ادب الطف

 
 

جواد شبر

ادب الطف

او

شـعراء الحسيـــن ( عليه السلام)

من القرن الاول الهجري حتى القرن الرابع عشر

وما فاتني نصركم باللسان    اذا فاتني نصركم باليـد

 

الجزء الاول

مؤسـسة التـاريخ

بيروت ـ لبنان

ادب الطف ـ الجزء الاول 4

1422 هـ ـ2001 م

الطبعة الاولى

ادب الطف ـ الجزء الثامن 5

المقدمة

منذ سنوات عشر كنت كلما واتتني الفرصة ووجدت متسعاً من الوقت طرت إلى بيروت وعكفت في إحدى المطابع وواصلت السهر على إخراج جزء من أجزاء هذه الموسوعة (أدب الطف) فلا يمر شهر واحد حتى يكون الكتاب قد نجز ، وبيروت يؤمئذ قائمة على قدم وساق تصل الليل بالنهار بمواصلة العمل ، أما اليوم وقد هبطت اليها لنفس الغرض وبتاريخ 27/5/1977 والمصادف 8 جمادى الثانية من سنة 1367 هـ وإذا هي موحشة الجوانب خاوية على عروشها فذكرت قوله تعالى (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أني يحيي هذه الله بعد موتها) .

ايه يا عروس الشرق كيف ابيح حماك وصار عرضة للسلب والنهب .

هل تؤمنين بأن الأرض تشقى وتسعد ، وهل تؤمنين بأن المعاصي تزيل النعم ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً فكفرت بأنعم الله فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) .

استغرقت في تفكيري ورددت ما خطر ببالي من الوقوف على الاطلاق ومخاطبة الديار . ثم هيأ الله بعد اللتيا والتي من يستجيب لتحقيق أمنيتي ، فنجز الجزء السابع واتبعته بالجزء الثامن والحمد لله . وهذا الجزء يتضمن البقية من شعراء القرن الثالث عشر وقسماً من الرابع عشر .

المؤلف

ادب الطف ـ الجزء الاول 6

السيّد حيدر الحلي

المتوفي 1304

أهـاشم  لا يـوم لك ابيض أو iiترى      جـيادك  تزجي عارض النقع iiأغبرا
طـوالع فـي لـيل الـقتام iiتـخالها      وقـد  سدّت الافق السحاب iiالمسخرا
بـني الـغالبيين الألـى لست iiعالماً      أأسـمح فـي طـعن اكـفك أم قرى
إلـى  الآن لـم تجمع بك الخيل iiوثة      كـأنك مـا تـدرين بالطف ما جرى
هـامي بـها شـعث النواصي iiكأنها      ذئـاب غـضاً يمرحن بالقاع iiضمرا
وإن  سـئلتك الـخيل ايـن iiمغارها      فـقولي  ارفـعي كل البسيطة iiعثيرا
فـان  دمـاكم طـحن في كل iiمعشر      ولا ثـار حـتى لـيس تبقين معشرا
ولا  كـدم فـي كـربلا طـاح منكم      فــذاك  لأجـفان الـحمية اسـهرا
غـداة  ابـو الـسجاد جـاء iiيقودها      أجـادل  لـلهيجاء يـحملن iiانـسرا
عـليها  مـن الـفتيان كل ابن iiنثرة      يـعدّ  قـتير الـدرع وشـياً iiمحيرا
أشـمّ إذا مـا افـتض الحرب iiعذرة      تـنشق  مـن أعـطافها النقع iiعنبرا
من الطاعني صدر الكتيبة في iiالوغى      إذا الـصف مـنها مـن حديد iiتوقرا
هـم الـقوم اما اجروا الخيل لم iiتطأ      سـنـابكها  إلا دلاصــاً iiومـغفرا
إذا ازدحـموا حـشداً على نقع iiفيلق      رأيـت  عـلى الـليل النهار iiتكورا
كـماة  تـعد الـحيّ منها إذا iiانبرت      على الطعن من كان الصريع المقطرا

ادب الطف ـ الجزء الاول 7

ومـن يخترم حيت الرماح iiتظافرت      فـذلك  تـدعوه الـكريم iiالـمظفرا
فـما عـبروا إلا عـلى ظهر iiسابح      إلى  الموت لما ماجت البيض iiابحرا
مضوا  بالوجوه الزهر بيضاً iiكريمة      عـليها  لـثام الـنقع لاثـوه iiاكدرا
فـقل  لـتزار مـا حـنينك iiنـافع      ولـو مـتّ وجـداً بـعدهم وتزفرا
حـرام عـليك الـماء ما دام iiمورداً      لأبناء حرب أو ترى الموت iiمصدرا
وحـجر عـلى أجفانك النوم عن دم      شـبا  السيف يأبي أن يطل iiويهدرا
ألـلهاشمي  الـماء يـحلو iiودونـه      ثـوت آله حرى القلوب على الثرى
وتـهداً  عـين الـطالبي iiوحـولها      جـفون  بني مروان ريّا من iiالكرى
كـأنك يـا أسـياف غـلمان iiهاشم      نـسيت غـداة الـطف ذاك المعفرا
هـبي  لـبسوا في قتله العار iiأسوداً      أيـشفي  إذا لم تلبسوا الموت أحمرا
ألا  بـكر الـناعي ولـكن iiبـهاشم      جـميعاً  وكـانت بـالمنية iiأجـدرا
فـما لـلمواضي طـائل في iiحياتها      إذا  باعها عجزاً عن الضرب قصرا
ثوى  اليوم أحماها عن الضيم iiجانباً      وأصـدقها  عـند الـحفيظة iiمخبرا
وأطـعمها  للوحش من جثث iiالعدى      وأخـضبها لـلطير ظـفرا iiومنسرا
قضى  بعد ما رد السيوف على iiالقنا      ومـرهفه فـيها وفـي الموت iiاثرا
ومـات قـريب العهد عند شبا iiالقنا      يـواريه  مـنها مـا عـليه iiتكسرا
فـإن  يـمس مـغبر الجبين فطالما      ضحى الحرب في وجه الكتيبة غبرا
وإن  يـقض ظـمآناً تـفطر iiقـلبه      فـقد راع قـلب الموت حتى iiتفطرا
وألـقحها  شـعواء تشقى بها iiالعدى      ولـود  المنايا ترضع الحتف iiممقرا
فـظاهر  فـيها بـين درعين iiنثرة      وصبر  ودرع الصبر أقواهما iiعرى
سطا  وهو أحمى من يصون iiكريمة      وأشـجع مـن يقتاد للحرب iiعسكرا
فـرافده  في حومة الضرب iiمرهف      عـلى  قـلّة الأنـصار فـيه تكثرا
تـعشّر حـتى مـات في الهام iiحده      وقـائـمه  فـي كـفه مـا تـعثرا

ادب الطف ـ الجزء الاول 8

كـأن اخـاه الـسيف أعطي iiصبره      فـلم يـبرح الـهيجناء حتى iiتكسرا
لـه  الله مـفطور مـن الصبر iiقلبه      ولـو كـان مـن صم الصفا لتفطرا
ومـنعطفاً  اهـوى لـتقبيل iiطـفله      فـقبل مـنه قـبله الـسهم iiمـنحرا
لـقد والـدا فـي ساعة هو iiوالردى      ومـن قـبله فـي نحره السهم iiكبرا
وفي السبي مما يصطفي الخدر iiنسوة      يـعـز عـلى فـتيانها أن iiتـسيرا
حـمت خدرها يقضي وودت iiبنومها      تـرد  عـليه جـفنها لاعلى iiالكرى
مشى الدهر يوم الطف أعمى فلم يدع      عـمـاداً  لـهـا إلا وفـيه تـعثرا
وجـشمها الـمسرى بـبيداء iiقـفرة      ولم  تدر قبل الطف ما البيد iiوالسرى
ولـم  تـر حتى عينها ظل شخصها      إلـى أن بدت في الغاضرية iiحسرى
فـاضحت  ولا من قومها ذو iiحفيظة      يـقوم  ورآء الـخدر عـنها iiمشمرا

ولد السيد حيدر في الحلة وينتهي نسبه إلى الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام_ كان مولده (15) شعبان سنة 1246 ه الموافق سنة ( 1830 م ) وقبل أن يكمل عامه الثاني من عمره فقد والده فعاش يتيماً وتولى تربيته عمه السيد مهدي وكانت وفاته بالحلة يوم التاسع من ربيع الثاني وحمل إلى النجف فدفن في الصحن الشريف امام الرأس الشريف . كان شاعراً مجيداً من أشهر شعراء العراق أديباً ناثراً جيد الخط نظم فأكثر ولا سيما في رثاء الحسين عليه السلام فقد فاقهم حتى اعترفوا له بالفظل . قال السيد في الاعيان : وكان لغوياً عارفاً بالعربية شهماً أديباً، وقوراً تقياً عليه سمات العلماء الابرار كثير العبادة والنوافل كريم الطبع ، في الطليعة اخبرني السيد حيدر الحلي قال رأيت في في المنام فاطمة الزهراء عليها السلام فأتيت اليها مسلماً عليها مقبّلا يديها فالتفتت إلي وقالت :

أناعي قتلى الطف لا زلت ناعيا      تهيج  على طول الليالي البواكيا

ادب الطف ـ الجزء الاول 9

فجعلت ابكي وانتبهت وأنا اردد هذا البيت وجعلت اتمشى وأنا أبكي ففتح الله علي أن قلت :

أعـد  ذكرهم في كربلا إن iiذكرهم      طـوى جـزعاً طيّ السجل iiفؤاديا
ودع مـقلتي تحمر بعد iiابيضاضها      بـعد  رزايـا تـترك الدمع iiداميا
سـتنسى الكرى عيني كأن iiجفونها      حـلفن  بـمن تـنعاه ان لا iiتلاقيا
وتـعطي  الدموع المستهلات حقها      مـحاجر  تـبكي بالغوادي iiغواديا
واعـضاء  مجد ما توزعت الضبا      بـتوزيعها  إلا الـندى iiوالـمعاليا
لـئن فـرقتها آل حـرب فلم تكن      لـتجمع  حتى الحشر إلا iiالمخازيا
ومـما  يـزيل القلب عن iiمستقره      ويترك زند الغيظ في الصدر iiواريا
وقـوف  بنات الوحي عند iiطليقها      بـحال بـها يشجين حتى iiالأعاديا
لـقد  الـزمت كف البتول iiفؤادها      خـطوب يطيح القلب منهن iiواهيا
وغـودر  مـنها ذلك الضلع لوعة      علي  الجمر من هذي الرزية حانيا
أبـا  حـسن حرب تقاضتك iiدينها      إلـى أن أسائت في بنيك iiالتقاضيا
مضوا عطري الأبراد يأرج ذكرهم      عـبيراً تـهاداه الـليالي iiغـواليا
غـداة  ابن ام الموت اجرى iiفرنده      بـعزمهم  ثـم انـتضاهم مواضيا
واسـرى بـهم نحو العراق مباهياً      بـأوجههم  تـحت الظلام الدراريا
تـناذرت  الأعـداء منه ابن iiغابة      عـلى نشرات الغيل اصحر iiطاويا
تـساوره افـعي مـن الهم لم iiيجد      لـسورتها شيئاً سوى السيف iiراقيا
واظـمأه  شـوق إلى العز لم يزل      لورد  حياض الموت بالصيد iiحاديا
فـصمم  لا مـستعدياً غـير iiهمة      تـفل لـه العضب الجراز iiاليمانيا
واقـدم لا مـستسقياً غـير iiعزمة      تـعيد  غـرار السيف بالدم iiراويا
بـيوم  صبغن البيض ثوب iiنهاره      عـلى  لابـسي هيجاه أحمر iiقانيا
تـرقت  به عن خطة الضيم هاشم      وقـد بـلغت نفس الجبان iiالتراقيا

ادب الطف ـ الجزء الاول 10

لـقد  وقـفوا في ذلك اليوم موقفاً      إلـى الـحشر لا يزداد إلا iiمعاليا
هـم الـراضعون الـحرب iiاول      ولا  حـلم يـرضعن إلا iiالعواليا
بـكل  ابن هيجآء تربى iiبحجرها      عـليه  ابوه السيف لا زال iiحانيا
طويل نجاد السيف فالدرع لم iiيكن      لـيلبسه إلا مـن الـصبر ضافيا
يرى السمر يحملن المنايا شوارعاً      إلـى  صدره ان قد حملن الأمانيا
هـم الـقوم اقمار الندى وجوههم      يـضئن  من الآفاق ما كان iiداجيا
مـناجيد  طـلاعين كـل iiثـنية      يـبيت عـليها ملبد الحتف iiجائيا
ولـم  تدر ان شدوا الحبا iiاحباهم      ضـمن رجـالاً أم جبالاً iiرواسيا

قال : ثم أوصى أن تكتب وتوضع معه في كفنه ترجم له الكثير وقرضوا شعره إذ هو الشاعر الذي لم يزل يحتفظ بمكانته السامية في نفوس الشعراء والعلماء والادباء ولم تضعضع الأيام ولا مرّ السنين من رفعته وجلالته وتقديره ، وما رأيت شاعراً من شعراء الحسين عليه السلام تتذوقه النفوس وتهوى تكرار قصائده كالسيد حيدر في جميع الأقطار الشيعية فهو مضرب المثل في هذه الصناعة . قال الزركلي في (الاعلام ) : السيد حيدر شاعر أهل البيت في العراق اديب إمامي شعره حسن ، وكان مترفعاً عن المدح والاستجداء موصوفاً بالسخاء له ديوان شعر سماه ( الدر اليتيم ) وأشهر شعره حولياته في رثاء الحسين عليه السلام وترجم له الخطيب الاديب الشيخ اليعقوبي في البابليت فقال : ولد رحمه الله في الحلة ليلة النصف من شعبان سنة 1246 هـ ومات أبوه سنة 1247 فاقترن السيد مهدي ـ عم المترجم له ـ بزوجة اخيه السيد سليمان وعمر ولدها حيدر اقل من عامين فنشأ في حجر عمه وربيب نعمته وخريج مدرسته ، قال : وقد وقفت يوم كنت في الحلة على نسخ كثيرة من قصائد عمه ورسائله النثرية التي كان يبعث بها لآل كبة وغيرهم وهي بخط المترجم له وفي آخرها يقول : وحضر كاتب الحروف ولدنا حيدر يهديكم عاطر التحيات .

ادب الطف ـ الجزء الاول 11

وطفق من أول نشأته يحفظ الشعر ويعالج النظم كأنه مطبوع عليه حتى أحرزت قصائده استحساناً عظيماً في اندية الأدب ، وتفاءل قراء شعره بنبوغه في الفن ، كما أنه في نثره لا يقل عن نظمه فصاحة وبلاغة حتى قال فيه شيخ ادباء بغداد عبد الباقي العمري :

لقد ابدع السيد المرتضى      بـتسميطه  ذروة iiالابلق
وفـاه  بما فيه لافظ iiفوه      لـبيد الفصاحة لم iiينطق
وبـرّز  في حلبة iiغيره      اليها  وإن طار لم iiيسبق

وقد كان أبيّ النفس ، واسع الجاه عظيم القدر يتمتع بمكانة سامية في الأوساط العلمية والأدبية بحيث يحتفى به حجة الاسلام الشيرازي إذا استزاره إلى سامراء ذكر الشيخ الأميني في (الغدير) ان السيد حيدر قصد سامراء لزيارة الإمامين العسكريين عليهما السلام وبعد أداء الزيارة قصد السيد المجدد الشيرازي ، فعزم السيد المجدد على ردّ الزيارة له وحمل معه مائة ليرة ذهبية ودفعها له بكل إجلال وتقدير ، ثم قبل يد السيد حيدر حيث أنه شاعر أهل البيت عليهم السلام ، وهذا منتهي التقدير .

وكان من أوعى رجال الأدب صدراً لمادته لغة وعلوم عربية ومن اكثرهم حفظاً للفوائد واستظهاراً للشوارد وأشدهم مزاولة لاشعار العرب وخطبهم ، جزل الألفاظ رقيق المعاني حسن الروية جيد الطبع فجاء شعره في الغالب متين التأليف عربياً فصيح المفردات والتراكيب ، وحسبك منه ( حولياته ) التي لم يقصر فيها عن شأو زهير في البلاغة وصحة اللفظ والمعني وهي مرثياته للسبط الشهيد ابي عبد الله الحسين ؟ التي خلدته خلوداً يبقى مع الزمن ، فلا شك أنه شقّ فيها غبار الشريفين الرضى والمرتضى ومهيار وكشاجم وكل من تعاطى رثاء الإمام الشهيد عليه السلام من فحول شعراء الشيعة المتقدمين والمتأخرين وجاء باللون الجديد في الرثاء وتفنن فيه ما شاء له أدبه ومقدرته في الالفاظ والمعاني والأساليب ما هزّ الشاعر واستمطر الدموع .

ادب الطف ـ الجزء الاول 12

قال الشيخ اليعقوبي : وحدثني المغفور له السيد هادي القزويني أن عمه السيد ميرزا جعفر كان يقترح على خطيب الذكرى الحسينية في المحفل الذي يعقده بداره في الحلة طيلة العشرة الاولى في المحرم أن لا ينشده غير المراثي الحيدرية ، ومجموع قصائد السيد حيدر الحسينية (23) عدا المقاطيع وكلها من الشعر المختار، وقد جمعت وطبعت مستقلة عن ديوانه غير مرة في الهند والنجف وقد أحجم عن مجاراته فيها كثير من الشعراء المعاصرين له والمتأخرين عنه .

وأنبأني الأديب الحاج عبد المجيد الشهير بـ(العطار) قال : دخلت على السيد يوماً وطلبت منه قصيدته النونية التي مطلعها :

إن ضاع وترك يابن حامي الدين     لا قال سيفك للمنايا كوني

فاستدعى بمحفظة خشبية أخرج منها أكثر من ثمان نسخ من القصيدة نفسها ، وكل واحدة تختلف عن سابقتها في التقديم والتأخير والتنسيق حتى دفع إليّ آخر نسخة كان قد أعاد النظر في تهذيبها وهي التي ارتضاها بعد إجتهاد الفكر ، وإلى مراثيه هذه أشار المجاهد السيد السعيد الحبوبي بقوله في قصيدته التي رثاه فيها وهي ابلغ قصيدة رثي بها المترجم له :

اجوهرة  الدنيا التي قد iiتزينت      به  واكتست من بشره iiاللمعانا
فمن  للقوافي الغر بعدك iiحيدر      يـساجل فـيها دائـنا iiومدانا
فكم لك إذ تدعو ابن أحمد ندبة      تزلزل  رضوى أو تزيل iiأبانا
أطـلت ولم تملل بكاك iiعليهم      فـطال ولـم نملل عليك بكانا

ولا تظن أن إبداعه يقتصر على مراثي أهل البيت عليهم السلام فإن شعره في شتى النواحي مزدان بالإبداع مرصوص الجوانب كالسلاسل الذهبية فاستمع إلى قطعة من قصيدته التي قالها في رثاء الميرزا جعفر القزويني والتي مطلعها :

قد خططنا للمعالي مضجعا      ودفـنا الـدين والدنيا iiمعا
وعـقدنا لـلمساعي iiمأتما      ونـعينا  الفخر فيه iiأجمعا

ادب الطف ـ الجزء الاول 13

صاحب النعش الذي قد رفعت     بركات الارض لما رفع

وقوله من قصيدة يرثي بها علامة عصره الشيخ مهدي حفيد الشيخ الأكبر كاشف الغطاء :

يـا مـن أضاء بنوره افق iiالهدى      أعـلمت بـعدك كـل افق iiأظلما
أبـكيك  لـلاحسان غاض iiنميره      قـسراً ولـلأمال بـعدك iiحـوّما
وفعوك والبركات عن ظهر الثرى      وطووك واللمعات عن وجه iiالسما
دفـنوك  وانصرفوا بأعظم iiحيرة      فـكأنما دفـنوا الـكتاب iiالمحكما

ولشاعرنا السيد حيدر آثار أدبية :

1ـ كتاب الدمية القصر في شعراء العصر ، جمع فيه ما قاله شعراء عصره في المحروم الحاج محمد صالح كبة وأولاده وأحفاده وهو يقع في 556 صفحة ، لا توجد غير نسخة الاصل وهي في مكتبة الشيخ محمد مهدي كبة .

2ـ العقد المفصل يجمع المحسنات البديعية والطرف الأدبية والنوادي والفكاهات واللغة والأدب ، طبع ببغداد في جزئين كبيرين سنة 1332 .

3ـ الاشجان في خير انسان يتكون من 95 صفحة جمع فيه ما قيل في رثاء السيد ميرزا جعفر القزويني وعدد الشعراء الذين ترجم لهم 23 شاعراً .

4ـ ديوان شعره ، ولم يكن مجموعاً في حياة الناظم وإنما جمعه ابن اخيه السيد عبد المطلب باقتراح من الحجة السيد حسن الصدر قدس سره .

وقد طبع في الهند سنة 1312 هـ ثم أعيد طبعه مرة ثانية بنفس الطباعة الحجرية فكانت كالاولى بكثرة اغلاطها النحوية والإملائية ، وفي سنة 1368 هـ قامت مطبعة (الزهراء) بالنجف الاشرف بطبع الجزء الأول من ثلاثة أجزاء بتحقيق الاستاذ اللامع صالح الجعفري مدرس الأدب العربي في ثانوية النجف بعدما قابله بعدة نسخ مخطوطة بقلم الشيخ حسن مصبح سنة 1306 هـ كما قام

ادب الطف ـ الجزء الاول 14

الاستاذ البحاثة على الخاقاني بتحقيق ونشر الديوان على نسخ مضبوطة محققة وأخرجه بأجمل اخراج في مطابع النجف أقول وقد ترجم له الشيخ عبد الرزاق البيطار في مؤلفه ( حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر ) جزء 1 صفحة 566 وأسماه بـ السيد حيدر الحلبي تصحيف ( حلي ) مع أن الكتاب طبع بمطبعة الترقي بدمشق بتحقيق الاستاذ محمد بهجة البيطار عضو مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1380 هـ 1961 م .

كما جاء في كتاب ( نفس المهموم ) للمحدث الشيخ عباس القمي رحمه الله قصيدة تزيد على 20 بيتاً أولها :

أتربة وادي الطف حياك ذوالعرش     وروّت رباك المزن رشاً على رشّ

ونسبها للسيد حيدر الحلي ، والصحيح انها للشيخ حسن مصبح .

وجاء في (اعيان الشيعة ) للسيد الأمين ج29 عند ترجمة السيد حيدر ، هذه المقطوعة الفرامية التي مطلعها :

إلى م تسرّ وجدك وهو باد     وتلهج بالسلوّ وانت صب

والصحيح انها للشيخ عباس بن الملا علي النجفي ، وهي مثبتة في ديوانه .

توفي السيد حيدر في مسقط رأسه ـ الحلة ـ عشية الاربعاء في الليلة التاسعة من ربيع الثاني وعمره 59 سنة ودفن في النجف الاشرف في الجهة الشمالية من الصحن الحيدري أول الساباط بين مرقدي السيد ميرزا جعفر القزويني والشيخ جعفر الشوشتري ، ورثاه فريق من الشعراء كالسيد الحبوبي والسيد ابراهيم الطباطبائي ، والشيخ حمادي نوح ، والحاج حسن القيم ، والشيخ حسون العبدالله والشيخ محمد الملا ، وولده السيد حسين وابن اخيه السيد عبد المطلب ، وعقد له العلامتان السيد محمد القزويني وأخوه السيد حسين مأتم العزاء بدارهما في النجف ، ولذلك تخلص الحبوبي إلى مدحهما في آخر قصيدته التي مطلعها :

أبن لي نجوى إن أطقت بيانا      ألـست  لـعدنان فماً iiولساناً

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث