|
|
فصل ( 5 ) فيما نذكره من الأمر بالافطار قبل الخروج الى صلاة العيد
رويناه باسنادنا الى محمد بن يعقوب الكليني ، باسناده الى حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : أطعم يوم الفطر قبل ان تخرج الى المصلى ( 5 ) . وباسناده الى الصادق عليه السلام قال : لتطعم يوم الفطر قبل ان تصلي ، ولا تطعم يوم الأضحى حتى ينصرف الإمام ( 6 )
ورينا باسنادنا الى هارون بن موسى التلعكبري رحمه الله ، باسناده الى حريز بن عبد الله ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويؤدي الافطار ، وكان لا يأكل يوم الأضحى شيئا حتى يأكل من أضحيته ، قال أبو جعفر : وكذلك ( 1 ) نحن ( 2 ) .
روى ابن أبي قرة باسناده عن الرجل عليه السلام قال : كل تمرات يوم الفطر ، فان حضرك قوم من المؤمنين ، فأطعمهم مثل ذلك ( 3 ) . ومن ذلك ما رويناه باسنادنا الى محمد بن يعقوب الكليني
باسناده الى علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام :
اني أفطرت يوم الفطر على طين وتمر ، قال لي : جمعت بركة وسنة
( 4 ) . يعني بذلك التربة المقدسة على صاحبها
السلام . أقول : وليكن نيته في افطاره يوم العيد امتثال أمر الله جل جلاله
المجيد ، فيكون في عبادة وسعادة في اطعامه كما كان في صيامه .
رويناه باسنادنا الى يونس بن عبد الرحمان ، عن عبد الله بن
مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان رسول الله صلى
الله عليه وآله يخرج بعد طلوع الشمس ( 5 ) .
ومما رويناه باسنادنا الى أبي محمد هارون بن موسى التلعبكري
رضي الله عنه ، باسناده عن زارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لا تخرج من
بيتك الا بعد طلوع الشمس ( 1 ) .
أيها الأخ المقبل باقبال مولاه عليه ، لتعلم كيف تحضر بين يديه ، ارحم ضعف روحك واقبل مشورة نصيحك ، وافكر في تعظيم من هو مقبل عليك ، وطهر قلبك من الشواغل التي تحول بينك وبين احسانه اليك ، ووف المجلس ما تقدر عليه من حقه العظيم ، وامض على ما تريد من الصراط المستقيم . ولتكن
نيتك وقصدك طلب رضاه والدخول في حماه ، واعتقاد المنة جلاله ، في اليوم الذي سماه جل جلاله عيدا لعبيده وانجازا
لوعده ( 2 ) ، بالخروج إليه والوفادة عليه ، فان
الناس فصنف : خرجوا وقد شغلتهم هيبة الله جل جلاله وعظمته وذهول العقول عن مقابلة حرمته ( 3 ) واجابة دعوته ، حتى صاروا كما يصير من لم يحضر ابدا عند خليفة ، فاستدعاه للحضور بين يدي عظمته الشريفة ، فانه يكون مترددا بين الحياء والخجالة ، للقاء تلك الجلالة ، وبين خوف سوء الآداب ، وبين
أمواج العجز عن الجرأة بالخطاب والتماس الجواب وبين الفكر ، فيما إذا عساه يكون
قد اطلع الخليفة عليه من أهواله وسوء أعماله ، فتشغله هذه الشواغل عن بسط كف
سؤاله وإطلاق لسان حاله .
وصنف : توجهوا الى الله جل جلاله ، وهم ذاكرون ما تولاه الله جل جلاله بهم من بناء السماوات والأرضين وما بينهما ، وفيهما من منافع الدنيا والدين ، وتسييرهم من لدن آدم عليه أفضل التحيات في طرقاة مخافات الولادات ، والنجاة من آفات الوف سنين الى حين هذه الغايات ، وقيامه لهم خلفا بعد سلف ، بما احتاجوا إليه من الأقوات وجميع الحاجات ، فاخجلهم ما مضى من انعامه وما حضر من اكرامه طلب شئ آخر من شريف مقامه . وصنف : رأو ان بضائع فما مكنهم فيه من الاختيار قد عاملوه فيها بالخسران ، وودائع ما سلم إليهم من الاقتدار على عمارة دار القرار قد خانوا فيها في السر والاعلان ، فكساهم ذل الخيانة في الامانة عار الخجل والوجل ، حتى ما بقي عندهم فراغ لرجاء ولا أمل .
وقال لسان حال عدله : إذا كان كل منكم يطلب اجرة فعله ، فاذكروا أفعالنا لأجلكم قبل وجودكم ومدة حياتكم من لدن أبيكم آدم ، وعملنا مع آبائكم وأمهاتكم وجدودكم ، وفكروا في اجرة كل من استخدمناه في مصلحتكم ، من الملائكة والانبياء والمرسلين والملوك والسلاطين وغيرهم ، من جميع عبيدنا من الماضين
والحاضرين ، فانظروا مقدار الفاضل عن اجرة اعمالنا ، فادوه الينا ، ثم تعرضوا
لسؤالنا ، حيث عدلتم عن باب الاعتراف لنا بالفضل ، ووقفتم على باب طلب الاجرة
بالعدل .
وصنف : فكروا في ما عمل مولاهم من قبل انشائهم بطول بقائهم ، ومن اول آبائهم الى حين فنائهم ، وما يحتاجون ان يعمل معهم في دار بقائهم ، فاستحقروا ما كانوا فيه من أعمالهم ، ولم يبق لها محل في حضرة ابتهالهم ، وما بقي لهم لسان حال ولا بيان مقال يذكرونها في حضرة آمالهم وسؤالهم ، بل مدوا الكف لسان الحال قبل الوجود الى كعبة الكرم والجود .
والاشتغال بحمد جلاله الأعظم . ويتمنى لسان حالهم ان لو كان لهم قدرة أن يكونوا موجودين في الأزل وما لا يزال مع وجوده ، وكل منهم باذل غاية مجهوده في خدمة معبوده وشكر جوده ، لرآى ذلك قاصرا عن مقصوده ، ولولا خوف المخالفة لما يراه ، لتمنى كل منهم أن لا يفارق باب الخدمة دنياه وآخرته . فما أسعد موقف هؤلاء العبيد في يوم العيد ، فاقتد أيها الأخ بأهل هذا الحظ السعيد ، وسر في آثارهم واهتد بأنوارهم .
|
|