محمد السماوي
(1292 هـ - 1370 هـ)
الشيخ محمد بن طاهر بن حبيب بن حسين بن محسن بن تركي الفضلي السماوي، شاعر اديب
وعالم وفاضل مؤلّف.
ولد في السماوة في سنة 1292 هـ/ 1875 م ونشأ بها على أبيه هاجر إلى النجف عام 1304
هـ/ 1887 م فأخذ المبادئ على بعض المشايخ منهم الشيخ حسن بن صاحب الجواهر ثم حضر
على الفحول أمثال شيخ الشريعة والشيخ محمد طه نجف. أجازه السيد حسن الصدر والسيد
محمد الهندي في الاجتهاد.
رجع بعد ذلك إلى مسقط رأسه حيث بقي فيه حتى عام 1330 هـ/ 1912م، عيّن بعدها عضوا في
مجلس الولاية الخاص في بغداد خمس سنين، ثم ارتحل إلى النجف عند احتلال الانجليز
للعراق.
اشتغل في أواخر العهد التركي وحتى سقوط بغداد كمحرر لجريدة الزوراء الرسمية الناطقة
بالتركية والعربية لمدة سنتين.
له مؤلفات بلغت سبعةً وعشرين كتابا.
توفي في النجف الاشرف في 1370 هـ/ 1950 م ودفن بها.
وله في مدح الامام عليّ (عليه السلام) قوله:
أطلع بدراً على أراك * * * وماس منه على حنين
* * *
غزال غزا فهيأ * * * له عدة الحروب
محيّاه إذ تلالا * * * سبى أوثق القلوب
بفرع إذ تكفّأ * * * رمى الشمس بالغروب
ومعطف ناضر يحاكي * * * بمتنه الذابل الرديني
حتى قال:
ويا طائر الحشاشه * * * عزيز علي تفحص
أترجو لك البشاشه * * * من العرض الذي نص
فإن تبتغي الاراشه * * * فمن حبه تخلص
لمدح مولى به فكاكي * * * من كل شيء وكل شين
* * *
علي العلي الممحض * * * من الخير خير رهط
ومن بالفخار بيض * * * عناوين كل خط
ورب الولا المفوض * * * بحل له وربط
وفارج الهم في الضناك * * * من بدر أو أحد أو حنين
* * *
وصي النبي الاولى * * * به في جميع حكم
ومن قال فيه قولا * * * علا في غدير خم
ألا من أكون مولى * * * له فليك ابن عمي
فضل بعض على تباك * * * وظل بعض قرير عين
* * *
تعاليت بالعلو * * * وخلفت كل غايه
فمن قال بالغلو * * * له من سناك آيه
ومن له على الدنو * * * أحييك بالنهايه
فإن هذا هو امتلاك * * * لا ذاهب التبر واللجين
وله يرثي الامام امير المؤمنين (عليه السلام):
تذكر بالرمل جلاسهُ * * * فهاج التذكر وسواسهُ
أيا وحشة ما وعاها امرؤ * * * وآنس في الدهر إيناسه
تمثل ليلة غال الشقي * * * بها علم القسط قسطاسه
أتاه وقد اشغلته الصلاة * * * وأهدأت النفس انفاسه
على حين قد عرجت روحه * * * ولم تودع الجسم حراسه
فلو أنه داس ذاك العرين * * * بحيث يرى الليث من داسه
لفر الى الموت من نظرة * * * وألقى الحسام وأتراسه
ولكنه جاءه ساجداً * * * وقد وهب الله إحساسه
فقوى عزيمته واجترا * * * فشق بصارمه راسه
وهد من الدين أركانه * * * وجذ من العدل أغراسه
وغيّض للعلم تياره * * * وأطفأ للحق نبراسه
فمن للعلوم يرى فكره * * * ومن للحروب يرى باسه
ومن لليتيم ومن للعديم * * * يبدّد عن ذا وذا ياسه
قضى المرتضى بعد ما قد قضى * * * ذمام القضا بالذي ساسه
قضى حيدر العلم فالعالمون * * * أضاعوا الصواب بمن قاسه
قضى سيد الناس بعد الرسول * * * وغادر في حيرة ناسه
أعنِّي على النوح يا صاحبي * * * فقد جاوز الحزن مقياسه
ألسنا فقدنا إمام الهدى * * * وبدر الفخار ومقباسه
وله يمدح الامام أمير المؤمنين (عليه السلام):
لمعان البرق إذا أومضْ * * * أمضى بحشاي ظبا أومض
حتى قال:
سودت صحائف اعمالي * * * وبمدح أبي حسن تبيض
وحباه الامر وولاه * * * فيمن يهواه ومن يبغض
سيخاصم من عاداه غداً * * * بقويّ خصام لم يدحض
وبقول المولى فليرفع * * * والناصب ذلك فليخفض
أمعز الدين براحته الـ * * * ـبيضاء وصارمه الابيض
فأقام الهادي في (خم) * * * والجمع هنالك لم ينفض
يدعو ويحرض لو عقلوا * * * ما كان دعاه لما حرض
هذا مولاكم بيعته * * * حتم وولايته تفرض
فتباسطت الايمان له * * * وعلى يده كل يقبض
محسن الامين
(1282 هـ - 1371 هـ)
السيد محسن الامين العاملي، علمٌ غني عن التعريف شهيرٌ بالعلم والفضل والادب
والتأليف والاصلاح، مرجعٌ دينيٌّ، ولد في جنوب لبنان سنة 1282 هـ/ 1865 م من أسرة
دينيّة علمية شريفة، وكانت علائم النبوغ والنشاط تلوح عليه منذ فتوّته التي لاقى
خلالها مصاعب ومتاعب خرج منها أصلب عوداً ، وخاض غمار الحياة الاجتماعية والثقافية
والسياسية قبل هجرته الى النجف الاشرف وبعد ذلك، وحين التحق بالحوزة العلميّة رقى
سلّم دراساتها بكفاءة مشهودة عند علمائها ورجالها المبرّزين، حتى استوى مرجعاً
دينيّاً، ثم قفل الى الشام حيث أسّس عدّة مشاريع رائدة ونشر المذهب الشيعي وأعاد
اليه الكثير من ابنائه الضائعين في غمار غيرهم، واشتهر بفكره الاصلاحي كما اشتهر
بمؤلفاته القيّمة العديدة ومن ابرزها موسوعته الكبيرة اعيان الشيعة وكتبُه في
الخطابة والادب الحسينيين اللذين سعى الى تجديدهما ورفدهما فهو أديب كبير وشاعرٌ
لغويٌّ متضلّع، اضافة الى مساهماته في مجالات الفقه والاصول والتفسير والتاريخ وغير
ذلك بما ترك ثروة معرفيّة طائلة، توفي (قدس سره) في بيروت سنة 1371 هـ/ 1951 م.
وكتب السيد الامين يرثي أمير المؤمنين عليّاً وولده الحسين (عليهما السلام) قصيدة
مطلعها:
يا دار ميَّ باللوى * * * حياك فيض الديِّمِ
إلى أن يقول:
يالائمي في الحب لو * * * أنصفتني لم تلم
ذق الهوى إن شئت أن * * * تلومني ثم لم
ما إن صبا قلبي إلى * * * ظبي الحمى المنعَّم
ولا شجاني شادنٌ * * * بالعارض المنمنم
ولا ذكرت جيرة * * * بانوا بذات السلم
لكن لال المصطفى * * * وجدي وطول ألمي
آل الهدى آل التقى * * * آل العلى والهمم
أمسى فؤادي لهم * * * كأنه في ضرم
أما علي فله * * * في الفضل أسمى قدم
كان من الهادي كمثـ * * * ـل ساعد ومعصم
حل من العلياء في * * * أعلى الذرى والقمم
وكم له مناقب * * * سمت مناط الانجم
تنبو عن الحصر ولا * * * تطاق عدّاً بفم
قام به الدين ولو * * * لا سيفه لم يقم
وقام دون المصطفى * * * بالصارم المصمم
يجاهد الاعداء عن * * * جهادها لم يحجم
يثبت في الشدات لم * * * يبرح ولم ينهزم
يضرب هامات العدى * * * في كل يوم أيوم
متن النبي قد رقى * * * يكسر كل صنم
فهل علمت ما جرى * * * عليه أم لم تعلم
أُخّر عن مقامه * * * ظلماً ولم يقدم
غادره ابن ملجم * * * خضيب رأس بدم
عمَّمه بالسيف في * * * محرابه لم يرم
عمَّم رأسا بسوى الـ * * * ـفخار لم يعمم
من ضربة بسيفه * * * تبت يدا ابن ملجم
فهدّ أركان العلى * * * بركنها المنهدم
ألله ماذا صنعت * * * كف القضاء المبرم
أرداه في شهر الصيا * * * م فاجر لم يصم
أعمال كل الخلق لو * * * لا حبّه كالعدم
واغتاله في مسجد الـ * * * ـله الشريف الاعظم
سوف يعض في غد * * * بنانه من ندم
حين يرى جزاءه * * * ولات حين مندم
فيالها مصيبة * * * أودت بكل مسلم
جلت على كل الورى * * * من مفصح وأعجم
وكل أملاك السما * * * من رزئها في مأتم
بكى لها ما بين أكـ * * * ـناف منىً وزمزم
بكى لها البيت الحرا * * * م وربوع الحرم
عج لها الحجيج بالـ * * * ـنوح بكل موسم
وأرغمت من العلا الـ * * * أنف الذي لم يرغم
وأبدلت صبح الهدى * * * بليل غي مظلم
يا عجبا للذئب قد * * * أودى بنفس الضيغم[1]
محمد آل نتيف
(1315 هـ - 1372 هـ)
الملا محمد علي بن ضيف بن مهدي بن رضوان بن احمد بن علي بن مكي آل نتيف، خطيب شاعر،
ولد في قرية من قرى القطيف/ الحجاز عام 1315 هـ/ 1897 م، ونشأ نشأةً دينيّة معروفة
بالولاء لاهل البيت (عليهم السلام)، معروفاً بأعمال الخير والاخلاق الفاضلة حتى
أصبح مثلاً أعلى بين اخدانه، وساهم في شدّ الناس الى الدين الحنيف والمثل العليا من
خلال المنبر الحسيني الذي كان أحد خطبائه وشعرائه الناظمين بالفصحى والشعبيّة، وعاش
منتقلاً بين القطيف والبحرين حتى توفي في البحرين اذ كان يسكن هناك عام 1372 هـ/
1952 م.
وله من قصيدة في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام):
ليس يوم مضى عليك يعودُ * * * وقريب ما تدعيه بعيدُ
حتى قال:
كالدعي ابن ملجم حين اهوى * * * كفه انه امرؤ لكنود
شق بالسيف رأس من كان في الحر * * * ب كمياً تفر منه الاسود
فهوى قاطع الصلاة فكادت * * * تخسف الارض والانام رقود
وادلهمّت لما السميدع نادى * * * فزت والله حيث اني شهيد
وعليه في ارضها الجن عجت * * * وبها كادت البسيط تميد
والسماوات اهلها في ضجيج * * * فهبوط منها له وصعود
سيما الروح خالع التاج يدعو * * * قتلوا من به استقام الوجود
هدموا للهدى العدى اي ركن * * * والتقى قد طوين منه البنود
قتل المرتضى الامام بسيف * * * من شقي قد ارضعته اليهود
يا لها ساعة عليه استدارت * * * علويون بالنفوس تجود
ضمه ابنه الزكي وكادت * * * تزهق الروح حين ضم العميد
ودعاه يا قالع الباب لما * * * رد عنه جمع وانت وحيد
انت نار الاعدا فمن لك أردى * * * قد شفى فيك ظالم وحسود
انت ممن يوري الحروب بعزم * * * وكفاح منه يشيب الوليد
يا عديم المثيل ما كان ظني * * * بأسود الشرى تخون القرود
فتحنت منه الضلوع وناداه * * * بصوت والروح منه تجود
انني غالب الالوف ولكن * * * المنايا سهامها لا تحيد
فاحملوني من المصلى فإني * * * خلت روحي في جسمها لا تعود
حملوه فما استقر فؤادٌ * * * من ذويه وشأنها التعديد
لم يزل في فراشه يذكر اللّـ * * * ـهَ ولكن بسمه مجهود
وهو يوصي بنيه إذ خمد الصو * * * ت ووافاه يومه المحمود
يا علي المقام بعدك ضاع الـ * * * ـدين والمجد والهدى والوفود
ان دهري بالسعد مذ كنت حياً * * * ليس بعد الفراق دهر سعيد
يا إمام الورى من القن نظم * * * بك يرجى ان يقبل الموجود
انشئت من محمد بن نتيف * * * ولما عنده سواك قصود
ذخره حبك العظيم وإلا * * * فذنوب بها تضيق البيد
فاشفعوا لي ووالدي وإخوا * * * ني جميعاً فغيركم لا اريد
وعليكم مني السلام مقيماً * * * فالموالي انتم ونحن العبيد
محمد هاشم عطية
(... - 1373 هـ)
الاستاذ محمد بن هاشم بن عطيّة، أديب شاعر وكاتب مؤلف، ولد في مصر ونشأ بها وتلمذ
على ادبائها وعلمائها، وتدرّج في الدراسة الاكاديميّة حتى تخرّج في العربيّة
وعلومها ومارس التدريس في مصر والبلاد العربية الاخرى، وفي العراق حيث كان استاذ
الادب العربي بدار المعلمين العالية في بغداد لسنوات عديدة، وحيث شارك الوسط الادبي
العراقي ونشر بعض نتاجه في الصحف والمجلات، وزار النجف الاشرف والتقى أعضاء جمعيّة
الرابطة الادبية ، توفي عام 1373 هـ/ 1952 م.
وله في أمير المؤمنين وشبله سيد الشهداء (عليهما السلام):
سما فوق مسرى النجم محتده الاسمى * * * وحير في آثاره النثر والنظما
وأرمد أجفان العلا من طلابه * * * معاقد مجد توهن العزم والحزما
وجارته هوج الريح تبغيه ضلة * * * فما أدركت شأوا ولا بلغت مرمى
حسين ومن مثل الحسين وانه * * * لمن نبعة الوحي المقدس اذ يسمى
بناها فأعلى والسوابق ترتمي * * * بابطال بدر دونها تعلك اللجما
وصحبها هيجاء من حيث شمّرت * * * فانسى الجبان الحرب والبطل القدما
فصار له ذاك الفخار الذي به * * * علت شوكة الاسلام دون الورى قدما
ولم يخش يوم الغار ان أرصدوا له * * * على الحتف سيفا او يرشوا له سهما
فقام وفي برديه أنوار غرة * * * يكاد لدى اشراقها يبصر الاعمى
فلما رأوه عاينوا الموت جاثما * * * فطاروا شعاعا لم يجد لهم عزما
وقالوا: علي سلّه الله صارما * * * ليوسع دار الكفر من بأسه هدما
علي بناه الله اكرم ما بنى * * * وعلمه من فضله العلم والحلما
حوى بالحسين الحمد والمجد والندى * * * ونور الهدى والبأس والجسد الضخما
ولكن قوما تبَّر الله سعيهم * * * أرادوا به حربا وكان لهم سلما
فاخفوا دبيب الكيد عنه وجرّدوا * * * كتائب تستسقي الدماء اذا تظمى
وله في زيارته الى النجف الاشرف قصيدة عنوانها «النجف الاغر» استهلها بقوله:
أمن بغداد أزمعت الركابا * * * وخليت المنازل والصحابا
حتى قال:
فعدّ عن الصبا والغيد واطلب * * * الى الاشياخ في النجف الرغابا
ففي النجف الاغر أروم صدق * * * حلا صفو الزمان بها وطابا
عشقت لهم - ولم أرهم - خلالا * * * تر الاحساب والكرم اللبابا
متى ما تأت منتجعا حماهم * * * تربعت الاباطح والهضابا
لقيت لديهم أهلي وساغت * * * الى قلبي مودّتهم شرابا
وهل انا ان أكن أنمى لمصر * * * لغير نجارهم أرضى انتسابا
عجبت لمادح لهم بشعر * * * ولا يخشى لقائلهم معابا
وان ينظم وليدهم قريضا * * * أراك السحر والعجب العجابا
غرائب منهم يطلعن نجدا * * * ويزحمن الكواكب والسحابا
أولئك هم حماة الضاد تعزى * * * عروقهم لاكرمها نصابا
وأوفاها اذا حلفت بعهد * * * وأطولها اذا انتسبت رقابا
وكيف وفيهم مثوى علي * * * بنوا من فوق مرقده قبابا
وقدماً كان للبطحاء شيخا * * * وكان لقبة الاسلام بابا
نجي رسالة وخدين وحي * * * اذا ضلت حلومهم اصابا
وما كأبي الحسين شهاب حرب * * * اذا الاستار ابرزت الكعابا
وليس كمثله ان شئت هديا * * * ولا ان شئت في الاخرى ثوابا
ولا كبنيه للدنيا حليا * * * ومرحمة اذا الحدثان نابا
متى تحلل بساحتهم تجدها * * * فسيحات جوانبها رحابا
وان شيمت بوادقهم لغيث * * * تحدر من سحائبه وصابا
هم خير الائمة من قريش * * * واذكاهم واطهرهم اهابا
حباهم ربهم حلما وعلما * * * ونزل في مديحهم الكتابا
وحببهم الى الثقلين طرا * * * وزادتهم لسدته اقترابا
فمن يك سائلاً عنهم فاني * * * أنبئه اذا احتكم الصوابا
فلن تلقى لهم ابدا ضريبا * * * اذا الداعي لمركمة أهابا
مصابيح على الافواه تتلى * * * مدائحهم مرتلة عذابا
وما دعي الاله بهم لامر * * * تعذر نيله الا استجابا
عبد الحسين الازري
(1298 هـ - 1374 هـ)
الحاج عبد الحسين بن يوسف بن محمد الازري الحضيري التميمي، شاعر فاضل، ولد في بغداد
عام 1298 هـ/ 1880 م من اسرةِ وجاهة وتجارة وأدب، نال قسطاً من التعليم على مشايخ
الادب في مدارس بغداد ومحافلها فأثّر ذلك فيه وأغنى شعره الذي طرق فيه مختلف
الظواهر الاجتماعية والاحداث السياسية، والازري إلى جانب ذلك محدّثٌ بارعٌ لبقٌ
ظريفٌ، لغويٌ مؤرّخ، يعدُّ من شعراء الطليعة في الادب العراقي، توفي عام 1374 هـ/
1954 م.
ومن شعره همزيته العلوية في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) مطلعها:
أنتَ والحَقُّ في العُلوِّ سَواءُ * * * ليسَ إلاَّكَ رَمزُهُ الوَضَّاءُ
ويقول فيها:
تَتَغنَّى الحَياةُ باسْمِكَ في الدُّنْـ * * * ـيا وتَشْدو كأنَّها الوَرْقاءُ
وتَمرُّ الاجْيالُ تَلثِمُ مَثْوَا * * * كَ وتَمضِي كأنَّها النُّزَلاءُ
أكبرَتْكَ العُقولُ فالبَعضُ مِنها * * * ضَلَّ لَو لَمْ يُدْرِكْهُ مِنكَ
اهْتِداءُ
ومَضَى البَعضُ في عَماهُ بَعِيداً * * * والعَمَى في القُلُوبِ داءٌ عَياءُ
زُمرَةٌ صوَّرَتْكَ رَبّاً وأخْرَى * * * أوْقَعَتْها بحَرْبِكَ البَغْضاءُ
مااسْتَطاعُوا أن يَفْهمُوكَ كأنَّ الْـ * * * ـقَومَ أرْضٌ وأنتَ فِيهمْ سَماءُ
هُمْ بِواد وكنتَ عَنْهم بِواد * * * فَلِهذا تَعَذَّرَ الالْتِقاءُ
لم يُعِيرُوا لَبَيِّناتِكَ سَمْعاً * * * أينَ مِن مَسمَعِ الاصَمِّ الدُّعاءُ
خُطَباً دونَ مُحكَمِ الذِّكرِ شَأواً * * * قَصُرَتْ عَن بُلوغِها البُلَغاءُ
كلُّها حِكمة ونهجٌ قَوِيمٌ * * * ودَليلٌ وبَلْسَمٌ وشِفاءُ
كنتَ مِنهُمْ كالقَلْب من كلِّ جِسْم * * * فيهِ تَحْيا وتَنْشطُ الاعْضاءُ
فأضاعَتْكَ مِثلَما قَد أُضِيعَتْ * * * وَسَطَ القَفْرِ واحَةٌ خَضْراءُ
رُمتَ نَهجاً لَها سَوِيّاً ولكِنْ * * * وَقفَتْ دونَ رُشْدِها الاهْواءُ
أيُّها الزَّاهِدُ الَّذي لم يَعقْهُ * * * الزُهْدُ أيَّانَ تَدْعُهُ الهَيْجاءُ
عَصَمَتْكَ التَّقْوَى وقَد كُنتَ تَدْري * * * كيفَ يَسْتَخْدِمُ العُقُولَ
الدَّهاءُ
لكِن الحَقُّ مالَهُ غَيرُ لَوْن * * * وبَقايا الالْوانِ مِنهُ طِلاءُ
فَلِذا لَمْ يَدَعْ إلَيكَ صَدِيقاً * * * ما لِحَقٍّ صَداقَةٌ أو إخاءُ
لَم تُفارِقْهُ ما حَيِيتَ إلى أنْ * * * فَقدَتْكَ الشَّرِيعَةُ السَّمْحاءُ
ما الَّذي أوْرَدَ الشَّآم عَقِيلاً * * * وذَووها لِهاشِم أعْداءُ؟
كانَ يَرجُو الرَّخاءَ مِثلَ سِواهُ * * * فكأنَّ الخِلافَةَ الاثْراءُ
كُنتَ كُفْؤاً لَها بِحُكْمِ المَقايِيـ * * * ـسِ فَفِيهنَّ يُعْرَفُ الاكْفاءُ
رَجَعَتْ ثَيِّباً إليكَ وكانَتْ * * * تَتَمنَّى لَو أنَّها عَذْراءُ
أنتَ في الواقِع الوَصِيُّ وإنْ لَم * * * يُرْعَ لِلعَهْدِ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ
عَلِمَ اللهُ أنَّكَ الحَكَم العَدْ * * * لُ فَلا شِدَّةٌ ولا إغْضاءُ
تَخصِفُ النَّعلَ في يَدَيْكَ وكانَتْ * * * لَكَ تُجْبَى بأمْرِكَ الافْياءُ
قُمتَ في خَصْفِهِ وأنتَ أمِيرٌ * * * كانَ بالفَضْلِ دُونَكَ الاُمَراءُ
غَيرَ أنَّ الدُّنيا لَدَيْكَ إذا لَم * * * تَبْسُط العَدْلَ والنِّعالَ سَواءُ
واذا الظُّلْمُ سادَ في الارْضِ يَوماً * * * فَعلَى هذِهِ الحَياةِ العَفَاءُ
وثَلاثاً طلَّقْتَ دُنياكَ حَتَّى * * * يَتَأسَّى بَعَيْشِكَ الفُقَراءُ
إيهِ يا مَوقِفَ الغَدِيرِ بِخُمٍّ * * * عَجَباً كيفَ ضاعَ ذاكَ النِّداءُ
كانَ ذِكْرَى يَوم تَرَجَّاهُ عِيداً * * * كلُّ مُسْتَضْعَف فَخابَ الرَّجاءُ
يَومَ نادَتْ شَرِيعَةُ اللهِ فيهِ * * * ليسَ إلاَّ لِلعادِلينَ الوَلاءُ
واذا مَعشَرٌ من النَّاسِ ساوَى الـ * * * ـعَدْلُ ما بَينَهُمْ فَهُمْ سُعَداءُ
ليتَ شِعْري هَلْ عُقْدةُ العَدْلِ تَبْقَى * * * أبَداً لَنْ تَحلَّها الاناءُ
شأنُها شأنُ ما مَضَى مِن قُرُون * * * أرْهَقَ الظُّلمُ أهْلَها والشَّقاءُ
لِقُرَيش عِندَ النَّبِيِّ تِراتٌ * * * فَلِذا اقْتَصَّ مِنكُم الغُرَماءُ
مَن سِواكم يَنُوبُ عَنهُ وأنْتُم * * * بَعدَهُ أهلُ بَيْتِه الوُرَثاءُ
أنتَ وابْناكَ آلُهُ وهما سِبْـ * * * ـطاهُ كانا وبِنْتُه الزَّهراءُ
أوَلَم تُرجِعُوا الاماناتِ عَنهُ * * * لِذَوِيهنَّ أيُّها الاُمَناء
* * *
بأبي أنتَ مِن شُجاع حَيِيٍّ * * * ومِن الخُلْقِ في الشُّجاعِ الحَياءُ
عَلَّمَ النَّاسَ يومَ صِفّينَ عَمروٌ * * * كيفَ يَنجُو مِن سَيْفِكَ السُّفَهاءُ
فتَحاشَى لِقاءَكَ القَرمُ عِلْماً * * * أنْ سَيَقْضِي عَليهِ ذاكَ اللِّقاءُ
مَلاَ الرُّعبُ مِنه كلَّ جَنان * * * مِثلَما يَملاُ الفَراغَ الهَواءُ
تتراءى لَهُ - وَانْ لُحتَ فَرْداً * * * أنَّكَ الجَيشُ زاحفٌ واللِّواءُ
لَكَ مِن نَفْسِهِ مُعِينٌ عَليهِ * * * وكذا الضَّعْفُ في النُّفوسِ بَلاءُ
كيفَ يَنسَى مَواقِفاً باهِرات * * * لكَ كانَتْ بِها اليَدُ البَيْضاءُ
يومَ دانَتْ في حَرْبِ بَدر وأحْد * * * وسِواها لِسَيْفِكَ الكِبْرِياءُ
لَوْ فَدَتْكَ الدُّنيا بِما في يَدَيها * * * ووَقَتْكَ الرَّدَى لهانَ الفِداءُ
فَقدَ المُسلِمُونَ عَدلَكَ لمَّا * * * غِبتَ عَنهم واسْتَيأسَ الضُّعَفاءُ
لَستَ إلاَّ ضحيَّةَ العَدلِ في الاسـ * * * ـلامِ والعَدلُ أهلُه الشُّهداءُ
تِلكَ كانَت شهادَةً أعقَبَتْها * * * في فَم الدَّهرِ نُدبَةٌ ورِثاءُ
هكَذا تَقصفُ الصَّواعِقُ أعْلَى * * * كلِّ طَود وتَسْلَمُ البَطْحاءُ
لا عزاءٌ للنَّاسِ بعدَكَ لَوْلا * * * حِكمةُ اللهِ لِلنُّفُوسِ العَزاءُ
إلى أن يقول في خاتمتها:
يا أبا النَّيِّرَينِ حَسْبي اعْتِذاراً * * * أنَّني (واصِلٌ) ومَدْحُكَ (راءُ)
إنَّ للهِ فِيك سِرّاً خَفِياً * * * ليس يَسطيعُ كَشْفَه الشُّعَراءُ
غير أنِّي فراشَةٌ في ثَنائي * * * ومَزاياكَ رَوْضَةٌ غَنَّاءُ
* * *
محمد جواد مطر
(1299 هـ - 1375 هـ)
الشيخ محمد جواد ابن الشيخ حسن آل الشيخ مطر النجفي عالم وباحث وشاعر. ولد في النجف
الاشرف عام 1299 هـ/ 1881 م ونشأ بها على أبيه.
قرأ المقدمات عند أساتذة بارزين، ثم حضر حلقات الاعلام كالشيخ ملا كاظم الخراساني
في الاصول والشيخ المازندراني في الفقه والاصول. وقد أجازه الاول وأثنى عليه، الف
عدة كتب هامة اضافة الى ديوان شعره. توفي في العام 1375 هـ/ 1955 م.
وله من قصيدة مطلعها:
قلبي لودادك حين هوى * * * من بعدك بات بلا سلوى
حتى قال:
لما بالصد تمنَّع عن * * * وصليوتحجَّب بالرضوى
أمسيت طريداً لست أرى * * * لي غير أبي حسن مأوى
هو قطب الحرب يدير الضر * * * ب ويجلو الكرب به يؤوى
لجم الافراس بيوم البا * * * س لدى الابلاس به تلوى
فهو المقدام بيوم الرو * * * ع ويوم النسك وبالتقوى
وسواه غدا بشقاً أبداً * * * وعمى ببصيرته أغوى
هو حيدرة أرجو بولا * * * ئه يوم الخوف ولا أهوى
فبيوم الحشر شفاعته * * * وبه من والاه يقوى
وبنار لظىً من عاداه * * * جنباه وجبهتُه تُكوى
من يشفع غير أبي حسن * * * إذ لا لسواه بذا فحوى
بفوائده وعوائده * * * وموائده نفسي تقوى
وهو الساقي في الحوض لذا * * * قلبي من كوثره يروى
قاسم محيي الدين
(1314 هـ - 1376 هـ)
الشيخ قاسم بن حسن بن موسى، يتصل نسبه بمحيي الدين، فاضلٌ شاعر.
ولد في النجف وتوفي والده وعمره سنة واحدة، فكفله جده، وبعده خاله. قرأ المقدمات
على أفاضل عصره والعروض على السيد رضا الهندي، ثم حضر حلقات المشاهير في الفقه،
والاصول كالسيد أبي الحسن الاصفهاني والشيخ أغا ضياء العراقي.
سافر إلى سورية ولبنان عام 1353 هـ/ 1934 م، والتقى هناك بأعلام من أقربائه ومن
أُسر: آل الزين، وآل شرف الدين، وآل الفقيه، وآل الحر، وآل عسيران، وآل الامين،
والتقى مع علماء الثالوث وكانت له معهم مناظرات وظهر عليهم بها، وكان له هناك كل
نهار وكل ليلة مجلس يغصّ بفضلاء أهل العلم فتدور فيه شتى مد اولات المعرفة، ترك عدة
مؤلفات قيمة. توفي عام 1376 هـ/ 1956 م.
وله قصيدة مطلعها:
لشقيق الخد سرى أرجُ * * * مذ فاح به ارتاحت مهجُ
إلى أن يقول:
عطفاً فلقد لهج العُذّا * * * ل بعذلي فيك وما فلجوا
أذني عنهم صَمّـا وفمي * * * بثناء أبي حسن لهج
هو معتصمي في الدين وفي الد * * * نيا ولضائقتي فرج
نوراً قد كان ولا شمس * * * تبدو في الافْق ولا برج
أدهشت الجيش برد الشمـ * * * ـس بحيث مسيرهم دلج
ولقد أودعت علوم الغيـ * * * ـب فواضحَ نهجك قد نهجوا
فجهابذة الاحبار نُهى * * * درسوا عرفانك وانتهجوا
كلّوا عن درك حقيقتك الـ * * * ـعليا وبجهلهمُ اعتلجوا
أوضحتَ صراط الدين فديـ * * * ـن الله بنورك منبلج
لاغرو إذا الاملاك رأوا * * * تاجاً نعليك به ابتهجوا
يا نفسَ محمَّد قبل الكو * * * ن فلا إيجاد ولا بلج
فاسأل سور الفرقان فكم * * * فيها نص بك ينبلج
لولائك عنديَ عقد لا * * * شُبَهٌ تَنفيه ولا حجج
وله قصيدة مطلعها:
في فيه جرى ماء الكوثرْ * * * فشكوت له العطش الاكبرْ
حتى قال:
(قد قال لراشف مبسمه) * * * «إنا أعطيناك الكوثر»
لذوي الالباب بطلعته * * * وبناصع غرته حيّر
والعابد يسجد إن يره * * * ومن الاكبار له كبر
لم يعرف فيه سوى العرفا * * * ن ولم ينسب فيه المنكر
بالله عليك فلا تحرق * * * مَن ودَّ أبا حسن حيدر
أقسمت بأني قد محّضـ * * * ـتُ الحب له حتى أقبر
فببهجةِ حسن بهاء سنا * * * ء ضياءِ أبي حسن أفخر
وبأيسرِ وصف منالِ كما * * * لِ جلالِ مديحك لا أقدر
أنّى للناقد أن يُبدي * * * معنىً في وصف أبي شبّر
آياتُ معاليك الاعجا * * * ز وساطعُ شأنك لا ينكر
وتضيق عن الاحصار منا * * * قب مجدِ جلالك أن تحصر
إذ أنت قسيم الجنة والـ * * * ـنيران غداً يوم المحشر
وعقيد الحقّ وساقي الخلـ * * * ـق بما قد ساغ من الكوثر
قد آثره طاها بالعلـ * * * ـم وبالاسرار له استأثر
ودعاه أميراً دون الصحـ * * * ـب فمنكر ذلك لا يُعذر
فابصر آياتِ فضائله * * * فيها الاقناع لمن أبصر
مَن غيرُك نارُ مهنّدهِ * * * بقلوب أعاديه تسعر
مَن صبَّ الحتف على الابطا * * * ل وجمع كتائبهم دمَّر
مَن سدَّ حصون الشرك بما * * * قد بدَّد من هام تنثر
آمنتُ بحيدرَ مولى الخلق * * * على رغم لمن استكبر
ورفضت لاجلك كل عدا * * * ك وإن كانت كل المحشر
فارحم من هامَ بحبّك يا * * * مولاي وللشكوى أظهر
فالعفو لمن قد ساء أيا * * * مولاي من المولى أجدر
عبد الحسين القرملي
(1303 هـ - 1381 هـ)
الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ محمد الشهير بالقرملي، فاضلٌ شاعر.
ولد في النجف الاشرف عام 1303 هـ/ 1886 م وترعرع فيها فدرس مقدمات العلوم على فضلاء
عصره، ثم نهل من نمير الاعلام كالشيخ حسن الخاقاني، والشيخ محمد حسن المظفر، والسيد
علي نجل صاحب العروة، والشيخ أحمد كاشف الغطاء، والشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء،
والشيخ جعفر آل راضي. كان كثير التجوال واسع العلاقات بالوجهاء والرؤساء وكان يتردد
على خوزستان فتعرّف على كثير من شخصياتها. له كتب كثيرة مخطوطة.
توفي عام 1381 هـ/ 1961 م.
وله في يوم الغدير، وقد قالها عام 1359 هـ قوله:
عيد الغدير وهو باسم الاملْ * * * أمضى على الشانئ من حد الاسلْ
عَدَتك يا عيد الغدير نكبة * * * أحدث في الايام وقعها خلل
طلعت في أفق العلى بدر هدى * * * تدعو الملا الى علي خير العمل
جلَّت معانيك وجلَّ يومك الـ * * * زاكي وجلَّ من بيومك احتفل
نصك بالامر جليٌّ فعلى * * * ماذا أرى الشانئ يكثر الجدل
نص عن الرسول عن جبريل عن * * * لوح القضا عن بارئي عز وجل
(اليوم أكملت لكم) حلى بها * * * عين الهدى ومن رآى بها اعتدل
(يا أيها الرسول بلّغْ) آيةً * * * صريحةَ المعنى لمن فيها استدل
من أخطأ الرشد بها فحظه * * * أخطأ واجتهاده كان خطَل
من خالف التصريح في التنزيل في * * * فضل علي فهو أخزى وأضل
يا منكراً (خماً) وفضله فقد * * * أنكرت حقاً ثابتاً من الازل
فحجة الوداع من يخطب في * * * تلك الجماهير وفي (خم) نزل
من صعد المنبر أوصاهم بمن * * * دين الهدى وهو صبي انتحل
يا أيها الناس فإني ناصبٌ * * * فيكم إماما وهو أسماكم محل
هذا عليٌ وهو كالشمس لكم * * * والحقُّ معْه دائر أنّى انتقل
هذا إمامٌ فيكم والامر من * * * باري الورى ومن أبى فما امتثل
من كنت مولاه فهذا حيدرٌ * * * مولىً له في حلّه والمرتحل
فوالذي كوَّنه كان هبا * * * دون ولاء حيدر كل عمل
فوالِهِ اللّهم بارئ الورى * * * ووالِ من والاه واخذل من خذل
فازدحمَ الناس يصارحونه * * * بخ بخ لا نرتضي عنك بدل
أنت لنا بعد النبي المصطفى * * * دليلنا الهادي ونور للمقل
فسِرْ بنا الى العلى مؤيداً * * * شعارُنا (حيَّ على خير العمل)
لا عشت في معضلة ليس لها * * * شخصك يابن السادة الغرّ الاُوَل
هل نقموا من المولّى وهل * * * جاء ببدع في الورى أم هل وهل[2]
هل غيّر السنة أم بدَّلَ في الـ * * * ـكتاب - كلا - أم قضى وما عدل
فيالها فيالقاً فرَّقَها * * * أجْل وفي الصارم محتوم الاجل
عبد الكريم الجزائري
(1289 هـ - 1382 هـ)
الحجّة الشيخ عبد الكريم ابن الشيخ علي ابن الشيخ كاظم بن جعفر بن حسين بن محمد ابن
الشيخ أحمد الجزائري الكبير صاحب آيات الاحكام، علاّمة مرجع مجاهد ومؤلف أديب.
أسرته علمية عريقة تتصل ببني أسد.
ولد في النجف الاشرف سنة 1289 هـ/ 1872 م، وقرأ مقدمات العلوم على يد أساتذة الفن
ومجتهدي الشيعة كالشيخ حسن بن صاحب الجواهر، وحضر حلقة الشيخ محمد طه نجف فقها
وتردد على حلقة شيخ الشريعة وقد أجازه كلهم واعترفوا ببلوغه مقام الزعامة العامة.
بدأ يدرّس خارجاً وكان يحضر عنده نخبة من الافاضل وتخرج عليه العشرات من العلماء
الذين نال أكثرهم المكانة اللائقة.
وهو زعيم نهض بأعباء المرجعية والزعامة لاكثر من ثلاثين سنة، وقد جاهد الانگليز
وطاردهم في جبهة الحويزة، وهو باذر بذرة الحكومة العراقية.
كان المستشار الاول للسيد الامام أبي الحسن الاصفهاني والعماد الاقوم لزعامته وكان
ملك العراق فيصل الاول يحتفي برأيه ويبادله المشورة ويحترم رأيه. وكان متفتق الذهن
متفتح الرأي.
له مؤلفات عدّة منها: حاشيتان وافيتان على المكاسب وعلى الرياض وشرحان على مباحث
القطع والظن من الرسائل وعلى العروة الوثقى الذي لم يتم. توفي عام 1382 هـ/ 1962 م.
وله مؤرخاً عام صنع باب المراد لرواق الامام علي (عليه السلام) وذلك 1343 هـ وقد
كتب على الباب قوله:
قف بباب المراد باب عليٍّ * * * تلق للاجر فيه فتحاً مبينا
واخلع النعل عنده باحترام * * * فهو بالفضل دونه طور سينا
واطلب الاذن وانح نحو ضريح * * * فيه أضحى سر الاله دفينا
قد لجأنا بحب من حل فيه * * * ويقيناً من العذاب يقينا
يا إمام الهدى ببابك لذنا * * * من ذنوب أبكين منا العيونا
لك جئنا فاشفع لنا وأجرنا * * * يوم لا مال نافع أو بنونا
فتح الله للورى بعلي * * * باب خير يأتونه أجمعينا
قل لقصّاد بابه أدخلوه * * * بسلام لكم به آمنينا
فهو باب به الرجا أرخوه * * * (ذاك باب المراد للزائرينا)
أبو صالح بن صحن بن عبد علي بن زامل بن جنزيل يتصل نسبه إلى رطان المعروف بصحين،
فاضلٌ شاعر.
ولد في العمارة عام 1296 هـ/ 1875 م وترعرع بها، وقتل والده وعمره سبع سنين فكفله
بعض أعمامه، ولما بلغ السادسة عشرة من عمره، هاجر إلى النجف الاشرف حيث نزل مدرسة
المعتمد المعروفة بمدرسة كاشف الغطاء. قرأ المقدمات على الشيخ محمد حسين كاشف
الغطاء وعلى أخيه الاكبر الشيخ أحمد. وبعد ذلك توجه إلى الحويزة واتصل بزعمائها،
فكان من أمره أن أصبح دائم التردد على الحويزة وعشيرته في العمارة، ألّف عدّة كتب.
توفي عام 1382 هـ/ 1962 م.
وله في مدح الامام علي (عليه السلام) قوله:
يامن يروم بيان نعت المرتضى * * * فالله شرفه بخير صفاتِ
فهو الخليفة لا برأي أو هوى * * * بل بالصحاح ومعظم الايات
آي الغدير بحقه قد أنزلت * * * والنجم يتلو خطبة السمرات
وله المبيت وفيه باهلَ معلناً * * * خير الورى وبأشرف السادات
أي الصحابة قد تصدق ناسكا * * * قبل الجميع بخاتم الصدقات
بصِلاته وصَلاته متنسكا * * * لم يشتغل عن خالق النسمات
وله من قصيدة يمدح بها الامام وآله:
أوصى النبيُّ المصطفى أصحابهُ * * * نصاً بحفظ الال والقرآنِ
هذا علي المرتضى في حبّه * * * حبي وفي عدوانه عدواني
فيه النجاةُ من الهلاك فمن أتى * * * منه بصكٍّ فهو خيرُ أمان
وأتى حديث الثقل فيه كما أتى * * * فيه حديث الطير في العنوان
أحمد الجزائري
(1342 هـ - 1382 هـ)
الشيخ أحمد ابن الشيخ عبد الكريم الجزائري، فاضلٌ شاعر.
ولد في النجف الاشرف عام 1342 هـ/ 1923 م وترعرع فيها برعاية والده الذي يعد أحد
زعماء الدين وقتها ، فاعتنى به أشدَّ العناية ورعاه حق الرعاية، أخذ المقدمات على
عمه الشيخ محمد الجواد. شعره نابض بالحماسة للعرب والعروبة وفلسطين.
توفي عام 1382 هـ/ 1962 م.
وله من قصيدة في الغدير:
عيد الغدير تخط الدهر مزدانا * * * واسحب على هامة الجوزاء أردانا
تفنى العصور ولا زالت مخلدة * * * ذكراك توحي لقلب الحرّ إيمانا
حتى قال:
هذا الحجيج وقد أنهى مناسكه * * * وودَّع البيت أشياخاً وشبانا
داعي العقيدة يحدو في ركائبهم * * * نحو الغدير زرافات ووحدانا
ليشهدوا موقفا ما كان أعظمه * * * به أتمَّ رسول الله نعمانا
وياله موقفا قام النبي به * * * على الحدوج خطيبا حيث أوصانا
هذا وزيريَ من بعدي فلا تهنوا * * * عن نصره إن من والاه والانا
هذا الذي شيد الاسلام صارمه * * * وهدَّ للكفر أركانا فأركانا
هذا علي وليُّ الله بينكم * * * عانى لاعلاء صرح الدين ما عانى
هذا هو الفارس الكرار حيدرة * * * وأول القوم إسلاما وإيمانا
بذي الفقار تحدى الشرك فانطمست * * * آثاره الشم أنصابا وأوثانا
وكم جلا الكرب عن وجهي بمعترك * * * لله من كاشف للكرب إن رانا
هذا العلي وأنعم في ولايته * * * منجاة من لم يجد للذنب غفرانا
فحبه جُنة لا درَّ دركم * * * إن لم تدينوا به سراً وإعلاناً
إيه أبا حسن هلاّ تطل على * * * دنيا العروبة نبراسا وبرهانا
ثم اتبع منشداً:
(إنا إذا لم نذد عما نقدسه) * * * فلنبك مجداً أضعناه وسلطانا
يا مصدر الوحي والالهام معذرة * * * إن لم تجدني جزيل اللفظ فتانا
فلست أدرك من علياك ناحية * * * ولو أكن بفصيح القول حسانا[3]
هذي عصارة قلب رحت أصهره * * * في بوتقات تحيل الصخر دخانا
أذبت قلبي حباً في ولايتكم * * * ولست أطلب إلا العفو إحسانا
محمد رضا الغراوي
(1303 هـ - 1385 هـ)
الشيخ محمد رضا بن القاسم بن محمد بن ناصر بن قاسم بن محمد الغراوي، علامة جليل
واديب مؤلف.
ولد سنة 1303 هـ/ 1886 م في قرية ميامين في طريق خراسان عند ذهاب والديه لزيارة
الامام الرضا (عليه السلام)، وبعد رجوعهم إلى النجف توفي والده وهو في الخامسة من
عمره فكفلته والدته، وكان ميرزا حسن الشيرازي يتعهده لمدة ثلاث سنوات حتى وفاته،
فأخذت أمه ترعاه فدرس على جملة من العلماء منهم الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء
والملاّ كاظم الخراساني والشيخ محمد الحسين الاصفهاني وغيرهم كثيرون.
كان روحيا من طراز السلف الصالح، صابراً مستهدف العقيدة بإسلوب بين المنطق
والعاطفة.
أسند إليه السيد أبو الحسن الاصفهاني في العام 1352 التمثيل الديني عنه في أبي
الخصيب في البصرة. وبعد فتنة العرب والعجم عام 1354 آثر الرجوع إلى النجف. توفي عام
1385 هـ/ 1965 م.
له مؤلفات عدة تنوف على الستين كتابا.
وله يمدح الامام علياً (عليه السلام) قوله:
طوبى فطوبى تدلت وسط منزله * * * فالمؤمنون جميعاً ظلُّهم فيها
خير البرية قد أضحى وشيعته * * * غرٌّ محجَّلةٌ مهما توافيها
أخو النبي وحاميه وناصره * * * وجنة كان يوم الروع يؤويها
والشمس بعد دخول الليل راجعة * * * تقري السلام عليه وهو يقريها
مؤذن بربى الاعراف يعرفه * * * قوم فيغدو من السلسال يسقيها
يدري ويعلم في طرق السماء كما * * * طرق الاراضين طراً كان يدريها
تخشى المنية أن تغدو مبارزة * * * عند النزال له كي لا يردّيها
هذا هو البعض من أفضاله فأبِنْ * * * شخصاً سواه لهذي كان يحويها
والعقل دلَّ على تفضيله ومتى * * * شئت النصوص فجلُّ القوم ترويها
واقرأ (تعالوا، وقل لا، والنبأ، واتى * * * والعاديات) ومن للنفس يشريها
وسورة (النجم والنجوى وغاشية * * * والمرسلات) وآياً لست أحصيها
تنبيك قد جعل الاعلى إمامته * * * يوم القيامة ناج من يؤديها
وكيف تحرق نفس في لهيب لظىً * * * ودَرُّ ضرع الولا حباً يغذيها
هو الامام الذي ترجو بطاعته * * * كل البرايا الرضا من عند باريها
له الفضائل مثل الشهب في عدد * * * وهل لشهب السما عدٌّ فنحصيها
مقدَّس النفس عن غير يغايرها * * * وأين غيرٌ من الاغيار يحكيها
رامت جميع أولي الافهام تدركه * * * ذاتاً وغامضها لا زال يعييها
وكيف تدرك ذاتاً ليس يعلمها * * * معنىً سوى الله باريها ومنشيها
ذات بأوصافه الرحمن يوصفها * * * وفي أعزّ أساميه يسميها
(1313 هـ - 1385 هـ)
محمد علي ابن الشيخ يعقوب ابن الحاج جعفر اليعقوبي، خطيب عالم، وأديب شاعر مؤلف،
ولد في العام 1313 هـ/ 1896 م.
نشأ في الحلّة فترة فتوّته وفيها تعلّم القرآن الكريم قراءة وكتابة. ربّاه والده
على حفظ الشعر وعلّمه التراجم وعلوم العربيّة حتى عرف بفضله. اتصل بالسيد محمد
القزويني فأولاه عنايته وافاض عليه من ادبه وعلمه وثقافته.
قفل الى النجف الاشرف ونهل من علومها الثرّة فبرز فيها كخطيب بارع شهير متضلّع في
علوم شتى، وكانت معارفه موسوعيّة. وقد شارك في مختلف الفعاليّات الثقافية والنشاطات
الادبيّة، فكان بحقٍّ جذوة لم تخمد. رأسَ جمعية الرابطة الادبية، اضافة الى ريادته
للمنبر الحسيني، توفي في العام 1385 هـ/ 1965 م، فأبّنه رجال العلم والادب والثقافة
بما هو أهلٌ له من التكريم.
وله من قصيدة «وليد البيت الحرام» قوله:
قمر بدا من أفق مكة يشرق * * * فأضاء مغربها به والمشرق
وتهلل البيت الحرام بطلعة * * * منها يلوح سنا الهدى يتألق
لو ان بدر الافق حاز ضياءها * * * ما كان يخسف نوره أو يمحق
هو شعلة الحق التي لما بدت * * * لم تبق هيكل باطل لا يزهق
وضعته وسط البيت أمٌّ لم تزل * * * تقتات من ثمر الجنان وترزق
وتفاوحت أرجاء مكة مذ غدا * * * نشر الامامة من علي يعبق
ملك حباه الله تاج كرامة * * * فيه أضاء من العوالم مفرق
مفتاح حكمته وباب مدينة الـ * * * ـعلمِ التي أبوابها لا تغلق
يا طيب مولده الاغر فطالما * * * كان النبي ليومه يتشوّق
ليكون أول مؤمن ومصدّق * * * في حيث عز مؤازر ومصدق
فاستعصم الاسلام منه بذروة * * * ينحط عنها (مارد) و(الابلق)
وكفاه عن كل المواقف دونه * * * (بدر) و(احد) بعدها و(الخندق)
هيهات يلحق سابق عن شأوه * * * ينحط طير الفكر وهو محلق
يا من اذا جرت الرجال بحلبة * * * للفضل كان مجلياً لا يلحق
وإذا البليغ أراد عد صفاته * * * ذهل الحجى منه وحار المنطق
جلت صفاتك لم ينلها واصف * * * كالشهب تبدو في السماء وترمق
وعلوت من كتف النبي بمكة * * * شأواً يزل الفكر عنه ويزلق
فحطمت أصنام العدا من بعدما * * * كانت على البيت الحرام تعلق
لله سيفك حارساً دين الهدى * * * فكأنه سور عليه وخندق
جاهدت للتوحيد حتى لم تدع * * * للمشركين لواء عز يخفق
سمعاً أبا الحسنين شكوى مالها * * * مصغ سواك اذا الحوادث تطرق
من واجد ذابت حشاشته دماً * * * فغدت على آماقه تترقق
دين أقمت بذي الفقار حدوده * * * أضحى يحيط به البلاء المحدق
عاثت يد المستعمرين بأهله * * * من بعد وحدة صفهم فتفرقوا
فأمنن ابا حسن علي بعطفة * * * يُمنى يسر بها الفؤاد الشيق
أوَ لستُ مذ سبعين عاماً قد مضت * * * ما زلت رقكم الذي لا يعتق
عجباً يخاف عذاب نار جهنم * * * من عوده في ماء حبك مورق
حتى م يشكو في النهار من الضنى * * * جسدي وطرفي في الظلام مؤرق
أأروم اشفاق الانام وعطفهم * * * ولانت أعطفهم عليَّ واشفق
انا ذلك المأسور في قيد الضنى * * * فمتى أفك على يديك وأطلق
فاعطف عليَّ بنظرة متصدّقاً * * * أوَ لستَ انت الراكع المتصدّق
موسى دعيبل
(1297 هـ - 1387 هـ)
الشيخ موسى ابن الشيخ عمران ابن الحاج أحمد بن محسن الخفاجي الشهير بـ «دعيبل»،
عالم وفقيه وأديب.
ولد في النجف سنة 1297 هـ/ 1880 م وترعرع بها حيث عُني به أبوه الذي كان يعدّ من
فقهاء عصره.
درس المقدمات على بعض فضلاء ذلك العصر أمثال السيد محسن الامين، ثم اتصل بفريق من
مراجع الدين آنذاك أمثال السيد اليزدي، والشيخ أحمد كاشف الغطاء، له حواش كثيرة على
كتب الدرس، وشعر كثير، وشعره رقيق الحاشية.
توفي في العام 1387 هـ/ 1967 م.
وله في ذكرى يوم الغدير قوله:
أرى في الحمى برق السرور تألَّقا * * * وبدر هدى الاسلام في الافق أشرقا
وأجفان عين المؤمنين قريرة * * * ودمع جفون الناصبين تدفقا
بيوم به أهل الولاء تباشروا * * * لنصب إمام نوره الكون طبَّقا
وجاء به أليوم أكملت دينكم * * * وأتممت نعمائي فويلٌ لمن شقى
وبلّغْ جهاراً في (علي) رسالتي * * * ويعصمك الرحمن ممن تزندقا
فنادى منادي المصطفى باجتماعهم * * * وكان إذاً حرَّ الظهيرة محرقا
وقال ألا من كنت مولاه منكم * * * فهذا علي الفخر مولاه مطلقا
ومن قد غدا ميلاده وهو معجزٌ * * * بأكرم بيت كان من قبل مغلقا
ومن خصَّه الرحمن بالطهر فاطم * * * ولولاه ما قد كان للطهر أليقا
أخا المصطفى ما خنته يوم مشهد * * * غداة له أعطيت عهداً وموثقا
علي البازي
(1305 هـ - 1387 هـ)
الشيخ علي بن حسين بن جاسم بن إبراهيم بن محمد، يتصل نسبه بعلي الشهير بالبازي،
خطيب معروف وشاعر.
ولد في النجف الاشرف سنة 1305 هـ/ 1888 م، بعثه والده إلى كُتّاب حيث تعلم عنده
القراءة والكتابة، درس بعدها المقدمات، هاجر مع والده إلى طويريج فسكن فيها ردحاً
من الزمن عاد بعدها إلى الكوفة عام 1322، فأخذ يعمل، ترك بعدها العمل وانصرف إلى
مزاولة الادب الشعبي وكان يمارس اثناء ذلك الخطابة من المنبر الحسيني الشريف. وكان
يتردد على إخوانه في البصرة للخطابة.
وكان من المناصرين للسيد أبي الحسن عندما حرّم قراءة الخطيب السيد صالح الحلي وقد
أرخها البازي فقال:
أبو حسن أفتى بتفسيق صالح * * * قراءته ارختها غير صالحة
توفي في العام 1387 هـ/ 1967 م.
وله وعنوانها «مدينة النجف» قوله:
إنْ رمت تعرف ما النجفْ * * * فسل الخبير ولا تخفْ
بلدٌ تضمَّنٌ من بني الـ * * * ـدنيا الجواهر لا الصدف
كالانبياء المرسليـ * * * ـن ومن زكت بهم النُطَف
من ذي الفضائل والنهى * * * وأولي الحصافة والظرَف
كلٌّ على حب الولا * * * ولحيدر الطهر انجرف
بلدٌ لدين محمد * * * بُنيتْ به غررُ الغرف
وعلى التقى تأسيسه * * * وبأهله المجد اكتنف
وبه ثوى ليث الشَّرى * * * ومنار أعلام الشرف
نصُّ الغدير به أتى * * * والنص يثبته السلف
إنّ النبيَّ محمداً * * * فيه (بخمٍّ) قد هتف
هذا عليُّ خليفتي * * * بعدي لكم نعم الخلف
بدر الهداية والفصا * * * حة ما سواه بها اتصف
نهج البلاغة آيةٌ * * * منها المعارف تُقتطف
من ذا على عهد الرسو * * * لِ لحصن خيبرَ قد نسف
وعلى ابن ودٍّ من قضى * * * وببدر مَن للحرب خَف
وبأحْدَ في لهواتها * * * مَن ذا بمهجته قذف
بالفتح من حمل اللوا * * * وعليه دون القوم رف
من عفَّ عن عمرو كما * * * عن بسر في الهيجاء عف
غير الوصي ومن له * * * أسنى مدائحنا تزف
وضريحه هو كعبةٌ * * * أخرى لمن فيه اعتكف
بطل الشهامة حيدرٌ * * * غوثُ الصريخ إذا هتف
وله من قصيدة يصف قبة الامام علي (عليه السلام) وضريحه المقدس:
قف وسلِّمْ إن جئت وادي السلامِ * * * حيث نهج الهدى وداعي السلامِ
وابتهل خاضعا وكبّرْ خشوعا * * * ثم أظهر حقيقة الاعظام
واذا ما حللتَ في طور سيناء * * * وباب النجاة سر للامام
واخلع النعل ثم بسملْ وسرّح * * * نحوه الطرف واختصر بالكلام
سترى منظراً علياً جليا * * * فيه ينجاب غيهب الاوهام
بابهُ بابُ حطة تستجير الـ * * * ـخلق فيه من الذنوب العظام
وترى مرقداً لهيكل قدس * * * وسْط بيت مكلّس من رخام
ثم أنعم بنظرة وتبيَّن * * * وضْعَ صندوق (خاتم في جام)
وضريح سامى الضراح مقاماً * * * أحكمت صنعه يد العلاّم
قد حوى الفخر إذ تضمَّن جسما * * * زاكيا لا كسائر الاجسام
فوق ذاك الضريح قبة تبر * * * قد أقيمت من سالف الاعوام
نورُها كهرَبَ النفوس وهذا * * * هو سر انجذابها للوئام
كعبة الوافدين في كل آن * * * ومنار الضُلاّل عند الظلام
وتشرَّفْ بلثم أعتاب بيت * * * فيه نصٌّ أتى لخير الانام
ومتى زرته تجد سلسبيلاً * * * سائغاً يرتوي به كل ظامي
وحمى تحتمي به كل نفس * * * من دواهي الارزاء والالام
ملجأُ الخائفين كهفٌ منيعٌ * * * وملاذٌ وموئلٌ ومحامي
روضة القبر جنّةُ الخلد فيها * * * أكُلٌ دائمٌ وخيرُ طعام
حميد السماوي
(1315 هـ - 1388 هـ)
الشيخ حميد ابن الشيخ أحمد آل عبد الرسول الشهير بالسماوي، شاعر اديب معروف.
ولد في السماوة عام 1315 هـ/ 1897 م في أسرة دينية، هاجر إلى النجف وهو شاب حيث
اختلف على أساتذة فضلاء لطلب العلم حتى فاق أقرانه، وما إن طالت هجرته حتى طلبه
أبناء منطقته ليكون المرشد فيهم وكان مثالاً بارزا لخصوبة الذهنية، كان محترماً في
قومه فيصلاً في منازعاتهم العشائرية، شعره يمتاز بالرمزية التي لا تخفى على من عرف
السماوي وأمنيته المفقودة في تقويم ما اعوجّ من محيطه ونصرة قادة الدين، وهو كاتب
فاضل اديب جمع مكتبة حافلة وله ديوان شعر، توفي عام 1388 هـ/ 1968 م.
وله وعنوانها «عيد الغدير» قوله:
بلبل الوحي في ضفاف الغديرِ * * * صادح باسم موكب التأميرِ
يتحدّى الاجيال مهما ترامت * * * في مجاهيل عالم مستورِ
هيكل من تعطف وحنان * * * مائل فوق هيكل من شعور
جوهري الوجود لم تتفاعل * * * فيه شتى عوامل التغييرِ
حتى قال:
يقطع النص في عليٍّ بنص * * * ويشدُّ الدستور بالدستور
ما تلاشى صوت الحقيقة حتى ار * * * تعش الحق في فم الجمهور
حيث ساد الصموت لولا هناةٌ * * * طبلت للقفول قبل المسير
همساتٌ تذوب في همسات * * * وسطورٌ تنحلُّ فوق سطور
رقمته يراعة الكون رمزاً * * * فوق أثباج بيتها المعمور
عبّرت حين عبّرت عنه لو لم * * * يتسامى عن حيّز التعبير
فسّرته كما تشاء ولكن * * * تشكل الواضحات بالتفسير
هيمنت فوق مستوى الحس لما * * * أن تخطت عوالم التفكير
فهي برهان سورة الفتح إن لم * * * تك عنوان آية التطهير
فسماء الوجود تعزف فيها * * * نغمات التهليل والتكبير
ورياض الخلود تعقد فيها * * * حفلات الاكبار والتقدير
وعلى منبر الجلالة يملي * * * بلبل الوحي لوحة التأمير
يا أخا المصطفى تعاليت شأناً * * * عن مقام التمثيل والتنظير
أنا لم أدر كيف أثني فحسبي * * * من ثنائي الشعور بالتقصير
(أنت في منتهى الظهور خفي) * * * ولدى منتهى الخفا في ظهور
وله في يوم الغدير وعنوانها - حديث الدهر - قوله:
ترامت وجنب الافق ما انفك نائيا * * * محاضير تطوي عالما متراميا
حتى قال:
بعدتَ عن المرمى رويدكَ فاتّئدْ * * * إلى أين تجتاح الربى والفيافيا
أثر رهج النادي إذا اكتظَّ جنبه * * * وإن وجمَ الشادي فكن أنت شاديا
فما هو إلا أن يعجَّ مدائحا * * * بذكرى (علي) أو يعج مراثيا
فكم حمحمت حول الغري وأنشدت * * * تقدَّست يا وادي ابن عمران واديا
ترابُك أكبادٌ تدافُ وإنما * * * نسيمُك أرواحٌ تهبُّ عواديا
فهذا عليٌّ فوق كرسيّ مجده * * * يرتّلُ صوت الحمد سبعا مثانيا
تغشّاه من عرش المهيمن هيكلٌ * * * أعاد لنا السبع الطباق ثمانيا
وهذا عليٌّ والاهازيج باسمه * * * تشقُّ الفضا النائي فهاتوا معاويا
أعيدوا ابن هند إن وجدتم رفاته * * * رفاتاً وإلا فانشروها مخازيا
فهذي بواديه تضجُّ وهذه * * * حواضره بالظلم عادت بواديا
أبا حسن إن ربَّعوا فيك دستهم * * * فيوشك أن يُمسي كما شئت خاويا
اذا الملا الاعلى تحدَّر بالثنا * * * عليك فما شأني وشأن ثنائيا
وهل متناهي اللفظ يرفعه الثنا * * * ليحمل معنىً منك لا متناهيا
ولكنها الالفاظ مهما تناسقت * * * اذا لم توفِّ المدح عادت أهاجيا
محمد طه الحويزي
(1317 هـ - 1388 هـ)
أبو محمد الشيخ محمد طه بن نصر الله بن حسين الحويزي الكرمي، علاّمة فقيه وأديب
شاعر.
ولد في النجف الاشرف عام 1317 هـ/ 1890 م ونشأ بها على والده الورع فهذبه وأقرأه
القرآن وعلمه الكتابة. درس مقدمات العلوم على علماء عصره وما إن أتم المقدمات في سن
مبكرة حتى كانت له حلقة كبيرة يحضرها من يكبره سنّا، لازم أستاذه الحكيم الشيخ محمد
الحسين الاصفهاني زمانا طويلاً أخذ عليه أثناءه أسرار الاصول والحكمة ثم سجل هذه
المعلومات بتحرير عربي أنيق.
توفي والده في الحويزة وهو ما يزال في النجف فغادرها إلى الحويزة ليحلّ محل والده
في الوعظ والارشاد، فأقام فيها خمسة عشر عاماً ثم عاد اليها عام 1365 هـ، ثم غادرها
الى كربلاء ثم الى قم ليستقر فيها. وليواصل مشواره العلمي، توفي عام 1388 هـ/ 1968
م.
له مؤلفات عدة وتعليقات.
وله في مدح أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) قوله:
بك يا علي ازدانت العلياءُ * * * ومنِ اسمك اشتُقَّت لها أسماءُ
وعلاك ما أطرى نعوتك مادحٌ * * * إلا استطال بنعتك الاطراء
والشعر ليس يلذُّ إلا كاذباً * * * مالم يفِهْ بثنائك الشعراء
لله سر وجودك القدسي ما * * * أخفاه لو يسع الكمال خفاء
لكن كملت وظلَّ غيرك ناقصاً * * * والناقصون بغيرهم جهلاء
أنت الكتاب تشابهت آياته * * * فارتاب في تأويلها العلماء
إن يدعُ فاروقاً سواك فإنه * * * لولاك لافترقت به الاهواء
يقضي برأيك إن يجدك وكم به * * * ضاق الفضاء إذا دهاه قضاء
الله أكبر نازعوك وسادة * * * لك قد ثنتها كفُّك البيضاء
لله سيفك ما أشد حديدَهُ * * * فعليه من يد ربه سيماء
وقوله معربا عن ولائه للامام علي (عليه السلام):
ألزمت نفسي ولاء المرتضى ويدي * * * فليس إلا به عقدي ومعتقدي
أفديه من بطل لله مبتهل * * * بالفضل مشتمل بالعدل مجتهد
اذا ولجت عليه غاب ندوته * * * تبصر به أسداً ينمى إلى اسد
كم للمفاخر في شبل المظاهر من * * * مظاهر لم تزل تطري بكل ندي
يا طالب الحسنينن الرفد والرشد * * * عرّجْ على المرتضى واستفتِ أو فَرِد
ما علمه ونداه المستفيض سوى * * * بحرين ذا عبَّ في صدر وذا بيد
عبدالحميد السنيد
(1320 هـ - 1390 هـ)
الملا عبدالحميد بن حسن السنيد. من اسرة عريقة في سوق الشيوخ، ولها رئاسةٌ ووجاهة.
خطيب وأديب شاعر. ولد في عام 1320 هـ/ 1902 م في سوق الشيوخ - وهي بلدة خصبة في
انتاج الشعراء - ونشأ بها، فأقبل على قراءة كتب الادب واللغة، واطلع على دواوين
الشعراء وأساليبهم في النظم والكتابة ; فتفتحت آفاق موهبته في مديح أهل البيت
ورثائهم.
وكانت ثقافته عامّة بشكل فردي وبمجهود شخصي، فلم يتعلم في مدرسة ولم يتلقَّ علومه
على يد أحد، بل كافح أميته طفلاً، ومارس الشعر يافعاً.
مارس الخطابة طيلة سنوات عمره، وكتب الشعر الكثير في الولاء والقضايا الوطنية،
وشارك في المؤتمرات الادبية والاندية.
وهو والد الشاعر العراقي المعاصر جواد جميل.
توفي عام 1390 هـ/ 1970 م، وكان قد صدر له ديوان ألحان الروح عام 1383 هـ/ 1964 م،
وكان يرتبط بعلاقات عديدة مع ادباء داخل العراق وخارجه.
وله من قصيدة «ليلة النور»:
أي نور من جانب البطحاء * * * غمر الكون بالسنا والبهاء
حتى قال:
أهي الشمس أشرقت في الدجى أم * * * نار موسى على ذرى سيناء
أم أتت فاطم وبين يديها * * * نبعة المجد من بني العلياء
لتزف البشرى لاكرم هاد * * * خصه الله في جميل الثناء
وعلى ثغره ابتسام يفوح الـ * * * ـطيب منه والطهر بالانداء
فهو إشراقة يشع على الكو * * * ن جلالاً من نوره الوضّاء
فسلاماً يا صفوة الاصفياء * * * ورضيع الهدى وغرس الاباء
أنت فيض الاله والنعمة العظـ * * * ـمى وعنوان صفحة الاوصياء
أنت نور السماء رفّ على الدنـ * * * ـيا وأجلى غياهب الظلماء
أنت تاج العُرْب الذي تشرق الحكـ * * * ـمة منه ومصدر البلغاء
أنت للثائرين أعطيت درساً * * * بالبطولات رائعاً في اللقاء
أنت سيف الله الذي محق الشر * * * ك واردى الابطال في الهيجاء
أنت عنوان يعرب في المعالي * * * ووزير لسيد الانبياء
وبذات الفقار في يوم بدر * * * شدت للدين مشمخرّ البناء
ولكم خضت غمرة للمنايا * * * لا تبالي بكثرة الاعداء
وبأحد وخيبر وحنين * * * قد سقيت العدى كؤوس الفناء
لك نفس سمت على كل نفس * * * بعد خير الورى بلا استثناء
يابن عم النبي فخر قريش * * * ومنار التقى أبا الاتقياء
ووصيا له كهرون من مو * * * سى ومولى الانام في الاولياء
نهجك الحق في البلاغة أضحت * * * حكمة الكون فيه للحكماء
فهو مصباح دولة الفصحاء * * * وهو نور للمقلة العمياء
وهو بعد القرآن فيه هدى النا * * * س وفيه الشفاء من كل داء
لو صغينا لرشده ووعينا * * * لارتقينا به على الجوزاء
وله ايضاً «الفرقديّة» وهي:
امذاب التمر أم الصرخد * * * زفت في كف رشا أغيد
لمعت ليلا بيد الساقي * * * فأضاء الربع وفاح الند
فاذا مزجت بالماء ترى * * * إكليل الدر لها يعقد
ويطوف على الندمان بها * * * معسول الريق أسيل الخد
مكحول الطرف بديع الظر * * * ف ثقيل الردف رشيق القد
فتن النساك بألحاظ * * * كحلت بالسحر عن الاثمد
وتخرّ لحمرة وجنته * * * إذ لاح الخال بها سجد
وإذا ما لاح لذي تقوى * * * هجر المحراب وقد عربد
من لي بهوى ريم تركي الـ * * * ـخد له جيد اجيد
اورى في القلب زناد الصد * * * وسهم الهجر له سدد
فبقيت أسير هواه وفي * * * كبدي الحرى نار توقد
يا من اخلصت له بالود * * * فقابلني عنه بالصد
إن كنت بحكمك قد أسرفـ * * * ـت وأنت بأشواقي تجحد
أنا لي بولاء ابي حسن * * * عن حبك آمال تعقد
مولى الثقلين أبو الحسنيـ * * * ـن زعيم الدين به أسعد
خير الاعمال ولايته * * * وسبيل هداه هو الارشد
فهو المقدام هو المطعا * * * مُ هو الضرغام هو الاوحد
هو أول من نصر الهادي * * * وأطاع وللباري وحد
كشاف الكرب بيوم الحر * * * ب مزيل الرعب إذا ما اشتد
وبصارمه الموصوف دعا * * * ئم دين الله لقد وطد
فأباد الجهل واحيا العد * * * ل وجيش الشرك به بدد
من كسّر أصناما كانت * * * من دون الله لهم تعبد
وبيوم الدوح به نزلت * * * بلغ ما أنزل من مقصد
فدعا المختار أبا حسن * * * والناس لطلعته شهد
يدعو من كنت له مولى * * * فعلي مولاه الاوحد
وكمال الدين بحيدرة * * * نص القرآن فهل تجحد
ما قال سلوني الا هو * * * وصحاح القوم بها تشهد
في الصدر هنا علم جم * * * كالبحر الزاخر لا ينفد
يا من في كنه فضائله * * * تاه العلماء وأهل الجد
ومعاجزه قصرت عنها * * * آراء فلاسفة في العد
أني والروح بمدحته * * * في موقف أحد قد ردّد
لا سيف سوى سيف الكرّا * * * رِ هو البتّار وماضي الحد
دين الاسلام وشرعته * * * هو بانيه وله شيّد
لولاه لما عبد الرحمـ * * * ـن ولا لبّوا دعوى أحمد
طبع التاريخ له صحفاً * * * بيضاً ولشانئه سوّد
يا من في نهج بلاغته * * * وفصاحته اللسن الاوحد
يا من بسموّ الذات علا * * * للمجد على هام الفرقد
بحماك أبا حسن قد لذ * * * ت وفي مغناك مددت اليد
وإليك قصدت بحاجاتي * * * إن لم تنجز فلمن يقصد
فلواء الحمد بيوم الحشـ * * * ـر عليك أخا الهادي يعقد
أنت الساقي لمحبيه * * * من كوثره العذب المورد
لمواليك الحظ الاوفى * * * ولمبغضك الحظ الانكد
فعليك صلاة نامية * * * تغدو وتروح ولا تنفد
ما لاح البرق وما غنّى * * * في الدوح الورق وما غرّد
عبّاس شبّر
(1322 هـ - 1391 هـ)
السيد عباس ابن السيد محمد آل شبر الحسيني، عالم وأديب معروف، ولد في البصرة عام
1322 هـ/ 1905 م من أسرة علميّة معروفة نشأ في ظلالها منتهلاً من الفضائل وتدرّج في
طلب العلم في النجف الاشرف وغيرها فقرأ على الاساتذة الاكفاء فنبغ تشدُّ أزره في
ذلك موهبةٌ كبيرة وحافظةٌ متوهّجة انصرف بهما الى الاستظهار والدرس لكنه - وهو
الفقيه - تألّق في العربيّة وعلومها ثم في الشعر خاصة فعُدَّ من مبرّزي عصره مع ميل
الى العزلة أوّل أمره، ثم عرض عليه القضاء الشرعي فأبى بعد تمنُّع، فمارسه في
العمارة والبصرة وألزم نفسه فيه بتحرّز شديد، أما في الادب فقد نشر نتاجه في أغلب
الصحف والمجلاّت - آنذاك - وله مع ادباء العربيّة روابط وثيقة، وله ديوان مجموعٌ
مطبوع، اما آثاره العلمية فعديدة اغلبها مخطوط، توفي عام 1391 هـ/ 1971 م.
وله من قصيدة «ذكرى امام الامة» قوله:
سموتَ فهل يسمو لعليائك الشِّعرُ * * * وذكرك في القرآن جاءَ به الذِّكرُ
وهل يرفع الشعر العصاميُّ ذكر مَن * * * به ارتفع الشِّعر العصاميُّ والنَّثر
ومن كان فوق النيِّرات مقامُهُ * * * فأمنع شيء أن يحيط به الفكر
وهل لرجال الشِّعر والنَّثر قدرةٌ * * * بحصر مزايا ما لمقدارها حصر
أقرُّوا بعجز في المقال وما سوى * * * علاك على مرِّ الزمان لهم عذر
أرى الشِّعر يخبو عند ذكرك جمرهُ * * * كما تحت نور الشَّمس لا يسطع الجمر
تخيَّرك الله المهيمن آيةً * * * لخير البرايا سرُّها الفتح والنَّصر
تفرَّعت صنواً للنَّبيِّ محمَّد * * * بدوحة قدس ملؤها النُّبل والطُّهر
ومنه اقتبست العلم والدين والتُّقى * * * كما من شعاع الشَّمس يقتبس البدر
وكنت له باباً وكان مدينةً * * * تحيط بعلم دون شؤبوبه البحر
تسير على آثاره في طريقه * * * حكيماً رحيماً شأنك الحلم والصبر
حياتك في الدُّنيا جهادٌ ورحمةٌ * * * وزهدٌ فما استهوتك بيضٌ ولا صفر
شرعت لنا (نهج البلاغةِ) منهلاً * * * رويَّاً وقولاً دونه الدرُّ والتبر
فرائد عرفان وأعلاق حكمة * * * ستبقى بجيد الدهر ما بقي الدَّهر
وُلدتَ ببطن البيت يرعاك ظهرُهُ * * * لتنقضَ أصناماً بها انتقض الظَّهر
مكانك بالبيت الحرام بدأته * * * كما بدأ الشَّهر الحرام بك العُمر
وقُدِّر بيتٌ آخرٌ لك منزلاً * * * أخيراً وشهر الله طالعه القدر
فبُوركتَ بالبيت الحرام وشهره * * * وبورك بيتٌ قد تلقَّاك والشَّهر
وبورك من والاك حبّاً ولم يزل * * * عليك سلام الله ما طلعَ الفجر
كما له من قصيدة «مولد الامام (عليه السلام) في رجب» قوله:
نفس الفجر أم نسيم الخزامى * * * أم هو اللطف يبعث الالهاما
نفحات تهب من جانب القدس * * * فتحيي النفوس والالهاما
رقصت عندها المشاعر نشوى * * * تتحدى قريش والانغاما
عظمت ليلة من الدهر جاءت * * * بعلي لتنعش الاسلاما
أرّخ الحق منه شهراً حراماً * * * عند ميلاده وبيتاً حراما
رجب الفرد جئت بالعلَم الفرد * * * تبذ الافراد والاعلاما
بيضت أوجه الليالي لياليك * * * وسادت أيامك الاياما
حرم الاشهر ارتمت عند رجليك * * * خضوعاً وافردتك احتراما
ليس بدعاً فأنت فيها إمام * * * منذ أنجبت للبرايا الاماما
مولد المرتضى ومبعث طه * * * ألبساك الاجلال والاعظاما
فتح البيت صدره وتلقى * * * مَن عليه يكسّر الاصناما
جاء كي يسند الكتاب بسيف * * * يتهاوى به الضلال رماما
ضربة منه عادلت عمل الثقـ * * * ـلين للحشر فليمت من تعامى
يا أخا الحق والنبي المفدّى * * * والصفات الغر التي لن تسامى
ما زكَ الله بالفضائل حتى * * * كنت في أفقهن بدراً تماما
فليمت حاسدوك غماً وكفراً * * * وليقاسوا في النشأتين ضراما
ليلة بتها تفوق حياة * * * عاشها الناس سجداً وقياما
شد ركن الهدى بسفيك ذو العر * * * ش ولولا غراره ما استقاما
يا بنفسي كفاً تكف عن الاسـ * * * ـلام كفّ العدى وتعلي السلاما
يا بنفسي يداً تخيرها اللّـ * * * ـهُ سياجاً لدينه وعصاما
ولسانا قد سن نهج المعالي * * * وأرانا من اللالي كلاما
لو سلكنا سبيله لسعدنا * * * وبلغنا العلى وسُدنا الاناما
فهو نهج للدين والعلم يهدي * * * ويزيل الشكوك والاوهاما
حكمة تملا القلوب حياة * * * ويقيناً ورحمة وانتظاما
يا بنفسي قلباً تعاظم شأنا * * * وعلا همة وفاق مقاما
ملاته عناية الله لطفا * * * وعلوماً تجاوز الارقاما
وخشوعاً لربه وانقطاعاً * * * وامتداداً في حبه واهتماما
كان للمسلمين عطفاً ولطفاً * * * وعلى الكافرين كان انتقاما
جمعت فيه معجزات المزايا * * * ففرادى تعدها وتوامى
وهو لا ريب من معاجز طه * * * ليميط الدجى ويجلو الظلاما
وعليه وصنوه الله صلى * * * ما أذاع الصبا أريج الخزامى
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الدرّ النضيد ص318 .
[2] صدر البيت مضطرب الوزن .
[3] الاصح أن يقول : ولم اكن ، فإن «لو» ليست جازمة .