علي نقي اللكهنوي
(1325 هـ -...)
السيد علي بن إبراهيم بن محمد تقي بن حسين ابن المجتهد السيد دلدار علي النقوي، من
علماء القرن الرابع عشر الهجري.
ولد المترجم له في الهند عام 1325 هـ/ 1907 م، وهاجر الى النجف الاشرف وهو شاب يافع
فاتصل بالسيد محمد صادق بحر العلوم. وكان ذكيا فانبرى يقرأ الكثير من كتب الادب،
عاد إلى الهند بعد نيله الاجتهاد فأصبح المرجع في بلاده.
نشر في النجف عدة كتب منها: كشف النقاب عن عقائد محمد بن عبد الوهاب (مطبوع)،
الامام الثاني عشر، ولم يتيسَّر لنا الاطلاع بعد ذلك على مجمل ترجمته.
ومن شعره موشحة في ميلاد الامام علي (عليه السلام) قوله:
من بدا فازدهر البيت الحرام * * * وزهت منه ليالي رجبِ
طرب الكون لبشر وهنا * * * إذ بدا الفخر بنور وسنا
وأتى الوحيُ ينادي معلنا * * * قد أتاكم حجة الله الامامْ
وأبو الغر الهداة النجبِ
خصه الرحمن بالفضل الصراحْ * * * ومزايا أشرقت غراً وضاحْ
وسما منزلة هام الضراح * * * فغدا مولده خير مقام
طأطأت فيه رؤوس الشهبِ
تلكم فاطمة بنت أسدْ * * * أمَّت البيت بكرب وكمدْ
ودعت خالقها الباري الصمد * * * بحشاً فيه من الوجد الضرام
قد علته قبسات اللهب
بينما كانت تناجي ربها * * * وإلى الرحمن تشكو كربها
وإذا بالبِشْر غشّى قلبها * * * من جدار البيت إذ لاح ابتسام
عن سنا ثغر له ذي شنبِ
فتق الزهر أم انشقَّ القمرْ * * * أم عمود الصبح بالليل
انفجرْ
أم أضاء البرق فالكون ازدهر * * * أم بدا في الافق خرقٌ والتئام
فغدا برهان معراج النبي
أم أشار البيت بالكف ادخلي * * * واطمئني بالالهِ المفضل
فهنا يولد ذو العليا (علي) * * * من به يحظى حطيمي والمقام
وينال الركن أعلا الرتبِ
ولد الطاهر ذاك ابن جلا * * * من سما العرش جلالا وعلا
فله الاملاك تعنو ذللا * * * وبه قد نشر الرسْل العظام
قومهم فيما خلا من حقبِ
ان يك البيت مطافاً للانامْ * * * فعليٌّ قد رقى أعلى سنامْ
إذ به يَطَّوف البيت الحرام * * * وسعى الركن إليه لاستلام
فغدا يزهو به من طربِ
لم يكن في البيت مولوداً سواهْ * * * إذ تعالى عن مثيل في
علاهْ
أوتي العلم بتعليم الاله * * * فغذاه درَّه قبل الفطام
يرتوي منه بأهنى مشربِ
صغر الكون على سؤددهِ * * * وانتمى الوحي إلى محتدهِ
بشر الشيعة في مولده * * * واقصدوا العلامة الحبر الامام
* * *
وله في ميلاد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) معارضاً قصيدة إيليا ابي ماضي:
لست أدري * * *
لست أدري * * *
لست أدري * * *
لست أدري * * *
لست أدري * * *
لست أدري * * *
لست أدري * * *
لست أدري * * *
* * *
الشيخ حسين ابن الشيخ محمد من آل الصغير، عالم فاضل وأديب شاعر ، ولد عام 1372 هـ/
1909 م، درس العربية والمنطق والاصول والفقه على فضلاء عصره، وعرف بحسن السيرة وطيب
السريرة ; فانتدبه الحجة السيد آقا حسين القمي عند هجرته إلى كربلاء مدرساً فيها.
وحضر حلقة القمي واستمر حتى وفاة السيد فرجع الى النجف حيث انتخب عضواً في جمعية
التحرير الثقافي ومدرساً فيها، ثم رشحه الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء مدرساً في
مدرسته العلمية. له تعليقة على حاشية ملا عبد الله وحاشية على كفاية الاخوند إضافة
إلى ديوان شعر صغير، ولم تتيسّر لنا بعد ذلك ملاحقة ترجمته الباقية.
ومن شعره في يوم الغدير قوله:
نفحة القدس من أقاصي البيدِ * * * عطّري من شذاك دنيا الوجودِ
وأفيضي على الطبيعة سحراً * * * يغمر الكون بالهنا والسعودِ
واملئي الخافقين روحا شذيا * * * واسكبي للورى دم العنقود
فسماء الدنيا تموج سروراً * * * تتباهى بتاجها المعقود
إيه بنت السماء هبّي رويداً * * * فرويداً بباسمات الورود
فالليالي السوداء ولّت وجاءت * * * ساعة البشر بالامير الجديد
إيه يوم الغدير طبت وطابت * * * ذكريات ليومك المشهود
أنت أحرى بالخلد من كل يوم * * * رُبّ يوم يحوز معنى الخلود
قبسٌ شعَّ ضوؤه فتعالى * * * كنه إدراكه عن التحديدِ
هدأت ثورة الفؤاد وقرّت * * * فيه عين الاسلام والتوحيد
حيث طه يقيم فيه احتفالاً * * * عبقرياً سما بكل فريد
أوقف الركب سيد الرسل طه * * * وعلى الركب هيبة المعبود
حول ذاك الغدير ينزل ركـ * * * ـب الوحي في مقفرات البيد[1]
حيث صوت الرسول يخترق الاسـ * * * ـماع دوّى كزمزمات الرعود
فوق عرش من الحدوج عليه * * * سمة القدس من عزيز حميد
آخذاً باليدين ضبع علي * * * رافعاً صوته لتلك الوفود
تالياً آية البلاغ عليهم * * * وهي نصٌّ بعهده المعهود
قائلاً أيها الجماهير إني * * * سوف أقضي وليس ذا ببعيد
فعليٌّ هذا وصي عليكم * * * وعميدٌ أكرم به من عميد
فهو فيكم خليفتي ووزيري * * * وهو مولاكم بلا ترديد
خصَّه الله بالولا وحباه * * * بمزايا جلّت عن التعديد
أكمل الله دينه بولاه * * * فولاه من محكمات العهود
ربيَ اشهد فإنني فيه بلغـ * * * ـت ويكفي بأن تكون شهيدي
أنسيتم كفاحه يوم بدر * * * كيف أودى بعتبة والوليد
أنسيتم مبيته بفراش * * * وهو لم يكترث بتلك الاسود
وبأحد وغيرها قد رأيتم * * * كيف حامى عني ببأس شديد
وبيوم الاحزاب كان المجليّ * * * (بين طعن القنا وخفق البنود)
وسلوا سيفه يُجبْكم بأني * * * كنت حتف الطغاة رغم الحقود
الفصل الثاني
في
شعراء القرن الخامس عشر
وقد رتّبنا شعراءه على تواريخ مواليدهم خلافاً لما درج في الفصول السابقة، وذلك
لكون غالبيتهم ما زالوا على قيد الحياة أمدّ الله في أعمارهم.
محمد تقي الفقيه
(1329 هـ -...)
أبو جعفر الشيخ محمد ابن الشيخ يوسف بن علي بن محمّد بن علي بن عبد الله الشهير
بالفقيه، عالمٌ كبيرٌ ومجتهدٌ معروف ولد في صور/ لبنان عام 1329 هـ/ 1911 م من أسرة
علمية مشهورة.
قرأ في بلده مقدمات العلوم، ثم هاجر إلى النجف الاشرف عام 1345 هـ حيث اختلف على
حلقات جملة من العلماء الفطاحل منهم: السيد الاصفهاني والامام كاشف الغطاء والسيد
الحمامي والسيد حيدر الصدر.
أجيز بالاجتهاد عام 1363 هـ من مجموعة أعلام منهم: مرتضى الاشتياني والميرزا يحيى
الطهراني والسيد محمد البهبهاني والشيخ آقا بزرگ الطهراني.
غادر إلى لبنان عام 1368 لزيارة والده فوجد أن الهجرة إلى النجف قد تقلّصت بسبب
ضائقة الطلاب المالية، فأسس مشروعاً خيريّاً، إلى جانب مشاريعه الاخرى الاجتماعيّة
والثقافيّة.
كان كثير التجوال في الريف العراقي مرشداً وهاديا وواعظاً ثم رجع إلى لبنان عالماً
مشهوراً ومرجعاً دينيّاً له اتباع ومريدون.
له مؤلفات عدة منها: 1 - قواعد الفقيه. 2 - قواعد المكاسب. 3 - مباني الشرايع. 4 -
مباني العروة. 5 - مباني الفقيه بحث فيه الاصول اللفظية والعملية. 6 - تعليقات
كثيرة على كتب الدراسة. 7 - ديوان شعر بعنوان الشموع. 8 - حجر وطين وهو حلقات في
الادب والتاريخ والاخلاق. 9 - جبل عامل في التأريخ.
وله من قصيدة في يوم الغدير قوله:
حدَّث الدهرُ عن علي ولكنْ * * * تشهد الخيلُ والوغى والحسامُ
فهو لو قابل الجيوش تفانت * * * إذ بكفيه من طلا الموت جام
يا وصيَّ النبي أخرست نطقي * * * فمزاياك ضاقَ عنها الكلام
أنت أسَّستَ للعروبة مجدا * * * بحسام في شفرتيه الحمام
إنَّ طه قد وحَّدَ الناس لكن * * * لك روحُ التوحيد ذاك الحسام
تتساوى الانام عندك طراً * * * فتُساوي أملاكَها الايتام
عبد الحميد الخطي
(1331 هـ -...)
هو الشيخ عبد الحميد ابن الامام العلامة الشيخ ابي الحسن علي الخنيزي امام القطيف
في عصره، علامة فاضل وأديب بارز، ولد في اسرة معروفة بالعلم والفضل عام 1331 هـ/
1913م فنشأ في رعاية أبيه الفاضل وتتلمذ على يديه فقيهاً أديباً، ثمّ انقطع إلى
الحوزة العلمية ودرسها في النجف الاشرف فنهل من علومها ومعارفها وحضر عند اساتذتها
الاكفاء لكنه ما كاد يرتوي حتى استوى الى جنب ذلك شاعراً يُشار إليه بالبنان فانكفأ
على الاروقة والمكتبات يستظهر فيها قديم الادب وحديثه ثم ليشارك في المنتديات
والمحافل حتى عاد إلى بلده فأسهم في تربية جيل جديد من الادباء، كما درَّس مجموعة
من المشايخ علوم الحوزة، وهو في غمار ذلك قاضي قضاة المحكمة الجعفريّة في بلده،
ونشر العديد من قصائده ومقالاته في الصحف كما ربطته بأدباء العربية علائق شخصيّة
وكتبت عنه دراسات ونقود، وما زال يواصل شوطه الطويل كأحد ابرز شعراء منطقة الخليج
وعلمائها.
تحية وهدية إلى الصديق الوفي الاستاذ الشيخ علي الصغير.
* * *
غربت أنجم السماء ولاحت، أنجم في سماه[2] ذات التلاقي والثريا[3] عريانة... تتجلى
قد أحيطت من السنا بنطاق * * *
* * *
السيّد جواد ابن السيد علي بن محمد بن علي بن حسين ابن السيد عبد الله شبر، خطيب
شاعر ومجاهدٌ معروف.
ولد في النجف 1332هـ/ 1914م، وتتلمذ على أبيه وبعض فضلاء عصره. ترك الدراسة واتجه
الى فن الخطابة فقد كان مولعاً به منذ صغره، وكان أستاذه في الخطابة الشيخ محمد
حسين الفيخراني وهو مدين له في شهرته. كان يرى الثورة على تقليد المنبر والدعوة إلى
اصلاحه جذرياً فَعُرِفَ بذلك وادّى رسالته حتى اعتقال من السلطات الغاشمة سنة 1399
حتى يومنا هذا حيث ضاعت اخباره في غمار من سُجنوا ولم يُعثر لهم على أثر في ظلّ
حكومة صدّام حسين الجائرة.
له مؤلفات كثيرة منها: المطالب النفيسة في فلسفة الدين، وشواهد الاديب.
وله محتفلاً بيوم الغدير الخالد وقد ألقيت في منتدى النشر عام 1363 هـ قوله:
لمن الحفل رائعا يتلالا * * * يزدهي منظراً ويزهو جمالا
ولمن هذه الروائع تتلى * * * والاناشيد باسم من تتوالى
قيل قد توَّج الوصي وهذي * * * بهجة التاج زانت الاحتفالا
وانتشقنا طيب الولاية منه * * * وسعدنا بنعمة الله حالا
واهتدينا بنوره مذ تجلى * * * بسماء الدين الحنيف هلالا
وعلى مشرع «الغدير» احتسينا * * * في كؤوس الولا نميراً زلالا
وجدير هذا الشعور بيوم * * * فيه دين الاله تمَّ كمالا
رنّةُ الوحي في المسامع دوت * * * تملا النفس هيبة وجلالا
بلِّغ الناس ما أتاك وإلاّ * * * لم تبلِّغ وحي الاله تعالى
إنما أنت منذرٌ وعليٌ * * * هو هاد يُسيّر الضلاّلا
في فلاة تكاد تلهب ناراً * * * ولظى حرها يذيب الرمالا
وإذا بالرسول يلقي عصى السيـ * * * ـر وتلك الجموع تلقي الرحالا
وتعالى الهتاف منه أجيبوا * * * داعي الله فاستخفّوا عجالا
ورقى منبر الحدوج ومُدَّتْ * * * نحوه الهام خُضَّعاً إجلالا
وانبرى يرسل الخطاب وذاك الـ * * * ـجمع مُصغ تهيّبا وامتثالا
ونعى نفسه وقال أتاني * * * أمر ربي وحثّني الترحالا
وأنا راحل وبعدي علي * * * واحد الدهر موئلا ومآلا
سنة الانبياء قدماً تمشَّت * * * تقطع الدهر والقرون الطوالا
هل نبيٌ مضى بغير وصي * * * فاسألوا الدهر واسألوا الاجيالا
خصَّه الله بالامامة لما * * * كان للحق والرشاد مثالا
وهو فيكم ممثّلي ووصي * * * لعن الله من عليه استطالا
فاستجابوا وعجَّت البيد منهم * * * تحسب الارض زلزلت زلزالا
ورسول الهدى يردّدُ فيهم * * * ربّ والِ الذي لحيدر والى
عنه سل محكم الكتاب وسائل * * * آل عمران واسألِ الانفالا
من ببدر وتلك أول حرب * * * قد رآها وقد أراها الوبالا
من دَحا الباب من بأحد تلقّى * * * عمد الدين حين زال ومالا
من قضى غيره على الشرك قل لي * * * من لعمرو بيوم صال وصالا
صولة تفضل العبادات طراً * * * وسما شأوها وعز منالا
ولكم موقف يرنُّ باذن الـ * * * ـدهر والدهر منه يلقى انذهالا
هكذا فلتكُ البطولة دوماً * * * (هكذا هكذا وإلاّ فلا لا)
ابراهيم الوائلي
(1332 هـ -...)
الاستاذ إبراهيم بن الشيخ محمد المعروف بحرج الوائلي.
من مواليد عام 1332هـ/ 1914م، شاعر مبدع وكاتب فاضل، أسرته دينية معروفة.
تعلم القرآن، ثم رافق والده إلى النجف الاشرف وهو من أصحاب الفضيلة وقد درّس ابنه
أغلب العلوم من نحو، وصرف، وفقه، وبلاغة، ومنطق.
نظم الشعر وهو ابن عشرين عاماً رغم أن والده كان يأبى عليه ذلك، فكان ينشر شعره
باسم مستعار على صفحات الصحف والمجلات، عينته وزارة المعارف مدرساً في المدارس
الاهلية في بغداد عام 1940، نال الليسانس عام 1949 من كلية دار العلوم في جامعة
فؤاد الاول في القاهرة.
ثم رجع إلى العراق ومارس فيه التدريس والتأليف الاكاديمي.
شعره رصين التعبير قوي الديباجة ولم يتسنّ لنا الاطلاع على باقي ترجمته.
وله قصيدة من وحي الامام - نظمها عام 1945م بمناسبة ذكرى الامام علي (عليه السلام)
مطلعها:
صهر النبوة حسبي منك إيحاء * * * دنياك صوتٌ ودنيا الناس أصداءُ
آمنت بالحق لم تعصف بموكبه * * * هوج الخطوب ولم تفلُلْه أرزاءُ
ومنها هذه الابيات المتفرقة:
سيف أقيمت به للعدل قاعدةٌ * * * أكنافها في ذرى التاريخ شماءُ
صهر النبوة ما أسماك في بشر * * * أغرتهم من فضول العيش صفراءُ
وما أجلّك في دنيا يمالئها * * * من الحثالة أذناب أذلاّءُ
صهرَ النبوة إنّ العدل قد عبثت * * * به المطامع واجتاحته أهواءُ
صهرَ النبوة كم من حادث عجب * * * تلته بعدك أحداث وأنباء
عمرٌ طويت به التأريخ أجمعه * * * فكلُّ سفر عليه منك طغراء
تلك البلاغة ما كانت خلاصتها * * * إلا لتلتمّ حول النور دهماء
عبد المنعم الفرطوسي
(1335 هـ - 1404 هـ)
الشيخ عبد المنعم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ حسن ابن الشيخ عيسى، علاّمة فاضل وشاعر
معروف.
ولد في النجف عام 1335 هـ/ 1917م وفيها ترعرع فاتجه إلى الدراسة فدرس المقدمات على
بعض الفضلاء وأخذ الفقه والاصول على السيد محمد باقر الشخص الاحسائي وغيره من افاضل
عصره، ثم لازم حلقة السيد الخوئي مع اختلافه على حلقة الشيخ محمد علي الخراساني في
الاصول فعرف بمستواه العلمي المميَّز وعُدّ من ذوي الرأي في الحوزة العلميّة الى
جانب أدبه الجم وحافظته المتّقدة وصفاته الاخلاقية السامية وما أثر عنه من مواهب
عقلية ونفسيّة.
وله مؤلفات عدة منها:
1 - شرح استصحاب الرسائل في ألف صفحة.
2 - شرح الجزء الاول من الكفاية في ثمانمائة صفحة.
3 - شرح قسم من المكاسب الى المعاطاة.
4 - شرح على حاشية ملاّ عبد الله مع منظومة في المنطق.
5 - شرح مجموعة الرسائل، وغيره إضافة إلى مجموعاته الشعرية العديدة وموسوعته الكبرى
ملحمة أهل البيت (عليهم السلام).
لازم جمعية الرابطة الادبية التي عمل فيها كعضو جدّي معالجاً نقائصها ومقدماً
الاقتراحات لحل ذلك، وشارك في كثير من النشاطات الثقافية والادبية خارجها بعد ان
ذاع صيته وعلا كعبه.
نحا في شعره مناحي عالجت كثيراً من المشاكل الاجتماعية، وكان حسَّه يمتزج مع آرائه
الاصلاحية، وهو أحد مبرَّزي شعر الاحتفالات الدينيّة في أغلب مناسباتها ويمتاز شعره
بفخامة اللفظ، لا سيّما المُلقى منه حيث كان يحدو به حداءً مميَّزاً على طريقة
سابقة معروفة، أما وفاته فكانت عام 1404 هـ 1984 م في الامارات العربية مغترباً عن
وطنه بعيداً عن منبته.
وله، وعنوانها (تحية الباب الذهبي) الذي احتفلت به مدينة النجف زهاء أسبوع، وفيها
تصوير رائع لناحية من حياة الامام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قوله:
نشيدي وأنت له مطلعُ * * * من الشمس يعنو له مطلعُ
وقدرك أرفع إن الثناء * * * ولو بالمثاني به يرفع
ومجدك جاوز أفق الخلود * * * سموّاً ونفسك لا تقنع
وأنّى يطاول نجم علي * * * ختام الخلود به يشرع
طلبتك في الافق حيث النجوم * * * مناقب فضلك إذ تلمع
وفي الحقل حيث عبير الورود * * * شمائل قدسك إذ يفرع
وفي موجة البحر حيث الجمان * * * نِثار بيانك إذ يجمع
وفي كل مستودع للجمال * * * سموّ الجلال به مودع
وعدت إلى لوحة في الحشا * * * حروف الولاء بها تُطبع
رأيتك فيها وأنت اليقين * * * بقلبي وقلبي هو الموضع
حياتك جدب من المغريات * * * وعيشك من وردها بلقع
وخصب من الحِكَم القاريات * * * بحيث العقول به تُرفعُ
وعهد من العدل فيه الحقوق * * * تصان بأمن فلا تفزع
يؤرق عينيك للنائمين * * * ضمير يقض به المضجع
عسى باليمامة أو بالحجاز * * * عيون من الجوع لا تهجع
وبيتك وهو بسيط بما * * * حوته جوانبه الاربع
فزاوية منه فيها الحصير * * * إلى جنبه جرّة توضع
وأخرى بها من جريد النخيل * * * سرير قوائمه ترفع
وآنية الطين وهي الكؤوس * * * وفي كفّ مالكها تصنع
وتلك رحى مجلت أنملاً * * * لطحن الشعير بها تسرع
وحقا بأن معاد الخلود * * * إلى الحق مبدؤه يرجع
فبالكوخ شيد هذا الضريح * * * بحيث الضراح له يخضع
ومن ظلمة الكوخ هذي الجنان * * * مصابيح فردوسها تسطع
وإن خشونة ذاك النسيج * * * لهذا الحرير هي المصنع
وشاهقة في سماء الجلال * * * بها قبة الافق تستشفع
لها مطلع فوق شمس الضحى * * * وللشمس من دونها مطلع
وتهوي الكواكب لو أنها * * * عقود بأنملها لمَّع
مقام علي وللمتقين * * * مقاعد صدق به ترفع
عجبت له كيف قرت به * * * على الارض أركانه الاربع
ولِمْ لا يحلق فوق السماء * * * وفيه ثَوى البطل الانزع
وعدت له عاذراً إنه * * * لثقل الامامة مستودع
أبا الحق والحق يسمو علاً * * * إذا كان فيك اسمه يشفع
حياتك وهي حياة الفقير * * * يحيط بها فقره المدقع
وقوتك قرص الشعير الذي * * * تسد بها الرمق الجوّع
ومدرعة الصوف وهي النسيج * * * وفي كل آونة ترقع
ومن جنس هذا النتاج الشريف * * * أزار البتولة والبرقع
وهاتيك عقباك وهي الخلود * * * وعقبى سواك هي البلقع
وله وعنوانها (عيد الغدير) قالها عام 1369 هـ قوله:
بالنور شق فم القرآن فانبثقا * * * فجر من الحق في دنيا الهدى ائتلقا
قد أطلعته على دنيا العقول هدىً * * * شمس الرسالة فاجتاحت به الغسقا
فجر من الحق والقرآن مطلعه * * * نص الامامة فيه قد بدا شفقا
ركب النبوة والصحراء حافلة * * * منه بأكرم ركب للعلى طرقا
ألوحي أنزله فيها وطاف به * * * صوت من الحق في أجوائها انطلقا
يا أيها المصطفى بلّغ جموعهم * * * نص الغدير ولا تخشَ الورى فرقا
فقام فيهم كما أوحى الاله له * * * مبلّغاً خاطباً في نطقه ذلقا
هذا (عليٌّ) إمام الحق بينكم * * * وفي إمامته القرآن قد نطقا
عيد الغدير وقد أكبرت من عظم * * * عيداً على كل عيد فضله سبقا
عيد به أنزل الباري بمحكمه * * * نوراً بفضل (عليٍّ) شع منبثقا
أليوم أكملت في نصب الوصي لكم * * * ديني وتمّت عليكم نعمتي غدقا
هذا علي وكان القرص يُعوِزه * * * قوتا ويطعمه في الله إن رزقا
يطوي النهار صياما وهو في سغب * * * وبالعبادة يطوي ليله أرقا
عين مؤرقة في الله ساهرة * * * للحق علّق جفناها فما انطبقا
وأنملٌ بعناق السيف مولعة * * * كعاشقين على حبّ قد اعتنقا
ومهجة في جهاد الكفر دائبة * * * حتى جرت وهو في محرابه علقا
هذا (عليٌّ) وذي دنياه حاشدة * * * بالزهد والنسك منه عفَّة وتقى
وهذه هي عقبى المتقين بها * * * وأي عقبى تضاهيها علاً وتقى
هذا هو العدل أعظم فيه من أثر * * * يفنى الزمان ويبقى مجده ألقا
أخا الرسول ويا نفس النبي علاً * * * من فيه قد باهل الرهبان مستبقا
ويا خليفته حقا وناصره * * * وياوزيراً حكاه سيرة، خلقا
أضحى كهارون من موسى له خلفاً * * * وكان قدماً الى الاسلام قد سبقا
بوركت في بيعة بالحق احكمها * * * امين وحي بغير الحق ما نطقا
وله من قصيدة (مولد الحق):
لمولد الحق شقّ البيت فالتهبا * * * نجمٌ بأفق الهدى قد اخمد الشهبا
وهزت الاية الكبرى بمعجزها * * * دنيا قريش وقد عجت بها لجبا
فماج بالنور من أم القرى أفق * * * طلق الضحى سار بالاضواء منسكبا
وكبّر المجد إعلاماً بمولده * * * في حين أبصر من آياته العجبا
وأقبلت فيه والقرآن طلعته * * * أم العلا وهداه يخرق الحجبا
وافت مبشرة والطهر بردتها * * * شيخ الاباطح بالنور الذي وهبا
قد شرف الله منها القدر اذ وضعت * * * في بيته بعليٍّ فارتقت رتبا
في حين قد أبعدت والبيت معبدها * * * أم المسيح لجذع يسقط الرطبا
* * *
يا مصدر الحكم فصلا في عزائمه * * * ومورد العلم نهلا سائغاً عذبا
وروعة الحق تجلي كل غاشية * * * من نورها بيقين يمحق الريبا
ونفحة القدس تطغى من شمائله * * * بعابق هو روح يخمد اللهبا
أكبرت عقلا تبنى كل ناشئة * * * من المعارف أوحاها فكان أبا
فيض من الذهن عذب النبع ما نضبا * * * تقرى مواهبه الاجيال والحقبا
وشعلة من شعاع الفكر مشرقة * * * تمشي العقول على أنوارها خببا
وروضة من حقول العلم مخصبة * * * من أصغريه بما أوحى وما كتبا
صنو العقيدة غذاها فكان لها * * * أصلا وكانت له من بعده عقبا
ثقل الامامة مجد لم يكن معه * * * سوى النبوة مجد يلتقي حسبا
يا منطق الحق في التاريخ قص لنا * * * روائعاً عجت الدنيا بها طربا
حدث فأنت لسان قد روى العجبا * * * ومسمع قد وعى الاسفار والكتبا
عن سيرة القائد الاعلى وسيرته * * * قد أحرز المجد في مضمارها القصبا
وخطها في جبين المجد حين جرى * * * دم الشهادة في محرابه ذهبا
أوحى بها الف باب من معارفه * * * (مدينة العلم) أوحتها له نجبا
وشيد العدل إذ أرسى قواعده * * * على ضفاف قضاء عادل نصبا
فاقصص على مسمع الاجيال ملحمة * * * للعلم ضجت بها ساحاتها صخبا
عن منشئات صدور تحمل الكتبا * * * وألسن تثمر العرفان والادبا
ومشرقات عقول بالهدى كشفت * * * عن كل سر بقلب الغيب قد حجبا
فمسجد الكوفة الغراء مدرسة * * * ومنبر (لعلي) قد روى الخطبا
* * *
مدينة السبط يا مهداً به ولدت * * * من العواطف دنيا رفرفت حدبا
وتربة خط قلب المجد من دمه * * * مثوى البطولة فيها عزة وإبا
ومصرعاً من أبيِّ الضيم فيه هوى * * * جسم مقطعة أوصاله أربا
أحيى الحسين به الاسلام حين رأى * * * أبناء حرب وقد أودت به حربا
أبو الائمة أوفى نجمه صعدا * * * حتى هوى كل نجم دونه صببا
غرس أرومته الزهراء فاطمة * * * والمرتضى حيدر أعظم به نسبا
من أهل بيت كتاب الله طهّرهم * * * وأذهب الرجس أماً عنهم وأبا
* * *
مدينة النجف الغراء يا أفقاً * * * يوحى ويا تربة تُحيى بما خصبا
كم احتضنت وكم خرّجت نابغة * * * فذاً وشيخاً على أسفاره حدبا
فأنت مدرسة للعلم جامعة * * * تبني العقول وتقريها بما عذبا
(مدارك) العلم منها فجرت ولها * * * (مسالك) قد سلكنا نهجها الرحبا
كم التقطنا (ببحر) من معارفها * * * (جواهراً) من علوم تبهر الذهبا
وكم كشفنا (غطاءً) عن (سرائرها) * * * (بلمعة) كشفت ما كان محتجبا
وكم قطفنا ثماراً من (حدائقها) * * * و (بلغة) قد بلغنا عندها الاربا
وآنستنا (رياض) من (معالمها) * * * فيض (الشرائع) منها قط ما نضبا
وهذبتنا (دروس) من (قواعدها) * * * قد كان فيها (خلاف) العلم (منتخبا)
وثقفتنا (بمبسوط) (البيان) لها * * * (رسائل) نسقت (تبيانها) نخبا
وأدبتنا (فصول) كلها حكم * * * من (القوانين) فيها تحسن الادبا
(مكاسب) العلم أضحت من (كفايتها) * * * (وسائلا) يبلغ الراجي بها الطلبا
وعاد للعلم والاسلام (تبصرة) * * * (مستمسك) العروة الوثقى بها سببا
محمد سعيد الجشّي
(1338 هـ - 1410 هـ)
الاستاذ محمد سعيد بن محمد بن احمد آل سعود الجشي، شاعر فاضل وأديب كاتب، ولد في
القطيف/ السعوديّة عام 1338 هـ/ 1920م، ونشأ فيها فأدخله والده الكتّاب فأتقن مبادئ
العلوم ثم درس على اساتذة كان آخرهم امام القطيف الشيخ الخنيزي الذي تبنّاه في
مهمّة النهوض بالمنطقة فكريّاً وتنشئة ذوي المواهب اضافة الى دور والد الشاعر،
واستاذه الاخر الشيخ علي الجشّي فقرأ كتب التراث ثم تطلّع إلى نتاج المحدثين
فتهيّأت له ملكة الشعر وبرز في المنابر والمناسبات والمنتديات واشتهر وطرق اغراض
القصيد المعروفة ثم أثّر في العديد من الشعراء الشباب الذين اقتفوا أثره ونهلوا من
تجربته فأثروا تجاربهم، وكان قد نشر في الصحافة وكُتبت عنه الدراسات وله عدّة
مجاميع شعريّة وغيرها. توفي عام 1410 هـ/ 1990م.
وله من قصيدة شهيد المحراب قوله:
لمن الجرح سال قاني الدماءِ * * * وكسا الافق حلة الارزاءِ
سال وسط المحراب والبطل المجـ * * * ـروح يرنو بطرفه للسماء
قائلا (فزت) حان مني رحيلٌ * * * لنعيم وجنة خضراء
يالفجر أطلّ مرتعش الخطـ * * * ـو فإطلالُه بلا أضواء
والامام الشهيد أهوى جريحاً * * * وسط محرابه خضيب دماء
حملوه إلى الفراش كأن الـ * * * ـبدر قد لُفَّ شاحباً في رداء
وطوى الحزنُ والاسى كوفةَ المجـ * * * ـد فماجت في لوعة وبكاء
قد تهاوى (ابو الحسين) قتيلا * * * من مُعزّ به (ابا الزهراء)
خارجي أراده بالسيف غدراً * * * وهو سيف الاسلام كهف الرجاء
وبنوه على أحرّ من الجمـ * * * ـر التياعاً من فعلة الغوغاء
وبنود الجهاد لفّت على حز * * * ن عميق في ساحة الهيجاء
* * *
أين سحر الاذان في كل فجر * * * يتعالى مُرَدَّدَ الاصداء
لم يعد يسمع الندا من (علي) * * * فالصباح البهيُّ رهن انطواء
فقد اغتيل في الصلاة (عليٌ) * * * وهوى التاج من ذرى العلياء
جرح الليث فامرحي ياسوام * * * أنت في مأمن وفي أفياء
وهوى البند فاهدئي يا قلوباً * * * راعها منه رَفّةٌ في الفضاء
ثلّ عضب الاسلام يا للمقادير * * * وغال الظلامُ شمسَ الضياء
مصرعٌ للامام في ساحة المحـ * * * ـراب خطبٌ لامّة شمّاء
ضاع منها السراج وانحطم السيـ * * * ـف ولُفَّت صحائف الانبياء
بعد (طه) ما مثله من امام * * * يتسامى لمنبر أو فضاء
لا ينال القوي منه مراماً * * * في حقوق تزوى عن الضعفاء
* * *
من إلى منبر الخلافة يعلو * * * يرسل القول بالمعاني الوضاء
من إلى السيف والجيوش حشود * * * يتحدى ضجيجها بمضاء
من إلى الوعظ والنفوس عطاش * * * من إلى العلم من إلى العلماء
من لشيخ في كسره واهن العظـ * * * ـم رهين بسقمه والشقاء
إن أتى الليل سار سراً إليه * * * حاملاً زاده بطيّ الرداء
ويتيم بين الملا فقد الاهـ * * * ـل يعاني من جوعه والعراء
من له كافل بقلب حنون * * * يتولاه مطعما في الماء
قد غدا الكون مكتس حلل الحز * * * نِ بصبح مُروّع الانباء
و(قطام) شفت غليلا من الحقـ * * * ـد ونامت على فراش هناء
و(شقي الانام) شُلَّت يداه * * * يتهادى في نشوة الخيلاء
و(علي) فوق الفراش مسجّىً * * * أضعف الجسم منه نُزف الدماء
* * *
يالغدرِ الزمان تحجب شمس * * * ويجف الغدير من عذب ماء
أفباني الاسلام حامي حماه * * * غدرة يقتلونه في اعتداء
يرجف الجيش ان تخطى إلى الجيـ * * * ـش بسيف مُروّع في انتضاء
يتوارى الكمي عنه برعب * * * واذا همَّ راح في الاشلاء
واذا لاذ بالفرار فقد لا * * * قى من النبل ساحة الكرماء
ان هذا الامام لا يبتغي شيـ * * * ـئا سوى الدين شامخا في البناء
رفع العلم للانام منارا * * * وتسامى كالشمس في الاجواء
فتفيَّأ يا دهر منه ظلالا * * * وتنوَّر بحكمة وضياء
فكنوز العلوم رهن أياديـ * * * ـه بأرض محزونة أو سماء
* * *
يا عطوفاً على اليتامى بقلب * * * أبوي في رحمة وسخاء
ذي يتاماك من لها رهن أسر * * * أموي في شدة وعناء
ان شكت لاحت السياط عليها أو * * * دعت مالها مجيب دعاء
و(حسين) بكربلاء عفير * * * وعليه جالت خيول العداء
تركوه على الصعيد بلا دفن * * * ثلاثاً مزملاً بالدماء
خطبه أحزن السماوات والار * * * ض وأدمى للصخرة الصماء
* * *
وله من قصيدة اخرى مطلعها:
من صوب كأسك ما نعلُّ ونجرعُ * * * يا أيُّها النجمُ المشعُّ الارفعُ
يقول:
بالمصلت السيف الفقار اذا حمى * * * وهج وصكّت من جبان أضلع
بالمعتلي فوق المنابر خاطباً * * * يلقي المواعظ والمحاجر تدمع
بالقاسم الاموال وهو بفاقة * * * بالمؤثر المسكين وهو المدقع
ساوى بعبد سيّداً في شرعة * * * أرسى قواعدها وشاد مشرّع
خطّت رسالته الى دنيا الورى * * * نهجاً يردُّ الموبقات ويقمع
هذا الامام الشامخ الامجاد في * * * كلّ المواطن للبريّة مفزعُ
المال بين يديه تبرٌ سائِلٌ * * * وهو الكريم الزاهد المترفّع
قد قال للدينار غُرَّ مغفَّلاً * * * انا ليسَ يُغريني نضارٌ يلمع
نهجي هو القرآن عدلٌ شاملٌ * * * فيه الفقيرُ مع الغنيّ يُمتّع
حتى قال:
هذي أبا حسن تحيّة شاعر * * * وافى يغرّد في حماك ويسجع
ما شعَّ فجرٌ أو تألّق كوكبٌ * * * في الافق الاّ كان منك المطلعُ
عبد النبي الشريفي
(1338 هـ -...)
الاستاذ عبد النبي ابن الحاج علي بن حسن بن شريف الشريفي.
ولد في النجف عام 1338 هـ/ 1920م وقد توفي والده وهو صغير فكفله أخوه الاكبر الذي
أدخله الابتدائية، ثمّ عمل كُتبيّاً عند اخوته ثم استقلّ في مكتبة له، وأثناء عمله
في مكتبته دخل الثانوية فأتمَّها عام 1368 هـ، ثم دخل كلية الحقوق. وبعد تخرجه عمل
ملاحظاً في مديرية صحة الكاظمية. وكان مثقفا نشِطا لا يحجم عن إطلاع الشباب على
آراء الكتّاب في العالم العربي وعن نشر الثقافة الحديثة بين أوساطهم. وعلى إثر ذلك
أحدث جمعية (ندوة الادب) التي انهارت بعد ثلاث سنوات من تأسيسها بسبب عدم التساوي
الذهني بينه وبين باقي اعضائها. له كتابان: ومضان الشباب، وفي ذكرى سعد صالح، ولم
يتيسر لنا الاطلاع بعد ذلك على اعماله ونشاطاته.
وله في الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة:
كم بسفر التأريخ من صور شـ * * * ـتّى لديه تخالفت ألوانا
حتى قال:
صحف للتأريخ تلمع فيها * * * أنجم فوق أفقه لمعانا
ضم - فيما قد ضم - فيه فريقيـ * * * ـن كشوك يجاور الريحانا
جمع النتن في ثناياه والمسـ * * * ـك وضم الافراح والاحزانا
غير أن التأريخ جلّى المقاييـ * * * ـس وأعطى (ضيوفه) الاوزانا
منزلا عبد شمسِ منه مقاما * * * وإلى هاشم أعد مكانا
أترى يستوي عليّ ومن نا * * * واه إن قست بالثرى كيوانا
قد أحل التأريخ حيدرة الطهـ * * * ـر مقاما ذا رفعة لا يدانى
ولد المرتضى فغير للتأ * * * ريخ مجرىً وطوَّر الازمانا
ولد المرتضى فكان دليل الـ * * * ـلّهِ ما بين خلقه والبيانا
حجة الله بعد أحمد في النا * * * س وأزكاهم سيداً ولسانا
ساعد المصطفى القوي الذي كا * * * ن نجاة الى الورى وأمانا
إن دعوه أبا تراب فيا طيـ * * * ـب تراب شأى به العقيانا
مَن حَمى الدين غير سيف أبي السبـ * * * ـطين من شاد للهدى بنيانا
إن ترد أن تحيط بالدين والاسـ * * * ـلام خُبْراً وتعرف الايمانا
أو ترم كشف ما بموسوعة الاسـ * * * ـلام مذ كان عوده ريّانا
فتأمل حياة حيدر تستغـ * * * ـني عن الدرس ممعنا إمعانا
ستشفّ السجوف للعين كالصبـ * * * ـح وتغزو الحقايق الاجفانا
فترى في علي أزكى خلال * * * قد حواها الاسلام منذ استبانا
وترى في الوصي أضخم تأريـ * * * ـخ لعهد الاسلام يبدو عيانا
تبصر العدل والاخاء وحب الـ * * * ـخير فيه تجسّمت برهانا
تبصر الحق والبسالة والعر * * * فان والحلم والندى والبيانا
في علي مجموعة المثل العلـ * * * ـيا تجلّت لا تحتوي أدرانا
عبد الحميد الصغير
(1338 هـ -...)
الشيخ عبد الحميد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ علي بن حسين ابن الشيخ شبير المعروف
بالصغير، من آل خاقان.
ولد في النجف عام 1338 هـ/ 1920 م ونشأ فيها حيث تلمذ على أبيه وكان من المرموقين،
وعلى ابن عمه الشيخ محمد طاهر الخاقاني. وبعدهما حضر في حلقات مشاهير العلماء أمثال
السيد الخوئي حيث حضر درسه في الاصول. لم يكن مكثرا من قول الشعر رغم تضلّعه فيه ;
ولذا لم يترك سوى ديوان صغير يجسد شاعريته ومتانة نظمه. ورغم أنه كان في ريعان
الشباب إلا أنه - كما نقل فيه - كان بعيدا جداً عن نزق الشباب. وكان الجالس إليه
يظن انه يعيش في غير أجواء النجف فهو كثير النقدِ لمجتمعه بإسلوب شعري حساس وذوق
إنسان متنور الذهن واسع الاطلاع.
وله وعنوانها - من وحي الغدير - قوله:
هو الشعر حاول أن تكون مجدداً * * * معانيه واحذر أن تكون مقلدا
ففي الشعر تخليد العواطف حية * * * فم الدهر لا ينفك فيها مرددا
كما خلد التاريخ من هاشم فتىً * * * أقام له الدنيا علواً وأقعدا
إمام نهى ألقى البيان زمامه * * * اليه فأمسى بالبيان مقلدا
فذا نهجه فاستقص آيات نهجه * * * تجد فيه مجداً للبلاغة خلدا
وقرآن آداب إذا ما تلوته * * * رأيت على آياته الدر نضدا
فكم خطبة جلت عن الوصف ضمنها * * * مواعظ إرشاد لمن طلب الهدى
إمام وقد زان الامامة شخصه * * * وجلببها ثوبا قشيبا مجسدا
وقد جاء في شرع العدالة سالكا * * * بأمته النهج السوي المعبدا
رأى أن دين الله شرع على الورى * * * لذلك ساوى الناس عبداً وسيدا
إمام الورى يهنيك ذا العيد عائداً * * * فقد كان يوما للبرية أسعدا
ففيه رسول الله صرح معلنا * * * بفضلك في الجمع الغفير وأشهدا
فقال أراد الله شخصا لدينه * * * يقوم بأعباء الخلافة مفردا
فلم ير أولى من عليّ لدينه * * * وصياً فخص المرتضى وبها ارتدى
فدونكم هذا الوصي به اقتدوا * * * إماما عليكم والسعيد من اقتدى
ومذ أبصروا فعل النبي وقوله * * * بشأن علي في الولاء مؤكدا
أتوه يزفون التهاني بمنصب * * * له الله أمسى والنبي مشيّدا
السيّد علي ابن السيد رضا ابن السيد محمد الرضوي الشهير بالهندي، شاعر ساخر وأديب
مسرحي.
ولد في النجف الاشرف عام 1340هـ/ 1922م، ونشأ على أبيه فقرأ بعض المقدمات لكن القدر
عاجل أباه فحار في أمره حيث لا كافل له فاضطرّ - ليعيش - إلى نظم الشعر عام 1354،
وأول نظمه كان في الامام الحسين (عليه السلام)، ثمّ رقى المنبر الحسينيَّ راثياً
وواعظاً، وشعره قليل التكلّف ذو طابع روائي تمثيلي وله في غماره مسرحية شعرية
بعنوان (الزواج بين الحب والمال) كما كان ينزع إلى السخرية والتمرّد في اغلب
قصائده، ولم يتيسّر لنا الاطلاع الكافي على ترجمته الباقية.
كان يكثر السفر إلى مختلف مدن العراق دون علقة له بها.
وله يمدح الامام عليا (عليه السلام) قوله:
أقسمت بمبسمك الدرّي * * * إني أهواك مدى عمري
وأهيم بذكرك والاشوا * * * ق تَجيش بحبّك في صدري
إلى أن يقول:
فندبت أبا حسن ذخري * * * في الروع وأكرمْ من ذخر
مولاي لقد قصّرت وقد * * * أغرتني النفس بما يغري
والنفس تقول وقد شعرت * * * بالضيق وباءت بالفقر
لذ يا ذا الذنب بحامي الجا * * * ر فلذت بذاتك يا فخري
أمبيد الصيد لدى الهيجا * * * ء وماحِقَ أجناد الكفر
ومشتّت أحزاب الاعرا * * * ب وسرّ الفتح لدى بدر
ومميت الغلب بيوم الحر * * * ب وحامل ألوية النصر
يا قطب الحرب بفتك الضر * * * ب وملقي الرعب لدى الكر
إن صلت بسيفك في فئة * * * فالنصر يصول على الاثر
فاذا أنهيت الحرب وقد * * * أرديت الشوس بلا حصر
ألفاك الناس لدى المحرا * * * ب ودمعك ينثر كالدر
لك يا أسد الله الضاري * * * فتكات خالدة الذكر
يا قاتل مرحب إذ وافى * * * وبقصة مصرعه يدري
وصرعت بسيفك عمرَو ومن * * * لولاك يشد على عمرِو
فاقبل يا ساقي الكوثر ما * * * قد قلت - بمدحك - من شعري
محمد صادق القاموسي
(1341 هـ - 1408 هـ)
الاستاذ محمد صادق ابن الحاج عبد الامير ابن الحاج صادق البغدادي المعروف
بالقاموسي، كاتب وشاعر أديب.
ولد في النجف عام 1341 هـ/ 1923م ونشأ على أبيه الذي كان يبيع القماش في حانوت لم
يكن يخلو ساعة من عالم أو فقيه أو أديب أو شاعر.
كان والده قد هاجر إلى النجف قبيل الحرب العالمية الاولى برغبة من خاله الشيخ باقر
القاموسي (ت 1352)، ولالتصاقه به ; لقب بلقه.
وكان المترجم له يختلس الوقت للذهاب إلى الجامع الهندي لدراسة علوم الحوزة
العلميّة، وعندما فُتحت كلية منتدى النشر عام 1357 دخلها حيث واصل دراسته وتخرج
منها. ثمّ لازم عميد المنتدى الشيخ محمد رضا المظفّر وزملاءه حيث أخذ عنهم الاصول
والفقه وكان في الوقت ذاته مشرفاً على تحرير مجلة (البذرة).
بدأ بقرض الشعر عام 1359 هـ، وكان دائم الاطلاع على الادب والثقافة حتى أنه لا يقع
كتاب تحت يده إلا قرأه، وله مكتبة عامرة تشهد على حسه وذوقه وله عدّة مؤلّفات كما
له ديوان شعر وهو مشاركٌ في الكثير من ندوات الادب واحتفالاته في النجف الاشرف
وخارجها. توفي عام 1408 هـ.
وله بعنوان «العيد الحزين» قوله:
أيطربني ماض بعدلك زاهرُ * * * وقد ملا الدنيا من الظلم حاضرُ
وتفرحني الذكرى وما زلت خاضعا * * * لامر الالى قِدْما عليك تآمروا
تباركت يا يوم الغدير وللهدى * * * سنا واضحاً لو أحسن البحث حائر
تعاليت دستوراً به العدل دولة * * * وقدست سلطانا به الحق آمر
قرأتك (نصاً) تستشف سطوره * * * سناً و (حديثا) يصطفيه التواتر
فما هالني إلاّ ختولٌ مؤوّلٌ * * * وما راعني إلاّ جهولٌ مكابر
أبا العدل يوم المصلحين كأمسهم * * * عصيب وليل المستضامين عاكر
اذا لم يسر في الناس سيرك مصلح * * * أمين على نشر العدالة قادر
فلا يصلح الدنيا عتاد وقوة * * * وإن حاطت الستّ الجهاتِ العساكر
وأنّى وقد ساويت في الحق (قنبراً) * * * تقاسمه ما تقتني وتشاطر
وما بت مبطانا وفي الناس جائع * * * ولو شئت ألهاك الغنى والتكاثر
عبد الغني الحبّوبي
(1342 هـ -...)
الاستاذ عبد الغني ابن السيد حسين ابن السيد محمود الحبّوبي، أديب ناقد.
ولد في النجف الاشرف عام 1342 هـ/ 1924م في بيئة نقية فاضلة. دخل كلية الحقوق عام
1366 هـ حيث اشتغل بعد تخرجه منها في سلك المحاماة. سافر عام 1371 إلى مصر لدراسة
النظم الجمركيّة. وكان له نشاطات تدريسية في اللغة والادب في متوسطات بغداد والبصرة
الاهليّة.
شخصيته متزنة، محمود السيرة، معتدل التوجه. ورث شعوره الوطني من أهله، كعمّه السيد
محمد سعيد الحبّوبي. تأثُره بشعر عمه واضح البصمات، وقد تولّى الاشراف على طبع ونشر
اعمال السيد الحبوبي الشعرية والكتابة عنه، ولم يتيسّر لنا الاطلاع الوافي على مجمل
ترجمته بعد ذلك.
وله من قصيدة:
وما الذي غمر الارواح قاطبةً * * * حباً لالِ الرسول المصطفى النجبِ
أئمةٌ يستضيء التائهون بهم * * * كما استضاء سراة الليل بالشهب
أئمةٌ وانتصار الحق دأبهم * * * والعدل في الحكم بعض القصد والارب
أئمةٌ جاهدوا من أجل دينهم * * * حتى استقام فما يشكو من النصب
توارثوا قوة الايمان عن بطل * * * هو الاب البرُّ حامي غابة الاشب
ذاك الامام (علي) جلَّ واهبه * * * مالم يجدْ لامرئ فيه ولم يهبِ
لولاه ما رفعت للدين ألويةٌ * * * ولا هوت من ذراها راية الشغب
إن الامامة ثوبٌ ليس يلبسه * * * إلا ذووه ومن يطلب ذكا يخب
ساس الرعية من بعد النبي ولم * * * يلجأ إلى الغش بين الناس والكذب
رأى الخلافة أما أن تقومها * * * يد العدالة والعرفان والادب
أو لا فإنَّ أساس الظلم منهدمٌ * * * وإن عاليَ ما يبني إلى صبب
مضى على سنَّة الهادي الامين ولم * * * تغرَّه كسواه ومضة الذهب
لم يزدرِ الفقراء البائسين ولم * * * يركن لتفضيل أهل الجاه والنسب
ولم يجُد بحقوق المسلمين ولم * * * يؤثر أصيحابه بالحكم والرتب
يا أيها المثل الاعلى بسيرته * * * بين الرعية من ناء ومقترب
أعزز على الامّة الثكلى بسيّدها * * * مخضّباً بحسام منه مختضبِ
عبد الرسول الجشي
(1342 هـ -...)
الاستاذ عبد الرسول (عبد الله) ابن الشيخ علي بن حسن بن محمد علي، يتصل نسبه بناصر
الشهير بالجشّي القطيفي.
ولد في النجف عام 1342هـ/ 1924م ونشأ فيها وتلمذ في المقدمات على أبيه ونخبة من
أساتذة معروفين اتجه بعد ذلك صوب الادب فتردد على جمعية الرابطة.
هاجر إلى القطيف مع أبيه الذي عُرِفَ كمرجع ديني عام 1368 هـ فصار هناك من الادباء
المبرزين وقد نشر نتاجاته الشعرية في كثير من الصحف العربية وشارك في العديد من
المهرجانات الادبية وله مجموعات شعرية تحت الطبع وملحمه شعريّة. وما يزال يواصل
شوطه الادبي في القطيف.
وله من قصيدة:
وقد أقمنا على ظهر الغريّ لنا * * * معاهداً سطعت من أفقه شهبا
وحسبنا القبةُ الحمراء مشرقةٌ * * * يهفو لها من نآى داراً ومن قربا
فاضت على النجف الاعلى أشعتها * * * فلا يبالي أراح البدر أم غربا
لقد قبسنا اقتداءً من أبي حسن * * * ألعزم والحلم والعرفان والادبا
وقد قرأنا سطوراً من بسالته * * * حمراً كأنَّ دم الابطال ما نضبا
فوجّهتنا اتجاهاً من يحقّقه * * * منّا فقد حقّقَ الامال والاربا
محمد حسين المحتصر
(1342 هـ -...)
الاستاذ محمد حسين ابن العلامة الشيخ منصور الشهير بالمحتصر، أديب شاعر.
ولد في النجف ودرس على أبيه والشيخ صالح نعمة مقدمات العلوم، ثم درس الاصول والادب
على السيد محمد جمال الهاشمي.
هاجر إلى لبنان عام 1361 هـ ثمّ عاد إلى النجف الاشرف بعد أربع سنوات فانصرف إلى
الدراسة الاكاديميّة بخطوات سريعة ثمّ اشرف على تحرير مجلّة العقيدة، ثم اختير
مدرّساً في منتدى النشر، وله كتبٌ عدّة في التاريخ والنقد والشعر ولم يتيسّر لنا
الاطلاع على ترجمته اللاحقة بعد ذلك.
وله بعنوان - قصة الغدير - قوله:
في بقعة جرداء ليس بأرضها غير الصخورِ صحراء يخشى السائرون بها مغبات المسير في قلب
صحراء الحجاز وبطن واديه الكبير نزل النبي وكان ذلك عند هبّات الهجير أمر النبي
بمنبر يعلوه من قتب البعير ودعا المؤذن أن ينادي الركب في صوت جهير فتدافع الجمع
الغفير عليه بالجمع الغفير فمضى رسول الله يخطب فيهم من فوق كور يا قوم هل بلغت عن
ربي خفيات الامور؟ يا قوم إني راحل عنكم إلى المأوى الاخير هذا علي بينكم في كل
معضلة وزيري هذا علي لا يجوز لغيره لقب الامير ألله نص عليه فهو خليفة الله القدير
فانصاع أصحاب الرسول صغيرهم خلف الكبير يتسابقون إلى السلام عليه في يوم الغدير مضت
الشهور تسير مسرعة على إثر الشهور حتى إذا رفع الرسول إلى فسيحات القصور وخلت ديار
محمد من وجهه السمح المنير لعب الزمان كما أراد وقال للايام دوري واذا الامام أبو
الحسين يقاد فيهم كالاسير واذا الامير يبايع المأمور في قلب كسير الله ما أقسى
القضا وأشد عادية الدهور
محمد حسين الصافي
(1343 هـ -...)
الاستاذ محمد حسين ابن السيد نعمة ابن السيد محمد ابن السيد صافي.
ولد في النجف عام 1343هـ/ 1924م دخل المدارس الاكاديمية ثم كلية منتدى النشر فدرس
فيها العلوم الدينية ثمّ عين مدرساً لابتدائية المنتدى ومتوسطتها. له حياة مسلم بن
عقيل ومناظرات الصادق مع الملاحدة وغيرها. شعره يفيض حساً وذوقا ويمتاز بخيال خصب
وديباجة مشرقة انتقل إلى بغداد وعمل في التجارة، ولم يتسنَّ لنا الاطلاع على ترجمته
اللاحقة.
وله في يوم الغدير قوله:
«عيد الغدير» تجدَّد في مغانينا * * * واخلد كما خلدت فينا معالينا
وعطّرِ الكون بالذكرى ولا عجبٌ * * * فعطر ذكراك قد فاق الرياحينا
وندِّ أرواحنا الظمأى فقد يبست * * * عروقها ورذاذٌ منك يكفينا
سلِ العصور التي مرت فقد شهدت * * * يوماً أحاطت به علماً وتدوينا
في كل عام يعيد الدهر جدّتَه * * * كأنما الدهر أضحى فيه مفتونا
سل العصور ففي أرجائها أرجٌ * * * من الامامة لا ينفك ينبينا
تاجَ الامامة حدِّثْنا فأنت إذا * * * ثارَ الحجاج مع الاعداء قاضينا
مَن نظَّم اللؤلؤ اللماع فوقك أم * * * من نضَّد الجوهر الوهاج تزيينا
ألم يَصُغْك الذي من لطفِ حكمتهِ * * * قد صاغ قبلك تيجان النبيينا
فكيف أعمل فيك الناس رأيهم * * * فتوّجوا بك أذناباً مداجينا
أللزكاة فما كانوا المزكينا * * * أم للصلاة فما كانوا المصلينا
يا منبر الوحي حدِّثنا أما حفظت * * * أعوادُك الزهرُ أصواتَ المنادينا
أما تجمّعَ ذاك الركب حولك في * * * لفح الهجير إلى الدعوى ملبينا
أما ارتقى متنك الميمون سيدهم * * * فاهتزَّ عودك فخراً وازدهى لينا
حدث عن الحق مذ فاضت منابعهُ * * * في لفظِ أحمد يحكي الوحي مأمونا
أما سمعت مقال الوحي ممتدحاً * * * أبا تراب وقول الناس آمينا
وقال من كنتُ مولاهُ فحيدرةٌ * * * مولاه مَن فيه في الجلّى تلوذونا
فهو الامام وهذا الوحي يخبرني * * * ولاؤه بولائي بات مقرونا
فماجت الناس وانثالت جموعهم * * * على إمامهم الزاكي يهنّونا
ألقِ السعادة في أحضان حاضرنا * * * (عيدَ الغدير) كما أسعدتَ ماضينا
ذا موسمُ البهجةِ الكبرى فليس لنا * * * إلا بذكركَ أن نشدو أغانينا
صدر الدين الشهرستاني
(1351 هـ -...)
السيد محمد علي (صدر الدين) بن محمد حسن بن مهدي بن الخليل الموسوي الحكيم
الشهرستاني، عالمٌ فاضلٌ وأديبٌ خطيل، ولد في كربلاء المقدّسة - العراق عام 1351
هه/ 1932 م من أسرة ذات شرف وفضل وادخل الكتاتيب ثم المدرسة الرضوية للعلوم
الدينيّة متتلمذاً على بعض رجال العلم المعروفين وحاضراً دروس الشرع المقدّس حتى
أتمّها عند مجتهدي الحوزة العلمية الكربلائية ومبّرزيها الافاضل، كما تعلّم الخطابة
الحسينيّة عند استاذه المعروف الشيخ محسن ابو الحب وغيره من رجالها ثم أصبح أحد
اكفائها المعهودين، إضافة الى مشاركته في النشر والتأليف من خلال المجلاّت
والدوريات الثقافية والادبية حتى اصداره مجلة (رسالة الشرق) في كربلاء المقدّسة،
وارتياده لمحافل الشعر ومنتدياته، وادارته لمدرسة الامام الصادق الاهلية، ثم
انضوائه في سلك دورة رجال الدين التربويّة التعليميّة حيث عمل إثرها معلّماً في
المدارس الرسميّة اضافة الى استمراره على الخطابة الحسينيّة حيث له حضور حافل
ومجالسٌ حاشدة... اعتقل عام 1411 هـ مع غيره من العلماء والخطباء اثر القضاء على
الانتفاضة الشعبانية المباركة ولم يعلم خبره حتى هذا اليوم، له عدّة مؤلّفات اغلبها
مخطوط ومنها ديوان شعر.
وله من قصيدة «مولد النور» قوله:
حق يشاد وباطل ينهار * * * ان كنت تنكر ذا فذي آثار
حتى قال:
الحق يعلو اذ تجلى توأما * * * لعلا وليد انجبته نزار
ولد ببيت الله واتفقا مع الـ * * * ـقرآن ذاك المرشد القهار
قم يا أخيُّ فان ركب عصابة الـ * * * إلحاد قد أودى به الاعصار
انظر فهذي لبوة وامامها * * * اسد هزبر ضيغم هيصار
هي بوة الاسلام فاطمة وذا * * * في كفها هو شبلها الكرار
خرجت من البيت الحرام لتمنح الـ * * * ـدنيا فتى كشفت به الاسرار
هو ذا علي المرتضى بطل الهدى * * * ولدين أحمد سيفه البتار
عطفا أمير المؤمنين فإن لي * * * قلبا يهيم لحبكم يختار
اسلمته للحب حين خبرته * * * اذ فيه يكمن رسمك النوار
فأثار عاطفتي وألهب فكرتي * * * وإليك منها زفت الاشعار
انا مخلص في الحب لن اغتر في * * * اقوال من لفّوا بنا او داروا
لكن اراني الكناً في مدحكم * * * ولسان ودي في ثناك بحار
اخرست كل الواصفين وهيّج الـ * * * أفكار منهم بحرك الزخار
انت المؤازر للرسول وفي الوغى * * * للجند انت القائد المغوار
انت المطبق للشريعة معلنا * * * ان النظام نظامنا الجبار
انت المشيّد للعدالة صرحها * * * في سحق من قد ضللوا أو حاروا
لولاك لا شمس ولا قمر ولا الـ * * * أفلاك فيها كوكب سيار
يا مرشد الدنيا لكل مواقف * * * ان حاربوا او سالموا أو ثاروا
ومعلم العلماء في منهاجه * * * وبه تشيد ركنها المنار
يا صاحب النهج القويم ومن لنا * * * (نهج البلاغة) من علاه منار
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] البيت ناقص الوزن ، وكذا ورد في الاصل .
[2] الضمير يعود على المشهد في البيت السابق
[3] المراد من الثريا هنا ثريا الكهرباء في سقف المشهد المعبر عنه لسموه بالسماء .