نوحٌ على ذِكْرِ الحُسَين
طَرِبْتُ وَحُلْمًا يَطْرَبُ الْمَحْزُوْنُ
** وَمَا خِلْتُ يَوْمًا يَسْتَرِيْحُ طَعِيْنُ
إِذَا اللَّيْلُ لَمْ يَشْفِ
غَلِيْلَ مُوَلَّهٍ ** وَلَمْ يَكُ فِيْهِ لِلْجَرِيْحِ سُكُوْنُ
فَلاَ خَيْرَ فِيْ لَيْلٍ تَنَامُ
عُيُوْنُهُ ** وَلاَ تَغْفُوْ لِلْمَحْزُوْنِ فِيْهِ عُيُوْنُ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِيْ هَلْ
أَمُوْتُ بِحَسْرَةٍ ** وَلاَ رَيْبَ أَنْ يَأْتِيْ عَلَيَّ مَنُوْنُ
إِذَا افْتَقَدَتْ رُوْحِيْ
بِدَهْرِيَ وَاحِدًا ** لَتَقَرَّحَتْ فِيْ فَقْدِ ذَاكَ جُفُوْنُ
فَفِيْ الصُّبْحِ لِيْ نَوْحٌ
يُفَطِّرُ مُهْجَتِيْ ** وَإِنْ جَنَّنِيْ لَيْلٌ يَفُوْحُ أَنِيْنُ
وَلَكِنَّنِيْ أَنْسَىْ الْمَصَائِبَ
كُلَّهَا ** حَيْثُ الْمَصَائِبُ فِيْ الْحُسَيْنِ تَهُوْنُ
أَبْكِيْ وَمَا لِيَ لاَ
أُسِيْلُ مَدَامِعًا ** وَدَمُ الْحُسَيْنِ بِحُزْنِنَا مَقْرُوْنُ
وَأَيُّ فَقِيْدٍ فِيْ الأَنَامِ
أَنُوْحُهُ ** وَالْجِسْمُ مِنْهُ بِكَرْبَلاَءَ رَهِيْنُ
أَعْنِيْ الْحُسَيْنَ بِكَرْبَلاَءَ
مُضَرَّجًا ** تَبْكِيْ عَلَيْهِ مَدَامِعٌ وَعُيُوْنُ
وَإْنْ كَانَتِ الدُّنْيَا
تُرِيْنَا حُمْرَةً ** لَهُ فِيْ السَّمَا عِنْدَ الْغُرُوْبِ تَبِيْنُ
فَذَلِكَ رَمْزٌ مِنْ دِمَائِهِ
خَالِدًا ** وَلَنْ يَنْجَلِيْ ، حَيْثُ الْغُرُوْبُ قَرِيْنُ
وَيَا لَيْتَ شِعْرِيْ هَلْ
سَتُجْدِيْ عَبْرَتِيْ ** وَعَلَيْهِ تَبْكِيْ أَدْهُرٌ وَسِنِيْنُ
وَلاَ أَنْسَىْ أُمًّا
لِلْبَنِيْنِ بِنَوْحِهَا ** فِيْ الطَّفْ قَدْ ذَهَبَتْ عَلَيْهَا بَنِيْنُ
أَيَلُوْمُهَا قَلْبِيْ
وَكَيْفَ بِقَلْبِهَا ** وَقَدْ كَانَ قْلَبًا بِالْمُصَابِ قَرِيْنُ
هُوَ الْقَلْبُ يَا أُمَّ
الْبَنِيْنِ مُرَوَّعًا ** لُحُزْنِكِ فِيْ فَقْدِ الْحُسَيْنِ حَنِيْنُ
قَسَمًا بِآَيَاتِ الْكِتَابِ
جَمِيْعِهَا ** بَصَبْرِكِ تُهْدَىْ فِيْ الأَنَامِ قُرُوْنُ
أَوَلَمْ تَكُوْنِيْ قَدْ
صَبَرْتِيْ بِوَقْعَةٍ ** وَقَدْ هُدَّ مِنْهَا لِلْجِبَالِ مُتُوْنُ
فَأَنْتِ افْتَقَدْتِ فِيْ
الطُّفُوْفِ أَمَاجِدًا ** وَكُلُّ فَقِيْدٍ فِيْ الْحُسَيْنِ يَهُوْنُ
وَمَا زِِلْتِ يَا أُمَّ
الْبَنِيْنِ بِلَوْعَةٍ ** فَرُزْؤُكِ فِيْ قَتْلِ الْحُسَيْنِ مَتِيْنُ
وَحُبُّكِ يَبْقَىْ
لِلْحُسَيْنِ مُصَاحِبًا ** كَمَا حُبُّنَا شَوْقٌ لَهُ وَجُنُوْنُ
وَيَبْقَىْ مَزَارُكِ فْيْ
الْبَقِيْعِ مَنَارَةً ** تُقْضَىْ الْحَوَائِجُ عِنْدَهُ وَدُيُوْنُ
لِتَزُوْرُهُ كُلُّ الأَنَامِ
بِلَهْفَةٍ ** فَيَا لَيْتَ قَبْرَكِ فِيْ الْفُؤَادِ كَمِيْنُ
وَتَنُوْحُكِ الأَيَّامُ
وَهْيَ مَرُوْعَةٌ ** فَذَا الدَّهْرُ يَبْكِيْ وَالزَّمَانُ حَزِيْنُ
يَبْكِيْ عَلَىْ حُزْنٍ
تَوَسَّدَ مَدْمَعًا ** فَكَأَنَّ حُزْنَكِ فِيْ الْجُرُوْحِ دَفِيْنُ
محمد بن عبدالله الحدب
20/1/1430هـ