- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 475 : - |
فصل ( 3 ) فيما نذكره من ادب العبد يوم العيد مع من يعتقد انه
امامه ، وصاحب ذلك المقام المجيد
فأقول : اعلم انه إذا كان يوم عيد الفطر ، فان
كان صاحب الحكم والأمر متصرفا في ملكه ورعاياه على الوجه الذي أعطاه مولاه ،
فليكن مهنئا له صلوات الله عليه بشرف اقبال الله جل جلاله عليه وتمام تمكينه من
احسانه إليه ، ثم كن مهنيا لنفسك
ولمن يعز عليك وللدنيا وأهلها ، ولكل مسعود
بامامته بوجوده عليه السلام ، وسعوده وهدايته وفوائد دولته . وان كان من
يعتقد
وجوب طاعته ممنوعا من التصرف في مقضى رياسته ، فليكن عليك أثر المساواة في
الغضب مع الله جل جلاله مولاك
ومولاه ، والغضب لأجله ، والتأسف على ما فات من
فضله . فقد روينا باسنادنا الى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه
وغيره ، باسناده الى حنان بن سدير ، عن عبد الله بن دينار ، عن أبي جعفر عليه
السلام انه قال : يا عبد الله
ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر ، الا وهو يتجدد
لآل محمد فيه حزن ، قال : قلت : ولم ؟ قال : لأنهم يرون حقهم في يد غيرهم
( 1 ) .
وأقول : لو أنك استحضرت كيف كانت تكون أعلام الاسلام بالعدل منشورة ، واحكام
الأنام بالفضل مشهورة ، والأموال في الله جل جلاله إلى سائر عباده مبذولة ،
والآمال ضاحكة مستبشرة مقبولة ، والأمن شامل للقريب والبعيد ، والنصر كامل
للضعيف والذليل والوحيد ، والدنيا قد أشرقت بشموس سعودها ،
وأنبسطت يد الاقبال في اغوارها ونجودها ، وظهر من حكم الله جل جلاله الباهر
وسلطانه القاهر ، ما يهيج العقول والقلوب سرورا ، ويملأ الآفاق ظهورها نورا .
|
* ( هامش ) *
1 - رواه
الشيخ في التهذيب 3 : 289 ، والكليني في الكافي 4 : 169 ،
والصدوق في الفقيه 1
: 324 و 2 : 114 ، علل الشرائع 2 : 289 ، عنهم
الوسائل 7 : 476 . ( * ) |
|
لكنت والله يا أخي قد تنغصت في عيدك الذي أنت مسرور باقباله ،
وعرفت ما فاتك من كرم الله جل جلاله وافضاله ، وكان البكاء والتلهف والتأسف
اغلب عليك وأليق بك ، وأبلغ في الوفاء لمن يعز عليك . وقد رفعت لك الآن ، ولم
أشرح ما كان
يمكن فيه اطلاق اللسان ، وهذا الذي ذكرناه على سبيل التنبيه
والاشارة ، لان استيفاء شرح ما نريده ، يضيق عنه مبسوط العبارة . واعلم ان
الصفاء والوفاء لأصحاب الحقوق عند التفريق والبعاد ، احسن من الصفاء والوفاء مع
الحضور واجتماع الاجساد ، فليكن الصفاء والوفاء شعار قلبك لمولاك وربك القادر
على تفريج كربك .
فصل ( 4 ) فيما نذكره من ابتداء الاعمال في يوم العيد
( 1 ) لطلب السعادة
بالقبول والاقبال
اعلم انه ينبغي ابتداء هذا اليوم بعد ما ذكرناه بالغسل ، لما
رويناه باسنادنا الى الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان
، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الغسل يوم الفطر سنة
( 2 ) .
ذكر ما يقال عند الغسل : رواه
محمد بن أبي قرة باسناده الى أبي عيينة ( 3 ) ،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : صلاة العيد يوم الفطر ان يغتسل من نهر ، فان
لم يكن نهر ، ول ( 4 ) أنت بنفسك استيفاء الماء
بتخشع ، وليكن غسلك تحت
الظلال أو تحت حائط وتستتر بجهدك ، فإذا هممت بذلك فقل :
اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وآله .
ثم سل واغتسل ، فإذا فرغت من الغسل فقل : اللهم اجعله كفارة لذنوبي ، وطهرني
ديني ، اللهم اذهب عني الدنس ( 5 ) .
|
* ( هامش ) *
1 - يوم
عيد الفطر ( خ ل ) . 2 - عنه
الوسائل 3 : 329 ، البحار 91 : 5 .
3 - أبي عنبسة
( خ ل ) . 4 - أمر من ولي يلى .
5 - عنه
الوسائل
3 : 329 ، البحار 91 : 5 .( * ) |
|
ثم ادع عند التهيأ للخروج الى صلاة العيد ، فقل ما رويناه باسنادنا الى هارون
بن موسى التلعكبري قدس الله روحه ، باسناده الى أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر
عليه السلام قال : ادع في الجمعة والعيدين إذا تهيأت للخروج ، فقل :
|
اللهم من تهيأ في هذا اليوم ، أو تعبأ
، أو أعد واستعد ، لوفادة الى مخلوق ، رجاء رفده وجائزته ونوافله ، فاليك
يا سيدي كانت وفادتي وتهيأتي واعدادي
واستعدادي ، رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك . اللهم صل على محمد ، عبدك
ورسولك وخيرتك من خلقك ، وعلى أمير
المؤمنين ووصي رسولك ، وصل يا رب على أئمة المؤمنين الحسن والحسين
، وعلي ومحمد - وتسميهم الى آخرهم حتى
تنتهي الى صاحبك عليهم السلام ، وقل : اللهم افتح له فتحا يسيرا ،
وانصره نصرا عزيزا ، اللهم أظهر به
دينك وسنة رسولك ، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق .
اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة ،
تعز بها الاسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله ، وتجعلنا فيها من الدعاة الى
طاعتك والقادة الى سبيلك ، وترزقنا بها
كرامة الدنيا والاخرة ، اللهم ما أنكرنا من حق فعرفناه ، وما قصرنا عنه فبلغناه
وتدعو الله له وعلى عدوه وتسأل حاجتك ، ويكون آخر كلامك :
اللهم استجب لنا ، اللهم اجعلنا ممن تذكر فيذكر (
2 )
2 - عنه
البحار 91 : 6 .
|
|
|
ثم قل ما رويناه باسنادنا الى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن
عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ادع في العيدين
والجمعة إذا تهيأت للخروج بهذا الدعاء ، وقل :
|
اللهم من تهيأ في هذا اليوم ، أو تعبأ أو أعد واستعد
لوفادة الى مخلوق ، رجاء رفده ونوافله وفواضله وعطاياه ، فان
إليك يا سيدي تهيأتي وتعبئتي ، واعدادي واستعدادي ، رجاء
رفدك وجوائزك ، ونوافلك وفواضلك وعطاياك . وقد
غدوت الى عيد من أعياد امة نبيك محمد صلوات الله عليه
وعلى آله ، ولم أفد إليك اليوم بعمل صالح أثق به قدمته ،
ولا توجهت بمخلوق أملته ، ولكن أتيتك خاضعا مقرا بذنوبي
واساءتي الى نفسي ، فيا عظيم يا عظيم يا عظيم ، اغفر
لي العظيم من ذنوبي ، فانه لا يغفر الذنوب العظام إلا
أنت ، يا لا إله إلا أنت يا أرحم الراحمين ( 4 ) .
4 - عنه البحار 89 : 329 ، رواه
الشيخ في مصباح المتهجد 2 : 658 . ( * )
|
|
|
|