قل للبتول
الشيخ عبدالحسين صادق العاملي


خـذ فـي مديحــك للبتـول*حظّين مـن عـرضٍ وطـولِ
قـل للقريحـة فـي مهــذب*مدحـة فيـضـي وسيــلي
ولفيك قـل : فـه في حديثك*غيــر محســور كّليــلِ


( 19 )

قـل : للبتـول عظيم فضـل*لــم يُدنَّـس بالــفضـولِ
هـي قبــل كـلّ مكــــوّنٍ*قنـديــل عـرش للجـليلِ
هي صفـوة للخلـق سيــدة*النسـا فـي كــلّ جيــلِ
هــي للقبــيل عقـيـلـة*ومليكــة هـي للعـقــولِ
هــي للنبــي وللوصــي*وللــزكـي وللقــتيــلِ
مقرونــة فـي عصـمــة*عـن كــلّ مذمـوم وبـيلِ
هــي لبـــوة نبـويّــة*محجـوبة فـي خيـر غيـلِ
سكــن لحيـدرة وحيــدرة*هــزبــرٌ للــرســولِ


الشكوى والدموع
السيد كاظم الأمين


يا صاحبـي كن من الدنيا على وجلِ*وخالف النفس واحـذر كاذب الأملِ
فمـا أرى هـذه الدنيـا وان عطفت*سوى عـدو بثـوب الغـدر مشتمل
وقد أعـود علـى نفسـي بتسلـية*فيما نعانيـه مـن أيامنـا الفصـل
بأهـل بيت الهـدى كم كابدوا محنا*تزول شمّ الرواسـي وهي لـم تزل
وكم دماء لهـم عنـد العـدى هدر*يحول صبغ الليالي وهي لـم تحـل
اليّةً بـرة بالبيـت والحرم الشـريف والقبــر مثـوى خاتـم الرســل
لقد تزلـزلت السبـع الطباق ومـا*على البسيطة من سهـل ومن جبل
غداة اجهشـت الزهراء معلـنة الشكـوى بدمـع من الأحشـاء منهـمل
وربّ دمع لها مـن بعد ذاك جرى*على قتيل بأرض الطـف منجـدل
الله يعلـم مـا تلك الدمـاء جـرت*بالطـف إلاّ بتمـهيـد مـن الأول
فسـوف يعلـم أقـوام منازلهــم*وما أعـدّ لهـم فيها مـن النـزل


( 20 )

يعزّ على الرسول
الشيخ محمّد علي اليعقوبي


تـرك الصبـا لك والصبـابـه*صـبّ كفـاه مـا أصـابـه
ولقــد يعـزّ علـى رســول*الله مـا جنـت الصحـابـه
قــد مـات فانتـقـلبوا علـى*الأعقاب لم يخـشوا عقابـه
منعـوا البـتـولـة ان تنـوح*عليـه أو تبـكي مصـابـه
نعــش النـبـي أمامـهــم*ووراءهـم نبـذوا كتـابـه
لــم يحفظــوا للمـرتضـى*رحـم النبـوة والقــرابـه
لـو لـم يكن خيــر الـورى*بعـد النبـي لمـا استنـابه
قـد أطـفـأوا نــور الهـدى*مـذ أضرمـوا بالنـار بابه
أسـد الإلـــه فكـيف قــد*ولجت ذئـاب القـوم بابـه
فـي أيّ حكـم قـد أباحــوا*ارث فاطـم واغتـصابــه
بيــت النـبــوة بيـتــها*شادت يـد البـاري قبابــه
أذِنَ الإلــــه برفـعـــه*والقوم قـد هتـكوا حجابـه
بـأبــي وديــعـة أحمــد*جرعاً سقاهـا الظـلم صابه
عاشـت معصّـبة الجبـيــن*تئنَ مـن تلك ( العصابـة )
حتـى قضــت وعيـونهــا*عبـرى ومهـجتهـا مذابـه
وأمـضّ خطب فـي حشـا الا*سـلام قـد أورى التهابــه
بـالليـل واراهـا الوصــيّ*وقبـرهـا عفّـى ترابــه

مولد الزهراء
السيد محمّد جمال الهاشمي


مولـدُ الزهـراء للإيمـان عيـدُ*كـلّ شيعـي بذكــراه سعيـدُ
ذكريـاتُ الفجـر فـي مطلـعـه*تتـجلّـى ، ولنـا فيـه عهـودُ


( 21 )

مولـد الزهــراء فـي موكبـه*يتهادى ، وبـه الماضـي يعودُ
يهـزم الأوهـامَ فـي ألطـافـه*فالفيـافي مـن معانيــه ورودُ
ورمـال البيـد سالـت عسجـداً*والحصـى فيـه لئـالٍ وعقودُ
واستطالـتْ قمـم المجـد بهـا*فهي في الشـرق روابٍ ونجودُ
وُلِـدَ الإنسـان فـي أكنافهــا*فهـي اُمّ للـكرامـات ولــودُ
لم يكـن من قبلهـا فـي ظلّهـا*للهدى عيـنٌ ، وللحـق وجـودُ
مولـد الزهـراء هـذا فابسمـي*أيّهـا الشيـعةُ ، فالموسم عيـدُ
ودعي عنـكِ الأسـى واحتفـلي*فيه ، فالعيد بـه الحـزنُ يبـيدُ
سوف ينجـابُ الدجـى منهزمـاً*من سنا الفجـر ، فللفجر جنودُ
فــإذا وجّـهــها الله إلــى*اُفـق بـادَ بـه اللـيل المبـيد

بنت الخلود
السيد محمّد جمال الهاشمي


شعَّت فـلا الشمـس تحكيها ولا القمرُ*زهـراءُ من نورها الأكوانُ تزدهـرُ
بنـتُ الخلـود لها الأجيـال خاشعـةٌ*اُمّ الزمـان إليهـا تنتـمي العُصُـرُ
روحُ الحيـاة ، فلو لا لطفُ عنصرها*لم تأتلف بينـنا الأرواحُ والصــورُ
سمت عـن الاُفق ، لا روح ولا ملَكٌ*وفاقت الأرض ، لا جـنٌّ ولا بشـرُ
مجبـولـةٌ مـن جـلال الله طيـنتُها*يرفُّ لُطفاً عليهـا الصـونُ والخَفـرُ
ما عابَ مفخَـرها التأنـيث أنَّ بهـا*على الرجال نسـاءُ الأرض تفتـخرُ
خِصالها الغـرُّ جلّت ان تلـوكَ بهـا*منّا المقـاولُ أو تدنـو لهـا الفكـرُ
معنى النبـوة ، سرُّ الوحي ، قد نزلتْ*في بيـتِ عصمتها الآيـاتُ والسورُ
حـوت خِلال رسـول الله أجمــعَها*لولا الرسالـةُ ساوى أصلـه الثمرُ
تدرّجت في مراقـي الحـقَّ عارجـةً*لمشرق النـور حيث السـرُّ مستـترُ


( 22 )

ثم انثـنت تمـلأ الدنيـا معارفُهــا*تطوى القرون عيـاءً وهـي تنتشرُ
قل للذي راح يُخفي فضـلها حسـداً*وجـه الحقيـقة عنّـا كيـف ينسترُ
أتقرن النـورَ بالظلمـاء من سفـهٍ ؟*مـا أنتَ فـي القـول إلاّ كاذب أشِرُ
بنـتُ النبـي الـذي لـولا هدايتُـه*ما كان للحـقّ ، لا عيـنٌ ولا أثـرُ
هـي التـي ورثـت حقـاً مفاخـره*والعطر فيه الذي في الـورد مدَّخـرُ
فـي عيد ميلادهـا الأمـلاكُ حافلـةٌ*والحور فـي الجنة العليـا لها سمـرُ
تزوجتْ في السماء بالمرتضى شرفـاً*والشمس يقرُنهـا فـي الرتبة القمـرُ
علـى النبـوّة أضفت فـي مراتبهـا*فضـل الـولاية لا تبقـى ولا تـذرُ
اُمّ الأئـمة مَـن طـوعاً لرغبتـهـم*يعلـو القضاءُ بنـا أو ينزل القـدرُ
قف يا يراعـي عـن مدح البتول ففي*مديحهـا تهتـف الألـواحُ والزبـرُ
وارجع لنستـخبر التـأريخ عن نبـأٍ*قد فاجـأتنـا بـه الأنبـاء والسيـرُ
هل أسقط القوم ضرباً حملَها فهـوت*تـأنُّ ممّـا بهـا والضلـعُ منكسـرُ
وهل كما قيـل قـادوا بعلَهـا فعـدت*وراه نادبـةً والدمــع منـهـمـرُ
إن كـان حقاً فإنّ القـوم قـد مرقـوا*عن دينهم وبشرع المصطفـى كفروا

الصديقة الزهراء
الشيخ عبد المنعم الفرطوسي


شجـونٌ تستهـل لهـا الدمـــوعُ*وتحـرق من لواعجهـا الضلـوعُ
وقفـتُ على البقيـع فسال طـرفي*وقلبـي فالدموع هــي النجيــع
كـأنّ مصيـبة الزهـراء بيــتٌ*بقـلبـي للأسـى وهــو البقيـع
أمثـلُ البضعة الزهـراء تُجـفـى*ويعـفـا قبرهـا وهــو الرفيـع
ويغصب حقـها جهـراً وتــؤذى*بحيـث وصيـة الهـادي تضيـع
تُصـدّ عن البكـاء علـى أبيـهـا*فتحبس فـي محاجـرها الدمـوع


( 23 )

وتقتـطع الاراكـة حيـن تــأوي*لظـل غصـونهـا كـفٌ قطيـع
ويحـرق بيـتـها بالنـار حقــداً*ويٌهتـك ستـرها وهـو المنـيـع
ويُكسر ضلعهـا بالبـاب عصــراً*فيسقـط حملهـا وهــو الشفيـع
ويدمـي صدرهـا المسمـار كسراً*فينـبغ بيـن ثديـيهـا النجـيـع
وحمـرة عينـهـا للحشـر تبقـى*بهـا من كـفّ لاطمـهـا تشـيع
تنـوح فتسـمع الشكـوى وتدعـو*وما في المسلميـن لهـا سميــع
مصائـب بالفظـاعة قـد تنـاهت*وكـل مصـيـبة خطـب فظـيع
قضت ألمـاً مـن الزهـراء فيهـا*حشاشـة قلـبهـا وهـو المـروع


دموع خلف الابتسام
الاستاذ عبود الأحمد


تـوارتْ خلـف بسمتـي الدمـوعُ*وخلـف صداي يختبـئُ الخشـوعُ
وما ضحـكـي أمــامَ النـاس إلاّ*مــداراةٌ وأحشــائـي تلــوع
يُعمّقُ فـي جـراح القلــب نزفـاً*بكـاءٌ صامـتٌ وأســىً مـروع
فيخـفي لحـنَ اُغنيـتـي نشيجـي*ولكــنّ الأنيــنَ بــه يذيــع
تكـاد مـن العـذاب تـذوب روحٌ*محـمّلــة بمـا لا تسـتطيــع
أنـام علـى لظـىً بيـن الحنايــا*وأصحـو والهمـوم هي الضجيـع
شببتُ على الجراح فكــلّ عمـري*جــراحٌ والمسـيـلُ دمٌ نجـيـع
تطوف على شغاف القلــب وجـداً*فتـحضـنه المواجـع والضلـوع
وشابـت كـلّ آمالــي وماتــت*وجُـرحي فـي تأجّـجه رضيــع
ويغمـرني إلـى الأعمـاق حـزنٌ*تفيضُ علـى جوانبــه الدمــوع
فخـذ يا حـزن مـا ابقيـت منّـي*كيـانـاً قـد تـولاه الخضــوع
أنا السهـرُ المـؤرّق فـي المنافـي*ويأبـى أن يمـرّ بــه الهجـوع


( 24 )

أنا الوجـد المضيّـع عـن بـلادي*وقـد أودى بـه الزمـن الوضيـع
بــأرض الرافــدين لـه قبـابٌ*وأضـرحةٌ معـطــرة تضــوع
ومــا أحــلامـه إلاّ ســرابٌ*يراود شوقهــا أمــلٌ خــدوع
لأنّ فـراتـه مــا عـاد عذبــاً*وخالـط مـاءه الســـم النقيــع
وقـد غـدت النخيـل بـلا حيـاةٍ*تعـرَّت عـن ظفائـرها الجـذوع
الا يـا قاصـد الزهــراء شوقـاً*تعطّــركَ المدينـــة والبقيــع
فطأطـئ عنـد مرأى القبـر جيـداً*ففـي أحشائـه الطهــر الوديـع
وقبّـل تربــةَ الزهـراء وابثُـث*رزايـا قــد تناسـتهـا الجمـوع
وقـل بنـت النبـي إليـكِ نشكـو*عذابــاً مالـه يومــاً نــزوع
فيـا زهـراء هـل عاينـتِ شعبـاً*وأبنــاءً لـه ظلمــاً اريعــوا
وبلّغــها سلامـاً عــن بقايـــا*نفـوسٍ فـي محبّتــها تضـيـع
تولّـتْهــا يـدُّ مـا كـان منهــا*سوى ظلـمٍ يشيـبُ لـه الرضيـع
سـلامُ يـا ابنـةَ الطهـر المفـدّى*سـلامٌ أيّهــا المجــد الرفيــع
تـودّع فيــكِ ســرُّ الله حقـــاً*وفـي ميـلادك الســرُّ الـودوع
فيــا اُمّ الحسيـن فدتــكِ دنيــا*وما ضمّــت عوالمنـا الجميــع
أيــا قدسـاً أفاضـتـه سمـــاءٌ*تكـلّلــه المهابــةُ والخشــوع
ويــا غصنـاً تفـرّع مـن سمـوٍ*لطــه أثمـرت منـه الفــروع
ويـا نبعـاً من الإيمـان محضــاً*تدفّــق واليـقيـن لـه تبــوع
وجوهـرةً تشـع بهــا الليـالـي*ونـور الله مزدهـــرٌ نصــوع
تجلّــت قـدرة البـاري بخــلقٍ*وجــلَّ الله بارئـــكِ البديــع
ويـا حصنـاً أحـاط بنـا أمانــاً*إذا مــا يُفـقد الحصـن المنيـع
سأسـألكِ الشفـاعة رغـم ذنـبـي*يؤرّقنــي بـه فــزع مــروع
إذا مــا ضمّـني قبــرٌ ولحــدٌ*وأوحدنـي بـه العمـل المضيــع
واُغلــقَ دون أحبابــي رتــاجٌ*وضاق بقبـري الكــون الوسيـع


( 25 )

وانّـي إن دعوتِـكِ يـوم حشـري*فأنـتِ لـي المُـطَمْئـنُ والشفيـع
فـإنّ شـفَّعـتِ فـي عبـدٍ ذليـلٍ*تولانــي برحمـتــه السميــع