- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 493 : -

فصل ( 17 ) فيما نذكره من كيفية الحضور بين يدي الله جل جلاله
وقت صلاة العيد والدعاء عند ذلك المقام السعيد


اعلم اننا قدمنا في كتاب عمل اليوم والليلة ، من كيفية الحضور بين يدي الله جل جلاله للصلوات ، ما فيه فوائد لأهل العنايات بهذه العبادات ، ونقول هاهنا زيادات ، وهو : ان للحضور في خدمة مولى المماليك والعبيد لصلاة العيد ، زيادة استعداد لأهل
 

الإخلاص والاجتهاد ، وذلك انه يوم ترجيح مقام جانب العفو والغفران ، والأمان والإحسان والرضوان ، على جانب
المؤاخذة على الذنوب والعيوب والعصيان ، وهو يوم الإذن في بسط أكف السؤال ، ومدها الى محل القبول والاقبال ،
 

ووقت الاطلاق لركائب الآمال في الورود على كعبة الكرم والافضال ، وزمان طي بساط الغضب . والعقاب وغلق باب التعنيف والعتاب . وليكن العبد الحاضر لصلاة هذا اليوم المبشر لاعتاق أهل الاسترقاق بالعتاق ، والمهنئ لأهل الحبوس
 

بالاطلاق ، والمقوي أصحاب العجز في ميدان الأمكان ، حتى يشرفهم باللحاق لأهل السباق ، باذلا للمجهود في شكر مالك الجود ، على تأهليه لذلك المقام المسعود . وليكن على وجه قلبه ولسانه وجنانه أنوار الثقة بما بذله مولاه ، من غفران وامانه
 

ورضوانه ، فان الملك إذا وثق عبيده من وجوده ، ورآهم غير قائمين بما يطيقون من شكره وتحميده ، واثقين بانجاز وعوده ، كانوا مخاطرين في الوقوف بين يديه ، أو مستهزئين بتهوينهم باطلاعه على سوء ظنهم بما دعاهم إليه ، بل إذا أمنك الموثوق
 

بأمانه ، فكن من الآمنين ، ولو كان لك عنده ذنوب العالمين ، وإذا دعاك الى حسن الظن بجوده والثقة بانجاز وعدوه ، فكن من أعظم الواثقين . فلو لم يكن لك في ذلك من الشرف والوسيلة الى الاقبال وبلوغ الآمال ، الا تجميل

 

 ج 1 ص 494

ذكر مولاك ، وتزكيته وتصديقه في الفعال والمقال ، فيوشك ان تثمر شجرة حسن ظنك واعتقادك في مالك من ادل ثمار اسعادك وانجادك ( 1 ) في دنياك ومعادك .


أقول : فإذا قمت مستقبل القبلة ، فقل ما رويناه باسنادنا الى أبي عبد الله عليه السلام قال : فإذا قمت الى الصلاة فاستقبل القبلة وكبر وقل :

  اللهم إني عبدك وابن عبديك ، هارب منك إليك ، أتيتك وافدا إليك ، تائبا من ذنوبي إليك زائرا ، وحق الزائر على

المزور التحفة ، فاجعل تحفتي منك وتحفتك لي رضاك والجنة . اللهم إنك عظمت حرمة شهر رمضان ، ثم أنزلت فيه

القرآن ، أي رب ، وجعلت فيه ليلة خيرا من ألف شهر ، ثم مننت علي بصيامه وقيامه فيما مننت علي ، فتمم علي منك

ورحمتك . أي رب ، إن لك فيه عتقاء ، فان كنت ممن أعتقتني فيه ، فتمم علي ، ولا تردني في ذنب ما أبقيتني ، وإن

لم تكن فعلت يا رب لضعف عمل ، أو لعظم ذنب ، فبكرمك وفضلك ورحمتك ( 2 ) ، وكتابك الذي أنزلت في شهر

رمضان ليلة القدر ، وما أنزلت فيها ، وحرمة عظمت فيها ، وبمحمد وعلي عليهما السلام وصلواتك ، وبك يا الله .

أتوجه إليك بمحمد ، وبمن بعده ، صلى الله عليه وعليهم ، أتوجه بكم إلى الله ، يا الله أعتقني فيمن أعتقت . الساعة ،

بمحمد صلى الله عليه وآله ( 3 ) .

 


أقول : واعلم اننا وقفنا على عدة روايات في صفات صلاة العيد : منها ما رويناه باسنادنا الى محمد بن أبي قرة ، ومنها ما رويناه عن أبي جعفر بن بابويه ، ومنها ما رويناه عن أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه ( 4 ) ، وها نحن ذاكرون رواية واحدة لصلاة العيد
 

 

* ( هامش ) *
 1 - أنجده : أعانه . 2 - رحماتك ( خ ل ) . 3 - عنه البحار 91 : 20 .
 4 - رواه الشيخ في مصباح المتهجد : 649 ، التهذيب 1 : 292 ، والمفيد في المقنعة : 33 ، عنهم البحار 90 : 380 . ( * )

 

 

 

الصفحة الرئيسية

 

فهرس الكتاب