مجالس المؤمنين

 
 

الصفحة (181)

ولم ينحصر أسلوب ابن قياما الإعلامي هذا في هذه المرّة ، بل راح يكرّر ذلك في مناسبات مختلفة ، وكان الإمام يردّ عليه ، ويدحض حُجَجه دائماً إلى أن قَطَعت ولادةُ الإمام الجواد (عليه السّلام) دابر الفتنة .

ووصل بهم الحال أنّهم أنكروا كون الإمام الجواد ابناً للإمام الرضا ، كلّ ذلك حسداً وجهلاً ، وكان دليلهم الواهي هو عدم التشابه بين الإمام الجواد (عليه السّلام) والإمام الرضا (عليه السّلام) ويقولون : ما كان فينا إمام قطّ حائل اللون .

فقال لهم الرضا (عليه السّلام) هو ابني ، ولكن لم يقنعوا ثُمَّ عمدوا إلى القيافة المحرّمة وأرسلوا إلى القافة ، وأظهر اللهُ الحقَّ ، وفَشِلت دسائس ومؤامرات أعداء الدين الذين يرومون من كلّ ذلك إطفاء نور الله مرّة أُخرى ؛ لاتهامهم الإمام الرضا (عليه السّلام) بالعُقم .

وبعد ظهور الحقّ ، وفشل المؤامرات في هذين الاعتراضين (العقم وعدم التشابه) جاؤوا بطريق آخر للتشكيك ، وهو صغر عمر الإمام الجواد (عليه السّلام) ؛ حيث إنّه (سلام الله عليه) كان أوّل إمام يبلغ الإمامةَ في طفولته(1) ، فمن الطبيعي أن يكون أوّل سؤال يخطر بالبال عند دراسة حياته هو أنّه كيف يمكن لحَدِثٍ أن يتحمّل مسؤوليّة ، ومهمّة إمامة ، وقيادة المسلمين الحسّاسة والكبيرة ؟

ــــــــــــــــ
1ـ وإن لم يكن (عليه السّلام) هو الأخير ، فقد بلغها ابنه الإمام الهادي (عليه السّلام) بهذا السِنّ ، أو أصغر ، وتقلّدها الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وهو لم يبلغ الست سنوات .

الصفحة (182)

وتبيّن من خلال دراسة حياة الإمام الجواد (عليه السّلام) أنّ هذا التشكيك وصل به الأمر إلى أن يُطرَح كسؤال رسمي على الإمام الرضا (عليه السّلام) ، وهنا نشير إلى بعض تلك الأسئلة .

منها : ما ذكره بعض أصحاب الإمام الرضا (عليه السّلام) قال : كنت واقفاً بين يدي أبي الحسن الرضا بخراسان ، فقال له قائل : يا سيدي ، إن كان كون فإلى مَنْ ؟

قال : (( إلى أبي جعفر ابني )) .

فكأنّ القائل استصغر سِنّ أبي جعفر ، فقال أبو الحسن (عليه السّلام) : (( إنّ الله تبارك وتعالى بعث عيسى بن مريم رسولاً نبيّاً ، صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السِنّ الذي فيه أبو جعفر ))(1) .

ومنها : بنفس المضمون مع إشارة الإمام الرضا (عليه السّلام) إلى قوله تعالى في يوسف (عليه السّلام) : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً )(2) ، وفي يحيى (عليه السّلام) : ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً )(3)(4) .

وعلى الرغم من كلّ ما قيل حول إمكانية الوصول إلى المناصب الإلهية الكبيرة في حَدَاثة السِنّ ، كانت مشكلة حَدَاثة سِنّ الإمام الجواد لا تزال غير محلولة ، ليس لكثير من عوامّ الشيعة ، بل أصبحت مثاراً للجدل لدى بعض

ــــــــــــــ
1ـ الكافي 1 / 322 باب النصّ على الإمام الجواد (عليه السّلام) ح13 ، وص384 ح6 ، الإرشاد 2 / 279 ، إعلام الورى 2 / 94 ، روضة الواعظين / 237 ، كشف الغمة 3 / 145 ، تفسير نور الثقلين 3 / 334 ح68 ، مدينة المعاجز 7 / 277 ح11 ، بحار الأنوار 14 / 256 ـ 257 ح53 عن الكافي ، و50 / 23 ـ 24 ح15 عن الإرشاد وإعلام الورى .
2ـ سورة يوسف / 22 .
3ـ سورة مريم / 12 .
4ـ الكافي 1 / 384 ، باب حالات الأئمّة (عليهم السّلام) في السن ح7 .

الصفحة (183)

المقرّبين من الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) ، حتى كتب الطبري الإمامي من علماء القرن الرابع الهجري : ولمّا بلغ سِنّه ( الإمام الجواد ) ست سنوات وبضعة شهور قتل المأمون أباه ، فحار الشيعة ، ووقع الخلاف بين الناس ، واستصغروا سِنّ أبي جعفر ، واحتارت الشيعة في البلاد(1) .

وقَرُب موسم الحجّ ، واجتمع من فقهاء بغداد والأمصار ، وعلمائهم ثمانون رجلاً ، وقصدوا الحجّ والمدينة ؛ ليشاهدوا أبا جعفر(2) ، فلمّا وافوا أتوا دار أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) فدخلوها ، وأُجلسوا على بساطٍ كبير أحمر ، وخرج إليهم عبد الله بن موسى عمّ الإمام الجواد (عليه السّلام) ، فجلس في صدر المجلس ، وقام منادٍ فنادى : هذا ابن رسول الله ، فمَنْ أراد السؤال فليسأله .

فسُئل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب ، فورد على الشيعة ما حيّرهم وغمّهم ، واضطرب الفقهاء للقيام والانصراف ، وقالوا : لو كان أبو جعفر يَكمُلُ لجواب المسائل لَمَا كان من عبد الله ما كان من الجواب بغير الواجب (أي الخطأ) .

ففُتِح عليهم باب من صدر المجلس ، ودخل مُوفّق وقال : هذا أبو جعفر ، فقاموا إليه بأجمعهم ، واستقبلوه وسلّموا عليه ، فدخل (عليه السّلام) فأجاب عنها بالحقّ ، ففرحوا ودعوا له ، وأثنوا عليه ، وقالوا له : إنّ عمّك عبد الله أفتى

ــــــــــــــــــ
1ـ دلائل الإمامة / 204 .
2ـ كنية الإمام الجواد (عليه السّلام) ، وقد يُقال : أبو جعفر الثاني احترازاً عن الإمام الباقر (عليه السّلام) .

الصفحة (184)

بكيت وكيت ، فقال : (( ... يا عمّ ، إنّه عظيم عند الله أن تقف غداً بين يديه ، فيقول لك : لِمَ تُفتِي عبادي بما لم تَعْلَم ، وفي الأُمّة مَنْ هو أعلم منك ))(1) .

وقال إسحاق بن إسماعيل ـ الذي كان يُرافق تلك الجماعة في هذه المسألة ـ : فأعددتُ له ( للإمام الجواد ) في رُقعة عشرَ مسائل ، وكان لي حَمْلٌ ، فقلت : إن أجابني عن مسائلي سألته أن يدعوَ الله أن يجعله ذكراً .

فلمّا سأله الناس قمت والرقعة معي ؛ لأسأله ، فلمّا نظر إليّ قال : (( يا أبا يعقوب سمِّه أحمد )) ، فوُلِد لي ذكر فسمَّيتُهُ أحمد(2) .

تسبّب هذا اللقاء والحوار ، واللقاءات المماثلة الأُخرى مع الإمام الجواد (عليه السّلام) في اطمئنان الشيعة ، واعتقادهم وإيمانهم التام بإمامته ، وانقشعت سُحُب الغموض والشكّ من سماء فكرِهِم ، وطلعت شمسُ الحقيقية .

وهكذا عندما قَدِم المأمون من طوس إلى بغداد ، بَعَثَ برسالة إلى الإمام الجواد (عليه السّلام) يدعوه بالقدوم إلى بغداد كوالده (سلام الله عليهما) ، واقترح المأمون أن يزوّج ابنته أُمّ الفضل من الإمام الجواد (عليه السّلام) ، فسكت الإمام .

فاعتبر المأمون أنّ هذا السكوت علامة لرضاه (عليه السّلام) ، ونوى أن يُقيم حفلاً بهذه المناسبة ممّا أحدث ضجّة في أوساط العائلة العباسية ؛ خوفاً من خروج دفّة الحكم ، وأخذوا يُنقصون قدرَ الإمام الجواد (عليه السّلام) ، بأنّه صبيّ لا معرفة له ،

ـــــــــــــــ
1ـ عيون المعجزات / 109 ـ 110 ، عنه بحار الأنوار 50 / 99 ـ 100 ح12 ، مدينة المعاجز 7 / 288 ـ 290 ح21 .
2ـ دلائل الإمامة / 401 ح20 ، بحار الأنوار50 / 58 ـ 59 ح34 ، مدينة المعاجز 7 / 340 ح61 .

الصفحة (185)

فقال المأمون : هذا من أهل البيت ، وعلمهم من الله ، وإن شئتم فاختبروا وامتحنوا ؛ لتعرفوا الحقيقة .

فاختار بنو العباس يحيى بن أكثم من بين العلماء ؛ لشهرته العلمية ، وأعدّ المأمون مجلساً لذلك ، وقال ابن أكثم : أيأذنُ لي الأمير أن أسأل هذا الفتى ؟

فأَذِن له المأمون ، فقال يحيى للإمام (عليه السّلام) : ما تقول في محرم قتل صيداً ؟

وابتدأ الإمام يفصّل المسألة على جميع الفروض الممكنة لها حتى ذكر ما يُقارب عشرة فروع أو أكثر ، ثُمَّ طلب بعض مَنْ بقي في المجلس مع المأمون وفي مقدمتهم ابن أكثم أجوبة الفروع ، فأجابها عن بكرة أبيها .

ثمّ طلب المأمون من الإمام أن يسأل ابن أكثم ، فسأله الإمام (عليه السّلام) فَلَمْ يُجبْه ، بل اكتفى بأن قال : ذلك إليك جُعلت فداك ، فإن عرفت جواب ما تسألني عنه ، وإلاّ استفدته منك(1) .

وبعد أن ظهر للناس خصوصاً العباسيين منهم فضل ومقام الإمام الجواد (عليه السّلام) زوّج المأمون ابنته أُمّ الفضل من الإمام (عليه السّلام) ، وانتقلت إلى دار الإمام سنة 215 هـ .

ومن الواضح أنّ هناك دوافع سياسية ، وأغراض شيطانية وراء هذا الزواج يعود نتاجها على المأمون نفسه ، نذكر بعضها :

1ـ وضع الإمام تحت سيطرته ومراقبته ؛ ليعرف الصغيرة والكبيرة من

ـــــــــــــ
1ـ انظر تحف العقول / 415 ـ 453 ، بحار الأنوار 50 / 74 ـ 79 ح3 ، تفسير القمّي 1 / 182 ـ 184 ، إعلام الورى 2 / 101 ـ 103 ، كشف الغمة 3 / 145 ـ 150 ، الثاقب في المناقب / 505 ـ 507 ح1 ، مناقب آل أبي طالب 3 / 488 ـ 489 ، دلائل الإمامة / 391 ح5 ، الإرشاد 2 / 281 ـ 284 ، الاختصاص / 98 ـ 99 ، عيون المعجزات / 110 ـ 113 .

الصفحة (186)

أفعاله ، وذلك عن طريق ابنته الخبيثة أُمّ الفضل .

2ـ إنّه أراد من هذا الزواج أن يربط ـ وحسب تصورّه الساذج ـ الإمام ببلاطه الذي يسوده المجون والخلاعة ، ويجرّه إلى اللهو واللعب والفسوق ، وبذلك يشوّه قداسة الإمام ، ولِتسقط مكانته وعصمته .

3ـ إنّه أراد أن يرضي العلويين ، ويضع حدّاً لمعارضتهم وثوراتهم ، ويتظاهر بميوله إليهم .

4ـ إنّه أراد خداع عامّة الناس بأنّه سوف يكون جَدّاً لمولودٍ وَلَدَهُ رسولُ الله وعليُ بنُ أبي طالب ، كما نقل المؤرّخون تصريحاً له بذلك .

لكن فشلت جميع المخطّطات ، وشاء الله أن يكون أولاد الإمام الجواد (عليه السّلام) جميعُهم من غير أُمّ الفضل الخبيثة بنت الخبيث .

وبعد هذا الزواج بثلاث سنوات هلك المأمون ، أي في سنة 218 هـ ، فأصبح المعتصم أخوه هو الخليفة بعده ، وعلى القاعدة أرسل هذا الخبيث أن يأتوا بالإمام الجواد (عليه السّلام) من المدينة إلى بغداد حتى يراقبه عن قرب .

وذات يوم من الأيام انعقد مجلس ضمّ مجموعة من علماء البلاط ، ودار الحديث في تحديد قَطْع يدِ السارق ، وكان في المجلس قاضي بغداد ابن أبي داود وفقهاء آخرون ، وكان الإمام من ضمن الجالسين ، وعندما طُرِحت المسألة على بساط النقاش فَنَّد الإمام الجواد (عليه السّلام) جميع التحديدات التي ذكرها القوم بما فيهم القاضي ابن أبي داود ، ثُمَّ ذكر (عليه السّلام) الرأي الصحيح ؛ ممّا


الصفحة (187)

أخجل قاضي بغداد ، وأخذه الحسد الشديد عليه ، فجاء الخبيث بعد بضعة أيام للمعتصم محرِّضاً له على قتل الإمام ، فتأثّر المعتصم ـ الذي كان يحمل العداء للإمام في داخله ـ بكلام ابن أبي داود فقرّر قتل الإمام (عليه السّلام)(1) .

وهكذا احتال اللعين بقتل الإمام (عليه السّلام) ، فأرسل إلى زوجته أُمّ الفضل ابنة المأمون ، وأشار إليها بأن تسقيه السّم ، وكانت هذه الخبيثة منحرفة عن الإمام شديدة العداوة له ، وكان الإمام (عليه السّلام) يميل لسمانة المغربية والدة الإمام الهادي (عليه السّلام) ، والتي كانت عارفة بحقّ الإمام الجواد (عليه السّلام) ، فوافقت أُمّ الفضل على سمّ الإمام ، فأرسل إليها اللعين سمّاً قاتلاً ، فأخذت السّم وجعلته في عنب رازقي(2) .

وكان الإمام صائماً ، فلمّا تناول شيئاً تغيّر حاله وأحسّ بذلك ، فقال (عليه السّلام) : (( ويلكِ ! قتلتيني قاتلك الله )) .

ثُمَّ أخذ إمامنا يتقلّب على الأرض يميناً وشمالاً من شدّة الوجع ، ويجود بنفسه ، ويطلب جرعة من الماء ، ويقول بصوت ضعيف : (( ويلكِ ! إذا قتلتيني فاسقيني شربة من الماء )) .

فما سقت الإمام (عليه السّلام) الماء ، بل أغلقت الباب وخرجت من الدار ، فبقي الإمام يوماً وليلةً يعالج سكرات الموت حتى قَضى نحبه ، ولقي ربّه(3) .

رحم الله منْ نادى :

ـــــــــــــــــ
1ـ اعتمدنا في هذا البحث اعتماداً شبه كلّي على كتاب سيرة الأئمّة ـ للبيشوائي (حياة الإمام الجواد (عليه السّلام) ) / 473 ـ 502 .
2ـ عيون المعجزات / 118 ، عنه مدينة المعاجز 7 / 406 ح105 ، بحار الأنوار 50 / 16 ـ 17 ح26 .
3ـ نور الأبصار / 269 ـ 278 .

الصفحة (188)

وا سيّداه ! وا إماماه ! وا مسموماه !

 ظـل نـايم طريح اشلون  محتار     طول الليل وحده ايون على  الدار
بس  صلّى الفجر واتگبل أو 
دار     راسـه وسّـده او مـدّد الرجلين
أويـلي سمّته او طلعت من 
الدار     اوظـل وحـده يعالج ليل وانهار
عگب موته اليهل ادموعنه اعمار     ثـلث تـيام جـسمه ابلا دفن 
تم

وبعد أن قضى نحبه أمر المعتصم بأن يرموا جسده الشريف من أعلى السطح إلى الأرض ، ومنع الناس أن يحملوه ويشيّعوه ويدفنوه ويدنوا منه ، وبقي جسده على الأرض أياماً بلا غسل ولا كفن ولا دفن ، فاجتمعت الشيعة ، وحلفوا على أن يُقتَلُوا دونه أو يدفنوه .

فقال المعتصم : دعوهم وما يريدون ، فعملوا له شأناً عظيماً حتى دفنوه في الظاهر ، والفعل كان في الواقع من الإمام الهادي (عليه السّلام) ، حيث جاء من المدينة بطيّ الأرض إلى بغداد .

 

اجو يمّه ابحنين ولطم على الراس     طـلعوا بـالجواد اوفزعت  الناس
 لـمن  غـسّلوا صاحب 
النوماس     حـفوا بـالگبر كـلهم مـحزنين

*****


الصفحة (189)

( موشّح )

مـنجسم ويـنوح لـمصابه  العرش     والـملايك تـحن وايـنوح  الوحش
آه يــوم الـحفّت ابـذاك الـنعش     اوضجّت اتصيح النسه أوتبچي الزلم
 بچت كـلها اوحـفّت اطـيور 
الفله     أو عـلي الـهادي اتعنّه ليه  أوغسّله
بـس  أبـو الـسجّاد ظـل ابكربله     أو بالشمس مطروح من عنده 
الجسم

وكأنّي بالحوارء زينب (عليها السّلام) تقول بلسان الحال :

يـا  نـاس ضيّعت  البصيره     او مثل حيرتي ما جرت حيره
 ابـن والـدي مـاله عشيره     يغسلونه اويچفنونه
اويدفنون

*****

 قد قُطعت أوصالُه يا للهُدى     بـشبا  الأعادي أيّما  تبديد

إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ،
وسيعلم الذين ظلموا آل مُحَمّد أيَّ مُنقلبٍ ينقلبون
والعاقبة للمتقين .


الصفحة (190)

 

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةأعلى