وضع الامام الصادق عليه السلام ، منهجا خاصا لآداب الدعاء ، فعلى
المسلم السير على ضوئه ، يقول عليه السلام :
" إحفظ أدب الدعاء ، وانظر من تدعو ، وكيف تدعو ، وحقق عظمة الله
وكبرياءه ، وعاين بقلبك علمه ، بما في ضميرك ، وإطلاعه على سرك ، وما
تكون فيه من الحق والباطل ، واعرف طرق نجاتك وهلاكك ، كي تدعو الله
بشئ فيه هلاكك ، وأنت تظن أن فيه نجاتك ، قال الله تعالى : (ويدعو
الانسان بالشر دعاءه بالخير ، وكان الانسان عجولا) وتفكر : ماذا تسأل ؟ وكم
تسأل ؟ ولماذا تسأل ؟ ! .
والدعاء : إستجابة الكل منك للحق ، وتذويب المهجة في مشاهدة
الرب ، وترك الاختيار جميعا ، وتسليم الامور كلها ، ظاهرا وباطنا ، إلى الله
تعالى فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الاجابة ، فانه يعلم السر وأخفى ،
فلعلك تدعوه بشئ ، قد علم من سرك خلاف ذلك . " (1) .
ووضع الامام عليه السلام في هذا الحديث ، المناهج لآداب الدعاء ،
التي منها أن يتأمل الداعي ، ويفكر بوعي في عظمة من يدعوه ، ويرجو منه
أن يفيض عليه بقضاء حوائجه ، وعليه أن يعرف ، أنه يدعو خالق الكون ،
العالم بخفايا النفوس ، وأسرار القلوب ، كما أن على السائل ، أن يمعن في
مسألته ، وينظر في أبعادها ، لكي لا يدعو بما فيه هلاكه ، وكذلك عليه ، أن
يسلم جميع أموره ، ظاهرها وباطنها لله تعالى ، من بيده العطاء والحرمان ،
وعلى الداعي أن يراعي بدقة هذه الآداب ، فان أهملها فلا ينتظر الاجابة من
الله .
(1) البحار 19 / 44 طبع حجر .(*)