الفصل السابع عشر
فيما نذكره من نوافل الزوال وبعض اسرار تلك الحال يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلامة رضى الدين ركن الاسلام ابوالقاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس شرف الله قدره وقدس في الملاء الاعلى ذكره.
اعلم ان هذا الفصل يشتمل على عدة معان منها ما نذكره من اسرار الصلوات ومن المراقبة فيها بالنيات ولزوم الاداب وحفظ الحركات والسكنات ومنها ما نذكره من كون صلوة نوافل الزوال تسمى صلوة الاوابين وان الدعاء فيها مقبول عند ارحم الراحمين ومنها ما نذكره من ان الاستخارة عند نوافل الزوال كما ستأتى الرواية به في تلك الحال.
ذكر ما نذكره من اسرار الصلوة.
اعلم ان الصلوة تشتمل على نية الصلوة ولفظ تكبير ولفظ وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض وعلى تحميد وتمجيد ودعوى العبادة والاستعانة بالله جل جلاله ودعوات وقرائة القرآن وخضوع وركوع و سجود وخشوع وشهادة لله جل جلاله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وآله رسوله بالرسالة الربانية وصلوات عليه وعلى آله وتسليم.
ذكر نية الصلوة اما نية الصلوة فانك ان كنت عبدا معاملا لله جل جلاله في جميع الحركات والسكنات عارفا بمعنى قوله جل جلاله في محكم الايات وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فانت اذا كنت كذلك لازلت متهيئا لاوامره فتمتثل امره بالصلوة وتعبده لانه يستحق العبادة لذاته كما لو كنت متهيئا لدخول شخص عزيز عليك فانك حيث
[99]
تراه تقوم لاكرامه وتقبل عليه بمقتضى مشاهدة ذاته او لو كنت متهيئا لقدوم رسول اليك ممن يعز عليك فانه اذا وقع نظرك عليه ونظره عليك وسمعت رسالة الرسول فانك تبادر إلى قبوله من غير تردد فكر ولا روية ولا تحتاج إلى تجديد زيادة نية واما ان كنت عن ربك غافلا ولدنياك وهواك معاملا فتحتاج عند الحضور للصلوات ان تحضر شارد قلبك بزمام عقلك ولبك وتقفه بين يدى مولاك وتذكره انه دعاك وانه يراك وتقصد بعقلك وقلبك انك تعبده لانه اهل للعبادة وتدخل حضرة مناجاته دخول اهل السعادة وهذه الصلوة ان كانت واجبة اداء فتقصد العبادة لوجه وجوبها اداء وان كانت قضاء فتقصد ذلك وان كانت اداء او قضاء فتقصد بذلك العبادة لله جل جلاله.
ذكر تكبيرة الاحرام ينبغى اذا قلت الله اكبر ان يكون هذا القول منك معاملة لله جل جلاله وعبادة ولا يكون تلفظا بالغفلة على العادة وتكون صادقا فيه فاما قولك الله اكبر فقد روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام في كتاب التوحيد باسناده ان رجلا قال عنده يعنى عند الصادق عليه السلام الله اكبر فقال الله اكبر من اى شئ فقال من كل شئ فقال ابوعبدالله عليه السلام حددته فقال الرجل كيف اقول فقال قل الله اكبر من ان يوصف.
يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلامة رضى الدين ركن الاسلام ابوالقاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسينى بلغه الله مناه وكبت اعداه قوله عليه السلام حددته لانه اذا كان الله جل جلاله اكبر من كل شئ فكل الاشياء غيره فهى محدثات وكل محدث محدود فكان المعتقد لذلك قد جعل الله جل جلاله محدودا
[100]
وقوله عليه السلام اكبر من ان يوصف لانه جل جلاله لاتحيط الصفات به على التحقيق وانما لما ضاقت العبادات على اهل التوفيق والتصديق علمهم الله جل جلاله ورسوله عليه السلام الفاظا في وصف جلال الله على قدر قصور علوم العباد.
اقول ومعنى قولى ان يكون هذا قولك عبادة ومعاملة اى ان يكون الله جل جلاله في قلبك وعند عقلك عظيما على قدر ما وهبك من معرفة ذاته وصفاته الكاملة فتقصد بهذا الاعتقاد في عظمته وبهذا اللفظ في قولك الله اكبر مجرد عبادته لانه اهل للعبادة.
اقول واما قولى ان يكون صادقا فاريد بذلك ان يكون فعلك لقولك موافقا بحيث اذا قلت الله اكبر تكون سريرتك موافقة لعلانيتك في انه لاشئ من اعظم منه جل جلاله في قلبك وعقلك ونفسك ونيتك ولا يكون شئ اعز عليك منه ولا يشغلك في تلك الحال شئ عنه كما قال جل جلاله في تهديده لمن يؤثر عليه بصريح القرآن المبين قل ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتى الله بامره والله لايهدى القوم الفاسقين.
اقول فاذا وجدت عقلك وقلبك ونفسك تؤثر على الله جل جلاله غيره فاعلم انك داخل تحت تهديد سلطان العالمين ولعلك تكون من قد غضب الله جل جلاله عليك فلا يهديك لفسقك وسماك من الفاسقين.
اقول وقد روى نحو ذلك في النقل بزيادة كشف لما في القرآن والعقل كما روى الحسين بن سيف صاحب الصادق عليه السلام في كتاب اصله
[101]
الذى اسنده اليه قال سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول لا يمحض رجل الايمان بالله حتى يكون الله احب الله من نفسه وابيه وامه وولده واهله وماله من الناس كلهم.
اقول وقد روى ابلغ من ذلك في ان الناس لايحصل لهم الايمان حتى لايؤثروا على رسوله صلوات الله عليه ما تضمنه الحديث الذى نرويه باسنادنا إلى ابيجعفر محمد بن بابويه فيما رواه باسناده في كتاب اماليه عن النبى صلى الله عليه وآله انه قال لايؤمن عبد حتى اكون احب اليه من نفسه واهلى اليه احب من اهله وعترتى احب اليه من عترته وذاتى احب اليه من ذاته.
اقول فاذا كان رسوله صلوات الله عليه لايصح الايمان مع هذا الايثار عليه فكيف يحصل الايمان مع الايثار على الله جل جلاله وترجيح غيره عليه.
ذكر التوجه اما التوجه فقد روى ابوجعفر محمد بن بابويه في كتاب زهد مولينا على ابن ابى طالب عليه السلام باسناده إلى ابيعبد الله عليه السلام كان على اذا قام إلى الصلوة فقال وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض تغير لونه حتى يعرف ذلك في وجهه.
اقول وروى صاحب كتاب زهرة المهج وتواريخ الحجج باسناده عن الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدى عن عبدالله بن ابى يعفور قال قال مولينا الصادق عليه السلام كان على بن الحسين عليه السلام اذا حضرت الصلوة اقشعر جلده واصفر لونه وارتعد كالسعفة.
وروى عنه عليه السلام عند قوله في الصلوة وجهت وجهى مثل الذى رويناه عن مولينا على صلوات الله عليهما وكانا اذا دخلا في التوجه
[102]
اصفر لونهما وظهر الخوف من الله جل جلاله عليهما لانهما عليهما السلام عرفا و علما هيبة الملك الذى يقومان بين يديه.
وسيأتى في هذا الكتاب من خوف النبى صلى الله عليه وآله في الصلوات و خوف عترته المعصومين ما تعلم يقينا انك لست تابعا لهم وانك على خلاف ما كانوا عليه من معاملة سلطان العالمين.
اقول وقد كان فرضنا جميعا ان نخاف الله جل جلاله للهيبة والحرمة التى يستحقها لذاته فبلغت الغفلة بنا إلى اننا لانخاف لذلك ولا نخاف لاجل خوف المعصومين الذين نقتدى بهم في عباداته ولا نخاف لاجل ما تجدد منا من مخالفاته في اراداته وتهويننا بجلالة امره ونهيه وبمقدس حبه وقربه ومناجاته وهذا جهل عظيم منا بالمعبود كاد ان يقرب من جهل اهل الجحود فاذا قال العبد وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض ينبغى ان يتحقق انه في مقام العرض وانه ما مراد الله جل جلاله منه ومراد رسوله عليه السلام بقوله وجهت وجهى اى وجهت صورة وجهى إلى القبلة فحسب للذى فطر السموات والارض ولكن المراد منه ان يكون قد وجه قلبه وعقله عن الالتفات إلى سواه جل جلاله من ساير المرادات والمكروهات.
ولقد قيل لبعض العارفين ما احسن ما تقبل بوجهك على الصلوات فقال ان كان وجهى لايلتفت فان وجه قلبى كثير الالتفات.
اقول فاذا كان وجه القلب مقبلا ومتوجها إلى الله جل جلاله بالكلية كانت الجوارح مقبلة على الله جل جلاله فيما خلقت له لانها مع القلب كالرعية وعند هذه الحال يكون دخوله في هذه الصلوة دخول اهل الاقبال فان استمر على ذلك إلى حين الفراغ من الصلوة
[103]
فقد ظفر ببلوغ الامال وان تعثر في اذيال الالتفات عن موليه وهو يراه فحاله حال اهل التعثير الذين يقع احدهم تارة ويقوم تارة في خطاه وربما افسد تعثيره عليه دنياه واخراه وفاته اقبال ربه جل جلاله ورضاه وان قال وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض وهى في تلك الحال غافل او متغافل عن هيبة العرض وحرمة الفرض فيكون في قوله وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض كاذبا قد افتتح صلوته بالجنايات بالكذب والبهتان وكيف حال من اول صلوته تصريح بالكذب والزور والعدوان اما يكون مستحقا للهوان وان كان في حال قيامه إلى الصلوة ودخوله فيها على صفة المتكاسل والمتثاقل فلينظر حال الذين يقومون إلى الصلوة كسالى في صريح القرآن ويفكر انه لو دخل عليه قبل ان يدخل في تلك الصلوة صديق او بعض من يحبه من اعوان السلطان كيف كان يقوم اليه ويقبل عليه بغير تكاسل ولا تثاقل وليتحقق من نفسه ان الله جل جلاله اهون عنده من عبد من عبيده وياله من خطر هايل.
ذكر ادبه في التحميد والتمجيد قد مضى في خطبة كتابنا ان التحميد والتمجيد من وظايف من خلص فيما بينه وبين الله جل جلاله من الجنايات فاما من كان عليه فرض مضيق من المهمات فالبدأة لازمة له بالاهم فالاهم والاهم عليه التوبة واداء الفروض المتعينة قبل الدخول في الصلوة والتحميدات والتمجيدات سواء كانت الفروض على قبله او بدنه او ماله او في شئ من اعماله.
اقول ومن ادب الانسان عند تحميده وتمجيده ان يكون تلذذه وتعلق خواطره بحمده لله جل جلاله وتمجيده ومدح الله جل جلاله
[104]
يعز عليه من العباد ومن مدح اهل الدنيا وثنائهم عليه في الاصدار والايراد ويكون ترجيح حبه لمدحه الله جل جلاله وشكر الله جل جلاله بقدر ما بين الله جل جلاله وبين عباده من تفاوت جلالته وحق انعامه وارفاده فان عجز العبد عن هذا المقام فلا اقل من ان يكون حبه لمدحة الله جل جلاله ولشكر الله جل جلاله ارحج في قلبه من مدحه لاهل الانعام من الانام او لشكر من يشكره من ملوك الاسلام.
فاما ان نقص حال العبد عن هذا المقام وكان في مدح الله جل جلاله وشكره سبحانه اهون من مماليكه وعبيده فقد استخف استخفافا عظيما بتحميده وتمجيده وكان مستحقا لما تضمنه هوله ووعيده وتهديده.
ذكر ادبه عند قوله مالك يوم الدين
اعلم ان يوم الدين يوم الحساب والعرض على سلطان العالمين واظهار السراير بمحضر من كان يسترها من الخلائق اجمعين فينبغى ان يكون عند هذه الحال خائفا لما يخافه على نفسه يوم الحساب والسؤال.
فقد روى محمد بن يعقوب الكلينى ما معناه ان مولينا زين العابدين وهو صاحب المقام المكين كان اذا قال مالك يوم الدين يكررها في قرائته حتى يظن من يراه انه قد اشرف على مماته وما لخوف منه يحذرون ولا الخنا عليهم ولكن هيبة هى ماهيا.
وقد عرفت ان مولينا زين العابدين قدوة لك في امور الدنيا والدين فسر في اثاره بهداية الله جل جلاله وبانواره على مطايا اليقين فان الله جل جلاله قادر ان يبلغك ما هو سبحانه اهله من مقامات العارفين
[105]
ذكر ادب العبد في قوله اياك نعبد واياك نستعين.
اعلم ان ينبغى ان يكون العبد صادقا في قوله اياك نعبد ومعنى قولى ان يكون صادقا لانه اذا قال اياك نعبد وكان انما يعبد الله جل جلاله لما يرجوه منه سبحانه من نفع عاجل او ثواب آجل او دفع محذور في الدنيا او في يوم النشور فانما يكون على الحقيقة كانك تعبد نفسك وتكون عبادتك لاجلها ولاجل شهواتك ولذاتك ولا تكون عابد الله جل جلاله لانه اهل للعبادة فيكون قولك اياك نعبد كذبا وبهتانا ومانعا لك من الظفر بالسلامة والسعادة ويثبت اسمك في ديوان الكذابين ويكون قد جعلت نفسك في من الهالكين اما تسمع كلام المقدس الميمون انما يفترى الكذب الذين لايؤمنون.
اقول وكذا ينبغى ان تكون صادقا في قولك واياك نستعين فلا يكون في قلبك عند ذلك القول مستعان لك سواه جل جلاله على التحقيق واليقين فانك ان كنت مستعينا عند تلك الحال بحولك وقوتك ودنياك او مالك او رجالك او غيره من امالك واحوالك فانت في قولك اياك نستعين اذا قصدت به انه لامستعان لك سواه كاذب مخاطر مستخف مباهت مستحق لما يستحقه العبد المستخف بموليه.
ذكر ادبه في الدعوات في الصلوة عند قوله اهدنا الصراط المستقيم وفى كل موضع يراد منه ان يدعو فيه في الصلوة بقلب سليم.
قد قدمنا طرفا مما يحتاج اليه اهل الضراعات مما شرحناه بالمعقول والمنقول من الروايات فاياك ان تهمل تهذيب نفسك وقلبك خاصة عند مخاطبة مولاك وربك فانك اذا دعوت الله جل جلاله وقلبك في تلك الحال فارع منه او مشغول بالغفلة عنه او بقصور احترام وتهوين
[106]
منك بجلالة ذلك المقام كنت كانك تخاطب ملكا من ملوك الدنيا في حاجة اليه وظهرك اليه.
اما تعلم انك اذا خاطبت الملوك وظهرك اليهم او انت مشغول عنهم بالغفلة والتهوين بهم عن الاقبال عليهم فانك تعلم انك تستحق ان يكون جوابك منهم ان يخرجوك من حضرتهم مطرودا عن رحمتهم مصدودا وربما لو حملوك إلى الحبوس وزيادة البؤس اعتقدت ان الذنب لك فيما يجرى عليك منهم من النكال.
ورأيت مع ان الذنب منك انك مستحق للمؤاخذة على ما وقع منك من الاهمال فلا يكون عندك حرمة مالك الدنيا والاخرة اقل من حرمة الملوك الذين هم مماليكه في هذه الدنيا الحقيرة الداثرة واذا تأخرت عنك اجابة الدعوات وانت على ما ذكرناه من الغفلات فالذنب لك وقد احسن الله جل جلاله اليك كيف عفى لك عن عقاب تلك الجنايات.
واياك ان يخطر بقلبك او تقول بلسانك كما تسمع من بعض الغافلين الذين ما دخل في قلبهم حقيقة الايمان والدين فيقولون قد دعونا الله وما نرى الاجابة كما ذكر في القرآن.
ويقولون هذا على سبيل الاستزادة وكان الله جل جلاله عندهم قد اخلف وعده باجابة الدعاء وهذا كالكفر عند اهل الايمان فانهم لو كانوا عارفين بالله جل جلاله على اليقين ما اقدموا على ان يقولوا بحضرته المذهلة للالباب انك وعدتنا باجابة الدعاء واخلفتنا في الجواب وانما هذا قولهم بذلك على انهم ما كانوا عند الدعاء عارفين او ما كانوا ذاكرين عند المواقفة منهم لله جل جلاله انهم بحضرة مالك الدنيا والدين وهؤلاء اهل
[107]
ان يعرض الله جل جلاله عن دعواتهم واجاباتهم وحسبهم عفو الله جل جلاله عن مؤاخذتهم على غفلاتهم وجهلاتهم.
وقد روى عن مولانا الصادق صلوات الله عليه انه قيل له ما بالنا ندعوا الله جل جلاله فلا يستجاب لنا فقال لانكم تدعون من لاتعرفون.
ذكر ادب العبد في قرائة القرآن في الصلوة على سبيل الجملة في ساير الايات.
اعلم ان من ادب العبد في تلاوته كلام موليه الذى يعلم انه يراه ان يكون ذاكرا لجلالته وانه في حضرته ويكون متشرفا ومتلذذا باستماع محادثته ومتأدبا مع عظمته فيتلو كلامه المقدس بنية انه نائب عن الله جل جلاله في قرائة كلامه وان الله جل جلاله مقبل عليه يستمع كلامه المقدس منه فلايكن حالك عند تلك التلاوات دون حالك لو قرئت بعض الكتب المصنفات على من صنفها ممن تريد التقرب اليه في قرائة تصنيفه عليه وانت محتاج في كل امورك اليه فانك تعلم انك كنت تبذل جهدك في احضار قلبك بغاية امكانك وتبالغ في تهذيب لسانك وتقبل عليه وعلى قرائة تصنيفه بجميع جنانك وبحفظ نفسك في الحركات والسكنات فلا يكن الله جل جلاله عندك في قرائة كلامه دون صاحب المصنفات فانك ان جعلت الله جل جلاله دون هذه الحال كنت اقرب إلى الهلاك واستحقاق النكال واقتد بمن تذكر انت وتدعى انك مهتد بانواره ومقتد باثاره.
فقد روى ان مولينا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام كان يتلو القرآن في صلوته فغشى عليه فلما افاق سئل ما الذى اوجب ما انتهت حالك اليه فقال ما معناه ما زلت اكرر آيات القرآن حتى بلغت إلى حال
[108]
كاننى سمعت مشافهة ممن انزلها على المكاشفة والعيان فلم تقم القوة البشرية بمكاشفة الجلالة الالهية واياك يامن لاتعرف حقيقة ذلك ان تستبعده او يجعل الشيطان في تجويز الذى رويناه عندك شكا بل كن به مصدقا اما سمعت الله جل جلاله يقول فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا.
وقد ذكر محمد بن يعقوب الكلينى ان الصادق عليه السلام سئل كيف كان النبى صلى الله عليه وآله يصلى بهم ويقرء القرآن ولا تخشع له قلوب اهل الايمان فقال عليه السلام ان النبى صلوات الله عليه كان يقرء القرآن عليهم بقدر ما يحتمله حالهم والحديث مختصر وسيأتى من صفات حال الابرار في التلاوات في مواضع من هذا الكتاب ما فيه تعريف كاف لذوى الالباب ذكر ادبه في الركوع والخضوع ينبغى للعبد اذا كبر تكبيرة الركوع ان يركع بذل واستكانة وخضوع ويكون مستحضرا بقلبه ونيته انه معامل في عبادته وركوعه لله مالك دنياه وآخرته فيقابل في حال ركوعه كمال تلك الجلالة الالهية بذل العبودية ولله در القائل:
اذا كان من تهوى عزيزا ولم تكن ذليلا له قاقر السلام على الوصل
افلا ترى ان من ادب العبد مع المملوك في دار الزوال انهم اذا تلقوهم واقبلوا عليهم يركعون لهم على سبيل التعظيم والاجلال ويكونون في تلك الحال مستحضرين انهم بين ايديهم وانهم يقصدونهم بذلك التعظيم فكيف تركع انت وتخضع للعالم بالاسرار وهو اعظم من كل عظيم وقلبك خال من حضورك بين يديه ومن ذلك له ومن اقبالك عليه.
اقول ومن ادب الراكع في الصلوة اذا كان ممن يقول في ركوعه
[109]
لك خشعت وبك امنت ولك اسلمت وعليك توكلت وانت ربى خشع لك سمعى وبصرى ومخى وعصبى وعظامى وما اقلته قدماى لله رب العالمين ان يكون العبد ذاكرا انه قد ادعى في هذا القول صفات المقبلين على مالك يوم الدين بجميع جوارحه على الحقيقة واليقين وصفة المستسلمين والمتوكلين فاياك ان يكون شئ منك غير خاضع ولا خاشع او غير مستسلم لله جل جلاله او غير متوكل على الله في شئ من امور الدنيا والدين فتكون في قولك من الكاذبين فاى صلوة تبقى لك اذ صليتها بالكذب والبهت لمالك الاولين والاخرين.
اقول ومن ادب الراكع في الصلوة انه لا يستعجل برفع رأسه من الركوع قبل استيفاء اقسام ذل العبودية لمولاه كما رويناه عمن يقتدى به وكما رويناه باسنادنا إلى ابيجعفر بن بابويه فيما رويناه من كتاب زهد مولينا على بن ابيطالب صلوات الله عليه عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن سعيد عن الفضل بن صالح عن ابى الصباح عن ابيعبد الله قال كان على عليه السلام يركع فيسيل عرقه حتى يطاء في عرقه من طول قيامه.
اقول انا لك فيا ايها المشفق على روحه وقلبه وجسده وكبده اولئك الذين هدى الله فبهديم اقتده.
ومن ادب الراكع انه اذا رفع رأسه بعد ما ذكرناه فليكن رفع رأسه بوقار وسكينة فان موليه يراه فاذا قال سمع الله لمن حمده اهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت انه يمد يديه عند ذكر الكبرياء والعظمة والجبروت بالذل للمعبود ويبسطهما بالرجاء عند ذكر الجود.
ذكر ادبه في السجود اعلم انه من ادب العبد في سجوده ان يكون
[110]
على زيادة عما ذكرناه في الركوع من الذل لمعبوده فاياه ان يكون قلبه خاليا من اذكار نفسه انه حاضر بين يدى الله جل جلاله وانه جل جلاله على ما هو عليه من العظمة والجلالة التى لايحيط بها مقال كل ذى مقالة وان هذا العبد على صفة من الضعف والفقر والمسكنة والذنوب التى قد اوقعته في الرذالة فيهوى إلى السجود على ابلغ ما ذكرناه في الركوع من الذل والخضوع والخشوع فانه ان سجد وقلبه خال من الذكر لهذه الحال وانما يسجد على العادة ومراعاة صورة السجود من غير استحضار لمعاملة موليه بالاقبال عليه وبين يديه فهو كالذى يلعب في سجوده او كالمعرض او كالمستهزى بمالكه ومعبوده وقد عرف اهل العلم ان ذلك الركوع وهذا السجود من اركان الصلوات وانهما متى تركهما العبد في صلوته عامدا او ناسيا بطلت صلوته بمقتضى الفتوى والروايات وصاحب الشريعة صلوات الله عليه وآله ما بعث إلى العباد بمعاملة وعبودية لغير معبود فاذا خلا خاطرك من المقصود بهذه الذلة والعبودية عند الركوع والسجود فما الفرق بينك وبين اهل الجحود وما الفرق بينك وبين الساهى واللاهى وانما جاء محمد صلوات الله عليه وآله يدعو إلى المعبود قبل العادة فاياك ان تكون ممن خلا قلبه من ذل العبودية له وصار يقوم ويركع ويسجد فارغ القلب منه جل جلاله بحسب العرف والعادة.
اقول وان كنت ممن يقول في سجوده اللهم لك سجدت وبك امنت ولك اسلمت وعليك توكلت وانت ربى سجد لك سمعى وبصرى وشعرى وعصبى ومخى وعظامى وسجد وجهى البالى الفانى للذى خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله احسن الخالقين.
[111]
فانك ان قلت هذا واعضاؤك غير ساجدة جميعا على معنى الذل والاستسلام والتوكل والخضوع والخشوع للمعبود فكانك غايب عن معنى السجود ويكون قولك ودعواككذبا وبهتا لموليك فكيف تصح صلوتك يامسكين اذا كان عبادتك بالكذب والبهت والتهوين.
ثم اقول لك ان كنت تجد في سجودك ما يجده المحب من الروح والسرور اذا قرب من اهل الحب والا فسجودك ذميم مدخول وقلبك سقيم معلول لانك قد عرفت صريح القرآن تضمن واسجد واقترب فجعل السجود من علامات القرب إلى علام الغيوب فطالب نفسك بانها تجد عند السجود ما يجد المحب بقرب المحبوب فان حبك لله جل جلاله من ثمرة قوة معرفتك بجلاله وعظيم نواله وافضاله قال الله جل جلاله في قوم يثنى عليهم ممن كانوا يعرفونه يحبهم ويحبونه وقال جل جلاله في وصفه لاهل النجاة والذين آمنوا اشد حبا لله ولا يغرنك قول من يقول ان حبك لله جل جلاله طاعته فان ذلك ان كان قاله من قول قدوة فلعله لتقية او لضعف السامع عن معرفة الاسرار الربانية لان حبك لله جل جلاله ان كنت عارفا به كان قبل طاعتك له لانك عرفته منعما فاحببته ثم وجدته يستحق الطاعة فاطعته والا فكيف عقلت معنى الرواية المتفق عليها جبلت القلوب على حب من احسن اليها افتكون القلوب على حب (1)
___________________________________
(1) ولقد وجدت مكتوبا في ظهر بعض الكتب عن الرضا (ع) جبلت القلوب على حب من احسن اليها وبغض من اساء اليها والظاهر انه اشارة إلى ذلك ثم قال فكيف تكون القلوب على حب العبد المحسن مجبولة وتكون عند احسان الله جل جلاله عن حبه معزولة محمد حسين عفى عنه.
[112]
العبد المحسن مجبولة وتكون عند احسان الله جل جلاله عن حبه معزولة هذا لاتقبله الا عقول سقيمة معلولة.
وقد عرفت ان حبك لله جل جلاله من عمل القلوب وطاعتك له تكون من عمل القلب فحسب ومن عمل القلب ومن عمل الجوارح الظاهرة وكيف صارت الطاعة التى تكون تارة بالقلب وتارة بالقلب والجوارح الظاهرة وهما قسمان قسما واحدا هذا كالمكابرة للعيان وكيف صار العمل بالجوارح الظاهرة هو العمل بالقلوب هذا مستحيل عند من عقله غير محجوب.
فصل ثم وقد يعمل الانسان الطاعات وهى تشق عليه ويكون قلبه كارها لها او للتكليف بها فلو كان حب العبد جل جلاله طاعته كان في هذه الحال كارها لحب الله بل كارها لله جل جلاله بل باغضا لله جل جلاله لان ضد الحب البغض فاذا بغض العبد طاعة الله جل جلاله فقد بغض حب الله جل جلاله وصار باغضا لله جل جلاله فيكون على هذا كل من كره طاعة الله جل جلاله باغضا لله جل جلاله ويكون كافرا فهل تجد لك على هذا القول من المسلمين العارفين عاذرا او ناصرا وهل يقبل عقلك ان معنى قوله جل جلاله الذى قدمناه قل ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بامره والله لايهدى القوم الفاسقين او عقل عاقل ان قوله احب اليكم من هذه الاشياء التى عددها سبحانه ان المراد به الطاعة وهبك (ن ل هب) جوزت هذا في آبائهم وابنائهم
[113]
واخوانهم وازواجهم وعشيرتهم فهل تجوز في قوله جل جلاله واموال اقترفتموها وتجارة وتخشون كسادها ومساكن ترضونها ان الحب لهذه الاشياء بمعنى الطاعة فاياك ان تحمل على المعقول ما لايدخل تحت الاستطاعة ودع عنك تقليد من قال ان حب العبد لله جل جلاله طاعته واقبل الحق ممن قاله فقد انكشف لك براهينه وحجته فهذا بيان ان حب العبد لله جل جلاله بالقلوب وهو مما يثمره قوة معرفة بالله جل جلاله وقوة المعرفة باحسانه الذين يسوقان عقل العبد وقلبه إلى حب مولاه قبل ان يعرف العبد هل هو مكلف بحب الله جل جلاله ام لا فكيف اذا عرف انه مأمور ايضا بحبه عقلا ونقلا لان الكامل في ذاته محبوب لكماله والمحسن محبوب لاحسانه وافضاله قبل معرفة التكليف بهذا الحب المذكور والله جل جلاله اعظم شأنا واعم احسانا من ان يحيط بجلاله وصفنا لكماله ووصفنا لاحسانه ولافضاله بل هو جل جلاله اعظم كمالا وابلغ احسانا وافضالا فوجب ان يكون محبوبا بالقلوب إلى من عرفه على اليقين وعرف احسانه في امور الدنيا والدين.
فصل واما حب الله جل جلاله لعبده اذا طاعه وغضبه عليه اذا عصاه فلعلك تجد في الروايات والمقالات ان حب الله جل جلاله للعبد او رضاه عنه هو ثوابه له وان غضب الله جل جلاله على عبده العاصى هو عذابه له فاما المقالات لذلك فلا يجوز تقليدهم في المعقول واما حديث الرواية والمنقول فان سلمت من الطعن عليها وكانت عن معصوم فلعل ذلك قالوه على سبيل التقية فانهم عليهم السلام كانوا في تقية هايلة وقد كشفنا تقيتهم فيما ذكرنا في الاعتذار لمضمون كتاب الكشى فان هذا القول كثير في مذهب المخالفين لهم او لعل ذلك قالوه للتقريب على السائلين
[114]
والسامعين فان كثيرا من المستمعين تقصر افهامهم عن اسرار صفات سلطان العالمين فلعلهم خافوا عليهم انهم اذا قالوا لهم ان الله جل جلاله يحب ويرضى ويغضب ويسخط ان يسبق إلى خواطر من يسمع ذلك انه جل جلاله يحب ويرضى مثل الحب والرضا من الطباع البشرية او يغضب ويسخط مثل الغضب والسخط من القلوب الترابية فحدثوا عليهم السلام بما تبلغ اليه عقول السائلين والسامعين واذا اعتبرت بعض الروايات في ذلك وجدتها شاهدة بانهم نفوا عن الله جل جلاله الحب والرضا والغضب والسخط الذين تتغير الامزجة بهما ولا يصحان الا على الاجسام القابلة لهما حتى قربوا على بعض السائلين وقالوا لهم ما معناه ان غضب الله جل جلاله ورضاه اشارة إلى غضب اوليائه وخاصته ورضاهم وهذا صحيح عند العارفين وان خواصه جل جلاله ما يغضبون وما يرضون الا بعد غضبه سبحانه ورضاه لانهم عليهم السلام له جل جلاله تابعون لايسبقونه بالقول وهم بامره يعملون.
فصل والا فالعقول الصحيحة شاهدة وجدانا وعيانا ان معنى لفظ الحب والرضا غير معنى لفظ الثواب وكذلك معنى الغضب غير معنى العقاب سواء كان ذلك في العباد او رب الارباب.
وقد عرفنا ذلك قوله جل جلاله ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وقوله جل جلاله ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كانهم بنيان مرصوص وقوله جل جلاله يحبهم ويحبونه عن قوم كانوا حقا ويقينا يعرفونه وقال جل جلاله في الغضب فلما اسفونا انتقمنا منهم.
وذكر جماعة من اهل اللغة ومن المفسرين ان معنى قوله جل جلاله
[115]
اى اغضبونا فقال الجوهرى في كتاب الصحاح ما هذا لفظه واسف عليه اسفا اى غضب واسفه اغضبه.
وقال الطبرسى في تفسير القرآن فلما اسفونا اى اغضبونا وغضبه سبحانه ارادة عقابهم وما قال الطبرسى ان غضبه عقابهم فجعل الله جل جلاله في ههذه الاية الاسف الذى هو الغضب منه جل جلاله عليهم قبل عقابه لهم الذى هو الانتقام.
وهذا واضح كيف يخفى مثله على ذوى الافهام وقال جل جلاله ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما افلا ترى انه جل جلاله قدم الغضب على العذاب بل قبل اعداد عذابه بجهنم في صريح الكتاب على مقتضى مفهوم الالباب.
فصل ويزيدك بيانا انك ترى الاحاديث والادعية متظاهرة بما معناه او لفظه اللهم ان لم ترض عنى فاعف عنى فقد يعفو المولى عن عبده وهو غير راض عنه.
ثم او ما تعلم ان الكفار الذين علم الله جل جلاله منهم انهم يموتون على كفرهم كانوا يستحقون في حكم العقل عقوبتهم في حال حيوتهم.
ثم تعلم ان الله جل جلاله غضبان عليهم في حال كفرهم قطعا ان كنت مسلما فعفى الله جل جلاله عن تعجيل عقوبتهم واخر عقابهم إلى بعد وفاتهم مع كونهم مذ كفروا وعلم استمرارهم على كفرهم كان قد غضب عليهم.
فهذا يكشف لك ان الغضب من الله جل جلاله قبل العقاب لانه
[116]
اذا كان الله جل جلاله يعفو عن عقاب العبد وهو غير راض عن العبد كما تضمنته الادعية في عفوه عن المؤمن وهو غير راض عنه وحال الكفار الذين يموتون على كفرهم وتأخير عقوبتهم وهو غضبان عليهم كما قلناه لانه اذا كان غير راض كان غضبانا ولا يخلو عن مقام الرضا والغضب في وقت واحد على وجه واحد فلو كان الغضب هو العقاب استحال ان يعفو عن عبد ويكون في حال عفوه عنه غضبانا عليه وكان متى عفى عن العبد المسلم او الكافر قبل وفاته زال غضبه عنهم وهذا خلاف المعلوم من دين اهل الحق والصدق.
فصل ولكن حبه جل جلاله او رضاه حيث قد نطق القرآن الصريح والنقل الصحيح بهما وبغضبه وسخطه جل جلاله وثبوت هاتين الصفتين له جل جلاله فانه يكون لحبه سبحانه او رضاه وغضبه او سخطه وجه معلوم غير ما نعرفه من رضا الاجسام وحبها وغضبها وسخطها وغير ما فسروه بان حبه ورضاه ثوابه وغضبه عقابه كما كان تفسير ساير صفاته جل جلاله غير صفات الاجسام فان كون احدنا قادرا يقتضى قوة زائدة وحالا متجددة غير كونه عاجزا وكذا كون احدنا عالما وحيا وساير صفاتنا يقتضى تجدد حالات وتغيرات علينا وهذه المعانى مستحيلة على الله جل جلاله ولكن هذه الصفات في الله كما يليق بذاته المقدسة التى لامثل لها وكما يليق بصفاته المنزهة التى لاشبه لها وكذا يكون تفسير الحب منه جل جلاله والرضا والغضب والسخط وهذا يكشف ما قلناه لاهل الريب ويزيل العجب.
(اقول ووجدت بعد تصنيف هذا الكتاب بسنتين في الجزء الاول من تفسير القرآن للطبرى عن قوم من المفسرين انهم ذكروا في غضب
[117]
الله كما ذكرناه واخترناه).
فصل اقول ومن ادب العبد في السجود انه لايستعجل في رفع رأسه من ذلك الخضوع والخشوع للمعبود فقد قلنا لك معنى ما ذكره الله جل جلاله في كتابه ان السجود من مقامات القرب إلى مولاك فعلى اى شئ تستعجل او تكره قربه وهو يريك وكما انك لاتكره قربك من محبوبك في دنياك ولا تستعجل بالتباعد عنه فكذا كان مع ربك جل جلاله الذى لابد لك منه كما رويناه باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكلينى فيما رواه باسناده إلى الفضيل بن يسار وهو من اعيان الاخيار وخواص الاطهار عن ابيعبد الله عليه السلام قال كان على بن الحسين عليهما السلام اذا قام إلى الصلوة تغير لونه فاذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقا.
ذكر الشهادة لله جل جلاله بالوحدانية في الصلوة
اقول المهم ان يكون تلفظك بالشهادة معاملة لله جل جلاله وعبادة ولا يكون قصدك انه جل جلاله في نفس الامر واحد فحسب وانما يراد منك انك تعتقد انه جل جلاله واحد في نفس الامر وانه لااله لك تعبده سواه ولا لكشئ تؤثره على رضاه فانك ان اثرت شيئا عليه جل جلاله كان ذلك الذى تؤثره ارجح منه جل جلاله عندك ومعبودا لك من دونه فيما تؤثره فيه عليه وما تكون كامل الصدق في الشهادة بانك لااله لك سواه افلا ترى قوله جل جلاله فيمن رجح عليه هواه فقال سبحانه اتخذ الهه هواه.
وروى في تفسير قوله جل جلاله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله انهم ما صاموا ولا صلوا لهم ولكن اطاعوهم في معصية الله فصار حكمهم بذلك حكم من اتخذهم الهة فاياك ان تشرك به
[118]
جل جلاله او تكفر به بايثارك عليه هواك او دنياك او غيره سبحانه فيحصل فيك استحقاق الهلاك.
فقد روينا في بعض اسانيدنا لما سئل الصادق عليه السلام عن الصدق فقال ما معناه هو ان لاتختار على الله غيره فانه تعالى قال هو اجتبيكم فاذا كان اجتباك فاجتبه انت ولا تختر عليه هواك ولا دنياك.
وقال الشيخ السعيد ابوجعفر بن بابويه رضوان الله جل جلاله عليه حدثنا ابى رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبدالله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن ابى عمير عن ابى عبدالله عليه السلام قال من قال لااله الا الله مخلصا دخل الجنة واخلاصه ان يحجزه لااله الا الله عما حرم الله عزوجل هذا لفظ الحديث ومعناه.
ذكر الشهادة لمحمد بن عبدالله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بالرسالة والنيابة عن صاحب العظمة والجلالة المهم ان يكون صادقا في الشهادة برسالته ومعنى قولى صادقا ان يصدق فعلك قولك في الابتاع لنبوته فانك تجد في القرآن المبين ان قوما شهدوا له بالرسالة ولم يكن القلب موافقا للقول فسماهم جل جلاله كاذبين وانت تعلم انه لو جائك رسول من بعض الملوك يبذل لك على كلمة تقولها الف دينار وعلى كلمة ان قلتها يعذبك بالنار ثم انك ما قلت تلك الكلمة واخذت الالف دينار ولا تركت تلك الكلمة وهونت دخول النار ثم قلت للرسول اشهد انك رسول الملك الذى لاغناء لى عما بذله من المبار ولا قوة لى على ما يهددنى به من النار فان الرسول وغيره من العقلاء يقولون لك فعلك يكذب ظاهر مقالتك لو كنت قد صدقته بسريرتك قلت تلك الكلمة واخذت الالف دينار وتركت تلك الكلمة وسلمت من النار لاننا كذا
[119]
نراك في حركاتاك وسكناتك في دار الفناء تبادر إلى مينفعك اذا وثقت بمنفعته وتهرب مما يضرك اذا صدقت من يخبرك بمضرته.
اقول وقد كنت قلت لبعض من قال لى انه قد صدق محمدا عليه السلام فقلت له ما معناه لو ان يهوديا اخبرك ان في بعض الطرقات ما يؤذيك وفى بعض الطرقات ما ينفعك اما كنت تترك الطرقات التى تخاف منها الضرر وتسلك الطريق الذى ترجو منها النفع فقال بلى فقلت له فان قال لك محمد عليه السلام انه قد حذرك من طريق النار وعرفك بطريق دار القرار فلو صدقته كنت قد عملت مثل الذى عملت مع خبر اليهودى فهل ترى الا ان تصديقك للذمى ارجح من تصديقك للنبى صلى الله عليه وآله وذلك شاهد بانك ما صدقته في رسالته ومقالته.
ومما ينبغى لك عند الشهادة له صلوات الله عليه بالرسالة ان تعتقد ان لله جل جلاله وله المنة العظيمة في هدايتك إلى مقام السعادة والجلالة وان بذل نفسك ومالك وعيالك بين يديه لتحصيل السعادة ابدالا بدين من اياديه ونعمه عليك مع بقاء مالك يوم الدين قال الله جل جلاله يمنون عليك ان اسلموا قل لاتمنوا على اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هديكم للايمان ان كنتم صادقين.
ذكر الصلوة على محمد صلى الله عليه وآله قال السعيد ابوجعفر محمد بن بابويه رضوان الله عليه في كتاب معانى الاخبار حدثنا احمد بن عبدالرحمن المقرى قال حدثنا ابوعمرو محمد بن جعفر المقرى الجرجانى قال حدثنا ابوبكر محمد بن الحسن الموصلى ببغداد قال حدثنى محمد بن عاصم الطريقى قال حدثنا ابوزيد بن عباس بن زيد بن الحسن بن على الكحال مولى زيد بن على قال حدثنى ابى زيد بن الحسن قال حدثنى موسى
[120]
بن جعفر صلوات الله عليه قال قال الصادق صلى الله عليه من صلى على النبى وآله فمعناه انى انا على الميثاق والوفاء الذى قلت حين قوله الست بربكم قالوا بلى.
ذكر التسليم في الصلوة وذكر الشيخ السعيد ابوجعفر بن بابويه رضوان الله عليه في الكتاب المشار اليه قال حدثنا احمد بن الحسن القطان قال حدثنا احمد بن يحيى بن زكريا القطان قال حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال حدثنا تميم بن بهلول عن ابيه عن عبدالله بن الفضل الهاشمى قال سئلت ابا عبدالله عليه السلام عن معنى التسليم في الصلوة فقال التسليم علامة الامن وتحليل الصلوات قلت وكيف ذلك جعلت فداك قال كان الناس فيما مضى اذا سلم عليهم وارد امنوا شره فاذا ردوا امن شرهم فان لم يسلم لم يأمنوا وان لم يردوا عليه السلام لم يأمنهم و ذلك خلق في العرب فجعل التسليم علامة للخروج من الصلوة وتحليلا للكلام وامنا من ان يدخل في الصلوة ما يفسدها والسلام اسم من اسماء الله عزوجل وهو واقع من المصلى على الملئكة الموكلين به.
(وربما قيل ان التسليم يكون على الملائكة جميعهم ومما يرجح ما قلنا ما رويناه ان الملكين الموكلين به هما يقبضان العمل منه ويكتبانه ويعرضانه وهما حضرا كالمشرفين عليه وهما الحاضران فاختصاص التسليم عليهما اقرب إلى الصواب).
اقول فاذا عرفت معنى التسليم فاذكر انك قد عملت عملا لله جل جلاله العظيم وتريد تسليمه اليه وتعرضه عليه فان كنت غفلت في شئ منه او كنت مشغولا قلبك بسواه او معرضا عنه فتب من ذلك توبة الاخلاص والانابة او سلم العمل تسليم الجناة واهل الخيانة ولقد رأيت
[121]
في كتاب جدى ورام قدس الله جل جلاله روحه ونور ضريحه حديثا معناه ان عبدا ممن يراقب الله جل جلاله ويخشاه قال قضيت صلوة ثلثين سنة وما كنت تركت فريضة منها ولقد كنت اصليها في الصف الاول ولكن لمصيبة وجدتها كنت قد غفلت عنها فقيل له ما معناه وما تلك المصيبة قال كنت اصليها في الصف الاول مع الامامر فجئت يوما فما وجدت لى في الصف الاول موضعا فصليت في الاصف الاخر فوجدت نفسى قد خجلت واستحيت من الانام ان يرونى وانا في ذلك المقام فعلمت ان ذلك التقدم في الصف الاول ما كان لله جل جلاله على اليقين وانما كنت اقصد به التمييز عند الحاضرين.
اقول وما ينبغى ان تحفظ اعمالك كلها وصلواتك منه وتنزهها عنه لتعرض على الله جل جلاله في جملة ما يعرضه الملكان من صالح العمل ما رويناه باسنادنا عن معاذ بن جبل بالاسناد الذى ذكرته في خطبة الكتاب إلى الشيخ الصدوق هرون بن موسى جمع الله الشمل به في ديار الثواب قال حدثنا الشيخ الصدوق هرون بن موسى المشار اليه رضوان الله عليه قال حدثنا احمد بن محمد بن عقدة قال حدثنا محمد بن سالم بن جبهان بن عبدالعزيز عن الحسن بن على عن سنان عن عبدالواحد عن رجل عن معاذ بن جبل قال قلت حدثنى بحديث سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله حفظته وذكرته كل يوم من دقة ما حدثك به قال نعم وبكى معاذ فقال اسكت فسكت ثم قال بابى وامى حدثنى وانا رديفه قال فبينا نسير اذ رفع بصره إلى السماء فقال الحمد لله يقضى في خلقه ما احب قال يامعاذ قلت لبيك يارسول الله امام الخير ونبى الرحمة فقال احدثك ما حدث نبى امته ان حفظته نفعك عيشك وان سمعته ولم تحفظه انقطعت
[122]
حجتك عند الله.
ثم قال ان الله خلق سبعة املاك قبل ان يخلق السماوات فجعل في كل سماء ملكا قد جللها بعظمته وجعل على كل باب منها ملكا بوابا فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسى.
ثم ترتفع الحفظة بعمله له نور كنور الشمس حتى اذا بلغ سماء الدنيا فيزكيه ويكثره فيقول له قف فاضرب بهذا العمل على وجه صاحبه انا ملك الغيبة فمن اغتاب لاادع عمله يجاوزنى إلى غيرى امرنى بذلك ربى.
ثم يجئى من الغد ومعه عمل صالح فيمر به ويزكيه ويكثره حتى يبلغ السماء الثانية فيقول الملك الذى في السماء الثانية قف فاضرب بهذا العمل على وجه صاحبه انما اراد بهذا العمل عرض الدنيا انا صاحب الدنيا لاادع عمله يتجاوز إلى غيرى.
قال ثم يصعد بعمل العبد متبهجا بصدقة وصلوة فتعجب الحفظة وتجاوزه إلى السماء الثالثة فيقول الملك قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه وظهره انا ملك صاحب الكبر فيقول انه عمل تكبر فيه على الناس في مجالسهم امرنى ربى ان لاادع عمله يتجاوزنى إلى غيرى.
قال وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الذى في السماء له دوى بالتسبيح والصوم والحج فيمر به إلى ملك السماء الرابعة فيقول له قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه وبطنه انا ملك العجب فانه كان يعجب بنفسه وانه عمل وادخل نفسه العجب امرنى ربى الا ادع عمله يتجاوزنى إلى غيرى فاضرب به وجه صاحبه.
قال وتصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المرفوعة إلى اهلها فيمر به ملك السماء الخامسة بالجهاد والصلوة ما بين الصلوتين.
[123]
ولذلك رنين كرنين الابل عليه ضوء كضوء الشمس فيقول الملك قف انا ملك الحسد فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه ويحمله على عاتقه انه كان يحسد من يتعلم ويعمل لله بطاعته فاذا راى لاحد فضلا في العمل والعبادة حسده ووقع فيه فيحمله على عاتقه ويلعنه عمله.
قال ويصعد الحفظة فيمر به إلى السماء السادسة فيقول الملك قف انا صاحب الرحمة اضرب بهذا العمل وجه صاحبه واطمس عينيه لان صاحبه لم يرحم شيئا اذا اصاب عبدا من عباد الله ذنب للاخرة او ضر في الدنيا شمت به امرنى ربى ان لاادع عمله يجاوزنى إلى غيرى.
قال وتصعد الحفظة بعمل العبد اعمالا بفقه واجتهاد وورع له صوت كالرعد وضوء كضوء البرق ومعه ثلثة الف ملك فيمر به إلى ملك السماء السابعة فيقول قف واضرب بهذ العمل وجه صاحبه انا ملك الحجاب احجب كل عمل ليس لله انه اراد رفعة عند القواد وذكرا في المجالس وصوتا في المداين امرنى ربى ان لاادع عمله يجاوزنى إلى غيرى ما لم يكن خالصا.
قال وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من حسن خلق وصمت وذكر كثير تشيعه ملئكة السموات والملئكة السبعة بجماعتهم فيطئون الحجب كلها حتى يقوموا بين يديه فيشهدوا له بعمل صالح ودعاء فيقول الله انتم حفظة عمل عبدى وانا رقيب على ما في نفسه ولم يردنى بهذا العمل عليه لعنتى فيقول الملئكة عليه لعنتك ولعنتنا.
قال ثم بكى معاذ قال قلت يارسول الله صلى الله عليه وآله ما اعمل قال اقتد بنبيك يامعاذ في اليقين قال قلت انت رسول لله وانا معاذ بن جبل.
[124]
قال وان كان في عملك تقصير يامعاذ فاقطع لسانك عن اخوانك وعن حملة القرآن ولتكن ذنوبك عليك لاتحملها على اخوانك ولا تزك نفسك بتذميم اخوانك ولا ترفع نفسك بوضع اخوانك ولا تراء بعملك ولا تدخل من الدنيا في الاخرة ولا تفحش في مجلسك لكيلا يحذروك بسوء خلقك ولا تناج مع رجل وعندك اخر ولا تتعظم على الناس فيقطع عنك خيرات الدنيا ولا تمزق الناس فيمزقك كلاب اهل النار قال الله والناشطات نشطا اتدرى ما الناشطات كلاب اهل النار تنشط اللحم والعظم قلت من يطيق هذه الخصال قال يامعاذ اما انه يسير على من يسر الله عليه قال وما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن كما يكثر تلاوة هذا الحديث.
ذكر المعنى الثانى في ان نوافل الزوال صلوة الاوابين
روى محمد بن يعقوب الكلينى باسناده في كتاب الكافى عن مولينا على عليه لسلام قال صلوة الزوال صلوة الاوابين.
اقول ورأيت في الاحاديث المأثورة ما معناه اذا زالت الشمس فتحت ابواب السماء لاجابة الدعوات المبرورة وان نوافل الزوال هى صلوة الاوابين وان لها عند الله جل جلاله مقاما مشكورا في قوله عزوجل انه كان للاوابين غفورا.
ذكر المعنى الثالث في الاستخارة عند نوافل الزوال
روى الحسن بن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن ابيجعفر عليه السلام الاستخارة في كل ركعة من الزوال.
اقول وروينا هذه الرواية باسنادى إلى جدى ابى جعفر الطوسى باسناده إلى الحسين بن سعيد الاهوازى فيما ذكره في كتاب الصلوة.
[125]
اقول واذ قد اتينا على ما اردنا ذكره من اسرار الصلوات فلنذكر الان ما نريد تقديمه عليها من طريق الروايات فمن ذلك معرفة الاوقات للصلوات.
واعلم ان اوقات النوافل والفرايض تاتى عند شرح الدخول فيها كما سيأتى ذكره وانما نذكر هيهنا رواية تتضمن سبب تعيين اوقات الفرايض لينكشف بذلك وجهه وسره وهو مما ارويه باسنادى إلى ابى جعفر محمد بن بابويه فيما رواه باسناده في اماليه عن الحسن بن عبدالله عن ابيه عن جده الحسن بن على بن ابى طالب عليهم السلام في حديث طويل يتضمن سؤال اليهود عن النبى صلى الله عليه وآله عن مهمات.
ومن جملتها سؤالهم له صلوات الله عليه وآله عن سبب اوقات الصلوات الخمس في خمس مواقيت على امتك في ساعت الليل والنهار قال النبى صلى الله عليه وآله ان الشمس اذا بلغت عند الزوال لها حلقة تدخل فيها فاذا دخلت فيها زالت فيسبح كلشئ دون العرش لوجه ربى وهى الساعة التى يصلى على فيها ربى ففرض الله عزوجل على وعلى امتى فيها الصلوة وقال اقم الصلوة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وهى الساعة التى يؤتى فيها بجهنم يوم القيمة فما مؤمن يوفق تلك الساعة ان يكون ساجدا او راكعا او قائما الا حرم الله جسده على النار.
واما صلوة العصر فهى الساعة التى اكل فيها آدم من الشجرة فاخرجه الله من الجنة فامر الله ذريته بهذه الصلوات إلى يوم القيمة واختارها لامتى وهى من احب الصلوات إلى الله عز وجل واوصانى ان احفظها من بين الصلوات.
واما صلوة المغرب فهى الساعة التى تاب الله فيها على آدم وكان
[126]
بين ما اكل من الشجرة وبين ما تاب عليه ثلثماته سنة من ايام الدنيا في ايام الاخرة يوم كالف سنة من وقت العصر إلى العشاء فصلى آدم ثلث ركعات ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حواء وركعة لتوبته فافترض الله عزوجل هذه الثلث ركعات على امتى وهى الساعة التى يستجاب فيها الدعاء فوعدنى ربى ان يستجيب لمن دعاه فيها من امتى وهذه الصلوة التى امرنى بها عزوجل فقال سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون.
واما صلاة العشاء الاخرة فان للقبر ظلمة وليوم القيمة ظلمة امرنى الله وامتى بهذه الصلاة في ذلك الوقت لتنور لهم القبور وليعطو النور على الصراط ومامن قدم مشت إلى صلاة العتمة الا حرم الله جسده على النار وهى الصلاة التى اختارها للمرسلين قبلى.
واما صلاة الفجر فان الشمس اذا طلعت تطلع على قرنى الشيطان وامرنى الله عزوجل ان اصلى صلاة الفجر قبل طلوع الشمس وقبل ان يسجد لها الكافر فتسجد امتى لله وسرعها احب إلى الله وهى الصلوة التى يشهدها ملئكة الليل وملئكة النهار قال صدقت يامحمد ثم ذكر تمام الحديث.
ومما نريد تقديمه قبل الصلاة تعظيم حالها من طريق الروايات ومن ذلك معرفة ما يقرء في النوافل على العموم ومن ذلك ما يقرء في نوافل لزوال خاصة على الوجه المرسوم ومن ذلك ذكر معرفة القبلة ومن ذلك ذكر سبب في ابتداء الصلوة بسبع تكبيرات ومن ذلك صفة نوافل الزوال وما يتعقب كل ركعتين منها من الدعاء والابتهال.
ذكر ما نريد تقديمه من طريق الروايات في تعظيم حال الصلوات اقول قد قدمنا في الفصل الاول والثانى ما ينبهك على لزوم
[127]
الاهتمام بها والتعظيم لها ولكن رايناه قد بعد عن هذا المكان فاحببنا ان نزيد الان في البيان.
فمن ذلك ما ارويه باسنادى إلى ابيجعفر محمد بن بابويه باسناده في كتاب مدينة العلم فيما رواه عن الصادق صلوات الله عليه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا ينال شفاعتى غدا من اخر الصلاة المفروضة بعد وقتها.
ومن ذلك ماذكره ايضا ابوجعفر بن بابويه رضوان الله عليه في كتاب عقاب الاعمال باسناده إلى ابى بصير قال دخلت على ام حميدة اعزيها بابيعبد الله عليه السلام فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت لو رأيت ابا عبدالله لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال اجمعوا لى كل من بينى وبينه قرابة فلم نترك احدا الا جمعناه قالت فنظر اليهم ثم قال ان شفاعتنا لاتنال مستخفا بصلاته.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس منى من استخف بصلاته لايرد على الحوض لا والله.
وروى ابن بابويه ايضا في كتاب من لايحضره الفقيه باسناده إلى النبى صلى الله عليه وآله قال اول ما يحاسب العبد الصلوة فان قبلت قبل ما سواها وان ردت رد ما سواها.
يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلامة رضى الدين ركن الاسلام ابوالقاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس وقد ذكرنا طرفا جيدا من ذلك في كتاب غياث سلطان الورى لسكان الثرى وبسطت القول فيه وهناك شفاء العارفين بمعانيه.
ذكر ما يقرء في النوافل على العموم
وهو ما رويته باسنادى إلى
[128]
الشيخ الجليل ابى محمد هرون بن موسى التلعكبرى رضوان الله جل جلاله عليه عن آخرين قالوا اخبرنا محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسن وغيره عن سهل بن زياد عن محمد بن على عن على بن اسباط عن عمه يعقوب بن سالم عن ابى الحسن العبدى قال قال ابوعبدالله عليه السلام من قرء قل هو الله احد وانا انزلناه في ليلة القدر وآية الكرسى في كل ركعة من تطوعه فقد فتح له باعظم اعمال الادميين الا من اشبه او من زاد عليه.
ذكر ما يقرء في نوافل الزوال خاصة على الوجه المرسوم ابومحمد هرون بن موسى رضى الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال حدثنا الحسن بن عبدالله بن محمد بن عيسى قال حدثنا ابى عن ابى داود المسترق سليمان بن سفيان عن محسن بن احمد الميثمى عن يعقوب بن شعيب قال قال ابوعبدالله عليه السلام اقرء في صلوة الزوال في الركعتين الاولتين بالاخلاص وسورة الجحد وفى الثالثة بقل هو الله وآية الكرسى وفى الرابعة بقل هو الله احد وآخر البقرة وفى الخامسة بقل هو الله احد والايات التى في آخر آل عمران ان في خلق السموات والارض وفى السادسة بقل هو الله احد وآية السخرة وفى السابعة بقل هو الله احد والايات التى في الانعام وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وفى الثامنة بقل هو الله احد وآخر الحشر لو انزلنا هذا القرآن على جبل إلى آخرها فاذا فرغت قلت سبع مرات اللهم مقلب القلوب والابصار ثبت قلبى على دينك ودين نبيك ولا تزغ قلبى بعد اذ هديتنى وهب لى من لدنك رحمة انك انت الوهاب واجرنى من النار برحمتك ثم يستجير بالله من النار سبعين مرة.
ذكر القبلة رأيت في الاحاديث المأثورة ان الله تعالى امر آدم ان
[129]
يصلى إلى المغرب ونوحا يصلى إلى المشرق وابراهيم ان يجمعهما وهى الكعبة فلما بعث موسى امره ان يحيى دين آدم ولما بعث عيسى امره بان يحيى دين نوح ولما بعث محمدا امره ان يحيى دين ابراهيم فالكعبة قبلة لمن كان في المسجد الحرام فالمسجد الحرم قبلة لمن كان في الحرم ومن كان في خارج الحرم فقبلته الحرم واهل العراق يتوجهون إلى الركن العراقى وهو الركن الذى فيه الحجر واهل اليمن إلى الركن اليمانى واهل المغرب إلى الركن الغربى واهل الشام إلى الركن الشامى وينبغى لاهل العرق ان يتياسروا قليلا وليس لغيرهم ذلك واهل العراق يعرفون قبلتهم بعدة اشياء منها اذا كان وقت الزوال فتكون الشمس عند الزوال بلا فصل على الحاجب الايمن لمن يواجهها واذا كان عند عشاء المغرب فيكون الشفق الاحمر في المشرق في الزمان المعتدل محاذيا للمنكب الايسر للذى يكون مستقبل القبلة واذا كان عند عشاء الاخرة يكون الشفق في المغرب في الزمان المعتدل محاذيا للمنكب الايمن ممن يكون مستقبل القبلة واذا كان وقت صلوة الصبح فيكون قبل طلوع الفجر محاذيا في الزمان المعتدل للمنكب الايسر ممن يكون مستقبل القبلة فاذا فقد المصلى هذه الاسباب وكانت السماء مطبقة بالغيم او ببعض الموانع من تراب او غيره من تدبير مالك الحساب فان غلب الظن بجهة القبلة فيعمل على غالب ظنه فان تساوت ظنونه او لم يكن له ظنون متساوية بل شكا محضا في كل الجهات ولم يكن له طريق يقدر عليها ويستعلم بها العلم او غلبة الظن على ساير الحالات فان كانت الصلوة نافلة فليصل إلى اى جهة شاء وان كانت الصلوة فريضة فيصلى الفريضة اربع دفعات إلى اربع جهات فان تعذر ذلك عليه لبعض الضرورات
[130]
ليصلى الفريضة دفعة واحدة إلى اى جهة شاء فان ظهرت القبلة وقد صلى اليها فصلوته صحيحة وكذلك ان كان صلاته بين المغرب والمشرق وكان في ارض العراق وان كان إلى جهة المشرق او المغرب والوقت باق اعادها وان خرج الوقت فلا اعادة عليه وان كان صلوته إلى استدار القبلة اعادها على كل حال وتجوز الصلوة النافلة على الراحلة والسفينة على حسب حاله في المسير وتمكنه من استقبال القبلة والافضل له ان يستقبل على حسب حاله في المسير القبلة بتكبيرة الاحرام ثم يتمم الصلوة كيف دارت السفينة والراحلة وذلك فيهذا المقام.
ذكر ما يستحب التوجه فيه بسبع تكبيرات وما نرويه في سبب ذلك.
يستحب التوجه بسبع تكبيرات في سبعة مواضع اول ركعة من نوافل الزوال واول ركعة من كل فريضة واول ركعة من نوافل المغرب واول ركعة من الوتيرة واول ركعة من صلوة نافلة الليل واول ركعتى الاحرام وروى تاكيد التوجه والتكبير في ثلثة مواضع منها حديث ابومحمد هرون بن موسى رضى الله عنه قال حدثنا محمد بن همام قال حدثنا عبدالله بن العلا المذارى قال حدثنا محمد بن الحسن بن سمون قال حدثنا حماد بن عيسى الجهنى عن حريز بن عبدالله السجستانى عن زرارة بن اعين قال قال ابوجعفر عليه السلام افتتح في ثلثة مواطن بالتوجه والتكبير في الزوال وصلوة الليل والمفردة من الوتر وقد يجزيك فيما سوى ذلك من التطوع او تكبر تكبيرة لكل ركعتين.
ذكر ما نرويه في سبب سبع تكبيرات ارويه باسنادى إلى زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله مرة إلى الصلاة
[131]
وقد كان الحسن بن على ابطأ عن الكلام حتى تخوفوا الا يتكلم وان يكون به خرس فخرج به رسول الله حامله على عنقه وصف الناس خلفه فاقامه عن يمينه فكبر رسول الله وافتتح الصلوة بالتكبير فكبر الحسن عليه السلام فلما سمع رسول الله صلى الله عليه واهلبيته تكبيره عاد فكبر وكبر الحسن حتى كبر سبعا فجرت السنة بافتتاح الصلوة بسبع تكبيرات.
يقول السيد الامام العامل الفقيه العلامة رضى الدين ركن الاسلام ابوالقاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس ضاعف الله سعادته وشرف خاتمته ولا يقال وكيف صار تكبير الحسن عليه السلام هو صبى طفل ومتابعة رسول الله صلى الله عليه وآله سنة في الاسلام لان الجواب عن ذلك ان النبى صلى الله عليه وآله ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى فيكون الله جل جلاله قد اوحى اليه بان يجعل ذلك سنة له صلوات الله عليه.
صفة نوافل الزوال يقوم العبد على ما تقدم شرح تفصيله من ذله وعبوديته والمراقبة لله جل جلاله في كثير اموره وقليله ويستقبل القبلة ذاكر الله بين يدى موليه وانه يراه ويكون نظره في حال قيامه في الصلاة إلى موضع سجوده بانكسار وخضوع لمعبوده ويكون بين قدميه مقدار اربع اصابع تقريبا يقصد انه يصلى نافلة الزوال لوجه ندبها يعبد الله جل جلاله بها لانه جل جلاله اهل للعبادة ثم يرفع يديه إلى شحمتى اذنيه ويكبر تكبيرة واحدة ويرسل يديه بوقار إلى عند فخذيه ثم يكبر ثانية وثالثة وكذلك يقول بعد الثلث تكبيرات وهو رافع يديه على بعض ماشرحناه من صفات الداعى ما رواه الحلبى وغيره عن الصادق عليه السلام
[132]
بعد الثلث تكبيرات اللهم انت الملك الحق لا اله الا انت سبحانك و بحمدك عملت سوء وظلمت نفسى فاغفر لى ذنبى انه لا يغفر الذنوب الا انت ثم يكبر تكبيرتين مثل ما ذكرنا ويرفع يديه كما وصفناه ويجيب الله جل جلاله بالثلبية بقلبه ولسانه وجميع جنانه وبغاية امكانه فان مولينا زين العابدين عليه السلام حيث اراد يقول لبيك وقال ذلك غشى عليه فان العبد اذا قال لله جل جلاله لبيك وهو مشغول عن الله بغيره وغير مقبل عليه كان كاذبا في تلبيته فليحذر ذلك كل الحذر ويجمع قلبه وكل ما هو مكلف منه بالتلبية على ابلغ طاقته ويقول لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس اليك والمهدى من هديت عبدك وابن عبديك منك وبك واليك لاملجأ ولا منجى ولا مفر منك الا اليك سبحانك وحنانيك سبحانك رب البيت ويكبر تكبيرتين اخرتين كما اشرنا اليه.
ثم يتوجه كما نبهنا عليه ويقول وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض على ملة ابراهيم ودين محمد ومنهاج على حنيفا مسلما وما انا من المشركين ان صلوتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لاشريك له وبذلك امرت وانا من المسلمين اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ثم يقرء الحمد وسورة قل هو الله احد اخفاتا ويجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلواته ثم يكبر تكبيرة الركوع كما شرحناه ويركع خاشعا خاضعا كما اوضحناه ويكون نظره في حال ركوعه إلى بين قدميه ويقول في الركوع بخضوع وخشوع كما حررناه ما رواه محمد بن يعقوب باسناده إلى زران يرويه عن الباقر عليه السلام وفيه زيادة برواية اخرى اللهم لك ركعت ولك خشعت وبك امنت ولك اسلمت وعليك
[133]
توكلت وانت ربى خشع لك سمعى وبصرى ومخى وعصبى وعظامى وما اقلت قدماى لله رب العالمين.
ثم يقول سبع مرات سبحان ربى العظيم وبحمده وهى الافضل ويكفيه ان يقول ذلك خمس مرات او ثلثا ويجوز الاقتصار على واحدة ثم يرفع رأسه وينتصب قائما حتى يرجع كل عضو منه إلى حالكونه قائما وفى كل ذلك يكون ذاكرا انه بين يدى الله جل جلاله وان هذا الركوع والخضوع لعظمته وجلالته وعبادة له لذاته وان هذا رفع رأسه بامره ولاجله ويقول سمع الله لمن حمده الحمد لله رب العالمين اهل الكبرياء والجود والجبروت ثم يرفع يديه بالتكبير على ما ذكرناه ويهوى للسجود بين يدى الله جل جلاله ولله جل جلاله خاضعا خاشعا فيتلقى الارض بيديه ويكون سجوده على سبعة اعظم الجبهة واليدين والركبتين وبعض اطراف اصابع الرجلين ويراغم بطرف انفه ذلا وعبودية ويكون متجافيا لا يضع شيئا من جسده على شئ منه ويقول بصدق نية وخالص طوية وعبودية كما كنا قدمناه ما رواه محمد بن يعقوب وغيره عن الحلبى عن ابيعبد الله عليه السلام وفيه زيادة برواية اخرى اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك اسلمت وعليك توكلت وانت ربى سجد لك سمعى و بصرى وشعرى وعصبى ومخى وعظامى سجد وجهى البالى الفانى للذى خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله احسن الخالقين.
ثم يقول سبحان ربى الاعلى وبحمده سبع مرات ويجوز الاقتصار على خمس او ثلث او واحدة ثم يرفع رأسه من السجود بوقار وسكينة ويجلس على وركه الايسر ويكون باطن قدمه الايسر قد تلقى به ظاهر قدمه الايمن ويقول اللهم اعف عنى واغفر لى وارحمنى واجبرنى واهدنى
[134]
انى لما انزلت إلى من خير فقير وله ان يدعو بغير ذلك فاذا فرغ من الدعاء رفع يديه بالتكبير كما ذكرناه ويهوى إلى السجود كما وصفناه ويقول ما شرحناه ثم يجلس بوقار.
ثم يقول ما رواه محمد ين يعقوب الكلينى باسناده عن ابى بكر الحضرمى قال قال ابوعبدالله عليه السلام اذا قمت من الركعة فاعتمد على كفيك وقل بحول الله وقوته اقوم واقعد فان عليا عليه السلام كان يفعل ذلك ويبتدئ بقرائة الحمد ثم يقرء سورة قل ياايها الكافرون مخافتا فاذا فرغ منها رفع يديه بالقنوت على ما تقدم ذكره من الذل والعبودية واستحضاره بخاطره وقلبه انه بين يدى الجلالة المعظمة الالهية.
ويستحب ان يقنت بكلمات الفرج وقد قدمناها عند تلقين المحتضرين ونذكرها الان ليكون اخف على الطالبين يقول في قنوته لااله الا الله الحليم الكريم لااله الا الله العلى العظيم سبحان الله رب السموات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ثم يدعو لاعظم الخلايق عند الله جل جلاله واعزهم عليه وليكون فاتحا لابواب الدعاء بين يديه والا فانه مستغن عن دعائك له وغير محتاج اليه ويدعو بعد ذلك بما يكون محتاجا اليه بما يدله الله جل جلاله عليه ثم يركع ويسجد السجدتين كما صنع في الركعة الاولى على السواء فاذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس كما وصفناه ثم يقول بسم الله وبالله والاسماء الحسنى كلها لله اشهد ان لااله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته في امته وارفع درجته وان اقتصر على الشهادة لله جل جلاله بالوحدانية
[135]
ولمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة وعلى الصلوات عليه وعلى آله عليهم السلام اجزئه ذلك.
ثم يسلم تجاه القبلة يومى بمؤخر عينيه إلى يمينه ويقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم يكبر ثلث تكبيرات رافعا بها يديه إلى شحمتى اذنيه سنة مؤكدة سنها النبى صلى الله عليه وآله عند بعض البشارات له ثم يشرع في تسبيح الزهراء فاطمة بنت رسول الله صلوات الله جل جلاله عليهما وهو اربع وثلثون تكبيرة وثلث وثلثون تحميدة وثلث وثلثون تسبيحة كما رواه محمد بن يعقوب الكلينى عن على بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عبدالحميد عن صفوان عن ابن مسكان عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام قال في تسبيح فاطمة عليها السلام تبدء بالتكبير اربع و ثلثون ثم بالتحميد ثلثا وثلثين ثم بالتسبيح ثلثا وثلثين.
ذكر فضل لهذه الرواية كما رواه محمد بن يعقوب الكلينى عن ابى خالد القماط قال سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول تسبيح فاطمة عليها السلام في دبر كل صلوة احب إلى من صلوة الف ركعة في كل يوم وروى في ترتيبه غير ذلك وروى الشيخ ابوالحسين محمد بن هرون التلعكبرى قال اخبرنى الشيخ ابومحمد هرون بن موسى رحمه الله تعالى قال حدثنا احمد بن محمد بن يحيى العطار قال حدثنى ابوالقاسم سعد بن عبدالله بن ابى خلف قال حدثنى محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين عن الحسن بن محبوب عن وهب بن عبد ربه قال سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول من سبح تسبيح الزهراء فاطمة عليها السلام بدء فكبر الله اربعا وثلثين تكبيرة وسبحه ثلثا وثلثين تسبيحة ووصل التسبيح بالتكبير وحمد الله ثلثا وثلثين مرة ووصل التحميد
[136]
يصلون على النبى ياايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما لبيك ربنا وسعديك اللهم صل على على محمد وآل محمد وعلى اهل بيت محمد وعلى ذرية محمد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته واشهد ان التسليم منا لهم والايمان (1) بهم والتصديق لهم ربنا آمنا وصدقنا واتبعنا الرسول
___________________________________
(1) والايتمام (خ ل) اعلم ان الصحيح في التلفظ بتلك الكلمة اعنى قوله والايتمام الذى رأيتها منقولا عن البحار عن فلاح السائل في الاصل لاعلى وجه البدل ان يقرء باسقاط الهمزتين كلتيهما على حد قوله عزوجل بئس الاسم الفسوق وقد نبه على ذلك الحريرى في درة الغواص اقول ولكن يبقى شئ اخر مما لم يلتفت ره اليه وهو انه بعد حذف الهمزتين وكسر اللام يجب اعادة الهمزة التى كانت قلبت ياء لاجتماع الهمزتين اللتين اولاهما مكسورة والثانية ساكنة لان اصله الايتمام لانه افتعال من ام مهموز الفاء فيجتمع في ماضى باب الافتعال منه ومصدره همزتان احدهما همزة باب الافتعال التىهى همزة وصل والثانية فاء الفعل من الكلمة فاذا لم يكن هناك لام التعريف تقلب الهمزة الثانية ياء في كل من الماضى والمصدر والامر الحاضر لما سمعت من قاعدة اجتماع الهمزتين اولاهما مكسورة والثانية ساكنة ولكن عند دخول لام التعريف وحذف همزة التعريف وهمزة الافتعال وكسر اللام لرفع التقاء الساكنين ويزول سبب قلب الهمزة الثانية ياء وهو اجتماع الهمزتين المزبورتين فتعود الهمزة إلى حالها فتقول والايتمام بكسر اللام والهمزة الساكنة كما تقول في مثل ايت الذى هو امر حاضر من اتى ياتى عند الوصل وحذف همزة الوصل وائت باعادة الهمزة وكما تقول في مثل اومر الذى هو امر من يأمر وقد كان اصله اءمر بهمزتين اولاهما مضمومة والثانية ساكنة فقلبت الثانية واو المناسبة ضم ما قبلها تقول فيه عند الوصل وامر باعادة الهمزة الثانية التى كانت منقلبة إلى الواو وانما اطنبت الكلام لغفلة غالب اهل العلم عن ذلك فضلا عن غيرهم.
محمد حسين القمشهى عفى عنه
[137]
وآل الرسول فاكتبنا مع الشاهدين اللهم صب علينا الرزق صبا صبا بلاغا للاخرة والدنيا من غير كد ولا نكد ولا من من احد من خلقك الا سعة من رزقك وطيبا من وسعك من يدك الملاى عفافا لامن ايدى لئام خلقك انك على كل شئ قدير اللهم اجعل النور في بصرى والبصيرة في دينى واليقين في قلبى والاخلاص في عملى والسعة في رزقى وذكرك بالليل والنهار على لسانى والشكر لك ابدا ما ابقيتنى اللهم لاتجدنى حيث نهيتنى وبارك لى فيما اعطيتنى وارحمنى اذا توفيتنى انك على كل شئ قدير غفر الله ذنوبه كلها وعافاه من يومه وساعته وشهره وسنته إلى ان يحول الحول من الفقر والفاقة والجنون والجذام والبرص من ميتة السوء ومن كل بلية تنزل من السماء إلى الارض وكتب له بذلك شهادة الاخلاص بثوابها إلى يوم القيمة وثوابها الجنة البتة فقلت له هذا له اذا قال ذلك في كل يوم من الحول إلى الحول فقال ولكن هذا لمن قاله من الحول إلى الحول مرة واحدة يكتب له ذلك واجزأه له إلى مثل يومه وساعته وشهره من الحول إلى الحول الجائى الحايل عليه.
ومما يقول الانسان بعد كل تسليمة من نوافل الزوال اللهم انى ضعيف فقونى في رضاك ضعفى وخذ إلى الخير بناصيتى واجعل الايمان منتهى رضاى وبارك لى فيما قسمت لى وبلغنى برحمتك كل الذى ارجو منك واجعل لى ودا وسرورا للمؤمنين وعهدا عندك.
ومما يقال ايضا في جملة تعقيب كل ركعتين من نوافل الزوال رب صلى على محمد وآله واجرنى من السيئات واستعملنى عملا بطاعتك وارفع درجتى برحمتك ياالله يارب يارحمن يارحيم ياحنان يامنان يا ذا الجلال والاكرام اسئلك رضاك وجنتك واعوذ بك من نارك وسخطك
[138]
استجير بالله من النار ترفع بها صوتك.
ذكر رواية في الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال قال اخبرنا ابوعبدالله احمد بن محمد بن الحسن بن عباس رحمه الله قال حدثنا احمد بن محمد بن يحيى العطار عن عبدالله بن جعفر الحميرى قال حدثنى محمد بن الحسن عن نصر بن مزاحم عن ابى خالد عن عبدالله بن الحسن بن الحسن عن امهما فاطمة بنت الحسن عليهما السلام عن ابيها الحسن بن على صلوات الله عليهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو بهذا الدعاء بين كل ركعتين من صلوة الزوال الركعتان الاولتان اللهم انت اكرم ماتى واكرم مزور وخير من طلب اليه الحاجات واجود من اعطى وارحم من استرحم وارؤف من عفى واعز من اعتمد اللهم بى اليك فاقة ولى اليك حاجات ولك عندى طلبات من ذنوب انا بها مرتهن وقد اوقرت ظهرى واوبقتنى والا ترحمنى وتغفر لى اكن من الخاسرين اللهم اعتمدتك فيها تائبا اليك فصل على محمد وآله واغفر لى ذنوبى كلها قديمها وحديثها سرها وعلانيتها خطاها وعمدها صغيرها وكبيرها وكل ذنب اذنبته وانا مذنبه مغفرة عزما جزما لاتغادر ذنبا واحدا ولا اكتسب بعدها محرما ابدا واقبل منى اليسير من طاعتك وتجاوزنى عن الكبير من معصيتك ياعظيم انه لايغفر العظيم الا العظيم يسئله من في السموات والارض كل يوم هو في شأن يامن هو كل يوم في شأن صلى على محمد وآله واجعل لى في شأنك شأن حاجتى وحاجتى هى فكاك رقبتى من النار والامان من سخطك والفوز برضوانك وجنتك وصل على محمد وآل محمد وامنن بذلك على وبكل ما فيه صلاحى اسئلك بنورك الساطع في الظلمات ان تصلى على محمد وآل محمد ولا تفرق بينى وبينهم في الدنيا والاخرة انك على
[139]
كل شئ قدير اللهم واكتب لى عتقا من النار مبتولا واجعلنى من المنيبين اليك التابعين لامرك المخبتين الذين اذا ذكرت وجلت قلوبهم والمستكملين مناسكهم والصابرين في البلاء والشاكرين في الرخاء والمطيعين لامرك فيما امرتهم به والمقيمين الصلاة والمؤتين الزكوة والمتوكلين عليك اللهم اضعفنى ياكريم كرامتك واجز لى عطيتك والفضيلة لديك والراحة منك والوسيلة اليك والمنزلة عندك ما تكفينى به كل هول دون الجنة وتظلنى في ظل عرشك يوم لاظل الا ظلك وتعظم نورى وتعطينى كتابى بيمينى وتضعف حسناتى وتحشرنى في افضل الوافدين اليك من المتقين وتسكننى في عليين واجعلنى ممن تنظر اليه بوجهك الكريم وتتوفانى وانت عنى راض والحقنى بعبادك الصالحين اللهم صل على محمد وآله واقلبنى بذلك كله مفلحا منجحا قد غفرت لى خطاياى وذنوبى كلها وكفرت عنى سيئاتى وحططت عنى وزرى وشفعتنى في جميع حوائجى في الدنيا والاخرة في يسر منك وعافية اللهم صل على محمد وآله ولا تخلط بشئ من عملى ولا بما تقربت به اليك رياء ولا سمعة ولااشرا ولا بطرا واجعلنى من الخاشعين لك اللهم صل على محمد وآله واعطنى السعة في رزقى والصحة في جسمى والقوة في بدنى على طاعتك وعبادتك واعطنى من رحمتك ورضوانك وعافيتك ما تسلمنى به من كل بلاء الاخرة والدنيا وارزقنى الرهبة منك والرغبة اليك والخشوع لك والوقار والحياء منك والتعظيم لذكرك والتقديس لمجدك ايام حيوتى حتى تتوفانى وانت عنى راض اللهم واسئلك السعة والدعة والامن والكفاية والسلامة والصحة والقنوع والعصمة والهدى والرحمة والعفو والعافية واليقين والمغفرة والشكر والرضا والصبر والعلم والصدق والبر
[140]
والتقوى والحلم والتواضع واليسر والتوفيق اللهم صل على محمد وآله واعمم بذلك اهل بيتى وقراباتى واخوانى فيك ومن احببت واحبنى فيك او ولدته وولدنى من جميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات واسئلك يارب حسن الظن بك والصدق في التوكل عليك واعوذ بك يارب ان تبتلينى ببلية تحملنى ضرورتها على التغوث بشئ من معاصيك واعوذ بك يارب ان اكون في حال عسرا ويسرا ظن ان معاصيك انجح في طلبتى من طاعتك واعوذ بك من تكلف ما لاتقدر لى فيه رزقا وما قدرت لى من رزق فصل على محمد وآله واتنى به في يسر منك وعافية ياارحم الراحمين.
وقل رب صل على محمد وآله واجرنى من السيئات واستعملنى عملا بطاعتك وارفع درجتى برحمتك ياالله يارب يارحمن يارحيم ياحنان ياذا الجلال والاكرام اسئلك رضال وجنتك واعوذ بك من نارك وسخطك استجير بالله من النار ترفع بها صوتك.
ثم تخر ساجدا وتقول اللهم انى اتقرب اليك بجودك وكرمك واتقرب اليك بمحمد عبدك ورسولك واتقرب اليك بملئكتك المقربين وانبيائك المرسلين ان تصلى على محمد وآل محمد وان تقيلنى عثرتى وتستر عنى ذنوبى وتغفرها لى وتقلبنى اليوم بقضاء حاجتى ولا تعذبنى بقبيح كان منى يااهل التقوى واهل المغفرة يابر ياكريم انت ابر بى من ابى وامى ومن نفسى ومن الناس اجمعين بى اليك فاقة وفقر وانت غنى عنى ان تصلى على محمد وآل محمد وان ترحم فقرى وتستجيب دعائى وتكف عنى ابواب البلاء فان عفوك وجودك يسعانى.
التسليمة الثانية اللهم اله السماء واله الارض وفاطر السماء وفاطر
[141]
الارض ونور السماء ونور الارض وزين السماء وزين الارض وعماد السماء وعماد الارض وبديع السماء وبديع الارض ذى الجلال والاكرام صريخ المستصرخين وغوث المستغيثين ومنتهى غاية العابدين انت المفرج عن المكروبين انت المروح عن المغمومين انت ارحم الراحمين مفرج الكرب ومجيب دعوة المضطرين اله العالمين المنزول به كل حاجة ياعظيما يرجى لكل عظيم صلى على محمد وآل محمد وافعل بى كذا وكذا.
وقل رب صل على محمد وآل محمد واجرنى من السيئات واستعملنى عملا بطاعتك وارفع درجتى برحمتك ياالله يارب يارحمن يارحيم ياحنان يامنان ياذا الجلال والاكرام اسئلك رضاك وجنتك واعوذ بك من نارك وسخطك استجير بالله من النار ترفع بها صوتك.
التسليمة الثالثة ياعلى ياعظيم ياحى ياعليم ياغفور يارحيم ياسميع يابصير ياواحد يااحد ياصمد يامن لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد يارحمن يارحيم يانور السموات والارض تم نور وجهك اسئلك بنور وجهك الذى اشرقت له السموات والاض وباسمك العظيم الاعظم الاعظم الاعظم الذى اذا دعيت به اجبت واذا سئلت به اعطيت وبقدرتك على ما تشاء من خلقك فانما امرك اذا اردت شيئا ان تقول له كن فيكون ان تصلى على محمد وآل محمد وان تفعل بى كذا وكذا.
وقل رب صل على محمد وآله واجرنى من السيئات واستعملنى عملا بطاعتك وارفع درجتى برحمتك ياالله يارب يارحمن يارحيم ياحنان يامنان ياذا الجلال والاكرام اسئلك رضاك وجنتك واعوذ بك من نارك وسخطك استجير بالله من النار.
[142]
التسليمة الرابعة اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملئكة ومعدن العلم واهل بيت الوحى اللهم صل على محمد وآل محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة يأمن من ركبها ويغرق من تركها المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق واللازم لهم لاحق اللهم صل على محمد وآل محمد الكهف الحصين وغياث المضطر المسكين وملجأ الهاربين وعصمة المعتصمين اللهم صل على محمد وآل محمد صلوة كثيرة تكون لهم رضى ولحق محمد وآله عليهم السلام اداء بحول منك وقوة يارب العالمين اللهم صل على محمد وآل محمد الذين اوجبت حقهم ومودتهم وفرضت ولايتهم اللهم صل على محمد وآل محمد واعمر قلبى بطاعتك ولا تخزنى بمعصيتك وارزقنى مواسات من قترت عليه من رزقك بما وسعت على من فضلك الحمد لله على نعمه واستغفر الله من كل ذنب ولا حول ولا قوة الا بالله من كل هول.
ذكر رواية اخرى في الدعاء عقيب كل ركعتين من نافلة الزوال رويتها باسنادى إلى جدى ابى جعفر الطوسى فيما ذكره قدس الله جل جلاله روحه في المصباح الكبير فقال وروى انك تقول عقيب التسليمة الاولى اللهم انى اعوذ بعفوك من عقوبتك واعوذ برضاك من سخطك واعوذ برحمتك من نقمتك واعوذ بمغفرتك من عذابك واعوذ برأفتك من غضبك واعوذ بك منك لااله الا انت لاابلغ مدحتك ولا الثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك اسئلك ان تصلى على محمد وآل محمد وان تجعل حيوتى زيادة في كل خير ووفاتى راحة من كل سوء وتسد فاقتى بهداك وتوفيقك وتقوى ضعفى في طاعتك وترزقنى الراحة والكرامة وقرة العين واللذة وبرد العيش من بعد الموت ونفس عنى الكربة يوم المشهد
[143]
العظيم وارحمنى يوم القاك فردا هذه نفسى سلم لك معترف بذنبى مقر بالذنب على نفسى بفضلك اقبل على بوجهك الكريم اسئلك لما صفحت عنى ما سلف من ذنوبى وعصمتنى فيما بقى من عمرى وصل على محمد و آله وافعل بى كذا وكذا.
وقل رب صل على محمد وآله اجرنى من السيئات واستعملنى عملا بطاعتك وارفع درجتى برحمتك ياالله يارب يارحمن يارحيم ياحنان يامنان ياذا الجلال والاكرام اسئلك رضاك وجنتك واعوذ بك من نارك وسخطك استجير بالله من النار ثم ترفع بها صوتك.
وتقول عقيب الرابعة اللهم مقلب القلوب والابصار صل على محمد آله وثبت قلبى على دينك ودين نبيك ولا تزغ قلبى بعد اذ هديتنى وهب لى من لدنك رحمة انك انت الوهاب واجرنى من النار برحمتك اللهم صل على محمد وآله واجعلنى سعيدا فانك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب.
وتقول عقيب السادسة اللهم انى اتقرب اليك بجودك وكرمك واتقرب اليك بمحمد عبدك ورسولك واتقرب اليك بملائكتك المقربين وانبيائك المرسلين اللهم انت الغنى عنى وبى الفاقة اليك انت الغنى وانا الفقير اليك اقلتنى عثرتى وسترت على ذنوبى فاقض ياالله حاجتى ولا تعذبنى بقبيح ما تعلم منى فان عفوك وجودك يسعانى.
وتقول عقيب الثامنة يااول الاولين وياآخر الاخرين وياذا القوة المتين ويارزاق المساكين وياارحم الراحمين صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين واغفر لى جدى وهزلى وخطاى وعمدى واسرافى على نفسى وكل ذنب اذنبته واعصمنى من اقتراف مثله انك على ما
[144]
تشاء قدير.
ثم تخر ساجدا وتقول يااهل التقوى ويااهل المغفرة يابر يا رحيم انت ابر بى من ابى وامى ومن جميع الخلائق اجمعين اقلبنى بقضاء حاجتى مجابا دعائى مرحوما صوتى قد كشفت انواع البلاء عنى.