- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 2 ص 33 : -

فصل ( 3 ) فيما نذكره من فضل العشر الأول من ذى الحجة على سبيل الاجمال


اعلم ان تعيين الله جل جلاله على اوقات معينات تذكر فيها جل جلاله ، دون مالا يجرى مجراها من الأوقات ، يقتضى ذلك تعظيمها ومصاحبتها بذكره الشريف بالعقول والقلوب ، وان لا يخلهيا العبد من أذكار نفسه بانها حاضرة بين يدى علام الغيوب
 

وان يلزمها المراقبة التامة في حركاته وسكناته ، ويطهرها من دنس غفلاته ، حيث قد اختارها الله جل جلاله لذكره ، وجعلها محلا لخزانة سره ، وأهلا لتشريفها بتعظيم قدره ، ومنزلا لاطلاق بره ، ومنهلا (1) للتلذذ بكأسات شكره .


وهذا عشر ذى الحجة من جملة تلك الاوقات ، قال الله جل جلاله : ( واذكروا الله في ايام معلومات ) (2) . فرويت باسنادى الى جدى أبى جعفر الطوسى فيما ذكره في المصباح الكبير وغيره
 

 

* هامش *

 

 

(1) المنهل : المورد ، المشرب ، موضع الشرب .
(2)الحج : 28 ، وفيه : ( ويذكروا اسم الله في ايام معلومات ) . ( * )

 

- ص 34 -

من الروايات عن الصادق صلوات الله عليه : ( ان الايام المعلومات عشر ذى الحجة . ) (1) .


أقول : وينبغى ان يكون مع أذكار عقلك وقلبك ونفسك باطلاع الله جل جلاله عليك في هذا شهر ذى الحجة ، الذى انعم الله جل جلاله به عليك ، وجعله رسولا يهدى ما فيه من الفضائل اليك ، على صفات من يتلقى نعمته جل جلاله بالتعظيم والثناء

الجسيم ، ويتلقى رسوله بالتكريم ، والاقبال على شكر ما أهداه اليك من الفضل العظيم واشغل جميع جوارحك بما يختص كل منها من العبادات ، حتى تكون ذاكرا لله جل جلاله في ذلك العشر فعلا وقولا في جميع التصرفات .


فاحسب ان هذا العشر قد جعله سلطان زمانك وواهب احسانك وقتا للدخول إليه والثناء عليه بين يديه ، أفما كنت تجتهد في تحصيل الالفاظ الفائقة والمعاني الرائقة الجامعة لأوصاف شكره ويشر بره ، وتجمع خواطرك كلها في حضرته على الاخلاص في مراقبته ، ولا تقدر ان تغفل في تلك الحال عنه ، وهو يراك وانت قريب منه .


فان الله جل جلاله احق بهذا الاقبال عليه والادب بين يديه وارجح مطلبا ومكسبا بالتقرت إليه ، فأين تأخذ عنه يمينا وشمالا ، وتذهب منه تهوينا وضالالا ، لا تغفل فانك في قبضته وانت ميت وابن اموات ، صنايع نعمته وبقايا رحمته .



فصل ( 4 ) فيما نذكره من زيادة فضل لعشر ذى الحجة على بعض التفصيل


وجدنا ذلك في كتاب عمل ذى الحجة تأليف أبى على الحسن بن محمد بن اسماعيل بن محمد بن اشناس البزاز من نسخة عتيقة بخطه ، تاريخها سنة سبع وثلاثين واربعمائة ، وهو منصنفي اصحابنا رحمهم الله ، باسناده الى رسول الله صلى الله عليه
 

 

* هامش *

 

 

(1) - المصباح المتهجد : 671 . ( * )

 

 

- ص 35 -

وآله انه قال : مامن ايام العمل الصالح فيها احب الى الله عزوجل من ايام العشر - يعنى عشر ذى الحجة - ، قالوا : يارسول الله ! ولا اجهاد في سبيل الله ؟ قال صلى الله عليه وآله : ولا اجهاد في سبيل الله رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ .


ومن ذلك باسناد ابن اشناس البزاز رحمه الله عن النبي صلوات الله عليه وآله قال : ما من ايام ازكى عند الله تعالى ولا اعظم اجرا من خير في عشر الأضحى ، قيل : ولا اجهاد في سبيل الله ؟ قال صلى الله عليه وآله : ولا الجهاد في سبيل الله الا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشئ . وكان سعيد بن جبير إذا دخل ايام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه .


 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال أشهر السنة

 

فهرس الكتاب