|
|
فصل ( 44 ) فيما نذكره من فضل ليلة النصف من شعبان من أمر عظيم وصلاة مائة ركعة وذكر كريم وجدنا ذلك في كتب العبادات وضمان فاتح ابواب الرحمات ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كنت نائما ليلة النصف من شعبان ، فأتاني جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد أتنام في هذه الليلة ؟ فقلت : يا جبرئيل وما هذه الليلة ؟ قال : هي ليلة النصف من شعبان ، قم يا محمد . فأقامني ثم ذهب بي إلى البقيع ثم قال لي ( 1 ) : ارفع رأسك فان هذه الليلة تفتح فيها أبواب السماء ، فيفتح فيها أبواب الرحمة ، وباب الرضوان ، وباب المغفرة ، وباب الفضل ، وباب التوبة ، وباب النعمة ، وباب الجود ، وباب الاحسان ، يعتق الله فيها بعدد شعور النعم وأصوافها ، ويثبت الله فيها الاجال ، ويقسم فيها الأرزاق من السنة إلى السنة ، وينزل ما يحدث في السنة كلها . يا محمد من أحياها بتسبيح وتهليل وتكبير ودعاء وصلاة وقراءة وتطوع واستغفار كانت الجنة له منزلا ومقيلا ، وغفر الله لهما تقدم من ذنبه وما تأخر . يا محمد من صلى فيها مائة ركعة يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قل هو الله أحد ) عشر مرات ، فإذا فرغ من الصلاة قرأ آية الكرسي عشر مرات وفاتحة الكتاب عشرا وسبح الله مائة مرة ، غفر الله له مائة كبيرة موبقة موجبة للنار ، وأعطى بكل سورة وتسبيحة قصرا في الجنة ، وشفعه الله في مائة من أهل بيته ، وشركه في ثواب الشهداء
وأعطاه ما يعطي صائمي هذا الشهر وقائمي هذه الليلة ، من
يدي الله تعالى ، قال : فهم بين راكع وقائم وساجد وداع ومكبر ومستغفر ومسبح . يا محمد إن الله تعالى يطلع في هذه الليلة فيغفر لكل مؤمن قائم يصلي وقاعد يسبح وراكع وساجد وذاكر ، وهي ليلة لا يدعو فيها داع إلا استجيب له ، ولا سائل إلا اعطي ، ولا مستغفر إلا غفر له ولا تائب إلا يتوب عليه ، من حرم خيرها يا محمد فقد حرم . وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو فيها فيقول : اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به رضوانك ( 1 ) ، ومن اليقين ما يهون علينا به مصيبات الدنيا ، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما احييتنا ، واجعله الوارث منا . واجعل ثارنا على من ظلمنا ، وانصرنا على منا عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا ، برحمتك يا أرحم الراحمين ( 2 ) .
قال راوي الحديث : ولقد حدثني ثلاثون من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أنه : من صلى هذه الصلاة في هذه الليلة نظر الله إليه سبعين نظرة ، وقضى له بكل نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة ، ثم لو كان شقيا وطلب السعادة لأسعده الله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب ) ( 3 ) ، ولو كان والداه من أهل النار ودعا لهما اخرجا من النار بعد أن لا يشركا بالله شيئا ، ومن صلى هذه الصلاة قضى الله له كل حاجة طلب وأعد له في الجنة مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت .
والذي بعثني بالحق نبيا من صلى هذه الصلاة يريد بها وجه الله تعالى جعل الله له نصيبا في أجر جميع من عبد الله تلك الليلة ، ويأمر الكرام الكاتبين أن يكتبوا له الحسنات ويمحو عنه السيئات ، حتى لا يبقى له سيئة ، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى منزله من الجنة ، ويبعث الله إليه ( 1 ) ملائكة يصافحونه ويسلمون عليه ، ويحشر يوم القيامة مع الكرام البررة ، فان مات قبل الحول مات شهيدا ، ويشفع في سبعين ألفا من الموحدين ، فلا يضعف عن القيام تلك الليلة إلا شقي ( 2 ) .
فالجواب : لعل المراد أن قسمه الاجال والأرزق التي يحتمل أن تمحي وتثبت ليلة نصف شعبان ، والاجال والأرزاق المحتومة ليلة القدر ، أو لعل قسمتها في علم الله جل جلاله ليلة نصف شعبان وقسمتها بين عباده ليلة القدر ، أو لعل قسمتها في اللوح المحفوظ ليلة نصف شعبان وقسمتها بتفريقها بين عباده ليلة القدر . أو لعل قسمتها في ليلة القدر وفي ليلة النصف من شعبان أن يكون معناه ان الوعد بهذه القسمة في ليلة القدر كان في ليلة نصف شعبان ، فيكون معناه أن قسمتها ليلة القدر كان ابتداء الوعد به أو تقديره ليلة نصف شعبان ، كما لو أن سلطانا وعد إنسانا أن يقسم عليه الأموال ( 4 ) في ليلة القدر وكان وعده به ليلة نصف شعبان ، فيصح أن يقال عن الليلتين ، أن ذلك قسم فيهما .
قلبه يوم يموت القلوب ، ولم يمت حتى يرى مائة ملك يؤمنونه من عذاب الله ، ثلاثون منهم يبشرونه بالجنة ، وثلاثون كانوا يعصمونه من الشيطان ، وثلاثون يستغفرون له آناء الليل والنهار ، وعشرة يكيدون من كاده ( 1 ) .
ولبس ثوبين نظيفين ثم خرج إلى مصلاه فصلى العشاء الاخرة ، ثم صلى بعدها ركعتين يقرء في اول ركعة الحمد وثلاث آيات من أول البقرة وآية الكرسي وثلاث آيات من آخرها ، ثم يقرء في الركعة الثانية الحمد ( وقل اعوذ برب الناس ) - سبع مرات ، و ( قل اعوذ برب الفلق ) - سبع مرات ، و ( قل هو
الله احمد ) - سبع مرات ، ثم يسلم ويصلي بعدها أربع ركعات ، يقرء في اول ركعة
يس ، وفي الثانية حم الدخان ، وفي الثالثة ألم السجدة ، وفي الرابعة ( تبارك
الملك ) .
ثم يصلي بعدها مائة ركعة ، يقرء في كل ركعة ( قل
هو الله أحد ) عشر مرات والحمد لله مرة واحدة ، قضى الله تعالى له ثلاث حوائج ،
اما في عاجل الدنيا أو في آجل الآخرة ، ثم ان سأل ان يراني من ليلة رآني
( 1 )
.
|
|