من مشاهدة العين لما تراه ، وأنّه لا يكره ولا يضطرب عند اختيار اللهّ جلّ جلاله في شيء من الإِصداروالإيراد، فإنّه إذا بلغ الى هذه الغايات ، تولّى الله جلّ جلاله تدبيره في الحركات والسكنات والاستخارات ، كما قال الله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَكلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ )(1) وقال جل جلاله : (إنَهُ لَيْسَ لَه سُلْطَان عَلَى الَذِينَ آمَنُواْ وَعَلى رَبهم يَتَوَكلُونَ )(2) وغير ذلك من الأيات في مدح المفوضين والمتوكّلين .
ولكن قد بقي أن الصدق في التوكّل والتفويض هل يقع ويكون ؟ لأنّني أراه مقاماً عزيزاً شريفاً ، فإنّ ابن آدم كما قال الله تعالى : (وَخُلِقَ الإنسْاَنُ ضَعِيفاً)(3) فتراه يفوّض الى وكيله وصديقه وسلطانه العادل وشيخه الفاضل ، ويتوكّل عليهم ويسكن إليهم ، أقوى من تفويضه وتوكّله وسكونه الى ربّه ومولاه ، فكيف يكون مع ذلك مفوّضاً الى الله أو متوكلاَ عليه وغير الله أقوى في توكّله وتفويضه ؟ أين هذا من مقام التفويض والتوكّل على مالك دنياه وأخراه؟
روي عن مولانا زين العابدين صلوات الله عليه أنّه قال لبعض من ضلّ في طريق : « لو صدق توكّلك ما ضللت » ، وها نحن نورد الحديث بذلك ، فهوحديث مليح ، لتعرف تفصيل ما أشرت إليه .
ذكر محمد بن أبي عبد الله في أماليه من رواة أصحابنا ، ووجدته في نسخة تاريخ كتابتها سنة تسع وثلثمائة ، قال : حدثني مسلمة بن عبد الملك (4) ، قال : حدثني عيسى بن جعفر ، قال حدثني عباس بن
____________
(1) الطلاق 65: 3 .
(2) النحل 16: 99 .
(3) النساء 4 : 28 .
(4) في « د » : محمد بن مسلمة بن عبد الملك ، ولم يرد في البحار و المستدرك .

( 246 )
أيوب ، قال : حدثني أبو بكر الكوفي ، عن حماد بن حبيب الكوفي (1) قال : خرجنا حجّاجاً فرحلنا من زُبالَة(2) ليلاً ، فاستقبلنا ريح سوداء مظلمة ، فتقطعت القافلة ، فتهت في تلك الصحاري والبراري ، فانتهيت الى وادٍ قفر ، فلما أن جنني الليل اويت الى شجرة عادية ، فلما أنْ اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل ، عليه أطمار(3) بيض ، تفوح منه رائحة المسك ، فقلت في نفسي : هذا ولي من أولياء الله تعالى متى ما أحس بحركتي خشيت نفاره ، وأن أمنعه عن كثير مما يريد فعاله ، فاخفيت نفسي ما استطعت ، فدنا إلى الموضع ، فتهيَأ للصلاة ، ثم وثب قائماً هو يقول :
« يا من أحار(4) كل شيء ملكوتاً ، وقهر كل شيء جبروتاً ، ألج (5) قلبي فرح الإقبال عليك ، وألحقني بميدان المطيعين لك » ، قال : ثم دخل في الصلاة ، فلمَا أن رأيته قد هدأت أعضاؤه ، وسكنت حركاته ، قمت الى الموضع الذي تهياً منه للصلاة ، فإذا بعين تفيض بماء أبيض ، فتهيأت
____________
(1) حماد بن حبيب العطار الكوفي ، قال الشيخ المامقاني : لم أقف فيه إلأ على ما رواه في المناقب وكتاب الاستخارات لابن طاووس عن محمد بن أبي عبد الله من رواة أصحابنا في أماليه - ثم ذكر الحديث الوارد في المتن ، ثم قال : وفيه دلالة على كونه شيعياً بل من خلص الشيعة وأهل السر منهم ، ضرورة انهم عليهم السلام ما كانوا يبدون مثل ذلك من غرائب الأعمال إلأ لمن كان كذلك ، ، وحينئذ فنستفيد من الخبرحسن حال الرجل ، والعلم عند الله تعالى .« تنقيح المقال 1: 363 / 3282 » .
(2) زُبَالَة : بضم أوله : منزل معروف بطريق مكة من الكوفة ، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلببة ، وقال أبوعبيد السكوني : زبالة بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق ، فيها حصن وجامع لبني غاضرة من بني أسد . ويوم زبالة من أيام العرب ، قالوا : سميت زبالة بزبلها الماء أي بضبطها له وأخذها منه . وقال ابن الكلبي : سميت زُبالة باسم زبالة بنت مسعر امرأة من العمالقة نزلتها . « معجم البلدان 3 : 129 » .
(3) الطمر : الثوب الخلق « النهاية -.خلق ـ 3 : 138» .
(4) في مناقب ابن شهرآشوب : حاز .
(5) في البحار : أولج .

( 247 )
للصلاة ، ثم قمت خلفه ، فإذا أنا بمحراب كأنّه مثّل في ذلك الموقف (1) ، فرأيته كلما مرّ بآية فيها ذكر الوعد والوعيد يرددها باشجان الحنين ، فلّما أنْ تقشع (2) الظلام وثب قائماً وهو يقول : « يا من قصده الطالبون فاصابوه مرشداً، وأمَّهُ (3) الخائفون فوجدوه متفضلاً(4) ، ولجا إليه العابدون فوجدوه نوالا » (5) (6).
فخفت أن يفوتني شخصه ، وأن يخفى عليّ أثره ، فتعلَقت به ، فقلت له : بالذي أسقط عنك ملال التعب ، ومنحك شدّة شوق لذيذ الرعب (7)، إلأ ألحقتني منك جناح رحمة ، وكنف رقّة ، فإني ضالٌّ ، وبعيني كلما صَنَعْت ، وباُذني كلما نطقت ، فقال : « لو صدق توكّلك ما كنت ضالاَ ، ولكن اتبعني واقفُ أثري » ، فلمآ أن صار تحت الشجرة أخذ بيدي ، فتخيل إليّ أن الأرض تمدَ من تحت قدمي ، فلما انفجر عمود الصبح قال لي : « أبشر فهذه مكة » ، قال : فسمعت الصيحة (8) ، ورأيت المحجّة ، فقلت : بالذي ترجوه يوم الأزفة ويوم الفاقة ، من أنت ؟ فقال لي : « أمّا إذا أقسمت
____________
(1) في « د » والبحار : الوقت .
(2) يقال : تقشْع ،السحاب : أي تصدع وأتلع . وقشعت الريح السحاب من باب نفع : أي كشفته ، فانقشع وتقشع . « مجمع البحرين - قشع - 4 : 379 » .
(3) الأم بالفتح : القصد . يقال : اَمة واممَهُ وتأممه ، إذا قصده .« الصحاح -أمم - 1865:5 » .
(4) في مناقب ابن شهرآشوب : معقلا .
(5) في مناقب ابن شهرآشوب : « ولجأ إليه العائذون فوجدوه موئلاَ » ولعله أنسب ، والنَوَال : العطاء « الصحاح 5 : 1386 » .
(6) في بحار الأنوار زيادة : متى راحة من نصب لغيرك بدنه ، ومتى فرح من قصد سواك بنيته ، إلهي قد تقشع الظلام ولم أقض من خدمتك وطراً ، ولا من حياض مناجاتك صدراً ، صل على محمد وآله ، وافعل بي أولى الأمرين بك يا ارحم الراحمين .
(7) في مناقب ابن شهر آشوب : الرهب .
(8) في البحار : الضجْة .

( 248 )
عليّ فانا عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم »(1).
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : أما ترى كما قلناه يقول : « لو صدق توكلك ما كنت ضالاً » فإذا كان صدق التوكل يهدي في الطرقات ، فكذا أن (2) صدق التوكل في الاستخارات ، ولكنّه كما قلناه صعب شديد هائل ، على من عرف شروطه على الوجه الكامل .
وقد ذكر عبد العزيز بن البراج الاستخارة بمائة مرة في كتاب المهذّب (3) وقد ذكرها أبو الصلاح الحلبي في كتاب مختصر الفرائض الشرعية وغيره ، ولم نقصد استيفاء كلّ ما وقفنا عليه من الروايات ، ولا ما وقفنا عليه من تصانيف أصحابنا الثقات ، فإنّ ذلك يطول ، وفي ما ذكرناه كفاية في المأمول .

____________
(1) رواه الراوندي في الخرائج : 238 ، وابن شهر اشوب في مناقب آل أبي طالب 4 : 142 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 46 : 77 / 73 ، والشيخ النوري في مستدرك الوسائل 1 : 268 .
(2) كذا في النسخ ، ولعل الصواب : فكذاك .
(3) قال ابن البرّاج في المهذب 1 : 149 : « صلاة الاستخارة ركعتان ، يصليهما من أراد صلاتها كما يصلي غيرهما من النوافل ، فاذا فرغ من القراءة في الركعة الثانية قنت قبل الركوع ثم يركع ويقول في سجوده : أستخير الله . مائة مرة ، فاذا أكل المائة قال : لا إله إلأ الله الحليم الكريم لا إله الأ الله العلي العظيم ، ربي بحق محمد وال محمد ، صل على محمد وآل محمد ، وخر لي في كذا وكذا . ويذكر حاجته التي قصد هذه الصلاة لاجلها ، وقد ورد في صلاة الاستخارة وجوه غير ما ذكرناه ، والوجه الذي ذكرناه - ها هنا - من أحسنها » .

( 249 )

الباب الثالث عشر

في بعض ما رويته من الاستخارة بسبعين مرّة

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بإسنادهما الذي قدّمناه الى جدي أبي جعفر محمد ابن الحسن الطوسي رضوان الله عليه ، فيما ذكره في تهذيب الأحكام عن معاوية بن ميسرة ، ولم يذكر رحمه الله إسناده لهذا الحديث الذي يأتي ذكره الى معاوية بن ميسرة فإذا كان هذا الحديث في كتاب معاوية بن ميسرة المشار إليه ، فهذا اسناد جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه .
قال في الفهرست : معاوية بن ميسرة ، له كتاب ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، عن ابن بطة ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ،عنه (1).
وذكر الرواية في المصباح الكبير أيضاً ، وهذا لفظه : وروى معاوية بن ميسرة عنه عليه السلام أنه قال : ( ما استخار الله عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة ، إلأ رماه الله بالخيرة ، يقول : يا أبصر الناظرين ، ويا أسمع
____________
(1)الفهرست : 167/ 731 .

( 250 )
السامعين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين ، صلّ على محمد وأهل بيته ، وَخِرْ لي في كذا وكذا "(1) .
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : أما ما تضمنت هذه الرواية من ذكر الاستخارة بسبعين مرة بهذا الدعاء - ولم ُتذكر صلاة إلأ كان لفظ الاستخارة بالرقاع - فإن هذا عام ، ويحتمل أن يكون هذا الدعاء سبعين مرة مضافاً الى الاستخارة بالرقاع ، ويكون إذا استخار بالرقاع وقال هذه السبعين مرة كفاه ذلك عن المائة مرة ، وهذا التأويل مما تراه كي لا يسقط شيء مما رويناه ، أو يكون على سبيل التخيير بينها وبين الروايات التي رويناها في الاستخارات .

____________
(1) مصباح المتهجد : 481 ، والتهذيب 3: 182/ 8 ، ورواه الصدوق في الفقيه 1 : 356/ 6 ، والشيخ المفيد في المقنعة : 36 ، والطبرسي في مكارم الاخلاق : 320 بزيادة ، والشهيد الأول في ذكرى الشيعة : 252 ، والكفعمي في المصباح : 391 عنهم عليهم السلام ، والبلد الأمين : 160 ، ونقله كل من المجلسي في بحار الأنوار 91: 282/ 33 ، والنوري في مستدرك الوسائل 1: 452/ 3 ، عن فتح الأبواب : نقلاً من كتاب سعد بن عبد الله الثقة ، عن الحسين ، عن محمد بن خالد ، عن أبي الجهم ، عن معاوية بن ميسرة قال : قال أبو عبد الله . . . ، ولم يرد النص بهذا السند فيما اعتمدناه من النسخ الخطية ، ولعله سقط منها ، فتأمل .

( 251 )

الباب الرابع عشر

في بعض ما رويته ممّا يجري فيه الاستخارة بعشر
مرات

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بإسنادهما الذي قدمناه الى جدي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، فيما رواه عن الحسن بن محبوب السراد .
قال جدي أبو جعفر الطوسي : أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ، عدَة من أصحابنا ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن الهيثم بن أبي مسروق ومعاوية بن حكيم وأحمد ابن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب (1) .
وقال جدي أبو جعفر الطوسي : وأخبرنا ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفَار ، عن أحمد بن محمد ومعاوية بن حكيم والهيثم بن أبي مسروق ، كلهم عن الحسن بن محبوب (2) .

____________
(1 -2) فهرست الشيخ: 47 .

( 252 )
قال الحسن بن محبوب : عن أبيِ أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « كنا أُمرنا بالخروج الى الشام فقلت : اللهمَ إنْ كان هذا الوجه الذي هممت به خيراً لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري ولجميع المسلمين ، فيسره لي وبارك لي فيه ، وإن كان ذلك شراً لي ، فاصرفه عني الى ما هو خير لي منه ، فإنك تعلم ولا أعلم ، وتقدر ولا أقدر ، وأنت علام الغيوب ، أستخير الله - ويقول ذلك مائة مرة -
قال : وأخذت حصاة(1) فوضعتها على نعلي حتى أتممتها » فقلت : أليس إنّما يقول هذا الدعاء مرة واحدة ، ويقول : أستخير الله . مائة مرة ؟ قال : هكذا قلت : مائة مرة ، ومرة هذا الدعاء ، قال فصرف ذلك الوجه عني ، وخرجت بذلك الجهاز الى مكة ، ويقولها في الأمر العظيم مائة مرة ومرة ، وفي الأمر الدون عشر مرات (2) .
يقول علي بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن الطاووس : يحتمل أن تكون الأخبار العامة في الاستخارات مخصوصة بما قدمناه من الاستخارة بالرقاع في كل ما يحتمل هذه التأويلات ، وما يحتمل التخييريمكن أن يكون المراد التخيير لئلا يسقط شيء من الروايات ، وأما ما تضمن هذا الحديث ، وما سيأتي من الأخبار في أن الأمرالجسيم والعظيم على ما سيأتي من الأثار مائة مرّة ومرة فإنه كاشف عن أن أبلغ الاستخارات مائة مرة ومرة ، وما يكون دون الأمر العظيم فبحسب ما يوجد في الروايات وينقل عن الثقات .

____________
(1) قال المجلس في بيانه على العبارة في البحار 91 : 283 : لعل وضع الحصاة على النعل لضبط العدد تعليماً للغير ، ويحتمل أن يكون وضع الحصاة الواحدة فقط فيكون جزء للعمل لكنه بعبد .
(2) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 282/ 34 ، والنوري في المستدرك 1: 452/ 4 ، وأخرج قطعة منه الحرالعاملي في وسائل الشيعة 5: 216/ 10 .

( 253 )

الباب الخامس عشر

في بعض ما رويته من الاستخارة بسبع مرات

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني بإسنادهما الذي قدمناه ، فيما رويناه عن أبي جعفر محمد بن بابويه القمي ، قال في كتاب من لا يحضره الفقيه وقد ضمن صحّة كل ما رواه فيه وأفتى به وتقلّد العمل بموجبه (1) ، قال ما هذا لفظه :
عن الصادق عليه السلام أنّه كان إذا أراد شراء العبد أو الدابة أو الحاجة الخفيفة أو الشيء اليسير استخار الله عزّ وجل فيه سبع مرّات ، وإذا كان أمراً جسيماً استخار الله فيه مائة مرة(2) .

____________
(1) إشارة الى قول الشيخ الصدوق في مقدمة كتابه الفقيه 1 : 3 : « ولم أقصد فيه قصد المصنْفين في ايراد جميع ما رووه بل قصدت الى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته ، وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره وتعالت قدرته ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهررة ، عليها المعول وإليها المرجع » .
(2) من لا يحضره الفقيه 1 :355 / 5 ، وفيه : وروى حماد بن عيسى ، عن ناجية ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، ورواه الطبرسي في مكارم الأخلاق : 370 ، والشهيد الأول في ذكرى الشيعة : 252 ، والكفعمي في المصباح : 392 ، ونقله العلامة المجلسي في بحار الأنوار 91: 280 /

=


( 254 )
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : وهذا أيضاً يحتمل أنْ يختص عمومه بالاستخارات كي لا يسقط شيء من روايات أصحابنا الثقات (1) .

____________

=
31 عن المكارم والفقيه ، وقال بعد. : « الفتح : نقلاً من كتاب الدعاء لسعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن ناجية قال : كان أبو عبد الله عليه السلام إذا أراد ، وذكر مثله » . ولم يرد النص المذكور في النسخ التي اعتمدناها ، ولعله سقط منها ، وبقي في نسخة العلامة المجلسي من الكتاب ظاهراً ، فتأمل .
(1) قال المولى محمد تقي المجلسي في روضة المتقين 2 : 826 ، في تعليقه على الحديث : الظاهر جواز الاستخارة في الشيء اليسير بالسبع وإن كان المائة والواحدة أفضل ، لعموم الأخبار المتقدمة وإن أمكن تخصيصها بهذا الخبر .

( 255 )

الباب السادس عشر

في بعض ما رويته في الاستخارة بثلاث مرّات

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بالإسناد الذي قدمناه الى جدي أبي جعفر الطوسي بإسناده الى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن ابن مسكان ، عن ابن أبي يعفور ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في الاستخارة : « تُعظم الله وتمجده وتحمده وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم تقول : اللهم إني أسالك بانَك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، وأنت علآم الغيوب (1) ، أستخير الله برحمته » .
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : « إنْ كان الأمر شديداً تخاف فيه ، قلته مائة مرة ، وإنْ كان غير ذلك قلته ثلاث مرات "(2) .
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : وهذا أيضاً عام محتمل للتخصيص بروايات الاستخارات بالرقاع ، وكي لا (3) يسقط شيء من أخبارأصحابنا الثقات .

____________
(1) في « م » والوسائل : وأنت عالم للغيوب .
(2) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91 : 256 / 1 ، والحر العاملي 5: 208 / 13 .
(3) في « ش » : ولئلا.

( 256 )

( 257 )

الباب السابع عشر

في بعض مارويته في الاستخارة بمرّة واحدة

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني بإسنادهما الذي قدمناه إلى هارون بن خارجة ، عن أبي عبداللهّ عليِه السلام قال : « من استخار اللهّ مرّة واحدة وهو راضٍ به ، خار الله له حتماً »(1) .

____________
(1) ذكره الكفعمي في المصباح : 392 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 256 .

( 258 )

( 259 )

الباب الثامن عشر

فيما رأيته في الاستخارة بقول ما شئت من مرّة

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : وجدته في أصل من اُصول أصحابنا ، تأريخ كتابته في شهر ربيع الاخر سنة أربع عشر وثلثمائة ، قال ما هذا لفظه :
وجاء في الاستخارة في الأمر الذي تهوى أنْ تفعله : اللهمّ ّوفق لي كذا وكذا ، واجعل لي فيه الخيرة في عافية . تقول ذلك ما شئت من مرّة ، وإذا كان مما تحبّ أنْ يعزم لك على أصلحه ، قلت : اللهمّ وفّق لي الذي هوخيرٌ واجعل لي فيه الخيرة في عافية. تقوله ما شئت من مرّة ، وكلّ ما استخرت فليكن فيه : « برحمتك في عافية » فإنّ في قول من يقول : « بعلمك » أنّ في علم الله الخير والشر(1) .
يقول علي بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن الطاووس : ما وقفت إلى الان على رواية مسندة ، بأنّه يقول ما شاء من مرّة في الاستخارة ، وإنما لعلّ ذلك من مقام أصحاب التفويض والتوكّل ، فإنّهم إذا صدقوا له في
____________
(1) أورده العلامة المجلسي في بحار الأنوار 91: 257 .

( 260 )
تفويضهم وتوكّلهم وفّقهم الله تعالى ، ووفّقهم عندما يختار لهم من العدد في الاستخارات ، وهذا ممّا يمكن مع التفويض إلى الله تعالى والتوكّل عليه ، حتّى يعلم الإنسان أنّه موقف (1) عند العدد الذي يريد الله جل جلاله وصوله إليه .

فصل :
يتضمّن الاستخارة في كلّ ركعة من الزوال ، ولم يتضمّن
عدداً ولا تفصيلاً للحال

يقول علي بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن الطاووس : لمآ رأيت الرواية بذلك مجملة(2) في كيفية الاستخارات في العدد والرقاع والدعاء وترجيح الخاطر ، أو غير ذلك من الأسباب ، وجدتها أقرب إلى أن يكون ذِكْرها في هذا الباب .
أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بإسنادهما إلى الحسن بن محبوب ، قال : عن العلاء(3) ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الاستخارة في كل ركعة من الزوال » (4) .
وأخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بإسنادهما إلى جدي محمد بن الحسن الطوسي قال : أخبرنا
____________
(1) في « د » موفق .
(2) في « د » زيادة : تفصيل .
(3) العلاء : فترك بين جماعة والتمييز إنما هو بالراوي والمروي عنه ، لى وإن كان المراد به في أكثر الموارد العلاء بن رزين كما إذا كان المروي عنه محمد بن مسلم « معجم رجال الحديث 11 :165 »
(4) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 257 ، والحر العاملي في وسائل الشيعة5: 220/ 1 .

( 261 )
ابن أبي جيد القميّ ، عن محمد بن الحسن ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد(1) .
قال الحسين بن سعيد في كتاب الصلاة : عن صفوان وفضالة ، عن العلاء ، عن محمد(2) ، عن أحدهما عليهما السلام قال : « الاستخارة في كلّ ركعة من الزوال »(3) .
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : رأيت حديث الحسن بن محبوب المذكور في نسخة عتيقة ، تأريخ كتابتها شهر ربيع الأول سنة أربع عشر وثلثمائة ، ورأيت حديث الحسين بن سعيد في نسخةٍ لعلها في زمن الحسين بن سعيد ، عليها خط جدي أبي جعفر الطوسيّ بانّه قد قرأها ، والحسن بن محبوب والحسين بن سعيد من أعيان أصحابنا الثقات ، ومعتمدٌ عليهما في الروايات .
قال جدي أبو جعفر الطوسي في كتاب الفهرست : الحسن بن محبوب السراد ، ويقال : الزراد ، ويكنى أبا علي ، مولى بجيلة ، كوفي ثقة ، روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، وروى عن ستّين رجلاً من أصحاب أبي عبدالله عليه السلام وكان جليل القدر ، يعدّ في الأركان الأربعة في عصره (4).
وقال جدي أبو جعفر الطوسي أيضاً في كتاب الفهرست : الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران ، من موالي علي بن الحسين عليهما
____________
(1) فهرست الشيخ : 58 / 220 .
(2) هومحمد بن مسلم ، أنظر « هداية المحدثين : 253 » .
(3) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 257 ، والحر العاملي في وسائل الشيعة5: 220/ 2.
(4) فهرست الشيخ : 46 / 151 .

( 262 )
السلام ، الأهوازي ، ثقة ، روى عن الرضا عليه السلام وعن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث عليهما السلام (1) .
وأمّا العلاء بن رزين ومحمد بن مسلم فهما أيضاً من ثقات الأصحاب ، وقد ذكرنا ذلك الان كي لا ينفر من الاستخارة في ركعات الزوال من لم يعرف تفصيل هذه الأسباب ، العدد الذي يريد اللهّ جلّ جلاله وصوله إليه .

____________
(1) فهرست الشيخ : 58 / 220 .

( 263 )

الباب التاسع عشر

في بعض ما رأيته من مشاورة الله جلّ جلاله برقعتين
في الطين والماء

وجدت في كتاب عتيق فيه دعوات وروايات من طريق أصحابنا تغمدهم الله جل جلاله بالرحمات ما هذا لفظه :
تكتب في رقعتين في كلّ واحدة بسم الله الرحمن الرحيم ، خيرة من الله العزيز الحكيم لعبده فلان بن فلان . وتذكر حاجتك ، وتقول في آخرها : أفعل يا مولاي . وفي الاخرى : أتوقّف يا مولاي . واجعل كلّ واحدة من الرقاع في بندقةٍ من طين ، وتقرأ عليها الحمد سبع مرّات ، وقل أعوذ بربّ الفلق سبع مرّات ، وسورة والضحى سبع مرات ، وتطرح البندقتين في إناء فيه ماء بين يديك ، فأيّهما انشقت (1)ووقفت قبل الاخرى فخذهاواعمل بما فيها إنْ شاء الله تعالى(2) .

____________
(1) في البحار : انبعث [ انبثقت ] ، وفي المستدرك : انبثقت ، وفي نسخة : انبعث .
(2) نقله المجلسي في بحار الأنوار 1 9 : 238 / 3 ، والنوري في مستدرك الوسائل 1 : 450/ 2.

( 264 )

فصل :

ووجدت بخط الشيخ علي بن يحيى الحافظ (1)ـ ولنا منه إجازة بكل ما يرويه - ما هذا لفظه :
إستخارة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.
وهي أن تضمر ما شئت وتكتب هذه الاستخارة وتجعلها في رقعتين ، وتجعلهما في مثل البندق ، ويكون بالميزان (2) ، وتضعهما في إناء فيه ماء ، ويكون على ظهر أحدهما : ( إفعل ) والاُخرى : ( لا تفعل ) ، وهذه كتابتها : « ما شاء الله كان ، اللهمَّ إني أستخيرك خيار من فوَّض إليك أمره ، وأسلم إليك نفسه ، واستسلم إليك في أمره ، وخلا لك وجهه (3) ، وتوكّل عليك فيما نزل به . اللهم خرلي ولاتخرعلَي ، وكن لي ولاتكن علي ، وانصرني ولا تنصر علَيَّ ، واعني ولا تعن عليّ ، وأمكني ولا تمكّن مني ، واهدني إلى الخير ولا تضلني ، وأرضني بقضائك ، وبارك لي في قدرك ، إنّك تفعل ما تشاء ، وتحكم ماتريد ، وأنت على كلّ شيء قدير .

____________
(1) في « د » الخياط ، وهو علي بن يحيى الحافظ ، قال عنه الأفندي :« فقيه عالم جليل القدر ، يروي عنه عربي بن مسافر العبادي وعنه يروي السيد ابن طاووس إجازة ، والظاهر انه بعينه الشيخ أبي الحسن علي بن يحيى الخياط الاتي » الذي عنونه أيضاً ، واستظهر اتحادهما قائلاً : « لا يبعد عندي اتحاده مع الشيخ علي بن يحيى الحافظ المذكورآنفاً ، بل لعل الحافظ تصحيف الخياط ، فلاحظ » .
أُنظر « رياض العلماء 4 : 286 ، الأنوار الساطعة : 118 » .
(2) أي اجعلهما متساويتين بان تزنهما بالميزان . « من بيان البحار » .
(3) أي لم يتوجه بوجه الى غيرك في حاجة ، قال الكفعمي [ في المصباح : 396 ] : اي أقبل عليك بقلبه وجميع جوارحه وليس في نفسه شيء سواك في خلوته ، وفي الحديث : اسلمت وجهي لله وتخليت أي تبرأت من الشرك وانقطعت عنه ، والعرب تذكر الوجه وتريد صاحبه ، فيقولون : أكرم الله وجهك أي أكرمك الله ، وقال سبحانه : « كل شيء هالك إلأ وجهه » أي إلأ إياه « من بيان البحار » .

( 265 )
اللهمّ إنْ كانت لي الخيرة في أمري هذا في ديني ودنياي وعاقبة أمري فسهّله لي ، وإن كان غير ذلك فاصرفه عني يا أرحم الراحمين ، إنّك على كلّ شيء قدير» فأيّهما طلع على وجه الماء فافعل به ، ولا تخالفه إنْ شاء اللهّ تعالى ، وحسبنا الله ونعم الوكيل (1) .

فصل :

ورأيت بخطّي على المصباح ، وما أذكر الآن من رواه لي ولا من أين
نقلته ، ما هذا لفظه :
الاستخارة المصريّة عن مولانا الحجّة صاحب الزمان عليه السلام :
تكتب في رقعتين « خيرة من الله ورسوله لفلان بن فلانة »(2) وتكتب في احداهما ( إفعل ) وفي الاخرى ( لا تفعل ) ، وتترك في بندقتين من طين ، وترمى في قدح فيه ماء ، ثمّ تتطهّروتصلّي ، وتدعوعقيبهما :
اللهم إني أستخيرك خيار من فوَض إليك أمره ، وأسلم إليك نفسه ، وتوكّل عليك في أمره ، واستسلم بك (3) فيما نزل به من أمره ، اللهمَّ خر لي ولا تخر علَي ، واعني ولا تعن علي ، ومكّني ولا تمكّن مني ، واهدني للخير ولا تضلني ، وأرضني بقضائك ، وبارك لي في قدرك ، إنّك تفعل ما تشاء وتعطي ما تريد ، اللهم إنْ كانت الخيرة لي في أمري هذا وهو كذا وكذا ، فمكّني منه ، وأقدرني عليه ، وأمرني بفعله ، وأوضح لي طريق الهداية إليه ، وإنْ كان اللهم غير ذلك فاصرفه عني إلى الذي هو خير لي منه ، فإنّك تقدر
____________
(1) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 238 / 4 ، والحر العاملي في وسائل الشيعة5: 211 / 4 ، ونقل الكفعمي في المصباح : 395 الدعاء فقط عن السيد ابن باقي في اختياره .
(2) في « م » والوسائل : لفلان بن فلان .
(3) كذا في النسخ ، والظاهر أن الصواب : لك .

( 266 )
ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علاّم الغيوب ، يا أرحم الراحمين .
ثمّ تسجد وتقول فيها : أستخير اللهّ خيرة في عافية . مائة مرّة ، ثمَّ ترفع رأسك ، وتتوقَّع البنادق ، فإذا خرجت الرقعة من الماء فاعمل (1) بمقتضاها إنْ شاء الله تعالى(2) .
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : وقد تقدّم ترجيحنا للاستخارة بالستّ الرقاع على سائر الاستخارات ، ولعلّ استخارة البنادق والماء(3)لمن يكون له عذر عن الاستخارة بالرقاع الستّ ، جمعاً بين الروايات ، أو يكون على سبيل التخيير لمن لا يريد الكشف بالستّ الرقاع وزيادة الانتفاع .

____________
(1) في « د » : فافعل .
(2) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 239/ 5 ، والحر العاملي في وسائل الشيعة5: 211/ 5.
(3) فن « م » زيا دة : يكون .