- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 235 : -

الباب السادس فيما نذكره من وظائف الليلة الثانية من شهر رمضان ويومها وفيه فصول :


فصل ( 1 ) فيما نذكره من كيفية خروج الصائم من صومه ودخوله في حكم الافطار

اعلم أن للصائم معاملة كلف باستمرارها قبل صومه ، ومع صومه ، وبعد صومه ، فهي مطلوبة منه قبل الافطار ، ومعه وبعده ، في الليل والنهار ، وهي طهارة قلبه مما يكرهه مولاه ، واستعمال جوارحه فيما يقربه من رضاه ، فهذا أمر مراد

من العبد مدة مقامه في دنياه . وأما المعاملة المختصة بزيادة شهر رمضان ، فان العبد إذا كان مع الله جل جلاله ، يتصرف بأمره في الصوم والافطار ، في السر والاعلان ، فصومه طاعة سعيدة ، وإفطاره بأمر الله جل جلاله عبادة أيضا جديدة .

فيكون خروجه من الصوم إلى حكم الافطار ، خروج ممتثل أمر الله جل جلاله ، وتابع لما يريده منه من الاختيار ، متشرفا ومتلذذا ، كيف ارتضاه سلطان الدنيا والآخرة أن يكون في بابه ، ومتعلقا على خدمته ، ومنسوبا إلى دولته القاهرة ، وكيف وفقه للقبول منه ، وسلمه من خطر الاعراض عنه .
 

- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 236 : -

وإياه وأن يعتقد أنه بدخول وقت الافطار قد تشمر من حضرة المطالبة بطهارة الأسرار ، واصلاح الأعمال في الليل والنهار ، وهو يعلم أن الله جل جلاله ما شمره إلا مزيد دوام إحسانه إليه ، وإقباله بالرحمة عليه .

وكيف يكون العبد مهونا باقبال مالك حاضر محسن إليه ، ويهون من ذلك ما لم يهون ، ألم يسمع مولاه يقول : ( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) .



فصل ( 2 ) فيما نذكره من الوقت الذي يجوز فيه الافطار

اعلم أنه إذا دخل صلاة المغرب على اليقين ، فقد جاز إفطار الصائمين ما لم يشغل الافطار عما هو أهم منه من عبادات رب العالمين . فان اجتمعت مراسم الله جل جلاله على العبد عند دخول وقت العشاء ، فليبدء بالأهم فالأهم ، متابعة لمالك الأشياء ، ولئلا يكون المملوك متصرفا في ملك مالكه بغير رضاه ، فكأنه يكون قد غصب الوقت ، وما يعمله فيه من يد صاحبه ، وتصرف فيما لم يعطه إياه ، فاياه أن يهون بهذا وأمثاله ثم إياه .



فصل ( 3 ) فيما نذكره من الوقت الذي يستحب فيه الافطار

أقول : قد وردت الروايات متناصرة عن الأئمة عليهم أفضل الصلوات ، أن إفطار الانسان في شهر رمضان بعد تأدية صلاته أفضل له وأقرب إلى قبول عباداته . فمن ذلك ما رويناه باسنادنا إلى علي بن فضال ، من كتاب الصيام ، عن أبي عبد الله
 

- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 237 : -

عليه السلام قال : يستحب للصائم إن قوي على ذلك أن يصلي قبل أن يفطر ( 1 ) .


أقول : وأما إن حضره قوم لا يصبرون إلى أن يفطر معهم بعد صلاته ، ويكونون ممن يقدمون الافطار ، فليفطر معهم رضا لله جل جلاله وتعظيما لمراسمه وتماما لعبادته ، ومراد ( 2 ) ذلك لمالك حياته ومماته ، فليقدم الافطار معهم على هذه النية محافظا به على تعظيم الجلالة الإلهية .


وإن كان القوم الذين حضروه يشغله إفطاره معهم عن مالكه ، يفرق بينه وبين ما يريد من شريف مسالكه ، فيرضيهم بالإكرام في الطعام ، ويعتذر إليهم في المشاركة لهم في الافطار ببعض الأعذار ، التي يكون فيها للمطلع على الأسرار .


وإن كان الحاضرون ممن يخافهم إن لم يفطر معهم قبل الصلواة ، وكانت التقية لهم ( 3 ) رضى لمالك الأحياء والاموات ، فليعمل ما يكون فيه رضاه ، ولا يغلط نفسه ، ولا يتأول لأجل طاعة شيطانه وهواه . 
 

 

* ( هامش ) *
 1 - عنه الوسائل 1 : 150 ، البحار 98 : 8 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 199 .
 2 -
كذا في النسخ ، ولعله : يراد .
 3 -
كذا في النسخ ، ولعله : منهم . ( * )

 

 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال شهر رمضان