اختر اللون المناسب لأرضية الصفحة

- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 2 ص 239 : -

فصل ( 2 ) فيما نذكره من مختصر الوصف مما رواه علماء المخالفين عن يوم الغدير من الكشف


اعلم ان نص النبي صلوات الله عليه وآله على مولانا على بن أبى طالب صلوات الله عليه يوم الغدير بالامامة لا يحتاج الى كشف وبيان لأهل العلم والامانة والدراية ، وانما نذكر تنبيها على بعض رواه ليقصد من شاء ويقف على معناه .
 

فمن ذلك ما صنفه أبو سعد مسعود بن ناصر السجستاني المخالف لأهل البيت في عقيدته ، المتفق عند اهل المعرفة به على صحة ما يرويه لأهل البيت وأمانته ، صنف كتابا سماه كتاب الدراية في حديث الولاية ، وهو سبعة عشر جزء ، روى فيه حديث نص النبي عليه افضل السلام بتلك المناقب والمراتب على مولانا على بن أبى طالب عليه السلام عن مائة وعشرين نفسا من الصحابة .


ومن ذلك ما رواه محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير صنفه وسماه كتاب الرد على الحرقوصية (1) ، روى فيه حديث يوم الغدير وما نص النبي على على عليه السلام بالولاية والمقام الكبير ، وروى ذلك من خمس وسبعين طريقا .


ومن ذلك ما رواه أبو القاسم عبيدالله الحسكاني في كتابي سماه كتاب دعاء الهداة الى اداء حق الموالاة .


ومن ذلك الذى لم يكن مثله في زمانه أبو العباس احمد بن سعيد بن عقدة الحافظ ، الذى زكاة وشهد بعلمه الخطيب مصنف تاريخ بغداد (2) ، فانه صنف كتابا سماه حديث الولاية ، وجدت هذا الكتاب بنسخة قد كتبت في زمان أبى العباس بن عقدة مصنفه ، تاريخها ، سنة ثلاثين وثلاثمائة صحيح النقل ، عليه خط الطوسى وجماعة من شيوخ
 

 

* هامش *

 

 

(1) هم اتباع حرقوص بن زهير المعروف بذى الثدية .

(2) تاريخ بغداد : ( * )

 

- ص 240 -

الاسلام ، لا يخفى صحة ما تضمنه على اهل الافهام ، وقد روى فيه نص النبي صلوات الله عليه على مولانا على عليه السلام بالولاية من مائة وخمس طرق . وان عددت اسماء المصنفين من المسلمين في هذا الباب ، طال ذلك على من يقف على هذا الكتاب ، وجميع هذه التصانيف عندنا الان الا كتاب الطبري (1) .


فصل ( 3 ) في بعض تفصيل ما جرت عليه حال يوم الغدير من التعظيم والتبخيل


اعلم ان ما نذكر في هذا الفصل ما رواه ايضا مخالفوا الشيعة المعتمد عليهم في النقل . فمن ذلك ما رواه عنهم مصنف كتاب الخالص ، المسمى بالنسر والطى ، وجعله حجة ظاهرة باتفاق العدو والولى ، وحمل به نسخة الى الملك شاه مازندران

رستم بن على لما حضرته بالرى ، فقال فيما رواه عن رجالهم : فصل : وعن احمد بن محمد بن على المهلب ، اخبرنا الشريف أبو القاسم على بن محمد بن على بن القاسم الشعرانى ، عن أبيه ، حدثنا سلمة بن الفضل الانصاري ، عن أبى
 

 

* هامش *

 

 

(1) جدير بنا أن نذكر هنا بعض مصادر أهل السنة التى يذكر فيها حديث ولاية الكبرى : رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 : 26 ، الذهبي في ميزان الاعتدال 2 : 303 الطحاوي في مشكل الاثار 2 : 307 ، ابن كثير في البداية والنهاية 5 : 211 ،

ابن حجر في لسان الميزان 2 : 379 ، وفى مطالب العالية 4 : 65 ، ابن حسنوية في در ربحر المناقب : 92 ،
ابن حجر في الاصابة 2 : 414 ، الأمر تسرى في أرجح المطالب : 581 ، المتقى الهندي في كنز العمال 12 : 258 و 15 : 115 ،

السيوطي في الحبائك في اخبار الملائك : 131 ، الخوارزمي في المناقب : 115 ، العاصمى في زين الفتى 1 : 46 ،
العسقلاني في الكاف الشاف : 96 ، الحاكم في المستدرك 3 : 371 ، ابن حبان في مسنده 2 : 179 ، البزاز في مسنده 1 : 100 ،

احمد بن حنبل في الفضائل : 290 ، الهيثمى في مجمع الزوائد 9 : 17 ، السيوطي في تاريخ الخلفاء : 169 ، الكنجى في كفاية الطالب : 56 ، النسائي في الخصائص : 1 ، البدخشى في مفتاح النجاح : 58 ، الدولابى في الكنى والأسماء 2 : 88 ، الرازي في نهاية العقول : 199 ،

الحموينى في فرائد السمطين 1 : 59 ، الحضرمي في وسيلة - المال على مافى الغدير - 1 : 176 ، ابن قتيبة في الامامة والسياسة : 93 ، الكتاني في نظم المتناثر : 124 ، الترمذي في المناقب المرتضوية : 125 ، العينى الحيدر آبادى في المناقب : 37 ،

الحسكاني في شواهد التنزيل 1 : 173 القلندر هندي في رياض الأزهر : 0 10 ، النبهاني في فتح الكبير 2 : 242 ،
الخطيب في تاريخ بغداد 12 : 343 ، مجدالدين الطبري في رياض النضرة 2 : 203 ، الشوكاني في تفسيره 2 : 57 ،

السيوطي في جامع الصغير : 141 ، السمهودى في ينابيع المودة : 38 ، القرمانى في اخبار الدول : 102 ،
ابن صباغ المالكى في فصول المهمة : 23 . ( * )

 

- ص 241 -

مريم ، عن قيس بن حنان ، عن عطية السعدى ، قال : سألت حذيفة بن اليمان عن اقامة النبي صلى الله عليه وآله عليا يوم الغدير كيف كان ؟ فقال : ان الله تعالى انزل على نبيه صلى الله عليه وآله .


أقول : لعله يعنى بالمدينة . ( النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ) (1) ، فقالوا : يارسول الله ما هذه الولاية التى انتم بها احق بأنفسنا ؟ فقال عليه السلام :

السمع والطاعة فيا احببتم وكرهتم ، فقلنا : سمعنا واطعنا ، فأنزل الله تعالى : ( واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذى واثقكم به إذ قلتم سمعنا واطعنا ) (2) . فخرجنا الى مكة مع النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع ، فنزل جبرئيل عليه السلام

فقال : يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول : انصب عليا عليه السلام علما للناس ، فبكى النبي صلى الله عليه وآله حتى اخضلت لحيته (3) ، وقال : يا جبرئيل ان قومي حديثوا عهد بالجاهلية ضربتهم على الدين طوعا وكرها حتى انقادوا لى فكيف إذا حملت على رقابهم غيرى ، قال : فصعد جبرئيل .


ثم قال صاحب كتاب النشر والطى : عن حذيفة : وقد كان النبي صلى الله عليه وآله بعث عليا عليه السلام الى اليمن فوافى مكة ونحن مع الرسول ، ثم توجه على عليه السلام يوما نحو الكعبة يصلى ، فلما ركع أتاه سائل فتصدق عليه بحلقة خاتمة ،

فانزل الله تعالى : ( انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) (4) . فكبر رسول الله وقرأه علينا ثم قال : قوموا نطلب هذه الصفة التى وصف الله بها ،
 

 

* هامش *

 

 

(1) الاحزاب : 6
(2) المائدة : 7 .

(3) خضل واخضل : ابتل .
(4)
المائدة : 55 . ( * )

 

- ص 242 -

فلما دخل رسول الله المسجد استقبله سائل ، فقال : من اين جئت ؟ فقال : من عند هذا المصلى تصدق على بهذه الحلقة وهو راكع . فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله ومضى نحو على فقال : يا على ما احدثت اليوم من خير ؟ فاخبره بما كان منه

الى السائل ، فكبر ثالثة . فنظر المنافقون بعضهم الى بعض وقالوا : ان افئدتنا لا تقوى على ذلك أبدا مع الطاعة له ، فنسأل رسول الله صلى الله عليه وآله ان يبدله لنا ، فاتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فاخبروه بذلك ، فانزل الله تعالى قرآنا وهو

: ( قل ما يكون لى ان ابدله من تلقاء نفسي - الاية ) (1) ، فقال جبرئيل : يارسول الله اتمه ، فقال حبيبي جبرئيل : قد سمعت ما تؤامروا به ، فانصرف عن رسول الله الامين جبرئيل .


ثم قال صاحب كتاب النشر والطى من غير حديث حذيفة : فكان من قول رسول الله في حجة الوداع بمنى : يا أيها الناس انى قد تركت فيكم أمرين ان أخذتم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي اهل بيتى ، وانه قد نبأنى اللطيف الخبير انهما لن يفترقا

حتى يردا على الحوض كاصبعي هاتين - وجمع بين سبابيته - ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك ، الأهل بلغت ايها الناس ؟ قالوا : نعم ، قال : اشهد .


ثم قال صاحب كتاب النشر والطى : فلما كان في آخر يوم من ايام التشريق انزل الله عليه : ( إذا جاء نصرالله والفتح الى آخرها ) (2) ، فقال عليه السلام : نعيت الى نفسي ، فجاء الى المسجد الخيف فدخله ونادى : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس

فحمد الله واثنى عليه - وذكر خطبته عليه السلام . ثم قال فيها : ايها الناس انى تارك فيكم الثقلين ، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل ، طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به ، والثقل الأصغر عترتي اهل بيتى ، فانه نبأنى اللطيف الخبير

انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض كاصبعي هاتين - وجمع بين سبابتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبابيته والوسطى - فتفضل هذه على هذه .
 

 

* هامش *

 

 

(1) يونس : 15

(2) الفتح : 1 . ( * )

 

- ص 243 -

قال مصنف كتاب النشر والطى : فاجتمع قوم وقالوا : يريد محمد ان يجعل الامامة في اهل بيته ، فخرج منهم اربعة ودخلوا الى مكة ، ودخلوا الكعبة وكتبوا فيما بينهم : ان أمات الله محمدا أو قتل لايرد هذا الأمر في أهل بيته ، فانزل الله تعالى : ( ام ابرموا امرا فانا مبرمون ، ام يحسبون انا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) (1) .


أقول : فانظر هذا التدريج من النبي صلى الله عليه وآله ، والتلطف من الله جل جلاله في نصه على مولانا على صلوات الله عليه ، فاول امره بالمدينة قال سبحانه : ( اولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ) (2) ،

فنص على ان الاقرب الى النبي صلوات الله عليه أولى به من المؤمنين والمهاجرين ، فعزل جل جلاله عن هذه الولاية المؤمنين والمهاجرين ، وخص بها اولى الارحام من سيد المرسلين . ثم انظر كيف نزل جبرئيل بعد خروجه عليه السلام الى

مكة بالتعيين على على عليه السلام ، فلما راجع النبي صلوات الله عليه واشفق على قومه من حسدهم لعلى عليه السلام ، كيف عاد الله جل جلاله وأنزل : ( انما وليكم الله ورسوله ) (3) ، وكشف عن على عليه السلام بذلك الوصف ، ثم انظر

كيف مال النبي صلى الله عليه وآله الى التوطئة بذكر اهل بيته بمنى ، ثم عاد ذكرهم في مسجد الخيف .


ثم ذكر صاحب كتاب النشر والطى توجههم الى المدينة ومراجعة رسول الله مرة بعد مرة لله جل جلاله ، وما تكرر من الله تعالى الى رسول الله في ولاية على عليه السلام ، قال حذيفة : واذن النبي صلى الله عليه وآله بالرحيل نحو المدينة فارتحلنا


ثم قال صاحب كتاب النشر والطى : فنزل جبرئيل على النبي عليهما السلام بضجنان (4) في حجة الوداع باعلان على عليه السلام .

 

* هامش *

 

 

(1) الزخرف : 79 - 80 .
(2) الانفال : 15 .

(3) المائدة : 55 .
(4)
الضجن : وادفى بلاد هذيل بتهامة ، أسفله لكنانة ، على ليلة من مكة . ( * )

 

- ص 244 -

ثم قال صاحب الكتاب : فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نزل الجحفة ، فلما نزل القوم واخذوا منازلهم ، فأتاه جبرئيل عليه السلام فأمره ان يقوم بعلى عليه السلام وقال : يا رب ان قومي حديثوا عهد بالجاهلية فمتى افعل هذا يقولوا : فعل بابن عمه .


أقول : وزاد في الجحفة ، أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني في كتاب الدراية ، فقال باسناده من عدة طرق الى عبد الله بن عباس قال : لما خرج النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع ، فنزل جحفة اتاه جبرئيل عليه السلام فأمره ان يقوم

بعلى عليه السلام قال : ألستم تزعمون انى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى يارسول الله ، قال : فمن كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، واحب من احب وابغض من ابغضه وانصر من نصره ، وأعن من عانه ، قال ابن عباس : وجببت والله في اعناق الناس .


أقول : وسار النبي صلى الله عليه وآله من جحفة . قال مسعود السجستاني في كتاب الدراية باسناده الى عبد الله بن عباس ايضا قال : امر رسول الله صلى الله عليه وآله ان يبلغ ولاية على عليه السلام ، فأنزل الله تعالى : ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) (1)


يقول رضى الدين ركن الاسلام أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس امده الله بعناياته وايده بكراماته : اعلم ان موسى نبى الله راجع الله تعالى في ابلاغ رسالته وقال في مراجعته : ( انى قتلت منهم نفسا فاخاف ان

يقتلون ) (2) ، وانما كان قتل نفسا واحدة ، واما على بن أبى طالب ، فانه كان قد قتل من قريش وغيرهم من القبائل قتلى كل واحد منهم .

يحتمل مراجعة النبي صلى الله عليه وآله لله جل جلاله في تأخير ولاية مولانا على عليه السلام وترك اظهار عظيم فضله وشرف محله ، وكان النبي شفيقا على امته كما

 

* هامش *

 

 

(1) المائدة : 67 .

(2) القصص : 33 . ( * )

 

- ص 245 -

وصفه الله جل جلاله ، فاشفق عليهم من الامتحان باظهار ولاية على عليه السلام في اوان . ويحتمل ان يكون الله جل جلاله اذن للنبى عليه السلام في مراجعته لتظهر لامته انه ماآثره لمولانا على عليه السلام ، وانما الله جل جلاله آثره كما قال : ( ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى ) (1) .


قال صاحب كتاب النشر والطى في تمام حديثه ماهذا لفظه : فهبط جبرئيل فقال : اقرء : ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك - الاية ) ، وقد بلغنا غدير خم في وقت لو طرح اللحم فيه على الارض لانشوى (2) ، وانتهى الينا رسول الله

فنادى : الصلاة جامعة ، ولقد كان امر على عليه السلام اعظم عند الله مما يقدر ، فدعا المقداد وسلمان وأبا ذر وعمار ، فامرهم أن يعمدوا الى اصل شجرتين فيقموا (3) ما تحتهما فكسحوه (4) ، وامرهم ان يضعوا الحجارة بعضها على بعض

كقامة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأمر بثوب فطرح عليه ، ثم صعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر ينظر يمنة ويسره ينتظر اجتماع الناس إليه . فلما اجتمعوا فقال : الحمدلله الذى علا في توحده ودنا في تفرده - الى ان قال : - اقر له على

نفسي بالعبودية واشهد له بالربوبية واؤدى ما اوحى الى ، حذر ان لم افعل ان تحل بى قارعة (5) ، أوحى الى : ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك - الاية ) . معاشر الناس ما قصرت في تبليغ ما انزله الله تبارك وتعالى ، وانا أبين لكم

سبب هذه الاية ، ان جبرئيل هبط الى مرارا أمرنى عن السلام ان أقول في المشهد واعلم الأبيض والأسود ، ان على بن أبى طالب أخى وخليفتي والامام بعدى . ايها الناس علمي بالمنافقين - الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه
 

 

* هامش *

 

 

(1) النجم : 3 - 4 .
(2) شوى اللحم : عرضه للنار فنضج .
(3)
قم البيت : كنسه .

(4) كسحت البيت : كنسته .
(5)
القارعة : الداهية ، النكبة المهلكة . ( * )

 

- ص 246 -

هينا وهو عند الله عظيم ، وكثرة إذا هم لى مرة سموني اذنا لكثرة ملازمته اياى واقبالي عليه ، حتى انزل الله : ( ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن ) (1) - محيط (2) ، ولو شئت ان اسمى القائلين بأسمائهم لسميت . واعلموا ان الله قد

نصبه لكم وليا واماما ، مفترضا طاعته على المهاجرين والانصار وعلى التابعين وعلى البادى والحاضر ، وعلى العجمي والعربي ، وعلى الحر والمملوك ، وعلى الكبير والصغير ، وعلى الابيض والاسود ، وعلى موحد ، فهو ماض حكمه ،

جائز قوله ، نافذ أمره ، ملعون من خالفه ومرحوم من صدقه . معاشر الناس تدبروا القرآن وافهموا آياته ومحكماته ولا تتبعوا فوالله لا يوضح تفسيره الا الذى انا آخذ بيده ورافعها بيدى ، ومعلمكم ان من كنت مولاه فهو مولاه ، وهو على .

معاشر الناس ان عليا والطيبين من ولدى من صلبه هم الثقل الأصغر والقرآن الثقل الأكبر ، لن يفترقا حتى يردا على الحوض ، ولا يحل امرة المؤمنين لأحد بعدى غيره . ثم ضرب بيده على عضده ، فرفعه على درجة دون مقامه متيامنا عن

وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فرفعه بيده وقال : ايها الناس من أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : الله ورسوله ، فقال : الأمن كنت مولاه فهذا على مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، انما

اكمل الله لكم دينكم بولايته وامامته ، وما نزلت آية خاطب الله بها المؤمنين الا بدأ به ، ولا شهد الله بالجنة في هل أتى الا له ، ولا انزلها في غيره ، ذرية كل نبى من صلبه وذريتي من صلب على ، لا يبغض عليا الا شقى ولا يوالى عليا الا تقى ،

وفى على نزلت ( والعصر ) ، وتفسيرها : ورب عصر القيامة ، ( ان الانسان لفى خسر ) اعداء آل محمد ،
(
الا الذين آمنوا ) بولايتهم  ، ( وعملوا الصالحات ) بمواساة اخوانهم ، ( وتواصوا بالصبر ) في غيبة غائبهم . 
 

 

* هامش *

 

 

(1) التوبة : 61 .

(2) خبر لقوله : علمي . ( * )

 

- ص 247 -

معاشر الناس آمنوا بالله والنور الذى انزل ، انزل الله النور في ، ثم في على ، ثم النسل منه الى المهدى ، الذى يأخذ بحق الله ، معاشر الناس انى رسول الله قد خلت من قبلى الرسل ، الا ان عليا الموصوف بالصبر والشكر ثم من بعده من ولده من صلبه .

معاشر الناس قد ضل من قبلكم اكثر الأولين ، انا صراط الله المستقيم الذى امركم ان تسلكوا الهدى إليه ، ثم على من بعدى ، ثم ولدى من صلبه ائمة يهدون بالحق ، انى قد بينت لكم وفهمتكم ، هذا على يفهمكم بعدى ، الا وانى بايعت لله وعلى بايع لى ، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله ، ( فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما ) (1)

معاشر الناس انتم اكثر من ان تصافحوني بكف واحدة قد أمرنى الله ان آخذ من ألسنتكم الاقرار بما عقدتم الامرة لعلى بن أبى طالب ، ومن جاء من بعده من الائمة منى منه ، على ما أعلمتكم ان ذريتي من صلبه فليبلغ الحاضر الغائب ، فقولوا :

سامعين مطيعين راضين لما بلغت عن ربك ، نبايعك على ذلك بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا ، على ذلك نحيا ونموت ونبعث ، لا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب ، اعطينا بذلك الله واياك ، وعليا والحسن والحسين والائمة الذين ذكرت ، كل عهد وميثاق

من قلوبنا وألسنتنا ، ونحن لا نبتغى بذلك بدلا ونحن نؤدى ذلك الى كل من رأينا . فبادر الناس بنعم نعم ، سمعنا واطعنا امر الله وامر رسوله آمنا به بقلوبنا وتداكوا (2) على رسول الله وعلى عليهما السلام بايديهم ، الى ان صليت الظهر والعصر في

وقت واحد ، وباقى ذلك اليوم الى ان صليت العشاء آن في وقت واحد ورسول الله صل الله عليه وآله يقول كلما أتى فوج : ( الحمد لله الذى فضلنا على العالمين . ) (3)
 

 

* هامش *

 

 

(1) الفتح : 10 .
(2) تداك عليه القوم : ازدحموا .

(3) عنه بطوله البحار 37 : 126 - 133 . ( * )

 

- ص 248 -

فصل : واما رواه مسعود بن ناصر السجستاني في صفة نص النبي صلى الله عليه وآله على مولانا على عليه السلام بالولاية ، فانه مجلد اكثر من عشرين كراسا . واما الذى ذكره محمد بن جرير صاحب التاريخ في ذلك فانه مجلد ، وكذلك ما ذكره أبو العباس بن عقدة وغيره من العلماء واهل الروايات فانها عدة مجلدات .


فصل : واما ما جرى من اظهار بعض من حضر في يوم الغدير لكراهة نص النبي صلوات الله عليه على مولانا على صلوات الله عليه . فقد ذكر الثعلبي في تفسيره : ان الناس تنحوا عن النبي عليه السلام ، فأمر عليا فجمعهم ، فلما اجتمعوا

قام وهو متوسد على يد على بن أبى طالب ، فحمد الله وأثنى عليه . ثم قال : ايها الناس انه قد كرهت تخلفكم عنى حتى خيل الى انه ليس شجرة ابغض اليكم من شجرة تليني ، ثم قال : لكن على بن أبى طالب أنزله الله منى بمنزلتي منه ، فرضى الله

عنه كما أنا راض عنه ، فانه لا يختار على قريى ومحبى شيئا ، ثم رفع يديه فقال : من كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . قال : فابتدر الناس الى رسول الله عليه وآله يبكون ويتضرعون ويقولون : يارسول الله ما تنحينا عنك الا كراهية ان نثقل عليك ، فنعوذ بالله من سخط رسوله ، فرضى رسول الله صلى الله عليه وآله عنهم عند ذلك (1) .


فصل : وقال مصنف كتاب النشر والطى : قال أبو سعيد الخدرى : فلم ننصرف حتى نزلت هذه الاية : ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) (2) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الحمد لله على كمال الدين وتمام النقمة ورضى الرب برسالتى وولاية على بن أبى طالب ، ونزلت : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم - الاية ) (3) .

قال صاحب الكتاب : فقال الصادق عليه السلام : يئس الكفرة وطمع الظلمة .
 

 

* هامش *

 

 

(1) عنه البحار 37 : 134 ، رواه في الطرائف : 145 ، ذكره ابن المغازلى في مناقبه : 25 ، عنه العمدة : 53 .
(2)(3)
المائدة : 3 .

 

- ص 249 -

قلت انا : وقال مسلم في صحيحة باسناده الى طارق بن شهاب قال : قالت اليهود لعمر : لو علينا معشر اليهود نزلت هذه الاية : ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) ، نعلم اليوم الذى انزلت فيه لا تخذنا ذلك اليوم عيدا (1) .


وروى نزول هذه يوم الغدير جماعة من المخالفين ذكرناهم في الطرائف (2) . وقال مصنف كتاب النشر والطى ماهذا لفظه :

فصل : وروى ان الله تعالى عرض عليا على الاعداء يوم الابتهال فرجعوا عن العداوة وعرضه على الأولياء يوم الغدير فصاروا اعداء ، فشتان ما بينهما .


وروى أبو سعيد السمان باسناده ان ابليس اتى رسول الله صلى الله عليه وآله في صورة شيخ حسن السمت ، فقال : يا محمد ما اقل من يبايعك على ما تقول في ابن عمك على ؟ فأنزل الله : ( ولقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين

) (3) ، فاجتمع جماعة من المنافقين الذين نكثوا عهده فقالوا : قد قال محمد بالأمس في مسجد الخيف ما قال ، وقال هاهنا ما قال ، فان رجع الى المدينة يأخذ البيعة له والرأى ان نقتل محمدا قبل ان يدخل المدينة . فلما كان في تلك الليلة قعد له عليه

السلام اربعة عشر رجلا في العقبة ليقتلوه - وهى عقبة بين الجحفة والايواء - فقعد سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقته ، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله صلى وارتحل وتقدم اصحابه وكان صلى الله عليه وآله على ناقة

ناجية ، فلما صعد العقبة ناداه جبرئيل : يا محمد ان فلانا وفلانا - وسماهم كلهم وذكر صاحب الكتاب اسماء القوم المشار إليهم - ثم قال : قال جبرئيل : يا محمد هؤلاء قد قعدوا لك في العقبة ليغتالوك (4) . فنظر رسول الله الى من خلفه ، فقال :

من هذا خلفي ؟ فقال حذيفة بن اليمان : انا حذيفة يارسول الله ، قال : سمعت ، سمعناه ؟ قال : نعم ، قال : اكتم ، ثم دنا منهم فناداهم

 

* هامش *

 

 

(1) صحيح مسلم 4 : 2313 ، عنه الطرائف : 147 .
(2) الطرائف : 140 - 153 .

(3) سبأ : 20 .
(4)
ليقتلوك ( خ ل ) . ( * )

 

- ص 250 -

بأسمائهم واسماء آبائهم ، فلما سمعوا نداء رسول الله عليه وآله مروا ودخلوا في غمار الناس وتركوا رواحهم وقد كانوا عقلوها داخل العقبة ، ولحق الناس برسول الله وانتهى رسول الله الى رواحلهم فعرفها . فلما نزل قال : ما بال اقوام تحالفوا

في الكعبة : ان امات الله محمدا أو قتل لا نرد هذا الأمر الى أهل بيته ، ثم هموا بما هموا به ، فجاؤوا الى رسول الله يحلفون انهم لن يهموا بشئ من ذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى : ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم وهموا بما لم ينالوا الاية . ) (1) ، (2)


فصل : وذكر الزمخشري في كتاب الكشاف ، وهو ممن لايتهم عند اهل الخلاف ، فقال في تفسير قوله تعالى : ( لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الامور ) (3) ماهذا لفظه : وعن ابن جريح : وقفوا لرسول الله ليلة الثنية على العقبة ، وهم اثنا عشر رجلا ، ليفتكوا به من قبل غزاة تبوك ( وقلبوا لك الامور ) ودبروا لك الحيل والمكائد ودوروا الاراء في ابطال امرك ، وقرى : وقلبوا - بالتخفيف - حتى جاء الحق وظهر امر الله (4) .


ثم قال الزمحشرى ايضا في الكتاب في تفسير قوله جل جلاله : ( وكفروا بعد اسلامهم وهموا بما لم ينازلوا ) (5) ماهذا لفظه : وهو الفتك برسول الله وذلك عند مرجعه من تبوك تواثق خمسة عشر منهم على ان يدفعوه عن راحلته الى الوادي إذا

تسنم العقبة بالليل فأخذ عمار بن ياسر رضى الله عنه بخطام راحلته يقودها ، وحذيفة خلفه يسوقها ، فبينا هو كذلك إذ سمع حذيفة توقع اخفاف الابل بقعقعة السلام ، فالتفت قوم متلثمون فقال : اليكم اعداء الله ، فهربوا (6) .


فصل : وبلغ أمر الحسد لمولانا على عليه السلام على ذلك المقام والانعام الى بعضهم

 

* هامش *

 

 

(1) التوبة : 74 .
(2) عنه البحار 37 : 134 .
(3)
التوبة : 48 .

(4) الكشاف 2 : 277 .
(5)
التوبة : 74 .
(6)
الكشاف 2 : 291 . ( * )

 

- ص 251 -

الهلاك والاصطلام (1) .

فروى الحاكم عبيدالله بن عبد الله الحسكاني في كتاب دعاء الهداة الى اداء حق الموالاة ، وهو من اعيان رجال الجمهور ، فقال : قرأت على أبى بكر محمد بن محمد الصيدلانى فأقربه ، حدثكم أبو محمد عبد الله بن احمد بن جعفر الشيباني ، حدثنا

عبد الرحمان بن الحسين الاسدي ، حدثنا ابراهيم بن الحسين الكسائي ، حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا سفيان بن سعيد ، حدثنا منصور بن ربعى ، عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى : من كنت مولاه فهذا على مولاه ،

قام النعمان بن المنذر الفهرى فقال : هذا شئ قتلته من عندك أو شئ أمرك به ربك ؟ قال : لا بل أمرنى به ربى ، فقال : اللهم أنزل علينا حجارة من السماء ، فما بلغ رحله حتى جاءه حجر فادماه (2) فخر ميتا ، فأنزل الله تعالى : ( سئل سائل بعذاب واقع ) (3) .


أقول : وروى هذا الحديث الثعلبي في تفسيره للقرآن بأفضل وأكمل من هذه الرواية (4) . وكذلك رواه صاحب كتاب النشر والطى قال : لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد على فقال : من كنت مولاه فعلى

مولاه ، فشاع ذلك في كل بلد ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهرى ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله على ناقة له ، حتى أتى الأبطح فنزل عن ناقته وأناخها وعقلها ، ثم أتى النبي وهو في ملأ من اصحابه ، فقال : يا محمد أمرتنا عن الله ان

نشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله ، فقبلناه ، وأمرتنا ان نصلى خمسا ، فقبلناه ، وأمرتنا بالحج ، فقبلناه ، ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع (5) ابن عمك ففضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلى مولاه ، أهذا شئ من عندك أم من الله ؟

فقال : والله الذى لا اله الا هو ان هذا من الله ، فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول : اللهم ان كان ما يقوله محمد حقا فامطر علينا

 

* هامش *

 

 

(1) اصطلمه : استأصله .
(2) أدمى الرجل : أسال دمه .
(3)
المعارج : 1 .

(4) عنه الغدير 1 : 240 وفى الطرائف : 153 . ذكره الحسكاني في شواهد التنزيل 2 : 286 .
(5)
الضبع : وسط العضد ، أ الابط . ( * )

 

- ص 252 -

حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته (1) ، وخرج من دبره فقتله (2) .

أقول : فإذا كان الحال كما ذكرناه من الحاسدين الكارهين لما انزل الله ولما أمر به رسوله صلوات الله عليه وآله من ولاية على بن أبى طالب على الاسلام والمسلمين ، وكان ذلك في حياة النبي صلوات الله عليه وآله وهو يرجا ويخاف والوحى

ينزل عليه ، فكيف يستبعد ممن كان بهذه الصفات في الحسد والعدوات ان يعزلوا الولاية عن مولانا على عليه السلام بعد وفاة النبي صلوات الله عليه أو يكتموا كثير من النصوص عليه :

باعوه بالأمل الضعيف سفاهة * وقت الحياة فكيف بعد وفاته
خذلوه في وقت يخاف ويرتجى * أيراد منهم ان يفوا لمماته

 

 

* هامش *

 

 

(1) الهامة : الرأس .

(2) عنه البحار 37 : 136 . ( * )


 

 

الصفحة الرئيسية

 

أعمال أشهر السنة

 

فهرس الكتاب