|
|
الباب السابع والثلاثون فيما نذكره من وظائف يوم عيد الفطر وفيه عدة فصول : فصل ( 1 ) فيما نذكره من الآداب في استقبال ذلك النهار اعلم ان نهار يوم العيد فتح باب سعيد وتجديد فضل جديد لم يجر مثله منذ سنة ماضية ويمضي ، فلا يعود مثله الى نحو سنة آتية . وما يخفى على ذوي الالباب ان فتح الابواب التي تكون في الأوقات المتباعدات بزيادات السعادات لها حق التعظيم والاحترام ، وحق الاعتراف لصاحب الانعام ولزوم الآداب في سائر الاسباب مع مالك يوم الحساب . كما رويناه باسنادنا الى أبي جعفر محمد بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه فقال : ونظر الحسن بن علي عليهما السلام الى الناس يوم الفطر
يضحكون ويلعبون ، فقال لأصحابه - والتفت إليهم - : ان فخابوا ، بالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المقصرون ، وايم الله لو كشف
الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسئ باساءته ( 1 ) . ورواه ايضا أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني في الجزء السابع من كتاب الأزمنة فقال : حدثني عبد الله بن جعفر أبو العباس عن محمد بن يزيد النحوي قال : خرج الحسن بن علي عليهما السلام في يوم فطر والناس يضحكون فقال : ان الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه الى طاعته ، فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا ، والعجب من الضاحك في هذا اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون ، والله لو كشف الغطاء لشغل محسن باحسانه ومسئ باساءته عن ترجيل شعر ( 2
) وتصقيل ( 3 ) ثوب
( 4 ) .
ان التكبير الذي ذكرناه بعد العشاء والمغرب ليلة عيد الفطر ، ينبغي أن يكون عقيب صلاة الفجر . ويدعو ايضا فيقول ما رواه محمد بن أبي قرة في كتابه باسناده
الى أبي عمرو محمد بن محمد بن نصر السكوني رضي الله عنه . قال : سألت أبا بكر
احمد بن محمد بن عثمان البغدادي رحمه الله ان يخرج الي دعاء شهر رمضان الذي كان
عمه
الشيخ أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه
وارضاه يدعو به ، فاخرج الي دفترا مجلدا باحمر فيه
عمائم المراقبة التي تليق بكم ، ومن ميازر الاخلاص التي تجب
لكم ، ومن ستر الاقبال عليكم ، ومن الخلع التي تصلح للحضور بين يديكم ، وثياب
العبد المملوك خلقة بيد الغفلات ، ودنسة من وسخ الشهوات ، ولباس ستر عيوبه
ممزق بيد ايثاره عليكم ، ومغفر غفران ذنوبه مكسر بيد تهوينه بالاستغفار الذي يقربه اليكم ، وعوراته مكشوفة وعثراته مخوفة . فهو متهتك في هذا العيد السعيد بسوء ملبوسه ، وخجلان خزيان من ثياب نحوسه ، فما انتم صانعون بمملوك يقول بلسان حاله : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وأنتم علمتم
الملوك مكارم الاخلاق ، وعنكم ومنكم عرف إبتداء الخلع ،
عريانا بحضرتكم ، فمن ذا يستره ويكسوه إذا رآه ، وقد ضاقت عنه سعة رحمتك ، ومن يأويه إذا نودي عليه : أي طريد نقمتكم ، فيامن خلع عليه ، وقد عرف يا ما ينتهي حاله إليه ، ورباه وغذاه وآواه ، فقد أحاط علما بجرأته عليه ، وما كان قد تشرف بمعرفة مولاه ، ولا ارتضاه أن يخدمه في دنياه . إرحم استغاثته بك ، واستكانته لك ، واستجارته بظلك ، ووسيلته بفضلك إلى عدلك ، واكسر من خلع العفو والغفران ، والأمان والرضوان ، ما يكون ذكرها وشكرها ونشرها ، منسوبا إلى مجرد رحمتك وجودك . فقد انكسر قلبه ، وخجل واستحيا من وقوفه عريانا في يوم عيدك ، مع كثرة من خلعت عليه من عبيدك ، ووفودك ، وما له باب غير بابك ، وهو عاجز عن عتابك ، فكيف يقوى على حرمانك وعقابك .
|
|