- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 2 ص 155 : -

دعاء آخر في يوم عرفة وجدناه في كتب الدعوات :
 

 

الحمدلله الذى هدانا لحمده ، وجعلنا من أهله ، لنكون لاحسانه من الشاكرين وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين ،

الحمد لله الذى اجتبانا بدينه ، وخصنا بملته وسبيله ، وأرشدنا الى سنن احسانه لنسلكها بمنه ورضوانه ، حمدا يقبله منا

ويرضى به عنا . الحمد لله الذى جعل من تلك السبل يوم عرفة ، يوم عظيم قدره ، جليل أمره ميمون ذكره ، الحمد لله

عرفنا فضله ، وجعلنا من التابعين لرسوله ، الطائعين فيه لامره . اللهم فقنا فيه من المخاوف والشدائد ، وكن برحمتك

واحسانك علينا عائدا ، واغفر لنا زيارة هذه المشاهد ، واجعل حظنا من زيارتها أعظم حظ وارد ، واعف عنا وأنت

الصمد الواحد ، ولا تشمت بنا عدوا ولا حاسدا ، واجعلني لالائك شاكرا وحامدا . يامن بدأنى بنعمته ، وأفضل على

سنى قسمه ، يامن يعلم سريرتي ويستر علانيتي ، أعطني ثواب المطيعين ، وعلو منازل المخبتين ، واكتبني في عبادك

الصالحين ، الذين قبلت عملهم ، وختمته بالمغفرة في هذه العشية التى ظاهر قدره ، جليل أمره ، مشهور بين العلماء

ذكره ، محفوظ في قلوب العارفين ، من عرف فضلها من بين الليالى والأيام فاز ، ولكل فضل حاز ، ومن دعاك فاز

بجزيل الثواب وحسن الاياب . اللهم بارك لنا في هذا وخاتمته ، واختم لنا بخير عند مساءلته ، واجعله لنا شاهدا بعمل

طاعتك ، واجعلنا من أهل عنايتك ، اللهم انى أستغفرك من مظالم كثيرة ، وبوائق جزيلة ، وعظائم ذنوب جمة قد أثقلت

ظهرى ، ومنعنى من الرقاد ذكرها . اللهم انى أتنصل اليك من تلك الذنوب والخطايا وأتوب ، فلا تجعل دعائي يا رب

عنك محجوبا ، فأنت أكرم مأمول ، وأعز مطلوب ، الهى أمد اليك كفا طال ما عصت ، وأبكى بعين طال ما على

المعاصي عكفت . وأدعوك بلسان عليه الملائكة الكرام الحفظة كتبت ، وأرجوك بنفس عفوك وصفحك أملت ، وعلى

برك واحسانك يا كريم عولت ، ولباب فضلك ومعروفك طرقت ، ولرحمتك تعرضت . الهى ذلت لعظمتك الأرباب ،

وتاهب عند تأمل عزيز سلطانك اولوا الألباب ، وقصدك السائلون لعلمهم بأنك جواد وهاب ، فقصدتك يا الهى لمعرفتي

بأنك تجيب الداعين ، وتسمع سؤال السائلين ، وتقبل ببرك ومعروفك على التائبين ، فقبضت اليك كفا هي من عقابك

خائفة ، وبما جنت من الخطايا عارفة . وشخصت اليك بعين هي من هيبتك ذارفة ، ودعوتك بلسان نغماته لشكرك

واصفة ، وأذللت بين يديك نفسا لم تزل على المعاصي عاكفة ، فيامن يعلم سريرتي ، ارحم ضعفى ومسكنتي ،

وتغمدني بعفوك وسترك في دنياى وآخرتي ، ولا تكلني الى سواك فأنت رجائي وأملى . يا عدتي عند السدائد ، يا من

لا يضجره سائل سأل ، ولا يثقل عليه عليه ملح بالدعاء مبتهل ، بابك للطارقين مفتوح ، وبرك للمنيبين ممنوح ، فأنت

مشكور ممدوح ، اللهم وهذه ليلة من عرف ظاهرها فاز ، ومن عرف باطنها فكل فضيلة حاز . اللهم وفقنا فيها للأعمال

الصالحة ، والتجارة الرابحة ، والسلوك للمحجة الواضحة ، والجعلها لنا شاهدة ، وقنا فيها من الشدائد ، واجعل الخير

علينا فيها واردا ، ولا تشمت بنا عدوا ولا حاسدا ، فأنت الأحد الواحد . الهى هاأنا ذاعبدك بين يديك ، باسط اليك كفا

هي حذرة مما جنت ، وجلة مما اقترفت ، اللهم فاستر سوء عملي يوم كشف السرائر ، وارحمني مما فيه احاذر ، وكن

بى رؤوفا ولذنبي غافرا ، فأنت السيد القاهر ، فان عفوت فمن أولى منك بالعفو ، وان عذبت فمن أعدل منك في الحكم

اللهم وهذه ليلة باطنها سرور أوليائك الذين حبوتهم بعلو المنازل والدرجات ، وضاعفت لهم الحسنات ، وغفرت لهم

السيئات ، وختمت لهم بالخيرات . وقد أمسيت يا رب في هذه العشية راجيا لفضلك ، مؤملا برك ، منتظرا مواد

احسانك ولطفك ، متوكلا عليك ، متوسلا بك ، طالبا لما عندك من الخير المذخور لديك ، معتصما بك من شر ما أخاف

وأحذر ، ومن شر ما علن واسر . فبك أمتنع وأنتصر ، واليك ألجأ وبك استتر ، وبطاعة نبيك والأئمة عليهم السلام

أفتخر ، والى زيارة وليك وأخى نبيك أبتدر ، اللهم فبه وبأخيه وذريته أتوسل ، وأسأل وأطلب في هذه العشية فكاك

رقبتي من النار ، والمقر معهم في دار القرار ، فان لك في هذه العشية رقابا تعتقها من النار . اللهم وهذه ليلة عيد ولك

فيها أضياف ، فاجعلني من أضيافك ، وهب لى ما بينى وبينك ، واجعلي قراى منك الجنة ، يا الله يا الله يا الله ، يا خير

منزول به ، يا خير من نزلت بفنائه الركائب ، وأناخت به الوفود ، يا ذا السلطان الممتنع بغير أعوان ولا جنود .

أنت الله لا اله الا أنت أقر لك كل معبود ، أحمدك واثنى عليك بما حمدك كل محمود ، يا الله أسألك يامن برحمته

يستغيث المذنبون ، ويامن الى ذكر احسانه يفزع المضطرون ، ويامن لخيفته ينتحب الخاطئون ، ويا انس كل مستوحش

غريب ، ويا فرج كل مكروب كئيب ، ويا عون كل ضعيف فرييد ، ويا عضد كل محتاج طريد . أنت الله الذى وسعت

كل شئ رحمة وعلما ، وأنت الله الذى جعلت لكل مخلوق في نعمك سهما ، وأنت الله الذى تسعى رحمته أمام غضبه .

وأنا يا الهي عبدك الذى أمرته بالدعاء ، وتكفلت له الاجابة ، فهاأنا ذا يا الهى بين يديك ، أنا الذى أثقلت الخطايا ظهره ،

أنا الذى بجهله عصاك ، وجاهر ك بذنبه وما استحياك ، ولم يكن هذا جزاؤك منى ، فعفوك ، فهاأنا ذا عبدك المقر

ذنبه ، الخاضع لك بذله ، المستكين لك بجرمه . الهى فما أنت صانع بمقر لك بجنايته ، متوكل عليك في رعايته ، الهى

لا تخيب من لا يجد مطمعا غيرك ، ولا أحدا دونك ، يا أكرم من اقر له باذنوب ، ويا أعظم من خضع وخشع له ،

أسألك العفو ، يامن رضى بالعفو ، يامن استحسن العفو ! يامن يجزى على العفو ! العفو العفو ، يا أهل العفو ! العفو

العفو . لا تعرض بوجهك الكريم عنى ، ولا تجبهنى بالرد في مسألتي ، وأكرم في مجلسي منقلبي ، فانى أسألك

واناديك ، فنعم المجيب ونعم المدعو ونعم المرجو . يا من لا يبرمه سائل سأل ، ولا ملح عليه بالدعاء مبتهل ، يا أهل

الوفاء والعطاء ، يا كريم العفو ، يا حسن التجاوز ، يا من لا يوارى منه ليل داج ، ولا بحر عجاج ولا سماء ذات

أبراج ، أسألك بحق حجاج بيتك ، والركن والمقام ، والمشاعر العظام ، والليالي والأيام ، والضياء والظلام ، والملائكة

الكرام ، وأنبيائك ورسلك عليهم السلام . وأسألك بأمرك من خلقك ، وباسمك العلى الأعظم ، وبكل ما سألك به داع

شاكر ومسبح ذاكر ، أن تصلى على محمد وآل محمد ، وأن تغفر لى خطيئتي ، وترضى عنى وتصفح ، وتتجاوز عن

ذنبي وتسمح ، وأن تجعل مآبى خير مآب ، وأن تكفيني شر كل عدو ظاهر ، ومستخف وبارز ، وكيد كل مكيد . يا حليم

يا ودود ، اكفني شر أعدائي وحاسدي ، وتولنى بولايتك واكفنى بكفايتك ، واهد قلبى بهداك ، وحط عنى وزرى ، وشد

أزرى ، وارزقني التوبة بحط السيئات وتضاعف الحسنات ، وكشف البليات ، وربح التجارات ، ودفع معرة السعايات .

انك مجيب الدعوات ، ومنزل البركات ، كن لدعائي مجيبا ، ومن ندائى قريبا ، ولى حافظا ورقيبا ، وأجرني مما احاذر

وأخشى من ( شر ) كل ذى شر من خلقك أجمعين ، انك أرحم الراحمين (4) .
 

(4) عنه البحار 98 : 266 - 270 .  

 


 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال أشهر السنة

 

فهرس الكتاب