|
|
فصل ( 4 )
فيما نذكره من
فضل الله جل جلاله بعيد الغدير على سائر
تكاد ان تزيد على
الامتحان بصاحب النبوة العظيم الشأن ، لأن الرسول المبعوث صلوات الله
وسلامه عليه ، بعث في اول امره بمكة الى قوم يعبدون احجارا واخشابا لا تدفع
ولا تنفع ولا تسمع خطابا ولا ترد جوابا . قد شهدت عقول اهل الوجود بجهل من
اتخذ آلهة من دون الله المعبود ، ولم يكن
بين أهل مكة وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عداوة قبل رسالته ، ولا بينهم وبينه قتل ولا دماء قد سفكها ، تمنع طبعا وعقلا من قبول نبوته . واما مولانا أمير المؤمنين عليه أفضل السلام ، الذى نص الله جل جلاله عليه على لسان رسوله عليه اعظم الصلاة والسلام في يوم الغدير ، فان اهل الاسلام كانوا قد اتسعت عليهم شبهات العقول والاحلام وتأويل ما يقدرون فيه على التأويل ، وكان مولانا على عليه السلام قد عادى كثيرا في الله جل جلاله وفى طاعة الرسول الجليل ، فسفك دماء عظيمة من أسلافهم وعظمائهم وأمثالهم ، وسار مع رسول الله عليه السلام سيرة واحدة في معاداة من عاداه من اول امره الى آخره ، من غير مراعات لحفظ قلوب من كان عاداه من رجالهم ، وظهرت له من العنايات والكرامات ما اقتضت حسد أهل المقاماة .
عليه وآله في ابتداء أمر نبوته ، ثم قال باسناده الى أبو الهيثم بن التيهان انه قام خطيبا بين يدى أمير المؤمنين على بن أبى طالب فقال : ان حسد قريش اياك على وجهين : اما خيارهم فتمنوا ان يكونوا مثلك منافسة (1) في الملأ وارتفاع الدرجة ، واما شرارهم فحسدوا حسدا أثقل القلوب وأحبط الأعمال ، وذلك انهم رأوا عليك نعمة قدمها اليك الحظ وأخرهم عنها الحرمان ، فلم يرضوا ان يلحقوا حتى طلبوا ان يسبقوك ، فبعدت والله عليهم الغاية واسقط المضمار .
قريش بشكر قريش ، نصرت نبيهم حيا وقضيت عنه الحقوق ميتا ، والله ما بغيهم الا على انفسهم ولانكثوا الا بيعة الله ، يد الله فوق ايديهم فيها ، ونحن معاشر الانصار أيدينا وألسنتنا معك ، فأيدينا على من شهد وألسنتنا على من غاب .
|
|