الفصل الثاني
في صفة الصلوة التى تنهى عن الفحشاء والمنكر ذكر الكراجكى في كتاب كنز الفوائد قال جاء في الحديث ان ابا جعفر المنصور خرج في يوم جمعة متوكئا على يد الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقال رجل يقال له رزام مولى خادم بن عبدالله من هذا الذى بلغ من خطره ما يعتمد امير المؤمنين على يده فقيل له هذا جعفر ابن محمد الصادق صلى الله عليه فقال انى والله ما عملت لوددت ان خد ابيجعفر نعل لجعفر.
ثم قال فوقف بين يدى المنصور فقال له اسأل ياامير المؤمنين فقال المنصور سل هذا فقال انى اريدك بالسؤال فقال له المنصور سل هذا.
فالتفت رزام إلى الامام جعفر بن محمد عليه السلام فقال اخبرنى عن الصلوة وحدودها فقال له الصادق عليه السلام للصلوة اربعة الاف حد لست تواخذ بها فقال اخبرنى بما لايحل تركه ولا تتم الصلوة الا به.
فقال ابوعبدالله عليه السلام لا تتم الصلوة الا لذى طهر سابغ وتمام بالغ غير نازع ولا زايغ عرف فوقف واخبت فثبت فهو واقف بين اليأس والطمع والصبر والجزع كان الوعد له صنع والوعيد به وقع بذل غرضه(1)
___________________________________
(1) في القاموس الغرض الهدف يرمى فيه والمخافة والظاهر هنا ارادة انه بذل شوقه إلى عباد الله تعالى يعنى يصلى شوقا إلى الصلوة لا لمجرد اسقاط التكليف ويحتمل ارادة الخوف بمعنى مخافة عدم القبول مثل قوله تعالى يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة محمد حسين عفى عنه.
[24]
تمثل (1) عرضه وبذل في الله المهجه وتنكب اليه المحجه (2) غير مرتعم (3) بارتعام يقطع علايق الاهتمام بعين (4) من له قصد واليه
___________________________________
(1) تمثل على ما في القاموس جاء بمعنى تشبه واحتج وحدث وتمثل بالشئ ضربه مثلا ومثله له تمثيلا صوره له حتى كانه ينظر اليه وامتثله هو تصوره وامتثل طريقته تبعها فلم يعدها ومثل قسام منتصبا وقال العرض المتاع و يحرك إلى ان قال وبالكسر الجسد والنفس وجانب الرجل الذى يصونه من نفسه وحسبه ان يتنقص ويثلب او سواء كان في نفسه او سلفه او من يلزمه امره او موضع المدح والذم منه او مسا يفتخر به من حسب وشرف وكيف كان فبملاحظة مراعاة السجع يكون عرضه بالتحريك ولعل المراد انه بذل وسعه في الاخلاص لله تعالى او متاعه الذى هو عبادته أو اقام نفسه او جسده منتصبا في طاعة الله تعالى بناء على ان يقرء عرضه بالكسر او على احتمال مجى العرض بالتحريك ايضا بمعنى النفس والجسد او انه جعل متاعه الذى هو العبادة متصورا بقيامه إلى الصلوة والله العالم محمد حسين عفى عنه.
(2) المحجه بفتح الميم جادة الطريق مجمع البحرين.
(3) في القاموس الرعام حدة النظر ورعم الشئ رقبه ورعاه ولم يذكر له من باب الافتعال شيئا وكيف كان فلعل المراد غير مرتقب وغير منتظر بارتقاب وانتظار يعنى لا ينتظر شيئا من الامور الدنيوية بل قلبه بتمامه متوجه إلى الله تعالى ومقبل بصلوته اليه تعالى وهذا المعنى يناسب قوله (ع) يقطع علائق الاهتمام والله تعالى هو العالم وقى منتهى الارب انه جساء بمعنى حدة النظر او البصر فالمعنى غير حاد نظره بنوع من حدة النظر محمد حسين عفى عنه.
(4) لو كان هكذا كان معناه انه بعين الله تعالى لانه تعالى هو الذى قصده المصلى ووفده اليه واسترفد منه اى استعطى ويحتمل ان يكون مصحف بقيه در صفحه بعد
[25]
وفد ومنه استرفد فاذا اتى بذلك كانت هى الصلوة التى بها امر وعنها اخبر فانها هى الصلوة التى تنهى عن الفحشاء والمنكر.
فالتفت المنصور إلى ابى عبدالله عليه السلام فقال ياابا عبدالله لانزال من بحرك نغترف واليك نزدلف تبصر من العمى وتجلو بنورك الطخياء (1) فنحن نعوم في سبحات قدسك (2) وطامى بحرك.
اقول وربما لا اذكر صورة الفاظ النيات في كثير من مواضع العبادات اتكالا على ما تبهت عليه في خطبة هذا الكتاب من كون العبد يعيد الله جل جلاله لانه اهل للعبادة واوضحت ذلك على وجه الصواب ولان قصد الانسان للعبادة كما نشير اليه هو النية وما ذلك مما يخفى عليه افلا ترى مولينا الصادق صلى الله عليه وآله لما ذكر شروط الصلوة ما احتاج إلى ذكر نيتها لانها تدخل فيما اشار عليه السلام اليه.
___________________________________
بقية الهامش من الصفحة السابقة - بغير على ان يكون الجار متعلقا بالاهتمام يعنى يقطع علائق الاهتمام بغير الله تعالى ومثل الاحتمال الاول قول امير المؤمنين (ع) عند دفن الصديقة الكبرى بعين الله تعالى ان تدفن بنتك وحبيتك سرا واما على ما هو واقع في النسخة من لفظة يعين مضارع اعان فلعل المراد انه بحيث لايرد احدا برجاء منه اعانة واحسانا خائبا ولا يعطى رجاء من رجاه والله العالم محمد حسين عفى عنه.
(1) الطخياء الليلة المظلمة ومن الكلام ما لا يفهم كذا في القاموس والظاهر ان المراد في المقام هو الثانى يعنى بنور بيانك ينكشف المراد من الكلام الغير واضح الدلالة على المراد محمد حسين عفى عنه.
(2) العوام السباحة
[26]