- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 2 ص 102 : -

ومن ادعية يوم عرفة دعاء على بن الحسين عليه السلام للموقف ، وهو :

 

اللهم أنت الله رب العالمين ، وأنت الله الرحمن الرحيم ، وأنت الله الدائب في غير وصب ولا نصب ، ولا يشغلك

رحمتك عن عذابك ، ولا عذابك من رحمتك . خفيت من غير موت ، وظهرت فلا شئ فوقك ، وتقدست في علوك ،

وترديت بالكبرياء في الأرض وفى السماء ، وقويت في سلطانك ، ودنوت في كل شئ في ارتفاعك ، وخلقت الخلق

بقدرتك ، وقدرتك الامور بعلمك ، وقسمت الأرزاق بعدلك . ونفذ في كل شيئا علمك ، وحارت الأبصار دونك ، وقصر

دونك طرف كل طارف ، وكلت الألسن عن صفاتك ، وغشى بصر كل ناظر نورك ، وملأت بعظمتك أركان عرشك .

وابتدأت الخلق على غير مثال نظرت إليه من أحد سبقك الى صنعة شئ منه ، ولم تشارك في خلقك ، ولم تستعن بأحد

في شئ من أمرك ، ولطفت في عظمتك ، وانقاد لعظمتك كل شئ ، وذل لعزتك كل شئ . اثنى عليك يا سيدى وما

عسى أن يبلغ في مدحتك ثنائي مع قلة علمي وقصر رأنن ، وأنت يا رب الخالق وأنا المخلوق ، وأنت المالك وأنا

المملوك ، وأنت الرب وأنا العبد ، وأنت الغنى وأنا الفقير ، وأنت المعطى وأنا السائل ، وأنت الغفور ونأنا الخاطى ،

وأنت الحى لا تموت ، وأنا خلق أموت . يا من خلق الخلق ودبر الامور ، فلم يقايس شيئا بشئ من خلقه ، ولم يستعن

على خلقه بغيره . ثم أمضى الامور على قضائه وأجلها الى أجل مسمى ، قضى فيها بعدله ، وعدل فيها بفضله ،

وفصل فيها بحكمه ، وحكم فيها بعدله ، وعلمها بحفظه ، ثم جعل منتهاها الى مشيته ، ومستقرها الى محبته ، ومواقيتها

الى قضائه . لا مبدل لكلماته ولا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، ولا مستزاح عن أمره ، ولا محيص لقدره ،

ولاخلف لوعده ، ولا متخلف عن دعوته ، ولا يعجزه شئ طلبه ، ولا يمتنع منه أحد أراده ، ولا يعظم عليه شئ فعله ،

ولا يكبر عليه شئ صنعه ، ولا يزيد في سلطانه طاعة مطيع ، ولا ينقصه معصية عاص ، ولا يتبدل القول لديه ، ولا

يشرك في حكمه أحدا . الذى ملك الملوك بقدرته ، واستعبد الأرباب بعزه ، وساد العظماء بجوده ، وعلا السادة بمجده

وانهدت الملوك لهيبته ، وعلا أهل السلطان بسلطانه وربوبيته ، وأباد الجبابرة بقهره ، وأذل العظماء بعزه ، وأسس

الامور بقدرته ، ونبا المعالى بسؤدده ، وتمجد بفخره ، وفخر بعزه ، وعز بجبروته ، ووسع كل شئ برحمته . اياك

أدعو ، واياك أسأل ، ومنك أطلب ، واليك أرغب ، يا غاية المستضعفين ، يا صريخ المستصرخين ، ومعتمد

المضطهدين ، ومنجى المؤمنين ، ومثيب الصابرين ، وعصمة الصالحين ، وحرز العارفين ، وأمان الخائفين ، وظهر

اللاجين ، وجار المستجيرين ، وطالب الغادرين ، ومدرك الهاربين ، وأرحم الراحمين ، وخير الناصرين ، وخير

الفاصلين ، وخير الغافرين ، وأحكم الحاكمين ، وأسرع الحاسبين . لا يمتنع من بطشه ، ولا ينتصر من عقابه ، ولا

يحتال لكيده ، ولا يدرك علمه ، ولا يدرء ملكه ، ولا يقهر عزه ، ولا يذل استكباره ، ولا يبلغ جبروته ، ولا تصغر

عظمته ، ولا يضمحل فخره ، ولا يتضعشع ركنه ، ولا ترام قوته ، المحصى لبريته ، الحافظ أعمال خلقه . لا ضد له

ولا ند له ، ولا ولدو لا صاحبة له ، ولا سمى له ولا كفو له ، ولا قريب له ولا شبيه له ولا نظير له ولا مبدل لكلماته

، ولا تبلغ شئ مبلغه ، ولا يقدر شئ قدرته ، ولا يدرك شئ أثره ، ولا ينزل شئ منزلته ، ولا يدرك شئ أحرزه ،

ولا يحول دونه شئ . بنى السماوات فأتقهن وما فيهن بعظمته ، ودبر أمره تدبيرا فيهن بحكمته ، وكان كما هو أهله لا

بأولية قبله ، وكان ينبغى له ، يرى ولا يرى وهو بالمنظر الأعلى ، يعلم السر والعلانية . ولا يخفى عليه خائفية ،

وليس لنقمته واقية ، يبطش البطشه الكبرى ولا تحصى منه القصور ، ولا تجن منه الستور ، ولا تكن منه الجدور ،

ولا توارى منه البحور ، وهو على كل شئ قدير ، وبكل شئ عليم . يعلم هماهم الأنفس وما تخفى الصدور ،

ووساوسها ونيات القلوب ، ونطق الألسن ورجع الشفاه ، وبطش الأيدى ، ونقل الأقدام ، وخائنة الأعين ، والسر وأخفى

والنجوى وما تحت الثرى ، ولا يشغله شئ عن شئ ، ولا يفرط في شئ ، ولا ينسى شيئا لشئ . أسألك يا من عظم

صفحه ، وحسن صنعه ، وكرم عفوه ، وكثرت نعمته ، ولا يحصى احسانه وجميل بلائه ، أن تصلى على محمد وآل

محمد ، وأن تقضى حوائجى التى أفضيت بها اليك ، وقمت بها بين يديك ، وأنزلتها بك ، وشكوتها اليك ، مع ما كان

من تفريطي فيما أمرتنى به ، وتقصيرى فيما نهيتني عنه . يا نوري في كل ظلمة ، ويا انسى في كل وحشة ، ويا ثقتى

في كل شديدة ، ويا رجائي في كل كربة ، ويا وليى في كل نعمة ، ويا دليل في الظلام ، أنت دليلى إذا انقطعت دلالة

الأدلاء ، فان دلالتك لا تنقطع ، لا يضل من هديت ولا يذل من واليت . أنعمت على فأسبغت ، ورزقتني فوقرت ،

ووعدتني فأحسنت ، وأعطيتني فأجزلت ، بلا استحقاق لذلك بعمل منى ولكن ابتداء منك بكرمك وجودك ، فأنفقت نعمتك

في معاصيك ، وتقويت برزقك على سخطك ، وأفنيت عمرى فيما لا تحب ، فلم يمنعك جرأتي عليك ، وركوبي ما

نهيتني عنه ، ودخولي فيما حرمت على أن عدت في معاصيك . فأنت العائد بالصضل ، وأنا العائد في المعاصي ،

وأنت يا سيدى خير الموالى لعبيده ، وأنا شر العبيد ، أعودك فتجيبني ، وأسألك فتعطيني ، وأسكت عنك فتبتدئنى ،

وأستزيدك فتزيدني ، فبئس العبد أنا لك يا سيدى ومولاى . أنا الذى لم أزل اسى وتغفر ، ولم أتعرض للبلاء وتعافيني ،

ولم ازل أتعرض للهلكة وتنجينى ، ولم أزل أضيع في الليل والنهار في تقلبى فتحفظني ، ولم تنكس برأسي عند اخواني

، بل سترت على القبائح العظام ، والفضائح الكبار ، وأظهرت حسناتي القليلة الصغار ، منا منك على ، وتفضلا

واحسانا ، وانعاما واصطناعا . ثم أمرتنى فلم أئتمر ، وزحرتنى فلم أنزجر ، ولم أشكر نعمتك ، ولم أقبل نصيحتك .

ولم أؤد حقك ، ولم أترك معاصيك ، بل عصيتك بسمعي ولو شئت أصممتنى ، فلم تفعل ذلك بى ، وعصيتك بيدى ،

ولو شئت لكنعتنى فلم تفعل ذلك بى ، وعصيتك برجلي ولو شئت جذمتنى فلم تفعل ذلك بى ، وعصيتك بفرحي ولو

شئت لعقمتنى فلم تفعل ذلك بى ، وعصيتك بجميع جوارحي ولم يك هذا جزاؤك منى ، فعفوك عفوك . فها أنا ذا عبدك

المقر بذنبى ، الخاشع بذلى ، المستكين لك بجرمى ، مقر لك بجنايتي ، متضرع اليك ، راج لك في موقفي هذا ، تائب

اليك من ذنوبي ومن اقترافي ، ومستغفر لك من ظلمي لنفسي ، راغب اليك في فكاك رقبتي من النار ، ومبتهل اليك في

العفو عن المعاصي . طالب اليك أن تنجح لى حوائجى ، وتعطني فوق رغبتي ، وأن تسمع ندائى ، وتستجيب دعائي ،

وترحم تضرعي وشكواى ، وكذلك العبد الخاطى يخضع لسيده ، ويخشع لمولاه بالذل . يا أكرم من أقر له كل بالذنوب

وأكرم من خضع له وخشع ، ما أنت صانع بمقر لك بذنبه ، خاضع لك بذله ، فان كانت ذنوبي قد حالت بينى وبينك أن

تقبل على بوجهك ، وتنشر على رحمتك ، وتنزل على شيئا من بركاتك ، وترفع لى اليك صوتا أو تغفر لى ذنبا ، أو

تتجاوز عن خطيئة . فها أنا ذا عبدك مستجيرا بكرم وجهك ، وعز جلالك ، ومتوجها اليك ، ومتوسلا اليك ، ومتقربا

اليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله أحب خلقك اليك وأكرمهم لديك ، وأولاهم بك ، وأطواعهم لك ، وأعظمهم منك

منزلة ، وعندك مكانا ، وبعترته صلى الله عليهم الهداة المهديين ، الذين افترضت طاعتهم ، وأمرت بمودتهم ، وجعلتهم

ولاة الأمر بعد نبيك . يا مذل كل جبار ، ويا معز كل ذليل ، قد بلغ مجهودي ، فهب لى نفسي الساعة الساعة برحمتك

اللهم لا قوة لى على سخطك ، ولا صبر لى على عذابك ، ولاغنا بى عن رحمتك ، تجد من تعذب غيرى ، ولا أجد من

يرحمنى غيرك ، ولاقوة لى على البلاء ، ولا طاقة لى على الجهد . أسألك بحق نبيك محمد صلى الله عليه وآله وبآله

الطاهرين ، وأتوسل اليك بالأئمة الذين اخترتهم لسرك ، وأطلعتهم على وحيك ، واخترتهم بعلمك ، وطهرتهم وخلصتهم

واصطفيتهم وصفيتهم ، وجعلتهم هداة مهديين ، وائتمنتهم على وحيك ، وعصمتهم عن معاصيك ، ورضيتهم لخلقك ،

وخصصتهم بعلمك ، واجتبيتهم وحبونهم وجعلتهم حججا على خلقك ، وأمرت بطاعتهم ولم ترخص لأحد في معصيتهم ،

وفرضت طاعتهم على من برأت ، وأتوسل بهم اليك في موقفي اليوم أن تجعلني من خيار وفدك . اللهم صل على محمد

وآل محمد ، وارحم صراخي واعترافى بذنبى وتضرعى وارحم طرحي رحلى بفنائك ، وارحم مسيرى اليك ، يا أكرم

من سئل ، يا عظيما يرجى لكل عظيم ، اغفر لى ذنبي العظيم ، فانه لا يغفر العظيم الا العظيم . اللهم انى أسألك فكاك

رقبتي من النار ، يا رب المؤمنين ، ولا تقطع رجائي ، يا منان من على ، يا أرحم الراحمين ، يا من لا يخيب سائله لا

تردني ، يا عفو اعف عنى ، يا تواب تب على ، واقبل توبتي يا مولاى ، حاجتى التى ان أعطيتنها لم يضرنى ما منعتني

وان منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني ، فكاك رقبتي من النار . اللهم بلغ روح محمد وآل محمد عنى تحية وسلاما ، وبهم

اليوم فاستنقذني ، يا من أمر بالعفو ، يا من يجزى على العفو ، يا من يعفو ، يا من رضى بالعفو ، يا من يثيب على

العفو ، العفو العفو - يقولها عشرين مرة - أسألك اليوم العفو ، وأسألك من كل خير أحاط به علمك . هذا مكان البائس

الفقير ، هذا مكان المضطر الى رحمتك ، هذا مكان المستجير بعفوك من عقوبتك ، هذا مكان العائذ بك منك ، أعوذ

برضاك من سخطك ، ومن فجأة نعمتك ، يا أملى يا رجائي يا خير مستغاث ، يا أجود المعطين ، يا من سبقت رحمته

غضبه . يا سيدى ومولاى ، ورجائي وثقتى ومعتمدى ، ويا ذخري وظهري وعدتي ، وغاية أملى ورغبتي ، يا غياثي

يا وارثي ، ما أنت صانع بى في هذا اليوم الذى فزعت فيه اليك ، وكثرت فيه الأصوات . أسألك أن تصلى على محمد

وآل محمد وأن تقلبني فيه مفلحا منجحا بأفضل ما انقلب به من رضيت عنه ، واستجبت دعاءه وقبلته ، وأجزلت حباه

خير منه ، وقلبته بكل حوائجه ، وأحييته بعد الممات حياة طيبة ، وختمت له بالمغفرة ، وألحفته بمن تولاه . وقد وفدت

اليك ووقفت بين يديك في هذا الموضع الذى شرفته رجاء لما عندك ، فلا تجعلني اليوم أخيب وفدك ، وأكرمني بالجنة ،

ومن على بالمغفرة ، وجملنى بالعافية ، وأجرني من النار ، وأوسع على من رزقك الحلال الطيب ، وادرء عنى شر

فسقة العرب والعجم ، وشر شياطين الانس والجن . اللهم صل على محمد وآل محمدو لا تردني خائبا ، وسلمنى ما

بينى وبين لقائك حتى تبلغني الدرجة التى فيها مرافقة أوليائك ، واسقني من حوضهم مشربا رويا لا أظلمأ بعده

واحشرني في زمرتهم ، وتوفنى في حزبهم ، وعرفني وجوههم في رضوانك والجنة ، فانى رضيت بهم هداة . يا كافى

كل شئ ، ولا يكفى منه شئ صل على محمد وآل محمد ، والكفنى شر ما ، أحذر ، وشر ما لا أحذر ، ولا تكلني الى

أحد سواك ، وبارك لى فيما رزقتني ، ولا تستبدل بى غيرى ، ولا تكلني الى أحد من خلقك ولا الى رأيى فيعجزني ،

ولا الى الدنيا فتلفظني ، ولا الى قريب ولا بعيد ، بل تفرد بالصنع لى يا سيدى ومولاى . اللهم أنت أنت انقطع الرجاء

الا منك ، في هذا اليوم تطول على فيه بالرحمة والمغفرة ، اللهم رب هذه الأمكنة الشريفة ، ورب كل حرم ومشعر

عظمت قدره ، وشرفته وبالبيت الحرام ، وبالحل والحرام ، والركن والمقام . صل على محمد وآل محمد ، وأنجح

( لى ) كل حاجة مما فيه صلاح دينى ودنياى وآخرتي ، واعفرلى ولوالدي ولمن ولدنى من المسلمين ، وارحمهما كما

ربياني صغيرا ، واجزهما عنى خير الجزاء ، وعرفهما بدعائي لهما ما تقر به أعينهما ، وفيهما وفى جميع أسلافي من

المؤمنين في هذا اليوم فشفعني في نفسي وفيهما وفي جميع أسلافي من المؤمنين في هذا اليوم يا أرحم الراحمين . اللهم

صل على محمد وآل محمد ، وفرج عن آل محمد ، واجعلهم أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون ، وانصرهم وانتصر بهم ،

وأنجز لهم ما وعدتهم ، وبلغتني فتح آل محمد ، واكفنى كل هول دونه ، ثم اقسم اللهم لى فيهم نصيبا خالصا ، يا مقدر

الاجال ، يا مقسم الأرزاق ، افسح لى في عمرى ، وابسط لى في رزقي . اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأصلح

لنا امامنا واستصلحه ، وأصلح على يديه ، وآمن خوفه وخوفنا عليه ، واجعله اللهم الذى تنتصر به لدينك . اللهم املأ

الأرض به عدلا وقسطا كما ملأت ظلما وجورا ، وامنن به على فقراء المسلمين وارامليهم ومساكينهم ، واجعلني من

خيار مواليه وشيعته ، أشدهم له حبا أطوعهم له طوعا ، وأنفذهم لأمره ، وأسرعهم الى مرضاته ، وأقبلهم لقوله ،

وأقومهم بامره ، وارزقني الشهادة بين يديه حتى ألقاك وأنت عنى راض . اللهم انى خلفت الأهل والولد وما خولتني

وخرجت اليك ووكلت ما خلفت اليك فأحسن على فيهم الخلف ، فانك ولى ذلك من خلقت ، لا اله الا الله الحليم الكريم

لا اله الا الله العلى العظيم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش

العظيم والحمد لله رب العالمين (2) .


(2) عنه البحار 98 : 228 ، رواه الى هنا المفيد في مزاره : 134 ، مصباح المتهجد : 689 ، عنه البلد الأمين : 245 ،
     مصباح الكفعمي : 663 ، الصحيفة السجادية الجامعة : 337 ، الدعاء : 149 . ( * )

 

ومن هذا الموضع زيادة ليس من هذا الفصل وهو مضاف إليه :
 

 

اللهم انى عبدك ، ناصيتى بيدك ، وأجلى بعلمك ، وأسألك أن توفقني لما يرضيك عنى ، وأن تسلم لى مناسكي التى

أريتها ابراهيم خليلك ، ودللت عليها نبيك محمدا صلواتك عليهما ، اللهم اجعلني ممن رضيت عمله ، وأطلت عمره ،

وأحييته بعد الممات حياة طيبة . الحمدلله على نعمائه التى لا تحصى بعدد ، ولا تكافى بعمل ، الحمد لله الذى خلقتني

ولم أك شيئا مذكورا ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا . الحمدلله الذى رزقني ولم أك أملك شيئا ، الحمدلله على

حلمه بعد علمه الحمدلله على عفوه بعد قدرته ، الحمدلله على رحمته التى سبقت غضبه . اللهم صل على عبدك

ورسولك وخيرتك من خلقك الذى اصطفيته لرسالاتك ، واجعله أول شافع وأول مشفع وأول قائل وأنجح سائل ، انك

تجيب المضطر إذا دعاك ، وتكشف السوء ، فوقك المكروب ، وتشفى السقيم ، وتغنى الفقير ، وتجبر الكسير ، وليس

فوقك أمير ، وأنت العلى الكبير ، يا عصمة الخائف المستجير ، يا من لا شريك له ولا وزير . أسألك بعظيم ما سألك

أحد من خلقك من كريم أسمائك وجميل ثنائك وخاصة آلائك أن تصلى على محمد وآل محمد ، وأن تجعل عشيتي هذه

أعظم عشية مرت على منذ أنزلتني الى الدنيا بركة في عصمة دينى وخلاص نفسي وقضاء حاجتى ، وتشفيعي في

مسائلي واتمام النعمة على ، وصرف السوء عنى ولباس العافية لى ، وأن تجعلني ممن نظرت إليه في هذه العشية

برحمتك ، انك جواد كريم . اللهم صل على محمد وآل محمد ولا تجعل هذه العشية آخر العهد منى ، حتى تبلغنيها من

قابل مع حجاج بيتك الحرام ، والزوار لقبر نبيك عليه وآله السلام في أعفى عافيتك ، وأعم نعمتك ، وأوسع رحمتك ،

وأجزل قسمك ، وأوسع رزقك ، وأفضل الرجاء ، وأنا لك على أحسن الوفاء ، انك سميع الدعاء .

اللهم صل على محمد وآل محمد واسمع دعائي ، وارحم تضرعي وتذللي واستكانتي وتوكلنى فانى لك سلم لا أرجوا

نجاحا ولا تشريفا الا بك ومنك ، فامنن على بتبليغى هذه العشية من قابل وأنا معافى من كل مكروه ومحذور ، من جميع

البوائق وأعنى على طاعتك وطاعة رسولك وأوليائك الذين اصطفيتهم من خلقك . اللهم صل على محمد وآل محمد ،

سلمني في دينى وامدد لى في عمرى وأصح جسمي ، يا من رحمنى وأعطاني سؤلى فاغفر لى ذنبي انك على كل شئ

قدير . اللهم صل على محمد وآل محمد تمم على نعمتك فيما بقى من أجلى حتى تتوفانى وأنت عنى راض ، ولا

تخرجني من ملة الاسلام ، فانى اعتصمت بحبلك فلا تكلني الى غيرك ، وعلمني ما ينفعني ، واملأ قلبى علما وخوفا

من سطواتك ونقماتك . اللهم انى أسألك مسألة المضطر اليك الكشفق من عذابك ، الخائف من عقوبتك ، أن تغفر لى

وتحنن على برحمتك وأن تجود على بمغفرتك وتؤدى عنى فريضتك ، وتغنيني بفضلك عمن سواك ، وأن تجيرني من

النار ، برحمتك يا أرحم الراحمين (1) .

(1) عنه البحار 98 : 234 .

 


 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال أشهر السنة

 

فهرس الكتاب