|
|
فصل ( 13 ) فيما نذكره مما ينبغي ان يكون العارف عليه من المراقبات ، في اول ليلة من شهر رجب إذا تفرغ من العبادات المرويات المكرمات اعلم ان هذه الليلة موسم جليل المقام جزيل الانعام ، اراد الله جل جلاله من عباده ان يطيعوه في مراده ، بإحيائها بعباداته وطلب اسعاده وانجاده وارفاده وهباته ، فاذكر لو ان ملك زمانك احضرك واطلق عنان امكانك في ان تكون ليلة من عدة شهور حاضرا فيها بين يديه ، لتطلب منه ما تحتاج إليه ، وتكون انت فقيرا في كل امورك إليه ، كيف كنت تكون مع ذلك السلطان ، فاجعل حالك مع الله جل جلاله في هذه الليلة على نحو ذلك الاجتهاد ، بغاية الامكان . ولا تكن حرمة الله جل جلاله وهيبة حضرته وما دعاك إليه من
خدمته وعرض عليك من نعمته ، دون عبد من عباده ، نفسك للهوان أو الخذلان . وقد نبهنا فيما ذكرناه في امثال هذه
الليلة التي تحيى بالعبادة على ما يستغني به عن الزيادة ، فان لم تظفر بمعناه
فاعلم : ان المراد من احيائها الذي ذكرنا ، ان تكون حركاتك وسكناتك واراداتك
وكراهاتك في هذه الليلة السعيدة ، على نية انها عبادات الله جل جلاله خالصة لابوابه المقدسة المجيدة ، كما انك إذا جالست فيها أعظم سلطان في الوجود ، فان نفسك مراغبة لرضاه ، كيف كنت من قيام وقعود ومأكول ومشروب ومطلوب ومحبوب ، ولا يكلفك الله مالا تقدر عليه ، بل ما يصح منك لسلطان هو مملوكه ومن افقر الفقراء إليه ، وان غلبك نوم فيكون نوم المتأدبين بين يدي رب العالمين ، الذين يقصدون بالرقاد القوة على طاعته وزيادة الاجتهاد . وتسلم اعمالك فيها بلسان الحال والمقال الى من يكون حديث تلك الليلة إليه ، من الحماة والخفراء في الايام والاعمال ، ليتم ما نقص عليك ويكون فيما تحتاج إليه من الله جل جلاله شفيعا لك وبين يديك .
|
|