- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 356 : - |
الباب الخامس والعشرون فيما نذكره من
زيادات ودعوات في الليلة الحادي والعشرين
منه وفي يومها
فمن الزيادات في فضل ليلة إحدى وعشرين تسع عشرة : اعلم ليلة
الحادية والعشرين من شهر الصيام ، ورد فيها أحاديث أنها أرجح من ليلة تسع عشرة
منه ، وأقرب إلى بلوغ المرام .
فمن ذلك ما رويناه باسنادنا إلى زرارة ، عن حمران قال : سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن ليلة القدر ، قال : هي في
إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ( 1 ) .
ومن ذلك باسنادنا أيضا إلى عبد الواحد بن المختار الأنصاري
قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أخبرني عن ليلة القدر ، قال :
التمسها في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، فقلت
: أفردها لي ، فقال : وما عليك أن تجتهد في ليلتين
( 2 ) .
أقول : وقد قدمنا قول أبي جعفر الطوسي في التبيان أن ليلة
القدر في مفردات العشر الأواخر من شهر رمضان ، وذكر أنه بلا خلاف .
ومنها : أن الاعتكاف في هذه العشر الاخر من شهر رمضان عظيم
الفضل والرجحان ، مقدم على غيره من الأزمان . وقد روينا بعدة طرق عن الشيخ محمد
بن يعقوب الكليني وأبي جعفر محمد بن بابويه
|
* ( هامش ) *
1 - عنه
البحار 98 : 146 ، رواه الكليني في
الكافي 4 : 156 ، وفيه : ( أو ليلة ثلاث وعشرين )
.
2 - عنه البحار
98 : 146 ، رواه الطبرسي في مجمع البيان 5 : 519
، عنه الوسائل 10 : 360 . ( * ) |
|
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 357 : - |
وجدي أبي جعفر الطوسي قدس الله أرواحهم أن رسول الله صلى الله
عليه وآله كان يعتكف هذا العشر الاخر ( 1 ) من
شهر رمضان ( 2 ) .
أقول : واعلم أن كمال الاعتكاف هو إيقاف العقول والقلوب
والجوارح على مجرد العمل الصالح ، وحبسها على باب الله جل جلاله ، ومقدس إرادته
، وتقييدها بقيود مراقباته ، وصيانتها عما يصون الصائم كمال صونه عنه ، ويزيد
على احتياط الصائم
في صومه زيادة معنى المراد من الاعتكاف ، والتلزم باقباله على
الله وترك الاعراض عنه . فمتى أطلق المعتكف خاطرا لغير الله في طرق أنوار عقله
وقلبه ، أو استعمل جارحة في غير الطاعة لربه ، فانه يكون قد أفسد من حقيقة كمال
الاعتكاف ، بقدر ما غفل أو هون به من كمال الأوصاف .
ومنها : ذكر المواضع التي يعتكف فيها : روينا
باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني وأبي جعفر ابن بابويه وجدي أبي جعفر الطوسي
رضي الله عنهم باسنادهم إلى عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام :
ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها ؟ فقال : لا اعتكاف إلا في مسجد
جماعة قد صلى فيها إمام عدل صلاة جماعة ، ولا بأس أن تعتكف في مسجد الكوفة
والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكة ( 3 ) .
ذكر أن الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام بالصيام :
رويناه بالإسناد المقدم ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يكون
الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام ، ومتى اعتكف صام ، وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن
يشترط كما يشترط الذي يحرم ( 4 ) . أقول : ومن
شرط المعتكف أن لا يخرج من موضع اعتكافه إلا لضرورة تقتضي جواز
|
* ( هامش ) *
1 - الاخير
( خ ل ) .
2 - رواه الكليني في الكافي 4 : 175 ،
والصدوق في الفقيه 2 : 156 ، والشيخ في
التهذيب 4 : 287 .
3 - رواه الشيخ في
التهذيب 4 : 290 ، والكليني في الكافي 4 :
176 .
4 - رواه الشيخ في
التهذيب 4 : 289 ، والكليني في الكافي 4 :
177 . ( * ) |
|
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 358 : - |
انصرافه ، وإذا خرج لضرورة فيكون حافظا لجوارحه وأطرافه حتى
يعود إلى مسجد الاختصاص ، ما شرط على نفسه
من الاخلاص ، ليظفر من الله جل جلاله بالشرط المضمون في قوله تعالى :
( وأوفوا بعهدي اوف بعهدكم
وإياي فارهبون )
( 1 ) .
ذكرنا ما نختار روايته من فضل المهاجرة إلى الحسين صلوات الله
عليه في العشر الأواخر من شهر رمضان : روينا ذلك باسنادنا إلى أبي المفضل ، قال
: أخبرنا علي ابن محمد بن بندار القمي إجازة ، قال : حدثني بن عمران الأشعري ،
عن أبيه
، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : سمعت الرضا علي بن موسى
عليهما السلام يقول : عمرة في شهر رمضان تعدل حجة ،
واعتكاف ليلة في شهر رمضان يعدل حجة ، واعتكاف ليلة في مسجد رسول الله صلى الله
عليه وآله وعند قبره يعدل
حجة وعمرة ، ومن زار الحسين عليه
السلام يعتكف عنده العشر والغوابر ( 2 )
من شهر رمضان فكأنما اعتكف عند قبر النبي صلى الله عليه
وآله ، ومن اعتكف عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله كان ذلك أفضل له من حجة
وعمرة بعد حجة الاسلام .
قال الرضا عليه السلام : وليحرص من زار الحسين عليه السلام في شهر رمضان ألا
يفوته ليلة الجنهي عنده ، وهي ليلة ثلاث وعشرين ، فانها الليلة المرجوة ، قال :
وأدنى الاعتكاف ساعة بين العشائين ، فمن اعتكفها فقد أدرك حظه - أو قال : نصيبه
- من ليلة القدر ( 3 ) .
ومنها : الغسل في كل ليلة من العشر الأواخر :
رويناه باسنادنا إلى محمد بن أبي عمير من كتاب علي بن عبد الواحد النهدي ، عن
بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان
رسول الله صلى الله عليه وآله
|
* ( هامش ) *
1 -
البقرة : 40 . 2 -
الأواخر ( خ ل ) . 3 - عنه
البحار 98 : 151 . ( * ) |
|
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 359 : - |
يغتسل في شهر رمضان في العشر الأواخر
في كل ليلة ( 1 ) .
ومنها : تعيين فضل الغسل في ليلة إحدى
وعشرين من شهر رمضان . وقد رويناه باسنادنا إلى الحسين بن سعيد باسناده
إلى أبي عبد الله عليه السلام قال : غسل ليلة إحدى
وعشرين من شهر رمضان سنة ( 2 ) .
ومنها : المائة ركعة ودعاؤها ،
أو المائة والثلاثون ركعة على إحدى الروايتين وأدعيتها ، وقد قدمنا وصف المائة
ركعة وأدعيتها . منها : عشرون ركعة أول ليلة من الشهر .
ومنها : ثمانون ركعة في ليلة تسع عشرة
منه تكملة الدعوات . فليعمل هذه الليلة على تلك الصفات ، ثمان بين
العشاءين واثنان وتسعون ركعة بعد العشاء الاخرة .
ومنها : الدعوات المتكررة في كل ليلة من شهر رمضان
، قبل السحر وبعده . وقد تقدم وصف ذكرها وطيب نشرها في أول ليلة من شهر رمضان ،
فاعمل عليه ولا تتكاسل عنه ، فانما تعمل مع نفسك العزيزة عليك ، وإن هونت فأنت
النادم والحجة ثابتة عليك بالتمكن الذي قدرت عليه ، وإذا رأيت المجتهدين يوم
التغابن ندمت على التفريط ، وخاصة إذا وجدت نفسك هناك دون من كنت في الدنيا
متقدما عليه .
|
* ( هامش ) *
1 - عنه
الوسائل 3 : 336 . 2 -
عنه الوسائل 3 : 327 . |
|
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 360 : - |
ومنها : الدعاء المختص بليلة إحدى وعشرين :
وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة وهو في ليلة إحدى وعشرين :
|
لا إله إلا الله ، مدبر الامور ،
ومصرف الدهور ، وخالق الأشياء جميعا بحكمته ، دالة على أزليته وقدمه ،
جاعل
الحقوق الواجبة لما يشاء ، رأفة منه ورحمة ، ليسأل بها سائل ويأمل
إجابة دعائه بها آمل . فسبحان من خلق ، [ و ]
الأسباب إليه كثيرة ،
والوسائل إليه موجودة ، وسبحان الله الذي لا يعتوره فاقة ، ولا تستذله
حاجة ، ولا تطيف به
ضرورة ، ولا يحذر إبطاء رزق رازق ، ولا سخط خالق ،
فانه القدير على رحمة من هو بهذه الخلال مقهور ، في
مضائقها محصور ،
يخاف ويرجو من بيده الامور ، وإليه المصير ، وهو على ما يشاء قدير .
اللهم صل على محمد
عبدك ورسولك ونبيك ، مؤدي الرسالة ، وموضح الدلالة ،
أوصل كتابك ، واستحق ثوابك ، وأنهج سبيل حلالك
وحرامك ، وكشف عن شعائرك
وأعلامك . فان هذه الليلة التي وسمتها بالقدر ، وأنزلت فيها محكم الذكر
، وفضلتها
على ألف شهر ، وهي ليلة مواهب المقبولين ، ومصائب المردودين
فياخسران من باء فيها بسخطه ، ويا ويح من حظي
فيها برحمته . اللهم
فارزقني قيامها والنظر إلى ما عظمت منها من غير حضور أجل ولا قرابة ،
ولا انقطاع أمل ولا
فوته ، ووفقني فيها لعمل ترفعه ، ودعاء تسمعه ،
وتضرع ترحمه ، وشر تصرفه ، وخير تهبه ، وغفران توجبه ،
ورزق توسعه ،
ودنس تطهره ، وإثم تغسله ، ودين تقضيه ، وحق تتحمله وتؤديه ، وصحة
تتمها ، وعافية تنميها ،
وأشعاث تلمها ، وأمراض تكشفها ، وصنعة تكنفها
، ومواهب تكشفها ، ومصائب تصرفها ، وأولاد وأهل تصلحهم ،
وأعداء تغلبهم
وتقهرهم ، وتكفي ما أهم من أمرهم ، وتقدر على قدرتهم ، وتسطو بسطواتهم
، وتصول على صولاتهم
، وتغل أيديهم إلى صدورهم ، وتخرس عن مكارهي
ألسنتهم ، وترد رؤوسهم على صدورهم . اللهم سيدي ومولاي
اكفني البغي ،
ومصارعة الغدر ومعاطبه ، واكفني سيدي شر عبادك ، واكف شر جميع عبادك ،
وانشر عليهم
الخيرات مني حتى تنزل علي في الاخرين ، واذكر والدي وجميع
المؤمنين والمؤمنات برحمتك ومغفرتك ، ذكرى سيد
قريب لعبيد وإماء فارقوا
الأحباء ، وخرسوا عن النجوى وصموا عن النداء ، وحلوا أطباق الثرى ،
وتمزقهم البلى .
اللهم إنك أوجبت لوالدي علي حقا وقد أديته بالاستغفار
لهما إليك ، إذ لا قدرة لي على قضائه إلا من جهتك ، وفرضت
لهما في
دعائي فرضا قد أوفدته عليك ، إذ حلت بي القدرة على واجبها ، وأنت تقدر
، وكنت لا أملك وأنت تملك .
اللهم لا تحلل بي فيما أوجبت ، ولا تسلمني
فيما فرضت ، وأشركني في كل صالح دعاء أجبته ، وأشرك في صالح
دعائي جميع
المؤمنين والمؤمنات ، إلا من عادى أؤلياءك ، وحارب أصفياءك ، وأعقب
بسوء الخلافة أنبياءك ، ومات
على ضلالته ، وانطوى في غوايته ، فاني
أبرء إليك من دعاء لهم . أنت القائم على كل نفس بما كسبت ، غفار
للصغاير ، والموبق بالكبائر بلا إله إلا أنت ، سبحانك إني كنت من
الظالمين ، فانشر علي رأفتك يا أرحم الراحمين ،
وصلى الله على محمد
النبي وآله وسلم كثيرا ( 1 ) .
1 -
عنه البحار 98 : 152 . |
|
|
ومنها : الدعاء المختص بليلة إحدى وعشرين من الفصول الثلاثين ، وهو دعاء ليلة
احدى وعشرين مروي عن النبي صلى الله عليه وآله :
|
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأشهد أن الجنة حق ، والنار حق ،
وأن
الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور . وأشهد أن
الرب ربي لا شريك له ، ولا ولد له ولا والد له ،
وأشهد أنه الفعال لما
يريد ، والقادر على كل شئ ، والصانع لما يريد ، والقاهر من يشاء ،
والرافع من يشاء ، مالك
الملك ، ورازق العباد ، الغفور الرحيم ، العليم
الحليم . أشهد أشهد ، أشهد أشهد ، أشهد أشهد ، أشهد ( أنك سيدي
كذلك ،
وفوق ذلك ، ولا يبلغ الواصفون كنه عظمتك ، اللهم صل على محمد وآله ،
واهدني ولا تضلني بعد إذ هديتني
، إنك أنت الهادي المهدي )
( 2 ) .
2 - عنه
البحار 98 : 154 . |
|
|
ومنها : ذكر ما يختص بهذه الليلة من دعاء العشر الأواخر : رويناه بعدة طرق إلى
جماعة من أصحابنا الماضين عمن أسندوه إليه من الأئمة الطاهرين ، صلوات الله
عليهم أجمعين ، ووجدنا رواية محمد بن أبي قرة رحمه الله أكمل الروايات ،
فأوردناها بألفاظها احتياطا للعبادات ، وهي مما نرويه باسنادنا إلى أبي محمد
هارون بن موسى رحمه الله باسناده إلى عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال : يقول أول ليلة منه :
|
يا مولج الليل في النهار ومولج
النهار في الليل ، ومخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ، يا رازق
من
يشاء بغير حساب ، يا الله يا رحمن ، يا الله يا رحيم ، يا الله يا
الله ، يا الله يا الله ، يا الله يا الله ، يا الله لك الأسماء
الحسنى
، والأمثال العليا والكبرياء والالاء . أسألك باسمك بسم الله الرحمن
الرحيم إن كنت قضيت في هذه الليلة تنزل
الملائكة والروح من كل أمر حكيم
، فصل على محمد وآل محمد ، واجعل اسمي في السعداء ، وروحي مع الشهداء ،
وإحساني في عليين وإساءتي مغفورة ، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي ،
وإيمانا يذهب الشك عني ، ورضا بما قسمت
لي ، آتني في الدنيا حسنة وفي
الاخرة حسنة وقني عذاب النار . وارزقني يا رب فيها ذكرك وشكرك والرغبة
والانابة
إليك ، والتوبة والتوفيق لما تحبه وترضى ، ولما وفقت له شيعة
آل محمد عليه وعليهم السلام يا أرحم الراحمين ، ولا
تفتني بطلب ما زويت
عني بحولك وقوتك ، وأغنني يا رب برزق منك واسع بحلالك عن حرامك .
وارزقني العفة في
بطني وفرجي ، وفرج عني كل هم وغم ، ولا تشمت بي عدوي
، ووفق لي الليلة القدر على أفضل ما رآها أحد ،
ووفقني لما وفقت له
محمدا وآل محمد صلواتك عليه وعليهم ، وافعل بي كذا وكذا الساعة الساعة
- حتى ينقطع النفس
زيادة بغير الرواية : اللهم صل على محمد وآل محمد
، واقسم لي حلما يسد عني باب الجهل ، وهدى تمن به علي من
كل ضلالة ،
وغنى تسد به عني باب كل فقر ، وقوة ترد بها عني كل ضعف ، وعزا تكرمني
به عن كل ذل ، ورفعة
ترفعني بها عن كل ضعة ، وأمنا ترد به عني كل خوف
وعافية ، تسترني بها من كل بلاء ، وعلما تفتح لي به كل يقين
ويقينا
تذهب به عني كل شك ، ودعاء تبسط لي به الاجابة في هذه الليلة ، وفي هذه
الساعة الساعة الساعة يا كريم ،
وخوفا تيسر لي به كل رحمة ، وعصمة تحول
بها بيني وبين الذنوب حتى افلح بها بين المعصومين عندك برحمتك يا
أرحم
الراحمين ( 3 )
3 - عنه
البحار 98 : 155 . |
|
|
ومن الزيادات ما يتكرر كل ليلة من العشر والأواخر : فمن ذلك
ما رويناه باسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى رضي
الله عنه باسناده إلى محمد بن أبي عمير ، عن مرازم ، عن أبي عبد الله عليه
السلام أنه كان يقول في كل ليلة من العشر الأواخر :
|
اللهم إنك قلت في كتابك المنزل :
( شهر رمضان الذي
انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان
) ،
فعظمت حرمة شهر رمضان بما أنزلت فيه
من القرآن ، وخصصته بليلة القدر ، وجعلتها خيرا من ألف شهر . اللهم
وهذه أيام شهر قد انقضت ، ولياليه قد تصرمت ، وقد صرت يا إلهي منه إلى
ما أنت أعلم به مني ، وأحصى لعدده
من الخلق أجمعين . فأسألك بما سألك
به ملائكتك المقربون ، وأنبياؤك المرسلون ، وعبادك الصالحون ، أن تصلي
على
محمد وآل محمد ، وأن تفك رقبتي من النار ، وتدخلني الجنة برحمتك ،
وأن تتفضل علي بعفوك وكرمك ، وتتقبل
تقربي ، وتستجيب دعائي وتمن علي
بالأمن يوم الخوف من كل هول أعددته ليوم القيامة . إلهي وأعوذ بوجهك
الكريم
، وبجلالك العظيم ، أن تنقضي أيام شهر رمضان ولياليه ، ولك قبلي
تبعة أو ذنب تؤاخذني به أو خطيئة تريد أن
تقتصها مني ، لم تغفرها لي .
سيدي سيدي سيدي ، أسألك يا لا إله إلا أنت إذ لا إله إلا أنت إن كنت
رضيت عني في
هذا الشهر فازدد عني رضا ، وإن تكن رضيت عني فمن الان فارض
عني يا أرحم الراحمين ، يا الله يا احد يا صمد
، يا من لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد . وأكثر أن تقول : يا ملين الحديد لداود عليه
السلام ، يا كاشف الضر
والكرب العظام عن أيوب عليه السلام ، أي مفرج هم
يعقوب عليه السلام ، أي منفس غم يوسف عليه السلام ، صل
على محمد وآل
محمد كما أنت أهله أن تصلي عليهم أجمعين وافعل بي ما أنت أهله ، ولا
تفعل بي ما أنا أهله ( 2 ) .
2 - عنه
البحار 98 : 156 . |
|
|
وفي رواية اخرى عن ابن أبي عمير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : تقول في
العشر الأواخر من شهر رمضان كل ليلة : أعوذ بجلال وجهك الكريم ، أن ينقضي عني
شهر رمضان ، أو يطلع الفجر من ليلتي هذه ، وبقي لك عندي تبعة أو ذنب تعذبني
عليه يوم ألقاك ( 3 ) .
3 -
عنه البحار 98 : 156 ، رواه الصدوق في
الفقيه 2 : 161 ، والكليني في الكافي 4 :
160 .
فصل : واعلم أن هذه الرواية بأدعية العشر الأواخر
من شهر رمضان ، تتكرر في كل ليلة منها ، مفرداتها ومزدوجاتها :
( إن كنت قضيت في هذه الليلة تنزل الملائكة والروح فيها ) .
ومن المعلوم من مذهب الامامية ورواياتهم أن ليلة القدر في
الليالي المفردات دون المزدوجات ، فيحتاج ذكرها في هذه الأدعية في مزدوجات
العشر جميعه إلى تأويل ، فأقول : إنه إن كان يمكن أن يكون المقصود بذكرها في
جميع ليالي العشر
ستر هذه الليلة عن أعدائهم ، وإبهامهم أنهم ما يعرفونها كما
كنا قد بيناه . أو يكون المراد : إن كنت قضيت في الليالي المزدوجات ، أن يكون
ليلة القدر في الليالي المفردات . أو يكون : إن كنت قضيت نزول الملائكة إلى
موضع خاص من السماء في الليالي المزدوجات ، ويتكمل نزولهم إلى الدنيا في
الليالي المفردات ، أو يكون له تأويل غير ما ذكرناه .
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس
الحسني ج 1 ص 366 : - |
وإن أسرار خواص الله جل جلاله ونوابه ما يتطلع كل أحد على
حقيقة معناه . فصل : وذكر أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه
أدعية العشر والأواخر من شهر رمضان من نوادر محمد بن أبي عمير عن الصادق عليه
السلام ، ولم يذكر فيها : ( إن كنت قضيت ) ، بل يقول : ( أن تجعل في هذه الليلة
اسمي في السعداء ، وروحي مع الشهداء - وتمام الدعاء . )
( 1 )
1 - رواه
الصدوق في الفقيه 2 : 161 - 164 ، والكليني في
الكافي 4 : 160 - 164 .
فصل ( 1 ) فيما يختص
باليوم الحادي والعشرين من دعاء غير متكرر
رواه محمد بن علي الطرازي قال : عن عبد الباقي بن بزداد أيده
الله ، قال : أخبرني أبو عبد الله محمد بن وهبان بن محمد البصري ، قال : حدثنا
أبو علي محمد بن الحسن بن جمهور ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه محمد ، عن حماد بن
عيسى ، عن حماد بن عثمان قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ليلة إحدى
وعشرين من شهر رمضان ، فقال لي : يا حماد اغتسلت ؟ قلت : نعم جعلت فداك ، فدعا
بحصير ، ثم قال : إلى لزقي ( 2 )
فصل . فلم يزل يصلى وأنا اصلي إلى لزقة حتى فرغنا
من جميع صلاتنا ، ثم أخذ يدعو وأنا أؤمن على دعائه إلى أن اعترض الفجر ، فأذن
وأقام ودعا بعض غلمانه ، فقمنا خلفه فتقدم وصلى بنا الغداة ، فقرأ بفاتحة
الكتاب و ( إنا أنزلناه في
ليلة القدر ) في الاولى ، وفي الركعة
الثانية بفاتحة الكتاب و (
قل هو الله أحد ) .
فلما فرغنا من التسبيح والتحميد والتقديس والثناء على الله تعالى ، والصلاة على
رسوله صلى الله عليه وآله ، والدعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات الأولين والاخرين ، خر ساجدا ولا أسمع منه إلا النفس ساعة طويلة ، ثم
سمعته يقول :
|
لا إله إلا أنت مقلب القلوب والأبصار
، لا إله إلا أنت خالق الخلق بلا حاجة فيك إليهم ، لا إله إلا أنت مبدئ الخلق
ولا ينقص من ملكك شئ ، لا إله إلا أنت
باعث من في القبور ، لا إله إلا أنت مدبر الامور ، لا إله إلا أنت ديان
وجبار الجبابرة . لا إله إلا أنت مجري
الماء في الصخرة الصماء ، لا إله إلا أنت مجري الماء في النبات ، لا إله إلا
أنت مكون طعم الثمار ، لا إله إلا أنت
محصي عدد القطر وما تحمله السحاب ، لا إله ألا أنت محصي عدد ما تجري
به الرياح في الهواء ، لا إله إلا أنت
محصي ما في البحار من رطب ويابس ، لا إله إلا أنت محصي ما يدب في
ظلمات البحار وفي أطباق الثرى . أسألك
باسمك الذي سميت به نفسك ، أو استأثرت به على علم الغيب عندك ،
وأسألك بكل اسم سماك به أحد من خلقك ،
من نبي أو صديق أو شهيد أو أحد من ملائكتك ، وأسألك باسمك الذي إذا
دعيت به أجبت ، وإذا سئلت به أعطيت .
وأسألك بحقك على محمد وأهل بيته صلواتك عليهم وبركاتك ، وبحقهم الذي
أوجبته على نفسك ، وأنلتهم به فضلك ،
أن تصلي على محمد عبدك ورسولك الداعي إليك بإذنك وسراجك الساطع بين
عبادك ، في أرضك وسمائك ، وجعلته رحمة
للعالمين ، نورا استضاء به المؤمنون ، فبشرنا بجزيل ثوابك ، وأنذرنا
الأليم من عذابك . أشهد أنه قد جاء
بالحق من عند الحق وصدق المرسلين ، وأشهد أن الذين كذبوه ذائقوا العذاب الأليم
.
أسألك يا الله يا الله يا الله ، يا
رباه يا رباه يا رباه ، يا سيدي يا سيدي يا سيدي ، يا مولاي يا مولاي يا مولاي
، أسألك
في هذه الغداة أن تصلي على محمد وآل
محمد وأن تجعلني من أوفر عبادك وسائليك نصيبا ، وأن تمن علي بفكاك
رقبتي من النار ، يا أرحم الراحمين .
وأسألك بجميع ما سألتك وما لم أسألك من عظيم جلالك ، ما لو علمته لسألتك به
، أن تصلي على محمد وأهل بيته ، وأن
تأذن لفرج من بفرجه فرج أوليائك وأصفيائك من خلقك ، وبه تبيد الظالمين
وتهلكهم ، عجل ذلك يا رب العالمين ،
وأعطني سؤلي يا ذا الجلال والاكرام في جميع ما سألتك لعاجل الدنيا وآجل
الاخرة . يا من هو أقرب إلي من حبل
الوريد ، أقلني عثرتي وأقلني بقضاء حوائجي ، يا خالقي ويا رازقي ويا باعثي
، ويا محيي عظامي وهي رميم ، صل على
محمد وآل محمد واستجب لي دعائي يا أرحم الراحمين . |
|
|
فلما فرغ رفع رأسه قلت : جعلت فداك سمعتك وأنت تدعو بفرج من فرجه فرج أصفياء
الله وأوليائه ، أو لست أنت هو ؟
قال : لا ، ذاك قائم آل محمد عليهم السلام . قلت : فهل لخروجه علامة ؟ قال :
نعم كسوف الشمس عند طلوعها ، ثلثي
ساعة من النهار ، وخسوف القمر ثلاث وعشرين ، وفتنة يصل أهل
مصر البلاء وقطع السبيل ، اكتف بما بينت لك ، وتوقع أمر صاحبك ليلك ونهارك ،
فان الله كل يوم هو في شأن لا يشغله شأن عن شأن ، ذلك الله رب العالمين ، وبه
تحصين أوليائه وهم له خائفون ( 4 ) .
4 - عنه
البحار 98 : 157 - 158 .
ومن ذلك دعاء اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان :
|
سبحان الله السميع الذي ليس شئ أسمع
منه ، يسمع من فوق عرشه ما تحت سبع أرضين ، ويسمع ما في ظلمات البر
والبحر ، ويسمع الأنين والشكوى ويسمع السر وأخفى ، ويسمع وساوس الصدور
، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي
الصدور ، ولا يصم سمعه صوت . سبحان الله
بارئ النسم ، سبحان الله المصور ، سبحان الله خالق الأزواج كلها ،
سبحان الله جاعل الظلمات والنور ، سبحان الله فالق الحب والنوى ، سبحان
الله خالق كل شئ ، سبحان الله خالق
ما يرى وما لا يرى ، سبحان الله
مداد كلماته ، سبحان الله رب العالمين ( 1 )
.
1 -
عنه البحار 98 : 157 - 158 . |
|
|
دعاء آخر في هذا اليوم :
|
اللهم اجعل لي فيه إلى مرضاتك دليلا ،
ولا تجعل للشيطان فيه علي سبيلا ، واجعل الجنة منزلا لي ومقيلا ، يا
قاضي حوائج الطالبين ( 5 ) .
5 -
عنه البحار 98 : 159 . |
|
|
|