افتتح بحمد الله، والاتكال عليه سبحانه وتعالى المجلد الخامس، والخاتم لموسوعة «علي
في الكتاب والسنّة والادب» الذي يظم القسم الاخير مما قيل في مناقب، ومدائح ومراثي
أمير البيان الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) من الشعر والنثر
خلال القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر، وقد احصيت ما استطعت احصاء ما ينيف على
المائة وعشرين شاعراً وأديباً.
واما القسم الثاني - والخاص بالمختار من النثر خلال خمسة عشر قرناً - فقد احصيت
سبعين كلمة مما قيل في حقّه (عليه السلام) من زعماء وكتّاب ومفكّرين ليكون خاتمة
الموسوعة الميمونة المباركة.
سائلاً المولى القدير ان يتقبّله منّي وان يجعله من صالح اعمالي، ان كانت لي هناك
أعمالٌ صالحة، وان يعاملني بلطفه فانه ارحم الراحمين.
العبد المنيب
حسين الشاكري
في شعراء القرن الرابع عشر
(... - 1301 هـ)
الشيخ جعفر بن محمد بن موسى بن عيسى بن حسين بن خضر الجناجي الاصل المالكي النجفي
فاضلٌ شاعر، قضّى أغلب عمره في الاسفار إلى مدن العراق وإيران، تزوج من كرمنشاه
فتاة في إحدى رحلاته إليها حيث ألقى عصاه هناك الى أن وافته المنيّة حيث نقل جثمانه
الى النجف الاشرف.
شعره جزل جيد السبك وقد امتدحه كل من الشيخ مهدي كاشف الغطاء، وصاحب الحصون.
توفي في محرم الحرام من العام 1301 هـ/ 1884 م ولم يخلّف سوى بنت واحدة.
وله يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام) مستلهماً قول الشيخ حسين نجف:
وذي حيرة أمسى يخاطب نفسه * * * وأعيى جوابا عن مسائله الفكرُ
لقد قال قوم فيك والستر دونهم * * * بأنك رب كيف لو كشف الستر
وله يرثيه ايضاً (عليه السلام):
ألله أكبر أي خطب مظلم * * * داجي المحيا صبحه لا يسفرُ
أوهى قوى المجد الاثير وكورت * * * شمس الهدى فيه وغاب المبدر
لا غرو قد أودى الامام المرتضى * * * صنو النبي أبو الائمة حيدر
مثل العلى لما أصيب بكت له * * * بدم فجاء من المدامع جعفر
أبو عبد الله الشيخ محسن بن محمد بن موسى بن عيسى الخضري شاعر فاضل مشتهر.
ولد في النجف ونشأ فيها، حضر في الفقه على الشيخ راضي سبط الشيخ جعفر، وفي الاصول
على الشيخ مرتضى الانصاري وتلميذه ميرزا حسن الشيرازي. ورغم كونه كثير الشعر إلا أن
ما عثر عليه ولده الشيخ جواد لم يكن سوى غيض من فيض، لانه لم يكن يهتمّ بنظمه ففقد
أكثره.
توفي في النجف الاشرف عام 1302 هـ/ 1885 م وكان خارجاً لاستقبال الشيخ محمد باقر
الاصفهاني ولما وصل إلى سوق الحدادين في المشراق شكا فؤاده فعاد إلى بيته وتوفي في
الطريق، وكان قد عمل قصيدة في استقباله وقد تليت بعد ذلك لكن في غياب المادح
والممدوح لان الاصفهاني مات بعده بلا فاصل. كان ذلك في شهر صفر ودفن في الصحن
الشريف في حجرة مقابلة لحجرة استاذه الشيخ الانصاري.
وله مخمساً والاصل للصاحب بن عباد في مدح الامام علي (عليه السلام) قوله:
عصيت وشاتي في هواك وعُذَّلي * * * وقد طاب تأنيبي عليه ولَذَّ لي
ولست أرى بالوامق المتزلزل * * * أبا حسن لو كان حبك مدخلي
جهنم كان الفوز عندي جحيمها
هواك غدا في القلب أول خاطر * * * عليه انطوت في يوم بدئي ضمائري
فيا من بمرآه الجلاء لناظري * * * بأسمائك الحسنى أُروّح خاطري
إذا هبَّ من قدس الجلال نسميها
بحبّك قلبي من قديم تكونا * * * ولم يطق الكتمان بل
صار معلنا
أتؤذي لظىً عبداً غدا بك مؤمنا * * * وكيف يخاف النار من كان موقنا
بأنك مولاه وأنت قسيمها
لقد سلكت من نهجها شر منهجِ * * * أناس عَشت من نورك
المتبلجِ
وظلّت لمن عاداك تأوي وتلتجي * * * فوا عجباً من أمة كيف ترتجي
من الله غفراناً وأنت خصيمها
حيدر الحلّي
(1246 هـ - 1304 هـ)
أبو الحسين السيد حيدر بن سليمان بن داود بن سليمان بن داود، يرجع نسبه إلى الامام
زين العابدين (عليه السلام) من ولده زيد (رضي الله عنه)، شاعر شهير وعالم فاضل.
ولد في الحلة سنة 1246 هـ/ 1830 م، وتوفي والده وهو طفل صغير فكفله عمه السيد مهدي
السيد داود ورباه أحسن تربية كما لو كان من صلبه، حتى أنه جعله ثالث ولديه في
الميراث.
وكان ذا منزلة رفيعة بين الخواص والعوام حتى أن الامام الشيرازي قبَّل يده بعد
امتناع شديد منه، نظراً لما كان عليه من شاعرية ودماثة خلق، له من الاثار أربعة
كتب.
توفي في مسقط رأسه سنة 1304 هـ/ 1887 م، ودفن في النجف الاشرف مما يلي رأس الامام
علي (عليه السلام) في أول الساباط إلى جهة الشمال.
قال يرثي الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):
قُم ناشد الاسلامَ عن مُصابه * * * أُصيب بالنبيّ أم كتابِه
أم أنَّ ركب الموت عنه قد سرى * * * بالرُّوح محمولاً على ركابِه
بلى قضى نفسُ النبيّ المرتضى * * * وأُدرج الليلة في أثوابِه
لقد أراقوا ليلة القدر دماً * * * دماؤُها انصببن بانصبابِه
الله نفسُ أحمد من قد غدا * * * من نفس كلّ مؤمن أولى بِه
وجهٌ لوجه الله كم عفَّره * * * في مسجد كان أبا ترابِه
فاغبرَّ وجهُ الدين لاصفراره * * * وخُضّب الايمان لاختضابِه
والصومُ يدعو كلَّ عام صارخاً * * * قد نضحوا دَمي على ثيابِه
اطاعةٌ قتلُهم مَن لم يكن * * * تُقبلُ طاعاتُ الورى إلاّ بِه
قتلتُم الصلاة في محرابها * * * يا قاتليه وهو في محرابِه
يا أيها المحجوبُ عن شيعته * * * وكاشف الغُمّى على احتجابِه
فانهض لها فليس إلاّك لها * * * قد سئم الصابرُ جرع صابِه
فانعَ إلى أحمدَ ثقل أحمد * * * وقُل له يا خير مَن يُدعى بِه
هذا أميرُ المؤمنين بعدما * * * ألجأهم للدين في ضِرابِه
وقادَ من عُتاتِهم مَصاعباً * * * ما أسمَحت لولا شبا قِرضابِه
قد أَلفَ الهيجاءَ حتى ليلها * * * أُغرابه يأنس في عُقابِه
يمشي اليها وهوَ في ذِهابِه * * * أشدُّ شوقاً منه في إيابِه
كالشبلِ في وثبتهِ والسيف في * * * هبَّتهِ والصلِّ في انسيابِه
أرداهُ مَن لو لَحظته عينُه * * * في مأزق لفرَّ من إرهابِه
صلّى عليه الله من مضطهد * * * قد أغضبوا الرحمن في اغتصابِه[1]
وله في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) ذاكراً مسألة الخلافة قوله:
أيَوم النبيّ ومن ها هُنا * * * أُتينا بهذا البَلا الغامرِ
غَداة قضى فَغدا العالمون * * * وكلٌّ له دهشةُ الحائرِ
وهبَّ وما نامَ حِقدُ القلوب * * * ولكن رَأى فُرصة الثائرِ
فأضرمَها فتنة لم تَدع * * * رشاداً لباد ولا حاضرِ
غدا الدين أهونَ لما ذكت * * * لدى القوم من سحمة الصاهرِ
أذلك أم يوم أضحى الوصيّ * * * يرى فيئه طعمةَ الفاجرِ
وعَنه تقاعد صَحب النبيّ * * * ومالوا إلى بيعة الماكرِ
فما في مُهاجرة المسلمين * * * لهُ بَعد طه سوى الهاجرِ
ولا في قَبيلة أنصارهم * * * لهُ حَيث أفرَد من ناصرِ
بني قيلة بَعُدت قيلةٌ * * * وما ولدت، عن رضا الغافرِ
أيصبح فيكم بلا عاضد * * * وصيُّ الرسول ولا وازرِ
إلى أن قال:
وَتُبتزُّ فاطمة بينكم * * * نُحيلَتها من أبي الطاهرِ
وأنتم حضور ولَم تَغضبوا * * * فيا بؤس للملا الحاضرِ
وحين قضت بيعة الغاصبين * * * بأذواء فرع الهدى الناضرِ
غَدت عثرةُ الوحي لم تخل منهم * * * ولا حَلبة الشاة من ضائرِ
وَحتى غَدوا بين مقبورة * * * بملحدها في الدجى السّاترِ
وبَين قَتيل بمحرابه * * * خضيب الشوى بالدّم القاطرِ
قضى والهدايةُ في مصرع * * * ووُسِّد والرُّشد في قابرِ[2]
إسماعيل الشيرازي
(1258 هـ - 1304 هـ)
أبو الهادي السيد ميرزا إسماعيل بن الامير السيد رضي ابن السيد ميرزا محمد اسماعيل
الشيرازي الحسيني، عالم شاعر فاضل.
ولد في شيراز عام 1258 هـ/ 1842 م، وأخذ العلم عن ابن عمه ميرزا حسن الشيرازي وكان
من أبرز تلامذته حتى كاد أن يتولى الزعامة من بعده لولا ريب المنون الذي عاجله، له
صلة وثيقة بالسيد حيدر الحلي، توفي عام 1304 هـ/ 1887 م في سامراء ونقل إلى النجف
ودفن في الغرفة الثالثة من جهة باب السوق الكبير على يسار الداخل الى الصحن، رثاه
جمع من الشعراء.
وللمترجم له كثير من الموشحات الرقيقة وإليك منها موشحة يمدح بها الامام علياً
(عليه السلام) بمناسبة ذكرى ولادته:
رغد العيش فزده رغدا * * * بسلاف منه تشفي سقمي
طرب الصب علىوصل الحبيب * * * وهنى العيش على بعد الرقيبِ
وافني من أكؤس الراح النصيب * * * وائتني تؤماً بها لا مفردا
فالهنا كل الهنا في التوأمِ
آنست نفسي من الكعبة نور * * * مثل ما آنس موسى نار طور
يوم غشّى الملا الاعلى سرور * * * قرع السمع نداء كندا
شاطئ الوادي طوى من حرم
ولدت شمس الضحى بدر التمامْ * * * فانجلت عنّا دياجير الظلامْ
ناد يا بشراكمُ هذا غلام * * * وجهه فلقة بدر يهتدى
بسنا أنواره في الظلم
هذه فاطمة بنت أسدْ * * * أقبلت تحمل لاهوت الابدِ
فاسجدوا ذلاّ له فيمن سجدْ * * * فله الاملاك خرت سجّدا
إذ تجلى نوره في آدم
كشف الستر عن الحق المبين * * * وتجلى وجه ربّ العالمينْ
وبدا مصباح مشكاة اليقين * * * وبدت مشرقة شمس الهدى
فانجلى ليل الضلال المظلم
سيد فاق على كل الانام * * * كان إذ لا كائن وهو إمامْ
شرف الله به البيت الحرام * * * حين أضحى لعلاه مولدا
فوطى تربته بالقدم
هو بعد المصطفى خير الورى * * * من ذرى العرش إلى تحت الثرى
قد كست علياؤه أم القرى * * * غرَّة تحمي حماها أبدا
حيث لا يدنوه من لم يحرم
سيد حازت به الفضل مضر * * * بفخار قد سما كل البشرْ
وجهه في فلك العليا قمر * * * فبه لا بالنجوم يهتدى
نحو مغناه لنيل المغنم
أيها المرجى لقاه في الممات * * * كل موت فيه لقياك حياةْ
ليتما عجل بي ماهو آت * * * علني ألقى حياتي في الردى
فايزاً منه بأوفى النعم
وله يمدح الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) ويذكر يوم الغدير بقوله:
سرى البرق من نجد فهاج بي الذكر * * * ومن يشرب الصهبا يهيج به السكرُ[3]
حتى يقول:
كفاني من الدنيا مديح أولي النهى * * * وحبّ ذوي القربى هو الفخر والذخرُ
وقد جاءنا يوم الغدير مبشّراً * * * يطالعه البشرى ويقدمه البشرُ
تجلى ضمير الغيب وانتهك الستر * * * وبالغ أمر الله وانقطع العذرُ
فقد هدم الاسلام ما شيّد الردى * * * وقد نقض الايمان ما أبرم الكفرُ
وقد بلغ الحق القويم نصابه * * * وأكمل دين الله واتضح الامرُ
وسمّى أميراً من غدا لنبيه * * * وزيراً وقدماً شدَّ منه به الازرُ
ومانقموا من حيدر غير أنه * * * يشدُّ إذا هدوا يكرّ إذا فروا
فسل إن جهلتَ الناسَ عن غزو خيبر * * * وأُحد وقد يغني عن الخبر الخُبرُ
فلو لم يكن في كفه السيف قائما * * * لما قام للاسلام ركز ولا ذكرُ
ولم تنصب الرايات في فتح مكة * * * ولم يك للاصنام في نصبها كسرُ
هو الباسل الضرغام في حومة الوغى * * * هو الاسد القمقام والسيد الحبر
وفي ومضة من بارق الغيب بزَّت الـ * * * ـسما ولها تعنو الكواكب والبدر
فديناه من مثوىً ومن فيه قد ثوى * * * فديناه من قبر ومن ضمه القبر
وقل يا أمير المؤمنين وخير من * * * مشى فوق أطباق البسيط ولا فخر
فكم لك من سر عظيم لقد رقى * * * مقاماً من العلياء من دونها النسر
فأنت السما والخلق كلهم الثرى * * * وأنت الغنى والناس كلهم فقر
حسين بحر العلوم
(1221 هـ - 1306 هـ)
السيد حسين ابن السيد رضا ابن السيد مهدي الشهير ببحر العلوم شاعر وعالم جهبذ مؤلف.
ولد في النجف الاشرف عام 1221 هـ/ 1805 م، وحضر الفقه والاصول على صاحب الجواهر
وكان يحظى بعناية خاصة منه، وكان يفرُّ من الزعامة وطلب الرياسة حتى أنه فرّ إلى
كربلاء المقدسة حتى لا يتسلم الـ (5000) روبية الانگليزية التي قررتها له خيرية
أودة الهندية كمرتب شهري وكان مرشحاً للتدريس العام بعد الشيخ حسن. أصيب ببصره
ثماني سنوات لم ينفعه فيها علاج في العراق أو في ايران، فلما استيأس قصَد الامام
الرضا (عليه السلام) ونظم رائيته في مدحه والتوسل به والاستغاثة وبقي عدة أيام في
مشهده يكتحل بتربتها حتى عاد مبصراً إلى النجف عام 1287 هـ. وكان أستاذه في الاصول
الملا مقصود علي.
له مؤلفات في الفقه والاصول منها شرح منظومة جده في الفقه نظماً بطريق الاستدلال.
توفي في النجف الاشرف في سنة 1306 هـ/ 1889 م بعد أن انزلقت رجله على درج بيته فسقط
من أعلى الدرج وانفلق هامه.
وله من قصيدة يمدح بها الامام علياً (عليه السلام):
هاتها صهباء تحكي للندامى * * * لون خدّيك لهيبا وضراما
حتى قال:
إن بدا ذاك المحيا في دجىً * * * بسنا طلعته يجلو الظلاما
طلعة يشبهها البدر إذا * * * ما حوى البدر كمالاً وتماما
ومنها:
وسما البدر سناءً مثلما * * * قد سما خير الوصيّين الاناما
ذاك صنو المصطفى الهادي ومن * * * شرف الله به البيت الحراما
ألعلي المرتقى في عزّه * * * وعلاه مرتقى عز مراما
خصّه الله بعلم وعلاً * * * واصطفاه للورى طراً إماما
وحباه بمزايا لم تنل * * * أبد الدهر وجلت أن تراما
إسمها المشتق من أسمائه * * * ينعش الارواح بل يحيي العظاما
وولاه العروة الوثقى التي * * * لا ترى فيها انقساما وانفصاما
معدن الاسرار والعلم فكم * * * كشف الاستار عنه واللثاما
آية الله ولولاه لما * * * عرف الله ولا الدين استقاما
حيدر الكرار حامي الجار والـ * * * ـقاسم الجنة والنار سهاما
قوله الحق إذا قال وإن * * * صال يوما صدم الجيش اللهاما
طلق الدنيا ثلاثاً عفة * * * ورآى تطليقها ضرباً لزاما
يا إماما شاد أعلام الهدى * * * وغدا للدين والدنيا قواما
لم تزل للخلق ملجاً ورجاً * * * وثمالا للايامى واليتامى
وحمى يستدفع الخطب به * * * إن دهى الخطب وللكون نظاما
جللته قبة حفت بها * * * زمر الاملاك عزاً واحتراما
كعبة الوفاد لم تبرح على * * * بابها الناس عكوفاً وقياماً
وإلى نحو حماه لم تزل * * * بهم أيدي المهاري تترامى
أخجل البحر صِلات وندىً * * * وقضى الدهر صلاة وصياما
طاهر من نسل طهر طاهر * * * والد الاطهار من ساد الاناما
يا هداة بدأ الله بهم * * * وبهم قد جعل الله الختاما
ذخر الباري لمن والاكم * * * غرفا فيها يلقّون سلاما
ولمن عاداكم نار لظى * * * إنها ساءت مقراً ومقاما
ميرزا الطالقاني
(1246 هـ - 1315 هـ)
السيد ميرزا ابن السيد عبدالله بن احمد الحسيني الطالقاني، علامة فاضل وأديب شاعر،
ولد في النجف الاشرف عام 1246 هـ/ 1830 م ونشأ بها ودرس على أعلامها ولازمهم حتى
نال درجة الاجتهاد ورجع اليه البعض في التقليد، وكان معروفاً بالخلق والتقوى، توفّي
عام 1315 هـ/ 1897 م.
وله في مدح أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قوله:
بحبك أيّها الظبي الغرير * * * فؤاد الصب مسجون أسيرُ
حتى قال:
يموج غديره بولا عليٍّ * * * وصفْو السلسبيل هو الغديرُ
شربت ولاءه بغدير خم * * * زلالا إنه العذب النمير
كفته خلافة من بعد طه * * * بها للمؤمنين هو الامير
تولاه الاله وقال بلِّغ * * * به وأبِن فقد حان الظهور
فقام مبلغا يدعو بأمر * * * وعاه ذلك الجم الغفير
علي رشده رشدي كنفسي * * * ولست إلى سواه لكم أشير
به أكملت دينكم تماما * * * فمن ناواه من بعدي الكفور
أبا حسن بصوت المد خذها * * * مزايا في صفاتك تستنير
بتاج الله قد توجت قدراً * * * وزيِّن في خلافتك السرير
يحار العقل في معناك وصفا * * * ولا بدع إذا حار البصير
فضائلك النجوم وليس تحصى * * * يقل بجنبها العدد الكثير
ولم يعرفك إلا الله قدراً * * * وفضلا إنه الرب الخبير
وسل أحداً وخيبر أو حنينا * * * بها هل غيرك الاسَد الهصور
أبا حسن ملكت العرب خوفا * * * بسيفك وهو في الهيجا مدير
تجافوا من حسامك وهو موت * * * ولمعة حدّه عنه النذير
أحاشي مجدك السامي المزكى * * * عليه من جلال الله سور
بمدحك يا علي طلبت عذراً * * * فمن ذا منصفي ومن العذير
ومن ذا يستطيع منال ذات * * * سمت شرفا فحان به القصور
جعفر الحلّي
(1277 هـ - 1315 هـ)
أبو يحيى جعفر كمال الدين ابن أبي الحسن محمد بن محمد حسن الشهير بالحلّي، يرجع
نسبه إلى أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، شاعر فاضل أديب.
ولد في الحلّة في منتصف شعبان من عام 1277 هـ/ 1860 م، هاجر إلى النجف في أوائل
صباه ففرغ من المقدمات وعلا نجمه في النجف كنابغ ذكي.
وهو شاعر فكه له بالطرافة صلة نسب ومن طرائفه ماجرى بينه وبين صديقيه الشيخ عباس
خميس والشيخ علي رفيش قوله:
إن عيشي بالحويشِ * * * ضيّق أنكد عيشِ
بين عباسِ خميس * * * وعليّ بن رُفيشِ
توفي في العام 1315 هـ/ 1897 م.
وقال رحمه الله مشطراً ومخمِّساً للبيتين المشهورين في مدح مولانا أمير المؤمنين
علي (عليه السلام) من بحر الرمل:
أنا ممن للولا قد محضا * * * وعليه سالف لي قد مضى
صاح بشر من على ديني قضى * * * قل لمن والى عليّ المرتضى
فزت في نيل المنى بعد الممات
حسبك المولى عليٌّ وكفى * * * يوم تأتي بالخطا معترفا
فلك الامن ولو فوق شفا * * * أنت في حصن ابن عم المصطفى
لا تخافنَّ عظيم السيّئات
حلّ منك الجيد في عقد الولا * * * فهُو الحلية إذ تنضى الحُلى
جوهر القدس عليّ ذو العلى * * * حبُّه الاكسير لو ذرَّ على
لهب النار غدا ماء الحياة
حيدر صاحب يوم الموقف * * * إن يشأ تُورَ لظىً أو تنطفِ
نقمة إن قال يا نار القفي * * * وهو الرحمة لو يشفع في
سيّئات الخلق صارت حسنات[4]
وله مشجرة في مدح امير المؤمنين عليه الصلاة والسلام:
أيا نفس النبي ويا أخاه * * * وهادي الناس للنهج السديد
أتصرع شيبة في يوم بدر * * * وتردفه بعتبة والوليد
أتصرع في الحروب أسود غاب * * * عليهم كل ضيقة الزرود
أتصرع في الوغى في يوم أحد * * * كماة العبدرين[5] ذوي البنود
أتصرع في الوغى عمرواً بسيف * * * صقيل مضارب ماضي الحدود
أتصرع في الوغى عمرو ابن علج * * * لغير الله يعلن بالسجود
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * ولم تسلبه ضافية البرود
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتأسر قومه أسر العبيد
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتقتل كل شيطان مريد
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتقتل مرحباً زجل الرعود
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتقتل مرحباً بطل الجنود
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتقتل مرحباً بطل اليهود
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتقتل مرحباً بطل الاسود
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتقتل مرحباً بادي الحقود
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتقتل كل جبار عنيد
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتتركه لقاً فوق الصعيد
أتصرع في الوغى عمرو بن ودٍّ * * * وتقلع باب ذا الحصن الشديد
أتصرع في الوغى عمرو ابن قوم * * * حماهم غير مدنوّ الحدود
أتصرع في الوغى عمرواً وينجو * * * بكشف خ-... ما بين الجنود
أتصرع في الوغى كقريش أسداً * * * هم فيها ذوو بأس شديد
أتصرع في مهندك الاعادي * * * ولم يرهبك إكثار العديد
أتصرع كل من يدعو شريكاً * * * ويوم الطعن عندك يوم عيد
أأنت من الملائك لا وحاشا * * * بل الاملاك حولك كالعبيد
أبا الحسنين أنت لنا إمام * * * بنص نبينا الهادي السعيد
أبا حسن بك الوُفّاد طافت * * * وفيك نجاح حاجات الوفود
أبا حسن وكم لحماك شدت * * * رحال الناس من بلد بعيد
أبا حسن ومثلك لست ألقى * * * لكشف نوائب ألوت بجيدي
أبا حسن ومثلك من يسمى * * * بحامي الجار أو مأوى الطريد
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * وليس سواك يا أسد الاسود
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف ملمة ولنيل جود
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف الضر إذ يشجي وريدي
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف الضر والجهد الجهيد
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف الضر والهول المبيد
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف الضر والهول الشديد
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف الضر والهول الكؤود
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف الضر والدهر العنود
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف الضر قبل ذواء عودي
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * لكشف نوائب للدهر سود
أبا حسن ومثلك من ينادى * * * وأنت أحق من للكرب نودي
أبا حسن ومثلك من يُرجَّى * * * لنيل القصد في دار الخلود
أبا حسن ومثلك ما وجدنا * * * فكيف وأنتم سرُّ الوجود
أبا حسن وفضلك ليس يخفى * * * كصبح لاح منفلق العمود
أبا حسن بك الايات نصت * * * وليس يضر إنكار الجَحود
أبا السبطين يا أملي أجرني * * * غداً من هول ناضجة الجلود[6]
وله رحمه الله تعالى مخمساً قصيدة عبد الحميد بن أبي الحديد في مدح أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) مطلعها:
ظعن القطين من الغميم وودعوا * * * فسرى الفؤاد مع الحمول يشيّع
ديت[7] رسم ديارهم لو يسمع * * * يا رسم لا رسمتك ريح زعزع
وسرت بليل في عراصك خروع[8] حتى قال:
يا برق خذ نبأ نكابد ثقله * * * سينوء فيك فلم تطق لتقلَّه
يا برق إني بالغري مولّه * * * يا برق إن جئت الغري فقل له
أتراك تدري من بأرضك مودع
فيك الذي علم المغيَّب عنده * * * وبفيضه ربّ السماء أمده
تالله لم يك فيك حيدر وحده * * * فيك ابن عمران الكليم وبعده
عيسى يقفيه وأحمد يتبع
بل فيك لو تدري الشعاع المنعكِسْ * * * من نور طلعته الاشعة تقتبس
بك يا غريّ تبوَّأت روح القدس * * * بل فيك جبريل وميكال وإس
رافيل والملا المقدس أجمع
فيك الوجود ثبوته وزواله * * * فيك الزمان كماله وجماله
فيك امرؤ ما في الوجود مثاله * * * بل فيك نور الله جلَّ جلاله
لذوي البصائر يستشف فيلمع
فيك المهذب ساكن فيك الزكي * * * فيك الذي هو نفسه نفس النبي
فيك العلى بل فيك لو تدري علي * * * فيك الامام المرتضى فيك الوصي
المجتبى فيك الامام الانزع
ألقائد الصعب الحرون إذا طغى * * * ومبدّد الجيش اللهام إذا بغى
من لم يزل درع الملاحم مفرغا * * * والضارب الهام المقنع في الوغى
بالخوف للبهم الكماة يقنع
للشرك كدَّر كل ذي عيش هني * * * وأهار منهم بالمذرب ما بني
حيث الظبا لطلا الضياغم تنثني * * * والسمهرية تستقيم وتنحني
فكأنها بين الاضالع أضلع
المخصب الربع الذي يسع الملا * * * ايام لا ماء يروق ولا كلا
مأوى الانام بعامهم إن أمحلا * * * والمترع الحوض المدعدع حيث لا
حوض يفيض ولا قليب يترع
مردي الكتائب إذ قريش تحزبوا * * * واخو الحريب يوم جُدّل مرحب
ومبيد عمرو وهو ليث أغضب * * * ومبدد الابطال حين تألبوا
ومفرق الاحزاب حين تجمعوا
تلقاه ان صعد المنابر صادعا * * * بالحق ينطق بالهداية بارعا
هو بحر علم ليس يصدر شارعا * * * والحبر يصدع بالمواعظ خاشعا
حتى تكاد لها القلوب تصدع
ما زال عن طيب التلذذ مغضيا * * * طاوي الحشاشة بالتقى متغذيا
وعن الزلال بدمعه مترويا * * * حتى إذا استعر الوغى متلظيا
كرع النجيع بغِلّة لا تنقع
يروي مهنده ويمكث صاديا * * * حتى يبيد نواصبا وأعاديا
تلقاه في الهيجاء ليثا عاديا * * * متجلببا ثوبا من الدم قانيا
يعلوه من نقع الملاحم برقع
تهدي نوافح رشده العرف الشذي * * * يهدي به حافي الورى والمحتذي
وانْ لم يرن ذو طرف قذي * * * زهد المسيح وهيبة الدهر الذي
اودى به كسرى وقوم تبع
هذا المكسر جمع عباد الوثن * * * هذا الذي هو مبتدا خبر السنن
هذا هو السر المميز بالعلن * * * هذا ضمير العالم الموجود عن
عدم وسرّ وجوده المستودع
هذا الذي أردى الطغاة لجهلها * * * هذا مفرقها مبدد شملها
هذا الذي بسط البلاد بأهلها * * * هذا الامانة لا يقوم بحملها
خلقاء هابطة وأطلس أرفع
أما النجوم الغرّ فهي صفاته * * * والغاديات المعصرات هباته
والنَيّران كستهما سطعاته * * * هو ذلك النور الذي لمعاته
كانت ببهجة آدم تتطلع
فأبو البرية فيه ثقف ميله * * * ودعا به نوح فأنضب سيله
ونجا به موسى الكليم وخيله * * * وشهاب موسى حين أظلم ليله
رفعت له لالاؤه تتشعشع
لله درك أيّ فخر لم تحز * * * أم أي مكرمة إليها لم تجز
يامن له تتفجر الارض الجرز * * * يامن له ردت ذكاء ولم يفز
بنظيرها من قبل إلا يوشع
يامن بكل عويصة هو ممتحن * * * عن وجه أحمد طالما كشف المحن
يا صارما لم ينب شفرته المجن * * * يا هازم الاحزاب لا يثنيه عن
خوض الحمام مدجج ومدرع
عجبت ملائكة الجليل لعجزها * * * عمَّا فعلت بخيبر وبحرزها
يا حامي الاحساب حافظ عزّها * * * يا قالع الباب التي عن هزها
عجزت اكف أربعون وأربع
انت السبيل إذا تفرقت السبل * * * ولك اتّبعتُ وعن ولائك لم أحل
أخشى إذا قلت الغلوّ فلم أقل * * * لولا حدوثك قلت أنك جاعل ال
أرواح في الاشباح والمستنزع
لك في الغريّ على ضريحك قبة * * * هي للملا بل للملائك كعبة
أين الضراح فما لعال رتبة * * * ما العالم العلوي إلا تربة
فيها لجثتك الشريفة موضع
عن سور حوزتك الورى لم تنفذ * * * وبغير طاعتك القضا لم يأخذ
والدهر مُرهْ بما تشاء ينفّذ * * * ما الدهرُ إلا عبدك القن الذي
بنفوذ أمرك في البرية مولع
أنا فيّ سحبان الفصاحة يقتدي * * * وعلت على قس بن ساعدة يدي
لكنّني معْ طول صعدة مذودي * * * أنا في مديحك ألكنٌ لا أهتدي
وأنا الخطيب الهزبريّ المصقعُ
غادرتَ سحبان الفصاحة باقلا * * * وتركت أرطاليس غراً جاهلا
حيرتني ماذا تراني قائلا * * * أأقول فيك سميدع كلاّ ولا
حاشا لمثلك أن يقال سميدع
أنت الصراط المستقيم وسالم * * * من رام نهجك والمنكب نادم
فلانت في الدنيا إمام قائم * * * بل أنت في يوم القيامة حاكم
بين البرية شافع ومشفع
لك عزمة لم تبق عزمة عازم * * * تغنيك عن يزنيّة أو صارم
ولذا لكنتُ وكنت أبدع ناظم * * * وجهلتُ فيك وكنت أحذق عالم
أغرار عزمك أم حسامك أقطع
لولاه ما عرف الاله ولا عُبد * * * ولواء أحمد في النبوة ما عقد
ولاجل حيدر عالم الدنيا وُجد * * * والله لولا حيدر ما كانت الد
نيا ولا جمع البرية مجمع
رفعت به الافلاك لما أُنشئت * * * والارض فيه تمهدت وتوطأت
هذا الذي عنه المثاني أنبأت * * * من أجله خلق الزمان وضوأت
شهب كنسن وجنَّ ليل أدرع
أنا في اعتقادي ذو دليل قاطع * * * لم يدفعوه بمقتض أو مانع
إن الوصي برغم كل منازع * * * علم الغيوب لديه غير مدافع
والصبح أبيض مسفر لا يدفع
فبيوم محشرنا إليه مآبنا * * * ونعيمنا في أمره وعقابنا
وعليه يعرض في السؤال جوابنا * * * وإليه في يوم المعاد حسابنا
وهو الملاذ لنا غدا والمفزع
اهوى عليا واعتقدت ولاءه * * * واحبُّ أرباب الحجى أبناءه
يامن يكاشرني ويكتم داءه * * * هذا اعتقادي قد كشفت غطاءه
سيضر معتقداً له أو ينفع
بينت معتقدي ولم أك أنثني * * * عنه وعن عبد الحميد أنا غني
ورّى فقال مقال غير مبين * * * ورأيت دين الاعتزال وانني
أهوى لحبك كل من يتشيع
يا نفس أحمد أنت ذا لي معقل * * * واليك أفزع إن دهاني معضل
بهواك ربع حشاشتي متأهل * * * يا من له في ربع قلبي منزل
نعم المراد الرحب والمستربع
أنسي هواك أبا الحسين وبهجتي * * * وولاك في يوم الحساب محجتي
أصبحت منهمكا وذكرك لهجتي * * * أهواك حتى في حشاشة مهجتي
نار تشب على هواك وتلذع[9]
عباس الصفار الزيوري
(... - 1316 هـ)
الشيخ الملاّ عباس بن القاسم بن إبراهيم الزَيْوَري البغدادي المولد، الحلي المسكن
والمنشأ شاعرٌ خطيب، توفي أبوه وهو طفل صغير، فانتقلت أمّه الحليّة الاصل بولدها
هذا إلى الحلة ونشأ في حجور أخواله. وقيل إنه كان من خطباء المنبر الحسيني ; لكن
شهرته الادبية تغلبت على شهرته المنبرية.
توفي في طهران وقيل في خراسان سنة 1315 هـ/ 1897 م كما في الطليعة، وعن
الذريعة[10]: إن وفاته كانت سنة 1316 هـ.
له قصيدة مرتجلة في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) اشترك فيها هو والاديب الشيخ
عبد الحسين الحويزي، فالصدور للمترجم والاعجاز للحويزي، منها هذه الابيات:
يا قطب دائرة الوجود ومن هو الـ * * * ـنبأ العظيم ومن إليه المفزع
أنت ابن عم المصطفى ووصيه * * * وأبو بنيه وسره المستودع
ما قام بيت للنبوة مشرع * * * إلاّ وأنت له عماد يرفع
وجبت ولايته على أهل السما * * * والارض إن سمعوا وإن لم يسمعوا[11]
الشيخ رشيد ابن الحاج قاسم أقعون العاملي الزبديني، فاضلٌ شاعر، قصد النجف فطلب
العلم، واخترمته المنية هناك في ريعان شبابه بعد إصابته بمرض الدقّ «اي السل» في
العام 1317 هـ/ 1899 م.
وقوله يمدح الامام أمير المؤمنين (عليه السلام):
حتام تنظر والغرور يحولُ * * * فيعود منك الطرف وهو كليلُ
مرّ الزمان لديك حلو طعمه * * * وحقير لذته لديك جليل
كم ذي مدىً قصر الورى عن نيله * * * هو بالعناء ملفع مشمول
هذا الذي باهى الجليل بفعله * * * وبفضله السامي أتى التنزيل
وبصبره عجب الورى وبمدحه * * * نادى بآفاق السما جبريل
(لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * * * إلا علي) إذا اشتبكن نصول
المصطفى الطهر الامين مصرّح * * * ومعرّض بالقول حيث يقول
حتى أتته من المليك عزيمة * * * والركب من نصب المسير يميل
بلِّغْ عن الله الذي أوحى فإن * * * جاشوا فأنت من الاذى مكفول
فأقام في جمع تغص به الفلا * * * ويضيق عنه عرضها والطول
ورقى من الاقتاب منبر عزة * * * طال السما وله الوصي عديل
ودعا لبيعته فقالوا كلهم * * * سمعا وأضغان القلوب تجول
الشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد آل المظفر، عالم فاضل وشاعر أديب.
ولد في النجف الاشرف وأخذ العلم عن علماء مبرّزين، وقد عرف بالتتبّع لاسرار الشريعة
حتى راهق الاجتهاد، بل قيل بلغه.
تردد على جزائر البصرة موطن أسرته الاوّل وكان يبقى فيها شهوراً ثم يقفل راجعاً الى
النجف. وقد التمسه قومه للبقاء عندهم ليكون مرشدهم فلبّى لهم ذلك، فسكن قرب بلدة
قضاء المدينة، لكنه بعد مدة رجع إلى النجف ونظم فيها قصائد شوقه إليها وإلى
أنديتها.
توفي حوالي سنة 1320 هـ/ 1902 م في مدينة النجف وخلّف كتباً مخطوطة منها: منظومة في
الاصول تربو على الالف والخمسمائة بيت، منظومة في جميع أبواب الفقه في 2000 بيت،
ومنظومة تامة في النكاح وتوابعه في 998 بيتا، منظومة في الايقاعات تربو على الالف
بيت، مع منظومة شعره الوجداني.
قال يمدح الامام علياً (عليه السلام):
طربت حين استقل الركب في القتبِ * * * وغاب عنيَ ماألقى من الوصبِ
جاءتك ترفل في ثوب الهوى فغدت * * * كالبرق تخطف إذ مرت من السحب
حتى قال:
شوقا وتوقا لمغنى حيدر سفرت * * * عنها قناع السرى في الاربع الرحب
فيها الملائك والملاّك خاضعة * * * كل يمرغ خديه على الترب
خمص البطون تهادى في قبا ورع * * * تظلهم قبة الهادي عن النصب
فيا لها قبة ماذا حوت شرفا * * * كأنها الشمس تخفي أنجم الشهب
تضمنت علة التكوين حين غدت * * * مثوىً لخازن وحي الله والكتب
ظلت تُظل ضريحا قد سما شرفا * * * على الضراح وما في العرش والحجب
يا مفزع الخلق إذْ زاغت قلوبهم * * * ويا غياثهم في موقف العطب
من لي سوى قدرك السامي ألوذ به * * * ومن أؤمل يوم الروع والخطب
محمد طه نجف
(1241 هـ - 1323 هـ)
أبو المهدي الشيخ محمد طه ابن الشيخ مهدي بن محمد رضا صاحب العدّة النجفية في شرح
اللمعة الدمشقية ابن الشيخ محمد بن الحاج نجف التبريزي، عالم فحل وشاعر اديب.
ولد في النجف عام 1241 هـ/ 1825 م ونشأ بها، وكان معسراً لابعد حدّ فاتجه إلى
الدراسة وحاز قصب السبق فيها مما جعله يتسنم سدة المرجعية فيها بعد أستاذه ميرزا
حَسن الشيرازي. وكان له في كل فن يد وفي كل علم منزلة، فتراه فقيهاً، أصولياً،
رجالياً، محدثاً، محققاً، حكيماً. إنتهت إليه رئاسة الامة وقلّده معظم أهل العراق.
تلمذ جملة من أيّامه على الشيخ الانصاري، وكان من تلامذته السيد الحبوبي.
سافر إلى خراسان لزيارة الامام الرضا (عليه السلام) في 28 جمادي الاولى 1310. ثم
سافر إلى مكة على طريق جبل حايل يوم الاثنين الخامس من ذي القعدة 1318.
بقي في بيته أربعين سنة مكبّا على الدرس بمجهوده الشخصي حيث أخرج كتابا جيدا في
الرجال وفوائد فقهيه وأصولية مما ادّى إلى ذهاب عينيه لكنه لم يترك التأليف والدرس،
حيث لم يكن للعرب مدرس غيره فكان يُقرأ له فيتأمّل العبارة على السماع ويحلل ويقارن
وقد كتب حاشيتهُ الشهيرة على كتاب الجواهر بهذه الطريقة.
له عدة مؤلفات تربو على العشرين.
توفي سنة 1323 هـ/ 1905 م، حيث عطلت الاسواق وانقلبت النجف ثم دفن في الغرفة التي
عن يسار الداخل إلى الصحن من باب القبلة خلف مقبرة الانصاري.
وقد أنشأ قائلاً يوم توجه الى النجف بعد رحلة له:
تمام الحج أن تقف المطايا * * * على أرض بها النبأ العظيمُ
حتى يقول:
وصيّ محمد وأخيه منه * * * كهارون يقايس والكليم
ونفس محمد تصريح قول الـ * * * ـمهيمن والصراط المستقيم
وباب العلم من طه وهذا * * * يفيدك كل مكرمة تروم
وسيف الله في بدر وأحد * * * وغيرهما وناصره القويم
وناصر أحمد في الغار إذ قد * * * فداه بنفسه ذاك الكريم
وصرح في غداة غدير خم * * * بمر الحق لو أصغى الظلوم
عباس المالكي
(1253 هـ - 1323 هـ)
الشيخ عباس ابن الشيخ حسن بن جعفر بن خضر بن يحيى المالكي، عالم فقيه شاعر، ولد عام
1253 هـ/ 1837 م.
درس المقدمات وهو ابن عشر سنين وقد جدّ في درسه حتى نبغ فيها. وقد ذكر جملة من
أساتذته فقال: الشيخ ابراهيم قفطان، وقد درس عليه النحو والصرف والمنطق والبيان
وخلاصة البهائي في الحساب، والشيخ الاعسم وقرأ عليه المعالم والشرايع والشيخ
الانصاري والميرزا محمد حسن الشيرازي. له رسائل في الفقه والنحو نظماً، واستقل
بمشيخة الطائفة، وكان إضافة الى ذلك بارعاً في النظم والانشاء.
توفي عام 1323 هـ/ 1905 م.
وله مخمساً - والاصل للسيد صدر الدين العاملي - قوله يمدح الامام علياً (عليه
السلام):
لحيدر علم وحزم وجاهْ * * * أولو العزم ما بلغت مبتداهْ
قليل مقالك فيما حواه * * * علي بشطر صفات الاله
حبيت وفيك يدور الفلك تدوس
طوى قدس وادي الجلالْ * * * وما خلعت قدماك النعالْ
تسوق عصاك السحاب الثقال * * * ولما أراد الاله المثال
لنفي المثيل له مثلك
ولاؤك طوق بكل الرقابِ * * * وأمرك ماض بيوم الحسابِ
أبا حسن أنت فصل الخطاب * * * تعلم جبريل ردّ الجواب
ولولاك في بحر قهر هلك
باقر الهندي
(1284 هـ - 1329 هـ)
أبو صادق السيد باقر بن محمد بن هاشم الهندي النجفي، من ذريّة الامام الهادي (عليه
السلام)، شاعر عالم.
ولد في النجف الاشرف عام 1284 هه/ 1865 م، ونشأ بها، سافر الى الحلة مع أبيه الذي
كان يحضر حلقَة الشيرازي فيها، وهناك تردد على بعض الاساتذة فدرس الفقه والاصول، ثم
تتلمذ على الشيخ محمد طه نجف والميرزا المحلاتي في سامراء.
انحاز الى جانب الامام الخراساني في صراعه ضد الدكتاتورية والاستبداد ، وكان له
موقف مشرف من مسألة الحياة الدستورية في إيران حيث كان أحد الاعضاء العاملين في
الصفوف الامامية من أنصارها عام 1324 هـ/ 1906 م وقد ألّف رسالة قيمة بذلك أعرب
فيها عن عقيدته ومناصرته للفكرة الجديدة.
توفي في النجف سنة 1329 هـ/ 1911 م، ودفن في دارهم مع أبيه في محلة الحويش.
وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) ويستعرض حياته وعصره قوله:
ليس يدري بكنه ذاتك ماهو * * * يابن عم النبي إلا اللهُ
لك معنىً أجلى من الشمس لكن * * * خبط العارفون فيه فتاهوا
أظهر الله دينه بعلي * * * أين لا أين دينه لولاه
سله لما هاجت طغاة قريش * * * من وقاه بنفسه من فداه
لو رآى مثله النبي لما وا * * * خاه حياً وبعده وصّاه
قام يوم الغدير يدعو ألا من * * * كنت مولىً له فذا مولاه
ما ارتضاه النبي من قبل النفـ * * * ـس ولكنما الاله ارتضاه
غير أن النفوس مرضى ويأبى * * * ذو السقام الدوا وفيه شفاه
أنكروه وكيف ينكر عين الـ * * * ـشمس من أرمصت بها عيناه
حتى قال:
قد لقي من خلاف أصحابه أضـ * * * ـعاف ما من أعدائه لاقاه
كم تمنى الموت المريح وما ظـ * * * ـنك فيمن بالموت درك مناه
قال ما يمنع الشقي أما حا * * * ن شقاه يا رب عجل شقاه
وغدا للصلاة للمسجد الاعـ * * * ـظم والليل مستجنّ دجاه
وأقام الصلاة للسجدة الاو * * * لى وكان ابن ملجم يرعاه
فعلاه بالسيف فاعجب لسيف الـ * * * ـلّهِ بالسيف كيف فلَّ شباه
فهوى قائلاً: لقد فزت والـ * * * ـلّهِ وسالت على المصلى دماه
فبكته الاملاك وارتجّت الافـ * * * ـلاك حزناً وجبرئيل نعاه
الهدى هدَّ ركنه والتقى قد * * * فصمت في المصاب وثقى عراه
أنا أبكي عليه ملقىً يدير الـ * * * ـعين فيهم والوجد ملء حشاه
أم عليهم يرونه مدَّ للمو * * * ت يديه وغُمّضت عيناه
جواد محيي الدين
(... - 1332 هـ)
الشيخ جواد ابن الحاج علي ابن الشيخ قاسم محيي الدين، من آل أبي جامع العاملي.
عالمٌ فاضلٌ فقيهٌ شاعرٌ مجدٌّ في تحصيل العلوم مواظب على البحث والتدريس، وله
إمامة جماعة الصلاة في الصحن الحيدري الشريف. وقد أُطنب كثيراً في صفاته وفضائله
ومواهبه، ومن مؤلّفاته رسالتان، ومنظومة في الفقه، وأرجوزة.
توفي في النجف بالطاعون الذي حل فيها 1332 هـ/ 1914 م ودفن فيها.
وله على إثر ظهور كرامة من مرقد الامام علي (عليه السلام) قوله:
فتح الباب لاجل الزائرين * * * قالع الباب أمير المؤمنينْ
* * *
كم له من معجزات في الانام * * * بزغت كالشمس في داجي الظلامْ
وله ضربة عمرو بالحسام * * * ملات بالرعب قلب الخافقين
* * *
ليس فتح الباب بالامر العجيب * * * بعد رد الشمس من بعد المغيبْ
قالع الصخرة عن وجه القليب * * * حيدر إذ أظهر الماء المعين
* * *
فهو الساقي بحوض الكوثر * * * وله الامر بيوم المحشرِ
يأمر النار خذي ذا وذري * * * ذا، وذا من أمر رب العالمين
* * *
خصه المختار فاختار أخاه * * * وعلا عن أن يدانى في علاهْ
نزل القرآن نصا في ولاه * * * فهو المولى لكل المؤمنين
* * *
لُذْ به مهما تخف معتصما * * * فهو الحامي إذا عزّ الحمى
سيد عم البرايا كرما * * * حجة الله شفيع المذنبين
* * *
كلم الثعبان فوق المنبر * * * صاحب الراية يوم خيبرِ
وحديث الطائر المشتهر * * * آذنوا بالنص فيه الفرقتين
* * *
السيد باقر بن أسد الله ابن الحجة السيد محمد باقر الحسيني الرشتي الاصفهاني
المشهور بحاج آقا، فاضلٌ شاعر.
ولد في أصفهان ثم هاجر بعد وفاة أبيه الى النجف الاشرف بمعية أمه، وهناك اجتهد في
تحصيل درسه حتى نال فيها قصب السبق إضافة إلى حياته الادبية، فكانت له مطارحات مع
أدباء النجف وقد مدحه شعراؤهم كالسيد جعفر الحلي، وله معه - أي مع السيد جعفر -
منازلات شعرية منها مسألة الجورب والمسن ومنها قضية الصاحب مع الخطيري.
توفي في اصفهان عام 1333 هـ/ 1915 م ودفن في بيدآباد.
وله في مدح الامام علي (عليه السلام) قوله:
يابن عم النبي أيّ معان * * * لك في أرفع المدايح تذكرْ
بعد ما أنزل الاله كتابا * * * فيك لا يستطاع للقوم ينكرْ
وثناءِ النبي فيك فأبدى * * * يوم (خم) ثناً أناب وبكَّر
هو في مطعم المعادين صاب * * * وبطعم الذي يودّك سكّرْ
أي فضل يزويه عنك معاد * * * أوَ تُزوى شمس الضحى لو تفكر
كذب العاذلون فيك وقالوا * * * قول زور بهم يحاط ويمكر
قد أتوا منكراً فحسبهم اللّـ * * * ـهُ تعالى يوم اللقاء ومنكر
محمد سعيد الحبوبي
(1266 هـ - 1333 هـ)
السيد محمد سعيد ابن السيد محمود ابن السيد قاسم الحبوبي، عالم شهير وشاعر كبير
ومجاهد معروف.
ولد في الحُوَيش/ النجف الاشرف في 1266 هـ/ 1849 م. حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب
وهو لمّا يزل طفلاً، ثم درس الادب ومقدمات العربية على خاله الشيخ عباس الاعسم أحد
أدباء وفضلاء ذلك العصر. هاجر إلى نجد ليلحق بأبيه الذي أستقر هناك لشؤون تجارته،
فانشغل مع والده في التجارة وما تبقى من يومه بعد إتمام عمله كان يقضيه في تعلم
فنون الفروسية والقتال إضافة إلى استمراره في قراءة كتب الادب والمنطق والحكمة
والفقه حيث كان والده قد جلبها معه من النجف الاشرف، ممّا صقل شاعريته المبكرة.
عاد إلى النجف الاشرف عام 1284 هـ/ 1867 م وكان دون العشرين عاماً، التحق إثرها
بأندية الادب فتلقفته المحافل ورددت قصائده وموشحاته عقدين من السنين. لكنه قرر في
العام 1304 هـ/ 1887 م أن ينصرف عن الشعر إلى الفقه فينغمس في دراسته، فقد تتلمذ
على جملة من كبار العلماء منهم: الشيخ محمد حسين الكاظمي، والشيخ محمد الشربياني،
والشيخ رضا الهمداني، والشيخ موسى شرارة، لكن انقطاعه كان للشيخ محمد طه نجف أحد
كبار الفقهاء يومذاك وصاحب الطريقة الحديثة في التدريس حتى خاطبه بقوله:
أبنت مدارك الاحكام حتى * * * أبنت لنا اللباب من القشور
وقد درس الاخلاق والتصوف والرياضيات على الملا حسين قلي.
وكانت له زمالة مع السيد جمال الدين الافغاني. أما جهاده ضد الانگليز فهو أشهر من
أن يكتب عنه، توفي في العام 1333 هـ/ 1915 م.
قال في تخميس بيتين للشيخ حسن زاير دهام:
بعيشك، ان ناجت سراك النواجيا * * * فعرج على وادي (الغري) مناديا
* * *
إمام هدىً، عمَّ البرية عدله * * * أقام بواد فاخر الشهبَ رمله
فانت - وحق المرتجى فيك فضله -
حقيق لك الفخر الذي ليس مثله * * * فلا الفلك الاعلى يساويك مفخرا
وقال أيضاً في تخميس أربعة أبيات للشيخ حسن زاير دهام:
وهادي رشاد يقتفي الحق إثره * * * أبان سبيلاً يعبق الطيب نشره
فقل لامرئ (لم يشرح الله صدره)
سبيل (عليّ) شرّف الله قدره * * * سبيل (عليّ) طيب
العبقان
* * *
فما نفحات الرند من نفحاته * * * إذا نفحت بالطيب ست جهاته
وكم فاح بالمعتل من نسماته
يضوع عبيق المسك من حجراته * * * كما ضاع نشراً نابت
العلجان
* * *
خصيب ووجه الارض ينصاح مجدبا * * * وينجح إن لم ينجح السعي مطلبا
ومذ شمت برقا لم يكن منه خلبا
أنخت بجنبيه ركائب شزّبا * * * فعدن سماناً، وانقلبت
كسلطان
* * *
أما وأريج في شذى عرفه الشذي * * * ومرقد سر ما مشى فيه محتذي
لئن كان حبي من شظى النار منقذي
فكم في حماه يحتمي العاثر الذي * * * ألـمّت خطاياه
عليه بنيران
* * *
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ديوان السيد حيدر الحلي : ص55 .
[2] ديوان السيد حيدر الحلي : ص76 ـ 77 .
[3] الاصح ان يقول : ومن شرب حتى يصح رفع جواب الشرط .
[4] ديوان شعره المسمى سحر بابل وسجع البلابل : ص135 .
[5] العبدرين : نسبة إلى بني عبد الدار حملة لواء المشركين في معركة أحد ، الذين
تساقطوا واحداً تلو الاخر دون الراية ، وان جميع هؤلاء قتلهم الامام علي (عليه
السلام) عدى الذين قتلهم حمزة (عليه السلام) .
[6] الديوان : ص187 ـ 191 .
[7] كذا في المصدر والظاهر ناديتُ .
[8] الخِرْوَع : الناعم .
[9] الديوان : ص 327 ـ 336 .
[10] الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 4 / 10 .
[11] البابليات : 2 / 194 .