إلهي وسيدي أنت
فطرتني وابتدأت خلقي ، لا لحاجة منك إلي بل تفضلا منك علي ، وقدرت لي أجلا
ورزقا لا أتعداهما
، ولا ينقصني أحد
منهما شيئا ، وكنفتني منك بأنواع النعم والكفاية طفلا وناشئا ، من غير عمل
عملته ، فعلمته مني
فجازيتني عليه ،
بل كان ذلك منك تطولا علي وامتنانا . فلما بلغت بي أجل الكتاب من علمك بي
ووفقتني لمعرفة
وحدانيتك والاقرار
بربوبيتك ، فوحدتك مخلصا لم أدع لك شريكا في ملكك ، ولا معينا على قدرتك ، ولم
أنسب إليك
صاحبة ولا ولدا .
فلما بلغت بي تناهي الرحمة منك علي ، مننت بمن هديتني به من الضلالة ،
واستنقذتني به من الهلكة
، واستخلصتني به
من الحيرة ، وفككتني به من الجهالة ، وهو حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله
، أزلف خلقك
عندك ، وأكرمهم
منزلة لديك ، فشهدت معه بالوحدانية ، وأقررت لك بالربوبية والرسالة ، وأوجبت له
على الطاعة .
فأطعته كما أمرت ،
وصدقته فيما حتمت ، وخصصته بالكتاب المنزل عليه والسبع المثاني الموحات إليه ،
وأسميته
القرآن ، وأكنيته
الفرقان العظيم . فقلت جل اسمك :
(
ولقد اتيناك سبعا من
المثاني والقرآن العظيم
)
وقلت جل قولك له
، حين اختصصته بما
سميته به من الأسماء :
(
طه *
ما انزلنا عليك
القرآن لتشقى
) ، وقلت عز
قولك : (
يس
*
والقرآن الحكيم
) ، وقلت
تقدست أسماؤك :
(
ص
* والقرآن ذي
الذكر )
، وقلت عظمت آلاؤك :
(
ق
* والقرآن
المجيد
) . فخصصته أن
جعلته قسمك حين أسميته ، وقرنت القرآن معه ، فما في كتابك من شاهد قسم ،
والقرآن
مردف به ، الا وهو
اسمه ، وذلك شرف شرفته به وفضل بعثته إليه ، تعجز الألسن والأفهام عن وصف مرادك
به ،
وتكل عن علم ثنائك
عليه . فقلت عز جلالك في تأكيد الكتاب وقبول ما جاء فيه :
(
هذا كتابنا ينطق
عليكم بالحق )
،
وقلت عززت وجللت :
(
ما فرطنا في الكتاب
من شئ )
، وقلت تباركت وتعاليت في عامة ابتدائه :
(
آلر
* تلك آيات
الكتاب الحكيم
) ، و
(
آلر *
كتاب احكمت آياته
) ، و
(
آلر *
كتاب أنزلناه إليك
) ، و
(
آلر
* تلك آيات
الكتاب
المبين
) ، و
(
آلم
* ذلك الكتاب
لا ريب فيه )
، وفي أمثالها من سور الطواسين والحواميم . في كل ذلك ثنيت بالكتاب
مع القسم الذي هو
اسم من اختصصته لوحيك ، واستودعته سر غيبك ، فأوضح لنا منه شروط فرائضك ، وأبان
لنا عن
واضح سنتك ، وأفصح
لنا عن الحلال والحرام ، وأنار لنا مدلهمات الظلام ، وجنبنا ركوب الاثام ،
وألزمنا الطاعة ،
ووعدنا من بعدها
الشفاعة . فكنت ممن أطاع أمره ، وأجاب دعوته ، واستمسك بحبله ، فأقمت الصلاة ،
وآتيت الزكاة ،
والتزمت الصيام
الذي جعلته حقا فقلت جل اسمك :
(
كتب عليكم الصيام كما
كتب على الذين من قبلكم
) . ثم إنك
أبنته
فقلت عززت وجللت
من قائل : (
شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن
) ، وقلت :
(
فمن شهد منكم الشهر
فليصمه )
.
ورغبت في الحج بعد
إذ فرضته الى بيتك الذي حرمته ، فقلت جل اسمك :
(
ولله على الناس حج
البيت من استطاع إليه
سبيلا
) ، وقلت عززت
وجللت : (
وأذن في الناس
بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق
*
ليشهدوا منافع لهم
ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام
)
. اللهم إني أسألك أن تجعلني
من الذين يستطيعون
إليه سبيلا ، ومن الرجال الذين يأتونه ليشهدوا منافع لهم ، وليكبروا الله على
ما هدايهم . وأعني
اللهم على جهاد
عدوك في سبيلك مع وليك ، كما قلت جل قولك :
(
إن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم
الجنة يقاتلون في
سبيل الله )
، وقلت جلت أسماؤك :
(
ولنبلونكم حتى نعلم
المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم
)
. اللهم فأرني ذلك
السبيل ، حتى اقاتل فيه بنفسي ومالي طلب رضاك ، فأكون من الفائزين . إلهي أين
المفر عنك ، فلا
يسعني بعد ذلك إلا
حلمك ، فكن بي رؤوفا رحيما ، وأقبلني وتقبل مني ، وأعظم لي فيه بركة المغفرة
ومثوبة الأجر ،
وأرني صحة التصديق
بما سألت ، وإن أنت عمرتني إلى عام مثله ، ويوم مثله ، ولم تجعله آخر العهد مني
، فأعني
بالتوفيق على بلوغ
رضاك . وأشركني يا إلهي في هذا اليوم ، في جميع دعاء من أجبته ، من المؤمنين
والمؤمنات ،
وأشركهم في دعائي
إذا أجبتني في مقامي هذا بين يديك ، فاني راغب إليك لي ولهم ، وعائد بك لي ولهم
، فاستجب لي
يا أرحم الراحمين
( 7 )
.
7 - عنه البحار 91 : 7 - 9 ،
مستدرك الوسائل 6 : 151 و 455 مختصرا ،
أورده الكفعمي في البلد الأمين : 238 ، وفي
مصباحه : 649 ، و 651 ( الهامش ) ،
أخرجه في الصحيفة السجادية الجامعة : 310 ، الدعاء : 144 . ( * )
|