- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 111 -

 فصل ( 14 ) فيما نذكره من الادعية عند دخول شهر رمضان

اعلم ان هذا الدعوات لو ذكرناها عند دخول اول ساعة من اول ليلة منه ، كان ذلك الوقت قد ضاق عنه ، لأن بدخول الليل تجب صلاة المغرب ويتصل ما يتعقبها من لمهمات والدعوات والصلوات والمندوبات ، فلم أجد للدعاء لدخول الشهر المشار

إليه اقرب من هذا الموضع الذي اعتمدت عليه . فمن الأدعية عند دخول الشهر المذكور ما رويناه بعدة طرق الى مولانا زين العابدين عليه السلام من ادعية الصحيفة فقال : وكان من دعائه عليه السلام عند دخول شهر رمضان :
 

  الحمد لله الذي هدانا لحمده وجعلنا من اهله ، لنكون لاحسانه من الشاكرين ، وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين ،

والحمد لله الذي حبانا ، بدينه واختصنا بملته ، وسبلنا في سبل احسانه ، لنسلكها بمنه الى رضوانه ، حمدا يتقبله منا

ويرضى به عنا . والحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره ، شهر الصيام ، شهر رمضان ، وشهر الطهور ، وشهر

الاسلام ، وشهر التمحيص ، وشهر القيام ، ( الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) ، فابان

فضيلته على سائر الشهور بما جعل له من الحرمات الموفورة والفضائل المشهورة . فحرم فيه ما احل في غيره ،

اعظاما له ، وحجر  فيه المطاعم والمشارب اكراما له ، وجعل له وقتا بينا ، لا يجوز ان يقدم قبله ، ولا يجوز  ان

يؤخر عنه ، ثم فضل ليلة واحدة من لياليه على ليالي الف شهر ، وسماها ليلة القدر ، ( تنزل الملائكة والروح فيها

بإذن ربهم من كل امر ) ، سلام ، دائم البركة الى طلوع الفجر ، على من يشاء من عباده ، بما احكم من قضائه .

اللهم صل على محمد وآل محمد والهمنا فضل معرفته واجلال حرمته ، والتحفظ مما حظرت فيه ، واعنا على صيامه

بكف الجوارح عن معاصيك ، واستعمالها فيه بما يرضيك ، حتى لا نصغي باسماعنا الى لغو ، ولا نسرع بابصارنا الى

لهو ، ولا نبسط ايدينا الى محظور ولا نخطو باقدامنا الى محجور ، وحتى لا تعي بطوننا الا ما احللت ، وحتى لا

تنطق السنتنا الا ما قلت ، ولا نتكلف الا ما يدني من ثوابك ، ولا نتعاطى الا الذي يقي من عقابك ، ثم خلص ذلك كله

من رياء المرائين وسمعة المسمعين ، حتى لا نشرك فيه احدا دونك ولا نبتغي به مرادا سواك . اللهم وقفنا فيه على

مواقيت الصلوات الخمس بحدودها التي حددت ، وفروضها التي فرضت واوقاتها التي وقت ، وانزلنا فيها منزلة

المصيبين لمنازلنا ، الحافظين لاركانها ، المؤدين لها في اوقاتها ، على ما سنه  محمد عبدك ورسولك صلى الله عليه

وآله في ركوعها وسجودها وجميع فواصلها  ، على اتم الطهور واسبغه وابين الخشوع وابلغه . ووفقنا فيه لأن نصل

أرحامنا بالبر والصلة ، وان نتعاهد جيراننا بالافضال والعطية ، وان نخلص اموالنا من التبعات ، وان نطهرها باخراج

الزكوات ، وان تميل بنا الى ان نراجع من هجرنا ، وان ننصف من ظلمنا ، وان نسالم من عادانا ، خلا من عودي فيك

ولك ، فانه العدو الذي لا نواليه ، والحزب الذي نصافيه . وان نتقرب اليك فيه من الاعمال الزاكية بما تطهرنا من

الذنوب ، وتعصمنا فيما نستأنف من العيوب ، حتى لا يورد عليك احد من ملائكتك الا دون ما نورد من انواع القربة

وابواب الطاعة لك . اللهم اني أسألك بحق هذا الشهر وبحق من تعبد لك فيه ، من ابتدائه الى وقت فنائه ، من ملك

قربته ، أو نبي ارسلته ، أو عبد صالح اختصصته ، ان تجنبنا الالحاد في دينك ، والتقصير في تمجيدك ، والشك في

توحيدك ، والعمى عن سبيلك ، والكسل عن خدمتك ، والتواني في العمل لمحبتك ، والمسارعة الى سخطك ،

والانخداع لعدوك الشيطان الرجيم . اللهم اهلنا فيه لما وعدت اولياءك من كرامتك ، واوجب لنا ما توجب لاهل

الاستقصاء لطاعتك ، واجعلنا في نظم من استحق الدرجة العليا من جنتك ، واستوجب مرافقة الرفيع الاعلى من اهل

كرامتك ، بفضلك وجودك ورأفتك . اللهم وان لك في كل ليلة من ليالي شهرنا هذا رقابا يعتقها عفوك ويهبها صفحك

، فاجعل رقابنا من تلك الرقاب ، واجعلنا لشهرنا من خير اهل واصحاب ، وامحق ذنوبنا مع امحاق هلاله ، واسلخ عنا

التبعات مع انسلاخ ايامه ، حتى ينقضي عنا وقد صفيتنا من الخطيئات وخلصتنا من السيئات . اللهم وان ملنا فيه فعدلنا

وان زغنا عنه فقونا ، وان اشتمل علينا عدوك الشيطان الرجيم فاستنقذنا منه ، اللهم صل على محمد وآله واشحنه

بعبادتنا ، وزين اوقاته بطاعتنا ، واعنا في نهاره على صيامه وفي ليله على قيامه بالصلاة لك والتضرع اليك والخشوع

والذلة بين يديك ، حتى لا يشهد نهاره علينا بغفلة ، ولا ليله بتفريط . اللهم واجعلنا في سائر الشهور والأيام وما يتالف

من السنين والاعوام كذلك ما عمرتنا ، واجعلنا من عبادك المخلصين : ( الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة انهم الى

ربهم راجعون ، اولئك يسارعون الخيرات وهم لها سابقون )  ، ( الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) ، اللهم

فصل على محمد وآله الطيبين وسلم كثيرا ( 7 ) .

  7 - رواه الشيخ في مصباحه : 607 - 610 ، والكفعمي في بلد الأمين : 478 ، وفي مصباحه : 610 ،
      أورده مختصرا في ينابيع المودة : 504 ، وفي الصحيفة السجادية ، الدعاء : 44 مع اختلافات .

 


أقول : واعلم ان هذا الدعاء الذي ذكرناه ، والدعاء الذي نذكره بعده وجدت بخط جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله ، وقد ذكرهما في الدعاء اول يوم من شهر رمضان ، والذي رويته في اصل روايتهما ان الأول منهما عند دخول الشهر والثاني منهما يدعا به مستقبل دخول السنة ، ومن حيث اهل هلال شهر رمضان فقد دخل الشهر ، وهو اول السنة .
 

ورايت في كتاب صغير عندنا اوله مسألة للمفيد محمد بن محمد بن النعمان في عصمة الأنبياء عليهم السلام انه سئل عن اول الشهر أهو الليل أم النهار ، فقال : اوله الليل . فرأيت أن ذكرهما في اول ليلة من الشهر اقرب الى الصواب ، فلذلك ذكرتهما في هذا الباب .


 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال شهر رمضان