فصل ( 17 ) فيما نذكره من كيفية
الحضور بين يدي الله جل جلاله
وقت صلاة العيد والدعاء عند ذلك المقام السعيد
اعلم اننا قدمنا في كتاب عمل اليوم والليلة ، من كيفية الحضور بين يدي الله جل
جلاله للصلوات ، ما فيه فوائد لأهل العنايات بهذه العبادات ، ونقول هاهنا
زيادات ، وهو : ان للحضور في خدمة مولى المماليك والعبيد لصلاة العيد ، زيادة
استعداد لأهل
الإخلاص والاجتهاد ، وذلك انه يوم ترجيح مقام جانب العفو
والغفران ، والأمان والإحسان والرضوان ، على جانب
المؤاخذة على الذنوب والعيوب والعصيان ، وهو يوم الإذن في بسط أكف السؤال ،
ومدها الى محل القبول والاقبال ،
ووقت الاطلاق لركائب الآمال في الورود على كعبة الكرم
والافضال ، وزمان طي بساط الغضب . والعقاب وغلق باب التعنيف والعتاب . وليكن
العبد الحاضر لصلاة هذا اليوم المبشر لاعتاق أهل الاسترقاق بالعتاق ، والمهنئ
لأهل الحبوس
بالاطلاق ، والمقوي أصحاب العجز في ميدان الأمكان ، حتى
يشرفهم باللحاق لأهل السباق ، باذلا للمجهود في شكر مالك الجود ، على تأهليه
لذلك المقام المسعود . وليكن على وجه قلبه ولسانه وجنانه أنوار الثقة بما بذله
مولاه ، من غفران وامانه
ورضوانه ، فان الملك إذا وثق عبيده من وجوده ، ورآهم غير
قائمين بما يطيقون من شكره وتحميده ، واثقين بانجاز وعوده ، كانوا مخاطرين في
الوقوف بين يديه ، أو مستهزئين بتهوينهم باطلاعه على سوء ظنهم بما دعاهم إليه ،
بل إذا أمنك الموثوق
بأمانه ، فكن من الآمنين ، ولو كان لك عنده ذنوب العالمين ،
وإذا دعاك الى حسن الظن بجوده والثقة بانجاز وعدوه ، فكن من أعظم الواثقين .
فلو لم يكن لك في ذلك من الشرف والوسيلة الى الاقبال وبلوغ الآمال ، الا تجميل
ذكر مولاك ، وتزكيته وتصديقه في الفعال والمقال ،
فيوشك ان تثمر شجرة حسن ظنك واعتقادك في مالك من ادل ثمار اسعادك وانجادك
( 1 ) في دنياك ومعادك .
أقول : فإذا قمت مستقبل القبلة ، فقل ما رويناه باسنادنا الى أبي عبد الله عليه
السلام قال : فإذا قمت الى الصلاة فاستقبل القبلة وكبر وقل :
|
اللهم إني عبدك وابن عبديك ، هارب منك إليك ، أتيتك وافدا إليك ، تائبا من
ذنوبي إليك زائرا ، وحق الزائر على
المزور التحفة ، فاجعل تحفتي منك وتحفتك لي
رضاك والجنة . اللهم إنك عظمت حرمة شهر رمضان ، ثم أنزلت فيه
القرآن ، أي رب ،
وجعلت فيه ليلة خيرا من ألف شهر ، ثم مننت علي بصيامه وقيامه فيما مننت علي ،
فتمم علي منك
ورحمتك . أي رب ، إن لك فيه عتقاء ، فان كنت ممن أعتقتني فيه ،
فتمم علي ، ولا تردني في ذنب ما أبقيتني ، وإن
لم تكن فعلت يا رب لضعف عمل ، أو
لعظم ذنب ، فبكرمك وفضلك ورحمتك ( 2 ) ، وكتابك الذي أنزلت في شهر
رمضان ليلة
القدر ، وما أنزلت فيها ، وحرمة عظمت فيها ، وبمحمد وعلي عليهما السلام وصلواتك
، وبك يا الله .
أتوجه إليك بمحمد ، وبمن بعده ، صلى الله عليه وعليهم ، أتوجه
بكم إلى الله ، يا الله أعتقني فيمن أعتقت . الساعة ،
بمحمد صلى الله عليه وآله
( 3 ) .
|
|
|
أقول : واعلم اننا وقفنا على عدة روايات في صفات صلاة العيد : منها ما
رويناه باسنادنا الى محمد بن أبي قرة ، ومنها ما رويناه عن أبي جعفر بن بابويه
، ومنها ما رويناه عن أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه ( 4 ) ، وها نحن ذاكرون
رواية واحدة لصلاة العيد
|
* ( هامش ) *
1 - أنجده : أعانه . 2 - رحماتك ( خ ل ) . 3 - عنه
البحار
91 : 20 .
4 - رواه الشيخ في مصباح المتهجد
: 649 ، التهذيب 1 : 292 ، والمفيد
في المقنعة : 33 ، عنهم البحار 90 : 380 . ( * ) |
|