الفهرس |
(14) دعاؤه (عليه السلام) إذا اعتدي عليه أو رأى من الظالمين ما لا يحب |
وكان من دعائه (عليه السلام) إذا اعتدي عليه أو رأى من الظالمين ما لا يحب: يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ أنْبآءُ المُتَظَلِّمِينَ، وَيا مَنْ لا يَحْتاجُ في قَصَصِهِمْ إلى شَهاداتِ الشّاهِدينَ؛ وَيا مَنْ قَرُبَتْ نُصْرَتُهُ مِنَ المَظْلُومينَ، وَيا مَنْ بَعُدَ عَوْنُهُ عَنِ الظّالِمينَ، قَدْ عَلِمْتَ؛ يا إلهي، ما ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الدعاء الرابع عشر الشرح وكان من دعائه (عليه السلام) إذا اعتدي عليه أو رأى من الظالمين ما لا يحب: (يا من لا يخفى عليه أنباء المتظلمين) المتظلم هو: المظلوم الذي يبيّن ظلامته، وأنباؤهم بمعنى: أخبارهم (ويا من لا يحتاج في قصصهم إلى شهادات الشاهدين) ليثبتوا لديه سبحانه ظلامتهم (ويا من قربت نصرته من المظلومين) فإنه سبحانه ينصرهم، والنصر وإن رآه الناس بعيداً لكنه قريب بالنظر إلى تصرم الزمان سريعاً، قال الشاعر (وغير بعيد كل ما هو آت) (ويا من بعد عونه عن الظالمين) فإنه لا يعينهم في أمورهم، وإذا أمدهم بشيء فإن ذلك للاختبار والامتحان (قد علمت يا إلهي ما ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نالَني مِنْ فُلانِ ابْنِ فُلانٍ مِمّا حَظَرْتَ وَانْتَهَكَهُ مِنِّي مِمّا حَجَزْتَ عَلَيْهِ، بَطَراً في نِعْمَتِكَ عِنْدَهُ؛ وَاغْتِراراً بِنَكيرِكَ عَلَيْهِ؛ اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ؛ وَخُذْ ظالِمي وَعَدُوّي عَنْ ظُلمي بِقُوَّتِكَ، وَافْلُل حَدَّهُ عَنّي بِقُدْرَتِكَ، وَاجْعَلْ لَهُ شُغْلاً فيما يَليهِ؛ وَعَجْزاً عَمّا يُناويهِ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نالني) أي: ما وصل إليّ من الأذى ونحوه (من فلان بن فلان) وينبغي أن يسمي الإنسان الظالم وأباه إذا أراد قراءة الدعاء لدفعه (مما حظرت) أي: من الأذى الذي منعت فإنه سبحانه منع أن يؤذي أحد أحداً (وانتهكه مني) انتهاك الحرمة، خرقها (مما حجزت عليه) أي: حرمته عليه (بطراً في نعمتك عنده) البطر: الطغيان، أي: إنه طغى في نعمتك فعوض أن يصرف نعمك في طاعتك صرفها في عصيانك (واغتراراً بنكيرك عليه) أي: انه كان مغروراً فلم يبال بإنكارك لمثل هذه الأعمال. (اللهمّ فصلِّ على محمد وآله وخذ ظالمي وعدوي عن ظلمي) أي: خذ على يده حتى لا يتمكن أن يظلمني (بقوتك) التي بها تتمكن من كل شيء (وافلل حده) يقال: فل حد السيف إذا ذهبت حدته حتى لا يقطع الشيء والمراد بفل الحد: كسر شوكة الظالم (عنّي بقدرتك) على كل شيء (واجعل له شغلاً فيما يليه) حتى ينصرف إلى ذلك الشغل ولا يتمكن من إيذائي (وعجزاً عما يناويه) من النوء ـ مهموزاً ـ بمعنى النهوض، أي: عجزه عن النهوض لئلا يقدر على النهوض ضدي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا تُسَوِّغْ لَهُ ظُلْمي، وَأحْسِنْ عَلَيْهِ عَوْني وَاعْصِمْني مِنْ مِثْلِ أفْعالِهِ، وَلا تَجْعَلْني في مِثْلِ حالِهِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأعِدْني عَلَيْهِ عَدْوى حاضِرَةً، تَكُونُ مِنْ غَيْظي بِهِ شِفآءً، وَمِنْ حَنَقي عَلَيْهِ وِقآءً، آللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَعَوِّضْني مِنْ ظُلْمِهِ لي عَفْوَكَ، وَأبْدِلْني بِسُوءِ صَنيعِهِ بي رَحْمَتَكَ؛ فَكُلُّ مَكْرُوهٍ جَلَلٌ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (اللهمّ وصلِّ على محمد وآله ولا تسوغ له ظلمي) حتى لا يكون ظلمه لي سائغاً ممكناً له (وأحسن عليه عوني) أي: أحسن عوني ضده، فإن [على] بمعنى الضرر (واعصمني من مثل أفعاله) حتى لا أقترف ظلم أحد كما هو يرتكب الظلم (ولا تجعلني في مثل حاله) التي هي حالة الظلم وأذى الناس بغير حق. (اللهم صلِّ على محمد وآله وأعدني عليه عدوى حاضرة) العدوى اسم من الأعداء بمعنى المعونة يقال استعديت على فلان الأمير فأعداني أي: استعنت به عليه فأعانني، والمعنى: أعني على عدوي إعانة حاضرة، لا مؤجلة (تكون) تلك العدوى (من غيظي به) أي: غضبي عليه شفاءً بأن تشفي غيظي بكبتك له (ومن حنقي) الحنق شدة الغيظ (عليه وقاءً) بأن يكون نصرك لي بمقدار حنقي عليه. (اللهم صلِّ على محمد وآله وعوضني من ظلمه لي عفوك) بأن تعفو أنت عن سيئاتي (وأبدلني بسوء صنيعه بي رحمتك) بأن ترحمني وتتفضل علي عوض أنه أساء الصنع بي (فكل مكروه جلل) أي: عظيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دُونَ سَخَطِكَ وَكُلُّ مَرْزِئَةٍ سَوآءٌ مَعَ مَوْجِدَتِكَ، اللّهُمَّ فَكما كَرَّهْتَ إلَيَّ أنْ أُظْلَمَ فَقِني مِنْ أنْ أظْلِمَ؛ اللّهُمَّ لا أشْكُو إلى أحَدٍ سِواكَ؛ وَلا أسْتَعينُ بِحاكِمٍ غَيْرِكَ، حاشاكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصِلْ دُعآئي بِالإجابَةِ؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (دون سخطك) فإن سخطه سبحانه أعظم من كل مكروه، وهذا بناء على أن [جلل] بمعنى العظيم، وهو صفة المكروه، أو أن المعنى: كل مكروه حقير دون سخطك فإنه مكروه عظيم وعلى هذا فـ[جلل] خبر، وهو بمعنى الحقير، فإن [جلل] من ألفاظ الجد، قال التفتازاني: ده لــفظ از نــوادر بــر شـــــمر***هر لـفظ را دو معنى وان صد رنكدكر جون، وصايم، وسدنه، وظن است، وشك، وبين***قرءات، وهاجد، وجلل، وزهره، أي بسر (وكل مرزئة) أي: مصيبة (سواء مع موجدتك) أي: غضبك، ولعل المعنى: أنه لا تكون مرزئة إلاّ من غضبك، أو المعنى: أن المصيبة وسط ليس بمهم، بالنسبة إلى غضبك. (اللهم فكما كرّهت إليّ أن أُظلَم) بأن نهيت عن ذلك وكرّهته لي (فقني من أن أظلِم) أي: فاحفظني حتى لا أظلم أحداً، أو أنه بصيغة المجهول، أي: فاحفظني من أن يظلمني أحد. (اللهم لا أشكو) ظلم فلان لي (إلى أحد سواك) فأنت المشتكى إليه (ولا أستعين بحاكم غيرك حاشاك) أي أنت منزه من أن لا تكفي لإعانتي حتى أكون مضطراً إلى أن أشكو إلى حاكم آخر (فضلِّ على محمد وآله وصِلْ دعائي بالإجابة (صل) من أوصل أي: أجِبْ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وَاقْرِنْ شِكايَتي بِالتَّغْييرِ؛ اللّهُمَّ لا تَفْتِني بِالقُنُوطِ مِنْ إنْصافِكَ وَلا تَفْتِنْهُ بِالأمْنِ مِنْ إنْكارِكَ فَيُصِرَّ عَلى ظُلْمِي وَيُحاضِرَني بِحَقِّي، وَعَرِّفْهُ عَمّا قَليلٍ ما أوْعَدْتَ الظّالِمينَ، وَعَرِّفْني ما وَعَدْتَ مِنْ إجابَةِ المُضْطَرّينَ؛ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ؛ وَوَفِّقْني لِقَبُولِ ما قَضَيْتَ لي وَعَليَّ؛ وَرَضِّني بِما أخَذْتَ لي وَمِنِّي، وَاهْدِني لِلَّتي هِيَ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دعائي، حتى يكون الدعاء والإجابة متصلين أحدهما بالآخر (واقرن شكايتي بالتغيير) بأن تغير ظلم الظالم فلا يقدر على ظلمي (اللهمّ لا تفتني) أي: لا تمتحني (بالقنوط من إنصافك) بأن لا تغير ظلم الظالم حتى أيأس من أن تنصف ـ أي: تغير ظلمه ـ فأكون في موضع امتحان هل أصبر أم لا؟ (ولا تفتنه) أي: لا تمتحن الظالم (بالأمن من إنكارك) بأن لا تنكر عليه فيكون سكوته عنه امتحاناً له هل ينقلع عن ظلمه بنفسه أم لا؟ (فيصر على ظلمي) إذ لا يرى الإنكار منك (ويحاضرني) المحاضرة: الجلوس مع الخصم أمام السلطان للحكم (بحقي) والمعنى يأخذ حقي بسكوتك عليه (وعرفه عما قليل ما أوعدت الظالمين) من الانتقام (وعرفني ما وعدت من إجابة المضطرين) قال سبحانه: (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) [1] وقال تعالى: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [2]. (اللهمّ صل على محمد وآله ووفقني لقبول ما قضيت لي وعلي) أي: أن أقبل تقديرك سواء كان بنفعي أو بضرري (ورضني بما أخذت لي ومني) أي: أخذت من الناس لي وبنفعي، أو أخذت مني من ذهاب المال أو الأولاد أو القوى أو ما أشبه (واهدني للتي) أي: للخصلة التي (هي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أقْوَمُ، وَاسْتَعْمِلْني بِما هُوَ أسْلَمْ؛ اللّهُمَّ وَإنْ كانَتِ الخِيَرَةُ لي عِنْدَكَ في تَأخيرِ الأخْذِ لي وَتَرْكِ الانْتِقامِ مِمَّنْ ظَلَمَني إلى يَوْمِ الفَصْلِ وَمَجْمَعِ الخَصْمِ؛ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ؛ وَأيِّدْني مِنْكَ بِنِيَّةٍ صادِقَةٍ وَصَبْرٍ دآئمٍ؛ وَأعِذْني مِنْ سُوءِ الرَّغْبَةِ وَهَلَعِ أهْل الحِرْصِ وَصَوِّرْ في قَلْبي مِثالَ مَا ادَّخَرْتَ لي مِنْ ثَوابِكَ؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أقوم) الخصال، وللطريقة التي هي أشد استقامة من سائر الطرق (واستعملني بما هو أسلم) أي: وفقني لأن أعمل بالشيء الذي هو أسلم لدنياي وآخرتي. (اللهمّ وإن كانت الخيرة) أي: الاختيار (لي عندك في تأخير الأخذ لي) بأن رأيت صلاحي في أن لا تأخذ بحقي من الظالم عاجلاً (وترك الانتقام ممن ظلمني إلى يوم الفصل) وهو يوم القيامة الذي فيه تفصل القضايا وتعطى الحقوق (ومجمع الخصم) أي: محل اجتماع الخصومة، فإن اللام في الخصم للجنس (فصلِّ على محمد وآله وأيدني منك بنية صادقة) أي: وفقني لأن تكون نيتي صادقة تجاهك، لا ان يكون لساني معك وقلبي كاره لأمرك وقضائك، فإن النية الصادقة هي التي توافق اللسان والجوارح (وصبر دائم) بأن لا أجزع من الظلم الوارد علي (وأعذني) أي: احفظني (من سوء الرغبة) أي: الرغبة السيئة وهي الرغبة عنه تعالى إلى ما سواه (وهلع أهل الحرص) أي: جزعهم وضجرهم، فإن الحريص على جهات نفسه يهلع إذا نزلت به كارثة (وصوّر في قلبي مثال ما ادخرت لي من ثوابك) في إزاء ظلم هذا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وَأعْدَدْتَ لِخَصْمي مِنْ جَزآئكَ وَعِقابِكَ وَاجْعَلْ ذلِكَ سَبَباً لِقَناعَتي بِما قَضَيْتَ، وَثِقَتي بِما تَخَيَّرْتَ؛ آمينَ رَبَّ العالَمينَ، إنَّكَ ذُو الفَضْلِ العَظيمِ وَأنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشخص بي، وذلك حتى أرى الثواب فأرضى وأصبر ولا أجزع (و) ما (أعددت لخصمي من جزائك وعقابك) فأفرح وأصبر (واجعل ذلك) التصوير في قلبي (سبباً لقناعتي بما قضيت) أي: اقنع بقضائك في تأخير خلاصي من يد الظالم، وتأخير عقابه (و) سبباً لـ(ثقتي بما تخيرت) حتى أثق بأن اختيارك لي تأخير النجاة خير لي من تعجيلي (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) [3] (آمين) بمعنى استجب، يا (رب العالمين إنك ذو الفضل وأنت على كل شيء قدير) فبفضلك تفضّل علي بما هو الصلاح، وبقدرتك أعطني ما هو خير لي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
(15) دعاؤه (عليه السلام) إذا مرض أو نزل به كرب أو بلية |
وكان من دعائه (عليه السلام) إذا مرض أو نزل به كرب أو بلية: اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلى ما لَمْ أزَلْ أتَصَرَّفُ فيهِ مِنْ سَلامَةِ بَدَني؛ وَلَكَ الحَمْدُ عَلى ما أحْدَثتَ بي مِنْ عِلَّةٍ في جَسَدي، فَما أدْري؛ يا إلهي؛ أيُّ الحالَيْنِ أحَقُّ بِالشُكْرِ لَكَ؟ وَأيُّ الوَقْتَيْنِ أوْلى بِالحَمْدِ لَكَ؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الدعاء الخامس عشر الشرح (اللهمّ لك الحمد على ما لم أزل أتصرف فيه من سلامة بدني) [من] بيان [ما] أي: لك الحمد على سلامة بدني التي أتصرف بهذه السلامة بجميع أنحاء التصرفات: من الحركة والسكون والإقامة والسفر وغيرها (ولك الحمد على ما أحدثت بي من علة في جسدي) فإن المرض أيضاً يوجب الحمد لأنه موجب لتطهير الذنوب ورفع الدرجات (فما أدري يا إلهي أي الحالين أحق بالشكر لك) حالة الصحة أم حالة المرض (وأي الوقتين أولى بالحمد لك) هذا إذا لم تكن الصحة استدراجاً والمرض إيصالاً لعقاب الدنيا بعقاب الآخرة كما هو واضح فيما يأتي من كلام الإمام ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أوَقْتُ الصِحَّةِ الَّتي هَنَّأتَني فيها طَيِّباتِ رِزْقِكَ، وَنَشَّطْتَني بِها لابْتِغآءِ مَرْضاتِكَ وَفَضْلِكَ، وَقَوَّيْتَني مَعَها عَلى ما وَفَّقْتَني لَهُ مِنْ طاعَتِكَ؟، أمْ وَقْتُ العِلَّةِ الَّتي مَحَّصْتَني بِها، وَالنِّعَمِ الَّتي أتْحَفْتَني بِها؛ تَخْفيفاً لِما ثَقُلَ بِهِ عَلَيَّ ظَهْري مِنَ ألْخَطيئاتِ، وَتَطْهيراً لِما انْغَمَسْتُ فيهِ مِنَ السَّيِّئاتِ؛ وَتَنْبيهاً لِتَناوُلِ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (عليه السلام) (أوقت) الهمزة للاستفهام، أي: هل الأولى بالحمد وقت (الصحة التي هنأتني فيها طيبات رزقك) بأن صارت لي هنيئة موجبة للالتذاذ (ونشطتني بها) أي: بسبب الصحة (لابتغاء مرضاتك) أي: لطلبها فإن الإنسان في حالة الصحة يعبد الله ويقيم بأوامره (وفضلك) فإن الاكتساب والاتجار إنما يكون في حالة الصحة (وقويتني معها) أي: مع الصحة (على ما وفقتني له من طاعتك) فإن الطاعة تحتاج إلى الصحة والتوفيق معاً (أم وقت العلة التي محصتني بها) أي: خلصتني وامتحنتني بسبب تلك العلة (والنعم التي أتحفتني بها) فإن المرض مقارن لنعم شتى من انقطاع الإنسان إلى الله تعالى، وترضيته لأرحامه الذين قطعهم، وإصلاحه لأمره، وما أشبه ذلك (تخفيفاً لما ثقل به عليَّ ظهري) [ظهري] بدل من [عليّ] بدل الاشتمال، أو باعتبار أن الذنوب أثقلت الظهر صار الظهر ثقيلاً على الإنسان (من الخطيئات) أي: إن الثقل من جهتها (وتطهيراً لما انغمست) الانغماس في الماء الارتماس فيه إلى الرأس (فيه من السيئات) فإن المرض يطهّر الإنسان منها (وتنبيهاً) لي (لتناول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التَّوْبَةِ؛ وَتَذْكيراً لَمَحْوِ الحَوْبَةِ بِقَديمِ النِّعْمَةِ؟؛ وَفي خِلال ذلِكَ ما كَتَبَ لِيَ الكاتِبانِ مِنْ زَكِيِّ الأعْمالِ؛ ما لا قَلْبٌ فَكَّرَ فيهِ وَلا لِسانٌ نَطَقَ بِهِ؛ وَلا جارِحَةٌ تَكَلَّفَتْهُ؛ بَلْ إفْضالاً مِنْكَ عَلَيَّ؛ وَإحْساناً مِنْ صَنيعِكَ إلَيَّ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَحَبِّبْ إليَّ ما رَضيتَ لي؛ وَيَسِّرْ لي ما أحْلَلْتَ بي وَطَهِّرْني مِنْ دَنَسِ ما أسْلَفْتُ؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التوبة) أي: تعاطيها بأن أتوب (وتذكيراً لمحو الحوبة) الحوبة الإثم أي: أتذكر في حالة مرضي، فأمحو آثامي (بقديم النعمة) أي: الإثم بكفراني نعمك القديمة عليّ (وفي خلال ذلك) أي: حين المرض، والجار متعلق بـ[ما] فيما بعد، وهو عطف على [كتب] (ما كتب لي الكاتبان) أي: أم وقت العلة وما كتبه كاتباي خلال ذلك (من زكيِّ الأعمال) أي: الأعمال الزكية الطاهرة، فإن من نعم الله على الإنسان المريض، انه يأمن كاتبيه ان يكتبا له أعماله الصالحة التي كان يعملها حال صحته من (ما لا قلب فكر فيه ولا لسان نطق به ولا جارحة) أي: عضو (تكلفته) أي أتت به مع المشقة، وإنما كتبت تلك الأعمال الصالحة لي (إفضالاً منك علي) أي تفضلت بها تفضلاً (وإحساناً من صنيعك إليّ) الصنيعة: الصنع الجميل، أي: من جملة صنيعك إلي هو ذلك. (اللهم فصلِّ على محمد وآله وحبب إليّ ما رضيت لي) بأن أرضى بالقضاء والقدر (ويسِّر لي ما أحللت بي) من المرض ونحوه حتى لا يشق عليّ تحمله (وطهّرني من دنس) أي: قذارة (ما أسلفت) أي: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وَامْحُ عَنِّي شَرَّ ما قَدَّمْتُ، وَأوْجِدْني حَلاوَةَ العافِيَةِ؛ وَأذِقْني بَرْدَ السَّلامَةِ، وَاجْعَلْ مَخْرَجي عَنْ عِلَّتي إلى عَفْوِكَ؛ وَمُتَحَوَّلي عَنْ صَرْعَتي إلى تَجاوُزِكَ، وَخَلاصي مِنْ كَرْبي إلى رَوْحِكَ؛ وَسَلامَتي مِنْ هَذِهِ الشِّدَّةِ إلى فَرَجِكَ؛ إنَّكَ المُتَفَضِّلُ بِالإحْسانِ، المُتَطَوِّلُ بِالامْتِنانِ؛ الوَهّابُ الكَريمُ ذُو الجَلالِ والإكْرامِ. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ما سبق مني من الذنوب (وامح عني شر ما قدمت) أي: عملته سابقاً من العصيان (وأوجدني حلاوة العافية) أي: اصح جسمي حتى أجد حلاوة الصحة (وأذقني برد السلامة) فإن المرض يوجد في الإنسان الحرارة (واجعل مخرجي عن علتي إلى عفوك) بأن أخرج من المرض ومن الإثم فأكون داخلاً في عفوك (ومتحولي) أي: محل تحولي وانتقالي (عن صرعتي) أي: وقوعي، والمراد إما الوقوع في المرض أو الوقوع في الإثم (إلى تجاوزك) وصفحك عن آثامي (وخلاصي من كربي) أي: كرب المرض (إلى روحك) أي سعة رحمتك الموجبة لانطلاق النفس (وسلامتي من هذه الشدة) المرَضية (إلى فرجك) من الضيق والشدة (إنك) يا رب (المتفضل بالإحسان) أي: تحسن تفضلاً لا باستحقاق مني (المتطول) : المتفضل (بالامتنان) أي: بما يوجب المنة، إذ ليس جزاءً حتى يكون بعوض، بل مجاناً (الوهاب الكريم ذو الجلال) فإنك أجل وأرفع من النقائص (والإكرام) فإنك تكرم الناس، أو أن الناس يكرّمونك. |
[1] ـ سورة النمل، آية: 62. [2] ـ سورة الشعراء، آية: 227. [3] ـ سورة البقرة، آية: 216. |