الفصل الثالث والعشرون
في تلقى الملكين الحافظين عند ابتداء الليل وفى صفة صلوة المغرب وما نذكر من شرحها وتعقيبها يقول السيد الامام العامل الفقيه العلامة رضى الدين ركن الاسلام ابوالقاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس شرف الله قدره وقدس في الملاء لاعلى ذكره ايها العبد ان كنت مسلما مصدقا بالقرآن فانت تجد في قلبك على اليقين التصديق لقوله جل جلاله ان عليكم لحافظين كراما كاتبين وتكون مستعدا لقدومهما كما تستعد لقدوم رسول قد عرفت انه يصل اليك من بعض ملوك الدنيا الذذينهم من بعض مماليك سلطان العالمين فيكون لورودهما وحضورهما في قلبك موضع يستدل به على تصديقك لسيد المرسلين فان في عباد الله جل جلاله العارفين من يعرف وقت حضورهما ووقت انفصالهما عند المساء والصباح باسباب لا تعرفها بالعبادة بل ان شاء الله جل جلاله عرفك ذلك حتى تعلمه على الايضاح فانه جل جلاله يقول لاهل الاعتراض عليه في الرجمات اهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيوة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات فان لم تجد للملكين الحافظين محلا في قلبك في اول ليلك ولا في اول نهارك فتوسل بالله جل جلاله في مداراة دينك او عقلك فانك سقيم في دينك ويقينك وفى قلبك واسرارك واياك ان تقول فقد رأيت فلانا وفلانا وصاحبته ليلا ونهارا فما رأيت عنده بهذين الملكين اهتماما ولااعتبارا لانك ان كنت مصدقا بالكتاب والرسول فانك لاتلتفت إلى
[227]
اهل الغفلة ولا تقتدى بهم وانما تعمل بالمعقول والمنقول فان اكثر الناس في هذه الاوقات في غفلة هايلة لطف الله جل جلاله لهم وتداركهم بما هو جل جلاله اهل من العنايات وقد نبهنا على تحقيق ما قلناه عند وداع الملكين وقت الغروب وكشفنا ذلك بالمعقولات وبالروايات و هو حجة على من بلغه ذلك لعلام الغيوب.
اقول فاذا ذهبت الحمرة من افق المشرق مع ارتفاع موانع مشاهدتها او غلب الظن بزوالها عند الموانع الحائلة بين العبد وبين معرفتها وكان وقت حضور ملكى الليل بمقتضى المنقول من الروايات اذا كنت لاتعرف ذلك من طريق المراحم الربانيات فسلم عليهما مثل سلامك عند اقبال النهار واشهد الله جل جلاله واشهدهما بما اشهدت ملكى النهار.
فقد روى محمد بن يعقوب الكلينى باسناده في كتاب الكافى قال كان على عليه السلام اذا امسى قال مرحبا بالليل الجديد والكاتب الشهيد اكتبا بسم الله ثم يذكر الله عزوجل وان شئت فاخر السلام عليهما بعد صلوة المغرب فقد روى ذلك في بعض الاخبار ثم اذن لصلوة المغرب كما تقدم ذكره في صفة الاذان عند صلوة الظهر وقل بعد الاذان او قبله بحسب التوفيق والامكان ما رواه ابومحمد هرون بن موسى رحمه الله قال حدثنا احمد بن هليل الكرخى عن العباس الشامى عن ابى الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال كان جعفر بن محمد عليهما السلام يقول من قال حين يسمع اذان الصبح واذان المغرب هذا الدعاء ثم مات من يومه او من ليلته كان تائبا اللهم انى اسئلك باقبال ليلتك وادبار نهارك وحضور صلواتك واصوات دعائك وتسبيح ملئكتك ان تصلى على محمد وآل محمد وان تتوب على انك انت التواب الرحيم.
[228]
اقول فاذا فرغت من الاذان وهذا الدعاء فقل ما رواه ايضا ابومحمد هرون بن موسى رضى الله عنه قال حدثنا محمد بن همام قال حدثنا حميد بن زياد قال حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة قال حدثنا الحسن بن معوية بن وهب عن ابيه قال دخلت على ابى عبدالله عليه السلام وقت المغرب فاذا هو قد اذن وجلس فسمعته يدعو بدعاء ما سمعت بمثله فسكت حتى فرغ من صلوته ثم قلت ياسيدى لقد سمعت منك دعاء ما سمعت مثله قط قال هذا دعاء امير المؤمنين عليه السلام ليلة بات في فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يامن ليس معه رب يدعى يامن ليس فوقه خالق يخشى يامن ليس دونه اله يتقى يامن ليس له وزير يغشى يامن ليس له بواب ينادى يامن لايزداد على كثرة السؤال الا كرما وجودا يامن لايزداد على عظم الجرم الا رحمة وعفوا صلى محمد وآل محمد وافعل بى ما انت اهله فانك اهل التقوى واهل المغفرة وانت اهل الجود والخير والكرم.
يقول السيد الامام العالم العامل المحق المخلص الفقيه الورع رضى الدين ركن الاسلام ابوالقاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس شرف الله قدره وقدس في الملاء الاعلى ذكره اما ما تضمن هذا الدعاء من كون مولينا ابى عبدالله عليه السلام جلس بعد اذان المغرب فنه ارعف باسارا الله جل جلاله في وقت دون وقت على التحقيق وقد روايات ان الافضل انه لايجلس بين اذان المغرب واقامتها وهو الظاهر من عمل جماعة من اهل التوفيق ولعل الجلوس بينهما في وقت دون وقت او لفريق دون فريق واما قوله صلوات الله عليه ان هذا دعاء مولينا امير المؤمنين عليه السلام ليلة بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله فليس
[229]
هذا منافيا لما رويناه من دعاء المبيت المذكور بل يكون قد دعا مولينا امير المؤمنين عليه السلام بهما بحسب الحديث المأثور فاذا فرغ من الدعاء كما تقدم بعد اذان الظهر وكما ذكرنا الان فليقم إلى الاقامة وليأت بهما على ما تقدم من البيان وليدع بعدها بما وصفناه ورويناه في ذلك المكان.
اقول وان كان ممن له عادة بالسهو في صلوة المغرب فليقرء في الركعة الاولى والثانية منها ما رواه محمد بن ابى عمير عن عمر بن يزيد قال شكوت إلى ابى عبدالله عليه السلام السهو في المغرب فقال صلها بقل هو الله احد وقل ياايها الكافرون ففعلت ذلك فذهب عنى ثم يتوجه بالسبع التكبيرات وادعيتها كما قدمناه وينوى انه يصلى فريضة (صلوة) المغرب اداء لوجه وجوبها يعبد الله جل جلاله بها لانه اهل للعبادة ويكبر تكبيرة الاحرام وهى من جملة السبع التكبيرات ويصلى ثلث ركعات كما وصفناه في صفة صلوة الظهر على الترتيب الذى شرحناه الا انه يجهرها هنا بقرائة الحمد والسورتين في الركعتين الاولتين ويخافت في قرائة الحمد في الركعة الثالثة فاذا فرغ من السجدتين في الركعة الثالة لايقوم بل يجلس على صفة جلوسه للتشهد ويتشهد بعد السجدتين كما ذكرناه في تشهده الثانى لصلوة الظهر ويسلم كما كنا وصفناه فاذا سلم من صلوة المغرب رفع يديه بالثلث التكبيرات وقال ما شرحناه انه يقال عند كل فريضة من الخمس المفروضات من الدعوات ومن تسبيح الزهراء عليها السلام وتلك المهمات.
اقول ثم يخاطب الملكين الحافظين فيقول ما رواه على بن الصلت عن اسحق واسمعيل ابنى محمد بن عجلان عن ابيهما قال قال ابوعبدالله عليه السلام
[230]
اذا امسيت واصبحت فقل في دبر الفريضة في صلوة المغرب وصلوة الفجر استعيذ بالله من الشيطان الرجيم عشر مرات ثم قل اكتبا رحمكما الله بسم الله الرحمن الرحيم امسيت واصبحت بالله مؤمنا على دين محمد صلى الله عليه وآله وسنته وعلى دين على عليه السلام وسنته وعلى دين فاطمة عليها السلام وسنتها وعلى دين الاوصياء عليهم السلام وسنتهم امنت بسرهم وعلانيتهم وبغيبهم و شهادتهم واستعيذ بالله في ليلتى هذه يومى ويومى هذا مما استعاذ منه محمد و على وفاطمة والاوصياء صلى الله عليهم وارغب إلى الله فيما رغبوا فيه ولا حول ولا قوة الا بالله.
ثم يقول ما رواه ابوغالب احمد بن محمد بن سليمان الرازى قال حدثنا عبدالله بن جعفر الحميرى عن ابراهيم بن مهزيار عن اخيه على بن مهزيار عن الحسن بن محبوب عن معوية بن عمار عن ابيعبدالله عليه السلام قال من قال بعد صلوة الفجر وبعد صلوة المغرب قبل ان يثنى رجله او يكلم احدا ان الله وملئكته يصلون على النبى ياايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صل على محمد النبى وعلى ذريته وعلى اهل بيته مرة واحدة قضى الله تعالى له ماة حاجة سبعون منها للدنيا وثلثون للاخرة.
ويقول ايضا ما رواه ابومحمد هرون بن موسى رضى الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد قال حدثنا الحسن بن الحسن بن ابان قال حدثنا سعيد بن اسمعيل بن همام عن ابى الحسن يعنى الرضا عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام من قال بسم الله الرحمن الرحيم ولاحول ولاقوة الا بالله العلى العظيم سبع مرات وهو ثانى رجله بعد المغرب قبل ان يتكلم وبعد الصبح قبل ان يتكلم صرف الله تعالى عنه سبعين
[231]
نوعا من انواع البلاء ادناها الجذام والبرص والسلطان والشيطان.
ومما رويناه باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكلينى باسناده في كتاب الدعاء من كتاب الكافى عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى الغدوة فقال قبل ان ينقض ركبته عشر مرات لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت ويميت ويحيى وهو حى لايموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير وفى المغرب مثلها لم يلق الله عزوجل عبد بعمل افضل من عمله الا من جاء بمثل عمله.
ويقول ايضا بعد صلوة المغرب وبعد صلوة الفجر سبحانك لااله الا انت اغفر لى ذنوبى كلها جميعا فانه لايغفر الذنوب كلها الا انت فقد روى الحسن بن محبوب عن ابى ايوب وعن محمد بن مسلم عن ابيجعفر يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وآله في حديث هذا المراد منه ان العبد اذا قال ذلك قال الله جل جلاله للكتبة اكتبوا لعبدى المغفرة بمعرفته انه لا يغفر الذنوب كلها جميعا الا انا.
ويقول ما رواه ابو محمد هرون بن موسى رضى الله عنه قال حدثنا محمد بن همام قال حدثنا عبدالله بن جعفر الحميرى عن احمد بن محمد بن عيسى الاشعرى عن الحسين بن سعيد عن محمد بن ابى عمير عن محمد بن الجعفى عن ابيه قال كنت كثيرا ما تشتكى عينى فشكوت ذلك إلى ابى عبدالله عليه السلام فقال الا اعلمك دعاء لدنياك وآخرتك وبلاغا لوجع عينك قلت بلى قال تقول في دبر الفجر ودبر المغرب اللهم انى اسئلك بحق محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام ان تصلى على محمد وآل محمد و اسئلك ان تجعل النور في بصرى والبصيرة في دينى واليقين في قلبى والاخلاص في عملى والسلامة في نفسى والسعة في رزقى والشكر لك ابدا ما ابقيتنى.
[232]
اقول ولا يكثر من تعقيب المغرب قبل ان يصلى نوافلها لان افضل وقت نوافل المغرب إلى زوال الشفق من افق المغرب و كان جماعة من العارفين لايتكلمون مع غير الله جل جلاله بين المغرب وعشاء الاخرة فانه مختص بمناجاة علام الغيوبونجاح المطلوب بل متى خاف انه اذا اشتغل بهذه الدعوات قبل نافلة المغرب ان يزول الشفق من افق المغرب فيؤخر ما يضيق عليه الاوقات من الدعوات إلى بعد صلوة نوافل المغرب ففى تاخيره فضيلة في بعض الروايات.
اقول فان لم يتمكن العبد من ترك الكلام مع غير الله جل جلاله حتى يصلى الاربع ركعات من نافلة المغرب فقد روينا باسنادنا إلى جدى ابى جعفر الطوسى فيما يرويه عن محمد بن على بن محبوب باسناده إلى الحكيم بن مسكين عن ابى العلا الخفاف عن ابى عبدالله عليه السلام قال من صلى المغرب ثم عقب لم يتكلم حتى يصلى ركعتين كتبا له في عليين فان صلى اربعا كتبت له حجة وعمرة مبرورة ورويناه ايضا عن الشيخ جعفر بن سليمان فيما رواه في كتابه ثواب الاعمال ورويناه ايضا باسنادنا إلى ابيجعفر بن بابويه فيما رواه في اماليه.