الشيخ الخصيبي

 

قُدوةٌ مُثلى يُحتذى


تأليف الشيخ

حسين محمد المظلوم



دار المحجة البيضاء
للطباعة والنشر والتوزيع
بيروت - لبنان - حارة حريك
ص ب : 5479\14
ت: 287179\03

 

جميع الحقوق محفوظة
ومسجلة للمؤلف
الطبعة الأولى
1423
هـ - 2002م

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ

 

سورة الحجرات آية 6

 

 

الخصيبي " قده "

 

هو من كبار أساطين الشريعة، ونخبة أعلام الشيعة،
والمجتهدين في استباط الأحكام البديعة، والمتبحرين في علوم آل محمد الرفيعة،
والمتمسكين بعروتهم المنيعة،
ما حاد عن نهجهم الباسق، ولا قصد غير بابهم الواثق،
ولا شرب إلا من غديرهم الدافق،
ولا استضاء إلا بمصباح علمهم البارق.

 

المؤلف

 

 

الإهداء

 


أقدم هذا الجهد المتواضع وأرفعه إلى

المتبحر في علوم آل محمد

الإمامي الجليل والثقة النبيل

الشيخ الأقدم الأمين، والعلامة الفاضل الرزين

السيد أبي عبد الله الحسين بن حمدان

الخصيـبي

وإلى

سادتي العلماء، وشيوخي الفقهاء

المتمسكين بالعروة الوثقى



الفقير لله تعالى
حسين محمد المظلوم

 

تقديم بقلم العالم الأديب والفقيه الأريب
فضيلة الشيخ علي أحمد الخطيب  (ق)



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأعظم والنبي الأكرم صاحب الشريعة الغراء والحنيفة السمحاء سيدنا محمد سيد النبيين وخاتم المرسلين وصلواته الطيبات وتحياته الزكيات على أهل بيته الطاهرين والأئمة الهداة المعصومين وسلم تسليماً كثيرا.

أما بعد

فإني أقول ان ما كتبه فضيلة المؤمن العارف بالله الشيخ حسين المظلوم حول شخصية الشيخ الخصيبي ( هكذا تعريفه وإسمه الحسين بن حمدان الخصيبي قدس الله سره ) هذه الشخصية العالية بولاء أهل البيت الطاهرين لم يكن جديداً وان بطون الكتب مملوءة بذكر هذا الرجل العظيم والذي يعد بحق من الشخصيات الموالية لآل محمد عليهم الصلاة والسلام وكفى بالله شهيداً.

وإن الكتابين اللذين ورثناهما من مؤلفاته ( الهداية الكبرى والمائدة ) وما فيهما من الروايات الموثقة والأخبار الصادقة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته الهداة الأئمة الطاهرين هما خير دليل على صحة اعتقاد هذا الرجل الطاهر.

وإن هذه الشخصية أي الشيخ الخصيبي رُمِيَ بالغلو وإتهم بالكفر من جلة علماء الشيعة مع العلم اليقيني أنه كان شيعياً صادقاً في تشيعه بدليل أن سيف الدولة الحمداني المعروف بصحة عقيدته كان يأتم به أثناء الصلاة وقد صلى على جثمانه حين وفاته، وكتابيه الهداية والمائدة شاهدان ناطقان على صحة عقيدته.

وإن ما تقدم به فضيلة الشيخ حسين المظلوم في هذا البحث الجليل حول شخصيته وما أتى به من الروايات الصادقة من كتب الشيعة والسنة لهو خير دليل صادق على أن الشيخ الخصيبي لم يدخل على مذهبه الإنحراف (كما زعموا) وأن ما اتهم به من الغلو فهو محض افتراء، وإني أقول قاتل الله الحسد فقد كان الشيخ الخصيبي محسوداً من قبل علماء عصره.

وإني أتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ حسين المظلوم الذي قام بهذا البحث حول شخصية الشيخ الخصيبي ق فله منا خالص الشكر ومن الله عظيم الثواب والأجر والسلام على من اتبع الهدى والسلام على أهل الولاية أجمعين وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إلى يوم القيامة والدين.

الفقير لله عز وجل
ولإخوانه المؤمنين
علي الخطيبزاهد

 

 

مقدمة وتمهيد

 

بسـم الله الرحـمن الرحـيم


الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، المتعالي عن صفات الواصفين، ونعوت المتجسمين وطباع المتخلقين، وطبائع المخلوقين، المقدّس بذاته عن الكيف والحيث والأين، والمنزّه بصفاته عن تحديد العين.
والصلاة والسلام على المخصوص بالهدى والتبيين، والمرسل إلى الخلائق أجمعين، خاتم الانبياء وسيد المرسلين، سيدنا محمد الصادق الوعد الامين، صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين، الذين أُذهِبَ عنهم الرجس ونطق بفضلهم الكتابُ المبين.

أمّــا بعـــد

الإنصاف شرط أساسي من شروط الكتابة ومستلزماتها الأولية، ولكن الملتزمين به قلة نادرة تكاد أن تغيب أمام كثرة ساحقة لم تتخلق بهذه الصفة الرفيعة إذ أننا نلاحظ بوضوح تام بأن أكثر الكتاب في المجال الديني وخصوصاً الباحثين في أحوال الفرق والرجال يسعون بجهد مستميت إلى تحريف الحقائق حينما يعجزون عن طمسها كلياً، وذلك خدمةً لأهدافهم المتناقضة مع مبادئ الإسلام الرفيعة وقيمه العليا.

والأغرب من كل هذا هو كثرة المسارعين إلى تصديق هؤلاء الكتاب، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على إنعدام الوعي والتّمييز لدى أكثر القراء، وفقدان ثقافة التدقيق ومنطق التحقيق عندهم.

فعلى القارئ أن يكون واقعياً حينما يقرأ، ومنطقياً حينما يصدق، وحذقاً حينما يحلل، أما أن يتقبل الأمور على علَّاتها فالأحرى به أن لا يقرأ كي يريح ويستريح.
فهذا بعض ما يجب عليه، أما ما يجب على الكاتب فأقول:

إن الكتابة الصادقة والهادفة إلى خدمة الأجيال، وإظهار الحقيقة تتطلب من الكاتب المنصف شروطاً عدة لا بدَّ منها، ولا غنى عنها، أهمّها:

- عدم التحيُّز إلا للحق الذي لا مناص منه.
-
إجتناب التّقليد الأعمى الذي يؤدّي إلى الضّلال.
-
التجرد عن الأهواء المقيتة.
-
المحافظة على أمانة النقل.
-
إيضاح المعنى بإختصار المبنى.
-
إبراز الغاية المتوخّاة من الكتابة بالدليل القاطع والبرهان الساطع.

فإذا اجتمعت هذه الشروط المثالية في الكاتب والكتاب تجلت الحقيقة بأبهى صورها، واستنارت العقول من وهج ضيائها، وَصَفَت النفوس من الادران المتعلّقة بها بفعل الوضع والدس.
أما إذا انعدمت وهذا ما يحدث في أكثر الأحيان فستنعكس الوقائع، وتنقلب الحقائق أمام محكمة الحاضر والمستقبل.

ولا يخفى على الباحثين بان علم الرجال من العلوم الدينية الهامة، والمعارف الاسلامية العامة، لذلك فقد أخذ حيزاً كيبراً من البحث والتنقيب والدراسة والتعقيب من قبل العلماء والمحققين والفقهاء والرجاليين، فوضعوا فيه عشرات الموسوعات الشاملة، والمصنفات الكاملة، وأعطوه أهمية قصوى من الإهتمام إذ انه الوسيلة القويمة لمعرفة صحة الاحاديث من كذبها ووضعها، ولهذا فإنه يتطلب الدّقة المتناهية، والشمولية التامة، والصدق المجرد، والامانة الكاملة، إنصافاً للرجال الذين يستحقون الإنصاف، وخدمةً للحقيقة التي لا غنى عنها.
فالتشكيك براوٍ من الرواة لغاية سلبية يؤدي في مطلق الأحيان إلى إضعاف الرواية الصحيحة الواردة عن الائمة المعصومين عليهم السلام، والمندرجة في دائرة الأصول الواجب إعتقادها، والفروع اللازم العمل بها.

فهذا العلم وضع لتشخيص رواة الحديث ذاتاً ووصفاً، مدحاً وقدحاً.

فمعرفة الراوي ذاتاً: هو معرفة ذات الشخص وكونه فلان بن فلان.

ومعرفته وصفاً: هو معرفة أوصافه من الوثاقة ونحوها.

ومعرفته قدحاً ومدحاً: بيان لوجوه الوصف.

وخلاصة القول هو علم يبحث في أحوال رواة الحديث التي لها دخل في جواز قبول أقوالهم وعدمه. (1)

والحديث عن الشيخ الخصيبي (ق) أمر في غاية الدقة والصعوبة وذلك لتضارب وتناقض أقوال الرجال فيه حتى صار عند بعضهم لغزاً من الألغاز التي يصعب حلها، وعند آخرين شخصية غامضة لا يمكن اكتشافها لقلة المصادر المتحدثة عنها.

فرأيت من الواجب الكفائي (2) إفراد بحث مقتضب يتعلق بهذا الشيخ الثقة الجليل من حيث الترجمة لحياته، والوثاقة برواياته وذلك ضمن معرفتي المحدودة، سالكاً النّهج المتّبع في علم الرجال والمنقسم الى قسمين تقدم ذكرهما فيما مضى من القول.
ولا أدّعي بأنّني أحطت بالموضوع من كافة جوانبه، أو أعطيت الشيخ حقه من التقدير والثناء الذي يستحقه وأنّى لي ذلك فلا يعطيه حقه الكامل إلا من كان في منزلته الرفيعة، بل ما اقوم به هو عبارة عن محاولة خجولة ومتواضعة كان الدافع إليها أمور:

-
اعترافاً بفضله فيما قدم من الاخبار الصادقة.
-
وتعظيماً لمقامه عند ثقاتنا الاجلاء.
-
وتفنيداً لأقوال الظالمين له، وخصوصاً أننا نعيش في عصر كثرت فيه التقولات التي لا تستند على بيانات صادقة.

ومسك الختام في تمهيدنا مفتاح الكلام لفصولنا


وهو ما قاله الإمام الجليل والعلامة النبيل أستاذ الفقهاء وفقيه العلماء الشيخ سليمان الاحمد (ق) عضـو المجمع العلمي العربي في دمشق (3) حيث يقول في معرض حديثه عن الشيخ الخصيبي(ق):

- الحسين بن حمدان الخصيبي -


من رجال الشيعة الامامية ورواتها تبحَّرَ في علوم آل محمد عليهم السلام روايةً ودرايةً، واستنكههُما إلى غاية يتعسر بل يتعذر على أحد بعده أن ينالها فضلاً أن يفوقه بها وقد تضاربت فيه أقوال الرجاليين بين موثّق ومبدع ومكّفر كما تقتضيه الآراء والأهواء، ومهما يكن من أمر فقد روى عن الثقات وروت الثقات عنه ومن يروي عنه الثقة فهو ثقة في اصطلاح فن الرجال.

وقال رحمه الله في جوابه على رسالة الأستاذ محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي في دمشق ما يلي: وإن شيخ مذهبهم الخصيبي (الحديث عن المسلمين العلويين) من رجال الإمامية تقرأ ما له وما عليه في كتب الرجال. وإن هذا الكلام الصريح للعلامة الأجل يبطل الزّعم القائل بأن الشيخ الخصيبي شخصية شبه غامضة يصعب التعرّف عليها، أو اكتشافها ذاتاً ووصفاً.

وختاماً أقول:

 

بأنّني إعتمدت في دراستي هذه أن أضع ترجمةً مختصرة تتعلّق بالشيخ الأجلّ منذ ولادته وحتى وفاته، وذكر أسماء الثّقات الذين روى عنهم، ورووا عنه، ودفع الشبهات التي ألصقها الآخرون به وإيضاح أسبابها، وتخريجاً لأهم أحاديثه التي رواها في كتابه وكانت سبباً للطّعن به، إضافةً لبعض الفوائد الهامة المتعلقة به.

وعلى الله الإتكال في كل حال.



-------------------------------------------------
(1) مما لا خلاف فيه عند أهل هذا الفن هو وجودُ كمّ هائل من الوضاعين الذين كانوا يُرَوِّجون لبضاعتهم الكاسدة من خلال نسبتها إلى المعصومين (ع) فكان هذا العلم غربالاً دقيقاً لتلك الروايات المنسوبة، وفاحصاً وثيقاً لاولئك الرجال.
(2)
الواجب الكفائي هو الواجب الذي إذا قام به فرد سقط عن الجماعة.
(3)
ولد الإمام الشيخ سليمان الأحمد (ق) في قرية الجبيلية سنة 1287هـ وتوفي سنة 1361هـ ودفن في قرية السلاطة، وكان يعتبر بحق موسوعة إسلامية كبرى وقد تخرج على يديه كبار العلماء والفقهاء والشعراء والأدباء في الجبل العلوي. وله الفضل الكبير على أبناء شعبه.

 

 

ترجمة الخصيبي (قده)

 

إن بقاء الأمم منوطٌ بحفاظها على معتقداتها وتاريخ أمجادها وجهاد عظمائها.
وإستمرارها موقوف على التمسك بنهجهم الذي عملوا من أجله وتفانوا في سبيله.
وحياتها بالسير قدما نحو الأكمل مستمدّين هذا السلوك الهادف من نقطة الأساس التي انطلق منها قدماؤهم.
والأمة التي لا تهتم ولا تحافظ على معتقداتها وتاريخها فهي إلى زوال لا محالة،

 

وعلى هذا فأقول وبالله التوفيق:


إن المخلصين في هذه الدنيا والعاملين فيها قلة نادرة في كل زمانٍ ومكان، بل أندر من الكبريت الأحمر، ولكنهم رغم قلتهم فإنهم أقوياء في مبادئهم وعقائدهم التي ارتسمت في نفوسهم واكتملت في عقولهم وتعرشت في قلوبهم، وثابتون في سلوكهم نحو أهدافهم السامية مهما اشتدت أعاصير الطغيان، وأمواج الفتن، وذلك لأن قلوبهم استضاءت بنور اليقين، واهتدت إلى الحق المبين، وتأدّبت بآداب المتقين، وتخلّقت بأخلاق النبيين.
وليس المقياس بقلة العدد وكثرته، إنما المقياس الصحيح يكمن بسمو الهدف الذي يسعى إليه الفرد، فكلما كان الهدف سامياً كان السالك لتحقيقه متسامياً ومثابراً على بلوغه مهما كلّف الثّمن، ولاقى في سبيله الكثير من الصعوبات التي تعترضه من قبل أصحاب النفوس المريضة بمرض الجهل الذين ينطبق عليهم المثل القائل: (المرء عدو ما جهل).
وإن في سلوك المخلصين، وصبرهم على تحمل المحن والاحن دروساً قيمة وراسخة لتابعيهم، وأثراً بالغاً في التأثير عليهم، وحثّهم على التحرك نحو الأفضل.

نعم إن العظماء والعاملين المخلصين في أفضل ميادين هذه الحياة وأسماها قلة نادرة، وذلك لقيامهم بما عجز عنه الآخرون من الذين قصرت هممهم، وضعفت نفوسهم واستعداداتهم عن تحمل المسؤوليات الكبرى والجليلة.

 

يرى الجبناء أن العجز عقــــل === وتلك خديعة الطبـع اللئيــــــم
وكل شجاعة في المرء تغني === ولا مثل الشجاعة في الحكيم(1)


فطاقات النفوس تتفاوت بتفاوت الهمم، وتفاضل الهمم تسموا على بعضها البعض بسمو الغاية، والغايات تختلف بإختلاف قواعدها، والقواعد تتميز بتميّز واضعيها، وحينما تكون القاعدة إلهية، والهدف وجهه الكريم، وابتغاء مرضاته تسمو الهمة، ويتحقق الهدف المنشود مهما صعب وطال الزمن.

والعظماء في التاريخ بصورة عامة، قسمان لا ثالث لهما كما أرى:
-
قسم صبر وصابر ورابط فحقق هدفه وخدم أُمته، فخلّد التاريخ ذكره.
-
وقسم صبر وصابر ورابط فحقق هدفه وخدم أُمته، ولكن التاريخ أغفله وأساء إليه، ولم يُعطه حقه من التقدير والثناء والإكبار، ومع كل هذا الجفاء المتعمّد فلم يكن هدفه من العمل الصادق تخليد ذكراه بل كانـت غايـتـه المنشودة وهدفه الأسمى أن يقدم لأمته خلاصة عطائه وزبدة جهاده لتحيا الحياة المثلى التي أرادها مستمداً ذلك من القواعد الإلهية التي آمن بها وعمل من أجلها وعلى نشرها بين الناس.

وقد كان شيخنا وفقيهنا وقدوتنا وثقتنا الحسين بن حمدان الخصيبي (ق) من أولئك العظماء الأجلاء الأمناء الذين أغفل التاريخ ذكرهم، ذلك التاريخ الأجرب الأغبر الملوث بخبث السياسة ومكرها الأرعن، والذي كُتِبَ بأقلامٍ حاقدة سعت إلى طمس مآثره الحميدة، ولو استطاعت لأغفلت الجميع، ولكن لبعض العظماء ظروفاً ساعدتهم على إحياء ذكرهم وتخليد مجدهم، ولكنهم قلة نادرة.


-----------------------------------------
(1) المتنبي.

 

آل حـمدان

 


حتى انتهيت باصحابي الى حرم === حمـاته سادة من آل حمدان
قوم أقـاموا حدود الله واعتصموا=== بحبله من طغاة الأنس والجان (1)

آل حمدان غـرة الكرم المحض === وصفـو الصريح منه اللبـاب
أشرق الشرق منهم وخلا الغـرب === ولم يخل من ندى وضـراب
ينجلي السلـم عن بدور رواض === فيه والحرب عن أسود غضاب (2)

 

كان بنو حمدان ملوكاً وأمراء، أوجههم للصباحة، وألسنتهم للفصاحة، وأيديهم للسماحة، وعقولهم للرجاحة(3)، ونفوسهم للطماحة، وقلوبهم للشجاعة, وأقوالهم للبراعة وأوامرهم للإطاعة، وحماهم للمناعة، وصيتهم للإذاعة(4).



وفيهم يقول هارون الكناني:


يبرزون الوجوه تحت ظلال الموت === والموت فيهم يستظــل
كرمـاء إذا الظبى غشيتهــم === منعتهم احسابهم ان يولوا.



وفيهم يقول جعفر بن محمد الموصلي:

بأبناء حمدان الذين كانهــم === مصابيح لاحت في ليال حوالـك
لهم نِعمٌ لا أستقل بشكرها === وإن كنت قد سيرته في المسالك



وفي أنفسهم يقولون:


فلم يخلق بنوا حمدان إلا === لـمجد أو لبـأس أو لـجود.

 

من هذه الأسرة العربية العريقة والمعروفة بصدق ولائها لآل البيت يتحدر السيد أبي عبدالله الحسين بن حمدان بن الخصيب بن أحمد الجنبلاني (ق) وهي أشرف أسرة في العرب بعد بني هاشم وأفضل بيت من بيوتها عريق بالفضل والعلم والعمل الخالص، وهم آل حمدان الخصيبي الممدوحين من العلماء والشعراء والفلاسفة شعراً ونثراً، ولو أردنا أن نأتي على ما قيل فيهم لاضطررنا إلى وضع كتاب بهذا الخصوص.




----------------------------------------------------------------------------------
(1) أبيات للأمير حسن بن يوسف بن مكزون السنجاري (ق) من أعلام القرن السابع الهجري، وهو من كبار علماء العلويين وفلاسفتهم وشعرائهم في زمانه. وهنا لا بد من القول من أنه قد أدخل إلى ديوانه بطريقي الدس المتعمّد والخطأ الغير مباشر العديد من القصائد والأبيات التي تتناقض مع نهجه الإمامي وكانت سبباً لإتهامه من قبل المغرضين بما يتنافى مع عقيدته الإسلامية العلوية الإثنعشرية. وأؤكد جازماً بأن أكثر ما أورده الكتّاب عن هذا الأمير من الشعر والنثر ليس من نظمه وتصنيفه ولنا على إثبات ذلك أدلة كثيرة نحتفظ بها لوقتها.

(2)
أبيات للسري الرفاء وهو ابو الحسن السري بن احمد بن السري الكندي الرفاء الموصلي، وكان من شعراء بلاط سيف الدولة، ومن أعلام العلويين وثقاتهم الميامين.

(3)
الثعالبي في يتيمته.
(4)
السيد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة.

 

ولادته

 

ولد الشيخ الثقة الأجل الأقدم والمحدث الشهير الأفخم فخر العلويين وقدوتهم، وخليفة الهاشميين وناشر فضائلهم، فقيه عصره وعلامة دهره السيد أبي عبدالله الحسين بن حمدان الخصيبي في بلدة جنبلاء وهي تقـع بـين واسـط والكوفة، وإليها يُنسب، وذلك سنة 260 هجرية من أبوين كريمين فاضلين عريقين بالطهارة والإيمان والإخلاص في تمسكهما بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وهي ولاية أهل البيت (ع).

 

نشأته


نشأ نشأةً دينية إسلامية علوية طاهرة على يد والده العلامة الفقيه المحدث النبيه السيد أبي الحسين حمدان بن الخصيب الجنبلاني (ق)، في بيت عريق بالعلم والمعرفة يغصّ بوفود العلماء والفقهاء والأدباء الذين كانوا يقيمون حلقات علمية في مختلف المعارف الاسلامية، وكان الشيخ لا يغادر هذه الحلقات ولا يغفل عما يدور فيها من البحوثات، ويحفظ أكثرها، ويستفهم عن بعض ما اشتكل عليه حينما كان ينفرد بوالده.

مهر في كل العلوم السائدة في عصره كالنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والمنطق والفلسفة والتاريخ وغيرها حتى صار نابغة من نوابغ عصره لا يُجارى بفضل، ولا يُبارى بعلم.
حفظ كتاب الله وهو في الحادية عشرة من عمره، وأدّى فريضة الحج إلى بيت الله الحرام في الخامسة عشر وذلك سنة 275هـ.

تابع علومه ومعارفه الشرعية على يد صديق والده العلامة المتبحّر والفقيه المحدث المجتهد الكبير السيد أبي محمد عبدالله بن محمد العابد الزاهـد الجنـان الجنبلاني المولود سنة 235 والمتوفي سنة 287هـ وأخذ عنه الأصول والأحكام والتفسير وسائر علوم القرآن، واختلاف المذاهب والفرق في الأصول والفروع، وبقي ملازماً له حتى سنة وفاته وكان عمره وقتذاك 27سنة.

إستلم الامامة الدينية والمرجعية الروحية بعد وفاة أستاذه ومرجعه وقام مقامه في مهمة الوعظ والإرشاد والتدريس لكافة العلوم الإسلامية والأحكام الإمامية.

تخرج على يديه ثلّة من العلماء ومجموعة من الفقهاء من الذين يشار إليهم بالبنان حتى صاروا قدوة يُقتدى بهم ويهتدى بعلومهم.

-----------------------------------------------------------------
(1) من الشيوخ الأجلاء الذين روى عنهم والد الشيخ: السادة عبد الرحمن بن سنان، محمد بن المفضل، محمد بن موسى القمي، محمد بن ميمون، محمد بن عمار، سعد بن مسلم، وكانوا ممن شاهدوا الإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام ورووا عنهما الأحاديث الصحيحة.

 

تنقـلاته


بقي مدة قصيرة في جنبلاء يتابع تعاليمه وإرشاداته لقاصديه من أبناء زمانه، ثم إنتقل إلى بغداد عاصمة العبَّاسيين بعد أن سبقته شهرته إليها من خلال الطلاب الذين كانوا يتوافدون إليه منها، وكانت أعظم أعماله الدينية فيها، واستقر مدة زمانية تربو على خمسة وعشرين عاماً قضاها في إرشاد الناس وتعليمهم بعد ان فتح فيها داراً على غرار داره في جنبلاء، فراح يقصده طلاب العلم وعشّاق المعرفة لينهلوا من نبعه الإمامي الصافي.

قامت بينه وبين الكثير من العلماء محاورات ومناظرات أهمها مع ابن بابويه القمي، والحسين بن منصور الحلاج(1) الذي إختلف معـه في أدق المسائـل الاصولية، حيث كان الحلاج كما هو معروف عنه يميل إلى الحلول بمذهبه المعلول، وله شطحات لا تحصى.

ويروى أن الخصيبي سجن في بغداد بسبب وشاية مغرضة من بعض الحاسدين الذين أرادوا النيل منه، تَتَّهمه بالقرمطة وهي دعوة باطنية تنسب إلى حمدان قرمط من دعاة الإسماعيلية، قيل أنها أوّل ما ظهرت في العراق سنة 258هـ وانتشر أتباعها في البحرين واليمن، واستولوا على مكة سنة 317هـ وقتلوا الحجيج ونقلوا الحجر الأسود إلى عاصمتهم ثم ردّوه بعد إثنتين وعشرين سنة.

والشيخ الخصيبي (ق) من أبعد الناس عن هذه المعتقدات الفاسدة والآراء الحائدة، وذلك لصحة معتقده الذي كان يعتقده، وأحقِّيَّة مذهبه الإمامي الذي كان يتمذهب به.



إنتقل بعد هذه المعاناة التي تعرّض لها إلى حلب الشهباء، وبقي فيها مدة قصيرة قضاها في نشر فضائل أهل العصمة عليهم السلام، ثم غادرها لنفس الأسباب التي غادر بها بغداد إذ أن أرباب السياسة وأذنابهم الغارقين في التعصب من شيوخ حاقدين وفقهاء فاسدين ضَيَّقوا عليه الخناق، ورصدوا حوله العيون يراقبون حركاته وسكناته، ونصبوا له الكمائن عازمين على أَذِيَّته، فسأم معاشرتهم وجيرتهم، ورحل عنهم إلى الشام ناشداً الحرية والراحة من كيدهم، ولكن الزّمان أبى أن يصفو له فتعرض أزلام الأمويين له، وطاردوه إمعاناً في قتله لما علموا أنه يحدث بفضائل أهل البيت (ع) وينشر معارفهم وفقههم وآدابهم، فهاجر بنفسه إلى الكوفة التي كانت تغصُّ بشيعة أمير المؤمنين (ع) ومحبيه، فمكث فيها حتى عام 333هـ وهي سنة دخول سيف الدولة الحمداني علي بن الحسين إلى حلب ظافراً وذلك على أثر استنجاد أعيانها به من خطر البيزنطيين والأخشيديين، فعاد الخصيبي (ق) إليها مطمئناً، واتخذها موطناً وسكناً لما عرف عن أميرها من العدالة التي ضرب بها المثل، وصدق موالاته لأهل البيت التي تغنى بها الشعراء (2) فتعرف عليه حتى صار من المقربين إليه والمكرمين عنده، وفي أثنائها ألف كتابي الهداية الكبرى والمائدة وأهداهما إليه وكان سيف الدولة يأتم به وقت الصلاة لتحققه من صلاحه وتقواه، وحسن سريرته، وغزارة علمه، وكثرة خشوعه.

بعد حوالي ثمانية سنوات عاد الشيخ إلى الكوفة ليتفقد أحوال إخوانه وتلاميذه، وليتابع إعطاء الدروس لهم في داره التي أقامها منذ زيارته الأولى، ومكث في رحلته الثانية حتى عام 344هـ، وفي أثناء هذه الفترة أعطى إجازة في التاريخ لأبي محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري ثم عاد إلى حلب وبقي فيها حتى سنة وفاته.


-----------------------------------------------------------------------------------
(1) لم تصل إلينا مناظرة الشيخ مع إبن بابويه، أما مناظرته للحلاج فوصلت مبتورة لا تروي غلة فليراجع ديوان الحلاج مع أخباره وطواسينه، وهو من جمع وتقديم الدكتور سعدي ضناوي ص \129\130-دار صادر.

(2) قال الدكتور سعود محمود عبد الجبار في كتابه /الشعر في رحاب سيف الدولة الحمداني:
نود أن نشير إلى أنه من الثابت أن بني حمدان كانـوا من الشيعة وأن تشيعهم كان سمحاً لا تعصّب فيه كما كان الحال عند الفاطميين في شمال أفريقيا ومصر، ولم يكن تشيعهم غالياً بغيضاً كما كان شأن البويهيين.
وقال القرماني في تاريخه: كان بنو حمدان شيعة ولكن تشيعهم كان خفيفاً ولم يكونوا كبني بويه في غاية القباحة سبابين،(أعلام النبلاء)
وذهب إبن العديم إلى أن أهل حلب كان أكثرهم على مذهب السنة حتى هاجم الروم حلب سنة 351هـ وقتل أكثر أهلها فنقل سيف الدولة إلى حلب جماعة من الشيعة من حران وكان سيف الدولة نفسه يتشيع فغلب على أهلها التشيع، وذكر آدم متز أن العلويين هم الذين كانوا يتوسطون عادةً فيما يقوم من خصومات في بيوت الشيعة بين بني حمدان وبني بويه وأكد أن ملوك الشرق /ويقصد بذلك الحمدانيين/ كانوا على مذهب الشيعة (الحضارة الإسلامية).
وقال الدكتور سعود عبد الجبار: أن الحمدانيين كانوا إثنى عشرية وأن أبا فراس سيد شعراء بني حمدان قد أوضح هذا بجلاء في مقطوعة قالها متوسلاً إلى بارئه أن يشفع له بآل الرسول عليهم السلام فعدد الأئمة الإثنى عشر واحدا بعد واحد وذلك حيث يقول:

لست أرجو النجاة من كل ما أخـشاه إلا باحمـد وعلي
وابن بنت الرسول فاطمـة الطهـر وسبطيه والإمام علي
والتـّقي النـقي باقـر علـم الـله فينا محمـد بن علي
وابنه جعفـر وموسى ومولانا علي أكـرم به مـن علي
00000
وأبي جعفر سمي رسـول الـله ثم ابنـه الزكــي علي
وابنه العسكري والقائم المظـهر حقي محمـد بـن علي
فبهم أرتجي بلوغ الأمانــي يوم عرض على مليـك علي.

 

فهذه الأبيات فيها دلالة على أن أبا فراس ينتمي إلى مذهب الإثنى عشرية لأن الأئمة الذين ذكرهم في أبياته وتشفع بهم هم أنفسهم الائمة الإثنا عشر الذين ورد ذكرهم في كتب الشيعة.
وما دام من الثابت أن أبا فراس كان من الشيعة الإمامية وأن ديوانه يثبت هذا الرأي فمن نافلة الحديث القول بأن الحمدانيين وسيف الدولة كانوا يدينون بهذا المذهب.
وما دام سيف الدولة شيعي المذهب فليس عجب أن تكون تلك الباقة من شعراء الندوة السيفية في حلب علوية الهوى شيعية المذهب.


ولقد طرق الشعراء في شعرهم الشيعي ألواناً متعددة منها هجاء الأمويين والعباسيين والتنديد بهم لما ألحقوا من حيف وعنت بآل البيت، ولقد هجى أبو فراس العباسيين ووصفهم بالطغيان ورأى أن العلويين هم أحق الناس بالخلافة.
ومن الشعراء الذين أكثروا في شعر التشيّع الشاعر الصنوبري الذي فخر بالعلويين ورثى الحسين وغيره وذكر كربلاء ومصائب الشهداء، وتصدى لحق علي وقومه، وكأنه إمام أو زعيم من زعماء الشيعة، يؤيد هذا الحق ويرمي الجاحدين له بسهام النقد.
ويجدر بالذكر أن سمات التشيّع ظهرت بجلاء في الشعر السيفي ولم تقتصر على التشيّع وحده من حيث هو لون من ألوان الشعر بل تأثرت بها بعض الأغراض الأخرى كالمديح والفخر والغزل، ومن ذلك قول أبو فراس مفتخراً:

نفى النوم عني همة علوية === وقلب على ما شئت منه مظاهر

وختم الدكتور سعود قوله: إن شعراء التشيع قد تأثروا بالقرآن الكريم فاقتبسوا منه أكثر مما اقتبسوه في أشعارهم الأخرى، وإن لهذا الشعر قيمة تاريخية كبرى لكنه يعنى بالإستدلال والوقائع والأسس والنظريات، كما أن هذا النوع من الشعر ابتعد عن الصنعة والتكلف وهجر الزخرف والتأنق ولا غرابة في ذلك فهو ذوب العاطفة والعين الباكية.

 

أخلاقه العلوية


حينما يقبل المرء بكليته على الأعمال الصالحة، ويتحلى بروحانيته بالأخلاق الراجحة ويدبر عما يناقضهما فهو يعدّ في ذروة الأدب والأخلاق وقمة العمل الخالص الذي يرضي خالقه جل وعلا، وإن هذا المعنى المثالي للسلوك المستقيم تجلى بأبهى صورهِ في فعل الشيخ المنطلق من قوله في دعائه المثبت في آخر خطبته التي افتتح بها كتاب الهداية الكبرى حيث يقول:

((ولا ترنا من حيث نهيتنا، ولا تفقدنا من حيث أمرتنا أبدا ما أبقيتنا))


فإن لم ير الإنسان من موضع يأباه الله، ولم يُفقد من موضع يرضاه الله فيكون بذلك في غاية إخلاص الطاعة، وأعلى قمم الأخلاق.

وإن هذا القول الجامع المكتمل بالعمل النافع يُعدّ من أرقى درجات السلوك في معارج الأخلاق الفاضلة والآداب الكاملة التي أرشد إليها الأئمة الكرام عليهم السلام، والشيخ الخصيبي (ق) كان يتمتع بهذه الصفات الرفيعة، ويتسربل بأخلاق أئمته، ولم يخرج عن دائرة آدابهم ومحراب أخلاقهم فقد اجتمعت فيه الصفات الحميدة بمجموعها، والأخلاق الحسنة من ينبوعها، وكان كما قال السيد الرسول (ص): لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال: فعل وعمل ونية وباطن وظاهر.
فقال أمير المؤمنين علي (ع): يا رسول الله ما يكون المائة وثلاث خصال؟ فقال (ص):

يا علي من صفات المؤمن أن يكون جوّال الفكر، جوهري الذكر، كثيراً علمه، عظيماً حلمه، جميل المنازعة، كريم المراجعة، أوسع الناس صدراً، واذ لهم نفساً، ضحكه تبسماً، واجتماعه تعلماً، مذكر الغافل، معلم الجاهل، لا يؤذي من يؤذيه، ولا يخوض فيما لا يعنيه، ولا يشمت بمصيبة، ولا يذكر أحدا بغيبة، برِياً من المحرمات، واقفاً عند الشبهات، كثير العطاء، قليل الأذى، عوناً للغريب، وأباً لليتيم، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، مستبشراً بفقره، أحلى من الشهد، وأصلد من الصلد، لا يكشف سراً، ولا يهتك ستراً، لطيف الحركات، وحلو المشاهدة، كثير العبادة، حسن الوقار، لين الجانب، طويل الصمت، حليماً إذا جهل عليه، صبوراً على من أساء إليه، يجل الكبير، ويرحم الصغير، أميناً على الأمانات، بعيداً من الخيانات، إلفه التقى، وخلقه الحياء، كثير الحذر، قليل الزلل، حركاته أدب، وكلامه عجب، مقيل العثرة، ولا يتبع العورة، وقوراً، صبورا، رضياً، شكورا، قليل الكلام، صدوق اللسان، برا مصونا، حليماً، رفيقا، عفيفاً، شريفا.
لا لعان، ولا نمام، ولا كذّاب، ولا مغتاب، ولا سبّاب، ولا حسود، ولا بخيل، هشاشاً بشاشا، لا حسّاس ولا جسّاس.
يطلب من الأمور أعلاها، ومن الأخلاق أسناها، مشمولاً لحفظ الله، مؤيداً بتوفيق الله، ذا قوة في لين، وعزمه في يقين، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، صبور في الشّدائد، لا يجور ولا يعتدي، ولا يأتي بما يشتهي.
الفقر شعاره، والصبر دثاره، قليل المؤونة، كثير المعونة، كثير الصيام، طويل القيام، قليل المنام، قلبه تقي، وعمله ذكي، إذا قدر عفا، وإذا وعد وفى، يصوم رغباً، ويصلي رهبا، ويحسن في عمله كأنه ينظر إليه، غض المطوف، سخي الكف، لايرد سائلاً، ولا يبخل بنائل، متواصلاً إلى الإخوان، مترادفاً للإحسان، يَزِن كلامه، ويُخرس لسانه، لا يغرق في بغضه، ولا يهلك في حبه، لا يقبل الباطل من صديقه، ولا يرد الحق من عدوه، لا يتعلم إلا ليعلم، ولا يعلم إلا ليعمل.
قليلاً حقده، كثيراً شكره،يطلب النهار معيشته، ويبكي الليل على خطيئته، إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم، وإن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم، لا يرضى في كسبه بشبهة، ولا يعمل في دينه برخصة، يعطف على أخيه بزلّته، ويرعى ما مضى من قديم صحبته.

فهذه هي صفات الشيخ وأخلاقه التي عرف بها في عصره أوردناها ثقة بمقامه الرفيع وتصديقاً منّا للأمناء الصادقين من الآباء والأجداد الأقدمين رحمهم الله أجمعين.

 

مقامه عند تابعيه


يعتبر الشيخ (ق) المرجع الروحي الأعلى للمسلمين العلويين في زمانه، وذلك ابتداء من وفاة شيخه الجنان سنة 287هـ إلى حين وفاته سنة 346هـ وهي مدة إمامته الدينية ومرجعيته الروحية التي دامت تسعاً وخمسين عاماً قضاها في تأصيل وتفريع ونشر مذهب أئمتهِ في قلوب أهل الولاية الذين وثقوا بفضله ونبله، وما زالت إمامة هذا الشيخ الجليل راسخة بين أبناء هذا المذهب الشريف لما له من عظيم الفضل عليهم وعلى آبائهم الأقدمين.

فالشيخ عند تلاميذه وتابعيه من العلماء الروحيين العلويين، في قمّة الوثاقة والطهارة، وهو الذي يوثّق الرجال وليس العكس،
فَطَعْنُ الغضائري والنجاشي وغيرهما لا يشكل أي قيمة عندهم، ولا يضعفه بل العكس هو الصحيح،
فمن طعن به فهو ضعيف، ومن أثنى عليه فهو ثقة،
وهذا هو الميزان الصحيح في علم الرجال عندنا.



فالخصيبي (ق) في المنظور الإسلامي العلوي يُعَد من حيث الوثاقة وصحة المذهب وحسن المعتقد في الرعيل الأول، والصف الأكمل فلا يُشقّ له غبار، ولا يُسبق بمضمار، قد فاق أقرانه بعلمه وبيانه، وفقهه وعرفانه، وإن إمامته الروحية ومرجعيته الدينية هي امتداد للبابية، وكذلك فان البابية هي امتداد للامامة(1)
فالمسلمون العلويّون يَرَون أن البابية الناطقة والوكالة الحقة الصادقة هي للثقة الأجل السيد أبي شعيب محمد بن نصير النميري الذي تفانى في نصرة المذهب الإمامي، وتحمل الكثير من المحن والطّعن من قبل حاسديه ومبغضيه لصرفه عـن منصبه(2)، وقد تخرج على يديه ثلة من الفقهاء والعلماء(3) والمحدثين والحكماء ومن جملتهم السيد الجنان (ق) معاصر الإمامين العسكريين الذي انتقلت المرجعية إليه بعد وفاته سنة 270هـ ومن ثم انتقلت إلى الشيخ الخصيبي سنة 287هـ ومن ثم انتقلت إلى تلميذه الأمين والثقة الفطين أبو الحسين محمد بن علي الجلي الذي قضى معظم أيامه في حلب الحمدانية وهو بالأصل من أنطاكية من قرية تدعى الجلية (نسب اليها واشتهر بها) وهو الذي قال فيه الشاعر العلوي الفقيه منصور بن عذيبة المعروف بالخبّاز الصوري رحمه الله:

لله جلي الزمـان جليـلنــــــــــا === ما زال في كل العلوم جليــلا
ما زال في حلب ونشر علومها === حتى تحوّل علمها تحويلا.(4)

 

وخلاصة القول

فإن الشيخ الخصيبي عند العلويين في منتهى الوثاقة، ويأتي في تصنيفهم بعد الأئمة المعصومين وخواص أصحابهم الصادقين.



---------------------------------------------------------------------------------------
(1) الإمامة أصل من أصول الدين عند المسلمين العلويين وهي إمتداد للنبوة وكمال لها لقوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا . وهذه الآية المحكمة نزلت بعد أن بلغ الرسول الأكرم (ص) ولاية أمير المؤمنين لكافة المسلمين.
وكذلك الأمر فإن البابية هي امتداد للإمامة وهنا وقع الإختلاف بين بعض الفرق الإمامية بحيث أن كل فرقة اتخذت لنفسها باباً ترجع إليه وذلك بحسب مصادرها المعتبرة والموثقة عندها.

(2) أوضح الشيخ الخصيبي في عدة مواضع من هدايته بأن السيد أبا شعيب هو الباب الشرعي للإمام العسكري (ع) ويبدو ذلك ماثلاً بوضوح في حديث المفضل بن عمر (رض) وغيره من الأحاديث التي رواها الشيخ (ق) عن رجاله الثقات، وان هذا الرأي الذي أقره شيخنا وأكده مراراً يندرج في مبحث الإمامة عند أعلام العلويين، وكل كلام يتناقض معه نعيده إلى أصحابه مع إحترامنا لهم جميعاً.
فقناعاتنا تنبعث من ثقتنا برجالنا، وثقتنا بهم تبنى على قواعد متينة ينتج عنها تشخيص دقيق للرجال من حيث الوثاقة وعدمها.

(3) أمثال فادويه الكردي، ومحمد بن جندب، ومحمد بن عمر الكناسي، وأحمد بن محمد بن فرات الكاتب، وعلي بن أم الرقاد، وأحمد بن الخصيب عم الشيخ الخصيبي، ووالده حمدان الخصيبي وغيرهم من الأمناء الرواة.

(4) ذكرنا فيما مضى عن ابن العديم بأن أكثر أهل حلب كانوا على مذهب السنة وبعد هجوم الروم عليها وقتل أكثر أهلها سنة 351هـ نقل إليها سيف الدولة جماعة من شيعة حران وكان سيف الدولة نفسه يتشيع بالإضافة إلى ذلك فقد كان للشيخ الجلّي تأثيراً كبيراً في هذا المجال كما صرح بذلك ابن عذيبة (الخباز الصوري) شعراً.

 

 

عقيدته


لم نكن مضطرين للحديث عن عقيدة الشيخ وذلك لإشتهارها، ووضوح آثارها، وصحّة أخبارها، ولكن الذين في قلوبهم مرض أبوا إلا أن يطعنوا بها ويشككوا بصحتها ويشوهوا صورتها، وما ذلك في تصوري وتصديقي إلا لمرضٍ مزمن ألمَّ بهم فعكس مزاجهم، وأظلمت نفوسهم فأبت الشفاء من داء التعصب المقيت، ورفضت أن تستنير بنور العقل وضيائه وتأخذ بالدليل وندائه.

فعقيدة الشيخ الأجل (ق) إسلامية في أصولها، علوية بولائها، إمامية بصفائها، إثنى عشرية بنقائها، جعفرية بفروعها، تستقر بوضوح في مقدّمة كتابه وصريح خطابه، حيث يقول معلناً كنه الأصول بالدليل المنقول والمعقول:

 

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله مبدىء الحمد وباريه، ومقدره وقاضيه، والآمر به وراضيه، جزاء من عباده عن نعمه، والمستوفي لهم جزيل قسمه، والمزحزح عنهم حلول نقمه، الفارض له عليهم، الحاتم فيما أنزله إليهم، المستحق على هدايته لهم حمده على نعمه، إذ كان حمدهم له على نعمه نعمة أنعمها منه عليهم، الذي لم تدرج نوره الدياجي، ولم تحط بقدرته الأماكن ولم تستقل بذات كبريائه المعادن، ولم تستقر لجلال ملكوته المواطن.

الأول لا أول مكيف، والآخر لا آخر مستحدث، الدائم في أزليته، الباقي في ربوبيته، الشاهد على خليقته، فاطر المخلوقين بحسن تدبير الحكمة، ومكونها أجساماً وأشخاصاً، وأشباحاً وأرواحاً، وصوراً مختلفة وغير مختلفة، ومتشابهة وغير متشابهة.

الذي لم تكله قدرته فيما خلق إلى ظهير، ولم تدعه مبهرات عجائب ما فتق ورتق إلى مستعين به في أمره ومشير، المظهر فيما ذرأه وبرأه مما شوهد بعيان، واستدل عليه ببرهان، بدائع تحسر عقول المخلوقين عن بلوغ تحديدها، المستشهد عند ذوي العلم والعقول، خلق ألسنتهم وأنفسهم وألوانهم ولم يحيطوا به علما، ولم يبلغوه فهما، إذ لا صانع لهم دونه، ولا مركب لهم في تأليف غيره، ولا متقن في تصنيف غيره.

أحسن كل شيء خلقه، الذي لم يعذب عنه علم في ديجور طبقات السموات، ولا في دياجي ظلمات الأرضين المدحيات، ولا في قعر البحور الزاخرات، ولا كائن من المخلوقين إلا أحاط به قوةً وعلماً واقتداراً وسلطانا.

الذي لم يفته متعزز بفناء وإكثار، ولا ذو بطش جبار، متقلباً في كبريائه ولا متقلب في ليل ولا في نهار، ولا بغرور، ممتنع ببهاء وأوطار، ولا يحتوي بمدى عمر ذي أقطار فيدركه طلب بمستعان، بل أشفى بطوله بريته، وشمل بحوله خليقته، وسعت كل شيء رحمته لطفاً وامتنانا، فهو في أزل قديم أزليته غير مشهود، وفي كمال كليته غير محدود، ولا مدرك بلحاظ عيون الناظرين، ولا بحواس خواطر عقول العارفين موجود، ولا مقربهم عن بلوغ ذلك منفردا، بل هو في ظواهر حكم صنعته ومراضي قضاء قدرته، ونفوذ سلطان عزه، وتفرده بالصمدية معروف غير مجحود، وهو في حال فقر عباده إليه اعتماد، ما خولهم إياه، ولا يتعاظم وإن كبر عند المرزوقين، ولا ينقصه عطاؤه إياهم لأنه ليس بمحدود من خزائنه، ولا يغيظه تمرد المتمردين عليه، وإن استكبروا عن أداء الشكر له على ذلك في حال طاعتهم ومعصيتهم إياه فهو على كل حال محمود.
وكيف لا يكون ذلك، وزمام كل شيء في قبضته؟ وقضاء قدرته؟ يحكم فيه ولا يحُكم عليه، والأشياء خاشعة له، وهو على كل شيء قدير.
وهو الله الذي نشهد أن لا اله الا هو، وحده لا شريك له في ملكه، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدّين كله ولو كره المشركون.

اللهم أنزل زاكيات صلواتك، ومكرمات بركاتك، وتحنّن رأفتك، وواسع رحمتك، وطيّبات تحياتك وفوز جناتك على محمد عبدك ورسولك ونبيك، وصفوتك وخيرتك من خلقك، وعلى علي أخيه أمير المؤمنين ونور العارفين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وأفضل الوصيين، والأئمة الراشدين وعلى الحسن الزكي في الزاكين، وعلى الحسين الشهيد الصابر في المحنة طهر الطاهرين، وعلى علي سيد العابدين، وعلى محمد باقر علم الأولين والآخرين، وعلى جعفر الصادق في الناطقين، وعلى موسى نورك الكاظم في الكاظمين، وعلى علي الرضا في المؤمنين، وعلى محمد المختار في صفوتك المختارين، وعلى علي الهادي في الهادين، وعلى الحسن المنتجب المستودع سرك في المستودعين.

اللهم أصلح بإصلاحك الكامل المبلغ ما بلغته المؤمنين من عبادك، عبدك الزكي الذي استخلصته لنفسك، وخليفتك الذي استخلفته في خلقك، وأمينك الذي ائتمنته على مكنون علمك، وحجتك التي اتخذتها على أهل سماواتك وأرضك، وعينك الناظرة التي حرست بها نعمك عند أوليائك، ويدك التي تقبض بها وتبسط أمرك ونهيك، ولسانك الناطق المبين برحمة كنه غيبك ووحيك، ووجهك الدّال عليك في وحدانيتك، وصراط دينك المستقيم وسبيل رشادك المفهوم، ومنهج هدايتك المعلوم، الصادق الناطق، الفاتق الراتق، الآمر بطاعتك، الناهي عن معصيتك، المرجي لثوابك، المحذر من عذابك، حجتك وابن حجتك، وصفوتك وابن صفوتك، وخيرتك وابن خيرتك، وأنيسك من خلقك ووصيك وسمي جده رسول الله الإمام الهادي حجتك يا رب العالمين، الذي خلقته نوراً للمؤمنين وقدوةً للمقتدين، وملاذاً للائذين، وكهفاً للاجئين، وأماناً لعبادك المرعوبين، ناصر المضطرين، ومدرك وتر المغلوبين، والآخذ بحق المغصوبين، مجلي الروعات، وكاشف الكربات، ومزحزح الضلالات، ومزهق المعطلات، ومشفي الخواطر المضنيات، ومزيل الفكر المخربات، وفاتح القلوب المقفلات، ومبصر العيون المسمَلات، ومسمع الآذان الصّمَّات، ومحق الكلمات التامات، الفتح الأكبر، والنصر الأظفر، والأمل المنتظر، منتهى رغبة الراغبين، وغاية منية الطالبين، وأحمد عواقب الصابرين، وحبيب قلوب المؤمنين، وفرجاً لعبادك المختارين، ورحمةً منك لهم يا رب السموات والأرضين.

اللهم أنجز له كل وعدك، وحقق فيه موعدك، واستخلفه في أرضك، كما وعدتنا به.

اللهم أورثه مشارق الأرض ومغاربها التي باركت فيها، ومكّن له دينك الذي ارتضيته له، وثبّت بنيانه، وعظّم شأنه، وأوضح برهانه، وعلِّ درجته، وأفلج حجته، وشرّف مقامه، وامض رأيه، واجمع شمله، وانصر جيوشه وسراياه ومرابطيه، وأنصاره وأشياعه، وأتباعه وأعوانه، وحزبه وجنوده وأحبّاءَه وخيرته وأولياءَه وأهل طاعته.

اللهم انصرهم نصراً عزيزا، وافتح لهم فتحاً مبينا، واجعل له من لدنك على عدوك وعدوه سلطاناً نصيرا، اللهم وامدده بنصرك وبملائكتك وبالمؤمنين واجعلنا له حواريين، ننصره حتى نعززه ونقره ونؤمن به ونصدقه ونعزه ونعز به.

اللهم فاكشف عنّا به العمى، واذهب به عنا الضر، واهدنا به سبيل الراشدين، وتول نصر دينك على يد وليك، واجعلنا ممن جاهد في سبيلك، وطهر الارض بإظهاره من القوم الظالمين حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لك يا رب العالمين.

اللهم أظهره وأعزَّ بإظهاره وإظهارك له أولياءك وزد في أعمارهم، وأَيِّده وأيّد به وأعلنه ولا تخفيه، وامحق قبل اظهارك له أعداءك وأعزَّ أولياءك، وزد في أعمارهم وطوّل في آجالهم، وتمّم أيامنا ولا تقصّر مددنا، وتمتنا بحسرة من لقاء سيدنا حتى ترينا وجهه، وتشهدنا شخصه، وأسمعنا كلمته، وتنجينا في أيامه، وترزقنا في نصرته في أعمالنا ونيّاتنا وقلوبنا، وشرّفنا في دولته الزاكية المباركة الطاهرة المرضية فإنما نحن أولياؤك يا رب العالمين.

اللهم وانزل اللعنة الكافية، المغضبة المردية، المخزية المخسرة المدمرة على أعدائك وأعداء ملائكتك وأنبيائك ورسلك وأصفيائك وأوليائك المخلصين، من الظالمين الأولين والآخرين، وعلى أشياعهم وأتباعهم وأحبائهم وحزبهم وجندهم ورعيتهم، ومن تابعهم بقلبه وعمله، ومن أحمد لهم رأياً وأمرا، ورضي لهم فعلاً واستطال لهم رأيا، وقال فيهم خيراً، ودفع عنهم شرا، وزدهم عذاباً ضعفا في النار، والعنهم كثيرا، واصلهم سعيرا، ولقِّهِم ثبورا، وتبِّرهم فيها تَتبيرا، ولا تذر منهم كبيراً ولا صغيرا، وأدخلهم في العذاب، ولا تخفف عنهم يوماً منه، وخلدهم في الدرك الأسفل من النار وعذبهم عذاباً لا تعذب به أحدا من العالمين، وطهر الأرض منهم أجمعين، ومن بدعهم وخلافهم وجحدهم وجورهم وظلمهم وغضبهم وغِشّهم وآثامهم وأوزارهم ومكرهم وخداعهم وسيئاتهم، واجعل الأرض منهم جميعا قاعاً صفصفا، لا نرى فيها عوجاً ولا أمتا.
واجعلنا ممن برىء إليك من أعمالهم والتباسهم وجرائرهم، وثبّتنا على ما إليه هَدَيتنا من موالاة أوليائك وعداوة أعدائك، واجعلنا من الموفين بعهدك وعقدك وميثاقك الذي ألهمتنا لسعادتنا، ولا تضلّنا بعد إذ هديتنا، وزدنا بصيرةً وإيمانا، ويقيناً ورضى وتسليما، ولا ترنا من حيث نهيتنا ولا تفقدنا من حيث أمرتنا أبدا ما أبقيتنا، بطولِكَ ومَنِّكَ يا أرحم الراحمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو حسبنا ومرجانا، وعليه توكلنا.(1)

هذه هي عقيدة الشيخ (ق) التي كان يعتقدها بيقين ثابت وإيمان خالص من كل ريب، ويتقرب إلى الله جل وعلا بها

 

القائمة

 

على تقديس الخالق، وتوحيده توحيداً عارياً من كل تشبيه وتعطيل ومنزّهاً عن الشريك والعديل، والنظير والمثيل، وخالصاً من كل ما لا يليق بذاته العظمى وصفاته العليا.

 

القائمة

 

على الإقرار بنبوة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، والقول بعصمته، والاعتراف بمعجزاته، والتصديق بكل ما أنزل إليه من ربه.

 

القائمة

 

على التفاني بإخلاص الولاية لأمير المؤمنين وأبنائه المعصومين، والقول بعصمتهم، والإعتراف برجعتهم، وانتظار قائمهم، وتصديق معاجزهم، والإقتداء بنهجهم، والإهتداء بهديهم، والإقتباس من علومهم، والتّأدّب بآدابهم، والتخلّق بأخلاقهم، والأخذ بكل ما جاء عنهم، والتقرّب إلى الله بولائهم، والتّبرّي من أعدائهم.



ومن أراد المزيد فليقرأ الهداية ليستزيد.

--------------------------
(1) الهداية الكبرى /المقدمة.

 

وفاته


توفي الشيخ الجليل السيد أبي عبدالله في حلب الحمدانية يوم الأربعاء لأربعة ليال خلون من ذي القعدة سنة 346هـ
وحضر وفاته ولده الميمون إبراهيم بن الحسين المعروف بأبي الهيثم السري، وابنته سرية، ونخبة من أجلَّة تلامذته الكرام وهم أبو الحسين محمد بن علي الجلّي، ومحمد بن قيس البديعي، وأبو الحسين علي بن محمد البشري، وأبو محمد الحسن بن محمد الأعزازي، وأبو الحسن علي بن عيسى الجسري، وأبو منصور.
وقد صلّى عليه الأمير سيف الدولة الحمداني، ودفن في مشهد الدكة بالجانب الغربي من بر حلب (ق).

 

 

الرجال الذين روى عنهم



روى شيخنا الأجلّ أحاديثه المعتبرة وأخباره المشتهرة عن مجموعة كبيرة من الرواة الصادقين، والثقات الميامين، والأمناء الناطقين الذين عاصروا الإمامين العسكريين (1) عليهما السلام، وقد تشرّف بعضهم برؤية الإمام الحجّة عجّل الله فرج المؤمنين بظهوره.
فروايات هؤلاء الشيوخ كانت مشافهة عنهما، وقد رواها علماء الحديث في موسوعاتهم المعتمدة.
فالشيخ الخصيبي (ق) لم يكن يروي إلا عن الثقات الأمناء الصادقين بولائهم لأهل العصمة، والناهلين علومهم من ينابيع الحكمة.
وفي هذا الفصل، نثبت أسماء بعضهم على ترتيب الحروف، وبعض ما قيل فيهم في كتب الرجال، مع ذكر موضع إسناد الشيخ عنهم:

1 –
إبراهيم بن الخصيب:
كان من المرابطين للإمامين عليهما السلام في العسـكر، وقـد تشـرّف بصحبتهما، وروى عنهما الأخبار الصحيحة والأحاديث المليحة من دون واسطة.
روى عنه الشيخ (ق) في باب الرسول (ص)، وباب الإمام محمد بن الحسن الحجة (ع).


2 –
أبو علي، أحمد بن إسحق الأشعري :
قال عنه المجلسي في وجيزته: ثقة إمامي، وعده الشيخ الطوسي من أصحاب الأئمة محمد الجواد (ع)، علي الهادي (ع)، الحسن العسكري (ع)، وقد تشرّف برؤية الإمام الحجة (ع)، وكان شيخ القميين ووافدهم (2)، ومن الوكلاء والسفراء كما ثبت. وله مؤلفات عديدة في علل الصلاة.
روى عنه الشيخ في باب الرسول (ص) وباب الإمام محمد بن الحسن الحجة (ع).


3 –
أحمد بن اسماعيل:
روى عنه في باب الإمام الحجة القائم (ع).


4 –
أحمد بن جعفر الطوسي:
روى عنه في باب الإمام الحجة القائم (ع)).


5 –
أحمد بن حسّان: وفي نسخة ( حميد بن حيان) ):
روى عنه في باب الإمام الحجة القائم (ع). )


6 –
أحمد بن حيّان العجلي:
روى عنه في باب الإمام الحجة القائم (ع)).


7 -
أحمد بن داوود بن علي القمّي:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع)، والإمام الحسن العسكري(ع) ، والإمام محمد بن الحسن الحجة (ع)).
قال عنه المجلسي في وجيزته: ثقة إمامي.
وفي جامع الرواة للأردبيلي نقلاً عن الفهرست والخلاصة أنه كان ثقة كثير الحديث، وقال عنه النجاشي: ثقة ثقة، وقد أورد صاحب الفهرست أن له كتاب ( النوادر ) كثير الفوائد.( )3)


8 –
أحمد بن سعد الكوفي:
روى عنه الشيخ في باب الإمام علي الهادي (ع)، وهو ممن شاهده وسأله عن الحجّة من بعده، وشاهد منه كرامات عدة، وكان من أصحابه.


9 –
أحمد بن سندولا:
روى عنه في بابي الإمامين الحسن العسكري (ع) والقائم الحجّة (ع)).


10 –
أحمد بن أبي عبد الله البرقي: (وفي نسخة: أحمد بن عبد الله البرقي):
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع). )


11 –
أحمد بن عبد الله بن مهران الأنباري: ( وفي نسخة: الأنصاري ):
روى عنه في باب الإمام المهدي (ع)).
قال عنه المجلسي: ثقة إمامي.
وفي جامع الرواة نقلاً عن الفهرست والخلاصة، أنه من الأصحاب الثقات. صنّف كتاب التأديب، وهو كتاب يوم وليلة. وزاد النجاشي بقوله: حسن جيّد صحيح.


12 –
أحمد بن عبد الله بن صالح:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع)، والإمام الحسين الشهيد (ع) والإمام الحسن العسكري (ع)، والإمام محمد بن الحسن الحجّة (ع)).


13 –
أبو الحسن أحمد بن عثمان العمري:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع)).


14 –
أحمد بن مالك القمي:
روى عنه في باب الإمام علي الهادي (ع)، والإمام الحجّة المهدي (ع)).


15 –
أبو علي أحمد بن محمد بن عمار الكوفي:
روى عنه في باب الإمام علي الرضا (ع). )
قال عنه المجلسي: ثقة إمامي.
وقال الأردبيلي في جامعه: شيخ من أصحابنا ثقة جليل القدر كثير الحديث والأصول، توفي سنة ست وأربعين وثلثمائة، وفي الفهرست والخلاصة: ثقة جليل القدر من أصحابنا، وقال عنه النجاشي: ثقة. روى عنه ابن داوود، وروى عنه التلعكبري.


16 –
أحمد بن محمد بن عيسى بن بصير:
روى عنه في باب الإمام المهدي (ع). )
كان من أصحاب الإمام علي الرضا (ع)، وقد سأله عن الخلف من بعده.


17 –
أحمد بن محمد الخصيبي:
روى عنه في باب الإمام المهدي (ع)).
عدّه الشيخ الطوسي والبرقي من أصحاب الإمام الحسن العسكري (ع)، وقال الأردبيلي في جامعه أنه من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام.


18 –
أحمد بن محمد النيسابوري:
روى عنه في باب الإمام الحجة (ع)).


19 –
أحمد بن محمد الحجّال: ( أو الحجلي) ).
روى عنه في باب الرسول (ص)، وباب أمير المؤمنين (ع) والإمام الهادي (ع)، والإمام الحجّة المهدي (ع).


20 –
أحمد بن محمد بن أبي قرنة:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع)).


21 –
أحمد بن المنذر:
روى عنه في باب الإمام الحسن العسكري (ع)).


22 –
أحمد بن مهران:
روى عنه في باب الإمام الحجّة (ع)).
عدّه الرجال من أساتذة الكليني صاحب الكافي، وقد ضعفه الغضائري الذي لا يعتني بتضعيفه وتجريحه، وأكد الأردبيلي في جامعه أن الكليني أنبأ عن حسن حاله.


23 –
أحمد بن محمد الصيرفي: ( المعروف بإبن الدلال) ):
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع) وباب الإمام الحجّة المهدي (ع). )


24 –
إسحاق بن إسماعيل النيسابوري:
روى عنه في باب الإمام المهدي (ع). )
عده المجلسي من أصحاب الإمام الجواد (ع)، وقال عنه في الوجيزة: ثقة إمامي.
عدّه الطوسي والبرقي من أصحاب الإمام العسكري (ع)، وقد بعث إليه رسالة رواها الكشي.


25 –
جعفر بن إبراهيم بن نوح:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع). )
عدّه الطوسي والبرقي من أصحاب الإمام العسكري (ع).


26 –
جعفر بن أحمد القصير البصري:
روى عنه في باب الرسول الأكرم (ص))، وباب الإمام الحسن المجتبى (ع)، والإمام علي الرضا (ع)، والإمام الحسن العسكري (ع)، والإمام الحجّة القائم (ع)).
كان من جلساء الإمام الحسن العسكري (ع)، ومن المحدثين بفضائله ومناقبه.


27 –
جعفر بن محمد الرامهرمزي:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع). )
شاهد الإمام الحسن العسكري (ع) ورأى منه برهاناً.


28 –
جعفر بن محمد بن إسماعيل الحسيني:
روى عنه في باب الإمام الحسن العسكري (ع)، والإمام الحجّة المهدي (ع)).
وكان من خواص أصحاب الإمام الحسن (ع) والمقربين منه.


29 –
جعفر بن المفضل المخلول:
روى عنه في باب أمير المؤمنين علي (ع)).


30 –
جعفر بن يزيد القزويني:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع)).


31 –
الحسن بن إبراهيم:
روى عنه في باب الإمام الرضا (ع) ، والإمام الحسن العسكري (ع)، والإمام الحجّة (ع)).
كان يحضر مجلس الإمام العسكري (ع) ، ويروي عنه بلا واسطة .


32 –
أبو الحسين، الحسن بن جعفر العلوي الفراتي:
روى عنه في باب الإمام جعفر الصادق (ع)، والإمام محمد بن الحسن الحجّة (ع)).
قال فيه المجلسي: ثقة إمامي.


33 –
الحسن بن علي الكوفي:
روى عنه في باب الرسول (ص)، وباب أمير المؤمنين (ع)، والإمام الحسن المجتبى (ع)، والإمام محمد بن الحسن الحجّة (ع)).
قال عنه المجلسي: ثقة إمامي.


34 –
الحسن بن علي البلحي:
روى عنه في باب الرسول (ص)، وباب الإمام محمد بن الحسن الحجّة (ع). )


35 –
الحسن بن عيسى:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي(ع)


36-
الحسن بن مالك القمي:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع)).
نقل الأردبيلي عن الخلاصة أنه من أصحاب أبي الحسن الثالث (ع)ثقة.


37 –
الحسن بن محمد بن جمهور القمي:
روى عنه في باب الرسول الأكرم (ص)، وباب الإمام الحسين الشهيد (ع)، والإمام محمد الجواد (ع)، والإمام المهدي المنتظر (ع) ).
قال عنه المجلسي: ثقة إمامي.
وعن إبن النديم في الفهرست قال: يعدّ في خاصة أصحاب الإمام الرضا (ع)، وله من الكتب: الواحدة في الأخبار، المناقب والمثالب 8 أجزاء.


38 –
الحسن بن محمد بن مسعود بن سعد:
روى عنه في باب الإمام الحسن العسكري ،(ع)) والإمام محمد بن الحسن الحجّة (ع) ).
كان من جلساء الإمام العسكري (ع) وأصحابه، ورواة فضائله.


39 –
الحسين بن داود السعدي:
روى عنه في باب الإمام محمد الجواد (ع)).


40 –
أبو العباس، الحسين بن عتاب بن يونس: وفي نسخة (الحسين بن عثمان):
روى عنه في باب الإمام محمد الجواد (ع)، والإمام علي الهادي (ع)، والإمام الحجّة المنتظر (ع).

41 –
الحسين بن علي الصائغ:
روى عنه في باب الإمام الحسين الشهيد (ع).


42 –
الحسين بن غياث:
روى عنه في باب الإمام محمد بن الحسن الحجّة (ع).
وذكر أنه ممن ذهب الى سرّ من رأى لتهنئة الإمام الحسن (ع) بولادة خلفه المهدي (ع).


43 –
والده، أبو الحسين حمدان بن الخصيب بن أحمد الجنبلاني:
روى عنه في باب الرسول (ص)، وباب أمير المؤمنين (ع).
كان ممن شاهد الإمامين العسكريين عليهما السلام، وروى عنهما بلا واسطة، وكان من المرابطين أيضاً بالعسكر لأبي الحسن الهادي، وأبي محمد العسكري عليهما السلام.
قال عنه المجلسي في الوجيزة: أبو الحسين الخصيبـي ثقة.


44 –
حمزة بن نصر:
روى عنه في باب الإمام الحجّة (ع).
وروى عنه الطوسي في كتاب الغيبة خبر ولادة الإمام المهدي (ع)، وهو غلام الإمام علي الهادي (ع).


45 –
داود بن عامر الأشعري القمي:
روى عنه في باب الإمام الحجّة القائم (ع).
عدّه الطوسي والبرقي من أصحاب الإمام الحسن العسكري (ع).


46 -
الريان مولى الرضا:
روى عنه في باب الإمام الحجّة القائم (ع).
قيل أنه الريان بن شبيب خال المعتصم، سكن قم، وروى عنه أهلها، وجمع مسائل الصباح بن نصر الهندي للرضا (ع).
قال عنه المجلسي في وجيزته: ثقة، وكذلك وثقه النجاشي.
وقيل أنه الريان بن الصلت البغدادي القمي وهو ثقة أيضاً كما ذكر النجاشي وقد روى عن الإمام الرضا (ع)، وكان ثقة صدوقاً. كما روى الأردبيلي عن صاحب الخلاصة، وذكر النجاشي أن له كتاباً جمع فيه كلام الرضا (ع) في الفرق بين الآل والأمة.


47 –
أبو سعيد، سهل بن زياد الآدمي:
روى عنه في باب الإمام الحسن (ع).
عدّه الطوسي من أصحاب الإمام علي الهادي، والإمام الحسن العسكري عليهما السلام.
وهو أستاذ الكليني.


48 –
صالح بن محمد الهمداني:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع).
عدّه المجلسي من أصحاب الإمام محمد الجواد (ع)، وقال عنه في الوجيزة: ثقة إمامي.


49 –
طالب بن حاتم بن طالب:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع)، وذكر أنه ذهب مع جماعة من أصحاب الإمام العسكري (ع) وكان عددهم ينوف عن السبعين لتهنئته بمولد الإمام الحجّة (ع)، والذي يبدو من سياق الحديث أنه كان من خواص شيعة الإمام العسكري (ع).


50 –
العباس اللبان الشيباني: وفي نسخة ( العباس اللباق ).
روى عنه في باب الإمام الحسن العسكري، والإمام الحجّة المهدي عليهما السلام.
كان ممن شاهد الإمام الحسن العسكري (ع) وروى عنه فضائلاً رأها.

51 –
عبد الله بن جرير النخعي :
روى عنه في باب الرسول (ص).


52 –
أبو العباس، عبد الله بن جعفر الحميري:
روى عنه في باب الإمام علي الهادي، والإمام محمد بن الحسن الحجّة عليهما السلام، ونقل السيد محمد القزويني في كتابه عن ثقاته أنه كان من أصحاب الإمام علي الهادي والإمام الحسن العسكري عليهما السلام.
له مؤلفات عديدة أشهرها: قرب الإسناد.
روى عنه أصحاب المراجع الأربعة، والمجلسي وغيرهم. وهو من شيوخ الكليني.


53 –
عبد الله بن زيد الطبرستاني:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع).


54 –
عبد الله بن عبد الباري:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع).


55 –
عبد الله بن محمد:
روى عنه في باب الإمام الحجّة القائم (ع).


56 –
عبد الحميد بن محمد:
روى عنه في باب الإمام الحجة المهدي (ع).
كان من أصحاب الإمام الحسن العسكري (ع).


57 –
عسكر مولى أبي جعفر التاسع:
روى عنه في باب الإمام الحسن العسكري، والإمام الحجّة عليهما السلام.


58 –
علي بن أحمد الصائغ:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع).


59 –
أبو الطيّب، علي بن أحمد الطيب الصابوني:
روى عنه في باب الإمام علي زين العابدين، والإمام محمد بن الحسن الحجّة عليهما السلام.


60 –
أبو الحسن، علي بن بشر:
روى عنه في باب الإمام محمد الجواد، والإمام الحجّة المهدي عليهما السلام.


61 –
أبو الحسن، علي بن بلال البغدادي:
روى عنه في باب الإمام الحجّة القائم (ع).
عدّه الطوسي من أصحاب الإمام محمد الجواد، والإمام علي الهادي، والإمام الحسن العسكري عليهم السلام. قال عنه المجلسي في الوجيزة: ثقة إمامي.
وقال عنه الأردبيلي في جامعه: أنه من أصحاب أبي جعفر الثاني ثقة بغدادي، انتقل الى واسط، روى عن أبي الحسن الثالث (ع)، له كتاب عنه.


62 –
علي بن الحسين الكوفي:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع).


63 –
علي بن صالح:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع).


64 –
أبو الحسن، علي بن عاصم الكوفي:
روى عنه في باب الإمام جعفر الصادق، والإمام الحسن العسكري، والإمام الحجّة المهدي عليهم السلام.
كان شيخ الشيعة في وقته، روى عن الإمام محمد الجواد (ع)، وعاش إلى زمان الغيبة، ووثقه صاحب البحار.


65 –
أبو محمد، علي بن عبيد الله الحسني:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع)، وكان له شرف الخدمة عند الإمام الحسن العسكري (ع)، وهو من خواص أصحابه.


66 –
علي بن ياسين:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع).


67 –
أبو محمد، عيسى بن مهدي الجوهري:
روى عنه في باب الإمام الحسن العسكري، والإمام المهدي عليهما السلام.
كان من جلساء الإمام الحسن العسكري (ع)، ومن خواص أصحابه، وقد سأله عن وقت ولادة الحجّة القائم خلفه، وحين ولادته ( ولد الإمام الحجّة عجّل الله فرج المؤمنين بظهوره قبل طلوع الفجر يوم الجمعة، لثمان ليال خلت من شهر شعبان سنة سبعة وخمسين ومائتين كما في رواية الخصيبي (ق). ) هنّأه مع جملة من خواص شيعته.


68 –
غيلان الكلابي:
روى عنه في باب الإمام محمد الحجّة (ع).
كان من جلساء الإمام الحسن العسكري (ع)، ومن الراوين عنه.


69 –
محمد بن ابراهيم الخيّاط:
روى عنه في باب الإمام جعفر الصادق (ع)، والإمام محمد الجواد (ع).


70 –
محمد بن ابان:
روى عنه في باب الرسول الأكرم (ص)، وباب الإمام محمد الجواد (ع). وفي جامع الرجال للزنجاني قال: ووقع في بعض طرق المرتضى فقال بعد إسمه (رفع الله درجته)، وهو يروي عن أبي محمد (ع)، وحديثه مشعر بحسن عقيدته.


71 –
محمد بن ابراهيم الكوفي:
روى عنه في باب الإمام علي الهادي (ع). هو الذي بعث إليه الإمام الحسن (ع)، شاة مذبوحة عقيقة عن الإمام المهدي حينما ولد كما روى الصدوق في كتابه إكمال الدين ج/2 .


72 –
محمد بن أبي الصهبان: وإسم أبيه عبد الجبار:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع).
له عدة روايات، وعدّه الطوسي من أصحاب الإمام محمد الجواد، والإمام علي الهادي، والإمام الحسن العسكري عليهم السلام ، وقال فيه: قمي ثقة.
قال عنه المجلسي في وجيزته: ثقة إمامي.


73 –
محمد بن أحمد بن مطهر البغدادي:
روى عنه في باب الإمام الحجّة القائم المهدي (ع).
عدّه الطوسي من أصحاب الإمام العسكري (ع)، وله روايات عدة عنه روى أكثرها الكليني.


74 –
أبو جعفر، محمد بن اسماعيل الحسيني:
روى عنه في باب الرسول الأكرم (ص)، وباب الإمام محمد الجواد، وباب الإمام الحجّة المهدي عليهم السلام.
وقال الأردبيلي في جامعه نقلاً عن فهرست منتجب الدين الرازي أنه فقيه فاضل ثقة.


75 –
محمد بن جابر بن عبد الله بن خالد الخزاعي:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع).


76 –
أبو بكر محمد بن جبلة التمار:
روى عنه في باب الرسول الأكرم (ص)، وباب أمير المؤمنين (ع).


77 –
أبو جعفر، محمد بن جرير الطبري الأملي:
روى عنه في باب الإمام موسى الكاظم(ع) .
قال عنه المجلسي في الوجيزة: ثقة إمامي.
وقال عنه النجاشي: أبو جعفر جليل من أصحابنا، كثير العلم حسن الكلام، ثقة في الحديث.
وقال عنه صاحب الفهرست: أبو جعفر، ديّن فاضل، وليس هو صاحب التاريخ.
له كتاب دلائل الإمامة وكتاب المسترشد في الإمامة.


78 –
محمد بن الجليل:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع).
كان من جلساء الإمام علي الهادي (ع) وخواص شيعته.


79 –
محمد بن الحسن بن عبد الحميد القطاني:
روى عنه في باب الإمام علي الهادي، والإمام الحجّة المهدي عليهما السلام.


80 –
محمد بن خالد:
روى عنه في باب الإمام جعفر الصادق (ع).


81 –
أبو بكر، محمد بن خلف الرازي:
روى عنه في باب الإمام محمد الحجّة (ع).
قال عنه النجاشي: متكلّم جليل من أصحابنا، له كتاب في الإمامة.
قال عنه المجلسي في الوجيزة: جليل إمامي.


82 –
محمد بن زيد:
روى عنه في باب الإمام جعفر الصادق (ع).


83 –
محمد بن عبد الرحمن الطريقي:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع).


84 –
محمد بن عبد الله الطلحي:
روى عنه في باب الإمام الحسن العسكري (ع).
وذكر الشيخ الخصيبي أنه كان يجمع الخمس والنذور من بلاد قم ليؤديها إلى الإمام الحسن العسكري (ع).


85 –
محمد بن عبد الحميد البزاز:
روى عنه في باب الإمام المهدي (ع).


86 –
محمد بن عبد الله اليقطيني البغدادي:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع) .


87 –
محمد بن عبد الله الشاشي:
روى عنه في باب الإمام علي زين العابدين، والإمام محمد بن الحسن عليهما السلام.


88 –
محمد بن علي بن عبيد الله الحسني:
روى عنه في باب الإمام الحجّة القائم (ع).


89 –
محمد بن علي البشري: وقيل الميسري:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع).


90 –
محمد بن علي الرازي:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع).


91 –
محمد بن عمير:
روى عنه في باب الإمام محمد الباقر (ع).


92 –
محمد بن غالب:
روى عنه في باب الإمام جعفر الصادق (ع).


93 –
محمد بن القاسم العطّار:
روى عنه في باب الإمام جعفر الصادق (ع).


94 –
محمد بن منير القمي:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع).


95 –
محمد بن موسى القمي:
روى عنه في باب الإمام علي الرضا ، والإمام محمد الجواد، والإمام علي الهادي، والإمام محمد بن الحسن الحجّة عليهم السلام.


96 –
محمد بن ميمون بن أحمد الخراساني:
روى عنه في باب الإمام علي الرضا، والإمام الحسن العسكري، والإمام محمد الحجّة عليهم السلام.


97 –
أبو الحسين، محمد بن يحي الفارسي: وفي نسخة ( أبو الحسن ).
روى عنه في باب الرسول الأكرم (ص)، وباب أمير المؤمنين (ع)، وباب الإمام الحسين الشهيد، والإمام محمد الجواد، والإمام الحجّة المهدي عليهم السلام والتحية والإكرام.
قال الأردبيلي في جامعه: أبو الحسن الفارسي يروي عن خلق، وطاف الدنيا وجمع كثيراً من الأخبار.


98 –
أبو الحسن، محمد بن يحي الخرقي:
روى عنه في باب الإمام علي زين العابدين، والإمام علي الرضا، والإمام محمد الجواد، والإمام الحسن العسكري، والإمام محمد بن الحسن الحجّة عليهم السلام.
كان من خواص شيعة الإمام الحسن العسكري (ع).


99 –
منصور بن صفر:
روى عنه في باب الرسول الأكرم (ص).


100 –
موسى بن محمد الرازي:
روى عنه في باب الإمام الحجّة المهدي (ع). كان من جلساء الإمام الحسن العسكري (ع) والراوين عنه بلا واسطة.


101 –
النصر بن محمد بن سنان الزاهري:
روى عنه في باب الإمام المهدي (ع).


102 –
ابو القاسم، هارون بن مسلم بن سعدان البصري:
روى عنه في باب الإمام المهدي (ع).
عدّه النجاشي من أصحاب الإمام الهادي والإمام الحسن العسكري عليهما السلام.
قال عنه المجلسي: ثقة إمامي.
وذكر الأردبيلي بأنه كوفي الأصل، ثم تحوّل الى البصرة، ثم تحوّل الى بغداد ومات بها.


103 –
يعقوب بن بشر:
روى عنه في باب أمير المؤمنين (ع).


104 –
يعقوب بن حازم:
روى عنه في باب الرسول الأكرم (ع) حديث المنـزلة.


105 –
أبو بكر الجواري:
روى عنه في باب الرسول (ص)، وباب الإمام علي الهادي، والإمام الحجّة المهدي عليهما السلام.


106 –
أبو بكر الصفار:
روى عنه في باب الرسول (ص)، وباب الإمام علي الهادي، والإمام الحجّة المهدي عليهما السلام.

-----------------------------------------------
(1) المحلّة التي كان يسكنها الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام بسرّ من رأى، كانت تسمى عسكراً، ولذلك أطلق عليهما العسكريين.
(2)
الوافد هو الذي يأتي الأئمة (ع) من جهة القوم، ويأخذ المسائل إليهم كما سمعها.
(3)
جامع الرواة لمحمد بن علي الأردبيلي الغروي الحائري، ص: 50.

 

 

بيان لما تقدم


هؤلاء هم الشيوخ الذين أسند إليهم الشيخ الخصيبي (ق) أخباره ورواياته، وكلهم ثقاة إماميون إثنا عشريون، رووا عن أهل العصمة ومعدن الحكمة عليهم السلام، وأكثرهم وان لم نقل كلهم كانوا من جلساء الامامين العسكريين عليهما السلام، وأصحابهما المقربين منهما، وقد روى عن هؤلاء الشيوخ الكثير من علماء زمانهم، وفقهاء أوانهم، وهذا مما يدل على فضلهم وصدقهم ووثاقتهم وصحة أحاديثهم، فمن يروي عنه الثقة فهو ثقة وهذا مما لا خلاف فيه عند أرباب هذا الفن، أعني: علم الرجال.

والشيخ الخصيبـي المعروف بدقته المتناهية في تحقيق الأحاديث، وتمييز الرجال، والتأدب بآداب أئمته، وأتباع أوامرهم لا يعقل أن يروي عن المشكوكين بعقيدتهم، المطعونين بوثاقتهم، وفيه يصح وعليه ينطبق قول الامام الصادق (ع) :

(اعرفوا منازل الناس على قدر رواياتهم عنا).


فمن خلال هذا الخبر نستدل على قدره الرفيع وعلو كعبه في هذا الفن وغيره وذلك من خلال ما رواه عنهم.

أما المطاعن التي تعرض لها بعض رجاله فهي تعود الى أسباب عديدة:

منها : جهل البعض في دراية الروايات، أو انكارها، وهو أن بعض القدماء من رواة الحديث والفقهاء كانوا يطعنون بعقيدة الراوي لعدم اعتقادهم بمضمون الرواية التي أدلى بها نقلا عن رجاله عن المعصومين عليهم السلام، أو لعدم درايتهم لها، وقد تكون هذه الرواية بحد ذاتها من أصول المذهب وأمهات مسائله وأركانه وقد تبين ذلك فيما بعد على يد العلماء المحققين (كالقول بالرجعة وغيرها ) وأدرجها من جاء بعدهم من المتكلمين والفقهاء في مؤلفاتهم الاصولية وموسوعاتهم الفقهية حتى صارت مع مرور الزمن وبواسطة شروحات وتوضيحات المجتهدين الأعلام من البديهيات الضرورية المسلم بها والمتفق عليها عند الأكثرين وانكارها يؤدي الى اضعاف منكرها.

ومنها : حسد بعض المقصرين، فكم وكم طعن بفقهاء ميامين من قبل فقهاء آخرين بدافع الحسد وذلك بأن يكون الطاعن قاصرا عن رتبة المطعون به، وعاجزا عن تحصيلها، واللحاق بمنزلته فيؤول الى سلاح الطعن والتشهير كوسيلة للنّيل من مقامه كي يرتفع عليه من خلال اسقاط رتبته عند مقلديه.

وقد انتشر عن هذين السببين مرض عضال وداء أعمى لا يقل خطرا عن سابقيه ألا وهو التقليد الأعمى الذي يعتبر الطامة الكبرى التي ساهمت في ابقاء الطعونات القديمة مدرجة وسارية المفعول تنقل حديثا وباستمرار متزايد، فالاسباب زالت من بعد تحقيق العلماء أما آثارها فقد بقيت قائمة بسبب التقليد، وسكوت المتقدمين عن أخطاء المتأخرين مما نتج عن ذلك ظلم كبير للكثير من أجلاء وأمناء وعلماء هذا المذهب ومن جملتهم الشيخ وبعض رجاله.

فالواجب على علماء هذا العصر اعادة النظر بامعان في كتب الرجال وتحقيقها وتنقيحها، وتصحيح الأخطاء التي وقع بها بعض القدماء وذلك انصافا للثقات الميامين الذين يستحقون الانصاف لما قدموا من خدمات كبيرة لأبناء هذا المذهب الشريف.
وأن لم يكن ذلك ممكناً فالأولى إبقاء هذه الكتب جانباً وعدم الإستناد إليها لما تحمل في طياتها من طعن برجال ميامين وقذف لأمناء مخلصين.

 

الراوون والناقلون عنه



ان ما وصل الينا من كتب الشيخ أبي عبدالله الحسين بن حمدان (ق) كتاب (الهداية الكبرى) المطبوع مرتين في ايران ولبنان، وهو من الكتب المعتمدة عند الثقات، وقد نقل عنه وأخذ منه صاحب (بحار الأنوار ) والوسائل، والوافي، ونفس الرحمن ومختصر بصائر درجات الشيعة، والقمي في تفسيره، وبعضهم علق عليه شرحاً رداً على من اتهمه بالغلو كالتلعكبري قديما، والسيد محسن الأمين العاملي حديثا في موسوعته القيمة (أعيان الشيعة)، ونقل عنه أيضا العالم المحقق الشيخ محمد باقر عبد الكريم في كتابه النفيس (الدمعة الساكبة )، والعلامة المتكلم الشيخ زين الدين أبي محمد علي بن يونس العاملي النباطي البياضي في كتابه (الصراط المستقيم الى مستحقي التقديم )، وصاحب (مدينة المعاجز ) العلامة البحراني، ونقل عنه العلامة السيد عبدالله شبر في كتابه (حق اليقين في معرفة أصول الدين ) وذلك في حديثه عن اثبات الرجعة، واعتبره مع غيره من العلماء الذين أتى على ذكرهم من الثقات العظام والعلماء الأعلام (كما نقل ذلك عن المجلسي )ونقل عنه الشيخ المتكلم أحمد بن زين الدين الاحسائي في كتاب (الرجعة:حديث المفضل بن عمر) وقال في تعليل نقله للحديث ما يلي: "وانما أذكره مع طوله وذكر كثير من معناه فيما ذكرت من الروايات لأنه مشتمل على شيء من علامات القائم المهدي (ع) وسيرته وصفته ومدة ملكه فهو في الغالب مجمل أكثر الروايات ومفصلها فلكثرة فوائده ذكرته في كتاب الحسين بن حمدان الخصيبي وكتابه مذكور في كتب الرجال، ويشهد لصحته وجود معانيه وأكثر ألفاظه في الأحاديث المعتبرة بسنده عن المفضل بن عمر".

وقال أيضا: (وفي كتاب العوالم روى الشيخ حسن بن سليمان في كتابه مختصر البصائر هذا الخبر: هكذا حدثني الأخ الصالح الرشيد محمد بن ابراهيم بن مجلس الميارابادي أنه وجد بخط أبيه الرجل الصالح ابراهيم بن محسن هذا الحديث الآتي ذكره وأراني خطه وكتبته منه وصورته الحسين بن حمدان) وساق الحديث كما مر.(1)

وروى عنه العلامة ميرزا محمد تقي في كتابه صحيفة الأبرار أكثر من خمسة وعشرين خبرا وقال في الجزء الثاني من صحيفته /ص377/: (كتاب الهداية في تاريخ النبي والأئمة الاثنى عشر عليه وعليهم الصلاة والسلام ودلائلهم للحسين بن حمدان الجنبلاني 000رأيته بخط الشيخ أبي جعفر وهذا الكتاب من الكتب المعروفة بين أهل الحديث، قال الشيخ في الفهرس له كتاب (أسماء النبي والأئمة عليهم السلام)، ونقل عن هذا الكتاب جماعة من الأجلة كالشيخ حسن بن سليمان الحلي تلميذ الشهيد الأول (ره) في منتخب البصائر وكتاب الرجعة وصاحب عيون المعجزات، وصاحب العوالم،وشيخ المتألهين الاحسائي في العصمة والرجعة والمجلسي (ره) في البحار غير أنه لم يحقق مؤلف الكتاب فكل ما ينقل عنه يقول فيه وفي بعض مؤلفات أصحابنا عن الحسين بن حمدان والظاهر أنه عين كتاب ابن حمدان ولكنه لما كانت أخبار الكتاب مصدرة باسم المصنف غالبا أوهم له ذلك أن التأليف لغيره وابن حمدان من رجال السند.

وممن أكثر النقل عنه السيد العلامة التوبلي في كتابه (مدينة المعاجز )،وبالجملة هذا الكتاب من الكتب المتقنة ليس فيه أمر منكر وأكثر أخباره موافقة لما روته أصحابنا الأجلة إما لفظاً وإما معنى.(2)

وكذلك روى عن الشيخ (ق) صاحب مسند الامام علي (ع) العلامة السيد حسن القبانجي، وقد روى الكثيرون غير الذين ذكرتهم وأكتفي بهذا القدر.


ومن يتمعن بما جاء في الهداية الكبرى من الروايات الصحيحة والأخبار المليحة المسندة عن ثقاة ميامين رووا عن الأئمة المعصومين عليهم السلام فسينفي عن الشيخ الجليل جميع ما اتهم به من قبل بعض أصحاب المعاجم والتراجم من الذين نقلوا عن آخرين اشتكلت عليهم الأمور وقصروا عن فهمها فضعفوا القوي وقوّوا الضعيف لأسباب سنأتي على ذكرها لاحقاً.
وان هؤلاء العلماء الأجلاء الذين أتينا على ذكرهم موثوقون في علم الرواية والحديث، ولمجرد اعتمادهم على رواية الشيخ الخصيبي (ق) فإنه يعتبر في منهاج علم الرجال من الثقات كما أوضح شيخنا العلامة الفقيه الشيخ سليمان الأحمد (ق).
وكذلك فان نقلهم عن الثقة يزيد من وثاقتهم ويرفع من قدرهم وشأنهم.

وختاماً أقول: اننا لو فقدنا الهداية الكبرى الموجودة بين أيدي الناس لجمعناها كلها من كتب الرجال المشتهرة والمعتبرة، وهذا من أدل دليل على مكانتها العلمية عند الفقهاء واعتمادهم عليها، ومكانة صاحبها الجليل عند العلماء المنصفين والفقهاء المجتهدين.

وألفت النظر إلى أن هذا الكتاب النفيس بعد طباعته وخصوصاً في لبنان قد دخل عليه (أو أدخل إليه والله أعلم) تشويه كبير في أكثر أحاديثه بالإضافة إلى سقوط عدة أخبار وتحريف جملة أسماء لبعض الرواة وهو بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى تحقيق دقيق يعيده إلى حلّته النقية كما بدت.
-------------------------------------------
(1)
كتاب الرجعة للإحسائي.
(2)
صحيفة الأبرار الجزء الثاني /377/

 

مختصر الهداية الكُبرى



برهنت فيما تقدم بعون الله وقوته، بأن كتاب الهداية الكبرى لشيخنا الخصيبي (ق) يُصنَّف في عداد الكتب المعتمدة والمتقنة عند كبار العلماء المحققين، لذا رأيت من المفيد أن أضَع أمام القارىء الكريم مختصراً جامعاً يتعلق بتاريخ المعصومين الأربعة عشر، وذلك حسب رواية الشيخ المسندة، وتحقيقه المعتمد عند علماء مذهبنا الشريف.


1 -

 

صاحب الرسالة الغراء والدعوة السمحاء
خاتم الرسل وسيد الأنبياء خير من أقلته الأرض وأظلته السماء
سيدنا محمد صلى الله عليه وآله :




ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مضى وله ثلاث وستون سنة منها أربعون سنة قبل أن ينبأ، ثم نزل عليه الوحي ثلاثاً وعشرين سنة، بمكة وهاجر الى المدينة هارباً من مشركي قريش وله ثلاث وخمسون سنة، وأقام بالمدينة عشر سنين، وقبض يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول من احدى عشر سنة من سني الهجرة.

أسماؤه :
كان اسمه في القرآن محمد، وأحمد، ويس، وطه، ونون، وحم عسق، والحواميم السبعة، والنبي والرسول، والمزمل، والمدثر، والطواسين الثلاثة، وكل ألف ولام وميم وراء وصاد في أول السور فهو من أسمائه، وكهيعص.
وفي صحف ابراهيم الى آدم صلى الله عليهما بالسريانية مفسراً بالعربية: النبي والمحمود، والعاقب، والناجي، والحاشر، والباعث، والأمين.
وكان اسمه في التوراة: الوفي، وماد الماد.
وفي الانجيل: الغارقليط.
وفي الزبور: مهيمنا، وطاب طاب.

كنيته وألقابه :
أبو القاسم. وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة.
وألقابه (ص) : صفي الله ، وحبيب الله ، وخاتم النبيين ، وسيد المرسلين ، والأمي ، والمنتجب ، والمختار ، والمجتبى والشاهد ، والنذير ، والداعي الى الله ، والسراج المنير ، والرحمة ، والمبلغ ، والمصطفى .
ومشهده بالمدينة ، واسمها يثرب وطيبة.

أولاده :
قال الحسين بن حمدان الخصيبي : حدثني أبو بكر بن أحمد بن عبدالله، عن أبيه عبدالله بن محمد الأهوازي - وكان عالماً بأخبار أهل البيت عليهم السلام -
قال: حدثني محمد بن سنان الزاهري عن أبي بصير وهو القاسم الأسدي - لا الثقفي - عن أبي عبدالله جعفر الصادق (ع) قال : ولد لرسول الله صلى الله عليه وآله من خديجة ابنة خويلد عليها السلام القاسم ، وبه يكنى ، وعبدالله ، والطاهر ، وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وكان اسمها آمنة ، وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ، وابراهيم من مارية القبطية ، وكانت أمة أهداها المقوقس ملك الاسكندرية .


--------------------------------------------------------------------

أحببت أن أخصص هذا الفصل بنشره منفرداً لما يحويه من تعريف بآل البيت عليهم سلام الله مختصراً لكتاب الهداية الكبرى ..
وهذا الفصل مقتطف من كتاب : " الشيخ الخصيبي قدوة مُثلى يُحتذى " لمؤلفه فضيلة الشيخ العلوي " حسين محمد المظلوم " .

 

2 -

 

صاحب الامامة العظمى والولاية الكبرى
مولانا أمير المؤمنين ونور العارفين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين،
وأفضل الوصيين والأئمة الراشدين
علي بن أبي طالب (ع).



مضى علي أمير المؤمنين وله ثلاث وخمسون سنة ، في عام الأربعين من اول سني الهجرة ، وكان مقامه بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثاً وعشرين سنة، منها ثلاث عشر سنة في ظهور الرسالة وأقام معه بالمدينة عشر سنين، ثم قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأقام بعده أيام أبي بكر سنتين وشهور، وأيام عمر تسع سنين وشهور، وأيام عثمان اثنتي عشر سنة، وأيامه (ع) ست سنين، الجميع ثلاثون سنة.

ومضى بضربة عبد الرحمن بن ملجم المرادي في ليلة الجمعة لأحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان.

وكان اسمه علياً، وفي القرآن مبيناً، وقوله في قصة ابراهيم (ع) ( وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ )
وقوله تعالى إجابة لابراهيم (ع) ( وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا )
وقوله ( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) وله في القرآن ثلاثمائة اسم.

ورويت الأسانيد الصحيحة ووجدت ( الكلام للشيخ ) في قراءة عبدالله بن مسعود (ر) الذي قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من أراد أن يسمع القرآن غضاً طرياً كما أنزله الله تعالى فليسمعه من فم عبدالله بن مسعود، وبهذا كان يدعوه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبيه، ففي قراءته: ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ , فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ , ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)
وقوله تعالى ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) والمنذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والهادي علي (ع).

وقوله تعالى ( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) والشاهد منه علي (ع).

وقوله عز وجل : ( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ).

وقول أمير المؤمنين (ع) لعلي بن دراع الأسدي وقد دخل عليه وهو محتب في جامع الكوفة فوقف بين يديه فقال: قد أرقت مدى ليلتك. فقال له: ما أعلمك يا أمير المؤمنين بأرقي ؟ فقال ذكرتني والله في أرقك، فإن شئت ذكرتك وأخبرتك به فقال علي بن دراع: أنعم عليَّ يا أمير المؤمنين بذلك، فقال له: ذكرت في ليلتك هذه قول الله عز وجل : ( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ) فأرقك وفكرك فيه وتالله يا علي ما اختلف الملأ الا بي، وما لله نبأ هو أعظم مني، ولي ثلاثمائة إسم، ولا يمكن التصريح بها لئلا يكبر على قوم لا يؤمنون بفضل الله عز وجل على رسوله وأمير المؤمنين والأئمة الراشدين.

إسمه:
في صحف شيث وادريس ونوح وابراهيم وبالسرياني: مبين، وباللسان العبراني الهيولى، والأمين، والثبات، والبيان، واليقين، والايمان، وفي التوراة أليا، وفي الزبور: آريا، وبلغة الزنج: جينا، وبلسان الحبشة تبريك، وسمي يوم القليب - وقد سقط عثمان في البدء من دابته الهلالية فعلق أمير المؤمنين برجله وأخرجه فسمته - ميمونا، وبلسان الأرمن: افرقيا، وباللسان العربي: حيدرة، وسماه أبوه أبو طالب - وهو صغير وكان يصرع أكابر إخوته - ظهيرا. (1)

وكناه:
أبو الحسن والحسين وأبو شبر وأبو شبير، وأبو تراب، وأبو النور، وأبو السبطين، وأبو الأئمة.

وألقابه:
أمير المؤمنين، وهو اللقب الأعظم الذي خصه الله به وحده ولم يسم به أحد قبله ولا يسمى به أحد بعده الا كان مأفوناً في عقله ومأبونا في ذاته، وأمير النحل والنحل هم المؤمنون، والوصي، والامام، والخليفة وسيد الوصيين، والصديق الأعظم، والفاروق الأكبر، وقسيم الجنة والنار، وقاضي الدين، ومنجز الوعد، والمحنة الكبرى، وصاحب اللواء، والذائد عن الحوض، ومهلك الجان، و الأنزع البطين، والأصلع الأمين، وكاشف الكرب، ويعسوب الدين، وباب حطة، وباب المقام، وحجة الخصام، ودابة الأرض، وصاحب القضايا، وفاصل القضاء، وسفينة النجاة، والمنهج الواضح، والمحجة البيضاء، وقصد السبيل، وجزارة قريش، ومفتي القرون، ومكر الكرات، ومديل الدولات، وراجع الرجعات، والقرم الحديد، الذي هو في الله أبداً جديد.

وأمه:
فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، ولم يكن في زمانه هاشمي ابن هاشمية غيره وغير أخوته جغفر وطالب وعقيل، وابنيه الحسن والحسين وابنتيه زينب وأم كلثوم عليهم السلام، ومشهده في الذكوات البيض بالغريين غربي الكوفة.

ولد له من فاطمة عليها السلام الحسن والحسين ومحسن - مات صغيراً - وزينب وأم كلثوم عليهم السلام.

وكان له من خولة الحنفية أبو هاشم محمد بن الحنفية.
وكان له عبدالله والعباس وجعفر وعثمان من أم البنين وهي جعدة ابنة خالد بن زيد الكلابية.
وكان له من أم عمر التغلبية عمر ورقية وهي من سبي خالد بن الوليد.
وكان له يحي من أسماء بنت عميس الخثعمية.
وكان له محمد الأصغر من أم ولد.
وكان له الحسن ورملة وأمهما أم شعيب المخزومية.
وكان له أبو بكر وعبيد الله وأمهما ليلى ابنة مسعود النهشلية.

والذي أعقب من ولد أمير المؤمنين:
الحسن والحسين عليهما السلام ومحمد بن الحنفية والعباس وعمر.


قال ( القائل هو الشيخ الخصيبي ):
ومضى أمير المؤمنين (ع) وخلف منهن امامة إبنة زينب إبنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليلى التميمية وأسماء ابنة عميس الخثعمية، وأم البنين الكلابية، وثمانية عشر ولداً، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج أو تمتع بحرة ولا بأمة في حياة خديجة عليها السلام الا بعد وفاتها، وكذلك أمير المؤمنين لم يتزوج ولا تمتع بحرة ولا امةٍ في حياة فاطمة عليها السلام الا بعد وفاتها. وكان اسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.


وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :
(
انا أهل بيت نبوة ورسالة وامامة، وانه لا تقبلنا عند ولادتنا القوابل، وان الامام لا يتولى ولادته ووفاته وتغميضه وتغسيله وتكفينه ودفنه والصلاة عليه الا الامام، والذي تولى وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي (ع) غمضه وغسله وكفنه وصلى عليه وتولى أمره أمير المؤمنين (ع) وولداه الحسن والحسين عليهما السلام توليا وفاة أمير المؤمنين (ع) وتغميضه وغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ولم يحضره أحد غيرهما، ودفناه ليلاً، ولم يظهر على مشهده أحد الا بدلالة صفوان الجمال، وكان جمال الصادق (ع). ثم دلت عليه الأئمة من موسى بن جعفر وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري ورواه شيعتهم وكان دلالة صفوان على مشهد أمير المؤمنين صلوات الله عليه دلالة ظهرت للناس.

-------------------------------------------------------------------

(1) راجع بحار الأنوارالمناقب – الدمعة الساكبة.

 

 

3ـ
سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام.




قال السيد الحسين بن حمدان الخصيبي باسناده:
ولدت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله بعد خمس سنين من ظهور الرسالة ونزول الوحي ومن بناء الحرم الذي أراد أبرهة بن الصباح الجبار خرابه وملك الحبشة وهو الجلندي بن كركر صاحب الفيل وكان تخريبه بعد طسم وجديس وحزبهم ورحلهم من مكة وبني قريش ما كان خرب منه، فلما ورد أبرهة لهدم البيت وتخريبه أغار على أموال قريش وبني هاشم فاستباحها فصار اليه عبد المطلب فاستأذنوه عليه فلما صار اليه ارتعب منه ابرهة وعظم في نفسه وكبر عليه، فقال لمن حوله: من هذا الرجل العظيم ؟
فقالوا : سيد قريش وأفضل بني هاشم وأشرف العرب نفساً ونسباً، وهو صاحب هذا البيت.
فقال اسألوه فيما جاءنا فسألوه، فقال:
جئت أسأله رد ما أخذه واستباحه من أموالنا ونعمنا فرغب ابرهة وقال لأصحابه:
تزعمون أنه صاحب البيت، وفخره له يراني قد قصدت اليه ولا يسألني الصفح عنه ويسألني رد ماله، ما أقول ما قلتم فأعيدوا قولي هذا عليه، فأعادوه على عبد المطلب فقال لهم :
يرد علينا أموالنا فان لهذه الكعبة رباً يمنعك منها.
فقال: ردوا عليهم أموالهم حتى ننظر كيف رب هذه الكعبة يمنعنا منها، وأمر بالفيلة فجمعت وقال لساستها: احملوا على البيت فاجعلوه سحيقاً فلما جمع الفيلة وحملوا بها وقفت ولم تدخل الحرم ودعا بفيل وحمله على البيت فلم يدخل البيت ولم يزالوا من غروب الشمس الى طلوع الفجر يريدونها على دخول الحرم فلم تدخل فأدارها الى خارج الحرم وأمر بتحطيم كل ما يلقاه فلما أسفر الصبح وطلع النهار أرسل الله تعالى عليهم طيراً أبابيل فكانوا كما قال الله عز وجل: ( فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ).

وتوفيت فاطمة عليها السلام ولها ثمانية عشر سنة وشهران وخمسة وعشرون يوماً.

وأقامت مع أبيها بمكة ثماني سنين ثم هاجرت معه الى المدينة، وأقامت بها عشر سنين الهجرة ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله ولها ثمانية عشر سنة، وعاشت بعده خمسة وسبعين يوماً وبرواية الغار أربعين يوماً وهو صحيح.

وأسماؤها عليها السلام: فاطمة وفاطم ترخيما.

وكناها: أم الحسن والحسين وأم الأئمة وأم أبيها.

وألقابها: الزهراء، والبتول، والحصان، والحوراء، والسيدة، والصديقة، ومريم الكبرى، ووالدة الحسن والحسين، وأم النقي، وأم التقي، وأم البلجة، وأم الرأفة، وأم العطية، وأم الموانح، وأم النورين، وأم العلا، وأم البدية، وأم الرواق الحسيبة، وأم البدرين.

ومن أسماء أبي الحسن لها أم البركات، وأم الهادي، وأم الرحبة عليها السلام.
ولها احد عشر سنة بعد الهجرة، ولم تحض كما تحيض النساء.

وكان حملها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لما عرج بي جبريلعليه السلام إلى ربي ورأيت كل ما رأيته في الملكوت ودخلت الجنة وناداني كل ما فيها من شيء حتى ثمارها، وأخذ حبيبي جبريل(ع) تفاحة من تفاح الجنة فقال لي يا رسول الله ربك يقرؤك السلام، ويقول لك:
خذ هذه التفاحة فان من مائها اذا تخلق تفاحة الدنيا والآخرة، وهي فاطمة ابنتك ورأيت النار وما فيها ثم هبطت الى الدنيا فوافيت خديجة عليها السلام فحملت بفاطمة.

والذي ولدت فاطمة عليها السلام من علي أمير المؤمنين عليه السلام :
الحسن والحسين ومحسناً سقطاً وزينب وأم كلثوم ( وكان اسمها آمنة )، وولدت الحسن والحسين من فخذها الأيمن وأم كلثوم وزينب من فخذها الأيسر.

 

4ـ
الامام الحسن الزكي المجتبى عليه السلام:




مضى الحسن بن علي عليهما السلام وله سبع وأربعون سنة، وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة سبع سنين من سني الهجرة وأقام مع أمير المؤمنين (ع) عشر سنين وكان اسمه الحسن، وسماه الله في التوراة: شبر .

وكناه عند العامة : أبو محمد، وعند الخاصة أبو القاسم، لأنه كنيَ بأخيه المستشهد بكربلاء.
الزكي، والسبط الأول، وسيد شباب أهل الجنة، والأمين، والحجة والتقي.

وأمه الطاهرة فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله،

ثم أولاده عبدالله والقاسم وزيد وعمر وعبيد الله وعبد الرحمن وأحمد واسماعيل وعقيل والحسين وبشر .

ومن البنات أم الحسن فقط .

ومشهده البقيع بالمدينة.

وتوفي بالسم في تمام سنة خمسين من سني الهجرة وكان سبب سمّه على يد زوجته جعدة بنت محمد بن الأشعث بن قيس الكندي لأنه بذل لها معاوية على ذلك عشرة آلاف درهم وأقطاع عشر ضياع سوراً وهي من سواد الكوفة.

 

5 ـ
الامام الحسين الشهيد المبارك عليه السلام :




مضى أبو عبدالله الحسين وله سبعة وستون سنة في عام الستين من الهجرة في يوم عاشوراء، وهو يوم السبت من المحرم وكان بينه وبين أخيه الحسن عليهما السلام طهور الحمل وكان حمل أبي عبدالله ستة أشهر ولم يولد لستة أشهر غير الحسين (ع) وعيسى بن مريم (ع) وروي يحيى بن زكريا كذلك صلى الله عليه.

وكان مقام الحسين مع جده رسول الله صلى الله عليه وآله ست سنين وستة أشهر وعشرة أيام، والعشرة أيام هي المدة بين مولد الحسن وحمل الحسين عليهما السلام.

وأقام مع أمير المؤمنين ست سنين، ومع أبي محمد بعد مضي أمير المؤمنين عشر سنين، وأقام بعد مضي الحسن (ع) عشر سنين وستة أشهر لأنه لم يكن بينهما غير الحمل.

واسمه: الحسين وفي التوراة شبير ولما علم موسى بن عمران (ع) قبل التوراة أن الله سمى الحسن والحسين سبطي رسول الله محمد شبر وشبير سمى أخوه هارون ابنيه بهذين الاسمين،

وكان يُكنى: أبا عبدالله والخاص أبو علي

ولقبه: الشهيد والسبط والتام وسيد شباب أهل الجنة والرشيد والطيب والوفي والمبارك والتابع والرضي لله والشاري نفسه لله والدال على ذات الله.

وأمه: فاطمة بنت رسول الله عليها السلام.

ومشهده: البقعة المباركة والربوة ذات قرار ومعين بكربلاء غربي الفرات.

وقتله: عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن بأمر يزيد بن معاوية لعنهم الله وأتوه ومعهم اثنان وثلاثون ألف فارس وأربعة وعشرون ألف راجل وعدة أصحاب الحسين (ع) اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً وثمانية عشر رهط عبد المطلب والباقون من سائر الناس.

وكان له من الأولاد: علي سيد العابدين وهو الأكبر وعلي الأصغر وهو المتصل به وعبدالله وهو الطفل المذبوح بالنشابة ومحمد وجعفر ومن البنات زينب وسكينة وفاطمة .

 

6ـ

 

الامام علي السجاد عليه السلام :




مضى وله سبع وخمسين سنة مثل اقامة أبيه في العمر في عام خمسة وتسعين من أول سني الهجرة.

وكان مولده ليلة الخميس لاحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين من الهجرة قبل وفاة جده أمير المؤمنين (ع) .

وكان مقامه مع جده أمير المؤمنين (ع) سنتين.

وأقام مع ابيه الحسين عشر سنين وبعد وفاة أبيه (ع) خمسة وثلاثون سنة.
وكان اسمه علي.

وكنيته: أبو الحسين والخاص أبو محمد وروي أنه كني بأبي بكر ولم تصح هذه الكنية.

وألقابه: سيد العابدين، وزين الصالحين، وذو الثفنات، والزاهد، والخاشع الباكي، والمجتهد، والرهباني، وإنما لقب بذي الثفنات لأنه كان من طول سجوده وكثرة عبادته تخفى غضون جبهته فتصير ثفنات منتصبة فيقصها اذا طالت لتستقر جبهته على الأرض في سجوده.

واسم أمه حلوة وروي حلولا بنت سيد الناس يزدجرد ملك فارس وسماها أمير المؤمنين شازان معناه بالفارسية النساء وكان يقال لعلي بن الحسين(ع) ابن الخيرتين، ويقال أمه برابنة والنوسجان ويقال شهر حاجون بنت يزدجرد وهو الصحيح.

وأسماء أولاده: محمد الباقر (ع) والحسين وزيد المصلوب بكناسة الكوفة وعبدالله وعبيد الله وعلي وعمر ولم يكن له ابنة غير زوجة محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وعقبه منها ومشهده بالبقيع في المدينة بجانب قبر عمه الحسن بن علي عليهما السلام.

 

7ـ

 

الامام محمد الباقر عليه السلام




مضى محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وله سبع وخمسون سنة مثل عمر أبيه وجده عليهما السلام في عام مائة وأربعة عشر سنة من الهجرة في شهر ربيع الآخر.

وكان مولده (ع): قبل مضي الحسين جده بثلاث سنين وهي سنة ثمانية وخمسين من الهجرة.

وأقام مع أبيه علي بن الحسين عليهما السلام خمسة وثلاثين سنة غير شهرين.

وكان اسمه: محمداً، وكنيته أبو جعفر لا غير.

ولقبه: باقر العلم، والشاكر لله، والهادي، والأمين.

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لجابر بن عبدالله الأنصاري انك لن تموت حتى تلقى سيد العابدين علي بن الحسين وابني منه محمد بن علي عليهما السلام فاذا ولد محمد بن علي بن الحسين فصر إليه عند أوان ترعرعه تقرىء أباه السلام وتقول له أني أمرتك أن تلحق ابنه محمد في بيت وتقرئه مني السلام وتقبل بين عينيه وتسأله أن يلصق بطنه ببطنك فان لك في ذلك أماناً من النار وتقول له جدك رسول الله (ص) يقول لك:
يا باقر علم الأولين والأخرين من النبيين والمرسلين بوركت كثيراً حياً وميتاً.
ثم اذا فعلت ذلك يا جابر فاوص وصيتك فانك راحل الى ربك.
فلم يزل جابراً بن عبد الله باقياً بحياته حتى قيل له قد ولد محمد بن علي وترعرع ثم صار الى علي بن الحسين والى محمد بن علي عليهما السلام فأدى رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وفعل ما أمره رسول الله فقال محمد بن علي عليهما السلام:
يا جابر أثبت وصاتك فانك راحل الى ربك فبكى جابر وقال له:
يا سيدي وما أعلَمَك بذلك وبهذا عهد إليّ جدك رسول الله (ص) فقال له:
يا جابر لقد أعطاني الله علم ما كان وما يكون الى يوم القيامة فأوصى جابر وصاته وأدركته الوفاة وصلى عليه علي بن الحسين ومحمد بن علي عليهما السلام فلأجل ذلك سمي الباقر.

وأمه: فاطمة بنت عبدالله بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم.

وأسماء أولاده: جعفر الإمام الصادق، وعلي، وعبدالله، وابراهيم.

ومن البنات: أم سلمة.

ومشهده: في البقيع الى جانب مشهد أبيه علي بن الحسين وعمه الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم.

 

8 ـ

 

الامام جعفر الصادق عليه السلام:




مضى مولانا جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم وله خمس وستون سنة في عام ثمانية وأربعين ومائة من الهجرة.

وكان مقامه مع جده (ع): تسعة عشر سنة وأقام مع أبيه اثني عشر سنة، وأقام بعد أبيه أربعاً وثلاثين سنة.

وكانت كنيته: أبا عبدالله، وأبا اسماعيل، والخاص أبو موسى.

ولقبه: الصادق، والفاضل، والقاهر، والتام، والكامل، والمنجي.

وأمه: أم فروة وكانت تكنى أم القاسم وهي بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة.

ومشهده: بالبقيع الى جانب مشهد أبيه محمد بن علي وجده علي بن الحسين صلوات الله عليهما.

وكان له من الولد: موسى الإمام الكاظم، واسماعيل، ومحمد، وعلي، وعبدالله، واسحاق، وأم فروة، وهي التي زوّجها ابن عمها الخارج مع زيد.

 

9 ـ

 

الامام موسى الكاظم عليه السلام:




مضى موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين وله تسع وأربعون سنة في عام ثلاث وثمانين ومائة سنة من الهجرة.

وكان مقامه مع أبيه جعفر الصادق: أربعة عشر سنة، وأقام بعد أبيه خمساً وثلاثين سنة.

واسمه: موسى.

وكناه: أبو الحسن، وأبو ابراهيم، والخاص أبو علي.

ولقبه: الكاظم، والصابر، والمصلح، والمبرهن، والبيان، وذو المعجزات.

وأمه: حميدة البربرية، ويقال الأندلسية، والبربرية أصح.

ومشهده: ببغداد في مقابر قريش.

وكان له من الولد: علي الرضا الامام صلوات الله عليه، وزيد الباز، وابراهيم، وعقيل ومروان، واسماعيل، وعبدالله، ومحمد، وأحمد وجعفر والحسن، ويحي، والعباس، وحمزة، وعبد الرحمن، والقاسم.

وكان له من البنات: أم فروة، وأم أبيها، ومحمودة، وامامة، وميمونة، وعلية، وفاطمة، وأم كلثوم، وآمنة، وزينب، وأم عبدالله، وأم القاسم، وحليمة، وأسماء، وصرخة.

وكانت وفاته: في زمن هارون الرشيد في دار السندي بن شاهك والي الشرطة ببغداد في الكوفة.

 

10 ـ

 

الامام علي الرضا عليه السلام :




مضى علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وله تسع وأربعون سنة.

واستشهد في عام ثلاث ومائتين من الهجرة.

وكان مولده: سنة ثلاث وخمسين ومائة وأقام مع أبيه تسعاً وعشرين سنة وستة أشهر وأقام بعد أبيه عشرين سنة إلا شهراً.

واسمه: علي وكناه أبو الحسن والخاص أبو محمد.

ولقبه: الرضا والصابر والوفي ونور الهدى وسراج الله والفاضل وقرة أعين المؤمنين ومكيد الملحدين.

واسم أمه: أم البنين وأم ولد ومشهده بطوس بخراسان ومات بالسم .

 

11 ـ

 

الامام محمد الجواد عليه السلام :




مضى أبو جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وله خمسة وعشرون سنة وثلاثة أشهر واثنا عشر يوماً في يوم الثلاثاء لستّ خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين، فكان مقامه مع أبيه تسع سنين وثلاثة أشهر، وأقام بعد أبيه ست عشرة سنة واثنى عشر يوماً.

واسمه: محمد.

وكنيته: أبو جعفر، والخاص: أبو علي.

ولقبه: المختار، والمرتضى، والتقي، والمتوكل.

ومشهده: في مقابر قريش الى جانب مشهد جده موسى في القبة.

واسم أمه: خيزران المرسية.

وكان له من الوِلد: علي العسكري، وموسى، ومن البنات: خديجة، وحليمة، وأم كلثوم.

 

 

12 ـ

 

الامام علي الهادي عليه السلام :




مضى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام يوم الاثنين لخمس ليال بقيت من جمادى الآخرة سنة أربعة وخمسين ومائتين من الهجرة وكان مولده في رجب سنة أربعة عشر ومائتين.

وكان عمره: أربعين سنة، وأقام منها مع أبيه ست سنين وسبعة أشهر وبعد أبيه ثلاثاً وثلاثين سنة وخمسة أشهر.

وكان اسمه: علياً.

وكنيته: أبا الحسن لا غير.

ولقبه: الهادي، والعسكري، والعالم، والدليل، والموضح، والراشد، والسديد.

وأمه: سمانة أم ولد وقيل مهرسنة المغربية وليس مهرسنة صحيحاً.

وله من الوِلد: الحسن الإمام، ومحمد، والحسين، وجعفر المدعي الإمامة المعروف بالكذاب المذكور بحديث جعفر الصادق علبه السلام.

ومشهد أبي الحسن: بسر من رأى.

 

 

13ـ 14ـ

 

الامام الحسن العسكري
الامام محمد الحجة
عليهما السلام.




مضى أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وله سبع وعشرون سنة يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين من الهجرة.

وكان مولده: في مدينة الرسول في سنة ثلاث وثلاثون ومائتين

وكان مقامه مع جده وأبيه: احدى وعشرين سنة وثمانية أشهر وثلاثة عشر يوماً وبعد أبيه خمس سنين وثلاثة أشهر وسبعة عشر يوماً.

وولد له: الخلف الامام الثاني عشر صاحب الزمان (ع) يوم الجمعة طلوع الفجر لثمان ليال خلت من شعبان سنة سبع وخمسين ومائتين من الهجرة قبل مضي أبيه بسنتين وسبعة أشهر.

وكان اسمه: الحسن، وكنيته أبو محمد لا غير.

ولقبه: الصامت، والشفيع، والموفي، والزكي، والتقي، والنقي، والسخي، والمستودع.

واسم أمه: حديث وقيل غزالة المغربية، وليس غزالة اسماً مثبوتاً.

ومشهده: بداره إلى جانب مشهد أبيه (ع) .

وله من البنات: فاطمة ودلالة.

واسم الخلف: المهدي الثاني عشر محمد بن الحسن، والحمد، والحامد، والحميد والمحمود.

وكناه: أبو القاسم وأبو حعفر.

ورويَ: أن له كنى الأحد عشر اماماً من آبائه الى أبيه الحسن بن علي (ع).

ومن لقبه: المنتقم، وصاحب الرجعة البيضاء، والكرة الزهراء، والقابض، والباسط، والساعة، والقيامة، والوارث، والكاسر، والجابر، وسدرة المنتهى، والغاية القصوى، وغاية الطالبين، وفرج المؤمنين، ومنية الصابرين، والمحيط بما لم يعلن، وكاشف الغطاء، والمجازي بالأعمال، ومن لم يجعل الله له من قبل سميا ( أي شبيها )، ودابة الأرض، واللواء الأعظم، واليوم الموعود، والداعي إلى شيء نكر، ومظهر الفضائح، ومبلي السرائر، ومبدي الآيات، وطالب الثارات، والفرج الأعظم، والصبح المسفر، وعاقبة الدار، والعدل، والقسط، والأمل، والمحسن، والمنعم، والمفضل، والسناء، والضياء، والهناء، والحجاب، والحق، والصدق، والصراط، والسبيل، والعين الناظرة، والأذن السامعة، واليد الباطشة، والجنب، والجانب، والوجه، والعين، والنفس، واليمين، والأيد، والتأييد، والنصر، والفتح، والقوة، والعزة، والقدرة، والكمال، والتمام.

وأمه: صقيل، وقيل نرجس، ويقال: سوسن، ويقال مريم ابنة زيد أخت حسن، ومحمد بن زيد الحسيني الداعي بطبرستان، والمشهور والصحيح: نرجس (الهداية الكبرى).

 

( يقول المؤلف )
هذا هو تاريخ المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم بحسب رواية الشيخ (ق) عن رجاله الأمناء الأصفياء الذين لقيهم وسمع منهم وأخذ عنهم، وهم بدورهم رووا عن الأئمة المعصومين عليهم السلام مشافهة ومعاينة وكانوا من المخلصين لهم والمتفانين بولائهم.

وأختم هذا الفصل المبارك بهذا الدعاء الشريف للشيخ الخصيبي (ق):



اللهم ثبتنا على ما اليه هديتنا من علم هذا الكتاب
وهب لنا منه توفيقاً قائداً إلى الرشد
وقلباً منقلباً مع الحق
ولساناً متجلياً بالصدق
وعزيمة الى مناهج الرشد
قاهرة إلى النفس
وبصيرة ندرك بها عرفان القدر
وأن تسعدنا بالهداية إلى الدراية
وأن تعضدنا بالاعانة على الابانة
وأن تعصمنا من الغوايـة في الرواية
وأن تصرف عنا السفاهة بالكفاية
وأن تتقبل منا قبولاً حسناً يا أرحم الراحمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله.

 

 

مواقف الشيخ من تيارات عصره
الفكرية والسياسية



السياسة مصدر ساس، وهي تنظيم أمور الدولة، وتدبير شؤونها. وقد تكون شرعية، أو تكون مدنية. فإذا كانت شرعية كانت أحكامها مستمدة من الدين، وإذا كانت مدنية كانت قسماً من الحكمة العملية، وهي الحكمة السياسية، أو علم السياسة.

وموضوع علم السياسة عند قدماء الفلاسفة هو البحث في أنواع الدول والحكومات، وعلاقتها ببعضها البعض، والكلام في المراتب المدنية وأحكامها، والإجتماعات الإنسانية الفاضلة والرديئة، ووجوه إستبقاء كل منها وعلة زواله، وكيفية رعاية مصالح الخلق وعمارة المدن وغيرها.

والفرق بين السياسة النظرية والسياسة العملية أن الأولى تعنى بدراسة الظواهر السياسية المتعلقة بأحوال الدول والحكومات، والثانية تعنى بأساليب ممارسة الحكم في الدولة لرعاية مصالح الناس، وتدبير شؤونهم وأحوالهم. (1)

ويقال أن الدين سياسة والسياسة دين، ولكن اذا كانت السياسة بالمعنى الذي تريده الكتب الالهية لا الذي تريده الأغراض الشخصية، وأن السياسة في عرف هذه الأيام عبارة عن الخداع والنفاق والمداهنة ودوس الحقوق وابتلاع القوي للضعيف بأية وسيلة كانت كما هو معلوم.

وخلاصة القول فان السياسة اذا تبعت الدين فهي دين. أما الدِّين إذا تبعها فليس بدين. (2)

وبناءً على ما تقدم فان مواقف الشيخ من التيارات الفكرية والسياسية التي
كانت سائدة في عصره تتلخص كالتالي:


لم يكن الشيخ الأجل (ق) ذلك السياسي المحنك بالمعنى السائد للسياسة آنذاك والقائم على الدهاء والنفاق، لأن ذلك لا ينسجم مع عقيدته الاسلامية، وأخلاقه العلوية، ومبادئه الإمامية.

ولم يكن رجل الدولة الذي يحتل أعلى المناصب وقيادة الجيوش.

ولم يكن ليخطر بباله مجرد التفكير بمثل هذه الأمور الفارغة، أو السعي إليها لعلمه اليقيني بما تكلف من سفك دماء بريئة، وإذلال نفوس أبية. (3)

بل كان فقيهاً من الفقهاء له مقلديه، وعلماً من الأعلام يُرجع إليه، وقطبا من الأقطاب قلّ من يجاريه، فاق أهل زمانه بعلمه وإيمانه، وقضى حياته الشريفة في نشر فضائل ومعالم أهل البيت عليهم السلام بواضح بيانه ثابتاً على نهجهم القويم الذي انتهجه منذ نعومة أظافره، يبث معارفهم النقية من كل شائبة بين أهل الولاية وخلان الهداية في عصر كان الظلم العباسي وظلامه على أشده، والتعصب الديني قد بلغ الذروة، وقد تصدى لأصحاب المقالات الفاسدة، والآراء الحائدة، ودمغ حججهم الباطلة بحججه الكاملة إلى أن تعرض للأذية من بعضهم، واتهمه آخرون بالقرمطة مع أنه كان من المناوئين لهذه الحركة الباطنية، ومفنداً لآراء أصحابها واعتقاداتهم، ومخالفاً لميولهم المنافيـة لمعـالم مدرســة أهل البيت عليهم السلام.

وكذلك تصدى لبدع الحلاج المشحونة بالاعوجاج، وتبرأ منها، وحاد بأهله عنها، وما جاء في هدايته خير دليل على صحة ولايته.

وكان كغيره من الأعلام الذين لقوا العداء السافر، والبغض الشديد من الخلفاء العباسيين وأتباعهم المأجورين الذين قامت دولتهم الجائرة على دماء الطالبيين، وجماجم أشياعهم الموالين، ولم يَسْلَم الشيخ في تلك الآونة الضيقة والحرجة من مواقف شديدة ومضايقات عديدة أدت بعضها إلى سجنه في بغداد وبعضها الآخر إلى هجراته المتكررة إلى أن استقر به المطاف في حلب عاصمة الحمدانيين، تلك الدولة العادلة بحكّامها وأمرائها، دفعت الشيخ وغيره من العلماء والفقهاء والشعراء إلى الاقامة فيها، والركون إليها، كي ينعموا بظل عهدها الميمون ببعض الحرية والراحة اللتين فقدوهما طويلاً، فشرعوا يؤلفون كتبهم ويدوِّنون ما حفظوه عن الأمناء من الأخبار الدّالة على فضائل ومناقب أهل العصمة عليهم السلام دون خوف من سلطان جائر يعمل على اخفات تلك الأصوات الصادقة والقلوب الناطقة، فكان من عصارة وثمرة ذلك العهد المبارك أن وصلت إلينا عشرات الكتب المليئة بالفوائد، والمكتظة بالفرائد، ولكن للأسف الشديد فقد تعرض بعضها لعبث المشوهين، وتلاعب المحرفين، ومن جملتها الهداية الكبرى لشيخنا الخصيبي (ق).

وختاماً لما تقدم فان موقف الشيخ من تيارات عصره السياسية والفكربة يتلخص بموقفه الرافض رفضاً كلياً لكل ما يخالف الثقلين:
كتاب الله والعترة الطاهرة اللذين من تمسك بهما لن يضلّ أبداً.

---------------------------------------------------------------------------------

(1) المعجم الفلسفي - جميل صليبا -.
(2)
العلامة الشيخ سليمان الأحمد (ق).
(3)
من المعروف بأن الشيخ كان يتمتع بثقة سيف الدولة الحمداني واحترامه ومع ذلك فانه لم يستغل ذلك لنيل مناصب سياسية أو دينية كما كان يفعل أكثر الفقهاء المقربين من الملوك والأمراء وهذا من أدل دليل على ما أوضحناه وبيناه من أن دأب الشيخ وشغله الشاغل كان مُنْصَبّاً منحصراً في غاية واحدة ألا وهي نشر مذهب أئمته عليهم السلام وترسيخه في قلوب شيعتهم وتوضيح معالمه والدفاع عنه والتفاني في سبيله.

 

نفي المطاعن




ليس المهم أن يكتب الكاتب فحسب، بل المهم أن يعرف ماذا يكتب، وإلا فلا حاجة إلى كتابته، والأهم من كل ذلك فإنه إذا كتب فعليه أن يوثّق معلوماته التي يقدمها بالأدلة القاطعة والحجج الساطعة المقنعة للقارئين والمقبولة عندهم.

أما أن يدلي بمعلومات يتيمة من خياله الواسع ليقنع الآخرين بها، فهذا أمر بعيد عن صفات الكاتب المنصف الذي يحترم نفسه وحرفته.

بالإضافة الى ذلك فانه يساهم في تحريف الحقائق مع من حرّفوها، وخصوصاً في ترجمة الأعيان التي تتطلب الدقة التامة والموضعية الشاملة، والحقيقة المجردة عن الأهواء والغايات.

لقد كتب الكثير من المؤرخين ترجمات عن الشيخ الخصيبي لا علاقة له بها لا من قريب ولا من بعيد ( إلا نادراً )، بل أطلقوا الكلام على عواهنه من دون أن يقدموا لنا دليلاً واحداً على صحة أقوالهم، فخلطوا الحابل بالنابل، ولم يميّزوا بين الصالح والطالح، والأغرب من كل ذلك اعتبارهم له بأنه شخصية شبه غامضة لم يعرف عنها الا الشيء القليل ويندر وجود ترجمة كاملة له تتحدث عن حياته من بدايتها الى نهايتها ولم يعلموا ( أو لعلهم تجاهلوا ) بأن هناك المئات من الأعلام الكبار لم يُعرف عنهم سوى القليل الذي لا يروي غِلة ولا يشفي عِلة، ولهذا أقول:

إنه من الطبيعي أن يعتبر الشيخ الخصيبي (ق) شخصية شبه غامضة ما دام القوم لا يعرفون حتى التلفظ باسمه فتارة يقولون الحضيني، وطــوراً الخصيــبي، وكذلك الأمر في تاريخ وفاته فقد تناقضوا فيما بينهم بعدة تواريخ:
منهم من قال أنه توفي سنة 358هـ.
ومنهم أصرّ على أن وفاته كانت سنة 334هـ.
ومنهم من أصاب الهدف من حيث لا يدري وقال سنة 346هـ.

وهناك أمور أخرى تناقضوا فيها يطول سردها وتفصيلها فعدم ذكرها أفضل والدخول في صميم الحديث أجدى وأكمل.

إن من أكثر المتحاملين على الشيخ الخصيبي (ق) هما النجاشي وابن الغضائري، ولما راجعت ما كتباه عنه لم أجد لهما نصاً يؤكد مزاعمهما فلذلك رأيت من الأفضل البحث عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء طعنهما لتنجلي لنا الأمور على جليتها وعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق أقول وما توفيقي الا بالله العلي العظيم:

إن الطعون الموجهة الى الشيخ من قبل النجاشي وابن الغضائري وغيرهما فنّدها ودحضها السيد محسن الأمين العاملي بكليتها في كتابه القيّم وموسوعته الشاملة ( أعيان الشيعة )، و وردّ على المتحاملين عليه رداً جميلاً بقوله:
(
لو صح ما زعموا وما ذهبوا إليه ونسبوه له لما كان الأمير سيف الدولة الحمداني المعروف والمشهور بصحة عقيدته الإسلامية، وولائه للعترة الطاهرة آل البيت سلام الله عليهم، صلّى عليه وائتم به ).
وقال أيضاً:
(
والقدماء كانوا يقدحون بفساد العقيدة والتخليط بأشياء كانوا يرونها غلوّاً وهي ليست كذلك ).

ومن يراجع كتاب أعيان الشيعة يُلاحظ أن مؤلفه كان واضـح الميـل إلى توثيقه لاثبات رواية التلعكبري (1) عنه واستجازته ولعدم قدح الشيخ به، وثناء صاحب الرياض عليه بقوله: فاضل عالم محدث، وكذلك استدلالاً برواية أبو العباس بن عقدة، وثناؤه عليه.

وقد أكّد السيد الأمين أيضاً بأن الغضائري ( لم يسلم منه أحد لذلك لم يعتنِ العلماء بذمومه ).
وأوضح هذه الناحية العلامة الشيخ جعفر السبحاني وذلك في معرض حديثه عن ابن الغضائري حيث يقول:
(
ان تضعيفه للرواة والمشائخ لم يكن مستنداً الى الشهادة والسماع بل كان اجتهاداً منه عند النظر إلى روايات الأفراد، فإن رآها مشتملة على الغلو والإرتفاع حسب نظره، وصفه بالضعف ووضع الحديث ). (2)
واستشهد عن المجلسي بقوله:
(
ولكن أفرط بعض المتكلمين والمحدثين في الغلو لقصورهم عن معرفة الأئمة عليهم السلام، وعجزهم عن إدراك غرائب أحوالهم، وعجائب شؤونهم، فقدحوا في كثير من الرواة الثقاة بعض غرائب المعجزات حتى قال بعضهم: من الغلو نفي السهو عنهم، أو القول بأنهم يعلمون ما كان وما يكون ) .(3)

ثم عقب قائلاً ( والحديث للشيخ السبحاني ):
(
وعلى ذلك فليس من البعيد أن الغضائري ونظراءه الذين ينسبون كثيراً من الرواة الى الضعف والجعل، كانـوا يعتقدون في حق النبي والأئمة عليهم السلام عقيدة هذه المشائخ فـاذا وجـدوا أن الرواية لا توافق معتقدهم اتهموه بالكذب ووضع الحديث.
والآفة كل الآفة هو أن يكون ملاك تصحيح الرواية عقيدة الشخص وسليقته الخاصة فإن ذلك يوجب طرح كثير من الروايات الصحيحة واتهام كثـير مـن المشائخ.
والظاهر أن الغضائري كان له مذاق خاص في تصحيح الروايات وتوثيق الرواة، فقد جعل اتقان الروايات في المضمون حسب مذاقه دليلاً على وثاقة الراوي، ولأجل ذلك صحح روايات عدة من القميين، ممن ضعّفهم غيره، لأجل أنه رأى كتبهم وأحاديثهم صحيحة.
كما أنه جعل ضعف الرواية في المضمون، ومخالفته مع معتقده فيما يرجع إلى الأئمة، دليلاً على ضعف الرواية، وكون الراوي جاعلاً للحديث، أو راوياً عمن يضع الحديث، والتوثيق والجرح المبنيان على اتقان المتن، وموافقته مع العقيدة من أخطر الطرق إلى تشخيص صفات الراوي من الوثاقة والضعف ) .

ثم ختم قائلاً :
ولاجل ذلك لا يمكن الاعتماد على تضعيفاته، واستشهد بقول المحقق (( الداماد )) من أنه ( أي الغضائري ) قلّ أن يسلم أحد من جرحه أو ينجو ثقة من قدحه.(4)

ومن أراد الاستزادة فليراجع كتابه القيم (كليات في علم الرجال ) ففيه المزيد للمستزيد.

نستنتج مما تقدم بأن الشيخ الخصيبي (ق) لم يكن ذنبه الا أنه روى أخبـاراً صحيحة عن الأمناء في فضائل أئمته عليهم السلام، فطعن به وبعقيدتـه من لم يعتقدها، وأثنى عليه من أخذ بها وحققها، فانقسم فيه الرجال ما بين مادح وقادح، ومحب ومبغض، فاستدللنا على الضعيف بقدحه، وعلى القوي بمدحه، فكان الشيخ ميزاناً للرجال يُعرفون من خلاله.



وقال العلامة ميرزا محمد تقي في كتابه صحيفة الأبرار بعد كلام تقـدم له:
هذه الأخبار قليلة من كثير ما ورد في هذا الشأن أخرجناها في هذا المقام ليعلم الناظر المنصف حقيقة ما ذكرناه من وجوه نشوء القدح في كثير من أعاظم الأصحاب والتابعين لهم بإحسان، ومما يوضح بعض تلك الوجوه أن كثيراً من المسائل التي صارت سبب القدح في حق بعضهم قد صار بعد ذلك بين الشيعة من الأمور الضرورية فمن ذلك:

ما رواه الكشي رحمه الله في ترجمة يونس فانه روى حديثاً عن الحسن الرضا (ع) يدل على أن أهل البصرة كانوا ينكرون على يونس بن عبد الرحمن قوله أن من السنة أن يُصلي الانسان ركعتين وهو جالس بعد العتمة، وأنت تعلم أن هذه الصلاة من النوافل الراتبة فاذا كان الناس يجعلون مثل هذا سبباً للقدح في مثل يونس فما ظنك بسائر الأمور الخفية.

ومنها ما رواه أيضاً في ترجمة زرارة بسنده عن حمزة بن حمران قال: لقيت أبا عبدالله (ع) فقلت له بلغني أنك لعنت عمي زرارة قال:
فرفع يده حتى صك بها صدره ثم قال لا والله ما قلت ولكنهم يأتون عنه بأشياء فأقول من قال هذا فأنا منه بريء، قال قلت فأحكي لك ما يقول, قال : نعم قال قلت: يقول إن الله عز وجل لا يُكلف العباد إلا ما يطيقون وأنهم لم يعملوا إلا أن يشاء الله ويريد ويقضي. قال: هو والله الحق، ودخل علينا صاحب الزطي فقال له يـا ميسـر لست على هذا ؟ قال على أي شيء أصلحك الله، أو جعلت فداك، قال:
فأعاد هذا القول عليه كما قلت له ثم قال هذا والله ديني ودين آبائي. انتهى.

فإن هذه المسألة ( الكلام للميرزا ) التي قد صارت بين الشيعة من المسلمات أحد أسباب القدح من ضعفاء الشيعة في يونس بن عبد الرحمن، وزرارة بن أعين، وبريد بن معاوية، ومن تابعهم كما يظهر في الآثار المنقولة حتى أن مذهبهم هذا عرض على الأئمة في بعض الأخبار فتبرؤاً منه تقية من الشيعة الضعفاء فضلاً عن المخالفين.

ومنها مسألة الرجعة فان جماعة من الشيعة كانوا يعدونها من التناسخ المجمع على بطلانه وكانوا يرمون من يقول بها بالكفر وينسبونه الى القول بالتناسخ، ولذا كانت الأئمة عليهم السلام لا يظهرون تلك المسألة الا لخواص أصحابهم، ويظهر ذلك لمن تتبّع الآثار وتردد في مجامع الأخبار مع أنها الآن من ضروريات مذهب الشيعة ومُنكرها خارج عن حوزة الايمان.

ومنها مسألة نفي السهو عن النبي والأئمة عليهم السلام فإن محمد بن الحسن بن الوليد جوّز ذلك وتمسك فيه بخبر ذي اليدين المعــروف، وتبعه شيخنا أبو جعفر محمد بن بابويه رحمه الله في ذلك(5) فقال في الفقيه بعد ايـراد الخبر في سهو النبي في الصلاة ما هذا لفظه:
قال مصنف هذا الكتاب أن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي صلى الله عليه وآله إلى أن قال وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد يقول أقل درجة الغلو نفي السهو عن النبي صلى الله عليه وآله فلو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن تُرَد جميع الأخبار وفي ردها إبطال الدين والشريعة وأنا أحتسب الأجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبي والرد على منكريه ان شاء الله تعالى. انتهى.

فتدبر أيها الناظر (الكلام للميرزا) إذا كان مثل ابن الوليد وتلميذه قد جعلا من علامة الغلو والتفويض انكار سهو النبي الذي أجمع جميع من جاء بعدهما من أساطين الشريعة على تنزيهه صلى الله عليه وآله وسلم عنه فلا ريب أنهما كلما وجدا رجلاً ينكر ذلك حكما عليه بالغلو والإرتفاع فبعد هذا كيف يبقى الوثوق على جرحهما للرجال لمقتضى اجتهادهما في عقائدهم000

وقال:
وقد رمى علماء الرجال جماعة بالكفر والغلو والارتفاع والتخليط مع أن الأئمة عليهم السلام كانوا يدنونهم ويلطفون بهم وينزلونهم منازل المقربين كالمفضل بن عمر ويونس بن عبد الرحمن وهشام بن الحكم ومحمد بن سنان وسهيل بن زياد الآدمي، ونظرائهم 000 وان ما ورد عن الأئمة عليهم السلام في حقهم من الذموم انما لمصلحة ما وليس على سبيل الحقيقة.

وقال بعد حديث تقدم:
ولم تنزل آية أو وَحي من الله تعالى بأن الحجة في هذا الباب مقصورة على كتابي الشيخ وكتاب الكشي، والنجاشي، وابن الغضائري مثلاً لا غير، وان من استعلم حال الرجال من سائر الكتب الغير موضوعة لهذا الشأن واستخرج منها قرائن قطعية على حسن حال الرجال… أو سوئه فقد خرج عن ربقة الدين وترك سنة سيد المرسلين (ص) كما يشهد بذلك حال الكثير من المصنفين فان من تتبع مسطوراتهم وجدهم قد سدوا باب التحقيق بالكلية وحصروا طريق العلم بأحوال الرجال فيما ضبط هؤلاء السابقون في كتبهم مع أنهم كان عذرهم في ذلك لقاء هؤلاء للمعدلين والمجروحين دون من تأخر عنهم فهو كذب بحت فإنهم لم يلاقوا الا من عاصرهم وعرفوا حاله، وإنما استعلموا حال كثير منهم باجتهادهم في رواياتهم وفي الأخبار الواردة في شأنهم والأقوال المقولة في حقهم ومثل هذا الاجتهاد مشترك بين المتقدم والمتأخر فما بال المتأخرين لا يقبل اجتهادهم في ذلك ويقبل اجتهاد المتقدمين سيما مثل اجتهاد شيخنا الصدوق حيث قال في عقائده:
إن علامة المفوضة والغلاة نسبتهم مشائخ قم وعلماءهم إلى القول بالتقصير (انتهى).(6)
وقد عرفت فيما قبل أن القميين كانوا يتهمون الرجل بأدنى شبهة وأن كثيراً منهم كانوا من ضعفاء الشيعة ولذا سقطت تصنيفاتهم عن أنظار المتأخرين 000
وبالجملة من تدبر في كلمات القوم وجد أكثر ما تمحِّلوه في هذا الباب خارجاً عن طريق السداد والصواب.

(
ثم أتى على ذكر من بالغ في هذا الشأن ) كالفضل بن شاذان النيشابوري الذي قال عنه: انه مع تشيعه ووثاقته في الحديث كان ضعيف البصيرة يتهم كثيراً من الأصحاب بفساد العقيدة.

وأحمد بن محمد بن عيسى القمي فانه مع جلالته كان قليل المعرفة مبرماً في الطعن على أصحاب العلم والمعرفة وقد أخرج من قم جماعة بتهمة الغلو وغيره، كسهيل بن زياد الأدمي (7) وأحمد بن محمد بن خالد البرقي صاحب المحاسن وأمثالهما.

ومحمد بن الحسن بن وليد شيخ الصدوق فانه أيضاً بالغ في التسارع الى الانكار بمقتضى اجتهاداته الغير مقبولة، وناهيك في معرفة ضعف بصيرته ونزارة معرفته ما سمعت فيما مر من قوله الغير سديد.

وأحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري صاحب كتاب (الرجال ) المقصور على ذكر الضعفاء فانه ممن أفرط في هذا الشأن في المقال، وتجاوز حد الاعتدال حتى أن من تأمل في مبالغة ذلك يوهمه أنه ما كان همه الا تكبير حجم كتابه، وبالجملة فانه لم يقصر في التجاسر على حفظة آثار أهل العصمة وسدنة شرائع نبي الرحمة بل بذل فيه ما يبلغ اليه جهده.
ولذا جل من أتى بعده من المحققين أخذ في الرد عليه (8).
والذي ظهر لي ( والكلام للميرزا ) من حال هذا الرجل انه ممن لم يكن له حظ في مواريث العلم ولا استعداد لتحقيق موارد الشبهات وانما أخذ شيئاً من الأفواه ولم يتقنه على الكمال فنبذ عقله وراء ظهره وقدّم هواه أمامه ووقع بين العلماء وسلك نفسه في سلكهم فجعل كل من يمر عليه يرميه بلسانه ولا يبالي أأخطأ أم أصاب.


ولقد وقفت على كلام لبعض الناس في الاعتذار عن مبالغة هذا الرجل في القدح ( أي مبالغة الغضائري ) يعجبني ذكره وهو أنه قال:
ان هذا الصنع منه لو لم يكن موجباً للمدح لم يكن مورثاً للقدح لأنه يكشف عن كمال تثبت الرجل وشدّة احتياطه في الدين وغاية تتبعه لموارد اليقين (9)
وأنا أقول :
أيها الرجل حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء فان الاحتياط له مورد مخصوص وليس هذا منه فان القدح في البريء بالكفر والزندقة والغلو والالحاد بمجرد الظن بل الوهم من أعظم الكبائر عند الله، وكيف ولم يرض الله تعالى بقذف من ظاهره الايمان ببعض المعاصي كالزنا وشبهه إلا بما رأته عينك على نحو العيان الذي لا يعتريه شبهة فكيف بقذفه بأسباب الكفر؟
وأيضاً كيف يجوز الاحتياط في قدح الرواة وهو يؤدي الى تضعيف جملة وافية من أخبار الأصول والفروع وتعطيل كثير من الأحكام الدينية فالبيّن ان هذا الا إختلاق، فهذا المعتذر لو اعتذر عن اعتذاره هذا كان أولى له وأحسن لأنه قال قولاً أول من خالفه فيه هو الله عز وجل في قوله لنبيه (ص) :
((
وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )). الآية.
وفي قوله تعالى:
((
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )). الآية.

هذا ولعلك تلومني في اساءة الأدب على مثل ابن الغضائري وتقول أنه طعن في أهل العلم، فأقول: يا أخي ان كان الطعن في أرباب العلم قبيحاً فهذا الرجل قد طعن في ألف رجل كلهم من أساطين الشريعة وحملة آثار الوحي والتنزيل فالرجل هو الذي فتح هذا الباب على نفسه ولا ذنب لأحد في ذلك ابداً فإن من حفر لأخيه بئراً وقع فيها (10) .

وهنا أقول :
إن من يتمعن بتأنّ فيما قدّمناه من الشواهد الواضحة والصريحة، والدلائل اللائحة المريحة، يدرك الأسباب الحقيقية وراء اتهام الشيخ بالغلو وفساد المذهب ويستدلّ أيضاً على ضعف وتقصير من رموه بذلك البهتان وحينها ينشد معنا قول المتنبي:

وكم من عائب قولاً صحيحاً *** وآفته مـن الفهم السقيـم
ولكـن تأخذ الآذان منــه *** على قدر القرائح والعلـوم



فعلّة الاتهام بالغلو تعود الى نفي السهو عن النبي والأئمة المعصومين، والتصديق بمعاجزهم والاخبار عنها، ورواية فضائلهم.

وعلّة الاتهام بالتناسخ تعود الى القول بالرجعة وتصديقها.

وعلّة الاتهام بالوضع تعود الى رواية الأخبار التي عجز البعض عن قبولها لضعف مداركهم وقد ثبتت فيما بعد بواسطة المحققين.

وعلّة العلل هي عدم التبين الذي أمر الله جل وعلا به.

وكنّا قد ذكرنا فيما مضى بأن الشيخ (ق) قد اتّهم بالقرمطة وهذا أمر عجيب وغريب اذ كيف يتفق ذلك مع اتهام البعض له بالغلو وهما أمران متناقضان عقلاً ونقلاً فالمُغالين في أمير المؤمنين (ع) (وهذا إن كان لهم وجود فعليّ كما قيل) ليسوا قرامطة، والقرامطة المعروفون تاريخياً ليسوا من المغالين في الامام (ع) ، ولكل من هاتين الفئتين اتجاهاتها الخاصة والمعاكسة للأخرى، وللمزيد من التفصيل لا بد من توضيح هذين الأمرين المتعلقين (بالقرامطة والغلاة) .


--------------------------------------------------------------------------------------------

(1) هو أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري الذي أعطاه الشيخ الخصيبي إجازة في التاريخ سنة 344هـ.

(2) كليات في علم الرجال - العلامة الشيخ جعفر السبحاني ص 98.

(3) بحار الأنوار للمجلسي ج 25 ظ ص 347.

(4) كليات في علم الرجال.

(5) أورد السيد حسن الموسوي الخراسان في ترجمة الصدوق ما يلي: وإلى القارىء بعض ما عثرنا عليه من فتاواه الغريبة وآرائه الخاصة (فعدد ثمانية فتاوى ثم قال): جواز السهو عن النبي (ص) وسماه من الله تعالى تبع في رأيه ذلك شيخه محمد بن الحسن بن الوليد وتبعه على رأيه ذلك الشيخ الطبرسي في مجمع البيان كما نقل عنه التنكابني في قصص العلماء والسيد الجزائري في الأنوار النعمانية وفخر الدين الطريحي في مجمع البيان مادة (بدا) والمحقق الفيض الكاشاني في الوافي على ما يظهر من كلامه، ونقل عن البهائي رحمه الله أنه قال: الحمد لله الذي قطع عمره ولم يوفقه لكتابة مثل ذلك. ونقل عن الشيخ أحمد الاحسائي أنه قال: الصدوق في هذه المسألة كذوب. ولا يخلو كلامهما من سوء أدب نربأ بأمثالهما عن ذلك. - أحمد الموسوي الخرسان -.

(6) قال الشيخ المفيد في كتابه ( تصحيح الاعتقاد بصواب الانتقاد ): وأما نص أبي جعفر رحمه الله ( أي الصدوق) بالغلو على من نسب مشائخ قم وعلمائهم الى التقصير فليس نسبه هؤلاء القوم الى التقصير علامة على غلو الناس، اذ في جملة المشار اليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصراً، وانما يجب الحكم بالغلو على من نسب المحققين الى التقصير سواء كانوا من أهل قم أم من غيرها من البلاد وسائر الناس.
وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي حعفر محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله لم نجد لها دافعاً في التقصير وهي ما حكي عنه أنه قال: أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي والامام ع فان صحت هذه الحكاية عنه فهو مقصر مع أنه من علماء القميين ومشيختهم.
وقد وجدنا جماعة وردوا الينا من قم يقصرون تقصيراً ظاهراً في الدين، وينزلون الأئمة عليهم السلام عن مراتبهم ويزعمون أنهم كانوا لا يعرفون كثيراً من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم، ورأينا من يقول أنهم ملتجئون في حكم الشريعة الى الرأي والظنون ويدعون مع ذلك أنهم من العلماء وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه. (انتهى)

(7) سهيل بن زياد الأدمي أتينا على ذكره فيما مضى من القول فقد روى عنه الشيخ الخصيبي ق، وهو من أساتذة الكليني، وقد عده الطوسي من أصحاب الامامين العسكريين عليهما السلام.

(8) قال صاحب الرواشح: فأما الغضائري فمتسارع الى الجرح حرد أو مبادر الى التضعيف شططاً.

(9) الاحتياط في هذا المجال لا يوجب قدح الراوي واتهامه بالكفر والوضع واختلاق الحديث بل يوجب رد الرواية الى راويها ثم النظر فيها والبحث عن معانيها وهذا أجدر بذوي العقول الثاقبة والبصائر النافزة.

(10) صحيفة الأبرار - العنوان الخامس.

 

 

القرامطة

هي إحدى الفرق الباطنية(1) التي شغلت السلطات العباسية قرابة قرنٍ من الزمن وأشاعت الاضطراب والقلق في الشرق العربي بما خلقته من أفكار ثورية. بدأت هذه الحركة بحمدان بن الأشعث، وهو الذي نزل عند الداعي المؤسس لهذه الفرقة: الحسين الأهوازي الذي جاء من ناحية خوزستان، وهذه التسمية لم تتخذها هذه الفرقة الباطنية لنفسها، وإنما أطلقها أعداؤها عليها في العهود المبكرة لقيامها.

عوامل نشوء هذه الحركة :

إن المجتمع الأموي كان يقوم على سيادة العنصر العربي (2)، فكان لا يتمكن أي إنسان من الانتساب الى صفوفه إلا بطريق الولادة، ولم يكن أفراده يدفعون الضرائب عن أراضيهم، وكانوا وحدهم أصحاب الحق بأن يتجندوا في الأمصار ويقبضوا الرواتب المغرية، فضلاً عن حقهم بالأعطية من غنائم الفتوح، ولم يكن حلول العباسيين محل الأمويين أكثر من مجرد تغيير الأسرة الحاكمة.

وبذلك تبين أن الأسباب التي أدت الى قيام الحركة القرمطية كانت هي أيضاً في جوهرها حركة قومية إقليمية واقتصادية واجتماعية.

ولعلنا لا نأتي بجديد حين نقول أن الأمويين بسياستهم هذه قد مهّدوا الطريق لمن يريد ضرب الدولة الإسلامية، وكان أفضل وسيلة للمنفعلين بهذه الأسباب أن اتخذوا من الصراع العقائدي بين بني أميّة وبين بني هاشم ذريعة لتقويض الحكم العربي العنصري، ونقض التعاليم الإسلامية، وذلك بادعائهم الولاء للهاشميين في مطالبتهم بحقهم بالخلافة دون الأمويين.

وهكذا تكون كل الحركات الباطنية توسلت بشعار الولاء لآل البيت النبوي من أجل الوصول الى هدف واحد، هو الثأر من حكّام الوقت، الذين أشاعوا البدع الجاهلية تحت غطاء الإسلام، ومنها التركيـز على العنصر العربي والحطّ من الموالي المسلمين.

بداية هذه الدعوة :

كان ابتداء الدعوة القرمطية في البحرين عن طريق رجلٍ يعرف بيحي بن المهدي، الذي قصد بلدة القطيف وحلَّ فيها ضيفاً على رجلٍ يعرف بعلي بن المعلّى بن حمدان مولى الزياديين، فأظهر له يحي أنه رسول المهدي، وكان ذلك في سنة 281هـ، وذكر أنه خرج الى شيعته في البلاد يدعوهم الى أمره، وأن ظهوره قد قرُب. فأخبر عليّ بن المعلّى الشيعة من أهل القطيف، وقرأ عليهم الكتاب الذي مع يحي بن المهدي المرسل إليهم من المهدي، فأجابوه، وأنهم خارجون معه إذا ظهر أمره. ووجّه الى سائر قرى البحرين بمثل ذلك، فأجابوه وكان أبو سعيد الجنابي يبيع للناس الطعام، ويحسب لهم بيعهم.

ويقول مؤلف ( البحرين عبر التاريخ ) أن حمدان قرمط ابن الأشعث هو مؤسس حركة القرمطيين في واسط بين الكوفة والبصرة، حيث أنشأ داراً للهجرة، وجعلها مركزاً لبثّ الدعوة، ثم كلّف دعاته بإنشاء فروع للحركة أهمها على الإطلاق، فرع البحرين الذي أقامه أبو سعيد الجنابي (3).

أقوال المؤرخين :

أجمع القدماء من مؤرخي الشيعة والسنّة على اتهامهم بإبطال التكاليف الشرعية، والعمل على هدم الإسلام، وإشاعة المحرّمات بين أبنائه. أما المعاصرون فقد انقسموا فيهم الى عدة أقسام:

 قسمٌ رأى أنها دعوة تهدف بمضمونها الى تطبيق مبدأ العدالة في الإسلام (كالدكتور محمود اسماعيل صاحب كتاب الحركات السرية في الإسلام وبعض مؤيديه ).

وهنا أقول:

هل تطبيق مبدأ العدالة في الإسلام يقضي بنهب أموال الحجيج، وقتل النفوس البريئة في المسجد الحرام؟ فقد روى ابن الأثير في تاريخه أنه حجَّ بالناس في هذه السنة ( 317هـ ) المنصور الديلمي، وصار بهم من بغداد الى مكّة، فسلموا في الطريق، فوافاهم أبو طاهر القرمطي بمكّة يوم التروية، فنهب هو وأصحابه أموال الحجّاج وقتلوهم حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه، وقلع الحجر الأسود ونفذه إلى هجر. فخرج إليه ابن محلب أمير مكّة في جماعة من الأشراف فسألوه في أموالهم، فلم يشفعهم، فقاتلوه، فقتلهم أجمعين، وقلع باب البيت، وأصعد رجلاً ليقلع الميزاب فسقط فمات. وطرح القتلى في بئر زمزم، ودفن الباقين في المسجد الحرام، حيث دفنوا بغير كفن ولا غسل ولا صلّى على أحد منهم، وأخذ كسوة البيت، فقسمها بين أصحابه ونهب دور أهل مكّة ...الخ. (4)

- وقسمٌ آخر قال أن الغاية من هذه الحركة نصرة آل البيت عليهم السلام وردّ حقهم المغصوب.

وأنا أقول:

إن أصحاب هذا الرأي أرادوا النيل من مذهب أهل العصمة عليهم السلام، والحطِّ من مكانته، وذلك من خلال نسبة هذه الحركة الى رجالاته ، أو القول بأنها قامت لتحقيق غاياته.

وكنا قد أوضحنا سابقاً بأن الحركات الباطنية وغيرها توسلت بشعار الولاء لآل البيت، وتسترت به بهدف الوصول الى غاياتها المتناقضة شكلاً ومضموناً مع مذهب أهل البيت

عليهم السلام.

- وقسمٌ أسرف في اتهامهم لدرجة إلصاق الإلحاد والإباحية بهم.

وأما ما أراه صحيحاً وواقعياً هو ما قاله المغفور له فضيلة العالم الديّان الشيخ محمد حسن شعبان (ق) في مقال كتبه سنة 1960 رداً على الأستاذ شكري فيصل، حيث قال تحت عنوان

( للحقيقة ):

كانت حركة القرامطة قرمطية صرفة، ولم تكن الغاية منها نصرة آل البيت، ولا ردّ حقّهم المغصوب إليهم، وهي إحدى العوامل الكثيرة التي أطاحت بالإمبراطورية العربية، وما امُحى من باطنيتهم، تثبته رسائلهم، التي هي اليوم في متناول كل يد. أما شيوع النساء بين أتباعهم في مشاهد رعناء حمقاء فهذا شيء لا تتقبله البصائر والألباب، وهو مجرّد اتهام، وإني من رأيك بأن تاريخنا قد كتب بأقلام مشبوهة، فما كانت إغارة القرامطة على مكّة واقتلاع الحجر الأسود إلا امتداد لمأساة قذف البيت المطهّر بالحجارة، ودكّ جانبٍ منه، وإباحة المدينة المنوّرة لجيش لا يداخلك أدنى ريب في إسلامه. وإذا كانت الحركات الهدّامة تُسقى من نبعٍ واحد، فليس الراضون بفعلة هؤلاء بشرٍ على الإسلام. والعرب من الراضين بفعلة أولئك، وأن لطيّ هذه الصحائف السوداء المخزية خير لأجيالنا الصاعدة وهي سائرة في طريق الوحدة(4). وإني لجدّ مستغرب قولك ( ما نراه اليوم هو الذي نراه بالأمس ). فماذا نرى اليوم؟ غير مثل هذه الضربات القاسية في أساس صرح عربي موحّد، ترسى أركانه، وتحكم بنيانه قادة أمناء يريدون بنا الخير، ويعملون على إزالة الفوارق العقيمة، ويسيرون بنا على المحجّة البيضاء التي لا يضلّ عليها السالك.

انتهى.

والفقير يقول:

أنه من المعروف بأن هذه الحركة حوربت من قبل العباسيين وقتذاك، وقتلوا الكثير من زعمائها، وكان وشاة ذلك الزمان من فقهاء مأجورين وأزلام فاسدين إذا أرادوا النيل من أحدٍ ما، اتهموه بالقرمطة كذريعةٍ لإنزال أقصى العقوبات فيه، فكان الشيخ (ق) من ضحايا هذه الشائعات الكاذبة، والمؤامرات الرخيصة، وقد سجن بسبب ذلك كما بيّنا سابقاً، وليس مرادنا مناقشة عقائد هذه الدعوة، أو سرد تاريخها، إنما الغاية هي توضيح الأسباب التي أدت الى تعرّض الشيخ للسجن في بغداد، وللمقارنة فيما بينها وبين فكرة الغلوّ. والذي لا بد من توضيح حقيقته التي غفل عنها أو تغافلها عمداً الكثيرون.

 

(1) إن القرامطة جاءت من معنى لغوي وهو قرمطَ الرجل في خَطْوه إذا قارب بين السطور في كتابته. ويقال أن حمدان بن الأشعث مؤسس هذه الفرقة سميَّ قرمط لقصر قامته ورجليه

(2) إن المقياس الصحيح لمعرفة المسلم من غيره هو التقوى وليس العنصر وهذا ما يميز الإسلام عن غيره من الديانات الأخرى لقول السيد الرسول (ص) لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى. فسلمان الفارسي أقرب إلى الرسول(ص) من أبي لهب العربي، وبلال الحبشي أوثق عنده من جملة من صحابته العرب إلى ما هنالك من الأمثلة البارزة، فلو عملَ المسلمون ضمن هذه القاعدة القويمة لتجنبوا الكثير من الثورات التي قامت بسبب التمييز العنصري

(3) تاريخ الإسماعيلية: الشيخ جعفر السجاني.

(4) كتب شيخنا الفاضل هذا المقال في عصر الوحدة العربية بين مصر وسوريا.

 

 

 

 

الغلـوّ والغـلاة



عرّف بعضهم الغلو بقوله: هو التجاوز عن الحد والخروج عن القصد.

وهنا نسأل ما هو هذا الحد الذي من تجاوزه صنّف مغالياً ؟

أهو القول بأن عليّاً (ع) هو أفضل الصحابة ؟
أو الإعتقاد بأنه الخليفة الشرعي للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ؟
أو الإيمان بعصمته وعصمة أبنائه الكليّة ؟
أو التصديق بأن الله أيدهم بخوارق المعجزات ؟
أو التسليم اليقيني بكل ما ورد عنهم وصدر منهم ؟
فهل هذا هو الغلو الذي من قال به اعتبر متجاوزاً للحد خارجاً عن القصد ؟

فان كان هو كما صرّح بذلك بعض المتعصبين والمقصرين فان الشيخ ومن قال بقوله من العلماء والفقهاء يعدون من أكثر الناس غلوّا.

ولكن هل نسي مطلقو هذه الفريّة بأن الأدلّة على صحة هذه المقولات الاعتقادية أكثر من أن تُحصى، وهي مبثوثة بكثرة ملحوظة في كتب الفريقين رواها عشرات العلماء في مصنّفاتهم المعتمدة والموثوقة عند أجلّتهم.

أقول متيقّناً بأنهم لم ينسوا ذلك، ولكنها الغايات التي تبرر الوسائل عندهم، حتى وإن كانت هذه الوسائل تنصبّ في تكفير أهل الايمان واليقين.

إنّ تجاوز الحد والخروج عن القصد ليس في قول ما هو صحيح و ثابت، بل هو كما اتفق عليه في تأليه الأئمة، أو تأليه غيرهم، وفي تصوري أنه لا يوجد من يقول بذلك لا من هنا ولا من هناك.

 

 

وعلى هذا الأساس الراسخ فان الاتهام بالغلو هو مرض قديم وداء عضال ابتليت به الأمة الاسلامية فأدى الى زيادة تنفير أبنائها من بعضهم البعض مما أعان عليها أخصامها الأَلدَّاء، وهذا المرض الخبيث له أسبابه المباشرة ومن جملتها:

- اختلاف أبنائها في العقائد وانقسامهم الى فرق ومذاهب.

- اختلاف أبناء المذهب الواحد سببه تفاوت في العقول وتفاضل في الأذهان.


فحينما يختلف هذا مع ذاك في تفضيل شخص على آخر سينتج عن خلافهما طعن وتكفير يؤدي الى افتراقهما وهذا الافتراق يؤدي إلى إختلاق الاتهامات المتبادلة.
وفي يقيني أنهما لو تبصّرا في عاقبة فعلهما لما تجرّءا على فعل ما فعلا.
وحينما ينكر أحدهما ما أقرّ به صاحبه فسيصدر عن المنكر تكفير بحق المقر، وعن المقر تضعيف بحق المنكر وهكذا الى ما لا نهاية.

إذاً فالغلو كذبة قديمة لا أساس لوجودها والاتهام بها صورة ضعف وعجز المتهم الذي لا حجة له إلا التكفير لستر عجزه المكشوف.

وبعد هذا التقديم السليم، والتعريف اللطيف، والتحليل الجميل أقول بأن بعض العلماء عرّف فرقة الغلاة بالقول التالي:

هم الذين غلوا في حق النبي وآله حتى أخرجوهم عن حدود الخليقة  (1)


وقد عدّهم الشهرستاني ( المشكوك بنزاهته والمعروف بافراطه في التعصب ) بأنهم إحدى عشر صنفاً وذكر من جملتهم النصيرية، وذكر آراءهم وعقائدهم (2).

ويرى بعض الفقهاء كالعلامة الشيخ جعفر السبحاني بأن ما ذكره الشهرستاني من الصنوف وما نسب إليهم من الآراء السخيفة غير ثابت جداً، وبرهن على صحة قوله بشواهد كثيرة إلى أن قال نقلاً عن أحد العلماء:
(
هذه ليست أول قارورة كسرت في التاريخ، بل لها نظائر وأمائل كثيرة، فكم من رجال صالحين شوّه التاريخ سمعتهم (3) وكم من أشخاص طالحين قد وزن لهم التاريخ بصاع كبير، وعلى أي تقدير فلا نجد لأكثر هذه الفرق بل جميعها مصداقاً في أديم الأرض).(4)
وقال أيضاً:
(
فلا جدوى في البحث عن الغلاة على النحو الذي ذكره الشهرستاني وغيره ( كالكشي والنوبختي ) في كتابه فان الرواة الواردين في اسناد الروايات منزهون عن الغلو بهذا المعنى الذي يوجب الخروج عن التوحيد والاسلام ويلحق الرجل بالكفار والمشركين ) .

ثم أبان عن الفرقة الغالية بقوله:
(
ان الفرقة المعروفة بالغلو هي فرقة المفوضة غير أنه يجب تحقيق معناها حتى يتبين الصحيح من الزائف ) .

ثم أوضح معنى التفويض وفصل بين الصحيح والزائف إلى أن قال:
(
المراجع إلى كلمات القدماء يجد أنهم يرمون كثيرا من الرواة بالغلو حسب ما أعتقد به في حق الأئمة، وان لم يكن غلواً في الواقع ).

واستشهد بقول الوحيد البهبهاني في الفوائد الرجالية حيث يقول:
(
فأعلم أن الظاهر أن كثيراً من القدماء لا سيما القميّين منهم والغضائري كانوا يعتقدون للأئمة عليهم السلام منزلة خاصة من الرفعة والجلالة، ومرتبة معينة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ورأيهم، وما كانوا يجوزون التعدي عنها، وكانوا يعدون التعدي ارتفاعاً وغلواً حسب معتقدهم، حتى أنهم جعلوا مثل نفي السهو عنهم غلواً بل ربما جعلوا مطلق التفويض اليهم، أو التفويض الذي اختلف فيه، أو المبالغة في معجزاتهم ونقل العجائب من خوارق العادات عنهم، أو الاغراق في شأنهم واجلالهم وتنزيههم عن كثير من النقائص، واظهار كثير قدرة لهم وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض (جعلوا كل ذلك ) ارتفاعاً مورثاً للتهمة به، لا سيما بجهة أن الغلاة كانوا مختفين في الشيعة مخلوطين بهم مدلسين ) .

وبالجملة الظاهر أن القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية أيضاً، فربما كان شيء عند بعضهم فاسداً، أو كفراً، أو غلواً، أو تفويضاً، أو جبراً، أو تشبيهاً، أو غير ذلك، وكان عند آخر مما يجب اعتقاده أو لا هذا ولا ذاك.
فيجب على العالم الباحث، التحقيق في كثير من النسب المرمي بها الأجلة، لما عرفت من أنه لم يكن في تلك الأزمنة ضابطة واحدة ليتميز الغالي عن غيره. (5)

ولا بد من التأمل في جرحهم بأمثال هذه الأمور ومن لحظ مواقع قدحهم في كثير من المشاهير كيونس بن عبد الرحمن، ومحمد بن سنان، والمفضل بن عمر وأمثالهم، عرف الوجه في ذلك، وكفاك شاهداً اخراج أحمد بن محمد بن عيسى، أحمد بن محمد بن خالد البرقي من قم، بل عن المجلسي الأول، أنه أخرج جماعة من قم، بل عن المحقق الشيخ محمد ابن صاحب المعالم، أن أهل قم كانوا يخرجون الراوي بمجرد توهم الريب فيه.
فاذا كانت هذه حالتهم وذا ديدنهم فكيف يعوّل على جرحهم وقدحهم بمجرّده، بل لا بد من التروي والبحث عن سببه والحمل على الصحة مهما أمكن، كيف لا، ولو كان الاعتقاد بما ليس بضروري البطلان عن اجتهاد، موجباً للقدح في الرجل، للزم القدح في كثير من علمائنا ( الكلام للممقاني ) المتقدمين، لأن كلاً منهم نسب اليه القول بما ظاهره مستنكر فاسد.

ومما يؤيد ذلك ما ذكره الوحيد البهبهاني في ترجمة أحمد بن محمد بن نوح السيرافي قال:
(انه حُكيَ في الخلاصة أن الشيخ كان يذهب الى مذهب الوعيدية ( وهم الذين يكفّرون صاحب الكبيرة ويقولون بتخليده في النار )، وهو وشيخه المفيد إلى أن الله تعالى لا يقدر على عين مقدور العبد كما هو مذهب الجبائي والسيد المرتضى الى مذهب البهشمية من أن ارادته عرض لا في محل، والشيخ الجليل ابراهيم بن نوبخت الى جواز اللذة العقلية عليه سبحانه، وأن ماهيته معلومة كوجوده وأن ماهيته الموجود، والمخالفين يخرجون من النار ولا يدخلون الجنة، والصدوق وشيخه ابن الوليد والطبرسي الى جواز السهو على النبي، ومحمد بن عبدالله الأسدي إلى الجبر والتشبيه، وغير ذلك مما يطول تعداده، والحكم بعدم عدالة هؤلاء لا يلتزمه أحد يؤمن بالله، والذي ظهر لي من كلمات أصحابنا المتقدمين، وسيرة أساطين المحدثين أن المخالفة في غير الأصول الخمسة لا يوجب الفسق، الا أن يستلزم انكار ضروري الدين كالتجسيم بالحقيقة لا بالتسمية، وكذا القول بالرؤية بالانطباع أو الانعكاس، وأما القول بها لا معها فلا، لأنه لا يبعد حملها على ارادة اليقين التام، والانكشاف العلمي، وأما تجويز السهو عليه وادراك اللذة العقلية عليه تعالى مع تفسيرها بارادة الكمال من حيث أنه كمال فلا يوجب فسقاً.)

ثم قال:
(ونسب ابن طاووس ونصير الدين المحقق الطوسي وابن فهد والشهيد الثاني وشيخنا البهائي وجدي العلامة وغيرهم من الأجلة الى التصوف، وغير خفي أن ضرر التصوف انما هو فساد الاعتقاد من القول بالحلول أو الوحدة في الوجود أو الاتحاد أو فساد الأعمال المخالفة للشرع التي يرتكبها كثير من المتصوفة في مقام الرياضة أو العبادة. و غير خفي على المطلعين على أحوال هؤلاء الأجلة من كتبهم وغيرهم أنهم منزهون من كلتا المفسدتين قطعاً، ونسب جدي العالم الرباني والمقدس الصمداني مولانا محمد الصالح المازندراني وغيره من الأجلة الى القول باشتراك اللفظ، وفيه أيضاً ما أشرنا اليه ونسب المحمدون الثلاثة والطبرسي الى القول بتجويز السهو على النبي، ونسب ابن الوليد والصدوق أيضاً منكر السهو الى الغلو، وبالجملة أكثر الأجلة ليسوا بخالصين عن أمثال ما أشرنا اليه، ومن هذا يظهر التأمل في ثبوت الغلو وفساد المذهب بمجرد رمي علماء الرجال من دون ظهور الحال.
ونحن بعدما قرأنا ذلك انتقلنا الى ما ذكره العلامة الزمخشري في حق نفسه حيث يقول:

تعجبت من هذا الزمان وأهله == فما أحد من ألسن الناس يسلم



والذي تبين لنا من مراجعة هذه الكلم هو أن أكثر علماء الرجال، أو من كان ينقل عنه علماء الرجال لم يكن عندهم ضابطة خاصة لتضعيف الراوي من حيث العقيدة، بل كلما لم تنطبق عقيدة الراوي وعقيدته رماه بالغلو والضعف في العقيدة، وربما يكون نفس الرامي مخطئاً في اعتقاده بحيث لو وقفنا على عقيدته لحكمنا بخطئه، أو وقف في كتاب الراوي على أخبار نقلها هو من غير اعتقاد بمضمونها فزعم الراوي أن المؤلف معتقد به، الى غير ذلك مما يورث سوء الظن، مثل اذا ادّعى بعض أهل المذاهب الفاسدة أن الراوي منهم وليس هو منهم.


فتلخّص أن تضعيف الراوي من جانب العقيدة لا يتم الا بثبوت أمرين:
الأول: أن يثبت أن النظرية مما توجب الفسق.
الثاني: أن يثبت أن الراوي كان معتقداً بها.
وأنى لنا بإثبات الأمرين.

أما الأول، فلوجود الخلاف في كثير من المسائل العقيدية حتى مثل سهو النبي في جانب التفريط أو نسبة التفويض في بعض معانيها في جانب الإفراط.
وأما الثاني، فإن إثباته في غاية الإشكال، خصوصاً بالنظر إلى بعض الأعمال التي كان يقوم بها بعض الرواة في حق بعض، من الاخراج والتشديد بمجرد النقل عن الضعفاء وان كان ثقة في نفسه، وما لم يثبت الأمران لا يعتني بهذه التضعيفات الراجعة الى جانب العقيدة.( 6)

فالتكفير لا يجوز اذا في متفرعات الأصول وجزئيات كلياتها الا أن يكون الأمر المقال من قبل قائله مزيلاً للأصل المعتمد ومتناقضاً معه.



فالتوحيد أصلٌ بلا خلاف، وان عدم اعتقاده كفر محض، والقول بالشريك يضاده، وقائل ذلك مشرك وراويه مشكوك بأمره ومطعون به، فاما أن يكون معتقده فيحكم بشركه وكفره، واما لا فيحكم بتخطئته لروايته ما يخالف عقيدته.
وأما مبحث الصفات فلا يستوجب التكفير الا في حال تشبيه الخالق بالمخلوق، وايقاعه في حدود العجز، ونسبة ما لا يليق بذاته اليه، وما عدا ذلك فمتروك لأن تناوله يؤدي الى الوقوع في ملابسات عديدة وحالة فريدة تؤدي بنا الى عدم وجود مؤمن بين المسلمين، ولا مسلماً بين المخلوقين، وذلك لأن القائلين بالصفات على أقسام:
قسم يقول بعينيتها.
وقسم يقول بغيريتها.
وقسم يقول بأنها ليست عين الذات وليست غيرها.

فالأسلم ترك هذه الأمور المتعلقة في بحث عدالة الراوي ما دام مؤمناً بالله ورسوله واليوم الآخر ومقرّاً بولاية أمير المؤمنين وأبنائه المعصومين ومسلماً لهم ومستسلماً لأمرهم.


وكذلك فالنبوة أصل بلا نزاع، ومن لم يعتقدها أو أنكر أصلاً من أصولها كالوحي، والعصمة 000فليس بمسلم، أما فيما يتعلق بالعصمة الكلية، أو الجزئية، أو نفي السهو عن النبي أو عدمه، فلا يستوجب التكفير والتفسيق، وانما يستوجب تحديد اللفظ بمقتضى الأمر المتعلق به.
وكذلك فان ضعف الراوي لا يستوجب القدح كما هو دأب الكثيرين، ونقله عن الضعيف لا يدل على ضعفه الا عند الضعفاء فربما نقل رواية صحيحة عن ضعيف فهل يستوجب ذلك تضعيفه، أو نقل رواية مشبوهة لغاية ما ولكنه لا يعتقدها فهل يستحق التفسيق على ذلك، فيجب بحث الأسباب أولاً، ثم يأتي الحكم منزهاً عن الأهواء والغايات ثانياً.

وان الميزان الصحيح في تنقيح الروايات وتصحيحها هو كتاب الله وسنة رسوله ونهج الأئمة المعصومين عليهم السلام، وليس محدودية عقول الرجال وأهواءهم لأن ذلك يؤدي الى انكار الضروريات.


أما التقليد في توثيق الرجال وتضعيفهم فباطل لأسباب (7)

- إن أكثر المصنفين في علم الرجال ليسوا بأفضل من الذين تحدثوا عنهم، والمفضول عند ذوي العقول لا يقيّم الفاضل بل العكس هو الصحيح.
- إن بعضهم ارتكز على عقيدته في تقييم الرجل وهذا التقييم غير سليم وذلك تحسباً من أن تكون عقيدة المصنف معلولة فستكون النتيجة مجهولة والمقيّم مظلوماً.
- إن بعضهم لم يشاهد الرجل الذي تحدث عنه بل اعتمد على السماع وهذا الاستدلال باطل بالبديهة.
- إن بعضهم اعتمد على رواية الرجل فحكم عليه من خلال اتفاقها مع عقيدته أو عدمها.
ان أكثرهم نقل عمن كان قبله ومن كان قبله يندرج ضمن الأقسام المذكورة أعلاه.

فالتقليد المقبول والمعمول به هو تقليد أهل العصمة، ولكنه عسير اذ يقتضي التحقق من صحة الروايات الواردة بحق الأشخاص. فيقتضي اذا الاجتهاد في هذا المجال بموجب ما عرف عن الرجل المستقصى عن حاله دراية ورواية، قولاً وفعلاً، وهذا أيضاً عسير لأن الاجتهاد يتطلب شروطاً عديدة يصعب على الكثيرين امتهانها واتقانها، فأسلم الطرق وأسهلها هو التسليم لله بقلب سليم وحسن الظن بأهل الولاية وعدم التقحم في المسالك العويصة التي تؤدي الى ما لا يحمد عقباه.

وختاماً لهذا البحث أقول:

هذه هي حالة الاتهامات بين علماء المذهب الواحد وفقهائه، أما من حيث اتهام علماء المذاهب لبعضها البعض فهو كما أوضحنا بأنه لمجرد قول الامامي بأن علياً (ع) أفضل الصحابة أو الاعتقاد بعصمته كان يُرمى بالغلو والمروق عن الدين ويتّهم بالزندقة والضلال المبين، وخصوصاً في العصر العباسي الذي فاق سابقه بطغيان حكامه، وتعصب فقهائه، فتبيّن لنا أن الغلو كما ذكره ملصقوه لا أساس لوجوده، أو لوجود فرقة تقول به بل هو عبارة عن وصمة كانت تلصق بكل معارض لسياسة عصره وملوك زمانه، ولو سلمنا جدلاً بوجوده فهو غير القرمطة المعروفة تاريخياً، وهاتين التهمتين لا تجتمعان في شخص واحد، والشيخ الخصيبي (ق) من أبعد الناس عنهما لصفاء عقيدته الاسلامية، وصحة ولايته العلوية، ومن يراجع الهداية الكبرى المعتمدة والمتقنة عند الثقاة يتضح له بأن هذا الشيخ الجليل : متّبع غير مبتدع، ولم ينطق بكلمة واحدة الا من بعد التحقق بأنها صادرة عن أئمته المعصومين عليهم السلام. وان ما رواه فيها من الأخبار الصادقة فهو محض عقيدته بدليل أنه ألّفها وهو مطمئن البال ومن دون حذر وكان ذلك في عصر الدولة الحمدانية المعروف عن أمرائها تمسكهم بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ولاية أهل البيت عليهم السلام.

وبعد هذا البيان المؤيد بالدليل والبرهان أقول انه من المعيب والمخجل اعتماد بعض الكتّاب بل أكثرهم على ما جاء في كتاب تاريخ العلويين لمحمد أمين غالب الطويل فيما يتعلق بالشيخ الخصيبي، لعلم أهل الانصاف ومعرفتهم بأن الطويل استقى معلوماته من ساداته الأتراك والفرنسيين الذين أملوا عليه هذا التاريخ العليل المليء بالأباطيل والذي لا يمت الى الحقيقة بصلة، ولا يمكن الاعتماد عليه كمستند تاريخي لمغايرته للواقع، وهذه الحقيقة التي سنبرهن عنها في كتاب آخر أكّدناها سابقاً باختصار لذوي الأفكار.

ومن التّهم التي ألصقت بحق الشيخ من قبل المغرضين القول بأن له رأياً خاصاً في حادثة كربلاء مفادها أن الامام الحسين (ع) لم يُقتل على الحقيقة بل رفعه الله الى السماء كما فعل بعيسى بن مريم (ع)، ولا أدري من أين استقى معلوماته مُطلق هذه الفريّة ؟ ومن أوحى له بها، وكأنه أراد أن يقول بأن الشيخ قد غاير علماء زمانه في مفهوم الامامة.

وهنا لا بد لي من القول:


بأن رأي الشيخ في مصرع الامام الحسين (ع) وموقفه من حادثة كربلاء الأليمة في غاية الوضوح، ولا يختلف في ذلك مع رواة الحديث وأهل العلم من الفقهاء الاماميين ومن أراد التوسع فليقرأ هذا الخبر ليتضح له من خلاله الأمر:

قال الحسين بن حمدان الخصيبي شرّف الله مقامه:

حدّثني أبو الحسين محمد بن علي الفارسي عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر (ع) قال:
لما أراد الحسين بن علي (ع) الخروج الى الشآم بعثت اليه أم سلمة وهي التي كانت ربّته وكان هو أحبّ اليها من كل أحد وكانت أرأف الناس عليه، وكانت تربة الحسين عندها في قارورة مختومة دفعها اليها رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لها اذا خرج ابني الى العراق فاجعلي هذه القارورة نصب عينيك فاذا استحالت التربة في القارورة دماً عبيطاً فاعلمي أن ابني الحسين قد قتل، فقالت له أذكرك رسول الله أن تخرج الى العراق قال: ولم يا أم سلمة ؟
قالت: سمعت رسول الله صلى اله عليه وآله يقول يقتل ابني الحسين بالعراق، وعندي يا بني تربتك في قارورة مختومة دفعها اليّ النبي صلى الله عليه وآله، فقال:
يا أم سلمة اني مقتول لا محالة فأين أفر من القدر والقضاء المحتوم والأمر الواجب من الله سبحانه وتعالى، قالت: واعجباه فأين تذهب وأنت مقتول ؟
قال: يا أمّ اني ان لم أذهب اليوم ذهبت غداً، وان لم أذهب غداً ذهبت بعد غد وما من الموت مفر، والله يا أمّ اني لأعرف اليوم الذي أقتل فيه والساعة التي أحمل فيها والحفرة التي أدفن فيها وأعرف قاتلي ومحاربي والمجلب عليّ والسائق والقائد والمحرّض ومن هو قاتلي ومن يحرّضه ومن يقتل معي من أهلي وشيعتي رجلاً رجلاً وأحصيهم عدداً وأعرفهم بأعيانهم وأسمائهم وقبائلهم وعشائرهم كما أعرفك وان أحببت أريتك مصرعي ومكاني فقالت: فقد شئت, فما زاد عليّ أن تكلم باسم الله فخضعت له الأرض حتى أراها مضجعه ومكانه ومكان أصحابه وأعطاها من تلك التربة التي كانت عندها ثم خرج الحسين (ع) وقال لها يا أمّ اني لمقتول يوم عاشوراء يوم السبت فكانت أم سلمة تعد الأيام وتسأل عن يوم عاشوراء فلما كانت تلك الليلة صبحته قتل الحسين (ع) فرأت في منامها أشعث مغبرّاً باكياً، وقال دفنت الحسين وأصحابه الساعة فانتبهت أم سلمة وخرجت صارخة بأعلى صوتها واجتمع اليها أهل المدينة فقالوا لها ما الذي دهاك ؟
قالت: قتل الحسين بن علي وأصحابه (ع) ، قالوا: أضغاث أحلام, فقالت: مكانكم فان عندي تربة الحسين فأخرجت اليهم القارورة فاذا هي دم عبيط فحسبوا الأيام فاذا الحسين قتل في ذلك اليوم. (8)


فلو تبصّر منصف في هذا الخبر الصحيح المروي في عدة مراجع (9) لتبيّن له رأي الخصيبي (ق) في حادثة كربلاء ولاتّضح له أيضاً بأنه لا يختلف في ذلك مع بقية العلماء.

وألفتُ نظر القارىء الكريم الى أن كلمة (القتل ) وردت في هذا الخبر احدى عشر مرة، ومن أراد المزيد فعليه بالهداية ليستفيد ويفيد ويرغم كل أفّاك عنيد، وجاهل بليد.

------------------------------------------------------------------------------

(1) - كنا نتمنى على هذا العالم أن يبين لنا ما هي حدود الخليقة حتى نعلم متى يخرج القائل الأئمة عنها بقوله فيهم حسب معتقده القائم على ما تحققه من النصوص الواردة عنهم من خلال الأمناء ؟ فهل القول بأنهم فوق المخلوقين ودون الخالق، أو أنهم يفعلون ما يعجز عنه غيرهم، أو أن الله اختصهم بخصائص لم يختص بها غيرهم غلوّاً ؟ أم أن مراده بحدود الخليقة اخراجهم عن الحدوث والامكان ؟ فهذه الناحية لا يقرّها علوي، أما الناحية الأولى المنصبّة على الاعتراف بخصائصهم وفضائلهم فهي عقيدة الشيخ ومقلديه القائمة على قواعد ثابتة والمنطلقة من أسس راسخة لا تتغير وهي القول أنهم عباد مكرمون.

(2) -
لا يلام الشهرستاني على كلامه لأن تعصبه هو الذي يملي عليه أحكامه، فلو أن النصيريين قالوا بمقالته لصنّفهم من أعلام الشريعة وسدنتها، ولن يكونوا كذلك لا عنده ولا عند غيره لأنهم لن يغيروا مقالتهم العلوية بمقالة ناصبية.

(3) -
أمثال شيخنا الأجل الذي نحن بصدد الحديث عنه والتبرك بذكره.

(4) -
هذا ما بينّاه وبرهناه في مواضع عدة من كتابنا- المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام - وأكدنا على أن أكثر الفرق المذكورة في كتب الفرق والنحل لا أساس لوجودها الّا في خيال أصحابها.

(5 - 6) -
كليات في علم الرجال.

(7) -
باستثناء الثقات الذين لا يشك في عقيدتهم وعدالتهم.

(8) -
الهداية الكبرى ص /203/204/.

(9) -
روى هذا الخبر العلامة محمد باقر المجلسي في بحار الأنوار نقل عن القطب الراوندي، ورواه عن المجلسي المحقق البهبهاني في الدمعة الساكبة، ورواه عن الشيخ الخصيبي صاحب صحيفة الأبرار وغيره.

 

 

الخصيبي "ق"
و
بطلان ما نسب اليه




ذَكَرَ أصحاب التراجم والمعاجم مؤلفات عدة للشيخ الخصيبي (ق) أكثرها نُسِبَ اليه قديماً، وبعضها حديثاً، وقسمٌ منها وضعه الحاقدون لغاياتٍ لا تُخفى على المنصفين، وللأسف الشديد فقد اعتُبرَت هذه الكتب عند البعض كمصادر أساسية للتعريف عن عقيدة الشيخ (ق)، فراحوا يعبّون منها ويروون عنها، ولكننا لو وضعناها وقارنّاها بأزاء ما ثبت أنه للشيخ كالهداية الكبرى لتلاشت بكليتها وذلك لتناقضها معها، ومع بعضها البعض.

وقد قام المرحوم السيد محسن الأمين العاملي بايراد أسماء مؤلفات الشيخ ق، وأسماء من أتوا على ذكرها، ومحض تلك الآراء والأقوال المتعددة في دقة وأمانة فصحّ له منها عشرة كتب أتى على ذكرها في موسوعته الكبرى (أعيان الشيعة ) ولم يصل الينا منها سوى كتاب " الهداية الكبرى " المعتمد عند الثقاة، وفي يقيني أن هذا الكتاب كافٍ للتعريف عن الشيخ وعقيدته فأخباره امامية، وأدلّته علوية، ولكن الذين في قلوبهم مرض أبوا الا تشويه الحقائق، وذلك باختلاق الأباطيل والأكاذيب على الشيخ الخصيب المتسامي بعقيدته العلوية الطاهرة عن أدنى عيب، ولا بأس من ايراد بعض الكتب المنسوبة اليه ظلما:

أولاً:
ذكر الطويل بتاريخه العليل كتاباً للشيخ لم يسمع به لا هو ولا أحد من مقلديه اسمه ( راست باش ) وكنّا قد أوضحنا بأن كتاب محمد أمين غالب الطويل لا قيمة له ولا اعتماد عليه الا عند المغرضين وذلك لمغايرته للواقع من جهة، ولأن المستشرقين الفرنسيين هم الذين كتبوه ودبّجوه والى الناس أخرجوه، وقام الطويل ابنهم المدلل بتبنّيه، ومن يقرأ هذا التاريخ يرى فيه العَجب العُجاب الذي لم يجتمع في كتاب، وكنت قد أفردت فصلاً للرد على مفترياته.

ثانياً:
أورد صاحب كتاب تاريخ الأدب العربي كارل بروكلمان بأن للخصيبي ديواناً من الشعر، وقد قام بعضهم بطبعه مؤخراً، ومن يقرأه ويلاحظ كثرة متناقضاته لا يداخله أدنى شك بأنه منسوب للشيخ، والأمر الغريب الذي نطرحه للمناقشة يتلخّص بالأسئلة التالية:

كيف غفل المؤرخون العرب و أصحاب التراجم عن هذا الديوان ولم يفطن له سوى السيد بروكلمان ؟

متى كان هذا الكاتب وغيرهم من المستشرقين الحاقدين على العروبة والاسلام أعرف وأخبر من أصحاب التراجم الموثوقين كالسيد الأمين بالمؤلفات الاسلامية.؟؟

فهل أوحيَ اليهم ؟

أم شاهدوا ذلك في المنام ؟

فلا هذا ولا ذاك بل أضغاث أحلام، وحقد على الاسلام، وسعي الى الفتنة، واثارة النعرات الطائفية.
والشيء المخجل هو أن بعض الكتّاب العرب والمسلمين يعتمدون على هذه المصادر المشبوهة كل الاعتماد وكأنها نصّ مُحكم غير قابل للجدال مع علمهم اليقيني بحقد المستشرقين على الاسلام الذي قام على أنقاض وثنيتهم، ولا يخفي على أرباب العقول وأهل الانصاف بأنَّ هناك الكثير من الجامعات والمكتبات الغربية قد أنشئت وخصصت لدراسة عقائد الفرق الدينية لغاية معروفة ونيّة مكشوفة وهي دس واختلاق الأباطيل الواهية لتصل من خلال ذلك الى:
-
الطعن بالدين الاسلامي من جهة.
-
واثارة النعرات الطائفية بين أبنائه من جهة أخرى.

وقد خرّجت هذه الجامعات العديد من المستشرقين الذين كان لهم الدور البارز والفعّال في هذا المجال، وقد ارتكبوا ذلّات أكثرها تعمّداً وذلك استجابة لنياتهم الخبيثة، وتحقيقاً لأغراضهم السياسية العائدة بالنفع الى حكوماتهم التي هيّأتهم لهذه المهمة. فشوَّهوا الحقائق وفسّروها بما يوافق أغراضهم ومساعيهم، وقد تصدّوا للروايات الضعيفة يروّجونها، وللكتب التي ليست بذات ثقة في نقلها يعتمدون عليها، وينقلون منها (1) ثم يبنون على ذلك أحكامهم ويؤكدون استنباطاتهم.

إن هذه السياسة الملتوية والدنيئة هي التي ضخّمت الخلافات بين المسلمين ولا تزال تُغذّى حتى الآن، تارة بنشر البحوثات الدينية المنحولة الى فرق اسلامية، وطوراً بتشجيع الكتابات عنها بصورة مباشرة، والغاية الأساسية كما هو معروف استعباد الشرق العربي وتسخير خيراته، ومن يسعى الى ذلك منذ مئات السنين فليس بالأمر الغريب أن يفعل أي شيء لتحقيق مآربه.

ثالثاً:
أخيراً وليس آخراً وصلنا كتاب اسمه المائدة حققه ونشره الكاتب أحمد على رجب زاعماً أنه من مصنفات الشيخ الخصيبي ق، وذلك لمجرد وجود خبر فيه يحمل هذا الاسم.

وهنا أؤكد جازماً بأن هذا الكتاب هو غير كتاب المائدة الذي ذكره السيد الأمين العاملي في أعيانه، وعدّه من مصنفات الشيخ ق، ولو نظرنا الى ما قاله ناشره في مقدمته لتبين لنا صحة ذلك حيث أنه يقول:
(
حتى قيّض الله لي أحد الأخوة زعم أنه رأى كتاباً عند أحدهم نسخته عتيقة مهترئة فطلبت منه أن يصطحبني لرؤيته، وبشوق وفضول قرأته فأعجبني مضمونه لكن للأسف وجدت النسخة بلا غلاف ولا عنوان وبلا مقدمة أولها بسم الله الرحمن الرحيم (باب في طلب العلم )، والذي جعلني أحتمل كونه كتاب المائدة وجود خبر فيه بهذا الاسم أما احتمال كونه للشيخ أبي عبدالله فهو وجود أخبار متعددة يرويها عن رجاله عن الأئمة عليهم السلام ). )

إن من ينظر الى تعاليله العليلة، وحججه الهزيلة التي أوردها يتيقن بعدم صحة كون هذا الكتاب المطبوع حديثاً للشيخ, لأن الزعم والاحتمال اللذين ذكرهما لم يكونا يوماً من الأيام من اليقينيات المسلّم بها والمطمئن اليها عند المنطقيين.

ثانياً: ان قوله ( وجدت النسخة بلا غلاف ولا عنوان وبلا مقدمة ) يؤكد ما ذهبنا اليه من أن هذا الكتاب منسوب الى الشيخ.

ثالثاً: ان احتماله أن يكون هذا الكتاب للشيخ وجود أخبار يرويها عن رجاله، لا يعتبر دليلا قاطعاً، لأن رجال الشيخ مشهورون بالرواية وقد روى عنهم كثيرون غيره، هذا بالاضافة الى وجود اضطرابات في بعض الأحاديث لا تصدر عن أمثالهم من أهل التحقيق والتدقيق.

وفي الختام أقول:

 

بأن ما ثبت أنه للشيخ الخصيبي (ق) هو ما وافق نهج الأئمة المعصومين عليهم السلام، وأما ما شذّ عنهم فهو منسوب اليه من قبل أصحاب النفوس الحاقدة والعقول الجامدة.
فالشيخ هو الذي يقيّم صحّة الأحاديث من وضعها، وذلك لصحة عقيدته المأخوذة بالدليل القاطع والبرهان الساطع عن الثقاة الأمناء الميامين الذين رووا عن أهل العصمة ومعدن الحكمة عليهم السلام.



------------------------------------------------------------------------------------

(1) المراد بهذه الكتب هي ((كتب الفرق والنحل )) التي وضعها بعض المتعصبين لخدمة السلاطين وما زلنا حتى الآن نعاني من ويلاتها.