اللهم أنت الله رب العالمين ، وأنت الله الرحمن الرحيم ، وأنت الله الدائب في
غير وصب ولا نصب ، ولا يشغلك
رحمتك عن عذابك ، ولا عذابك من رحمتك . خفيت من غير موت ، وظهرت فلا شئ فوقك ،
وتقدست في علوك ،
وترديت بالكبرياء في الأرض وفى السماء ، وقويت في سلطانك ، ودنوت في كل شئ في
ارتفاعك ، وخلقت الخلق
بقدرتك ، وقدرتك الامور بعلمك ، وقسمت الأرزاق بعدلك . ونفذ في كل شيئا علمك ،
وحارت الأبصار دونك ، وقصر
دونك طرف كل طارف ، وكلت الألسن عن صفاتك ، وغشى بصر كل ناظر نورك ، وملأت
بعظمتك أركان عرشك .
وابتدأت الخلق على غير مثال نظرت إليه من أحد سبقك الى صنعة شئ منه ، ولم تشارك
في خلقك ، ولم تستعن بأحد
في شئ من أمرك ، ولطفت في عظمتك ، وانقاد لعظمتك كل شئ ، وذل لعزتك كل شئ .
اثنى عليك يا سيدى وما
عسى أن يبلغ في مدحتك ثنائي مع قلة علمي وقصر رأنن ، وأنت يا رب الخالق وأنا
المخلوق ، وأنت المالك وأنا
المملوك ، وأنت الرب وأنا العبد ، وأنت الغنى وأنا الفقير ، وأنت المعطى وأنا
السائل ، وأنت الغفور ونأنا الخاطى ،
وأنت الحى لا تموت ، وأنا خلق أموت . يا من خلق الخلق ودبر الامور ، فلم يقايس
شيئا بشئ من خلقه ، ولم يستعن
على خلقه بغيره . ثم أمضى الامور على قضائه وأجلها الى أجل مسمى ، قضى فيها
بعدله ، وعدل فيها بفضله ،
وفصل فيها بحكمه ، وحكم فيها بعدله ، وعلمها بحفظه ، ثم جعل منتهاها الى مشيته
، ومستقرها الى محبته ، ومواقيتها
الى قضائه . لا مبدل لكلماته ولا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، ولا مستزاح عن
أمره ، ولا محيص
لقدره ،
ولاخلف لوعده ، ولا متخلف عن دعوته ، ولا يعجزه شئ طلبه ، ولا يمتنع
منه أحد أراده ، ولا يعظم عليه شئ فعله ،
ولا يكبر عليه شئ صنعه ، ولا يزيد في
سلطانه طاعة مطيع ، ولا ينقصه معصية عاص ، ولا يتبدل القول لديه ، ولا
يشرك في
حكمه أحدا . الذى ملك الملوك بقدرته ، واستعبد الأرباب بعزه ، وساد العظماء
بجوده ، وعلا السادة بمجده
وانهدت الملوك لهيبته ، وعلا أهل السلطان
بسلطانه وربوبيته ، وأباد الجبابرة بقهره ، وأذل العظماء بعزه ، وأسس
الامور
بقدرته ، ونبا المعالى بسؤدده ، وتمجد بفخره ، وفخر بعزه ، وعز بجبروته ، ووسع
كل شئ برحمته . اياك
أدعو ، واياك أسأل ، ومنك أطلب ، واليك أرغب ، يا غاية المستضعفين ، يا صريخ
المستصرخين ، ومعتمد
المضطهدين ، ومنجى المؤمنين ، ومثيب الصابرين ، وعصمة الصالحين ، وحرز العارفين
، وأمان الخائفين ، وظهر
اللاجين ، وجار المستجيرين ، وطالب الغادرين ، ومدرك الهاربين ، وأرحم الراحمين
، وخير الناصرين ، وخير
الفاصلين ، وخير الغافرين ، وأحكم الحاكمين ، وأسرع الحاسبين . لا يمتنع من
بطشه ، ولا ينتصر من عقابه ، ولا
يحتال لكيده ، ولا يدرك علمه ، ولا يدرء ملكه ، ولا يقهر عزه ، ولا يذل
استكباره ، ولا يبلغ جبروته ، ولا تصغر
عظمته ، ولا يضمحل فخره ، ولا يتضعشع
ركنه ، ولا ترام قوته ، المحصى لبريته ، الحافظ أعمال خلقه . لا ضد له
ولا ند
له ، ولا ولدو لا صاحبة له ، ولا سمى له ولا كفو له ، ولا قريب له ولا شبيه له
ولا نظير له ولا مبدل لكلماته
، ولا تبلغ شئ مبلغه ، ولا يقدر شئ قدرته ، ولا
يدرك شئ أثره ، ولا ينزل شئ منزلته ، ولا يدرك شئ أحرزه ،
ولا يحول دونه شئ .
بنى السماوات فأتقهن وما فيهن بعظمته ، ودبر أمره تدبيرا فيهن بحكمته ، وكان
كما هو أهله لا
بأولية قبله ، وكان ينبغى له ، يرى ولا يرى وهو بالمنظر الأعلى
، يعلم السر والعلانية . ولا يخفى عليه خائفية ،
وليس لنقمته واقية ، يبطش
البطشه الكبرى ولا تحصى منه القصور ، ولا تجن منه الستور ، ولا تكن منه الجدور
،
ولا توارى منه البحور ، وهو على كل شئ قدير ، وبكل شئ عليم . يعلم هماهم الأنفس وما تخفى الصدور ،
ووساوسها
ونيات القلوب ، ونطق الألسن ورجع الشفاه ، وبطش الأيدى ، ونقل الأقدام ، وخائنة
الأعين ، والسر وأخفى
والنجوى وما تحت الثرى ، ولا يشغله شئ عن شئ ، ولا يفرط
في شئ ، ولا ينسى شيئا لشئ . أسألك يا من عظم
صفحه ، وحسن صنعه ، وكرم عفوه ،
وكثرت نعمته ، ولا يحصى احسانه وجميل بلائه ، أن تصلى على محمد وآل
محمد ، وأن
تقضى حوائجى التى أفضيت بها اليك ، وقمت بها بين يديك ، وأنزلتها بك ، وشكوتها
اليك ، مع ما كان
من تفريطي فيما أمرتنى به ، وتقصيرى فيما نهيتني عنه . يا
نوري في كل ظلمة ، ويا انسى في كل وحشة ، ويا ثقتى
في كل شديدة ، ويا رجائي في
كل كربة ، ويا وليى في كل نعمة ، ويا دليل في الظلام ، أنت دليلى إذا انقطعت
دلالة
الأدلاء ، فان دلالتك لا تنقطع ، لا يضل من هديت ولا يذل من واليت .
أنعمت على فأسبغت ، ورزقتني فوقرت ،
ووعدتني فأحسنت ، وأعطيتني فأجزلت ، بلا استحقاق لذلك بعمل منى ولكن ابتداء منك
بكرمك وجودك ، فأنفقت نعمتك
في معاصيك ، وتقويت برزقك على سخطك ، وأفنيت عمرى فيما لا تحب ، فلم يمنعك
جرأتي عليك ، وركوبي ما
نهيتني عنه ، ودخولي فيما حرمت على أن عدت في معاصيك . فأنت العائد بالصضل ،
وأنا العائد في المعاصي ،
وأنت يا سيدى خير الموالى لعبيده ، وأنا شر العبيد ، أعودك فتجيبني ، وأسألك
فتعطيني ، وأسكت عنك فتبتدئنى ،
وأستزيدك فتزيدني ، فبئس العبد أنا لك يا سيدى ومولاى . أنا الذى لم أزل اسى
وتغفر ، ولم أتعرض للبلاء وتعافيني ،
ولم ازل أتعرض للهلكة وتنجينى ، ولم أزل أضيع في الليل والنهار في تقلبى فتحفظني ، ولم تنكس برأسي عند اخواني
، بل سترت على القبائح العظام ،
والفضائح الكبار ، وأظهرت حسناتي القليلة الصغار ، منا منك على ، وتفضلا
واحسانا ، وانعاما واصطناعا . ثم أمرتنى فلم أئتمر ، وزحرتنى فلم أنزجر ، ولم
أشكر نعمتك ، ولم أقبل نصيحتك .
ولم أؤد حقك ، ولم أترك معاصيك ، بل عصيتك
بسمعي ولو شئت أصممتنى ، فلم تفعل ذلك بى ، وعصيتك بيدى ،
ولو شئت لكنعتنى
فلم تفعل ذلك بى ، وعصيتك برجلي ولو شئت جذمتنى فلم تفعل ذلك بى ، وعصيتك
بفرحي ولو
شئت لعقمتنى فلم تفعل ذلك بى ، وعصيتك بجميع جوارحي ولم يك هذا جزاؤك
منى ، فعفوك عفوك . فها أنا ذا عبدك
المقر بذنبى ، الخاشع بذلى ، المستكين لك
بجرمى ، مقر لك بجنايتي ، متضرع اليك ، راج لك في موقفي هذا ، تائب
اليك من
ذنوبي ومن اقترافي ، ومستغفر لك من ظلمي لنفسي ، راغب اليك في فكاك رقبتي من
النار ، ومبتهل اليك في
العفو عن المعاصي . طالب اليك أن تنجح لى حوائجى ، وتعطني فوق رغبتي ، وأن تسمع
ندائى ، وتستجيب دعائي ،
وترحم تضرعي وشكواى ، وكذلك العبد الخاطى يخضع لسيده ، ويخشع لمولاه بالذل . يا
أكرم من أقر له كل بالذنوب
وأكرم من خضع له وخشع ، ما أنت صانع بمقر لك بذنبه ، خاضع لك بذله ، فان كانت
ذنوبي قد حالت بينى وبينك أن
تقبل على بوجهك ، وتنشر على رحمتك ، وتنزل على شيئا من بركاتك ، وترفع لى اليك
صوتا أو تغفر لى ذنبا ، أو
تتجاوز عن خطيئة . فها أنا
ذا عبدك مستجيرا بكرم وجهك ، وعز جلالك ، ومتوجها اليك ، ومتوسلا اليك ،
ومتقربا
اليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله أحب خلقك اليك وأكرمهم لديك ،
وأولاهم بك ، وأطواعهم لك ، وأعظمهم منك
منزلة ، وعندك مكانا ، وبعترته صلى
الله عليهم الهداة المهديين ، الذين افترضت طاعتهم ، وأمرت بمودتهم ، وجعلتهم
ولاة الأمر بعد نبيك . يا مذل كل جبار ، ويا معز كل ذليل ، قد بلغ مجهودي ، فهب
لى نفسي الساعة الساعة برحمتك
اللهم لا قوة لى على سخطك ، ولا صبر لى على
عذابك ، ولاغنا بى عن رحمتك ، تجد من تعذب غيرى ، ولا أجد من
يرحمنى غيرك ،
ولاقوة لى على البلاء ، ولا طاقة لى على الجهد . أسألك بحق نبيك محمد صلى الله
عليه وآله وبآله
الطاهرين ، وأتوسل اليك بالأئمة الذين اخترتهم لسرك ، وأطلعتهم
على وحيك ، واخترتهم بعلمك ، وطهرتهم وخلصتهم
واصطفيتهم وصفيتهم ، وجعلتهم هداة مهديين ، وائتمنتهم على وحيك ، وعصمتهم عن
معاصيك ، ورضيتهم لخلقك ،
وخصصتهم بعلمك ، واجتبيتهم وحبونهم وجعلتهم حججا على خلقك ، وأمرت بطاعتهم ولم
ترخص لأحد في معصيتهم ،
وفرضت طاعتهم على من برأت ، وأتوسل بهم اليك في موقفي اليوم أن تجعلني من خيار
وفدك . اللهم صل على محمد
وآل محمد ، وارحم صراخي واعترافى بذنبى وتضرعى وارحم طرحي رحلى بفنائك ، وارحم
مسيرى اليك ، يا أكرم
من سئل ، يا عظيما يرجى لكل عظيم ، اغفر لى ذنبي العظيم ، فانه لا يغفر العظيم
الا العظيم . اللهم انى أسألك فكاك
رقبتي من النار ، يا رب المؤمنين ، ولا تقطع رجائي ، يا منان من على ، يا أرحم
الراحمين ، يا من لا يخيب سائله لا
تردني ، يا عفو اعف عنى ، يا تواب تب على ، واقبل توبتي يا مولاى ، حاجتى التى
ان أعطيتنها لم يضرنى ما منعتني
وان منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني ، فكاك رقبتي من النار . اللهم بلغ روح محمد
وآل محمد عنى تحية وسلاما ، وبهم
اليوم فاستنقذني ، يا من أمر بالعفو ، يا من يجزى على العفو ، يا من يعفو ، يا
من رضى بالعفو ، يا من يثيب على
العفو ، العفو العفو - يقولها عشرين مرة - أسألك اليوم العفو ، وأسألك من كل
خير أحاط به علمك . هذا مكان البائس
الفقير ، هذا مكان المضطر الى رحمتك ، هذا مكان المستجير بعفوك من عقوبتك ، هذا
مكان العائذ بك منك ، أعوذ
برضاك من سخطك ، ومن فجأة نعمتك ، يا أملى يا رجائي يا خير مستغاث ، يا أجود
المعطين ، يا من سبقت رحمته
غضبه . يا سيدى ومولاى ، ورجائي وثقتى ومعتمدى ، ويا ذخري وظهري وعدتي ، وغاية
أملى ورغبتي ، يا غياثي
يا وارثي ، ما أنت صانع بى في هذا اليوم الذى فزعت فيه اليك ، وكثرت فيه
الأصوات . أسألك أن تصلى على محمد
وآل محمد وأن تقلبني فيه
مفلحا منجحا بأفضل ما انقلب به من رضيت عنه ، واستجبت دعاءه وقبلته ، وأجزلت
حباه
خير منه ، وقلبته بكل حوائجه ، وأحييته بعد الممات حياة طيبة ، وختمت له
بالمغفرة ، وألحفته بمن تولاه . وقد وفدت
اليك ووقفت بين يديك في هذا الموضع الذى شرفته رجاء لما عندك ، فلا تجعلني
اليوم أخيب وفدك ، وأكرمني بالجنة ،
ومن على بالمغفرة ، وجملنى بالعافية ، وأجرني من النار ، وأوسع على من رزقك
الحلال الطيب ، وادرء عنى شر
فسقة العرب والعجم ، وشر شياطين الانس والجن . اللهم صل على محمد وآل محمدو لا
تردني خائبا ، وسلمنى ما
بينى وبين لقائك حتى تبلغني الدرجة التى فيها مرافقة أوليائك ، واسقني من حوضهم
مشربا رويا لا أظلمأ بعده
واحشرني في زمرتهم ، وتوفنى في حزبهم ، وعرفني وجوههم في رضوانك والجنة ، فانى
رضيت بهم هداة . يا كافى
كل شئ ، ولا يكفى منه شئ صل على محمد وآل محمد ، والكفنى شر ما ، أحذر ، وشر ما
لا أحذر ، ولا تكلني الى
أحد سواك ، وبارك لى فيما رزقتني ، ولا تستبدل بى غيرى ، ولا تكلني الى أحد من
خلقك ولا الى رأيى فيعجزني ،
ولا الى الدنيا فتلفظني ، ولا الى قريب
ولا بعيد ، بل تفرد بالصنع لى يا سيدى ومولاى . اللهم أنت أنت انقطع الرجاء
الا
منك ، في هذا اليوم تطول على فيه بالرحمة والمغفرة ، اللهم رب هذه الأمكنة
الشريفة ، ورب كل حرم ومشعر
عظمت قدره ، وشرفته وبالبيت الحرام ، وبالحل
والحرام ، والركن والمقام . صل على محمد وآل محمد ، وأنجح
( لى ) كل حاجة مما فيه صلاح دينى ودنياى وآخرتي ، واعفرلى ولوالدي ولمن ولدنى
من المسلمين ، وارحمهما كما
ربياني صغيرا ، واجزهما عنى خير الجزاء ، وعرفهما بدعائي لهما ما تقر به
أعينهما ، وفيهما وفى جميع أسلافي من
المؤمنين في هذا اليوم فشفعني في نفسي وفيهما وفي جميع أسلافي من المؤمنين في
هذا اليوم يا أرحم الراحمين . اللهم
صل على محمد وآل محمد ، وفرج عن آل محمد ، واجعلهم أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون
، وانصرهم وانتصر بهم ،
وأنجز لهم ما وعدتهم ، وبلغتني فتح آل محمد ، واكفنى كل هول دونه ، ثم اقسم
اللهم لى فيهم نصيبا خالصا ، يا مقدر
الاجال ، يا مقسم الأرزاق ، افسح لى في عمرى ، وابسط لى في رزقي . اللهم صل على
محمد وآل محمد ، وأصلح
لنا امامنا واستصلحه ، وأصلح على يديه ، وآمن خوفه وخوفنا عليه ، واجعله اللهم
الذى تنتصر به لدينك . اللهم املأ
الأرض به عدلا وقسطا كما ملأت ظلما وجورا ، وامنن به على فقراء المسلمين
وارامليهم ومساكينهم ، واجعلني من
خيار مواليه وشيعته ، أشدهم له حبا أطوعهم له طوعا ، وأنفذهم لأمره ، وأسرعهم
الى مرضاته ، وأقبلهم لقوله ،
وأقومهم بامره ، وارزقني الشهادة بين يديه حتى ألقاك وأنت عنى راض . اللهم انى
خلفت الأهل والولد وما خولتني
وخرجت اليك ووكلت ما خلفت اليك فأحسن على فيهم الخلف ، فانك ولى ذلك من خلقت ،
لا اله الا الله الحليم الكريم
لا اله الا الله العلى العظيم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين
السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش
العظيم والحمد لله رب العالمين (2) .