من مشاهدة العين لما تراه ، وأنّه لا يكره ولا يضطرب عند اختيار اللهّ جلّ جلاله
في شيء من الإِصداروالإيراد، فإنّه إذا بلغ الى هذه الغايات ، تولّى الله جلّ جلاله
تدبيره في الحركات والسكنات والاستخارات ، كما قال الله تعالى : (
وَمَنْ
يَتَوَكلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ )
(1) وقال جل جلاله : (
إنَهُ لَيْسَ لَه سُلْطَان عَلَى
الَذِينَ آمَنُواْ وَعَلى رَبهم يَتَوَكلُونَ )
(2) وغير ذلك من الأيات في مدح
المفوضين والمتوكّلين .

ولكن قد بقي أن الصدق في التوكّل والتفويض هل يقع ويكون ؟ لأنّني
أراه مقاماً عزيزاً شريفاً ، فإنّ ابن آدم كما قال الله تعالى : (
وَخُلِقَ الإنسْاَنُ
ضَعِيفاً)
(3) فتراه يفوّض الى وكيله وصديقه وسلطانه العادل وشيخه الفاضل ،
ويتوكّل عليهم ويسكن إليهم ، أقوى من تفويضه وتوكّله وسكونه الى ربّه
ومولاه ، فكيف يكون مع ذلك مفوّضاً الى الله أو متوكلاَ عليه وغير الله أقوى
في توكّله وتفويضه ؟ أين هذا من مقام التفويض والتوكّل على مالك دنياه
وأخراه؟

روي عن مولانا زين العابدين صلوات الله عليه أنّه قال لبعض من ضلّ
في طريق : « لو صدق توكّلك ما ضللت » ، وها نحن نورد الحديث بذلك ،
فهوحديث مليح ، لتعرف تفصيل ما أشرت إليه .

ذكر محمد بن أبي عبد الله في أماليه من رواة أصحابنا ، ووجدته في
نسخة تاريخ كتابتها سنة تسع وثلثمائة ، قال : حدثني مسلمة بن
عبد الملك
(4) ، قال : حدثني عيسى بن جعفر ، قال حدثني عباس بن
____________
(1) الطلاق 65: 3 .
(2) النحل 16: 99 .
(3) النساء 4 : 28 .
(4) في « د » : محمد بن مسلمة بن عبد الملك ، ولم يرد في البحار و المستدرك .
( 246 )
أيوب ، قال : حدثني أبو بكر الكوفي ، عن
حماد بن حبيب
الكوفي
(1) قال :
خرجنا حجّاجاً فرحلنا من زُبالَة
(2) ليلاً ، فاستقبلنا ريح سوداء مظلمة ،
فتقطعت القافلة ، فتهت في تلك الصحاري والبراري ، فانتهيت الى وادٍ
قفر ، فلما أن جنني الليل اويت الى شجرة عادية ، فلما أنْ اختلط الظلام إذا
أنا بشاب قد أقبل ، عليه أطمار
(3) بيض ، تفوح منه رائحة المسك ، فقلت
في نفسي : هذا ولي من أولياء الله تعالى متى ما أحس بحركتي خشيت
نفاره ، وأن أمنعه عن كثير مما يريد فعاله ، فاخفيت نفسي ما استطعت ، فدنا
إلى الموضع ، فتهيَأ للصلاة ، ثم وثب قائماً هو يقول :

« يا من أحار
(4) كل شيء ملكوتاً ، وقهر كل شيء جبروتاً ، ألج
(5)
قلبي فرح الإقبال عليك ، وألحقني بميدان المطيعين لك » ، قال : ثم دخل
في الصلاة ، فلمَا أن رأيته قد هدأت أعضاؤه ، وسكنت حركاته ، قمت الى
الموضع الذي تهياً منه للصلاة ، فإذا بعين تفيض بماء أبيض ، فتهيأت
____________
(1) حماد بن حبيب العطار الكوفي ، قال الشيخ المامقاني : لم أقف فيه إلأ على ما رواه في المناقب
وكتاب الاستخارات لابن طاووس عن محمد بن أبي عبد الله من رواة أصحابنا في أماليه - ثم ذكر
الحديث الوارد في المتن ، ثم قال : وفيه دلالة على كونه شيعياً بل من خلص الشيعة وأهل السر
منهم ، ضرورة انهم عليهم السلام ما كانوا يبدون مثل ذلك من غرائب الأعمال إلأ لمن كان
كذلك ، ، وحينئذ فنستفيد من الخبرحسن حال الرجل ، والعلم عند الله تعالى .« تنقيح المقال
1: 363 / 3282 » .
(2) زُبَالَة : بضم أوله : منزل معروف بطريق مكة من الكوفة ، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة
والثعلببة ، وقال أبوعبيد السكوني : زبالة بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق ، فيها حصن وجامع
لبني غاضرة من بني أسد . ويوم زبالة من أيام العرب ، قالوا : سميت زبالة بزبلها الماء أي بضبطها
له وأخذها منه . وقال ابن الكلبي : سميت زُبالة باسم زبالة بنت مسعر امرأة من العمالقة نزلتها .
« معجم البلدان 3 : 129 » .
(3) الطمر : الثوب الخلق « النهاية -.خلق ـ 3 : 138» .
(4) في مناقب ابن شهرآشوب : حاز .
(5) في البحار : أولج .
( 247 )
للصلاة ، ثم قمت خلفه ، فإذا أنا بمحراب كأنّه مثّل في ذلك الموقف
(1) ،
فرأيته كلما مرّ بآية فيها ذكر الوعد والوعيد يرددها باشجان الحنين ، فلّما أنْ
تقشع
(2) الظلام وثب قائماً وهو يقول : « يا من قصده الطالبون فاصابوه
مرشداً، وأمَّهُ
(3) الخائفون فوجدوه متفضلاً
(4) ، ولجا إليه العابدون فوجدوه
نوالا »
(5) (6).

فخفت أن يفوتني شخصه ، وأن يخفى عليّ أثره ، فتعلَقت به ، فقلت
له : بالذي أسقط عنك ملال التعب ، ومنحك شدّة شوق لذيذ الرعب
(7)،
إلأ ألحقتني منك جناح رحمة ، وكنف رقّة ، فإني ضالٌّ ، وبعيني كلما
صَنَعْت ، وباُذني كلما نطقت ، فقال : « لو صدق توكّلك ما كنت ضالاَ ،
ولكن اتبعني واقفُ أثري » ، فلمآ أن صار تحت الشجرة أخذ بيدي ، فتخيل
إليّ أن الأرض تمدَ من تحت قدمي ، فلما انفجر عمود الصبح قال لي :
« أبشر فهذه مكة » ، قال : فسمعت الصيحة
(8) ، ورأيت المحجّة ، فقلت :
بالذي ترجوه يوم الأزفة ويوم الفاقة ، من أنت ؟ فقال لي : « أمّا إذا أقسمت
____________
(1) في « د » والبحار : الوقت .
(2) يقال : تقشْع ،السحاب : أي تصدع وأتلع . وقشعت الريح السحاب من باب نفع : أي كشفته ،
فانقشع وتقشع . « مجمع البحرين - قشع - 4 : 379 » .
(3) الأم بالفتح : القصد . يقال : اَمة واممَهُ وتأممه ، إذا قصده .« الصحاح -أمم - 1865:5 » .
(4) في مناقب ابن شهرآشوب : معقلا .
(5) في مناقب ابن شهرآشوب : « ولجأ إليه العائذون فوجدوه موئلاَ » ولعله أنسب ، والنَوَال : العطاء
« الصحاح 5 : 1386 » .
(6) في بحار الأنوار زيادة : متى راحة من نصب لغيرك بدنه ، ومتى فرح من قصد سواك بنيته ، إلهي قد
تقشع الظلام ولم أقض من خدمتك وطراً ، ولا من حياض مناجاتك صدراً ، صل على محمد
وآله ، وافعل بي أولى الأمرين بك يا ارحم الراحمين .
(7) في مناقب ابن شهر آشوب : الرهب .
(8) في البحار : الضجْة .
( 248 )
عليّ فانا عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم »
(1).

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : أما
ترى كما قلناه يقول : « لو صدق توكلك ما كنت ضالاً » فإذا كان صدق التوكل
يهدي في الطرقات ، فكذا أن
(2) صدق التوكل في الاستخارات ، ولكنّه كما
قلناه صعب شديد هائل ، على من عرف شروطه على الوجه الكامل .

وقد ذكر عبد العزيز بن البراج الاستخارة بمائة مرة في كتاب المهذّب
(3)
وقد ذكرها أبو الصلاح الحلبي في كتاب مختصر الفرائض الشرعية وغيره ،
ولم نقصد استيفاء كلّ ما وقفنا عليه من الروايات ، ولا ما وقفنا عليه من
تصانيف أصحابنا الثقات ، فإنّ ذلك يطول ، وفي ما ذكرناه كفاية في
المأمول .
____________
(1) رواه الراوندي في الخرائج : 238 ، وابن شهر اشوب في مناقب آل أبي طالب 4 : 142 ، ونقله
المجلسي في بحار الأنوار 46 : 77 / 73 ، والشيخ النوري في مستدرك الوسائل 1 : 268 .
(2) كذا في النسخ ، ولعل الصواب : فكذاك .
(3) قال ابن البرّاج في المهذب 1 : 149 : « صلاة الاستخارة ركعتان ، يصليهما من أراد صلاتها كما
يصلي غيرهما من النوافل ، فاذا فرغ من القراءة في الركعة الثانية قنت قبل الركوع ثم يركع ويقول
في سجوده : أستخير الله . مائة مرة ، فاذا أكل المائة قال : لا إله إلأ الله الحليم الكريم لا إله الأ
الله العلي العظيم ، ربي بحق محمد وال محمد ، صل على محمد وآل محمد ، وخر لي في كذا
وكذا . ويذكر حاجته التي قصد هذه الصلاة لاجلها ، وقد ورد في صلاة الاستخارة وجوه غير ما
ذكرناه ، والوجه الذي ذكرناه - ها هنا - من أحسنها » .
( 249 )
الباب الثالث عشر

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن
عبد القاهر الأصفهاني ، بإسنادهما الذي قدّمناه الى جدي أبي جعفر محمد
ابن الحسن الطوسي رضوان الله عليه ، فيما ذكره في تهذيب الأحكام عن
معاوية بن ميسرة ، ولم يذكر رحمه الله إسناده لهذا الحديث الذي يأتي ذكره
الى معاوية بن ميسرة فإذا كان هذا الحديث في كتاب معاوية بن ميسرة المشار
إليه ، فهذا اسناد جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه .

قال في الفهرست : معاوية بن ميسرة ، له كتاب ، أخبرنا جماعة ، عن
أبي المفضل ، عن ابن بطة ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن
الحكم ،عنه
(1).

وذكر الرواية في المصباح الكبير أيضاً ، وهذا لفظه : وروى معاوية بن
ميسرة عنه عليه السلام أنه قال : ( ما استخار الله عبد سبعين مرة بهذه
الاستخارة ، إلأ رماه الله بالخيرة ، يقول : يا أبصر الناظرين ، ويا أسمع
____________
(1)الفهرست : 167/ 731 .
( 250 )
السامعين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم
الحاكمين ، صلّ على محمد وأهل بيته ، وَخِرْ لي في كذا وكذا "
(1) .

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : أما
ما تضمنت هذه الرواية من ذكر الاستخارة بسبعين مرة بهذا الدعاء - ولم ُتذكر
صلاة إلأ كان لفظ الاستخارة بالرقاع - فإن هذا عام ، ويحتمل أن يكون هذا
الدعاء سبعين مرة مضافاً الى الاستخارة بالرقاع ، ويكون إذا استخار بالرقاع
وقال هذه السبعين مرة كفاه ذلك عن المائة مرة ، وهذا التأويل مما تراه كي لا
يسقط شيء مما رويناه ، أو يكون على سبيل التخيير بينها وبين الروايات التي
رويناها في الاستخارات .
____________
(1) مصباح المتهجد : 481 ، والتهذيب 3: 182/ 8 ، ورواه الصدوق في الفقيه 1 : 356/ 6 ،
والشيخ المفيد في المقنعة : 36 ، والطبرسي في مكارم الاخلاق : 320 بزيادة ، والشهيد الأول
في ذكرى الشيعة : 252 ، والكفعمي في المصباح : 391 عنهم عليهم السلام ، والبلد الأمين :
160 ، ونقله كل من المجلسي في بحار الأنوار 91: 282/ 33 ، والنوري في مستدرك الوسائل
1: 452/ 3 ، عن فتح الأبواب : نقلاً من كتاب سعد بن عبد الله الثقة ، عن الحسين ، عن
محمد بن خالد ، عن أبي الجهم ، عن معاوية بن ميسرة قال : قال أبو عبد الله . . . ، ولم يرد
النص بهذا السند فيما اعتمدناه من النسخ الخطية ، ولعله سقط منها ، فتأمل .
( 251 )
الباب الرابع عشر

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر
الأصفهاني ، بإسنادهما الذي قدمناه الى جدي أبي جعفر محمد بن الحسن
الطوسي ، فيما رواه عن الحسن بن محبوب السراد .

قال جدي أبو جعفر الطوسي : أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ، عدَة من
أصحابنا ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ،
عن سعد بن عبد الله ، عن الهيثم بن أبي مسروق ومعاوية بن حكيم وأحمد
ابن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب
(1) .

وقال جدي أبو جعفر الطوسي : وأخبرنا ابن أبي جيد ، عن ابن
الوليد ، عن الصفَار ، عن أحمد بن محمد ومعاوية بن حكيم والهيثم بن أبي
مسروق ، كلهم عن الحسن بن محبوب
(2) .
____________
(1 -2) فهرست الشيخ: 47 .
( 252 )

قال الحسن بن محبوب : عن أبيِ أيوب الخزاز ، عن محمد بن
مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « كنا أُمرنا بالخروج الى الشام
فقلت : اللهمَ إنْ كان هذا الوجه الذي هممت به خيراً لي في ديني ودنياي
وعاقبة أمري ولجميع المسلمين ، فيسره لي وبارك لي فيه ، وإن كان ذلك
شراً لي ، فاصرفه عني الى ما هو خير لي منه ، فإنك تعلم ولا أعلم ، وتقدر
ولا أقدر ، وأنت علام الغيوب ، أستخير الله - ويقول ذلك مائة مرة -

قال : وأخذت حصاة
(1) فوضعتها على نعلي حتى أتممتها » فقلت :
أليس إنّما يقول هذا الدعاء مرة واحدة ، ويقول : أستخير الله . مائة مرة ؟
قال : هكذا قلت : مائة مرة ، ومرة هذا الدعاء ، قال فصرف ذلك الوجه
عني ، وخرجت بذلك الجهاز الى مكة ، ويقولها في الأمر العظيم مائة مرة
ومرة ، وفي الأمر الدون عشر مرات
(2) .

يقول علي بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن الطاووس :
يحتمل أن تكون الأخبار العامة في الاستخارات مخصوصة بما قدمناه من
الاستخارة بالرقاع في كل ما يحتمل هذه التأويلات ، وما يحتمل التخييريمكن
أن يكون المراد التخيير لئلا يسقط شيء من الروايات ، وأما ما تضمن هذا
الحديث ، وما سيأتي من الأخبار في أن الأمرالجسيم والعظيم على ما سيأتي
من الأثار مائة مرّة ومرة فإنه كاشف عن أن أبلغ الاستخارات مائة مرة ومرة ،
وما يكون دون الأمر العظيم فبحسب ما يوجد في الروايات وينقل عن الثقات .
____________
(1) قال المجلس في بيانه على العبارة في البحار 91 : 283 : لعل وضع الحصاة على النعل لضبط
العدد تعليماً للغير ، ويحتمل أن يكون وضع الحصاة الواحدة فقط فيكون جزء للعمل لكنه بعبد .
(2) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 282/ 34 ، والنوري في المستدرك 1: 452/ 4 ، وأخرج
قطعة منه الحرالعاملي في وسائل الشيعة 5: 216/ 10 .
( 253 )
الباب الخامس عشر

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن
عبد القاهر الأصفهاني بإسنادهما الذي قدمناه ، فيما رويناه عن أبي جعفر
محمد بن بابويه القمي ، قال في كتاب من لا يحضره الفقيه وقد ضمن صحّة
كل ما رواه فيه وأفتى به وتقلّد العمل بموجبه
(1) ، قال ما هذا لفظه :

عن الصادق عليه السلام أنّه كان إذا أراد شراء العبد أو الدابة أو الحاجة
الخفيفة أو الشيء اليسير استخار الله عزّ وجل فيه سبع مرّات ، وإذا كان أمراً
جسيماً استخار الله فيه مائة مرة
(2) .
____________
(1) إشارة الى قول الشيخ الصدوق في مقدمة كتابه الفقيه 1 : 3 : « ولم أقصد فيه قصد المصنْفين في
ايراد جميع ما رووه بل قصدت الى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته ، وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني
وبين ربي تقدس ذكره وتعالت قدرته ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهررة ، عليها المعول
وإليها المرجع » .
(2) من لا يحضره الفقيه 1 :355 / 5 ، وفيه : وروى حماد بن عيسى ، عن ناجية ، عن أبي عبد الله
عليه السلام ، ورواه الطبرسي في مكارم الأخلاق : 370 ، والشهيد الأول في ذكرى الشيعة :
252 ، والكفعمي في المصباح : 392 ، ونقله العلامة المجلسي في بحار الأنوار 91: 280 /
=
( 254 )

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس :
وهذا أيضاً يحتمل أنْ يختص عمومه بالاستخارات كي لا يسقط شيء من
روايات أصحابنا الثقات
(1) .
____________
=
31 عن المكارم والفقيه ، وقال بعد. : « الفتح : نقلاً من كتاب الدعاء لسعد بن عبد الله ، عن
أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن
عبد الله ، عن ناجية قال : كان أبو عبد الله عليه السلام إذا أراد ، وذكر مثله » . ولم يرد النص
المذكور في النسخ التي اعتمدناها ، ولعله سقط منها ، وبقي في نسخة العلامة المجلسي من
الكتاب ظاهراً ، فتأمل .
(1) قال المولى محمد تقي المجلسي في روضة المتقين 2 : 826 ، في تعليقه على الحديث : الظاهر
جواز الاستخارة في الشيء اليسير بالسبع وإن كان المائة والواحدة أفضل ، لعموم الأخبار المتقدمة
وإن أمكن تخصيصها بهذا الخبر .
( 255 )
الباب السادس عشر

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن
عبد القاهر الأصفهاني ، بالإسناد الذي قدمناه الى جدي أبي جعفر الطوسي
بإسناده الى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن ابن مسكان ،
عن ابن أبي يعفور ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في
الاستخارة : « تُعظم الله وتمجده وتحمده وتصلي على النبي صلى الله عليه
وآله ثم تقول : اللهم إني أسالك بانَك عالم الغيب والشهادة الرحمن
الرحيم ، وأنت علآم الغيوب
(1) ، أستخير الله برحمته » .

ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : « إنْ كان الأمر شديداً تخاف فيه ،
قلته مائة مرة ، وإنْ كان غير ذلك قلته ثلاث مرات "
(2) .

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس :
وهذا أيضاً عام محتمل للتخصيص بروايات الاستخارات بالرقاع ، وكي لا
(3)
يسقط شيء من أخبارأصحابنا الثقات .
____________
(1) في « م » والوسائل : وأنت عالم للغيوب .
(2) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91 : 256 / 1 ، والحر العاملي 5: 208 / 13 .
(3) في « ش » : ولئلا.
( 256 )
( 257 )
الباب السابع عشر

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد
القاهر الأصفهاني بإسنادهما الذي قدمناه إلى هارون بن خارجة ، عن أبي
عبداللهّ عليِه السلام قال : « من استخار اللهّ مرّة واحدة وهو راضٍ به ، خار
الله له حتماً »
(1) .
____________
(1) ذكره الكفعمي في المصباح : 392 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 256 .
( 258 )
( 259 )
الباب الثامن عشر

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس :
وجدته في أصل من اُصول أصحابنا ، تأريخ كتابته في شهر ربيع الاخر سنة
أربع عشر وثلثمائة ، قال ما هذا لفظه :

وجاء في الاستخارة في الأمر الذي تهوى أنْ تفعله : اللهمّ ّوفق لي كذا
وكذا ، واجعل لي فيه الخيرة في عافية . تقول ذلك ما شئت من مرّة ، وإذا
كان مما تحبّ أنْ يعزم لك على أصلحه ، قلت : اللهمّ وفّق لي الذي هوخيرٌ
واجعل لي فيه الخيرة في عافية. تقوله ما شئت من مرّة ، وكلّ ما استخرت
فليكن فيه : « برحمتك في عافية » فإنّ في قول من يقول : « بعلمك » أنّ في
علم الله الخير والشر
(1) .

يقول علي بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن الطاووس : ما
وقفت إلى الان على رواية مسندة ، بأنّه يقول ما شاء من مرّة في الاستخارة ،
وإنما لعلّ ذلك من مقام أصحاب التفويض والتوكّل ، فإنّهم إذا صدقوا له في
____________
(1) أورده العلامة المجلسي في بحار الأنوار 91: 257 .
( 260 )
تفويضهم وتوكّلهم وفّقهم الله تعالى ، ووفّقهم عندما يختار لهم من العدد في
الاستخارات ، وهذا ممّا يمكن مع التفويض إلى الله تعالى والتوكّل عليه ،
حتّى يعلم الإنسان أنّه موقف
(1) عند العدد الذي يريد الله جل جلاله وصوله
إليه .

يقول علي بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن
الطاووس : لمآ رأيت الرواية بذلك مجملة
(2) في كيفية الاستخارات في العدد
والرقاع والدعاء وترجيح الخاطر ، أو غير ذلك من الأسباب ، وجدتها أقرب
إلى أن يكون ذِكْرها في هذا الباب .

أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر
الأصفهاني ، بإسنادهما إلى الحسن بن محبوب ، قال : عن العلاء
(3) ، عن
محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الاستخارة في كل ركعة
من الزوال »
(4) .

وأخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر
الأصفهاني ، بإسنادهما إلى جدي محمد بن الحسن الطوسي قال : أخبرنا
____________
(1) في « د » موفق .
(2) في « د » زيادة : تفصيل .
(3) العلاء : فترك بين جماعة والتمييز إنما هو بالراوي والمروي عنه ، لى وإن كان المراد به في أكثر
الموارد العلاء بن رزين كما إذا كان المروي عنه محمد بن مسلم « معجم رجال الحديث
11 :165 »
(4) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 257 ، والحر العاملي في وسائل الشيعة5: 220/ 1 .
( 261 )
ابن أبي جيد القميّ ، عن محمد بن الحسن ، عن الحسين بن الحسن بن
أبان ، عن الحسين بن سعيد
(1) .

قال الحسين بن سعيد في كتاب الصلاة : عن صفوان وفضالة ، عن
العلاء ، عن محمد
(2) ، عن أحدهما عليهما السلام قال : « الاستخارة في
كلّ ركعة من الزوال »
(3) .

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس :
رأيت حديث الحسن بن محبوب المذكور في نسخة عتيقة ، تأريخ كتابتها شهر
ربيع الأول سنة أربع عشر وثلثمائة ، ورأيت حديث الحسين بن سعيد في
نسخةٍ لعلها في زمن الحسين بن سعيد ، عليها خط جدي أبي جعفر الطوسيّ
بانّه قد قرأها ، والحسن بن محبوب والحسين بن سعيد من أعيان أصحابنا
الثقات ، ومعتمدٌ عليهما في الروايات .

قال جدي أبو جعفر الطوسي في كتاب الفهرست : الحسن بن محبوب
السراد ، ويقال : الزراد ، ويكنى أبا علي ، مولى بجيلة ، كوفي ثقة ، روى
عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، وروى عن ستّين رجلاً من أصحاب أبي
عبدالله عليه السلام وكان جليل القدر ، يعدّ في الأركان الأربعة في
عصره
(4).

وقال جدي أبو جعفر الطوسي أيضاً في كتاب الفهرست : الحسين بن
سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران ، من موالي علي بن الحسين عليهما
____________
(1) فهرست الشيخ : 58 / 220 .
(2) هومحمد بن مسلم ، أنظر « هداية المحدثين : 253 » .
(3) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 257 ، والحر العاملي في وسائل الشيعة5: 220/
2.
(4) فهرست الشيخ : 46 / 151 .
( 262 )
السلام ، الأهوازي ، ثقة ، روى عن الرضا عليه السلام وعن أبي جعفر الثاني
وأبي الحسن الثالث عليهما السلام
(1) .

وأمّا العلاء بن رزين ومحمد بن مسلم فهما أيضاً من ثقات الأصحاب ،
وقد ذكرنا ذلك الان كي لا ينفر من الاستخارة في ركعات الزوال من لم يعرف
تفصيل هذه الأسباب ، العدد الذي يريد اللهّ جلّ جلاله وصوله إليه .
____________
(1) فهرست الشيخ : 58 / 220 .
( 263 )
الباب التاسع عشر

وجدت في كتاب عتيق فيه دعوات وروايات من طريق أصحابنا تغمدهم
الله جل جلاله بالرحمات ما هذا لفظه :

تكتب في رقعتين في كلّ واحدة بسم الله الرحمن الرحيم ، خيرة من
الله العزيز الحكيم لعبده فلان بن فلان . وتذكر حاجتك ، وتقول في آخرها :
أفعل يا مولاي . وفي الاخرى : أتوقّف يا مولاي . واجعل كلّ واحدة من
الرقاع في بندقةٍ من طين ، وتقرأ عليها الحمد سبع مرّات ، وقل أعوذ بربّ
الفلق سبع مرّات ، وسورة والضحى سبع مرات ، وتطرح البندقتين في إناء فيه
ماء بين يديك ، فأيّهما انشقت
(1)ووقفت قبل الاخرى فخذهاواعمل بما فيها إنْ
شاء الله تعالى
(2) .
____________
(1) في البحار : انبعث [ انبثقت ] ، وفي المستدرك : انبثقت ، وفي نسخة : انبعث .
(2) نقله المجلسي في بحار الأنوار 1 9 : 238 / 3 ، والنوري في مستدرك الوسائل 1 : 450/
2.
( 264 )
فصل :

ووجدت بخط الشيخ علي بن يحيى الحافظ
(1)ـ ولنا منه إجازة بكل
ما يرويه - ما هذا لفظه :
إستخارة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.

وهي أن تضمر ما شئت وتكتب هذه الاستخارة وتجعلها في رقعتين ،
وتجعلهما في مثل البندق ، ويكون بالميزان
(2) ، وتضعهما في إناء فيه ماء ،
ويكون على ظهر أحدهما : ( إفعل ) والاُخرى : ( لا تفعل ) ، وهذه
كتابتها : « ما شاء الله كان ، اللهمَّ إني أستخيرك خيار من فوَّض إليك أمره ،
وأسلم إليك نفسه ، واستسلم إليك في أمره ، وخلا لك وجهه
(3) ، وتوكّل
عليك فيما نزل به . اللهم خرلي ولاتخرعلَي ، وكن لي ولاتكن علي ،
وانصرني ولا تنصر علَيَّ ، واعني ولا تعن عليّ ، وأمكني ولا تمكّن مني ،
واهدني إلى الخير ولا تضلني ، وأرضني بقضائك ، وبارك لي في قدرك ،
إنّك تفعل ما تشاء ، وتحكم ماتريد ، وأنت على كلّ شيء قدير .
____________
(1) في « د » الخياط ، وهو علي بن يحيى الحافظ ، قال عنه الأفندي :« فقيه عالم جليل القدر ،
يروي عنه عربي بن مسافر العبادي وعنه يروي السيد ابن طاووس إجازة ، والظاهر انه بعينه
الشيخ أبي الحسن علي بن يحيى الخياط الاتي » الذي عنونه أيضاً ، واستظهر اتحادهما
قائلاً : « لا يبعد عندي اتحاده مع الشيخ علي بن يحيى الحافظ المذكورآنفاً ، بل لعل
الحافظ تصحيف الخياط ، فلاحظ » .
أُنظر « رياض العلماء 4 : 286 ، الأنوار الساطعة : 118 » .
(2) أي اجعلهما متساويتين بان تزنهما بالميزان . « من بيان البحار » .
(3) أي لم يتوجه بوجه الى غيرك في حاجة ، قال الكفعمي [ في المصباح : 396 ] : اي أقبل
عليك بقلبه وجميع جوارحه وليس في نفسه شيء سواك في خلوته ، وفي الحديث : اسلمت
وجهي لله وتخليت أي تبرأت من الشرك وانقطعت عنه ، والعرب تذكر الوجه وتريد صاحبه ،
فيقولون : أكرم الله وجهك أي أكرمك الله ، وقال سبحانه : « كل شيء هالك إلأ وجهه » أي
إلأ إياه « من بيان البحار » .
( 265 )

اللهمّ إنْ كانت لي الخيرة في أمري هذا في ديني ودنياي وعاقبة أمري
فسهّله لي ، وإن كان غير ذلك فاصرفه عني يا أرحم الراحمين ، إنّك على
كلّ شيء قدير» فأيّهما طلع على وجه الماء فافعل به ، ولا تخالفه إنْ شاء اللهّ
تعالى ، وحسبنا الله ونعم الوكيل
(1) .
فصل :

ورأيت بخطّي على المصباح ، وما أذكر الآن من رواه لي ولا من أين
نقلته ، ما هذا لفظه :
الاستخارة المصريّة عن مولانا الحجّة صاحب الزمان عليه السلام :

تكتب في رقعتين « خيرة من الله ورسوله لفلان بن فلانة »
(2) وتكتب في
احداهما ( إفعل ) وفي الاخرى ( لا تفعل ) ، وتترك في بندقتين من طين ،
وترمى في قدح فيه ماء ، ثمّ تتطهّروتصلّي ، وتدعوعقيبهما :

اللهم إني أستخيرك خيار من فوَض إليك أمره ، وأسلم إليك نفسه ،
وتوكّل عليك في أمره ، واستسلم بك
(3) فيما نزل به من أمره ، اللهمَّ خر لي
ولا تخر علَي ، واعني ولا تعن علي ، ومكّني ولا تمكّن مني ، واهدني للخير
ولا تضلني ، وأرضني بقضائك ، وبارك لي في قدرك ، إنّك تفعل ما تشاء
وتعطي ما تريد ، اللهم إنْ كانت الخيرة لي في أمري هذا وهو كذا وكذا ،
فمكّني منه ، وأقدرني عليه ، وأمرني بفعله ، وأوضح لي طريق الهداية إليه ،
وإنْ كان اللهم غير ذلك فاصرفه عني إلى الذي هو خير لي منه ، فإنّك تقدر
____________
(1) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 238 / 4 ، والحر العاملي في وسائل الشيعة5:
211 / 4 ، ونقل الكفعمي في المصباح : 395 الدعاء فقط عن السيد ابن باقي في
اختياره .
(2) في « م » والوسائل : لفلان بن فلان .
(3) كذا في النسخ ، والظاهر أن الصواب : لك .
( 266 )
ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علاّم الغيوب ، يا أرحم الراحمين .

ثمّ تسجد وتقول فيها : أستخير اللهّ خيرة في عافية . مائة مرّة ، ثمَّ ترفع
رأسك ، وتتوقَّع البنادق ، فإذا خرجت الرقعة من الماء فاعمل
(1) بمقتضاها إنْ
شاء الله تعالى
(2) .

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : وقد
تقدّم ترجيحنا للاستخارة بالستّ الرقاع على سائر الاستخارات ، ولعلّ
استخارة البنادق والماء
(3)لمن يكون له عذر عن الاستخارة بالرقاع الستّ ،
جمعاً بين الروايات ، أو يكون على سبيل التخيير لمن لا يريد الكشف بالستّ
الرقاع وزيادة الانتفاع .
____________
(1) في « د » : فافعل .
(2) نقله المجلسي في بحار الأنوار 91: 239/ 5 ، والحر العاملي في وسائل الشيعة5:
211/ 5.
(3) فن « م » زيا دة : يكون .