اختر اللون المناسب لأرضية الصفحة

- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 2 ص 267 : -

فصل ( 8 ) فيما نذكره من جواب من سأل عمافى يوم الغدير من الفضل


وقصر فهمه عما ذكرناه في ذلك من الفضل اعلم ان من التنبيه على ان فضل يوم الغدير ما عرف مثله بعده ولا قبله لأحد من الأوصياء والاعيان فيما مضى من الازمان وجوه : منها : ان الله جل جلاله جعل نفس علي عليه السلام نفس النبي صلى الله عليه وآله في آية المبالهة ، فقال تعالى : ( فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءناو نساءكم وانفسنا وانفسكم ) (2) .

وقد ذكرنا في الطرائف عن المخالف ان الابناء الحسن والحسين ، والنساء فاطمة ،
 

 

* هامش *

 

 

(1) آل عمران : 61 . ( * )

 

 

- ص 266 -

وأنفسنا على بن أبى طالب صلوات الله عليهم (1) ، فمنها جرى من التعظيم لنفس رسول الله ، فمولانا على عليه السلام داخل فيما يمكن فيه من ذلك المقام ، ولو اقتصرنا على هذا الوجه الكبير لكفى في تعظيم يوم الغدير .

ومنها : اننا روينا في الطرائف ايضا عن المخالف ، ان نور على من نور النبي صلى الله عليه وآله في اصل خلقتها ، وان ذلك ينبه على تعظيم منزلتهما (2) .

ومنها : ان مولانا عليا صلوات الله عليه في امته .

ومنها : ان كلما عصمت حرمة المنصوص عليه بالخلافة كان ذلك تعظيما لمن كان عنه ، ومولانا على عليه السلام نائب عن الله ورسوله في كل رحمة ورأفة وامانا من مخافة .
 

ومنها : ان الله جل جلاله قال : ( كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) (3) ، فيكون على عليه السلام بمقتضى هذا الوصف الذى لا يجحد ولا ينكر ، الرئيس من الله ورسوله صلى الله عليه وآله على هذه الامة ، التى هي خير الامم اعظم من كل رئيس في شرف القدم وعلو الهمم وكمال القسم .


ومنها : ان الامتحان بنص الله جل جلاله ورسوله صلوات الله عليه على مولانا على بن أبى طالب عليه السلام ، وجدناه اعظم من كل امتحان عرفناه للأوصياء لأجل ما اتفق لمولانا على صلوات الله عليه من كثرة الحاسدين واعداء الدين ، الذين عاداهم وجاهدهم في الله رب العالمين وفى نصرة سيد المرسلين ، وقد شهدت عدالة الالباب ان المنازل في الفضل تزيد بزيادة الامتحان الوارد من جانب مالك الأسباب .


ومنها : ان مولانا عليا عليه السلام وقى النبي صلى الله عليه وآله وحفظ الاسلام والمسلمين في عدة مقامات ، عجز عنها كثير من قوة العالمين ، فجازاه جل جلاله ورسوله
 

 

* هامش *

 

 

(1) الطرائف : 129 ، رواه الطبري في تفسيره 22 : 7 ، الحسكاني في شواهد التى نزيل 2 : 16 و 17 ، مسلم في صحيحه 4 : 1871 ،
     النسائي في الخصائص : 4 ، القندوزى في ينابع المودة : 107 - 109 ، الخوارزمي في المناقب : 22 - 25 .
(2) الطرائف : 15 ، فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل : 205 - على مافى احقاق الحق 5 : 243 - ،
     كتاب الفردوس في باب الخاء - على مافى الاحقاق 4 : 92 - المناقب لابن المغازلى : 79 ، العمدة : 44 .
(3)
آل عمران : 110 . ( * )

 

- ص 267 -

صلوات الله عليه شرف ذلك الفضل المبين بهذا المقام المكين مثل انه بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة ، وقد عجز عنها كل من قرب منه وكانوا بين هارب أو عاجز عنه فكلما جرى بلمهاجرة من الشهادة في الدنيا والاخرة ، فمولانا حيث فداه بمهجته اصل الفوائد بنبوته (1) .


ومنها : اداؤه سورة برائة ونبذ عهود المشركين ، لما نزل الى خاتم النبيين انه لا يؤديها الا أنت أو رجل منك ، فكان القائم مقام النبوة مولانا على أمير المؤمنين عليه السلام (2) .
 

ومنها : مقامات مولانا على عليه السلام في بدر وخبير وحنين وفى احد ، وفى كل موقف كان يمكن أن يخذل الوالد للولد (3)
 

ومنها : قتل مولانا على صلوات الله عليه لعمروبن عبدود ، العظيم الشأن ، وقد روينا في الطرائف عن المخالف ان النبي صلى الله عليه وآله قال : لضربة على لعمروبن عبدود أفضل من عمل امتى الى يوم القيامة (4) ،


وكذلك قال النبي صلوات الله عليه لما برز مولانا على إليه : برز الاسلام كله الى الكفر كله ، فما ظنك برجل يرى النبي صلوات الله عليه انه هو الاسلام كله ، وكيف يدرك بالبيان والتيبان فضله ، ولله در القائل :

 يفنى الكلام ولا يحيط بوصفه * أيحيط ما يفنى بمالا ينفد


ومنها : ان الله جل جلاله جعل النص منه جل جلاله ومن رسوله صلوات الله عليه بالخلافة لعلى صلوات الله عليه يقوم مقام جميع فضل الرسالة ، وهذا مقام لا يبلغ وصفى حقيقته ، فقال جل جلاله : ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) (5) ،
 

 

* هامش *

 

 

(1) راجع الطرائف : 36 ، مسند احمد بن حنبل 1 : 331 ، عنه البحار 36 : 41 والعمدة : 123 ، الحقاق الحق 6 : 476 عن الثعلبي .
(2) راجع الطرائف : 38 ، عن مسند احمد بن حنبل 3 : 283 ، احقاق الحق عن الفاضل لأحمد بن حنبل 3 : 428 ، ذخائر العقبى : 69 ،
     تفسير ابن كثير 2 : 322 صحيح بخارى 5 : 202 ، احقاق الحق 3 : 430 عن تفسير الثعلبي .
(3)
راجع الطرائف : 55 - 59 ، صحيح بخارى 5 : 76 - 77 ، صحيح مسلم 4 : 187 ، مسند احمد 5 : 333 ، صحيح ترمذى 13 : 171
(4)
الطرائف : 60 ، عن مناقب الخوارزمي : 58 ، وفيه لمبارزة على .
(5)
المائدة : 67 . ( * )

 

- ص 268 -

وقد ذكرنا في الطرائف عن المخالف وفى هذا الكتاب ان المراد بهذه الاية ولاية على صلوات الله عليه يوم الغدير من غير ارتياب (1) .

ومنها : ان عناية الله جل جلاله بمولانا على عليه السلام بلغت بتكرار الايات والمعجزات والكرامات الى ان ادعى فيه خلق عظيم باقون الى هذه الاوقات ما ادعى بعض النصارى في عيسى صلوات الله عليه ، وانه رب العالمين الذى يجب ان توجه العبادات إليه .


ومنها : ان مولانا عليا عليه السلام عذب الذين ادعوا فيه الالية كما امره صاحب النبوة الربانية ، ولم يزدهم تعذيبه لهم الا ملزما بانه رب العالمين وما عرفنا ان معبودا عذب من يعبده بمثل ذلك العذاب ، وهو مقيم على عبادته بالجد والاجتهاد ، فكان ذلك تنبيها على ان ظهور فضله خرق العقول والبصائر حتى بلغ الى هذا الأمر الباهر .


وما يقدر على شرح فضائل مولانا على عليه السلام على التفضيل ، وقد ذكرنا في الطرائف وجوها دالة على مقامه الجليل ، وقد نطق القرآن الشريف بنعم الله تعالى على عباده مطلقا على التجميل ، فقال تعالى : ( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) (2) ، فهذا يكون من تلك النعم التى لا تحصى لأنه عليه السلام رئيس القوم الذين ظهروا بها وحصلوها .


 

 

* هامش *

 

 

(1) راجع الطرائف : 145 - 153 .

(2) ابراهيم : 34 . ( * )


 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال أشهر السنة

 

فهرس الكتاب