الفهرس |
(21) دعاؤه (عليه السلام) إذا أحزنه أمر وأهمته الخطايا |
وكان من دعائه (عليه السلام) إذا أحزنه أمر وأهمته الخطايا: اللّهُمَّ يا كافِيَ الفَرْدِ الضَّعيفِ، وَواقِيَ الأمْرِ المَخُوفِ، أفْرَدَتْني الخَطايا فَلا صاحِبَ مَعي، وَضَعُفْتُ عنْ غَضَبِكَ فَلا مُؤَيِّدَ لي، وَأشْرَفْتُ عَلى خَوْفِ لِقآئكَ فَلا مُسَكِّنَ لِرَوْعَتي، وَمَنْ يُؤْمِنُني مِنْكَ وَأنْتَ أخَفْتَني، وَمَنْ يُساعِدُني وَأنْتَ أفْرَدْتَني ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الدعاء الحادي والعشرون الشرح وكان من دعائه (عليه السلام) إذا أحزنه أمر وأهمته الخطايا: (اللهم يا كافي الفرد الضعيف) الذي تكفيه مع ضعفه (وواقي الأمر المخوف) أي تحفظ الإنسان من الأمر الذي يخاف منه (أفردتني الخطايا) جمع خطيئة، أي: جعلتني فرداً، لا ناصر لي منك (فلا صاحب معي) يمنعني عن بأسك (وضعفت عن غضبك) فلا أتحمله (فلا مؤيد لي) يؤيدني ويقويني (وأشرفت على خوف لقائك) الإشراف على الشيء: الاقتراب منه، ولقاء الله عبارة عن الموجب للقاء جزائه (فلا مسكن لروعتي) أي: لا أحد يسكن خوفي (ومن يؤمنني منك وأنت أخفتني)؟ استفهام إنكاري، أي: ليس هناك من يؤمن في حال كون الإخافة منك (ومَن يساعدني) لدفع مخاوفي وإنقاذي (وأنت أفردتني) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وَمَنْ يُقَوِّيني وَأنْتَ أضْعَفْتَني؛ لا يُجيرُ يا إلهي إلاّ رَبٌ عَلى مَرْبُوبِ؛ وَلا يُؤْمِنُ إلاّ غالِبٌ عَلى مَغْلُوبٍ؛ وَلا يُعينُ إلاّ طالِبٌ عَلى مَطْلُوبٍ؛ وَبِيَدِكَ يا إلهي؛ جَميعُ ذلِكَ السَّبَبِ؛ وَإلَيْكَ المَفَرُّ وَالمَهْرَبُ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ؛ وَأجِرْ هَرَبي، وَأنْجحْ مَطْلَبي؛ اللّهُمَّ إنَّكَ إنْ صَرَفْتَ عَنِّي وَجْهَكَ الكَريمَ؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أي: جعلتني فرداً لا مساعد لي ولا منقذ من بأسك (ومن يقويني وأنت أضعفتني) هاتان الجملتان أيضاً على الاستفهام الإنكاري (لا يجير يا إلهي) الإجارة: الحفظ من الأعداء (إلاّ رب على مربوب) فإذا لم يجر الرب فلا إجارة (ولا يؤمن) من العذاب والمخاوف (إلاّ غالب على مغلوب) فإذا لم يؤمن الغالب فلا مؤمن (ولا يعين) الإنسان في نوائبه (إلاّ طالب على مطلوب) الطالب هو الذي طلب شيئاً، فإنه إذا طلب شيئاً ولم يتمكن المطلوب منه ومن القيام به أعانه الطالب ليتمكن من القيام بالمطلوب، والمراد بالجملة الاستعطاف ليعين الله سبحانه العبد في إتيان الواجبات. (وبيدك يا إلهي جميع ذلك السبب) أي: أسباب الإجارة والتأمين والإعانة (وإليك المفر) أي: منتهى الفرار (والمهرب) أي: محل الهروب. (فصلِّ على محمد وآله وأجر هربي) بمعنى اقبل أن أكون عندك آمناً مما هربت منه (وأنجح مطلبي) أي: طلبتي (اللهم إنك إن صرفت عني وجهك الكريم) والمراد: أعرضت عني ولم تتفضل عليّ بالرحمة، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أوْ مَنَعْتَني فَضْلَكَ الجَسيمَ أوْ حَظَرْتَ عَلَيَّ رِزْقَكَ أوْ قَطَعْتَ عَنِّي سَبَبَكَ لَمْ أجِدِ السَّبيلَ إلى شَيْءٍ مِنْ أمَلي غَيْرَكَ؛ وَلَمْ أقْدِرْ عَلى ما عِنْدَكَ بِمَعُونَةِ سِواكَ؛ فَإنِّي عَبْدُكَ وَفي قَبْضَتِكَ؛ ناصِيَتي بِيَدِكَ؛ لا أمْرَ لي مَعَ أمْرِكَ، ماضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضآؤُكَ وَلا قُوَّةَ لي عَلَى الخُرُوجِ مِنْ سُلْطانِكَ، وَلا أسْتَطيعُ مُجاوَزَةَ قُدْرَتِكَ وَلا اسْتَميلُ هَواكَ؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من باب تشبيه المعقول بالمحسوس (أو منعتني فضلك الجسيم) أي: الكثير (أو حظرت) أي: منعت (علي رزقك) فلم ترزقني (أو قطعت عني سببك) أي: السبب الذي اتصل به إلى مطلوبي (لم أجد السبيل إلى شيء من أملي غيرك) إذ أنت وحدك تقدر على إيصالي إلى ما أؤمل (ولم أقدر على ما عندك بمعونة سواك) فإن إعانة سواك لا تنفع في الوصول إلى ما عندك (فإني عبدك وفي قبضتك) أي: تحت تصرفك واختيارك (ناصيتي بيدك) الناصية: شعر مقدم الرأس فإذا كان ناصية إنسان بيد شخص كان متولياً عليه، وهذا كناية عن الاستيلاء والسيطرة (لا أمر لي مع أمرك) فإنك إذا أردت شيئاً كان مهماً أراد الإنسان خلافه (ماض في حكمك) أي نافذ ما تريد (عدل في قضائك) فما تقضيه عدل لا جور فيه (ولا قوة لي على الخروج من سلطانك) إذ سلطته سبحانه عامة، ولا سلطة لسواه أبداً (ولا أستطيع مجاوزة قدرتك) بأن أتجاوز عنها حتى لا تشملني قدرتك (ولا أستميل هواك) أي: لا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وَلا أبْلُغُ رِضاكَ؛ وَلا أنالُ ما عِنْدَكَ إلاّ بِطاعَتِكَ وَبِفَضْلِ رَحْمَتِكَ؛ إلهي أصْبَحْتُ وَأمْسَيْتُ عَبْداً داخِراً لَكَ؛ لا أمْلِكُ لِنَفْسي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إلاّ بِكَ؛ أشْهَدُ بِذلِكَ عَلى نَفْسي؛ وَأعْتَرِفُ بِضَعْفِ قُوَّتي وَقِلَّةِ حِيلَتي فَأنْجِزْ لي ما وَعَدْتَني؛ وَتَمِّمْ لي ما آتَيْتَني؛ فَإنِّي عَبْدُكَ المِسْكينُ المُسْتَكينُ الضَّعيفُ الضَّريرُ الحَقيرُ المَهينُ الفَقيرُ الخآئفُ المُسْتَجيرُ؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أتمكن على تحصيل هواك ورضاك، إلاّ بطاعتك (ولا أبلغ رضاك) بأن ترضى عني (ولا أنال) وأحصل على (ما عندك) من الرضوان والجنان (إلاّ بطاعتك وبفضل رحمتك) الاستثناء من الجمل الثلاثة السابقة. (إلهي أصبحت وأمسيت عبداً داخراً لك) أي: ذليلاً حقيراً (لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلاّ بك) فإن كل نفع وضر من الله سبحانه (أشهد بذلك على نفسي وأعترف بضعف قوتي) حتى لا أتمكن من الاستقلال بشيء (وقلة حيلتي) أي: علاجي للأمور (فأنجز لي ما وعدتني) من إجابة الداعي إذا دعاه قال سبحانه: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) [1] (وتمم لي ما آتيتني) أي: أعطيتني بأن تتفضل علي بإعطاء جميع حوائجي (فإني عبدك المسكين المستكين) المسكين بمعنى الفقير، والمستكين من الاستكانة بمعنى التضرع (الضعيف) في القوة والقدرة (الضرير) أي: المصاب في الضراء (الحقير المهين) بمعنى: من أهين (الفقير الخائف المستجير) بك من استجار بمعنى: لاذ. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَلا تَجْعَلْني ناسياً لِذِكْرِكَ فيما أوْلَيْتَني؛ وَلا غافِلاً لإحْسانِكَ فيما أبْلَيْتَني؛ وَلا آيِساً مِنْ إجابَتِكَ لي وَإنْ أبْطَأتْ عَنِّي؛ في سَرّآءٍ كُنْتُ أوْ ضَرّآءٍ؛ أوْ شِدَّةٍ أوْ رَخآءٍ؛ أوْ عافِيَةٍ أوْ بَلآءٍ؛ أوْ بُؤْسٍ أوْ نَعْمآءٍ؛ أوْ جِدَةٍ أوْ لأوآءٍ؛ أوْ فَقْرٍ أوْ غِنىً؛ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ؛ وَاجْعَلْ ثَنائي عَلَيْكَ، وَمَدْحِي إيّاكَ وَحَمْدي لَكَ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (اللهم صلِّ على محمد وآله ولا تجعلني ناسياً لذكرك) بأن أنساه فلا أذكرك (فيما أوليتني) أي: جعلت ولايته إلي وأعطيتني إياه (ولا غافلاً لإحسانك) بأن لا أعرف إحسانك إلي (فيما أبليتني) أي: فيما امتحنتني من إعطاء النعم، فإن نعم الله على الإنسان امتحان له (ولا آيساً من إجابتك لي) بأن أيأس عن الإجابة لدعائي (وإن أبطأت) وتأخرت الإجابة (عني في سراء كنت) أي: في حالة توجب السرور (أو ضراء) أي حالة ضرر (أو شدة) من الرزق (أو رخاء) وسعة (أو عافية) من البدن (أو بلاء) ومرض (أو بؤس) أي فقر (أو نعماء) بأن أنعمت علي بما أحتاج (أو جدة) أي غنى (أو لأواء) أي ضيق معيشة (أو فقر أو غنى) وقد يفرق بين بعض مترادفات هذه الألفاظ بفروق. (اللهمّ صلّ على محمد وآله واجعل ثنائي عليك ومدحي إياك وحمدي لك) المدح: ذكر حسنات الممدوح التي لا تتعدى، والحمد ذكر ما ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في كُلِّ حالاتي حَتّى لا أفْرَحَ بِما آتَيْتَني مِنَ الدُّنْيا، وَلا أحْزَنَ عَلى ما مَنَعْتَني فيها، وَأشْعِرْ قَلْبِي تَقْواكَ، وَاسْتَعْمِلْ بَدَني فيما تَقْبَلُهُ مِنِّي؛ وَاشْغَلْ بِطاعَتِكَ نَفْسي عَنْ كُلِّ ما يَرِدُ عَلَيَّ حَتَّى لا أُحِبَّ شَيْئاً مِنْ سَخَطِكَ، وِلا أسْخَطَ شَيْئاً مِنْ رِضاكَ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَفَرِّغْ قَلْبي لِمَحَبَّتِكَ، وَاشْغَلْهُ بِذِكْرِكَ؛ وَانْعَشْهُ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يتعدى منها، إذا قوبل أحدهما بالآخر في مثل ذاته سبحانه (في كل حالاتي) بأن أشتغل بالمدح والحمد والثناء في جميع الأحوال (حتى لا أفرح بما آتيتني من الدنيا ولا أحزن على ما منعتني فيها) فإن المشتغل بذكر الله العارف به لا يهمه أمر الدنيا كما قال سبحانه: (لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) [2] (وأشعر قلبي تقواك) بأن تدخل التقوى والخوف قلبي حتى أدركها إدراكاً قلبياً، لا ظاهرياً فقط (واستعمل بدني فيما تقبله مني) أي: وفقني لأن أعمل بأوامرك (واشغل بطاعتك نفسي) حتى أعمل بطاعتك (عن كل ما يرد عليّ) من الأمور المربوطة بالدنيا (حتى لا أحب شيئاً من سخطك) أي: ما يوجب غضبك لأني مشغول لا مجال لي لغير الطاقة (ولا أسخط شيئاً من رضاك) بأن أسخط لما فيه رضاك من الطاعة. (اللهم صلِّ على محمد وآله وفرّغ قلبي لمحبتك) حتى لا يكون فيه شيء إلاّ حبك (واشغله بذكرك) فلا يشتغل بأمور الدنيا (وانعشه ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بِخَوْفِكَ وَبِالوَجَلِ مِنْكَ، وَقَوِّهِ بِالرَّغْبَةِ إليك، وَأمِلْهُ إلى طاعَتِكَ، وَأجْرِ بِهِ في أحَبِّ السُّبُلِ إليك، وَذَلِّلْهُ بِالرَّغْبَةِ فيما عِنْدَكَ أيّامَ حَياتي كُلِّها، وَاجْعَلْ تَقْواكَ مِنَ الدُّنْيا زادي وَإلى رَحْمَتِكَ رِحْلَتي، وَفي مَرْضاتِكَ مَدْخَلي، وَاجْعَلْ في جَنَّتِكَ مَثْوايَ، وَهَبْ لي قُوَّةً أحْتَمِلُ بِها جَميعَ مَرْضاتِكَ، وَاجْعَلْ فِراري إليك وَرَغْبَتي فيما عِنْدَكَ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بخوفك) الإنعاش: التنشيط فإن القلب الخائف ينشط أكثر من غيره في العمل (وبالوجل منك) لعل الوجل زيادة الخوف (وقوِّه) أي: قلبي (بالرغبة إليك) بأن يكون طالباً لرضاك (وأمِله إلى طاعتك) حتى يكون ميله في الطاعة (وأجر به) أي بقلبي (في احب السبل إليك) حتى ينطلق في ذلك السبيل (وذلّله بالرغبة فيما عندك) فإن الراغب في شيء يذل له ويخضع لتحصيله (أيام حياتي كلها) الظاهر انه متعلق بالجمل السابقة لا بجملة واحدة (واجعل تقواك) أي: خوفك (من الدنيا زادي) الجار متعلق بزادي (وإلى رحمتك رحلتي) أي: ذهابي من الدنيا إلى رحمتك في الآخرة (وفي مرضاتك) أي: رضاك (مدخلي) أي: دخولي (واجعل في جنتك مثواي) أي: محل استقراري من ثوى بمعنى استقر (وهب لي قوة أحتمل بها جميع مرضاتك) أي: أتمكن بها من الإتيان بكل ما يوجب رضاك (واجعل فراري إليك) بأن آمن فيما لديك إذا خفت من أمر (ورغبتي فيما عندك) أي: في الثواب والجزاء الحسن ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وَألْبِسْ قَلْبِيَ الوَحْشَةَ مِنْ شِرارِ خَلْقِكَ؛ وَهَبْ لِيَ الأُنْسَ بِكَ وَبِأوْلِيآئكَ وَأهْلِ طاعَتِكَ، وَلا تَجْعَلْ لِفاجِرٍ وَلا كافِرٍ عَلَيَّ مِنَّةً، وَلا لَهُ عِنْدي يَداً، وَلا بي إلَيْهمْ حاجَةً، بَل اجْعَلْ سُكُونَ قَلْبي وَأُنْسَ نَفْسِي وَاسْتِغْنآئي وَكِفايَتي بِكَ وَبِخِيارِ خَلْقِكَ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْني لَهُمْ قَريناً، وَاجْعَلْني لَهُمْ نَصيراً، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِشَوْقٍ إليك، وَبِالعَمَلِ لَكَ بِما تُحبُّ وَتَرْضى، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَذلِكَ عَلَيْكَ يَسيرٌ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (وألبس قلبي الوحشة من شرار خلقك) حتى استوحش من الشرار فلا أأتلف بهم وأعمل كأعمالهم (وهب لي الأُنس بك) حتى أكثر من الدعاء والضراعة (وبأوليائك) حتى اجتمع إليهم واستفيد من الاجتماع بهم (وأهل طاعتك) فإن الاجتماع بأهل الطاعة يرغب الإنسان إلى الطاعة (ولا تجعل لفاجر ولا كافر عليّ منة) بأن يحسن إليّ حتى يمتنّ علي (ولا له عندي يداً) أي: نعمة (ولا بي إليهم حاجة) حتى أميل إليهم واضطر إلى تملقهم ويكونوا يرون أنفسهم فوقي (بل اجعل سكون قلبي) واطمئنانه (وأُنس نفسي واستغنائي وكفايتي بك) يا إلهي (وبخيار خلقك) ممن يتحمل الشخص فوقيتهم ومنتهم وما أشبه. (اللهمّ صلّ على محمد وآله واجعلني لهم قريناً) أي: مجتمعاً بهم (واجعلني لهم نصيراً) بأن أنصرهم (وامنن علي بشوق إليك) حتى يكون ولع نفسي إليك لا إلى سواك (وبالعمل لك بما تحب وترضى) من الأعمال الصالحة (إنك على كل شيء قدير وذلك) الذي طلبته (عليك يسير) سهل فتفضل عليّ به. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
(22) دعاؤه (عليه السلام) عند الشدة والجهد وتعسر الأمور |
وكان من دعائه (عليه السلام) عند الشدة والجهد وتعسر الأمور: اللّهُمَّ إنَّكَ كَلَّفْتَني مِنْ نَفْسي ما أنْتَ أمْلَكُ بِهِ مِنِّي، وَقُدْرَتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيَّ أغْلَبُ مِنْ قُدْرَتي، فَأعْطِني مِنْ نَفْسي ما يُرْضيكَ عَنِّي، وَخُذْ لِنَفْسِكَ رِضاها مِنْ نَفْسي في عافِيَةٍ، اللّهُمَّ لا طاقَةَ لي بِالجَهْدِ، وَلا صَبْرَ لي عَلَى البَلآءِ، وَلا قُوَّةَ لي عَلَى الفَقْرِ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الدعاء الثاني والعشرون الشرح وكان من دعائه (عليه السلام) عند الشدة والجهد وتعسر الأمور: (اللهمّ إنك كلفتني من نفسي ما أنت أملك به مني) فإن سلطة الله سبحانه على الإنسان أكثر من سلطة الإنسان على نفسه (وقدرتك عليه) أي: على ذلك التكليف (وعليّ أغلب من قدرتي) إذ قدرته سبحانه أعظم من قدرة الإنسان (فأعطني من نفسي ما يرضيك عني) بأن تعطيني قدرة وقوة ونشاطاً وما أشبه مما أقوم بها على طاعتك (وخذ لنفسك رضاها) أي: ما ترضى وتحب (من نفسي) بصرفها في طاعتك وعبادتك (في عافية) أي: في حال كوني معافى. (اللهمّ لا طاقة لي بالجهد) والتعب (ولا صبر لي على البلاء) كالمرض وما أشبه (ولا قوة لي على الفقر) بأن أعيش فقيراً معدماً. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فَلا تَحْظُرْ عَلَيَّ رِزْقي وَلا تَكِلْني إلى خَلْقِكَ؛ بَلْ تَفَرَّد بِحاجَتي وَتَوَلَّ كِفايَتي، وَانْظُرْ إلَيَّ وَانْظُرْ لي في جَميِع أُمُوري؛ فَإنَّكَ إِنْ وَكَلْتَني إلى نَفْسِي عَجَزْتُ عَنْها وَلَمْ أُقِمْ ما فيهِ مَصْلَحَتُها وَإِنْ وَكَلْتَني إلى خَلْقِكَ تَجَهَّمُوني، وَإنْ ألْجأتَني إلى قَرابَتي حَرَمُوني وَإنْ أعْطَوْا أعْطَوْا قَليلاً نَكِداً؛ وَمَنّوُا عَلَيَّ طَويلاً؛ وَذَمّوُا كَثيراً ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (فلا تحظر) أي: لا تمنع (علي رزقي) بأن لا تعطيني الرزق (ولا تكلني إلى خلقك) بأن تكل أموري أمورهم، دون مباشرتك بإعطائي إياها (بل تفرّد) يا رب، وكن فرداً (بحاجتي) أي: إعطائها إياي (وتولّ كفايتي) بأن تكفيني بذاتك (وانظر إليّ) نظر لطف ورعاية (وانظر لي) أي: لأجلي (في جميع أموري) للدنيا والآخرة والنظر للإنسان بمعنى القيام بمصالحه ومهامه (فإنك إن وكلتني إلى نفسي) حتى أنا وحدي أصلح شؤوني (عجزت عنها) ولم أقدر على إصلاحها (ولم أُقم ما فيه مصلحتها) أُقم: من الإقامة، بمعنى كفاية مهامها وأمورها (وإن وكلتني إلى خلقك) حتى يقوموا بشؤوني (تجهموني) أي: قطبوا وجوههم كراهة مني (وإن ألجأتني) حتى اضطر (إلى) الطلب من (قرابتي) وقومي (حرموني) ولم يعطوني القدر الكافي (وإن أعطوا أعطوا قليلاً نكداً) أي: مشتملاً على عسر وشدة (ومنوا عليّ طويلاً) أي: مدة طويلة (وذموا كثيراً) أي: ذماً كثيراً كما هي عادة غالب الناس يذمون من كلفوا معاشه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فَبِفَضْلِكَ اللّهُمَّ فَأغْنِني؛ وَبِعَظَمَتِكَ فَانْعِشْني، وَبِسَعَتِكَ فَابْسُطْ يَدِي وَبِما عِنْدَكَ فَاكْفِني؛ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَخَلّصْني مِنَ الحَسَدِ، وَاحْصُرْني عَنِ الذُّنُوبِ، وَوَرّعْني عَنِ المَحارِمِ، وَلا تُجَرِّئْني عَلَى المَعاصي؛ وَاجْعَلْ هَوايَ عِنْدَكَ، وَرِضايَ فيما يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكَ، وَبارِكْ لي فيما رَزَقْتَنِي وَفِيما خَوَّلْتَني وَفيما أنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ؛ وَاجْعَلْني في كُلِّ أحْوالِي مَحفُوظاً؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (فبضلك اللهمّ فأغنني) حتى لا أحتاج إلى أحد (وبعظمتك فانعشني) أي: تفضل عليّ حتى أنعش ويحسن حالي، فإن العظيم يتمكن من مثل هذا الفعل (وبسعتك) أي: وسعة عطائك وملكك (فابسط يدي) كناية عن الغنى فإن الغني يده مبسوطة ينفق بخلاف الفقير الذي يده مقبوضة لا يتمكن من الإنفاق (وبما عندك فاكفني) حتى لا أحتاج إلى أحد. (اللهمّ صل على محمد وآله وخلصني من الحسد) حتى لا أحسد أحداً، أو لا يحسدني أحد (واحصرني) من الحصر بمعنى المنع (عن الذنوب) والآثام حتى لا ارتكبها (وورّعني عن المحارم) أي: المحرمات، والورع بمعنى الاجتناب (ولا تجرئني على المعاصي) فإن خذلانه سبحانه للإنسان يجرئه على العصيان (واجعل هواي) وميلي (عندك) حتى أطيعك وأرغب فيما لديك (ورضاي فيما يرد علي منك) من القسمة والتقدير (وبارك لي فيما رزقتني) بأن يكون فيه بركة (وفيما خولتني) أي: أعطيتني (وفيما أنعمت به علي) من أنواع النعم، والظاهر أن الجمل على نحو عطف البيان (واجعلني في كل أحوالي محفوظاً) عن الآفات والبليات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مَكْلوُءاً مَسْتُوراً مَمْنُوعاً مُعاذاً مُجاراً، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاقْضِ عَنّي كُلَّ ما ألْزَمْتَنيهِ وَفَرَضْتَهُ عَلَيَّ لَكَ في وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ طاعَتِكَ، أوْ لِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِكَ وَإنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ بَدَني، وَوَهَنَتْ عَنْهُ قُوَّتي، وَلَمْ تَنَلْهُ مَقْدِرَتي وَلَمْ يَسَعْهُ مالي وَلا ذاتُ يَدي، ذَكَرْتُهُ أَوْ نَسيتُهُ هُوَ يا رَبِّ؛ مِمّا قَدْ أحْصَيْتَهُ عَلَيَّ وَأغْفَلْتُهُ أنَا مِنْ نَفْسي، فَأدِّهِ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (مكلوءاً) من كلأه: بمعنى حرسه (مستوراً) غير مفضوح (ممنوعاً) من أن يصل إلي: أحد بسوء (معاذاً) من أعاذه بمعنى: حفظه من الأعداء وما يشبه (مجاراً) من الإجارة: بمعنى الإعاذة وإعطاء الأمان. (اللهم صلِّ على محمد وآله واقض عني كل ما ألزمتنيه) من التكاليف، والمعنى وفقني لقضائها والإتيان بها (وفرضته) أي: أوجبته (عليَّ) من الأحكام والأمور (لك) أي: إن الغرض كان لك (في وجه من وجوه طاعتك) بأن كان الغرض كالصلاة (أو لخلق من خلقك) بأن كان الغرض لأجلهم كالإنفاق على العيال (وإن ضعف عن ذلك) الغرض (بدني) لكن توفيقك يمكنني من القيام به (ووهنت) أي: ضعفت (عنه قوتي) الذاتية التي ليس معها توفيقك (ولم تنله) أي: لم تصل إليه (مقدرتي) أي: قدرتي الشخصية (ولم يسعه مالي) بدون أن تضيفه حتى يسع ذلك (ولا ذات يدي) بأن كانت يدي خالية عن مثل ذلك الفرض المالي (ذكرته) أي: ذكرت ذلك الفرض (أو نسيته) فلم أذكره (هو يا رب مما قد أحصيته) أي: ذلك الفرض تحت إحصائك وعلمك (عليَّ وأغفلته أنا من نفسي) هذا بيان لقوله: (ثم نسيته) (فأدّه) أي: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عَنِّي مِنْ جَزيلِ عَطِيَّتِكَ وَكَبيرِ ما عِنْدَكَ؛ فَإنَّكَ وَاسِعٌ كَريمٌ حَتّى لا يَبْقى عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْهُ تُريدُ أنْ تُقآصَّنِي بِهِ مِنْ حَسَناتي أوْ تُضاعِفَ بِهِ مِنْ سَيِّئاتي يَوْمَ ألْقاكَ يا رَبِّ؛ اللَهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَارْزُقْنِي الرَّغْبَةَ في العَمَلِ لَكَ لآخِرَتي حَتّى أعْرِفَ صِدْقَ ذلِكَ مِنْ قَلْبي؛ وَحَتّى يَكُونَ الغالِبُ عَلَيَّ الزُّهْدُ في دُنْيايَ؛ وَحتّى أعْمَلَ الحَسَناتِ شَوْقاً؛ وَآمَنَ مِنَ السَّيٍئاتٍ فَرَقاً؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أدِّ ذلك الفرض (عني من جزيل عطيتك) أي: عطاؤك الجزيل (وكبير ما عندك) أي: الملك كبير (فإنك واسع) العطاء (كريم) في الإعطاء (حتى يبقى علي شيء منه) أي: من ذلك الفرض (تريد أن تقاصني به) أي: تأخذ مقابله بالاقتصاص، وهو الأخذ من مال المديون تقاصاً في مقابل الدين الذي عليه (من حسناتي) بأن لا تثيبني على بعضها في مقابل ما تطلب مني من الفرض الذي لم أتمكن من إتيانه (أو تضاعف به من سيئاتي) لأن ترك الواجب سيئة (يوم ألقاك يا رب) أي: في القيامة. (اللهم صلِّ على محمد وآله وارزقني الرغبة في العمل لك) بأن تكون رغبتي في ذلك (لآخرتي) من أقسام الطاعة وأصناف العبادة الموجبة للثواب والجزاء في الآخرة (حتى أعرف صدق ذلك) أي: حب العمل لك (من قلبي) فإن الإنسان قد يعمل عملاً وهو يعرف من قلبه أنه كاره وقد يعمل ما يعرف من قلبه أنه راغب محب (وحتى يكون الغالب علي الزهد في دنياي) والنفرة عنها (وحتى أعمل الحسنات شوقاً) أي: في حال كوني شائقاً إليها (وآمن من السيئات) بأن لا أعملها فآمن ويكون عدم عملي بها (فرقاً وخوفاً) منها، لا لأنها محرمة فلا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وَهَبْ لي نُوراً أمْشي بِهِ في النّاسٍ؛ وَأهْتَدِي بِهِ في الّظُلُماتِ؛ وَأسْتَضيءُ بِهِ مِنَ الشَّكِ وَالشُبُهاتِ، اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَارْزُقْني خَوْفَ غَمِّ الوَعيدِ؛ وَشَوْقَ ثَوابِ المْوعُودِ حَتّى أجِدَ لَذَّةَ ما أدْعُوكَ لَهُ، وَكآبَةَ ما أسْتَجيرُ بِكَ مِنْهُ؛ اللّهُمَّ قَدْ تَعْلَمُ ما يُصْلِحُني مِنْ أمْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتي، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أعمل، بل لأني أخاف منها كما أخاف من الحيات والسباع (وهب لي نوراً) أي: معرفة للأشياء، كالذي في النور، ليلاً، فإنه يمشي مستقيماً (أمشي به في الناس) فلا اصطدم بالمعاصي، كما لا يصطدم الذي له نور بالجدار ونحوه في الليل المظلم (وأهتدي به في الظلمات) أي: ظلمات الجهل والضلالة (وأستضيء به) أي: أطلب الضياء بسبب ذلك النور (من الشك والشبهات) حتى لا يبقى لدي شك وشبهة حول المعارف وما أشبه. (اللهم صلّ على محمد وآله وارزقني خوف غم الوعيد) أي: أن أخاف من الغم والهم الذي يصيب الإنسان بالوعود السيئة حتى أخاف قلباً ذلك (وشوق ثواب الموعود) من الجنان والرضوان، حتى اشتاق إلى ذلك اشتياقاً (حتى أجد لذة ما أدعوك له) فإن الإنسان لو سيطر على قلبه حب أحد وجد لذة في التكلم معه (وكآبة) أي: هم (ما أستجير بك منه) أي: النار والعقاب، حتى اكتئب واغتم خوفاً من النار. (اللهم قد تعلم) (قد) للتحقيق كما هو كثير في المضارع أيضاً (ما يصلحني من أمر دنياي وآخرتي) وهو العمل الموجب للسعادتين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فَكُنْ بِحَوآئِجي حَفِيّاً؛ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ؛ وَارْزُقْنِي الحَقَّ عِنْدَ تَقْصيرِي في الشُكْرِ لَكَ بِما أنْعَمْتَ عَلَيَّ في اليُسْرِ وَالعُسْرِ وَالصِّحَةِ وَالسُّقْمِ، حَتّى أتَعَرَّفَ مِنْ نَفْسِي رَوْحَ الرِّضا وَطُمَأنيِنَةَ النَّفْسِ مِنّي بِمَا يَجِبُ لَكَ فِيمَا يَحْدُثُ في حَالِ الخَوْفِ وَالأمْنِ وَالرِّضا؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (فكن) يا رب (بحوائجي حفياً) أي: لطيفاً باراً يقال: أحفا فلان بصاحبه إذا أشفق عليه (اللهم صلِّ على محمد وآله وارزقني الحق) أي: العمل بالحق الذي هو الشكر لك (عند تقصيري في الشكر لك) فإذا قصرت في الشكر ارزقني لأن أخرج من هذا التقصير (بما أنعمت علي) متعلق بالشكر أي: شكر ما أنعمت علي من أقسام النعم (في اليسر والعسر والصحة والسقم) فإن الله سبحانه نعماً في كل حال من الأحوال وينبغي شكر تلك النعمة (حتى أتعرف) أي: أعرف (من نفسي روح الرضا وطمأنينة النفس مني بما يجب لك) بأن تطمئن نفسي بالذي هو واجب لك أو تكون راضية بذلك، فإن كثرة الشكر في جميع الأحوال: تقرّب الإنسان إلى الله سبحانه، فتذهب من النفس حالة السخط والغضب إذ تعرف إن كل شيء منه سبحانه، وأن ما أصابها من العسر والسقم هو شيء طبيعي إذ لا حق لها على الله تعالى، بالإضافة إلى أن ذلك صلاح لها (فيما يحدث) الجار متعلق بـ[يجب] أي: يجب علي الشكر في جميع الأحوال الحادثة علي (في حال الخوف والأمن والرضا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وَالسُّخْطِ وَالضَّرِّ وَالنَّفْعِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ؛ وَارْزُقْنِي سَلأمَةَ الصَدْرِ مِنْ الحَسَدِ حَتّى لا أَحْسُدَ أحَداً مِنْ خَلْقِكَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِكَ، وَحَتّى لا أرى نِعْمَةً مِنْ نِعَمِكَ عَلى أحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ في ديِنٍ أوْ دُنْياً أوْ عَافِيَةٍ أوْ تَقْوى أوْ سَعَةٍ أوْ رَخآءٍ إلاّ رَجَوْتُ لِنَفْسِي أفْضَلَ ذلِكَ بِكَ وَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَريِكَ لَكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ؛ وَارْزُقْني التَّحَفُّظَ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ والسخط) بسبب ما يزعجني الموجب لغضبي (والضر والنفع) فلا أترك شكرك في حال من الأحوال. (اللهم صلِّ على محمد وآله وارزقني سلامة الصدر من الحسد) أي: نقاء القلب، فإن الصدر محل القلب (حتى لا أحسد أحداً من خلقك) والحسد عبارة عن ترقب زوال نعمة المحسود (على شيء من فضلك) أنعمت بها عليهم (وحتى لا أرى نعمة من نعمك على أحد من خلقك في دين) بأن تفضلت عليه بالتوفيق للتقوى (أو دنيا) بأن تفضلت عليه بالسعة في دنياه وما أشبه (أو عافية أو تقوى أو سعة أو رخاء إلاّ رجوت لنفسي أفضل ذلك بك) أي: بسببك (ومنك) أي: آتياً ذلك إليّ من جنابك، وهذا من أفضل الصفات، بحيث يكون الإنسان طالباً الفضل من الله سبحانه، ويسمى بالغبطة (وحدك لا شريك لك) لا أن أرجو مَن سواك، أو بواسطة غيرك. (اللهم صلِّ على محمد وآله وارزقني التحفظ) أي: أن أتحفظ نفسي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الخَطَايَا، وَالاحْتِراسَ مِنَ الزَّلَلِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ في حالِ الرِّضَا وَالغَضَبِ، حَتّى أكوُنَ بِمَا يَرِدُ عَليَّ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةٍ سَوآءٍ، عامِلاً بِطاعَتِكَ، مُؤْثِراً لِرضَاكَ عَلى مَا سِواهُمَا في الأوْليِآءِ وَالأعْداءِ، حَتّى يَأمَنَ عَدُوِّي مِنْ ظُلْمِي وَجَوْري وَيأيَسَ وَلِيِّي مِنْ مَيْلي وَانْحِطاطِ هَوايَ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَدْعُوكَ مُخْلِصاً في الرَّخآءِ دُعآءَ المُخْلِصيِنَ المُضْطَرِّينَ لَكَ في الدُّعآءِ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مجِيدٌ. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (من الخطايا) جمع خطيئة (والاحتراس) أي: الاحتراز والاجتناب (من الزلل في الدنيا والآخرة) زلة الدنيا السقوط في المعصية، وزلة الآخرة السقوط في العقاب (في حال الرضا والغضب) فإنه كثيراً ما يزل الإنسان عن موازين الشريعة في حالة الغضب (حتى أكون بما يرد علي منهما) أي: بالحالة التي توجد فيّ بسبب الرضا أو الغضب (بمنزلة سواء) أراقب الدين في كل حالة (عاملاً بطاعتك موثراً لرضاك) أي: مقدماً رضاك (على ما سواهما) أي: سوى الطاعة والرضا (في الأولياء والأعداء لا أن أعطف على الأولياء أكثر من حقهم المقرر في الشريعة، أو أغضب على الأعداء بأكثر مما أباحته الشريعة من الغضب وتوابعه (حتى يأمن عدوي من ظلمي وجوري) عليه (ويأيس وليي من ميلي) فيه (وانحطاط هواي) لأجله بل يعلم الكل أني أعمل الحق (واجعلني ممن يدعوك مخلصاً في الرخاء) أي: في حالة السعة (دعاء المخلصين المضطرين لك في الدعاء) أي: كما أدعوك في حالة الاضطرار لا أنه أدعو إذا اضطررت، وأنسى الدعاء في الرخاء (إنك حميد) محمود الصفات والأفعال (مجيد) ذو مجد ورفعة وعظمة. |
[1] ـ سورة غافر، آية: 60. [2] ـ سورة الحديد، آية: 23. |