إلهي لا تؤدبني بعقوبتك ، ولا تمكر بي
في حيلتك ، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك ، ومن أين لي
النجاة ولا تستطاع إلا بك ، لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك ، ولا
الذي أساء واجترء عليك ولم يرضك
خرج عن قدرتك ، يا رب يا رب - حتى
ينقطع النفس - بك عرفتك وأنت دللتني عليك ، ودعوتني إليك ، ولولا أنت لم
أدر ما أنت . الحمد لله الذي أدعوه
فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني ، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت
بخيلا حين يستقرضني ، والحمد لله الذي
اناديه لكما شئت لحاجتي ، وأخلو به حيث شئت لسري ، بغير شفيع فيقضي
لي حاجتي . والحمد لله الذي ادعوه ولا
أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي ، والحمد لله الذي ارجوه
ولا أرجو غيره ولو رجوت غيره لأخلف
رجائي ، والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني ولم يكلني إلى الناس فيهينوني
والحمد لله الذي تحبب إلي وهو غني عني
، والحمد لله الذي يحلم عني حتى كأني لا ذنب لي ، فربي أحمد شئ عندي
، وأحق بحمدي . اللهم إني أجد سبل
المطالب إليك مشرعة ، ومناهل الرجاء إليك مترعة ، والاستعانة بفضلك لمن
أملك مباحة ، وأبواب الدعاء إليك
للصارخين مفتوحة . وأعلم أنك للراجين بموضع إجابة ، وللملهوفين بمرصد إغاثة ،
وأن في اللهف إلى جودك والرضا بقضائك
عوضا من منع الباخلين ، ومندوحة عما في أيدي المستأثرين ، وإن الراحل
إليك قريب المسافة ، وأنك لا تحتجب عن
خلقك إلا ان تحجبهم الأعمال السيئة دونك . وقد قصدت إليك بطلبتي ،
وتوجهت إليك بحاجتي ، وجعلت بك
استغاثتي ، وبدعائك توسلي ، من غير استحقاق لاستماعك مني ، ولا استيجاب
لعفوك عني ، بل لثقتي بكرمك ، وسكوني
إلى صدق وعدك ، ولجائي إلى الايمان بتوحيدك ، ويقيني بمعرفتك مني :
أن لا رب لي غيرك ، ولا إله إلا أنت
وحدك لا شريك لك . اللهم أنت القائل وقولك حق ووعدك صدق :
( واسألوا
الله من فضله
إن الله كان بكم رحيما ) ، وليس من صفاتك
يا سيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية ، وأنت المنان
بالعطايا على أهل مملكتك ، والعائد
عليهم بتحنن رأفتك . إلهي ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا ، ونوهت باسمي
كبيرا ، يا من رباني في الدنيا
باحسانه وتفضله ونعمه ، وأشار لي في الآخرة إلى عفوه وكرمه ، معرفتي يا مولاي
دليلي عليك ، وحبي لك شفيعي إليك ،
وأنا واثق من دليلي بدلالتك ، وساكن من شفيعي إلى شفاعتك . أدعوك يا سيدي
بلسان قد أخرسه ذنبه ، رب أناجيك بقلب
قد أوبقه جرمه ، أدعوك يا رب راهبا راغبا راجيا خائفا ، إذا رأيت مولاي
ذنوبي فزعت ، وإذا رأيت كرمك طمعت ،
فان عفوت فخير راحم ، وإن عذبت فغير ظالم . حجتي يا الله في جرأتي
على مسألتك مع إتياني ما تكره جودك
وكرمك ، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي منك رأفتك ورحمتك ، وقد رجوت أن
لا تخيب بين ذين وذين منيتي ، فصل على
محمد وآل محمد ، وحقق رجائي ، واسمع ندائي ، يا خير من دعاه داع ،
وأفضل من رجاه راج . عظم يا سيدي أملي
، وساء عملي ، فأعطني من عفوك بمقدار أملي ، ولا تؤاخذني بسوء
عملي ، فإن كرمك يجل عن مجازاة
المذنبين ، وحملك يكبر عن مكافات المقصرين ، وأنا يا سيدي عائذ بفضلك ،
هارب منك إليك ، متنجز ما وعدت من
الصفح عمن أحسن بك ظنا . وما أنا يا رب وما خطري ؟ هبني بفضلك ،
وتصدق علي بعفوك ، أي رب جللني بسترك
، واعف عن توبيخي بكرم وجهك ، فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما
فعلته ، ولو خفت تعجيل العقوبة
لاجتنبته ، لا لأنك أهون الناظرين إلي ، وأخف المطلعين علي ، بل لأنك يا رب خير
الساترين ، وأحلم الأحلمين ، وأكرم
الأكرمين ، ساتر العيوب ، غفار الذنوب ، علام الغيوب ، تستر الذنب بكرمك ،
وتؤخر العقوبة بحلمك . فلك الحمد على
حلمك بعد علمك ، على عفوك بعد قدرتك ، ويحملني ويجرئني على معصيتك
حلمك عني ، ويدعوني إلى قلة الحياء
سترك علي ، ويسرعني إلى التوثب على محارمك معرفتي بسعة رحمتك ،
وعظيم عفوك . يا حليم يا كريم ، يا حي
يا قيوم ، يا غافر الذنب ، يا قابل التوب ، يا عظيم المن ، يا قديم الإحسان أين
سترك الجميل أين عفوك الجليل أين فرجك
القريب ، أين غياثك السريع ، أين رحمتك الواسعة ، أين عطاياك الفاضلة ،
أين مواهبك الهنيئة ، أين كرمك يا
كريم ؟ به وبمحمد وآل محمد عليهم السلام فاستنقذني ، وبرحمتك فخلصني .
يا محسن يا مجمل يا منعم يا مفضل !
لسنا نتكل في النجاة من عقابك عن أعمالنا ، بل بفضلك علينا ، لأنك أهل التقوى
وأهل المغفرة ، تبتدئ بالاحسان نعما ،
وتعفو عن الذنب كرما ، فما ندري ما نشكر ؟ أجميل ما تنشر ، أم قبيح ما تستر
، أم عظيم ما أبليت وأوليت ، أم كثير
ما منه نجيت وعافيت ؟ . يا حبيب من تحبب من تحبب إليه ، ويا قرة عين من
لاذ بك وانقطع إليه ، أنت المحسن ونحن
المسيئون ، فتجاوز يا رب عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك ، واي جهل
يا رب لا يسعه جودك ؟ وأي زمان أطول
من أناتك ، وما قدر أعمالنا في جنب نعمك ؟ وكيف نستكثر أعمالا يقابل بها
كرمك ، بل كيف يضيق على المذنبين ما
وسعهم من رحمتك ؟ يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، فوعزتك
يا سيدي لو انتهرتني ما برحت من بابك
، ولا كففت عن تملقك ، لما انتهى إلي يا سيدي من المعرفة بجودك وكرمك ،
وأنت الفاعل لما تشاء ، تعذب من تشاء
بما تشاء كيف تشاء ، وترحم من تشاء بما تشاء كيف تشاء . لا تسأل عن فعلك ،
ولا تنازع في ملكك ، ولا تشارك في
أمرك ، ولا تضاد في حكمك ، ولا يعترض عليك أحد في تدبيرك ، لك الخلق
والأمر تبارك الله رب العالمين . يا
رب هذا مقام من لاذ بك ، واستجار بكرمك ، وألف إحسانك ونعمك ، وأنت الجواد
الذي لا يضيق عفوك ، ولا ينقص فضلك ،
ولا تقل رحمتك ، وقد توثقنا منك بالصفح القديم ، والفضل العظيم ،
والرحمة الواسعة . أفتراك يا رب تخلف
ظنوننا ؟ أو تخيب آمالنا ؟ كلا يا كريم ! ليس هذا ظننا بك ، ولا هذا طمعنا
فيك ، يا رب إن لنا فيك أملا طويلا
كثيرا ، إن لنا فيك رجاء عظيما ، عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا ، ودعوناك
ونحن نرجو أن تستجيب لنا ، فحقق
رجاءنا يا مولانا . فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك
لا
تصرفنا عنك حثنا على الرغبة إليك ،
وإن كنا غير مستوجبين لرحمتك ، فأنت أهل أن تجود علينا وعلى المذنبين بفضل
سعتك ، فامنن علينا بما أنت أهله ،
وجد علينا [ بفضل إحسانك ] ، فانا محتاجون إلى نيلك . يا غفار ! بنورك اهتدينا
،
وبفضلك استغنينا ، وبنعمتك أصبحنا
وأمسينا ، ذنوبنا بين يديك ، نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك ، تتحبب إلينا
بالنعم ،
ونعارضك بالذنوب ، خيرك إلينا نازل ،
وشرنا إليك صاعد ، ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا بعمل قبيح ، فلا
يمنعك ذلك ، أن تحوطنا بنعمك وتتفضل
علينا بآلائك ، فسبحانك ما أحلمك وأعظمك مبدئا ومعيدا . تقدست أسماؤك ،
وجل ثناؤك ، وكرم صنائعك وفعالك
، أنت إلهي أوسع فضلا وأعظم حلما من أن تقايسني بفعلي وخطيئتي ، فالعفو
العفو العفو ، سيدي سيدي سيدي . اللهم
اشغلنا بذكرك ، وأعذنا من سخطك ، وأجرنا من عذابك ، وارزقنا من مواهبك
وأنعم علينا من فضلك ، ارزقنا حج بيتك
، وزيارة قبر نبيك ، صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليه وعلى أهل
بيته إنك قريب مجيب ، وارزقنا عملا
بطاعتك وتوفنا على ملتك وسنة رسولك صلى الله عليه وآله . اللهم صل على
محمد وآله واغفر لي ولوالدي وارحمهما
كما ربياني صغيرا ، واجزهما بالاحسان إحسانا وبالسيئات غفرانا ، اللهم
اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء
منهم والأموات ، تابع بيننا وبينهم في الخيرات . اللهم اغفر لحينا وميتنا ،
وشاهدنا
وغائبنا ، وذكرنا وانثانا ، صغيرنا
وكبيرنا ، حرنا ومملوكنا ، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، وخسروا
خسرانا مبينا . اللهم صل على محمد
وآله ، واختم لي بخير ، واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي ، ولا تسلط
علي من لا يرحمني ، واجعل علي منك جنة
واقية باقية ولا تسلبني صالح ما أنعمت به علي وارزقني من فضلك رزقا
واسعا حلالا طيبا . اللهم احرسني
بحراستك ، واحفظني بحفظك ، واكلأني بكلاءتك ، وارزقني حج بيتك الحرام في
عامنا هذا وفي كل عام ، زيارة قبر
نبيك صلواتك عليه وآله ، ولا تخلني يا رب من تلك المشاهد الشريفة ، والمواقف
الكريمة . اللهم تب علي حتى لا أعصيك
، وألهمني الخير والعمل به ، وخشيتك بالليل والنهار ما أبقيتني يا رب
العالمين . إلهي مالي كلما قلت : قد
تهيأت وتعبأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك ، ألقيت علي نعاسا إذا أنا صليت ،
وسلبتني مناجاتك إذا انا ناجيتك ،
مالي كلما قلت : قد صلحت سريرتي ، وقرب من مجالس التوابين مجلسي ، عرضت
لي بلية أزالت قدمي ، وحالت بيني وبين
خدمتك . سيدي لعلك عن بابك طردتني ، وعن خدمتك نحيتني ، أو لعلك
رأيتني مستخفا بحقك فاقصيتني ، أو
لعلك رأيتني معرضا عنك فقليتني أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني ،
أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك
فحرمتني ، أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني ، أو لعلك رأيتني في
الغافلين فمن رحمتك آيستني ، أو لعلك
رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني ، أو لعلك لم تحب أن تسمع
دعائي فباعدتني ، أو لعلك بجرمي
وجريرتي كافيتني ، أو لعلك بقلة حيائي منك جازيتني . فان عفوت يا رب فطال ما
عفوت عن المذنبين قبلي ، لأن كرمك أي
رب يجل من مجازات المذنبين ، وحلمك يكبر عن مكافات المقصرين ، وأنا
عائذ بفضلك ، هارب منك إليك ، متنجز
ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا . إلهي أنت أوسع فضلا وأعظم حلما
من أن تقايسني بعملي ، أو أن تستزلني
بخطيئتي ، وما أنا يا سيدي وما خطري ، هبني بفضلك يا سيدي ، وتصدق علي
بعفوك وجللني بسترك ، واعف عن توبيخي
بكرم وجهك . سيدي أنا الصغير الذي ربيته ، وأنا الجاهل الذي علمته ،
وأنا الضال الذي هديته ، وأنا الوضيع
الذي رفعته ، وأنا الخائف الذي آمنته ، والجائع الذي أشبعته ، والعطشان الذي
أرويته ، والعاري الذي كسوته ،
والفقير الذي أغنيته . والضعيف الذي قويته ، والذليل الذي أعززته ، والسقيم
الذي
شفيته ، والسائل الذي أعطيته ،
والمذنب الذي سترته ، والخاطئ الذي أقلته ، القليل الذي كثرته ، والمستضعف الذي
نصرته ، والطريد الذي آويته ، فلك
الحمد . وأنا يا رب الذي لم أستحيك في الخلاء ، ولم اراقبك في الملاء ، وانا
صاحب الدواهي العظمى ، أنا الذي على
سيده اجترى ، أنا الذي عصيت جبار السماء ، أنا الذي أعطيت على المعاصي
جليل الرشى ، أنا الذي حين بشرت بها
خرجت إليها أسعى ، أنا الذي امهلتني فما ارعويت ، وسترت علي فما
استحييت ، وعملت بالمعاصي فتعديت ،
وأسقطتني من عينك فما باليت . فبحلمك أمهلتني ، وبسترك سترتني ، حتى
كأنك أغفلتني ، ومن عقوبات المعاصي
جنبتني حتى كأنك استحييتني . إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد
، ولا بأمرك مستخف ، ولا لعقوبتك
متعرض ، ولا لوعيدك متهاون ، ولكن خطيئة عرضت وسولت لي نفسي وغلبني
هواي ، وأعانني عليها شقوتي ، وغرني
سترك المرخى علي ، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي . فالان من عذابك من
يستنقذني ؟ ومن أيدي الخصماء غدا من
يخلصني ؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني ؟ فواسوأتا على ما
أحصى كتابك من عملي الذي لولا ما أرجو
من كرمك وسعة رحمتك ، نهيك إياي عن القنوط ، لقنطت عندما أتذكرها ،
يا خير من دعاه داع ، وأفضل من رجاه
راج . اللهم بذمة الاسلام أتوسل إليك ، وبحرمة القرآن أعتمد عليك ، وبحبي
للنبي الامي القرشي الهاشمي العربي
التهامي المكي المدني ، صلواتك عليه وآله أرجو الزلفة لديك ، فلا توحش
استيناس إيماني ، ولا تجعل ثوابي ثواب
من عبد سواك . فان قوما آمنوا بألسنتهم ليحقنوا به دماءهم ، فأدركوا ما أملوا
، وإنا آمنا بك بألسنتنا وقلوبنا ،
لتعفو عنا ، فأدركنا ما أملنا ، وثبت رجاءك ، في صدورنا ، ولا تزغ قلوبنا بعد
إذ
هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة إنك
أنت الوهاب . فوعزتك لو انتهرتني ما برحت من بابك ، ولا كففت عن تملقك ،
لما الهم قلبي يا سيدي من المعرفة
بكرمك ، وسعة رحمتك ، إلى من يذهب العبد إلا إلى مولاه ، وإلى من يلتجئ
المخلوق إلا إلى خالقه . إلهي لو
قرنتني بالأصفاد ، ومنعتني سيبك من بين الأشهاد ، ودللت على فضائحي عيون العباد
، وأمرت بي إلى النار وحلت بيني وبين
الأبرار ، ما قطعت رجائي منك ، ولا صرفت وجه تأميلي للعفو عنك ، ولا
خرج حبك من قلبي ، أنا لا أنسى أياديك
عندي ، وسترك علي في دار الدنيا . سيدي صل على محمد وآل محمد ،
وأخرج حب الدنيا عن قلبي ، واجمع بيني
وبين المصطفى خيرتك من خلقك وخاتم النبين محمد صلواتك عليه وآله ،
وانقلني إلى درجة التوبة إليك ، وأعني
بالبكاء على نفسي ، فقد أفنيت بالتسويف والامال عمري ، وقد نزلت منزلة
الايسين من خيري . فمن يكون أسوء حالا
مني إن أنا نقلت على مثل حالي إلى قبر لم امهده لرقدتي ، ولم أفرشه
بالعمل الصالح لضجعتي ، ومالي لا أبكي
ولا أدري إلى ما يكون مصيري ، وأرى نفسي تخادعني ، وأيامي تخاتلني ،
وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت . فما
لي لا أبكي ، أبكي لخروج نفسي ، أبكي لظلمة قبري ، أبكي لضيق لحدي ،
أبكي لسؤال منكر ونكير إياي ، أبكي
لخروجي من قبري عريانا ذليلا حاملا ثقلي على ظهري ، أنظر مرة عن يميني
واخرى عن شمالي ، إذ الخلائق في شأن
غير شأني ، ( لكل امرئ
منهم يومئذ شأن يغنيه ، وجوه يومئذ مسفرة
ضاحكة مستبشرة
، ووجوه يومئذ عليها غبرة ، ترهقها قترة )
وذلة . سيدي عليك معولي ومعتمدي ورجائي وتوكلي ،
وبرحمتك تعلقي ، تصيب برحمتك من تشاء
، وتهدي بكرامتك من تحب . اللهم فلك الحمد على ما نقيت من الشرك
قلبي ، ولك الحمد على بسط لساني ،
أفبلساني هذا الكال أشكرك ؟ أم بغاية جهدي في عملي أرضيك ؟ وما قدر لساني
يا رب في جنب شكرك ؟ وما قدر عملي في
جنب نعمك وإحسانك ؟ إلا أن جودك بسط أملي ، وشكرك قبل عملي .
سيدي إليك رغبتي ، ومنك رهبتي ، وإليك
تأميلي ، فقد ساقني إليك أملي ، وعليك يا واحدي عكفت همتي ، وفيما
عندك انبسطت رغبتي ، ولك خالص رجائي
وخوفي ، وبك أنست محبتي ، وإليك إلقيت بيدي ، وبحبل طاعتك مددت
رهبتي . يا مولاي بذكرك عاش قلبي ،
وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني . فيا مولاي ويا مؤملي ، يا منتهى سؤلي !
صل على محمد وآل محمد وفرق بيني وبين
ذنبي المانع لي من لزوم طاعتك ، فانما أسألك لقديم الرجاء فيك ، وعظيم
الطمع منك ، الذي أوجبته على نفسك من
الرأفة والرحمة ، فالأمر لك وحدك لا شريك لك ، والخلق كلهم عبادك وفي
قبضتك ، وكل شئ خاضع لك ، تبارك يا رب
العالمين . اللهم فارحمني إذا انقطعت حجتي ، وكل عن جوابك لساني ،
وطاش عند سؤالك أياي لبي ، فيا عظيما
يرجى لكل عظيم ، أنت رجائي فلا تخيبني إذا اشتدت إليك فاقتي ، ولا تردني
لجهلي ، ولا تمنعني لقلة صبري ، أعطني
لفقري ، وارحمني لضعفي . سيدي عليك معتمدي ومعولي ورجائي وتوكلي
، وبرحمتك تعلقي ، وبفنائك أحط رحلي ،
وبجودك أقصد طلبتي ، وبكرمك أي رب أستفتح دعائي ، ولديك أرجو سد
فاقتي ، وبعنايتك أجبر عيلتي ، وتحت
ظل عفوك قيامي ، وإلى جودك وكرمك أرفع بصري ، وإلى معروفك اديم
نظري ، فلا تحرقني بالنار ، وأنت موضع
أملي ، ولا تسكني الهاوية فانك قرة عيني . يا سيدي لا تكذب ظني باحسانك
ومعروفك ، فانك ثقتي ورجائي ، ولا
تحرمني ثوابك فانك العارف بفقري . إلهي إن كان قد دنا أجلي ، ولم يقربني ،
منك عملي ، فقد جعلت الاعتراف إليك
بذنبي وسائل عللي . إلهي إن عفوت فمن أولى منك بالعفو ؟ وإن عذبتني فمن
أعدل منك في الحكم ؟ فارحم في هذه
الدنيا غربتي ، وعند الموت كربتي ، وفي القبر وحدتي ، وفي اللحد وحشتي ،
وإذا نشرت للحساب بين يديك ذل موقفي .
واغفر لي ما خفي على الادميين من عملي ، وأدم لي ما به سترتني ،
وارحمني صريعا على الفراش تقلبني أيدي
أحبتي ، وتفضل علي ممدودا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي ، وتحنن
علي محمولا قد تناول الأقراباء أطراف
جنازتي ، وجد علي منقولا قد نزلت بك وحيدا في حفرتي ، وارحم في ذلك
البيت الجديد غربتي ، حتى لا أستأنس
بغيرك يا سيدي فانك إن وكلتني إلى نفسي هلكت . [ سيدي ] فبمن أستغيث إن
لم تقلني عثرتي ، وإلى من أفزع إن
فقدت عنايتك في ضجعتي ، وإلى من ألتجئ إن لم تنفس كربتي . سيدي من لي
ومن يرحمني إن لم ترحمني ؟ وفضل من
أؤمل إن فقدت غفرانك ، أو عدمت فضلك يوم فاقتي ، وإلى من الفرار من
الذنوب إذا انقضى أجلي . سيدي لا
تعذبني وأنا أرجوك ، إلهي حقق رجائي وآمن خوفي ، فان كثرة ذنوبي لا أرجو
لها إلا عفوك . سيدي أنا أسألك ما لا
أستحق ، وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة ، فاغفر لي ، وألبسني من نظرك ثوبا
يغطي علي التبعات ، وتغفرها لي ، ولا
اطالب بها إنك ذو من قديم وصفح عظيم ، وتجاوز كريم . إلهي أنت الذي
تفيض سيبك على من لا يسألك وعلى
الجاحدين بربوبيتك ، فكيف سيدي بمن سألك وأيقن أن الخلق لك ، والأمر إليك ،
تباركت وتعاليت يا رب العالمين . سيدي
عبدك ببابك ، أقامته الخصاصة بين يديك ، يقرع باب إحسانك بدعائه ،
ويستعطف جميل نظرك بمكنون رجائه ، فلا
تعرض بوجهك الكريم عني ، واقبل مني ما أقول ، فقد دعوتك بهذا الدعاء
، وأنا أرجو أن لا تردني ، معرفة مني
برأفتك ورحمتك . إلهي أنت الذي لا يخفيك سائل ، ولا ينقصك نائل ، أنت كما
تقول وفوق ما يقول القائلون . اللهم
إني أسألك صبرا جميلا ، وفرجا قريبا ، وقولا صادقا ، وأجرا عظيما ، وأسألك
يا رب من الخير كله ، ما علمت منه وما
لم أعلم ، وأسألك اللهم من خير ما سألك منه عبادك الصالحون . يا خير من
سئل وأجود من أعطى ( صل على محمد وآل
محمد ) وأعطني سؤلي في نفسي وأهلي ووالدي وولدي وأهل حزانتي
وإخواني فيك ، وأرغد عيشي وأظهر مروتي
، وأصلح جميع أحوالي ، واجعلني ممن أطلت عمره ، وحسنت عمله ،
واتممت عليه نعمتك ، ورضيت عنه ،
وأحييته حياة طيبة في أدوم السرور وأسبغ الكرامة ، وأتم العيش ، إنك تفعل ما
تشاء ولا تفعل ما يشاء غيرك . اللهم
وخصني منك بخاصة ذكرك ، ولا تجعل شيئا مما أتقرب به اليك في آناء الليل
وأطراف النهار رياء ولا سمعة ولا أشرا
ولا بطرا ، واجعلني لك من الخاشعين . اللهم وأعطني السعة في الرزق ،
والأمن في الوطن ، قرة العين في الأهل
والمال الولد والمقام في نعمك عندي ، والصحة في الجسم ، والقوة في البدن
، والسلامة في الدين ، واستعملني
بطاعتك وطاعة رسولك محمد صلواتك عليه وآله أبدا ما استعمرتني . واجعلني من
أوفر عبادك عندك نصيبا في كل خير
أنزلته وأنت منزله في شهر رمضان في ليلة القدر ، وما أنت منزله في كل سنة
من رحمة تنشرها ، وعافية تلبسها ،
وبلية تدفعها وحسنات تتقبلها ، وسيئات تتجاوز عنها . وارزقني حج بيتك الحرام
في عامنا هذا وفي كل عام ، وارزقني
رزقا واسعا من فضلك الواسع . واصرف عني يا سيدي الأسواء ، واقض عني
الدين والظلامات حتى لا أتأذى بشئ منه
، وخذ عني بأسماع أعدائي ، وأبصار حسادي ، والباغين علي ، وانصرني
عليهم ، وأقر عيني ، وحقق ظني ، وفرج
قلبي ، واجعل لي من همي وكربي فرجا ، ومخرجا ، واجعل من أرادني
بسوء من جميع خلقك تحت قدمي . واكفني
شر الشياطين ، وشر السلطان وسيئات عملي ، وطهرني من الذنوب كلها ،
وأجرني من النار بعفوك ، وأدخلني
الجنة برحمتك ، وزوجني من الحور العين بفضلك ، وألحقني بأوليائك الصالحين
محمد وآله الأبرار الطيبين الأخيار
صلواتك عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته . إلهي وسيدي
، وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي
لاطالبنك بعفوك ، ولئن طالبتني بلؤمي لاطالبنك بكرمك ، ولئن أدخلتني النار
لاخبرن أهل النار بحبي لك . إلهي
وسيدي إن كنت لا تغفر إلا لأوليائك وأهل طاعتك ، فالى من يفزع المذنبون ؟ وإن
كنت لا تكرم إلا أهل الوفاء بك ، فبمن
يستغيث المسيئون . إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك ، وإن
أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك ،
وأنا والله أعلم أن سرور نبيك أحب إليك من سرور عدوك . اللهم إني أسألك أن
تملأ قلبي حبا لك وخشية منك ، وتصديقا
لك ، وإيمانا بك ، وفرقا منك ، وشوقا إليك يا ذا الجلال والاكرام حبب إلي
لقاءك ، وأحبب لقائي ، واجعل لي في
لقائك الراحة والفرح والكرامة . اللهم ألحقني بصالح من مضى ، واجعلني من
صالح من بقي وخذ بي سبيل الصالحين ،
وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم ، ولا تردني في سوء
استنقذتني منه أبدا ، واختم عملي
بأحسنه ، واجعل ثوابي منه الجنة ، برحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم إني أسألك
إيمانا لا أجل له دون لقائك ، احيني
ما أحييتني عليه ، وتوفني إذا توفيتني عليه ، وابعثني إذا بعثتني عليه ، وأبرء
قلبي
من الرياء والشك والشك والسمعة في
دينك ، حتى يكون عملي خالصا لك . اللهم أعطني بصيرة في دينك وفهما في
حكمك ، وفقها في علمك ، وكفلين من
رحمتك ، وورعا يحجزني عن معاصيك ، وبيض وجهي بنورك ، واجعل
رغبتي فيما عندك ، وتوفني في سبيلك
وعلى ملة رسولك صلواتك عليه وآله . اللهم إني أعوذ بك من الكسل والفشل ،
والهم والحزن ، والجبن والبخل ،
والغفلة والقسوة ، والذلة والمسكنة ، والفقر والفاقة ، وكل بلية والفواحش ما
ظهر
منها وما بطن . وأعوذ بك من نفس لا
تقنع ، وبطن لا يشبع ، وقلب لا يخشع ، ودعاء لا يسمع ، وعمل لا ينفع ،
وأعوذ بك يا رب على نفسي وديني ومالي
وعلى جميع ما رزقتني من الشيطان الرجيم ، إنك أنت السميع العليم .
اللهم إنه لن يجيرني منك أحد ، ولن
أجد من دونك ملتحدا ، فلا تجعل نفسي في شئ من عذابك ، ولا تردني بهلكة ،
ولا تردني بعذاب أليم . اللهم تقبل
مني ، وأعل ذكري ، وارفع درجتي ، وحط وزري ، ولا تذكرني بخطيئتي ، واجعل
ثواب مجلسي وثواب منطقي وثواب دعائي
رضاك عني والجنة ، وأعطني يا رب جميع ما سألتك ، وزدني من فضلك
، إني إليك راغب يا رب العالمين .
اللهم إنك أنزلت في كتابك العفو ، وأمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا ، وقد ظلمنا
أنفسنا ،
فاعف عنا ، فانك أولى بذلك منا ،
وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا ، وقد جئناك سائلا فلا تردنا إلا بقضاء
حوائجنا ،
وأمرتنا بالاحسان إلى ما ملكت أيماننا
، ونحن أرقاؤك فأعتق رقابنا من النار . يا مفزعي عند كربتي ، ويا غوثي
عند
شدتي ، إليك فزعت وبك استغثت و [ بك ]
لذت ولا ألوذ بسواك ، ولا أطلب الفرج إلا بك ومنك ، فصل على محمد
وآل محمد وأغثني ، وفرج عني ، يا من
يقبل اليسير ويعفو عن الكثير ، اقبل مني اليسير واعف عني الكثير ، إنك أنت
الغفور الرحيم . اللهم إني أسألك
إيمانا تباشر به قلبي ، ويقينا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي ، ورضني
من
العيش بما قسمت لي ، يا أرحم الراحمين
. ( 3 )
3 - عنه
البحار 98 : 82 - 93 ، رواه
الشيخ في مصباح المتهجد 2 : 582 - 598 ،
أورده الكفعمي في مصباحه
: 588
، بلد الأمين : 205 ، وفي
الصحيفة السجادية ، الدعاء 116 : 214 . |