زينب ( عليها السلام ) تحدّث الحسين ( عليه السلام ) في استعلامه
نيّات أصحابه

ثُم دَخلَ
الحسين ( عليه السلام ) خَيمةَ زينب ، وَوقفَ نافعٌ بإزاءِ الخيمةِ ينَتظرُه فَسمعَ زينبَ تقولُ لَهُ : هَل استعلمتَ مِنْ أصحابِكَ نياتِهم فإني أخشى أن يُسلموك عند الوثَبة.

فقال لها : واللهِ لقد بلوتُهم ، فما وجدتُ فيهم إلا الاشوسَ
(1) الاقعسَ
(2) يَستأنسونَ بالمنيةِ دوني استيناسَ الطفلِ إلى محالبِ أمه.

قال نافعُ : فلّما سمعتُ هذا منه بَكيتُ وأتيتُ حبيبَ بنَ مظاهر وَحكيتُ ما سمعتُ منه وَمن أُختهِ زينب.

قال حبيب : واللهِ لولا انتظارُ أمرهِ لعاجلتُهم بسيفي هذه الليلة.

قلت : إني خَلّفتُه عندَ أُختهِ وأظنُ النساءَ أفقنَ وَشاركنها في الحسرةِ فهل لكَ أن تجمعَ أصحابَك وَتواجهُوهُنَّ بِكلام يُطيّبُ قلوبَهُنَّ.
حبيب ( عليه السلام ) يخطب في الانصار
ويُطيّب خواطر النساء

فقام حبيب ونادى : يا أصحابَ الحميةِ وليوث الكريهةِ ، فتطالَعوا من مضاربهم
____________
(1) الاشوس : الشديد.
(2) الاقعس : المنيع.
( 48 )
كَالاسود الضاريةِ ، فقالَ لبني هاشم : ارجعوا إلى مقركم لا سهرتْ عُيونُكُمْ.

ثُّم التفتَ إلى أصحابه وحَكى لهم ما شَاهدَهُ وسمعَهُ نافعٌ ، فقالوا بأجمعِهِم : والله الذي مَنَّ عَلينا بهذا الموقفِ لولا انتظارُ أمره لعاجلناهم بسيوفِنا الساعة! فَطبْ نَفساً وَقرَّ عَيناً فجزاهُمْ خيراً.

وَقال : هَلموا معي لنواجه النسوةَ ونُطيبَ خَاطرَهُنَّ ، فجاءَ حبيبُ وَمعُه أصحابُه وَصاحَ : يا معشرَ حرائرِ رسولِ اللهِ هذه صوارمُ فتيانِكُمْ آلوا ألا يغمدوها إلا في رقابِ مَنْ
يُريدُ السوء فيكُمْ ، وَهذهِ أسنة غلمانِكُمْ أقسَموا ألا يَركزوها إلا في صُدورِ مَنْ يُفرّق نَاديكم.

فَخرجن النساء إليهم ببكاء وعويل وَقلن أيها الطيبون حاموا عن بناتِ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) وحرائرِ أمير المؤمنين ( عليه السلام ).

فضجّ القومُ بالبكاءِ حتى كأنَّ الارض تَميد بهم
(1).

ولقد اجاد الصحيح اذ يقول في ذلك :
ووراءَ أروقة الخيام حكايـة |
* |
اخرى ، تتيه طيوفها بجمال
|
فهنالك الاسدي يبدع صورة |
* |
لفدائه حوريـةَ الاشكــال
|
ويحاول استنفار شيمة نخبة |
* |
زرعوا الفلاة رجولة ومعالي
|
نادى بهم والمجد يشهد أنـه |
* |
نادى بأعظم فاتحين رجـال
|
فاذا الفضاء مدجّج بصوارم |
* |
واذا التراب ملغمٌ بعوالــي
|
ومشى بهم أسداً يقود وراءه |
* |
نحو الخلود كتيبة الاشبـال
|
____________
(1) مقتل الحسين للمقرم : ص 218 ـ 219 ، معالي السبطين : ج1 ، ص344 ـ 346 ، الدمعة الساكبة : ج4 ، ص273 ـ 274 ، بتفاوت.
( 49 )
حتى إذا خدرُ العقيلـة أجهشت |
* |
استارُه في مسمع الابطـال
|
القى السـلام فما تبقّت نبضة |
* |
في قلبه لم ترتعشْ بجـلال
|
ومذ التقته مع الكآبـة زينـب |
* |
مخنوقة من همّهـا بحبـال
|
قطع استدارة دمعة في خدهـا |
* |
وأراق خاطرها من البلبـال
|
وتفجر الفرسان بالعهد الـذي |
* |
ينساب حول رقابهـم بدلال
|
قرِّي فؤاداً يا عقيلة واحفظـي |
* |
هذي الدموع فانهنَّ غوالـي
|
عهد زرعنا في السيوف بذوره |
* |
وسقته ديمة جرحنا الهطـال
|
زينب ( عليها السلام ) تتفقّد
خيمة الحسين والعبّاس ( عليهما السلام )

روي عن فخر المخدّرات زينب ( عليها السلام ) قالت : لما كانت ليلة عاشوراء من المحرم خرجتُ من خيمتي لاتفقّد أخي
الحسين ( عليه السلام ) وأنصاره ، وقد أفرد له خيمة فوجدته جالساً وحده يُناجي ربّه ويتلو القرآن ، فقلت في نفسي : أفي مثل هذه الليلة يُترك أخي وحده ، والله لامضين إلى إخوتي وبني عمومتي واُعاتبهم بذلك ، فأتيت إلى خيمة العبّاس فسمعت منها همهمة ودمدمة ، فوقفت على ظهرها فنظرت فيها فوجدت بني عمومتي وإخوتي وأولاد إخوتي مجتمعين كالحلقة وبينهم العباس بن أمير المؤمنين ( عليهما السلام ) وهو جاث على رُكبتيه كالاسد على فريسته.
( 50 )
العباس يخطب في بني هاشم ويحرِّضهم على
القتال قبل الانصار

فخطب فيهم خطبة ما سمعتها إلاّ من
الحسين ( عليه السلام ) مشتملة بالحمد والثناء لله والصلاة والسلام على النبي ( صلى الله عليه وآله ).

ثم قال في آخر خطبته : يا إخوتي وبني إخوتي وبني عمومتي إذا كان الصباح فما
تقولون ؟

فقالوا : الامر إليك يرجع ونحن لا نتعدى لك قولك.

فقال العبّاس ( عليه السلام ) : إن هؤلاء ، أعني الاصحاب قوم غرباء ، والحمل الثقيل لا يقوم إلاّ بأهله ، فإذا كان الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم ، نحن نقدمهم للموت ، لئلا يقول الناس قدّموا أصحابهم فلما قتلوا عالجوا الموت بأسيافهم ساعة بعد ساعة ، فقامت بنو هاشم وسلّوا سيوفهم في وجه أخي العباس ، وقالوا : نحن على ما أنت عليه !

قالت زينب ( عليها السلام ) : فلما رأيت كثرة اجتماعهم وشدّة عزمهم وإظهار شيمتهم سكن قلبي وفرحت ولكن خنقتني العبرة.
حبيب يحاور الانصار ويحرّضهم على القتال
قبل بني هاشم

فأردت أن أرجع إلى أخي
الحسين ( عليه السلام ) وأخبره بذلك فسمعت من خيمة
( 51 )
حبيب بن مظاهر همهمة ودمدمة ، فمضيت إليها ووقفت بظهرها ونظرت فيها فوجدت الاصحاب على نحو بني هاشم مجتمعين كالحلقة وبينهم حبيب بن مظاهر وهو يقول : يا أصحابي لِمَ جئتم إلى هذا المكان ، أوضحوا كلامكم رحمكم الله فقالوا : أتينا لننصر غريب فاطمة ( عليها السلام )!

فقال لهم : لم طلقتم حلائلكم ؟ فقالوا : لذلك !

قال حبيب : فإذا كان في الصباح فما أنتم قائلون ؟

فقالوا : الرأي رأيك ولا نتعدى قولاً لك.

قال : فإذا صار الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم ، نحن نقدمهم للقتال ولا نرى هاشمياً مضرجاً بدمه وفينا عرق يضرب ، لئلا يقول الناس : قدَّموا ساداتهم للقتال وبخلوا عليهم بأنفسهم.

فهزَّوا سيوفهم ( في ) وجهه ، وقالوا : نحن على ما أنت عليه.
زينب تتعجب من موقف بني هاشم والانصار

قالت زينب : ففرحتُ من ثباتهم ولكن خنقتني العبرة فانصرفت عنهم وأنا باكية ، وإذا بأخي
الحسين ( عليه السلام ) قد عارضني فسكنت نفسي وتبسمت في وجهه ، فقال : أُخيّة. فقلت : لبيك يا أخي. فقال ( عليه السلام ) : يا أختاه منذ رحلنا من المدينة ما رأيتك متبسمة أخبريني ما سبب تبسمك ؟

فقلت له : يا أخي رأيت من فعل بني هاشم والاصحاب كذا وكذا !!
( 52 )
فقال لي : يا أُختاه إعلمي أن هؤلاء أصحابي
(1) من عالم الذرّ وبهم وعدني جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هل تحبين أن تنظري إلى ثبات إقدامِهم ؟

فقلت : نعم. فقال ( عليه السلام ) : عليك بظهر الخيمة.
الامام الحسين ( عليه السلام ) يخطب في أصحابه
ويكشف لهم عن أبصارهم

قالت زينب : فوقفت على ظهر الخيمة ، فنادى أخي
الحسين ( عليه السلام ) : أين إخواني وبنو أعمامي ! فقامت بنو هاشم وتسابق منهم العباس وقال : لبيك لبيك ما تقول ؟

فقال
الحسين ( عليه السلام ) : أُريد أن أُجدد لكم عهداً ، فأتى أولاد
الحسين وأولاد الحسن وأولاد علي وأولاد جعفر وأولاد عقيل ، فأمرهم بالجلوس فجلسوا.
____________
(1) قد جاء في الاحاديث الشريفة إن أصحاب الحسين ( عليه السلام ) معروفون بأسمائهم من قبل واقعة الطف ، روى ابن شهراشوب قال : عُنّف ابن عباس على تركه الحسين ( عليه السلام ) فقال إن أصحاب الحسين ( عليه السلام ) لم ينقصوا رجلاً ولم يزيدوا رجلاً ، نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم ، وقال محمد بن الحنفية وإن أصحابه ( عليه السلام ) عندنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم. راجع : مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب : ج4 ، ص53 ، بحار الانوار : ج44 ، ص185.
وروى بن قولويه ـ عليه الرحمة ـ قال : حدثني الحسن عن أبيه عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن يعقوب بن شعيب عن حسين بن أبي العلاء قال : والذي رفع اليه العرش لقد حدثني أبوك بأصحاب الحسين ( عليه السلام ) لا ينقصون رجلاً ولا يزيدون رجلاً ، تعتدي بهم هذه الاُمّة كما اعتدت بنو إسرائيل يوم السبت.. الخ ، كامل الزيارات لابن قولويه : ص73 ، وعنه بحار الانوار : ج45 ، ص 87.
( 53 )

ثم نادى : أين حبيب بن مظاهر ، أين زهير ، أين هلال ، أين الاصحاب ، فأقبلوا وتسابق منهم حبيب بن مظاهر. وقال : لبيك يا أبا عبدالله ، فأتوا إليه وسيوفهم بأيديهم ، فأمرهم بالجلوس فجلسوا فخطب فيهم خطبة بليغة.

ثم قال : يا أصحابي ، اعلموا أن هؤلاء القوم ليس لهم قصد سوى قتلي وقتل من هو معي ، وأنا أخاف عليكم من القتل ، فأنتم في حلٍّ من بيعتي ومن أحب منكم الانصراف فلينصرف في سواد هذا الليل.

فعند ذلك قامت بنو هاشم وتكلّموا بما تكلموا ، وقام الاصحاب وأخذوا يتكلمون بمثل كلامهم
فلما رأى
الحسين ( عليه السلام ) حُسن إقدامهم وثبات أقدامِهم ، قال ( عليه السلام ) : إن كنتم كذلك فارفعوا رؤوسكم وانظروا إلى منازلكم في الجنة ، فكشف لهم الغطاء ورأوا منازلهم وحورهم وقصورهم فيها ، والحور العين ينادين العجل العجل فإنا مشتاقات إليكم !

فقاموا بأجمعهم وسلوا سيوفهم ، وقالوا : يا أبا عبدالله أتأذن لنا أن نغير على القوم ونقاتلهم حتى يفعل الله بنا وبهم ما يشاء.

فقال ( عليه السلام ) : اجلسوا رحمكم الله وجزاكم الله خيراً.
الامام الحسين عليه السلام يأذن لنساء الأنصار بالانصراف لئلا
تُسبى ومحاورة علي بن مظاهر مع زوجته

ثم قال : ومن كان في رحله امرأة فلينصرف بها إلى بني أسد ، فقام علي بن مظاهر وقال : ولماذا يا سيدي ؟!
( 54 )

فقال ( عليه السلام ) : إن نسائي تُسبى بعد قتلي وأخاف على نسائكم من السبي ، فمضى علي بن مظاهر إلى خيمته فقامت زوجته إجلالاً له فاستقبلته وتبسمت في وجهه. فقال لها : دعيني والتبسّم !!

فقالت : يا ابن مظاهر إني سمعت غريب فاطمة ( عليهما السلام ) خطب فيكم وسمعت في آخرها همهمة ودمدمةً فما علمت ما يقول ؟

قال : يا هذه إن
الحسين ( عليه السلام ) قال لنا : ألا ومن كان في رحله امرأة فليذهب بها إلى بني عمها لاني غداً اُقتل ونسائي تُسبى.

فقالت : وما أنت صانع ؟ قال : قومي حتى أُلحقكِ ببني عمك بني أسد ، فقامت
ونطحت رأسها في عمود الخيمة وقالت : والله ما أنصفتني يا بن مظاهر أيسرك أن تُسبى بنات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنا آمنة من السبي ؟ أيسرك أن تُسلب زينب إزارها من رأسها وأنا أتستر بإزاري ؟ أيسرك أن تذهب من بنات الزهراء أقراطها وأنا أتزين بقرطي ؟ أيسرك أن يبيض وجهك عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ويسودّ وجهي عند فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء.

فرجع علي بن مظاهر إلى
الحسين ( عليه السلام ) وهو يبكي ، فقال له
الحسين ( عليه السلام ) : ما يبكيك ؟ فقال : سيدي أبتْ الاسدية إلاّ مواساتكم ، فبكى
الحسين ( عليه السلام ) وقال : جُزيتم منّا خيراً
(1).

قال الشاعر :
رجال تواصوا حيث طابت أصولهم |
* |
وأنفسهم بالصبر حتى قضوا صبرا
|
____________
(1) معالي السبطين للحائري : ج1 ، ص340 ـ 342.
( 55 )
حماة حموا خــدرا أبي الله هتكـه |
* |
فعظّمه شأنــاً وشرّفــهُ قــدرا
|
فأصبح نهبــاً للمغاويــر بعدهم |
* |
ومنه بنات المصطفى أُبرزت حسرى
|

وقال آخر :
السابقون إلى المكـــارم والعلـى |
* |
والحائـزون غداً حياض الكـوثـــر
|
لو لا صوارمهــم ووقع نبالهــم |
* |
لم تسمــع الاذان صوتَ مكبــر (1)
|
الاعداء يطوفون حول خيام الحسين ( عليه السلام )

هذا وقد أمر عمر بن سعد حرساً بقيادة عزَرَةَ بن قيس الاحمسي بحراسة
الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ، فاخذوا يطوفون حول البيوت والفسطاط خوفاً من أن يفوت
الحسين ( عليه السلام ) من قبضتهم ، أو يلتحق بمعسكره أحدٌ من الناس
(2)
الامام الحسين ( عليه السلام ) يأمر أصحابه
بحفر الخندق وتنظيم الخيم

قال الراوي : وكان
الحسين ( عليه السلام ) أتى بقصب وحطب إلى مكان مِنْ ورائهم مُنخفض ، كأنَه ساقية فَحفروه ، في ساعة مِنْ الليلِ فَجعلُوه كَالخَندَقِ ، ثمْ ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب ، وَقالوا : إذا عَدوا علينا فقاتلُونا ألقينا فيه النار كيلا نُؤتى مِنْ
____________
(1) نفثة المصدور للقمي : ص 629.
(2) الحسين وأصحابه للقزويني : ج1 ،ص255 ،حياة الامام الحسين للقرشي : ج3 ، ص178.
( 56 )
وَرائنا وَقاتلونا القومُ مِنْ وَجه واحد ، ففعلوا وكانَ لهم نافعاً
(1).

وقال الدينوري : وأمر
الحسين ( عليه السلام ) أصحابه أن يضمّوا مضاربهم بعضهم من بعض ، ويكونوا أمام البيوت ، وأن يحفروا من وراء البيوت أخدُوداً ، وأن يضرموا فيه حطباً وقصباً كثيراً ، لئلا يُأتوا من أدبار البيوت فيدخلوها
(2).

وجاء في البداية والنهاية : وجعلوا البيوت بما فيها من الحرم وراء ظهورهم ، وقد أمر
الحسين ( عليه السلام ) من الليل فحفروا وراء بيوتهم خندقاً ، وقذفوا فيه حطباً وخشباً وقصباً ، ثم أُضرمت فيه النار لئلا يَخلص أحد إلى بيوتهم من ورائها
(3)

وفي الارشاد ، إن
الحسين ( عليه السلام ) خرج إلى أصحابه فأمرهم أن يُقرّب بعضُهم بيوتَهم من بعض ، وأن يُدخلوا الاطناب بعضها في بعض ، وأن يكونوا بين البيوت فيستقبلون القوم من وجه واحد ، والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم قد حفّت بهم إلا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم
(4).
الحكمة من ضم الخيم والمضارب

وقيل إنّه عمل ذلك لعلمه ـ صلوات الله عليه ـ بما كان يضمرُه عمر بن سعد مع رؤساءِ عسكره ليلةَ العاشر ، فقد اتفقت آراؤُهم على أن يهجموا دفعةً واحدةً
____________
(1) تاريخ الطبري : ج 4 ، ص320.
(2) الاخبار الطوال للدينوري : ص 256.
(3) البداية والنهاية لابن كثير : ج4 ، ص178.
(4) الارشاد للمفيد : ص232 ، إعلام الورى للطبرسي : ص240.
( 57 )
على
الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه على المخيم ، فيقتلون الرجال ويسبون النساء في ساعة واحدة ، ولذا قال الشيخ المفيد ـ عليه الرحمة ـ : وأقبل القوم يجولون حول بيوت
الحسين ( عليه السلام ) فيرون الخندق في ظهورهم ، والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان اُلقيَ فيه
(1) ، ولم يكن لهم طريق إلا من وجه واحد ، فغضبوا بأجمعهم
(2).

ويؤيد هذا ماجاء في الانساب : واقتتلوا نصف النهار أشد قتال وأبرحه ، وجعلوا لا يقدرون على إتيانهم إلا من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم وتقاربها ، ولمكان النار التي أوقدوها خلفهم ، وأمر عمر بتخريق أبنيتهم وبيوتهم فأخذوا يُخرّقونها برماحهم وسيوفهم
(3).

وماجاء في الكامل أيضاً : فلمّا رأى ذلك عمر أرسل رجالاً يُقوّضونها عن أيمانهم وشمائلهم ليحيطوا بهم ، فكان النفر من أصحاب
الحسين ( عليه السلام ) الثلاثة والاربعة يتخلّلون البيوت ، فيقتلون الرجل وهو يُقوّض وينهب ويرمونه من قريب أو يعقرونه ، فأمر بها عمر بن سعد فأحرقت.

فقال لهم
الحسين ( عليه السلام ) دعوهم فليحرقوها فأنّهم إذا حرقوها لا يستطيعون أن يجوزوا إليكم منها فكان كذلك
(4).

وقد جاء في بعض الكتب أن بيوتَهم وخيمهم وفساطيطهم كانت مائة
____________
(1) الارشاد للمفيد : ص233.
(2) معالي السبطين للحائري : ص347 ( بتصرف ).
(3) أنساب الاشراف للبلاذري : ج3 ، ص194.
(4) الكامل في التاريخ لابن الاثير : ج4 ، ص69.
( 58 )
وسبعين ، السبعون للحسين ( عليه السلام ) وسائر بني هاشم ، والمائة للانصار والاصحاب
(1) والله أعلم بحقائق الامور.
الامام الحسين ( عليه السلام ) يرى جدّه النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) في السَّحَر

روي إن
الحسين ( عليه السلام ) لمّا كانَ وَقتُ السَّحَر خَفقَ برأسهِ خفقةً ثُمَّ استيقظَ فقال : أتعلمونَ ما رأيتُ في منامي السّاعةَ ؟ فقالوا : وَما الذي رأيتَ يا بنَ رسولِ الله ؟

فقال : رأيتُ كأنّ كلاباً قد شدَّت عَليَّ لتنهَشني
(2) وَفيها كَلبٌ أبقع رأيتُهُ أشدَّها عَليَّ وَأظنُّ أنّ الذي يَتولّى قَتلي رجلٌ أبرص
(3) مِن بين هؤلاءِ القومِ ، ثم إنّي رأيتُ بعدَ ذلك جَدي رسول اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَمعَهُ جماعةٌ مِنْ أصحابِه وهو يقولُ لي : يَا بُنَّي أنت شهيدُ آلِ محمّد ، وَقد استبشرَ بكَ أهلُ السماوات وأهل الصفيحِ
(4) الاعلى فليكن إفطارُكَ عندي الليلة عَجِّل وَلا تُؤخر!فَهذا مَلكٌ قد نزلَ مِنَ السماءِ ليأخذَ دَمَكَ في قارورة خضراء ، فهذا ما رأيتُ وَقد أزف الامرُ ، واقترَبَ الرحيّلُ مَنْ هَذه الدنيا لا شَكّ في ذلك
(5).
____________
(1) الامام الحسين وأصحابه للقزويني : ج1 ، ص258.
(2) وفي الفتوح : تُناشبني.
(3) وفي الفتوح : رجل أبقع وأبرص.
(4) الصفيح أو الصَّفْح : من أسماء السماء ، ومنه ملائكة الصَفْح الاعلى ، أي ملائكة السماء العليا. مجمع البحرين للطريحي : ج2 ، ص386.
(5) بحار الانوار : ج45 ، ص3 ، العوالم : ج17 ، ص247 ، الفتوح لابن الاعثم : ج5 ، ص111 ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج1 ص251.
( 59 )
الاعداء يسمعون تلاوة الحسين ( عليه السلام )
وكلام برير (1) معهم

روى الضحاك
(1) بن عبدالله المشرقي قال : فلّما أمسى حسينٌ ( عليه السلام ) وأصحابُه
____________
(1) هو : بُرير بن خُضير الهمداني المشرقي ، وبنو مشرق بطن من همدان ، كان شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن من شيوخ القراء ، ومن أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين ، وهو القائل للحسين ( عليه السلام ) لما خطب في أصحابه في الخطبة التي يقول فيها : أما بعد فإن الدنيا تغيّرت...الخ. ثم قام برير فقال : والله يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، تقطع فيك أعضاؤنا حتى يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعاً لنا ، فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم ، وويلٌ لهم ماذا يلقون به الله ، وأُف لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنم ، قُتل بين يدي الحسين ( عليه السلام ) وأبلى بلاءً حسناً.
راجع : إبصار العين للسماوي : ص70 ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص 76 ـ 77.
(2) هو : الضحّاك بن عبدالله المشرقي ، كان قد أعطى الحسين (عليه السلام) عهداً أن يقاتل معه ما كان قتاله معه نافعاً ، فإذا لم يجد مقاتلاً معه كان في حل من الانصراف ، قال الضحاك : لما رأيت أصحاب الحسين قد أصيبوا وقد خَلُص إليه وإلى أهل بيته ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي قلت له : يا ابن رسول الله قد علمت ما كان بيني وبينك ، قلت لك : أقاتل عنك ما رأيتُ مقاتلاً فإذا لم أر مقاتلاً فأنا في حلٍّ من الانصراف ، فقلت لي نعم ، فقال : صدقت وكيف لك بالنجاء إن قدرت على ذلك فأنت في حلٍّ ، قال : فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تُعقر أقبلت بها حتى أدخلتها فسطاطاً لاصحابنا بين البيوت ، وأقبلت اُقاتل معهم راجلاً فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر ، وقال لي الحسين يومئذ مراراً : لا تشلل ، لا يقطع الله يدك جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيك ( صلى الله عليه وآله ) فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط …الخ.
راجع : تاريخ الطبري : ج 4 ، ص 339 ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص 64.
( 60 )
قاموا الليلَ كلَّه يُصلونَ ويستغفرون ويَدعونَ ويتضرعون ، قال : فتمرُ بنا خيلٌ لَهم تَحرِسُنا ، وإنّ حسيناً ( عليه السلام ) لَيقرأ : (
ولا يَحسبنَّ الذين كَفرُوا أنّما نُملي لهم خَيراً لانفُسِهم إنما نُملي لهُم ليِزدادُوا إثماً ولهم عذابٌ مُهين ، ما كان الله ليذرَ المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يَميزَ الخبيثَ مِنَ الطيّب )
(1).

فسمِعَها رَجلٌ مِنْ تلكَ الخيلِ التي كانت تحرسُنا ، فقال : نَحنُ وَربِّ الكعبةِ الطيبونَ مُيزنا منِكُمْ ، قال : فَعرفتُه ، فقلتُ لبِرُير بنِ خُضَير : تدري من هذا ؟ قال : لا ، قلتُ : هذا أبو حَرْب السبيعي عبدالله بن شهر وكان مضحاكاً بطلاً ، وكانَ شريفاً شجاعاً فاتكاً ، وكان سعيدٌ بن قيس ربَّما حَبسُه في جناية ، فقال له بُريرُ بنُ خضير : يا فاسق أنت يَجعلكَ اللهُ في الطيبينَ ، فقال له : من أنت ؟

قال : أنا بريرُ بنِ خضير ، قال : إنّا لله ، عزّ عليَّ هلكتَ والله هَلكت والله يا بريرُ ، قال : يا أبا حرب هل لك أن تتوب إلى اللهِ من ذنوبك العظام ، فوالله إنا لنحنُ الطيبونَ ولكنَّكُمْ لانتُم الخبيثونَ ، قال : وأنا على ذلك من الشاهدين ، قلتُ : ويحك أفلا ينفعُكَ معرِفتُكَ ، قال : جُعلتُ فِداكَ فمَن يُنادمُ يزيدُ بنِ عذرة الغفري من عنز بنِ وائل ، قال : ها هو ذا معي ، قال : قَبّحَ اللهُ رأيَك على كلِ حال أنت سفيه ، قال : ثم انصرفَ عنا ، وكانَ الذي يحرسُنا بالليلِ في الخيلِ عَزْرةُ بنِ قيس الاحمسي وكانَ على الخيل
(2).

وقد رويت هذه الحادثة بصورة اُخرى كما عن ابن الاعثم الكوفي
____________
(1) سورة آل عمران الاية : 178 ـ 179.
(2) تاريخ الطبري : ج4 ، ص419 ـ 420 ، البداية والنهاية لابن كثير : ج4 ، ص177 ـ 178 ، الارشاد للمفيد : ص232 ـ 233 ، بحار الانوار : ج45 ، ص3 ـ 4.
( 61 )
والخوارزمي ، قالا : وجاء شمر بن ذي الجوشن في نصف اليل يتجسس ومعه جماعة من أصحابه حتي قارب معسكر
الحسين ( عليه السلام ) فسمعه يتلو قوله تعالي : (
ولا يَحسبنَّ الذين كفرُوا أنما نُملي لهُم خيرٌ لانفُسهم إنَّما نُملي لهُم ليِزدادُوا إثماً ولهُم عذابٌ مُهين ، ماكان اللهُ ليذرَ المؤمنينَ على ما أنتُم عليه حتى يَميزَ الخبيثَ مِنَ الطَّيبَ )
(1) الاية.

فصاح رجل من أصحاب شمر : نحن وربّ الكعبة الطيبون ، وأنتم الخبيثون وقد مُيزّنا منكم ، فقطع برير بن خضير الهمداني صلاته ، ثم نادى : يا فاسق ، يا فاجر! يا عدوا الله ، يابن البوال على عقبيه ، أمثلُك يكون من الطيبين !؟ و
الحسين ابن رسول الله من الخبيثين ، والله ما أنت إلا بهيمة لا تعقل ما تأتي وما تذر ،فابشر يا عدو الله بالخزي يوم القيامة والعذاب الاليم ، فصاح شمر : إن الله قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب.

فقال برير أبالموت تخوفني ؟! والله إن الموت مع ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحب اليَّ من الحياة معكم ، والله لا نالت شفاعةُ محمد ( صلى الله عليه وآله ) قوماً أراقوا دماء ذريته وأهل بيته !

فجاء إليه رجل من أصحابه وقال : يا برير إن أبا عبدالله يقول لك : ارجع إلى موضعك ولا تُخاطب القوم ، فلعمري لئِن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء ، فلقد نصحت وأبلغت في النصح والدعاء
(2).
____________
(1) سوره آل عمران : الايه 178 ـ 179.
(2) الفتوح لابن الاعثم الكوفي :ج5 ،ص110 ـ 111 ،مقتل الحسين للخوارزمي :ج1 ،ص251.
( 62 )
عبادة الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه

وَبات
الحسينُ ( عليه السلام ) وأصحابُه ـ ليلةَ عاشوراء ـ وَلهم دويٌّ كَدويِّ النحلِ ، مَا بَينَ راكع وساجد ، وقائم وقاعد ، فَعبرَ عليهم مِنْ عسكرِ عُمر بنِ سَعد اثنانِ وَثلاثونَ رَجلاً ، وَكذا كانت سجيةُ
الحسينِ ( عليه السلام ) في كَثرةِ صَلاتِه وَكمالِ صِفاته
(1).

فكان صلوات الله عليه كما وصفه ابنه إمامنا المهدي ( عليه السلام ) : كنت للرسول ولداً ، وللقرآن سنداً ، وللاُمة عضُداً ، وفي الطاعة مجتهداً ، حافضاً للعهد والميثاق ، ناكباً عن سبيل الفُسّاق ، تتأوّه تأوّه المجهود ، طويلَ الرّكوعِ والسّجود ، زاهداً في الدنيا زهدَ الرَّاحل عنها ، ناظراً إليها بعين المستوحشين منها
(2).

وقيل للامام علي بن
الحسين ( عليهما السلام ) : ما أقلَّ ولد أبيك ؟

فقال ( عليه السلام ) : العجب كيف ولدت له ، وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، فمتى كان يتفرغ للنساء !! وحجّ خمسة وعشرين حجة راجلاً
(3).

وروي عن الامام علي بن
الحسين ( عليهما السلام ) : أنّه في الليلة التي قُتل أبوه في غدها ، قال ( عليه السلام ) :إن أباه قام الليل كلَّه يصلّي ، ويستغفر الله ويدعو ويتضرع ، وقام أصحابه كذلك يدعون ويصلّون ويستغفرون
(4).
____________
(1) اللهوف لابن طاووس : ص41.
(2) بحار الانوار : ج 98 ، ص 239 ، نفس المهموم للقمي : ص 233.
(3) العقد الفريد للاندلسي : ج3 ، ص169 ، و ج4 ، ص384 ، دار الكتاب العربي و ج3 ، ص114 ـ 115 ، و ج5 ، ص133 نشر دار الكتب العلمية ، تاريخ اليعقوبي : ج2 ،ص247.
(4) إعلام الوري : ص240 ، الارشاد للمفيد : ص232 ، بحار الانوار : ج45 ، ص3.
( 63 )

وقيل : أنه ما نام في هذه الليلة
الحسين ( عليه السلام ) ولا أحد من أصحابه وأعوانه إلى الصبح ، وكذلك النسوة والصبيان وأهل البيت كلّهم يدعون ، ويوادعون بعضهم بعضاً
(1).

قال السيد الامين ـ عليه الرحمة ـ :
باتــوا وبات إمامهم ما بينهم |
* |
ولهم دوي حولـه ونحيــب
|
من راكع أَو ساجد أو قـاريء |
* |
أو مَنْ يُناجي رَبَّهُ وَينيبُ (2).
|

وقال أيضاً ـ عليه الرحمة ـ :
باتَ الحسينُ وصَحبُه مِنْ حولهِ |
* |
وَلَهم دويُّ النحل لمّا باتــوا
|
من رُكّع وَسطَ الظلامِ وسُجّـد |
* |
للهِ مِنهم تَكثـرُ الدعـــواتُ
|
وتراءت الحورُالحسانُ وزُينت |
* |
لقدومِهم بنعيمِهـا الجنّــاتُ
|
وَبدا الصباحُ وَلم تنمْ عينٌ لَهمْ |
* |
كلاّ وَلا نَابتْهُمُ غَفــواتُ (3)
|
عبادةُ أبي الفضل العباس ( عليه السلام )

وكان العباس ( عليه السلام ) في العبادة وكَثرة الصلاة والسجود بمرتبة عظيمة ، قال الصدوق ـ عليه الرحمه ـ في ثواب الاعمال : كان يُبصَرُ بين عينيه أثَر السجود
(4) ،
____________
(1) الامام الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه للقزويني : ج 1 ، ص262.
(2) الدر النضيد للسيد الامين : ص 23.
(3) نفس المصدر : ص 73.
(4) ثواب الاعمال للصدوق : ص259.
( 64 )
لكن وأي عبادة أزكى وأفضل من نصرة ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وحماية بنات الزهراء ، وسقي ذراري رسول الله ( صلى الله عليه وآله ).

قيل : إن أصحاب
الحسين ( عليه السلام ) باتوا ليلة العاشر من المحرم ما بين قائم وقاعد وراكع وساجد ، لكن خُصص العباس ( عليه السلام ) من بينهم بحفظ بنات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته ، كان راكباً جواده متقلداً سيفه آخذاً رمحه يطوف حول الخيم ، لانه آخر ليلة أراد أن يوفي ماكان عليه ويرفع الوحشة عن قلوب الهاشميات حتى يَجدنَ طيب الكرى ، وقد أحاطت بهن الاعداء !

وكانت عيون الفاطميات به قريرة ، وعيون الاعداء منه باكية ساهرة ، لانهم خائفون مرعوبون من أبي الفضل ( عليه السلام ) وما تنام أعينهم خوفاً من بأسه وسطوته ونكال وقعته ، وانقلب الامر ليلة الحادي عشر ، قرت عيون العسكر ، وبكت وسهرت عيون الفاطميات ، ولنعم ما قيل :
اليوم نامت أعينٌ بك لم تنمْ |
* |
وتسهدت أخرى فعزّ منامُنها (1)
|

وقال الفرطوسي ـ عليه الرحمة ـ :
وبنو هاشم نطــاقُ عيــون |
* |
مستدير على خيام النســاءِ
|
وأبو الفضل فارسُ الجمع ترنو |
* |
مقلتاهُ لمقلة الحــوراءِ (2)
|

ويقول السيد مدين الموسوي :
نامت عيونُ القوم أجمعُها |
* |
وعُيونهم مشبوحةُ النظـرِ
|
لله ترمقهُ ويـرمقُهـــا |
* |
كِبراً وهم يعلون في كبـرِ
|
____________
(1) معالي السبطين للحائري : ج 1 ، ص 443.
(2) ملحمة أهل البيت للفرطوسي : ج 3 ، ص 292.
( 65 )
عبادةُ العقيلة زينب ( عليها السلام )

كانت زينب ( عليها السلام ) في عبادتها ثانية أمّها الزهراء ( عليها السلام ) وكانت تقضي عامّة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن.

قال بعض ذوي الفضل : إنها ـ صلوات الله عليها ـ ما تركت تهجّدها لله تعالى طول دهرها ، حتى ليلة الحادي عشر من المحرم.

قال : وروى عن زين العابدين ( عليه السلام ) أنه قال : رأيتها تلك الليلة تصلي من جلوس !

وعن الفاضل القائيني البيرجندي ، عن بعض المقاتل المعتبرة ، عن مولانا السجاد ( عليه السلام ) أنه قال : إن عمتي زينب ( عليها السلام ) مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا إلى الشام ما تركت نوافلها الليلية.

وعن الفاضل المذكور ، إن
الحسين ( عليه السلام ) لمّا ودّع أخته زينب ( عليها السلام ) وداعه الاخير قال لها : يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل.

وفي مثير الاحزان
(1) للعلامة الشيخ شريف الجواهري قدس سره : قالت فاطمة بنت
الحسين ( عليهما السلام ) وأما عمتي زينب ( عليها السلام ) فإنها لم تزل قائمة في تلك الليلة أي العاشرة من المحرم في محرابها تستغيث إلى ربها ، فما هدأت لنا عين ، ولا سكنت لنا رنّة
(2).
____________
(1) مثير الاحزان للجواهري : ص 56.
(2) زينب الكبرى للنقدي : ص 81 ـ 82.
( 66 )

يقول العلامة النقدي عليه الرحمة :
ربيبة عصمة طُهّرت وطابت |
* |
وفاقت في الصّفات وفي الفعالِ
|
فكانت كالائمـة في هُداهــا |
* |
وإنقاذ الانـام من الضــلالِ
|
وكان جهادُها بالقول أمضـى |
* |
من البيض الصوارم والنصالِ
|
وكانت في المُصلّى إذ تُناجي |
* |
وتدعو الله بالدمـع المُــذالِ
|
ملائكة السماء على دُعاهــا |
* |
تُؤمن في خضوع وابتهــالِ |
روت عن أمها الزهرا علوماً |
* |
بها وصلت إلى حدّ الكمــالِ
|
مقاماً لم تكن تحتــاج فيـه |
* |
الى تعليـم علـم أو ســؤالِ
|
ونالت رتبة في الفخر عنهـا |
* |
تأخرت الاواخــر والاوالـي
|
فلو لا أمها الزهـراء سادت |
* |
نساءَ العالمينَ بلا جـدالِ (1)
|
الامام الحسين ( عليه السلام ) يطلي بالنورة
وبرير يهازل عبدالرحمن
وروي عن أبي صالح الحنفيِّ عن غلام لعبدالرحمن بن عبدربه الانصاري
(2) ،
____________
(1) زينب الكبري للنقدي : ص 173.
(2) هو : عبد الرحمن بن عبد ربه الانصاري الخزرجي ، أحد الشخصيات البارزة ، وكان صحابياً ومن مخلصي أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو أحد الصحابة الذين شهدوا لامير المؤمنين بالولاية ، لما نشدهم في الرحبة بحديث الغدير : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقيل إن أمير المؤمنين هو الذي علّم
=
( 67 )
قال : كنت مع مولاي فلما حضر الناس وأقبلوا إلى
الحسين ( عليه السلام ) أمر
الحسين بفسطاط فضرب ثم أمر بمسك
(1) فميث
(2) في جفنة
(3) عظيمة أو صفحة ، قال : ثم دخل
الحسين ( عليه السلام ) ذلك الفسطاط فتطلى بالنورة ، قال : ومولاي عبدالرحمن بن عبدربه وبُرير بن خضير الهمداني على باب الفسطاط تحتكّ مناكبهما ، فازدحما أيهما يطّلي على أثره فجعل برير يهازل عبد الرحمن !

فقال له عبدالرحمن : دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل ! فقال له برير : والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً ، ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لاقون ، والله إن بيننا وبين الحور العين إلاّ أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم ولوددت أنهم قد مالوا علينا بأسيافهم !

قال : فلما فرغ
الحسين ( عليه السلام ) دخلنا فاطّلينا
(4) (5).
____________
=
عبدالرحمن القرآن وربّاه ، وكان عبدالرحمن أحد الذين أخذوا البيعة للحسين ( عليه السلام ) في الكوفة ، وجاء مع الحسين فيمن جاء من مكة ، وقُتل عبدالرحمن في الحملة الاُولى.
راجع : إبصار العين : ص 93 ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص 97.
(1) روي عن يسار بن عبد الحكم قال : أنتُهب عسكر الحسين ( عليه السلام ) فوجد فيه طيب ، فما تطيبت به امرأة إلا برصت. العقد الفريد : ج4 ،ص 384 دار الكتاب العربي ، و ج5 ، ص133 ، دار الكتب العلمية.
(2) موث : ماث موثاً وموثاناً ، الشيء بالشيء خلطه به ، والشيء في الماء أذابه فيه ، المنجد : ص 779.
(3) الجَفْنَة : القصعة الكبيرة.
(4) قد اُختلف في وقوع هذه الحادثة ليلاً ، وقد رواها أبو مخنف في اليوم التاسع ، قال الفاضل القزويني : ويظهر من ابن نما أيضاً أن ذلك كان في غداة يوم عاشوراء ، وهو بعيد جداً ، وأبعد منه أن ذلك كان في ليلة تاسوعاء ، صرح بذلك في الناسخ ، وقد ذكر جملة من وقائع ليلة عاشوراء في ليلة تاسوعاء ، وهو اشتباه في اشتباه. والاكثر ـ على ما صرحوا به ـ أنه كان في ليلة عاشوراء وهو الاصح نقلاً واعتباراً. الامام الحسين وأصحابه للقزويني : ج1 ، ص259.
( 68 )

وجاء في البداية : فعدل
الحسين ( عليه السلام ) إلى خيمة قد نُصبت فاغتسل فيها وانطلى بالنورة وتَطيّب بمسك كثير ، ودخلَ بعدَهُ بعضُ الامراء ففعلوا كما فعل ، فقال بعضهم لبعض : ما هذا في هذه الساعة ؟! فقال بعضهم : دعنا منك ، والله ما هذه بساعة باطل ! فقال يزيد بن حصين : والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً ، ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لا قون ، والله ما بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل علينا هؤلاء القوم فيقتلوننا
(1).
استبشار الأنصار بالشهادة

ولقد مزح حبيب ابن مظاهر الاسدي ، فقال له يزيد بن خضير الهمداني ، وكان يقال له سيد القرآء : ياأخي ليس هذه بساعة ضحك ! قال : فأيُّ موضع أحقُّ من هذا بالسرور ، والله ماهو إلا أن يميل علينا هذه الطُّغام بسيوفهم فنعانق الحور العين
(2).

هكذا كان أصحاب
الحسين ( عليه السلام ) مستأنسين بالمنيّة غير مكترثين بما يجري عليهم فقد روي أن نافع بن هلال البجلي ـ رضي الله تعالى عنه ـ قضى شَطرَ ليله في كتابة اسمه على سهام نبله ، إمعاناً في طلب المثوبة والاجر ، وإمعاناً في السخرية
____________
(1) البداية والنهاية لابن كثير : ج4 ، ص178.
(2) إختيار معرفت الرجال للطوسي : ج1 ، ص293 ، بحار الانوار : ج45 ، ص93.
( 69 )
من الخطر ، وإمعاناً في الترحيب بالموت
(1).

وقد أجاد السيد مدين الموسوي إذ يقول :
ما هزهم عصفٌ ولا رعشت |
* |
أعطـافهم في داهم الخطـرِ
|
يتمايلون وليس من طــرب |
* |
ويسامـرون وليس من سمرِ
|
إلا مع البيـض التي رقصـت |
* |
بأكفهم كمطـالـع الزهــرِ
|
يتلون سر الموت في سـور |
* |
لم يتلها أحد مـع الســورِ
|
ويرتّلون الجــرح في وله |
* |
فكأنه لحـنٌ علـى وتــرِ
|
خفّوا لداعي الموت يسبقهـم |
* |
عزمٌ تحدى جانة الصـخـرِ
|
مُذ بان جنب الله مقعدهــم |
* |
ورأوه ملَ الروح والبصـرِ
|
الامام الحسين ( عليه السلام ) يرسل ابنه عليّاً ( عليه السلام ) لسقاية الماء

روي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) في الامالي : ثم إن
الحسين ( عليه السلام ) أمر بحفيرة فحفرت حول عسكره شبه الخندق وأمر فحُشيت حطباً ، وأرسل علياً ابنه ( عليه السلام ) في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ليستقوا الماء وهم على وجل شديد وأنشأ
الحسين ( عليه السلام ) يقول :
يا دهر اُفٍ لك من خليــل |
* |
كم لك في الاشراق والاصيل
|
من طالب وصاحب قتيــل |
* |
والدهرُ لا يقنعُ بالبديـــل
|
____________
(1) أبناء الرسول في كربلاء ، خالد محمد خالد : ص 119 ، الدوافع الذاتية لانصار الحسين ، محمد عابدين : ص 231.
( 70 )
وإنما الامر إلى الجليل * وكلُ حيّ سالكٌ سبيلـي

ثم قال ( عليه السلام ) لاصحابه : قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم وتوضأوا واغتسلوا واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم ، ثم صلّى بهم الفجر
(1).
الاحداث بعد صلاة الفجر

قال بعض المؤرخين : إنه ( عليه السلام ) تيمّم هو وأصحابه للصلاة نظراً لعدم وجود الماء عندهم ، وقد أئتم به أهله وصحبه ، وقبل أن يتموا تعقيبهم دقت طبول الحرب من معسكر ابن زياد ، واتجهت فرقٌ من الجيش وهي مدججةٌ بالسلاح تنادي بالحرب أو النزول على حكم ابن مرجانة
(2).

ولما أصبح
الحسين ( عليه السلام ) يوم عاشوراء وصلّى بأصحابه صلاة الصبح ، قام خطيباً فيهم حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله تعالى أذن في قتلكم ، وقتلي في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال
(3).
التعبئة للحرب وإشعال النار في الخندق

وعبأ ( عليه السلام ) أصحابه بعد صلاة الغداة ، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً ، فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه ، وحبيب بن مظاهر في ميسرة
____________
(1) أمالي الصدوق : ص133 ـ 134.
(2) حياة الامام الحسين للقرشي : ج3 ، ص179.
(3) كامل الزيارات لابن قولويه : ص73 ، إثبات الوصية للمسعودي : ص163 ، بحار الانوار : ج45 ص86.
( 71 )
أصحابه ، وأعطى رايته العباس أخاه ، وجعلوا البيوت في ظهورهم ، وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يُترك في خندق كان قد حُفر هناك ، وأن يُحرق بالنار مخافةَ أن يأتوهم من ورائهم.

وأصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم ، وهو يوم الجمعة ، وقيل يوم السبت ، فعبأ أصحابه وخرج فيمن معه من الناس نحو
الحسين ( عليه السلام ) وكان على ميمنته عمرو بن الحجاج ، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن ، وعلى الخيل عروة بن قيس ، وعلى الرجالة شبث بن ربعي ، وأعطى الراية دُريداً مولاه.
دعاءُ الامام الحسين ( عليه السلام )

روي عن الامام علي بن
الحسين زين العابدين ( عليهما السلام ) أنه قال : لمّا أصبحت الخيل تقبل على
الحسين ( عليه السلام ) رفع يديه وقال : أللهم أنت ثقتي في كل كرب ، وأنت رجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقةٌ وعدة ، كم مِنْ هم يضعف فيه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته اليك ، رغبةً منيّ إليك ، عمّن سواك ففرجته عني وكشفته ، فأنت ولي كل نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة.
الاعداء يجولون حول بيوت الحسين عليه السلام

قال : وأقبل القوم يجولون حول بيوت
الحسين ( عليه السلام ) فيرون الخندق في
( 72 )
ظهورهم ، والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان اُلقي فيه.

فنادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته : ياحسين أتعجلت النار قبل يوم القيامة.

فقال
الحسين ( عليه السلام ) مَنْ هذا كأنه شمر بن ذي الجوشن !! فقالوا له : نعم .

فقال له : يابن راعية المعزى أنت أولى بها صليا !

ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه
الحسين ( عليه السلام ) من ذلك.

فقال له : دعني حتى أرميه فإنه الفاسق من أعداء الله وعُظماء الجبارين وقد أمكن الله منه.

فقال له
الحسين ( عليه السلام ) : لا ترمه فإني أكره أن أبدأهم
(1).

وجاء في الامالي : عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له ، يقال له : ابن أبي جويرية المزني ، فلما نظر إلى النار تتّقد صَفق بيده ونادى : يا حسين وأصحاب
الحسين ، أبشروا بالنار فقد تعجلتموها في الدنيا.

فقال
الحسين ( عليه السلام ) : مَن الرجل ؟ فقيل : ابن أبي جويرية المزني.

فقال
الحسين ( عليه السلام ) : اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا ، فنفرَ به فرسُه فألقاه في تلك النار فاحترق.

ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر ، يقال له : تميم بن الحصين الفزاري ، فنادى : يا حسين ويا أصحاب
الحسين ، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات ، والله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعاً.
____________
(1) الارشاد للشيخ المفيد : ص 233 ـ 234 ، بحار الانوار : ج 45 ، ص 4 ـ 5 ،تاريخ الطبري : ص321 ـ 322.
( 73 )
فقال
الحسين ( عليه السلام ) : مَن الرجل ؟ فقيل : تميم بن حُصين.

فقال
الحسين ( عليه السلام ) : هذا وأبوه من أهل النار ، أللهم اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم.

قال : فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه ، فوطأته الخيل بسنابكها فمات.

ثم أقبل آخر من عسكر عمر بن سعد ، يقال له محمد بن أشعث بن قيس الكندي ، فقال : يا حسين بن فاطمة ، أيةُ حرمة لك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ليست لغيرك؟!

قال
الحسين ( عليه السلام ) : هذه الاية (
إنَّ اللهَ اصطفَى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ على العَالمِينَ ، ذُريةً )
(1). ثم قال : والله إنَّ محمداً لَمن آل إبراهيم وإن العترة الهادية لمن آل محمد ، مَن الرجل ؟ فقيل : محمد بن أشعث بن قيس الكندي.

فرفع
الحسين ( عليه السلام ) رأسه إلى السماء فقال : أللهم أرِ محمدَ بن الاشعث ذُلاًّ في هذا اليوم لا تعزّه بعد هذا اليوم أبداً ، فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز فسلّط الله عليه عقرباً فلذعه فمات باديَ العورة.

فبلغ العطش من
الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ، فدخل عليه رجل من شيعته يقال له : يزيد بن الحصين الهمداني... فقال : يا بن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أتأذن لي فأخرج إليهم فأملهم ، فأذن له.

فخرج إليهم فقال : يا معشر الناس إن الله ـ عزّ وجلّ ـ بعث محمداً بالحقِّ بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، وهذا ماءُ الفرات تقع فيه خنازير
____________
(1) آل عمران الاية : ص33 ـ 34.
( 74 )
السواد وكلابها ، وقد حيل بينه وبين ابنه ؟

فقالوا : يا يزيد فقد أكثرت الكلام فاكفّف فوالله ليعطش
الحسين ( عليه السلام ) كما عطش مَنْ كان قبله.

فقال
الحسين ( عليه السلام ) : اقعد يا يزيد ، ثم وثب
الحسين ( عليه السلام ) متوكياً على سيفه....الخ
(1).

إلى هنا قد تم ما تسنى لي جمعُه وإعدادُه من كتب السيرة والحديث في خصوص أحداث ووقائع هذه الليلة العظيمة على أهل بيت محمد ( صلى الله عليه وآله ) وما يرتبط بها ، وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين ، وسيعلمُ الذين ظلموا ـ آل بيت محمد ـ أيَّ منقلب ينقلبون ، والعاقبةُ للمتّقين.

وذلك في ليلة الخميس السابعة من شهر رجب المرجب عام ألف وأربعمائة وستة عشر للهجرة المباركة على مهاجرها وآله أفضل الصلاة والتسليم.
____________
(1) أمالي الصدوق : ص134 ـ 135.