السيد، الدكتور، داود بن سلمان بن محمد علي العطّار، مؤلّفٌ فاضل وعالمٌ مجاهد
وسياسيٌّ إسلاميٌّ معروف. ولد في الكاظمية - بغداد - العراق عام 1349 هـ/ 1930 م
وبها اكمل دراسته الثانوية ثم اشتغل كاسباً ثم دخل كلية الحقوق فتخرّج منها عام
1387 هـ ثم حصل على ماجستير في الشريعة من بغداد ، ثم بعد ذلك على دبلوم الدراسات
العليا في الحقوق من جامعة القاهرة، ثم نال شهادة الدكتوراه في الحقوق عام 1399 هـ
اما حياته العملية فهو مجاهدٌ معروف طالما نافحَ عن دينه وعقيدته منذ اوائل شبابه
من خلال مواقفه الجريئة المشهودة على الاصعدة الاجتماعية والثقافية والسياسية
مسجّلاً حضوراً مميّزاً في فترة اتّسمت بالمواجهة مع التيارات المنحرفة والانظمة
الحاكمة في العراق منذ اوائل الستّينات الميلادية، حيث كانت للمترجم له أنشطة كثيرة
متعدّدة منها قصائده الاحتفالية الشجاعة التي حفظها جيله المؤمن عن ظهر قلب في
المناسبات والمواسم الادبيّة، وكذلك نشاطه التنظيمي الحافل في الحركة الاسلامية
المعاصرة، وتربيته ورعايته للعديد من الشباب الواعي، ومساهمته في مشاريع مختلفة،
وتدريسه في كلية اصول الدين وغيرها من المحافل الجامعيّة، ووقوفه الى جنب المرجعية
الدينية خصوصاً السيد الحكيم (رحمه الله)والشهيد الصدر (قدس سره)، وعلاقاته الواسعة
مع رجال العلم والفكر والثقافة، ومشاركته في الجهد الاعلامي والتأليفي من خلال
الاصدارات والتأليفات، وغير ذلك ممّا أدّى الى اعتقاله مرّات عديدة واضطراره الى
مغادرة العراق شطر مصر ثم الكويت حيث عمل فيها مديراً عاماً لدار التوحيد للنشر
والتوزيع المعروفة بإصداراتها الوفيرة في الفكر الاسلامي، ثم مغادرته الكويت الى
ايران ابان انتصار الثورة الاسلامية حيث جرت محاولات عراقية للتضييق على العاملين
الاسلامين وخطفهم وتسليمهم الى السلطات الغاشمة..
وحين استقرّ به المطاف في الجمهورية الاسلامية وانتقل معه معظم طاقم دار التوحيد،
واصل إدارتها لمدّة ثلاثة اعوام إضافة الى دوره البارز في حركة المعارضة الاسلامية
العراقيّة حتى وافاه الاجل عام 1403 هـ/ 1983، مخلّفاً تركةً جهاديّة وعلميّة واسعة
منها كتبٌ واصدارات وابحاث في الشريعة وعلوم القرآن والفكر، والفقه والاصول
المقارنين، إضافة الى مجموعة شعرية غير مطبوعة موزّعة على المجلات وأشرطة التسجيل،
كما دُرّست بعض بحوثه في العراق ولبنان والكويت وغربي افريقيا، واعتُمدَ البعضُ
الاخر للتدريس في الحوزات العلميّة.
وله من قصيدة عنوانها «ان ذكر الوصي مبعث جيل» قوله:
حين شعت ذكراك في الاجواءِ * * * هتفت كل قطرة من دمائي
ان هذي الذكرى دوي نداء * * * علوي مخلد الاصداء
ان هذي الذكرى هدير شروق * * * يتحدى حنادس الظلماء
ان هذي الذكرى هزيم رعود * * * ونسيم معطر الانداء
فلماذا نلهو بترديد الفا * * * ظ موات معادة جوفاء
أنريد الاطراء جلّ عليٌ * * * وعلا عن مقالة الاطراء
أنريد السلوّ بالغابر الفـ * * * ـذ لنغفو عن حاضر الارزاء
ان ذكر الوصي مبعث جيل * * * قنصته حبائل الاعداء
هي ذكرى لكنها في ضمير الـ * * * ـدهر صوت الرسالة السمحاء
لنصوغ الجراح تزأر بالثأ * * * رِ اهازيج ثورة وفداء
أيها المسلمون من بات لا يهـ * * * ـتم في امر دينه المعطاء
ليس من امة النبي ولا من * * * شيعة المرتضى بدون مراء
ايها المسلمون انا جهلنا * * * وابتعدنا عن معطيات السماء
حين ساد الاسلام كم سعد النا * * * س بمنهاج حكمه الوضاء
نفحات الصحراء تهبط وحياً * * * ثم تنداح فذة الاشذاء
وطلعنا على الوجود شموساً * * * وافضنا عليه بالنعماء
وحشرنا الطغاة اسرى طغاماً * * * وكسرنا رواسف الاسراء
واذا بالعبيد تختال عزاً * * * بل تولى قيادة الرؤساء
يا دعاة الاسلام انتم بناة الـ * * * ـغد والجو صاخب الانواء
كانت الارض ملكنا ونسوس الـ * * * ـناس فيها بالشرعة الغراء
لا فقير يشكو الخصاصة والجو * * * ع ولا متخم من الاثراء
وحكمنا بالحق وامتد عدل * * * وارف الظل يانع الافياء
فعقيل يكوى، وسلمان منا * * * حيث عم النبي في الغرباء
واستتبت حضارة لم تزل تحـ * * * ـلم فيها مواكب الابناء
وصفا الكون وحدة من رخاء * * * وأمان ومنعة وإخاء
كيف كنا وكيف عدنا شظايا * * * امة تستظام بالاجراء
ليس من يرتضي الهوان بحي * * * انما الحي ثائر الشهداء
يا دعاة الاسلام يا جحفل الفجـ * * * ـر مغذاً بهمة ومضاء
لكم النصر فاملاوا الارض قسطاً * * * فهي ارض للصفوة الصلحاء
وصموداً على الهدى علوياً * * * وجهاداً كسيد الاوصياء
واتصالاً بالله في كل آن * * * واقتداء بخاتم الانبياء
عبد الامير الجمري
(1356 هـ -...)
الشيخ عبد الامير منصور الجمري البحراني عالم فاضل مجاهد وأديب خطيب.
ولد في البحرين عام 1356هـ - 1937م وتلقّى تعليمه الاوّلي في مدارسها ، ثم التحق
بالحوزة العلمية في النجف الاشرف 1382هـ وبقي فيها قرابة عشر سنوات حضر خلالها دروس
العلوم الشرعية على جملة من العلماء، ثم كرَّ راجعاً الى وطنه مرشداً ووكليلاً
دينيّاً، اضافة الى عمله قاضياً في المحكمة الشرعية حتى عام 1409هـ.
اضافة الى ذلك فهو وجهٌ سياسي بارزٌ في بلده حيث كان عضواً في المجلس الوطني
المنتخب عام 1393هـ، ثم من ابرز المتصدرين للمطالبة بعودة العمل بالدستور خلال
الاعوام اللاحقة، ممّا عرّضه للاقامة الجبريّة والاعتقال وما يزال معتقلاً - فرّج
الله عنه -.
صدر له ديوان شعر بعنوان (عصارة قلب).
وله من قصيدة عنوانها: (من نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) قوله:
تباركتِ يا ليلةَ المولدِ * * * ومنطلقَ النورِ للمهتدي
ونبعاً لكل معاني الكمال * * * تفجّر، فاضَ، ولم يَنْفَدِ
سيبلى الزمان وأما علاك * * * فَرَمْزُ الجديد الطريِّ الندي
فتيهي جلالاً وفخراً بما * * * شَرُفْتِ به من فتىً أوحدِ
إمام الحياةِ ومُروي الظِّماء * * * على الحوضِ من كأسه في غدِ
ومِنْ بعدِ ليلةِ خيرِ الانام * * * مدى الدهر مثْلُكِ لم يُشهدِ
فياليلةَ العزّ والانتصار * * * ويا ليلةَ المجدِ والسؤددِ
إليكِ وليس سواكِ الولاء * * * عليه تربّيتُ من مولدي
إليكِ ولائي مُري تُسمَعي * * * فهذا لساني وهذي يدي
أبا حسن أيَّ شيء أفوه * * * به من مزاياكَ يا سيدي
أتربيةً لم ينلْها سواكَ * * * على يدِ خير الورى أحمدِ
تغذّيتَ أخلاقَه بُرعُماً * * * وتابعتَه في الخُطى الانْجُدِ
لقد كنتَ نفسَ النبيّ الامين * * * وأعلى نصير وأقوى يدِ
لذلك كنتَ جديراً بما * * * حباك من الفضلِ والسؤددِ
فآخاك، لم يكُ يرضى سواكَ * * * لهذي المكانةِ مِن أمجدِ
ونصَّ عليكَ بيومِ الغديرِ * * * وأَعظِمْ به ذاكَ من مشهدِ
وطوّق أعناقَ كلّ الحضور * * * بأمر لغيرك لم يُعقدِ
وأوجب أن يُبْلِغَ الحاضرون * * * لمن ذلك اليومَ لم يَشْهَدِ
فبايعك الجمعُ لكنْ هناك * * * فئاتٌ بألْسُنِهم واليدِ
أبا السّادةِ الغرِّ نفسَ الرسول * * * ويا بطلَ الحربِ والمسجدِ
ويا مُعِلياً بيرقاً لم تُطق * * * سواك لاعلائه من يدِ
إليك أبا حسن نفثةً * * * من الصَّدر كالجمرِ لم تَبْرُدِ
أضعنا الطريقَ وملنا إلى * * * دروبِ مكَدَّرةِ الموردِ
ونهجُك صار وراءَ الظهورِ * * * وهل بعد نهجك من مُنجدِ
طوينا صحائف أخلاقنا * * * ولِم لا ولسنا بكمْ نقتدي
وله بعنوان: (نفحة الحب) قوله:
رفّ في عالمِ الخلودِ لواءُ * * * نُشِرَت رحمةٌ وعمّ رخاءُ
عظُمت منّة الاله وتمت * * * نعمٌ فات عدَّها الاحصاءُ
بسمَ الزهر غرد الطير لحناً * * * في رياض الربيع ساد الهناءُ
إنه السرُّ في الحياة الذي لم * * * تكُ تدري بكنهِهِ الحكماءُ
حيث يومَ الغدير أخلدَ يوم * * * جلجلت صرخةٌ ورنّ نداءُ
أيها المسلمون هذا عليٌ * * * هو للحق رائدٌ بنّاء
هو مولاكم وشرط اتباعي * * * ديني الحق والولا والوفاءُ
في حياة الامام خيرُ نجاح * * * في الحياتين في خُطاه بهاءُ
في تعاليمهِ الرفيعةِ نورٌ * * * ونفوذ ورفعة وإباءُ
في وصاياه نصرة ونجاةٌ * * * وسلامٌ ورحمةٌ وإخاءُ
من صفات الامام من خُلْقِهِ السا * * * مي تعالت صفاتُه البيضَاءُ
سيدَ الاوصياءِ إنّ لساني * * * عاقه عند مدحك الاعياءُ
أيَّ يوم وأيَّ موقفِ نور * * * لك أطري فكلُّها بيضاءُ
أنت أسمى من المديحِ فعذراً * * * قد تلاشى أمامَك الاطراءُ
وله أيضاً بعنوان: (في رحاب الغدير) قوله:
فاضت جراحُكَ يا غديرُ دماءَا * * * والذئبُ قد ملا الرحابَ عُؤاءا
هاجت جنودُ الشرّ تنشرُ رعبَها * * * وتُري بنيكَ مهانةً وعِداءا
قيمُ الشريعةِ أصبحت مظلومةً * * * يأتي الظَّلومُ بإسمها استهزاءا
أو بعد هذا يا غديرُ يليقُ أن * * * يحيا بنوكَ الصّمتَ والاغضاءا
أو لست يا يومَ الغدير ذُكاءا * * * في ظُهرها تكسو الوجودَ ضياءا
وحديثُك الاسمى الجليُّ تواتراً * * * لِمَ عندهم عاد الظُّهورُ خفاءا
أوليس ما يربو على مئة من الـ * * * آلافِ فيك تلقَّتِ الانباءا
فيها يجلجلُ صوتُ أحمدَ معلناً * * * أمرَ السماءِ يُطبِّقُ الارجاءا
من كنتُ مولاه فمولاه الذي * * * للدّين كان الباذلَ المِعطاءا
هو سابقٌ في كلّ موقعة أما * * * كشف الكروبَ وحطَّمَ اللُّعناءا
أولَم يَبِتْ فوقَ الفراشِ مواجهاً * * * لِقوى الضلالِ وللرسولِ وقاءا
أولم يكن يا قومُ أوّل مؤمن * * * برسالتي ولها الاجلَّ عَطاءا
من كنت مولاه فمولاه أبو الـ * * * ـحسنين من فاق الجميعَ وفاءا
يومَ الغديرِ تحيةً من فتية * * * منك استمدّت غيرةً وإباءا
ألهبْتَها فأهجتَ فيها عزمةً * * * تأبى الخنوعَ وهِمَّةً شمّاءا
لا ننثني مادمتَ قد غذَّيتنا * * * صدقاً وإيجابيةً ومضاءا
لم نحتفل بعلاك إسماً إنما * * * جئنا نؤمُّ مَعِينَكَ المِعطاءا
كي يرتوي ظمأُ النفوسِ وتستقي * * * منك العقولُ معارفاً وثراءا
ونكونَ جندَ رسالة فيكَ السما * * * قد أَكْمَلَتْ وأتمَّتِ النَّعماءا
وله قصيدة بعنوان: (يا ضمير الحياة) قوله:
أذهلَ الخطبُ منطقي وبياني * * * فحقيقٌ بأن يضيقَ بياني
كيف أسطيعُ قولةً وأمامي * * * حادثٌ هدّ وقعُه أركاني
زلزل الاضَ والسماءَ وأدمى * * * كلَّ جفن لامةِ القرآنِ
لفَّ للدين رايةً لم تنكَّسْ * * * منذُ رفَّت بعزةِ الانسانِ
ملا الكونَ ضجّةً وعويلاً * * * ألبسَ الدهرَ حلةَ الاحزانِ
يومَ بين الخضراءِ والارضِ نادى * * * جبرئيلٌ بصوتِهِ الرّنّانِ
فُصِمَتْ عروةُ الهدى وهي الوثـ * * * ـقى وهُدّت قواعدُ الايمانِ
قُتِلَ المرتضى بسيفِ شقيٍّ * * * خُضِبَ الشيُب من دماهُ القاني
(يا ضميرَ الحياة) أيُّ عظيم * * * خالد حلَّ منك أسمى مكان
هو للطُّهرِ والحنانِ مثالٌ * * * ولهذي السماءِ خيرُ لسانِ
محمد
جواد آل فرج الله
(1357 هـ - 1402 هـ)
الشيخ محمد جواد ابن الشيخ محمد (المار ذكره) آل فرج الله، أديبٌ شاعر وخطيبٌ فاضل
ولد في القرنة/ العراق عام 1357هـ 1938م وقرأ على أبيه الفاضل، ثم هاجر إلى النجف
الاشرف، فأكمل قسطاً من دراسته فيها على اساتذتها المشهورين، كان ولوعاً بالدرس
والمطالعة والكتابة والشعر، مارس مهنة التعليم التي انخرط فيها إثر تخرجه من دورة
رجال الدين التعليمية أوائل العهد الجمهوري، وله من نتاجه المطبوع: نسمة السحر أو
الشعر آلهة الخيال، والمخطوط كتب أخرى، اضافة إلى ديوان شعر كبير، اعتقل في الحملة
الظالمة التي طالت العلماء والمثقفين بعد اعدام السيد الشهيد الصدر (قدس سره) مع
آخرين من ابناء أسرته. وقد تناهى إلى الاسماع بعد ذلك أنه قد صفّيَ ضمن (الوجبات)
عام 1402 هـ/ 1982 م.
وله من قصيدة:
كم له من معاجز خارقات * * * قصرتْ دونها أولو العرفانِ
ومعالي فضائل تملا الكو * * * ن بها الارض والسما يشهدانِ
رُدَّت الشمس للصلاة عليه * * * بعد ماضَمّ قرصها الخافقانِ
وبليل من المدينةِ وافى * * * طاوياً للسهول والاحزانِ
وطوى الارض للمدائن باسم اللّـ * * * ـه حتى أتى إلى سلمانِ
فتولّى تجهيزه ثم وارا * * * ه ووافى الحجاز قبل الاذانِ
قل لسار لميّت عنه ناء * * * وانتهى سيره ببضع ثوانِ
ليت عينيك تنظران حسيناً * * * فوق حرّ الرّمال والكثبانِ
* * *
وله أيضاً من قصيدة طويلة:
وال قوماً منزَّهين عن النقـ * * * ـصِ كبارِ النفوس والاقدارِ
سرُجٌ في دجى العمى ترشد المد * * * لج والعكس شيمة الاغيارِ
ونجاة مما يهوَّل في سو * * * رتي الانشقاق والانفطارِ
هم ليوث الوغى وأسنى بدور * * * لمعت بيضهم بليل الغبارِ
هم بحورُ الندى وأسد الردى خـ * * * ـير كماة هبّوا بنقع مُثارِ
وبهم أخصب الجديبَ الحيا قطـ * * * ـراً ونال اليسارَ ذو الاعسارِ
والِ قوما لاجلهم خلق الكو * * * ن وقد أوجد البرايا الباري
أمُّهم فاطم أبوهم عليٌّ * * * ألفٌ مرحى بحيدر الكرارِ
أسد اللهِ ذي الفضائل والمجـ * * * ـد وصيّ لاحمد المختار
وأمير للمؤمنين وحسب الـ * * * ـشرفِ الوترِ سيِّد الابرارِ
وله أيضاً من قصيدة:
راحٌ على القلب من اشراقها شعلُ * * * برشف قدس ولاها يدرك الاملُ
يطغى على الصبِّ من إيحائها حلمٌ * * * من طهره عبَقٌ من سكره ثمَلُ
صَبٌّ يناغيه في مهد الولا نغمٌ * * * فيغمر القلب من تحنانه جذلُ
وموكب النور وافانا يسايره * * * روح الامامة كي تحيا به المثلُ
آيٌ من الحقّ لاستبصارنا نزلتْ * * * دنياً من الخير حيَّتْنا بها الرسلُ
يدٌ من اللطف خطت نهج شرعتنا * * * منها علينا رواء المجد ينهملُ
عقيدة علّمتنا كلَّ مكرمة * * * عنّا بها ارتفع التضليل والدجلُ
تفرّدت بالصفات الغرِّ شرعتُنا * * * فنهجنا واضحٌ للركب معتدلُ
لم يغنِ عنها نظام ضلَّ منشؤه * * * ومبدأ لقصير الرأي مرتجلُ
يا قادة الدين إنَّ الدين ضيَّعه * * * قومٌ لديهم قويم الخُلق مبتذلُ
فما رعوا نعمة في فضلها سعدوا * * * ومنّة بلّغتهم خير ما سألوا
أغواهم الغرب إذ غشّى بصائرهم * * * ثوبٌ عليها من التزييف منسدلُ
باعوا تراث العلى بالمغريات وقد * * * ضلّوا طريق الهدى للزيغ إذ عدلوا
يا غيرة الله صبّي سوط نقمتك الـ * * * ـكبرى على معشر بالرجس قد عملوا
ثوري على ثلّة ماتت ظمائرهم * * * مذبذبين وهم في غيّهم هَمَلُ
في خيبر قد هزمناهم ومرحبهم * * * بالسيف قنطره كرارنا البطل
لذا على فارس الاسلام قد حقدوا * * * وعن بطولات أهل المجد قد نكلوا
لنا حديث عن الكرار صحَّحَهُ * * * رواتنا ما به شكٌّ ولا جَدلُ
إن اليهودَ ستفنيهم برمّتهم * * * للمسلمين جنودٌ مالها قِبَلُ
وله من قصيدة مطلعها:
دعوتُه فأتاني منية الخجل وراح يعثَرُ فعل الواله الوجل يوم استوى أحمد المختار في
حدج بدوحِ خمٍّ على ترنيمة الازَلِ ويحشر الناس رغم القيظ يلفحهم ويرفع المرتضى
الكرار خير ولي وتأخذ المصطفى يمناه ساعده وساعد لو يروم النجم لم يفل هناك قال:
فمن مولاكم أبداً؟ قالوا: الذي برأ الانسان من وشل من بعده أنت يا مختار سيّدُنا
وما عسانا نؤدّي الشكر للرسل قال التي لم تزل لولا حقيقتها لم يكمل الدين أو يعل
على المِلَلِ مولاكم حيدر الكرار صاحبُها إذ حطّ جبريل يتلوها على مهَلِ وتمَّت
النعمة الكبرى ببيعته وتوّج الدين حرزاً غير مرتجل وأبرم الله هذا الامر فانطلقت ان
لم تبلّغه لم أعددك في رسلي وتضرب القبّة البيضاء يدخلها ليثُ العرين على كبْت من
الذحلِ تخالها القبّة الزرقاء زيّنها وسنان بدر وضيءِ النّور مكتمل ويدخل المسلمون
الغرّ يحفزهم من النبيّ نداءٌ غير ذي حول بخ، بخ لعليٍّ قال قائلهم مولى البريّة من
عند الاله علي (وكان ما كان مما لست أذكره) لم يترك الصبح معتلاًّ لذي علل لاحمد
آيتان اختصّه بهما ربّي دليلاً على الاسلام في الرّسل فآيةٌ روعةُ القرآن جوهرها
وآية حيدر الكرّار حيث تلي وقد جرت تلكم الايات في دمه حتى استحال كوحي الله في
الجمل وكان عندك قرآنانِ، ذا جمدٌ وذاهبٌ ذلك الكرار في المثل يا صاحبيَّ حديثٌ جاء
محكمه بمحكم الاي موصولاً بمتَّصل فلم ينلها محاباةً لذي رحم قد كان أحمدُ والاهواء
في ذحل قد نالها بالمعالي فيه إذ جمعت وزانها فهو في جيد الكمال حلي (بهل أتى وحديث
الدار آيتهُ وبالمبيتِ وبالاقدام حيثُ ولي وخيبر ومؤاخاة النبيِّ له وألف باب بألف
قد حفظتَ علي) وانّني كلّما حاولت عدَّتها فضائلاً شمتُ موجَ البحر في مقلي والفضل
تحصى إذا ضاقت مذاهبه وليس تحصى مياهُ المزْنِ إن تسِلِ وله ايضاً من قصيدة اُخرى
مطلعها:
هيهات مجدُك لا يدنو فيطَّلَبُ لليوم فيك عناد الفكر يضطربُ للسَّيل عنك انحدارٌ
غير منقطع زوارقُ النّور في مجراه تنسرب للطير عنك ارتدادٌ لم يكن عجباً قوادم
النسر في مرقى العلى زغب للسيف منك على هام العدى خطبٌ ومن سحائبك الفصحى همى
الادبُ إنَّ العدوَّ يواري فضله حسداً كما الوليُّ تغشَّته به الكرب من بين ذينك قد
شعَّتْ مآثره فاخضوضرت من نداه البيد والهضب مالي اذا لاح فجر العيد أكتئب وان بدا
للاماني فيه مضطربُ أكابدُ الغصص الحرّى على كبدي وان شدا شادنٌ بالعيد أنتحِبُ
نفثتها زفرات ضاق مصدرها وذاك عذرُ كلام شابه ذرب وما عليَّ هناتٌ في مصارحتي إذا
صدقْتُ فلم يستهوني كذب
محمد حسين الصغير
(1358 هـ -...)
الدكتور الشيخ محمد حسين ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين الصغير الخاقاني، شاعر أديب
وحوزويٌ فاضل، ولد في النجف الاشرف عام 1358هـ/ 1939 م من اسرة علميّة ادبية وتربّى
في احضان ابيه ثم عمّه وواصل دراستيه الاكاديمية والحوزويّة وقد مارس في الاولى
مهنة التعليم ثم واصل شوطه الجامعي حتى نال الدكتوراه برسالة عنوانها الصورة
الفنيّة في المثل القرآني واشتغل بالتأليف والتدريس في كلية الفقه وله من المؤلفات
العديد المطبوع اضافة الى غيره المخطوط، أما الثانية الحوزويّة فقد تدرّج فيها وحضر
على فضلائها وعلمائها حتى بلغ مرتبة محمودة، وهو اضافة الى ذلك شاعر اديب معدود
شارك في ملتقيات شعرية وأدبية وثقافية كثيرة وربطته بإخوانه ادباء العربيّة علائق
خاصة، وهو في الطليعة من ادباء النجف الاشرف.
وله من قصيدة (من ينابيع الايمان) مطلعها:
هداك في صفحات الفتح قرآنُ * * * وأنت في جبهات الدهر عنوانُ
فأنت أنت، ومن علياك ما ولدت * * * لنا العصور، وما أسدته أزمان
القائد الركب لم تفلل مضاربه * * * والفاتح الارض لم تدركه أقران
والمستميت إذا جد الوغى وطغى * * * بالهول والموت.. مضمار وميدان
من وحي قدسك ما تجني قرائحنا * * * ومن ثمارك ما حملن أغصان
ومن عقيدتك العصماء افئدة * * * حم الفداء بها.. ان ثار بركان
ها نحن أربط جأشاً من فراعنة * * * لها على النور أحقاد وأضغان
هنا على شاطئ التقوى زوارقنا * * * تجري.. وأنت بعين الله ربان
مولاي ميلادك الميمون قد نبضت * * * به الحياة، فلا بؤس وحرمان
أعاد أية ذكرىً منك رائعة * * * مشى بها الدهر صحواً وهو سكران
فالوعي منتشر والفكر مزدهر * * * والقلب مخضوضر، والذهن فينان
والافق تغمره الاشذاء حافلة * * * بالطيبات.. فنسرين وريحان
والليل تغمره الاضواء مسرجة * * * بالامنيات.. فياقوت ومرجان
ما أروع الحفل والاعناق مرهفة * * * قد رنحتها أغاريد وألحان
ألحان فتح شروق منه قد عميت * * * بعض العيون، وصمت عنه آذان
ونحن نقطف أثماراً تناولها * * * للمتقين من الجنات رضوان
دنياً من المثل الغراء قد سجدت * * * لها ملوك وهامات وتيجان
تكاد يعنو لها في الجو عقبان * * * وفي السماوات أفلاك وأكوان
يا أيها البطل الخلاق جمهرة * * * من المواهب لا مسّتك أدران
ويا معيداً إلى الانسان حرمته * * * لولاك ماصين في الاحداث إنسان
ويا عصوفاً على الطغيان مندلعاً * * * لولاك ما انصاع للايمان طغيان
ويا معيناً من الاحسان منفجراً * * * لولاك لاندك إيثار وإحسان
ويا سراجاً على الدنيا نيازكه * * * بها تنور أفكار وأذهان
لولاك ما كان للاسلام من أثر * * * ولا لشرعته البيضاء أركان
جددت عهد رسول الله فانجذبت * * * بصوتك العذب أرواح وأبدان
للان لم تلد الاجيال من بشر * * * على يديه ترامى الانس والجان
عذرت فيك الاُلى غالوا وان كفروا * * * وحدت عنك الاُلى عادوا وإن دانوا
لانهم أبصروا ماليس تدركه * * * عقولهم، فاستهانوا مثلما هانوا
محمد رضي الشمّاسي
(1360 هـ -...)
الاستاذ محمد رضي ناصر الشماسي القطيفي، شاعر فاضل ولد في القطيف/ السعودية عام
1360هـ/ 1941م من اسرة عريقة لها مكانتها الاجتماعيّة واكمل تعليمه الثانوي ثم هاجر
الى النجف الاشرف والتحق بكليّة الفقه وتخرّج منها مدرّساً وعمل في جامعة البترول
التي ابتعثته الى امريكا لاكمال دراسته فحصل على الماجستير في اللغة العربيّة
وآدابها وعاد ليعمل محاضراً حتى اليوم.
تلمذ في الادب على التراث وعلى اساتذته وانصقلت موهبته مع زملائه في النجف الاشرف
والقطيف مستفيداً من المكتبات ودور العلم والمنتديات، شارك في المناسبات الدينية
والاجتماعيّة، ونشر شعره في الصحف والمجلات المحليّة، وله اكثر من مجموعة شعريّة
وما يزال يواصل ذلك مع اخوته في الطليعة منهم.
وله من قصيدة (جراح على الغدير) قوله:
وتر بآفاق الهدى لا يُشفع * * * فجر يرف سناً ونهج مهيع
يوم الغدير ولا تزال على فمي * * * نغماً برغم المدلجات يرجّع
فلقاك في الذكرى لقاء مؤمل * * * شرب الظماء (بغلّة لا تنقع)
شرب الصدى والورد عذب سائغ * * * لسواه من عذباته يتجرع
ويظل يُسقى آسناً وبكفه * * * ماء الحياة وفي النعيم يجوّع
يقتات من ألم الجراح وفكره * * * مما يعاني في لظاها مشبع
خفقت على شفتيه كأس صديدها * * * حبباً على خمر الحوادث يلذع
ودجت عليه النيّرات فصبحه * * * ليل ببَرد ظلامها يتلفع
رانت فلا الاعراسُ صاخبةُ الرؤى * * * نشوى ولا ليلُ العرائس أروع
مزجت بأصداء الزفاف مآتماً * * * فنعيمه بأس الليالي مترع
فالرافدان المترفان - وإن هما * * * جريا له ذهباً - حميم ينزع
يا نهر دجلة والفرات سلمتما * * * والشاطئان هناك والمتربع
سلمت يد النوتي في إعصاره * * * وسفينه وشراعه المتطلع
يا أيها النجف الاغر ومن به * * * لكم على بعد المدى متطلع
يا كربلاء المجد مجدك باذخ * * * هيهات يسلبه دعي ألكع
بكما العراق زكا ولولا أنتما * * * والنيران هو اليباب البلقع
سام كأبراج السماء ضُراحه * * * يرنو لمنعته السماك الارفع
تلك القباب الشامخات وإن هوت * * * لهي الثريا والشموس الطلّع
ومآذنٌ نطحت سحاب ضلالهم * * * تبقى بهم وهي الحراب الشرّع
سيظل يصدح في مسامع بغيهم * * * صوت يهز الرافدين مرجّع
حسبي ونحن على ضفاف غديره * * * مرأىً لافياء الخلود ومسمع
نستاف من أمواجه عبق الهدى * * * ومن (الصدى المرنان) ما يتضوع
يا للغدير وقد تعشقه دمي * * * فغدوت أهزج في هواه وأسجع
وسقيت شعري من نمير خياله * * * نهلاً وفي حب الوصي يُصرّع
أعذبت من (نهج البلاغة) ورده * * * فزهت قوافيه ورق المطلع
وإذا انتشت فكر بجرس حروفه * * * وكريم ما توحيه، لا تتمنع
عبقت كأنسام الربيع قصائد * * * بالمهرجان وفي رحابك تبدع
واليك أنت وفي جلال محمد * * * تسمو ودونكما ولاءً تخشع
ستُرد عادية الزمان سنابلاً * * * تروى بماء غديرها إذ تزرع
ولسوف يطوى عن كواهله الدجى * * * فيمور بالاشعاع فجر أنضع
وغداً ترى الدنيا مناهل حيدر * * * وفراء تسقي من تشاء وتمنع
فاذا الغدير العذب رفد رسالة * * * سمحاء في هدي النبوة ينبع
وعليه من روح النبي وحيدر * * * وبنيه والقرآن شمس تسطع
محمد رضا آل صادق
(1364 هـ - 1415 هـ)
الشيخ محمد رضا ابن الشيخ محمد ابن الشيخ صادق المازندراني، عالمٌ فاضلٌ وأديبٌ
شاعرٌ معروف ولد في النجف الاشرف عام 1364هـ/ 1945 من أسرة دينيّة علمية حيث ربّي
في كنف والده العلامة المجتهد ثم درس في الحوزة العلميّة على أساتذتها المرموقين
كالسيد الحكيم والسيد الخوئي والسيد الشهيد الصدر وأضرابهم، كما كان له اساتذة
اكفاء في مرحلتي المقدّمات والسطوح، أمّا في الدراسة الاكاديميّة فقد اكمل
الاعدادية ثم التحق بكليّة الفقه وتخرّج فيها عام 1389هـ/ 1969م وعمل مدرّساً للّغة
العربيّة والعلوم الاسلامية ، وشارك في الجو الادبي الثقافي مشاركة مشهودة ونهَل من
رموز الادب النجفي الكثير ولازم جلّهم لاسيما الشاعر الشيخ عبد المنعم الفرطوسي
(قدس سره)، سجن في العراق بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران ثم هجّر عام
1403هـ/ 1983م فمكث في مدينة قم المقدّسة دارساً على ايدي مراجعها ومدرّساً
لطلاّبها ومشاركاً في نشاطات الثقافة والادب العربيين في طليعة اخوته شعراء الهجرة
العراقية، صدرت له في العراق وايران مجاميع شعريّة عديدة تنبئ عن تضلّع باللغة
وحسنِ سبك وأداء واختيار للفظ والمعنى، توفّي في قم المقدّسة عام 1415هـ/ 1994م.
له من قصيدة: حديث الغدير قوله:
روِّ قلبي من الولاءِ الطهورِ * * * واروِ في بهجة حديثَ الغديرِ
روّني همسة الحياة نشيداً * * * مشرقاً رفَّ في سماء الحبور
أيّ ذكرى تنسابُ في عالم البشـ * * * ـرِ فترسو على ضفاف العبير
أيَّ ذكرى تمدنا كلَّ عزم * * * للمعالي في موكب من نور
أي ذكرى فيها تلوِّح للعد * * * لِ يدُ المصطفى بحشد غفير
رسمت منهج العلى في علي * * * وأرتنا درب الهدى المستنير
أنّ هذا مولىً لمن كنتُ مولى * * * وهو فيكم خليفتي ووزيري
أن لله نعمةً فيه تمَّت * * * للورى في رسالة التبشير
فتهادت له القلوبُ تزفُّ الـ * * * ـنصر حلواً في موجة من سرور
تتبارى له الاناشيدُ فجراً * * * فتصوغ السنى بأحلى ثغورِ
ويراعُ الزمانِ يكتُبُ للنا * * * سِ سطوراً أكرِمْ بها من سطورِ
إيه يوم الغدير اُغرودة الـ * * * ـعمر تهادتْ على ممرِّ العصورِ
فيك نلنا كرامةً.. وعلاءً * * * كان للشرك أيّ شوك مرير
ورأينا الهدى تلالا منه * * * قبسُ الحقِّ كالسراجِ المنير
والتقينا والامنيات فمدَّتْ * * * بالايادي الى رفيفِ الضميرِ
مرحباً باللقاءِ اذ يُثلج الصد * * * رَ ويجني لنا حصاد المسير
أمَّتي مزِّقي الاسى بيد العز * * * م وهُدي صرحاً من الديجورِ
مالنا نجرعُ الجهالةَ والفكـ * * * ـرُ ثراءٌ يمدُّ كلَّ فقير
كيف نرجو أن نبلُغَ القصد والخطـ * * * ـو سليبٌ من جمرنا المقرور
فاركبوا في سفينة ساقها النو * * * رُ الى شاطئ الجمالِ النضير
وافتحوا للجهاد باباً حباهُ الـ * * * ـلّه بالعِزِ فهُوَ خيرُ نصيرِ
أيّها الغارسون حقلاً من الهدي * * * بسعي من جهدكم مشكور
سوف تجنونَ ما زرعتم رخاءً * * * يُنعِشُ الكونَ بافترارِ البُكورِ
ويظل العلا يغرّدُ فيكم * * * كلما خفَّ منسم في الدهور
فلقدْ طِرتم الى المجدِ حتى * * * خِلتُ فيكم جحافلاً من نسورِ
بوركتْ منكُم الجهودُ ليوم * * * مشرق بالثناءِ والتعبيرِ
أمَّتي فجّري الفؤادَ قصيداً * * * يبعثُ الحبَّ مخلصاً للامير
فهو تربُ الكمال من كلِّ حسن * * * قد سقاهُ الالهُ عذبَ النميرِ
سيدٌ عاش سيّداً عبقرياً * * * منقِذاً كلَّ مستجير أسير
لم يُفرِّق بالعدل بين قريب * * * وبعيد بحكمة التدبير
تخذ الكوخ بيته - وهو سجنٌ * * * فعنا نحوه شموخ القصور
يابن عمِّ النبي دنياك دنياً * * * من خلود يفيضُ بالتنوير
ايَّ نهج خلفته لذوي الالـ * * * ـباب يحكي الابداع في التصوير
انت سر الحياة قد ضمّ كنزاً * * * للبرايا من الثراء الغزير
غير أنّ الانام قد ضيَّعوه * * * فأضاعوا به سبيل المصير
وله من قصيدة: مصرع القائد العظيم قوله:
منك تستلهم اللظى كلماتي * * * فتجيشُ الاحشاء بالزفرات
يا لهول الاسى وأنت صريع * * * تتلوى على بساط الصلاة
وضجيجُ النفوسِ إذْ يتعالى * * * مفعماً بالعويل والعبراتِ
ونداءٌ من السماء يهزُّ الـ * * * أرض شجواً يمور بالاهات
مصرعٌ أذهل العباد جميعاً * * * إذ نعاهُ جبريلُ بالحسراتِ
مصرعٌ هدّ كلَّ ركن قويم * * * للهدى والقواعد الراسيات
مصرعُ القائد الَّذي لم ترعهُ * * * كلُّ هيجاءَ أظلمتْ بالكُماةِ
إنَّه مصرع الصلابةِ والعز * * * مِ بسوحِ الفداءِ والتضحياتِ
يا شهيدَ المحراب إنَّ دموعي * * * من فؤادي تفجَّرت هاطلاتِ
اثكِلَ الدينُ في مصابكَ يامن * * * كنت درعاً له بوجهِ العُتاةِ
واستشاطت حزناً قلوب اليتامى * * * بالجراح المشبوبة الدامياتِ
فقدت حصنها المنيع وكانت * * * بك تلقى أباً سخيَّ الهباتِ
فهي حيرى وقد أضلّت هداها * * * لم تجد غير ظلمة في الحياةِ
ايهِ يا من مضيت في الحقِّ سراً * * * وجهاراً لم تخش دربَ المماتِ
ورسمتَ «النهجَ» الذي فيه تُهدى * * * كلُّ نفس تهفو إلى المكرماتِ
لم تَمُتْ «أنتَ» اِنما أنتَ مجدٌ * * * غمرَ العالمينَ بالمُعطياتِ
قد رآكَ الخلودُ عنوانَ سِفر * * * زاهر خُطّ في جميلِ الصفاتِ
يتملاّهُ كلُّ عصر فيلقى * * * فيهِ أسمى بطولة وثباتِ
ثمَّ يمشي بركبهِ مستمداً * * * منكَ وحيَ الاقدامِ والعزماتِ
يا إمامَ الهدى نشيدَ ولائي * * * لك قد صغتُ يا إمام الهُداةِ
فتقبله انَّه نفثات * * * ولهيبٌ يمرُّ في خطراتي
وسلامٌ عليكَ يا صنوَ طه * * * رقَّ حلواً ورفَّ بالنسماتِ
السيد حسن بن علوي بن عبد الله ابو الرحي، شاعرٌ أديب ولد في القطيف/ السعوديّة عام
1366هـ/ 1946م، من أسرة معروفة، دخل الكتاب فحفظ القرآن الكريم ثم التحق بالدراسة
الاكاديميّة فتخرّج من المدرسة التجاريّة بالدمّام عام 1388هـ وعمل موظفاً ثم التحق
بجامعة البترول والمعادن وحصل فيها على البكالوريوس عام 1400هـ، وما يزال موظّفاً
في الجامعة ذاتها، أمّا في الشعر فقد نظمه مبكّراً يساعده في ذلك محيطه العائلي
وحياته الاجتماعية وقراءاته للشعر القديم والحديث فانصقلت موهبته ونشر بعض نتاجه في
الصحف والمجلات المحليّة وله دواوين شعريّة عدّة، وهو يواصل الان نشاطه الادبي
والثقافي من خلال المنتديات والاحتفالات والملتقيات، وله مع اخوته الادباء روابط
وثيقة.
وله من قصيدة «في رحاب أهل البيت»:
قل لمن يبغض الامام عليا * * * لا تكن في عدائه ناصبيا
إن أردت النجاة والِ أبا السبـ * * * ـطين واسلك طريقه الوحدويا
سيد الاوصياء أول أهل الـ * * * ـبيت والمرتضى الصفي النجيا
فضله جاء في الكتاب صريحاً * * * مشرقاً كالضحى وضيئاً جليا
من كمثل الامام يولد في الكعـ * * * ـبة فرداً مطهراً علويا
عبد الله وهو طفل وباقي الـ * * * ـناس ينحون مذهبا وثنيا
ورقى كتف أحمد يحطم الاصـ * * * ـنام عن بيت ذي الجلال صبيا
هو بعد النبي خير وصي * * * ينجز الوعد بالبلاغ حريّا
ورث الحلم عن أخيه بأمر الـ * * * ـلّهِ وعداً مقدراً مقضيا
ورث العلم عنه في ألف باب * * * كل باب تخاله لُجيّا
وحباه الاله من منبع الحكـ * * * ـمة فيضاً مباركاً قدسيا
لم يقل عالم سواه سلوني * * * ثم لم يفتضح وكان عييا
ليس غير الوصي أهلاً لهذا الـ * * * ـقول روحاً ومنهجاً عمليا
ليس غير الوصي بعد أبي القا * * * سم مولى ومرجعاً روحيا
ليس غير الوصي علما وحكما * * * عرف الناس سيدا قرشيا
ليس غير الوصي عقلا ونقلا * * * وسع الكون مصلحاً عبقريا
أنزل الله فيه اليوم أكملـ * * * ـت لكم دينكم فوالوا عليا
هو نفس الرسول يزهو لواء الـ * * * ـحمد في كفه بهياً سنيا
وهو يسقي يوم الظماء محبيـ * * * ـه على الحوض سلسبيلاً رويا
قال فيه النبي هذا أخي فيـ * * * ـكم امام وهاديا مهديا
هو مني مكانه مثل هارو * * * ن لموسى أخا وزيرا صفيا
يحمل النور والامانة بعدي * * * صابراً بالجميع براً حفيا
قال فيه النبي كنت وهذا * * * حول عرش الجليل نوراً بهيا
قبل خلق الانام يسطع بالتسـ * * * ـبيح والحمد دائبا سرمديا
وافترقنا في صلب شيبة نوريـ * * * ـن فكنت النبي وهو الوصيا
قال فيه الفاروق لاعشت يوماً * * * لست فيه المقدم المأتيا
لا أرى في الانام أعظم فضلا * * * منك الا نبينا الاميا
قل لمن يجحد الغدير تمهّل * * * واقرأ النص في علي جليا
وتدبر آيات ربك وارجع * * * للاحاديث بكرة وعشيا
سل بخم من الحجيج ألوفا * * * شهدت بيعة له ونديا
هبط الروح جبرئيل بوحي * * * يحمل الوعد والوعيد ضريا
قائلا يا رسول بلغ وان لم * * * تفعل الان كنت خلا عصيا
فانبرى فيهم الرسول خطيبا * * * معلنا أمر ربه ممضيا
رافعا كفه بكف علي * * * مكملا منهج الاله السويا
مسمعاً كل سيد ومسود * * * صوته هادرا جريئا شجيا
هاتفا في الجميع من كنت مولا * * * ه علي له يكون وليا
والِ يارب من يواليه واخذل * * * من يعاديه ناعلا أو حفيا
وانصر الله ناصريه وأبغض * * * مبغضيه ولا تذر جاهليا
ثم من بعده أئمة صدق * * * مثله عصمة ونهجا سنيا
طهروا مولداً وقولا وفعلا * * * وغذوا حكمة وخلقا رضيا
عبود الاحمد النجفي
(1366 هـ -...)
الاستاذ عبود أحمد أسد النجفي، شاعرٌ أديب، ولد في النجف الاشرف عام 1366هـ/ 1947م،
وحصل على الشهادة الاعدادية متوقفاً عن الدراسة لظروفه الخاصة ثم اشتغل ببعض
الاعمال الحرّة في بلده العراق وبلدان اخرى كالسعوديّة، وايران التي هجّر اليها عام
1400هـ/ 1980م مع من طردوا من وطنهم العراق اثر الحملة المشهورة بُعيد انتصار
الثورة الاسلامية في ايران، حيث عمل لفترة طويلة في مؤسسة آل البيت لاحياء التراث
قبل ان يضطرّه المرض الى تركها، وكان قد تأثّر بالجو الادبي الحافل في النجف الاشرف
ممّا غرس لديه بذرة الموهبة الشعريّة التي رعاها وسقاها دأبُه هو وأخوه الفقيد
المغفور له الشاعر ابراهيم الاحمد، ثم ساهم الى جانبه في رفد الحركة الادبيّة
والثقافية بالنتاج الشعري المتواصل الذي صدرت منه حتى الان مجموعة شعريّة عنوانها
اهتزاز الذاكرة، وما زال شاعرها يواصل دوره الى جانب اخوته ادباء المهجر.
وله من قصيدة: الغدير العذب قوله:
عانقتُ نبعَكَ فأخضرَّت به مقلي * * * وراح يسبقُني شوقي لمنتهلي
هذا غديرك يا روحي به التمسي * * * ما ترتجين وبالايمان فاكتحلي
إنّي لابحث عن نبع ارومُ بهِ * * * اشراقةَ الروحِ من دوامة الوجلِ
فما وجدتُ سوى نبعِ الغدير وقد * * * هوى اليه فؤادي بالاسى العضلِ
فيا شعاعاً بعمقِ الذاتِ منفذهُ * * * وقد تمازجَ في أطيافه أملي
ويا غديراً له قد كنت مرتقباً * * * وكنت أعزفُ لحني بالهوى الخجِلِ
الظلمُ ما غيّرَ المسرى اليكَ وما * * * قد غيرتنا قيودُ الحكمِ والدولِ
فكيف تمنحُ وجهي غيرَ قبلتهِ * * * وكيف تعصفُ تسبيحي ومبتهلي
حملتُ فيك مآسي الكونِ قاطبةً * * * ما أوهنتني وما أُرهقتُ بالثقَلِ
علقتها في شغافِ القلبِ مرتضياً * * * وقلتُ للقلب هذي شعلةُ الازلِ
هذا أنا يا بقايا العمر لا تقفي * * * حتى ترينَ بخم عذبَ مؤتملي
«لا يعرفُ الشوق إلا من يكابدهُ» * * * حتى يداوي جراحَ الهجرِ بالقبلِ
أملتُ فيك اذا ما عافني سفري * * * أن تأخذيني الى مثوى الامام علي
وان تلمي لشملي فوق تربتهِ * * * فكيف يثمرُ زرعٌ غيرُ مكتملِ
يا كوكبَ الدين يا نجمَ الهدى ابداً * * * وما توارى بعصفِ الجهلِ والحيلِ
يا دائراً في مجالِ الكونِ مرتدياً * * * قلادةَ النجمِ إذ حفتهُ بالحُللِ
يا صاعداً وبياني خابَ مقولُهُ * * * هل يحتويك وهل يجني سوى الكَللِ
يا نقطة الباءِ يا سرَّ الالهِ ويا * * * لوح الوجود ويا انشودةَ الرسلِ
قرآنُ مجدِكَ آياتٌ بها نطقت * * * صحائفُ الفخرِ والتاريخ والمللِ
ومن قصيدة: الغدير الحيُّ قوله:
غديركَ في ضمير الناس حيُّ * * * ونبعُكَ والهوى ثغرٌ ورَيُّ
عليهِ تهاوت الارواحُ ظمأى * * * فعانقها الزلالُ الكوثريُّ
وألقت في ضفاف النبعِ جَدباً * * * وقد أودى بها الزمنُ الرديُّ
فألبسها ربيعُكَ ثوبَ زهو * * * فأزهرَ عودَها النسمُ الزكيُّ
وحامتْ حولَهُ الافكارُ حيرى * * * ليشرق في معانيها الرقيُّ
أبا الحسنين يا سرّاً تعالى * * * عن الادراكِ أخفاهُ العليُّ
وقد رامَ العَباقرُ منه جزءاً * * * وأسهلُ ما يُرامُ هو العصيُّ
عليٌّ في فم الدنيا دويُّ * * * واسمٌ في مسامِعها أبيُّ
وفي شفةِ الزَمانِ صدىً ونجوىً * * * وفي ترديدِها همسٌ خفيُّ
تناغمَ والنفوسُ هوىً وسحرٌ * * * فذابَ بلطفِهِ القلبُ الخليُّ
تهادى والزمان لظىً وعصفٌ * * * وفي أرواحنا صحوٌ نقيُّ
عليُّ نبضة في كلّ قلب * * * سمير في الضمائر اريحيُّ
يداعب في خواطرها انبهاراً * * * كأنّ حضوره ألقٌ سنيُّ
فراتٌ في تعطشها رواءٌ * * * ونبعٌ في تدفّقه سخيُّ
وإن غنت له فهو ابتهالٌ * * * وفي أورادِها ثغرٌ طريُّ
عليٌّ في امتداد الافقِ نجمٌ * * * وفوق الارض قطبٌ أوحديُّ
عليٌّ في دجى الايام نورٌ * * * صباحٌ مشرقٌ عبقٌ زهيُّ
تسلَّل من خلال العرشِ ضوءاً * * * ونورُ اللهِ مؤتلقٌ بهيُّ
عليٌّ فوقَ هام الدهر تاجٌ * * * - محلّى بالقداسةِ - لؤلؤيُّ
عليٌّ صوت قرآن ووحي * * * وترتيلٌ وتسبيحٌ جليُّ
عليٌّ في تولّده صلاةٌ * * * وفي محرابه ذكرٌ شجيُّ
عليٌّ في تجلّيه ابتداءٌ * * * ونهجٌ للحقيقةِ سرمديُّ
عليٌّ حيرةُ الالباب روحٌ * * * مجسدةٌ وفكر عبقريُّ
عليٌّ حبوة الباري إلينا * * * صراطٌ - لا نغادرهُ - سويُّ
عليٌّ في تعبدنا دليلٌ * * * ومعراجٌ بهِ الباري حفيُّ
عليٌّ ليس يدركُهُ وجودٌ * * * ولا فكرٌ ولا عقلٌ ذكيُّ
عليٌّ في حقيقته امتدادٌ * * * لنفسِ المصطفى وهو النجيُّ
عليٌّ للهدى أسٌّ وركنٌ * * * وفي نصِّ الغدير هو الوليُّ
عليٌّ بابُ حصنِ الدينِ منجىً * * * ومن يأبى الدخول هو الشقيُّ
اسماعيل خليل ابو صالح
(1369 هـ -...)
الاستاذ اسماعيل خليل ابو صالح، شاعر أديب، ولد في العراق - الكوفة عام 1369هـ/
1950م من عائلة ملتزمة وأكمل قسطاً من الدراسة في بلده، ثمّ عيّن موظّفاً، ثم هاجر
الى ايران اثر انتصار الثورة الاسلاميّة حيث شارك في صحافة المعارضة العراقية
الاسلاميّة واحتفالاتها مضافاً الى مشاركاته الجهاديّة والسياسيّة والاعلاميّة، وهو
يقيم منذ سنوات عدّة في سوريا وما يزال يواصل نشاطه الاعلامي وقد صدر له ديوان
بعنوان: قطوف الولاء للاسلام والوطن.
وله من قصيدة قوله:
كلُّ الوجود قد ازدهى يتألق * * * وعليه من ذكرى علي رونقُ
صهرُ النّبيّ أبو الائمة من له * * * يحلو القصيدُ فيا أحبتي أطرِقوا
كي نستبين رؤى القداسة تجتنى * * * من دوحِ حيدرة جناها مونقُ
إذ سارَ في الافلاك بعضُ خصالِه * * * فهو الذي عن سرِّها يستنطقُ
وسرى فعمَّ الارض يسحر أهلها * * * بمناقب فيها الانام تفرَّقوا
ما بين من قد ألَّهوه فهم به * * * هلكى بقعْرِ جهنم قد أحرقوا
ومن استشاطتْ في صدور منهم * * * نار العداوة منكرين فأحنقوا
وعليُّ مهما قيل في تأويله * * * سيظلُّ سرّاً أين منه المنطق
ويظلُّ نبراساً لمن طلب الهدى * * * ويظلُّ قرآناً ولكن ينطقُ
ويضلُّ حبلاً للنجاةِ ولاؤُهُ * * * والعروة الوثقى بها نتعلقُ
وحروفي الخرساءِ حين أثارها * * * يومُ الامامة للاصول يوثّقُ
جاشت مطوِّفةً حواليْ روضه * * * وإذا بسفر للمآثر يرمقُ
يا صانعَ الاجيالِ جلَّ عطاؤها * * * فغراسُ كفِّكِ لم تزل تتفتَّقُ
تهبُ السُراةَ معالَم التغيير في * * * دنيا الخنوع المستتبّ فتغدقُ
أمقوِّماً ما اعوجّ من أمر الورى * * * في حين ضلَّ مغرِّبٌ ومشرقُ
ومُكسِّرَ الاصنام كيما تبتنى * * * أسس العقيدة فانتشت تتألقُ
والجودُ بذْلُ النفسِ ما بعد الذي * * * قدّمته جودٌ بذلك يلحق
يكفيك من آيِ الكتابِ شواهدٌ * * * أنْ ما جناهُ المبطِلونَ سيزهَقُ
والارضُ إرثُ الصالحين وبعدَها * * * حورٌ وولدانٌ ومسكٌ يعبقُ
يا صائناً دينَ الاله بصارم * * * ومعارف تعيي الذي يتعمَّقُ
وبنُخبةً بالرائعات حبوتَهم * * * مثل النجوم وأنت بدرٌ مشرق
فزتم عروجاً للجنان فمن لها * * * إن لم تنالوها ومن سيوفَّقُ
أمطلِّقي الدّنيا ثلاثاً بينما * * * أغفى عليها غيركم وتعلقوا
خلَّفتم أُفُقَ الخُلودِ مرصَّعاً * * * بكواكب تهوي وأخرى تشرق
لتضيء للاجيال أبهى موكب * * * هيهاتَ يثنيه عدوٌّ أحمقُ
فلكلِّ ذي لُبٍّ أبنتُم مسلكاً * * * يبقى لليلِ الظالمين يؤرِّقُ
لِمْ لا وفيه المصطفى والمرتضى * * * والسبطُ مرَّوا والصحاب تدفقوا
وتظلُّ نخوةٌ حيدر وبنيه أنْ * * * هذا الطريق إلى التحررِ فالحقوا
وولاؤهم ثأر ألا فلنستر * * * دَّ الثأر ممن للدِّما قد أهرقوا
واليومَ في ذبح العراق تفننوا * * * والجرم أن فيه التشيُّع معرِقُ
حتى غدا الشيعيُّ موضعَ ريبة * * * سيَّان ثارَ أو استكان يُنمِّقُ
وخيارُنا إما الحياةُ بذلة * * * والموتُ منها بالمُسالِم أخلَق
الاستاذ سلمان بن عاصي الربيعي شاعر أديب، ولد في العراق الحلة عام 1371 هـ/ 1951
م، ترك دراسته ليلتحق بالجيش العراقي ثم بإيران، حيث نشر الكثير من قصائده في الصحف
المحليّة وشارك في الاحتفالات الدينية، وقد صدر له حتى الان: الديار المحجوبة، على
اعتاب الوطن، طيف الوطن.
وما يزال يواصل نشاطه الادبي من خلال قصائده الكثيرة في الجرائد والمجلاّت والاذاعة
في اجهزة المعارضة الاسلامية العراقية.
وله من قصيدة «عيد الولاية»:
ماء الغدير اذا وجدتُ به الشِّفا * * * فلانّه من كلِّ شائبة صفا
هو منبعٌ بالطُّهر يزخز والهدى * * * فلذاك يقصده التقي تلهفا
مَنْ لم يطهرْ ماءُ (خمٍّ) قلبه * * * بولاه ماوجد الطهارة والشِّفا
خذها اخَ الايمان من فم شاعر * * * بسوى التشيع مذهباً لن يهتفا
ابياتَ شعر عُطرت بأريج مَنْ * * * ولاه امرَ المسلمين المصطفى
في يوم عيد بالسّعادة مُشرق * * * حيث الضياء عن النواظر ما خفى
فاليوم آخر اية يأتي بها * * * (جبريلُ) من لدن الاله مكلَّفا
لو لم تنصّ على ولاية (حيدر) * * * ما بلغ المختار طه المصحفا
اليوم اخر رحلة كانت له * * * وعن الهبوط - على الرسول - توقَّفا
ويبلغ الاجيال إلاّ عارف * * * حق الذي بغدير (خم) عرِّفا
فاسلك اذا رمت السمو سبيل مَن * * * لولاه مصباح العقيدة لانطفا
واستوحِ من يوم الغدير مواعظاً * * * فالثَّوبُ لا يجدي اذا العمر انطفا
واعلن ولاءك للوصيّ مسجِّلاً * * * لك عنده يوم القيامة موقفا
اذ تستغيثُ فلا تغاث وانت مِن * * * حُفَرِ الجحيم المظلمات على شفا
فهناك يجديك الولاءُ لحيدر * * * فالداء يهدأ اذ يلاقي المسعفا
إيه أبا السبطين جئتُ ملبياً * * * امر الرسول ولم اكن متطرِّفا
قلبي يقول: بخ بخ لك صادقاً * * * وبعهدتي اني ادوم على الوفا
الاستاذ حسن ابن الحاج عبد الحميد السنيد الغزّي شاعرٌ بارز وأديب كاتب، نشأ على
والده الاديب الخطيب وعلى ثلة من أدباء سوق الشيوخ بلدته العريقة في الشعر والادب
ممّا أغنى موهبته كثيراً، أمّا ولادته فكانت عام 1373هـ - 1954م وهو حاصلٌ على
البكالوريوس في الهندسة المدنيّة، لكنه بعد هجرته من العراق الى ايران انصرف عنها
الى العمل في الحقل الاعلامي السياسي فنشر الكثير من قصائده ومشاركاته في الصحف
والاذاعات وساهم في المؤتمرات والاحتفالات وعمل كذلك رئيساً لتحرير مجلة الهدى
للاطفال وقد صدرت له مجموعات شعرية عدّة، كما يُعتبر وبعض اخوانه من طليعة الحركة
الادبيّة الاسلامية.
أما هو فقد تفرّد بأسلوبه ونفسه الخاصّين مستفيداً من التراث والتجديد ومازجاً
بينهما مزجاً مُميّزاً ينبئ عن موهبة رائدة وشاعريّة حاذقة ووعي بأدوات التعبير
والاستخدام الشعريين، وتربطه بأخوانه ادباء العربيّة علائق عديدة.
وله من قصيدة في الغدير:
ألف جرح وأنت ما زلت حيّا * * * تتحدى زمانك الدمويّا
ألف جرح وانت تمتشق الشمـ * * * ـس ويعلو صدى صداك دويّا
تعبر العاصفات والزمن العا * * * تي لتبقى الفتى الجسور الابيّا
أين مسرى اللظى أكنت تداري * * * منه جمراً أم تحسب الجر فيّا
ولهيب الصحراء ما مس من خطـ * * * ـوك إلا وعاد ورداً نديّا
ليتني أطفئ احتراقي بكفيـ * * * ـك فأصحوا والبحر بين يديّا
ليتني أفرش الضلوع للقيا * * * ك واطفي الهجير في شفتيّا
ليت قلبي يصغي لصوتك هذا * * * وهو يجتاح صدري الحجريّا
فيحيل الدموع رفة نور * * * أريحيّ يمور في مقلتيّا
ويعيد اليبس القديم ربيعا * * * فيقوم الحلم المكفن حيّا
أيها العاشقون يجفل حرفي * * * ولقد كان مبدعاً عبقريّا
ألف عذر لقد تحطم كأسي * * * غير أني ما زدت في البحر شيّا
نفخ الله في البطولات والحـ * * * ـبّ وفيض الندى فكانت عليّا
حتى يقول:
يا أمير الشآم هيا ألا تلمح * * * في الافق مرقداً قدسيّا
حوّم المجد في منائره الشـ * * * ـمّ وغنى بقاءه الابديّا
وعليه الاملاك في نشوة التر * * * تيل تنهال سجداً وبكيّا
وعليّ هو الخلود وحسب الـ * * * ـخلد فخرا أن يغتدي علويا
يا وليد الاركان ما قبّلت قبلـ * * * ـك احجارها الظماء صبيّا
وارتعاش الحطيم ينبئ أن منـ * * * ـه وراء الاستار سراً خفيّا
فاذا أنت شاطئ خضل الور * * * د تحضنت زورقاً سحريّا
حاملاً همّة النبوات رايا * * * ت ببدر وصارماً أبديّا
تعب اللاهثون خلفك أنى * * * لخفوت الثرى بريق الثريّا
وتمرّ الايام تحمل من عيـ * * * ـنيك صحواً ومن سحابك ريّا
وصهيل الخيول يعبر من صـ * * * ـفين رعداً فيخجل الاشعريّا
والسيوف التي بوجهك سلّو * * * ها أماطت لثامك القبليّا
ونعرت فبعضها خزفا عا * * * د وبعض رأيته خشبيّا
والعيون التي تملّتك حقداً * * * شربت دمعها البليد الغبيّا
وتمنت لو أنها عميت قبـ * * * ـلك أو عاد ذكرها منسيّا
أمة ما وفت ببيعتك السمـ * * * ـحاء بايعتها فكنت الوفيّا
يابن شيخ البطحاء من شيبة الحمـ * * * ـد يعود التاريخ غضا طريّا
وتعود ابتسامة البيعة الاو * * * لى لعينيك موكبا نبويّا
إننا هاهنا يسمّرنا العهـ * * * ـد على ضفة الغدير فهيّا
نتغنى على رواء عليّ * * * فرواه ما زال عذبا نقيا
وله من قصيدة يقول:
لعلي توهجي وانطفائي * * * كيف أدنو وهو المسار النائي
كيف أدنو وهو اللهيب وقلبي * * * مثل جنحي فراشةً خضراءِ
أتهاوى على سناه وفي الرو * * * ح اشتعالٌ.. تفنى به اشلائي
كلّما مسني اللظى شدّني الحـ * * * ـبّ بعنف.. فهوّمتُ كبريائي
واذا لفَّ زورقي صخبُ المو * * * ج فعيناكَ هدأة الميناءِ
أنا أغفو وأنت توقظ في الرو * * * حِ بقايا أمنية ورجاءِ
أنا ابكي وانت تمسح دمعي * * * فيغنّي على يديك بكائي
أنا أمضي مع الضياع ورؤيا * * * كَ ملاكٌ يشدُّ خيط انتمائي
انت اين اتجهتُ كنت أمامي * * * واذا ما انهزمتُ كنتَ ورائي
يتلاشى على خطاك كياني * * * وتصلّي على صداكَ دمائي
أنت انت الخلود يفنى بذكرا * * * ه وجودي وتنمحي اشيائي
أيُّها البحرُ كيف أجفو وقلبي * * * في شواطيكَ قطرةٌ من ماءِ؟
لعليٍّ ومضُ النجوم وترتيـ * * * ـلُ الليالي، ولُجّةُ الظلماءِ
وغناءُ الامطار والاملُ المشـ * * * ـدود بالغيم في خشوع السماءِ
وارتعاشُ الرمال مصلوبةُ الوجـ * * * ـه على شفرة من الرمضاءِ
لعلي تهفو المجرّات حبّا * * * تِ هباء منثورة في الفضاءِ
لعلي ما ينسج القلبُ من حلـ * * * ـم وما يستشفُّ من ايحاءِ
وله تنبضُ الشرايينُ بالحـ * * * ـبّ.. فتغدو مجنونة الخيلاءِ
وله الدمعُ والحنينُ وما في الـ * * * ـروح من واحة ومن صحراءِ
وله الهمُّ يستجدُّ رماحاً * * * وعلي كالصخرةِ الصمّـاءِ
وله الصبرُ يستحي ان يلاويـ * * * ـهِ فيغفو ملفعاً بالحياءِ
وله البيعةُ الكبيرةُ وحيٌ * * * ويدٌ في يدي أبي الزهراءِ
هو مولاكمُ ولاذتْ وجوهٌ * * * تتلوّى بالحقدِ والبغضاءِ
هو مولاكمُ صدىً يملاُ البيـ * * * ـد ويرتدّ من عنان السماءِ
هو مولاكمُ وردّدَت الدنـ * * * ـيا: رضينا بالمستميت الفدائي
هو مولاكمُ وردَّدَ جبريـ * * * ـلْ: ومولى الملائك الامناءِ
لعلي لونُ الجراح، وأصدا * * * ءُ المنافي، ولوعةُ الغُرباءِ
وله صرخةُ اليتامى واغلا * * * لُ الاسارى وشهقة الشهداءِ
وله ما يلملمُ الليلُ من خو * * * ف، وما يختفي وراء المساءِ
ولهُ في القلوب عرشٌ وتاجٌ * * * من ولاء مرصَّعٌ بالوفاءِ
فإذا انهارتِ العروش تسامى * * * منبرٌ ناحلٌ ونصفُ رداءِ
ابراهيم النصيراوي
(1375 هـ -...)
الشيخ ابراهيم علوان النصيراوي اللاّمي فاضل خطيب، وشاعر مؤلف، ولد في مدينة
العمارة جنوب العراق، عام 1375هـ/ 1956م من عائلة متديّنة.
اتمّ قسطاً من دراسته الاكاديمية، ثم أخذ يمارس خطابة المنبر الحسيني حتى دخوله
الحوزة العلمية في العام 1399هـ/ 1979 في النجف الاشرف، فدرس على بعض فضلائها أمثال
السيد محمد حسين الحكيم، والسيد محمد تقي الخوئي، والسيد عزّ الدين بحر العلوم ثم
حضر بحث المرجع الشهير السيد ابو القاسم الخوئي، وعمل في مكتبه.
وبعد الانتفاضة الشعبانية عام 1411هـ هاجر مع من هاجر الى الجمهورية الاسلامية في
إيران حيث قصد حوزتها العلمية في قم المقدّسة دارساً ومدرّساً.
لا يزال يقيم في الجمهورية الاسلامية في ايران يمارس الخطابة داخلها وخارجها مع
مشاركته في المنتديات والاحتفالات الشعرية، له مؤلفات عديدة.
وله من قصيدة مطلعها:
خيّم الليلُ فاسطعي يا بدور * * * كلّ حي له بوجهك نور
حديثنا ربوعَ مكةَ عمّنْ * * * فيه قد حدّث الكتاب المنير
كلنا ينتشي إذا مرّ طيف * * * من علي ويعتريه السرور
حدّثينا عن السما كيف غنت * * * وعن الشمس كيف كانت تنير
أيها الجوهر الذي شدّنا فيـ * * * ـه ولاء عليه يصحو الضمير
قد عرفنا بأن ذاتك كنه * * * مالها في لغاتنا تفسير
فذهبنا الى مذاهب شتى * * * وتغنى بك الهوى والشعور
واختلفنا ويجمع الناس رأي * * * انك الفرد ما إليه نضيرُ
ورأيناك في ذرى المجد تعلو * * * فالمعاني يخونها التعبير
وعهدناك في الشجاعة فرداً * * * لو مسكت الجبال راحت تمور
ولك المنبر الذي لا يبارى * * * وبيان سمح العطا مسحور
واذا قيل في اليمامة وجه * * * شاحب اللون بائس مقهور
ذبت وجداً بأن منك ضمير * * * (كيف أرض بأن يقال أمير)
هكذا كنتَ أين منك رجال * * * لم يلج في عقولهم تفكير
قد تلاقوا ليطفئوا النور حقداً * * * واذا الشمس منك خجلى تنير
حلق النسر والبغاث ستبقى * * * ملؤها الرعب جنحها مكسور
وكسير الجناح للارض يهوي * * * والسما تهتدي اليها النسور
لك بيت بقمه المجد يبنى * * * رصعته من السجايا سطور
اين منك الغافون لزهّم السيـ * * * ـل وفي بابك استقر المصير
فاستحالت دار الغرور خرابا * * * واذا الخلد في علي فخور
يفخر البيت أن فيه وليدا * * * هو للمصطفى أخ ووزير
لوعتي لوعة يثور بها الوجـ * * * ـد ويدري الجوى بها ما يثيرُ
أنا أهوى الرمال في تربة العـ * * * ـز وقلبي ممزق مأسور
لست أدري متى احط رحالي * * * ومتى ينتهي بنا التقديرُ
محمد علي الدجيلي
(1375 هـ -...)
الاستاذ محمد علي بن محمود المجيد الزبيدي. ولد في الدجيل عام 1375هـ/ 1955م واكمل
دراسته في معهد المعلمين في بغداد.
هاجر الى سوريا عام 1403هـ/ 1983م بعد مضايقة السلطات العراقية له. ومن هناك توجه
الى إيران وما زال يقيم فيها.
وأسرته معروفة على الصعيد الاجتماعي في المنطقة، وكان والده يستضيف جملة من الخطباء
في شهري رمضان والمحرم الحرام ويكرمهم، واستمر على ذلك حتى اعتقاله عام 1402هـ/
1982م، يقم المترجم له - حالياً - في ايران حيث يرفد الوسط الادبي بقصائده العديدة
ويشارك في الاحتفالات والمناسبات.
وله من قصيدة مطلعها:
طلق همومك واطرد عنك أحزانا * * * وارقص على هامة الجوزاء جذلانا
حتى يقول:
في (ارض خم) تجلّى الحق منتصباً * * * ولاح في غرّة الكرار قرآنا
يوم الغدير اتم الله حجته * * * فمن تنكب عن شرع الهدى خانا
نادى رسول الهدى هذا ابو حسن * * * مولى العباد فمن والاه والانا
هو الوصي فلا زيغٌ ولا زللٌ * * * ولا سبيلٌ لمن قد رام بهتانا
زوج البتول فمن يرقاه في شرف * * * كلا فمن يدعي يحتاج برهانا
صنو الرسول له الافلاك قد خلقت * * * والمجد طأطأ اذلالاً واذعانا
سيف الاله الذي لولاه ما فقئت * * * للشرك عين وانف الكفر قد لانا
يوم الغدير لنا عيد نجدده * * * ما جددت بهجة الافراح دنيانا
يوم الغدير به ارواحنا عزفت * * * لحن الولاية في افاق مغنانا
يوم الغدير وقد راقت مشاربه * * * والطيب فاح على الاكوان ريحانا
يوم الغدير ايا لحنا بلا وتر * * * قد رتلته شفاه الشوق الحانا
يوم الغدير به طابت سرائرنا * * * وارقص الحب قلباً في حنايانا
تلك الولاية قد زفت لحيدرة * * * يا الف مرحى بيوم الله وافانا
فيا سماء اشهدي انا نبايعه * * * ولا نرى غيره كفواً ليرعانا
فمن سواه رسول الله عاضده * * * ومن سواه هوى للدين قربانا
ومن وليد بوسط البيت ماثلة * * * ومن اب لبني الزهراء قد كانا
هو الامير الذي طابت شمائله * * * وطاب محتده عزّاً وتبيانا
وله من قصيدة اخرى مطلعها:
حبُ طه وفاطم وعلي * * * تلك والله خمرَةُ الانقياء
لا تُلم عاشقاً يهيم اشتياقاً * * * قد تلظى بحب أهل الكساء
مذهب الحب ان تهيم نفوسٌ * * * ثم تغفو على نشيد الفداء
كيف نرجو من المحب اصطباراً * * * ذاك ظلمٌ وطعنةٌ للوفاء
إنّ قلبي بحبهم باتَ صباً * * * وكذا الجسمُ ناصل الاعضاءِ
فارقصي واشربي الولاء نبيذاً * * * فنديم الحياة كاسُ الولاءِ
ذو شمال أنا وحق علي * * * كأسُ انسي وبهجتي وهناء
قطعوني فقلت اهوى اميري * * * حرقوني فصمتُ هاك ولائي
قد عشقت الوصيّ حقاً فاني * * * صادقُ الودّ والولاء ردائي
علوي ومذهبي رافضي * * * حيدري الهوى ولست مرائي
أيُّ مدح بمولد الكبرياءِ * * * من فم قاصر وأي ثناء
إن تُرد مدحه فذاك محالٌ * * * ان يطال الثرى نجوم السماء
فعلي منار حق تجلى * * * ذو سناء وهيبة وانتشاء
قد تجلى في بطن مكة بدراً * * * فتوارى الظلامُ خلف الضياء
سجدت حوله الملائك طُراً * * * بخشوع ورقة وحياءِ