أُعَزِّيْكِ يَا زَهْرَاء

 
هَلْ تَذْكُرِيْنَ صَبِيًّا فِيْ صِبَاهُ عَلاَ = ظَهْرَ النَّبِيِّ إِذَا فِيْ فَرْضِهِ امْتَثَلاَ
 
هَلْ تَذْكُرِيْنَ أَيَا زَهْرَاءَ وَجْنَتَهُ = يَا طَالَمَا مُلِئَتْ مِنْ جَدِّهِ قُبُلاَ
هَلْ تَذْكُرِيْنَ لَهُ ثَغْرًا يُقَبِّلُهُ = وَالدَّهْرُ خَلَّدَ قَوْلاً فِيْهِ مُشْتَمِلاَ
 
حُسَيْنُ مِنِّيْ وَإِنِّيْ مِنْهُ قَالَ لَنَا = خَيْرُ الْبَرِيَّةِ قَوْلاً مَا بِهِ جَدَلاَ
 
هَلْ تَذْكُرِيْنَ عَلِيًّا يَوْمَ مَوْلِدِهِ = أَجْرَىْ عَلَيْهِ دُمُوْعًا تُقْرِحُ الْمُقَلاَ
 
إِذْ قَالَ فِيْهِ رَسُوْلُ اللهِ مُفْتَجِعًا = ذَا السِّبْطُ يُقْتَلُ مَظْلُوْمًا بِأَرْضِ بَلاَ
 
ذَاكَ الصَّبِيُّ الَّذِيْ لَوْلاَ كَرَامَتُهُ = لَمْ يَخْلُقِ اللهُ لاَ شَمْسًا وَلاَ زُحَلاَ
 
ذَاكَ الصَّبِيُّ الَّذِيْ نَاغَاهُ وَحْيُ عُلاً = إِذْ هَزَّ جِبْرِيْلُ مَهْدًا فِيْ الْعُلاَ امْتَثَلاَ
 
وَجُنْحَ فِطْرِسَ قَدْ رُدَّتْ بِمَنْقَبَةٍ = فَطَارَ يَفْخَرُ مَا بَيْنَ الْعُلاَ وَعَلاَ
 
ذَاكَ الْقَتِيْلُ الَّذِيْ تَبْكِيْهِ عَيْنِيْ دَمًا = لَيْتَ الدُّمُوْعَ تُرَوِّيْ مُهْجَتِيْ أَمَلاَ
 
ذَاكَ الصَّبِيُّ الَّذِيْ غَذِّيْتِ مَنْبَعَهُ = إِذْ كَانَ لاَ أُمَّ تَغْشَاهُ سِوَاكِ فَلاَ
 
وَكَانَ بَيْتُ عَلِيٍّ خَيْرَ جَامِعَةٍ = يَسْتَلْهِمُ الذِّكْرَ مِنْهُ كُلَّمَا نَهَلاَ
 
وَحِجْرُ أَحْمَدَ قَدْ رَبَّاهُ فِيْ صِغَرٍ = حَتَّىْ تَرَبَّىْ بِحُضْنِ الْوَحْيِ مُذْ نَزَلاَ
 
ذَاكَ الأَبِيُّ الَّذِيْ غَارَتْ حَمِيَّتُهُ = فَصَارَ فِيْ الْخَلْقِ دَوْمًا يُحْتَذَىْ مَثَلاَ
 
مَا حَالُكِ الْيَوْمَ لَوْ تَلْقَيْنَ جُثَّتَهُ = مَا حَالُ أَحْمَدَ لَوْ يَلْقَاهُ مُنْجَدِلاَ
 
يَا بَضْعَةَ الْحَقِّ قُوْمِيْ وَانْظُرِيْ جَسَدًا = تُجْرِيْ الرِّيَاحُ عَلَيْهِ ذَرَّهَا خَجَلاَ
 
آَهٍ لِوَجْدِكِ لَوْ جِئْتِ لِمَصْرَعِهِ = كَيْمَا تَرَيْ شِمْرَ فَوْقَ الصَّدْرِ مُنْتَعِلاَ
 
يَا أَدْمُعَ الْحُزْنِ فِيْ طَفِّ الْبَلاَ امْتَثِلِيْ = وَجَدِّدِيْ الْحُزْنَ إِنَّ السِّبْطَ قَدْ قُتِلاَ
 
حَيْثُ الْجُيُوْشُ بِأَرْضِ الطَّفِ قَدْ حُشِدَتْ = مِنْ كُلِّ وَغْدٍ مِنَ الشِّيْطَانِ قَدْ نَسَلاَ
 
وَالسِّبْطُ فِيْ مَعْشَرٍ مِنْ صَحِبِهِ خِيَرٌ = جَاؤُوْا لِنُصْرَتِهِ فِيْ الطَّفِّ إِذْ نَزَلاَ
 
حَتَّى الْمَلاَئِكُ قَدْ جَاءَتْ لِنُصْرَتِهِ = لَكِنَّمَا اخْتَارَ قَتْلاً فِيْ سَبِيْلِ عُلاَ
 
فِيْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَبْكِيْهِ السَّمَاءُ دَمًا = فَذَلِكَ الدَّمُّ مِنْهَا وَابِلاً هَطَلاَ
 
وَالشَّمْسُ قَدْ كُسِفَتْ فِيْ يَوْمِ مَقْتَلِهِ = وَالْبَدْرُ مِمَّا دَهَىْ ذَا الْكَوْنَ قَدْ أَفَلاَ
 
وَتَحْجِبُ الأَرْضُ خَيْرَاتٍ بِهَا ظَهَرَتْ = إِلاَّ الدِّمَاءَ بَدَمْعِ الأُفْقِ مُتَّصِلاَ
 
يَا لَيْتَ كَبْشَ فِدَاءٍ فِيْ الطُّفُوْفِ أَتَىْ = حَتَّىْ تَكُوْنَ دِمَاهُ لِلأُلَىْ بَدَلاَ
 
أُعَزِّيْكِ يَا زَهْرَاءُ فِيْ قَتْلِ الْحُسَيْنِ أَسَىً = فَذَا الْحُسَيْنُ بِأَرْضِ الطَّفِّ مُُنْجَدِلاَ
 
يَا أُمَّةَ السُّوْءِ هَذَا شِبْلُ حَيْدَرَةٍ = لِمْ تَقْتُلُوْهُ لِمَاضٍ مِنْهُ مَا فُعِلاَ
 
هَلْ تُنْكِرُوْنَ لَهُ أُمًّا كَفَاطِمَةٍ = أَمْ هَلْ وَجَدْتُمْ لَهُ مَا بَيْنَكُمْ مَثَلاَ
 
يَا مُرْسَلَ الْحَقِّ مَاذَا قَدْ جَنَتْ يَدُهُمْ = إِذْ يَقْتُلُوْكَ بِقَتْلِ الآَلِ وَاخَجَلاَ
 
أُوْلَئِكَ الْقَوْمُ قَدْ جَدُّوْا كَمَا اجْتَهَدُوْا = أَنْ يُطْفِئُوْا النُّوْرَ ، نُوْرَ اللهِ حَيْثُ عَلاَ
 
لَكِنَّهُمْ خَسِرُوْا فِيْ نَيْلِ أُمْنِيَةٍ = تِلْكَ الأَمَانِيَ مَا نَالُوْا بِهَا أَمَلاَ
 
أَيَا مُحَمَّدُ لَمْ يَرْعَوْا لَكُمْ ذِمَمًا = وَحَلَّلُوْا الْقَتْلَ فِيْ بَيْتِ الْهُدَىْ أَزَلاَ
 
يَا حُجَّةَ اللهِ عَجِّلْ بِالظُّهُوْرِ فَمَا = أَبْقَىْ التَّحَمُّلُ إِلاَّ مَؤْمِنًا وَجِلاَ
 
قَدْ أَذْهَبَ الْحُزْنُ مِنْهُ كُلَّ عَافِيَةٍ = يَرْجُوْ الإِلَهَ بَأَنْ يُبْقِيْهِ مُنْتَحِلاَ
 
حَتَّىْ يُجَرِّدَ سَيْفًا تَحْتَ رَايَتِكُمْ = وَيَأْخُذَ الثَّأْرَ مَنْصُوْرًا إِذَا ارْتَجَلاَ

 
محمد عبدالله الحدب
71 1430هـ