- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 430 : -

الباب الرابع والثلاثون فيما نذكره من زيادات ودعوات في آخر ليلة منه


وداع آخر لشهر رمضان رويناه بعدة طرق إلى محمد بن يعقوب ، باسناده إلى أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في وداع شهر رمضان ، نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه :

 

اللهم إنك قلت في كتابك المنزل ، على لسان نبيك المرسل ، صلواتك عليه ، وقولك حق : ( شهر رمضان الذي انزل

فيه القرآن ) . وهذا شهر رمضان قد تصرم ، فأسألك بوجهك الكريم وكلماتك التامة ، إن كان بقي علي ذنب لم تغفره

لي ، أو تريد أن تعذبني عليه ، أو تقايسني به أن يطلع فجر هذه الليلة ، أو ينصرم هذا الشهر إلا وقد غفرته لي ،

يا أرحم الراحمين . اللهم لك الحمد بمحامدك كلها ، أولها وآخرها ، وما قلت لنفسك منها ، وما قاله لك الخلائق ،

الحامدون المجتهدون المعدودن ، المؤثرون في ذكرك وشكرك ، الذين أعنتهم على أداء حقك من أصناف خلقك ، من

الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين ، وأصناف الناطقين المسبحين لك من جميع العالمين ، على أنك بلغتنا شهر

رمضان ، وعلينا من نعمك ، وعندنا من قسمك وإحسانك وتظاهر امتنانك . فبذلك لك منتهى الحمد ، الخالد الدائم الراكد

المخلد السرمد ، الذي لا ينفد طول الأبد ، جل ثناؤك ، وأعنتنا عليه حتى قضيت عنا صيامه ، وقيامه من صلاة ، وما

كان منا فيه من بر أو نسك أو ذكر . اللهم فتقبله منا بأحسن قبولك ، وتجاوزك وعفوك ، وصفحك وغفرانك ، وحقيقة

رضوانك ، حتى تظفرنا فيه بكل خير مطلوب ، وجزيل عطاء موهوب ، تؤمنا فيه من كل أمر مرهوب وذنب مكسوب

اللهم إني أسألك بعظيم ما سألك أحد من خلقك من كريم أسمائك ، وجزيل ثنائك ، وخاصة دعائك ، أن تصلي على

محمد وآل محمد ، وأن تجعل شهرنا هذا أعظم شهر رمضان مر علينا منذ أنزلتنا إلى الدنيا بركة في عصمة ديني ،

وخلاص نفسي ، وقضاء حاجتي ، وتشفيعي في مسائلي ، وتمام النعمة علي ، وصرف السوء عني ، ولباس العافية لي

وأن تجعلني برحمتك ممن حزت له ليلة القدر ، وجعلتها له خيرا من ألف شهر من أعظم الأجر ، وكرائم الذخر ،

وطول العمر ، وحسن الشكر ، ودوام اليسر . اللهم وأسألك برحمتك وطولك ، وعفوك ونعمائك وجلالك ، وقديم

إحسانك وامتنانك ، وأن لا تجعله آخر العهد منا لشهر رمضان ، حتى تبلغناه من قابل على أحسن حال ، وتعرفني

هلاله مع الناظرين إليه ، والمتعرفين له ، في أعفى عافيتك وأتم نعمتك ، وأوسع رحمتك ، وأجزل قسمك . اللهم يا

ربي الذي ليس لي رب غيره ، ولا يكون هذا الوداع مني وداع فناء ، ولا آخر العهد من اللقاء ، حتى ترينيه من قابل

في أسبغ النعم ، وأفضل الرجاء ، وأنالك على أحسن الوفاء إنك سميع الدعاء . اللهم اسمع دعائي ، وارحم تضرعي

وتذللي لك ، واستكانتي وتوكلي عليك ، فأنا لك سلم ، ولا أرجو نجاحا ، وبلا معافاة ولا تشريفا ولا تبليغا ، إلا بك

ومنك . فامنن علي جل ثناؤك ، وتقدست أسماؤك بتبليغي شهر رمضان ، وأنا معافى من كل مكروه ومحذور ، ومن

جميع البوائق . الحمد لله الذي أعاننا على صيام هذا الشهر وقيامه ، حتى بلغنا آخر ليلة منه ( 1 ) .

 1 - عنه البحار 98 : 176 ، رواه الشيخ في مصباحه 2 : 579 ، عنه المستدرك 7 : 477 .

 


قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في الأصل الذي نقلناه منه ، هذا الوداع بخطه ما هذا لفظه : إلى هاهنا رواية الكليني ، وروى إبراهيم بن إسحاق الأحمري عن عبد الله بن حماد الأنصاري ، عن أبي بصير ، وعن جماعة من أصحابه ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك ، وزاد فيه :

  اللهم إني أسألك بأحب ما دعيت به ، وأرضى ما رضيت به عن محمد صلى الله عليه وآله أن تصلي على محمد وآل

محمد ولا تجعل وداعي وداع شهر رمضان ، وداع خروجي من الدنيا ، ولا وداع آخر عبادتك فيه ، ولا آخر صومي

لك ، وارزقني العود فيه ، ثم العود فيه برحمتك ياولي المؤمنين ، ووفقني فيه لليلة القدر ، واجعلها لي خيرا من ألف

شهر . يا رب العالمين ، يا رب ليلة القدر ، وجاعلها خيرا من ألف شهر ، رب الليل والنهار ، والجبال والبحار ،

والظلم والأنوار ، والأرض والسماء . يا بارئ يا مصور ، يا حنان يا منان ، يا الله يا رحمان ، يا قيوم يا بديع ، لك

الأسماء الحسنى ، والأمثال العليا ، والكبرياء والالاء . أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم ، أن تصلي على محمد

وآل محمد وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء ، وروحي مع الشهداء ، وإحساني في عليين ، وإساءتي مغفورة

وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي ، وإيمانا لا يشوبه شك ، ورضا بما قسمت لي ، وأن تؤتيني في الدنيا حسنة ، وفي

الاخرة حسنة ، وأن تقيني عذاب النار . اللهم اجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم ، وفيما تفرق من الأمر الحكيم

في ليلة القدر ، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل ولا يغير ، أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام ، المبرور حجهم ،

المشكور سعيهم ، المغفور ذنبهم ، المكفر عنهم سيئاتهم ، واجعل فيما تقضي وتقدر ، أن تعتق رقبتي من النار ،

يا أرحم الراحمين . اللهم إني أسألك ولم يسأل العباد مثلك جودا وكرما ، وأرغب إليك ولم يرغب إلى مثلك ، أنت

موضع مسألة السائلين ، ومنتهى رغبة الراغبين ، أسألك بأعظم المسائل كلها وأفضلها وأنجحها ، التي ينبغي للعباد أن

يسألوك بها . يا الله يا رحمان ، وبأسمائك ، ما علمت منها وما لم أعلم ، وبأسمائك الحسنى ، وأمثالك العليا ، وبنعمتك

التي لا تحصى ، وبأكرم أسمائك عليك ، وأحبها إليك ، وأشرفها عندك منزلة ، وأقربها منك وسيلة ، وأجزلها منك

ثوابا ، وأسرعها لديك اجابة . وباسمك المكنون المخزون ، الحي القيوم ، الأكبر الأجل الذي تحبه وتهواه ، وترضى

عمن دعاك به ، وتستجيب له دعاءه ، وحق عليك ألا تخيب ، سائلك . وأسألك بكل اسم هو لك ، في التوراة والانجيل

والزبور والفرقان ، وبكل اسم دعاك به حملة عرشك ، وملائكة سماواتك ، وجميع الأصناف من خلقك ، من نبي أو

صديق أو شهيد ، وبحق الراغبين إليك ، المقربين منك ، المتعوذين بك ، وبحق مجاوري بيتك الحرام حجاجا ومعتمرين

، ومقدسين ، والمجاهدين في سبيلك ، وبحق كل عبد متعبد لك ، في بر أو بحر ، أو سهل أو جبل . أدعوك دعاء من

قد اشتدت فاقته ، وكثرت ذنوبه ، وعظم جرمه ، وضعف كدحه ، دعاء من لا يجد لنفسه سادا ، ولا لضعفه مقويا ،

ولا لذنبه غافرا غيرك ، هاربا إليك ، متعوذا بك ، متعبدا لك ، غير مستكبر ولا مستنكف ، خائفا بائسا فقيرا ، مستجيرا

بك . أسألك بعزتك وعظمتك ، وجبروتك وسلطانك ، وبملكك وببهائك وجودك وكرمك ، وبآلائك وحسنك وجمالك ،

وبقوتك على ما أردت من خلقك . أدعوك يا رب خوفا وطمعا ، ورهبة ورغبة ، وتخشعا وتملقا ، وتضرعا ، وإلحافا

وإلحاحا ، خاضعا لك ، لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك . يا قدوس يا قدوس يا قدوس ، يا الله يا الله يا الله ،

يا رحمان يا رحمان يا رحمان ، يا رحيم يا رحيم يا رحيم ، يا رب يا رب يا رب ، أعوذ بك يا الله ، الواحد الأحد

الصمد الوتر الكبير المتعال . وأسألك بجميع ما دعوتك به ، وبأسمائك التي تملأ أركان عرشك كلها ، أن تصلي على

محمد وآل محمد ، واغفر لي وارحمني وأوسع علي من فضلك العظيم ، وتقبل مني شهر رمضان ، وصيامه وقيامه ،

وفرضه ونوافله . واغفر لي وارحمني واعف عني ، ولا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك وعبدتك فيه ، ولا تجعل

وداعي إياه وداع خروجي من الدنيا . اللهم أوجب لي من رحمتك ومغفرتك ، ورضوانك وخشيتك أفضل ما أعطيت

أحدا ممن عبدك فيه . اللهم لا تجعلني اخسر من سألك فيه ، واجعلني ممن أعتقته في هذا الشهر من النار ، وغفرت له

ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأوجبت له أفضل ما رجاك وأمله منك ، يا أرحم الراحمين . اللهم ارزقني العود في

صيامه ، وعبادتك فيه ، واجعلني ممن كتبته في هذا الشهر من حجاج بيتك الحرام ، المبرور حجهم ، المغفور لهم

ذنبهم المتقبل عملهم ، آمين آمين آمين ، رب العالمين . اللهم لا تدع لي فيه ذنبا إلا غفرته ولا خطيئة إلا محوتها ، ولا

عثرة إلا أقلتها ، ولا دينا إلا قضيته ، ولا عيلة إلا أغنيتها ، ولا هما إلا فرجته ، ولا فاقة إلا سددتها ، وعريا إلا

كسوته ، ولا مرضا إلا شفيته ، ولا داء إلا أذهبته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والاخرة إلا قضيتها على أفضل أملي

ورجائي فيك ، يا أرحم الراحمين . اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، ولا يذلنا بعد إذ أعززتنا ، ولا تضعنا بعد إذ

رفعتنا ، ولا تهنا بعد إذ أكرمتنا ، ولا تفقرنا بعد إذ أغنيتنا ، ولا تمنعنا بعد إذ أعطيتنا ، ولا تحرمنا بعد إذ رزقتنا ، ولا

تغير شيئا من نعمك علينا ، وإحسانك إلينا لشئ كان من ذنوبنا ، ولا لما هو كائن منا ، فان في كرمك وعفوك وفضلك

سعة لمغفرة ذنوبنا ، فاغفر لنا وتجاوز عنا ، ولا تعاقبنا عليها ، يا أرحم الراحمين . اللهم أكرمني في مجلسي هذا

كرامة لا تهينني بعدها أبدا ، وأعزني عزا لا تذلني بعده أبدا ، وعافني عافية لا تبتليني بعدها أبدا ، وارفعني رفعة لا

تضعني بعدها أبدا ، واصرف عني شر كل جبار عنيد ، وشر كل قريب وبعيد ، وشر كل صغير وكبير ، وشر كل دابة

أنت آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم . اللهم ما كان في قلبي من شك أو ريبة ، أو جحود أو قنوط ، أو

فرح أو مرح ، أو بطر أو بذخ أو خيلاء ، أو رياء أو سمعة ، أو شقاق أو نفاق ، أو كفر أو فسوق ، أو معصية أو

شئ لا تحب عليه وليا لك . فأسألك أن تمحوه من قلبي ، وتبدلني مكانه إيمانا بك ، ورضا بقضائك ، ووفاء بعهدك

ووجلا منك ، وزهدا في الدنيا ، ورغبة فيما عندك ، وثقة بك ، وطمأنينة إليك ، وتوبة نصوحا إليك . اللهم إن كنت

بلغتناه وإلا فأخر آجالنا الى قابل حتى تبلغناه في يسر منك وعافية يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وآله

كثيرا ورحمة الله وبركاته ( 1 ) .

 1 - رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2 : 636 - 642 ، عنه البحار 98 : 176 - 181 .

 

 

وداع آخر لشهر رمضان رويناه باسنادنا إلى أبي محمد بن موسى التلعكبري رضي الله عنه باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال : من ودع شهر رمضان في آخر ليلة وقال :

  اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامي لشهر رمضان ، وأعوذ بك أن يطلع فجر هذه الليلة إلا وقد غفرت لي .

غفر الله تعالى له قبل أن يصبح ، ورزقه الانابة إليه ( 2 ) .

 2 - عنه البحار 98 : 181 .

 

 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال شهر رمضان