- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 190 : -

 فصل ( 25 ) فيما نذكره من فضل الخلوة بالنساء لمن قدر على ذلك اول ليلة من شهر رمضان ، ونية ذلك

اعلم ان الخلوة بالنساء اول شهر رمضان من جملة العبادات ، فلا تخرجها بطاعة الطبع عن العبادة الى عبادة الشهوات ،
ولا تشغلك الخلوة بالنساء تلك الليلة عن مقام من مقامات السعادات ، وان قصرت بك ضعف الارادة ، فاستعن بالله القادر
على تقوية الضعيف وتأهيلك المقام التشريف .


فمن الرواية في ذلك ما رويناه باسنادنا الى أبي جعفر محمد بن بابويه رحمه الله من كتاب من لا يحضره الفقيه ، فقال ما
هذا لفظه : وقال امير المؤمنين صلوات الله عليه : يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان . ( 1 )


أقول : ولعل مراد صاحب الآداب من هذه الحال وتخصيص الالمام بالنساء قبل الدخول في الصيام ، ليكون خاطر الانسان في ابتداء شهر رمضان موفرا على الاخلاص ومقام الاختصاص ، وطاهرا من وساوس الشيطان .
 

أو لعل ذلك لأجل انه كان محرما في صدر الاسلام ، فيراد من العبد اظهار تحليله ونسخ تحريمه . أو لعل المراد احياء سنة رسول الله صلى الله عليه وآله بالنكاح في ليلة من شهر الصيام . ويمكن ذكر وجوه غير هذه الاقسام ، لكن هذا الذي ذكرناه ربما كان اقرب الى الافهام .



فصل ( 26 ) فيما نذكره مما يختم به كل ليلة من شهر رمضان

اعلم ان حديث كل ضيف مع صاحبه ضيافته ، وكل مستخفر بخفير ، فحديثه مع المقصود بخفارته ، وإذا كان الانسان في شهر رمضان قد اتخذ خفيرا وحاميا كما تقدم التنبيه عليه . فينبغي كل ليلة بعد فراغ عمله ان يقصد بقلبه خفيره ومضيفه ، ويعرض عمله
 

 

* ( هامش ) *
 1 - عنه البحار 97 : 348 ، رواه الصدوق في الفقيه 2 : 173 الخصال 2 : 612 ،
      رواه مع اختلاف الكليني في الكافي 4 : 180 ، عنهم الوسائل 10 : 350 . ( * )

 

 

- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 191 : -

عليه ، ويتوجه الى الله جل جلاله بالحامي والخفير والمضيف ، وبكل من يعز عليه ، وبكل وسيلة إليه ، في ان يبلغ الحامي انه متوجه بالله جل جلاله وبكل وسيلة إليه ، وفي ان يكون هو المتولي لتكميل من النقصان والوسيط بينه وبين الله جل جلاله في تسليم العمل إليه ، من باب قبول اهل الاخلاص والامان .


أقول : ومن وظائف كل ليلة ان يبدء العبد في كل دعاء مبرور ، ويختم في كل عمل مشكور ، بذكر من يعتقد انه نائب الله
جل جلاله في عباده وبلاده ، وانه القيم بما يحتاج إليه هذا الصائم ، من طعامه وشرابه وغير ذلك من مراده ، من سائر

الاسباب التي هي متعلقة بالنائب عن رب الأرباب ، ان يدعو له هذا الصائم بما يليق ان يدعى به لمثله ، ويعتقد ان المنة لله جل جلاله ولنائبه ، كيف اهلاه لذلك ورفعاه به به في مزلته ومحله . فمن الرواية في الدعاء لمن أشرنا إليه صلوات الله

عليه ، ما ذكره جماعة من اصحابنا ، وقد اخترنا ما ذكره ابن أبي قرة في كتابه ، فقال باسناده الى علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، باسناده عن الصالحين عليهم السلام قال : وكرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر

رمضان قائما وقاعدا وعلى كل حال ، والشهر كله ، وكيف امكنك ، ومتى حضرك في دهرك ، تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي وآله عليهم السلام :
 

  اللهم كن لوليك ، القائم بأمرك ، الحجة ، محمد بن الحسن المهدي ، عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام ، في هذه

الساعة وفي كل ساعة ، وليا وحافظا وقاعدا ، وناصرا ودليلا ومؤيدا ، حتى تسكنه أرضك طوعا ، وتمتعه فيها طويلا

وعرضا ، وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين . اللهم انصره وانتصر به ، واجعل النصر منك له وعلى يده ، والفتح

على وجهه ، ولا توجه الأمر إلى غيره ، اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك ، حتى لا يستخفى بشئ من الحق مخافة أحدا

من الخلق . اللهم إني أرغب إليك في دولة كريمة ، تعز بها الاسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله ، وتجعلنا فيها من

الدعاة إلى طاعتك ، والقادة إلى سبيلك ، وآتنا في الدنيا حسنة ، وفي الاخرة حسنة ، وقنا عذاب النار . واجمع لنا خير

الدارين ، واقض عنا جميع ما تحب فيهما ، واجعل لنا في ذلك الخيرة برحمتك ومنك في عافية ، آمين رب العالمين ،

زدنا من فضلك ويدك الملئ ، فان كل معط ينقص من ملكه ، وعطاؤك يزيد في ملكك ( 1 ) .

 1 - عنه البحار 97 : 349 .

 

 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال شهر رمضان