فهرس الكتاب

مكتبة الدعاء والزيارة

 


الفصل الثامن

فيما نذكره من الفوائد بالمحافظة على الاكثار من المناجاة وفضيلة الدعاء للاخوان بظهر الغيب ولائمة النجاة يقول السيد العالم العامل الفقيه العلامة الورع رضى الدين ركن الاسلام جمال العارفين ابوالقاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس وفقه الله لما يريد منه ويرضى به عنه.

انى رأيت من فوائد المحافظة على المناجاة ان ذكر الله جل جلاله يصير اغلب على العقل فيصير سببا لانس العبد بالرب ويشتغل به عن الخواطر الدنيوية والاسباب الردية فيكون ذلك داعيا إلى المراقبة لمولاه والسلامة من المجانبة والظفر برضاه.

ورأيت من فوائد المحافظة على المناجاة ان العبد يستدل بها

[41]

على منزلة ربه من قلبه فانه ان رأى نفسه راغبا إلى تكرار الاذكار عرف ان لله جل جلاله عنده منزلة تكون وسيلة إلى السلامة من الاخطار فمن احب شيئا اكثر من ذكره.

ورأيت من فوائد المحافظة على المناجاة ان الله جل جلاله يقول اذكرونى اذكركم ومن المعلوم انه لو قال بعض ملوك الدنيا الفانية لاحد مماليكه الذين يعرفون قدر منزلته العالية اذكرنى حتى اذكرك وكان في حضرة الملك كما هو في حضرة الله جل جلاله فانه كان يجتهد في دوام ذكره غاية الاجتهاد ليذكره مولاه ويشرفه بذكره في الدنيا والمعاد.

الا ترى معنى قول الشاعر: يود بان يمسى مريضا لعلها * اذا سمعت عنه بشكوى تراسله - ويهتز للمعروف في طلب العلى * لتذكر يوما عند سلمى شمائله - فالعبيد العارفون المؤدبون يجتهدون في الاكثار من ذكر مولاهم الذى يراهم ليذكرهم او لعله بفضله يرضى عنهم او يرضاهم.

ووجدت من فوائد المحافظة على المناجاة بالمنقول عدة فوائد شريفة المأمول.

منها ان الالهام للدعاء يدل على قصر البلاء كما رواه محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابى عمير عن هشام بن سالم قال قال ابوعبدالله عليه السلام تعرفون طول البلاء من قصره قلنا لا قال اذا الهمتم او الهم احدكم بالدعاء فليعلم ان البلاء قصير.

ومنها ان تقديم الدعاء قبل الابتلاء دافع للابتلاء وبعد البلاء قد لا يحصل به بلوغ الرجاء كما رواه محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن

[42]

الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن ابى الحسن عليه السلام قال كان على بن الحسين عليه السلام يقول من تقدم في الدعاء قبل ان ينزل به البلاء ثم دعا استجيب له ومن لم يتقدم في الدعاء ثم نزل به البلاء لم يستجب له.

ومنها ان الملائكة تحجب دعاء العبد اذا دعى في البلاء ولم يكن ممن يدعو في الرخاء كما رواه محمد بن الحسن بن الوليد عن احمد بن ادريس عن سلمة بن الخطاب عن محمد بن بكر عن زكريا عن سلام النخاس عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا دعى العبد في البلاء ولم يدع في الرخاء حجبت الملائكة صوته وقالوا هذا صوت غريب اين انت كنت قبل اليوم.

ومنها ان الدعاء على الالحاح مفتاح النجاة كما رواه محمد بن الحسن احمد عن محمد بن الحسن بن الصفار عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن مروان عن الوليد بن عقبة الهجرى قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول والله لا يلح عبد مؤمن على الله في حاجة الا قضاها له.

وعن الحسين بن سعيد عن ابن ابى عمير عن الحسين بن عثمان عن غير واحد من اصحابه عن ابى عبدالله وابيجعفر عليهما السلام انهما قالا والله لا يلح عبد مؤمن على الله الا استجاب له.

يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلامة الورع رضى الدين ركن الاسلام ابوالقاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس وقد تقدم صفات الداعى بالمعقول والمنقول فينبغى ان يكون الالحاح في الدعاء مبنيا على تلك الاصول واذ قد ذكرنا شروطا من مهمات قبول الدعوات فلنذكر الان فضيلة الدعاء للاخوان بظهر الغيب ببعض ما

[43]

وقفنا عليه ورويناه من الرويات.

ذكر ما نريد ايراده من فضل الدعاء للاخوان بظهر الغيب.

فمن ذلك ما نرويه باسنادنا إلى جدى ابى جعفر الطوسى مما يرويه باسناده إلى محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد عن احمد بن ادريس عن محمد بن على بن محبوب عن احمد بن الحسين بن سعيد عن على بن مهزيار عن سليمان بن جعفر عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قال اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن خلقه الله مند خلق الله آدم إلى ان تقوم الساعة حسنة ومحى عنه سيئة ورفع له درجة.

ومن ذلك باسنادى المشار اليه عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابى عمير عن زكريا صاحب السابرى عن رجل عن ابيعبد الله عليه السلام قال اذا قال الرجل اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم وجميع الاموات رد الله عليه بعدد من مضى ومن بقى من كل انسان دعوة ومن ذلك رواية عبدالله بن جندب العبد الصالح رضوان الله عليه عن مولينا الصادق عليه السلام ارويه باسنادى إلى الشيخ الصدوق هرون بن موسى التلعكبرى قدس الله روحه ونور الله ضريحه عن محمد بن محمد بن محمد الحسينى قال حدثنا محمد بن احمد الصفوانى قال حدثنا ابى عن ابيه عن جده عن عبدالله بن سنان قال مررت بعبد الله بن جندب فرأيته قائما على الصفا وكان شيخا كبيرا فرأيته يدعو ويقول في دعائه اللهم فلان بن فلان اللهم فلان بن فلان اللهم فلان بن فلان ما لم احصهم كثرة فلما سلم قلت له ياعبدالله لم ار قط موقفا احسن من موقفك

[44]

الا انى نقمت عليك خلة واحدة فقال لى ماالذى نقمت على فقلت له تدعو للكثير من اخوانك ولم اسمعك تدعو لنفسك شيئا فقال لى ياعبدالله سمعت مولينا الصادق عليه السلام يقول من دعا لاخيه المؤمن بظهر الغيب نودى من اعنان السماء لك ياهذا مثل ما سئلت في اخيك ولك مائة الف ضعف مثله فلم احب ان ترك مائة الف ضعف مضمونة بواحدة لاادرى تستجاب ام لا.

ومن ذلك رواية هذا العبد الصالح عبدالله بن جندب رضوان الله عليه ارويه باسنادى إلى الشيخ الصدوق ابى محمد هرون بن موسى التلعكبرى قدس الله روحه قال حدثنا محمد بن يعقوب قال حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم قال حدثنا ابى قال رأيت عبدالله بن جندب بالموقف فلم ار موقفا كان احسن من موقفه ما زال مادا يده إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتى بلغ الارض فلما انصرف الناس قلت له يابا محمد ما رأيت موقفا قط احسن من موقفك قال والله ما دعوت فيه الا لاخوانى وذلك ان ابا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام اخبرنى انه من دعا لاخيه بظهر الغيب نودى من العرش ولك مائة الف ضعف مثله فكرهت ان ادع مائة الف ضعف مضمونة لواحدة لاادرى تستجاب ام لا.

يقول السيد الامام العالم العامل رضى الدين ركن الاسلام ابو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس وسنذكر عند ركعة الوتر من صلوة الليل اخبارا جليلة في الدعاء بظهر الغيب للاخوان لاننى وجدت اصحابنا اكثر دعائهم لمن يدعون له في ذلك المكان.

فاقول اذا كان هذا كله فضل الدعاء لاخوانك فكيف فضل الدعاء

[45]

لسلطانك الذى كان سبب امكانك وانت تعتقد ان لولاه ما خلق الله نفسك ولا احدا من المكلفين في زمانه وزمانك وان اللطف بوجوده صلوات الله عليه سبب لكل ما انت وغيرك فيه وسبب لكل خير تبلغون اليه فاياك ثم اياك ان تقدم نفسك او احدا من الخلايق في الولاء والدعاء له بابلغ الامكان واحضر قلبك ولسانك في الدعاء لذلك المولى العظيم الشأن واياك ان تعتقد اننى قلت هذا لانه محتاج إلى دعائك هيهات هيهات ان اعتقدت هذا فانت مريض في اعتقادك وولائك بل انما قلت هذا لما عرفتك من حقه العظيم عليك واحسانه الجسيم اليك ولانك اذا دعوت له قبل الدعاء لنفسك ولمن يعز عليك كان اقرب إلى ان يفتح الله جل جلاله ابواب الاجابة بين يديك لان ابواب قبول الدعوات قد غلقتها ايها العبد باغلاق الجنايات فاذا دعوت لهذا المولى الخاص عند مالك الاحياء والاموات يوشك ان يفتح ابواب الاجابة لاجله فتدخل انت في الدعاء لنفسك ولمن تدعو له في زمرة فضله وتتسع رحمة الله جل جلاله لك وكرمه وعنايته بك لتعلقك في الدعاء بحبله.

ولا تقل فما رأيت فلانا وفلانا من الذين تقتدى بهم من شيوخك بما اقول يعملون وما وجدتهم الا وهم عن مولينا الذى اشرت اليه صلوات الله عليه غافلون وله مهملون فاقول لك اعمل بما قلت لك فهو الحق الواضح ومن اهمل مولانا وغفل عما ذكرت عنه فهو والله الغلط الفاضح.

وينبه على ما ذكرناه من طريق ما رويناه ما ذكره جدى ابوجعفر الطوسى رضوان الله عليه في كتاب المصباح وذكره محمد بن ابى قرة في كتاب عمل شهر رمضان ورواية ابن ابى قرة اطول دعاء وانما نذكره

[46]

برواية جدى ابى جعفر الطوسى.

قال ما هذا لفظه محمد بن عيسى باسناده عن الصالحين عليهم السلام قال تكرر في ليلة ثلث وعشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ساجدا وقائما وقاعدا وعلى كل حال وفى الشهر كله وكيف امكنك ومتى حضرك من دهرك.

تقول بعد تحميد الله تعالى والصلوة على النبى محمد صلى الله عليه وآله اللهم كن لوليك فلان بن فلان في هذه الساعة وفى كل ساعة وليا وحافظا و قائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا.

اقول فكيف ترى هذا الامر منهم عليهم افضل السلام هل هو كما انت عليه من التهوين بشرف هذا المقام ولا تتوقف عن الاكثار من الدعاء له صلوات الله عليه ولمن يجوز الدعاء له في المفروضات ففى ما رويناه باسنادنا من صحة الروايات عن محمد بن على بن محبوب شيخ القميين في زمانه في كتاب المصنف عن ابيعبد الله عليه السلام قال كلما كلمت الله تعالى في صلوة الفريضة فليس بكلام.

اقول فلا عذر لك اذن في ترك الاهتمام.