُّ مِنَ الْبُخْلِ إِنَّ الْبَخِيلَ يَبْخَلُ بِمَا فِي يَدِهِ وَالشَّحِيحُ يَشُحُّ عَلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَعَلَى مَا فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يَرَى فِي أَيْدِي النَّاسِ شَيْئاً إِلَّا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ بِالْحِلِّ وَالْحَرَامِ لَا يَشْبَعُ وَلَا يَنْتَفِعُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ الْبَخِيلَ مَنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ وَأَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ‏

وَ قَالَ ع لِبَعْضِ شِيعَتِهِ مَا بَالُ أَخِيكَ يَشْكُوكَ فَقَالَ يَشْكُونِي أَنِ اسْتَقْصَيْتُ عَلَيْهِ حَقِّي فَجَلَسَ ع مُغْضَباً ثُمَّ قَالَ كَأَنَّكَ إِذَا اسْتَقْصَيْتَ عَلَيْهِ حَقَّكَ لَمْ تُسِئْ أَ رَأَيْتَكَ مَا حَكَى اللَّهُ عَنْ قَوْمٍ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ أَ خَافُوا أَنْ يَجُورَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لَا وَلَكِنْ خَافُوا الِاسْتِقْصَاءَ فَسَمَّاهُ اللَّهُ سُوءَ الْحِسابِ فَمَنِ اسْتَقْصَى فَقَدْ أَسَاءَ

وَ قَالَ ع كَثْرَةُ السُّحْتِ يَمْحَقُ الرِّزْقَ‏

وَ قَالَ ع سُوءُ الْخُلُقِ نَكِدٌ

وَ قَالَ ع إِنَّ الْإِيمَانَ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَالتَّقْوَى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ وَبَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ فَقَدْ يَكُونُ الْمُؤْمِنُ فِي لِسَانِهِ بَعْضُ الشَّيْ‏ءِ الَّذِي لَمْ يَعِدِ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ وَقَالَ اللَّهُ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً وَيَكُونُ الْآخَرُ وَهُوَ الْفَهِمُ لِسَاناً وَهُوَ أَشَدُّ لِقَاءً لِلذُّنُوبِ وَكِلَاهُمَا مُؤْمِنٌ وَالْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوَى بِدَرَجَةٍ وَلَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ شَيْ‏ءٌ أَشَدُّ مِنَ الْيَقِينِ إِنَّ بَعْضَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 373

النَّاسِ أَشَدُّ يَقِيناً مِنْ بَعْضٍ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ وَبَعْضَهُمْ أَصْبَرُ مِنْ بَعْضٍ عَلَى الْمُصِيبَةِ وَعَلَى الْفَقْرِ وَعَلَى الْمَرَضِ وَعَلَى الْخَوْفِ وَذَلِكَ مِنَ الْيَقِينِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ الْغِنَى وَالْعِزَّ يَجُولَانِ فَإِذَا ظَفِرَا بِمَوْضِعِ التَّوَكُّلِ أَوْطَنَاهُ‏

وَ قَالَ ع حُسْنُ الْخُلُقِ مِنَ الدِّينِ وَهُوَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ‏

وَ قَالَ ع الْخُلُقُ خُلُقَانِ أَحَدُهُمَا نِيَّةٌ وَالْآخَرُ سَجِيَّةٌ قِيلَ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ قَالَ ع النِّيَّةُ لِأَنَّ صَاحِبَ السَّجِيَّةِ مَجْبُولٌ عَلَى أَمْرٍ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ وَصَاحِبَ النِّيَّةِ يَتَصَبَّرُ عَلَى الطَّاعَةِ تَصَبُّراً فَهَذَا أَفْضَلُ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ سُرْعَةَ ائْتِلَافِ قُلُوبِ الْأَبْرَارِ إِذَا الْتَقَوْا وَإِنْ لَمْ يُظْهِرُوا التَّوَدُّدَ بِأَلْسِنَتِهِمْ كَسُرْعَةِ اخْتِلَاطِ مَاءِ السَّمَاءِ بِمَاءِ الْأَنْهَارِ وَإِنَّ بُعْدَ ائْتِلَافِ قُلُوبِ الْفُجَّارِ إِذَا الْتَقَوْا وَإِنْ أَظْهَرُوا التَّوَدُّدَ بِأَلْسِنَتِهِمْ كَبُعْدِ الْبَهَائِمِ مِنَ التَّعَاطُفِ وَإِنْ طَالَ اعْتِلَافُهَا عَلَى مِذْوَدٍ وَاحِدٍ

وَ قَالَ ع السَّخِيُّ الْكَرِيمُ الَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ وَمَحَلَّ الْكِتْمَانِ تَفَكَّرُوا وَتَذَكَّرُوا عِنْدَ غَفَلَةِ السَّاهِينَ‏

قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْحَسَبِ فَقَالَ ع الْمَالُ قُلْتُ فَالْكَرَمُ قَالَ ع التَّقْوَى قُلْتُ فَالسُّؤْدُدُ قَالَ ع السَّخَاءُ وَيْحَكَ أَ مَا رَأَيْتَ حَاتِمَ طَيٍّ كَيْفَ سَادَ قَوْمَهُ وَمَا كَانَ بِأَجْوَدِهِمْ مَوْضِعاً

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         377    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 357

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 374

وَ قَالَ ع الْمُرُوَّةُ مُرُوَّتَانِ مُرُوَّةُ الْحَضَرِ وَمُرُوَّةُ السَّفَرِ فَأَمَّا مُرُوَّةُ الْحَضَرِ فَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَحُضُورُ الْمَسَاجِدِ وَصُحْبَةُ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالنَّظَرُ فِي التَّفَقُّهِ وَأَمَّا مُرُوَّةُ السَّفَرِ فَبَذْلُ الزَّادِ وَالْمِزَاحُ فِي غَيْرِ مَا يُسْخِطُ اللَّهَ وَقِلَّةُ الْخِلَافِ عَلَى مَنْ صَحِبَكَ وَتَرْكُ الرِّوَايَةِ عَلَيْهِمْ إِذَا أَنْتَ فَارَقْتَهُمْ‏

وَ قَالَ ع اعْلَمْ أَنَّ ضَارِبَ عَلِيٍّ ع بِالسَّيْفِ وَقَاتِلَهُ لَوِ ائْتَمَنَنِي وَاسْتَنْصَحَنِي وَاسْتَشَارَنِي ثُمَّ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ لَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ الْأَمَانَةَ

وَ قَالَ سُفْيَانُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ قَالَ نَعَمْ إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ يُوسُفَ اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَقَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ‏

وَ قَالَ ع أَوْحَى اللَّهُ إِلَى دَاوُدَ ع يَا دَاوُدُ تُرِيدُ وَأُرِيدُ فَإِنِ اكْتَفَيْتَ بِمَا أُرِيدُ مِمَّا تُرِيدُ كَفَيْتُكَ مَا تُرِيدُ وَإِنْ أَبَيْتَ إِلَّا مَا تُرِيدُ أَتْعَبْتُكَ فِيمَا تُرِيدُ وَكَانَ مَا أُرِيدُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْفِئَتَيْنِ يَلْتَقِيَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ أَبِيعُهُمَا السِّلَاحَ فَقَالَ ع بِعْهُمَا مَا يَكُنُّهُمَا الدِّرْعَ وَالْخَفْتَانَ وَالْبَيْضَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ‏

وَ قَالَ ع أَرْبَعٌ لَا تُجْزِي فِي أَرْبَعٍ الْخِيَانَةُ وَالْغُلُولُ وَالسَّرِقَةُ وَالرِّبَا لَا تُجْزِي فِي حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ وَلَا جِهَادٍ وَلَا صَدَقَةٍ

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَيُبْغِضُ وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا أَهْلَ صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 375

وَ قَالَ ع مَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى نَفْسِهِ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌ‏

قِيلَ لَهُ مَا كَانَ فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ فَقَالَ ع كَانَ فِيهَا الْأَعَاجِيبُ وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا فِيهَا أَنْ قَالَ لِابْنِهِ خَفِ اللَّهَ خِيفَةً لَوْ جِئْتَهُ بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ لَعَذَّبَكَ وَارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ جِئْتَهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ لَرَحِمَكَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَفِي قَلْبِهِ نُورَانِ نُورُ خِيفَةٍ وَنُورُ رَجَاءٍ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا

قَالَ أَبُو بَصِيرٍ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ ع الْإِيمَانُ بِاللَّهِ أَنْ لَا يُعْصَى قُلْتُ فَمَا الْإِسْلَامُ فَقَالَ ع مَنْ نَسَكَ نُسُكَنَا وَذَبَحَ ذَبِيحَتَنَا

وَ قَالَ ع لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ بِكَلِمَةِ هُدًى فَيُؤْخَذُ بِهَا إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَخَذَ بِهَا وَلَا يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةِ ضَلَالَةٍ فَيُؤْخَذُ بِهَا إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ أَخَذَ بِهَا

وَ قِيلَ لَهُ إِنَّ النَّصَارَى يَقُولُونَ إِنَّ لَيْلَةَ الْمِيلَادِ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ كَانُونَ فَقَالَ ع كَذَبُوا بَلْ فِي النِّصْفِ مِنْ حَزِيرَانَ وَيَسْتَوِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فِي النِّصْفِ مِنْ آذَارَ

وَ قَالَ ع كَانَ إِسْمَاعِيلُ أَكْبَرَ مِنْ إِسْحَاقَ بِخَمْسِ سِنِينَ وَكَانَ الذَّبِيحُ إِسْمَاعِيلَ ع أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ ع رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ إِنَّمَا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ غُلَاماً مِنَ الصَّالِحِينَ فَقَالَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ ثُمَّ قَالَ وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِسْحَاقَ أَكْبَرُ مِنْ إِسْمَاعِيلَ فَقَدْ كَذَّبَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ‏

وَ قَالَ ع أَرْبَعَةٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ ع الْبِرُّ وَالسَّخَاءُ وَالصَّبْرُ عَلَى النَّائِبَةِ وَالْقِيَامُ بِحَقِّ الْمُؤْمِنِ‏

وَ قَالَ ع لَا تَعُدَّنَّ مُصِيبَةً أُعْطِيتَ عَلَيْهَا الصَّبْرَ وَاسْتَوْجَبْتَ عَلَيْهَا مِنَ اللَّهِ ثَوَاباً بِمُصِيبَةٍ إِنَّمَا الْمُصِيبَةُ أَنْ يُحْرَمَ صَاحِبُهَا أَجْرَهَا وَثَوَابَهَا إِذَا لَمْ يَصْبِرْ عِنْدَ نُزُولِهَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 376

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً مِنْ خَلْقِهِ فِي أَرْضِهِ يُفْزَعُ إِلَيْهِمْ فِي حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ- أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا آمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا وَإِنَّ أَحَبَّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى اللَّهِ مَنْ أَعَانَ الْمُؤْمِنَ الْفَقِيرَ مِنَ الْفَقْرِ فِي دُنْيَاهُ وَمَعَاشِهِ وَمَنْ أَعَانَ وَنَفَعَ وَدَفَعَ الْمَكْرُوهَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَالْبِرَّ لَيُهَوِّنَانِ الْحِسَابَ وَيَعْصِمَانِ مِنَ الذُّنُوبِ فَصِلُوا إِخْوَانَكُمْ وَبَرُّوا إِخْوَانَكُمْ وَلَوْ بِحُسْنِ السَّلَامِ وَرَدِّ الْجَوَابِ‏

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ دَخَلْتُ عَلَى الصَّادِقِ ع فَقُلْتُ لَهُ أَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا مِنْ بَعْدِكَ قَالَ ع وَتَحْفَظُ يَا سُفْيَانُ قُلْتُ أَجَلْ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ ع يَا سُفْيَانُ لَا مُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ وَلَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَلَا إِخَاءَ لِمُلُوكٍ وَلَا خُلَّةَ لِمُخْتَالٍ وَلَا سُؤْدُدَ لِسَيِّئِ الْخُلُقِ ثُمَّ أَمْسَكَ ع فَقُلْتُ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي فَقَالَ ع يَا سُفْيَانُ ثِقْ بِاللَّهِ تَكُنْ عَارِفاً وَارْضَ بِمَا قَسَمَهُ لَكَ تَكُنْ غَنِيّاً صَاحِبْ بِمِثْلِ مَا يُصَاحِبُونَكَ بِهِ تَزْدَدْ إِيمَاناً وَلَا تُصَاحِبِ الْفَاجِرَ فَيُعَلِّمَكَ مِنْ فُجُورِهِ وَشَاوِرْ فِي أَمْرِكَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَمْسَكَ ع فَقُلْتُ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي فَقَالَ ع يَا سُفْيَانُ مَنْ أَرَادَ عِزّاً بِلَا سُلْطَانٍ وَكَثْرَةً بِلَا إِخْوَانٍ وَهَيْبَةً بِلَا مَالٍ فَلْيَنْتَقِلْ مِنْ ذُلِّ مَعَاصِي اللَّهِ إِلَى عِزِّ طَاعَتِهِ ثُمَّ أَمْسَكَ ع فَقُلْتُ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي فَقَالَ ع يَا سُفْيَانُ أَدَّبَنِي أَبِي ع بِثَلَاثٍ وَنَهَانِي عَنْ ثَلَاثٍ فَأَمَّا اللَّوَاتِي أَدَّبَنِي بِهِنَّ فَإِنَّهُ قَالَ لِي يَا بُنَيَّ مَنْ يَصْحَبْ صَاحِبَ السَّوْءِ لَا يَسْلَمْ وَمَنْ لَا يُقَيِّدْ أَلْفَاظَهُ يَنْدَمْ وَمَنْ يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السَّوْءِ يُتَّهَمْ قُلْتُ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا الثَّلَاثُ اللَّوَاتِي نَهَاكَ عَنْهُنَّ قَالَ ع نَهَانِي أَنْ أُصَاحِبَ حَاسِدَ نِعْمَةٍ وَشَامِتاً بِمُصِيبَةٍ أَوْ حَامِلَ نَمِيمَةٍ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         380    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 357

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 377

وَ قَالَ ع سِتَّةٌ لَا تَكُونُ فِي مُؤْمِنٍ الْعُسْرُ وَالنَّكَدُ وَالْحَسَدُ وَاللَّجَاجَةُ وَالْكَذِبُ وَالْبَغْيُ‏

وَ قَالَ ع الْمُؤْمِنُ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ ذَنْبٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ اللَّهُ فِيهِ وَعُمُرٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا يَكْتَسِبُ فِيهِ مِنَ الْمَهَالِكِ فَهُوَ لَا يُصْبِحُ إِلَّا خَائِفاً وَلَا يُمْسِي إِلَّا خَائِفاً وَلَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْخَوْفُ‏

وَ قَالَ ع مَنْ رَضِيَ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ الْيَسِيرَ مِنَ الْعَمَلِ وَمَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَزَكَتْ مَكْسَبَتُهُ وَخَرَجَ مِنْ حَدِّ الْعَجْزِ

وَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ ع وَاللَّهِ إِنِّي لَمَحْزُونٌ وَإِنِّي لَمُشْتَغِلُ الْقَلْبِ فَقُلْتُ لَهُ وَمَا أَحْزَنَكَ وَمَا أَشْغَلَ قَلْبَكَ فَقَالَ ع لِي يَا ثَوْرِيُّ إِنَّهُ مَنْ دَاخَلَ قَلْبَهُ صَافِي خَالِصِ دِينِ اللَّهِ شَغَلَهُ عَمَّا سِوَاهُ يَا ثَوْرِيُّ مَا الدُّنْيَا وَمَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَلِ الدُّنْيَا إِلَّا أَكْلٌ أَكَلْتَهُ أَوْ ثَوْبٌ لَبِسْتَهُ أَوْ مَرْكَبٌ رَكِبْتَهُ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَطْمَئِنُّوا فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَأْمَنُوا قُدُومَ الْآخِرَةِ دَارُ الدُّنْيَا دَارُ زَوَالٍ وَدَارُ الْآخِرَةِ دَارُ قَرَارٍ أَهْلُ الدُّنْيَا أَهْلُ غَفْلَةٍ إِنَّ أَهْلَ التَّقْوَى أَخَفُّ أَهْلِ الدُّنْيَا مَئُونَةً وَأَكْثَرُهُمْ مَعُونَةً إِنْ نَسِيتَ ذَكَّرُوكَ وَإِنْ ذَكَّرُوكَ أَعْلَمُوكَ فَأَنْزِلِ الدُّنْيَا كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ فَارْتَحَلْتَ عَنْهُ أَوْ كَمَالٍ أَصَبْتَهُ فِي مَنَامِكَ فَاسْتَيْقَظْتَ وَلَيْسَ فِي يَدِكَ شَيْ‏ءٌ مِنْهُ فَكَمْ مِنْ حَرِيصٍ عَلَى أَمْرٍ قَدْ شَقِيَ بِهِ حِينَ أَتَاهُ وَكَمْ مِنْ تَارِكٍ لِأَمْرٍ قَدْ سَعِدَ بِهِ حِينَ أَتَاهُ‏

وَ قِيلَ لَهُ مَا الدَّلِيلُ عَلَى الْوَاحِدِ فَقَالَ ع مَا بِالْخَلْقِ مِنَ الْحَاجَةِ

وَ قَالَ ع لَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَتَّى تَعُدُّوا الْبَلَاءَ نِعْمَةً وَالرَّخَاءَ مُصِيبَةً

وَ قَالَ ع الْمَالُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَنْزٌ وَلَمْ يَجْتَمِعْ عِشْرُونَ أَلْفاً مِنْ حَلَالٍ وَصَاحِبُ الثَّلَاثِينَ أَلْفاً هَالِكٌ وَلَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ يَمْلِكُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ‏

وَ قَالَ ع مِنْ صِحَّةِ يَقِينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْ لَا يُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ وَلَا يَحْمَدَهُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 378

عَلَى مَا رَزَقَ اللَّهُ وَلَا يَلُومَهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ فَإِنَّ رِزْقَهُ لَا يَسُوقُهُ حِرْصُ حَرِيصٍ وَلَا يَرُدُّهُ كُرْهُ كَارِهٍ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ‏

وَ قَالَ ع مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ لَا يَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ وَلَا شَحْنُهُ أُذُنَهُ وَلَا يَمْتَدِحُ بِنَا مُعْلِناً وَلَا يُوَاصِلُ لَنَا مُبْغِضاً وَلَا يُخَاصِمُ لَنَا وَلِيّاً وَلَا يُجَالِسُ لَنَا عَائِباً قَالَ لَهُ مِهْزَمٌ فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَؤُلَاءِ الْمُتَشَيِّعَةِ قَالَ ع فِيهِمُ التَّمْحِيصُ وَفِيهِمُ التَّمْيِيزُ وَفِيهِمُ التَّنْزِيلُ تَأْتِي عَلَيْهِمْ سِنُونَ تُفْنِيهِمْ وَطَاعُونٌ يَقْتُلُهُمْ وَاخْتِلَافٌ يُبَدِّدُهُمْ شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَهِرُّ هَرِيرَ الْكَلْبِ وَلَا يَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ وَلَا يَسْأَلُ وَإِنْ مَاتَ جُوعاً قُلْتُ فَأَيْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ قَالَ ع اطْلُبْهُمْ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ أُولَئِكَ الْخَفِيضُ عَيْشُهُمْ الْمُنْتَقِلَةُ دَارُهُمْ الَّذِينَ إِنْ شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا وَإِنْ خَطَبُوا لَمْ يُزَوَّجُوا وَإِنْ رَأَوْا مُنْكَراً أَنْكَرُوا وَإِنْ خَاطَبَهُمْ جَاهِلٌ سَلَّمُوا وَإِنْ لَجَأَ إِلَيْهِمْ ذُو الْحَاجَةِ مِنْهُمْ رَحِمُوا وَعِنْدَ الْمَوْتِ هُمْ لَا يَحْزَنُونَ لَمْ تَخْتَلِفْ قُلُوبُهُمْ وَإِنْ رَأَيْتَهُمْ اخْتَلَفَتْ بِهِمُ الْبُلْدَانُ‏

وَ قَالَ ع مَنْ أَرَادَ أَنْ يُطَوِّلَ اللَّهَ عُمُرَهُ فَلْيُقِمْ أَمْرَهُ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحُطَّ وِزْرَهُ فَلْيُرْخِ سِتْرَهُ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُرْفَعَ ذِكْرُهُ فَلْيُخْمِلْ أَمْرَهُ‏

وَ قَالَ ع ثَلَاثُ خِصَالٍ هُنَّ أَشَدُّ مَا عَمِلَ بِهِ الْعَبْدُ إِنْصَافُ الْمُؤْمِنِ مِنْ نَفْسِهِ وَمُوَاسَاةُ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 379

الْمَرْءِ لِأَخِيهِ وَذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قِيلَ لَهُ فَمَا مَعْنَى ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ ع يَذْكُرُ اللَّهَ عِنْدَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ يَهُمُّ بِهَا فَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْصِيَةِ

وَ قَالَ ع الْهَمْزُ زِيَادَةٌ فِي الْقُرْآنِ‏

وَ قَالَ ع إِيَّاكُمْ وَالْمِزَاحَ فَإِنَّهُ يَجُرُّ السَّخِيمَةَ وَيُورِثُ الضَّغِينَةَ وَهُوَ السَّبُّ الْأَصْغَرُ

وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ فَلَا تَشْكُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ وَلَكِنِ اذْكُرْهَا لِبَعْضِ إِخْوَانِكَ فَإِنَّكَ لَنْ تُعْدَمَ خَصْلَةً مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ إِمَّا كِفَايَةً وَإِمَّا مَعُونَةً بِجَاهٍ أَوْ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً أَوْ مَشُورَةً بِرَأْيٍ‏

وَ قَالَ ع لَا تَكُونَنَّ دَوَّاراً فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا تَكُنْ شَرَّاءَ دَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِكَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمَرْءِ ذِي الْحَسَبِ وَالدِّينِ أَنْ يَلِيَ دَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِهِ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ شِرَاءِ الْعَقَارِ وَالرَّقِيقِ وَالْإِبِلِ‏

وَ قَالَ ع لَا تَكَلَّمْ بِمَا لَا يَعْنِيكَ وَدَعْ كَثِيراً مِنَ الْكَلَامِ فِيمَا يَعْنِيكَ حَتَّى تَجِدَ لَهُ مَوْضِعاً فَرُبَّ مُتَكَلِّمٍ تَكَلَّمَ بِالْحَقِّ بِمَا يَعْنِيهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَتَعِبَ وَلَا تُمَارِيَنَّ سَفِيهاً وَلَا حَلِيماً فَإِنَّ الْحَلِيمَ يَغْلِبُكَ وَالسَّفِيهَ يُرْدِيكَ وَاذْكُرْ أَخَاكَ إِذَا تَغَيَّبَ بِأَحْسَنِ مَا تُحِبُّ أَنْ يَذْكُرَكَ بِهِ إِذَا تَغَيَّبْتَ عَنْهُ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْعَمَلُ وَاعْمَلْ عَمَلَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَجْزِيٌّ بِالْإِحْسَانِ مَأْخُوذٌ بِالْإِجْرَامِ‏

وَ قَالَ لَهُ يُونُسُ لَوِلَائِي لَكُمْ وَمَا عَرَّفَنِيَ اللَّهُ مِنْ حَقِّكُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         385    وصيته ع لهشام وصفته للعقل .....  ص : 383

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 380

بِحَذَافِيرِهَا قَالَ يُونُسُ فَتَبَيَّنْتُ الْغَضَبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ ع يَا يُونُسُ قِسْتَنَا بِغَيْرِ قِيَاسٍ مَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا هَلْ هِيَ إِلَّا سَدُّ فَوْرَةٍ أَوْ سَتْرُ عَوْرَةٍ وَأَنْتَ لَكَ بِمَحَبَّتِنَا الْحَيَاةُ الدَّائِمَةُ

وَ قَالَ ع يَا شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَلَمْ يُحْسِنْ صُحْبَةَ مَنْ صَحِبَهُ وَمُرَافَقَةَ مَنْ رَافَقَهُ وَمُصَالَحَةَ مَنْ صَالَحَهُ وَمُخَالَفَةَ مَنْ خَالَفَهُ يَا شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏

وَ قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ بِالْمَدِينَةِ فَذَكَرُوا الْجُودَ فَأَكْثَرُوا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهَا يُكَنَّى أَبَا دُلَيْنٍ إِنَّ جَعْفَراً وَإِنَّهُ لَوْ لَا أَنَّهُ ضَمَّ يَدَهُ فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع تُجَالِسُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ ع فَمَا حُدِّثْتَ بَلِّغْنِي فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ فَقَالَ ع وَيْحَ أَبَا دُلَيْنٍ إِنَّمَا مَثَلُهُ مَثَلُ الرِّيشَةِ تَمُرُّ بِهَا الرِّيحُ فَتُطَيِّرُهَا ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَأَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ السُّفْلَى وَلَا يَلُومُ اللَّهُ عَلَى الْكَفَافِ أَ تَظُنُّونَ أَنَّ اللَّهَ بِخَيْلٌ وَتَرَوْنَ أَنَّ شَيْئاً أَجْوَدُ مِنَ اللَّهِ إِنَّ الْجَوَادَ السَّيِّدَ مَنْ وَضَعَ حَقَّ اللَّهِ مَوْضِعَهُ وَلَيْسَ الْجَوَادُ مَنْ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ وَيَضَعُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ أَمَّا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَمْ أَتَنَاوَلْ مَا لَا يَحِلُّ بِي وَمَا وَرَدَ عَلَيَّ حَقُّ اللَّهِ إِلَّا أَمْضَيْتُهُ وَمَا بِتُّ لَيْلَةً قَطُّ وَلِلَّهِ فِي مَالِي حَقٌّ لَمْ أُؤَدِّهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 381

وَ قَالَ ع لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ وَلَا وِصَالَ فِي صِيَامٍ وَلَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَلَا صَمْتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تَعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَلَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَلَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ وَلَا يَمِينَ لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ وَلَا لِلْمَمْلُوكِ مَعَ مَوْلَاهُ وَلَا لِلْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةٍ

وَ قَالَ ع لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ وَإِنْ سَاعَدَتْهُ الْأُمُورُ بِمُسْتَخْلِصٍ غَضَارَةَ عَيْشٍ إِلَّا مِنْ خِلَالٍ مَكْرُوهٍ وَمَنِ انْتَظَرَ بِمُعَاجَلَةِ الْفُرْصَةِ مُؤَاجَلَةَ الِاسْتِقْصَاءِ سَلَبْتُهُ الْأَيَّامُ فُرْصَتَهُ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْأَيَّامِ السَّلْبَ وَسَبِيلَ الزَّمَنِ الْفَوْتُ‏

وَ قَالَ ع الْمَعْرُوفُ زَكَاةُ النِّعَمِ وَالشَّفَاعَةُ زَكَاةُ الْجَاهِ وَالْعِلَلُ زَكَاةُ الْأَبْدَانِ وَالْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ وَمَا أَدَّيْتَ زَكَاتَهُ فَهُوَ مَأْمُونُ السَّلَبِ‏

وَ كَانَ ع يَقُولُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي دِينِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَوْ شَاءَ أَنْ تَكُونَ مُصِيبَتِي أَعْظَمَ مِمَّا كَانَ كَانَتْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي شَاءَ أَنْ يَكُونَ وَكَانَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 382

وَ قَالَ ع يَقُولُ اللَّهُ مَنِ اسْتَنْقَذَ حَيْرَاناً مِنْ حَيْرَتِهِ سَمَّيْتُهُ حَمِيداً وَأَسْكَنْتُهُ جَنَّتِي‏

وَ قَالَ ع إِذَا أَقْبَلَتْ دُنْيَا قَوْمٍ كُسُوا مَحَاسِنَ غَيْرِهِمْ وَإِذَا أَدْبَرَتْ سُلِبُوا مَحَاسِنَ أَنْفُسِهِمْ‏

وَ قَالَ ع الْبَنَاتُ حَسَنَاتٌ وَالْبَنُونَ نِعَمٌ فَالْحَسَنَاتُ تُثَابُ عَلَيْهِنَّ وَالنِّعْمَةُ تُسْأَلُ عَنْهَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 383

و روي عن الإمام الكاظم الأمين أبي إبراهيم ويكنى أبا الحسن موسى بن جعفر ع في طوال هذه المعاني‏

وصيته ع لهشام وصفته للعقل‏

إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَشَّرَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ فَبَشِّرْ عِبادِ  الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 384

يَا هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَكْمَلَ لِلنَّاسِ الْحُجَجَ بِالْعُقُولِ وَأَفْضَى إِلَيْهِمْ بِالْبَيَانِ وَدَلَّهُمْ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ بِالْأَدِلَّاءِ فَقَالَ وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِلَى قَوْلِهِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُمْ مُدَبِّراً فَقَالَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَقَالَ حم  وَالْكِتابِ الْمُبِينِ.  إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَقَالَ وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ وَعَظَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَرَغَّبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَقَالَ وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى‏ أَ فَلا تَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ خَوَّفَ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ عَذَابَهُ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ.  وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ  وَبِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ‏

 يَا هِشَامُ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعَقْلَ مَعَ الْعِلْمِ فَقَالَ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَمَّ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ فَقَالَ وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ وَقَالَ إِنَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         390    وصيته ع لهشام وصفته للعقل .....  ص : 383

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 385

شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَقَالَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ثُمَّ ذَمَّ الْكَثْرَةَ فَقَالَ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَشْعُرُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ مَدَحَ الْقِلَّةَ فَقَالَ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وَقَالَ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَقَالَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَكَرَ أُولِي الْأَلْبَابِ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ وَحَلَّاهُمْ بِأَحْسَنِ الْحِلْيَةِ فَقَالَ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ- إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ يَعْنِي الْعَقْلَ وَقَالَ وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ قَالَ الْفَهْمَ وَالْعَقْلَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 386

يَا هِشَامُ إِنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ غَرِقَ فِيهِ عَالَمٌ كَثِيرٌ فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ وَحَشْوُهَا الْإِيمَانَ وَشِرَاعُهَا التَّوَكُّلَ وَقَيِّمُهَا الْعَقْلَ وَدَلِيلُهَا الْعِلْمَ وَسُكَّانُهَا الصَّبْرَ يَا هِشَامُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ دَلِيلٌ وَدَلِيلُ الْعَاقِلِ التَّفَكُّرُ وَدَلِيلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ وَلِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مَطِيَّةٌ وَمَطِيَّةُ الْعَاقِلِ التَّوَاضُعُ وَكَفَى بِكَ جَهْلًا أَنْ تَرْكَبَ مَا نُهِيتَ عَنْهُ يَا هِشَامُ لَوْ كَانَ فِي يَدِكَ جَوْزَةٌ وَقَالَ النَّاسُ فِي يَدِكَ لُؤْلُؤَةٌ مَا كَانَ يَنْفَعُكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا جَوْزَةٌ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِكَ لُؤْلُؤَةٌ وَقَالَ النَّاسُ إِنَّهَا جَوْزَةٌ مَا ضَرَّكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا لُؤْلُؤَةٌ يَا هِشَامُ مَا بَعَثَ اللَّهُ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ إِلَى عِبَادِهِ إِلَّا لِيَعْقِلُوا عَنِ اللَّهِ فَأَحْسَنُهُمْ اسْتِجَابَةً أَحْسَنُهُمْ مَعْرِفَةً لِلَّهِ وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ عَقْلًا وَأَعْقَلُهُمْ أَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا هِشَامُ مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَمَلَكٌ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ فَلَا يَتَوَاضَعُ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ وَلَا يَتَعَاظَمُ إِلَّا وَضَعَهُ اللَّهُ يَا هِشَامُ إِنَّ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حُجَّتَيْنِ حُجَّةً ظَاهِرَةً وَحُجَّةً بَاطِنَةً فَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالْأَئِمَّةُ وَأَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْعُقُولُ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ الَّذِي لَا يَشْغَلُ الْحَلَالُ شُكْرَهُ وَلَا يَغْلِبُ الْحَرَامُ صَبْرَهُ يَا هِشَامُ مَنْ سَلَّطَ ثَلَاثاً عَلَى ثَلَاثٍ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ هَوَاهُ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ مَنْ أَظْلَمَ نُورَ فِكْرِهِ بِطُولِ أَمَلِهِ وَمَحَا طَرَائِفَ حِكْمَتِهِ بِفُضُولِ كَلَامِهِ وَأَطْفَأَ نُورَ عِبْرَتِهِ بِشَهَوَاتِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 387

نَفْسِهِ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ هَوَاهُ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ وَمَنْ هَدَمَ عَقْلَهُ أَفْسَدَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ يَا هِشَامُ كَيْفَ يَزْكُو عِنْدَ اللَّهِ عَمَلُكَ وَأَنْتَ قَدْ شَغَلْتَ عَقْلَكَ عَنْ أَمْرِ رَبِّكَ وَأَطَعْتَ هَوَاكَ عَلَى غَلَبَةِ عَقْلِكَ يَا هِشَامُ الصَّبْرُ عَلَى الْوَحْدَةِ عَلَامَةُ قُوَّةِ الْعَقْلِ فَمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اعْتَزَلَ أَهْلَ الدُّنْيَا وَالرَّاغِبِينَ فِيهَا وَرَغِبَ فِيمَا عِنْدَ رَبِّهِ وَكَانَ اللَّهُ آنِسَهُ فِي الْوَحْشَةِ وَصَاحِبَهُ فِي الْوَحْدَةِ وَغِنَاهُ فِي الْعَيْلَةِ وَمُعِزَّهُ فِي غَيْرِ عَشِيرَةٍ يَا هِشَامُ نُصِبَ الْخَلْقُ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَلَا نَجَاةَ إِلَّا بِالطَّاعَةِ وَالطَّاعَةُ بِالْعِلْمِ وَالْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَالتَّعَلُّمُ بِالْعَقْلِ يُعْتَقَدُ وَلَا عِلْمَ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ رَبَّانِيٍّ وَمَعْرِفَةُ الْعَالِمِ بِالْعَقْلِ يَا هِشَامُ قَلِيلُ الْعَمَلِ مِنَ الْعَاقِلِ مَقْبُولٌ مُضَاعَفٌ وَكَثِيرُ الْعَمَلِ مِنْ أَهْلِ الْهَوَى وَالْجَهْلِ مَرْدُودٌ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ رَضِيَ بِالدُّونِ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الْحِكْمَةِ وَلَمْ يَرْضَ بِالدُّونِ مِنَ الْحِكْمَةِ مَعَ الدُّنْيَا فَلِذَلِكَ رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ يَا هِشَامُ إِنْ كَانَ يُغْنِيكَ مَا يَكْفِيكَ فَأَدْنَى مَا فِي الدُّنْيَا يَكْفِيكَ وَإِنْ كَانَ لَا يُغْنِيكَ مَا يَكْفِيكَ فَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنَ الدُّنْيَا يُغْنِيكَ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعُقَلَاءَ تَرَكُوا فُضُولَ الدُّنْيَا فَكَيْفَ الذُّنُوبُ وَتَرْكُ الدُّنْيَا مِنَ الْفَضْلِ وَتَرْكُ الذُّنُوبِ مِنَ الْفَرْضِ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعُقَلَاءَ زَهِدُوا فِي الدُّنْيَا وَرَغِبُوا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا طَالِبَةٌ وَمَطْلُوبَةٌ وَالْآخِرَةَ طَالِبَةٌ وَمَطْلُوبَةٌ فَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 388

يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا رِزْقَهُ وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَتْهُ الْآخِرَةُ فَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ فَيُفْسِدُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ يَا هِشَامُ مَنْ أَرَادَ الْغِنَى بِلَا مَالٍ وَرَاحَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْحَسَدِ وَالسَّلَامَةَ فِي الدِّينِ فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِ فِي مَسْأَلَتِهِ بِأَنْ يُكَمِّلَ عَقْلَهُ فَمَنْ عَقَلَ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ وَمَنْ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ اسْتَغْنَى وَمَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِمَا يَكْفِيهِ لَمْ يُدْرِكِ الْغِنَى أَبَداً يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ حَكَى عَنْ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا- رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ حِينَ عَلِمُوا أَنَّ الْقُلُوبَ تَزِيغُ وَتَعُودُ إِلَى عَمَاهَا وَرَدَاهَا إِنَّهُ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ وَمَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَى مَعْرِفَةٍ ثَابِتَةٍ يُبْصِرُهَا وَيَجِدُ حَقِيقَتَهَا فِي قَلْبِهِ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ كَذَلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ قَوْلُهُ لِفِعْلِهِ مُصَدِّقاً وَسِرُّهُ لِعَلَانِيَتِهِ مُوَافِقاً لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْبَاطِنِ الْخَفِيِّ مِنَ الْعَقْلِ إِلَّا بِظَاهِرٍ مِنْهُ وَنَاطِقٍ عَنْهُ يَا هِشَامُ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ عُبِدَ اللَّهُ بِهِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ وَمَا تَمَّ عَقْلُ امْرِئٍ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ شَتَّى الْكُفْرُ وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونَانِ وَالرُّشْدُ وَالْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولَانِ وَفَضْلُ مَالِهِ مَبْذُولٌ وَفَضْلُ قَوْلِهِ مَكْفُوفٌ نَصِيبُهُ مِنَ الدُّنْيَا الْقُوتُ وَلَا يَشْبَعُ مِنَ الْعِلْمِ دَهْرَهُ الذُّلُّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مَعَ اللَّهِ مِنَ الْعِزِّ مَعَ غَيْرِهِ وَالتَّوَاضُعُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرَفِ يَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِهِ وَيَسْتَقِلُّ كَثِيرَ الْمَعْرُوفِ مِنْ نَفْسِهِ وَيَرَى النَّاسَ كُلَّهُمْ خَيْراً مِنْهُ وَأَنَّهُ شَرُّهُمْ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ تَمَامُ الْأَمْرِ يَا هِشَامُ مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَا عَمَلُهُ وَمَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ زِيدَ فِي رِزْقِهِ وَمَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِإِخْوَانِهِ وَأَهْلِهِ مُدَّ فِي عُمُرِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 389

يَا هِشَامُ لَا تَمْنَحُوا الْجُهَّالَ الْحِكْمَةَ فَتَظْلِمُوهَا وَلَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ يَا هِشَامُ كَمَا تَرَكُوا لَكُمُ الْحِكْمَةَ فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْيَا يَا هِشَامُ لَا دِينَ لِمَنْ لَا مُرُوَّةَ لَهُ وَلَا مُرُوَّةَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَإِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ قَدْراً الَّذِي لَا يَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ خَطَراً أَمَا إِنَّ أَبْدَانَكُمْ لَيْسَ لَهَا ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةُ فَلَا تَبِيعُوهَا بِغَيْرِهَا يَا هِشَامُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ يَقُولُ لَا يَجْلِسُ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ إِلَّا رَجُلٌ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ يُجِيبُ إِذَا سُئِلَ وَيَنْطِقُ إِذَا عَجَزَ الْقَوْمُ عَنِ الْكَلَامِ وَيُشِيرُ بِالرَّأْيِ الَّذِي فِيهِ صَلَاحُ أَهْلِهِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْ‏ءٌ مِنْهُنَّ فَجَلَسَ فَهُوَ أَحْمَقُ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع إِذَا طَلَبْتُمُ الْحَوَائِجَ فَاطْلُبُوهَا مِنْ أَهْلِهَا قِيلَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَمَنْ أَهْلُهَا قَالَ الَّذِينَ قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَهُمْ فَقَالَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ قَالَ هُمْ أُولُو الْعُقُولِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع مُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ دَاعِيَةٌ إِلَى‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         395    وصيته ع لهشام وصفته للعقل .....  ص : 383

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 390

الصَّلَاحِ وَأَدَبُ الْعُلَمَاءِ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ وَطَاعَةُ وُلَاةِ الْعَدْلِ تَمَامُ الْعِزِّ وَاسْتِثْمَارُ الْمَالِ تَمَامُ الْمُرُوَّةِ وَإِرْشَادُ الْمُسْتَشِيرِ قَضَاءٌ لِحَقِّ النِّعْمَةِ وَكَفُّ الْأَذَى مِنْ كَمَالِ الْعَقْلِ وَفِيهِ رَاحَةُ الْبَدَنِ عَاجِلًا وَآجِلًا يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ لَا يُحَدِّثُ مَنْ يَخَافُ تَكْذِيبَهُ وَلَا يَسْأَلُ مَنْ يَخَافُ مَنْعَهُ وَلَا يَعِدُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجُو مَا يُعَنَّفُ بِرَجَائِهِ وَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مَا يَخَافُ الْعَجْزَ عَنْهُ وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يُوصِي أَصْحَابَهُ يَقُولُ أُوصِيكُمْ بِالْخَشْيَةِ مِنَ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالْعَدْلِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَالِاكْتِسَابِ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَأَنْ تَصِلُوا مَنْ قَطَعَكُمْ وَتَعْفُوا عَمَّنْ ظَلَمَكُمْ وَتَعْطِفُوا عَلَى مَنْ حَرَمَكُمْ وَلْيَكُنْ نَظَرُكُمْ عَبَراً وَصَمْتُكُمْ فِكْراً وَقَوْلُكُمْ ذِكْراً وَطَبِيعَتُكُمُ السَّخَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَخِيلٌ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ سَخِيٌّ يَا هِشَامُ رَحِمَ اللَّهُ مَنِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَحَفِظَ الرَّأْسَ وَمَا حَوَى وَالْبَطْنَ وَمَا وَعَى وَذَكَرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَعَلِمَ أَنَّ الْجَنَّةَ مَحْفُوفَةٌ بِالْمَكَارِهِ وَالنَّارَ مَحْفُوفَةٌ بِالشَّهَوَاتِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 391

يَا هِشَامُ مَنْ كَفَّ نَفْسَهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ عَنِ النَّاسِ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ لَا يَكْذِبُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَوَاهُ يَا هِشَامُ وُجِدَ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ ضَرَبَ غَيْرَ ضَارِبِهِ وَقَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ص وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً أَوْ آوَى مُحْدِثاً لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفاً وَلَا عَدْلًا يَا هِشَامُ أَفْضَلُ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ الصَّلَاةُ وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَتَرْكُ الْحَسَدِ وَالْعُجْبِ وَالْفَخْرِ يَا هِشَامُ أَصْلَحُ أَيَّامِكَ الَّذِي هُوَ أَمَامَكَ فَانْظُرْ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ وَأَعِدَّ لَهُ الْجَوَابَ فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ وَمَسْئُولٌ وَخُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنَ الدَّهْرِ وَأَهْلِهِ فَإِنَّ الدَّهْرَ طَوِيلَةٌ قَصِيرَةٌ فَاعْمَلْ كَأَنَّكَ تَرَى ثَوَابَ عَمَلِكَ لِتَكُونَ أَطْمَعَ فِي ذَلِكَ وَاعْقِلْ عَنِ اللَّهِ وَانْظُرْ فِي تَصَرُّفِ الدَّهْرِ وَأَحْوَالِهِ فَإِنَّ مَا هُوَ آتٍ مِنَ الدُّنْيَا كَمَا وَلَّى مِنْهَا فَاعْتَبِرْ بِهَا وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِنَّ جَمِيعَ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا بَحْرِهَا وَبَرِّهَا وَسَهْلِهَا وَجَبَلِهَا عِنْدَ وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَقِّ اللَّهِ كَفَيْ‏ءِ الظِّلَالِ ثُمَّ قَالَ ع أَ وَلَا حُرٌّ يَدَعُ هَذِهِ اللُّمَاظَةَ لِأَهْلِهَا يَعْنِي الدُّنْيَا فَلَيْسَ لِأَنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةُ فَلَا تَبِيعُوهَا بِغَيْرِهَا فَإِنَّهُ مَنْ رَضِيَ مِنَ اللَّهِ بِالدُّنْيَا فَقَدْ رَضِيَ بِالْخَسِيسِ.

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 392

يَا هِشَامُ إِنَّ كُلَّ النَّاسِ يُبْصِرُ النُّجُومَ وَلَكِنْ لَا يَهْتَدِي بِهَا إِلَّا مَنْ يَعْرِفُ مَجَارِيَهَا وَمَنَازِلَهَا وَكَذَلِكَ أَنْتُمْ تَدْرُسُونَ الْحِكْمَةَ وَلَكِنْ لَا يَهْتَدِي بِهَا مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِهَا يَا هِشَامُ إِنَّ الْمَسِيحَ ع قَالَ لِلْحَوَارِيِّينَ يَا عَبِيدَ السَّوْءِ يَهُولُكُمْ طُولُ النَّخْلَةِ وَتَذْكُرُونَ شَوْكَهَا وَمَئُونَةَ مَرَاقِيهَا وَتَنْسَوْنَ طِيبَ ثَمَرِهَا وَمَرَافِقَهَا كَذَلِكَ تَذْكُرُونَ مَئُونَةَ عَمَلِ الْآخِرَةِ فَيَطُولُ عَلَيْكُمْ أَمَدُهُ وَتَنْسَوْنَ مَا تُفْضُونَ إِلَيْهِ مِنْ نَعِيمِهَا وَنَوْرِهَا وَثَمَرِهَا يَا عَبِيدَ السَّوْءِ نَقُّوا الْقَمْحَ وَطَيِّبُوهُ وَأَدِقُّوا طَحْنَهُ تَجِدُوا طَعْمَهُ وَيَهْنِئْكُمْ أَكْلُهُ كَذَلِكَ فَأَخْلِصُوا الْإِيمَانَ وَأَكْمِلُوهُ تَجِدُوا حَلَاوَتَهُ وَيَنْفَعْكُمْ غِبُّهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَوْ وَجَدْتُمْ سِرَاجاً يَتَوَقَّدُ بِالْقَطِرَانِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ لَاسْتَضَأْتُمْ بِهِ وَلَمْ يَمْنَعْكُمْ مِنْهُ رِيحُ نَتْنِهِ كَذَلِكَ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا الْحِكْمَةَ مِمَّنْ وَجَدْتُمُوهَا مَعَهُ وَلَا يَمْنَعْكُمْ مِنْهُ سُوءُ رَغْبَتِهِ فِيهَا يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا تُدْرِكُونَ شَرَفَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تُحِبُّونَ فَلَا تُنْظِرُوا بِالتَّوْبَةِ غَداً فَإِنَّ دُونَ غَدٍ يَوْماً وَلَيْلَةً وَقَضَاءَ اللَّهِ فِيهِمَا يَغْدُو وَيَرُوحُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنَ النَّاسِ أَرْوَحُ وَأَقَلُّ هَمّاً مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَإِنْ أَحْسَنَ الْقَضَاءَ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَعْمَلِ الْخَطِيئَةَ أَرْوَحُ هَمّاً مِمَّنْ عَمِلَ الْخَطِيئَةَ وَإِنْ أَخْلَصَ التَّوْبَةَ وَأَنَابَ وَإِنَّ صِغَارَ الذُّنُوبِ وَمُحَقَّرَاتِهَا مِنْ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ يُحَقِّرُهَا لَكُمْ وَيُصَغِّرُهَا فِي أَعْيُنِكُمْ فَتَجْتَمِعُ وَتَكْثُرُ فَتُحِيطُ بِكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ النَّاسَ فِي الْحِكْمَةِ رَجُلَانِ فَرَجُلٌ أَتْقَنَهَا بِقَوْلِهِ وَصَدَّقَهَا بِفِعْلِهِ وَرَجُلٌ أَتْقَنَهَا بِقَوْلِهِ وَضَيَّعَهَا بِسُوءِ فِعْلِهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 393

فَشَتَّانَ بَيْنَهُمَا فَطُوبَى لِلْعُلَمَاءِ بِالْفِعْلِ وَوَيْلٌ لِلْعُلَمَاءِ بِالْقَوْلِ يَا عَبِيدَ السَّوْءِ اتَّخِذُوا مَسَاجِدَ رَبِّكُمْ سُجُوناً لِأَجْسَادِكُمْ وَجِبَاهِكُمْ وَاجْعَلُوا قُلُوبَكُمْ بُيُوتاً لِلتَّقْوَى وَلَا تَجْعَلُوا قُلُوبَكُمْ مَأْوًى لِلشَّهَوَاتِ إِنَّ أَجْزَعَكُمْ عِنْدَ الْبَلَاءِ لَأَشَدُّكُمْ حُبّاً لِلدُّنْيَا وَإِنَّ أَصْبَرَكُمْ عَلَى الْبَلَاءِ لَأَزْهَدُكُمْ فِي الدُّنْيَا يَا عَبِيدَ السَّوْءِ لَا تَكُونُوا شَبِيهاً بِالْحِدَاءِ الْخَاطِفَةِ وَلَا بِالثَّعَالِبِ الْخَادِعَةِ وَلَا بِالذِّئَابِ الْغَادِرَةِ وَلَا بِالْأُسُدِ الْعَاتِيَةِ كَمَا تَفْعَلُ بِالْفَرَائِسِ كَذَلِكَ تَفْعَلُونَ بِالنَّاسِ فَرِيقاً تَخْطَفُونَ وَفَرِيقاً تَخْدَعُونَ وَفَرِيقاً تَغْدِرُونَ بِهِمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا يُغْنِي عَنِ الْجَسَدِ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُهُ صَحِيحاً وَبَاطِنُهُ فَاسِداً كَذَلِكَ لَا تُغْنِي أَجْسَادُكُمُ الَّتِي قَدْ أَعْجَبَتْكُمْ وَقَدْ فَسَدَتْ قُلُوبُكُمْ وَمَا يُغْنِي عَنْكُمْ أَنْ تُنَقُّوا جُلُودَكُمْ وَقُلُوبُكُمْ دَنِسَةٌ لَا تَكُونُوا كَالْمُنْخُلِ يُخْرِجُ مِنْهُ الدَّقِيقَ الطَّيِّبَ وَيُمْسِكُ النُّخَالَةَ كَذَلِكَ أَنْتُمْ تُخْرِجُونَ الْحِكْمَةَ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ وَيَبْقَى الْغِلُّ فِي صُدُورِكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا إِنَّمَا مَثَلُكُمْ مَثَلُ السِّرَاجِ يُضِي‏ءُ لِلنَّاسِ وَيُحْرِقُ نَفْسَهُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ زَاحِمُوا الْعُلَمَاءَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَلَوْ جُثُوّاً عَلَى الرُّكَبِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْقُلُوبَ الْمَيْتَةَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ يَا هِشَامُ مَكْتُوبٌ فِي الْإِنْجِيلِ طُوبَى لِلْمُتَرَاحِمِينَ أُولَئِكَ هُمُ الْمَرْحُومُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمُصْلِحِينَ بَيْنَ النَّاسِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُقَرَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمُطَهَّرَةِ قُلُوبُهُمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 394

أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمُتَوَاضِعِينَ فِي الدُّنْيَا أُولَئِكَ يَرْتَقُونَ مَنَابِرَ الْمُلْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا هِشَامُ قِلَّةُ الْمَنْطِقِ حُكْمٌ عَظِيمٌ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ فَإِنَّهُ دَعَةٌ حَسَنَةٌ وَقِلَّةُ وِزْرٍ وَخِفَّةٌ مِنَ الذُّنُوبِ فَحَصِّنُوا بَابَ الْحِلْمِ فَإِنَّ بَابَهُ الصَّبْرُ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ الضَّحَّاكَ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ وَالْمَشَّاءَ إِلَى غَيْرِ أَرَبٍ وَيَجِبُ عَلَى الْوَالِي أَنْ يَكُونَ كَالرَّاعِي لَا يَغْفُلُ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَلَا يَتَكَبَّرُ عَلَيْهِمْ فَاسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ فِي سَرَائِرِكُمْ كَمَا تَسْتَحْيُونَ مِنَ النَّاسِ فِي عَلَانِيَتِكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ الْكَلِمَةَ مِنَ الْحِكْمَةِ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَرَفْعُهُ غَيْبَةُ عَالِمِكُمْ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ يَا هِشَامُ تَعَلَّمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا جَهِلْتَ وَعَلِّمِ الْجَاهِلَ مِمَّا عُلِّمْتَ عَظِّمِ الْعَالِمَ لِعِلْمِهِ وَدَعْ مُنَازَعَتَهُ وَصَغِّرِ الْجَاهِلَ لِجَهْلِهِ وَلَا تَطْرُدْهُ وَلَكِنْ قَرِّبْهُ وَعَلِّمْهُ يَا هِشَامُ إِنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ عَجَزْتَ عَنْ شُكْرِهَا بِمَنْزِلَةِ سَيِّئَةٍ تُؤَاخَذُ بِهَا وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً كَسَرَتْ قُلُوبَهُمْ خَشْيَتُهُ فَأَسْكَتَتْهُمْ عَنِ الْمَنْطِقِ وَإِنَّهُمْ لَفُصَحَاءُ عُقَلَاءُ يَسْتَبِقُونَ إِلَى اللَّهِ بِالْأَعْمَالِ الزَّكِيَّةِ لَا يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِيرَ وَلَا يَرْضَوْنَ لَهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِالْقَلِيلِ يَرَوْنَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَشْرَارٌ وَإِنَّهُمْ لَأَكْيَاسٌ وَأَبْرَارٌ يَا هِشَامُ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ يَا هِشَامُ الْمُتَكَلِّمُونَ ثَلَاثَةٌ فَرَابِحٌ وَسَالِمٌ وَشَاجِبٌ فَأَمَّا الرَّابِحُ فَالذَّاكِرُ لِلَّهِ وَأَمَّا السَّالِمُ فَالسَّاكِتُ وَأَمَّا الشَّاجِبُ فَالَّذِي يَخُوضُ فِي الْبَاطِلِ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى كُلِّ فَاحِشٍ بَذِي‏ءٍ قَلِيلِ الْحَيَاءِ لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَلَا مَا قِيلَ فِيهِ وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         399    وصيته ع لهشام وصفته للعقل .....  ص : 383

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 395

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ يَا مُبْتَغِيَ الْعِلْمِ إِنَّ هَذَا اللِّسَانَ مِفْتَاحُ خَيْرٍ وَمِفْتَاحُ شَرٍّ فَاخْتِمْ عَلَى فِيكَ كَمَا تَخْتِمُ عَلَى ذَهَبِكَ وَوَرِقِكَ يَا هِشَامُ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَكُونُ ذَا وَجْهَيْنِ وَذَا لِسَانَيْنِ يُطْرِي أَخَاهُ إِذَا شَاهَدَهُ وَيَأْكُلُهُ إِذَا غَابَ عَنْهُ إِنْ أُعْطِيَ حَسَدَهُ وَإِنِ ابْتُلِيَ خَذَلَهُ إِنَّ أَسْرَعَ الْخَيْرِ ثَوَاباً الْبِرُّ وَأَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ وَإِنَّ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ تُكْرَهُ مُجَالَسَتُهُ لِفُحْشِهِ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ وَمِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُ مَا لَا يَعْنِيهِ يَا هِشَامُ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ خَائِفاً رَاجِياً وَلَا يَكُونُ خَائِفاً رَاجِياً حَتَّى يَكُونَ عَامِلًا لِمَا يَخَافُ وَيَرْجُو يَا هِشَامُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَعَظَمَتِي وَقُدْرَتِي وَبَهَائِي وَعُلُوِّي فِي مَكَانِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَايَ عَلَى هَوَاهُ إِلَّا جَعَلْتُ الْغِنَى فِي نَفْسِهِ وَهَمَّهُ فِي آخِرَتِهِ وَكَفَفْتُ عَلَيْهِ فِي ضَيْعَتِهِ وَضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ رِزْقَهُ وَكُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ يَا هِشَامُ الْغَضَبُ مِفْتَاحُ الشَّرِّ وَأَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً وَإِنْ خَالَطْتَ النَّاسَ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُخَالِطَ أَحَداً مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ كَانَتْ يَدُكَ عَلَيْهِ الْعُلْيَا فَافْعَلْ يَا هِشَامُ عَلَيْكَ بِالرِّفْقِ فَإِنَّ الرِّفْقَ يُمْنٌ وَالْخُرْقَ شُؤْمٌ إِنَّ الرِّفْقَ وَالْبِرَّ وَحُسْنَ الْخُلُقِ يَعْمُرُ الدِّيَارَ وَيَزِيدُ فِي الرِّزْقِ يَا هِشَامُ قَوْلُ اللَّهِ هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ جَرَتْ فِي الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَ بِهِ وَلَيْسَتِ الْمُكَافَأَةُ أَنْ تَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ حَتَّى تَرَى فَضْلَكَ فَإِنْ صَنَعْتَ كَمَا صَنَعَ فَلَهُ الْفَضْلُ بِالابْتِدَاءِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 396

يَا هِشَامُ إِنَّ مَثَلَ الدُّنْيَا مَثَلُ الْحَيَّةِ مَسُّهَا لَيِّنٌ وَفِي جَوْفِهَا السَّمُّ الْقَاتِلُ يَحْذَرُهَا الرِّجَالُ ذَوُو الْعُقُولِ وَيَهْوِي إِلَيْهَا الصِّبْيَانُ بِأَيْدِيهِمْ يَا هِشَامُ اصْبِرْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَاصْبِرْ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ فَإِنَّمَا الدُّنْيَا سَاعَةٌ فَمَا مَضَى مِنْهَا فَلَيْسَ تَجِدُ لَهُ سُرُوراً وَلَا حُزْناً وَمَا لَمْ يَأْتِ مِنْهَا فَلَيْسَ تَعْرِفُهُ فَاصْبِرْ عَلَى تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا فَكَأَنَّكَ قَدِ اغْتَبَطْتَ يَا هِشَامُ مَثَلُ الدُّنْيَا مَثَلُ مَاءِ الْبَحْرِ كُلَّمَا شَرِبَ مِنْهُ الْعَطْشَانُ ازْدَادَ عَطَشاً حَتَّى يَقْتُلَهُ يَا هِشَامُ إِيَّاكَ وَالْكِبْرَ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ الْكِبْرُ رِدَاءُ اللَّهِ فَمَنْ نَازَعَهُ رِدَاءَهُ أَكَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ يَا هِشَامُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ عَمِلَ حَسَناً اسْتَزَادَ مِنْهُ وَإِنْ عَمِلَ سَيِّئاً اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ وَتَابَ إِلَيْهِ يَا هِشَامُ تَمَثَّلَتِ الدُّنْيَا لِلْمَسِيحِ ع فِي صُورَةِ امْرَأَةٍ زَرْقَاءَ فَقَالَ لَهَا كَمْ تَزَوَّجْتِ فَقَالَتْ كَثِيراً قَالَ فَكُلٌّ طَلَّقَكِ قَالَتْ لَا بَلْ كُلًّا قَتَلْتُ قَالَ الْمَسِيحُ ع فَوَيْحُ لِأَزْوَاجِكِ الْبَاقِينَ كَيْفَ لَا يَعْتَبِرُونَ بِالْمَاضِينَ يَا هِشَامُ إِنَّ ضَوْءَ الْجَسَدِ فِي عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَصَرُ مُضِيئاً اسْتَضَاءَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِنَّ ضَوْءَ الرُّوحِ الْعَقْلُ فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ عَاقِلًا كَانَ عَالِماً بِرَبِّهِ وَإِذَا كَانَ عَالِماً بِرَبِّهِ أَبْصَرَ دِينَهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِرَبِّهِ لَمْ يَقُمْ لَهُ دِينٌ وَكَمَا لَا يَقُومُ الْجَسَدُ إِلَّا بِالنَّفْسِ الْحَيَّةِ فَكَذَلِكَ لَا يَقُومُ الدِّينُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ وَلَا تَثْبُتُ النِّيَّةُ الصَّادِقَةُ إِلَّا بِالْعَقْلِ يَا هِشَامُ إِنَّ الزَّرْعَ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ وَلَا يَنْبُتُ فِي الصَّفَا فَكَذَلِكَ الْحِكْمَةُ تَعْمُرُ فِي قَلْبِ الْمُتَوَاضِعِ وَلَا تَعْمُرُ فِي قَلْبِ الْمُتَكَبِّرِ الْجَبَّارِ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ التَّوَاضُعَ آلَةَ الْعَقْلِ وَجَعَلَ التَّكَبُّرَ مِنْ آلَةِ الْجَهْلِ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مَنْ شَمَخَ إِلَى السَّقْفِ بِرَأْسِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 397

شَجَّهُ وَمَنْ خَفَضَ رَأْسَهُ اسْتَظَلَّ تَحْتَهُ وَأَكَنَّهُ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَتَوَاضَعْ لِلَّهِ خَفَضَهُ اللَّهُ وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ يَا هِشَامُ مَا أَقْبَحَ الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَى وَأَقْبَحَ الْخَطِيئَةَ بَعْدَ النُّسُكِ وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ الْعَابِدُ لِلَّهِ ثُمَّ يَتْرُكُ عِبَادَتَهُ يَا هِشَامُ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَّا لِرَجُلَيْنِ لِمُسْتَمِعٍ وَاعٍ وَعَالِمٍ نَاطِقٍ يَا هِشَامُ مَا قُسِمَ بَيْنَ الْعِبَادِ أَفْضَلُ مِنَ الْعَقْلِ نَوْمُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ مِنْ سَهَرِ الْجَاهِلِ وَمَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَّا عَاقِلًا حَتَّى يَكُونَ عَقْلُهُ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ جَهْدِ الْمُجْتَهِدِينَ وَمَا أَدَّى الْعَبْدُ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ حَتَّى عَقَلَ عَنْهُ يَا هِشَامُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا رَأَيْتُمُ الْمُؤْمِنَ صَمُوتاً فَادْنُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ يُلْقِي الْحِكْمَةَ وَالْمُؤْمِنُ قَلِيلُ الْكَلَامِ كَثِيرُ الْعَمَلِ وَالْمُنَافِقُ كَثِيرُ الْكَلَامِ قَلِيلُ الْعَمَلِ يَا هِشَامُ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ ع قُلْ لِعِبَادِي لَا يَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ عَالِماً مَفْتُوناً بِالدُّنْيَا فَيَصُدَّهُمْ عَنْ ذِكْرِي وَعَنْ طَرِيقِ مَحَبَّتِي وَمُنَاجَاتِي أُولَئِكَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ مِنْ عِبَادِي إِنَّ أَدْنَى مَا أَنَا صَانِعٌ بِهِمْ أَنْ أَنْزِعَ حَلَاوَةَ مَحَبَّتِي وَمُنَاجَاتِي مِنْ قُلُوبِهِمْ يَا هِشَامُ مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَمَلَائِكَةُ الْأَرْضِ وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى إِخْوَانِهِ وَاسْتَطَالَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَهُوَ أَعْنَى لِغَيْرِ رُشْدِهِ يَا هِشَامُ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ ع يَا دَاوُدُ حَذِّرْ وَأَنْذِرْ أَصْحَابَكَ عَنْ حُبِّ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّ الْمُعَلَّقَةَ قُلُوبُهُمْ بِشَهَوَاتِ الدُّنْيَا قُلُوبُهُمْ مَحْجُوبَةٌ عَنِّي يَا هِشَامُ إِيَّاكَ وَالْكِبْرَ عَلَى أَوْلِيَائِي وَالِاسْتِطَالَةَ بِعِلْمِكَ فَيَمْقُتُكَ اللَّهُ فَلَا تَنْفَعُكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 398

بَعْدَ مَقْتِهِ دُنْيَاكَ وَلَا آخِرَتُكَ وَكُنْ فِي الدُّنْيَا كَسَاكِنِ دَارٍ لَيْسَتْ لَهُ إِنَّمَا يَنْتَظِرُ الرَّحِيلَ يَا هِشَامُ مُجَالَسَةُ أَهْلِ الدِّينِ شَرَفُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمُشَاوَرَةُ الْعَاقِلِ النَّاصِحِ يُمْنٌ وَبَرَكَةٌ وَرُشْدٌ وَتَوْفِيقٌ مِنَ اللَّهِ فَإِذَا أَشَارَ عَلَيْكَ الْعَاقِلُ النَّاصِحُ فَإِيَّاكَ وَالْخِلَافَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الْعَطَبَ يَا هِشَامُ إِيَّاكَ وَمُخَالَطَةَ النَّاسِ وَالْأُنْسَ بِهِمْ إِلَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُمْ عَاقِلًا وَمَأْمُوناً فَآنِسْ بِهِ وَاهْرُبْ مِنْ سَائِرِهِمْ كَهَرَبِكَ مِنَ السِّبَاعِ الضَّارِيَةِ وَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنَ اللَّهِ وَإِذَا تَفَرَّدَ لَهُ بِالنِّعَمِ أَنْ يُشَارِكَ فِي عَمَلِهِ أَحَداً غَيْرَهُ وَإِذَا مَرَّ بِكَ أَمْرَانِ لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا خَيْرٌ وَأَصْوَبُ فَانْظُرْ أَيُّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى هَوَاكَ فَخَالِفْهُ فَإِنَّ كَثِيرَ الصَّوَابِ فِي مُخَالَفَةِ هَوَاكَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَغْلِبَ الْحِكْمَةَ وَتَضَعَهَا فِي أَهْلِ الْجَهَالَةِ قَالَ هِشَامٌ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنْ وَجَدْتُ رَجُلًا طَالِباً لَهُ غَيْرَ أَنَّ عَقْلَهُ لَا يَتَّسِعُ لِضَبْطِ مَا أُلْقِي إِلَيْهِ قَالَ ع فَتَلَطَّفْ لَهُ فِي النَّصِيحَةِ فَإِنْ ضَاقَ قَلْبُهُ فَلَا تَعْرِضَنَّ نَفْسَكَ لِلْفِتْنَةِ وَاحْذَرْ رَدَّ الْمُتَكَبِّرِينَ فَإِنَّ الْعِلْمَ يَدِلُّ عَلَى أَنْ يُمْلَى عَلَى مَنْ لَا يُفِيقُ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَجِدْ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         403    ومن حكمه ع .....  ص : 403

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 399

مَنْ يَعْقِلُ السُّؤَالَ عَنْهَا قَالَ ع فَاغْتَنِمْ جَهْلَهُ عَنِ السُّؤَالِ حَتَّى تَسْلَمَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَوْلِ وَعَظِيمِ فِتْنَةِ الرَّدِّ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْفَعِ الْمُتَوَاضِعِينَ بِقَدْرِ تَوَاضُعِهِمْ وَلَكِنْ رَفَعَهُمْ بِقَدْرِ عَظَمَتِهِ وَمَجْدِهِ وَلَمْ يُؤْمِنِ الْخَائِفِينَ بِقَدْرِ خَوْفِهِمْ وَلَكِنْ آمَنَهُمْ بِقَدْرِ كَرَمِهِ وَجُودِهِ وَلَمْ يُفَرِّجِ الْمَحْزُونِينَ بِقَدْرِ حُزْنِهِمْ وَلَكِنْ بِقَدْرِ رَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ فَمَا ظَنُّكَ بِالرَّءُوفِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَتَوَدَّدُ إِلَى مَنْ يُؤْذِيهِ بِأَوْلِيَائِهِ فَكَيْفَ بِمَنْ يُؤْذَى فِيهِ وَمَا ظَنُّكَ بِالتَّوَّابِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَتُوبُ عَلَى مَنْ يُعَادِيهِ فَكَيْفَ بِمَنْ يَتَرَضَّاهُ وَيَخْتَارُ عَدَاوَةَ الْخَلْقِ فِيهِ. يَا هِشَامُ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا ذَهَبَ خَوْفُ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِهِ وَمَا أُوتِيَ عَبْدٌ عِلْماً فَازْدَادَ لِلدُّنْيَا حُبّاً إِلَّا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْداً وَازْدَادَ اللَّهُ عَلَيْهِ غَضَباً يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ اللَّبِيبَ مَنْ تَرَكَ مَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ وَأَكْثَرُ الصَّوَابِ فِي خِلَافِ الْهَوَى وَمَنْ طَالَ أَمَلُهُ سَاءَ عَمَلُهُ يَا هِشَامُ لَوْ رَأَيْتَ مَسِيرَ الْأَجَلِ لَأَلْهَاكَ عَنِ الْأَمَلِ يَا هِشَامُ إِيَّاكَ وَالطَّمَعَ وَعَلَيْكَ بِالْيَأْسِ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَأَمِتِ الطَّمَعَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ فَإِنَّ الطَّمَعَ مِفْتَاحٌ لِلذُّلِّ وَاخْتِلَاسُ الْعَقْلِ وَاخْتِلَاقُ الْمُرُوَّاتِ وَتَدْنِيسُ الْعِرْضِ وَالذَّهَابُ بِالْعِلْمِ وَعَلَيْكَ بِالاعْتِصَامِ بِرَبِّكَ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَجَاهِدْ نَفْسَكَ لِتَرُدَّهَا عَنْ هَوَاهَا فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْكَ كَجِهَادِ عَدُوِّكَ قَالَ هِشَامٌ فَقُلْتُ لَهُ فَأَيُّ الْأَعْدَاءِ أَوْجَبُهُمْ مُجَاهَدَةً قَالَ ع أَقْرَبُهُمْ إِلَيْكَ وَأَعْدَاهُمْ لَكَ وَأَضَرُّهُمْ بِكَ وَأَعْظَمُهُمْ لَكَ عَدَاوَةً وَأَخْفَاهُمْ لَكَ شَخْصاً مَعَ دُنُوِّهِ مِنْكَ وَمَنْ يُحَرِّضُ أَعْدَاءَكَ عَلَيْكَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 400

وَ هُوَ إِبْلِيسُ الْمُوَكَّلُ بِوَسْوَاسٍ مِنَ الْقُلُوبِ فَلَهُ فَلْتَشْتَدَّ عَدَاوَتُكَ وَلَا يَكُونَنَّ أَصْبَرَ عَلَى مُجَاهَدَتِهِ لِهَلَكَتِكَ مِنْكَ عَلَى صَبْرِكَ لِمُجَاهَدَتِهِ فَإِنَّهُ أَضْعَفُ مِنْكَ رُكْناً فِي قُوَّتِهِ وَأَقَلُّ مِنْكَ ضَرَراً فِي كَثْرَةِ شَرِّهِ إِذَا أَنْتَ اعْتَصَمْتَ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيتَ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يَا هِشَامُ مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِثَلَاثٍ فَقَدْ لَطُفَ لَهُ عَقْلٌ يَكْفِيهِ مَئُونَةَ هَوَاهُ وَعِلْمٌ يَكْفِيهِ مَئُونَةَ جَهْلِهِ وَغِنًى يَكْفِيهِ مَخَافَةَ الْفَقْرِ يَا هِشَامُ احْذَرْ هَذِهِ الدُّنْيَا وَاحْذَرْ أَهْلَهَا فَإِنَّ النَّاسَ فِيهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ رَجُلٍ مُتَرَدٍّ مُعَانِقٍ لِهَوَاهُ وَمُتَعَلِّمٍ مُقْرِئٍ كُلَّمَا ازْدَادَ عِلْماً ازْدَادَ كِبْراً يَسْتَعْلِي بِقِرَاءَتِهِ وَعِلْمِهِ عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَعَابِدٍ جَاهِلٍ يَسْتَصْغِرُ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي عِبَادَتِهِ يُحِبُّ أَنْ يُعَظَّمَ وَيُوَقَّرَ وَذِي بَصِيرَةٍ عَالِمٍ عَارِفٍ بِطَرِيقِ الْحَقِّ يُحِبُّ الْقِيَامَ بِهِ فَهُوَ عَاجِزٌ أَوْ مَغْلُوبٌ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا يَعْرِفُهُ فَهُوَ مَحْزُونٌ مَغْمُومٌ بِذَلِكَ فَهُوَ أَمْثَلُ أَهْلِ زَمَانِهِ وَأَوْجَهُهُمْ عَقْلًا يَا هِشَامُ اعْرِفْ الْعَقْلَ وَجُنْدَهُ وَالْجَهْلَ وَجُنْدَهُ تَكُنْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ قَالَ هِشَامٌ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَا نَعْرِفُ إِلَّا مَا عَرَّفْتَنَا فَقَالَ ع يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْعَقْلَ وَهُوَ أَوَّلُ خَلْقٍ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 401

عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مِنْ نُورِهِ فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً وَكَرَّمْتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الْأُجَاجِ الظُّلْمَانِيِّ فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَلَمْ يُقْبِلْ فَقَالَ لَهُ اسْتَكْبَرْتَ فَلَعَنَهُ ثُمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ جُنْداً فَلَمَّا رَأَى الْجَهْلُ مَا كَرَّمَ اللَّهُ بِهِ الْعَقْلَ وَمَا أَعْطَاهُ أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ فَقَالَ الْجَهْلُ يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَقَوَّيْتَهُ وَأَنَا ضِدُّهُ وَلَا قُوَّةَ لِي بِهِ أَعْطِنِي مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَعَمْ فَإِنْ عَصَيْتَنِي بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُكَ وَجُنْدَكَ مِنْ جِوَارِي وَمِنْ رَحْمَتِي فَقَالَ قَدْ رَضِيتُ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ جُنْداً فَكَانَ مِمَّا أَعْطَى الْعَقْلَ مِنَ الْخَمْسَةِ وَالسَّبْعِينَ جُنْداً الْخَيْرُ وَهُوَ وَزِيرُ الْعَقْلِ وَجَعَلَ ضِدَّهُ الشَّرَّ وَهُوَ وَزِيرُ الْجَهْلِ‏

جنود العقل والجهل‏

الْإِيمَانُ الْكُفْرُ التَّصْدِيقُ التَّكْذِيبُ الْإِخْلَاصُ النِّفَاقُ الرَّجَاءُ الْقُنُوطُ الْعَدْلُ الْجَوْرُ الرِّضَا السُّخْطُ الشُّكْرُ الْكُفْرَانُ الْيَأْسُ الطَّمَعُ التَّوَكُّلُ الْحِرْصُ الرَّأْفَةُ الْغِلْظَةُ الْعِلْمُ الْجَهْلُ الْعِفَّةُ التَّهَتُّكُ الزُّهْدُ الرَّغْبَةُ الرِّفْقُ الْخُرْقُ الرَّهْبَةُ الْجُرْأَةُ التَّوَاضُعُ الْكِبْرُ التُّؤَدَةُ الْعَجَلَةُ الْحِلْمُ السَّفَهُ الصَّمْتُ الْهَذَرُ الِاسْتِسْلَامُ الِاسْتِكْبَارُ التَّسْلِيمُ التَّجَبُّرُ الْعَفْوُ الْحِقْدُ الرَّحْمَةُ الْقَسْوَةُ الْيَقِينُ الشَّكُّ الصَّبْرُ الْجَزَعُ الصَّفْحُ الِانْتِقَامُ الْغِنَى الْفَقْرُ التَّفَكُّرُ السَّهْوُ الْحِفْظُ النِّسْيَانُ التَّوَاصُلُ الْقَطِيعَةُ الْقَنَاعَةُ الشَّرَهُ الْمُوَاسَاةُ الْمَنْعُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 402

الْمَوَدَّةُ الْعَدَاوَةُ الْوَفَاءُ الْغَدْرُ الطَّاعَةُ الْمَعْصِيَةُ الْخُضُوعُ التَّطَاوُلُ السَّلَامَةُ الْبَلَاءُ الْفَهْمُ الْغَبَاوَةُ الْمَعْرِفَةُ الْإِنْكَارُ الْمُدَارَاةُ الْمُكَاشَفَةُ سَلَامَةُ الْغَيْبِ الْمُمَاكَرَةُ الْكِتْمَانُ الْإِفْشَاءُ الْبِرُّ الْعُقُوقُ الْحَقِيقَةُ التَّسْوِيفُ الْمَعْرُوفُ الْمُنْكَرُ التَّقِيَّةُ الْإِذَاعَةُ الْإِنْصَافُ الظُّلْمُ التُّقَى الْحَسَدُ النَّظَافَةُ الْقَذَرُ الْحَيَاءُ الْقِحَةُ الْقَصْدُ الْإِسْرَافُ الرَّاحَةُ التَّعَبُ السُّهُولَةُ الصُّعُوبَةُ الْعَافِيَةُ الْبَلْوَى الْقَوَامُ الْمُكَاثَرَةُ الْحِكْمَةُ الْهَوَى الْوَقَارُ الْخِفَّةُ السَّعَادَةُ الشَّقَاءُ التَّوْبَةُ الْإِصْرَارُ الْمُحَافَظَةُ التَّهَاوُنُ الدُّعَاءُ الِاسْتِنْكَافُ النَّشَاطُ الْكَسَلُ الْفَرَحُ الْحَزَنُ الْأُلْفَةُ الْفُرْقَةُ السَّخَاءُ الْبُخْلُ الْخُشُوعُ الْعُجْبُ صَوْنُ الْحَدِيثِ النَّمِيمَةُ الِاسْتِغْفَارُ الِاغْتِرَارُ الْكِيَاسَةُ الْحُمْقُ يَا هِشَامُ لَا تُجْمَعُ هَذِهِ الْخِصَالُ إِلَّا لِنَبِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُؤْمِنٍ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ وَأَمَّا سَائِرُ ذَلِكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ هَذِهِ الْجُنُودِ مِنَ أَجْنَادِ الْعَقْلِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْعَقْلَ وَيَتَخَلَّصَ مِنْ جُنُودِ الْجَهْلِ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ ع وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِطَاعَتِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 403

و من حكمه ع‏

 

تحف العقول عن آل الرسول ص         407    ومن كلامه ع مع الرشيد في خبر طويل ذكرنا موضع الحاجة إليه .....  ص : 404

رُوِيَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ صَلَاةُ النَّوَافِلِ قُرْبَانٌ إِلَى اللَّهِ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَالْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ وَلِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زَكَاةٌ وَزَكَاةُ الْجَسَدِ صِيَامُ النَّوَافِلِ وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ- وَمَنْ دَعَا قَبْلَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ص كَانَ كَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ بِلَا وَتَرٍ وَمَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ وَمَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ وَالتَّدْبِيرُ نِصْفُ الْعَيْشِ وَالتَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ نِصْفُ الْعَقْلِ وَكَثْرَةُ الْهَمِّ يُورِثُ الْهَرَمَ وَالْعَجَلَةُ هِيَ الْخُرْقُ وَقِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ وَمَنْ أَحْزَنَ وَالِدَيْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا وَمَنْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ أَوْ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْأُخْرَى عِنْدَ الْمُصِيبَةِ فَقَدْ حَبِطَ أَجْرُهُ وَالْمُصِيبَةُ لَا تَكُونُ مُصِيبَةً يَسْتَوْجِبُ صَاحِبُهَا أَجْرَهَا إِلَّا بِالصَّبْرِ وَالِاسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ وَالصَّنِيعَةُ لَا تَكُونُ صَنِيعَةً إِلَّا عِنْدَ ذِي دِينٍ أَوْ حَسَبٍ وَاللَّهُ يُنْزِلُ الْمَعُونَةَ عَلَى قَدْرِ الْمَئُونَةِ وَيُنْزِلُ الصَّبْرَ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ وَمَنِ اقْتَصَدَ وَقَنِعَ بَقِيَتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ وَمَنْ بَذَّرَ وَأَسْرَفَ زَالَتْ عَنْهُ النِّعْمَةُ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَالصِّدْقُ يَجْلِبَانِ الرِّزْقَ وَالْخِيَانَةُ وَالْكَذِبُ يَجْلِبَانِ الْفَقْرَ وَالنِّفَاقَ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالذَّرَّةِ شَرّاً أَنْبَتَ لَهَا جَنَاحَيْنِ فَطَارَتْ فَأَكَلَهَا الطَّيْرُ وَالصَّنِيعَةُ لَا تَتِمُّ صَنِيعَةً عِنْدَ الْمُؤْمِنِ لِصَاحِبِهَا إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ تَصْغِيرِهَا وَسَتْرِهَا وَتَعْجِيلِهَا فَمَنْ صَغَّرَ الصَّنِيعَةَ عِنْدَ الْمُؤْمِنِ فَقَدْ عَظَّمَ أَخَاهُ وَمَنْ عَظَّمَ الصَّنِيعَةَ عِنْدَهُ فَقَدْ صَغَّرَ أَخَاهُ وَمَنْ كَتَمَ مَا أَوْلَاهُ مِنْ صَنِيعَةٍ فَقَدْ كَرُمَ فِعَالُهُ وَمَنْ عَجَّلَ مَا وَعَدَ فَقَدْ هَنِئَ الْعَطِيَّةَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 404

و من كلامه ع مع الرشيد في خبر طويل ذكرنا موضع الحاجة إليه‏

 

دَخَلَ إِلَيْهِ وَقَدْ عَمَدَ عَلَى الْقَبْضِ عَلَيْهِ لِأَشْيَاءَ كُذِبَتْ عَلَيْهِ عِنْدَهُ فَأَعْطَاهُ طُومَاراً طَوِيلًا فِيهِ مَذَاهِبُ شُنْعَةٌ نَسَبَهَا إِلَى شِيعَتِهِ فَقَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ مُنِينَا بِالتَّقَوُّلِ عَلَيْنَا وَرَبُّنَا غَفُورٌ سَتُورٌ أَبَى أَنْ يَكْشِفَ أَسْرَارَ عِبَادِهِ إِلَّا فِي وَقْتِ مُحَاسَبَتِهِ- يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ.  إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ ص الرَّحِمُ إِذَا مَسَّتِ الرَّحِمَ اضْطَرَبَتْ ثُمَّ سَكَنَتْ فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَمَسَّ رَحِمِي رَحِمَهُ وَيُصَافِحَنِي فَعَلَ فَتَحَوَّلَ عِنْدَ ذَلِكَ عَنْ سَرِيرِهِ وَمَدَّ يَمِينَهُ إِلَى مُوسَى ع فَأَخَذَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ فَاعْتَنَقَهُ وَأَقْعَدَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَأَبَاكَ صَادِقٌ وَجَدَّكَ صَادِقٌ وَرَسُولَ اللَّهِ ص صَادِقٌ وَلَقَدْ دَخَلْتَ وَأَنَا أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكَ حَنَقاً وَغَضَباً لِمَا رُقِيَ إِلَيَّ فِيكَ فَلَمَّا تَكَلَّمْتَ بِمَا تَكَلَّمْتَ وَصَافَحْتَنِي سُرِيَ عَنِّي وَتَحَوَّلَ غَضَبِي عَلَيْكَ رِضًا وَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنِ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ بِمَ صَارَ عَلِيٌّ أَوْلَى بِمِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنَ الْعَبَّاسِ وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ ص وَصِنْوُ أَبِيهِ فَقَالَ لَهُ مُوسَى ع أَعْفِنِي قَالَ وَاللَّهِ لَا أَعْفَيْتُكَ فَأَجِبْنِي قَالَ فَإِنْ لَمْ تُعْفِنِي فَآمِنِّي قَالَ آمَنْتُكَ قَالَ مُوسَى ع إِنَّ النَّبِيَّ ص لَمْ يُوَرِّثْ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْهِجْرَةِ فَلَمْ يُهَاجِرْ إِنَّ أَبَاكَ الْعَبَّاسَ آمَنَ وَلَمْ يُهَاجِرْ وَإِنَّ عَلِيّاً ع آمَنَ وَهَاجَرَ وَقَالَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 405

اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا فَالْتَمَعَ لَوْنُ هَارُونَ وَتَغَيَّرَ وَقَالَ مَا لَكُمْ لَا تَنْسُبُونَ إِلَى عَلِيٍّ هُوَ أَبُوكُمْ وَتَنْسُبُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَهُوَ جَدُّكُمْ فَقَالَ مُوسَى ع إِنَّ اللَّهَ نَسَبَ الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ع إِلَى خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ ع بِأُمِّهِ مَرْيَمَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ فِي قَوْلِهِ- وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى‏ وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.  وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى‏ وَعِيسى‏ وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَنَسَبَهُ بِأُمِّهِ وَحْدَهَا إِلَى خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ ع كَمَا نَسَبَ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَمُوسَى وَهَارُونَ ع بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ فَضِيلَةً لِعِيسَى ع وَمَنْزِلَةً رَفِيعَةً بِأُمِّهِ وَحْدَهَا وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ ع إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى‏ نِساءِ الْعالَمِينَ بِالْمَسِيحِ مِنْ غَيْرِ بَشَرٍ وَكَذَلِكَ اصْطَفَى رَبُّنَا فَاطِمَةَ ع وَطَهَّرَهَا وَفَضَّلَهَا عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ هَارُونُ وَقَدِ اضْطَرَبَ وَسَاءَهُ مَا سَمِعَ مِنْ أَيْنَ قُلْتُمُ الْإِنْسَانُ يَدْخُلُهُ الْفَسَادُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ وَمِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ لِحَالِ الْخُمُسِ الَّذِي لَمْ يَدْفَعْ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ مُوسَى ع هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مَا سَأَلَ عَنْهَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَاطِينِ غَيْرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا تَيْمٌ وَلَا عَدِيٌّ وَلَا بَنُو أُمَيَّةَ وَلَا سُئِلَ عَنْهَا أَحَدٌ مِنْ آبَائِي فَلَا تَكْشِفْنِي عَنْهَا قَالَ فَإِنْ بَلَغَنِي عَنْكَ كَشْفُ هَذَا رَجَعْتُ عَمَّا آمَنْتُكَ فَقَالَ مُوسَى ع لَكَ ذَلِكَ قَالَ فَإِنَّ الزَّنْدَقَةَ قَدْ كَثُرَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَهَؤُلَاءِ الزَّنَادِقَةُ الَّذِينَ يَرْفَعُونَ إِلَيْنَا فِي الْأَخْبَارِ هُمُ الْمَنْسُوبُونَ إِلَيْكُمْ فَمَا الزِّنْدِيقُ عِنْدَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَالَ ع الزِّنْدِيقُ هُوَ الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَهُمُ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ اللَّهُ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 406

آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَهُمُ الْمُلْحِدُونَ عَدَلُوا عَنِ التَّوْحِيدِ إِلَى الْإِلْحَادِ فَقَالَ هَارُونُ أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ مَنْ أَلْحَدَ وَتَزَنْدَقَ فَقَالَ مُوسَى ع أَوَّلُ مَنْ أَلْحَدَ وَتَزَنْدَقَ فِي السَّمَاءِ إِبْلِيسُ اللَّعِينُ فَاسْتَكْبَرَ وَافْتَخَرَ عَلَى صَفِيِّ اللَّهِ وَنَجِيِّهِ آدَمَ ع فَقَالَ اللَّعِينُ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فَعَتَا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ وَأَلْحَدَ فَتَوَارَثَ الْإِلْحَادَ ذُرِّيَّتُهُ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَقَالَ وَلِإِبْلِيسَ ذُرِّيَّةٌ فَقَالَ ع نَعَمْ أَ لَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ- إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا.  ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً لِأَنَّهُمْ يُضِلُّونَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ بِزَخَارِفِهِمْ وَكَذِبِهِمْ وَيَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ- وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أَيْ إِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ ذَلِكَ إِلَّا تَلْقِيناً وَتَأْدِيباً وَتَسْمِيَةً وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْ شَهِدَ كَانَ شَاكّاً حَاسِداً مُعَانِداً وَلِذَلِكَ قَالَتِ الْعَرَبُ مَنْ جَهِلَ أَمْراً عَادَاهُ وَمَنْ قَصَّرَ عَنْهُ عَابَهُ وَأَلْحَدَ فِيهِ لِأَنَّهُ جَاهِلٌ غَيْرُ عَالِمٍ وَكَانَ لَهُ ع مَعَ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي كَلَامٌ طَوِيلٌ لَيْسَ هُنَا مَوْضِعُهُ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         410    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 408

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 407

ثُمَّ قَالَ الرَّشِيدُ بِحَقِّ آبَائِكَ لَمَّا اخْتَصَرْتَ كَلِمَاتٍ جَامِعَةً لِمَا تَجَارَيْنَاهُ فَقَالَ ع نَعَمْ وَأُتِيَ بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ فَكَتَبَ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* جَمِيعُ أُمُورِ الْأَدْيَانِ أَرْبَعَةٌ أَمْرٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَهُوَ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى الضَّرُورَةِ الَّتِي يُضْطَرُّونَ إِلَيْهَا وَالْأَخْبَارُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا وَهِيَ الْغَايَةُ الْمَعْرُوضُ عَلَيْهَا كُلُّ شُبْهَةٍ وَالْمُسْتَنْبَطُ مِنْهَا كُلُّ حَادِثَةٍ وَهُوَ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَأَمْرٌ يَحْتَمِلُ الشَّكَّ وَالْإِنْكَارَ فَسَبِيلُهُ اسْتِيضَاحُ أَهْلِهِ لِمُنْتَحِلِيهِ بِحُجَّةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مُجْمَعٍ عَلَى تَأْوِيلِهَا وَسُنَّةٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهَا لَا اخْتِلَافَ فِيهَا أَوْ قِيَاسٍ تَعْرِفُ الْعُقُولُ عَدْلَهُ وَلَا يَسَعُ خَاصَّةَ الْأُمَّةِ وَعَامَّتَهَا الشَّكُّ فِيهِ وَالْإِنْكَارُ لَهُ وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ مِنْ أَمْرِ التَّوْحِيدِ فَمَا دُونَهُ وَأَرْشِ الْخَدْشِ فَمَا فَوْقَهُ فَهَذَا الْمَعْرُوضُ الَّذِي يُعْرَضُ عَلَيْهِ أَمْرُ الدِّينِ فَمَا ثَبَتَ لَكَ بُرْهَانُهُ اصْطَفَيْتَهُ وَمَا غَمَضَ عَلَيْكَ صَوَابُهُ نَفَيْتَهُ فَمَنْ أَوْرَدَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ فَهِيَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ الَّتِي بَيَّنَهَا اللَّهُ فِي قَوْلِهِ لِنَبِيِّهِ- قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ يَبْلُغُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ الْجَاهِلَ فَيَعْلَمُهَا بِجَهْلِهِ كَمَا يَعْلَمُهُ الْعَالِمُ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَدْلٌ لَا يَجُورُ يَحْتَجُّ عَلَى خَلْقِهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 408

بِمَا يَعْلَمُونَ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى مَا يَعْرِفُونَ لَا إِلَى مَا يَجْهَلُونَ وَيُنْكِرُونَ فَأَجَازَهُ الرَّشِيدُ وَرَدَّهُ وَالْخَبَرُ طَوِيلٌ‏

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ ع يَنْبَغِي لِمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَنْ لَا يَسْتَبْطِئَهُ فِي رِزْقِهِ وَلَا يَتَّهِمَهُ فِي قَضَائِهِ‏

وَ قَالَ رَجُلٌ سَأَلْتُهُ عَنِ الْيَقِينِ فَقَالَ ع يَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ وَيُسَلِّمُ لِلَّهِ وَيَرْضَى بِقَضَاءِ اللَّهِ وَيُفَوِّضُ إِلَى اللَّهِ‏

وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى كَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي دُعَاءٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْتَهَى عِلْمِهِ فَكَتَبَ ع لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهَى عِلْمِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِعِلْمِهِ مُنْتَهًى وَلَكِنْ قُلْ مُنْتَهَى رِضَاهُ‏

وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْجَوَادِ فَقَالَ ع إِنَّ لِكَلَامِكَ وَجْهَيْنِ فَإِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْمَخْلُوقِينَ فَإِنَّ الْجَوَادَ الَّذِي يُؤَدِّي مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَالْبَخِيلَ مَنْ بَخِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتَ تَعْنِي الْخَالِقَ فَهُوَ الْجَوَادُ إِنْ أَعْطَى وَهُوَ الْجَوَادُ إِنْ مَنَعَ لِأَنَّهُ إِنْ أَعْطَاكَ أَعْطَاكَ مَا لَيْسَ لَكَ وَإِنْ مَنَعَكَ مَنَعَكَ مَا لَيْسَ لَكَ‏

وَ قَالَ لِبَعْضِ شِيعَتِهِ أَيْ فُلَانُ اتَّقِ اللَّهَ وَقُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَلَاكُكَ فَإِنَّ فِيهِ نَجَاتَكَ أَيْ فُلَانُ اتَّقِ اللَّهَ وَدَعِ الْبَاطِلَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَجَاتُكَ فَإِنَّ فِيهِ هَلَاكَكَ‏

وَ قَالَ لَهُ وَكِيلُهُ وَاللَّهِ مَا خُنْتُكَ فَقَالَ ع لَهُ خِيَانَتُكَ وَتَضْيِيعُكَ عَلَيَّ مَالِي سَوَاءٌ وَالْخِيَانَةُ شَرُّهُمَا عَلَيْكَ‏

وَ قَالَ ع إِيَّاكَ أَنْ تَمْنَعَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَتُنْفِقُ مِثْلَيْهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع الْمُؤْمِنُ مِثْلُ كَفَّتَيِ الْمِيزَانِ كُلَّمَا زِيدَ فِي إِيمَانِهِ زِيدَ فِي بَلَائِهِ‏

وَ قَالَ ع عِنْدَ قَبْرٍ حَضَرَهُ إِنَّ شَيْئاً هَذَا آخِرُهُ لَحَقِيقٌ أَنْ يُزْهَدَ فِي أَوَّلِهِ وَإِنَّ شَيْئاً هَذَا أَوَّلُهُ لَحَقِيقٌ أَنْ يُخَافَ آخِرُهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 409

وَ قَالَ ع مَنْ تَكَلَّمَ فِي اللَّهِ هَلَكَ وَمَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ هَلَكَ وَمَنْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ هَلَكَ‏

وَ قَالَ ع اشْتَدَّتْ مَئُونَةُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ فَأَمَّا مَئُونَةُ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ لَا تَمُدُّ يَدَكَ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهَا إِلَّا وَجَدْتَ فَاجِراً قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ وَأَمَّا مَئُونَةُ الْآخِرَةِ فَإِنَّكَ لَا تَجِدُ أَعْوَاناً يُعِينُونَكَ عَلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع أَرْبَعَةٌ مِنَ الْوَسْوَاسِ أَكْلُ الطِّينِ وَفَتُّ الطِّينِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ بِالْأَسْنَانِ وَأَكْلُ اللِّحْيَةِ وَثَلَاثٌ يَجْلِينَ الْبَصَرَ النَّظَرُ إِلَى الْخُضْرَةِ وَالنَّظَرُ إِلَى الْمَاءِ الْجَارِي وَالنَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ‏

وَ قَالَ ع لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفَّ الْأَذَى وَلَكِنَّ حُسْنَ الْجِوَارِ الصَّبْرُ عَلَى الْأَذَى‏

وَ قَالَ ع لَا تُذْهِبِ الْحِشْمَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَخِيكَ وَأَبْقِ مِنْهَا فَإِنَّ ذَهَابَهَا ذَهَابُ الْحَيَاءِ

وَ قَالَ ع لِبَعْضِ وُلْدِهِ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ أَنْ يَرَاكَ اللَّهُ فِي مَعْصِيَةٍ نَهَاكَ عَنْهَا وَإِيَّاكَ أَنْ يَفْقِدَكَ اللَّهُ عِنْدَ طَاعَةٍ أَمَرَكَ بِهَا وَعَلَيْكَ بِالْجِدِّ وَلَا تُخْرِجَنَّ نَفْسَكَ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعْبَدُ حَقَّ عِبَادَتِهِ وَإِيَّاكَ وَالْمِزَاحَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِنُورِ إِيمَانِكَ وَيَسْتَخِفُّ مُرُوَّتَكَ وَإِيَّاكَ وَالضَّجَرَ وَالْكَسَلَ فَإِنَّهُمَا يَمْنَعَانِ حَظَّكَ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

وَ قَالَ ع إِذَا كَانَ الْجَوْرُ أَغْلَبَ مِنَ الْحَقِّ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَظُنَّ بِأَحَدٍ خَيْراً حَتَّى يَعْرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ‏

وَ قَالَ ع لَيْسَ الْقُبْلَةُ عَلَى الْفَمِ إِلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ

وَ قَالَ ع اجْتَهِدُوا فِي أَنْ يَكُونَ زَمَانُكُمْ أَرْبَعَ سَاعَاتٍ سَاعَةً لِمُنَاجَاةِ اللَّهِ وَسَاعَةً لِأَمْرِ الْمَعَاشِ وَسَاعَةً لِمُعَاشَرَةِ الْإِخْوَانِ وَالثِّقَاتِ الَّذِينَ يُعَرِّفُونَكُمْ عُيُوبَكُمْ وَيُخْلِصُونَ لَكُمْ فِي الْبَاطِنِ وَسَاعَةً تَخْلُونَ فِيهَا لِلَذَّاتِكُمْ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَبِهَذِهِ السَّاعَةِ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         415    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 408

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 410

تَقْدِرُونَ عَلَى الثَّلَاثِ سَاعَاتٍ لَا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ بِفَقْرٍ وَلَا بِطُولِ عُمُرٍ فَإِنَّهُ مَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالْفَقْرِ بَخِلَ وَمَنْ حَدَّثَهَا بِطُولِ الْعُمُرِ يَحْرِصُ اجْعَلُوا لِأَنْفُسِكُمْ حَظّاً مِنَ الدُّنْيَا بِإِعْطَائِهَا مَا تَشْتَهِي مِنَ الْحَلَالِ وَمَا لَا يَثْلِمُ الْمُرُوَّةَ وَمَا لَا سَرَفَ فِيهِ وَاسْتَعِينُوا بِذَلِكَ عَلَى أُمُورِ الدِّينِ فَإِنَّهُ رُوِيَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَرَكَ دُنْيَاهُ لِدِينِهِ أَوْ تَرَكَ دِينَهُ لِدُنْيَاهُ‏

وَ قَالَ ع تَفَقَّهُوا فِي دِينِ اللَّهِ فَإِنَّ الْفِقْهَ مِفْتَاحُ الْبَصِيرَةِ وَتَمَامُ الْعِبَادَةِ وَالسَّبَبُ إِلَى الْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ وَالرُّتَبِ الْجَلِيلَةِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَفَضْلُ الْفَقِيهِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَى الْكَوَاكِبِ وَمَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي دِينِهِ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ لَهُ عَمَلًا

وَ قَالَ ع لِعَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ كَفَّارَةُ عَمَلِ السُّلْطَانِ الْإِحْسَانُ إِلَى الْإِخْوَانِ‏

وَ قَالَ ع كُلَّمَا أَحْدَثَ النَّاسُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْمَلُونَ أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 411

وَ قَالَ ع إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَادِلًا كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَعَلَيْكَ الشُّكْرُ وَإِذَا كَانَ جَائِراً كَانَ عَلَيْهِ الْوِزْرُ وَعَلَيْكَ الصَّبْرُ

وَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ حَجَجْتُ فِي أَيَّامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ ع فَلَمَّا أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ دَخَلْتُ دَارَهُ فَجَلَسْتُ فِي الدِّهْلِيزِ أَنْتَظِرُ إِذْنَهُ إِذْ خَرَجَ صَبِيٌّ يَدْرُجُ فَقُلْتُ يَا غُلَامُ أَيْنَ يَضَعُ الْغَرِيبُ الْغَائِطَ مِنْ بَلَدِكُمْ قَالَ عَلَى رَسْلِكَ ثُمَّ جَلَسَ مُسْتَنِداً إِلَى الْحَائِطِ ثُمَّ قَالَ تَوَقَّ شُطُوطَ الْأَنْهَارِ وَمَسَاقِطَ الثِّمَارِ وَأَفْنِيَةَ الْمَسَاجِدِ وَقَارِعَةَ الطَّرِيقِ وَتَوَارَ خَلْفَ جِدَارٍ وَشُلْ ثَوْبَكَ وَلَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرْهَا وَضَعْ حَيْثُ شِئْتَ فَأَعْجَبَنِي مَا سَمِعْتُ مِنَ الصَّبِيِّ فَقُلْتُ لَهُ مَا اسْمُكَ فَقَالَ أَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 412

عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقُلْتُ لَهُ يَا غُلَامُ مِمَّنِ الْمَعْصِيَةُ فَقَالَ ع إِنَّ السَّيِّئَاتِ لَا تَخْلُو مِنْ إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ اللَّهِ وَلَيْسَتْ مِنْهُ فَلَا يَنْبَغِي لِلرَّبِّ أَنْ يُعَذِّبَ الْعَبْدَ عَلَى مَا لَا يَرْتَكِبُ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْهُ وَمِنَ الْعَبْدِ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لِلشَّرِيكِ الْقَوِيِّ أَنْ يَظْلِمَ الشَّرِيكَ الضَّعِيفَ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْعَبْدِ وَهِيَ مِنْهُ فَإِنْ عَفَا فَبِكَرَمِهِ وَجُودِهِ وَإِنْ عَاقَبَ فَبِذَنْبِ الْعَبْدِ وَجَرِيرَتِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَانْصَرَفْتُ وَلَمْ أَلْقَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَاسْتَغْنَيْتُ بِمَا سَمِعْتُ‏

وَ قَالَ لَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْخُرَاسَانِيُّ الْكُفْرُ أَقْدَمُ أَمِ الشِّرْكُ فَقَالَ ع لَهُ مَا لَكَ وَلِهَذَا مَا عَهْدِي بِكَ تُكَلِّمُ النَّاسَ قُلْتُ أَمَرَنِي هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ أَنْ أَسْأَلَكَ فَقَالَ قُلْ لَهُ الْكُفْرُ أَقْدَمُ أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ إِبْلِيسُ أَبى‏ وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ وَالْكُفْرُ شَيْ‏ءٌ وَاحِدٌ وَالشِّرْكُ يُثْبِتُ وَاحِداً وَيُشْرِكُ مَعَهُ غَيْرَهُ‏

وَ رَأَى رَجُلَيْنِ يَتَسَابَّانِ فَقَالَ ع الْبَادِئُ أَظْلَمُ وَوِزْرُهُ وَوِزْرُ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ‏

وَ قَالَ ع يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ فَلَا يَقُومُ إِلَّا مَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع السَّخِيُّ الْحَسَنُ الْخُلُقِ فِي كَنَفِ اللَّهِ لَا يَتَخَلَّى اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَّا سَخِيّاً وَمَا زَالَ أَبِي يُوصِينِي بِالسَّخَاءِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ حَتَّى مَضَى‏

وَ قَالَ السِّنْدِيُّ بْنُ شَاهَكَ وَكَانَ الَّذِي وَكَّلَهُ الرَّشِيدُ بِحَبْسِ مُوسَى ع لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعْنِي أُكَفِّنْكَ فَقَالَ ع إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ حَجُّ صَرُورَتِنَا وَمُهُورُ نِسَائِنَا وَأَكْفَانُنَا مِنْ طَهُورِ أَمْوَالِنَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 413

وَ قَالَ ع لِفَضْلِ بْنِ يُونُسَ أَبْلِغْ خَيْراً وَقُلْ خَيْراً وَلَا تَكُنْ إِمَّعَةً قُلْتُ وَمَا الْإِمَّعَةُ قَالَ لَا تَقُلْ أَنَا مَعَ النَّاسِ وَأَنَا كَوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هُمَا نَجْدَانِ نَجْدُ خَيْرٍ وَنَجْدُ شَرٍّ فَلَا يَكُنْ نَجْدُ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ

وَ رُوِيَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ دَمِيمِ الْمَنْظَرِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَنَزَلَ عِنْدَهُ وَحَادَثَهُ طَوِيلًا ثُمَّ عَرَضَ ع عَلَيْهِ نَفْسَهُ فِي الْقِيَامِ بِحَاجَةٍ إِنْ عَرَضَتْ لَهُ فَقِيلَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ تَنْزِلُ إِلَى هَذَا ثُمَّ تَسْأَلُهُ عَنْ حَوَائِجِكَ وَهُوَ إِلَيْكَ أَحْوَجُ فَقَالَ ع عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ وَأَخٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَجَارٌ فِي بِلَادِ اللَّهِ يَجْمَعُنَا وَإِيَّاهُ خَيْرُ الْآبَاءِ آدَمُ ع وَأَفْضَلُ الْأَدْيَانِ الْإِسْلَامُ وَلَعَلَّ الدَّهْرَ يَرُدُّ مِنْ حَاجَاتِنَا إِلَيْهِ فَيَرَانَا بَعْدَ الزَّهْوِ عَلَيْهِ مُتَوَاضِعِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ ع‏

          نُوَاصِلُ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وِصَالَنَا             مَخَافَةَ أَنْ نَبْقَى بِغَيْرِ صَدِيقٍ‏

 

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 414

وَ قَالَ ع لَا تَصْلُحُ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةٍ فِي دَمٍ مُنْقَطِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُثْقِلٍ أَوْ حَاجَةٍ مُدْقِعَةٍ

وَ قَالَ ع عَوْنُكَ لِلضَّعِيفِ مِنْ أَفْضَلِ الصَّدَقَةِ

وَ قَالَ ع تَعَجُّبُ الْجَاهِلِ مِنَ الْعَاقِلِ أَكْثَرُ مِنْ تَعَجُّبِ الْعَاقِلِ مِنَ الْجَاهِلِ‏

وَ قَالَ ع الْمُصِيبَةُ لِلصَّابِرِ وَاحِدَةٌ وَلِلْجَازِعِ اثْنَتَانِ‏

وَ قَالَ ع يَعْرِفُ شِدَّةَ الْجَوْرِ مَنْ حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         419    جوابه ع للمأمون في جوامع الشريعة لما سأله جمع ذلك .....  ص : 415

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 415

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

و روي عن الإمام الهمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا ع في طوال هذه المعاني‏

جوابه ع للمأمون في جوامع الشريعة لما سأله جمع ذلك‏

رُوِيَ أَنَّ الْمَأْمُونَ بَعَثَ الْفَضْلَ بْنَ سَهْلٍ ذَا الرِّئَاسَتَيْنِ إِلَى الرِّضَا ع فَقَالَ لَهُ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ لِي مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ فَإِنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ فَدَعَا الرِّضَا ع بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ وَقَالَ ع لِلْفَضْلِ اكْتُبْ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حَسْبُنَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً قَيُّوماً

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 416

سَمِيعاً بَصِيراً قَوِيّاً قَائِماً بَاقِياً نُوراً عَالِماً لَا يَجْهَلُ قَادِراً لَا يَعْجِزُ غَنِيّاً لَا يَحْتَاجُ عَدْلًا لَا يَجُورُ خَلَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ لَا شِبْهَ لَهُ وَلَا ضِدَّ وَلَا نِدَّ وَلَا كُفْوَ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَمِينُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَأَفْضَلُ الْعَالَمِينَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَلَا تَبْدِيلَ لِمِلَّتِهِ وَلَا تَغْيِيرَ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ص أَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ نُصَدِّقُ بِهِ وَبِجَمِيعِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَحُجَجِهِ وَنُصَدِّقُ بِكِتَابِهِ الصَّادِقِ- لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ وَأَنَّهُ كِتَابُهُ الْمُهَيْمِنُ عَلَى الْكُتُبِ كُلِّهَا وَأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ نُؤْمِنُ بِمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ وَخَاصِّهِ وَعَامِّهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَأَخْبَارِهِ لَا يَقْدِرُ وَاحِدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ وَأَنَّ الدَّلِيلَ وَالْحُجَّةَ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْقَائِمَ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّاطِقَ عَنِ الْقُرْآنِ وَالْعَالِمَ بِأَحْكَامِهِ أَخُوهُ وَخَلِيفَتُهُ وَوَصِيُّهُ وَالَّذِي كَانَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَفْضَلُ الْوَصِيِّينَ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَبَعْدَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ع وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا عِتْرَةُ الرَّسُولِ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَعْدَلُهُمْ بِالْقَضِيَّةِ وَأَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَأَنَّهُمُ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى وَأَئِمَّةُ الْهُدَى وَالْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا حَتَّى يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ وَأَنَّ كُلَّ مَنْ خَالَفَهُمْ ضَالٌّ مُضِلٌّ تَارِكٌ لِلْحَقِّ وَالْهُدَى وَأَنَّهُمُ الْمُعَبِّرُونَ عَنِ الْقُرْآنِ النَّاطِقُونَ عَنِ الرَّسُولِ بِالْبَيَانِ مَنْ مَاتَ لَا يَعْرِفُهُمْ وَلَا يَتَوَلَّاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَأَنَّ مِنْ دِينِهِمُ الْوَرَعَ وَالْعِفَّةَ وَالصِّدْقَ وَالصَّلَاحَ وَالِاجْتِهَادَ وَأَدَاءَ الْأَمَانَةِ إِلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَطُولَ السُّجُودِ وَالْقِيَامَ بِاللَّيْلِ وَاجْتِنَابَ الْمَحَارِمِ وَانْتِظَارَ الْفَرَجِ بِالصَّبْرِ وَحُسْنَ الصُّحْبَةِ وَحُسْنَ الْجِوَارِ وَبَذْلَ الْمَعْرُوفِ وَكَفَّ الْأَذَى وَبَسْطَ الْوَجْهِ وَالنَّصِيحَةَ وَالرَّحْمَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْوُضُوءُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ وَاحِدٌ فَرِيضَةٌ وَاثْنَانِ إِسْبَاغٌ وَمَنْ زَادَ أَثِمَ وَلَمْ يُؤْجَرْ وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِلَّا الرِّيحُ وَالْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَالنَّوْمُ وَالْجَنَابَةُ وَمَنْ مَسَحَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 417

عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ خَالَفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَكِتَابَهُ وَلَمْ يُجْزِ عَنْهُ وُضُوؤُهُ وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيّاً ع خَالَفَ الْقَوْمَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ص يَمْسَحُ فَقَالَ عَلِيٌّ ع قَبْلَ نُزُولِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ عَلِيٌّ ع لَكِنِّي أَدْرِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمْ يَمْسَحْ عَلَى خُفَّيْهِ مُذْ نَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ وَالِاغْتِسَالُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالِاحْتِلَامِ وَالْحَيْضِ وَغُسْلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ فَرْضٌ وَالْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَدُخُولِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَغُسْلُ الزِّيَارَةِ وَغُسْلُ الْإِحْرَامِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْهُ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْهُ سُنَّةٌ وَصَلَاةُ الْفَرِيضَةِ الظُّهْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَالْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَالْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَالْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَالْفَجْرُ رَكْعَتَانِ فَذَلِكَ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَالسُّنَّةُ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً مِنْهَا ثَمَانٌ قَبْلَ الظُّهْرِ وَثَمَانٌ بَعْدَهَا وَأَرْبَعٌ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَانِ مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ تُعَدُّ بِوَاحِدَةٍ وَثَمَانٌ فِي السَّحَرِ وَالْوَتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْوَتْرِ وَالصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ وَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَرْدِ كُلُّ رَكْعَةٍ بِأَلْفَيْ رَكْعَةٍ وَلَا تُصَلِّ خَلْفَ فَاجِرٍ وَلَا تَقْتَدِي إِلَّا بِأَهْلِ الْوَلَايَةِ وَلَا تُصَلِّ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَلَا جُلُودِ السِّبَاعِ وَالتَّقْصِيرُ فِي أَرْبَعِ فَرَاسِخَ بَرِيدٌ ذَاهِباً وَبَرِيدٌ جَائِياً اثْنَا عَشَرَ مِيلًا وَإِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ وَالْقُنُوتُ فِي أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِي الْغَدَاةِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَكُلُّ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 418

بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ وَلَيْسَ فِي صَلَاةِ الْجَنَائِزِ تَسْلِيمٌ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَيْسَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ وَيُرَبَّعُ قَبْرُ الْمَيِّتِ وَلَا يُسَنَّمُ وَالْجَهْرُ بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلَا تَجِبُ فِي مَا دُونَ ذَلِكَ وَفِي مَا زَادَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً دِرْهَمٌ وَلَا تَجِبُ فِي مَا دُونَ الْأَرْبَعِينَاتِ شَيْ‏ءٌ وَلَا تَجِبُ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ وَلَا تُعْطَى إِلَّا أَهْلَ الْوَلَايَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَفِي كُلِّ عِشْرِينَ دِينَاراً نِصْفُ دِينَارٍ وَالْخُمُسُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْعُشْرُ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَكُلُّ شَيْ‏ءٍ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ مِنَ الْحُبُوبِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الْعُشْرُ إِنْ كَانَ يُسْقَى سَيْحاً وَإِنْ كَانَ يُسْقَى بِالدَّوَالِي فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ لِلْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ وَتُخْرَجُ مِنَ الْحُبُوبِ الْقَبْضَةُ وَالْقَبْضَتَانِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَلَا يُكَلِّفُ الْعَبْدَ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعاً وَالصَّاعُ سِتَّةُ أَرْطَالٍ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رِطْلَانِ وَرُبُعٌ بِرِطْلِ الْعِرَاقِيِّ وَقَالَ الصَّادِقُ ع هُوَ تِسْعَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ وَسِتَّةُ أَرْطَالٍ بِالْمَدَنِيِّ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ فَرِيضَةٌ عَلَى رَأْسِ كُلِّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ مِنَ الْحِنْطَةِ نِصْفُ صَاعٍ وَمِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ صَاعٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعْطَى غَيْرَ أَهْلِ الْوَلَايَةِ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         423    جوابه ع للمأمون في جوامع الشريعة لما سأله جمع ذلك .....  ص : 415

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 419

وَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَالْحَائِضُ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَلَا تَقْضِي وَتَتْرُكُ الصِّيَامَ وَتَقْضِيهِ وَيُصَامُ شَهْرُ رَمَضَانَ لِرُؤْيَتِهِ وَيُفْطَرُ لِرُؤْيَتِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّرَاوِيحُ فِي جَمَاعَةٍ وَصَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ سُنَّة مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمٌ خَمِيسٌ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَّلِ وَالْأَرْبِعَاءُ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَالْخَمِيسُ مِنَ الْعَشْرِ الْآخِرِ وَصَوْمُ شَعْبَانَ حَسَنٌ وَهُوَ سُنَّةٌ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص شَعْبَانُ شَهْرِي وَشَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ وَإِنْ قَضَيْتَ فَائِتَ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَفَرِّقاً أَجْزَأَكَ وَحِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَالسَّبِيلُ زَادٌ وَرَاحِلَةٌ وَلَا يَجُوزُ الْحَجُّ إِلَّا مُتَمَتِّعاً وَلَا يَجُوزُ الْإِفْرَادُ وَالْقِرَانُ الَّذِي تَعْمَلُهُ الْعَامَّةُ وَالْإِحْرَامُ دُونَ الْمِيقَاتِ لَا يَجُوزُ قَالَ اللَّهُ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَلَا يَجُوزُ فِي النُّسُكِ الْخَصِيُّ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ وَيَجُوزُ الْمَوْجُوءُ وَالْجِهَادُ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ وَمَنْ قَاتَلَ فَقُتِلَ دُونَ مَالِهِ وَرَحْلِهِ وَنَفْسِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَلَا يَحِلُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 420

قَتْلُ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ فِي دَارِ التَّقِيَّةِ إِلَّا قَاتِلٍ أَوْ بَاغٍ وَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَحْذَرْ عَلَى نَفْسِكَ وَلَا أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ مِنَ الْمُخَالِفِينَ وَغَيْرِهِمْ وَالتَّقِيَّةُ فِي دَارِ التَّقِيَّةِ وَاجِبَةٌ وَلَا حِنْثَ عَلَى مَنْ حَلَفَ تَقِيَّةً يَدْفَعُ بِهَا ظُلْماً عَنْ نَفْسِهِ وَالطَّلَاقُ بِالسُّنَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ص وَلَا يَكُونُ طَلَاقٌ بِغَيْرِ سُنَّةٍ وَكُلُّ طَلَاقٍ يُخَالِفُ الْكِتَابَ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَكُلُّ نِكَاحٍ يُخَالِفُ السُّنَّةَ فَلَيْسَ بِنِكَاحٍ وَلَا تُجْمَعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ حَرَائِرَ وَإِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِلسُّنَّةِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع اتَّقُوا الْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثاً فَإِنَّهُنَّ ذَوَاتُ أَزْوَاجٍ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ ص فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ عِنْدَ الرِّيَاحِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَحُبُّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِمْ وَبُغْضُ أَعْدَائِهِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْهُمْ وَمِنْ أَئِمَّتِهِمْ وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ.  وَإِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَا صَامُوا لَهُمْ وَلَا صَلَّوْا وَلَكِنْ أَمَرُوهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَأَطَاعُوهُمْ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ مَنْ أَطَاعَ مَخْلُوقاً فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ فَقَدْ كَفَرَ وَاتَّخَذَ إِلَهاً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَذُنُوبُ الْأَنْبِيَاءِ صِغَارٌ مَوْهُوبَةٌ لَهُمْ بِالنُّبُوَّةِ وَالْفَرَائِضُ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ لَا عَوْلَ فِيهَا وَلَا يَرِثُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ أَحَدٌ إِلَّا الزَّوْجُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 421

وَ الْمَرْأَةُ وَذُو السَّهْمِ أَحَقُّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ وَلَيْسَتِ الْعَصَبَةُ مِنْ دِينِ اللَّهِ وَالْعَقِيقَةُ عَنِ الْمَوْلُودِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُسَمَّى يَوْمَ السَّابِعِ وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً يَوْمَ السَّابِعِ وَإِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ خَلْقَ تَقْدِيرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِينٍ وَلَا تَقُلْ بِالْجَبْرِ وَلَا بِالتَّفْوِيضِ وَلَا يَأْخُذُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْبَرِي‏ءَ بِجُرْمِ السَّقِيمِ وَلَا يُعَذِّبُ اللَّهُ الْأَبْنَاءَ وَالْأَطْفَالَ بِذُنُوبِ الْآبَاءِ وَإِنَّهُ قَالَ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏ وَاللَّهُ يَغْفِرُ وَلَا يَظْلِمُ وَلَا يَفْرِضُ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ طَاعَةَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَظْلِمُهُمْ وَيُغْوِيهِمْ وَلَا يَخْتَارُ لِرِسَالَتِهِ وَيَصْطَفِي مِنْ عِبَادِهِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَكْفُرُ وَيَعْبُدُ الشَّيْطَانَ مِنْ دُونِهِ وَأَنَّ الْإِسْلَامَ غَيْرُ الْإِيمَانِ وَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِناً لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الشَّارِبُ حِينَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَقْتُلُ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ* بِغَيْرِ الْحَقِّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَأَصْحَابُ الْحُدُودِ لَا بِمُؤْمِنِينَ وَلَا بِكَافِرِينَ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُدْخِلُ النَّارَ مُؤْمِناً وَقَدْ وَعَدَهُ الْجَنَّةَ وَالْخُلُودَ فِيهَا وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ بِنِفَاقٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ كَبِيرَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ لَمْ يُبْعَثْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا مِنْهُمْ وَلَا تُحِيطُ جَهَنَّمُ إِلَّا بِالْكَافِرِينَ وَكُلُّ إِثْمٍ دَخَلَ صَاحِبُهُ بِلُزُومِهِ النَّارَ فَهُوَ فَاسِقٌ وَمَنْ أَشْرَكَ أَوْ كَفَرَ أَوْ نَافَقَ أَوْ أَتَى كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ وَالشَّفَاعَةُ جَائِزَةٌ لِلْمُسْتَشْفِعِينَ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ بِاللِّسَانِ وَاجِبٌ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 422

وَ الْإِيمَانُ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَالْإِيمَانُ هُوَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَالتَّكْبِيرُ فِي الْأَضْحَى خَلْفَ عَشْرِ صَلَوَاتٍ يُبْتَدَأُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَفِي الْفِطْرِ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ يُبْتَدَأُ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ- وَالنُّفَسَاءُ تَقْعُدُ عِشْرِينَ يَوْماً لَا أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِنْ طَهُرَتْ قَبْلَ ذَلِكَ صَلَّتْ وَإِلَّا فَإِلَى عِشْرِينَ يَوْماً ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَعْمَلُ عَمَلَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَيُؤْمِنُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ وَأَتْبَاعِهِمْ وَالْمُوَالاةِ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَالْمُضْطَرُّ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا تَقْتُلُهُ وَتَحْرِيمُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَتَحْرِيمُ الطِّحَالِ فَإِنَّهُ دَمٌ وَالْجِرِّيِّ وَالطَّافِي وَالْمَارْمَاهِي وَالزِّمِّيرِ وَكُلِّ شَيْ‏ءٍ لَا يَكُونُ لَهُ قُشُورٌ وَمِنَ الطَّيْرِ مَا لَا تَكُونُ لَهُ قَانِصَةٌ وَمِنَ الْبَيْضِ كُلُّ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَمَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَهِيَ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتامى‏ ظُلْماً وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ بِهِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَالسُّحْتِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ وَالْمَيْسِرُ وَالْبَخْسُ فِي الْمِيزَانِ وَالْمِكْيَالِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ وَالزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَالشَّهَادَاتُ الزُّورُ وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         428    ومن كلامه ع في الاصطفاء .....  ص : 425

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 423

وَ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَمُعَاوَنَةُ الظَّالِمِينَ وَالرُّكُونُ إِلَيْهِمْ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَحَبْسُ الْحُقُوقِ مِنْ غَيْرِ عُسْرٍ وَالْكِبْرُ وَالْكُفْرُ وَالْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرُ وَالْخِيَانَةُ وَكِتْمَانُ الشَّهَادَةِ وَالْمَلَاهِي الَّتِي تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ مِثْلُ الْغِنَاءِ وَضَرْبُ الْأَوْتَارِ وَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغَائِرِ مِنَ الذُّنُوبِ فَهَذَا أُصُولُ الدِّينِ- وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً

و من كلامه ع في التوحيد

سَأَلَهُ عِمْرَانُ الصَّابِي فِي مَجْلِسٍ كَبِيرٍ جَمَعَ لَهُ الْمَأْمُونُ فِيهِ مُتَكَلِّمِي الْمِلَلِ كُلَّهُمُ الْمُخَالِفِينَ لِلْإِسْلَامِ فَخَصَمَ جَمِيعَهُمْ وَالْخَبَرُ طَوِيلٌ وَالْمَجْلِسُ مَشْهُورٌ ذَكَرْنَا مِنْهُ مَا اقْتَضَاهُ الْكِتَابُ قَالَ لَهُ عِمْرَانُ الصَّابِي أَخْبِرْنِي نُوَحِّدُ اللَّهَ بِحَقِيقَةٍ أَمْ نُوَحِّدُهُ بِوَصْفٍ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا ع إِنَّ النُّورَ الْبَدِي‏ءَ الْوَاحِدَ الْكَوْنَ الْأَوَّلَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 424

لَهُ وَلَا شَيْ‏ءَ مَعَهُ فَرْدٌ لَا ثَانِيَ مَعَهُ [و لَا مَعْلُومٌ وَلَا مَجْهُولٌ وَلَا مُحْكَمٌ وَلَا مُتَشَابِهٌ وَلَا مَذْكُورٌ وَلَا مَنْسِيٌّ وَلَا شَيْ‏ءٌ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا فَكَانَ الْبَدِي‏ءُ قَائِماً بِنَفْسِهِ نُورٌ غَنِيٌّ مُسْتَغْنٍ عَنْ غَيْرِهِ لَا مِنْ وَقْتٍ كَانَ وَلَا إِلَى وَقْتٍ يَكُونُ وَلَا عَلَى شَيْ‏ءٍ قَامَ وَلَا إِلَى شَيْ‏ءٍ اسْتَتَرَ وَلَا فِي شَيْ‏ءٍ اسْتَكَنَّ وَلَا يُدْرِكُ الْقَائِلُ مَقَالًا إِذَا خَطَرَ بِبَالِهِ ضَوْءٌ أَوْ مِثَالٌ أَوْ شَبَحٌ أَوْ ظِلٌّ وَذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ الْخَلْقِ فِي الْحَالِ الَّتِي لَا شَيْ‏ءَ فِيهَا غَيْرُهُ وَالْحَالُ أَيْضاً فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّمَا هِيَ صِفَاتٌ مُحْدَثَةٌ وَتَرْجَمَةٌ مِنْ مُتَوَهِّمٍ لِيَفْهَمَ أَ فَهِمْتَ يَا عِمْرَانُ قَالَ نَعَمْ قَالَ الرِّضَا ع اعْلَمْ أَنَّ التَّوَهُّمَ وَالْمَشِيئَةَ وَالْإِرَادَةَ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَأَسْمَاؤُهَا ثَلَاثَةٌ وَكَانَ أَوَّلُ تَوَهُّمِهِ وَإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ الْحُرُوفَ الَّتِي جَعَلَهَا أَصْلًا لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَفَاصِلًا لِكُلِّ مُشْكِلٍ وَلَمْ يَجْعَلْ فِي تَوَهُّمِهِ مَعْنًى غَيْرَ أَنْفُسِهَا متناهي [مُتَنَاهٍ وَلَا وُجُودَ لِأَنَّهَا مُتَوَهَّمَةٌ بِالتَّوَهُّمِ وَاللَّهُ سَابِقُ التَّوَهُّمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْ‏ءٌ وَلَا كَانَ مَعَهُ شَيْ‏ءٌ وَالتَّوَهُّمُ سَابِقٌ لِلْحُرُوفِ فَكَانَتِ الْحُرُوفُ مُحْدَثَةً بِالتَّوَهُّمِ وَكَانَ التَّوَهُّمُ وَلَيْسَ قَبْلَ اللَّهِ مَذْهَبٌ وَالتَّوَهُّمُ مِنَ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ وَلِذَلِكَ صَارَ فِعْلُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ غَيْرَهُ وَحَدُّ كُلِّ شَيْ‏ءٍ غَيْرَهُ وَصِفَةُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ غَيْرَ الْمَوْصُوفِ وَحَدُّ كُلِّ شَيْ‏ءٍ غَيْرُ الْمَحْدُودِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُرُوفَ إِنَّمَا هِيَ مُقَطَّعَةٌ قَائِمَةٌ بِرُءُوسِهَا لَا تَدُلُّ غَيْرَ نُفُوسِهَا فَإِذَا أَلَّفْتَهَا وَجَمَعْتَ مِنْهَا أَحْرُفاً كَانَتْ تَدُلُّ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ صِفَةٌ لِغَيْرِ مَوْصُوفٍ وَلَا اسْمٌ لِغَيْرِ مَعْنًى وَلَا حَدٌّ لِغَيْرِ مَحْدُودٍ وَالْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى الْكَمَالِ وَالْوُجُودِ وَلَا تَدُلُّ عَلَى الْإِحَاطَةِ كَمَا تَدُلُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 425

عَلَى الْوُجُودِ الَّذِي هُوَ التَّرْبِيعُ وَالتَّدْوِيرُ وَالتَّثْلِيثُ لِأَنَّ اللَّهَ يُدْرَكُ بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَلَا يُدْرَكُ بِالتَّحْدِيدِ فَلَيْسَ يَنْزِلُ بِاللَّهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَعْرِفَهُ خَلْقُهُ مَعْرِفَتَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَتْ صِفَاتُهُ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَسْمَاؤُهُ لَا تَدْعُو إِلَيْهِ لَكَانَتِ الْعِبَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ لِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ دُونَ مَعْنَاهُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْمَعْبُودُ الْوَاحِدُ غَيْرَ اللَّهِ لِأَنَّ صِفَاتِهِ غَيْرُهُ قَالَ لَهُ عِمْرَانُ أَخْبِرْنِي عَنِ التَّوَهُّمِ خَلْقٌ هُوَ أَمْ غَيْرُ خَلْقٍ قَالَ الرِّضَا ع بَلْ خَلْقٌ سَاكِنٌ لَا يُدْرَكُ بِالسُّكُونِ وَإِنَّمَا صَارَ خَلْقاً لِأَنَّهُ شَيْ‏ءٌ مُحْدَثٌ اللَّهُ الَّذِي أَحْدَثَهُ فَلَمَّا سُمِّيَ شَيْئاً صَارَ خَلْقاً وَإِنَّمَا هُوَ اللَّهُ وَخَلْقُهُ لَا ثَالِثَ غَيْرُهُمَا وَقَدْ يَكُونُ الْخَلْقُ سَاكِناً وَمُتَحَرِّكاً وَمُخْتَلِفاً وَمُؤْتَلِفاً وَمَعْلُوماً وَمُتَشَابِهاً وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْ‏ءٍ فَهُوَ خَلْقٌ‏

و من كلامه ع في الاصطفاء

لَمَّا حَضَرَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى ع مَجْلِسَ الْمَأْمُونِ وَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ جَمَاعَةُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ أَخْبِرُونِي عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ- ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الْآيَةَ فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ أَرَادَ اللَّهُ الْأُمَّةَ كُلَّهَا فَقَالَ الْمَأْمُونُ مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ الرِّضَا ع لَا أَقُولُ كَمَا قَالُوا وَلَكِنْ أَقُولُ أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَلِكَ الْعِتْرَةَ الطَّاهِرَةَ ع فَقَالَ الْمَأْمُونُ وَكَيْفَ عَنَى الْعِتْرَةَ دُونَ الْأُمَّةِ فَقَالَ الرِّضَا ع لَوْ أَرَادَ الْأُمَّةَ لَكَانَتْ بِأَجْمَعِهَا فِي الْجَنَّةِ لِقَوْلِ اللَّهِ فَمِنْهُمْ ظالِمٌ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 426

لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ثُمَّ جَعَلَهُمْ كُلَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها فَصَارَتِ الْوِرَاثَةُ لِلْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ لَا لِغَيْرِهِمْ ثُمَّ قَالَ الرِّضَا ع هُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ انْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِّي فِيهِمَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ قَالَتِ الْعُلَمَاءُ أَخْبِرْنَا يَا أَبَا الْحَسَنِ عَنِ الْعِتْرَةِ هُمُ الْآلُ أَوْ غَيْرُ الْآلِ فَقَالَ الرِّضَا ع هُمُ الْآلُ فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ فَهَذَا رَسُولُ اللَّهُ يُؤْثَرُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أُمَّتِي آلِي وَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُهُ يَقُولُونَ بِالْخَبَرِ الْمُسْتَفِيضِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ آلُ مُحَمَّدٍ أُمَّتُهُ فَقَالَ الرِّضَا ع أَخْبِرُونِي هَلْ تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ع فَتَحْرُمُ عَلَى الْأُمَّةِ قَالُوا لَا قَالَ ع هَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْآلِ وَبَيْنَ الْأُمَّةِ وَيْحَكُمْ أَيْنَ يُذْهَبُ بِكُمْ أَ صُرِفْتُمْ عَنِ الذِّكْرِ صَفْحاً أَمْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّمَا وَقَعَتِ الرِّوَايَةُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الْمُصْطَفَيْنَ الْمُهْتَدِينَ دُونَ سَائِرِهِمْ قَالُوا مِنْ أَيْنَ قُلْتَ يَا أَبَا الْحَسَنِ قَالَ ع مِنْ قَوْلِ اللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 427

فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ فَصَارَتْ وِرَاثَةُ النُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ فِي الْمُهْتَدِينَ دُونَ الْفَاسِقِينَ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ نُوحاً سَأَلَ رَبَّهُ- فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُ أَنْ يُنْجِيَهُ وَأَهْلَهُ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ فَهَلْ فَضَّلَ اللَّهُ الْعِتْرَةَ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ فَقَالَ الرِّضَا ع إِنَّ اللَّهَ الْعَزِيزَ الْجَبَّارَ فَضَّلَ الْعِتْرَةَ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ قَالَ الْمَأْمُونُ أَيْنَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ الرِّضَا ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى- إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ.  ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَقَالَ اللَّهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ- أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ثُمَّ رَدَّ الْمُخَاطَبَةَ فِي أَثَرِ هَذَا إِلَى سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ يَعْنِي الَّذِينَ أَوْرَثَهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَحَسَدُوا عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ- أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يَعْنِي الطَّاعَةَ لِلْمُصْطَفَيْنَ الطَّاهِرِينَ وَالْمُلْكُ هَاهُنَا الطَّاعَةُ لَهُمْ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         433    ومن كلامه ع في الاصطفاء .....  ص : 425

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 428

قَالَتِ الْعُلَمَاءُ هَلْ فَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى الِاصْطِفَاءَ فِي الْكِتَابِ فَقَالَ الرِّضَا ع فَسَّرَ الِاصْطِفَاءَ فِي الظَّاهِرِ سِوَى الْبَاطِنِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعاً فَأَوَّلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ- وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وَرَهْطَكَ الْمُخْلَصِينَ هَكَذَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَلَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 429

زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَنْ يَجْمَعَ الْقُرْآنَ خَنَسَ هَذِهِ الْآيَةَ وَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ رَفِيعَةٌ وَفَضْلٌ عَظِيمٌ وَشَرَفٌ عَالٍ حِينَ عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ الْآلَ فَهَذِهِ وَاحِدَةٌ وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ فِي الِاصْطِفَاءِ قَوْلُ اللَّهِ- إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَهَذَا الْفَضْلُ الَّذِي لَا يَجْحَدُهُ مُعَانِدٌ لِأَنَّهُ فَضْلٌ بَيِّنٌ وَالْآيَةُ الثَّالِثَةُ حِينَ مَيَّزَ اللَّهُ الطَّاهِرِينَ مِنْ خَلْقِهِ أَمَرَ نَبِيَّهُ فِي آيَةِ الِابْتِهَالِ فَقَالَ فَقُلْ يَا مُحَمَّدُ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فَأَبْرَزَ النَّبِيُّ ص عَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَفَاطِمَةَ ع فَقَرَنَ أَنْفُسَهُمْ بِنَفْسِهِ فَهَلْ تَدْرُونَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ قَالَتِ الْعُلَمَاءُ عَنَى بِهِ نَفْسَهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع غَلِطْتُمْ إِنَّمَا عَنَى بِهِ عَلِيّاً ع وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ ص حِينَ قَالَ لَيَنْتَهِيَنَّ بَنُو وَلِيعَةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلًا كَنَفْسِي يَعْنِي عَلِيّاً ع فَهَذِهِ خُصُوصِيَّةٌ لَا يَتَقَدَّمُهَا أَحَدٌ وَفَضْلٌ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ بَشَرٌ وَشَرَفٌ لَا يَسْبِقُهُ إِلَيْهِ خَلْقٌ إِذْ جَعَلَ نَفْسَ عَلِيٍّ ع كَنَفْسِهِ فَهَذِهِ الثَّالِثَةُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 430

وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ فَإِخْرَاجُهُ النَّاسَ مِنْ مَسْجِدِهِ مَا خَلَا الْعِتْرَةَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ وَتَكَلَّمَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَرَكْتَ عَلِيّاً وَأَخْرَجْتَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا أَنَا تَرَكْتُهُ وَأَخْرَجْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَرَكَهُ وَأَخْرَجَكُمْ وَفِي هَذَا بَيَانُ قَوْلِهِ لِعَلِيٍّ ع أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى قَالَتِ الْعُلَمَاءُ فَأَيْنَ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع أُوجِدُكُمْ فِي ذَلِكَ قُرْآناً أَقْرَؤُهُ عَلَيْكُمْ قَالُوا هَاتِ قَالَ ع قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ- وَأَوْحَيْنا إِلى‏ مُوسى‏ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَنْزِلَةُ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَفِيهَا أَيْضاً مَنْزِلَةُ عَلِيٍّ ع مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَمَعَ هَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص حِينَ قَالَ إِنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ لَا يَحِلُّ لِجُنُبٍ وَلَا لِحَائِضٍ إِلَّا لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ هَذَا الشَّرْحُ وَهَذَا الْبَيَانُ لَا يُوجَدُ إِلَّا عِنْدَكُمْ مَعْشَرَ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع وَمَنْ يُنْكِرُ لَنَا ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ ص يَقُولُ أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ مَدِينَةَ الْعِلْمِ فَلْيَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا فَفِيمَا أَوْضَحْنَا وَشَرَحْنَا مِنَ الْفَضْلِ وَالشَّرَفِ وَالتَّقْدِمَةِ وَالِاصْطِفَاءِ وَالطَّهَارَةِ مَا لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا مُعَانِدٌ وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ فَهَذِهِ الرَّابِعَةُ وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ- وَآتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ خُصُوصِيَةٌ خَصَّهُمُ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ بِهَا وَاصْطَفَاهُمْ عَلَى الْأُمَّةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ ادْعُوا لِي فَاطِمَةَ فَدَعَوْهَا لَهُ فَقَالَ يَا فَاطِمَةُ قَالَتْ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ فَدَكَ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهَا بِ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَهِيَ لِي خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ جَعَلْتُهَا لَكِ لِمَا أَمَرَنِيَ اللَّهُ بِهِ فَخُذِيهَا لَكِ وَلِوُلْدِكِ فَهَذِهِ الْخَامِسَةُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 431

وَ أَمَّا السَّادِسَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ فَهَذِهِ خُصُوصِيَةٌ لِلنَّبِيِّ ص دُونَ الْأَنْبِيَاءِ وَخُصُوصِيَّةٌ لِلْآلِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ حَكَى عَنِ الْأَنْبِيَاءِ فِي ذِكْرِ نُوحٍ ع يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ وَحَكَى عَنْ هُودٍ ع قَالَ ... لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَقَالَ لِنَبِيِّهِ ص- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَلَمْ يَفْرِضِ اللَّهُ مَوَدَّتَهُمْ إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَرْتَدُّونَ عَنِ الدِّينِ أَبَداً وَلَا يَرْجِعُونَ إِلَى ضَلَالَةٍ أَبَداً وَأُخْرَى أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ وَادّاً لِلرَّجُلِ فَيَكُونُ بَعْضُ أَهْلِ بَيْتِهِ عَدُوّاً لَهُ فَلَا يَسْلَمُ قَلْبٌ فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي قَلْبِ رَسُولِ اللَّهِ ص عَلَى الْمُؤْمِنِينَ شَيْ‏ءٌ إِذْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ مَوَدَّةَ ذِي الْقُرْبَى فَمَنْ أَخَذَ بِهَا وَأَحَبَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَأَحَبَّ أَهْلَ بَيْتِهِ ع لَمْ يَسْتَطِعْ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يُبْغِضَهُ وَمَنْ تَرَكَهَا وَلَمْ يَأْخُذْ بِهَا وَأَبْغَضَ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّهِ ص فَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص أَنْ يُبْغِضَهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَكَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ وَأَيُّ فَضِيلَةٍ وَأَيُّ شَرَفٍ يَتَقَدَّمُ هَذَا وَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى نَبِيِّهِ ص- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي أَصْحَابِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرْضاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُؤَدُّوهُ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ فَقَامَ فِيهِمْ يَوْماً ثَانِياً فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ فَقَامَ فِيهِمْ يَوْمَ الثَّالِثِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرْضاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُؤَدُّوهُ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ ذَهَباً وَلَا فِضَّةً وَلَا مَأْكُولًا وَلَا مَشْرُوباً قَالُوا:

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 432

فَهَاتِ إِذاً فَتَلَا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالُوا أَمَّا هَذَا فَنَعَمْ فَمَا وَفَى بِهِ أَكْثَرُهُمْ ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا إِنَّ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَئُونَةً فِي نَفَقَتِكَ وَفِيمَنْ يَأْتِيكَ مِنَ الْوُفُودِ وَهَذِهِ أَمْوَالُنَا مَعَ دِمَائِنَا فَاحْكُمْ فِيهَا بَارّاً مَأْجُوراً أَعْطِ مَا شِئْتَ وَأَمْسِكْ مَا شِئْتَ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ الرُّوحَ الْأَمِينَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ لَا تُؤْذُوا قَرَابَتِي مِنْ بَعْدِي فَخَرَجُوا فَقَالَ أُنَاسٌ مِنْهُمْ مَا حَمَلَ رَسُولَ اللَّهِ عَلَى تَرْكِ مَا عَرَضْنَا عَلَيْهِ إِلَّا لِيَحُثَّنَا عَلَى قَرَابَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِنْ هُوَ إِلَّا شَيْ‏ءٌ افْتَرَاهُ فِي مَجْلِسِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ عَظِيماً فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى‏ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ ص فَقَالَ هَلْ مِنْ حَدَثٍ فَقَالُوا إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُنَا كَلَاماً عَظِيماً فَكَرِهْنَاهُ فَتَلَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهُ فَبَكَوْا وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         437    وصفه ع الإمامة والإمام ومنزلته .....  ص : 436

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 433

عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ فَهَذِهِ السَّادِسَةُ وَأَمَّا السَّابِعَةُ فَيَقُولُ اللَّهُ- إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً وَقَدْ عَلِمَ الْمُعَانِدُونَ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْنَا التَّسْلِيمَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ فَقَالَ تَقُولُونَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَهَلْ بَيْنَكُمْ مَعَاشِرَ النَّاسِ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ قَالُوا لَا فَقَالَ الْمَأْمُونُ هَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَصْلًا وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ فَهَلْ عِنْدَكَ فِي الْآلِ شَيْ‏ءٌ أَوْضَحُ مِنْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع أَخْبِرُونِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ- يس  وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ.  إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ  عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فَمَنْ عَنَى بِقَوْلِهِ يس قَالَ الْعُلَمَاءُ يس مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع أَعْطَى اللَّهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ مِنْ ذَلِكَ فَضْلًا لَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ كُنْهَ وَصْفِهِ لِمَنْ عَقَلَهُ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ص فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَلامٌ عَلى‏ نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ وَقَالَ سَلامٌ عَلى‏ إِبْراهِيمَ وَقَالَ سَلامٌ عَلى‏ مُوسى‏ وَهارُونَ وَلَمْ يَقُلْ سَلَامٌ عَلَى آلِ نُوحٍ وَلَمْ يَقُلْ سَلَامٌ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَلَا قَالَ سَلَامٌ عَلَى آلِ مُوسَى وَهَارُونَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ سَلامٌ عَلى‏ آلِ ياسِينَ يَعْنِي آلَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ الْمَأْمُونُ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ فِي مَعْدِنِ النُّبُوَّةِ شَرْحَ هَذَا وَبَيَانَهُ فَهَذِهِ السَّابِعَةُ وَأَمَّا الثَّامِنَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ- وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى‏ فَقَرَنَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مَعَ سَهْمِهِ وَسَهْمِ رَسُولِهِ ص فَهَذَا فَصْلُ بَيْنِ الْآلِ وَالْأُمَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُمْ فِي حَيِّزٍ وَجَعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي حَيِّزٍ دُونَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 434

ذَلِكَ وَرَضِيَ لَهُمْ مَا رَضِيَ لِنَفْسِهِ وَاصْطَفَاهُمْ فِيهِ وَابْتَدَأَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ ثَنَّى بِرَسُولِهِ ثُمَّ بِذِي الْقُرْبَى فِي كُلِّ مَا كَانَ مِنَ الْفَيْ‏ءِ وَالْغَنِيمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا رَضِيَهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَرَضِيَهُ لَهُمْ فَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ- وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى‏ فَهَذَا تَوْكِيدٌ مُؤَكَّدٌ وَأَمْرٌ دَائِمٌ لَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ النَّاطِقِ الَّذِي- لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْيَتامى‏ وَالْمَساكِينِ فَإِنَّ الْيَتِيمَ إِذَا انْقَطَعَ يُتْمُهُ خَرَجَ مِنَ الْمَغَانِمِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ وَكَذَلِكَ الْمِسْكِينُ إِذَا انْقَطَعَتْ مَسْكَنَتُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْمَغْنَمِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ وَسَهْمُ ذِي الْقُرْبَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَائِمٌ فِيهِمْ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ لِأَنَّهُ لَا أَحَدَ أَغْنَى مِنَ اللَّهِ وَلَا مِنْ رَسُولِهِ ص فَجَعَلَ لِنَفْسِهِ مِنْهَا سَهْماً وَلِرَسُولِهِ ص سَهْماً فَمَا رَضِيَ لِنَفْسِهِ وَلِرَسُولِهِ رَضِيَهُ لَهُمْ وَكَذَلِكَ الْفَيْ‏ءُ مَا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ وَلِنَبِيِّهِ ص رَضِيَهُ لِذِي الْقُرْبَى كَمَا جَازَ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بِرَسُولِهِ ص ثُمَّ بِهِمْ وَقَرَنَ سَهْمَهُمْ بِسَهْمِ اللَّهِ وَسَهْمِ رَسُولِهِ ص وَكَذَلِكَ فِي الطَّاعَةِ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بِرَسُولِهِ ص ثُمَّ بِأَهْلِ بَيْتِهِ وَكَذَلِكَ آيَةُ الْوَلَايَةِ- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَجَعَلَ وَلَايَتَهُمْ مَعَ طَاعَةِ الرَّسُولِ مَقْرُونَةً بِطَاعَتِهِ كَمَا جَعَلَ سَهْمَهُ مَعَ سَهْمِ الرَّسُولِ مَقْرُوناً بِأَسْهُمِهِمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْ‏ءِ فَتَبَارَكَ اللَّهُ مَا أَعْظَمَ نِعْمَتَهُ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ فَلَمَّا جَاءَتْ قِصَّةُ الصَّدَقَةِ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَزَّ ذِكْرُهُ وَنَزَّهَ رَسُولَهُ ص وَنَزَّهَ أَهْلَ بَيْتِهِ عَنْهَا فَقَالَ إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 435

فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ فَهَلْ تَجِدُ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ لِنَفْسِهِ سَهْماً أَوْ لِرَسُولِهِ ص أَوْ لِذِي الْقُرْبَى لِأَنَّهُ لَمَّا نَزَّهَهُمْ عَنِ الصَّدَقَةِ نَزَّهَ نَفْسَهُ وَنَزَّهَ رَسُولَهُ وَنَزَّهَ أَهْلَ بَيْتِهِ لَا بَلْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَهِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ لَا تَحِلُّ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ طُهِّرُوا مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَوَسَخٍ فَلَمَّا طَهَّرَهُمْ وَاصْطَفَاهُمْ رَضِيَ لَهُمْ مَا رَضِيَ لِنَفْسِهِ وَكَرِهَ لَهُمْ مَا كَرِهَ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا التَّاسِعَةُ فَنَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ- فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ إِذاً يَدْعُونَّا إِلَى دِينِهِمْ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ الْمَأْمُونُ فَهَلْ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ شَرْحٌ يُخَالِفُ مَا قَالُوا يَا أَبَا الْحَسَنِ قَالَ نَعَمْ الذِّكْرُ رَسُولُ اللَّهِ وَنَحْنُ أَهْلُهُ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً  رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ فَالذِّكْرُ رَسُولُ اللَّهِ وَنَحْنُ أَهْلُهُ فَهَذِهِ التَّاسِعَةُ وَأَمَّا الْعَاشِرَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ- حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ إِلَى آخِرِهَا أَخْبِرُونِي هَلْ تَصْلُحُ ابْنَتِي أَوْ ابْنَةُ ابْنِي أَوْ مَا تَنَاسَلُ مِنْ صُلْبِي لِرَسُولِ اللَّهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لَوْ كَانَ حَيّاً قَالُوا لَا قَالَ ع فَأَخْبِرُونِي هَلْ كَانَتْ ابْنَةُ أَحَدِكُمْ تَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَالُوا بَلَى قَالَ فَقَالَ ع فَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّا مِنْ آلِهِ وَلَسْتُمْ مِنْ آلِهِ وَلَوْ كُنْتُمْ مِنْ آلِهِ لَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ بَنَاتُكُمْ كَمَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بَنَاتِي لِأَنَّا مِنْ آلِهِ وَأَنْتُمْ مِنْ أُمَّتِهِ فَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْآلِ وَالْأُمَّةِ لِأَنَّ الْآلَ مِنْهُ وَالْأُمَّةُ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْآلَ فَلَيْسَتْ مِنْهُ فَهَذِهِ الْعَاشِرَةُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 436

وَ أَمَّا الْحَادِيَةَ عَشَرَ فَقَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِ حِكَايَةً عَنْ قَوْلِ رَجُلٍ- وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ الْآيَةَ وَكَانَ ابْنَ خَالِ فِرْعَوْنَ فَنَسَبَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِنَسَبِهِ وَلَمْ يُضِفْهُ إِلَيْهِ بِدِينِهِ وَكَذَلِكَ خُصِّصْنَا نَحْنُ إِذْ كُنَّا مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ ص بِوِلَادَتِنَا مِنْهُ وَعُمِّمْنَا النَّاسَ بِدِينِهِ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْآلِ وَالْأُمَّةِ فَهَذِهِ الْحَادِيَةَ عَشَرَ وَأَمَّا الثَّانِيَةَ عَشَرَ فَقَوْلُهُ- وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها فَخَصَّنَا بِهَذِهِ الْخُصُوصِيَّةِ إِذْ أَمَرَنَا مَعَ أَمْرِهِ ثُمَّ خَصَّنَا دُونَ الْأُمَّةِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَجِي‏ءُ إِلَى بَابِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ ع بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ حُضُورِ كُلِّ صَلَاةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَيَقُولُ الصَّلَاةَ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ وَمَا أَكْرَمَ اللَّهُ أَحَداً مِنْ ذَرَارِيِّ الْأَنْبِيَاءِ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ الَّتِي أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِهَا وَخَصَّنَا مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْآلِ وَالْأُمَّةِ- وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ.

وصفه ع الإمامة والإمام ومنزلته‏

قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ كُنَّا مَعَ الرِّضَا ع بِمَرْوَ فَاجْتَمَعْنَا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِهَا فَأَدَارَ النَّاسُ بَيْنَهُمْ أَمْرَ الْإِمَامَةِ فَذَكَرُوا كَثْرَةَ الِاخْتِلَافِ فِيهَا فَدَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي وَمَوْلَايَ الرِّضَا ع فَأَعْلَمْتُهُ بِمَا خَاضَ النَّاسُ فِيهِ فَتَبَسَّمَ ع ثُمَّ قَالَ ع يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ جَهِلَ الْقَوْمُ وَخُدِعُوا عَنْ أَدْيَانِهِمْ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ لَمْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         442    وصفه ع الإمامة والإمام ومنزلته .....  ص : 436

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 437

يَقْبِضْ نَبِيَّهُ ص حَتَّى أَكْمَلَ لَهُ الدِّينَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَبَيَّنَ فِيهِ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَالْحُدُودَ وَالْأَحْكَامَ وَجَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ كَمَلًا فَقَالَ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ آخِرُ عُمُرِهِ ص- الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً وَأَمْرُ الْإِمَامَةِ مِنْ كَمَالِ الدِّينِ وَلَمْ يَمْضِ ص حَتَّى بَيَّنَ لِأُمَّتِهِ مَعَالِمَ دِينِهِ وَأَوْضَحَ لَهُمْ سُبُلَهُمْ وَتَرَكَهُمْ عَلَى قَصْدِ الْحَقِّ وَأَقَامَ لَهُمْ عَلِيّاً ع عَلَماً وَإِمَاماً وَمَا تَرَكَ شَيْئاً مِمَّا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ إِلَّا وَقَدْ بَيَّنَهُ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكْمِلْ دِينَهُ فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ اللَّهِ وَمَنْ رَدَّ كِتَابَ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الْإِمَامَةِ وَمَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ إِنَّ الْإِمَامَةَ خَصَّ اللَّهُ بِهَا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ ع بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَالْخُلَّةِ مَرْتَبَةً ثَالِثَةً وَفَضِيلَةً شَرَّفَهُ بِهَا وَأَشَادَ بِهَا ذِكْرَهُ فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ وَإِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ الْخَلِيلُ سُرُوراً بِهَا وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فَأَبْطَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَصَارَتْ فِي الصَّفْوَةِ ثُمَّ أَكْرَمَهَا اللَّهُ بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّةِ أَهْلِ الصَّفْوَةِ وَالطَّهَارَةِ فَقَالَ وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ.  وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ فَلَمْ تَزَلْ تَرِثُهَا ذُرِّيَّتُهُ ع بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ قَرْناً فَقَرْناً حَتَّى وَرِثَهَا النَّبِيُّ ص فَقَالَ اللَّهُ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَكَانَتْ لَهُمْ خَاصَّةً

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 438

فَقَلَّدَهَا النَّبِيُّ ص عَلِيّاً ع فَصَارَتْ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْأَصْفِيَاءِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّهُ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ عَلَى رَسْمِ مَا جَرَى وَمَا فَرَضَهُ اللَّهُ فِي وُلْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ص فَمِنْ أَيْنَ يَخْتَارُ هَذِهِ الْجُهَّالُ الْإِمَامَةَ بِآرَائِهِمْ إِنَّ الْإِمَامَةَ مَنْزِلَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِرْثُ الْأَوْصِيَاءِ إِنَّ الْإِمَامَةَ خِلَافَةُ اللَّهِ وَخِلَافَةُ رَسُولِهِ ص وَمَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَخِلَافَةُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ع إِنَّ الْإِمَامَ زِمَامُ الدِّينِ وَنِظَامُ الْمُسْلِمِينَ وَصَلَاحُ الدُّنْيَا وَعِزُّ الْمُؤْمِنِينَ الْإِمَامُ أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي وَفَرْعُهُ السَّامِي بِالْإِمَامِ تَمَامُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَتَوْفِيرُ الْفَيْ‏ءِ وَالصَّدَقَاتِ وَإِمْضَاءُ الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ وَمَنْعُ الثُّغُورِ وَالْأَطْرَافِ الْإِمَامُ يُحَلِّلُ حَلَالَ اللَّهِ وَيُحَرِّمُ حَرَامَهُ وَيُقِيمُ حُدُودَ اللَّهِ وَيَذُبُّ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَيَدْعُو إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَالْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ الْإِمَامُ كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ الْمُجَلِّلَةِ بِنُورِهَا لِلْعَالَمِ وَهُوَ بِالْأُفُقِ حَيْثُ لَا تَنَالُهُ الْأَبْصَارُ وَلَا الْأَيْدِي الْإِمَامُ الْبَدْرُ الْمُنِيرُ وَالسِّرَاجُ الزَّاهِرُ وَالنُّورُ الطَّالِعُ وَالنَّجْمُ الْهَادِي فِي غَيَابَاتِ الدُّجَى وَالدَّلِيلُ عَلَى الْهُدَى وَالْمُنْجِي مِنَ الرَّدَى-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 439

الْإِمَامُ النَّارُ عَلَى الْيَفَاعِ الْحَارُّ لِمَنِ اصْطَلَى وَالدَّلِيلُ فِي الْمَهَالِكِ مَنْ فَارَقَهُ فَهَالِكٌ الْإِمَامُ السَّحَابُ الْمَاطِرُ وَالْغَيْثُ الْهَاطِلُ وَالسَّمَاءُ الظَّلِيلَةُ وَالْأَرْضُ الْبَسِيطَةُ وَالْعَيْنُ الْغَزِيرَةُ وَالْغَدِيرُ وَالرَّوْضَةُ الْإِمَامُ الْأَمِينُ الرَّفِيقُ وَالْوَلَدُ الشَّفِيقُ وَالْأَخُ الشَّقِيقُ وَكَالْأُمِّ الْبَرَّةِ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَمَفْزَعُ الْعِبَادِ الْإِمَامُ أَمِينُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَخَلْقِهِ وَحُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ وَخَلِيفَتُهُ فِي بِلَادِهِ وَالدَّاعِي إِلَى اللَّهِ وَالذَّابُّ عَنْ حَرِيمِ اللَّهِ الْإِمَامُ مُطَهَّرٌ مِنَ الذُّنُوبِ مُبَرَّأٌ مِنَ الْعُيُوبِ مَخْصُوصٌ بِالْعِلْمِ مَوْسُومٌ بِالْحِلْمِ نِظَامُ الدِّينِ وَعِزُّ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْظُ الْمُنَافِقِينَ وَبَوَارُ الْكَافِرِينَ الْإِمَامُ وَاحِدُ دَهْرِهِ لَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ وَلَا يُعَادِلُهُ عَالِمٌ وَلَا يُوجَدُ لَهُ بَدَلٌ وَلَا لَهُ مِثْلٌ وَلَا نَظِيرٌ مَخْصُوصٌ بِالْفَضْلِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ وَلَا اكْتِسَابٍ بَلِ اخْتِصَاصٌ مِنَ الْمُفْضِلِ الْوَهَّابِ فَمَنْ ذَا يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ أَوْ كُنْهَ وَصْفِهِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ضَلَّتِ الْعُقُولُ وَتَاهَتِ الْحُلُومُ وَحَارَتِ الْأَلْبَابُ وَحَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ وَكَلَّتِ الشُّعَرَاءُ وَعَجَزَتِ الْأُدَبَاءُ وَعَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ وَفَحَمَتِ الْعُلَمَاءُ عَنْ وَصْفِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 440

شَأْنٍ مِنْ شَأْنِهِ أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ فَأَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ وَالتَّقْصِيرِ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِكُلِّيَّتِهِ أَوْ يُنْعَتُ بِكَيْفِيَّتِهِ أَوْ يُوجَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَوْ يُغْنِي غِنَاهُ وَأَنَّى وَهُوَ بِحَيْثُ النَّجْمُ عَنْ أَيْدِي الْمُتَنَاوِلِينَ وَوَصْفِ الْوَاصِفِينَ أَ يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُوجَدُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ آلِ رَسُولِ اللَّهِ ص كَذَبَتْهُمْ وَاللَّهِ أَنْفُسُهُمْ وَمَنَّتْهُمُ الْأَبَاطِيلُ إِذِ ارْتَقَوْا مُرْتَقًى صَعْباً وَمَنْزِلًا دَحْضاً زَلَّتْ بِهِمْ إِلَى الْحَضِيضِ أَقْدَامُهُمْ إِذْ رَامُوا إِقَامَةَ إِمَامٍ بِآرَائِهِمْ وَكَيْفَ لَهُمْ بِاخْتِيَارِ إِمَامٍ وَالْإِمَامُ عَالِمٌ لَا يَجْهَلُ وَرَاعٍ لَا يَمْكُرُ مَعْدِنُ النُّبُوَّةِ لَا يُغْمَزُ فِيهِ بِنَسَبٍ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 441

وَ لَا يُدَانِيهِ ذُو حَسَبٍ فَالْبَيْتُ مِنْ قُرَيْشٍ وَالذِّرْوَةُ مِنْ هَاشِمٍ وَالْعِتْرَةُ مِنَ الرَّسُولِ ص شَرَفُ الْأَشْرَافِ وَالْفَرْعُ عَنْ عَبْدِ مَنَافٍ نَامِي الْعِلْمِ كَامِلُ الْحِلْمِ مُضْطَلِعٌ بِالْأَمْرِ عَالِمٌ بِالسِّيَاسَةِ مُسْتَحِقٌّ لِلرِّئَاسَةِ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ نَاصِحٌ لِعِبَادِ اللَّهِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَوْصِيَاءَ ص يُوَفِّقُهُمُ اللَّهُ وَيُسَدِّدُهُمْ وَيُؤْتِيهِمْ مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ مَا لَا يُؤْتِيهِ غَيْرُهُمْ يَكُونُ عِلْمُهُمْ فَوْقَ عِلْمِ أَهْلِ زَمَانِهِمْ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ- أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى‏ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ طَالُوتَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَقَالَ فِي قِصَّةِ دَاوُدَ ع وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَقَالَ لِنَبِيِّهِ ص وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

 وَقَالَ فِي الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَعِتْرَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ- أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِلَى قَوْلِهِ سَعِيراً وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اخْتَارَهُ اللَّهُ لِأُمُورِ عِبَادِهِ شَرَحَ صَدْرَهُ لِذَلِكَ وَأَوْدَعَ قَلْبَهُ يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ وَأَطْلَقَ عَلَى لِسَانِهِ فَلَمْ يَعْيَ بَعْدَهُ بِجَوَابٍ وَلَمْ تَجِدْ فِيهِ غَيْرَ صَوَابٍ فَهُوَ مُوَفَّقُ مُسَدَّدٌ مُؤَيَّدٌ قَدْ أَمِنَ مِنَ الْخَطَإِ وَالزَّلَلِ خَصَّهُ بِذَلِكَ لِيَكُونَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ شَاهِداً عَلَى عِبَادِهِ فَهَلْ يَقْدِرُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         445    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 442

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 442

فَيَخْتَارُونَهُ فَيَكُونُ مُخْتَارُهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ الرِّضَا ع لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّى تَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ سُنَّةٌ مِنْ رَبِّهِ وَسُنَّةٌ مِنْ نَبِيِّهِ ص وَسُنَّةٌ مِنْ وَلِيِّهِ ع فَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ رَبِّهِ فَكِتْمَانُ السِّرِّ وَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ نَبِيِّهِ ص فَمُدَارَاةُ النَّاسِ وَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ وَلِيِّهِ ع فَالصَّبْرُ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ

وَ قَالَ ع صَاحِبُ النِّعْمَةِ يَجِبُ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِهِ‏

وَ قَالَ ع لَيْسَتِ الْعِبَادَةُ كَثْرَةَ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّمَا الْعِبَادَةُ كَثْرَةُ التَّفَكُّرِ فِي أَمْرِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ التَّنَظُّفُ‏

وَ قَالَ ع ثَلَاثٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ الْعِطْرُ وَإِحْفَاءُ الشَّعْرِ وَكَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ

وَ قَالَ ع لَمْ يَخُنْكَ الْأَمِينُ وَلَكِنِ ائْتَمَنْتَ الْخَائِنَ‏

وَ قَالَ ع إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْراً سَلَبَ الْعِبَادَ عُقُولَهُمْ فَأَنْفَذَ أَمْرَهُ وَتَمَّتْ إِرَادَتُهُ فَإِذَا أَنْفَذَ أَمْرَهُ رَدَّ إِلَى كُلِّ ذِي عَقْلٍ عَقْلَهُ فَيَقُولُ كَيْفَ ذَا وَمِنْ أَيْنَ ذَا

وَ قَالَ ع الصَّمْتُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِكْمَةِ إِنَّ الصَّمْتَ يَكْسِبُ الْمَحَبَّةَ إِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ

وَ قَالَ ع مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْفُضُولِ إِلَّا وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى الْفُضُولِ مِنَ الْكَلَامِ‏

وَ قَالَ ع الْأَخُ الْأَكْبَرُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ‏

وَ سُئِلَ ع عَنِ السَّفِلَةِ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ شَيْ‏ءٌ يُلْهِيهِ عَنِ اللَّهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 443

وَ كَانَ ع يُتَرِّبُ الْكِتَابَ وَيَقُولُ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ تَذَكُّرَاتِ حَوَائِجِهِ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَكْتُبُ مَا يُرِيدُ

وَ قَالَ ع إِذَا ذَكَرْتَ الرَّجُلَ وَهُوَ حَاضِرٌ فَكَنِّهِ وَإِذَا كَانَ غَائِباً فَسَمِّهِ‏

وَ قَالَ ع صَدِيقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَعَدُوُّهُ جَهْلُهُ‏

وَ قَالَ ع التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ نِصْفُ الْعَقْلِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْقِيلَ وَالْقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ‏

وَ قَالَ ع لَا يَتِمُّ عَقْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ حَتَّى تَكُونَ فِيهِ عَشْرُ خِصَالٍ الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ يَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِهِ وَيَسْتَقِلُّ كَثِيرَ الْخَيْرِ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَسْأَمُ مِنْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ إِلَيْهِ وَلَا يَمَلُّ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ طُولَ دَهْرِهِ الْفَقْرُ فِي اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْغِنَى وَالذُّلُّ فِي اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعِزِّ فِي عَدُوِّهِ وَالْخُمُولُ أَشْهَى إِلَيْهِ مِنَ الشُّهْرَةِ ثُمَّ قَالَ ع الْعَاشِرَةُ وَمَا الْعَاشِرَةُ قِيلَ لَهُ مَا هِيَ قَالَ ع لَا يَرَى أَحَداً إِلَّا قَالَ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَأَتْقَى إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ رَجُلٌ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَتْقَى وَرَجُلٌ شَرٌّ مِنْهُ وَأَدْنَى فَإِذَا لَقِيَ الَّذِي شَرٌّ مِنْهُ وَأَدْنَى قَالَ لَعَلَّ خَيْرَ هَذَا بَاطِنٌ وَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَخَيْرِي ظَاهِرٌ وَهُوَ شَرٌّ لِي وَإِذَا رَأَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَتْقَى تَوَاضَعَ لَهُ لِيَلْحَقَ بِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ عَلَا مَجْدُهُ وَطَابَ خَيْرُهُ وَحَسُنَ ذِكْرُهُ وَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ‏

وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ- وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ فَقَالَ ع التَّوَكُّلُ دَرَجَاتٌ مِنْهَا أَنْ تَثِقَ بِهِ فِي أَمْرِكَ كُلِّهِ فِيمَا فَعَلَ بِكَ فَمَا فَعَلَ بِكَ كُنْتَ رَاضِياً وَتَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَأْلُكَ خَيْراً وَنَظَراً وَتَعْلَمَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ لَهُ فَتَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِغُيُوبِ اللَّهِ الَّتِي لَمْ يُحِطْ عِلْمُكَ بِهَا فَوَكَلْتَ عِلْمَهَا إِلَيْهِ وَإِلَى أُمَنَائِهِ عَلَيْهَا وَوَثِقْتَ بِهِ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 444

وَ سَأَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ نَجْمٍ عَنِ الْعُجْبِ الَّذِي يُفْسِدُ الْعَمَلَ فَقَالَ ع الْعُجْبُ دَرَجَاتٌ مِنْهَا أَنْ يُزَيَّنَ لِلْعَبْدِ سُوءُ عَمَلِهِ فَيَرَاهُ حَسَناً فَيُعْجِبُهُ وَيَحْسَبُ أَنَّهُ يُحْسِنُ صُنْعاً وَمِنْهَا أَنْ يُؤْمِنَ الْعَبْدُ بِرَبِّهِ فَيَمُنُّ عَلَى اللَّهِ وَلِلَّهِ الْمِنَّةُ عَلَيْهِ فِيهِ‏

قَالَ الْفَضْلُ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ إِنَّمَا هِيَ اكْتِسَابٌ قَالَ ع لَا مَا أَصَابَ إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مُسْتَقَرّاً فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مُسْتَوْدَعاً عِنْدَهُ فَأَمَّا الْمُسْتَقَرُّ فَالَّذِي لَا يَسْلُبُ اللَّهُ ذَلِكَ أَبَداً وَأَمَّا الْمُسْتَوْدَعُ فَالَّذِي يُعْطَاهُ الرَّجُلُ ثُمَّ يُسْلَبُهُ إِيَّاهُ‏

وَ قَالَ صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنِ الْمَعْرِفَةِ هَلْ لِلْعِبَادِ فِيهَا صُنْعٌ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         449    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 442

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 445

قَالَ ع لَا قُلْتُ لَهُمْ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ ع نَعَمْ تَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرِفَةِ وَتَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ بِالصَّوَابِ‏

وَ قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنْ أَفَاعِيلِ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ قَالَ ع هِيَ وَاللَّهِ مَخْلُوقَةٌ أَرَادَ خَلْقَ تَقْدِيرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِينٍ ثُمَّ قَالَ ع إِنَّ الْإِيمَانَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَالتَّقْوَى أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ وَلَمْ يُعْطَ بَنُو آدَمَ أَفْضَلَ مِنَ الْيَقِينِ‏

وَ سُئِلَ عَنْ خِيَارِ الْعِبَادِ فَقَالَ ع الَّذِينَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَإِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَإِذَا أُعْطُوا شَكَرُوا وَإِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا وَإِذَا غَضِبُوا عَفَوْا

وَ سُئِلَ ع عَنْ حَدِّ التَّوَكُّلِ فَقَالَ ع أَنْ لَا تَخَافَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ‏

وَ قَالَ ع مِنَ السُّنَّةِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ عِنْدَ التَّزْوِيجِ‏

وَ قَالَ ع الْإِيمَانُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَالتَّسْلِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَالتَّفْوِيضُ إِلَى اللَّهِ قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ- وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا

وَ قَالَ ع صِلْ رَحِمَكَ وَلَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ وَأَفْضَلُ مَا تُوصَلُ بِهِ الرَّحِمُ كَفُّ الْأَذَى عَنْهَا وَقَالَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى‏

وَ قَالَ ع إِنَّ مِنْ عَلَامَاتِ الْفِقْهِ الْحِلْمَ وَالْعِلْمَ وَالصَّمْتُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِكْمَةِ إِنَّ الصَّمْتَ يَكْسِبُ الْمَحَبَّةَ إِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ

وَ قَالَ ع إِنَّ الَّذِي يَطْلُبُ مِنْ فَضْلٍ يَكُفُّ بِهِ عِيَالَهُ أَعْظَمُ أَجْراً مِنَ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 446

وَ قِيلَ لَهُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ فَقَالَ ع أَصْبَحْتُ بِأَجَلٍ مَنْقُوصٍ وَعَمَلٍ مَحْفُوظٍ وَالْمَوْتُ فِي رِقَابِنَا وَالنَّارُ مِنْ وَرَائِنَا وَلَا نَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِنَا

وَ قَالَ ع خَمْسٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَلَا تَرْجُوهُ لِشَيْ‏ءٍ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَنْ لَمْ تَعْرِفِ الْوَثَاقَةَ فِي أُرُومَتِهِ وَالْكَرَمَ فِي طِبَاعِهِ وَالرَّصَانَةَ فِي خُلُقِهِ وَالنُّبْلَ فِي نَفْسِهِ وَالْمَخَافَةَ لِرَبِّهِ‏

وَ قَالَ ع مَا الْتَقَتْ فِئَتَانِ قَطُّ إِلَّا نُصِرَ أَعْظَمُهُمَا عَفْواً

وَ قَالَ ع السَّخِيُّ يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ النَّاسِ لِيَأْكُلُوا مِنْ طَعَامِهِ وَالْبَخِيلُ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ النَّاسِ لِئَلَّا يَأْكُلُوا مِنْ طَعَامِهِ‏

وَ قَالَ ع إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ نَرَى وَعْدَنَا عَلَيْنَا دَيْناً كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏

وَ قَالَ ع يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ الْعَافِيَةُ فِيهِ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي اعْتِزَالِ النَّاسِ وَوَاحِدٌ فِي الصَّمْتِ‏

وَ قَالَ لَهُ مُعَمَّرُ بْنُ خَلَّادٍ عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَكَ فَقَالَ ع يَا مُعَمَّرُ ذَاكَ فَرَجُكُمْ أَنْتُمْ فَأَمَّا أَنَا فَوَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا مِزْوَدٌ فِيهِ كَفُّ سَوِيقٍ مَخْتُومٌ بِخَاتَمٍ‏

وَ قَالَ ع عَوْنُكَ لِلضَّعِيفِ مِنْ أَفْضَلِ الصَّدَقَةِ

وَ قَالَ ع لَا يَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ ثَلَاثٌ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ وَحُسْنُ التَّقْدِيرِ فِي الْمَعِيشَةِ وَالصَّبْرُ عَلَى الرَّزَايَا

وَ قَالَ ع لِأَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ يَا دَاوُدُ إِنَّ لَنَا عَلَيْكُمْ حَقّاً

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 447

بِرَسُولِ اللَّهِ ص وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْنَا حَقّاً فَمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَجَبَ حَقُّهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقَّنَا فَلَا حَقَّ لَهُ‏

وَ حَضَرَ ع يَوْماً مَجْلِسَ الْمَأْمُونِ وَذُو الرِّئَاسَتَيْنِ حَاضِرٌ فَتَذَاكَرُوا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَأَيُّهُمَا خُلِقَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَسَأَلَ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ الرِّضَا ع عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ ع لَهُ تُحِبُّ أَنْ أُعْطِيَكَ الْجَوَابَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَمْ حِسَابِكَ فَقَالَ أُرِيدُهُ أَوَّلًا مِنَ الْحِسَابِ فَقَالَ ع أَ لَيْسَ تَقُولُونَ إِنَّ طَالِعَ الدُّنْيَا السَّرَطَانُ وَإِنَّ الْكَوَاكِبَ كَانَتْ فِي أَشْرَافِهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَزُحَلُ فِي الْمِيزَانِ وَالْمُشْتَرِي فِي السَّرَطَانِ وَالْمِرِّيخُ فِي الْجَدْيِ وَالزُّهَرَةُ فِي الْحُوتِ وَالْقَمَرُ فِي الثَّوْرِ وَالشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ فِي الْحَمَلِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا نَهَاراً قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ ع قَوْلُهُ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ أَيْ إِنَّ النَّهَارَ سَبَقَهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 448

قَالَ عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع فَقَالَ لِي يَا عَلِيُّ مَنْ أَحْسَنُ النَّاسِ مَعَاشاً قُلْتُ أَنْتَ يَا سَيِّدِي أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي فَقَالَ ع يَا عَلِيُّ مَنْ حَسَّنَ مَعَاشَ غَيْرِهِ فِي مَعَاشِهِ يَا عَلِيُّ مَنْ أَسْوَأُ النَّاسِ مَعَاشاً قُلْتُ أَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ مَنْ لَمْ يُعِشْ غَيْرَهُ فِي مَعَاشِهِ يَا عَلِيُّ أَحْسِنُوا جِوَارَ النِّعَمِ فَإِنَّهَا وَحْشِيَّةٌ مَا نَأَتْ عَنْ قَوْمٍ فَعَادَتْ إِلَيْهِمْ يَا عَلِيُّ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ مَنَعَ رِفْدَهُ وَأَكَلَ وَحْدَهُ وَجَلَدَ عَبْدَهُ‏

وَ قَالَ لَهُ ع رَجُلٌ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ إِنِّي أَفْطَرْتُ الْيَوْمَ عَلَى تَمْرٍ وَطِينِ الْقَبْرِ فَقَالَ ع جَمَعْتَ السُّنَّةَ وَالْبَرَكَةَ

وَ قَالَ ع لِأَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ يَا أَبَا هَاشِمٍ الْعَقْلُ حِبَاءٌ مِنَ اللَّهِ وَالْأَدَبُ كُلْفَةٌ فَمَنْ تَكَلَّفَ الْأَدَبَ قَدَرَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَكَلَّفَ الْعَقْلَ لَمْ يَزْدَدْ بِذَلِكَ إِلَّا جَهْلًا

وَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ وَالْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ دَخَلْنَا عَلَى الرِّضَا ع فَقُلْنَا إِنَّا كُنَّا فِي سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ وَغَضَارَةٍ مِنَ الْعَيْشِ فَتَغَيَّرَتِ الْحَالُ بَعْضَ التَّغَيُّرِ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ إِلَيْنَا فَقَالَ ع أَيَّ شَيْ‏ءٍ تُرِيدُونَ تَكُونُونَ مُلُوكاً أَ يَسُرُّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         454    مسألة غريبة .....  ص : 454

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 449

طَاهِرٍ وَهَرْثَمَةَ وَإِنَّكُمْ عَلَى خِلَافِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَا وَاللَّهِ مَا سَرَّنِي أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا ذَهَباً وَفِضَّةً وَإِنِّي عَلَى خِلَافِ مَا أَنَا عَلَيْهِ فَقَالَ ع إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ أَحْسِنِ الظَّنَّ بِاللَّهِ فَإِنَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ كَانَ اللَّهُ عِنْدَ ظَنِّهِ وَمَنْ رَضِيَ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ قُبِلَ مِنْهُ الْيَسِيرُ مِنَ الْعَمَلِ وَمَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَنُعِّمَ أَهْلُهُ وَبَصَّرَهُ اللَّهُ دَاءَ الدُّنْيَا وَدَوَاءَهَا وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 450

وَ قَالَ لَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ مَا الْحُجَّةُ عَلَى الْخَلْقِ الْيَوْمَ فَقَالَ ع الْعَقْلُ يَعْرِفُ بِهِ الصَّادِقَ عَلَى اللَّهِ فَيُصَدِّقُهُ وَالْكَاذِبَ عَلَى اللَّهِ فَيُكَذِّبُهُ فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ هَذَا وَاللَّهِ هُوَ الْجَوَابُ‏

وَ قَالَ ع لَا يُقَبِّلِ الرَّجُلُ يَدَ الرَّجُلِ فَإِنَّ قُبْلَةَ يَدِهِ كَالصَّلَاةِ لَهُ‏

وَ قَالَ ع لَيْسَ لِبَخِيلٍ رَاحَةٌ وَلَا لِحَسُودٍ لَذَّةٌ وَلَا لِمَلُولٍ وَفَاءٌ وَلَا لِكَذُوبٍ مُرُوَّةٌ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 451

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

و روي عن الإمام الناصح الهادي أبي جعفر محمد بن علي ع في طوال هذه المعاني‏

جوابه ع في محرم قتل صيدا

لَمَّا عَزَمَ الْمَأْمُونُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ أُمَّ الْفَضْلِ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرِّضَا ع اجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُ بَيْتِهِ الْأَدْنَوْنَ مِنْهُ فَقَالُوا لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَاشَدْنَاكَ أَنْ تُخْرِجَ عَنَّا أَمْراً قَدْ مَلِكْنَاهُ وَتَنْزِعَ عَنَّا عِزّاً قَدْ لَبِسْنَاهُ وَتَعْلَمُ الْأَمْرَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ آلِ عَلِيٍّ قَدِيماً وَحَدِيثاً فَقَالَ الْمَأْمُونُ أَمْسِكُوا وَاللَّهِ لَا قَبِلْتُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي أَمْرِهِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ تُزَوِّجُ ابْنَتَكَ وَقُرَّةَ عَيْنِكَ صَبِيّاً لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي دِينِ اللَّهِ وَلَا يَعْرِفُ حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ وَلَا فَرْضاً مِنْ سُنَّةٍ وَلِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِذْ ذَاكَ تِسْعُ سِنِينَ فَلَوْ صَبَرْتَ لَهُ حَتَّى يَتَأَدَّبَ وَيَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَيَعْرِفَ الْحَلَالَ مِنَ الْحَرَامِ فَقَالَ الْمَأْمُونُ إِنَّهُ لَأَفْقَهُ مِنْكُمْ وَأَعْلَمُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَسُنَّتِهِ وَأَحْكَامِهِ وَأَقْرَأُ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْكُمْ وَأَعْلَمُ بِمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَخَاصِّهِ وَعَامِّهِ وَتَنْزِيلِهِ وَتَأْوِيلِهِ مِنْكُمْ فَاسْأَلُوهُ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَصَفْتُمْ قَبِلْتُ مِنْكُمْ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُ عَلِمْتُ أَنَّ الرَّجُلَ خَلَفٌ مِنْكُمْ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَبَعَثُوا إِلَى يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 452

قَاضِي الْقُضَاةِ فَجَعَلُوا حَاجَتَهُمْ إِلَيْهِ وَأَطْمَعُوهُ فِي هَدَايَا عَلَى أَنْ يَحْتَالَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع بِمَسْأَلَةٍ فِي الْفِقْهِ لَا يَدْرِي مَا الْجَوَابُ فِيهَا فَلَمَّا حَضَرُوا وَحَضَرَ أَبُو جَعْفَرٍ ع قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الْقَاضِي إِنْ أَذِنْتَ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ يَا يَحْيَى سَلْ أَبَا جَعْفَرٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الْفِقْهِ لِتَنْظُرَ كَيْفَ فِقْهُهُ فَقَالَ يَحْيَى يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا تَقُولُ فِي مُحْرِمٍ قَتَلَ صَيْداً فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع قَتَلَهُ فِي حِلٍّ أَمْ حَرَمٍ عَالِماً أَوْ جَاهِلًا عَمْداً أَوْ خَطَأً عَبْداً أَوْ حُرّاً صَغِيراً أَوْ كَبِيراً مُبْدِئاً أَوْ مُعِيداً مِنْ ذَوَاتِ الطَّيْرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ صِغَارِ الطَّيْرِ أَوْ كِبَارِهِ مُصِرّاً أَوْ نَادِماً بِاللَّيْلِ فِي أَوْكَارِهَا أَوْ بِالنَّهَارِ وَعِيَاناً مُحْرِماً لِلْحَجِّ أَوْ لِلْعُمْرَةِ قَالَ فَانْقَطَعَ يَحْيَى انْقِطَاعاً لَمْ يَخْفَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَجْلِسِ انْقِطَاعُهُ وَتَحَيَّرَ النَّاسُ عَجَباً مِنْ جَوَابِ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ الْمَأْمُونُ أَخْطُبُ أَبَا جَعْفَرٍ فَقَالَ ع نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِقْرَاراً بِنِعْمَتِهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِجْلَالًا لِعَظَمَتِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ كَانَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ عَلَى الْأَنَامِ أَنْ أَغْنَاهُمْ بِالْحَلَالِ عَنِ الْحَرَامِ فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ وَأَنْكِحُوا الْأَيامى‏ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ خَطَبَ أُمَّ الْفَضْلِ ابْنَةَ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ بَذَلَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَدْ زَوَّجْتُهُ فَهَلْ قَبِلْتَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ فَقَالَ ع قَدْ قَبِلْتُ هَذَا التَّزْوِيجَ بِهَذَا الصَّدَاقِ فَأَوْلَمَ الْمَأْمُونُ وَأَجَازَ النَّاسَ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ أَهْلَ الْخَاصَّةِ وَأَهْلَ الْعَامَّةِ وَالْأَشْرَافَ وَالْعُمَّالَ وَأَوْصَلَ إِلَى كُلِّ طَبَقَةٍ بِرّاً عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ فَلَمَّا تَفَرَّقَ أَكْثَرُ النَّاسِ قَالَ الْمَأْمُونُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعَرِّفَنَا مَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ صِنْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فَقَالَ ع إِنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا قَتَلَ صَيْداً فِي الْحِلِّ وَكَانَ الصَّيْدُ مِنْ ذَوَاتِ الطَّيْرِ مِنْ كِبَارِهَا فَعَلَيْهِ شَاةٌ فَإِنْ أَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ مُضَاعَفاً وَإِنْ قَتَلَ فَرْخاً فِي الْحِلِّ فَعَلَيْهِ حَمَلٌ قَدْ فُطِمَ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَرَمِ وَإِذَا قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْحَمَلُ وَقِيمَةُ الْفَرْخِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْوَحْشِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 453

فَعَلَيْهِ فِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَإِنْ كَانَ نَعَامَةً فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَصُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً وَإِنْ كَانَ بَقَرَةً فَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيُطْعِمْ ثَلَاثِينَ مِسْكِيناً فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَصُمْ تِسْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَ ظَبْياً فَعَلَيْهِ شَاةٌ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيُطْعِمْ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ أَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ مُضَاعَفاً- هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ حَقّاً وَاجِباً أَنْ يَنْحَرَهُ إِنْ كَانَ فِي حَجٍّ بِمِنًى حَيْثُ يَنْحَرُ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ فِي عُمْرَةٍ يَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ فِي فِنَاءِ الْكَعْبَةِ وَيَتَصَدَّقُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ حَتَّى يَكُونَ مُضَاعَفاً وَكَذَلِكَ إِذَا أَصَابَ أَرْنَباً أَوْ ثَعْلَباً فَعَلَيْهِ شَاةٌ وَيَتَصَدَّقُ بِمِثْلِ ثَمَنِ شَاةٍ وَإِنْ قَتَلَ حَمَاماً مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَدِرْهَمٌ يَشْتَرِي بِهِ عَلَفاً لِحَمَامِ الْحَرَمِ وَفِي الْفَرْخِ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَفِي الْبَيْضَةِ رُبُعُ دِرْهَمٍ وَكُلُّ مَا أَتَى بِهِ الْمُحْرِمُ بِجَهَالَةٍ أَوْ خَطَإٍ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ إِلَّا الصَّيْدَ فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهِ الْفِدَاءَ بِجَهَالَةٍ كَانَ أَمْ بِعِلْمٍ بِخَطَإٍ كَانَ أَمْ بِعَمْدٍ وَكُلُّ مَا أَتَى بِهِ الْعَبْدُ فَكَفَّارَتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ مِثْلَ مَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ وَكُلُّ مَا أَتَى بِهِ الصَّغِيرُ الَّذِي لَيْسَ بِبَالِغٍ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ فَهُوَ مِمَّنْ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى الصَّيْدِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَقُتِلَ الصَّيْدُ فَعَلَيْهِ فِيهِ الْفِدَاءُ وَالْمُصِرُّ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ بَعْدَ الْفِدَاءِ الْعُقُوبَةُ فِي الْآخِرَةِ وَالنَّادِمُ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفِدَاءِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ أَصَابَهُ لَيْلًا أَوْكَارَهَا خَطَأً فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَتَصَيَّدَ فَإِنْ تَصَيَّدَ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَعَلَيْهِ فِيهِ الْفِدَاءُ وَالْمُحْرِمُ لِلْحَجِّ يَنْحَرُ الْفِدَاءَ بِمَكَّةَ قَالَ فَأَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا تَزْوِيجَهُ فَقَالَ هَلْ فِيكُمْ مَنْ يُجِيبُ بِهَذَا الْجَوَابِ قَالُوا لَا وَاللَّهِ وَلَا الْقَاضِي فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُنْتَ أَعْلَمَ بِهِ مِنَّا فَقَالَ وَيْحَكُمْ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ لَيْسُوا خَلْقاً مِنْ هَذَا الْخَلْقِ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص بَايَعَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ ع وَهُمَا صَبِيَّانِ وَلَمْ يُبَايِعْ غَيْرَهُمَا طِفْلَيْنِ أَ وَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاهُمْ عَلِيّاً ع آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ فَقَبِلَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِيمَانَهُ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ طِفْلٍ غَيْرِهِ وَلَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص طِفْلًا غَيْرَهُ أَ وَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهَا ذُرِّيَّةٌ بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ يَجْرِي لآِخِرِهِمْ مَا يَجْرِي لِأَوَّلِهِمْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         458    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 455

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 454

مسألة غريبة

قَالَ الْمَأْمُونُ لِيَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ اطْرَحْ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا ع مَسْأَلَةً تَقْطَعُهُ فِيهَا فَقَالَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى زِنًا أَ يَحِلُّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ ع يَدَعُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ نُطْفَتِهِ وَنُطْفَةِ غَيْرِهِ إِذْ لَا يُؤْمَنُ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ قَدْ أَحْدَثَتْ مَعَ غَيْرِهِ حَدَثاً كَمَا أَحْدَثَتْ مَعَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُ بِهَا إِنْ أَرَادَ فَإِنَّمَا مَثَلُهَا مَثَلُ نَخْلَةٍ أَكَلَ رَجُلٌ مِنْهَا حَرَاماً ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَأَكَلَ مِنْهَا حَلَالًا فَانْقَطَعَ يَحْيَى فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ بِالْغَدَاةِ وَحَلَّتْ لَهُ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ نِصْفَ النَّهَارِ ثُمَّ حَلَّتْ لَهُ الظُّهْرَ ثُمَّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْعَصْرَ ثُمَّ حَلَّتْ لَهُ الْمَغْرِبَ ثُمَّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ نِصْفَ اللَّيْلِ ثُمَّ حَلَّتْ لَهُ الْفَجْرَ ثُمَّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ ثُمَّ حَلَّتْ لَهُ نِصْفَ النَّهَارِ فَبَقِيَ يَحْيَى وَالْفُقَهَاءُ بُلْساً خُرْساً فَقَالَ الْمَأْمُونُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَعَزَّكَ اللَّهُ بَيِّنْ لَنَا هَذَا قَالَ ع هَذَا رَجُلٌ نَظَرَ إِلَى مَمْلُوكَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ اشْتَرَاهَا فَحَلَّتْ لَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَحَلَّتْ لَهُ فَظَاهَرَ مِنْهَا فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَكَفَّرَ الظِّهَارَ فَحَلَّتْ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَحَلَّتْ لَهُ فَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَتَابَ وَرَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَحَلَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ كَمَا أَقَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ص نِكَاحَ زَيْنَبَ مَعَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ حَيْثُ أَسْلَمَ عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 455

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْصِنِي قَالَ ع وَتَقْبَلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَوَسَّدِ الصَّبْرَ وَاعْتَنِقِ الْفَقْرَ وَارْفَضِ الشَّهَوَاتِ وَخَالِفِ الْهَوَى وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَخْلُوَ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ‏

وَ قَالَ ع أَوْحَى اللَّهُ إِلَى بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ أَمَّا زُهْدُكَ فِي الدُّنْيَا فَتُعَجِّلُكَ الرَّاحَةُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 456

وَ أَمَّا انْقِطَاعُكَ إِلَيَّ فَيُعَزِّزُكَ بِي وَلَكِنْ هَلْ عَادَيْتَ لِي عَدُوّاً وَوَالَيْتَ لِي وَلِيّاً

وَ رُوِيَ أَنَّهُ حُمِلَ لَهُ حِمْلُ بَزٍّ لَهُ قِيمَةٌ كَثِيرَةٌ فَسُلَّ فِي الطَّرِيقِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الَّذِي حَمَلَهُ يُعَرِّفُهُ الْخَبَرَ فَوَقَّعَ بِخَطِّهِ إِنَّ أَنْفُسَنَا وَأَمْوَالَنَا مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ الْهَنِيئَةِ وَعَوَارِيهِ الْمُسْتَوْدَعَةِ يُمَتِّعُ بِمَا مَتَّعَ مِنْهَا فِي سُرُورٍ وَغِبْطَةٍ وَيَأْخُذُ مَا أَخَذَ مِنْهَا فِي أَجْرٍ وَحِسْبَةٍ فَمَنْ غَلَبَ جَزَعُهُ عَلَى صَبْرِهِ حَبِطَ أَجْرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ شَهِدَ أَمْراً فَكَرِهَهُ كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهُ وَمَنْ غَابَ عَنْ أَمْرٍ فَرَضِيَهُ كَانَ كَمَنْ شَهِدَهُ‏

وَ قَالَ ع مَنْ أَصْغَى إِلَى نَاطِقٍ فَقَدْ عَبَدَهُ فَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ عَنِ اللَّهِ فَقَدْ عَبَدَ اللَّهَ وَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ يَنْطِقُ عَنْ لِسَانِ إِبْلِيسَ فَقَدْ عَبَدَ إِبْلِيسَ‏

وَ قَالَ دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِمِ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّمَدِ فَقَالَ ع الَّذِي لَا سُرَّةَ لَهُ قُلْتُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ فَقَالَ ع كُلُّ ذِي جَوْفٍ لَهُ سُرَّةٌ

فَقَالَ لَهُ أَبُو هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيُّ فِي يَوْمٍ تَزَوَّجَ أُمَّ الْفَضْلِ ابْنَةَ الْمَأْمُونِ يَا مَوْلَايَ لَقَدْ عَظُمَتْ عَلَيْنَا بَرَكَةُ هَذَا الْيَوْمِ فَقَالَ ع يَا أَبَا هَاشِمٍ عَظُمَتْ بَرَكَاتُ اللَّهِ عَلَيْنَا فِيهِ قُلْتُ نَعَمْ يَا مَوْلَايَ فَمَا أَقُولُ فِي الْيَوْمِ فَقَالَ قُلْ فِيهِ خَيْراً فَإِنَّهُ يُصِيبُكَ قُلْتُ يَا مَوْلَايَ أَفْعَلُ هَذَا وَلَا أُخَالِفُهُ قَالَ ع إِذاً تُرْشَدُ وَلَا تَرَى إِلَّا خَيْراً

وَ كَتَبَ إِلَى بَعْضِ أَوْلِيَائِهِ أَمَّا هَذِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّا فِيهَا مُغْتَرِفُونَ وَلَكِنْ مَنْ كَانَ هَوَاهُ هَوَى صَاحِبِهِ وَدَانَ بِدِينِهِ فَهُوَ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ وَالْآخِرَةُ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ

وَ قَالَ ع تَأْخِيرُ التَّوْبَةِ اغْتِرَارٌ وَطُولُ التَّسْوِيفِ حَيْرَةٌ وَالِاعْتِلَالُ عَلَى اللَّهِ هَلَكَةٌ وَالْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ أَمْنٌ لِمَكْرِ اللَّهِ- فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 457

وَ رُوِيَ أَنَّ جَمَّالًا حَمَلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْكُوفَةِ فَكَلَّمَهُ فِي صِلَتِهِ وَقَدْ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَصَلَهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ ع سُبْحَانَ اللَّهِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ الْمَزِيدُ مِنَ اللَّهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الشُّكْرُ مِنَ الْعِبَادِ

وَ قَالَ ع كَانَتْ مُبَايَعَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص النِّسَاءَ أَنْ يَغْمِسَ يَدَهُ فِي إِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ يُخْرِجُهَا وَتَغْمِسُ النِّسَاءُ بِأَيْدِيهِنَّ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ بِالْإِقْرَارِ وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِهِ عَلَى مَا أَخَذَ عَلَيْهِنَ‏

وَ قَالَ ع إِظْهَارُ الشَّيْ‏ءِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْكَمَ مَفْسَدَةٌ لَهُ‏

وَ قَالَ ع الْمُؤْمِنُ يَحْتَاجُ إِلَى تَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ وَوَاعِظٍ مِنْ نَفْسِهِ وَقَبُولٍ مِمَّنْ يَنْصَحُهُ‏

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         461    رسالته ع في الرد على أهل الجبر والتفويض وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين .....  ص : 458

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 458

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

و روي عن الإمام الراشد الصابر أبي الحسن علي بن محمد ع في طوال هذه المعاني‏

رسالته ع في الرد على أهل الجبر والتفويض وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين‏

مِنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَعَلى‏ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى‏ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَإِنَّهُ وَرَدَ عَلَيَّ كِتَابُكُمْ وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتُمْ مِنِ اخْتِلَافِكُمْ فِي دِينِكُمْ وَخَوْضِكُمْ فِي الْقَدَرِ وَمَقَالَةِ مَنْ يَقُولُ مِنْكُمْ بِالْجَبْرِ وَمَنْ يَقُولُ بِالتَّفْوِيضِ وَتَفَرُّقِكُمْ فِي ذَلِكَ وَتَقَاطُعِكُمْ وَمَا ظَهَرَ مِنَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَكُمْ ثُمَّ سَأَلْتُمُونِي عَنْهُ وَبَيَانِهِ لَكُمْ وَفَهِمْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّا نَظَرْنَا فِي الْآثَارِ وَكَثْرَةِ مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ فَوَجَدْنَاهَا عِنْدَ جَمِيعِ مَنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ مِمَّنْ يَعْقِلُ عَنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ لَا تَخْلُو مِنْ مَعْنَيَيْنِ إِمَّا حَقٌّ فَيُتَّبَعُ وَإِمَّا بَاطِلٌ فَيُجْتَنَبُ وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ قَاطِبَةً لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ لَا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْفِرَقِ وَفِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ مُقِرُّونَ بِتَصْدِيقِ الْكِتَابِ وَتَحْقِيقِهِ مُصِيبُونَ مُهْتَدُونَ وَذَلِكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ فَأَخْبَرَ أَنَّ جَمِيعَ مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ كُلُّهَا حَقٌّ هَذَا إِذَا لَمْ يُخَالِفْ بَعْضُهَا بَعْضاً وَالْقُرْآنُ حَقٌّ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي تَنْزِيلِهِ وَتَصْدِيقِهِ فَإِذَا شَهِدَ الْقُرْآنُ بِتَصْدِيقِ خَبَرٍ وَتَحْقِيقِهِ وَأَنْكَرَ الْخَبَرَ طَائِفَةٌ مِنَ الْأُمَّةِ لَزِمَهُمُ الْإِقْرَارُ بِهِ ضَرُورَةً حِينَ اجْتَمَعَتْ فِي الْأَصْلِ عَلَى تَصْدِيقِ الْكِتَابِ فَإِنْ هِيَ جَحَدَتْ وَأَنْكَرَتْ لَزِمَهَا الْخُرُوجُ مِنَ الْمِلَّةِ فَأَوَّلُ خَبَرٍ يُعْرَفُ تَحْقِيقُهُ مِنَ الْكِتَابِ وَتَصْدِيقُهُ وَالْتِمَاسُ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ خَبَرٌ وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَوُجِدَ بِمُوَافَقَةِ الْكِتَابِ وَتَصْدِيقِهِ بِحَيْثُ لَا تُخَالِفُهُ أَقَاوِيلُهُمْ حَيْثُ قَالَ إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 459

بِهِمَا وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَلَمَّا وَجَدْنَا شَوَاهِدَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ اللَّهِ نَصّاً مِثْلَ قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ.  وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ وَرَوَتِ الْعَامَّةُ فِي ذَلِكَ أَخْبَاراً لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ فَشَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُ وَأَنْزَلَ الْآيَةَ فِيهِ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ أَتَى بِقَوْلِهِ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَبِقَوْلِهِ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَوَجَدْنَاهُ يَقُولُ عَلِيٌّ يَقْضِي دَيْنِي وَيُنْجِزُ مَوْعِدِي وَهُوَ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي فَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ الَّذِي اسْتُنْبِطَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْأَخْبَارُ خَبَرٌ صَحِيحٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ أَيْضاً مُوَافِقٌ لِلْكِتَابِ فَلَمَّا شَهِدَ الْكِتَابُ بِتَصْدِيقِ الْخَبَرِ وَهَذِهِ الشَّوَاهِدُ الْأُخَرُ لَزِمَ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِقْرَارُ بِهَا ضَرُورَةً إِذْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ شَوَاهِدُهَا مِنَ الْقُرْآنِ نَاطِقَةٌ وَوَافَقَتِ الْقُرْآنَ وَالْقُرْآنُ وَافَقَهَا ثُمَّ وَرَدَتْ حَقَائِقُ الْأَخْبَارِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص عَنِ الصَّادِقِينَ ع وَنَقَلَهَا قَوْمٌ ثِقَاتٌ مَعْرُوفُونَ فَصَارَ الِاقْتِدَاءُ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ فَرْضاً وَاجِباً عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ لَا يَتَعَدَّاهُ إِلَّا أَهْلُ الْعِنَادِ وَذَلِكَ أَنَّ أَقَاوِيلَ آلِ رَسُولِ اللَّهِ ص مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِ اللَّهِ وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ- إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً وَوَجَدْنَا نَظِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص مَنْ آذَى عَلِيّاً فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَمَنْ آذَى اللَّهَ يُوشِكُ أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ص مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ وَمِثْلُ قَوْلِهِ ص فِي بَنِي وَلِيعَةَ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلًا كَنَفْسِي يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قُمْ يَا عَلِيُّ فَسِرْ إِلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ ص يَوْمَ خَيْبَرَ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ غَداً رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَرَّاراً غَيْرَ فَرَّارٍ لَا يَرْجِعُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 460

حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْفَتْحِ قَبْلَ التَّوْجِيهِ فَاسْتَشْرَفَ لِكَلَامِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَعَا عَلِيّاً ع فَبَعَثَهُ إِلَيْهِمْ فَاصْطَفَاهُ بِهَذِهِ الْمَنْقَبَةِ وَسَمَّاهُ كَرَّاراً غَيْرَ فَرَّارٍ فَسَمَّاهُ اللَّهُ مُحِبّاً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُحِبَّانِهِ وَإِنَّمَا قَدَّمْنَا هَذَا الشَّرْحَ وَالْبَيَانَ دَلِيلًا عَلَى مَا أَرَدْنَا وَقُوَّةً لِمَا نَحْنُ مُبَيِّنُوهُ مِنْ أَمْرِ الْجَبْرِ وَالتَّفْوِيضِ وَالْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ وَالْقُوَّةُ وَعَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا فَإِنَّا نَبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِ الصَّادِقِ ع لَا جَبْرَ وَلَا تَفْوِيضَ وَلَكِنْ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَهِيَ صِحَّةُ الْخِلْقَةِ وَتَخْلِيَةُ السَّرْبِ وَالْمُهْلَةُ فِي الْوَقْتِ وَالزَّادُ مِثْلُ الرَّاحِلَةِ وَالسَّبَبُ الْمُهَيِّجُ لِلْفَاعِلِ عَلَى فِعْلِهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ جَمَعَ بِهِ الصَّادِقُ ع جَوَامِعَ الْفَضْلِ فَإِذَا نَقَصَ الْعَبْدُ مِنْهَا خَلَّةً كَانَ الْعَمَلُ عَنْهُ مَطْرُوحاً بِحَسَبِهِ فَأَخْبَرَ الصَّادِقُ ع بِأَصْلِ مَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ مِنْ طَلَبِ مَعْرِفَتِهِ وَنَطَقَ الْكِتَابُ بِتَصْدِيقِهِ فَشَهِدَ بِذَلِكَ مُحْكَمَاتُ آيَاتِ رَسُولِهِ لِأَنَّ الرَّسُولَ ص وَآلَهُ ع لَا يَعْدُونَ شَيْئاً مِنْ قَوْلِهِ وَأَقَاوِيلُهُمْ حُدُودُ الْقُرْآنِ فَإِذَا وَرَدَتْ حَقَائِقُ الْأَخْبَارِ وَالْتُمِسَتْ شَوَاهِدُهَا مِنَ التَّنْزِيلِ فَوُجِدَ لَهَا مُوَافِقاً وَعَلَيْهَا دَلِيلًا كَانَ الِاقْتِدَاءُ بِهَا فَرْضاً لَا يَتَعَدَّاهُ إِلَّا أَهْلُ الْعِنَادِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَلَمَّا الْتَمَسْنَا تَحْقِيقَ مَا قَالَهُ الصَّادِقُ ع مِنَ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَإِنْكَارِهِ الْجَبْرَ وَالتَّفْوِيضَ وَجَدْنَا الْكِتَابَ قَدْ شَهِدَ لَهُ وَصَدَّقَ مَقَالَتَهُ فِي هَذَا وَخَبَرٌ عَنْهُ أَيْضاً مُوَافِقٌ لِهَذَا أَنَّ الصَّادِقَ ع سُئِلَ هَلْ أَجْبَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي فَقَالَ الصَّادِقُ ع هُوَ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ فَهَلْ فَوَّضَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ ع هُوَ أَعَزُّ وَأَقْهَرُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ النَّاسُ فِي الْقَدَرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّ الْأَمْرَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ فَقَدْ وَهَّنَ اللَّهَ فِي سُلْطَانِهِ فَهُوَ هَالِكٌ وَرَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَجْبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي وَكَلَّفَهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ فَقَدْ ظَلَّمَ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ فَهُوَ هَالِكٌ وَرَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ كَلَّفَ الْعِبَادَ مَا يُطِيقُونَ وَلَمْ يُكَلِّفْهُمْ مَا لَا

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         464    رسالته ع في الرد على أهل الجبر والتفويض وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين .....  ص : 458

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 461

يُطِيقُونَ فَإِذَا أَحْسَنَ حَمِدَ اللَّهَ وَإِذَا أَسَاءَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ فَهَذَا مُسْلِمٌ بَالِغٌ فَأَخْبَرَ ع أَنَّ مَنْ تَقَلَّدَ الْجَبْرَ وَالتَّفْوِيضَ وَدَانَ بِهِمَا فَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْحَقِّ فَقَدْ شَرَحْتُ الْجَبْرَ الَّذِي مَنْ دَانَ بِهِ يَلْزَمُهُ الْخَطَأُ وَأَنَّ الَّذِي يَتَقَلَّدُ التَّفْوِيضَ يَلْزَمُهُ الْبَاطِلُ فَصَارَتِ الْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ ع وَأَضْرِبُ لِكُلِّ بَابٍ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مَثَلًا يُقَرِّبُ الْمَعْنَى لِلطَّالِبِ وَيُسَهِّلُ لَهُ الْبَحْثَ عَنْ شَرْحِهِ تَشْهَدُ بِهِ مُحْكَمَاتُ آيَاتِ الْكِتَابِ وَتَحَقَّقَ تَصْدِيقُهُ عِنْدَ ذَوِي الْأَلْبَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ فَأَمَّا الْجَبْرُ الَّذِي يَلْزَمُ مَنْ دَانَ بِهِ الْخَطَأُ فَهُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَجْبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي وَعَاقَبَهُمْ عَلَيْهَا وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ فَقَدْ ظَلَّمَ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ وَكَذَّبَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً وَقَوْلَهُ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وَقَوْلَهُ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ مَعَ آيٍ كَثِيرَةٍ فِي ذِكْرِ هَذَا فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى الْمَعَاصِي فَقَدْ أَحَالَ بِذَنْبِهِ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ ظَلَّمَهُ فِي عُقُوبَتِهِ وَمَنْ ظَلَّمَ اللَّهَ فَقَدْ كَذَّبَ كِتَابَهُ وَمَنْ كَذَّبَ كِتَابَهُ فَقَدْ لَزِمَهُ الْكُفْرُ بِاجْتِمَاعِ الْأُمَّةِ وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبْداً مَمْلُوكاً لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَلَا يَمْلِكُ عَرَضاً مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا وَيَعْلَمُ مَوْلَاهُ ذَلِكَ مِنْهُ فَأَمَرَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِالْمَصِيرِ إِلَى السُّوقِ لِحَاجَةٍ يَأْتِيهِ بِهَا وَلَمْ يُمَلِّكْهُ ثَمَنَ مَا يَأْتِيهِ بِهِ مِنْ حَاجَتِهِ وَعَلِمَ الْمَالِكُ أَنَّ عَلَى الْحَاجَةِ رَقِيباً لَا يَطْمَعُ أَحَدٌ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ إِلَّا بِمَا يَرْضَى بِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَقَدْ وَصَفَ مَالِكُ هَذَا الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِالْعَدْلِ وَالنَّصَفَةِ وَإِظْهَارِ الْحِكْمَةِ وَنَفْيِ الْجَوْرِ وَأَوْعَدَ عَبْدَهُ إِنْ لَمْ يَأْتِهِ بِحَاجَتِهِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِالرَّقِيبِ الَّذِي عَلَى حَاجَتِهِ أَنَّهُ سَيَمْنَعُهُ وَعَلِمَ أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَمْلِكُ ثَمَنَهَا وَلَمْ يُمَلِّكْهُ ذَلِكَ فَلَمَّا صَارَ الْعَبْدُ إِلَى السُّوقِ وَجَاءَ لِيَأْخُذَ حَاجَتَهُ الَّتِي بَعَثَهُ الْمَوْلَى لَهَا وَجَدَ عَلَيْهَا مَانِعاً يَمْنَعُ مِنْهَا إِلَّا بِشِرَاءٍ وَلَيْسَ يَمْلِكُ الْعَبْدُ ثَمَنَهَا فَانْصَرَفَ إِلَى مَوْلَاهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 462

خَائِباً بِغَيْرِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ فَاغْتَاظَ مَوْلَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَاقَبَهُ عَلَيْهِ أَ لَيْسَ يَجِبُ فِي عَدْلِهِ وَحُكْمِهِ أَنْ لَا يُعَاقِبَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَهُ لَا يَمْلِكُ عَرَضاً مِنْ عُرُوضِ الدُّنْيَا وَلَمْ يُمَلِّكْهُ ثَمَنَ حَاجَتِهِ فَإِنْ عَاقَبَهُ عَاقَبَهُ ظَالِماً مُتَعَدِّياً عَلَيْهِ مُبْطِلًا لِمَا وَصَفَ مِنْ عَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ وَنَصَفَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَاقِبْهُ كَذَّبَ نَفْسَهُ فِي وَعِيدِهِ إِيَّاهُ حِينَ أَوْعَدَهُ بِالْكَذِبِ وَالظُّلْمِ اللَّذَيْنِ يَنْفِيَانِ الْعَدْلَ وَالْحِكْمَةَ تَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً فَمَنْ دَانَ بِالْجَبْرِ أَوْ بِمَا يَدْعُو إِلَى الْجَبْرِ فَقَدْ ظَلَّمَ اللَّهَ وَنَسَبَهُ إِلَى الْجَوْرِ وَالْعُدْوَانِ إِذْ أَوْجَبَ عَلَى مَنْ أَجْبَرَهُ الْعُقُوبَةَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعِبَادَ فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ عَنْهُمُ الْعُقُوبَةَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ عَنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي الْعَذَابَ فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ فِي وَعِيدِهِ حَيْثُ يَقُولُ- بَلى‏ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَقَوْلَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً وَقَوْلَهُ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً مَعَ آيٍ كَثِيرَةٍ فِي هَذَا الْفَنِّ مِمَّنْ كَذَّبَ وَعِيدَ اللَّهِ وَيَلْزَمُهُ فِي تَكْذِيبِهِ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الْكُفْرُ وَهُوَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ- أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى‏ أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ بَلْ نَقُولُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ جَازَى الْعِبَادَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَيُعَاقِبُهُمْ عَلَى أَفْعَالِهِمْ بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَهُمْ إِيَّاهَا فَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ بِذَلِكَ وَنَطَقَ كِتَابُهُ- مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى‏ إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ- يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 463

وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَقَالَ الْيَوْمَ تُجْزى‏ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ فَهَذِهِ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ تَنْفِي الْجَبْرَ وَمَنْ دَانَ بِهِ وَمِثْلُهَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ اخْتَصَرْنَا ذَلِكَ لِئَلَّا يَطُولَ الْكِتَابُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا التَّفْوِيضُ الَّذِي أَبْطَلَهُ الصَّادِقُ ع وَأَخْطَأَ مَنْ دَانَ بِهِ وَتَقَلَّدَهُ فَهُوَ قَوْلُ الْقَائِلِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ فَوَّضَ إِلَى الْعِبَادِ اخْتِيَارَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَأَهْمَلَهُمْ وَفِي هَذَا كَلَامٌ دَقِيقٌ لِمَنْ يَذْهَبُ إِلَى تَحْرِيرِهِ وَدِقَّتِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتِ الْأَئِمَّةُ الْمُهْتَدِيَةُ مِنْ عِتْرَةِ الرَّسُولِ ص فَإِنَّهُمْ قَالُوا لَوْ فَوَّضَ إِلَيْهِمْ عَلَى جِهَةِ الْإِهْمَالِ لَكَانَ لَازِماً لَهُ رِضَا مَا اخْتَارُوهُ وَاسْتَوْجَبُوا مِنْهُ الثَّوَابَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِيمَا جَنَوْهُ الْعِقَابُ إِذَا كَانَ الْإِهْمَالُ وَاقِعاً وَتَنْصَرِفُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعِبَادُ تَظَاهَرُوا عَلَيْهِ فَأَلْزَمُوهُ قَبُولَ اخْتِيَارِهِمْ بِآرَائِهِمْ ضَرُورَةً كَرِهَ ذَلِكَ أَمْ أَحَبَّ فَقَدْ لَزِمَهُ الْوَهْنُ أَوْ يَكُونَ جَلَّ وَعَزَّ عَجَزَ عَنْ تَعَبُّدِهِمْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَلَى إِرَادَتِهِ كَرِهُوا أَوْ أَحَبُّوا فَفَوَّضَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ إِلَيْهِمْ وَأَجْرَاهُمَا عَلَى مَحَبَّتِهِمْ إِذْ عَجَزَ عَنْ تَعَبُّدِهِمْ بِإِرَادَتِهِ فَجَعَلَ الِاخْتِيَارَ إِلَيْهِمْ فِي الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبْداً ابْتَاعَهُ لِيَخْدُمَهُ وَيُعَرِّفَ لَهُ فَضْلَ وِلَايَتِهِ وَيَقِفَ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَادَّعَى مَالِكُ الْعَبْدِ أَنَّهُ قَاهِرٌ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَأَمَرَ عَبْدَهُ وَنَهَاهُ وَوَعَدَهُ عَلَى اتِّبَاعِ أَمْرِهِ عَظِيمَ الثَّوَابِ وَأَوْعَدَهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ أَلِيمَ الْعِقَابِ فَخَالَفَ الْعَبْدُ إِرَادَةَ مَالِكِهِ وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ فَأَيُّ أَمْرٍ أَمَرَهُ أَوْ أَيُّ نَهْيٍ نَهَاهُ عَنْهُ لَمْ يَأْتِهِ عَلَى إِرَادَةِ الْمَوْلَى بَلْ كَانَ الْعَبْدُ يَتَّبِعُ إِرَادَةَ نَفْسِهِ وَاتِّبَاعَ هَوَاهُ وَلَا يُطِيقُ الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى اتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَالْوُقُوفِ عَلَى إِرَادَتِهِ فَفَوَّضَ اخْتِيَارَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ إِلَيْهِ وَرَضِيَ مِنْهُ بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ عَلَى إِرَادَةِ الْعَبْدِ لَا عَلَى إِرَادَةِ الْمَالِكِ وَبَعَثَهُ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِ وَسَمَّى لَهُ الْحَاجَةَ فَخَالَفَ عَلَى مَوْلَاهُ وَقَصَدَ لِإِرَادَةِ نَفْسِهِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَوْلَاهُ نَظَرَ إِلَى مَا أَتَاهُ بِهِ فَإِذَا هُوَ خِلَافُ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَقَالَ لَهُ لِمَ أَتَيْتَنِي بِخِلَافِ مَا أَمَرْتُكَ فَقَالَ الْعَبْدُ اتَّكَلْتُ عَلَى تَفْوِيضِكَ الْأَمْرَ إِلَيَّ فَاتَّبَعْتُ هَوَايَ وَإِرَادَتِي لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إِلَيْهِ غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ فَاسْتَحَالَ التَّفْوِيضُ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         468    رسالته ع في الرد على أهل الجبر والتفويض وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين .....  ص : 458

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 464

أَ وَلَيْسَ يَجِبُ عَلَى هَذَا السَّبَبِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ لِلْعَبْدِ قَادِراً يَأْمُرُ عَبْدَهُ بِاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ عَلَى إِرَادَتِهِ لَا عَلَى إِرَادَةِ الْعَبْدِ وَيُمَلِّكُهُ مِنَ الطَّاقَةِ بِقَدْرِ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ وَيَنْهَاهُ عَنْهُ فَإِذَا أَمَرَهُ بِأَمْرٍ وَنَهَاهُ عَنْ نَهْيٍ عَرَّفَهُ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ عَلَيْهِمَا وَحَذَّرَهُ وَرَغَّبَهُ بِصِفَةِ ثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ لِيَعْرِفَ الْعَبْدُ قُدْرَةَ مَوْلَاهُ بِمَا مَلَّكَهُ مِنَ الطَّاقَةِ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَتَرْغِيبِهِ وَتَرْهِيبِهِ فَيَكُونَ عَدْلُهُ وَإِنْصَافُهُ شَامِلًا لَهُ وَحُجَّتُهُ وَاضِحَةً عَلَيْهِ لِلْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ فَإِذَا اتَّبَعَ الْعَبْدُ أَمْرَ مَوْلَاهُ جَازَاهُ وَإِذَا لَمْ يَزْدَجِرْ عَنْ نَهْيِهِ عَاقَبَهُ أَوْ يَكُونَ عَاجِزاً غَيْرَ قَادِرٍ فَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ أَحْسَنَ أَمْ أَسَاءَ أَطَاعَ أَمْ عَصَى عَاجِزٌ عَنْ عُقُوبَتِهِ وَرَدَّهُ إِلَى اتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَفِي إِثْبَاتِ الْعَجْزِ نَفْيُ الْقُدْرَةِ وَالتَّأَلُّهِ وَإِبْطَالُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَمُخَالَفَةُ الْكِتَابِ إِذْ يَقُولُ وَلا يَرْضى‏ لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَقَوْلُهُ وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.  ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ وَقَوْلُهُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَقَوْلُهُ أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوَّضَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ إِلَى عِبَادِهِ فَقَدْ أَثْبَتَ عَلَيْهِ الْعَجْزَ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ قَبُولَ كُلِّ مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَأَبْطَلَ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ وَوَعْدَهُ وَوَعِيدَهُ لِعِلَّةِ مَا زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ فَوَّضَهَا إِلَيْهِ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إِلَيْهِ يَعْمَلُ بِمَشِيئَتِهِ فَإِنْ شَاءَ الْكُفْرَ أَوْ الْإِيمَانَ كَانَ غَيْرَ مَرْدُودٍ عَلَيْهِ وَلَا مَحْظُورٍ فَمَنْ دَانَ بِالتَّفْوِيضِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَقَدْ أَبْطَلَ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ- أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 465

إِلى‏ أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَدِينُ بِهِ أَهْلُ التَّفْوِيضِ عُلُوّاً كَبِيراً لَكِنْ نَقُولُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ وَمَلَّكَهُمْ اسْتِطَاعَةَ تَعَبُّدِهِمْ بِهَا فَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ بِمَا أَرَادَ فَقَبِلَ مِنْهُمُ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ لَهُمْ وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَذَمَّ مَنْ عَصَاهُ وَعَاقَبَهُ عَلَيْهَا وَلِلَّهِ الْخِيَرَةُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ يَخْتَارُ مَا يُرِيدُ وَيَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَمَّا يَكْرَهُ وَيُعَاقِبُ عَلَيْهِ بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَهَا عِبَادَهُ لِاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْعَدْلِ وَالنَّصَفَةِ وَالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ بَالَغَ الْحُجَّةَ بِالْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ وَإِلَيْهِ الصَّفْوَةُ يَصْطَفِي مِنْ عِبَادِهِ مَنْ يَشَاءُ لِتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ وَاحْتِجَاجِهِ عَلَى عِبَادِهِ اصْطَفَى مُحَمَّداً ص وَبَعَثَهُ بِرِسَالاتِهِ إِلَى خَلْقِهِ فَقَالَ مَنْ قَالَ مِنْ كُفَّارِ قَوْمِهِ حَسَداً وَاسْتِكْبَاراً- لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ يَعْنِي بِذَلِكَ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ وَأَبَا مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ فَأَبْطَلَ اللَّهُ اخْتِيَارَهُمْ وَلَمْ يُجِزْ لَهُمْ آرَاءَهُمْ حَيْثُ يَقُولُ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 466

أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 467

فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ وَلِذَلِكَ اخْتَارَ مِنَ الْأُمُورِ مَا أَحَبَّ وَنَهَى عَمَّا كَرِهَ فَمَنْ أَطَاعَهُ أَثَابَهُ وَمَنْ عَصَاهُ عَاقَبَهُ وَلَوْ فَوَّضَ اخْتِيَارَ أَمْرِهِ إِلَى عِبَادِهِ لَأَجَازَ لِقُرَيْشٍ اخْتِيَارَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَأَبِي مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ إِذْ كَانَا عِنْدَهُمْ أَفْضَلَ مِنْ مُحَمَّدٍ ص فَلَمَّا أَدَّبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ- وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ فَلَمْ يُجِزْ لَهُمُ الِاخْتِيَارَ بِأَهْوَائِهِمْ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ إِلَّا اتِّبَاعَ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابَ نَهْيِهِ عَلَى يَدَيْ مَنِ اصْطَفَاهُ فَمَنْ أَطَاعَهُ رَشَدَ وَمَنْ عَصَاهُ ضَلَّ وَغَوَى وَلَزِمَتْهُ الْحُجَّةُ بِمَا مَلَّكَهُ مِنَ الِاسْتِطَاعَةِ لِاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَمَهُ ثَوَابَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ عِقَابَهُ وَهَذَا الْقَوْلُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ بِجَبْرٍ وَلَا تَفْوِيضٍ وَبِذَلِكَ أَخْبَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص عَبَايَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ الْأَسَدِيَّ حِينَ سَأَلَهُ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ الَّتِي بِهَا يَقُومُ وَيَقْعُدُ وَيَفْعَلُ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         471    رسالته ع في الرد على أهل الجبر والتفويض وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين .....  ص : 458

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 468

فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع سَأَلْتَ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ تَمْلِكُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْ مَعَ اللَّهِ فَسَكَتَ عَبَايَةُ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قُلْ يَا عَبَايَةُ قَالَ وَمَا أَقُولُ قَالَ ع إِنْ قُلْتَ إِنَّكَ تَمْلِكُهَا مَعَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ وَإِنْ قُلْتَ تَمْلِكُهَا دُونَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ قَالَ عَبَايَةُ فَمَا أَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ ع تَقُولُ إِنَّكَ تَمْلِكُهَا بِاللَّهِ الَّذِي يَمْلِكُهَا مِنْ دُونِكَ فَإِنْ يُمَلِّكْهَا إِيَّاكَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَطَائِهِ وَإِنْ يَسْلُبْكَهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَلَائِهِ هُوَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَكَ وَالْقَادِرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَقْدَرَكَ أَ مَا سَمِعْتَ النَّاسَ يَسْأَلُونَ الْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ حِينَ يَقُولُونَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ عَبَايَةُ وَمَا تَأْوِيلُهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ ع لَا حَوْلَ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ وَلَا قُوَّةَ لَنَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ قَالَ فَوَثَبَ عَبَايَةُ فَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع حِينَ أَتَاهُ نَجْدَةُ يَسْأَلُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا ذَا عَرَفْتَ رَبَّكَ قَالَ ع بِالتَّمْيِيزِ الَّذِي خَوَّلَنِي وَالْعَقْلِ الَّذِي دَلَّنِي قَالَ أَ فَمَجْبُولٌ أَنْتَ عَلَيْهِ قَالَ لَوْ كُنْتُ مَجْبُولًا مَا كُنْتُ مَحْمُوداً عَلَى إِحْسَانٍ وَلَا مَذْمُوماً عَلَى إِسَاءَةٍ وَكَانَ الْمُحْسِنُ أَوْلَى بِاللَّائِمَةِ مِنَ الْمُسِي‏ءِ فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ قَائِمٌ بَاقٍ وَمَا دُونَهُ حَدَثٌ حَائِلٌ زَائِلٌ وَلَيْسَ الْقَدِيمُ الْبَاقِي كَالْحَدَثِ الزَّائِلِ قَالَ نَجْدَةُ أَجِدُكَ أَصْبَحْتَ حَكِيماً يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَصْبَحْتُ مُخَيَّراً فَإِنْ أَتَيْتُ السَّيِّئَةَ بِمَكَانِ الْحَسَنَةِ فَأَنَا الْمُعَاقَبُ عَلَيْهَا وَرُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الشَّامِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَنْ خُرُوجِنَا إِلَى الشَّامِ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ قَالَ ع نَعَمْ يَا شَيْخُ مَا عَلَوْتُمْ تَلْعَةً وَلَا هَبَطْتُمْ وَادِياً إِلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ مِنَ اللَّهِ فَقَالَ الشَّيْخُ عِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُ عَنَائِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ ع مَهْ يَا شَيْخُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَظَّمَ أَجْرَكُمْ فِي مَسِيرِكُمْ وَأَنْتُمْ سَائِرُونَ وَفِي مَقَامِكُمْ وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ وَفِي انْصِرَافِكُمْ وَأَنْتُمْ مُنْصَرِفُونَ وَلَمْ تَكُونُوا فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أُمُورِكُمْ مُكْرَهِينَ وَلَا إِلَيْهِ مُضْطَرِّينَ لَعَلَّكَ ظَنَنْتَ أَنَّهُ قَضَاءٌ حَتْمٌ وَقَدَرٌ لَازِمٌ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَبَطَلَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ وَلَسَقَطَ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَلَمَا أُلْزِمَتِ الْأَشْيَاءُ أَهْلَهَا عَلَى الْحَقَائِقِ ذَلِكَ مَقَالَةُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَمَرَ تَخْيِيراً وَنَهَى تَحْذِيراً وَلَمْ يُطَعْ مُكْرَهاً وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً وَلَمْ يَخْلُقِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 469

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا- ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ فَقَامَ الشَّيْخُ فَقَبَّلَ رَأْسَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَأَنْشَأَ يَقُولُ-

          أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي نَرْجُو بِطَاعَتِهِ             يَوْمَ النَّجَاةِ مِنَ الرَّحْمَنِ غُفْرَاناً

             أَوْضَحْتَ مِنْ دِينِنَا مَا كَانَ مُلْتَبِساً             جَزَاكَ رَبُّكَ عَنَّا فِيهِ رِضْوَاناً

             فَلَيْسَ مَعْذِرَةٌ فِي فِعْلِ فَاحِشَةٍ             قَدْ كُنْتُ رَاكِبَهَا ظُلْماً وَعِصْيَاناً

 فَقَدْ دَلَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَى مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ وَنَفْيِ الْجَبْرِ وَالتَّفْوِيضِ اللَّذَيْنِ يَلْزَمَانِ مَنْ دَانَ بِهِمَا وَتَقَلَّدَهُمَا الْبَاطِلَ وَالْكُفْرَ وَتَكْذِيبَ الْكِتَابِ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَالْكُفْرِ وَلَسْنَا نَدِينُ بِجَبْرٍ وَلَا تَفْوِيضٍ لَكِنَّا نَقُولُ بِمَنْزِلَةٍ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَهُوَ الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَنَا اللَّهُ وَتَعَبَّدَنَا بِهَا عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الْكِتَابُ وَدَانَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الْأَبْرَارُ مِنْ آلِ الرَّسُولِ ص وَمَثَلُ الِاخْتِبَارِ بِالاسْتِطَاعَةِ مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبْداً وَمَلَكَ مَالًا كَثِيراً أَحَبَّ أَنْ يَخْتَبِرَ عَبْدَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ فَمَلَّكَهُ مِنْ مَالِهِ بَعْضَ مَا أَحَبَّ وَوَقَفَهُ عَلَى أُمُورٍ عَرَّفَهَا الْعَبْدَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْمَالَ فِيهَا وَنَهَاهُ عَنْ أَسْبَابٍ لَمْ يُحِبَّهَا وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَهَا وَلَا يُنْفِقَ مِنْ مَالِهِ فِيهَا وَالْمَالُ يُتَصَرَّفُ فِي أَيِّ الْوَجْهَيْنِ فَصَرَفَ الْمَالَ أَحَدُهُمَا فِي اتِّبَاعِ أَمْرِ الْمَوْلَى وَرِضَاهُ وَالْآخَرُ صَرَفَهُ فِي اتِّبَاعِ نَهْيِهِ وَسَخَطِهِ وَأَسْكَنَهُ دَارَ اخْتِبَارٍ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ غَيْرُ دَائِمٍ لَهُ السُّكْنَى فِي الدَّارِ وَأَنَّ لَهُ دَاراً غَيْرَهَا وَهُوَ مُخْرِجُهُ إِلَيْهَا فِيهَا ثَوَابٌ وَعِقَابٌ دَائِمَانِ فَإِنْ أَنْفَذَ الْعَبْدُ الْمَالَ الَّذِي مَلَّكَهُ مَوْلَاهُ فِي الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ الثَّوَابَ الدَّائِمَ فِي تِلْكَ الدَّارِ الَّتِي أَعْلَمَهُ أَنَّهُ مُخْرِجُهُ إِلَيْهَا وَإِنْ أَنْفَقَ الْمَالَ فِي الْوَجْهِ الَّذِي نَهَاهُ عَنْ إِنْفَاقِهِ فِيهِ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ الْعِقَابَ الدَّائِمَ فِي دَارِ الْخُلُودِ وَقَدْ حَدَّ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ حَدّاً مَعْرُوفاً وَهُوَ الْمَسْكَنُ الَّذِي أَسْكَنَهُ فِي الدَّارِ الْأُولَى فَإِذَا بَلَغَ الْحَدَّ اسْتَبْدَلَ الْمَوْلَى بِالْمَالِ وَبِالْعَبْدِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَالِكاً لِلْمَالِ وَالْعَبْدِ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا إِلَّا أَنَّهُ وَعَدَ أَنْ لَا يَسْلُبَهُ ذَلِكَ الْمَالَ مَا كَانَ فِي تِلْكَ الدَّارِ الْأُولَى إِلَى أَنْ يَسْتَتِمَّ سُكْنَاهُ فِيهَا.

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 470

فَوَفَى لَهُ لِأَنَّ مِنْ صِفَاتِ الْمَوْلَى الْعَدْلَ وَالْوَفَاءَ وَالنَّصَفَةَ وَالْحِكْمَةَ أَ وَلَيْسَ يَجِبُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ صَرَفَ ذَلِكَ الْمَالَ فِي الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَنْ يَفِيَ لَهُ بِمَا وَعَدَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَتَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِأَنِ اسْتَعْمَلَهُ فِي دَارٍ فَانِيَةٍ وَأَثَابَهُ عَلَى طَاعَتِهِ فِيهَا نَعِيماً دَائِماً فِي دَارٍ بَاقِيَةٍ دَائِمَةٍ وَإِنْ صَرَفَ الْعَبْدُ الْمَالَ الَّذِي مَلَّكَهُ مَوْلَاهُ أَيَّامَ سُكْنَاهُ تِلْكَ الدَّارَ الْأُولَى فِي الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَخَالَفَ أَمْرَ مَوْلَاهُ كَذَلِكَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ الدَّائِمَةُ الَّتِي حَذَّرَهُ إِيَّاهَا غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُ لِمَا تَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَأَعْلَمَهُ وَعَرَّفَهُ وَأَوْجَبَ لَهُ الْوَفَاءَ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ بِذَلِكَ يُوصَفُ الْقَادِرُ الْقَاهِرُ وَأَمَّا الْمَوْلَى فَهُوَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ ابْنُ آدَمَ الْمَخْلُوقُ وَالْمَالُ قُدْرَةُ اللَّهِ الْوَاسِعَةُ وَمِحْنَتُهُ إِظْهَارُهُ الْحِكْمَةَ وَالْقُدْرَةَ وَالدَّارُ الْفَانِيَةُ هِيَ الدُّنْيَا وَبَعْضُ الْمَالِ الَّذِي مَلَّكَهُ مَوْلَاهُ هُوَ الِاسْتِطَاعَةُ الَّتِي مَلَّكَ ابْنَ آدَمَ وَالْأُمُورُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِصَرْفِ الْمَالِ إِلَيْهَا هُوَ الِاسْتِطَاعَةُ لِاتِّبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْإِقْرَارُ بِمَا أَوْرَدُوهُ عَنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَاجْتِنَابُ الْأَسْبَابِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا هِيَ طُرُقُ إِبْلِيسَ وَأَمَّا وَعْدُهُ فَالنَّعِيمُ الدَّائِمُ وَهِيَ الْجَنَّةُ وَأَمَّا الدَّارُ الْفَانِيَةُ فَهِيَ الدُّنْيَا وَأَمَّا الدَّارُ الْأُخْرَى فَهِيَ الدَّارُ الْبَاقِيَةُ وَهِيَ الْآخِرَةُ وَالْقَوْلُ بَيْنَ الْجَبْرِ وَالتَّفْوِيضِ هُوَ الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ وَالْبَلْوَى بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَ الْعَبْدَ وَشَرْحُهَا فِي الْخَمْسَةِ الْأَمْثَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا الصَّادِقُ ع أَنَّهَا جَمَعَتْ جَوَامِعَ الْفَضْلِ وَأَنَا مُفَسِّرُهَا بِشَوَاهِدَ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْبَيَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- تَفْسِيرُ صِحَّةِ الْخِلْقَةِ أَمَّا قَوْلُ الصَّادِقِ ع فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَمَالُ الْخَلْقِ لِلْإِنْسَانِ وَكَمَالُ الْحَوَاسِّ وَثَبَاتُ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ وَإِطْلَاقُ اللِّسَانِ بِالنُّطْقِ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى‏ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا فَقَدْ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ تَفْضِيلِهِ بَنِي آدَمَ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ مِنَ الْبَهَائِمِ وَالسِّبَاعِ وَدَوَابِّ الْبَحْرِ وَالطَّيْرِ وَكُلِّ ذِي حَرَكَةٍ تُدْرِكُهُ حَوَاسُّ بَنِي آدَمَ بِتَمْيِيزِ الْعَقْلِ وَالنُّطْقِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَقَوْلُهُ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         475    رسالته ع في الرد على أهل الجبر والتفويض وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين .....  ص : 458

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 471

الْكَرِيمِ.  الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ.  فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ وَفِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ فَأَوَّلُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى الْإِنْسَانِ صِحَّةُ عَقْلِهِ وَتَفْضِيلُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ بِكَمَالِ الْعَقْلِ وَتَمْيِيزِ الْبَيَانِ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ ذِي حَرَكَةٍ عَلَى بَسِيطِ الْأَرْضِ هُوَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ بِحَوَاسِّهِ مُسْتَكْمِلٌ فِي ذَاتِهِ فَفَضَّلَ بَنِي آدَمَ بِالنُّطْقِ الَّذِي لَيْسَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْخَلْقِ الْمُدْرِكِ بِالْحَوَاسِّ فَمِنْ أَجْلِ النُّطْقِ مَلَّكَ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ غَيْرَهُ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى صَارَ آمِراً نَاهِياً وَغَيْرُهُ مُسَخَّرٌ لَهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ وَقَالَ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَقَالَ وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ‏ءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ.  وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ.  وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى‏ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ دَعَا اللَّهُ الْإِنْسَانَ إِلَى اتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَإِلَى طَاعَتِهِ بِتَفْضِيلِهِ إِيَّاهُ بِاسْتِوَاءِ الْخَلْقِ وَكَمَالِ النُّطْقِ وَالْمَعْرِفَةِ بَعْدَ أَنْ مَلَّكَهُمْ اسْتِطَاعَةَ مَا كَانَ تَعَبَّدَهُمْ بِهِ بِقَوْلِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَقَوْلِهِ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَقَوْلِهِ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها وَفِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ فَإِذَا سَلَبَ مِنَ الْعَبْدِ حَاسَّةً مِنْ حَوَاسِّهِ رَفَعَ الْعَمَلَ عَنْهُ بِحَاسَّتِهِ كَقَوْلِهِ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى‏ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ الْآيَةَ فَقَدْ رَفَعَ عَنْ كُلِّ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْجِهَادَ وَجَمِيعَ الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا يَقُومُ بِهَا وَكَذَلِكَ أَوْجَبَ عَلَى ذِي الْيَسَارِ الْحَجَّ وَالزَّكَاةَ لِمَا مَلَّكَهُ مِنِ اسْتِطَاعَةِ ذَلِكَ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى الْفَقِيرِ الزَّكَاةَ وَالْحَجَّ قَوْلُهُ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَقَوْلُهُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 472

فِي الظِّهَارِ- وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ إِلَى قَوْلِهِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً كُلُّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْ عِبَادَهُ إِلَّا مَا مَلَّكَهُمْ اسْتِطَاعَتَهُ بِقُوَّةِ الْعَمَلِ بِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فَهَذِهِ صِحَّةُ الْخِلْقَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَخْلِيَةُ السَّرْبِ فَهُوَ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ رَقِيبٌ يَحْظُرُ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُهُ الْعَمَلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِيمَنِ اسْتُضْعِفَ وَحُظِرَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَلَمْ يَجِدْ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدِي سَبِيلًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى- إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُسْتَضْعَفَ لَمْ يُخَلَّ سَرْبُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ شَيْ‏ءٌ إِذَا كَانَ مُطْمَئِنَّ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ وَأَمَّا الْمُهْلَةُ فِي الْوَقْتِ فَهُوَ الْعُمُرُ الَّذِي يُمَتَّعُ الْإِنْسَانُ مِنْ حَدِّ مَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْمَعْرِفَةُ إِلَى أَجَلِ الْوَقْتِ وَذَلِكَ مِنْ وَقْتِ تَمْيِيزِهِ وَبُلُوغِ الْحُلُمِ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ فَمَنْ مَاتَ عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ وَلَمْ يُدْرِكْ كَمَالَهُ فَهُوَ عَلَى خَيْرٍ وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ الْآيَةَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْمَلْ بِكَمَالِ شَرَائِعِهِ لِعِلَّةِ مَا لَمْ يُمْهِلْهُ فِي الْوَقْتِ إِلَى اسْتِتْمَامِ أَمْرِهِ وَقَدْ حَظَرَ عَلَى الْبَالِغِ مَا لَمْ يَحْظُرْ عَلَى الطِّفْلِ إِذَا لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ فِي قَوْلِهِ- وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ الْآيَةَ فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِنَّ حَرَجاً فِي إِبْدَاءِ الزِّينَةِ لِلطِّفْلِ وَكَذَلِكَ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَأَمَّا قَوْلُهُ الزَّادُ فَمَعْنَاهُ الْجِدَةُ وَالْبُلْغَةُ الَّتِي يَسْتَعِينُ بِهَا الْعَبْدُ عَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ الْآيَةَ أَ لَا تَرَى أَنَّهُ قَبِلَ عُذْرَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 473

مَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يُنْفِقُ وَأَلْزَمَ الْحُجَّةَ كُلَّ مَنْ أَمْكَنَتْهُ الْبُلْغَةُ وَالرَّاحِلَةُ لِلْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ قَبِلَ عُذْرَ الْفُقَرَاءِ وَأَوْجَبَ لَهُمْ حَقّاً فِي مَالِ الْأَغْنِيَاءِ بِقَوْلِهِ- لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْآيَةَ فَأَمَرَ بِإِعْفَائِهِمْ وَلَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْإِعْدَادَ لِمَا لَا يَسْتَطِيعُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي السَّبَبِ الْمُهَيِّجِ فَهُوَ النِّيَّةُ الَّتِي هِيَ دَاعِيَةُ الْإِنْسَانِ إِلَى جَمِيعِ الْأَفْعَالِ وَحَاسَّتُهَا الْقَلْبُ فَمَنْ فَعَلَ فِعْلًا وَكَانَ بِدِينٍ لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ عَمَلًا إِلَّا بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَلِذَلِكَ أَخْبَرَ عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِقَوْلِهِ- يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ ص تَوْبِيخاً لِلْمُؤْمِنِينَ- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ الْآيَةَ فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ قَوْلًا وَاعْتَقَدَ فِي قَوْلِهِ دَعَتْهُ النِّيَّةُ إِلَى تَصْدِيقِ الْقَوْلِ بِإِظْهَارِ الْفِعْلِ وَإِذَا لَمْ يَعْتَقِدِ الْقَوْلَ لَمْ تَتَبَيَّنْ حَقِيقَتُهُ وَقَدْ أَجَازَ اللَّهُ صِدْقَ النِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ غَيْرَ مُوَافِقٍ لَهَا لِعِلَّةِ مَانِعٍ يَمْنَعُ إِظْهَارَ الْفِعْلِ فِي قَوْلِهِ- إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَقَوْلِهِ لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ فَدَلَّ الْقُرْآنُ وَأَخْبَارُ الرَّسُولِ ص أَنَّ الْقَلْبَ مَالِكٌ لِجَمِيعِ الْحَوَاسِّ يُصَحِّحُ أَفْعَالَهَا وَلَا يُبْطِلُ مَا يُصَحِّحُ الْقَلْبُ شَيْئاً فَهَذَا شَرْحُ جَمِيعِ الْخَمْسَةِ الْأَمْثَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا الصَّادِقُ ع أَنَّهَا تَجْمَعُ الْمَنْزِلَةَ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَهُمَا الْجَبْرُ وَالتَّفْوِيضُ فَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الْإِنْسَانِ كَمَالُ هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْأَمْثَالِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَلًا لِمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ وَرَسُولُهُ وَإِذَا نَقَصَ الْعَبْدُ مِنْهَا خَلَّةً كَانَ الْعَمَلُ عَنْهَا مَطْرُوحاً بِحَسَبِ ذَلِكَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 474

فَأَمَّا شَوَاهِدُ الْقُرْآنِ عَلَى الِاخْتِبَارِ وَالْبَلْوَى بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي تَجْمَعُ الْقَوْلَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَكَثِيرَةٌ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ وَقَالَ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَقَالَ الم.  أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَقَالَ فِي الْفِتَنِ الَّتِي مَعْنَاهَا الِاخْتِبَارُ- وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ الْآيَةَ وَقَالَ فِي قِصَّةِ مُوسَى ع فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ وَقَوْلُ مُوسَى إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أَيْ اخْتِبَارُكَ فَهَذِهِ الْآيَاتُ يُقَاسُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَيَشْهَدُ بَعْضُهَا لِبَعْضِ وَأَمَّا آيَاتُ الْبَلْوَى بِمَعْنَى الِاخْتِبَارِ قَوْلُهُ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ وَقَوْلُهُ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَقَوْلُهُ إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ وَقَوْلُهُ خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَقَوْلُهُ وَإِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ بَلْوَى هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي شَرَحَ أَوَّلَهَا فَهِيَ اخْتِبَارٌ وَأَمْثَالُهَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ فَهِيَ إِثْبَاتُ الِاخْتِبَارِ وَالْبَلْوَى إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ عَبَثاً وَلَا أَهْمَلَهُمْ سُدًى وَلَا أَظْهَرَ حِكْمَتَهُ لَعِباً وَبِذَلِكَ أَخْبَرَ فِي قَوْلِهِ أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَلَمْ يَعْلَمِ اللَّهُ مَا يَكُونُ مِنَ الْعِبَادِ حَتَّى‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         479    أجوبته ع ليحيى بن أكثم عن مسائله .....  ص : 476

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 475

اخْتَبَرَهُمْ قُلْنَا بَلَى قَدْ عَلِمَ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ قَبْلَ كَوْنِهِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّمَا اخْتَبَرَهُمْ لِيُعَلِّمَهُمْ عَدْلَهُ وَلَا يُعَذِّبَهُمْ إِلَّا بِحُجَّةٍ بَعْدَ الْفِعْلِ وَقَدْ أَخْبَرَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا وَقَوْلِهِ وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وَقَوْلِهِ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَالاخْتِبَارُ مِنَ اللَّهِ بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَهَا عَبْدَهُ وَهُوَ الْقَوْلُ بَيْنَ الْجَبْرِ وَالتَّفْوِيضِ وَبِهَذَا نَطَقَ الْقُرْآنُ وَجَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ الرَّسُولِ ص فَإِنْ قَالُوا مَا الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ اللَّهِ- يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَمَا أَشْبَهَهَا قِيلَ مَجَازُ هَذِهِ الْآيَاتِ كُلِّهَا عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِخْبَارٌ عَنْ قُدْرَتِهِ أَيْ إِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى هِدَايَةِ مَنْ يَشَاءُ وَضَلَالِ مَنْ يَشَاءُ وَإِذَا أَجْبَرَهُمْ بِقُدْرَتِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَجِبْ لَهُمْ ثَوَابٌ وَلَا عَلَيْهِمْ عِقَابٌ عَلَى نَحْوِ مَا شَرَحْنَا فِي الْكِتَابِ وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنْهُ تَعْرِيفُهُ كَقَوْلِهِ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ أَيْ عَرَّفْنَاهُمْ- فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ فَلَوْ أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْهُدَى لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَضِلُّوا وَلَيْسَ كُلَّمَا وَرَدَتْ آيَةٌ مُشْتَبِهَةٌ كَانَتِ الْآيَةُ حُجَّةً عَلَى مُحْكَمِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي أُمِرْنَا بِالْأَخْذِ بِهَا مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ الْآيَةَ وَقَالَ فَبَشِّرْ عِبادِ  الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أَيْ أَحْكَمَهُ وَأَشْرَحَهُ- أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ إِلَى الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى وَجَنَّبَنَا وَإِيَّاكُمْ مَعَاصِيَهُ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 476

أجوبته ع ليحيى بن أكثم عن مسائله‏

قَالَ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا لَقِيتُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ فِي دَارِ الْعَامَّةِ فَسَأَلَنِي عَنْ مَسَائِلَ فَجِئْتُ إِلَى أَخِي عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ع فَدَارَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مِنَ الْمَوَاعِظِ مَا حَمَلَنِي وَبَصَّرَنِي طَاعَتَهُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ ابْنَ أَكْثَمَ كَتَبَ يَسْأَلُنِي عَنْ مَسَائِلَ لِأُفْتِيَهُ فِيهَا فَضَحِكَ ع ثُمَّ قَالَ فَهَلْ أَفْتَيْتَهُ قُلْتُ لَا لَمْ أَعْرِفْهَا قَالَ ع وَمَا هِيَ قُلْتُ كَتَبَ يَسْأَلُنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ- قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ نَبِيُّ اللَّهِ كَانَ مُحْتَاجاً إِلَى عِلْمِ آصَفَ وَعَنْ قَوْلِهِ وَرَفَعَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 477

أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً سَجَدَ يَعْقُوبُ وَوُلْدُهُ لِيُوسُفَ وَهُمْ أَنْبِيَاءُ وَعَنْ قَوْلِهِ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مَنِ الْمُخَاطَبُ بِالْآيَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ النَّبِيَّ ص فَقَدْ شَكَّ وَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ غَيْرَهُ فَعَلَى مَنْ إِذاً أُنْزِلَ الْكِتَابُ وَعَنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْأَبْحُرُ وَأَيْنَ هِيَ وَعَنْ قَوْلِهِ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ فَاشْتَهَتْ نَفْسُ آدَمَ ع أَكْلَ الْبُرِّ فَأَكَلَ وَأَطْعَمَ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ فَكَيْفَ عُوقِبَ وَعَنْ قَوْلِهِ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً يُزَوِّجُ اللَّهُ عِبَادَهُ الذُّكْرَانَ وَقَدْ عَاقَبَ قَوْماً فَعَلُوا ذَلِكَ وَعَنْ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ جَازَتْ وَحْدَهَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَعَنِ الْخُنْثَى وَقَوْلِ عَلِيٍّ ع يُورَثُ مِنَ الْمَبَالِ فَمَنْ يَنْظُرُ إِذَا بَالَ إِلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً وَقَدْ نَظَرَ إِلَيْهَا الرِّجَالُ أَوْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَجُلًا وَقَدْ نَظَرَتْ إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَهَذَا مَا لَا يَحِلُّ وَشَهَادَةُ الْجَارِّ إِلَى نَفْسِهِ لَا تُقْبَلُ وَعَنْ رَجُلٍ أَتَى إِلَى قَطِيعِ غَنَمٍ فَرَأَى الرَّاعِيَ يَنْزُو عَلَى شَاةٍ مِنْهَا فَلَمَّا بَصُرَ بِصَاحِبِهَا خَلَّى سَبِيلَهَا فَدَخَلَتْ بَيْنَ الْغَنَمِ كَيْفَ تُذْبَحُ وَهَلْ يَجُوزُ أَكْلُهَا أَمْ لَا وَعَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِمَ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَهِيَ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ وَإِنَّمَا يُجْهَرُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَعَنْ قَوْلِ عَلِيٍّ ع لِابْنِ جُرْمُوزٍ بَشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ فَلَمْ يَقْتُلْهُ وَهُوَ إِمَامٌ وَأَخْبِرْنِي عَنْ عَلِيٍّ ع لِمَ قَتَلَ أَهْلَ صِفِّينَ وَأَمَرَ بِذَلِكَ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ وَأَجَازَ عَلَى الْجَرْحَى وَكَانَ حُكْمُهُ يَوْمَ الْجَمَلِ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ مُوَلِّياً وَلَمْ يُجِزْ عَلَى جَرِيحٍ وَلَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ وَقَالَ مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 478

الْأَوَّلُ صَوَاباً فَالثَّانِي خَطَأٌ وَأَخْبِرْنِي عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ بِاللِّوَاطِ عَلَى نَفْسِهِ أَ يُحَدُّ أَمْ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ قَالَ ع اكْتُبْ إِلَيْهِ قُلْتُ وَمَا أَكْتُبُ قَالَ ع اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* وَأَنْتَ فَأَلْهَمَكَ اللَّهُ الرُّشْدَ أَتَانِي كِتَابُكَ فَامْتَحَنْتَنَا بِهِ مِنْ تَعَنُّتِكَ لِتَجِدَ إِلَى الطَّعْنِ سَبِيلًا إِنْ قَصَرْنَا فِيهَا وَاللَّهُ يُكَافِيكَ عَلَى نِيَّتِكَ وَقَدْ شَرَحْنَا مَسَائِلَكَ فَأَصْغِ إِلَيْهَا سَمْعَكَ وَذَلِّلْ لَهَا فَهْمَكَ وَاشْغَلْ بِهَا قَلْبَكَ فَقَدْ لَزِمَتْكَ الْحُجَّةُ وَالسَّلَامُ سَأَلْتَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ- قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ فَهُوَ آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا وَلَمْ يَعْجِزْ سُلَيْمَانُ ع عَنْ مَعْرِفَةِ مَا عَرَفَ آصَفُ لَكِنَّهُ ص أَحَبَّ أَنْ يُعَرِّفَ أُمَّتَهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَنَّهُ الْحُجَّةُ مِنْ بَعْدِهِ وَذَلِكَ مِنْ عِلْمِ سُلَيْمَانَ ع أَوْدَعَهُ عِنْدَ آصَفَ بِأَمْرِ اللَّهِ فَفَهَّمَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ عَلَيْهِ فِي إِمَامَتِهِ وَدَلَالَتِهِ كَمَا فُهِّمَ سُلَيْمَانُ ع فِي حَيَاةِ دَاوُدَ ع لِتُعْرَفَ نُبُوَّتُهُ وَإِمَامَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ لِتَأَكُّدِ الْحُجَّةِ عَلَى الْخَلْقِ وَأَمَّا سُجُودُ يَعْقُوبَ ع وَوُلْدِهِ فَكَانَ طَاعَةً لِلَّهِ وَمَحَبَّةً لِيُوسُفَ ع كَمَا أَنَّ السُّجُودَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لآِدَمَ ع لَمْ يَكُنْ لآِدَمَ ع وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ طَاعَةً لِلَّهِ وَمَحَبَّةً مِنْهُمْ لآِدَمَ ع فَسُجُودُ يَعْقُوبَ ع وَوُلْدِهِ وَيُوسُفُ ع مَعَهُمْ كَانَ شُكْراً لِلَّهِ بِاجْتِمَاعِ شَمْلِهِمْ أَ لَمْ تَرَهُ يَقُولُ فِي شُكْرِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ- رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ فَإِنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص وَلَمْ يَكُنْ فِي شَكٍّ مِمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِ وَلَكِنْ قَالَتِ الْجَهَلَةُ كَيْفَ لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِذْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ نَبِيِّهِ وَبَيْنَنَا فِي الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَشْيِ فِي الْأَسْوَاقِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيِّهِ- فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ بِمَحْضَرِ الْجَهَلَةِ هَلْ بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا قَبْلَكَ إِلَّا وَهُوَ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ وَلَكَ بِهِمْ أُسْوَةٌ وَإِنَّمَا قَالَ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ وَلَمْ يَكُنْ شَكٌّ وَلَكِنْ لِلنَّصَفَةِ كَمَا قَالَ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ-

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         483    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 481

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 479

فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ وَلَوْ قَالَ عَلَيْكُمْ لَمْ يُجِيبُوا إِلَى الْمُبَاهَلَةِ وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ نَبِيَّهُ يُؤَدِّي عَنْهُ رِسَالاتِهِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فَكَذَلِكَ عَرَفَ النَّبِيُّ أَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا يَقُولُ وَلَكِنْ أَحَبَّ أَنْ يُنْصِفَ مِنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ فَهُوَ كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ أَشْجَارَ الدُّنْيَا أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ وَانْفَجَرَتِ الْأَرْضُ عُيُوناً لَنَفَدَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ اللَّهِ وَهِيَ عَيْنُ الْكِبْرِيتِ وَعَيْنُ النَّمِرِ وَعَيْنُ الْبَرَهُوتِ وَعَيْنُ طَبَرِيَّةَ وَحَمَّةُ مَاسَبَذَانَ وَحَمَّةُ إِفْرِيقِيَةَ يُدْعَى لسنان وَعَيْنُ بحرون وَنَحْنُ كَلِمَاتُ اللَّهِ الَّتِي لَا تَنْفَدُ وَلَا تُدْرَكُ فَضَائِلُنَا وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ فِيهَا مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَاهِي مَا تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَبَاحَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ لآِدَمَ ع وَالشَّجَرَةُ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا آدَمَ ع وَزَوْجَتَهُ أَنْ يَأْكُلَا مِنْهَا شَجَرَةُ الْحَسَدِ عَهِدَ إِلَيْهِمَا أَنْ لَا يَنْظُرَا إِلَى مَنْ فَضَّلَ اللَّهُ عَلَى خَلَائِقِهِ بِعَيْنِ الْحَسَدِ فَنَسِيَ وَنَظَرَ بِعَيْنِ الْحَسَدِ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ عَزْماً وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً أَيْ يُولَدُ لَهُ ذُكُورٌ وَيُولَدُ لَهُ إِنَاثٌ يُقَالُ لِكُلِّ اثْنَيْنِ مُقْرِنَيْنِ زَوْجَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ عَنَى الْجَلِيلُ مَا لَبَّسْتَ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ تَطْلُبُ الرُّخَصَ لِارْتِكَابِ الْمَآثِمِ- وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً.  يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِنْ لَمْ يَتُبْ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا الَّتِي جَازَتْ فَهِيَ الْقَابِلَةُ جَازَتْ شَهَادَتُهَا مَعَ الرِّضَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِضًا فَلَا أَقَلَّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ تَقُومُ الْمَرْأَتَانِ بَدَلَ الرَّجُلِ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 480

لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهَا فَإِنْ كَانَتْ وَحْدَهَا قُبِلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ ع فِي الْخُنْثَى فَهِيَ كَمَا قَالَ يَنْظُرُ قَوْمٌ عُدُولٌ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِرْآةً وَتَقُومُ الْخُنْثَى خَلْفَهُمْ عُرْيَانَةً وَيَنْظُرُونَ فِي الْمَرَايَا فَيَرَوْنَ الشَّبَحَ فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الرَّجُلُ النَّاظِرُ إِلَى الرَّاعِي وَقَدْ نَزَا عَلَى شَاةٍ فَإِنْ عَرَفَهَا ذَبَحَهَا وَأَحْرَقَهَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا قَسَمَ الْغَنَمَ نِصْفَيْنِ وَسَاهَمَ بَيْنَهُمَا فَإِذَا وَقَعَ عَلَى أَحَدِ النِّصْفَيْنِ فَقَدْ نَجَا النِّصْفُ الْآخَرُ ثُمَّ يُفَرِّقُ النِّصْفَ الْآخَرَ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى تَبْقَى شَاتَانِ فَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَأَيَّتُهَا وَقَعَ السَّهْمُ بِهَا ذُبِحَتْ وَأُحْرِقَتْ وَنَجَا سَائِرُ الْغَنَمِ وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ فَالْجَهْرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يُغَلِّسُ بِهَا فَقِرَاءَتُهَا مِنَ اللَّيْلِ وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ ع بَشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ فَهُوَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَكَانَ مِمَّنْ خَرَجَ يَوْمَ النَّهْرَوَانَ فَلَمْ يَقْتُلْهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِالْبَصْرَةِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ فِي فِتْنَةِ النَّهْرَوَانِ وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عَلِيّاً ع قَتَلَ أَهْلَ الصِّفِّينَ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ وَأَجَازَ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَإِنَّهُ يَوْمَ الْجَمَلِ لَمْ يَتْبَعْ مُوَلِّياً وَلَمْ يُجِزْ عَلَى جَرِيحٍ وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ آمَنَهُ وَمَنْ دَخَلَ دَارَهُ آمَنَهُ فَإِنَّ أَهْلَ الْجَمَلِ قُتِلَ إِمَامُهُمْ وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهَا وَإِنَّمَا رَجَعَ الْقَوْمُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ غَيْرَ مُحَارِبِينَ وَلَا مُخَالِفِينَ وَلَا مُنَابِذِينَ رَضُوا بِالْكَفِّ عَنْهُمْ فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِمْ رَفْعَ السَّيْفِ عَنْهُمْ وَالْكَفَّ عَنْ أَذَاهُمْ إِذْ لَمْ يَطْلُبُوا عَلَيْهِ أَعْوَاناً وَأَهْلُ صِفِّينَ كَانُوا يَرْجِعُونَ إِلَى فِئَةٍ مُسْتَعِدَّةٍ وَإِمَامٍ يَجْمَعُ لَهُمُ السِّلَاحَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 481

الدُّرُوعَ وَالرِّمَاحَ وَالسُّيُوفَ وَيُسْنِي لَهُمُ الْعَطَاءَ يُهَيِّئُ لَهُمُ الْأَنْزَالَ وَيَعُودُ مَرِيضَهُمْ وَيَجْبُرُ كَسِيرَهُمْ وَيُدَاوِي جَرِيحَهُمْ وَيَحْمِلُ رَاجِلَهُمْ وَيَكْسُو حَاسِرَهُمْ وَيَرُدُّهُمْ فَيَرْجِعُونَ إِلَى مُحَارَبَتِهِمْ وَقِتَالِهِمْ فَلَمْ يُسَاوِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْحُكْمِ لِمَا عَرَفَ مِنَ الْحُكْمِ فِي قِتَالِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ لَكِنَّهُ شَرَحَ ذَلِكَ لَهُمْ فَمَنْ رَغِبَ عُرِضَ عَلَى السَّيْفِ أَوْ يَتُوبَ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي اعْتَرَفَ بِاللِّوَاطِ فَإِنَّهُ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِنَّمَا تَطَوَّعَ بِالْإِقْرَارِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِذَا كَانَ لِلْإِمَامِ الَّذِي مِنَ اللَّهِ أَنْ يُعَاقِبَ عَنِ اللَّهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَمُنَّ عَنِ اللَّهِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ هذا عَطاؤُنا الْآيَةَ قَدْ أَنْبَأْنَاكَ بِجَمِيعِ مَا سَأَلْتَنَا عَنْهُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ‏

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ ع لِبَعْضِ مَوَالِيهِ عَاتِبْ فُلَاناً وَقُلْ لَهُ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً إِذَا عُوتِبَ قَبِلَ‏

وَ كَانَ الْمُتَوَكِّلُ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالٍ كَثِيرٍ إِنْ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ عِلَّتِهِ فَلَمَّا عُوفِيَ سَأَلَ الْعُلَمَاءَ عَنْ حَدِّ الْمَالِ الْكَثِيرِ فَاخْتَلَفُوا وَلَمْ يُصِيبُوا الْمَعْنَى فَسَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ ع يَتَصَدَّقُ بِثَمَانِينَ دِرْهَماً فَسَأَلَ عَنْ عِلَّةِ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ ص- لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ فَعَدَدْنَا مَوَاطِنَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَبَلَغَتْ ثَمَانِينَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 482

مَوْطِناً وَسَمَّاهَا اللَّهُ كَثِيرَةً فَسُرَّ الْمُتَوَكِّلُ بِذَلِكَ وَصدق [تَصَدَّقَ بِثَمَانِينَ دِرْهَماً

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلَّهِ بِقَاعاً يُحِبُّ أَنْ يُدْعَى فِيهَا فَيَسْتَجِيبَ لِمَنْ دَعَاهُ وَالْحَيْرُ مِنْهَا

وَ قَالَ ع مَنِ اتَّقَى اللَّهَ يُتَّقَى وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ يُطَاعُ وَمَنْ أَطَاعَ الْخَالِقَ لَمْ يُبَالِ سَخَطَ الْمَخْلُوقِينَ وَمَنْ أَسْخَطَ الْخَالِقَ فَلْيَيْقَنْ أَنْ يَحُلَّ بِهِ سَخَطُ الْمَخْلُوقِينَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَأَنَّى يُوصَفُ الَّذِي تَعْجِزُ الْحَوَاسُّ أَنْ تُدْرِكَهُ وَالْأَوْهَامُ أَنْ تَنَالَهُ وَالْخَطَرَاتُ أَنْ تَحُدَّهُ وَالْأَبْصَارُ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ نَأَى فِي قُرْبِهِ وَقَرُبَ فِي نَأْيِهِ كَيَّفَ الْكَيْفَ بِغَيْرِ أَنْ يُقَالَ كَيْفَ وَأَيَّنَ الْأَيْنَ بِلَا أَنْ يُقَالَ أَيْنَ هُوَ مُنْقَطِعُ الْكَيْفِيَّةِ وَالْأَيْنِيَّةِ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ جَلَّ جَلَالُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ‏

وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مَسْعُودٍ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ع وَقَدْ نُكِبَتْ إِصْبَعِي وَتَلَقَّانِي رَاكِبٌ وَصَدَمَ كَتِفِي وَدَخَلْتُ فِي زَحْمَةٍ فَخَرَقُوا عَلَيَّ بَعْضَ ثِيَابِي فَقُلْتُ كَفَانِي اللَّهُ شَرَّكَ مِنْ يَوْمٍ فَمَا أَيْشَمَكَ فَقَالَ ع لِي يَا حَسَنُ هَذَا وَأَنْتَ تَغْشَانَا تَرْمِي بِذَنْبِكَ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ قَالَ الْحَسَنُ فَأَثَاب إِلَيَّ عَقْلِي وَتَبَيَّنْتُ خَطَئِي فَقُلْتُ يَا مَوْلَايَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَقَالَ يَا حُسْنُ مَا ذَنْبُ الْأَيَّامِ حَتَّى صِرْتُمْ تَتَشَأَّمُونَ بِهَا إِذَا جُوزِيتُمْ بِأَعْمَالِكُمْ فِيهَا قَالَ الْحَسَنُ أَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَبَداً وَهِيَ تَوْبَتِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ ع وَاللَّهِ مَا يَنْفَعُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَاقِبُكُمْ بِذَمِّهَا عَلَى مَا لَا ذَمَّ عَلَيْهَا فِيهِ أَ مَا

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         486    كتابه ع إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري .....  ص : 484

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 483

عَلِمْتَ يَا حَسَنُ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُثِيبُ وَالْمُعَاقِبُ وَالْمُجَازِي بِالْأَعْمَالِ عَاجِلًا وَآجِلًا قُلْتُ بَلَى يَا مَوْلَايَ قَالَ ع لَا تَعُدْ وَلَا تَجْعَلْ لِلْأَيَّامِ صُنْعاً فِي حُكْمِ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ بَلَى يَا مَوْلَايَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ أَمِنَ مَكْرَ اللَّهِ وَأَلِيمَ أَخْذِهِ تَكَبَّرَ حَتَّى يَحُلَّ بِهِ قَضَاؤُهُ وَنَافِذُ أَمْرِهِ وَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ هَانَتْ عَلَيْهِ مَصَائِبُ الدُّنْيَا وَلَوْ قُرِّضَ وَنُشِرَ

وَ قَالَ دَاوُدُ الصَّرْمِيُّ أَمَرَنِي سَيِّدِي بِحَوَائِجَ كَثِيرَةٍ فَقَالَ ع لِي قُلْ كَيْفَ تَقُولُ فَلَمْ أَحْفَظْ مِثْلَ مَا قَالَ لِي فَمَدَّ الدَّوَاةَ وَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْأَمْرُ بِيَدِ اللَّهِ فَتَبَسَّمْتُ فَقَالَ ع مَا لَكَ قُلْتُ خَيْرٌ فَقَالَ أَخْبِرْنِي قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ذَكَرْتُ حَدِيثاً حَدَّثَنِي بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ جَدِّكَ الرِّضَا ع إِذَا أَمَرَ بِحَاجَةٍ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَتَبَسَّمْتُ فَقَالَ ع لِي يَا دَاوُدُ وَلَوْ قُلْتُ إِنَّ تَارِكَ التَّقِيَّةِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ لَكُنْتُ صَادِقاً

وَ قَالَ ع يَوْماً إِنَّ أَكْلَ الْبِطِّيخِ يُورِثُ الْجُذَامَ فَقِيلَ لَهُ أَ لَيْسَ قَدْ أَمِنَ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً مِنَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ قَالَ ع نَعَمْ وَلَكِنْ إِذَا خَالَفَ الْمُؤْمِنُ مَا أُمِرَ بِهِ مِمَّنْ آمَنَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ تُصِيبَهُ عُقُوبَةُ الْخِلَافِ‏

وَ قَالَ ع الشَّاكِرُ أَسْعَدُ بِالشُّكْرِ مِنْهُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي أَوْجَبَتِ الشُّكْرَ لِأَنَّ النِّعَمَ مَتَاعٌ وَالشُّكْرَ نِعَمٌ وَعُقْبَى‏

وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ بَلْوَى وَالْآخِرَةَ دَارَ عُقْبَى وَجَعَلَ بَلْوَى الدُّنْيَا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ سَبَباً وَثَوَابَ الْآخِرَةِ مِنْ بَلْوَى الدُّنْيَا عِوَضاً

وَ قَالَ ع إِنَّ الظَّالِمَ الْحَالِمَ يَكَادُ أَنْ يُعْفَى عَلَى ظُلْمِهِ بِحِلْمِهِ وَإِنَّ الْمُحِقَّ السَّفِيهَ يَكَادُ أَنْ يُطْفِئَ نُورَ حَقِّهِ بِسَفَهِهِ‏

وَ قَالَ ع مَنْ جَمَعَ لَكَ وُدَّهُ وَرَأْيَهُ فَاجْمَعْ لَهُ طَاعَتَكَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فَلَا تَأْمَنْ شَرَّهُ‏

وَ قَالَ ع الدُّنْيَا سُوقٌ رَبِحَ فِيهَا قَوْمٌ وَخَسِرَ آخَرُونَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 484

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

و روي عن الإمام الخالص الهادي أبي محمد الحسن بن علي ع في طوال هذه المعاني‏

كتابه ع إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري‏

سَتَرَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ بِسَتْرِهِ وَتَوَلَّاكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ بِصُنْعِهِ فَهِمْتُ كِتَابَكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَنَحْنُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَهْلُ بَيْتٍ نَرِقُّ عَلَى أَوْلِيَائِنَا وَنَسُرُّ بِتَتَابُعِ إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ وَفَضْلِهِ لَدَيْهِمْ وَنَعْتَدُّ بِكُلِّ نِعْمَةٍ يُنْعِمُهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ فَأَتَمَّ اللَّهُ عَلَيْكَ يَا إِسْحَاقُ وَعَلَى مَنْ كَانَ مِثْلَكَ مِمَّنْ قَدْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَبَصَّرَهُ بَصِيرَتَكَ نِعْمَتَهُ وَقَدَّرَ تَمَامَ نِعْمَتِهِ دُخُولَ الْجَنَّةِ وَلَيْسَ مِنْ نِعْمَةٍ وَإِنْ جَلَّ أَمْرُهَا وَعَظُمَ خَطَرُهَا إِلَّا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ عَلَيْهَا مُؤَدٍّ شُكْرَهَا وَأَنَا أَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَفْضَلَ مَا حَمِدَهُ حَامِدُهُ إِلَى أَبَدِ الْأَبَدِ بِمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَنَجَّاكَ مِنَ الْهَلَكَةِ وَسَهَّلَ سَبِيلَكَ عَلَى الْعَقَبَةِ وَايْمُ اللَّهِ إِنَّهَا لَعَقَبَةٌ كَئُودٌ شَدِيدٌ أَمْرُهَا صَعْبٌ مَسْلَكُهَا عَظِيمٌ بَلَاؤُهَا قَدِيمٌ فِي الزُّبُرِ الْأُولَى ذِكْرُهَا وَلَقَدْ كَانَتْ مِنْكُمْ فِي أَيَّامِ الْمَاضِي ع إِلَى أَنْ مَضَى لِسَبِيلِهِ وَفِي أَيَّامِي هَذِهِ أُمُورٌ كُنْتُمْ فِيهَا عِنْدِي غَيْرَ مَحْمُودِي الرَّأْيِ وَلَا مُسَدَّدِي التَّوْفِيقِ فَاعْلَمْ يَقِيناً يَا إِسْحَاقُ أَنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا أَعْمَى- فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى‏ وَأَضَلُّ سَبِيلًا يَا إِسْحَاقُ لَيْسَ تَعْمَى الْأَبْصَارُ- وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حِكَايَةً عَنِ الظَّالِمِ إِذْ يَقُولُ- رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى‏ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً.  قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى‏ وَأَيُّ آيَةٍ أَعْظَمُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 485

مِنْ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَأَمِينِهِ فِي بِلَادِهِ وَشَهِيدِهِ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ بَعْدِ مَنْ سَلَفَ مِنْ آبَائِهِ الْأَوَّلِينَ النَّبِيِّينَ وَآبَائِهِ الْآخِرِينَ الْوَصِيِّينَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ وَأَيْنَ تَذْهَبُونَ كَالْأَنْعَامِ عَلَى وُجُوهِكُمْ عَنِ الْحَقِّ تَصْدِفُونَ وَبِالْبَاطِلِ تُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ تَكْفُرُونَ أَوْ تَكُونُونَ مِمَّنْ يُؤْمِنُ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَيَكْفُرُ بِبَعْضِ- فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ وَمِنْ غَيْرِكُمْ- إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَطُولُ عَذَابٍ فِي الْآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ وَذَلِكَ وَاللَّهِ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ إِنَّ اللَّهَ بِمَنِّهِ وَرَحْمَتِهِ لَمَّا فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْفَرَائِضَ لَمْ يَفْرِضْ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ لِحَاجَةٍ مِنْهُ إِلَيْكُمْ بَلْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْكُمْ لِيَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَلِيَبْتَلِيَ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ لِتُسَابِقُوا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَلِتَتَفَاضَلَ مَنَازِلُكُمْ فِي جَنَّتِهِ فَفَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمَ وَالْوَلَايَةَ وَجَعَلَ لَكُمْ بَاباً تَسْتَفْتِحُونَ بِهِ أَبْوَابَ الْفَرَائِضِ وَمِفْتَاحاً إِلَى سَبِيلِهِ لَوْ لَا مُحَمَّدٌ ص وَالْأَوْصِيَاءُ مِنْ وُلْدِهِ لَكُنْتُمْ حَيَارَى كَالْبَهَائِمِ لَا تَعْرِفُونَ فَرْضاً مِنَ الْفَرَائِضِ وَهَلْ تُدْخَلُ مَدِينَةٌ إِلَّا مِنْ بَابِهَا فَلَمَّا مَنَّ عَلَيْكُمْ بِإِقَامَةِ الْأَوْلِيَاءِ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَفَرَضَ عَلَيْكُمْ لِأَوْلِيَائِهِ حُقُوقاً أَمَرَكُمْ بِأَدَائِهَا لِيَحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَمَآكِلِكُمْ وَمَشَارِبِكُمْ قَالَ اللَّهُ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَلَقَدْ طَالَتِ الْمُخَاطَبَةُ فِيمَا هُوَ لَكُمْ وَعَلَيْكُمْ وَلَوْ لَا مَا يُحِبُّ اللَّهُ مِنْ تَمَامِ النِّعْمَةِ مِنَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ لَمَا رَأَيْتُمْ لِي خَطّاً وَلَا سَمِعْتُمْ مِنِّي حَرْفاً مِنْ بَعْدِ مُضِيِّ الْمَاضِي ع وَأَنْتُمْ فِي غَفْلَةٍ مِمَّا إِلَيْهِ مَعَادُكُمْ وَمِنْ بَعْدِ إِقَامَتِي لَكُمْ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدَةَ وَكِتَابِيَ الَّذِي حَمَلَهُ إِلَيْكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى النَّيْسَابُورِيُّ وَاللَّهُ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         489    وروي عنه ع في قصار هذه المعاني .....  ص : 486

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 486

الْمُسْتَعانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُفَرِّطُوا فِي جَنْبِ اللَّهِ فَتَكُونُوا مِنَ الْخَاسِرِينَ فَبُعْداً وَسُحْقاً لِمَنْ رَغِبَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَلَمْ يَقْبَلْ مَوَاعِظَ أَوْلِيَائِهِ فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ رَحِمَ اللَّهُ ضَعْفَكُمْ وَغَفْلَتَكُمْ وَصَبَّرَكُمْ عَلَى أَمْرِكُمْ فَمَا أَغَرَّ الْإِنْسَانَ بِرَبِّهِ الْكَرِيمِ وَلَوْ فَهِمَتِ الصُّمُّ الصِّلَابُ بَعْضَ مَا هُوَ فِي هَذَا الْكِتَابِ لَتَصَدَّعَتْ قَلَقاً وَخَوْفاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَرُجُوعاً إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ- فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى‏ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ- وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ‏

و روي عنه ع في قصار هذه المعاني‏

قَالَ ع لَا تُمَارِ فَيَذْهَبَ بَهَاؤُكَ وَلَا تُمَازِحْ فَيُجْتَرَأَ عَلَيْكَ‏

وَ قَالَ ع مَنْ رَضِيَ بِدُونِ الشَّرَفِ مِنَ الْمَجْلِسِ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُومَ‏

وَ كَتَبَ ع إِلَى رَجُلٍ سَأَلَهُ دَلِيلًا مَنْ سَأَلَ آيَةً أَوْ بُرْهَاناً فَأُعْطِيَ مَا سَأَلَ ثُمَّ رَجَعَ عَمَّنْ طَلَبَ مِنْهُ الْآيَةَ عُذِّبَ ضِعْفَ الْعَذَابِ وَمَنْ صَبَرَ أُعْطِيَ التَّأْيِيدَ مِنَ اللَّهِ وَالنَّاسُ مَجْبُولُونَ عَلَى حِيلَةِ إِيثَارِ الْكُتُبِ الْمُنَشَّرَةِ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّدَادَ فَإِنَّمَا هُوَ التَّسْلِيمُ أَوِ الْعَطَبُ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ

وَ كَتَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ شِيعَتِهِ يُعَرِّفُهُ اخْتِلَافَ الشِّيعَةِ فَكَتَبَ ع إِنَّمَا خَاطَبَ اللَّهُ الْعَاقِلَ وَالنَّاسُ فِيَّ عَلَى طَبَقَاتٍ الْمُسْتَبْصِرُ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ مُتَمَسِّكٌ بِالْحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِفَرْعِ الْأَصْلِ غَيْرُ شَاكٍّ وَلَا مُرْتَابٍ لَا يَجِدُ عَنِّي مَلْجَأً وَطَبَقَةٌ لَمْ تَأْخُذِ الْحَقَّ مِنْ أَهْلِهِ فَهُمْ كَرَاكِبِ الْبَحْرِ يَمُوجُ عِنْدَ مَوْجِهِ وَيَسْكُنُ عِنْدَ سُكُونِهِ وَطَبَقَةٌ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ شَأْنُهُمُ الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ وَدَفْعُ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ فَدَعْ مَنْ ذَهَبَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 487

يَمِيناً وَشِمَالًا فَإِنَّ الرَّاعِيَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ غَنَمَهُ جَمَعَهَا بِأَهْوَنِ سَعْيٍ وَإِيَّاكَ وَالْإِذَاعَةَ وَطَلَبَ الرِّئَاسَةِ فَإِنَّهُمَا يَدْعُوَانِ إِلَى الْهَلَكَةِ

وَ قَالَ ع مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي لَا تُغْفَرُ لَيْتَنِي لَا أُؤَاخَذُ إِلَّا بِهَذَا ثُمَّ قَالَ ع الْإِشْرَاكُ فِي النَّاسِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى الْمِسْحِ الْأَسْوَدِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ

وَ قَالَ ع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَقْرَبُ إِلَى اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ مِنْ سَوَادِ الْعَيْنِ إِلَى بَيَاضِهَا

وَ خَرَجَ فِي بَعْضِ تَوْقِيعَاتِهِ ع عِنْدَ اخْتِلَافِ قَوْمٍ مِنْ شِيعَتِهِ فِي أَمْرِهِ مَا مُنِيَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِي بِمِثْلِ مَا مُنِيتُ بِهِ مِنْ شَكِّ هَذِهِ الْعِصَابَةِ فِيَّ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ أَمْراً اعْتَقَدْتُمُوهُ وَدِنْتُمْ بِهِ إِلَى وَقْتٍ ثُمَّ يَنْقَطِعُ فَلِلشَّكِّ مَوْضِعٌ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا مَا اتَّصَلَتْ أُمُورُ اللَّهِ فَمَا مَعْنَى هَذَا الشَّكِ‏

وَ قَالَ ع حُبُّ الْأَبْرَارِ لِلْأَبْرَارِ ثَوَابٌ لِلْأَبْرَارِ وَحُبُّ الْفُجَّارِ لِلْأَبْرَارِ فَضِيلَةٌ لِلْأَبْرَارِ وَبُغْضُ الْفُجَّارِ لِلْأَبْرَارِ زَيْنٌ لِلْأَبْرَارِ وَبُغْضُ الْأَبْرَارِ لِلْفُجَّارِ خِزْيٌ عَلَى الْفُجَّارِ

وَ قَالَ ع مِنَ التَّوَاضُعِ السَّلَامُ عَلَى كُلِّ مَنْ تَمُرُّ بِهِ وَالْجُلُوسُ دُونَ شَرَفِ الْمَجْلِسِ‏

وَ قَالَ ع مِنَ الْجَهْلِ الضَّحِكُ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ‏

وَ قَالَ ع مِنَ الْفَوَاقِرِ الَّتِي تَقْصِمُ الظَّهْرَ جَارٌ إِنْ رَأَى حَسَنَةً أَطْفَأَهَا وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً أَفْشَاهَا

وَ قَالَ ع لِشِيعَتِهِ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْوَرَعِ فِي دِينِكُمْ وَالِاجْتِهَادِ لِلَّهِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ وَطُولِ السُّجُودِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ فَبِهَذَا جَاءَ مُحَمَّدٌ ص صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ وَاشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ وَعُودُوا مَرْضَاهُمْ وَأَدُّوا حُقُوقَهُمْ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ إِذَا وَرِعَ فِي دِينِهِ وَصَدَقَ فِي حَدِيثِهِ وَأَدَّى الْأَمَانَةَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 488

وَ حَسَّنَ خُلُقَهُ مَعَ النَّاسِ قِيلَ هَذَا شِيعِيٌّ فَيَسُرُّنِي ذَلِكَ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا زَيْناً وَلَا تَكُونُوا شَيْناً جُرُّوا إِلَيْنَا كُلَّ مَوَدَّةٍ وَادْفَعُوا عَنَّا كُلَّ قَبِيحٍ فَإِنَّهُ مَا قِيلَ فِينَا مِنْ حُسْنٍ فَنَحْنُ أَهْلُهُ وَمَا قِيلَ فِينَا مِنْ سُوءٍ فَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ لَنَا حَقٌّ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَقَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَتَطْهِيرٌ مِنَ اللَّهِ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ غَيْرُنَا إِلَّا كَذَّابٌ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ وَذِكْرَ الْمَوْتِ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ص فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ احْفَظُوا مَا وَصَّيْتُكُمْ بِهِ وَأَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ‏

وَ قَالَ ع لَيْسَتِ الْعِبَادَةُ كَثْرَةَ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّمَا الْعِبَادَةُ كَثْرَةُ التَّفَكُّرِ فِي أَمْرِ اللَّهِ‏

وَ قَالَ ع بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَكُونُ ذَا وَجْهَيْنِ وَذَا لِسَانَيْنِ يُطْرِي أَخَاهُ شَاهِداً وَيَأْكُلُهُ غَائِباً إِنْ أُعْطِيَ حَسَدَهُ وَإِنِ ابْتُلِيَ خَذَلَهُ‏

وَ قَالَ ع الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ

وَ قَالَ ع لِشِيعَتِهِ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ أَمَرْنَاكُمْ بِالتَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ وَنَحْنُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ وَالْآنَ نَأْمُرُكُمْ بِالتَّخَتُّمِ فِي الشِّمَالِ لِغَيْبَتِنَا عَنْكُمْ إِلَى أَنْ يُظْهِرَ اللَّهُ أَمْرَنَا وَأَمْرَكُمْ فَإِنَّهُ مِنْ أَدَلِّ دَلِيلٍ عَلَيْكُمْ فِي وَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَخَلَعُوا خَوَاتِيمَهُمْ مِنْ أَيْمَانِهِمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَبِسُوهَا فِي شَمَائِلِهِمْ وَقَالَ ع لَهُمْ حَدِّثُوا بِهَذَا شِيعَتَنَا

وَ قَالَ ع أَقَلُّ النَّاسِ رَاحَةً الْحَقُودُ

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         492    مناجاة الله عز وجل لموسى بن عمران ع‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 489

وَ قَالَ ع أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ الشُّبْهَةِ أَعْبَدُ النَّاسِ مَنْ أَقَامَ عَلَى الْفَرَائِضِ أَزْهَدُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ الْحَرَامَ أَشَدُّ النَّاسِ اجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ الذُّنُوبَ‏

وَ قَالَ ع إِنَّكُمْ فِي آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَالْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يَحْصُدْ غِبْطَةً وَمَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يَحْصُدْ نَدَامَةً لِكُلِّ زَارِعٍ مَا زَرَعَ لَا يُسْبَقُ بَطِي‏ءٌ بِحَظِّهِ وَلَا يُدْرِكُ حَرِيصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ مَنْ أُعْطِيَ خَيْراً فَاللَّهُ أَعْطَاهُ وَمَنْ وُقِيَ شَرّاً فَاللَّهُ وَقَاهُ‏

وَ قَالَ ع الْمُؤْمِنُ بَرَكَةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَحُجَّةٌ عَلَى الْكَافِرِ

وَ قَالَ ع قَلْبُ الْأَحْمَقِ فِي فَمِهِ وَفَمُ الْحَكِيمِ فِي قَلْبِهِ‏

وَ قَالَ ع لَا يَشْغَلْكَ رِزْقٌ مَضْمُونٌ عَنْ عَمَلٍ مَفْرُوضٍ‏

وَ قَالَ ع مَنْ تَعَدَّى فِي طَهُورِهِ كَانَ كَنَاقِضِهِ‏

وَ قَالَ ع مَا تَرَكَ الْحَقَّ عَزِيزٌ إِلَّا ذَلَّ وَلَا أَخَذَ بِهِ ذَلِيلٌ إِلَّا عَزَّ

وَ قَالَ ع صَدِيقُ الْجَاهِلِ تَعِبٌ‏

وَ قَالَ ع خَصْلَتَانِ لَيْسَ فَوْقَهُمَا شَيْ‏ءٌ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَنَفْعُ الْإِخْوَانِ‏

وَ قَالَ ع جُرْأَةُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ فِي صِغَرِهِ تَدْعُو إِلَى الْعُقُوقِ فِي كِبَرِهِ‏

وَ قَالَ ع لَيْسَ مِنَ الْأَدَبِ إِظْهَارُ الْفَرَحِ عِنْدَ الْمَحْزُونِ‏

وَ قَالَ ع خَيْرٌ مِنَ الْحَيَاةِ مَا إِذَا فَقَدْتَهُ أَبْغَضْتَ الْحَيَاةَ وَشَرٌّ مِنَ الْمَوْتِ مَا إِذَا نَزَلَ بِكَ أَحْبَبْتَ الْمَوْتَ‏

وَ قَالَ ع رِيَاضَةُ الْجَاهِلِ وَرَدُّ الْمُعْتَادِ عَنْ عَادَتِهِ كَالْمُعْجِزِ

وَ قَالَ ع التَّوَاضُعُ نِعْمَةٌ لَا يُحْسَدُ عَلَيْهَا

وَ قَالَ ع لَا تُكْرِمِ الرَّجُلَ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ‏

وَ قَالَ ع مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرّاً فَقَدْ زَانَهُ وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ شَانَهُ‏

وَ قَالَ ع مَا مِنْ بَلِيَّةٍ إِلَّا وَلِلَّهِ فِيهَا نِعْمَةٌ تُحِيطُ بِهَا

وَ قَالَ ع مَا أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ تَكُونَ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّهُ‏

تم ما انتهى إلينا من أخبار النبي والأئمة الطاهرين ع في المعاني‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 490

التي ذكرناها والآثار التي اشترطناها ولم نذكر شيئا من توقيعات صاحب زماننا والحجة في عصرنا على تواترها في الشيعة المستبصرين واستفاضتها فيهم لأنه لم يصل إلينا ما اقتضاه كتابنا وضاهاه تأليفنا والاعتقاد فيه مثله فيمن سلف من آبائه الماضين الأئمة الراشدين عليهم السلام أجمعين وأتبعت ذلك بما جانسه وشاكله لتزاد الفوائد وتتضاعف المواعظ والله ولي التوفيق وهو حسبنا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏

مناجاة الله عز وجل لموسى بن عمران ع‏

يَا مُوسَى لَا تُطِلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ فَيَقْسُوَ قَلْبُكَ وَقَاسِي الْقَلْبِ مِنِّي بَعِيدٌ أَمِتْ قَلْبَكَ بِالْخَشْيَةِ وَكُنْ خَلَقَ الثِّيَابِ جَدِيدَ الْقَلْبِ تُخْفَى عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَتُعْرَفُ بَيْنَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَصِحْ إِلَيَّ مِنْ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ صِيَاحَ الْهَارِبِ مِنْ عَدُوِّهِ وَاسْتَعِنْ بِي عَلَى ذَلِكَ فَإِنِّي نِعْمَ الْمُسْتَعَانُ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا فَوْقَ الْعِبَادِ وَالْعِبَادُ دُونِي وَكُلٌّ لِي دَاخِرُونَ فَاتَّهِمْ نَفْسَكَ عَلَى نَفْسِكَ وَلَا تَأْتَمِنْ وَلَدَكَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُكَ مِثْلَكَ يُحِبُّ الصَّالِحِينَ يَا مُوسَى اغْسِلْ وَاغْتَسِلْ وَاقْتَرِبْ مِنْ عِبَادِيَ الصَّالِحِينَ يَا مُوسَى كُنْ إِمَامَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ وَفِيمَا يَتَشَاجَرُونَ وَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ بِمَا أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ فَقَدْ أَنْزَلْتُهُ حُكْماً بَيِّناً وَبُرْهَاناً نَيِّراً وَنُوراً يَنْطِقُ بِمَا فِي الْأَوَّلِينَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ فِي الْآخِرِينَ يَا مُوسَى أُوصِيكَ وَصِيَّةَ الشَّفِيقِ الْمُشْفِقِ بِابْنِ الْبَتُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَاحِبِ الْأَتَانِ وَالْبُرْنُسِ وَالزَّيْتِ وَالزَّيْتُونِ وَالْمِحْرَابِ وَمِنْ بَعْدِهِ بِصَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 491

الطَّيِّبِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ فَمَثَلُهُ فِي كِتَابِكَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُهَيْمِنٌ عَلَى الْكُتُبِ وَأَنَّهُ رَاكِعٌ سَاجِدٌ رَاغِبٌ رَاهِبٌ إِخْوَانُهُ الْمَسَاكِينُ وَأَنْصَارُهُ قَوْمٌ آخَرُونَ وَسَيَكُونُ فِي زَمَانِهِ أَزْلٌ وَزَلَازِلُ وَقَتْلٌ اسْمُهُ أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ الْأَمِينُ مِنَ الْبَاقِينَ الْأَوَّلِينَ يُؤْمِنُ بِالْكُتُبِ كُلِّهَا وَيُصَدِّقُ جَمِيعَ الْمُرْسَلِينَ أُمَّتُهُ مَرْحُومَةٌ مُبَارَكَةٌ لَهُمْ سَاعَاتٌ مُوَقَّتَاتٌ يُؤَذِّنُونَ فِيهَا بِالصَّلَوَاتِ فَبِهِ صَدِّقْ فَإِنَّهُ أَخُوكَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَمِينِي وَهُوَ عَبْدُ صِدْقٍ مُبَارَكٌ لَهُ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ نُبَارِكُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ كَانَ فِي عِلْمِي وَكَذَلِكَ خَلَقْتُهُ بِهِ أَفْتَحُ السَّاعَةَ وَبِأُمَّتِهِ أَخْتِمُ مَفَاتِيحَ الدُّنْيَا فَمُرْ ظَلَمَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ لَا يَدْرُسُوا اسْمَهُ وَلَا يَخْذُلُوهُ وَإِنَّهُمْ لَفَاعِلُونَ وَحُبُّهُ لِي حَسَنَةٌ وَأَنَا مَعَهُ وَأَنَا مِنْ حِزْبِهِ وَهُوَ مِنْ حِزْبِي وَحِزْبِي هُمُ الْغَالِبُونَ يَا مُوسَى أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا إِلَهُكَ لَا تَسْتَذِلَّ الْحَقِيرَ الْفَقِيرَ وَلَا تَغْبِطِ الْغَنِيَّ وَكُنْ عِنْدَ ذِكْرِي خَاشِعاً وَعِنْدَ تِلَاوَتِهِ بِرَحْمَتِي طَامِعاً فَأَسْمِعْنِي لَذَاذَةَ التَّوْرَاةِ بِصَوْتٍ خَاشِعٍ حَزِينٍ اطْمَئِنَّ عِنْدَ ذِكْرِي وَاعْبُدْنِي وَلَا تُشْرِكْ بِي إِنِّي أَنَا السَّيِّدُ الْكَبِيرُ إِنِّي خَلَقْتُكَ مِنْ نُطْفَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ* مِنْ طِينَةٍ أَخْرَجْتُهَا مِنْ أَرْضٍ ذَلِيلَةٍ مَمْشُوجَةٍ فَكَانَتْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         496    مناجاة الله عز وجل لموسى بن عمران ع‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 492

بَشَراً فَأَنَا صَانِعُهَا خَلْقاً فَتَبَارَكَ وَجْهِي وَتَقَدَّسَ صُنْعِي لَيْسَ كَمِثْلِي شَيْ‏ءٌ وَأَنَا الْحَيُّ الدَّائِمُ لَا أَزُولُ يَا مُوسَى كُنْ إِذَا دَعَوْتَنِي خَائِفاً مُشْفِقاً وَجِلًا وَنَاجِنِي حِينَ تُنَاجِينِي بِخَشْيَةٍ مِنْ قَلْبٍ وَجِلٍ وَأَحْيِ بِتَوْرَاتِي أَيَّامَ الْحَيَاةِ وَعَلِّمِ الْجَاهِلِينَ مَحَامِدِي وَذَكِّرْهُمْ آلَائِي وَنِعَمِي وَقُلْ لَهُمْ لَا يَتَمَادَوْنَ فِي غَيِّ مَا هُمْ فِيهِ فَإِنَّ أَخْذِي لَهُمْ شَدِيدٌ يَا مُوسَى إِنِ انْقَطَعَ حَبْلُكَ مِنِّي لَمْ يَتَّصِلْ بِحَبْلِ غَيْرِي فَاعْبُدْنِي وَقُمْ بَيْنَ يَدَيَّ مَقَامَ الْعَبْدِ الْحَقِيرِ ذُمَّ نَفْسَكَ وَهِيَ أَوْلَى بِالذَّمِّ وَلَا تَتَطَاوَلْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِكِتَابِي فَكَفَى بِهَذَا وَاعِظاً لِقَلْبِكَ مُنِيراً وَهُوَ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ وَتَعَالَى يَا مُوسَى مَتَى مَا دَعَوْتَنِي وَجَدْتَنِي فَإِنِّي سَأَغْفِرُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ السَّمَاءُ تُسَبِّحُ لِي وَجِلًا وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ مَخَافَتِي مُشْفِقُونَ وَالْأَرْضُ تُسَبِّحُ لِي طَمَعاً وَكُلُّ الْخَلْقِ يُسَبِّحُونَ لِي دَاخِرِينَ ثُمَّ عَلَيْكَ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا مِنِّي بِمَكَانٍ وَلَهَا عِنْدِي عَهْدٌ وَثِيقٌ وَأُلْحِقَ بِهَا مَا هُوَ مِنْهَا ذَكَاةُ الْقُرْبَانِ مِنْ طَيِّبِ الْمَالِ وَالطَّعَامِ فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ إِلَّا الطَّيِّبَ يُرَادُ بِهِ وَجْهِي أَقْرَنُ مَعَ ذَلِكَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ فَإِنِّي أَنَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَالرَّحِمُ أَنَا خَلَقْتُهَا فَضْلًا مِنْ رَحْمَتِي لِيَتَعَاطَفَ بِهَا الْعِبَادُ وَلَهَا عِنْدِي سُلْطَانٌ فِي مَعَادِ الْآخِرَةِ وَأَنَا قَاطِعٌ مَنْ قَطَعَهَا وَوَاصِلٌ مَنْ وَصَلَهَا وَكَذَلِكَ أَفْعَلُ بِمَنْ ضَيَّعَ أَمْرِي يَا مُوسَى أَكْرِمِ السَّائِلَ إِذَا أَتَاكَ بِرَدٍّ جَمِيلٍ أَوْ إِعْطَاءٍ يَسِيرٍ فَإِنَّهُ يَأْتِيكَ مَنْ لَيْسَ بِإِنْسٍ وَلَا جَانٍّ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَنِ يَبْلُونَكَ كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ فِيمَا أَوْلَيْتُكَ وَكَيْفَ مُوَاسَاتُكَ فِيمَا خَوَّلْتُكَ فَاخْشَعْ لِي بِالتَّضَرُّعِ وَاهْتِفْ بِوَلْوَلَةِ الْكِتَابِ وَاعْلَمْ أَنِّي أَدْعُوكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 493

دُعَاءَ السَّيِّدِ مَمْلُوكَهُ لِتَبْلُغَ بِهِ شَرَفَ الْمَنَازِلِ وَذَلِكَ مِنْ فَضْلِي عَلَيْكَ وَعَلَى آبَائِكَ الْأَوَّلِينَ يَا مُوسَى لَا تَنْسَنِي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ فَإِنَّ نِسْيَانِي يُقْسِي الْقُلُوبَ وَمَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ كَثْرَةُ الذُّنُوبِ الْأَرْضُ مُطِيعَةٌ وَالسَّمَاءُ مُطِيعَةٌ وَالْبِحَارُ مُطِيعَةٌ فَمَنْ عَصَانِي شَقِيَ فَأَنَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ رَحْمَانُ كُلِّ زَمَانٍ آتِي بِالشِّدَّةِ بَعْدَ الرَّخَاءِ وَبِالرَّخَاءِ بَعْدَ الشِّدَّةِ وَبِالْمُلُوكِ بَعْدَ الْمُلُوكِ وَمُلْكِي دَائِمٌ قَائِمٌ لَا يَزُولُ وَلَا يَخْفَى عَلَيَّ شَيْ‏ءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَكَيْفَ يَخْفَى عَلَيَّ مَا مِنِّي مُبْتَدَؤُهُ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ هَمُّكَ فِيمَا عِنْدِي وَإِلَيَّ تَرْجِعُ لَا مَحَالَةَ يَا مُوسَى اجْعَلْنِي حِرْزَكَ وَضَعْ عِنْدِي كَنْزَكَ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَخَفْنِي وَلَا تَخَفْ غَيْرِي إِلَيَّ الْمَصِيرُ يَا مُوسَى عَجِّلِ التَّوْبَةَ وَأَخِّرِ الذَّنْبَ وَتَأَنَّ فِي الْمَكْثِ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَرْجُ غَيْرِي اتَّخِذْنِي جُنَّةً لِلشَّدَائِدِ وَحِصْناً لِمُلِمَّاتِ الْأُمُورِ يَا مُوسَى نَافِسْ فِي الْخَيْرِ أَهْلَهُ فَإِنَّ الْخَيْرَ كَاسْمِهِ وَدَعِ الشَّرَّ لِكُلِّ مَفْتُونٍ يَا مُوسَى اجْعَلْ لِسَانَكَ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِكَ تَسْلَمْ وَأَكْثِرْ ذِكْرِي بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ تَغْنَمْ وَلَا تَتَّبِعِ الْخَطَايَا فَتَنْدَمَ فَإِنَّ الْخَطَايَا مَوْعِدُهَا النَّارُ يَا مُوسَى أَطِبِ الْكَلَامَ لِأَهْلِ التَّرْكِ لِلذُّنُوبِ وَكُنْ لَهُمْ جَلِيساً وَاتَّخِذْهُمْ لِغَيْبِكَ إِخْوَاناً وَجِدَّ مَعَهُمْ يَجِدُّونَ مَعَكَ يَا مُوسَى مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهِي فَكَثِيرٌ قَلِيلُهُ وَمَا أُرِيدَ بِهِ غَيْرِي فَقَلِيلٌ كَثِيرُهُ وَإِنَّ أَصْلَحَ أَيَّامِكَ الَّذِي أَمَامَكَ فَانْظُرْ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ فَأَعِدَّ لَهُ الْجَوَابَ فَإِنَّكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 494

مَوْقُوفٌ وَمَسْئُولٌ وَخُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنَ الدَّهْرِ وَأَهْلِهِ فَإِنَّ الدَّهْرَ طَوِيلُهُ قَصِيرٌ وَقَصِيرُهُ طَوِيلٌ وَكُلُّ شَيْ‏ءٍ فَانٍ فَاعْمَلْ كَأَنَّكَ تَرَى ثَوَابَ عَمَلِكَ لِكَيْ يَكُونَ أَطْمَعَ لَكَ فِي الْآخِرَةِ لَا مَحَالَةَ فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا كَمَا وَلَّى مِنْهَا وَكُلُّ عَامِلٍ يَعْمَلُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَمِثَالٍ فَكُنْ مُرْتَاداً لِنَفْسِكَ يَا ابْنَ عِمْرَانَ لَعَلَّكَ تَفُوزُ غَداً يَوْمَ السُّؤَالِ وَهُنَالِكَ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ يَا مُوسَى طِبْ نَفْساً عَنِ الدُّنْيَا وَانْطَوِ عَنْهَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ وَلَسْتَ لَهَا مَا لَكَ وَلِدَارِ الظَّالِمِينَ إِلَّا لِعَامِلٍ فِيهَا بِالْخَيْرِ فَإِنَّهَا لَهُ نِعْمَ الدَّارُ يَا مُوسَى الدُّنْيَا وَأَهْلُهَا فِتَنٌ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فَكُلٌّ مُزَيَّنٌ لَهُ مَا هُوَ فِيهِ وَالْمُؤْمِنُ زُيِّنَتْ لَهُ الْآخِرَةُ فَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا مَا يَفْتُرُ قَدْ حَالَتْ شَهْوَتُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَذَّةِ الْعَيْشِ فَأَدْلَجَتْهُ بِالْأَسْحَارِ كَفِعْلِ الرَّاكِبِ السَّابِقِ إِلَى غَايَتِهِ يَظَلُّ كَئِيباً وَيُمْسِي حَزِيناً فَطُوبَى لَهُ أَمَا لَوْ قَدْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ذَا يُعَايِنُ مِنَ السُّرُورِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 495

يَا مُوسَى إِذَا رَأَيْتَ الْغِنَى مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ وَإِذَا رَأَيْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ وَلَا تَكُنْ جَبَّاراً ظَلُوماً وَلَا تَكُنْ لِلظَّالِمِينَ قَرِيناً يَا مُوسَى مَا عُمُرٌ وَإِنْ طَالَ يُذَمُّ آخِرُهُ وَمَا ضَرَّكَ مَا زُوِيَ عَنْكَ إِذَا حُمِدَتْ مَغَبَّتُهُ يَا مُوسَى صَرَّحَ الْكِتَابُ صَرَاحاً بِمَا أَنْتَ إِلَيْهِ صَائِرٌ فَكَيْفَ تَرْقُدُ عَلَى هَذَا الْعُيُونُ أَمْ كَيْفَ يَجِدُ قَوْمٌ لَذَّةَ الْعَيْشِ لَوْ لَا التَّمَادِي فِي الْغَفْلَةِ وَالتَّتَابُعُ فِي الشَّهَوَاتِ وَمِنْ دُونِ هَذَا جَزِعَ الصِّدِّيقُونَ يَا مُوسَى مُرْ عِبَادِي يَدْعُونِي عَلَى مَا كَانُوا بَعْدَ أَنْ يُقِرُّوا بِي أَنِّي أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أُجِيبُ الْمُضْطَرِّينَ وَأَكْشِفُ السُّوءَ وَأُبَدِّلُ الزَّمَانَ وَآتِي بِالرَّخَاءِ وَأَشْكُرُ الْيَسِيرَ وَأُثِيبُ بِالْكَثِيرِ وَأُغْنِي الْفَقِيرَ وَأَنَا الدَّائِمُ الْعَزِيزُ الْقَدِيرُ فَمَنْ لَجَأَ إِلَيْكَ وَانْضَوَى إِلَيْكَ مِنَ الْخَاطِئِينَ فَقُلْ أَهْلًا وَسَهْلًا بِأَرْحَبِ الْفِنَاءِ نَزَلْتَ بِفِنَاءِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَكُنْ لَهُمْ كَأَحَدِهِمْ وَلَا تَسْتَطِلْ عَلَيْهِمْ بِمَا أَنَا أَعْطَيْتُكَ فَضْلَهُ وَقُلْ لَهُمْ فَيَسْأَلُونِي مِنْ فَضْلِي وَرَحْمَتِي فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا أَحَدٌ غَيْرِي وَأَنَا ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ كَهْفُ الْخَاطِئِينَ وَجَلِيسُ الْمُضْطَرِّينَ وَمُسْتَغْفِرٌ لِلْمُذْنِبِينَ إِنَّكَ مِنِّي بِالْمَكَانِ الرَّضِيِّ فَادْعُنِي بِالْقَلْبِ النَّقِيِّ وَاللِّسَانِ الصَّادِقِ وَكُنْ كَمَا أَمَرْتُكَ أَطِعْ أَمْرِي وَلَا تَسْتَطِلْ عَلَى عِبَادِي بِمَا لَيْسَ مِنْكَ مُبْتَدَؤُهُ وَتَقَرَّبْ إِلَيَّ فَإِنِّي مِنْكَ قَرِيبٌ فَإِنِّي لَمْ أَسْأَلْكَ مَا يُؤْذِيكَ ثِقَلُهُ وَلَا حَمْلُهُ إِنَّمَا سَأَلْتُكَ أَنْ تَدْعُوَنِي فَأُجِيبَكَ وَأَنْ تَسْأَلَنِي فَأُعْطِيَكَ وَأَنْ تَتَقَرَّبَ بِمَا مِنِّي أَخَذْتَ تَأْوِيلَهُ وَعَلَيَّ تَمَامُ تَنْزِيلِهِ يَا مُوسَى انْظُرْ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهَا عَنْ قَرِيبٍ قَبْرُكَ وَارْفَعْ عَيْنَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ فَإِنَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         499    مناجاة الله جل ثناؤه لعيسى ابن مريم ص‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 496

فَوْقَكَ فِيهَا مَلِكاً عَظِيماً وَابْكِ عَلَى نَفْسِكَ مَا كُنْتَ فِي الدُّنْيَا وَتَخَوَّفِ الْعَطَبَ وَالْمَهَالِكَ وَلَا تَغُرَّنَّكَ زِينَةُ الدُّنْيَا وَزَهْرَتُهَا وَلَا تَرْضَ بِالظُّلْمِ وَلَا تَكُنْ ظَالِماً فَإِنِّي لِلظَّالِمِ بِمَرْصَدٍ حَتَّى أُدِيلَ مِنْهُ الْمَظْلُومَ يَا مُوسَى إِنَّ الْحَسَنَةَ عَشَرَةُ أَضْعَافٍ وَمِنَ السَّيِّئَةِ الْوَاحِدَةِ الْهَلَاكُ وَلَا تُشْرِكْ بِي لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُشْرِكَ بِي قَارِبْ وَسَدِّدْ ادْعُ دُعَاءَ الرَّاغِبِ فِيمَا عِنْدِي النَّادِمِ عَلَى مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ فَإِنَّ سَوَادَ اللَّيْلِ يَمْحُوهُ النَّهَارُ كَذَلِكَ السَّيِّئَةُ تَمْحُوهَا الْحَسَنَةُ وَعَشْوَةُ اللَّيْلِ تَأْتِي عَلَى ضَوْءِ النَّهَارِ فَكَذَلِكَ السَّيِّئَةُ تَأْتِي عَلَى الْحَسَنَةِ فَتُسَوِّدُهَا

مناجاة الله جل ثناؤه لعيسى ابن مريم ص‏

يَا عِيسَى أَنَا رَبُّكَ وَرَبُّ آبَائِكَ اسْمِي وَاحِدٌ وَأَنَا الْأَحَدُ الْمُتَفَرِّدُ بِخَلْقِ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَكُلُّ شَيْ‏ءٍ مِنْ صُنْعِي وَكُلٌّ إِلَيَّ رَاجِعُونَ يَا عِيسَى أَنْتَ الْمَسِيحُ بِأَمْرِي وَأَنْتَ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ بِإِذْنِي وَأَنْتَ تُحْيِي الْمَوْتَى بِكَلَامِي فَكُنْ إِلَيَّ رَاغِباً وَمِنِّي رَاهِباً وَلَنْ تَجِدَ مِنِّي مَلْجَأً إِلَّا إِلَيَّ يَا عِيسَى أُوصِيكَ وَصِيَّةَ الْمُتَحَنِّنِ عَلَيْكَ بِالرَّحْمَةِ حَتَّى حَقَّتْ لَكَ مِنِّي الْوَلَايَةُ بِتَحَرِّيكَ مِنِّي الْمَسَرَّةَ فَبُورِكْتَ كَبِيراً وَبُورِكْتَ صَغِيراً حَيْثُ مَا كُنْتَ أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدِي مِنْ أَمَتِي تَقَرَّبْ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ وَتَوَكَّلْ عَلَيَّ أَكْفِكَ وَلَا تَوَلَّ غَيْرِي فَأَخْذُلَكَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 497

يَا عِيسَى اصْبِرْ عَلَى الْبَلَاءِ وَارْضَ بِالْقَضَاءِ وَكُنْ كَمَسَرَّتِي فِيكَ فَإِنَّ مَسَرَّتِي أَنْ أُطَاعَ فَلَا أُعْصَى يَا عِيسَى أَحْيِ ذِكْرِي بِلِسَانِكَ وَلْيَكُنْ وُدِّي فِي قَلْبِكَ يَا عِيسَى تَيَقَّظْ فِي سَاعَاتِ الْغَفْلَةِ وَاحْكُمْ لِي لَطِيفَ الْحِكْمَةِ يَا عِيسَى كُنْ رَاغِباً رَاهِباً وَأَمِتْ قَلْبَكَ بِالْخَشْيَةِ يَا عِيسَى رَاعِ اللَّيْلَ لِتَحَرِّي مَسَرَّتِي وَاظْمَأْ نَهَارَكَ لِيَوْمِ حَاجَتِكَ يَا عِيسَى إِنَّكَ مَسْئُولٌ فَارْحَمِ الضَّعِيفَ كَرَحْمَتِي إِيَّاكَ وَلَا تَقْهَرِ الْيَتِيمَ يَا عِيسَى ابْكِ عَلَى نَفْسِكَ فِي الْخَلَوَاتِ وَانْقُلْ قَدَمَيْكَ إِلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ وَأَسْمِعْنِي لَذَاذَةَ نُطْقِكَ بِذِكْرِي فَإِنَّ صَنِيعِي إِلَيْكَ حَسَنٌ يَا عِيسَى كَمْ مِنْ أُمَّةٍ قَدْ أَهْلَكْتُهَا بِسَالِفِ ذُنُوبٍ قَدْ عَصَمْتُكَ مِنْهَا يَا عِيسَى ارْفُقْ بِالضَّعِيفِ وَارْفَعْ طَرْفَكَ الْكَلِيلَ إِلَى السَّمَاءِ وَادْعُنِي فَإِنِّي مِنْكَ قَرِيبٌ وَلَا تَذْكُرْنِي إِلَّا مُتَضَرِّعاً إِلَيَّ وَهَمُّكَ وَاحِدٌ فَإِنَّكَ مَتَى دَعَوْتَنِي كَذَلِكَ أُجِبْكَ يَا عِيسَى لَا يَغُرُّكَ الْمُتَمَرِّدُ عَلَيَّ بِالْعِصْيَانِ يَأْكُلُ رِزْقِي وَيَعْبُدُ غَيْرِي ثُمَّ يَدْعُونِي عِنْدَ الْكَرْبِ فَأُجِيبُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَعَلَيَّ يَتَمَرَّدُ أَمْ بِسَخَطِي يَتَعَرَّضُ وَبِي حَلَفْتُ لَآخُذَنَّهُ أَخْذَةً لَيْسَ لَهُ مِنْهَا مَنْجًى وَلَا دُونِي مَلْجَأٌ أَيْنَ يَهْرُبُ مِنْ سَمَائِي وَأَرْضِي يَا عِيسَى قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَدْعُونِي وَالسُّحْتُ تَحْتَ أَحْضَانِكُمْ وَالْأَصْنَامُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنِّي آلَيْتُ أَنْ أُجِيبَ مَنْ دَعَانِي وَأَنْ أَجْعَلَ إِجَابَتِي إِيَّاهُمْ لَعْناً عَلَيْهِمْ حَتَّى يَتَفَرَّقُوا يَا عِيسَى مَا خَيْرُ لَذَاذَةٍ لَا تَدُومُ وَعَيْشٍ عَنْ صَاحِبِهِ يَزُولُ يَا ابْنَ مَرْيَمَ لَوْ رَأَتْ عَيْنُكَ مَا أَعْدَدْتُ لِأَوْلِيَائِيَ الصَّالِحِينَ ذَابَ قَلْبُكَ وَزَهَقَتْ نَفْسُكَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 498

شَوْقاً إِلَيْهِ فَلَيْسَ كَدَارِ الْآخِرَةِ دَارٌ تَجَاوَرَ فِيهَا الطَّيِّبُونَ وَتَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَهُمْ مِمَّا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَهْوَالِهَا آمِنُونَ دَارٌ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا النَّعِيمُ وَلَا يَزُولُ عَنْ أَهْلِهَا يَا ابْنَ مَرْيَمَ نَافِسْ فِيهَا مَعَ الْمُتَنَافِسِينَ فَإِنَّهَا أُمْنِيَّةُ الْمُتَمَكِّنِينَ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ طُوبَى لَكَ يَا ابْنَ مَرْيَمَ إِنْ كُنْتَ لَهَا مِنَ الْعَامِلِينَ مَعَ آبَائِكَ آدَمَ وَإِبْرَاهِيمَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ لَا تَبْغِي بِهَا بَدَلًا وَلَا تَحْوِيلًا كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِالْمُتَّقِينَ يَا عِيسَى اهْرُبْ إِلَيَّ مَعَ مَنْ يَهْرُبُ مِنْ نَارٍ ذَاتِ لَهَبٍ وَنَارٍ ذَاتِ أَغْلَالٍ وَأَنْكَالٍ لَا يَدْخُلُهَا رَوْحٌ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا غَمٌّ أَبَداً قِطَعٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ مَنْ يَنْجُ مِنْهَا يَفُزْ هِيَ دَارُ الْجَبَّارِينَ وَالْعُتَاةِ الظَّالِمِينَ وَكُلِّ فَظٍّ غَلِيظٍ يَا عِيسَى بِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ رَكِنَ إِلَيْهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ دَارُ الظَّالِمِينَ إِنِّي أُحَذِّرُكَ نَفْسَكَ فَكُنْ بِي خَبِيراً يَا عِيسَى كُنْ حَيْثُ مَا كُنْتَ مُرَاقِباً لِي وَاشْهَدْ عَلَيَّ أَنِّي خَلَقْتُكَ وَأَنَّكَ عَبْدِي وَأَنِّي صَوَّرْتُكَ وَإِلَى الْأَرْضِ أَهْبَطْتُكَ يَا عِيسَى افْطِمْ نَفْسَكَ عَنِ الشَّهَوَاتِ الْمُوبِقَاتِ وَكُلُّ شَهْوَةٍ تُبَاعِدُكَ مِنِّي فَاهْجُرْهَا وَاعْلَمْ أَنَّكَ مِنِّي بِمَكَانِ الرَّسُولِ الْأَمِينِ فَكُنْ مِنِّي عَلَى حَذَرٍ يَا عِيسَى كُنْتُ خَلَقْتُكَ بِكَلَامِي وَلَدَتْكَ مَرْيَمُ بِأَمْرِي الْمُرْسَلُ إِلَيْهَا رُوحِي جَبْرَئِيلُ الْأَمِينُ مِنْ مَلَائِكَتِي حَتَّى قُمْتَ عَلَى الْأَرْضِ حَيّاً تَمْشِي وَكُلُّ ذَلِكَ فِي سَابِقِ عِلْمِي يَا عِيسَى إِنْ غَضِبْتُ عَلَيْكَ لَمْ يَنْفَعْكَ مَنْ رَضِيَ عَنْكَ وَإِنْ رَضِيتُ عَنْكَ لَمْ يَضُرَّكَ غَضَبُ الْمُتَغَضِّبِينَ عَلَيْكَ يَا عِيسَى اذْكُرْنِي فِي نَفْسِكَ وَاذْكُرْنِي فِي مَلَإِكَ أَذْكُرْكَ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ يَا عِيسَى ادْعُنِي دُعَاءَ الْغَرِيقِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُغِيثٌ يَا عِيسَى لَا تَحْلِفْ بِي كَاذِباً فَيَهْتَزَّ عَرْشِي غَضَباً الدُّنْيَا قَصِيرَةُ الْعُمُرِ طَوِيلَةُ الْأَمَلِ وَعِنْدِي دَارٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 499

يَا عِيسَى كَيْفَ أَنْتُمْ صَانِعُونَ إِذَا أَخْرَجْتُ لَكُمْ كِتَاباً يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ بِسَرَائِرَ قَدْ كَتَمْتُمُوهَا وَأَعْمَالٍ كُنْتُمْ بِهَا عَامِلِينَ يَا عِيسَى قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ غَسَلْتُمْ وُجُوهَكُمْ وَدَنَّسْتُمْ قُلُوبَكُمْ أَ بِي تَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِءُونَ تَطَيَّبُونَ بِالطِّيبِ لِأَهْلِ الدُّنْيَا وَأَجْوَافُكُمْ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْجِيَفِ الْمُنْتِنَةِ كَأَنَّكُمْ أَقْوَامٌ مَيِّتُونَ يَا عِيسَى قُلْ لَهُمْ قَلِّمُوا أَظْفَارَكُمْ مِنْ كَسْبِ الْحَرَامِ وَأَصِمُّوا أَسْمَاعَكُمْ مِنْ ذِكْرِ الْخَنَا وَأَقْبِلُوا عَلَيَّ بِقُلُوبِكُمْ فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ صُوَرَكُمْ يَا عِيسَى افْرَحْ بِالْحَسَنَةِ فَإِنَّهَا لِي رِضاً وَابْكِ عَلَى السَّيِّئَةِ فَإِنَّهَا شَيْنٌ وَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ يُصْنَعَ بِكَ فَلَا تَصْنَعْهُ بِغَيْرِكَ وَإِنْ لَطَمَ أَحَدٌ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ فَأَعْطِهِ الْأَيْسَرَ وَتَقَرَّبْ إِلَيَّ بِالْمَوَدَّةِ جُهْدَكَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ يَا عِيسَى دُلَّ لِأَهْلِ الْحَسَنَةِ وَشَارِكْهُمْ فِيهَا وَكُنْ عَلَيْهِمْ شَهِيداً وَقُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَا أَخْدَانَ السَّوْءِ إِنْ لَمْ تَنْتَهُوا أَمْسَخُكُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ يَا عِيسَى قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْحِكْمَةُ تَبْكِي فَرَقاً مِنِّي وَأَنْتُمْ بِالضَّحِكِ تَهْجُرُونَ أَتَتْكُمْ بَرَاءَتِي أَمْ لَدَيْكُمْ أَمَانٌ مِنْ عَذَابِي أَمْ تَعَرَّضُونَ لِعُقُوبَتِي فَبِي حَلَفْتُ لَأَتْرُكَنَّكُمْ مَثَلًا لِلْغَابِرِينَ ثُمَّ أُوصِيكَ يَا ابْنَ مَرْيَمَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ بِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَحَبِيبِي أَحْمَدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ وَالْوَجْهِ الْأَزْهَرِ الْمُشْرِقِ بِالنُّورِ الطَّاهِرِ الْقَلْبِ الشَّدِيدِ الْبَأْسِ الْحَيِيِّ الْمُتَكَرِّمِ فَإِنَّهُ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ وَسَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ يَوْمَ يَلْقَانِي أَكْرَمُ السَّابِقِينَ عَلَيَّ وَأَقْرَبُ الْمُسْلِمِينَ مِنِّي الْعَرَبِيُّ الْأُمِّيُّ الدَّيَّانُ بِدِينِي الصَّابِرُ فِي ذَاتِي الْمُجَاهِدُ لِلْمُشْرِكِينَ بِذَبِّهِ عَنْ دِينِي وَأَنْ تُخْبِرَ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَتَأْمُرَهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ وَأَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَأَنْ يَتَّبِعُوهُ وَيَنْصُرُوهُ قَالَ إِلَهِي مَنْ هُوَ حَتَّى أُرْضِيَهُ ذَلِكَ الرِّضَا قَالَ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَأَقْرَبُهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً وَأَحْضَرُهُمْ شَفَاعَةً طُوبَى لَهُ مِنْ نَبِيٍّ وَطُوبَى لِأُمَّتِه‏

تحف العقول عن آل الرسول ص         504    مواعظ المسيح ع في الإنجيل وغيره ومن حكمه‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 500

إِنَّهُمْ لَقُونِي عَلَى سَبِيلِهِ يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْأَرْضِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ أَمِينٌ مَيْمُونٌ طَيِّبٌ خَيْرُ الْبَاقِينَ عِنْدِي يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ إِذَا خَرَجَ أَرْخَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ زَهْرَتَهَا حَتَّى يَرَوُا الْبَرَكَةَ وَأُبَارِكُ لَهُمْ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ كَثِيرُ الْأَزْوَاجِ قَلِيلُ الْأَوْلَادِ يَا عِيسَى كُلُّ مَا يُقَرِّبُكَ مِنِّي قَدْ دَلَلْتُكَ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَا يُبَاعِدُكَ مِنِّي قَدْ نَهَيْتُكَ عَنْهُ فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ يَا عِيسَى الدُّنْيَا حُلْوَةٌ وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلْتُكَ فِيهَا فَجَانِبْ مِنْهَا مَا حَذَّرْتُكَ وَخُذْ مِنْهَا مَا أَعْطَيْتُكَ عَفْواً يَا عِيسَى انْظُرْ فِي عَمَلِكَ نَظَرَ الْعَبْدِ الْمُذْنِبِ الْخَاطِئِ وَلَا تَنْظُرْ فِي عَمَلِ غَيْرِكَ كُنْ فِيهَا زَاهِداً وَلَا تَرْهَبْ فِيهَا فَتَعْطَبَ يَا عِيسَى اعْقِلْ وَتَفَكَّرْ وَانْظُرْ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ يَا عِيسَى كُلُّ وَصْفِي لَكَ نَصِيحَةٌ وَكُلُّ قَوْلِي لَكَ حَقٌّ وَأَنَا الْحَقُّ الْمُبِينُ فَحَقّاً أَقُولُ لَئِنْ أَنْتَ عَصَيْتَنِي بَعْدَ أَنْ أَنْبَأْتُكَ مَا لَكَ مِنْ دُونِي وَلِيٌّ وَلَا نَصِيرٌ يَا عِيسَى أَدِّبْ قَلْبَكَ بِالْخَشْيَةِ وَانْظُرْ إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكَ وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ فَوْقَكَ وَاعْلَمْ أَنَّ رَأْسَ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَذَنْبٍ هُوَ حُبُّ الدُّنْيَا فَلَا تُحِبَّهَا فَإِنِّي لَا أُحِبُّهَا يَا عِيسَى أَطِبْ لِي قَلْبَكَ وَأَكْثِرْ ذِكْرِي فِي الْخَلَوَاتِ وَاعْلَمْ أَنَّ سُرُورِي أَنْ تُبَصْبِصَ إِلَيَّ كُنْ فِي ذَلِكَ حَيّاً وَلَا تَكُنْ مَيِّتاً يَا عِيسَى لَا تُشْرِكْ بِي وَكُنْ مِنِّي عَلَى حَذَرٍ وَلَا تَغْتَرَّ بِالصِّحَّةِ وَلَا تُغَبِّطْ نَفْسَكَ فَإِنَّ الدُّنْيَا كَفَيْ‏ءٍ زَائِلٍ وَمَا أَقْبَلَ مِنْهَا كَمَا أَدْبَرَ فَنَافِسْ فِي الصَّالِحَاتِ جُهْدَكَ وَكُنْ مَعَ الْحَقِّ وَإِنْ قُطِعْتَ وَأُحْرِقْتَ بِالنَّارِ فَلَا تَكْفُرْ بِي بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَلَا تَكُنْ مَعَ الْجَاهِلِينَ فَإِنَّ الشَّيْ‏ءَ يَكُونُ مَعَ الشَّيْ‏ءِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 501

يَا عِيسَى صُبَّ لِيَ الدُّمُوعَ مِنْ عَيْنَيْكَ وَاخْشَعْ بِقَلْبِكَ يَا عِيسَى اسْتَغِثْ لِي فِي حَالِ الشِدَّةِ فَإِنِّي أُغِيثُ الْمَكْرُوبِينَ وَأُجِيبُ الْمُضْطَرِّينَ وَأَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‏

مواعظ المسيح ع في الإنجيل وغيره ومن حكمه‏

طُوبَى لِلْمُتَرَاحِمِينَ أُولَئِكَ هُمُ الْمَرْحُومُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمُصْلِحِينَ بَيْنَ النَّاسِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُقَرَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمُطَهَّرَةِ قُلُوبُهُمْ أُولَئِكَ يَزُورُونَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمُتَوَاضِعِينَ فِي الدُّنْيَا أُولَئِكَ يَرِثُونَ مَنَابِرَ الْمُلْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ وَلَهُمْ مَلَكُوتُ السَّمَاءِ طُوبَى لِلْمَحْزُونِينَ هُمُ الَّذِينَ يَسُرُّونَ طُوبَى لِلَّذِينَ يَجُوعُونَ وَيَظْمَئُونَ خُشُوعاً هُمُ الَّذِينَ يُسْقَوْنَ طُوبَى لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْخَيْرَ أَصْفِيَاءُ اللَّهِ يُدْعَوْنَ طُوبَى لِلْمَسْبُوبِينَ مِنْ أَجْلِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاءِ طُوبَى لَكُمْ إِذَا حُسِدْتُمْ وَشُتِمْتُمْ وَقِيلَ فِيكُمْ كُلُّ كَلِمَةٍ قَبِيحَةٍ كَاذِبَةٍ حِينَئِذٍ فَافْرَحُوا وَابْتَهِجُوا فَإِنَّ أَجْرَكُمْ قَدْ كَثُرَ فِي السَّمَاءِ وَقَالَ يَا عَبِيدَ السَّوْءِ تَلُومُونَ النَّاسَ عَلَى الظَّنِّ وَلَا تَلُومُونَ أَنْفُسَكُمْ عَلَى الْيَقِينِ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا تُحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ فِيكُمْ مَا لَيْسَ فِيكُمْ وَأَنْ يُشَارَ إِلَيْكُمْ بِالْأَصَابِعِ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا تَحْلِقُونَ رُءُوسَكُمْ وَتَقْصُرُونَ قُمُصَكُمْ وَتَنْكِسُونَ رُءُوسَكُمْ وَلَا تَنْزِعُونَ الْغِلَّ مِنْ قُلُوبِكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الْقُبُورِ الْمُشَيَّدَةِ يُعْجِبُ النَّاظِرَ ظَهْرُهَا وَدَاخِلُهَا عِظَامُ الْمَوْتَى مَمْلُوءَةٌ خَطَايَا يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ السِّرَاجِ يُضِي‏ءُ لِلنَّاسِ وَيُحْرِقُ نَفْسَهُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ زَاحِمُوا الْعُلَمَاءَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الرُّكَبِ فَإِنَّ اللَّهَ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 502

يُحْيِي الْقُلُوبَ الْمَيْتَةَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قِلَّةُ الْمَنْطِقِ حُكْمٌ عَظِيمٌ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ فَإِنَّهُ دَعَةٌ حَسَنَةٌ وَقِلَّةُ وِزْرٍ وَخِفَّةٌ مِنَ الذُّنُوبِ فَحَصِّنُوا بَابَ الْعِلْمِ فَإِنَّ بَابَهُ الصَّبْرُ وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الضَّحَّاكَ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ وَالْمَشَّاءَ إِلَى غَيْرِ أَدَبٍ وَيُحِبُّ الْوَالِيَ الَّذِي يَكُونُ كَالرَّاعِي لَا يَغْفُلُ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَاسْتَحْيُوا اللَّهَ فِي سَرَائِرِكُمْ كَمَا تَسْتَحْيُونَ النَّاسَ فِي عَلَانِيَتِكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ كَلِمَةَ الْحِكْمَةِ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَعَلَيْكُمْ بِهَا قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ وَرَفْعُهَا أَنْ تَذْهَبَ رُوَاتُهَا يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ عَظِّمِ الْعُلَمَاءَ لِعِلْمِهِمْ وَدَعْ مُنَازَعَتَهُمْ وَصَغِّرِ الْجُهَّالَ لِجَهْلِهِمْ وَلَا تَطْرُدْهُمْ وَلَكِنْ قَرِّبْهُمْ وَعَلِّمْهُمْ يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ عَجَزْتَ عَنْ شُكْرِهَا بِمَنْزِلَةِ سَيِّئَةٍ تُؤَاخَذُ عَلَيْهَا يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ عَجَزْتَ عَنْ تَوْبَتِهَا بِمَنْزِلَةِ عُقُوبَةٍ تُعَاقَبُ بِهَا يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ كُرَبٌ لَا تَدْرِي مَتَى تَغْشَاكَ فَاسْتَعِدَّ لَهَا قَبْلَ أَنْ تَفْجَأَكَ‏

وَ قَالَ ع لِأَصْحَابِهِ أَ رَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ أَحَداً مَرَّ بِأَخِيهِ فَرَأَى ثَوْبَهُ قَدِ انْكَشَفَ عَنْ عَوْرَتِهِ أَ كَانَ كَاشِفاً عَنْهَا أَمْ يَرُدُّ عَلَى مَا انْكَشَفَ مِنْهَا قَالُوا بَلْ يَرُدُّ عَلَى مَا انْكَشَفَ مِنْهَا قَالَ كَلَّا بَلْ تَكْشِفُونَ عَنْهَا فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَهُمْ فَقَالُوا يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَيْفَ ذَاكَ قَالَ ذَاكَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَطَّلِعُ عَلَى الْعَوْرَةِ مِنْ أَخِيهِ فَلَا يَسْتُرُهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْلَمُوا وَلَا أُعَلِّمُكُمْ لِتُعْجَبُوا بِأَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا مَا تُرِيدُونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ وَلَنْ تَظْفَرُوا بِمَا تَأْمُلُونَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ إِيَّاكُمْ وَالنَّظْرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِي الْقُلُوبِ الشَّهْوَةَ وَكَفَى بِهَا لِصَاحِبِهَا فِتْنَةً طُوبَى لِمَنْ جَعَلَ بَصَرَهُ فِي قَلْبِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ قَلْبَهُ فِي نَظَرِ عَيْنِهِ لَا تَنْظُرُوا فِي عُيُوبِ النَّاسِ كَالْأَرْبَابِ وَانْظُرُوا فِي عُيُوبِهِمْ كَهَيْئَةِ عَبِيدِ النَّاسِ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُبْتَلًى وَمُعَافًى فَارْحَمُوا الْمُبْتَلَى وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 503

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ أَ مَا تَسْتَحْيُونَ مِنَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَسُوغُ لَهُ شَرَابُهُ حَتَّى يُصَفِّيَهُ مِنَ الْقَذَى وَلَا يُبَالِي أَنْ يَبْلُغَ أَمْثَالَ الْفِيَلَةِ مِنَ الْحَرَامِ أَ لَمْ تَسْمَعُوا أَنَّهُ قِيلَ لَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَكَافِئُوا أَرْحَامَكُمْ وَأَنَا أَقُولُ لَكُمْ صِلُوا مَنْ قَطَعَكُمْ وَأَعْطُوا مَنْ مَنَعَكُمْ وَأَحْسِنُوا إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ سَبَّكُمْ وَأَنْصِفُوا مَنْ خَاصَمَكُمْ وَاعْفُوا عَمَّنْ ظَلَمَكُمْ كَمَا أَنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ يُعْفَى عَنْ إِسَاءَتِكُمْ فَاعْتَبِرُوا بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْكُمْ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ شَمْسَهُ أَشْرَقَتْ عَلَى الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ مِنْكُمْ وَأَنَّ مَطَرَهُ يَنْزِلُ عَلَى الصَّالِحِينَ وَالْخَاطِئِينَ مِنْكُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ لَا تُحِبُّونَ إِلَّا مَنْ أَحَبَّكُمْ وَلَا تُحْسِنُونَ إِلَّا إِلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ وَلَا تُكَافِئُونَ إِلَّا مَنْ أَعْطَاكُمْ فَمَا فَضْلُكُمْ إِذاً عَلَى غَيْرِكُمْ وَقَدْ يَصْنَعُ هَذَا السُّفَهَاءُ الَّذِينَ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ فُضُولٌ وَلَا لَهُمْ أَحْلَامٌ وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَكُونُوا أَحِبَّاءَ اللَّهِ وَأَصْفِيَاءَ اللَّهِ فَأَحْسِنُوا إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ وَاعْفُوا عَمَّنْ ظَلَمَكُمْ وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنْكُمْ اسْمَعُوا قَوْلِي وَاحْفَظُوا وَصِيَّتِي وَارْعَوْا عَهْدِي كَيْمَا تَكُونُوا عُلَمَاءَ فُقَهَاءَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ قُلُوبَكُمْ بِحَيْثُ تَكُونُ كُنُوزَكُمْ وَلِذَلِكَ النَّاسُ يُحِبُّونَ أَمْوَالَهُمْ وَتَتُوقُ إِلَيْهَا أَنْفُسُهُمْ فَضَعُوا كُنُوزَكُمْ فِي السَّمَاءِ حَيْثُ لَا يَأْكُلُهَا السُّوسُ وَلَا يَنَالُهَا اللُّصُوصُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ رَبَّيْنِ وَلَا مَحَالَةَ أَنَّهُ يُؤْثِرُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ جَهَدَ كَذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ لَكُمْ حُبُّ اللَّهِ وَحُبُّ الدُّنْيَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ لَرَجُلٌ عَالِمٌ آثَرَ دُنْيَاهُ عَلَى عِلْمِهِ فَأَحَبَّهَا وَطَلَبَهَا وَجَهَدَ عَلَيْهَا حَتَّى لَوِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَجْعَلَ النَّاسَ فِي حَيْرَةٍ لَفَعَلَ وَمَا ذَا يُغْنِي عَنِ الْأَعْمَى سَعَةُ نُورِ الشَّمْسِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهَا كَذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنِ الْعَالِمِ عِلْمُهُ إِذْ هُوَ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ مَا أَكْثَرَ ثِمَارَ الشَّجَرِ وَلَيْسَ كُلُّهَا يَنْفَعُ وَيُؤْكَلُ وَمَا أَكْثَرَ الْعُلَمَاءَ وَلَيْسَ كُلُّهُمْ يَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمَ وَمَا أَوْسَعَ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         508    مواعظ المسيح ع في الإنجيل وغيره ومن حكمه‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 504

الْأَرْضَ وَلَيْسَ كُلُّهَا تُسْكَنُ وَمَا أَكْثَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَلَيْسَ كُلُّ كَلَامِهِمْ يُصَدَّقُ فَاحْتَفِظُوا مِنَ الْعُلَمَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ مُنَكِّسِي رُءُوسِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ يُزَوِّرُونَ بِهِ الْخَطَايَا يَرْمَقُونَ مِنْ تَحْتِ حَوَاجِبِهِمْ كَمَا تَرْمُقُ الذِّئَابُ وَقَوْلُهُمْ يُخَالِفُ فِعْلَهُمْ وَهَلْ يُجْتَنَى مِنَ الْعَوْسَجِ الْعِنَبُ وَمِنَ الْحَنْظَلِ التِّينُ وَكَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ قَوْلُ الْعَالِمِ الْكَاذِبِ إِلَّا زُوراً وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ يَصْدُقُ. بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الزَّرْعَ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ وَلَا يَنْبُتُ فِي الصَّفَا وَكَذَلِكَ الْحِكْمَةُ تَعْمُرُ فِي قَلْبِ الْمُتَوَاضِعِ وَلَا تَعْمُرُ فِي قَلْبِ الْمُتَكَبِّرِ الْجَبَّارِ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ شَمَخَ بِرَأْسِهِ إِلَى السَّقْفِ شَجَّهُ وَمَنْ خَفَضَ بِرَأْسِهِ عَنْهُ اسْتَظَلَّ تَحْتَهُ وَأَكَنَّهُ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَتَوَاضَعْ لِلَّهِ خَفَضَهُ وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَصْلُحُ الْعَسَلُ فِي الزِّقَاقِ وَكَذَلِكَ الْقُلُوبُ لَيْسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَعْمُرُ الْحِكْمَةُ فِيهَا إِنَّ الزِّقَّ مَا لَمْ يَنْخَرِقْ أَوْ يَقْحَلْ أَوْ يَتْفَلْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِلْعَسَلِ وِعَاءً وَكَذَلِكَ الْقُلُوبُ مَا لَمْ تَخْرِقْهَا الشَّهَوَاتُ وَيُدَنِّسْهَا الطَّمَعُ وَيُقْسِهَا النَّعِيمُ فَسَوْفَ تَكُونُ أَوْعِيَةً لِلْحِكْمَةِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْحَرِيقَ لَيَقَعُ فِي الْبَيْتِ الْوَاحِدِ فَلَا يَزَالُ يَنْتَقِلُ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ حَتَّى تَحْتَرِقَ بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ إِلَّا أَنْ يُسْتَدْرَكَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ فَيُهْدَمَ مِنْ قَوَاعِدِهِ فَلَا تَجِدَ فِيهِ النَّارُ مَعْمَلًا وَكَذَلِكَ الظَّالِمُ الْأَوَّلُ لَوْ يُؤْخَذُ عَلَى يَدَيْهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْ بَعْدِهِ إِمَامٌ ظَالِمٌ فَيَأْتَمُّونَ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ تَجِدِ النَّارُ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ خَشَباً وَأَلْوَاحاً لَمْ تُحْرِقْ شَيْئاً بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ مَنْ نَظَرَ إِلَى الْحَيَّةِ تَؤُمُّ أَخَاهُ لِتَلْدَغَهُ وَلَمْ يُحَذِّرْهُ حَتَّى قَتَلَتْهُ فَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَرِكَ فِي دَمِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ نَظَرَ إِلَى أَخِيهِ يَعْمَلُ الْخَطِيئَةَ وَلَمْ يُحَذِّرْهُ عَاقِبَتَهَا حَتَّى أَحَاطَتْ بِهِ فَلَا يَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَرِكَ فِي إِثْمِهِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرَ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 505

الظَّالِمَ ثُمَّ لَمْ يُغَيِّرْهُ فَهُوَ كَفَاعِلِهِ وَكَيْفَ يَهَابُ الظَّالِمُ وَقَدْ أَمِنَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لَا يُنْهَى وَلَا يُغَيَّرُ عَلَيْهِ وَلَا يُؤْخَذُ عَلَى يَدَيْهِ فَمِنْ أَيْنَ يَقْصُرُ الظَّالِمُونَ أَمْ كَيْفَ لَا يَغْتَرُّونَ فَحَسْبُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُكُمْ لَا أَظْلِمُ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَظْلِمْ وَيَرَى الظُّلْمَ فَلَا يُغَيِّرَهُ فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَقُولُونَ لَمْ تُعَاقَبُوا مَعَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ لَمْ تَعْمَلُوا بِأَعْمَالِهِمْ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ الْعَثْرَةُ فِي الدُّنْيَا وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ السَّوْءِ كَيْفَ تَرْجُونَ أَنْ يُؤْمِنَكُمُ اللَّهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنْتُمْ تَخَافُونَ النَّاسَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَتُطِيعُونَهُمْ فِي مَعْصِيَتِهِ وَتَفُونَ لَهُمْ بِالْعُهُودِ النَّاقِضَةِ لِعَهْدِهِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا يُؤْمِنُ اللَّهُ مِنْ فَزَعِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَنِ اتَّخَذَ الْعِبَادَ أَرْبَاباً مِنْ دُونِهِ وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ السَّوْءِ مِنْ أَجْلِ دُنْيَا دَنِيَّةٍ وَشَهْوَةٍ رَدِيَّةٍ تُفَرِّطُونَ فِي مُلْكِ الْجَنَّةِ وَتَنْسَوْنَ هَوْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا مِنْ أَجْلِ نِعْمَةٍ زَائِلَةٍ وَحَيَاةٍ مُنْقَطِعَةٍ تَفِرُّونَ مِنَ اللَّهِ وَتَكْرَهُونَ لِقَاءَهُ فَكَيْفَ يُحِبُّ اللَّهُ لِقَاءَكُمْ وَأَنْتُمْ تَكْرَهُونَ لِقَاءَهُ فَإِنَّمَا يُحِبُّ اللَّهُ لِقَاءَ مَنْ يُحِبُّ لِقَاءَهُ وَيَكْرَهُ لِقَاءَ مَنْ يَكْرَهُ لِقَاءَهُ وَكَيْفَ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ وَأَنْتُمْ تَفِرُّونَ مِنَ الْمَوْتِ وَتَعْتَصِمُونَ بِالدُّنْيَا فَمَا ذَا يُغْنِي عَنِ الْمَيِّتِ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 506

طِيبُ رِيحِ حُنُوطِهِ وَبَيَاضُ أَكْفَانِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي التُّرَابِ كَذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْكُمْ بَهْجَةُ دُنْيَاكُمُ الَّتِي زُيِّنَتْ لَكُمْ وَكُلُّ ذَلِكَ إِلَى سَلْبٍ وَزَوَالٍ مَا ذَا يُغْنِي عَنْكُمْ نَقَاءُ أَجْسَادِكُمْ وَصَفَاءُ أَلْوَانِكُمْ وَإِلَى الْمَوْتِ تَصِيرُونَ وَفِي التُّرَابِ تُنْسَوْنَ وَفِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ تُغْمَرُونَ وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا تَحْمِلُونَ السِّرَاجَ فِي ضَوْءِ الشَّمْسِ وَضَوْؤُهَا كَانَ يَكْفِيكُمْ وَتَدَعُونَ أَنْ تَسْتَضِيئُوا بِهَا فِي الظُّلَمِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ سُخِّرَتْ لَكُمْ كَذَلِكَ اسْتَضَأْتُمْ بِنُورِ الْعِلْمِ لِأَمْرِ الدُّنْيَا وَقَدْ كُفِيتُمُوهُ وَتَرَكْتُمْ أَنْ تَسْتَضِيئُوا بِهِ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أُعْطِيتُمُوهُ تَقُولُونَ إِنَّ الْآخِرَةَ حَقٌّ وَأَنْتُمْ تُمَهِّدُونَ الدُّنْيَا وَتَقُولُونَ إِنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَأَنْتُمْ تَفِرُّونَ مِنْهُ وَتَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ وَيَرَى وَلَا تَخَافُونَ إِحْصَاءَهُ عَلَيْكُمْ وَكَيْفَ يُصَدِّقُكُمْ مَنْ سَمِعَكُمْ فَإِنَّ مَنْ كَذَّبَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ أَعْذَرُ مِمَّنْ كَذَّبَ عَلَى عِلْمٍ وَإِنْ كَانَ لَا عُذْرَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنَ الْكَذِبِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الدَّابَّةَ إِذَا لَمْ تُرْتَكَبْ وَلَمْ تُمْتَهَنْ وَتُسْتَعْمَلْ لَتَصْعُبُ وَيَتَغَيَّرُ خُلُقُهَا وَكَذَلِكَ الْقُلُوبُ إِذَا لَمْ تُرْفَقْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَتَتْعَبُهَا دَءُوبٌ الْعِبَادَةِ تَقْسُو وَتَغْلُظُ مَا ذَا يُغْنِي عَنِ الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ أَنْ يُوضَعَ السِّرَاجُ فَوْقَ ظَهْرِهِ وَجَوْفُهُ وَحْشٌ مُظْلِمٌ كَذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْكُمْ أَنْ يَكُونَ نُورُ الْعِلْمِ بِأَفْوَاهِكُمْ وَأَجْوَافُكُمْ مِنْهُ وَحْشَةٌ مُعَطَّلَةٌ فَأَسْرِعُوا إِلَى بُيُوتِكُمُ الْمُظْلِمَةِ فَأَنِيرُوا فِيهَا كَذَلِكَ فَأَسْرِعُوا إِلَى قُلُوبِكُمُ الْقَاسِيَةِ بِالْحِكْمَةِ قَبْلَ أَنْ تَرِينَ عَلَيْهَا الْخَطَايَا فَتَكُونَ أَقْسَى مِنَ الْحِجَارَةِ كَيْفَ يُطِيقُ حَمْلَ الْأَثْقَالِ مَنْ لَا يَسْتَعِينُ عَلَى حَمْلِهَا أَمْ كَيْفَ تُحَطُّ أَوْزَارُ مَنْ لَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا أَمْ كَيْفَ تَنْقَى ثِيَابُ مَنْ لَا يَغْسِلُهَا وَكَيْفَ يَبْرَأُ مِنَ الْخَطَايَا مَنْ لَا يُكَفِّرُهَا أَمْ كَيْفَ يَنْجُو مِنْ غَرَقِ الْبَحْرِ مَنْ يَعْبُرُ بِغَيْرِ سَفِينَةٍ وَكَيْفَ يَنْجُو مِنْ فِتَنِ الدُّنْيَا مَنْ لَمْ يُدَاوِهَا بِالْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ وَكَيْفَ يَبْلُغُ مَنْ يُسَافِرُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَكَيْفَ يَصِيرُ إِلَى الْجَنَّةِ مَنْ لَا يُبْصِرُ مَعَالِمَ الدِّينِ وَكَيْفَ يَنَالُ مَرْضَاةَ اللَّهِ مَنْ لَا يُطِيعُهُ وَكَيْفَ يُبْصِرُ عَيْبَ وَجْهِهِ مَنْ لَا يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ وَكَيْفَ يَسْتَكْمِلُ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 507

حُبَّ خَلِيلِهِ مَنْ لَا يَبْذُلُ لَهُ بَعْضَ مَا عِنْدَهُ وَكَيْفَ يَسْتَكْمِلُ حُبَّ رَبِّهِ مَنْ لَا يُقْرِضُهُ بَعْضَ مَا رَزَقَهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ كَمَا لَا يَنْقُصُ الْبَحْرَ أَنْ تَغْرَقَ فِيهِ السَّفِينَةُ وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ شَيْئاً كَذَلِكَ لَا تَنْقُصُونَ اللَّهَ بِمَعَاصِيكُمْ شَيْئاً وَلَا تَضُرُّونَهُ بَلْ أَنْفُسَكُمْ تَضُرُّونَ وَإِيَّاهَا تَنْقُصُونَ وَكَمَا لَا تَنْقُصُ نُورَ الشَّمْسِ كَثْرَةُ مَنْ يَتَقَلَّبُ فِيهَا بَلْ بِهِ يَعِيشُ وَيَحْيَى كَذَلِكَ لَا يَنْقُصُ اللَّهَ كَثْرَةُ مَا يُعْطِيكُمْ وَيَرْزُقُكُمْ بَلْ بِرِزْقِهِ تَعِيشُونَ وَبِهِ تَحْيَوْنَ يَزِيدُ مَنْ شَكَرَهُ إِنَّهُ شَاكِرٌ عَلِيمٌ وَيْلَكُمْ يَا أُجَرَاءَ السَّوْءِ الْأَجْرَ تَسْتَوْفُونَ وَالرِّزْقَ تَأْكُلُونَ وَالْكِسْوَةَ تَلْبَسُونَ وَالْمَنَازِلَ تَبْنُونَ وَعَمَلَ مَنِ اسْتَأْجَرَكُمْ تُفْسِدُونَ يُوشِكُ رَبُّ هَذَا الْعَمَلِ أَنْ يُطَالِبَكُمْ فَيَنْظُرَ فِي عَمَلِهِ الَّذِي أَفْسَدْتُمْ فَيُنْزِلَ بِكُمْ مَا يُخْزِيكُمْ وَيَأْمُرَ بِرِقَابِكُمْ فَتُجَذَّ مِنْ أُصُولِهَا وَيَأْمُرَ بِأَيْدِيكُمْ فَتُقْطَعَ مِنْ مَفَاصِلِهَا ثُمَّ يَأْمُرَ بِجُثَثِكُمْ فَتُجَرَّ عَلَى بُطُونِهَا حَتَّى تُوضَعَ عَلَى قَوَارِعِ الطَّرِيقِ حَتَّى تَكُونُوا عِظَةً لِلْمُتَّقِينَ وَنَكَالًا لِلظَّالِمِينَ وَيْلَكُمْ يَا عُلَمَاءَ السَّوْءِ لَا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ أَنَّ آجَالَكُمْ تَسْتَأْخِرُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يَنْزِلْ بِكُمْ فَكَأَنَّهُ قَدْ حَلَّ بِكُمْ فَأَظْعَنَكُمْ فَمِنَ الْآنَ فَاجْعَلُوا الدَّعْوَةَ فِي آذَانِكُمْ وَمِنَ الْآنَ فَنُوحُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَمِنَ الْآنَ فَابْكُوا عَلَى خَطَايَاكُمْ وَمِنَ الْآنَ فَتَجَهَّزُوا وَخُذُوا أُهْبَتَكُمْ وَبَادِرُوا التَّوْبَةَ إِلَى رَبِّكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ كَمَا يَنْظُرُ الْمَرِيضُ إِلَى طِيبِ الطَّعَامِ فَلَا يَلْتَذُّهُ مَعَ مَا يَجِدُهُ مِنْ شِدَّةِ الْوَجَعِ كَذَلِكَ صَاحِبُ الدُّنْيَا لَا يَلْتَذُّ بِالْعِبَادَةِ وَلَا يَجِدُ حَلَاوَتَهَا مَعَ مَا يَجِدُ مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَكَمَا يَلْتَذُّ الْمَرِيضُ نَعْتَ الطَّبِيبِ الْعَالِمِ بِمَا يَرْجُو فِيهِ مِنَ الشِّفَاءِ فَإِذَا ذَكَرَ مَرَارَةَ الدَّوَاءِ وَطَعْمَهُ كَدَّرَ عَلَيْهِ الشِّفَاءَ كَذَلِكَ أَهْلُ الدُّنْيَا يَلْتَذُّونَ بِبَهْجَتِهَا وَأَنْوَاعِ مَا فِيهَا فَإِذَا ذَكَرُوا فَجْأَةَ الْمَوْتِ كَدَّرَهَا عَلَيْهِمْ وَأَفْسَدَهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ النَّاسِ يُبْصِرُ النُّجُومَ وَلَكِنْ لَا يَهْتَدِي بِهَا إِلَّا مَنْ يَعْرِفُ مَجَارِيَهَا وَمَنَازِلَهَا وَكَذَلِكَ تَدْرُسُونَ الْحِكْمَةَ وَلَكِنْ لَا يَهْتَدِي لَهَا مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِهَا وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا نَقُّوا الْقَمْحَ وَطَيِّبُوهُ وَأَدِقُّوا طَحْنَهُ تَجِدُوا طَعْمَهُ يَهْنِئْكُمْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         512    مواعظ المسيح ع في الإنجيل وغيره ومن حكمه‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 508

أَكْلُهُ كَذَلِكَ فَأَخْلِصُوا الْإِيمَانَ تَجِدُوا حَلَاوَتَهُ وَيَنْفَعْكُمْ غِبُّهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَوْ وَجَدْتُمْ سِرَاجاً يَتَوَقَّدُ بِالْقَطِرَانِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ لَاسْتَضَأْتُمْ بِهِ وَلَمْ يَمْنَعْكُمْ مِنْهُ رِيحُ قَطِرَانِهِ كَذَلِكَ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا الْحِكْمَةَ مِمَّنْ وَجَدْتُمُوهَا مَعَهُ وَلَا يَمْنَعْكُمْ مِنْهُ سُوءُ رَغْبَتِهِ فِيهَا وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا لَا كَحُكَمَاءَ تَعْقِلُونَ وَلَا كَحُلَمَاءَ تَفْقَهُونَ وَلَا كَعُلَمَاءَ تَعْلَمُونَ وَلَا كَعَبِيدٍ أَتْقِيَاءَ وَلَا كَأَحْرَارٍ كِرَامٍ تُوشِكُ الدُّنْيَا أَنْ تَقْتَلِعَكُمْ مِنْ أُصُولِكُمْ فَتُقَلِّبَكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ ثُمَّ تَكُبَّكُمْ عَلَى مَنَاخِرِكُمْ ثُمَّ تَأْخُذَ خَطَايَاكُمْ بِنَوَاصِيكُمْ وَيَدْفَعَكُمُ الْعِلْمُ مِنْ خَلْفِكُمْ حَتَّى يُسَلِّمَاكُمْ إِلَى الْمَلِكِ الدَّيَّانِ عُرَاةً فُرَادَى فَيَجْزِيَكُمْ بِسُوءِ أَعْمَالِكُمْ وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا أَ لَيْسَ بِالْعِلْمِ أُعْطِيتُمُ السُّلْطَانَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ فَنَبَذْتُمُوهُ فَلَمْ تَعْمَلُوا بِهِ وَأَقْبَلْتُمْ عَلَى الدُّنْيَا فَبِهَا تَحْكُمُونَ وَلَهَا تُمَهِّدُونَ وَإِيَّاهَا تُؤْثِرُونَ وَتَعْمُرُونَ فَحَتَّى مَتَى أَنْتُمْ لِلدُّنْيَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيكُمْ نَصِيبٌ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا تُدْرِكُونَ شَرَفَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تُحِبُّونَ فَلَا تَنْتَظِرُوا بِالتَّوْبَةِ غَداً فَإِنَّ دُونَ غَدٍ يَوْماً وَلَيْلَةً قَضَاءُ اللَّهِ فِيهِمَا يَغْدُو وَيَرُوحُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ صِغَارَ الْخَطَايَا وَمُحَقَّرَاتِهَا لَمِنْ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ يُحَقِّرُهَا لَكُمْ وَيُصَغِّرُهَا فِي أَعْيُنِكُمْ فَتَجْتَمِعُ فَتَكْثُرُ وَتُحِيطُ بِكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْمِدْحَةَ بِالْكَذِبِ وَالتَّزْكِيَةَ فِي الدِّينِ لَمِنْ رَأْسِ الشُّرُورِ الْمَعْلُومَةِ وَإِنَّ حُبَّ الدُّنْيَا لَرَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَبْلَغَ فِي شَرَفِ الْآخِرَةِ وَأَعْوَنَ عَلَى حَوَادِثِ الدُّنْيَا مِنَ الصَّلَاةِ الدَّائِمَةِ وَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَقْرَبَ إِلَى الرَّحْمَنِ مِنْهَا فَدُومُوا عَلَيْهَا وَاسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ فَالصَّلَاةُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَآثَرُ عِنْدَهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ عَمَلِ الْمَظْلُومِ الَّذِي لَمْ يَنْتَصِرْ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ وَلَا حِقْدٍ هُوَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ عَظِيمٌ أَيُّكُمْ رَأَى نُوراً اسْمُهُ ظُلْمَةٌ أَوْ ظُلْمَةً اسْمُهَا نُورٌ كَذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِناً كَافِراً وَلَا مُؤْثِراً لِلدُّنْيَا رَاغِباً فِي الْآخِرَةِ وَهَلْ زَارِعُ شَعِيرٍ يَحْصُدُ قَمْحاً أَوْ زَارِعُ قَمْحٍ يَحْصُدُ شَعِيراً كَذَلِكَ يَحْصُدُ كُلُّ عَبْدٍ فِي الْآخِرَةِ مَا زَرَعَ وَيُجْزَى بِمَا عَمِلَ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 509

بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ النَّاسَ فِي الْحِكْمَةِ رَجُلَانِ فَرَجُلٌ أَتْقَنَهَا بِقَوْلِهِ وَضَيَّعَهَا بِسُوءِ فِعْلِهِ وَرَجُلٌ أَتْقَنَهَا بِقَوْلِهِ وَصَدَّقَهَا بِفِعْلِهِ وَشَتَّانَ بَيْنَهُمَا فَطُوبَى لِلْعُلَمَاءِ بِالْفِعْلِ وَوَيْلٌ لِلْعُلَمَاءِ بِالْقَوْلِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ مَنْ لَا يُنَقِّي مِنْ زَرْعِهِ الْحَشِيشَ يَكْثُرُ فِيهِ حَتَّى يَغْمُرَهُ فَيُفْسِدَهُ وَكَذَلِكَ مَنْ لَا يُخْرِجُ مِنْ قَلْبِهِ حُبَّ الدُّنْيَا يَغْمُرُهُ حَتَّى لَا يَجِدَ لِحُبِّ الْآخِرَةِ طَعْماً وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا اتَّخِذُوا مَسَاجِدَ رَبِّكُمْ سُجُوناً لِأَجْسَادِكُمْ وَاجْعَلُوا قُلُوبَكُمْ بُيُوتاً لِلتَّقْوَى وَلَا تَجْعَلُوا قُلُوبَكُمْ مَأْوًى لِلشَّهَوَاتِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ أَجْزَعَكُمْ عَلَى الْبَلَاءِ لَأَشَدُّكُمْ حُبّاً لِلدُّنْيَا وَإِنَّ أَصْبَرَكُمْ عَلَى الْبَلَاءِ لَأَزْهَدُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَيْلَكُمْ يَا عُلَمَاءَ السَّوْءِ أَ لَمْ تَكُونُوا أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ فَلَمَّا أَحْيَاكُمْ مِتُّمْ وَيْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا أُمِّيِّينَ فَعَلَّمَكُمْ فَلَمَّا عَلَّمَكُمْ نَسِيتُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا جُفَاةً فَفَقَّهَكُمُ اللَّهُ فَلَمَّا فَقَّهَكُمْ جَهِلْتُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ فَلَمَّا هَدَاكُمْ ضَلَلْتُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا عُمْياً فَبَصَّرَكُمْ فَلَمَّا بَصَّرَكُمْ عَمِيتُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا صُمّاً فَأَسْمَعَكُمْ فَلَمَّا أَسْمَعَكُمْ صَمَمْتُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا بُكْماً فَأَنْطَقَكُمْ فَلَمَّا أَنْطَقَكُمْ بَكِمْتُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَمْ تَسْتَفْتِحُوا فَلَمَّا فَتَحَ لَكُمْ نَكَصْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا أَذِلَّةً فَأَعَزَّكُمْ فَلَمَّا عَزَزْتُمْ قَهَرْتُمْ وَاعْتَدَيْتُمْ وَعَصَيْتُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَنَصَرَكُمْ وَأَيَّدَكُمْ فَلَمَّا نَصَرَكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ وَتَجَبَّرْتُمْ فَيَا وَيْلَكُمْ مِنْ ذُلِّ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَيْفَ يُهِينُكُمْ وَيُصَغِّرُكُمْ وَيَا وَيْلَكُمْ يَا عُلَمَاءَ السَّوْءِ إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ عَمَلَ الْمُلْحِدِينَ وَتَأْمُلُونَ أَمَلَ الْوَارِثِينَ وَتَطْمَئِنُّونَ بِطُمَأْنِينَةِ الْآمِنِينَ وَلَيْسَ أَمْرُ اللَّهِ عَلَى مَا تَتَمَنَّوْنَ وَتَتَخَيَّرُونَ بَلْ لِلْمَوْتِ تَتَوَالَدُونَ وَلِلْخَرَابِ تَبْنُونَ وَتَعْمُرُونَ وَلِلْوَارِثِينَ تُمَهِّدُونَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مُوسَى ع كَانَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ صَادِقِينَ وَلَا كَاذِبِينَ وَلَكِنْ قُولُوا لَا وَنَعَمْ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَيْكُمْ بِالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَخُبْزِ الشَّعِيرِ وَإِيَّاكُمْ‏

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 510

وَ خُبْزَ الْبُرِّ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقُومُوا بِشُكْرِهِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ النَّاسَ مُعَافًى وَمُبْتَلًى فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ وَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلَاءِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ سَيِّئَةٍ تَقُولُونَ بِهَا تُعْطَوْنَ جَوَابَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا عَبِيدَ السَّوْءِ إِذَا قَرَّبَ أَحَدُكُمْ قُرْبَانَهُ لِيَذْبَحَهُ فَذَكَرَ أَنَّ أَخَاهُ وَاجِدٌ عَلَيْهِ فَلْيَتْرُكْ قُرْبَانَهُ وَلْيَذْهَبْ إِلَى أَخِيهِ فَلْيُرْضِهِ ثُمَّ لْيَرْجِعْ إِلَى قُرْبَانِهِ فَلْيَذْبَحْهُ يَا عَبِيدَ السَّوْءِ إِنْ أُخِذَ قَمِيصُ أَحَدِكُمْ فَلْيُعْطِ رِدَاءَهُ مَعَهُ وَمَنْ لُطِمَ خَدُّهُ مِنْكُمْ فَلْيُمَكِّنْ مِنْ خَدِّهِ الْآخَرِ وَمَنْ سُخِّرَ مِنْكُمْ مِيلًا فَلْيَذْهَبْ مِيلًا آخَرَ مَعَهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ مَا ذَا يُغْنِي عَنِ الْجَسَدِ إِذَا كَانَ ظَاهِرُهُ صَحِيحاً وَبَاطِنُهُ فَاسِداً وَمَا تُغْنِي عَنْكُمْ أَجْسَادُكُمْ إِذَا أَعْجَبَتْكُمْ وَقَدْ فَسَدَتْ قُلُوبُكُمْ وَمَا يُغْنِي عَنْكُمْ أَنْ تُنَقُّوا جُلُودَكُمْ وَقُلُوبُكُمْ دَنِسَةٌ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا تَكُونُوا كَالْمُنْخُلِ يُخْرِجُ الدَّقِيقَ الطَّيِّبَ وَيُمْسِكُ النُّخَالَةَ كَذَلِكَ أَنْتُمْ تُخْرِجُونَ الْحِكْمَةَ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ وَيَبْقَى الْغِلُّ فِي صُدُورِكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ ابْدَءُوا بِالشَّرِّ فَاتْرُكُوهُ ثُمَّ اطْلُبُوا الْخَيْرَ يَنْفَعْكُمْ فَإِنَّكُمْ إِذَا جَمَعْتُمُ الْخَيْرَ مَعَ الشَّرِّ لَمْ يَنْفَعْكُمُ الْخَيْرُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الَّذِي يَخُوضُ النَّهَرَ لَا بُدَّ أَنْ يُصِيبَ ثَوْبَهُ الْمَاءُ وَإِنْ جَهَدَ أَنْ لَا يُصِيبَهُ كَذَلِكَ مَنْ يُحِبُّ الدُّنْيَا لَا يَنْجُو مِنَ الْخَطَايَا- بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَتَهَجَّدُونَ مِنَ اللَّيْلِ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَرِثُونَ النُّورَ الدَّائِمَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَامُوا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ عَلَى أَرْجُلِهِمْ فِي مَسَاجِدِهِمْ يَتَضَرَّعُونَ إِلَى رَبِّهِمْ رَجَاءَ أَنْ يُنْجِيَهُمْ فِي الشِّدَّةِ غَداً بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الدُّنْيَا خُلِقَتْ مَزْرَعَةً تَزْرَعُ فِيهَا الْعِبَادُ الْحُلْوَ وَالْمُرَّ وَالشَّرَّ

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 511

وَ الْخَيْرَ وَالْخَيْرُ لَهُ مَغَبَّةٌ نَافِعَةٌ يَوْمَ الْحِسَابِ وَالشَّرُّ لَهُ عَنَاءٌ وَشَقَاءٌ يَوْمَ الْحَصَادِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْحَكِيمَ يَعْتَبِرُ بِالْجَاهِلِ وَالْجَاهِلَ يَعْتَبِرُ بِهَوَاهُ أُوصِيكُمْ أَنْ تَخْتِمُوا عَلَى أَفْوَاهِكُمْ بِالصَّمْتِ حَتَّى لَا يَخْرُجَ مِنْهَا مَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّكُمْ لَا تُدْرِكُونَ مَا تَأْمُلُونَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ وَلَا تَبْتَغُونَ مَا تُرِيدُونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا كَيْفَ يُدْرِكُ الْآخِرَةَ مَنْ لَا تَنْقُصُ شَهْوَتُهُ مِنَ الدُّنْيَا وَلَا تَنْقَطِعُ مِنْهَا رَغْبَتُهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا مَا الدُّنْيَا تُحِبُّونَ وَلَا الْآخِرَةَ تَرْجُونَ لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الدُّنْيَا أَكْرَمْتُمُ الْعَمَلَ الَّذِي بِهِ أَدْرَكْتُمُوهَا وَلَوْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الْآخِرَةَ عَمِلْتُمْ عَمَلَ مَنْ يَرْجُوهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا إِنَّ أَحَدَكُمْ يُبْغِضُ صَاحِبَهُ عَلَى الظَّنِّ وَلَا يُبْغِضُ نَفْسَهُ عَلَى الْيَقِينُ بِحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَغْضَبُ إِذَا ذُكِرَ لَهُ بَعْضُ عُيُوبِهِ وَهِيَ حَقٌّ وَيَفْرَحُ إِذَا مُدِحَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ أَرْوَاحَ الشَّيَاطِينِ مَا عُمِّرَتْ فِي شَيْ‏ءٍ مَا عُمِّرَتْ فِي قُلُوبِكُمْ فَإِنَّمَا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ الدُّنْيَا لِتَعْمَلُوا فِيهَا لِلْآخِرَةِ وَلَمْ يُعْطِكُمُوهَا لِتَشْغَلَكُمْ عَنِ الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا بَسَطَهَا لَكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنَّهُ أَعَانَكُمْ بِهَا عَلَى الْعِبَادَةِ وَلَمْ يُعِنْكُمْ بِهَا عَلَى الْخَطَايَا وَإِنَّمَا أَمَرَكُمْ فِيهَا بِطَاعَتِهِ وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ فِيهَا بِمَعْصِيَتِهِ وَإِنَّمَا أَعَانَكُمْ بِهَا عَلَى الْحَلَالِ وَلَمْ يُحِلَّ لَكُمْ بِهَا الْحَرَامَ وَإِنَّمَا وَسَّعَهَا لَكُمْ لِتَوَاصَلُوا فِيهَا وَلَمْ يُوَسِّعْهَا لَكُمْ لِتَقَاطَعُوا فِيهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْأَجْرَ مَحْرُوصٌ عَلَيْهِ وَلَا يُدْرِكُهُ إِلَّا مَنْ عَمِلَ لَهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الشَّجَرَةَ لَا تَكْمُلُ إِلَّا بِثَمَرَةٍ طَيِّبَةٍ كَذَلِكَ لَا يَكْمُلُ الدِّينُ إِلَّا بِالتَّحَرُّجِ عَنِ الْمَحَارِمِ-

                        

تحف العقول عن آل الرسول ص         515    وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 512

بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الزَّرْعَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ كَذَلِكَ الْإِيمَانُ لَا يَصْلُحُ إِلَّا بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْمَاءَ يُطْفِئُ النَّارَ كَذَلِكَ الْحِلْمُ يُطْفِئُ الْغَضَبَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا يَجْتَمِعُ الْمَاءُ وَالنَّارُ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ الْفِقْهُ وَالْعَمَى فِي قَلْبٍ وَاحِدٍ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَا يَكُونُ مَطَرٌ بِغَيْرِ سَحَابٍ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ عَمَلٌ فِي مَرْضَاةِ الرَّبِّ إِلَّا بِقَلْبٍ نَقِيٍّ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الشَّمْسَ نُورُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَإِنَّ الْحِكْمَةَ نُورُ كُلِّ قَلْبٍ وَالتَّقْوَى رَأْسُ كُلِّ حِكْمَةٍ وَالْحَقَّ بَابُ كُلِّ خَيْرٍ وَرَحْمَةَ اللَّهِ بَابُ كُلِّ حَقٍّ وَمَفَاتِيحُ ذَلِكَ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ وَالْعَمَلُ وَكَيْفَ يُفْتَحُ بَابٌ بِغَيْرِ مِفْتَاحٍ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الرَّجُلَ الْحَكِيمَ لَا يَغْرِسُ شَجَرَةً إِلَّا شَجَرَةً يَرْضَاهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَى خَيْلِهِ إِلَّا فَرَساً يَرْضَاهُ كَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ الْعَالِمُ لَا يَعْمَلُ إِلَّا عَمَلًا يَرْضَاهُ رَبُّهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الصَّقَالَةَ تُصْلِحُ السَّيْفَ وَتَجْلُوهُ كَذَلِكَ الْحِكْمَةُ لِلْقَلْبِ تَصْقُلُهُ وَتَجْلُوهُ وَهِيَ فِي قَلْبِ الْحَكِيمِ مِثْلُ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ الْمَيْتَةِ تُحْيِي قَلْبَهُ كَمَا يُحْيِي الْمَاءُ الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ وَهِيَ فِي قَلْبِ الْحَكِيمِ مِثْلُ النُّورِ فِي الظُّلْمَةِ يَمْشِي بِهَا فِي النَّاسِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ نَقْلَ الْحِجَارَةِ مِنْ رُءُوسِ الْجِبَالِ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ تُحَدِّثَ مَنْ لَا يَعْقِلُ عَنْكَ حَدِيثَكَ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْقَعُ الْحِجَارَةَ لِتَلِينَ وَكَمَثَلِ الَّذِي يَصْنَعُ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الْقُبُورِ طُوبَى لِمَنْ حَبَسَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِي يَخَافُ عَلَيْهِ الْمَقْتَ مِنْ رَبِّهِ وَلَا يُحَدِّثُ حَدِيثاً إِلَّا يَفْهَمُ وَلَا يَغْبِطُ امْرَأً فِي قَوْلِهِ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَهُ فِعْلُهُ طُوبَى لِمَنْ تَعَلَّمَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَا جَهِلَ وَعَلَّمَ الْجَاهِلَ مِمَّا عُلِّمَ طُوبَى لِمَنْ عَظَّمَ الْعُلَمَاءَ لِعِلْمِهِمْ وَتَرَكَ مُنَازَعَتَهُمْ وَصَغَّرَ الْجُهَّالَ لِجَهْلِهِمْ وَلَا يَطْرُدُهُمْ وَلَكِنْ يُقَرِّبُهُمْ وَيُعَلِّمُهُمْ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 513

بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ إِنَّكُمُ الْيَوْمَ فِي النَّاسِ كَالْأَحْيَاءِ مِنَ الْمَوْتَى فَلَا تَمُوتُوا بِمَوْتِ الْأَحْيَاءِ

وَ قَالَ الْمَسِيحُ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَحْزَنُ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنُ أَنْ أَصْرِفَ عَنْهُ الدُّنْيَا وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا يَكُونُ إِلَيَّ وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ مِنِّي وَيَفْرَحُ أَنْ أُوَسِّعَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَذَلِكَ أَبْغَضُ مَا يَكُونُ إِلَيَّ وَأَبْعَدُ مَا يَكُونُ مِنِّي‏

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما

وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة

أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَابْتَغُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاخْشَوْا سَخَطَهُ وَحَافِظُوا عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَلَا تَتَعَدَّوْا حُدُودَ اللَّهِ وَرَاقِبُوا اللَّهَ فِي جَمِيعِ أُمُورِكُمْ وَارْضَوْا بِقَضَائِهِ فِيمَا لَكُمْ وَعَلَيْكُمْ أَلَا وَعَلَيْكُمْ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَلَا وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ فَزِيدُوهُ إِحْسَاناً وَاعْفُوا عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ وَافْعَلُوا بِالنَّاسِ مَا تُحِبُّونَ أَنْ يَفْعَلُوهُ بِكُمْ أَلَا وَخَالِطُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَإِنَّكُمْ أَحْرَى أَنْ لَا تَجْعَلُوا عَلَيْكُمْ سَبِيلًا عَلَيْكُمْ بِالْفِقْهِ فِي دِينِ اللَّهِ وَالْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِهِ وَحُسْنِ الصِّحَابَةِ لِمَنْ صَحِبَكُمْ بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً أَلَا وَعَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ الشَّدِيدِ فَإِنَّ مِلَاكَ الدِّينِ الْوَرَعُ صَلُّوا الصَّلَوَاتِ لِمَوَاقِيتِهَا وَأَدَّوُا الْفَرَائِضَ عَلَى حُدُودِهَا أَلَا وَلَا تُقَصِّرُوا فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَبِمَا يَرْضَى عَنْكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ تَفَقَّهُوا فِي دِينِ اللَّهِ وَلَا تَكُونُوا أَعْرَاباً فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي دِينِ اللَّهِ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَاسْتَعِينُوا بِبَعْضِ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ اسْتَعِينُوا بِبَعْضِ هَذِهِ عَلَى هَذِهِ وَلَا تَكُونُوا كَلًّا عَلَى النَّاسِ عَلَيْكُمْ بِالْبِرِّ بِجَمِيعِ مَنْ خَالَطْتُمُوهُ وَحُسْنِ الصَّنِيعِ إِلَيْهِ-

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 514

أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَالْبَغْيَ فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع كَانَ يَقُولُ إِنَّ أَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ أَدُّوا مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَسَائِرِ فَرَائِضِ اللَّهِ وَأَدُّوا الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ إِلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ يَا مُفَضَّلُ قُلْ لِأَصْحَابِكَ يَضَعُونَ الزَّكَاةَ فِي أَهْلِهَا وَإِنِّي ضَامِنٌ لِمَا ذَهَبَ لَهُمْ عَلَيْكُمْ بِوَلَايَةِ آلِ مُحَمَّدٍ ص أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً تَزَاوَرُوا وَتَحَابُّوا وَلْيُحْسِنْ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَتَلَاقَوْا وَتَحَدَّثُوا وَلَا يُبْطِنَنَّ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّصَارُمَ وَإِيَّاكُمْ وَالْهِجْرَانَ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ وَاللَّهِ لَا يَفْتَرِقُ رَجُلَانِ مِنْ شِيعَتِنَا عَلَى الْهِجْرَانِ إِلَّا بَرِئْتُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَعَنْتُهُ وَأَكْثَرُ مَا أَفْعَلُ ذَلِكَ بِكِلَيْهِمَا فَقَالَ لَهُ مُعَتِّبٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا الظَّالِمُ فَمَا بَالُ الْمَظْلُومِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَدْعُو أَخَاهُ إِلَى صِلَتِهِ سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ يَقُولُ إِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ مِنْ شِيعَتِنَا فَفَارَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلْيَرْجِعِ الْمَظْلُومُ إِلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقُولَ لَهُ يَا أَخِي أَنَا الظَّالِمُ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْهِجْرَانُ فِيمَا بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَكَمٌ عَدْلٌ يَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ لَا تُحَقِّرُوا وَلَا تَجْفُوا فُقَرَاءَ شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ ع وَأَلْطِفُوهُمْ وَأَعْطُوهُمْ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَحْسِنُوا إِلَيْهِمْ لَا تَأْكُلُوا النَّاسَ بِآلِ مُحَمَّدٍ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ افْتَرَقَ النَّاسُ فِينَا عَلَى ثَلَاثِ فِرَقٍ فِرْقَةٌ أَحَبُّونَا انْتِظَارَ قَائِمِنَا لِيُصِيبُوا مِنْ دُنْيَانَا فَقَالُوا وَحَفِظُوا كَلَامَنَا وَقَصَّرُوا عَنْ فِعْلِنَا فَسَيَحْشُرُهُمُ اللَّهُ إِلَى النَّارِ وَفِرْقَةٌ أَحَبُّونَا وَسَمِعُوا كَلَامَنَا وَلَمْ يُقَصِّرُوا عَنْ فِعْلِنَا لِيَسْتَأْكِلُوا النَّاسَ بِنَا فَيَمْلَأُ اللَّهُ بُطُونَهُمْ نَاراً يُسَلِّطُ عَلَيْهِمُ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ وَفِرْقَةٌ أَحَبُّونَا وَحَفِظُوا قَوْلَنَا وَأَطَاعُوا أَمْرَنَا وَلَمْ يُخَالِفُوا فِعْلَنَا فَأُولَئِكَ مِنَّا وَنَحْنُ مِنْهُمْ وَلَا تَدَعُوا صِلَةَ آلِ مُحَمَّدٍ ع مِنْ أَمْوَالِكُمْ مَنْ كَانَ غَنِيّاً فَبِقَدْرِ غِنَاهُ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَبِقَدْرِ فَقْرِهِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ لَهُ أَهَمَّ الْحَوَائِجِ إِلَيْهِ فَلْيَصِلْ آلَ مُحَمَّدٍ وَشِيعَتَهُمْ‏

                       

تحف العقول عن آل الرسول ص         515    وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة

                        تحف العقول عن آل الرسول ص، ص: 515

بِأَحْوَجِ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَا تَغْضَبُوا مِنَ الْحَقِّ إِذَا قِيلَ لَكُمْ وَلَا تُبْغِضُوا أَهْلَ الْحَقِّ إِذَا صَدَعُوكُمْ بِهِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَغْضَبُ مِنَ الْحَقِّ إِذَا صُدِعَ بِهِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَرَّةً وَأَنَا مَعَهُ يَا مُفَضَّلُ كَمْ أَصْحَابُكَ فَقُلْتُ قَلِيلٌ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَى الْكُوفَةِ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ الشِّيعَةُ فَمَزَّقُونِي كُلَّ مُمَزَّقٍ يَأْكُلُونَ لَحْمِي وَيَشْتِمُونَ عِرْضِي حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَقْبَلَنِي فَوَثَبَ فِي وَجْهِي وَبَعْضُهُمْ قَعَدَ لِي فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ يُرِيدُ ضَرْبِي وَرَمَوْنِي بِكُلِّ بُهْتَانٍ حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَيْهِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ أَوَّلَ مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ عَلَيَّ أَنْ قَالَ يَا مُفَضَّلُ مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَكَ وَفِيكَ قُلْتُ وَمَا عَلَيَّ مِنْ قَوْلِهِمْ قَالَ أَجَلْ بَلْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَ يَغْضَبُونَ بُؤْساً لَهُمْ إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّ أَصْحَابَكَ قَلِيلٌ لَا وَاللَّهِ مَا هُمْ لَنَا شِيعَةً وَلَوْ كَانُوا لَنَا شِيعَةً مَا غَضِبُوا مِنْ قَوْلِكَ وَمَا اشْمَأَزُّوا مِنْهُ لَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ شِيعَتَنَا بِغَيْرِ مَا هُمْ عَلَيْهِ وَمَا شِيعَةُ جَعْفَرٍ إِلَّا مَنْ كَفَّ لِسَانَهُ وَعَمِلَ لِخَالِقِهِ وَرَجَا سَيِّدَهُ وَخَافَ اللَّهَ حَقَّ خِيفَتِهِ وَيْحَهُمْ أَ فِيهِمْ مَنْ قَدْ صَارَ كَالْحَنَايَا مِنْ كَثْرَةِ الصَّلَاةِ أَوْ قَدْ صَارَ كَالتَّائِهِ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْ كَالضَّرِيرِ مِنَ الْخُشُوعِ أَوْ كَالضَّنِي مِنَ الصِّيَامِ أَوْ كَالْأَخْرَسِ مِنْ طُولِ الصَّمْتِ وَالسُّكُوتِ أَوْ هَلْ فِيهِمْ مَنْ قَدْ أَدْأَبَ لَيْلَهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَأَدْأَبَ نَهَارَهُ مِنَ الصِّيَامِ أَوْ مَنَعَ نَفْسَهُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا وَنَعِيمَهَا خَوْفاً مِنَ اللَّهِ وَشَوْقاً إِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَنَّى يَكُونُونَ لَنَا شِيعَةً وَإِنَّهُمْ لَيُخَاصِمُونَ عَدُوَّنَا فِينَا حَتَّى يَزِيدُوهُمْ عَدَاوَةً وَإِنَّهُمْ لَيَهِرُّونَ هَرِيرَ الْكَلْبِ وَيَطْمَعُونَ طَمَعَ الْغُرَابِ وَأَمَا إِنِّي لَوْ لَا أَنَّنِي أَتَخَوَّفُ عَلَيْهِمْ أَنْ أُغْرِيَهُمْ بِكَ لَأَمَرْتُكَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْتَكَ وَتُغْلِقَ بَابَكَ ثُمَّ لَا تَنْظُرَ إِلَيْهِمْ مَا بَقِيتَ وَلَكِنْ إِنْ جَاءُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَهُمْ حُجَّةً عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَاحْتَجَّ بِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ لَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيَا وَمَا تَرَوْنَ فِيهَا مِنْ نَعِيمِهَا وَزَهْرَتِهَا وَبَهْجَتِهَا وَمُلْكِهَا فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لَكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا صَلَحَتْ لِأَهْلِهَا

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. تم الكتاب بعون الملك الوهاب والحمد لله الذي من علي فضلا منه بتصحيح هذا السفر القيم والتعليق عليه ووفقني لإتمامه وذلك من فضله ومنه‏