- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 2 ص 368 : -
فصل ( 6 )
فيما نذكره في اليوم الرابع والعشرين من ذى الحجة ايضا
لأهل المواسم من المراسم وصدقة مولانا على عليه السلام بالخاتم
اعلم ان في مثل هذا يوم المباهلة ، اطلق الله جل جلاله مواهب ومراتب فاضلة
لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، فينبغي ان يعرف منها ما يبلغ جهد الناظر
إليه .
منها : انه يوم تصدق فيه مولانا على عليه السلام على السائل بخاتمه وهو راكع ،
حتى انزل جل جلاله على رسوله محمد صلوات الله عليه وسلامه :
( يا ايها الذين آمنوا من
يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ، اذلة على
المؤمنين اعزة على الكافرين
، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك
فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين
آمنوا
فان حزب الله هم الغالبون
) (2) فكانت هذه الايات بما اشتملت عليه من الصفات ، نصا من الله جل
جلاله صريحا على مولانا على بن ابى طالب عليه السلام بالولاية من رب العالمين
وعن سيد المرسلين
* هامش *
(2)
المائدة : 54 - 57 . ( * )
- ص 369 -
وانه أمير المؤمنين . فمن الصفات فيها قوله جل
جلاله : ( من يرتد منكم عن
دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) .
وقد شهد
من روى هذه الايات من المخالف والمؤالف ان النبي صلى الله عليه وآله قال
لمولانا على عليه السلام لم انهزم المسلمون في خيبر : (
لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرار ،
لا يرجع حتى يفتح الله عليه ) (1) ،
وقال النبي عليه السلام في حديث الطائر : ( اللهم ائتنى بأحب خلقك
اليك يأكل معى من هذا الطائر ) (2) . فكان مولانا على سلام الله عليه هو المشهود
له بهذه المحبة الباهرة والصفة الظاهرة .
ومن الصفات قوله جل جلاله : (
اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين
) . ولم يجمع هاتان الصفتان المتضاديان في احد من
القرابة والصحابة الا في مولانا على صلوات الله عليه ، فانه عليه السلام كان في
حال التفرغ من الحروب على الصفات
المكملة من الذل لعلام الغيوب وحسن صحابة المؤمنين والرحمة للضعفاء والمساكين ،
وكان في حال الحرب على ما هو معلوم من الشدة على الكافرين ، والاقدام على كل
هول في ملاقات الابطال والظالمين ، حتى ان من يراه في حال احتمال
اهوال الجهاد يكاد ان يقول : هذا الذى رأيناه من قبل من اذل العباد والزهاد .
ومن الصفات قوله جل جلاله : (
يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم
) .
وما عرفنا ابدا ان احدا من القرابة الذى نازعوه في امامته ورياسته ، الا وكان
له في الامور العظائم موقف اقدام وموقف احجام الا مولانا على صلوات الله عليه ،
فانه كان على صفة واحدة في الاقدام عند العظائم ، لا يخاف لومة لائم منذ بعث
النبي صلوات الله عليه الى العباد والى حين انتقل مولانا على
عليه السلام الى سلطان المعاد . ومن الصفات وصف الله جل جلاله :
( اولئك الذين يجاهدون في
سبيله ولا يخافون لومة
لائم )
بالاية التى بعدها بغير فصل بلفظ خاص كشف
فيه مراده جل جلاله لأهل البصائر والمعالم ،
فقال : (
انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون
الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) . فبدء بولاية
الله جل جلاله التى هي شاملة على جميع الخلائق ، ثم بولاية رسوله صلوات الله
عليه على ذلك الوصف السابق ، ثم بولاية الذى تصدق
بخاتمه وهو راكع ، على الوصف
الواضح اللاحق ، فكيف يحسن المكابرة بعد هذا الكشف لأهل الحقائق بمحكم القرآن
الناطق . ومن الصفات قوله جل جلاله : (
ومن يتول الله ورسوله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون
) .
وهذا اطلاق لهؤلاء الموصوفين بالغلبة العامة والحجة التامة ، وهى صفة من يكون
معصوما في المسالك والمذاهب ، ولم يدع عصمة واجبة لأحد نازع مولانا على عليه
السلام في شئ من المراتب والمناصب ، فكانت هذه الايات دالة على ان مولانا عليا
صلوات الله عليه المراد بها فيما تضمنته من الولايات .