(1274 هـ - 1333 هـ)
الميرزا أبو القاسم ابن محمد تقي بن محمد قاسم بن علي بن الحسن بن عبد الحسين بن
عبد الحسن بن قاسم بن علي بن الحسن بن القاسم، عالم شاعر، ولد في جمادى الاولى عام
1274 هـ/ 1857 م في تبريز. رحل إلى النجف ودرس الفقه على الشيخين: محمد حسين
الكاظمي ومحمد الايرواني وعليهما تخرج فيه، وأخذ الاصول عن النهاوندي.
ترك أكثر من ستين مؤلفاً علميا، وكان قد أجازه كل من الشيرازي والشربياني
والمازندرانيان: لطف الله وزين العابدين، والشيخ محمد طه نجف.
أما في شعره، فكان له شعر مقبول ونظم في العربيّة والفارسيّة والتركيّة، وله قصائد
فيها.
توفي في همدان عام 1333 هـ/ 1915 م عند توجهه لزيارة الرضا (عليه السلام) ثم نقل
ولده جثمانه الى الصحن الشريف.
وله:
فآل طه وكتاب أحمد * * * كل عن الاخر حتماً أعربا
اليهما دعا النبي معلناً * * * بأن من ناواهما فقد كبا
خصَّ الوصيّ المصطفى بإمرة * * * معقودة عليه للحشر حبا
وكان منه مثل هارون لمو * * * سى رتبة بين الورى ومنصبا
وإنّ في حديث نجران غدا * * * نفس النبي مفخراً وحسبا
ومن حديث الثقلين كم حوى * * * فضيلة السبق وحاز القصبا
ويوم خم فادّكرْ حديثه * * * وأحفه السؤال واتل الكتبا
مبيّناً خلافة من بعده * * * لم يحوها إلا الامام المجتبى
يدعو ألا من كنت مولاه فذا * * * حيدر مولاه أطاع أو أبى
والمرتضى مثلي وإني منكم * * * أولى بكم يجلو سناه الغيهبا
وكان ردء المصطفى بنجدة * * * قد شهدت بها الحزوم والربى
فما استحرَّ البأس إلا وله * * * منه لامر الدين مشحوذ الظبا
وتلك أُحد بعد بدر حوتا * * * فضيلة له سرت مع الصبا
ووقعة الاحزاب مثل خيبر * * * بسيفه عمرو يقفّي مرحبا
مواقف تنبيك عن أمضاهم * * * عزما وعن أرهفهم فيها شبا
حتى قال:
أخي النبي المصطفى وصهره * * * أول من صدّقه إذ ندبا
ووارث الامر الذي يقوم بالـ * * * إسلام علما وهدىً ومقضبا
مصطفى الكاشاني
(1268 هـ - 1336 هـ)
السيد مصطفى ابن السيد حسين ابن المير محمد علي ابن محمد رضا، ينتهي نسبه الى
الامام الحسين السبط (عليه السلام)، عالمٌ فاضلٌ شاعر.
ولد في كاشان، وعند بلوغه السابعة شغف بتحصيل علوم الدين فكان ينزوي من أجل أن
يقرأ. وفي سن العشرين ارتحل الى أصفهان عندما كانت مركز العلم فمكث فيها أربع سنوات
درس خلالها الفقه والاصول والعلوم العقلية، وكان يلقي الدروس على طلاب حوزته
العلمية حتى عام 1312 هـ/ 1894 م حيث غادر عندها إلى النجف الاشرف التي مكث فيها
حتى رمضان من السنة التالية 1313 هـ/ 1895 م، فحج بيت الله الحرام ثم عاد إلى النجف
واتخذها مقرّا يلقي الدرس ويتم التصانيف التي شرع فيها في أصفهان.
ولما احتل الانجليز البصرة عام 1332 هـ/ 1914 م التهب غيرة إسلامية فاتفق مع جمع من
أعلام النجف وذهبوا للدفاع عن البصرة واستقام في ساحة الحرب في العمارة والقرنة عدة
أشهر زعيما للمجاهدين، ولطول مدة مكوثه ورداءة ماء المنطقة مرض مرضا شديداً اضطره
للعودة إلى النجف في أواخر عام 1333 هـ/ 1915 م، وبقي يعالج نفسه حتى أوائل عام
1334 هـ/ 1916 م، حيث وصلت أنباء تضعضع المجاهدين فقرر وجماعة من العلماء الذهاب
إلى الكاظميين ومنها إلى ساحة الحرب التي كانت يومذاك في العمارة، وما إن وصل
الكاظميين حتى اشتدّ عليه مرضه فبقي يعالجه حتى وفاته عام 1336 هـ/ 1918م، ترك عدّة
مؤلفات قيّمة، ودفن في الركن الجنوبي الغربي للامامين (عليهما السلام).
وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) قوله:
شمت برق الحمى وآنست ناراً * * * فاحبسا العيس كي نحيِّي الديارا
فذكرت الحمى ومعهد أنسي * * * والشذا من نَسيمه أسحار
خل عنك النسيب يا صاح كم ذا * * * تذكر الحي والحمى والديارا
وحِزِ الفخر والعلى بعليٍّ * * * واقضيَنْ في مديحه الاوطارا
هو صهر الرسول بل نفسه مَن * * * طاب نفساً ومحتداً وفخارا
وابن عم له أخوه أبو من * * * بهمُ عالم الكيان استنارا
ومنها:
أنت مولى الورى بما نص خير الـ * * * ـرسْل يوم الغدير فيك جهارا
إلى أن يقول:
ليس فوق النبي غير إله * * * خالق الخلق رفعة وافتخارا
وعلى كتفه ارتقيت يقينا * * * فلذا لبُّ من غلا فيك حارا
ملا الخافقين فضلك حتى * * * لم يجد مبغض له إنكارا
وله من أخرى فيه:
أشمس أفق تبدت أم محياكِ * * * والمسك قد ضاع لي أم نشر رياكِ
سللت سيفاً على العشاق منصلتاً * * * من جفن طرف سقيم منك فتاكِ
كذي فقار علي يوم سُلَّ على * * * أصحاب بغي والحاد وإشراك
مولى الانام الذي طافت بحضرته * * * كرام رُسْل أولي عزم وأملاك
وفيها يشير إلى شفاء عينيه:
يا نفس لوذي بقبر الطهر لاجئة * * * فإنه في صروف الدهر ملجاك
كما شفى الله من عينيك سقمهما * * * من كل هول من الاهوال نجاك
وله من إحدى قصائده السبع التي مدح بها الامام علياً (عليه السلام) عند شفاء عينيه من الرمد الطويل جاء فيها قوله:
شَفَيتَ من رمد عيني القريحة إذ * * * رقت قلوب قست مما أقاسيهِ
مالاذ ذو عاهة قط بتربته * * * إلا ومن جملة العاهات يشفيه
ولا لجا قط مكروب بسدته * * * إلا ومن كربات الدهر ينجيه
وعبده المصطفى يرجو شفاعته * * * في الحشر وهو من الاهوال كافيه
ومن قصيدته الرابعة قوله:
لهم ضمنت بذا فالله يجعلنا * * * من العبيد لكم يا موفي الذمم
لولا شفاؤك سقما حل في بصري * * * ما كان شمليَ في الدنيا بملتئم
عدنان الغريفي
(1285 هـ - 1340 هـ)
السيد عدنان بن شبر بن علي بن محمد بن علي بن أحمد الغريفي، يتصل نسبه بحسين
الغريفي البحراني البصري.
عالم فذ وشاعر اديب.
ولد في المحمّرة عام 1285 هـ/ 1868 م ونشأ بها يتيما حيث مات أبوه وهو ابن أربع
سنين فكفله خاله السيد سلمان وبعثته والدته الى معلمة علمته حروف الهجاء ولما أن
شرعت في تعليمه وقالت له: الف نصب آه. فقال لها: قفي ثم قرأ لها باقي الحروف
بحركاتها.
وفي السنة الرابعة عشرة هاجر إلى النجف وقد كفل آنذاك معيشته أحد أعيان المحمرة
الحاج حمود البحراني وخصص له مبلغ أربعمائة ريال ايراني سنويا، فدرس فيها أربعة عشر
عاماً وتخرج على علمائها. فقد قرأ المقدمات على عمه السيد علي البحراني وحضر بحث
الخارج في الفقه والاصول عند محمد طه نجف وقد أجازه والميرزا حبيب الله الرشتي
والميرزا حسن الشيرازي، له مؤلفات قيّمة.
توفي في الكاظمية عام 1340 هـ/ 1922 م، ودفن في الجهة الغربية من الصحن الحيدري في
الغرفة التي تقع عن يمين الداخل من سوق العمارة. أرخ وفاته الشيخ جمعة الحائري.
ونعى بها الروح الامين مؤرخاً * * * (عدنان قوض بعدك الاسلامُ)
وله في الامام علي (عليه السلام):
إمام الهدى وغياث الندى * * * وحاكمها السيد المقسطُ
إمام به هلك المبغضون * * * وفي حبه هلك المفرط
كلا الجانبين عدوٌّ له * * * وشيعته النمط الاوسط
وله في قبة الامام علي (عليه السلام) من أبيات:
قبة فوق قبر نفس الرسولِ * * * طاولت بالجلال عرش الجليلِ
عظمت هيبة وجلت مقاما * * * وتعالت شأنا عن التمثيل
قدرة الله فصَّلتها مثالا * * * رائقا قبل عالم التفصيل
وجلاها جمال نور التجلي * * * فتجلَّت بكل وجه جميل
هي مشكاة نور مصباح قدس * * * طبع النور في مرايا الدليل
وله أيضاً مادحاً الامام علياً (عليه السلام) قوله:
إن مكنون سر عين علي * * * حار فكر الانام والعقل فيه
بعضه علة الوجود وذاك الـ * * * ـبعض قد أوقع الورى في التيه
وله فيه أيضاً:
لك الحكم والعفو قد أصبحا * * * وزيرين دون الورى يا علي
لرفعة شأنك خط القضا * * * على كل وجه عليّ علي
أبو بكر بن شهاب
(1262 هـ - 1341 هـ)
السيد أبو بكر بن شهاب العلوي الحسيني الخضرمي، عالمٌ فاضل وأديب شاعر، ولد في
حضرموت/ اليمن عام 1262 هـ/ 1846 م ونشأ فيها وتلقى علومه في حواضرها واشتغل
بالتأليف منذ فتوّته وله مصنفات مأثورة في مختلف العلوم وله ايضاً ديوان شعر كبير
قسمٌ منه في مدائح أهل البيت (عليهم السلام)ومراثيهم، توفي في الهند عام 1341 هـ/
1922 م.
وله من قصيدة اسماها (النبأ اليقين في مدح أمير المؤمنين علي (عليه السلام)):
علي أخو المختار ناصر دينه * * * وملّته يعسوبها وإمامها
وأعلم أهل الدين بعد ابن عمه * * * بأحكامه من حلّها وحرامها
وأوسعهم حلماً وأعظمهم تقى * * * وأزهدهم في جاهها وحطامها
وأولهم وهو الصبي اجابة * * * إلى دعوة الاسلام حال قيامها
فكل امرئ من سابقي امة الهدى * * * وان جلَّ قدرا مقتد بغلامها
أبي الحسن الكرار في كل مأقط * * * مبدد شوس الشرك نقّاف هامها
فتى سمته سمت النبي وما انتقى * * * مواخاته إلا لعظم مقامها
فدت نفسه نفس الرسول بليلة * * * سرى المصطفى مستخفياً في ظلامها
له فتكات يوم بدر بها انثنت * * * صناديد حرب أدبرت في انهزامها
سقى عتبة كاس الحتوف وجرّع الـ * * * ـوليد ابنه بالسيف مرّ زؤامها
وفي أحد أبلى تجاه ابن عمه * * * وفلّ صفوف الكفر بعد التئامها
بعزم سماوي ونفس تعودت * * * مساورة الابطال قبل احتلامها
أذاق الردى فيها ابن عثمان طلحة * * * أمير لواء الشرك غرب حسامها
وعمرو بن ود يوم أقحم طرفه * * * مدى هوَّة لم يخش عقبى ارتطامها
دنا ثم نادى القوم هل من مبارز * * * ومن لسبنتي عامر وهمامها
تحدَّى كماة المسلمين فلم تجب * * * كأن الكماة استغرقت في منامها
فناجزه من لا يروع جنانه * * * إذا اشتبَّت الهيجاء لفح ضرامها
وعاجله من ذي الفقار بضربة * * * بها آذنت أنفاسه بانصرامها
وكم غيرها من غمة كان عصبه * * * مبدّد غماها وجالي قتامها
به في حنين أيَّد الله حزبه * * * وقد روَّعت أركانه بانهدامها
سل العرب طراً عن مواقف بأسه * * * تجبك عراقاها ونازح شامها
وناشد قريشاً من أطلَّ دماءَها * * * وهدَّ ذرى ساداتها وكرامها
أجنَّت له الحقد الدفين وأظهرت * * * له الودَّ في اسلامها وسلامها
ولما قضى المختار نحباً تنفّست * * * نفوس كثير رغبة في انتقامها
أقامت ملياً ثم قامت ببغيها * * * طوائف تلقى بعد شرّ أثامها
قد اجتهدت قالوا وهذا اجتهادها * * * لجمع قوى الاسلام أم لانقسامها
أليس لها في قتل عمَّار عبرة * * * ومزدجر عن غيها واجترامها
أليس بخمٍّ عزمة الله أمضيت * * * الى الناس إنذاراً بمنع اختصامها
بها قام خير المرسلين مبلغاً * * * عن الله أمراً جازماً بالتزامها
هو العروة الوثقى التي كل مَن بها * * * تمسك لا يعروه خوف انفصامها
أما حبه حب النبي محمد * * * بلى وهما والله أزكى أنامها
شمائل مطبوع عليها كأنها * * * سجايا أخيه المصطفى بتمامها
حنانيك مولى المؤمنين وسيد الـ * * * ـمنيبين والساقي بدار سلامها
فلي قلب متبول ونفس تدلَّهت * * * بحبك يا مولاي قبل فطامها
وداد تمشّى في جميع جوارحي * * * وخامرها حتى سرى في عظامها
متى تنقضي أيام سجني وغربتي * * * وتنحل روحي من عقال اغتمامها
وهل لي إلى ساح الغريين زورة * * * لاستاف رياً رندها وبشامها
إذا جئتها حرمت ظهر مطيتي * * * وحرّرتها من رحلها وخطامها
واني على نأي الديار وبينها * * * وصدع الليالي شعبنا واحتكامها
منوط بها ملحوظ عين ولائها * * * قريب اليها مرتو من مدامها
اليك أبا الريحانتين مديحة * * * بعلياك تعلو لا بحسن انسجامها
الشيخ كاظم بن الشيخ حسن بن علي بن سبتي، خطيبٌ شهير وعالمٌ فاضل أديب، ولد في
النجف الاشرف سنة 1258 هـ/ 1842 م من أسرة اصبح المترجم له باني مجدها اللاحق حيث
تدرّج في سلّم العلم والفضيلة على ايدي علماء عصره كالعلامة الشيخ محمد حسين
الكاظمي والملاّ لطف الله المازندراني وغيرهما اضافة الى رقيّه في فن الخطابة
ملتحقاً بأحد مشاهير الذاكرين حتى أصبح ذا طريقة خاصة معروفة مشاراً اليه بالبنان
لا يضاهيه أحدٌ من معاصريه في الاسلوب والاداء، مما اغنى المنبر الحسيني ودفع به
الى النضج والموضوعيّة، وهو الى جانب ذلك شاعرٌ متذوّق ممتلك لادوات اللغة والتعبير
مشاركٌ في النشاطات الاجتماعية والثقافيّة، توفي عام 1342 هـ/ 1923 م. وله من قصيدة
قوله:
خطبٌ ألمَّ بركن الدين فانهارا * * * أورى الغداةَ بقلب المصطفى نارا
فأيُّ حادثة في الدين قد وقعت * * * فألبسته من الاشجان أطمارا
كرّت وقد شمّرت عن ساقها فرمت * * * فجدّلت بطلاً في الحرب كرارا
هذي المحاريب أين القائمون بها * * * والليلُ مرخ من الظلماء استارا
جار الزمانُ عليهم كم بهم ملا الـ * * * ـدنيا مصاباً وكم أخلى لهم دارا
هذي منازلهم بعد الانيس فلا * * * ترى بها غير وحش القفر زوّارا
أضحى المؤمل للجدوى يجيلُ بها * * * طرفاً وليس يرى في الدار ديّارا
بالله يا راكباً حرفاً معوّدةً * * * طيَّ السباسبِ أنجاداً وأغوارا
يمم بها بمنى من غالب فئةً * * * وجوهها سطعت في الليل أقمارا
مطعامة الجدب إن كفٌّ به بخلت * * * وأُسرةُ الحرب إن نقعٌ لها ثارا
فأيُّ طود هدىً من مجدكم مارا * * * وأيُّ بحر ندىً من جودكم غارا
هذا عليٌّ أمير المؤمنينَ لقىً * * * مضرجاً بدم من رأسه فارا
قد حجّب الخسفُ بدراً منه مكتملاً * * * وغيّض الحتفُ بحراً منه تيارا
أودى ومن حوله للمسلمين ترى * * * من دهشة الخطب إقبالاً وإدبارا
وافتْ اليه بنوه الغرُّ مسفرةً * * * عن أوجه تملا الظلماء أنوارا
تدعوه والعين عبرى تستهلُّ دماً * * * والحزن أجّج في أحشائها نارا
يا نيّراً غاب عن أفق الهدى فأرى * * * أفق الهدى لا يرى للصبح اسفارا
أبكيك في الجدب مطعاماً سواغبها * * * وفي لظى الحرب مقداماً ومغوارا
فلا أرى بعد حامي الجار من أحد * * * يجيرنا من صروف الدهر لو جارا
فلا بدا بعده بدرٌ ولا طلعت * * * شمسٌ ولا فلكٌ في أفقها دارا
(1301 هـ - 1343 هـ)
السيد محمد مهدي ابن العلامة السيد علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن محمد الملقب
غياث الدين ابن علي المعروف (المشعل الغريفي) ، شاعرٌ عالمٌ فاضل.
ولد في النجف في عام 1301 هـ/ 1884 م، توفي والده في السنة الثانية من عمره فكفله
أخوه السيد رضا الصايغ. درس علوم الادب وهو ابن اثنتي عشرة سنة وبعد أن قارب
الثلاثين من عمره أتمّ دراسة العلوم العقلية والنقلية على الشيخ محمد طه نجف،
والسيد بحر العلوم، والسيد الداماد، والسيد اليزدي، والخراساني، والشيخ حسن بن صاحب
الجواهر.
خلّف كتبا تربو على العشرين، وتوفي في العام 1343 هـ/ 1924 م.
وله يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام)، قوله:
نصبت عليَّ الاعين النجلُ * * * شركاً فصيد فؤادي الوجلُ
إلى أن يقول:
صهر النبي وصنوه وأبو الـ * * * ـسبطين من بالعلم مشتملُ
كملت به الاوصاف فهو لها * * * روح وأكملها له مثل
فهو الشجاعة والبراعة والـ * * * إيمان والاسلام والنفل
زان الخلافة جيده وبه * * * عين النبوة منه تكتحل
مثل علي لا مثيل له * * * أنّى وعزّ لمثله المثل
إن يعدلوا عنه فقد عدلوا * * * عن حظهم لا عنه قد عدلوا
الله ناصِبُه برغمهم * * * أتراهم عزلوا أم اعتزلوا
أخذ النبي بنصبه علناً * * * فوق الحدايج وهو محتفل
يوم (الغدير) بأمر مرسله * * * وكذلكم من قبله الرسل
أفلست أولى منكم بكم * * * قالوا بلى من بعد ما عقلوا
فأجاب هذا خيرتي مثلي * * * فيكم فأمركمُ إليه كِلوا
مولاكم ووليكم وبذا * * * جبريل جاء فما لكم حول
هذا هو الشرف العظيم ولا * * * تعجب فدينك منه مكتمل
هذا كتاب الله يخبرنا * * * عما أقول ولست أفتعل
و (اليوم أكملت) التي نطقت * * * تغنيك عما جاءه فعل
هذا علي وهو عصمتنا * * * ما كان معبوداً له (هبل)
قد كان أولى ساجد علناً * * * لله شكراً والورى ملل
وعلي الهادي على أثر * * * للمصطفى لم يثنه فشل
حتى أقام بسيفه علماً * * * بطلت به من أهلها النحل
طالب شرع الاسلام
(... - 1346 هـ)
الشيخ طالب ابن الشيخ أسد ابن الشيخ جعفر المعروف بشرع الاسلام من أحلاف أمارة
الجزائر جنوب العراق، فاضلٌ شاعر.
ولد في أواخر القرن الثالث عشر الهجري في مدينة النجف من أسرة علمية، عكف منذ صباه
على دراسة المقدمات ثم أكمل دراسته على المامقاني والشربياني واليزدي - وكان قصير
القامة صغير العمّة مليح الوجه هادئ الاعصاب وقد ابتلي بالبؤس الذي رافقه، وكان
دائم السفر إلى إيران حيث يذهب إلى ضواحي شوشتر ودزفول وينزل عند آل سعد من بني
كثير لارشادهم وقد بقي على هذه السيرة حتى وفاته.
وهو كثير النظم رائقه.
توفي في عام 1346 هـ/ 1927 م.
وله يمدح آل البيت (عليهم السلام) قوله:
ألا ياصب هل لك أن تجودا * * * بأمر يبعد القصد الحميدا
حتى يقول:
وهم آل النبي وخير آل * * * بدت تتلى مناقبهم عديدا
أبوهم خير هذا الخلق طراً * * * وأفضلهم مفاخرة وجودا
وصي المصطفى أعني علياً * * * كتابا ناطقا دراً نضيدا
كريما ماجداً ليثا هزبراً * * * عليما حاكما بهدىً رشيدا
فمن والاه يوم غدير خم * * * فقد حاز الهدى وسما سعيدا
وذاك اليوم أفضل كل يوم * * * بدا بمسرّة بشراً وعيدا
وقد أخذ الاله له عهوداً * * * وفيه قد ألان به الحديدا
وله في يوم الغدير قوله:
تجمع الناس بلا مطْلِ * * * لصاحب المعروف والفضْلِ
وصالح الاعمال والمنتهى * * * والبدء والزلفى مع النفل
والاية العظمى وخير الورى * * * عليّ الحاكم بالعدل
وهو الوصي والامام الذي * * * للخلق منصوب بلا عزل
قد ارتضاه الله واختاره * * * خليفة الهادي بلا فصل
والله أوحى لرسول الورى * * * بأرض خم منزل الفضل
فاصدع بما تؤمر فالمرتضى * * * ولاؤه فرض على الكل
بلغ إلى الناس حديث الهدى * * * وصالح الاعمال والعدل
(اليوم أكملت لكم دينكم) * * * بنص طه سيد الرسل
بشراكم في حبه واقتفوا * * * آثاره بالقول والفعل
أفضل عيد ساطع حجة * * * وثابت بالعقل والنقل
لولا علي ما بدا ديننا * * * ولا سما العلم على الجهل
فهو الذي زوجه المصطفى * * * بالبرة الطاهرة الاصل
بحر علوم قد غدا زاخراً * * * أمواجه تلطف بالهطل
(1282 هـ - 1355 هـ)
السيد حسن بن إبراهيم بن حسين بن رضا ابن السيد مهدي الشهير ببحر العلوم، أديبٌ
مؤرخٌ، عالمٌ شاعر.
ولد في النجف عام 1282 هـ/ 1865 م وترعرع فيها بكنف والده، وكان من فخامة نتاجه
الشعري وثرائه في النظم أن خلّف ما يزيد على الالف بيت في أدب التواريخ أرخ فيه
وفيات بعض الاعيان.
توفي في النجف سنة 1355 هـ/ 1936 م ودفن في مقبرة الاسرة.
وله مشطراً بيتين في مدح الامام علي (عليه السلام) وقد ذيله بقصيدة على الروي
والقافية في الاطراء على آل البيت ورثائهم وختمها في رثاء جده الامام الحسين (عليه
السلام) قوله منها:
«قل لمن والى عليّ المرتضى» * * * نلت في الخلد رفيع الدرجاتْ
أيها المذنب إن لذت به * * * «لا تخافنّ عظيم السيئات»
«حبه الاكسير لو ذرّ على» * * * رمم رف بها روح الحياةْ
يده البيضاء لو مسّ بها الـ * * * ـشجر البالي زها بالثمرات
حبه فرض على كل الورى * * * وهو في الحشر أمان ونجاة
كل من والاه ينجو في غد * * * من لظى النار وهول العقبات
قد أبان الشرع في أحكامه * * * وقضى الدهر صِلات وصَلاة
كم بوحي الذكر في تفضيله * * * صدعت آيات فضل بينات
آية التصديق من آياته * * * حين أعطى في الركوع الصدقات
(هل أتى) فيمن سواه هل أتى * * * أو أتت في غيره (والعاديات)
هذه الايات بعض من مئات * * * كم له آيات فضل أخريات
ما وجدنا آية مادحة * * * لسواه إن تجد فيهم فهات
إنه حقا وصي المصطفى * * * وأبو الغر الميامين الهداة
أسد الله وقل حيدرة * * * لا يهاب الموت إن لاقى الكماة
ولدى الاحزاب يهوي مرحب * * * بحسام المرتضى حتف الطغاة
فانبرى الشرك بماضي حيدر * * * لعلى الايمان وافي الجبهات[1]
وحنين حين فرّ المسلمون * * * لم يكن إلا عليّ ذو ثبات
وبقلع الباب في خيبركم * * * ظهرت للناس منه المعجزات
وبصفين له كم شوهدت * * * في الوغى من حملات باهرات
والذي ردت له شمس السما * * * دفعات لاداء الصلوات
والذي ميلاده الطهر اغتدى * * * وسْط بيت الله منشي الكائنات
والذي كان أخا للمصطفى * * * وعضيداً في جميع المعضلات
أنكروا ما خص في يوم الغدير * * * لابي السبطين قوم نكرات
حين قام المصطفى بين الورى * * * خاطبا تسمعه الستُّ الجهاتْ
قائلا من كنت مولاه فقد * * * صار مولاه أبو الغر الهداة
حيدر فهو وزيري في الوغى * * * ووصيّي فيكم بعد الممات
موسى العصامي
(1305 هـ - 1355 هـ)
الشيخ موسى بن محسن بن علي بن حسين بن محمد بن علي بن حماد العصامي، عالم جليل
وخطيب أديب.
ولد في النجف الاشرف عام 1305 هـ/ 1888 م، وترعرع بها حيث تولاه عماه: الشيخ عباس،
والشيخ حسن، فدرس النحو والصرف، والبلاغة، والمنطق على فضلاء عصره، وأخذ علوم:
الحساب والهندسة، والكلام، والحكمة على الشيخ حسين الدشتي. تولى وكالة عامة لتمثيل
بعض الفقهاء في مختلف البلدان هم: السيد اليزدي، والشيخ أحمد كاشف الغطاء وغيرهما،
ثم السيد الاصفهاني، له عدّة مؤلفات هامة. توفي في العام 1355 هـ/ 1936 م.
وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) قوله:
لك في الوجود حقيقة لا تكشف * * * تعب الالى لك حددوا أو عرّفوا
تاهت بمعناك الورى وتحيرت * * * فيك العقول فلم تكن لك تعرف
فغلتك طائفة وأخرى فيك قد * * * غالت وقد هلك الجميع وأسرفوا
ما أنت إلا عبده ووليه * * * لا سابق أزَلاً ولا مستأنف
في العالم الازلي نوراً كنت والـ * * * ـهادي بعرش جلاله يطَّوَّف
هذا نبي حين يبعث صادعا * * * بالوحي عنه وأنت من يستخلف
يا نفس أحمد في الهدى لك شاهدٌ * * * يوم التباهل حين غص الموقف
فيك استقام الدين بل لو لم تكن * * * توصي لما صح البلاغ وكُلِّفوا
أسريرة الرسل الكرام ووارث الـ * * * ـعلم الذي لولاه لم يتشرفوا
وشريك أمر محمد ووزيره * * * في الشرع لو أن السياسة تنصف
الحاج الشيخ محمد ابن الحاج ميرزا حسين الخليلي، شاعر واديب.
ولد في النجف ونشأ بها، وحضر المقدمات عند فضلاء عصره، ثم حضر حلقة الامام
الخراساني وحلقة والده فأخذ عنه علمه، تضلع في الفقه حتى نال إجازة الاجتهاد من
مشاهير أعلام عصره. خلف أباه في إمامة الجماعة فاقتدى به معظم الاتقياء والاولياء
واستمر بها زمناً ثم تركها متعللاً بالخشية من الله أن يصيبه الزهو فعكف في المشهد
العلوي مصلياً زائراً مناجياً.
وكان متمسكاً بالحق عارفاً لله معرفة زَهَّدته عما في أيدي الناس مما يرغبونه، وقد
خلف كتباً عدّة.
توفي في النجف سنة 1355 هـ/ 1937 م، ودفن بمقبرة والده المعروفة.
وله من قصيدة:
لا تلمني على الاسى والبكاءِ * * * فلقد فتَّ في الحشاشة دائي
كان للمصطفى بكل ملم * * * سيفه المنتضى على الاعداء
ولدين النبي غوثاً إذا ما * * * طرق الدين طارق الاسواء
وعذاباً على العدى صبه اللّـ * * * ـهُ بيوم الكفاح والهيجاء
وبماضي حسامه شاد دين الـ * * * ـمصطفى واغتدى مشيد البناء
وله بين صحبه حين آخى * * * واصطفاه لنفسه للاخاء
ومن الله جل أخبر أن الـ * * * ـمرتضى خيرتي من الاولياء
فاتخذه على الانام ولياً * * * فولاه ولاك وهو ولائي
حبه جنة لكل محب * * * بغضه بغض خاتم الانبياء
وله يتشوق إلى النجف وزيارة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
حكم الزمان عليَّ من * * * بعد المهاجرة التغربْ
عن قرب من في قربه * * * يرجو الشفاعة كل مذنب
قرب الوصي وكل ذي * * * دين بذاك القرب يرغب
يا دهر قد أسرفت في * * * ظلمي بلا ذنب مسبّب
أبعدتني عن قرب قبر * * * المرتضى عنقاء مغرب
أتراك قد أنصفت إذ * * * كلفتني عنه التغرب
بجواره أفني صبا * * * ي وعنه حال الشيب أغرب
خضر القزويني
(1323 هـ - 1357 هـ)
السيد خضر بن علي بن محمد بن جواد بن رضا بن مير علي بن أبي القاسم محمد بن محمد
علي بن مسير قياس بن أبي القاسم محمد بن عبد الله ابن الحسين من عائلة علمية تعرف
بآل القزويني قطنت النجف من فترة بعيدة، وهو شاعرٌ اديب وخطيبٌ فاضل.
ولد عام 1323 هـ/ 1905 م وقرض الشعر وهو ابن عشرين عاما، وامتهن الخطابة فكان
مفوَّهاً بارعاً حسن الصوت، جمع بين أدب النفس وأدب الصنعة متفانيا في حب أهل البيت
(عليهم السلام)، مثابراً على طلب الفضل وتحصيل العلوم والاخلاق مشاركاً في اندية
النجف الادبية ومحافلها مزاملاً للادباء والنابهين من معاصريه حتى انفرد بموهبة
مميّزة.
أصيب بداء السل فأقعده داره.
ثم توفي وهو في أوائل العقد الرابع من عمره عام 1357 هـ/ 1938 م ودفن في الايوان
الحيدري الذهبي.
ومن قصيدة له وعنوانها - يوم الغدير - قوله:
كيف تحصي صفاتك الكتّاب * * * ومزاياك مالهن حسابُ
ليت شعري وهل يحيط بمعنا * * * ك خبير كما أحاط الكتاب
لا ولا يهتدي لذاك ابن أوس * * * حيث ذلت له القوافي الصعابُ
أفهل بعد ذا يلمّ بمعنىً * * * من علاك الايجاز والاطناب
فلعمري ما أنت في الناس إلا * * * نفس طه وما بذاك ارتياب
وأخوه ومن لماضيه دانت * * * أرؤس الشرك في الوغى والرقاب
والمحامي عنه ببدر وأحد * * * وحنين إذ فرّت الاصحاب
ومبيد العدى وقاتل عمرو * * * وعلى ذاك تشهد الاحزاب
فلكم ذاد دون أحمد حتى * * * رضخت للرسالة الاعراب
ووصي الرسول حيث أتاه الـ * * * أمر فيه من السما والخطاب
فدعا باسمه ونوّه عنه * * * يوم خمّ والمسلمون استجابوا
ياله يوم غبطة تمّ فيه * * * لعلي من ربه الانتخاب
قسما يا أخا النبي ومن في * * * كنه معناه حارت الالباب
والامام الذي بماضيه قام الـ * * * ـدين والمشركون بالخسر آبوا
لحقيق بنا إذا ما وقفنا * * * عند معناك فهو معنى عجاب
وله أيضا وعنوانها - في يوم الغدير - قوله:
عيد الغدير بك العربْ * * * بلغت مناها والاربْ
وغدا لها بك في الورى الـ * * * ـمجد الاثيل ولا عجب
أولم يكن بك صرَّح الـ * * * ـهادي وبلّغ ما وجب
أم لم يكن نصب الوصيّ * * * وفي ولايته خطب
لا غرو لو كان الغدير * * * غدير فخر للعرب
فبه الخلافة أصبحت * * * لوصي طه المنتخب
ذاك الامام ومن له * * * أعلى المواهب والرتب
بطل الهدى ودليله * * * والمرتضى والمنتجبْ
وأخو النبي وطالما * * * عن وجهه كشف الكرب
سل عنه أحداً قد جثت * * * فيها الرماة على الركب
وبني النضير فهل ترى * * * أحداً سواه بها وثب
وبني قريظة إذ سقى * * * أبطالها كأس العطب
وثنى الخيول فلم تجد * * * في وسعها إلا الهرب
وكذاك بدراً حين ضا * * * قت في كتائبها الرحب
لولاه ما اندحر العد * * * وّ بذي الفقار ولا انسحب
وسل السلاسل كيف أطـ * * * ـفأ سيفه ذاك اللهب
وانظر غداة العامري * * * بعزة الاثم اغتصب
من ذا الذي انتخب النبيّ له * * * سواه ومن ندب
فقضى عليه وجيشه * * * بسوى الخسارة ماذهب
وبخيبر من ذا الذي * * * قلع الرتاج وقد رسب
واذا أردت فسل حنيـ * * * ـناً فهي عنوان العجب
ستخال فيها سيفه * * * أفعى المنون إذا لَسَبْ
وسنان لهذمه بها * * * صلّ القضاء اذا وقب
ناصر الاحسائي
(1291 هـ - 1358 هـ)
السيد ناصر ابن السيد هاشم ابن السيد أحمد آل السيد سلمان الموسوي، فقيه شاعر.
وُلد في الاحساء عام 1291 هـ/ 1874 م.
لكنّ أهل منطقته طلبوه ليتزعم الحركة الروحيّة هناك فأجابهم، واستمر على ذلك تسعة
شهور حيث زاره المرض الذي قضى على حياته عام 1358 هـ ودفن هناك.
له كتابان: الاول في الامامة والثاني في صلاة الجمعة.
وله من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
لا تلمني فالنفس طال عناها * * * من غموم يذكي الملام لظاها
لست أدري ولن أرانيَ أدري * * * أي ذنب لسيد الرسل طاها
يوم خانت عهوده في أخيه * * * أمة قد غوت وطال عماها
أضمرت حقدها له وهو حي * * * فغدت في أخيه تشفي جواها
دفعته عن حقه واستبدت * * * عنه بالامر ما أقل حياها
وعليه يوم الغدير بخم * * * أكد النص إنه مولاها
ما كفاها تقديم تيم عليه * * * وعدي وليته قد كفاها
بل تعادت عليه لما تولى * * * بحروب أضحت تشب لظاها
كم دعاها إلى الهدى فعصته * * * وأطاعت في كل أمر هواها
وقضى مذ قضى وقد طلق الدنـ * * * ـيا ثلاثا وعاش في أدناها
حملوا نعشه فما مرّ إلا * * * وانحنت كل تلعة وافاها
دفنوا الحق والحقية لما * * * دفنوه وأودعوه ثراها
مهدي الاعرجي
(1322 هـ - 1359 هـ)
السيد مهدي ابن السيد راضي آل السيد جعفر الاعرجي الحسيني، شاعرٌ أديب وخطيبٌ بارز،
ولد في النجف الاشرف عام 1322 هـ/ 1904 م وتردّد على حلقات الدروس الدينية في
الحوزة العلميّة ونال منها قسطاً وافراً بعد ان انعقدت في نفسه موهبة الشعر
بالمنحيين الفصيح والعامي، ثم اتّجه الى المنبر الحسيني فأحكم صناعته على ايدي رموز
معاصرين له أوّلهم خاله الخطيب الشيخ جاسم الملّة الحلّي، كما ترك ديوان شعر خطيّاً
يدلُّ على تردّده الطويل في قرض الشعر ومعالجته، ولم يمهله القدر حين اختطفه في نضج
شبابه عام 1359 هـ/ 1940 م غرقاً بعد أن ساهم في مجالات عديدة مساهمات مشهودة.
مصابٌ قد لوى للدين جيدا * * * وهدَّ من الهدى ركناً مشيدا
مصابٌ فلَّ من عدنان قضباً * * * ولفَّ لهاشم البطحا بنودا
مصابٌ كُوّرت شمسُ المعالي * * * به فغدت له الايامُ سودا
به بات الهدى ينعى عميداً * * * وفسطاطُ التقى ينعى عمودا
بمحراب الصلاة قضى عليٌّ * * * بسيف الفاجر الاشقى شهيدا
قضى اتقى الورى بحسام أشقى الـ * * * ـورى طراً فيا عينيَّ جودا
وبات الروح ينعاه بصوت * * * له الارضونَ كادت أن تميدا
وباتت بعده الايتامُ ثكلى * * * وقد فقدت أباً براً ودودا
عجبتُ لمن إذا لاقى جموعاً * * * أبادهم وإن كثروا عديدا
ومن أردى ابن ودٍّ كان ليثاً * * * يريع ببأسه حتى الاسودا
ومن أفنى الجنود بيوم بدر * * * وأردى الرجس عتبة والوليدا
لدى المحراب يرديه لئيمٌ * * * فيمسي في مهنده فقيدا
أشهرَ الله قد أدميتَ منّا * * * نواظرنا وأنضجت الكبودا
اشهرَ الله قد أشمّت فينا * * * بقتل الدين جباراً عنيدا
وفي أحشائنا أضرمت ناراً * * * ابتْ الا الضلوع لها وقودا
صالح الحلي
(1290 هـ - 1359 هـ)
السيد صالح بن محمد بن حسين الحسني الحلي خطيب معروف وشاعر اديب، ولد في الحلة -
العراق عام 1290 هـ/ 1873 م، وهاجر الى النجف الاشرف في الثامنة عشرة من عمره فدرس
على كثير من رجال العلم والفضل كالسيد عدنان السيد شبر والشيخ علي الجواهري والملا
كاظم الخراساني والشيخ جواد محيي الدين وشارك في النشاطات الاجتماعية والادبيّة
اضافة الى المنبر الحسيني، ثم كان من جملة الذين واجهوا الاحتلال البريطاني للعراق
محرّضاً فاعلاً ومجاهداً صلباً مما أدّى الى نفيه الى الهند ثم انقذه في الطريق الى
ذلك شيخ المحمّرة خزعل فرجع قاطناً الكوفة ثم نفي الى البصرة ستة اشهر ليعود بعدها
الى النجف الاشرف ويواصل مشواره، وقد وصف بأنه فاضلٌ مشاركٌ في العلوم خطيبٌ بارعٌ
واصفٌ شديد التأثير على السامعين، توفّي عام 1359 هـ/ 1940 م في النجف الاشرف.
وله من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام):
خطبٌ اذاب من البتول فؤادها * * * وأذاب من عين الرسول فؤادها
خطبٌ دهى مضراً وهدَّ ربيعةً * * * واذلَّ فهراً بل اباد أيادها
أقصى قصياً عن مراتب عزِّها * * * ولوى لويّاً جيدها وجيادها
أوجوه فهر بالسواد تلفعي * * * واحثي على فقد الوصي رمادها
وتسربلي ثوب الحداد وألزمي * * * العين السهاد وجانبي أعيادها
إنَّ ابن ملجم قد ابادَ ذرى الهدى * * * وحمى الورى وعمادها وسنادها
شُلَّت يد الرجس المرادي إنها * * * بلغت بقتل أبي الحسين مرادها
تربت يدٌ قد ترّبته أما درت * * * روح الخلائق فارقت أجسادها
سيفٌ أصابك قد أصاب المصطفى * * * والانبياء وشرعها ورشادها
يا ساقياً زمر العدى كأس الردى * * * ومفرقاً عند اللقا أجنادها
من للجياد السابقات مصرّفاً * * * يوم الوغى جريانها وطرادها
أمجير دين الله بعدك أضمرت * * * جند الضلال على الهدى أحقادها
رزءُ الوصيُّ المرتضى قد أرجف * * * الارضين والسبع الشداد أمادها
لا غرو إن غدر ابن ملجم طالما * * * عند الاعادي غادرتْ أمجادها
قل لليتامى فاقنطي وتهيئي * * * للسير مسرعة السرى وفّادها
أجفاً وما عودتها منك الجفا * * * للمعتقين فمن يرى اسعادها
لا بل طوتك يد البلى عن وصلها * * * يا غيثها وغياثها وعمادها
أفيدري لحدٌ حين ضمَّك في الورى * * * مذ غاب شخصك أظهرت الحادها
أسهرت كلَّ موحد يا رزؤهُ * * * وأنمت في فُرُش الهنا حسادها
يا علّة الايجاد يا علم الهدى * * * لولاك ما عرف الورى ايجادها
نارُ المصائبِ ما بدت إلا من الـ * * * ـقوم التي قدحت عليك زنادها
عبد الله الخضري
(1297 هـ - 1359 هـ)
الشيخ عبد الله ابن الشيخ محسن ابن الشيخ محمد الخضري، شاعر عالم فاضل.
ولد في النجف الاشرف عام 1297 هـ/ 1879 م وترعرع فيها حيث تلقى مقدمات العلوم
بمعونة جده الشيخ إسماعيل وأبناء عمه من آل كاشف الغطاء ثم توغل في الفقه والاصول.
شارك في الجهاد مع الاتراك ضد الانگليز ووقع أسيراً في أيدي الانگليز وعندما جاؤوا
به الى أحد المعسكرات لتسفيره إلى سمر بور شاهده أحد القواد الهنود فرآى سيما
الصلاح بادية عليه فدبّر له حيلة وهرّبه من الاسر.
توفي في بغداد سنة 1359 هـ/ 1940 م، ونقل جثمانه إلى النجف حيث دفن في الايوان
الذهبي.
وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) ويستنهض الحجة المنتظر قوله:
أبا صالح حتى متى أنت غائبُ * * * وليس لهذا الدين غيرك صاحبُ
يريدون منا أن نفضل عصبة * * * لها الكفر دين والمعاصي مذاهب
على من أقام الدين في سيفه الذي * * * له قد أطاعت من قريش كتائب
أباد قريشا يوم بدر بسيفه * * * ويوم حنين ليس إلاه ضارب
فكم كَفَّ عن وجه النبي جيوشهم * * * وكم ظهرت منه بأحد عجائب
ويوم تبوك حين ناداه أحمد * * * وقد هربوا منه هم والاقارب
اغثني فأنت اليوم كهفي وناصري * * * فلبّاه لا وان ولا هو راهب
فداؤك نفسي ها أنا الان قادم * * * وكان كما يثقفن للرحم ثاقب
فأرداهم صرعى وفلَّق هامهم * * * همام بماضيه تُفلُّ القواضب
ولما أراد الله لقيا رسوله * * * فأوحى له بلِّغ فإنك غالب
فقام رسول الله يخطب فيهم * * * ألا بلِّغوا يا قوم من هو غائب
بأن عليا وارثي وخليفتي * * * على الناس بعدي وهو للامر صاحب
محمد حسين الاصفهاني
(1296 هـ - 1361 هـ)
الشيخ محمد حسين كمپاني الاصفهاني الغروي، عالم فاضل فيلسوفٌ شاعر.
فهو في الحكمة والفلسفة والفقه والاصول كوكب وقاد، نهل من علوم فحول عصره كالسيد
محمد الاصفهاني الفشاركي والملاّ كاظم الخراساني الذي لازمه اثني عشر عاماً ثم
استقل بعدها بالتدريس بعد وفاة الملاّ. درس الفقه على الشيخ آقا رضا الحمداني
والحكمة والكلام والالهيات على الميرزا محمد باقر الاصطهباناتي وقد تلمذ عليهم مدة
تزيد على ربع قرن.
كان ذا خلق رصين، مترفعاً عن حبّ الشهرة، تطلبه المرجعية ولا يطلبها، يرعى الوافد
إليه بكل حفاوة وتكريم وكأنه يعرفه من أزمان. منصرفاً إلى خدمة الحقيقة حتى أنه كان
يمنح من مكتبته مخطوطات نادرة لمن يشاء ذلك في سبيل نشر العلم ومن دون أن يتحقق من
شخصية الاخذ، رجع اليه البعض في التقليد أواخر حياته.
له من الاثار العلمية الشيء الكثير، وكلّها معدودة من امّهات ابوابها.
توفي في النجف الاشرف سنة 1361 هـ/ 1942 م.
وله قوله في الامام علي (عليه السلام):
عيد الغدير أعظم الاعيادِ * * * كم فيه لله من الايادي
اكمل فيه دينه المبينا * * * ثم ارتضى الاسلام فيه دينا
بنعمة الامرة والولايه * * * أقام للدين الحنيف رايه
أكرم بها ولاية لمن أتى * * * في فضله الظاهر نص (هل أتى)
وهو ولي الامر بالنص الجلي * * * وعنده علم الكتاب المنزل
طار بظله حديث الطائر * * * إلى سنام العرش والدوائر
ولا أباهي بحديث المنزله * * * فإنه دون مقام هو له
بل هو أصل الكتب المنزله * * * فإنه نقطة باء البسمله
كفاه فخراً أنه قد ارتقى * * * خير محلٍّ وأجلَّ مرتقى
علا على كتف النبي فانتهى * * * إلى جوار من إليه المنتهى
ومذ تجلى مشرقاً نور الهدى * * * خرت له الاصنام طراً سجدا
سماه باسمه العلي الاعلى * * * تكرماً منه له وفضلا
إسم سما في عالم الاسماء * * * كالشمس في كواكب السماء
وسيفه المبيد للكفار * * * آية قهر الواحد القهار
وبطشه هو العذاب الاكبر * * * وكادت الارض به تُدمّر
سل خندقاً وخيبراً وبدرا * * * فإنها بما أقول أدرى
سل أحداً ففيه بالنص الجلي * * * نادى الامين (لا فتى إلا علي)
لله درّ ضربة أفضل من * * * عبادة الجميع من إنس وجن
يا ضربة قاضية على العدى * * * نفسي وأمي وأبي لك الفدا
رضا الهندي
(1290 هـ - 1362 هـ)
أبو أحمد السيد رضا بن محمد بن هاشم بن مير شجاعة علي التقوى الرضوي الموسوي
المعروف بالهندي، عالم شاعر مشتهر.
ولد في النجف عام 1290 هـ/ 1873 م وترعرع فيها، ثم انتقل إلى سامراء عند الثامنة من
عمره مع والده في العام 1298 هـ/ 1880 م وهو عام الطاعون حيث استقر فيها ثلاث عشرة
سنة، ثم عاد الى النجف فاشتغل بتحصيل العلم.
قرأ على الشربياني والسيد محمد الطباطبائي ومحمد طه نجف والشيخ حسن بن صاحب
الجواهر، له مؤلّفات مهمّة في العقائد والادب.
توفي في الفيصلية - من أعمال الديوانية - في عام 1362 هـ/ 1943 م بالسكتة القلبية
ودفن بمقبرته الخاصة قرب داره في الحويش.
وله يمدح الامام علياً وقد دعاها بـ «الكوثرية» قوله:
أمُفَلَّجُ ثغرك أم جوهرْ * * * ورحيقُ رُضابك أم سُكَّرْ
قد قال لثغرك صانعه: * * * «إنَّا أعطيناك الكوثر»
والخال بخدِّك أم مسكٌ * * * نَقَّطتَ به الورد الاحمر
أم ذاك الخال بذاك الخدِّ * * * فتيتُ الندِّ على مجمر
عجباً من جمرته تذكو * * * وبها لا يحترق العنبر
يا مَنْ تبدو ليَ وفرتُه * * * في صبح محيّاه الازهر
فأُجَنُّ به بـ «الليل إذا * * * يغشى» «والصبح إذا أَسفر»
ارحم أَرِقاً لو لم يمرض * * * بنعاس جفونك لم يسهر
تَبْيَضُّ لهجرك عيناه * * * حزناً ومدامعه تحمر
يا للعشاق لمفتون * * * بهوى رشأ أحوىً أحور
إن يبدُ لذي طرب غنَّى * * * أو لاح لذي نُسُك كَبَّرْ
آمنت هوىً بنبوته * * * وبعينيه سحر يؤثر
أصفيت الودَّ لذي ملل * * * عيشي بقطيعته كدَّر
يا مَنْ قد آثر هجراني * * * وعليَّ بلقياهُ استأثرْ
أقسمتُ عليك بما أولتـ * * * ـكَ النضرة من حسن المنظر
وبوجهك إذ يحمرُّ حياً * * * وبوجه محبك إذ يَصْفَرْ
وبلؤلؤ مبسمك المنظو * * * مِ ولؤلؤ دمعي إذ ينثر
إن تتركْ هذا الهجر فليـ * * * ـسَ يليق بمثليَ أن يُهْجَرْ
فاجلُ الاقداح بصرف الرا * * * حِ عسى الافراح بها تُنْشَر
واشغل يمناك بصبِّ الكا * * * سِ وخلِّ يسارك للمزهر
فدمُ العنقود ولحنُ العو * * * دِيعيد الخير وينفي الشر
بَكِّرْ للسُكْرِ قبيل الفجـ * * * ـرِ فصفو الدهر لمن بَكَّرْ
هذا عملي فاسلك سبلي * * * إن كنت تُقِرُّ على المنكر
فلقد أسرفت وما أسلفْـ * * * ـتُ لنفسي مافيه أُعْذَرْ
سَوَّدتُ صحيفة أعمالي * * * ووكلت الامر إلى حيدر
هو كهفي من نوب الدنيا * * * وشفيعي في يوم المحشر
قد تمَّتْ لي بولايته * * * نعمٌ جَمَّتْ عن أن تشكر
لاصيب بها الحظّ الاوفى * * * واخصص بالسهم الاوفر
بالحفظ من النار الكبرى * * * والامن من الفزع الاكبر
هل يمنعني وهو الساقي * * * أن أشرب من حوض الكوثر
أم يطردني عن مائدة * * * وُضِعَتْ للقانع والمُعْتَرْ
يامن قد أنكر من آيا * * * تِ أبي حسن ما لا يُنْكَرْ
إن كنت، لجهلك بالايّا * * * مِ، جحدت مقام أبي شُبَّرْ
فاسأل بدراً واسأل أُحُداً * * * وسل الاحزاب وسل خيبر
من دبَّر فيها الامر ومن * * * أردى الابطال ومن دَمَّرْ
من هدَّ حصون الشرك ومن * * * شادَ الاِسلام ومن عَمَّرْ
من قدَّمه طه وعلى * * * أهل الايمان له أمَّرْ
قاسوك أبا حسن بسوا * * * كَ وهل بالطود يقاس الذر؟
أنّى ساووك بمن ناوو * * * كَ وهل ساووا نعلَيْ قنبر؟
من غيرك من يدعى للحر * * * بِ وللمحراب وللمنبر
وإذا ذكر المعروف فما * * * لسواك به شيء يُذْكَرْ
أفعالُ الخير إذا انتشرت * * * في الناس فأنت لها مصدر
أحييت الدين بأبيض قد * * * أودعت به الموت الاحمر
قطباً للحرب يدير الضر * * * بَ ويجلو الكرب بيوم الكر
فاصدع بالامر فناصرك الـ * * * ـبَتَّارُ وشانئك الابتر
لو لم تؤمر بالصبر وكظم الغيـ * * * ـظِ وليتك لم تؤمر
ما آل الامر إلى التحكيـ * * * ـمِ وزايل موقفه الاشتر
لكن أعراض العاجل ما * * * علقت بردائك يا جوهر
أنت المهتمّ بحفظ الديـ * * * ـنِ وغيرك بالدنيا يغتر
أفعالك ما كانت فيها * * * إلا ذكرى لمن اذَّكَّر
حُججاً ألزمت بها الخصما * * * ءَ وتبصرةً لمن استبصر
آيات جلالك لا تحصى * * * وصفات كمالك لا تحصر
من طوَّلَ فيك مدائحه * * * عن أدنى واجبها قصَّرْ
فاقبل يا كعبة آمالي * * * من هدي مديحي ما استيسر
وله في عيد الغدير قوله:
سل المجدب الظمآن أين مصيرهُ * * * وها عندنا روض الهدى وغديرهُ
وسل خابط الظلماء كم هو تائهٌ * * * ألم يرَ بدر الرشد يسطع نورهُ
ألا نظرة نحو اليمين تدلُّهُ * * * على قصده كي يستقيم مسيرهُ
إذا ما اقتفى في السير آثار حائر * * * فمن عدل ديان الورى من يجيرهُ
أبا حسن تالله أنت لاحمد * * * أخوه وقاضي دينه ووزيرهُ
وإنّك عون المصطفى ونصيره * * * أو انك عين المصطفى ونظيرهُ
فلا مشكلٌ إلاّ وأنت مداره * * * ولا فلك إلاّ وأنت مديرهُ
ولا أُمة إلاّ وأنت أمينها * * * ولا مؤمن إلاّ وأنت أميرهُ
وأنت يدُ الله القويِّ وحبله الـ * * * ـمتين وحامي دينه وسفيرهُ
وأنت الصراط المستقيم وعندك الـ * * * ـجواز فمن تمنحْه جاز عبورهُ
بك الشرك أودى خيله ورجاله * * * وثقل قريش عِيرُهُ ونفيرهُ
فما زلت للحق المبين تُبِينُهُ * * * وبالسيف من يبغيه سوءاً تبيرهُ
إلى أن علا هام الجبال مناره * * * وأشرق في كل الجهات منيرهُ
فمن جاء مغتالاً فأنت تميته * * * ومن جاء ممتاراً فأنت تميرهُ
وأنت قسيم النار قسمٌ تجيزُه * * * عليها، وقسم من لظاها تجيرهُ
ولما استتم الدين أوفى نصابه * * * وشِيدَتْ مبانيه وأُحكم سورهُ
رقدت قرير العين لست بحافل * * * بحقدِ أخي حقد عليك يثيرهُ
ومثلك مَنْ إن تَمَّ للدين أمره * * * فما ضَرَّهُ ألاَّ تتمَّ أمورهُ
ولو شئت أثكلت العدو بنفسه * * * فأصبح يعلو ويلُه وثبورهُ
ببأس يد لوْ صُلْتَ يوماً بها على * * * ثبير إذاً لاندكَّ منها ثبيرهُ
ولكن رأيت الصبر أحجى ولم ينل * * * ثواب مقام الله إلاّ صَبُورهُ
فديتك أدرك بالشفاعة مذنباً * * * إذا أنت لم تنصره عَزَّ نصيرهُ
ولايته إياك أقوى وسيلة * * * سَيُمْحى بها تقصيره وقصورهُ
وله أيضاً في التشوق الى النجف:
يا أيها النجف الاعلى لك الشرفُ * * * ضمنت خير الورى يا أيها النجفُ
فيك الامام أمير المؤمنين ثوى * * * فالدرُّ فيك وما في غيرك الصدفُ
يا سائرين إلى أرض الغريّ ضحىً * * * نشدتكم بأمير المؤمنين قفوا
ما ضَرَّكُمْ لو حملتم ما يبثكُم * * * صَبٌّ غريبٌ كئيبٌ هائم دنفُ
وله مادحاً:
لما دعاك الله قدماً لان * * * تولد في البيت فلبيتَهُ
جزيته بين قريش بأن * * * طهَّرت من أصنامهم بيتَهُ
كما له في الغدير أيضاً:
أيُّ عيد مثل هذا اليوم فينا * * * رضي الله به الاسلام دينا
بَلَّغ الهادي به ما أنزل الـ * * * ـلّه في شأن أمير المؤمنينا
قائلاً إن عليّاً وارثي * * * ووزيري وإمامُ المسلمينا
أيّها الناس أطيعوا واسمعوا * * * إنّني لست على الغيب ضنينا
لست من تلقاء نفسي قلته * * * إنّما أتَّبِعُ الوحي المبينا
فاستجابوا قوله الشافي الذي * * * هاج من بعضهم الداء الدفينا
إن نوى أعداؤه العصيان والـ * * * ـغدرَ إنّا قد أجبنا طائعينا
إنه من ينقلبْ ليس يضرُّ الـ * * * ـلّهْ شيئاً وسيجزي الشاكرينا
رضي الله عليّاً هادياً * * * بعد طه فسمعنا ورضينا
هو حبل الله لم يختلف الـ * * * ـناس لو كانوا به معتصمينا
قد أطعناه يقيناً إنه * * * في غد من لهب النار يقينا
ويميناً بهداه بَرَّةً * * * تمنع المؤلي بها من أن يمينا
لا نبالي بعد أن لذنا به * * * أن لقينا بولاه ما لقينا
قد بدا الحق لنا فيه كما * * * لابن عمران بدا في طور سينا
وصمونا فيه بالرفض وذو الـ * * * ـحلمِ لا يعنيه قول الجاهلينا
عَيَّرونا غير أن العارفينا * * * لم يروا من موضع للعار فينا
أيّ عيب في الذي خاف من الـ * * * ـيَمِّ فاختار بأن يأوي السفينا
من صبا للعاجل الفاني فإنَّا * * * نؤثر الباقي عليه ما بقينا
بأبي من أظهر الحق وما * * * زال للهادي ظهيراً ومعينا
ثم بعد المصطفى قد قاتل الـ * * * ـناكثين القاسطين المارقين[2]
مضر آل السيد سليمان
(1319 هـ - 1363 هـ)
السيد مضر بن مرزه بن عباس بن علي المعروف بالسيد علاوي بن حسين بن سليمان الكبير
الحلي، شاعرٌ خطيب، ولد في الحلّة سنة 1319 هـ/ 1901 م.
يمتاز شعره بالعذوبة، وكثير منه في رثاء أهل البيت (عليه السلام) ويغلب عليه الفخر
والحماسة.
توفي في القرية التي ولد فيها (الحصين) بالسكتة القلبية عام 1363 هـ/ 1944 م وحمل
جثمانه إلى الحلة ومن ثم شيع إلى النجف الاشرف بما يليق بمكانته الادبية.
ومن قصيدة له يرثي بها أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) قوله:
أبا حسن في فقدك اليوم أصبحت * * * ربوع الهدى والدين قفر الجوانب
ومن بعدك الاسلام أكلة آكل * * * غدا لاعاديه ونهلة شارب
وجار على أطرافه كل ظالم * * * وغار على أبياته كل ناهب
فما زلت ترعاه بعين بصيرة * * * كما كنت تحميه بماضي المضارب
لتبك اليتامى والارامل مطعماً * * * لها والندى والدين أصدق صاحب
وتبك الجياد القب أعظم فارس * * * يقحمها في الروع من آل غالب
وتبك غمار الحرب خواض بحرها * * * وتبك الظبا والسمر مردي الكتائب
فقد قوض المعروف وانطمس التقى * * * ولم يبق بحر للندى غير ناضب
وبالافق نادى جبرئيل تهدمت * * * قواعد أركان الهدى والمناقب[3]
مهدي القزويني
(1307 هـ - 1366 هـ)
السيد المهدي بن أبي الجواد هادي بن أبي الحسن ميرزا صالح ابن السيد مهدي القزويني
الكبير، عالمٌ فاضلٌ وشاعر أديب معروف.
ولد في قضاء الهندية حوالي سنة 1307 هـ/ 1890 م، أرسله والده إلى النجف للدراسة قبل
بلوغه العشرين، فحضر هناك دروس الامام السيد محمد كاظم اليزدي الفقيه ثم حضر دروس
العلامة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء.
وبعد وفاة والده وأخوين له يكبرانه، نهض المترجم بزعامة الاسرة القزوينية في
الهندية أحسن نهوض. وكان مكثراً من النظم مجيداً، غزير العلم، أديباً واسع الاطلاع.
توفي سنة 1366 هـ/ 1947 م وشيع جثمانه إلى مثواه الاخير في النجف الاشرف.
من أشهر شعره وأجوده قصيدة له يمدح فيها جده أمير المؤمنين علياً (عليه السلام)يقول
فيها:
يا لائميَّ تجنبا التفنيدا * * * فلقد تجنّبتُ الحسان الخودا
لكنني أصبحت مشغوف الحشى * * * في حب آل محمد معمودا
قوم أتى نص الكتاب بحبهم * * * فولاهم قد قارن التوحيدا
فلقد عقدت ولاي فيهم معلناً * * * بولاء حيدرة فكنت سعيدا
صنو النبي وصهره ووصيه * * * نصاً بفرض ولائه مشهودا
هو علة الايجاد لولا شخصه * * * وعلاه ما كان الوجود وجودا
قد كان للروح الامين معلماً * * * لما تردد حائراً ترديدا
هو ذلك الشبح الذي في صفحة * * * العرش استبان لادم مرصودا
هو جوهر النور الذي قد شامه * * * موسى بسينا فانثنى رعديدا
ومذ انجلى بصر الخليل وشاهد الـ * * * ـملكوت كان بحزبه معدودا
كم سر قدس غامض فيه انطوى * * * فلذاك فيه استيقنوا المعبودا
هو واجب هو ممكن هو أول * * * هو آخر قد حير الموجودا
يا جامع الاضداد في أوصافه * * * جلت صفاتك مبدأ ومعيدا
لم يفرض الله الحجيج لبيته * * * لو لم تكن في بيته مولودا
للانبيا في السر كنت معاضداً * * * ومع النبي محمد مشهودا
فلقتل جالوت وهتك جنوده * * * طالوت باسمك قد دعا داودا
ولكم نصرت محمداً بمواطن * * * فيها يعاف الوالد المولودا
من قدَّ عتبةَ وابن ود ومرحباً * * * والعبدرين[4] وشيبة ووليدا
ومن استهان قريش في بطحائها * * * وملكتهم - وهم الملوك - عبيدا
من ذلل العرب التي لولاه ما * * * ذلت وما ألوت لملك جيدا
من أبهر الاملاك في حملاته * * * ولمن تمدّح جبرئيل نشيدا
(لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى * * * إلاّ علي) حيث صاد الصيدا
من راح يتلو في قريش براءة * * * وسواه عنها قد غدا مطرودا
ومن اغتدى في فتح خيبر مقدما * * * وسواه كان الناكص الرعديدا
ولكم كفى الله القتال بسيفه الـ * * * إسلام يوم الخندق المشهودا
أردى بها عمرو بن ود بضربة * * * قد شيدت دين الهدى تشييدا
أسنى من القمرين كان وإنما * * * عميت عيون معانديه جحودا
نفسي الفداء له إماماً صابراً * * * فقضى جميع حياته مجهودا
في طاعة الرحمن أفنى عمره * * * بل لم يزل في ذاته مكدودا
لم يلق من بعد النبي محمد * * * إلا الاذى والظلم والتنكيدا
حتى إذا انبعث الشقي وقد حكى * * * بعظيم جرأته شقي ثمودا
وافاه في المحراب صبحاً ساجداً * * * ولكم أطال إلى الاله سجودا
فاستل مرهفه وهد بحده * * * حصنا على دين الهدى محدودا
فأصاب طلعته الشريفة خاضباً * * * منها كريمته دماً خنديدا
فهوى صريعاً ثم صلى قائلاً * * * قد فزت والله العظيم سعيدا
أرداه والايمان في محرابه * * * وأصاب من دين النبيِّ وريدا
في ليلة القدر التي قد شرفت * * * فيه خبا مصباحها الموقودا
تتنزل الاملاك فيها كلهم * * * وعليه كان سلامها تعديدا
جاءت تشيع جسمه وتعود في * * * النفس الزكية للاله صعودا
يا ليلة نادى الامين بفجرها * * * قتل الوصيُّ أخو النبيُّ شهيدا
(قد هدمت والله أركان الهدى) * * * والعلم أمسى بابه مسدودا
والصوم من حزن عليه وجوبه * * * من حيث كان بشهره مفقودا
وأمضُّ ما يشجي النبي وقوعه * * * وله المدامع خددت أخدودا
فرح ابن آكلة الكبود بقتله * * * بشراً وأعلن في دمشق عيدا
ذهب الذي أمسى شجىً في حلقه * * * وقذىً بعينيه فبات رغيدا
لهفي لال محمد من بعده * * * مدوا الى سيف الضلال الجيد[5]
محمد آل فرج الله
(1300 هـ - 1367 هـ)
الشيخ محمد ابن الشيخ جواد ابن الشيخ محمد آل الشيخ فرج الله الجزائري الربيعي
الاسدي، المنتهي نسبه إلى العالم الورع التقي الشيخ فرج الله ابن الشيخ سليمان ابن
مفتي الجزائر (جنوب العراق) الشيخ محمد بن الحارث ابن الامير صالح أمير ربيعة
الملحان.
من أسرة علمية دينيَّة معروفة، اتّصفت بالتقوى والفضل في جلّ رجالها الماضين،
والمترجم له هو والد المعاصر الحجة المجاهد الشيخ حسن فرج الله.
ولد في ناحية من ضواحي القرنة تسمّى (الشرش) عام 1300 هـ/ 1883 م، وأرسله والده
الفاضل الى النجف الاشرف فدرس على أيدي اساتذة منهم الشيخ جعفر السوداني ثم على
علماء مشهورين آخرين مراحل دراسته الحوزوية المختلفة.
وقد شهد له بالفقاهة امثال الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء حيث تربطه به صلة وأخوّة
وثيقتان، وجرت بينهما اشعار ومراسلات.
كان يتحلّى بالصفات الكريمة والفضائل الحميدة، موهوباً بالحافظة وقوة الذاكرة،
موفور الجلالة مهاباً، خشناً في ذات الله، لا سيّما بعد أن تفرّغ للتبليغ والوعظ
والقضاء بين الناس بصفته حاكماً شرعياً.
له بعض المؤلفات المخطوطة منها: مختصر التفسير ليوم الغدير، خير الانباء في فضل
محمد على الانبياء، النهضة في خطأ صاحب اليقظة، المنهاج في اثبات المعراج، ردٌّ على
الشيخيّة، عصمة الائمة، اضافة الى ديوان شعره.
توفي عام 1367 هـ/ 1948 م.
وله من قصيدة:
كم بتُّ ليلي طموح الطرف لم أنمِ * * * أرعى الكواكب في داج من الظلمِ
أبيت والوجد منه الشمل ملتئمٌ * * * وشمل صبري أمسى غير ملتئم
فكلما رمت كتم الحبّ فهنَ به * * * مدامعٌ كانسكاب العارض السجم
وهل أطيق لكتم الحبّ كيف وقد * * * لواعج الشوق أودت بي الى العدم
ما هاج وجدي شوقٌ نحو كاظمة * * * ولا التصابي صبا بي نحو ذي إرم
ولا الخليط غداة البين أزعجني * * * فزادني فوق وجدي وجد مصطلم
لكن شجاني وأجرى الدمع نار أسى * * * شبّت لها جذوات الحزن في خرم
منازلٌ لبني عدنان قد ضُربت * * * قدماً لهنّ ستورٌ في شبا الخذم
وقد أنيطت عليها من مهابتها * * * سرادقٌ دون غبراها سما النجم
كانت بحيث بها الاملاك عاكفةٌ * * * كالبيت في غيره الحجاج لم تقم
يا راكباً لسحوب في السرى غلساً * * * يسوقها لحثيث السير والجثم
لم يعيها في السرى التعنيف إن وثبت * * * تطوي مباركها للبيد والاكم
عرّج على طور سينا والتثم كرماً * * * لترب قبر إمام العرب والعجم
وقل له إن تكن لم تدر ما صنعت * * * ميٌّ بأبناك أولي الطول والنعم
فهاهم في الثرى صرعى جسومهم * * * ما بين منجدل دام ومصطلم
وله من قصيدة:
بتّ أهمي الدمع كالغيث انسجاما * * * لا أرى طيب الكرى إلا حراما
حتى قال:
أيها الراكب كُوماً في السُّرى * * * تقطع البيد أُكاماً فأُكاما
عج بسينا طورها ملتثماً * * * جدثاً قد طاول النسر مقاما
يا له من جدث زاك لقد * * * ضمَّ في تربته ذاك الاماما
واقتصد في السير واخضع خاشعاً * * * لمقام بالتقى والبرّ قاما
وله من قصيدة أخرى قوله:
سرت غلساً ينجاب فيهن فدفدُ * * * نجائب في المسرى تغور وتنجدُ
حتى قال:
حماة نمتها للعلى أنفس العلا * * * فهم للعلى والمجد فرعٌ ومحتدُ
لهم من لويٍّ في الورى السبق خلّةٌ * * * ومن أحمد ايمانه والتهجُّد
ومن حيدر يوم الكريهة موقفٌ * * * ومن فاطم العذراء قد طاب مولد
فيا سائلي تعداد كلّ رزيّة * * * رويدك قل لي أيّ رزء أُعدّد
أغصب ابنة الهادي النبي تراثها * * * وفيه بنصّ الوحي نصّ محمّد
لعمرك أم غصب الوليّ مقامه * * * وعن حقِّه ظلماً يذادُ ويجحد
وقد أخرجوه من خباه ملبَّباً * * * ومن خلفه الزهرا تقوم وتقعد
أم ارداء اشقاها المرادي بسيفه * * * له وهو في محرابه يتهجَّد
جعفر النقدي
(1303 هـ - 1369 هـ)
الشيخ جعفر بن محمد النقدي، شاعرٌ اديبٌ خطيب فاضل.
ولد في العمارة من أعمال الجنوب العراقي في العام 1303 هـ/ 1886 م وكان مولعاً
بالعلم والادب وما إن أحسّ والده بذلك عنده حتى بادر إلى إرساله إلى النجف الاشرف
حيث اختلف هناك على أرباب العلم ولم يمضِ زمان حتّى اختص بالحضور في الفقه بالسيد
اليزدي صاحب العروة، وفي الاصول بالملا كاظم الخراساني، وفي الحساب والهيئة وباقي
الفنون بالشهرستاني.
عمل في القضاء من العام 1337 هـ/ 1919 م، وحتى 1343 هـ/ 1924 م. ثم في مجلس التمييز
الجعفري.
مارس دور التبليغ في منطقته وكالة عن السيد اليزدي ثم السيد ابي الحسن الاصفهاني.
وفي هذه الفترة كتب عدة مؤلفات قيّمة.
توفي في الكاظمية عام 1369 هـ/ 1949 م أثناء حضوره مجلس عزاء على الامام الحسين
(عليه السلام) حيث اختنق بعبرته ومات في حسينية آل ياسين ودفن في النجف في الصحن
الشريف بين مرقدي اليزدي والداماد.
وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) من قصيدة مطلعها:
قم فاسقنيها وروحني من التعب * * * صهباء قد مزجت من ريقك العذب
حتى قال:
من كف غانية في الحسن كاملة * * * بالدل قاتلة للواله السلبِ
كأنما طرفها الفتان إن نظرت * * * سيف بكف أمير العجم والعربِ
أخي الرسول أبي السبطين حيدرة * * * زوج البتول كريم الاصل والنسب
سر الاله الذي لولا بوارقه * * * لاصبح الدين منكوصاً على عقب
سهل الخليقة محمود الطريقة معـ * * * ـروف الحقيقة بين الشوس في الغضب
ألباسم الثغر والابطال عابسة * * * والثابت الجأش والفرسان في رهب
مهزم الجمع جمع الكفر إذ هجموا * * * غداة بدر على الاسلام للغلب
سقى شبا سيفه البتار شيبتها * * * وعتبة ووليداً أكؤس العطب
ويوم أحد به كم فل من بطل * * * للمشركين وكم أردى على الكثب
والقوم ما نظرت إلا أبا حسن * * * يدكُّ هضب العدى أرسى من الهضب
يذب عن أحمد أعداء ملته * * * حتى أتى لا فتى من واهب الرتبِ
ويوم عمرِو بن ودّ قام منتصراً * * * لدين احمد دون القوم والصحبِ
أصاب عمرواً بسيف لو أصاب به الـ * * * سبع السماوات لاندكّت على الترب
والفتح ما كان يوم الفتح غير على * * * يديه حيث سقاهم أكؤسَ العطب
ويوم خيبر أردى مرحباً بشبا * * * عضب تعوّد أكل البيض واليلب
دحا بباب لتلك الحصن قد عجزت * * * عن حملها كف آلاف من الغلب
وفي حنين ويوم الرمل صب على * * * بني الغواية أمطاراً من النوب
فضائلا قد حوى من فضل خالقه * * * سوى نبي الهدى ما نالهن نبي
الشمس لو ردها يوماً فلا عجب * * * أو كلمته فما زادته في الرتب
قل للذي حاد عن منهاج رتبته * * * نكصت عن ملة الهادي على عقب
من كان أول من صلى لخالقه * * * والناس تسجد للاحجار والخشب
ومن رمى نفسه ليل المبيت على * * * فراش أحمد دون القوم والصحب
ومن أباح له المختار مسجده * * * ومن أتى مدحه في أشرف الكتب
ومن له الله فوق العرش قد عقد الـ * * * ـطهر البتول وأمسى صهر خير نبي
ومن رقى من نبي الله غاربه * * * ونكّس اللات من رأس على ذنب
ومن بيوم (غدير الخم) قد عُقدت * * * له الولاية في عجم وفي عرب
ربيب خير الورى محيي شريعته * * * رب الهدى والندى والعلم والادب
لا تعجبوا إذ أتى في البيت مولده * * * فليس ذلك لا والله بالعجب
لان فوق الثرى من أجله رفع الـ * * * ـبيت العتيق ومنه فاز في الرتب
ماذا أقول بمن آيات مدحته * * * جاءت بها أنبياء الله في الكتب
وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) قوله:
بربا الحياء أضاء ورد خدودها * * * أهلا بهاتيك الرّبى وورودها
لا زال فيك نسيب أشعاري وفي * * * مدح الوصي خصصت حسن نشيدها
زوج البتول أخي الرسولومن غدت * * * تُهدى العقول به إلى معبودها
معنى الهدى غيث الجدى ليث الردى * * * بحر الندى مفني العدى ومبيدها
أفق الامامة والنبوة فيه قد * * * زهرت كما زهرت ذرى توحيدها
ماذا أقول بمن أتت في مدحه * * * سور الكتاب بعدّها وعديدها
ذي الصارم العضب الذي في جده * * * وقعت أعادي الدين في تنكيدها
لولاه ما كانت قريش لاحمد * * * كلا ولا كان استقامة عودها
في يوم بدركم ببدر جبينه * * * كشف الخطوب وفل جمع جنودها
أردى عتيبتها وبيض سيوفه * * * شاقت لشبّتها الردى ووليدها
وغداة أحدكم دهى آحادها * * * بصواعق وألان بأس حديدها
وعلى حنين كم حنين قام في * * * جمع العدى من بأسه في بيدها
وصبيحة الاحزاب حيث تحزبت * * * واستنهضت للحرب بعد رقودها
أحصى فوارسها وأردى عمرها * * * وهوى بحد السيف نشر بنودها
وله بيوم الفتح غر فعايل * * * زهرت وفيها اسودَّ وجه حسودها
نهضت صوارم عزمه فغدت بها * * * تلك الجحافل طعمة لحدودها
يا صاحب النفس المقدسة التي * * * تأييد رب العرش في تأييدها
يا من به دين النبي خيامه * * * ضربت وتم به قيام عمودها
وله أيضاً يمدح الامام علياً (عليه السلام) من قصيدة مطلعها:
هجروا وما من شأنهم أن يهجروا * * * يوماً ولكنّ القضاء مقدّرُ
عطفاً على قلب غدا في حبكم * * * رهناً وفي نار الاسى يتسعر
يا قلب دع عنك الملاح وعج إلى * * * مدح الوصي فذا بشأنك أجدر
المظهر التوحيد من لولاه ما * * * كانت محاريب ولم يك منبر
والكاسر الاصنام من بيت به * * * كانت ولادته وثم المفخر
والضارب الهام الذي شهدت له * * * بدر وأحزاب كذلك خيبر
وحنين قام إلى السماء حنينها * * * لما دهاها والسلاسل تخبر
والناكثون غدت بحد سيوفه * * * والقاسطون على الهداية تنحر
والمارقون غدت على هاماتهم * * * سحب المنية من ظباه تمطّر
أفدي الذى تخشاه آساد الفلا * * * وتقوم باسم حسامه إذ تعثر
تالله ما الاسلام كان مسلَّماً * * * والدين لم يك في البرية يذكر
لولا سنا قِرضابه الماضي الشَّبا * * * يجلو الدياجي والسنان الازهر
سل عن علاه الذكر فهو مخبِّر * * * عنه وهل بعد الكتاب مخبِّر
وسل الاحاديث التي في فضله * * * أمست لها أيدي العدو تحرر
أفهل نسوا ما أحمد قد قاله * * * بغدير خم أم عتوا واستكبروا
يوم به جبريل جاء مخبِّراً * * * عن ربه وهو السميع المبصر
يا أيها المختار بلغ في الفتى الـ * * * ـكرار ما قد كنت قبلا تستر
فأقام في حر الظهيرة ماله * * * غير الحدائج ما هنالك منبر
فرقى وكف المرتضى في كفه * * * وغدا ينادي والبرية حضر
من كنت مولاه فهذا حيدر * * * مولاه والله المهيمن يأمر
فهو المطاع لكم وخير رجالكم * * * فدعوا جميعاً بالقبول وكبروا
وله يمدح الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
حي بالرقمتين منهم ربوعا * * * قد سقته الدموع غيثاً مريعا
إلى ان يقول:
وولائي لال طه وإنشا * * * ئي بمدح الوصيِّ نظما بديعا
أقدم المؤمنين عهداً بدين الـ * * * ـله والعابد الاله رضيعا
ألامام الذي له ردت الشمـ * * * ـس وبانت بعد الغروب طلوعا
قاتل المشركين من بمواضيـ * * * ـه غدا معطس الطغام جديعا
ملجأ اللاجئين من بأياديـ * * * ـه أقام المحمول والموضوعا
سيد الخاشعين من بمساعيـ * * * ـه له دانت الرقاب خشوعا
سيد الساجدين من بعواليـ * * * ـه غدا الناس سجداً وركوعا
مرشد الخاضعين من لمعاليـ * * * ـه لوت هامها الملوك خضوعا
من غدا للعلوم كنزاً وللاسـ * * * ـلام حرزاً ولليتامى ربيعا
وعلى الملحدين ليثاً وللطا * * * لب غيثا يهمي وروضا مريعا
ولدين الاله حصنا حصينا * * * وحمىً شاهقاً وسوراً منيعا
شاد صرح الهدى بقوة بأس * * * فيه ركن الضلال ماد وقوعا
كيف يخفى فضل على أصله قد * * * فرع الله دينه تفريعا
والنبي الهادي عن الله قد بلَّـ * * * ـغه في (غدير خم) مطيعا
يوم ناداهم جهاراً وقد نبّـ * * * ـه فيه البصير عنه السميعا
سل به (هل أتى) و (إنا فتحنا) * * * و (المثاني) به الكتاب جميعا
واسأل المشركين أي همام * * * في ميادينها أباد الجموعا
من سقى مرحب اليهود وعمرواً * * * بكؤوس المنون سما نقيعا
يا إمام الهدى ويا خير من في الـ * * * ـكفر قد حكَّم الحسام الصنيعا
يا وجيهاً لدى الاله لقد جئـ * * * ـتك مستشفعاً فكن لي شفيعا
وعليك السلام ما أشرقت شمـ * * * ـس بأفق وما استنارت طلوعا
وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) ايضاً:
ما للعقول إلى ثناك بلوغ * * * يا ليت شعري مايقول بليغُ
في كل يوم من علاك سبيكة * * * تبدو فيأخذها الحجى ويصوغُ
ويقلد الدنيا بخير قلادة * * * زهراء ما لسوى المحب تسوغ
أنّى وخير المرسلين تقرباً * * * من ربه بك زاده التبليغ
تعس المداجي كيف يخفى مدحه * * * أضحى لها طول الزمان نبوغ
أوصاف ذاتك للاسود موارد * * * ما للكلاب بوردهن ولوغ
وله يمدح الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
أتراه يتخطى أم يحولْ * * * عن هوى الغيد بما قال العذولْ
أم تراه يتسلى بعدما * * * شفه الوجد وأبراه النحول
حتى قال:
خل يا سعد أحاديث الهوى * * * واطَّرِحها فلها شرح يطولْ
وتمسك بمديح المرتضى * * * من به قد حارت العشر العقول
أسد الله على أعدائه * * * من له طابت فروع وأصول
مظهر الباري ومأوى علمه * * * والامام الطاهر الطهر النبيلْ
ملكٌ يوم «غدير» عقد التـ * * * ـاج في مفرقه الرب الجليلْ
ردت الشمس له مشرقة * * * بعدما في الافق وافاها الافول
والنبي المصطفى كان على * * * جاحديه بمواضيه يصول
إن يكن فخر فهذا فخره * * * أو يكن مجد فذا المجد الاثيل
شرفٌ أضوءُ من شمس الضحى * * * أيساوي طلعة الشمس دليل
شرف حتى الاعادي طأطأت * * * لعُلى معناه لا قال وقيل
شرف ألبسه الله على * * * من سواه البعض منه يستحيل
هو سيف الله لاينبو ولا * * * تعتريه في الملمات فلول
مَن مِن الباري له قد عقدت * * * في السما خير النسا الطهر البتول
من غدا مولده البيت ومن * * * كان طفلا من هدى الهادي ينول
من على أعداء دين المصطفى * * * بيديه جرد السيف الصقيل
من ببدر فرق الجمع ومن * * * بمواضي عزمه اندك الرعيل
وحنين من بها عن أحمد * * * بظباه انكشف الخطب المهول
من به الاحزاب غيظا نكصت * * * وتولى عَمرُها وهو جديل
من غدت في خيبر أخباره * * * لذوي الايمان ترويها العدول
فتح الحصن وأردى مرحبا * * * بيد كادت بها الدنيا تزول
قلع الباب التي عن حملها * * * عجزت ألف من القوم الفحول
من بيوم الفتح بالنصر له * * * شرف بان وفخر مستطيل
وضع الاقدام في أكتاف من * * * نعله فخراً على العرش يطول
نزّه الكعبة عن أوثانها * * * وبدا للشرك إذ ذاك خمول
يا أبا السبطين يا ليثاً له * * * حجج الله على الخلق شبولْ
يا إماماً لم ينل من مدحه الـ * * * ـجوهر الفرد وإن قال قؤول
وعليك الله صلى كلما * * * نال برّاً من أياديك منيل
وله يتشوَّق إلى النجف ويمدح الامام علياً (عليه السلام) من قصيدة مطلعها:
جرت دموع المعنّى من مآقيه * * * شوقا إلى النجف الاعلى ومن فيهِ
وصدَّعت قلبه آلام فرقته * * * مقام قدس حباه الفخر باريهِ
لدينه اختاره بيتا وعظمه * * * شأنا وشاد على التقوى مبانيهِ
المجد يركع تعظيما بساحته * * * والفخر يسجد إجلالا بواديه
أرض مقدسة لم يخش قاطنها * * * ريب الزمان فحامي الجار يحميه
فدىً لها نفس مشتاق بها كلف * * * يكاد يقضي أسى لولا أمانيه
يا منزلا طال عهدي عن معاهدة * * * فبت أحيي الدجى شوقا أناجيه
هويت ماءك وهو السلسبيل غدا * * * رحيقه لحريق القلب يطفيه
هويت فيك مباني العلم مشرقة * * * منها تضيء على الدنيا معانيه
هويت فيك كراماً جل غايتهم * * * حماية الدين أو تأييد أهليه
كأن أنفاسهم فيها قد امتزجت * * * أنفاس عيسى لميت القلب تحييه
هويت فيك مقاما للوصي سما * * * أفق السماء بمن قد بات يحويه
خير الورى بعد خيرالمرسلينومن * * * لم يستقم دينه لولا مساعيه
كشاف كرب رسول الله ناصره * * * حامي حمى الدين فاني الكفر ماحيه
كم موقف قد كفى الله القتال به * * * أهل الهدى إذ أباد الغي ماضيه
رباه خير الورى طفلا فهل أحد * * * في الدهر يشبه من طه مربيه
قالوا فضائله تحصى فقلت لهم * * * من ذا سوى الله رمل الارض يحصيه
إن ردت الشمس من بعد الغروب له * * * فليس ذاك عجيبا من معاليهِ
هو الامام الذي عقد الولاء جرى * * * يوم (الغدير) له من عند باريهِ
يوم به جاء جبريل الامين إلى * * * خير الورى عن إله العرش ينبيه
يقول بلغ عن الله المهيمن في * * * علي المرتضى ما كنت تخفيه
أولا فما انت بلغت الرسالة والـ * * * ـجبار شخصك من أعداك يحميه[6]
فقام في الناس والاحداج منبره * * * والمرتضى في ذرى الاحداج ثانيه
في كفه كفه والقوم شاخصة الـ * * * أبصار تنظر شزراً من نواحيه
نادى ألست بكم أولى منَ انفسكم * * * قالوا بلى يا دليل الخير داعيه
فقال من كنت مولاه وواليَه * * * هذا علي له مولى وواليه
اللهم والي من والى وعاد لمن * * * عاداه واخذل إلهي من يناويه[7]
فبايعوه بأمر المصطفى وغدا * * * من بعد بيعته كل يهنيه
فأنزل الله ذكراً ليس ينكره * * * في شأن حيدر إلا من يعاديه
اليوم بالمرتضى أكملت دينكم * * * ونعمتي لكم اتممتها فيه
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] هكذا ورد في الاصل والمعنى غامض .
[2] ديوان السيد رضا الموسوي الهندي : ص 8 ـ 33 .
[3] البابليات : 3 / ق2 / 149 .
[4] العبدرين : مرَّ التعريف بهم في ترجمة السيد جعفر الحلّي .
[5] البابليات : 3 / ق2 / 161 .
[6] الاصح ان يكون صدر البيت هكذا :
أو لا فما انت بلغتَ الرسالة والـ ...
[7] الاصح ان يكون صدر البيت هكذا :
لاهُمَّ والِ لمن والى وعادِ لمن