- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 231 : - |
فصل ( 9 ) فيما نذكره من ان القرآن انزل في شهر
رمضان والحث على تلاوته فيه
أما نزوله في شهر رمضان : فيكفي في البرهان قول
الله جل جلاله : ( شهر
رمضان الذي انزل فيه القرآن ) ( 1 ) .
وإنما ورد في الحديث : أن نزوله
كان في شهر الصيام إلى السماء الدنيا ، ثم نزل منها إلى النبي صلى الله عليه
وآله ، كما شاء جل جلاله في الأقات والأزمان .
وأما الحث على تلاوته فيه :
فذلك كثير في الأخبار ، ولكنا نورد حديثا واحدا فيه ، تنبيها لأهل الاعتبار :
عن علي بن المغفيرة ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : قلت له : إن أبي سأل
جدك عليه السلام عن ختم القرآن في كل ليلة ، فقال
له : في شهر رمضان ، قال :
افعل فيه ما استطعت ، فكان أبي ، يختمه أربعين ختمة في شهر رمضان ، ثم ختمته
بعد أبي فربما زدت وربما نقصت ، وإنما يكون ذلك على قدر فراغي وشغلي ونشاطي
وكسلي ، فإذا كان يوم الفطر جعلت لرسول
الله صلى الله عليه وآله ختمة ولفاطمة
عليها السلام ختمة وللأئمة عليهم السلام ختمة ، حتى انتهيت إليه
( 2 ) ، فصيرت لك واحدة منذ صرت في هذه الحال ،
فأي شئ لي بذلك ؟ قال : لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة ، قلت : الله أكبر
فلي بذلك ؟ قال : نعم - ثلاث مرات . ( 3 )
|
* ( هامش ) *
1 -
البقرة
: 185 . 2 - اليك ( خ ل ) .
3 - عنه البحار 98 : 5 . ( * ) |
|
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 232 : - |
فصل ( 10 ) فيما نذكره مما يدعى به
عند نشر المصحف لقراءة القرآن
روينا ذلك باسنادنا إلى يونس بن عبد الرحمان ، عن علي بن
ميمون الصائغ أبي الأكراد ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه : كان من دعائه
إذا أخذ مصحف القرآن والجامع قبل أن يقرأ القرآن وقبل أن ينشره ، يقول حين
يأخذه بيمينه :
|
بسم الله ، اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك ، على
رسولك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله ، وكتابك
الناطق على لسان رسولك ،
وفيه حكمك وشرايع دينك ، أنزلته على نبيك ، وجعلته عهدا منك إلى خلقك ، وحبلا
متصلا فيما بينك وبين عبادك . اللهم إني نشرت عهدك وكتابك ، اللهم فاجعل نظري
فيه عبادة ، وقراءتي تفكرا ،
وفكري اعتبارا ، واجعلني ممن أتعظ ببيان مواعظك
فيه ، وأجتنب معاصيك ، ولا تطبع عند قراءتي كتابك على قلبي
ولا على سمعي ، ولا
تجعل على بصري غشاوة ، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها ، بل اجعلني أتدبر
آياته
وأحكامه ، آخذ بشرايع دينك ، ولا تجعل نظري فيه غفلة ، ولا قراءتي هذرمة
( 1 ) إنك أنت الرؤوف الرحيم .
( 2 ) |
|
|
فصل ( 11 ) فيما نذكره مما ينبغي ان يقرأ في مدة الشهر
كله
اعلم أنه من بلغ فضل الله عليه إلى أن يكون متصرفا في
العبادات المندوبات ، بأمر يعرفه في سره ، فيعتمد عليه ، فانه
يكون مقدار
قراءته في شهر رمضان بقدر ذلك البيان ، وأما من كان متصرفا في القراءة بحسب
الأمر الظاهر في الأخبار ،
فانه بحسب ما يتفق له من التفرغ والاعذار . فإذا لم
يكن له عائق عن استمرار القراءة في شهر الصيام ، فليعمل ما روي
عن وهب بن حفص ،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الرجل في كم يقرء القرآن ؟ قال :
في ست فصاعدا ، قلت : شهر رمضان ؟ قال : في ثلاث فصاعدا .
( 3 )
ورويت عن جعفر بن قولويه ، باسناده ألى أبي عبد الله عليه
السلام قال : لا تعجبني أن يقرأ القرآن في أقل من الشهر ( 4 )
أقول : واعلم أن المراد من قرائتك القرآن ، أن تستحضر في عقلك
وقلبك أن الله جل
|
* ( هامش ) *
1 - الهذرمة : الاسرع في الكلام
. 2 - عنه البحار 98 : 6 ، 92 : 207 .
3 ، 4 - عنه البحار 98 : 9 . ( * ) |
|
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 233 : - |
جلاله يقرء عليك كلامه بلسانك ، فتستمع مقدس كلامه ، وتعترف
بقدر إنعامه ، وتستفهم المراد من آدابه ، ومواعظه
واحكامه . فإن قلت : لا يقوم ضعف البشرية والأجزاء الترابية بقدر معرفة حرمة
الجلالة الإلهية ، فليكن أدبك في الاستماع
والانتفاع على مقدار ،
أنه لو قرأ عليك بعض ملوك الدنيا كلاما قد نظمه ، وأراد منك أن تفهم معانيه
وتعمل بها وتعظمه ،
فلا ترض لنفسك وأنت مقر بالاسلام أن يكون الله جل جلاله ،
دون مقام ملك في الدنيا ، يزول ملكه لبعض الأحلام .
وإن قلت : لا أقدر على بلوغ هذه المرتبة الشريفة ، فلا أقل أن
يكون استماعك وانتفاعك بالقراءة المقدسة المنيفة ، كما لو جاءك كتاب من والدك ،
أو ولدك القريب إليك ، أو من صديقك العزيز عليك ، فانك إن أنزلت الله جل جلاله
وكلامه المعظم دون هذه المراتب ، فقد عرضت نفسك الضعيفة لصفقة خاسر أو خائب .
فصل ( 12 ) فيما نذكره من دعاء إذا فرغ من تلاوة القرآن
رويته بالاسناد المتقدم عند ذكر نشر المصحف الكريم ، فيقول
عند الفراغ من قراءة بعض القرآن العظيم :
|
اللهم إني قرأت ما قضيت لي من كتابك ،
الذي أنزلته على نبيك محمد صلواتك عليه ورحمتك ، فلك الحمد ربنا ولك
الشكر والمنة ، على ما قدرت ووفقت .
اللهم اجعلني ممن يحل حلالك ، ويحرم حرامك ، ويجتنب معاصيك ، ويؤمن
بمحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ،
واجعله لي شفاء ورحمة ، وحرزا وذخرا . اللهم اجعله لي انسا في قبري ،
وانسا في حشري ، وانسا في نشري ،
واجعل لي بركة بكل آية قرأتها ، وارفع لي بكل حرف درسته درجة في أعلى
عليين ، آمين يا رب العالمين . اللهم
صل على محمد نبيك وصفيك ونجيك ودليلك ، والداعي إلى سبيلك ، وعلى أمير
المؤمنين وليك وخليفتك من بعد رسولك ،
وعلى أوصيائهما المستحفظين دينك ، المستودعين حقك ، والمسترعين خلقك
، وعليهم أجمعين السلام ورحمة الله
وبركاته ( 1 ) . |
|
|
أقول : وليختم صوم نهاره ما قدمناه في خاتمة ليله وذكرنا من أسراره .
|
* ( هامش ) *
1 - عنه
البحار 98 : 7 ، 92 : 208 . ( * ) |
|
|