- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 2 ص 67 : -

فصل ( 19 ) فيما نذكره من صلاة ركعتين قبل الخروج للدعاء المعتاد


وهل الاجتماع للدعاء يوم عرفة افضل أو الانفراد فنقول : وقد وجدنا في كتاب أبى على حسن بن محمد بن اسماعيل بن محمد بن اشناس البزاز رحمه الله ركعتين يحتمل أن يكون صلاتهما قبل صلاة الظهرين ، فاقتضى الاستظهار للعبادات أن

نذكرهما وفيهما فضل في العنايات . فقال في كتابه ما هذا لفظه : اما الصلاة في يوم عرفة من كتب اصحابنا رحمهم الله تعالى ، فانني وجدتهما اثنتى عشرة ركعة ، تقرأ ما تيسر من القرآن وتخر ساجدا وترفع يديك وتقول :
 

 

سبحان من لبس الغز وفاز به ، سبحان من تعطف بالحلم وتكرم به ، سبحان من احصى كل شئ وعلم به ، سبحان من

لا ينبغى ان يسبح سواه ، سبحان ذى العز والقدرة ، سبحان العظيم الاعظم . اسألك يا رب بمعاقد العز من عرشك

وباسمك العظيم ، وأسألك بالمستجاب من دعاءك ، وبنور وجهك ان تصلى على محمد وآل محمد - وتدعو بما احببت .

وروى عن مولانا الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال : من صلى يوم عرفة قبل أن يخرج الى الدعاء في

ذلك ويكون بارزا تحت السماء ركعتين واعترف لله عز وجل بذنوبه واقرله بخطاياه نال ما نال الواقفون بعرفة من

الفوز ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (2)

(2) عنه الوسائل 8 : 183 . ( * )

 

 

- ص 68 -

أقول : واما هل الاجتماع يوم عرفة افضل أو الانفراد : فاعلم ان الأحاديث وردت ان اجتماع اربعين في الدعوات وقضاء الحاجات ، يقتضى تعجيل الاجابات وتفريج الكربات ، ووردت احاديث ان الدعاء في السر أفضل الدعاء وابلغ في الظفر بالاجابة .


وإذا كانت الاخبار على هذه السبيل فينبغي ان يكون على نفسه بصيرة في كل كثير وقليل ، فان عرف من نفسه ان اجتماعه بالناس لا يشغله عن مولاه وانه يكون اقرب له الى رضاه ، فالاجتماع لمثل هذه القوى من العباد افضل من الانفراد ، وان كان يعلم من نفسه ان الاجتماع بالعباد يشغله عن سلطان المعاد ، فهذا ينبغى له ان يعمل على الانفراد .


وجملة الامور ان المراد من العبد المبالغة في اخلاص الاعمال ، فكيف قدر على الظفر بهذه الحال ، فليبادر إليها ويعتمد عليها .


فصل ( 20 ) فيما نذكره من الاستعداد لدعاء يوم عرفة اين كان من البلاد

اقول : قدت قدمنا في الجزء الاول من كتاب المهمات والتتمات شروطا للدعوات المقبولات ، وعيوبا في الدعاء تمنع من الاجابات ، فان قدرت على نظر ما هناك من التفصيل ، فاعمل عليه ، فانه واضح البرهان والدليل .


وان تعذر عليك حضور ذلك الكتاب وقت هذه الدعوات ، ولم تكن ممن يعرف شروط الاجابة ولا عيوب العباة ، فاعلم انه ينبغى ان تلقى الله جل جلاله وقت الحضور لمناجاته ، وانت طاهر من كل ما يقتضى استحقاقك لعقوباته أو معاتباته ، كما

ان العقل يشهد انك إذا اردت دخول حضرة ملك من ملوك الزمان ، أو لقاء النبي صلوات الله عليه وآله ، أو أحد أئمتك العظمى الشأن ، فانك تستعد للدخول عليهم بكل ما يقربك إليهم .


ومهما عرفت انهم يؤثرون ان يكون عليك من الكسوات ، أو تكون عليه من
 

- ص 69 -

الصفات ، أو يرتصونه من ألفاظ التسليم عليهم ، أو القيام أو الجلوس بين يديهم . فانك تجتهد في العمل على مرادهم بغاية اجتهادك ، مع علمك بأنهم لا يطلعون على ضميرك وفؤادك ، فكيف يجوز الا تكون مع سلطان دنياك ومعادك على هذه الصفات ، وهو مطلع على الخفيات ، وحاجتك إليه اعظم من حاجتك الى كل من تحضر بين يديه .


فإذا تطهرت وغسلت عقلك بماء سحائب الاقبال على مولاك ، وغسلت قلبك بدموع الخشوع والخضوع لما لك دنياك واخرك ، فاغتسل الغسل المأمور به في عرفة ، فانه من المهمات ، ولتكن نيتك في ذلك الغسل الموصوف ، ولكل غسل تحتاج إليه في ذلك اليوم المعروف .


فتغتسل غسل التوبة ، عسى ان يكون قد بقى عليك شئ من عيوب القلوب وادواء الذنوب ، وغسل الاستخارات ، عسى تحتاج الى شئ من المشاورات ، وكل غسل يمكن في ذلك النهار .


واقتد بأهل الاحتياط والاستظهار ، وليكن غسلك قبل الظهرين بقليل لعلك تصلى وتدعو وانت على ذلك الحال الجميل ، ثم تصلى الظهرين بنوافلهما على التمام في المراقبات والدعوات .



فصل ( 21 ) فيما نذكره من صلاة تخص بيوم عرفة بعد صلاة الظهرين

روينا هذه الصلاة عن والدى السعيد باسناده الى الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان تغمدها الله جل جلاله بالرضوان فيما اشتمل عليه كتابه كتاب الاشراف ، فقال فيه ماهذا لفظه : وصلاة يوم عرفة فيما سوى عرفات من الأماكن والاصقاع ركعتان بعد صلاة العصر وقبل الدعاء .


أقول : فينبغي ان تبالغ فيهما في الاخلاص وعوائد أهل الاختصاص ، لتكون هاتان الركعتان فاتحة للأبواب بين يديك ، ومقدمة الى مولاك الذى أنت مضطر الى اقباله عليك .


 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال أشهر السنة

 

فهرس الكتاب