عبد الحسين محيي الدين

(... - 1271 هـ)

 

الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ قاسم آل محيي الدين النجفي، عالمٌ فاضلٌ شاعر، ولد في النجف وتتلمذ أولاً على أبيه، وكان سريع البديهة عارفاً بأصول الانشاء مجيداً فيه. ومن طرائف سرعة بديهته أنَّ أحداً سأله يوماً: أراك ترى الواحد بإثنين. فأجابه على الفور: نعم، ولذا أراك تمشي على أربع. وكان من تقواه أنه خرج للاستسقاء مع من خَرَجَ فلم يُسقوا، فقال مرتجلاً:

أباري الورى شفّعْ بغاةً قواصداً * * * نداءَك يسقي من سحابك فايضِ

أخاف إذا لم تسقهم قولَ شامت * * * أبى الله سقيا وبله للروافضِ

فاستجاب له الله على الفور وسقاهم غيثا كأفواه القرب. توفي في العام 1271 هـ/ 1854 م.

وله مادحاً الامام علياً (عليه السلام) قوله:

حننت لذكر الربا والمعاهدْ * * * فما الدمع راق ولا الطرف راقدْ

حتى قال:

علي وصي الرسول الامين * * * وزوج البتول سليل الاماجد

إمام له الامر بعد الرسول * * * فتعسا لجاحده والمعاند

فتىً ليس يدرك من ذاته * * * سوى أنّه ليس ربّاً لعابد

أتته الامامة من ربه * * * بخم فأضحى إلى الحق قائد

أقام الصلوة وآتى الزكاة * * * بخاتمه راكعاً في المساجد

وجاهد في الله حق الجهاد * * * وقد فضّل الله شأن المجاهد

وهم معشر يطعمون الطعام * * * على حبه وله الله شاهد

له ردَّت الشمس غبَّ الغروب * * * وقد كلمته الوحوش الاوابد

وكم قد بدا منه من معجز * * * يقرّبه كل سلم وجاحد

وأشباله عترة المصطفى * * * فأكرم بأشرف جد ووالد

فكم قال في حقه المصطفى * * * علي أخي ووزيري المساعد

علي مع الحق والحق معْ * * * علي فتبّت يدا كل مارد

لقد عقد الله يوم الغدير * * * على الناس بيعته في المعاقد

وولاك أحمد أمر الورى * * * بأمر من الله في ذاك وارد

وقد كنت من دون أصحابه * * * تقيه بنفسك شر المكايد

وكم لك في خيبر أو حنين * * * وفي أُحد من عظيم المشاهد

 

حسن المحسني

(1213 هـ - 1272 هـ)

 

الشيخ ظهير الدين حسن بن الشيخ جمال الدين احمد المحسني، عالم جليل وأديب شاعر، ولد في الاحساء سنة 1213 هـ/ 1798 م قبل هجرة والده الى الدورق بسنة واحدة، نشأ في الدورق وتلقّى علومه على والده الفاضل ثم هاجر الى النجف الاشرف وحضر على علمائها الاعلام فأجازوه وكرَّ راجعاً الى الدورق حيث تولّى الارشاد الديني هناك، وله مؤلّفات مخطوطة أكثرها في الفقه ، كما له شعرٌ أغلبه في اهل البيت (عليهم السلام)، توفي سنة 1272 هـ/ 1855 م.

وله في مدح الامام علي (عليه السلام):

أميرَ المؤمنين علوت قدراً * * * تقاصر عنه عيسى والكليم

تخاطبكَ الوحوش بكل لحن * * * وأنتَ بذلكَ الحِبر العليم

فكم مِن مبتل فرجتَ عنه * * * وقامَ بأمرك الميت الرَّميم

وكشّاف الكروب اذا ارجحنَّت * * * بسيفك قام ذا الدين القويم

وأرغمتَ الانوفَ إذِ اشْمَخرَّت * * * لذاكَ ونالت الارض الجسوم

علت فعلى صليل السيف منها * * * لها منها له وقعٌ صميم

فشيبة والوليد تركتَ جذراً * * * وعمرهُمُ الغضنفرة الهجوم

وخيبرة أبحتَ له رتاجاً * * * فمرحبهم لارضهم أديم

ويوم حنين إذ ضاقت عليهم * * * فجاج الارض وانهزم العموم

ألستَ المستغاثَ به إذا ما * * * عرى الخلق البلايا والهموم

وإني يا عليُّ رهينُ دهر * * * وبي من وقع أنيُبِهِ كلوم

 

عباس الملاّ علي

(1242 هـ - 1276 هـ)

 

الشيخ عباس ابن الملا علي ابن الملا ياسين النجفي البغدادي، شاعر فاضل.

ولد في بغداد عام 1242 هـ/ 1826 م وهاجر مع والده إلى النجف وهو ابن خمس سنين، في السنة التي أصاب بها الطاعون النجف. أخذ العلم على المشايخ العظام أمثال الشيخ حسن قفطان والسيد حسين بحر العلوم والشيخ إبراهيم صادق وغيرهم. ولغزارة علمه فقد أصبح صديقاً لهم يطارحونه العلم ويزورونه في بيته وهو لم يجتز العقد الثاني من عمره. وقد أصبح في العلم علما حتى أن العمري كان يمدحه في مرات عدة. وكان أستاذه في الشعر كما استاذه في الفقه السيد حسين بحر العلوم الذي علّمه كثيرا من النكت الشعرية. رحل الى بغداد لحاجة له فاجتمع بالعمري والاخرس. ومدحه أستاذه بحر العلوم بقصيدة مطلعها:

نآى فأوحى لتوديعي بإشفاقي * * * رشا أهاج غداة البين أشواقي

وكان على صغر سنه يرجع إليه في عويص الشعر ومشكله وإلى هذا اشار العمري بقوله:

تسامى على الاقران فهو أجلهمْ * * * وأكبرهم عقلا وأصغرهم سنّا

وغالب نظمه - على قلته - في نسج خمائل الغزل.

وله في مدح مدح الامام عليّ (عليه السلام):

أيها الخائف المروّع قلبا * * * من وباء أولى فؤادك رعبا

لذّ بأمن المخوف صنو رسول الـ * * * ـلّه خير الانام عجماً وعربا

واحبس الركب في حمى خير حام * * * حبست عنده بنو الدهر ركبا

وتمسك بعزّه والثم التر * * * ب خضوعاً فبورك اليوم تربا

وإذا ما خشيت يوماً مضيقاً * * * فامتحن حبه تشاهده رحبا

فهو حصن اللاجي ومنتجع الا * * * مل والملتجى لمن خاف خطبا

من به تخصب البلاد إذا ما * * * أمحل العام واشتكى الناس جدبا

وبه يفرج الكروب وهل من * * * أحد غيره يفرِّج كربا

يا غياثاً لكل داع وغوثاً * * * ما دعاه الصريخ إلا ولبّى

وأبياً يأبى لشيعته الضيـ * * * ـم وأنى والليث للضيم يأبى

حتى يقول:

في حماه أنخت رحلي علما * * * إن من حلَّ جنبه عزَّ جنبا

وهو حسبي من كل سوء وحسبي * * * أن أراه إن مسّني السوء حسبا

 

علي نظام الدولة

(1222 هـ - 1277 هـ)

 

علي محمد خان الملقب بنظام الدولة ابن عبد الله خان أمير الدولة ابن محمد حسين خان الصدر الاعظم للسلطان فتح علي شاه، أديب عالم مؤلف.

ولد في طهران عام 1222 هـ/ 1807 م ونشأ فيها، ولما شب - وكان في حجر الوزارة - هاجر الى النجف الاشرف عام 1247 هـ/ 1821 م.

حضر الفقه على الشيخ صاحب الجواهر، والاصول على الملاّ مقصود علي، وفي الكلام على الميرزا حسن نجل الملا علي النوري الحكيم.

خلّف مؤلفات قيمة نافت على العشر كتب، وكانت مكتبته تنيف على العشرين ألف مجلد كلها مخطوطة بخطوط مؤلفيها.

توفي في النجف الاشرف في عام 1277 هـ/ 1860 م ودفن في المدرسة التي بناها جده عن يمين الداخل إلى السوق الكبير.

وله من قصيدة يمدح بها الامام عليا (عليه السلام) قوله:

علي أمير المؤمنين إمامنا * * * ومن نبتغي في حبه أجزل الاجرِ

فهل يهتدي في الدين إلاّ من اهتدى * * * بنور عليّ ثم أولادِه الطهر

ومنها يقول:

مقام علي يوم أحد وخيبر * * * ومن قبل ذا عند الهزاهز في بدر

وفي يوم أحزاب وقد جد جدهم * * * مقام علي حيث قام إلى عمرو

علاه بلا مهل بسيف كأنه * * * شهاب يضيء الداجيات متى يسري

فخر صريعا كالثبير مجدلاً * * * وصيره شفعا بضربته الوتر

وضربته النجلاء بالنص فُضِّلت * * * على كلّ أعمال العباد إلى الحشر

عليك سلام الله يا صهر أحمد * * * وأولادك الابرار والانجم الزهر

 

حسن قفطان

(1199 هـ - 1279 هـ)

 

الشيخ حسن بن علي بن عبد الحسين بن نجم السعدي الرباحي المعروف بقفطان، عالم شاعر مؤلف.

ولد في النجف عام 1199 هـ/ 1785 م وترعرع فيها، عائلته علمية معروفة اشتهرت بالتدوين فبرعوا في قواعد الكتابة وضبطها وقد كتبوا كثيراً من الكتب التاريخية. وكان أغلب شعر المترجم في الائمة الاطهار (عليهم السلام)، وقد نشأ على حب العلوم فأخذ عن الميرزا القمّي الاصول وأخذ الفقه عن صاحب الجواهر والشيخ علي بن الشيخ جعفر. وكان إضافة إلى ذلك لغوياً، ترك رسائل في اللغة عديدة.

توفي في النجف عام 1279 هـ/ 1862 م ودفن في الصحن الشريف عند الايوان خلف الضريح المتصل بمسجد عمران.

وله يمدح الامام علياً (عليه السلام):

يا علة الايجاد يا من حبه * * * لجميع أعمال الخليقة روحُ

لولاك ما أدّى الرسالة آدم * * * كلا ولا نجى السفينة نوح

سجدت لك الاملاك لا بسواك بل * * * أحيا بإذنك في الحياة مسيح

ما رقّ مدح فيك إلا فاقه * * * لله مدح في علاك صريح

وله في مدح أمير المؤمنين ورثاء ولده الحسين (عليهما السلام) قصيدة مطلعها:

لم تدع مدحة الاله تعالى * * * في علي للمادحين مقالا

حتى قال:

هو أمر الله الذي نزلت فيـ * * * ـه أتى لا تستعجلوا استعجالا

هو أمر الله الذي صدرت كن * * * عنه في كل حادث لن يخالا

وهو اللوح والذي خط في اللو * * * ح بلاء العباد والاجالا

مظهر الكائنات في مبتداها * * * ومبين الاشياء حالا فحالا

وقديم آثاره كل موجو * * * د حديث ولا تقولن غالى

علَّم الروح جبرئيل علوما * * * حين لا صورة ولا تمثالا

وهو ميزانه الذي قدر اللـ * * * ـه به يوم وزنه الاعمالا

وقسيم للنار من كان عادا * * * ه ومولى الجنان من كان والى

ولواء الحمد العظيم بكفيـ * * * ـه وساقي أهل الولا السلسالا

واياب الخلق المعاد اليه * * * وعليه حسابهم لن يدالا

وهو نفس النبي لما أتاه * * * وفد نجران طالبين ابتهالا

فدعاه وبنته ام سبطيـ * * * ـه وسبطيه لا يرى ابدالا

أنزل الله ذا اعتمادا اليه * * * آية تزعج الوغى أهوالا

ما استطاعت جموعهم يوم عرض * * * لكفاح إلاّ عليها استطالا

وطواهم طي السجل وطورا * * * لفهم فيه يمنة وشمالا

يغمد السيف في الرقاب وأخرى * * * يتحرى تقليدها الاغلالا

صالح الجيش أن تكون له الار * * * واح والناس تغنم الاموالا

قاتل الناكثين والقاسطين الـ * * * بهم والمارقين عنه اعتزالا

كرع السيف في دماهم بما حا * * * دوا عن الدين نزغة وانتحالا

من برى مرحبا بكف اقتدار * * * أطعمته من ذي الفقار الزيالا

يوم سام الجبان من حيث ولَّى * * * راية الدين ذلة وانخذالا

قلع الباب بعدما هي أعيت * * * عند تحريكها اليسير الرجالا

ثم مد الرتاج جسرا فما تمّ * * * ولكن بيمن يمناه طالا

وله في الاحزاب فتح عظيم * * * اذ كفى المؤمنين فيه القتالا

حين سالت سيل الرمال باعلا * * * م من الشرك خافقات ضلالا

فلوى خافقاتها بيمين * * * ولواه الخفاق يذري الرمالا

ودعا للبراز عمرو بن ودّ * * * يوم في خندق المدينة جالا

فمشى يرقل اشتياقا علي * * * للقاه بسيفه ارقالا

وجثا بعد أن برى ساق عمرو * * * فوق عمرو تضرّما واغتيالا

ثم ثنى برأس عمرو فأثنى * * * جبرئيل مهللاً اجلالا

فانثنى بالفخار من نصرة الديـ * * * ـن على الشرك باسمه مختالا

وبأحد اذ أسلم المسلمون الـ * * * ـمصطفى فيه غدرة وانخزالا

فأحاطت به أعاديه وانثا * * * لت عليه من الجهات انثيالا

عجب من عصابة أخّرته * * * بسواه لغيها استبدالا

أخّرته عن منصب أكمل اللـ * * * ـه به الدين يومه اكمالا

ضرب الله فوق قبر علي * * * عن جميل الرواق منه جمالا

قبة صاغها القدير لافلا * * * ك السموات شاهدا ومثالا

أرخت الشمس فوقها حلية النو * * * ر بهاء وهيبة وجلالا

وضريح به تنال الاماني * * * وبه تدرك العفاة النوالا

يا أخا المصطفى الذي قال فيه * * * يوم خم بمشهد ما قالا

لو بعينيك تنظر السبط يوم الطـ * * * ـف فردا والجيش يدعو النزالا

 

عبدالباقي العمري

(1204 هـ - 1279 هـ)

 

الاستاذ عبدالباقي بن سليمان بن أحمد العمري الموصلي، شاعرٌ معروف وفاضلٌ مؤرّخ، ولد في الموصل سنة 1204 هـ/ 1790 م، ونشأ في كنف والده الفاضل سليمان أفندي وتلقّى علومه على أيدي بعض الفضلاء وشغل منذ مطلع رجولته مناصب حكوميةً رفيعة كنيابة ولاية الموصل ونيابة ولاية بغداد، ممّا أوجد له مكانةً مرموقة في الاوساط السياسية والادبية والاجتماعية وله شعر كثيرٌ مجموعٌ كما له مؤلفاتٌ علميةٌ وتاريخيّةٌ عديدة، واتّصل - خلال ذلك - برجال الادب والعلم وصاحبهم وحظي عندهم بالاعجاب لموهبته وخلقه وتواضعه، وترجم له الكثير وكتبوا عن شعره وأدبه، لا سيّما في أهل البيت (عليهم السلام)، توفّي ببغداد سنة 1279 هـ/ 1862 م.

وله من القصيدة العينية في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام):

أنت العلي الذي فوق العلى رفعا * * * ببطن مكّة وسط البيت اذا وضعا

وأنت حيدرة الغلب الذي أسد الـ * * * ـبرج السماوي عنه خاسئا رجعا

وأنت باب تعالى شأن حارسه * * * بغير راحة روح القدس ما قرعا

وقال عند أول وقفة على أعتاب حضرة أمير المؤمنين (عليه السلام):

يا أبا الاوصياء أنت لطاها * * * صهره وابن عمه وأخوه

ان لله في معانيك سرا * * * أكثر العالمين ما علموه

أنت ثاني الاباء في منتهى الدو * * * ر وآباؤه تعد بنوه

خلق الله آدماً من تراب * * * فهو ابن له وأنت أبوه

كما قال في مدحه (عليه السلام):

وسائل هل أتى نصّ بحق علي * * * أجبته هل أتى نصّ بحق علي

فظنني اذ غدا مني الجواب له * * * عين السؤال صدى من صفحة الجبل

وما درى لا درى جدا ولا هزلا * * * اني بذاك أدرت الجد بالهزل

وقال عندما جرت به السفينة في الفرات بقصد زيارة قبر أمير المؤمنين ويعسوب الدين في النجف الاشرف:

بنا من بنات الماء للكوفة الغرا * * * سبوحٌ سرت ليلا فسبحان من أسرى

تمد جناحا من قوادمه الصبا * * * تروم بأكناف الغري لها وكرا

جرت فجرى كل الى خير موقف * * * يقول لعينيه قفا نبك من ذكرى

وكم غمرة خضنا اليه وانما * * * يخوض عباب البحر من يطلب الدرا

تؤم ضريحا ما الضراح وان علا * * * بأرفع منه لا وساكنه قدرا

حوى المرتضى سيف القضا أسد الشرى * * * علي الذرا بل زوج فاطمة الزهرا

مقامُ عليٍّ كرم الله وجهه * * * مقامٌ عليٌّ رد عين العلا حسرا

وقال وهو سائر ليلاً من كربلاء المقدسة للنجف الاشرف:

وليلة حاولنا زيارة حيدر * * * وبدر دجاها مختف تحت أستار

بأدلاجنا ضل الطريق دليلنا * * * ومن ضل يستهدي بشعلة أنوار

فلما تجلَّت قبة المرتضى لنا * * * وجدنا الهدى منها على النور لا النار

 

موسى محيي الدين

(... - 1281 هـ)

 

الشيخ موسى بن شريف بن محمد بن يوسف بن جعفر، فاضلٌ شاعر.

ولد في النجف ونشأ بها حيث اختص بأسرة آل كاشف الغطاء وأسرة الجواهري مع علاقاته مع بقية العلماء. وكان عالما فاضلاً أديباً جامعاً، له مطارحات مع عبد الباقي العمري وقد خمّس المقصورة الدريديّة فأظهرها في أحسن مظهر، وحوّلها من غرضها الخاص الى مدح الحسنين الامامين (عليهما السلام). وقد ذكره كل من صاحب الطليعة، والمحقق الطهراني، والشيخ إبراهيم العاملي، وكل قد أثنى عليه ومدحه مدحاً يليق بمقامه ومركزه العلمي والادبي، توفي عام 1281 هـ/ 1864 م.

وله مشطراً ابيات العمري قوله:

بنا من بنات الماء للكوفة الغرا * * * جرت وبنفسي ذلك السير والمجرا

تكاد سروراً أن تطير بمن بها * * * سبوحاً سرت ليلا فسبحان من أسرى

وكم غمرة خضنا إليه وإنما * * * يخوض العباب الماء من يطلب الدرّا

تؤم ضريحاً ما الضراح وإن علا * * * لعمري على هام المجرة والشعرا

بأعظم منه لا وقاطنه ولا * * * بأرفع منه لا وساكنه قدرا

حوى المرتضى سيف القضا أسَد الشرى * * * منار الهدى عدل إذا ما قضى أمرا

أخو المصطفى المختار بل خيرة الورى * * * علي الذرى بل زوج فاطمة الزهرا

مقامُ عليٍّ كرم الله وجهه * * * به قد علا قدراً وفيه سما فخرا

فلا عجب إن عزّ وصفاً فإنه * * * مقامُ عليٌّ رد عين العلى حسرى

أثير مع الافلاك خالف دوره * * * فلو رام تأثيراً بها قادها قسرا

ولكنه يجري على عكس ما جرت * * * فمن تحته الخضرا ومن فوقه الغبرا

تطوف من العالين طائفة به * * * وتسعى إلى تقبيل أعتابه أخرى

وتركع في أكناف حضرة قدسه * * * وتسجد في محراب جامعه شكرا

جديراً بأن يأوي الحجيج لبابه * * * وحق بأن يسعى بأكنافه دهرا

ويلثم ترباً دونه المسك في الشذا * * * ويلمس من أركان كعبته الجدرا

حريٌّ بتقسيم الفيوض وما سوى * * * ندى فيض كفيه لها أبداً مجرى

فعدي بها عمن سواه فمن سوى * * * أبي الحسنين الاحسنين بها أحرى

فسل عنه وحي الله ينبئك أنه * * * أجل سيوف الله أشهرها ذكرا

وقال يمدح الامام (عليه السلام):

أقول لمقتعد اليعملات * * * يلف الوعوث على السجسج

أنخها على ذكوات الغري * * * وفي باب حيدرة عرّج

على أسد الغاب بحر الرغاب * * * مغيث السغاب سرور الشجي

وصي الرسول وزوج البتول * * * ومعطي السؤال الى المرتجي

أبي الحسنين وطلق اليدين * * * اذا العام ضاق ولم يفرج

وقل يا يد الله في الكائنات * * * ويا وجهه في الظلال الدجي

سلام عليك بصوت رقيق * * * من الخطب والكرب لم يفرج

اتيتك ملتجئاً منهما * * * لانك أنت حمى الملتجي

وجئت وأيقنت أن يصدرا * * * طريدين عني مهما أجي

فمثلك من كفّ عني الهموم * * * وألحبَ في أعيني منهجي

 

عبد الحسين شكر

(... - 1285 هـ)

 

الشيخ أبو المرتضى عبد الحسين ابن الشيخ أحمد ابن الحاج حسين بن شكر النجفي، فاضلٌ شاعر، حاضر البديهة مكثر الشعر. قصد الشاه ناصر الدين ومدحه فأجزل له العطاء فعاد إلى النجف ثم ما لبث أن رجع الى ناصر الدين لطلب راتب له فأجرى له الشاه المذكور جراية ثم عاد ليسكن كربلاء، لكنه بعد ذلك رجع الى إيران حيث توفي في طهران سنة 1285 هـ/ 1868 م.

وأبوه الشيخ أحمد شكر مرجع الطائفة الكشفية الركنيّة في النجف وهو على سر أبيه وذلك واضح في قصائده حيث يلوح فيها الغلوّ.

ومما يروى من شعره تثبيته لواقعة الناصبي الذي أراد أن يطأ الروضة بنعلية ولم يصغِ لمنع المانعين فخرجت له كف من الضريح العلوي المقدس وضربته على خده فمات بعدها وكان ذلك عام 1275 هـ:

ورجس زنيم رام يوطئ نعلهُ * * * على قدس أرض بل على حضرة القدسِ

وهم بأن يعلو على عرش قادر * * * بقدرته قد قوم العرش والكرسي

أراد استراق السمع من ملا غدت * * * به الرسْل حراساً ولم يخش من بأس

فخرّ شهاب من سماء لرجمه * * * فأحرق شيطاناً على صورة الانس

ألم يدر أنْ فيه الملائك خضعاً * * * ومن خيفة قامت صفوفاً بلا همس

وأنَّ به أوحى لموسى إلهه * * * بأن قبل خلع النعل يخلع للنفس

فلله من أرض سمت قبة السما * * * وعاقت علا العيّوق حتى عن المس

أضاء لنا في عالم النور نورها * * * فنور بلا بدر وضوء بلا شمس

لقد ضمنت فصل الخطاب الذي علا * * * عن الجنس فامتازت لفصل بلا جنس

حوت ملَكا أستغفر الله بل علا * * * وجلّ عن الاهوا وعزَّ عن الحدس

أتحويه أرض وهو في كل عالم * * * شهيد ومشهود على الغيب والحس

أينصب فينا شاهد غير حاضر * * * ويحكم تبيان جليل بلا أسِّ

تعالى إله العرش أن يأمر الورى * * * بحكم ويجري فيهم الامر بالعكس

فإن اعتقادي في عليّ بأنه * * * لرب العلى عين على كل ذي نفس

عليه صلاة الله ما كان أمره * * * على العين تلقيه الملائك والرأس

وله راثياً الامام علياً (عليه السلام) قوله:

ما للصوارم فلت من بني مضرِ * * * هل التوى من لويٍّ صارم القدرِ

ما للمشاعر حزنا شعرها نشرت * * * وزمزم قد جرت من محجر الحجر

والافق مالي أراه في ردا غسق * * * والشمس قد كورت تبكي على القمر

والروح في مشرق الدنيا ومغربها * * * ينعى الوصي علياً خيرة الخير

والدين شقَّ عليه الجيب من أسف * * * وأنه بعد فقد المرتضى لحري

وراح يندب ناعي الدين حين هوى * * * وحين جبَّ سنام العز من مضر

يانفس ذوبي أسىً ياقلب ذب كمداً * * * يا أرض موري عليه يا سما انفطري

تكوّري بعده يا شمس من أسف * * * يا بدر غب حَزَناً يا أنجم انتثري

فقد هوى كوكب ضاء الوجود به * * * وغاب بدر الهدى والمجد في الحفر

لولا حسام أحار المبصرين به * * * لم ينظر الدين والتكوين ذو بصر

وا ضيعة الدين والدنيا وآهلها * * * مذ غاب نور الهدى والمجد في الحفر

لا غرو أن ناح جبريل وأنَّ أسىً * * * على معلمه في غابر العُصُر

 

إبراهيم صادق

(1221 هـ - 1288 هـ)

 

الشيخ إبراهيم بن صادق بن إبراهيم بن يحيى العاملي، شاعرٌ عالم مؤلف.

ولد في الطيبة عام 1221 هـ/ 1806 م ونشأ بها(1)، كان شاعراً عالماً أديباً، تلقى علومه في البلاد، ثم غادر إلى النجف وبقي فيها عشرين سنة يحضر على علماء أجلاء من أسرتي آل الشيخ جعفر وآل القزويني، كان مشهوراً بمعرفة التواريخ وقد تصدى للافتاء في طيبة بعد وفاة والده، ترك مؤلفات قيّمة. توفي عام 1288 هـ/ 1871 م وقبره موجودة في الطيبة قرب أبيه وجده.

وله يرثي الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:

لك الويل من دهر رمى الصيد بالغدر * * * وخاتلها بالمكر من حيث لاتدري

ومنها قوله:

إلى الله أشكو لوعة ترقص الحشا * * * وترفض قسراً من جواها عرى الصبرِ

مصاب أمير المؤمنين وسيد الـ * * * ـبرايا وناموس الملائكة الغرِ

مجمّع شمل الدين بالرشد والتقى * * * مفرّق شمل الكفر بالبيض والسمرِ

هو العروة الوثقى وباب مدينة الـ * * * ـعلوم وساقي الحوض في الحشر والنشرِ

إمام عليه طالما قد تنزلت * * * ملائكة الرحمن بالنهي والامرِ

تروح وتغدو ليلة القدر بالثنا * * * سلاماً تحييه إلى مطلع الفجرِ

لك الويل يا أشقى ثمود ابن ملجم * * * فتكت بطلاع الثنايا إلى النصرِ

دسست له تحت الظلام غوائلا * * * بها أصبح الاسلام محدودب الظهرِ

فلقت بحد السيف هامة فيصل * * * وخضبت وجهاً دونه هالة البدرِ

قتلت به دين الاله ووحيه * * * وهدمت أركان الانابة والسرِ

لقد عجّت الاملاك في ملكوتها * * * صراخاً عليه فهي ثكلى إلى الحشرِ

ونادى بصوت يملا الدهر دهشة * * * أمين الهدى جبريل في الملا الغرِ

قواعد دين الله قسراً تهدمت * * * وأعلام حزب الله دانت إلى الكسرِ

وعروته الوثقى أباحوا انفصامها * * * وحال صباح الدين في غسق الكفرِ

بقتل إمام خصّه الله للورى * * * لاهدائها للرشد والحمد والشكرِ

فويل لقوم أسلموه إلى الردى * * * كأن لم يكن في ودّه كالاب البَر

فللّه ما لاقت حشاً خفراته * * * لدى نعيه الاملاك من فادح الامرِ

وله يمدح الامام أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) وهي طويلة اخترنا منها هذه الابيات، وقد بارى بها عينية ابن أبي الحديد:

هذا ثرى حط الاثير لقدره * * * ولعزه هام الثريا يخضع

إلى أن يقول:

جدث عليه من الاله سرادق * * * ومن الرضا واللطف نور يسطع

ودّت دراريّ الكواكب أنها * * * بالدر من حصبائه تترصع

والسبعة الافلاك ودّ عليّها * * * لو أنه لثرى عليّ مضجعُ

عجباً تمنّى كل ربع أنه * * * للمرتضى مولى البرية مربعُ

ووجوده وسع الوجود وهل خلا * * * في عالم الامكان منه موضعُ

هزّام أحزاب الضلال بصارم * * * من عزمه صبح المنايا يطلعُ

فافزع إليه من الخطوب فإن من * * * ألقى العصا بفنائه لا يفزعُ

وإذا حللت بطور سينا مجده * * * وشهدت أنوار التجلي تلمعُ

فاخلع إذاً نعليك إنك في طوى * * * لجلال هيبته فؤادك يخلعُ

وقل السلام عليك يامن فضله * * * عمّن تمسك بالولا لا يمنع

مولاي جد بجميلك الاوفى على * * * عبد له بجميل عفوك مطمع

يرجوك إحساناً ويأملك الرضا * * * فضلاً فأنت لكل فضل منبع

هيهات أن يخشى وليك من لظىً * * * ويهوله يوم القيامة مطلع

ويخاف من ظمأ وحوضك في غد * * * لذوي الولا من سلسبيل مترع

أعيت فضائلك العقول فما عسى * * * يثني بمدحتك البليغ المصقع

عجبي ولا عجب يلين لك الصفا * * * والماء من صم الصفا لك ينبع

والشمس بعد مغيبها إن ردها * * * بالسر منك وصي موسى يوشع

فهي التي بك كل يوم لم تزل * * * من بدء فطرتها تغيب وتطلع

ولئن أطاع البحر موسى بالعصا * * * ضرباً فموسى والعصا لك أطوع

ورفيع مدح الخلق منخفض إذا * * * كان الكتاب بمدح مجدك يصدع

وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) قوله:

أشاقك من ربى نجد هواها * * * ومن نسمات كاظمة شذاها

ونبه وجدك المكنون برق * * * تألق في العشية من رباها

ومنه قوله:

إذا ما هجهج الحادي وأضحت * * * تثير النقع من طرب يداها

حتى قال:

إلى أن أمست الاعتاب أبدت * * * رغاها تشتكي نصباً عراها

وقد لاحت لعينيها قباب * * * يرد الطرف عن بادي سناها

هنالك قرت الوجناء عيناً * * * ونالت بالسرى أقصى مناها

وأنحت جانب الغرويّ شوقاً * * * يجاذبها لما تبغي هواها

فوافت بعد جد خير أرض * * * يضاهي النيّرين سنا حصاها

فألقت في مفاوزها عصاها * * * وأرست في ذرى حامي حماها

أبي الحسنين خير الخلق طراً * * * وأكرم من وطاها بعد طاها

وأعظم من نحته النيب قدراً * * * وأشرف من به الرحمن باهى

وأطيب من بني الدنيا نجاراً * * * وأقدم مفخراً وأتم جاها

وأصبرها على مضض الليالي * * * وأبصرها إذا عميت هداها

وأحلمها إذا دهمت خطوب * * * تطيش لها حلوم ذوي نهاها

وأنهضها بأعباء المعالي * * * إذا عن نيلها قصرت خطاها

وأشجعها إذا ما ناب أمر * * * يرد الدارعين إلى وراها

وإن هم أوقدوا للحرب ناراً * * * أحال إلى لظاها من وراها

إمام هدىً حباه الله مجداً * * * وأولاه علاءً لن يضاهى

وبحر ندىً سما الافلاك قدراً * * * فدون مقامه دارت رحاها

ثم يقول منها:

وإن نهجتْ سبيل الرشد يوما * * * فمن أنوار غرته اهتِداها

وثم مناقب لعلاه أمست * * * يد الاحصاء تقصر عن مداها

وأنّى لي بحصر صفات مولىً * * * له الاشياء خالقها براها

أخا المختار خذ بيدي فإني * * * غريق جرائم داج قذاها

وله يمدح الامام أمير المؤمنين علياً (عليه السلام):

يا حجة الله على خلقه * * * وصاحب القدر الرفيع العلي

أنت عليم بالذي أرتجي * * * منك فكن لي ناصراً يا علي

 

احمد قفطان

(1217 هـ - 1293 هـ)

 

الشيخ أحمد بن حسن بن علي بن نجم السعدي الرياحي الشهير بقفطان ، عالم وشاعر.

ولد في النجف الاشرف عام 1217 هـ/ 1802 م، وكان صاحب نكتة ولطيفة ومما يروى عنه في هذا الباب أن السيد إبراهيم بن السيد حسين الطباطبائي قال: كتب يوماً في درته لابي هذين البيتين:

يا ابن الرضا بن محمد المهدي يا * * * من عمّ أقطار البريّة بالنَدى

ناداك أحمد صارخاً من دهره * * * فأجب فديتك يا ضيا النادي النِدا

فكتب أبي تحتهما لوكيل مصرفه موقّعاً: أعطه بكل سطر ديناراً، فلما قرأها الشيخ أحمد قال لابي: يا مولانا أعجم شين شطر لئلا يشتبه عليه فيقرأها سطرا، فضحك أبي وأعجمها كما شاء.

توفّي في النجف الاشرف عام 1293 هـ/ 1876 م ودفن في الصحن عند باب الطوسي مع أخيه وأبيه.

ومن قوله ناظماً ومؤرخاً حادثاً وقع في النجف من قبل جندي ناصبي حاول أن يدخل الحرم الحيدري بنعله فبطش به أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ذكر ذلك النوري في كتابه (دار السلام):

وكرامات علي حيدره * * * ظاهرات عند أهل التبصرهْ

كم وكم مرت على أسلافنا * * * ولنا أخرى بدت مبتكرهْ

ناصبيّ رام أن يدخل في * * * نعله للروضة المزدهرهْ

صاحب الروضة أرخ: (أسد * * * قبل أن يدخلها قد سطره)

وعليكم صلوات الله ما * * * ذكرت أيامكم يا خيرهْ

عبدكم أصبح يرجو فضلكم * * * يوم يأتي بالذنوب الموقرهْ

فاشفعوا في وزره يا سادتي * * * أنتم عند الاله الوزرهْ

 

مهدي حجّي

(... - 1298 هـ)

 

الشيخ مهدي ابن الشيخ صالح ابن الشيخ قاسم ابن الحاج محمد بن أحمد الشهير بحجي الطائي الحويزي الزابي النجفي، شاعرٌ فاضل، ولد في النجف الاشرف. له ديوان بلغ خمسة آلاف بيت لكنه قد فقد ولم يبق له أثر، وكان ولده الشيخ صالح قد جمعه.

توفي في النجف عام 1298 هـ/ 1881 م في عام الطاعون وبسببه.

وقوله يمدح الامام عليا (عليه السلام):

بولاء الوصي أرجو خلاصي * * * يوم حشري إذ يؤخذ بالنواصي

هو للنار والجنان قسيم * * * ونجاة ولات حين مناص

هو ساقي العطاش بل وشفيع * * * للموالي من كان لله عاصي

أنا في أبحر الذنوب غريق * * * ورجائي من الوصي خلاصي

يوم لا ينفع البنون به والـ * * * ـمال إلا الولا مع الاخلاص

 

إبراهيم بن نشرة البحراني

 

الشيخ إبراهيم بن محمد بن حسين آل نشرة الماحوزي البحراني أصلاً والنجفي مسكناً ومدفناً. عالمٌ شاعر، جل شعره في أهل البيت (عليهم السلام). ليس له من ذكر في الكتب إلا ما يوجد من شعره في بعض المجامع الخطّية، يظهر في شعره تأثره بالادب النجفي لا سيما ميميته، وهو معدودٌ من شعراء القرن الثالث عشر.

وله يمدح الامام أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) قوله:

حيّا الحيا تلك المعاهد والدِمَنْ * * * وسقى العهاد عهود غمدان اليمنْ

وافترّ ثغر البرق في أرجائها * * * فرحاً بدمع المعصرات إذا هتنْ

حتى يقول:

أيام نلت بها المسرَّة مثلما * * * نلت السعادة في ولاء أبي الحسنْ

صمصامة الدين الحنيف ودرعه * * * رب العلى قطب النهى محيي السننْ

ربَّ السماحة والرجاحة والـ * * * ـفصاحة والوصي المؤتمن(2)

صنو النبي المصطفى ووزيره * * * وشهابه في الحادثات إذا دجن

أسداً إذا اقتحم الجلاد مشمراً * * * عن ساعديه ترى الاسود تروغ عن

هو قالع الباب القموص بساعد * * * لو رام إمساك النجوم له هوَن

هو فلك نوح والذي لولاه لا * * * صبح أضاء ولا دجى ليل دجن

هو عيبة العلم الذي من بعضه الـ * * * ـعلم المحيط بما استبان وما بطن

يا واحد الدنيا وبيت قصيدها * * * ومفيد أرباب الذكاءة والفطنْ

أصبحت في العلياء غير مزاحم * * * علماً تقاد لك المعالي بالرسنْ

أنت الذي من فوق منكب أحمد * * * بالرجل دست غداةَ نكّست الوثن

شيّدت دين الحق منك بصارم * * * خرَّت له شم الانوف على الذقن

وبضعت عرق الشرك منك بمبضع * * * أجرى النجيع ونبضه المؤذي سكن

ونسفت طود الغي بعد شبابه * * * حتى عفى وكسرت ألوية الفتن

من مثل حيدرة الكميّ إذا سطا * * * كلّ لسطوة بأسه يتسترن

قل للذي جحد الوصي ولاءه * * * كن كيف شئت فشأن صفقتك الغبن

أجهلت رتبة حيدر من أحمد * * * قل لي وحقك (هل أتى) نزلت بمن

قسماً بمعبود له فرض الولا * * * عن حبه يوم المعاد لتسألن

هذا الذي شمل الورى من فضله * * * جود ومعروف وألطاف ومن

قل للذي نظم المديح لغيره * * * متمثلاً (بالصيف ضيعت اللبن)

يا والد السبطين دعوة موجع * * * صبٍّ عليه تراكمت ظلم المحن

لي من ودادي فيك يا كهف الورى * * * شغف ينازعني أكاد له أجن

مالي غداة الحشر غيرك شافع * * * إن لم تكن أنت الشفيع فمن ومن

واليك (إبراهيم) زفَّ خريدة * * * عذُبت كأن مذاقها في الذوق من

وعليك صلى الله يا علم الهدى * * * ما غرّدت ورق الحمام على فنن

 

ختام الكتاب

 

لقد تمّ بحمد الله وتوفيقه: القسم الاول، من مناقب ومدائح ومراثي ، أمير البيان الامام علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، مما دبّجته يراعات الشعراء والاُدباء من نظم ونثر في المجلد الرابع من موسوعة «علي في الكتاب، والسنّة والادب» والذي انتخب من قرائح ما ينيف على المائة وخمسين عالماً وشاعراً واديباً في هذا المضمار، خلال ثلاثة عشر قرناً ابتداءً من القرن الاول.

ويليه ان شاء الله القسم الثاني والاخير من شعراء القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر الهجري، في المجلد الخامس مختتماً بذلك الموسوعة الميمونة المباركة.

سائلاً المولى القدير أن يتقبّل مني هذا اليسير ويعفو عني الكثير وان يرزقنا شفاعة مولى المتقين، ويسقينا من حوض الكوثر شربة لا نضمأُ بعدها أبداً، فانه أرحم الراحمين.

وآخر دعوانا ان الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين.

 

دار الهجرة - قم المقدسةالعبد المنيب

حسين الشاكري

الخاتم من شهر ذي الحجة الحرام سنة 1417 هـ

 

استدراك ما فات

 

ابن بشارة الغروي

(... - 1138 هـ)

 

أبو الرضا محمد علي بن بشارة الموحي الخاقاني النجفي شاعرٌ اديب، توفّي بعد 1138 هـ/ 1726 م.

وله قوله:

تلك الديار تغيّرت آثارها * * * وتغيّبت تحت الثّرى أقمارها

حتى يقول:

إذ كنت مادح حيدر ربّ التقى * * * فخر البريَّة حصنهم كرّارها

وإذا الخيول الصّافنات تسابقت * * * يوم البراز فسبقه نحّارها

صهر النبيّ ابو الائمّة خيرهم * * * وبه الخلافة قد سما مقدارها

بغدير خمّ للولاية حازها * * * حقّاً وليس بممكن إنكارها

وله العلوم الفايضات على الورى * * * فيض الغمام إذ هما مهمارها

(نهج البلاغة) من جواهر لفظه * * * فيه العلوم تبيَّنت أسرارها

لولاه ما عُبد الاله بأرضه * * * يوماً ولا بخعت له كفّارها

وله أيضاً:

من ظلمة اللّيل لي المأنسُ * * * إذ فيه تبدو الشّهب الكنّسُ

حتى يقول:

ونار موسى سرُّها حيدرٌ * * * ألعالم الخنذيذ والدهرسُ

والاسد المغوار يوم الوغى * * * يفرق من صولته الاشوسُ

هو ابن عمّ المصطفى والّذي * * * قد طاب من دوحته المغرسُ

عيبة علم الله شمس الهدى * * * ونوره الزّاهر لا يُطمسُ

مهبط وحي لم ينل فضله * * * وكنهه في الوهم لا يحدسُ

قد طلّق الدّنيا ولم يرضها * * * ما همّه المطعم والملبسُ

والله لولا حيدرٌ لم يكن * * * في الارض ديّارٌ ولا مكنسُ

فليس يحصي فضله ناثر * * * أو ناظم في شعره منبسُ

 

 

رسائل تقريض

 

جاءنا كتاب كريم من سماحة العلامة الدكتور محمود المظفر: استاذ القانون بجامعة الملك عبدالعزيزبجدّة.

يقرّض نتاجنا الفكري والادبي ونشاطنا الاجتماعي، وأردفه بكتاب آخر يذكّرنا بالايام الحلوة التي قضيناها معاً في رحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) في ظل جمعية منتدى النشر، والجمعية المؤسسة لجامعة الكوفة، وغيرها.. سائلين المولى القدير ان يعيدها علينا ونحن منتصرين بالاسلام.

 

فاضل التجار وتاجر الفضلاء الاخ الحسين الشاكري شكرالله مساعيه.

سلام من الله عليكم ودعاء لكم في رحاب الحرمين الطاهرين بموفور الصحّة، ومديد العمر، ومزيد من العطاء.. وقد سعدت كثيراً بما لمست من جهودكم المثمرة والمتواصلة في حقل التأليف والنشر.. وبخاصة تلك التي تجلّت بكتابكم الموسوعي القيّم عن الامام علي (عليه السلام) الذي سبق ان تفضّلتم باهداء بعض اجزائه اليَّ والذي اعتزّ به نتاجاً مثمراً وقيّماً.

وليس هذا التوجّه بجديد عليكم، فقد كانت لكم مبادراتكم ومساهماتكم الكثيرة في هذا المجال، والتي تجلّت من خلال عضويّتكم في جمعيّة منتدى النشر، والجمعية المؤسسة لجامعة الكوفة، ومكتبة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) العامّة مضافاً الى مساهماتكم في انشاء ورعاية عدد من المؤسسات العلمية والخيريّة ومنها كليّة الفقه ومسجدها العامر... سدّد الله على الدرب خطاكم، ووفّقكم لاداء رسالتكم في خدمة امتنا وفكرنا الاسلامي الهادف.

حمل اليَّ اخونا العلامة الشيخ حسن الجواهري قبل ايام منشوركم القيّم بمناسبة تأبين المغفور له عمّنا الرضا قدّس الله نفسه، والذي يعبّر عن صدق وفائكم وعمق ايمانكم بفكره الهادف ومسيرته الاصلاحية الرائدة، وقد عكس بعض الاخوان - ومن بينهم اخونا الاستاذ محمد جواد الطريحي الذي يتفضل بايصال هذه الرسالة اليكم - ما قمتم به من جهود في اعداد واقامة الحفل التأبيني بمناسبة مرور (33) عاماً على رحيله في اداركم العامرة، وقد اسفت لاني لم اسعد بالاطلاع على الصور التي التقطت لهذا الحفل.. لكونها قد صودرت مع ما صودر من غيرها من الكتب والنشرات.

اطال الله عمركم واعانكم على اداء رسالتكم الفكريّة.

اعبر عن مزيد شوقي للقياكم.. فقد سبق ان عودتمونا كل عام باداء مناسك الحج والعمرة، اسال الله ان يوفقكم خلال هذا العام للتشرف باداء مناسك العمرة الرجبية.. هذا وارجو الفضل بابلاغ اخوتنا خالص تحياتي واحتراماتي وبخاصة الى سيدنا (المحسن) من آل شبر والشيخ الجعفري واستاذنا العلامة الحجة الايرواني وانجاله، مع صادق تحياتي وتحيات ام حسن للسيدة الفاضلة ام علي وللانجال الاطياب.. ومنا السيد هاشم واخوان يبلغونكم سلامهم الوافر.

دمتم سالمين.

اخوكم

جده - 28/ 12/ 1416 هـ محمود المظفر

 

واردفه مشكوراً بكتاب آخر:

الاخ الاستاذ اديب التجار وتاجر الادباء الحاج حسين الشاكري يحفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اخي الشاكري: لقد داخلني شعور من الغبطة والعزّة وانا اتلقى منك مرّة تلو الاخرى، وفي غضون هذه الاعوام الثلاثة المتأخرة: سيلاً من منتوجاتك الفكرية.. التي حرصت ان تجعلها في نطاق العقيدة والنبوّة والعترة.

إن هذا النحو من الانتاج الذي اتجهت له وعكفت عليه مؤخراً: هو أمر ليس بالجديد ولا بالطريف عليك.. فقد عهدتك منذ زاملتك في ظل جمعية منتدى النشر ومؤسساتها العلمية والاجتماعية المختلفة، وفي ظل الجمعية المؤسسة لجامعة الكوفة.. ونظرائها من المؤسسات: انك تعطي للشأن وللنشاط الادبي والفكري بقدر ما تعطي للشأن والنشاط التجاري والصناعي.

والان حسناً فعلت حين خلصت للجانب الفكري وحده.. وذلك اثر تلك الحقبة الطويلة من حياتك التي مزجت فيها ببين الجانبين التجاري والفكري.

ومن الثوابت ان الانتاج الفكري لم يعد محصوراً او مقصوراً على مرحلة عمرية معيّنة، وانما يمكن القول ان العطاء الفكري في مرحلة الشيخوخة ربما يكون هو الاجدى والاوفى، وذلك بحكم عمق التجربة واتساع آفاق المعرفة لدى الانسان في مثل هذه المرحلة.

على اني فوق ذلك أرى ان كل من حالفه التوفيق في ممارسة العمل المعرفي والفكري.. لا يمكنه إلا مواكبة هذا العمل ومتابعة مشواره فيه.. لذلك اتوقع ان يرفد الشاكري المكتبة الاسلامية في مستقبل عمره المديد بمزيد من العطاء بالانتاج الفكري النافع والهادف.. حقق الله تعالى فيك الامال.. وداعياً ان يسدد الله خطاك ويمدّ في عمرك لاكمال مشوارك العلمي، وان يجعل ذلك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون الاّ من اتى الله بقلب سليم... وايمان رصين..

جدة - 28/ صفر/ 1418 هـ محمود المظفر

 

الهوامش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الطيبة : احدى قرى جبل عامل في لبنان قضاء مرجعيون .

(2) في البيت نقص تفعيلة سادسة ، ويستقيم لو اضيفت اليه (والبلاغة) ليصبح :

رب السماحة والرجاحة والبلا   *  *  *    غة والفصاحة والوصيّ المؤتمن