اللهم ان ملائكتك مشفقون من خشيتك ، سامعون مطيعون لك وهم بأمرك يعملون ،
لا يفترون الليل والنهار يسبحون ،
وأنا أحق بالخوف الدائم لاساءتي على نفسي ، وتفريطها الى
اقتراب أجلى ، فكم لى يا رب من ذنب أنا فيه مغرور
متحير . اللهم انى قد أكثرت على نفسي من الذنوب والاساءة
وأكثرت على من المعافاة ، سترت على ولم تفضحني بما
أحسنت لى النظر وأقلتني العثرة ، . وأخاف أن أكون فيها
مستدرجا ، فقد ينبغى لى أن أستحيى من كثرة معاصي
معاصي ، ثم لم تهتك لى سرا ، ولم تبد لى عورة ، ولم تقطع عنى
الرزق ، ولم تسلط على جبارا ، ولم تكشف عنى
غطاء مجازاة لذنوبي ، تركتني كأنى لا ذنب لى ، كففت عن خطيئتي وزكيتني بما ليس في
، أنا المقر على نفسي بما
جنت على يداى ، ومشت إليه رجلاى ، وباشر جسدي ونظرت
إليه عيناى وسمعته اذناى ، وعملته جوارحي ، ونطق
به لساني ، وعقد عليه قلبى .
فأنا المستوجب يا الهى زوال نعمتك ، ومفاجاة نقمتك وتحليل عقوبتك ، لما اجترأت
عليه
من معاصيك ، وضيعت من حقوقك ، أنا صاحب الذنوب الكبيرة التى لا تحصى
عددها ، وصاحب الجرم العظيم ، أنا
الذى أحللت العقوبة بنفسى وأوبقتها
بالمعاصى جهدي وطاقتي وعرضتها للمهالك بكل قوتي . الهى أنا الذى لم أشكر
نعمك
عند معاصي اياك ولم أدعها عند حلول البلية ولم أقف عند الهوى ولم اراقبك ، يا
الهى أنا الذى لم أعقل عند
الذنوب نهيك ، ولم اراقب عند اللذات زجرك ، ولم
أقبل عند الشوة نصيحتك ، وركبت الجهل بعد الحلم ، وغدوت الى
الظلم بعد العلم . اللهم فكما حلمت عنى فيما اجترأت عليه من
معاصيك ، وعرفت تضييعى حقك ، وضعفى عن شكر
نعمتك ، وركوبي معصيتك ، اللهم انى لست ذا عذر فأعتذر ولاذا
حيلة فأنتصر . اللهم قد أسأت وظلمت ، وبئس ما
صنعت ، عملت سوء لم تضرك ذنوبي ، فأستغفرك يا سيدى ومولاى ،
سبحانك لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من
الظالمين . اللهم انك تجد من تعذبه غيرى ولا أجد من يرحمنى
سواك ، اللهم فلو كان لى مهرب لهربت ، ولو كان لى
مصعد في السماء أو مسلك في الأرض لسلكت ، ولكنه لا مهرب لى
ولا منجأ ولا منننننجأ ولا مأوى منك الا اليك .
اللهم ان تعذبني فأهل ذلك أنا وان ترحمني فأهل ذلك أنت ، بمنك
وفضلك ووحدانيتك وجلالك وكبريائك وعظمتك
وسلطانك ، فقديما ما مننت على أوليائك ومستحقى عقوبتك بالعفو
والمغفرة ، سيدى عافية من أرجو إذا لم أرج عافيتك
وعفو من أرجو إذا لم أرج عفوك ، ورحمة من أرجو إذا لم أرج
رحمتك ، ومغفرة من أرجوا إذا لم أرج مغفرتك ،
ورزق من أرجو إذا لم أرج رزقك ، وفضل من أرجو إذا لم أرج فضلك
. سيدى أكثرت على من النعم وأقللت لك من
الشكر ، فكم لك عندي من نعمة لا يحصيها أحد غيرك ، ما أحسن
بلاءك عندي ، وأحسن فعالك ، ناديتك مستغيثا
مستصرخا فأغثتني ، وسألتك عائلا فأغنيتني ، ونأيت فكنت قريبا مجيبا ،
واستعنت بك مضطرا فأعنتني ووسعت على ،
وهتفت اليك في مرضى فكشفته عنى ، وانتصرت
بك في رفع البلاء . فوجدتك يا مولاى نعم المولى ونعم النصير ،
وكيف لا أشكرك ،
يا الهى أطلقت لساني بذكرك رحمة لى منك ، واضأت لى بصرى بلطفك حجة منك على ،
وسمعت
اذناى بقدرتك نظرا منك ، ودللت عقلي على توبيخ نفسي . اليك أشكو ذنوبي
فانها لا مجرى لبثها الا اليك ، ففرج عنى
ما ضاق به صدري ، وخلصني من كل ما أخاف على نفسي ، من أمر
دينى ودنياى وأهلي ومالى ، فقد استصعب على
شأني ، وشتت على أمرى وقد أشرفت على هلكتي نفسي ، وإذا
تداركتني منك برحمة تنقذني بها ، فمن لى بعدك يا
مولاى . أنت الكريم العواد بالغفرة ، وأنا اللئيم العواد
بالمعاصى ، فاحلم يا حليم عن جهلى وأقلني يا مقيل عثرتي ،
وتقبل يا رحيم توبتي ، سيدى ومولاى ، لابد من لقائك على كل
حال . وكيف يستغنى العبد عن ربه ، وكيف يستغنى
المذنب عمن يملك عقوبته ومغفرته ، سيدى لم أزدد اليك الا فقرا
، ولم تزدد عنى الا غنى ، ولم تزدد ذنوبي الا كثرة ،
ولم يزدد عفوك الا سعة . سيدى ، ارحم تضرعي اليك وانتصابي بين
يديك ، وطلبي ما لديك ، توبة فيما بينى وبينك ،
سيدى متعوذا بك متضرعا اليك بائسا فقيرا تائبا ، غير مستنكف
ولا مستكبر ، ولا مستسخط ، بل مستسلم لأمرك راض
بقضائك ، لا آيس من روحك ، ولا آمن من مكرك ولا قانط
من رحمتك ، سيدى بل مشفق من عذابك ، راج لرحمتك ،
لعلمي بك يا سيدى ومولاى ،
فانه لن يجيرني منك أحدا ولا أجد من دونك ملتحدا . اللهم انى أعوذ بك أن
تحسبن في
رامقة العيون علانيتي ، وتفتح فيما أخلو لك سريرتي ، محافظا
على رئاء الناس من نفسي ، مضيعا ما أنت مطلع عليه
منى فابدى لك بأحسن أمرى ، وأخلو لك بشر فعلى تقربا الى
المخلوقين بحسناتي ، وفرارا منهم اليك بسيئاتي ، حتى
كأن الثواب ليس منك ، وكأن العقاب ليس اليك ، قسوة من مخالفتك من
قلبى وزللا عن قدرتك من جهلى فيحل بى
غضبك وينالنى مقتك فأعذني من ذلك كله ،
وقنى بوقايتك التى وقيت بها عبادك الصالحين . اللهم تقبل منى ما كان
صالحا ،
وأصلح منى ما كان فاسدا ، ولا تسلط على من لا يرحمنى ولا باغيا ولا حاسدا .
اللهم أذهب عنى كل هم ،
وفرج عنى كل غم ، وثبتنى في كل مقام ، واهدنى في كل
سبيل من سبل الحق ، وحط عين كل خطيئة ، وأنقذنى من
كل هلكة وبلية ، وعافنى أبدا
ما أبلقتنى واغفر لى إذا توفيتنى ، ولقنى روحا وريحانا وجنة نعيم ، أبدا
الابدين ، يا أرحم
الراحمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
(1) .