|
|
فصل ( 5 ) في ذكر زيارة الحسين عليه السلام في اول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه وآخر ليلة منه روينا ذلك باسناد إلى أبي المفضل الشيباني ، قال : حدثنا أبو محمد شعيب بن محمد بن مقاتل البلخي بنوقان طوس في مشهد الرضا عليه السلام ، قال : حدثني أبي ، عن أبي بصير الفتح بن عبد الرحمان القمي ، عن علي بن محمد بن فيض بن مختار ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه سئل عن زيارة
أبي عبد الله عليه السلام فقيل : هل في ذلك وقت هو أفضل من وقت ؟ فقال : زوروه
صلى الله عليه في كل وقت وفي كل حين فان زيارته عليه السلام
خير موضوع ، فمن أكثر منها فقد استكثر من الخير ومن قلل قلل له ، وتحروا ( 1 ) بزيارتكم الأوقات الشريفة ، فان الأعمال الصالحة فيها مضاعفة ، وهي أوقات مهبط الملائكة لزيارته . قال : فسئل عن زيارته في شهر رمضان ؟ فقال : من جاءه عليه السلام خاشعا محتسبا مستقيلا مستغفرا ، فشهد قبره في احدى ثلاث ليال من شهر رمضان : اول ليلة من الشهر أو ليلة النصف أو آخر ليلة منه ، تساقطت عنه ذنوبه وخطاياه التي اجترحها ( 2 ) ، كما يتساقط هشيم ( 3 ) الورق بالريح العاصف ، حتى انه يكون من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امه ، وكان له مع
ذلك من الأجر مثل أجر من حج في عامه ذلك واعتمر ، ويناديه ملكان يسمع نداءهما
كل ذي روح الا الثقلين من الجن والإنس ، يقول أحدهما : يا عبد الله طهرت
فاستأنف العمل ، ويقول الآخر : يا عبد الله أحسنت فابشر بمغفرة من الله وفضل
(
4 ) .
اعلم ان الظاهر في العمل في ترتيب نافلة شهر رمضان هو ما قد تضمنه مصباح جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله جل جلاله عليه ، انه قال : تصلي في العشرين ليلة من الشهر ، كل ليلة عشرين ركعة ، ثمان ركعات بين العشائين ، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة ، وتصلي ليلة تسع عشرة منه مأة
ركعة ، وكذلك ليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ، تسقط ما فيها من الزيادات ،
وهي عشرون ركعة في ليلة تسع عشرة ، وثلاثون في ليلة احدى وعشرين ، وثلاثون في
ليلة
ثلاث وعشرين ، الجميع ثمانون ركعة ، تفرقها في اربع جمع ، في كل جمعة عشر ركعات ، اربع منها صلاة امير المؤمنين عليه السلام ، ركعات صلاة فاطمة عليها السلام ، واربع ركعات صلاة جعفر عليه السلام ، وتصلي ليلة آخر جمعة من الشهر عشرين ركعة صلاة امير المؤمنين عليه السلام ، وفي آخر ليلة سبت منه عشرين ركعة صلاة فاطمة عليها السلام ، فيكون ذلك تمام الف ركعة ، وتصلي ليلة النصف زيادة على هذه الألف مأة ( 1 ) . وهذا الترتيب في نوافل شهر رمضان هو اختيار الشيخ المفيد في كتاب المقنعة ( 2 ) . وقال المفيد في الرسالة العزية ما معناه : انه يصلي في العشرين ليلة الأولة ، كل ليلة عشرين ركعة ثماني بين العشائين ، واثنتي عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة ، ويصلي في العشر الآخر كل ليلة ثلاثين ركعة ، ويضيف الى هذا الترتيب في ليلة تسع عشرة وليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين كل ليلة مأة ركعة وذلك تمام الالف ركعة . قال : وهو رواية محمد بن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان فيما اسنده عن علي بن مهزيار ( 3 ) ، عن مولانا الجواد عليه السلام ، يقتضي ترتيب الرسالة العزية ( 4 ) .
وفي رواية اخرى الف ركعة ، وروي تسعة آلاف
مرة ( قل هو الله احد
) ، وروي عشرة آلاف مرة
(
قل هو الله احد )
في كل ركعة عشر مرات ، وروي انه يجوز مرة مرة ، فمنها في العشر الأول والثاني
في كل ليلة عشرين ركعة ، يكون اربعمأة ركعة ، في كل ركعة عشر مرات
( قل هو الله احد
) ، فان
لم يكن فمرة ، وفي العشر الأواخر ثلاثين ركعة في كل ليلة ، في كل ركعة عشر مرات ( قل هو الله أحد ) ، فان لم يكن فمرة الا في ليلة احدى وعشرين وثلاث وعشرين ، فان فيهما مأة في كل ركعة بعد فاتحة الكتاب عشر مرات ( قل هو الله احد ) ، وقد روي ان في ليلة تاسع وعشرين ( 1 ) ايضا مأة ركعة ، وهو قول من قال بالالف ركعة ، الا ان المعول عليه في ليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين - هذا لفظه ( 2 ) . ولعل ناسخ كتابه غلط ، فأراد أن يكتب : ليلة تسع عشرة ، فكتب تاسع وعشرون ، الا اننا كذا وجدناه في نسختنا وهي عتيقة ، تاريخها ذو الحجة سنة اثنتي عشرة واربعمائة .
غيره ، الا ان لشهر رمضان على سائر الشهور من
الفضل ما ينبغي ان يزيد في تطوعه ، وان احب وقوي على ذلك ان عشرة ركعة بين المغرب والعتمة ، وثمان ركعات بعد العتمة ، فإذا بقي من شهر رمضان عشر ليال ، فليصل ثلاثين ركعة في كل ليلة - ثم قال : - وفي ليلة احدى وعشرين وثلاث وعشرين يصلي في كل واحدة منهما مأة ركعة . ثم قال : انما اوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ، ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروي ومن رواه ، وليعلم من اعتقادي فيه اني لا أرى بأسا باستعماله . ( 3 ) أقول : وروى عبيدالله الحلبي في كتاب له وابن الوليد في جامعه
ما معناه : ان النبي
صلى الله عليه وآله لم يصل نافلة شهر رمضان ( 1 ) . ولعل روايتهما لها تأويل من التقية ، أو غلط من الروات ، أو غير ذلك من البيان . أقول : فمن الروايات في ان النبي صلى الله عليه وآله صلى نوافل شهر رمضان ، ما رويناه باسنادنا الى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضوان الله جل جلاله عليه قال : قال أبو علي بن همام ، قال : حدثنا علي بن سليمان الرازي ، قال : حدثني أبو القاسم بن أبي خليس المدائني ، قال : حدثني أبو علي محمد بن احمد بن
مطهر ( 2 ) ، قال : كتبت الى سيدي رمضان على ما كان يصلي في غيره . فكتب في الجواب : كذب ، فض الله الله فاه ، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي في عشرين ليلة من شهر رمضان عشرين ركعة في كل ليلة ، وفي ليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين مأة ركعة ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة . ( 3 )
يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ،
وصباح الحذاء ، عن اسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن فأخبرني به ، وقال هؤلاء جميعا : وسألنا عن الصلاة في الصلاة في شهر رمضان كيف هي وكيف فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقالوا جميعا :
انه لما دخلت ( 1 ) عليه اول ليلة من شهر رمضان صلى رسول الله صلى الله عليه وآله المغرب ، ثم صلى اربع ركعات التي كان يصليها بعد المغرب في كل ليلة ، ثم صلى ثمان ركعات ، فلما صلى العشاء الآخرة وصلى الركعتين اللتين كان يصليهما بعد العشاء الآخرة ، وهو جالس في كل ليلة ، ثم قام فصلى اثنتي عشرة ركعة ثم دخل بيته ، فلما رأى ذلك الناس ونظروا الى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد زاد في صلاته حين دخل شهر رمضان سألوه عن ذلك ، فاخبرهم ان هذه الصلاة صليتها لفضل شهر رمضان على الشهور . فلما كان من الليل قام يصلي
فاصطف الناس خلفه ، فانصرف إليهم فقال واعلموا انه لا جماعة في نافلة ، فافترق الناس فصلى كل رجل منهم على حياله لنفسه . فلما كان ليلة تسع عشرة من شهر رمضان اغتسل حين غابت الشمس وصلى المغرب بغسل ، فلما صلى المغرب وصلى اربع ركعات التي كان يصليها فيما مضى في كل ليلة بعد المغرب دخل الى بيته ، فلما اقام بلال لصلاة عشاء الآخرة خرج النبي صلى الله عليه وآله فصلى بالناس ، فلما انفتل صلى الركعتين وهو جالس ، كما كان يصلي كل ليلة ، ثم قام فصلى مأة ركعة : يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة ( قل هو الله احد ) عشر مرات ، فلما فرغ من ذلك صلى صلاته التي كان يصلي في كل ليلة في آخر الليل واوتر ، فلما كان ليلة عشرين من شهر رمضان فعل كما كان يفعل قبل ذلك من الليالي في شهر رمضان ، ثمان ركعات بعد المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة . فلما كان ليلة احدى وعشرين اغتسل حين غابت الشمس وفعل فيها مثل ما فعل في ليلة تسع عشرة ، فلما كان في ليلة اثنتين وعشرين زاد في صلاته فصلى ثمان
ركعات بعد المغرب واثنتين وعشرين ركعة بعد عشاء الآخرة ، فلما كان ليلة ثلاث وعشرين اغتسل ايضا كما اغتسل في ليلة تسع عشرة ، وكما اغتسل في ليلة احدى وعشرين ثم فعل مثل ذلك . قال : فسألته ( 1 ) عن صلاة الخمسين ما حالها في شهر رمضان ؟ قال : كان رسول الله صلى الله علسه وآله يصلي هذه الصلاة ويصلي صلاة الخمسين على ما كان فعل في غير شهر رمضان لا ينقص منها شيئا . ( 2 )
المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام : قال : واخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : اخبرنا الحسين بن علي بن سفيان ، عن احمد بن ادريس ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن سنان ، عن المفضل ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : تصلي في شهر رمضان زيادة الف ركعة ، قال : قلت : ومن يقدر على هذا ؟ قال : ليس حيث تذهب ، أليس تصلي في تسع عشر منه ، وفي كل ليلة عشرين ركعة ، وفي ليلة تسع عشرة مأة ركعة ، وفي ليلة احدى وعشرين مأة ركعة ، وفي ليلة ثلاث وعشرين مأة ركعة ، وتصلي في ثمان ليال من العشر الأواخر ، في ليلة ثلاثين ركعة ، فهذه تسعمأة وعشرين ركعة .
قال : قلت : جعلني الله فداك فرجت عني لقد كان ضاق بي الأمر ، فلما ان أتيت بالتفسير فرجت عني ، فكيف تمام الالف ركعة ؟ قال : تصلي في كل يوم جمعة في شهر رمضان اربع ركعات لأمير المؤمنين عليه السلام ، وتصلي ركعتين لابنة محمد عليهما السلام ، وتصلي بعد الركعتين اربع ركعات لجعفر الطيار عليه السلام ، وتصلي في ليلة جمعة في العشر الأواخر في آخر جمعة لأمير المؤمنين عليه السلام عشرين ركعة ، وتصلي في عشية الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة لابنة محمد عليهما وعلى ذريتهما السلام . ثم قال : اسمع وعه ثقاة اخوانك هذه الاربع والركعتين ، فانها افضل الصلوات بعد الفرائض ، فمن صلاها في شهر رمضان أو غيره انفتل وليس بينه وبين الله عز وجل من ذنب . قال ثم قال : يا مفضل بن عمر ! تقرء في هذه الصلوات كلها أعني صلاة شهر رمضان ، الزيادة منها بالحمد و
( قل هو الله احد
) ، ان شئت مرة السلام فانه تقرء فيها
بالحمد في كل ركعة وخمسين مرة (
قل هو الله احد ) ، وتقرء في صلاة ابنة محمد
صلى الله عليهما سلمت في
الركعتين سبح تسبيح فاطمة عليها السلام ، وهو الله أكبر - أربع وثلاثون مرة ،
وسبحان الله - ثلاث وثلاثون مرة في صلاة جعفر عليه السلام في الركعة الاولى الحمد و ( إذا زلزلت ) ، وفي الثانية الحمد والعاديات ، وفي الثالثة الحمد و ( إذا جاء نصر الله ) ، وفي الركعة الرابعة الحمد و ( قل هو الله احد ) ، ثم قال لي : يا مفضل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم . ( 1 )
وقال علي بن عبد الواحد النهدي في كتابه : واخبرنا عبد الله بن الحسين الفارسي رحمه الله ، قال : اخبرنا محمد بن علي بن معمر ، عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام . أقول : وقد زكى المفيد ( 1 ) في كتاب كمال شهر رمضان محمد بن سنان وبالغ في الثناء عليه وروى في ذلك حديثا يعتمد عليه . قال السيد الإمام العالم العامل الفقيه الكامل العلامة ، رضي الدين ركن الاسلام جمال العارفين ، انموذج السلف الطاهر ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس - مصنف هذا الكتاب - : قد ذكرنا هاتين الروايتين بالفاظ الروات ، احتياطا لمراقبة مالك الاسباب ، وسنذكر في عمل ليلة تسع عشر من رمضان من هذا الكتاب ما يكون عندنا من تأويل في الجمع بينهما ، على ما نرجوه اقرب الى الصواب ، وبين الرواة تفاوت في العدالة والجرح ، ولم نذكره تنزيها عن الاغتياب وخوفا من يوم الحساب . ولعل رواية الحلبي ورواية محمد بن الوليد في ترك نافلة شهر الصيام لعذر مقبول في شريعة الاسلام ، فان ظاهر روايتهما المشار اليهما ، وظاهر مذهب ابن بابويه رضوان الله عليه ترك هذا الترتيب في نافلة ( 2 ) شهر رمضان ، والاقتصار على نافلة اليوم والليلة كغيره من الأزمان .
الله صلى الله عليه وآله يصنع في شهر رمضان ، كان يتنفل في كل ليلة ، ويزيد على صلاته التي يصليها قبل ذلك منذ اول ليلة الى تمام عشرين
ليلة ، في كل ليلة عشرين ركعة ، ثمان ركعات منها بعد المغرب ، واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة ، ويصلي في العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة ، اثنتي عشرة ركعة منها بعد المغرب ، وثماني عشرة بعد العشاء الآخرة ، وكان يجتهد في ليلة تسع عشرة اجتهادا شديدا ، وكان يصلي في ليلة احدى وعشرين مأة ركعة ، ويصلي في ليلة ثلاث وعشرين مأة ركعة ويجتهد فيهما . ( 1 ) أقول : ولو ذكرنا كلما وقفنا عليه من اختلاف الترتيب بين
الروايات كنا قد خرجنا عما قصدناه .
|
|