فهرس الكتاب

مكتبة الدعاء والزيارة

 


الفصل الرابع عشر

في صفة الطهارة بالتراب عوضا عن الغسل بعد تعذر الطهارة بالمياه واختيار الثياب والمياه والمكان للصلوة وما يقال عند دخول المساجد والوقوف في القبلة لما رويناه.

يقول السيد الامام العالم العامل رضى الدين ركن الاسلام جمال العارفين افضل السادة ابوالقاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسينى زاده الله جل جلاله مع حسن بلوغ الامال شرف زيادة الافضال في المآل.

قد تقدم ان الطهارة بالتراب يكون عند ضيق الاوقات وخوف الفوات وذكر ما ينقضها من الحادثات والتيمم باب رحمة كما قلناه فتح الله جل جلاله ودل به على اسباب رضاه ونبه على ان الصلوة من

[88]

اهم العبادات وانها لاتسقط عن المكلف بها عند الضرورات ولا لحال من الحالات.

صفة التيمم عوضا عن الغسل فاذا تضيق وقت الصلوة سواء كانت واجبة او مندوبة وكان على المكلف غسل لايصح الدخول في الصلوة الا بعد التطهير منه فان كانت الصلوة التى يريد لها الطهارة واجبة كانت نية تيممه واجبة لوجه وجوبها يستبيح بها ما يستباح بالغسل يعبد الله جل جلاله بذلك لانه اهل للعبادة وان كانت الصلوة مندوبة فيكون التيمم مندوبا كما شرحناه فيضرب المكلف به يديه على الارض او ما يقوم مقامها عند تعذر ترابها وينفضهما ويمسح بهما من ابتداء شعر رأسه عند اعلى جبهته ماسحا لجميع جبينه إلى طرف انفه الذى يلى فمه ثم يضرب ضربة ثانية للارض او ما يقوم مقامها كما كنا ذكرناه وينفضهما ويمسح بباطن كفه اليسرى ظاهر كفه اليمنى من المفصل الذى بينها وبين الذارع إلى اطراف الاصابع من يده اليمنى ويمسح بباطن كفه اليمنى ظاهر كفه اليسرى من المفصل الذى بينها وبين الذراع إلى اطراف اصابع كفه اليسرى فاذا فعل ذلك فقد استباح ما كان يستبيحه بالغسل على السواء وما ينقضه الا ما ينقض التيمم عن الطهارة الكبرى والصغرى.

وقد تقدم ذكره في الفصل الثانى عشر وان كان الغسل لميت تعذر وجود التمكن من استعمال الماء فيؤمم عوضا عن تغسيله كما يتيمم الحى المكلف بالغسل على ذلك الترتيب والاستيفاء.

واما ختيار الثياب والمكان للصلوة فالمهم ان يكون الثوب والمكان للصلوة طاهرين على وجه مباحا له الصلوة فيهما سواء كان

[89]

ذلك بملك او عارية او اجارة او غير ذلك من وجوه الاباحات وان يكون صادقا في لبسه ثيابه للصلوة ومعنى قولى صادقا اى يكون سريرته موافقة لعلانيته في انه ما لبس هذه الثياب الا لله وما يريده من العبادات لانه ان كان قصده بلبسها لذة نفسه وقلبه كان كاذبا عند الله في انه لبسها للصلوة او لاجل ربه وكذلك ان كان للمكاثرة والمفاخرة والتقرب إلى قلوب العباد فانه يكون كاذبا اذا ظهر انه لبسها لخدمة سلطان المعاد فيجب ان يكون صادقا في لبس ثيابه والا كان مستخفا مستحقا ان يعرض الله جل جلاله عن خطابه وعن جوابه وعن ثوابه.

ولا تصح صلوة الرجال في الابريسم المحض الساتر للعورة الا ان يكون في الحرب لمصلحة المحارب والضرورة اليه اذا كان المصلى فيه ذاكرا ان الثوب الحرير عليه ولشرح لباس الصلوة وما يحل او يستحب فيه او يحرم او يكره تفصيل يخاف منه التطويل.

واما اختيار مكان الصلوة فالافضل لذلك ما كان بقلبه فيه حاضرا والعبد فيه لله جل جلاله بالقلب ذاكرا لازما حق الحرمة الجلالة الالهية وادب ذل العبودية واقرب إلى الخلاص والاختصاص بعيدا من الشواغل الباطنة والظاهرة عن وقوفه بين يدى موليه ومالكه جبار الجبابره ومالك الدنيا والاخرة ويكون صادقا في اختياره لذلك المكان لخدمة الملك الديان ومعنى قولى صادقا ان تكون سريرته موافقة لعلانيته في انه ما قصد الحضور في ذلك المكان والوقوف فيه الا لله جل جلاله وطلب مراضيه.

ولقد رأيت في بعض الاحاديث ان عبدا من الخواص واهل الاختصاص كان يعبد الله جل جلاله على الانفراد وبالقرب منه شجرة

[90]

يسكن فيها اطيار فنقل مصلاه إلى تحت الشجرة ليستأنس بالشجرة وتغريد الطير في الاشجار فعوتب من جانب الله جل جلاله وقيل له اما كان في الانس بنا ما يغنيك عن الشجرة والطيور فتاب وعرف انه قد خاطر بذلك الانس المذكور.

ولقد رأيت في احاديث اهل المحاسبة وذوى المراقبة ان بعضهم كان يصلى بنشاط واهتمام وانبساط فقال يارب هل بقى على من الاقبال في الصلوة ما احتاج فيه إلى الاستدراك قبل الممات فقيل له نعم انك تسكن إلى نسيم الاسحار وينشطك لنا غيرنا وما هكذا تكون صفات خواص الابرار فمعك شريك لنا في خدمتك وباعث اخر غير مااردناه من اخلاص عبوديتك.

اقول وان كان حال هذا العبد المكلف قويا في الامكان إلى انه لايختلف اخلاصه واختصاصه بمكان دون مكان فالافضل له اتباع الشرع في تفضيل اماكن الصلوة وتفضيل محال الدعوات وافضلها بيوت الله تعالى وجل جلاله ومساجده الخاصة لعبادته وافضل المساجد مسجد الحرام ومسجد المدينة ولذلك تفصيلها نحن ذاكرون لما يتهيئا على جهته وروايته.

ذكر فضل بعض المساجد وتفاوت الصلوة فيها

فمن ذلك ما ارويه باسنادى إلى جدى ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسى قال روى ابن ابى عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد عن سعد الاسكاف عن زياد بن عيسى عن ابى الجارود عن الاصبغ عن مولينا على بن ابى طالب عليه السلام قال كان يقول من اختلف إلى المسجد اصاب احدى الثمان اخا مستفادا في الله او علما مستطرقا او آية محكمة او سمع كلمة

[91]

تدله على الهدى او كلمة ترده عن ردى او سنة متبعة او رحمة منتظرة او يترك ذنبا خشية او حياء.

وروى عن ابيعبد الله عليه السلام انه قال من مشى إلى المسجد لم يضع رجلا على رطب ولا يابس الا سبحت له إلى الارضين السابعة.

وروى السكونى عن ابي عبد الله عليه السلام عن ابيه عن آبائه عن على عليه السلام قال صلوة في بيت المقدس الف صلوة وصلوة في المسجد الاعظم مائة صلوة وصلوة في المسجد القبيلة خمس وعشرون صلوة وصلوة في السوق اثنتا عشرة صلوة وصلوة الرجل في بيته وحده صلوة واحدة.

اقول وقد روى في فضل الصلوة في المسجد الحرام ومسجد النبى عليه افضل الصلوة والسلام ومسجد الكوفة اخبار كثيرة معروفة.

صفة دخول المسجد مما رويناه باسنادنا عن مولينا الصادق صلوات الله عليه وعن مولينا الحسن العسكرى عليه السلام ويدخل بعضها في بعض وهما من ابتداء ارادة الدخول إلى المسجد إلى ان يقف في مصلاه مستقبل القبلة فاذا اراد دخول المسجد استقبل القبلة وقال بسم الله وبالله ومن الله والى الله وخير الاسماء لله توكلت على الله ولا حول ولا قوة الا بالله اللهم افتح لى باب رحمتك وتوبتك واغلق عنى ابواب معصيتك واجعلنى من زوارك وعمار مساجدك وممن يناجيك بالليل والنهار ومن الذينهم على صلواتهم يحافظون وادحر عنى الشيطان وجنود ابليس اجمعين.

ثم قدم رجلك اليمنى قبل اليسرى وادخل وقل اللهم افتح لى باب رحمتك وتوبتك واغلق عنى باب سخطك وباب كل معصية هى لك اللهم اعطنى في مقامى هذا جميع ما اعطيت اولياك من الخير واصرف

[92]

عنى جميع ما صرفته عنهم من الاسواء والمكاره ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا ربنا ولاتحملنا ما لاطاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولينا فانصرنا على القوم الكافرين اللهم افتح مسامع قلبى لذكرك وارزقنى نصر آل محمد وثبتنى على امرهم وصل ما بينى وبينهم واحفظهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم وامنعهم ان يوصل اليهم بسوء اللهم انى زائرك في بيتك وعلى كل مأتى حق لمن اتاه وزاره وانت اكرم مأتى وخير مزور وخير من طلب اليه الحاجات واسئلك يالله يارحمن يارحيم برحمتك التى وسعت كل شئ وبحق الولاية ان تصلى على محمد وآل محمد وان تدخلنى الجنة وتمن على بفكاك رقبتى من النار.

فاذا اتيت مصلاك فاستقبل القبلة وقل اللهم انى اقدم اليك محمدا نبيك نبى الرحمة واهل بيته الاوصياء المرضيين بين يدى حوائجى واتوجه بهم اليك فاجعلنى بهم عندك وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين اللهم اجعل صلوتى بهم مقبولة ودعائى بهم مستجابا وذنبى بهم مغفورا ورزقنى بهم مبسوطا وانظر إلى بوجهك الكريم نظرة استكمل بها الكرامة والايمان ثم لاتصرفه الا بمغفرتك وتوبتك ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب اللهم اليك توجهت ورضاك طلبت وثوابك ابتغيت وبك آمنت وعليك توكلت اللهم اقبل إلى بوجهك واقبل اليك بقلبى اللهم اعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك الحمد لله الذى جعلنى ممن يناجيه اللهم لك الحمد على ما هديتنى ولك الحمد على ما فضلتنى ولك الحمد على مارزقتنى ولك الحمد على كل بلاء حسن ابتليتنى اللهم تقبل صلوتى وتقبل دعائى

[93]

واغفر لى وارحمنى وتب على انك انت التواب الرحيم.

واعلم ان صلوة النوافل في غير المساجد افضل وصلوة الفريضة في المساجد اكمل وسوف نذكر تفصيل ذلك على ما يفتحه الله جل جلاله علينا مما علمناه واحسن به الينا انشاء الله تعالى.