|
|
فصل
( 93 ) فيما نذكره من عمل ليلة سبع وعشرين من رجب اعلم ان من افضل الاعمال فيها
زيارة مولانا علي امير المؤمنين عليه السلام فيزار فيها زيارة رجب أو بغيرها
مما أشرنا إليه ومن عمل هذه الليلة مما روينا عن الثقات في عدة روايات : منها :
ما رواه محمد بن علي الطرازي فقال في كتابه ما هذا لفظه : عدة من اصحابنا
قالوا : حدثنا القاضي عبد الباقي بن قانع بن مروان ، قال ، حدثني مروان ، قال : حدثني محمد بن زكريا الغلابي ، قال : حدثنا محمد بن عفير العنبي ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام . وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله رحمه الله املاء ببغداد ، قال : حدثنا جعفر بن علي بن سهل بن فروخ أبو الفضل
الدقاق ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن زكريا الغلابي ، قال : حدثنا محمد بن عفير الضبي ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : قال : ان في رجب ليلة هي خير للناس مما طلعت عليه الشمس وهي ليلة سبع وعشرين منه ، نبئ رسول الله صلى الله عليه وآله في صبيحتها ، وان للعامل فيها اصلحك الله من شيعتنا مثل اجر عمل ستين سنة ، قيل : وما العمل فيها ؟ قال : إذا صليت العشاء الآخرة واخذت مضجعك ثم استيقظت أي ساعة من ساعات الليل كانت قبل زواله أو بعده ، صليت اثني عشر ركعة باثنتي عشر سورة من خفاف المفصل من بعد يس الى الحمد . فإذا فرغت بعد كل شفع جلست بعد التسليم وقرأت الحمد سبعا ، والمعوذتين سبعا ، و ( قل هو الله احد ) سبعا ، و ( قل يا ايها الكافرون ) سبعا ، و ( انا انزلناه ) سبعا ، وآية الكرسي سبعا ، وقلت بعد ذلك من الدعاء : الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ، اللهم اني أسألك بمعاقد العز على اركان عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك ، وباسمك الاعظم الاعظم الاعظم ، وبذكرك الاعلى الاعلى الاعلى ، وبكلماتك التامات التي تمت صدقا
وعدلا ان تصلي على محمد وآل محمد وان تفعل بي ما انت اهله . وادع بما
شئت ( 1 ) فانك لا تدعو بشئ الا اجبت ، ما لم تدع بمأثم أو قطيعة رحم أو
هلاك قوم مؤمنين وتصبح صائما وانه يستحب لك صومه فانه يعادل صوم سنة ( 1 ) . فصل ( 94 ) فيما نذكره من صلاة اخري في ليلة سبع وعشرين من رجب رويناها باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن صالح بن عقبة عن أبي الحسن عليه السلام انه قال : صل ليلة سبع وعشرين من رجب أي وقت شئت من الليل اثنتي عشر ركعة ، وتقرء في كل ركعة الحمد والمعوذتين و ( قل
هو الله احد ) اربع مرات ، فإذا فرغت قلت وانت في مكانك اربع مرات : لا إله إلا
الله والله أكبر الحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
، ثم ادع بما شئت (
يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( سبح اسم ) عشر مرات ، و ( انا انزلنا في ليلة القدر ) عشر مرات ، فإذا فرغ من صلاته صلى على النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة ، واستغفر الله تعالى مائة مرة ، كتب الله سبحانه وتعالى له ثواب عبادة الملائكة ( 4 ) . اقول : وقد تقدمت روايتنا في ليلة النصف من رجب عن حريز بن
عبد الله عن
الصادق عليه السلام باثنتي عشرة ركعة على الوصف الذي ذكرناه . ذكر محمد بن علي الطرازي انها تصلى ليلة سبع وعشرين من رجب ايضا ، وقال : فإذا فرغت قرأت وانت جالس الحمد اربع مرات ، وسورة الفلق اربعا والاخلاص اربعا ، ثم قال : : الله الله ربي لا اشرك به شيئا اربع مرات ، ثم ادع بما تريده .
رب العالمين الى الخلائق اجمعين ، كانت السعادة باشراق شموسها وتعظيمها وتقديمها على قدر ما أحيى الله جل جلاله بنبوته من موات الألباب وأظهر بقدس رسالته من الآداب وفتح بهدايته من الأبواب الى الصواب . وذلك مقام يعجز عن بيانه منطق اللسان والقلم والكتاب ، ولا تحصيه الخواطر ولا تطلع على معانيه البصائر ، ولا تعرف له عددا ، ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا . ) ( 1 ) . وانت إذا انصفت علمت ان الامم كانت تائهة في الضلال وقد احاط بهم استحقاق الاستيصال ، وقد كانت اليهود في قيود ضلالها لمخالفة موسى عليه السلام ، والنصارى هالكة بسوء مقالها في عيسى عليه السلام ، والعرب ومن تابعها سالكة سبيل الدواب والانعام وفاقدة لفوائد الاحلام بعبادة الاصنام ، وبحر الغضب من الله جل جلاله قد اشرف على ارواح اهل
العدوان ، وامواج العطب قد احاطت بنفوس ذوي الطغيان ، ونيران العذاب قد تعلقت
بالرقات وسعت الى الفتك بالاجساد ، ورسل الانتقام قد اشمتت بأهل الإلحاد
والعناد وقلوب الأعداء والحساد وأهل الضلال وذووا
غيون غير ناظرة وعقول غير حاضرة وقلوب غير باصرة وجوارح غير ناضرة ، وقد خذل بعض بعضا بلسان الحال من شدة تلك الأهوال . فبعث محمدا صلى الله عليه وآله من مجلس الغضب والمقت والعذاب وانكاله الى الامم المتعرضة بتعجيل العقاب واستيصاله ، وهو واحد في العيان منفرد عن الاخوان والاعوان ، يريد مقاتلة جميع من في الوجود من اهل الجحود ، برأي قد احتوى على مسالك الآراء واستوى على ممالك الأقوياء ، وجنان قد خضع له امكان الابطال ، وبيان قد خشع له لسان اهل المقال والفعال ، ونور قد رجعت جيوش الظلمات به مكسورة ورؤوس الجهالات بلهبه مقهورة ، وقدم قد مشى على الرؤوس والنفوس وهم ( 1 ) قد حكمت بازالة الضرر والنحوس . فسرى نسيم ارج ( 2 ) ذلك التمكين والتلقين ، وروج حياة ذلك السبق للاولين والآخرين ، في اليوم السابع والعشرين من رجب بالعجب وشرف المنقلب ، فاستنشقه ( 3 ) عقول كانت هامدة أو بائدة ، واستيقظت به قلوب كانت راقدة ، وجرى شراب العافية بكأس آرائه العالية في اماكن اسقام الانام فطردها واحاط بجيوش النحوس فشردها ، وتهدد نفوس العقول المتهجمة على العقول فأبعدها ، حتى الفها بعد الافتراق في الآفاق وعطفها على الوفاق والاتفاق واجلسها على بساط الوداد والاتحاد وحماها عن مهاوي الهلكة والفساد . فما ظنك بمن هذا بعض أوصافه ، ومن ذا يقدر على شرح ما شرفه الله جل جلاله به من الطافه ، وبأي بيان أو لسان أو جنان يقدر على وصف مواهبه واسعافه ، ولقد دعونا العقل الى الكشف فذهل ، فدعونا القلب الى الوصف فوجل ، فدعونا اللسان الى البيان فاستقال ، فدعونا القلم الى الامكان فذل وتزلزل وزال ،
فدعونا الجوارح جارحة بعد جارحة فشردت عنا هاربة ونازحة .
فاستسلمنا لما يدل عليه لسان الحال من كمال ذلك الاقبال واستعنا بصاحب القوة المعظمة لذاته ان يعرفنا قدر ذلك اليوم السعيد وجسيم هباته وصلاته ، وان يعلمنا كيفية الشكر على ما عجزنا عن وصفه ، ويلهمنا كشف ما اقررنا بالقصور عن كشفه ، ويقبل بنا على ماريد من القبول وتعظيم المرسل والرسول .
ومما رويناه في تعظيم صوم هذا اليوم باسنادنا الى شيخنا المفيد رحمه الله فيما ذكره في التواريخ الشرعية من نسخة قد كتبت في حياته عند ذكر رجب فقال ما هذا لفظه : وفي اليوم السابع والعشرين منه كان مبعث النبي صلى الله عليه وآله ، ومن صامه كتب الله له صيام ستين سنة .
وروينا باسنادنا الى أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه فيما رواه
عن الحسن بن راشد قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : غير هذه الاعياد شئ ؟
قال : نعم أشرفها وأكملها ، اليوم الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ،
قال : قلت : فأي يوم هو ؟
قال : ان الايلام تدور وهو يوم السبت لسبع وعشرين من رجب ، قال : قلت : فما نفعل فيه ؟ قال : تصوم وتكثر الصلاة على محمد وآله عليهم السلام ( 1 ) . وذكر الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وفي اماليه عن النبي صلى الله عليه وآله فقال : ومن صام من رجب سبعة وعشرين يوما أوسع الله عليه القبر مسيرة اربعمائة عام ، وملأ جميع ذلك مسكا وعنبرا ( 2 ) .
ذكر ان صومه بستين شهرا فيحتمل ان يكون معناه ان صومه يعدل ثواب ما يعمل الانسان في الستين شهرا من جميع طاعاته ، وذلك عظيم لا يعلم تفصيله الا الله العالم لذاته ولم يقل في الحديث انه يعدل صوم ستين شهرا . ويحتمل ايضا إذا حملناه ان يعدل ثواب صوم ستين شهرا ، ان يكون مقدار ثوبا الصائمين لهذا اليوم العظيم قدرا على ما يبلغه كل صائم له من الطريق التي يعرف بها فضله ، فان المطيعين لرب العالمين ولسيد المرسلين يتضاعف اعمالهم بحسب تفاضلهم في اليقين واخلاص المتقين والمراقبين ، فيكون الثواب الضعيف في التعريف ستين شهرا لقصوره عن معرفة قدر هذا الثواب الشريف . وينبه على ذلك ما ذكره جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : لا تدع صوم سبعة وعشرين من رجب فانه اليوم الذي انزلت فيه النبوة
على محمد صلى الله عليه وآله وثوابه مثل ستين شهرا
لكم ( 1 ) . اقول : وفي قوله عليه السلام : مثل ستين شهرا لكم ، اشارة واحتمال لما ذكرناه من تأويل هذا المقال . وذكر أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب المرشد ، وهو كتاب حسن ، ما هذا لفظه : وفي سبعة وعشرين نزلت النبوة على النبي صلى الله عليه وآله وثوابه كفارة ستين شهرا ، هذا لفظه : نزلت النبوة .
عامة في الشهر كله ، فيزار مولانا علي عليه السلام بها أو بغيرها مما ذكرناه في كتاب مصباح الزائر ، فقد ذكرنا فيه زيارة تختص بهذا اليوم وعظيم فضله . واما الصلوات فيه : فذكر شيخنا المفيد في الرسالة العزية صلاة يوم المبعث وقال : انها تصلي صدر النهار ، وقال الشيخ سلمان بن الحسن في كتاب البداية عند ذكر صلاة يوم المبعث انها تصلي قبل الزوال . فأحببت أن يكون عند العامل بذلك معرفة بهذه الحال ، وسيأتي في رواية ابن يعقوب الكليني انه يصليها أي وقت شاء ، يعني من يوم المبعث . ونحن نذكره منها عدة روايات وان اتفقت في عدد الركعات فانها تختلف في بعض المرادات . فمن ذلك ما رواه محمد بن علي الطرازي رحمه الله في كتابه فقال
: صلاة يوم سبعة وعشرين من رجب ، وهو اليوم الذي بعث فيه سيدنا رسول الله صلى
الله عليه وآله ، أبو
العباس احمد بن علي بن نوح رضي الله عنه قال : حدثني أبو احمد المحسن بن عبد الحكم السنجري ، وكتبته من اصل كتابه ، قال في نسخته : نسخت من كتاب أبي نصر جعفر بن محمد بن الحسن بن الهيثم ، وذكر انه خرج من جهة أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه ، ان الصلاة يوم سبعة وعشرين من رجب اثنتا عشرة ركعة ، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من السور ويسلم ويجلس ويقول بين كل ركعتين : الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ، يا عدتي في مدتي ويا صاحبي في شدتي ، يا وليي في نعمتي يا غياثي في رغبتي ، يا مجيبي في حاجتي ، يا حافظي في غيبتي ، يا كالئي في وحدتي ، يا انسي في وحشتي . أنت الساتر عورتي ، فلك الحمد ، وانت المقيل عثرتي فلك الحمد ، وانت المنفس صرعتي فلك الحمد ، صل على محمد وآل محمد واستر عورتي ، واقلني عثرتي ، واصفح عن جرمي وتجاوز عن سيئاتي في أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون . فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد و ( قل هو الله احد ) و ( قل يا ايها الكافرون ) والمعوذتين و ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) وآية الكرسي سبعا سبعا ، ثم تقول : الله الله ربي لا اشرك به شيئا ، سبع مرات ، ثم ادع بما احببت .
عليه وآله ، من صلى فيه أي وقت شاء اثني عشر ركعة ، يقرء في
كل ركعة بام الكتاب ويس ، فإذا فرغ جلس مكانه ثم قرأ ام القرآن اربع مرات ،
فإذا فرغ وهو في مكانه قال : لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان
الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم - اربع مرات ، ثم يقول : الله ربي
لا اشرك به شيئا ، اربع مرات ، ثم تدعو ، فانك لا تدعو
بشئ الا استجيب لك في كل حاجة ، الا ان تدعو في جائحة ( 1 ) قوم أو قطيعة رحم ( 2 ) . اقول : وينبغي ان تزور سيدنا رسول الله ومولانا علي بن أبي طالب عليهما السلام في يوم المبعث بالزيارتين اللتين ذكرناهما لهما عليهما السلام في عمل اليوم السابع عشر من ربيع الأول من هذا الجزء . اقول : ومن الصلاة في اليوم السابع والعشرين من رجب الموافقة لبعض الروايات في شئ من المرادات والمفارقة لها في بعض الصفات ، ما رويناه باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه باسناده الى الريان بن الصلت قال : صام أبو جعفر الثاني عليه السلام لما كان ببغداد يوم النصف من رجب ويوم سبع وعشرين منه ، وصام جميع حشمه وأمرنا أن نصلي الصلاة التي هي اثنتا عشرة ركعة ، يقرء في كل ركعة بالحمد وسورة ، فإذا فرغت قرأت الحمد اربعا و ( قل هو الله احد ) والمعوذتين اربعا وقلت : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم - اربعا ، الله ربي لا اشرك به شيئا - اربعا ، لا اشرك بربي احدا - اربعا ( 3 ) .
وتقول بين كل ركعتين : الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن
له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ، يا عدتي في مدتي ، ويا
صاحبي في شدتي ،
ويا وليي في نعمتي ، ويا غياثي في رغبتي ، يا نجاتي في حاجتي
، يا حافظي في غيبتي ، يا كالئي في وحدتي ، يا انسي على محمد وآل محمد واستر عورتي وآمن روعتي ، واقلني عثرتي واصفح عن جرمي ، وتجاوز عن سيأتي ، في اصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون . فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد والاخلاص والمعوذتين و ( قل يا ايها الكافرون ، وانا انزلناه ) وآية الكرسي سبع مرات ثم تقول : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله - سبع مرات ، ثم تقول سبع مرات : الله الله ربي لا اشرك به شيئا ، وتدعو بما أحببت ( 1 ) .
نبيه محمدا صلى الله عليه وآله فعظمه وشرفه وقسم فيه جزيل الثواب وآمن فيه من عظيم العقاب ، فورد عن آل الرسول صلى الله عليه وآله وعليهم انه من صلى فيه اثنتي عشرة ركعة ، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة يس ، فإذا فرغ منها جلس في مكانه ، ثم قرأ ام الكتاب اربع مرات وسورة الاخلاص والمعوذتين ، كل واحدة منهن اربع مرات ، ثم قال : الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله - اربع مرات ، ثم قال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، الله الله ربي لا اشرك به شيئا
- اربع مرات ، ثم يدعو ، فلا يدعو بشئ الا استجيب له الا ان يدعو في جائحة ( 2
) قوم أو قطيعة رحم ( 3 ) .
وذكر شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعية مثل هذه الصلاة على السواء ، الا انه قال في آخرها : فإذا فرغ من هذه الصلاة قرء في عقيبها فاتحة الكتاب ثلاث مرات والمعوذات الثلاثة اربع مرات ، وقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر - اربع مرات ، وقال : الله الله ربي لا اشرك به شيئا - اربع مرات ، ثم دعا ، استجيب له في كل ما يدعو به الا ان يدعو بحائحة قوم أو قطيعة رحم ، وهو يوم شريف عظيم البركة ، ويستحب فيه الصدقة والتطوع بالخيرات وادخال السرور على أهل الإيمان ، ويستحب ان يدعو في هذا اليوم ، وهو يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله بهذا الدعاء . ورواه محمد بن علي الطرازي باسناده الى أبي علي بن اسماعيل بن يسار قال : لما حمل موسى عليه السلام الى بغداد وكان ذلك في رجب سنة تسع وسبعين وماءة دعا بهذا الدعاء ، وهو من مذخور ادعية رجب ، وكان ذلك يوم السابع والعشرين منه يوم المبعث صلى الله على المبعوث فيه وآله وسلم ، وهو هذا : يا من امر بالعفو والتجاوز ، وضمن نفسه العفو والتجاوز ، يا من عفى وتجاوز ، اعف عني وتجاوز يا كريم ، اللهم وقد اكدى الطلب واعيت الحيلة والمذهب ودرست الامال وانقطع الرجاء إلا منك وحدك لا شريك لك . اللهم إني اجد سبل المطالب اليك مشرعة ، ومناهل الرجاء لديك مترعة ، وابواب الدعاء لمن دعاك مفتحة ، والاستعانة لمن استعان بك مباحة . واعلم انك لداعيك بموضع اجابة وللصارخ اليك بمرصد اغاثة ، وان في اللهف الى جودك والضمان بعدتك عوضا من منع الباخلين ، ومندوحة عما في ايدي المستأثرين ، وأنك لا تحجب عن خلقك إلا ان تحجبهم الاعمال دونك ، وقد علمت ان افضل زاد الراحل اليك عزم ارادة يختارك بها ، وقد ناجاك بعزم الارادة قلبي . وأسألك بكل دعوة دعاك بها راج بلغته امله ، أو صارخ اليك اغثت صرخته ، أو ملهوف مكروب فرجت كربه ، أو مذنب خاطئ غفرت له ، أو معاف اتممت نعمتك عليه ، أو فقير اهديت غناك إليه ، ولتلك الدعوة عليك حق وعندك منزلة ، الا صليت على محمد وآل محمد وقضيت حوائجي حوائج الدنيا والاخرة . وهذا رجب المرجب المكرم الذي اكرمتنا به ، اول اشهر الحرم ، اكرمتنا به من بين الامم ، يا ذا الجود والكرم ، فنسألك به وباسمك الاعظم الاعظم الاعظم الأجل الاكرم الذي خلقته فاستقر في ظلك فلا يخرج منك الى غيرك ، ان تصلي على محمد واهل بيته الطاهرين ، وتجعلنا من العاملين فيه بطاعتك والآملين فيه بشفاعتك . اللهم واهدنا الى سواء السبيل واجعل مقيلنا عندك خير مقيل في ظل ظليل ، فانك حسبنا ونعم الوكيل ، والسلام على عباده المصطفين وصلاته عليهم اجمعين ، اللهم وبارك لنا في يومنا هذا الذي فضلته وبكرامتك جللته وبالمنزل العظيم الاعلى انزلته ، صل على من فيه الى عبادك ارسلته وبالمحل الكريم احللته . اللهم صل عليه صلاة دائمة تكون لك شكرا ولنا ذخرا ، واجعل لنا من امرنا يسرا ، واختم لنا بالسعادة الى منتهى اجالنا ، وقد قبلت اليسير من اعمالنا وبلغنا برحمتك افضل امالنا انك على كل شئ قدير وصلى الله على محمد وآله وسلم . ومن الدعوات التي نذكرها في اليوم السابع والعشرين من رجب : اللهم إني أسألك بالنجل الاعظمه في هذا اليوم من الشهر المعظم والمرسل والمكرم ان تصلي على محمد وآل محمد وان تغفر لنا ما أنت به منا اعلم ، يا من يعلم ولا يعلم ، اللهم وبارك لنا في يومنا هذا الذي بشرف الرسالة فضلته وبكرامتك اجللته ، وبالمحل الشريف احللته . اللهم فانا نسألك بالمبعث الشريف والسيد اللطيف والعنصر العفيف ان تصلي على محمد وآله ، وان تجعل اعمالنا في هذا اليوم وفي سائر الأيام مقبولة وذنوبنا مغفورة ، وقلوبنا بحسن القبول مسرورة ، وارزاقنا باليسر مدرورة اللهم انك ترى ولا ترى وانت بالمنظر الاعلى وان اليك الرجعى والمنتهى ، ولك الممات والمحيا ، وان لك الآخرة والاولى ، اللهم إنا نعوذ بك ان نذل ونخزى وان نأتي ما عنه تنهى . اللهم إنا نسألك الجنة برحمتك ونستعيذ بك من النار ، فأعذنا منها بقدرتك ، ونسألك من الحور العين ، فارزقنا بعزتك واجعل اوسع ارزاقنا عند كبر سننا ، واحسن عمالنا عند اقتراب آجالنا واطل في طاعتك وما يقرب اليك ويحظي عندك ، ويزلف لديك اعمارنا ، واحسن في جميع احوالنا وامورنا معرفتنا ، ولا تكلنا الى احد من خلقك وتفضل علينا بجميع حوائجنا للدنيا والاخرة وابدأ بآبائنا وامهاتنا وجميع اخواننا المؤمنين في جميع ما سألناك لانفسنا يا ارحم الراحمين . اللهم انا نسألك باسمك العظيم وملكك القديم أن تصلي على محمد وآل محمد وان تغفر لنا الذنب العظيم ، انه لا يغفر العظيم الا العظيم . اللهم وهذا رجب المكرم الذي اكرمتنا به اول اشهر الحرم ، اكرمتنا به من بين الامم فلك الحمد يا ذا الجود والكرم ، اللهم فانا نسألك به وباسمك الاعظم الاعظم الاجل الاكرم الذي خلقته فاستقر في ملكك فلا يخرج منك الى غيرك ، فأسألك ان تصلي على محمد واهل بيته الطاهرين ، وان تجعلنا فيه من العاملين بطاعتك والامنين فيه برعايتك . اللهم اهدنا الى سواء السبيل واجعل مقيلنا عندك خير مقيل في ظل ظليل وملك جزيل ، فانك حسبنا ونعم الوكيل ، اللهم اقلبنا مفلحين منجحين غير مغضوب علينا ولا ضالين ، برحمتك يا ارحم الراحمين . ثم اسجد وقل : الحمد لله الذي هداني لمعرفته ، وخصني بولايته ، ووفقني لطاعته ، شكرا شكرا - مائة مرة . واسأل حاجتك وادع بما تشاء .
الرسالة الشريفة ، ولكنا مكلفون بما نقدر عليه من تعظيم قدرها والاعتراف باحسانها وبرها ، فنضرب لذلك بعض الامثال ، ففيه تنبيه على تعظيم هذه الحال ، فنقول : لو كان المسلمون قد اصيب كل منهم بنحو خطر الكفر الذي كانوا عليه فمنهم فريق قد ألقى في النار وهي توقد عليه ، وفريق قد افتضح بالعار ونودي عليه ، وفريق في مطمورة ( 1 ) غضب الله جل جلاله وانتقامه ، وفريق في حبس مقت الله جل جلاله واصطلامه ، وفريق قد استحق عليه اخذ كلما في يديه . وفريق قد حكمت عليه الذنوب التي اشتملت عليه بالتفريق بينه وبين أولاده العزيزين عليه أو أحبته القريبين لديه ، وفريق قد سقم عقله وقد ادنفه جهله ، وفريق قد مرض قلبه واحاط به ذنبه . وفريق قد ماتت اعضاؤه باضاعة البضاعة التي كانت تحصل لها لو اطاعت ، وفريق قد صارت اعضاؤه اعداء له بما اضاعته وبما تجنيه من المعاصي بحسب ما استطاعت ، وفريق قد اظلمت عليه ظلم الجهالة حتى ما بقي يبصر ما بين يديه من الضلالة ، وفريق أعمى ولا يدري مقدار عماه ، وفريق اخرس ولا يدري انه أخرس وقد صار لسانه مقيدا بسخط مولاه ، وفريق اصم وهو لا يدري انه اصم وهو لا يسمع دعاء من دعاه الى الله جل جلاله وناداه . والبلاد قد احاط بالعباد وضعف عن دفعه قوة أهل الاجتهاد ، فبعث الله جل جلاله رسولا الى هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات ليسلمهم من النكبات والآفات والعاهات وليخلصهم من اخطارها ويطفي عنهم لهب نارها ويغسل عن وجوههم دنس عارها ويبلغ بهم من غايات السعادات ، ما كانوا
قاصرين عنها وبعيدين منها فيما مضى من الاوقات . فينبغي ان يكون الاعتراف
للمرسل والرسول صلوات الله عليه بقدر هذا الانعام الذي لا يبلغ وصفى إليه وان
يكونوا في هذا اليوم مباشرين وشاكرين وذاكرين لمناقبه
وناشرين وباعثين الى بين يديه من الهدايا التي كان هو اصلها وفرعها الى كل من وصلت إليه بحسب ما يقدرون عليه . فقوم يظهرون نبوته ودولته مما يشينها من المآثم والقبائح ، وقوم يعظمون رسالته بزيادة العمل الصالح ، وقوم ينزهون سمعه الشريف ان يبلغه عنهم ما يبعده منهم ، وقوم يكرمون نظره المقدس ان يطلع على ما يكره صدوره عنهم ، وقوم يصلون المندوبان ويهدونها إليه ، وقوم يبالغون في الصلاة والثناء عليه . وقوم يذكرون الله جل جلاله بما يوقعهم له من الاذكار ويهدونها الى باب رسولهم صلوات الله عليه الساكن بها في دار القرار ، وقوم يتعبدون بحسب ما يقدرون ويهدون ذلك ويرون انهم مقصرون . ويكون هذا اليوم عند الجميع بحسب ما
خلصهم به من كل امر فظيع وبحسب ما اصطنع معهم من جليل الصنيع ، ويختمونه
بالتأسف على فواته والتلهف ، كيف لم يكن مستمرا لهم في سعاداته وطاعاته ويسألون
العفو عن التقصير ولو عملوا مهما عملوا ما قاموا وما عرفوا مقدار هذا اليوم
العظيم الكبير .
|
|