مولد الزهراء
الاستاذ علي حمدان الرياحي


ماذا اُحـدّث عنـكِ يـا ابنـة أحمـدِ*ومثيـل فضـلك فـي الورى لـم يُشهَدِ
ما دمـت سيـدة النسـاء وخيـرهـا*وأجـلّ مَـن ولـدت ومـن لـم تولـد
اُمّ الأئـمـة والمـصابـيـح التــي*شـعّ الـزمـان بنـورهـا المتـوقّـد
مـاذا اُحـدّث عـن أبيـك وقـد أتى*لمّـا ولـدت بلهـفــة المتـوجّـــد
وحبــا لوجهـك لاثمـاً متـشوقــاً*حبّــاً ترعـرع من قديـم سرمــدي
وتماثــل النـوران نـوراً واحــداً*مـن كوكــب متـفـرّد متـجــرّد
فكـأن صـورة أحمـد فـي فاطــمٍ*وكـأن صـورة فاطــم فـي أحمــد
ماذا اُحـدّث عنـك بعـد طفـولــةٍ*وضيــاء وجـه مـا تـلألأ يــزدد
وتطـاول الأعنـاق لابـنـة احمــد*مـن كــلّ ذي جـاه وكـل مســوَّد


( 48 )

فيشـيـح خيـر المرسليـن بوجهـه*ويخيـب مـن يأتـي إليــه ويغتـدي
وثنـاك عن كـل الصحابـة والورى*وأبــاك إلاّ للكـمــيِّ الأصـيــدِ
القاســم الهامـات قصمــة عـادلٍ*بالقـسـط غيــر مقـلّل ومـزيّــد
اُم الأئمــة خيــر أعـلام الـورى*عفـواً إذا شـطّ اليـراع علـى يـدي
فتـقبلـي منــي هديــة شاعــرٍ*لمحـمّــدٍ ولآل بيــت محـمّـــدِ


مبعث النور
الاستاذ علي حمدان الرياحي


أيّ يـــوم يَجـلّ فيــه العـــزاءُ*ومصـابٌ يطـيـب فيـه البكــــاءُ
مثـــل يــوم مـرزّءٍ مستـحـــمٍ*غربـت فـي سمائــه الزهــــراءُ
لا السمـــاوات بعـدهـا مشرقــات*حيـن تخبـو ولا الضيــاء الضيــاءُ
يشحــذ البــدرُ مـن مطالـعـهـا النـور وتمــتـاح مـن سناهــا ذكــاءُ
أتــرى شـفهــا بعــادُ أبـيهـــا*فاستحـم الجــوى وحــنّ اللـقــاءُ
بضـعـة المصـطفـى واُمّ أبيـهـــا*وشـــذاه والنـفـــح والـــلألاءُ
اُمّ أسبـاطــه وخيــر البـرايـــا*والتــــراث الأجـــــلّ والآلاءُ
قصَّــر الخافـقـان عنهـا عطـــاءً*ووَنــى عـن لحاقهــا الأنبـيــاءُ
قبَّــل المصطـفـى يديهـا وما كــان*لغيـر الزهـــراء هــذا العطــاءُ
مبعـث النـــور والأئمــة منهـــا*شُهـبٌ مـا مضـى الزمـان وضــاءُ


غصون الحنايا
الاستاذ فرات الاسدي


قمـرٌ يـــافُ البهــاء حــــزينُ*مــلأَ الليــلَ وجهـــه المفـتــونُ
وتـدانـــى فشــفَّـه خـجـل الأرض ، وقــد نـــمَّ طــرفُها المــوهـونُ
ليتَهــا بالهــوى تبـــوحُ إليـــه*فيُـنـاجـى طيــفٌ وتُـروى شجـونُ


( 49 )

كــم أسـرَّت جــوىً يُلـحُّ عليهــا*وأذاع الأســرار حـــبٌّ مكيــــنُ
ضــمّـنَـتْه الشكـاةُ للألــقِ المــخــضلِّ فـــيه أديــمُهـا ، والســنينُ
ولقــاءٍ سمعــت إليــه وطافــتْ*كـلَّ شــوطٍ حتـى أضـاء اليقـيــنُ
طورُهــا مهــدُ فاطــمٍ أيـن منـه*فـي التجلّــي حِــراءُ أو سينـيـنُ !
* * *
يا ابنـة النــور ، والعـوالـم جاءت*كيـف شـاءت : تكـونُ أو لا تكـــونُ
وبأفــلاكــها مـداراتُ هــذا الكــون صــلّتْ ، وســبّح التكـــويــنُ
أُنـظرينـا فــنحنُ رهــطُ مــواليكِ ، ومـا ضــيَّعَ اليســـار يــميــنُ
لكِ ودٌ مخـضــوضـر بـدمانـــا*أنـتِ فيــه ، والتيــنُ والزيتـــونُ
جـذره القلـبُ والحنايــا غصــونُ*ولــه مـن تُـرابِ خطـوِكِ طيـــنُ
رفَّ لــم يختـلـفْ لديـه وتيــنُ*أو أطاحــت بنبـضــهِ سكّـيـــنُ
بــل مضـى ، يمنـحُ المفاداةَ عمراً*علويّــاً ، شهـيــدهُ والسجـيـــنُ !
* * *
قــمرٌ شـــاحبُ.. ودربٌ حـــزينُ*والمــدى فــى حــداده مــركونُ
.. المــدى شــائه المسـافة يــهوي*دونــه اللـيل والسُــرى والعيـونُ
عــثر النـجم فيـه وارتــدَّ ركــبٌ*أســلمَتْه إلـى خــطاه الظنــونُ
فــإذا التــيهُ رايـــةٌ والخـــطايا*جـنـدها ، والحـداةُ صـوتٌ هـجينُ
وإذا غــــايةُ المســيرة أن يشـــتدَّ رهــجُ ، وأن تُســاق مُـــتونُ !

* * *
لُـعِنَ الغــدرُ أيُّ نـصــرٍ ذليــل*راح يــجنيــه حـــدُّهُ المسـنـونُ
أيُّ ذكـــرى مــنسيّـةٍ لبــريـقٍ*كـان في الفـتـح يلتـظـي ويـبيـنُ
حسبُـه اليـــوم غمــدُهُ وغبــارٌ*صَـدِيءٌ بــاردٌ عليــه يَـريــنُ !
خُــيلاء الســيوف تــملأُ عــطفَيـه ادّعــاءً.. ويشــمـخ العــرنيــنُ
ثــمَّ لا شـيءَ غيــر عـزمٍ دعـيًّ*هـو فـي زحمــة العـزائـــم دُون


( 50 )

اِيــهِ يـا اُمّــة السقيـفـة هــلاّ*رفَّ جفــنٌ.. هـلاّ تنــدّى جبـيـنٌ
مـا نفـضـت الأكـفَّ من ترب طـه*بعــد حتـى استفـاق حقـدٌ دفيـــنُ
وصــدورٌ مـوغــورةٌ وغضــونُ*فـي وجــوهٍ يـؤودهُـنَّ مجـــونُ
مــا توضّـأنَ بالغـديــر ولكــن*غارَ تحـت الجلـود جـدبٌ ضنـيــنُ
هـل تراهـا تطيـقُ طهــرَ علــيٍّ*وهـو يشـذى بمائِــهِ النسـريـــنُ
أم تــراهــا تــجلُّ فــاطمة الزهـراء ، والحــقُّ حــلفُهــا والديــنُ
وهُداهــا القــرآن والدمـع إلــفُ*وصــلاةٌ محــزونــةٌ.. وحنيــنُ
* * *
ألــفُ عــذراً يـا بـنتَ أحمد لـو يُـعصر صـدرٌ ، ولـو يُـطـاحُ جــنينُ
إنَّـها الـردّةُ اللـــعينــةُ والأطــماعُ ، والثــأرُ ، والعــمى ، والجــنونُ
حــملتْهـا بخــزيهــا صفّــيـن*ولـدى الطــفّ عــارُها مــرهونُ
وأطـاحـت بـالأزهـر الفــاطميّ المــجد ، وانــصاع تــحتَهـا يســتكينُ
وإلــى الآن لــم تــزلْ ورؤاهــا*ينسَـل الوهــمُ بيـنهـا والهــونُ !
والغــريُّ الـذي بهــا راح يصلـى*والبقـيــعُ الـذي بهــا مطعــونُ
وغــداً يثـقــلُ الحسـابُ عليهــا*كم يُؤدّى غـرمٌ ، وتُوفـى ديـــونُ ؟
فــوراء الغـيـــوبِ لله أمــــرٌ*ولخيـل المهــديّ شــوطٌ يحيــنُ !


فاتيما*
الاستاذ فرات الاسدي


صوتٌ يتصاعد في حنجرة الريح ، واُغنّيهْ
____________
(*) أسم مشهد في البرتغال يأوي اليه الزمنى والمرضى والمعاقون في ليلةٍ خاصةٍ مشهودةٍ كل عام ، محمّلين بالنذور فيبرؤوا في صباحه.


( 51 )

والنغم الخافقُ ينثالُ وئيداً
والشجر الخافقُ ينثالُ وئيداً
مزهواً بالصحو
وحبّات المطر المتساقطة ـ اللحظة ـ من وجه الشمسْ
صوتٌ يتصاعد ، والسربُ الموعودُ بأمنيّهْ
يتحاورُ في هَمسْ
يتنقّل في خطواتٍ لاهثة
فوق مدارج هذا الحُلْمْ..
مَن حدَّث تلك الأرواح الظامئة الحيرى ؟
أنَّ نهاراً يُولَدُ ، يمتدُّ
يرفُّ حماماتٍ من أجنحة اللَّهفهْ
مَن أودع في دمها السِرّا ؟
مَن أومأ للنور وسافر خلفهْ ؟
مَن فجّر في هذي الأرض الخزفية
ينبوعَ الزهراءْ ؟
مَن نضّر ذاكرةَ الأسماء ؟!
صوتٌ يتصاعد في النبع وئيداً..
يتهيّأ للُّقيا
ويُعوِّذُ في سرّ قرارته شبَحاً أبيضْ
عن نهرٍ نبويٍّ يَرفَضّْ
غدراناً من دمع يتفيّـا
فيه الواديْ
ويُسرِّبُ عاشوراء إلى كلّ بلادِ !


( 52 )

.. سوف يمرُّ على العاهات فيُبرئُها..
سوف يلملمُ من كلمات الفقراء براءتها ،
والمجذوبينْ
يمسحُ عنهم وجعاً وحنينْ
وسيحمل بين يديه نذورهم القرويّة
للربّ ، وللوجه القادم من عبق الشرقْ
.. يحمل ذكرى أبديّهْ
يا وجهاً يُوقظ في
الغابات نضارتها ، والبحر عواصفَهُ
مُرَّ على هذا الزمن المجدورْ
يا حُلماً بالوَهَج الدافقِ مضفورْ
يا حلُماً من نورْ
« فاتيما » تقتربُ الآن..
وينكسرُ البلّورْ !
عن تربته بدمٍ منحورْ
يهَبُ الثورة والخصبَ بذورهما ، .
يُطلقُ في الأرضِ الفرح المأسور !
« فاتيما » تقترب الآن..
وينكسرُ البلّورْ
تندلق الفرحة في الطرقات وفي الدور:
فاتيما
فاتيما
يا حُلُماً ممطور !
صوتٌ ينزف:
كان هنا ظلٌّ يحمل خطوتها..


( 53 )

يُشبه مشيتَها ،
كان هنا..
غادرت الأشياء جبلّتها ،
جاءت راكضةً
تهديها الورد الغضّْ
وتحيّيها
تمشي خلف خطاها تِيْها
والأطفال تُناديها:
فاتيما
يا مطراً أخضر
فاتيما
يا مصراً أخضر
صوتٌ يشهد:
هذا العالم مسكون بالخيبهْ..
بأجنّته النوويّة والغثيانْ
حدَّ الرهبهْ !
مسكون بالحقد الكافر والآلاتْ
تقطع أعناق الكلماتْ
تنفخُ في قنديل الروح صفيَر الظلمات !
والإنسانْ
حَنّط حُبَّهْ
زجَّجَهُ في دَنَسِ الرَّغبهْ !
صوتٌ يهتفُ:
يا فاتيما:


( 54 )

مُدّي للبحر نوافذهُ
وَدَعي أحزان الأشرعة الاولى
تنسربِ الآنَ مُغادرةً
من رئة الإعصار العاتي
فالبحر مواتيْ
يا فاتيما:
يا لُغة الطوفان الآتي !!
الملكوت الزاهر
الاستاذ محمّد سعيد الجشي


صلّـى الإلـه على البتـول وآلِهـا*من تخـضع الأمـلاك عنـد جلالِهـا
الطهـر فاطمـة سليلـة ( أحمـد )*من يشـرق الإعجـاز فـي أقوالهــا
ما قـورنت شمـس الضحى بسنائها*إلاّ تسـامـت رفعــــة بكمالهــا
هي شعلـة مـن ( أحمـد ) وضاءة*والشمـس تمنــح ضـوءها لهلالهـا
ما نالهـا غيـر ( الوصـي ) لأنّـه*ورث المكـارم مـن أجـل رجالهــا
فـاق الأنـام مناقبـاً وفضـائـلاً * رُدت إليـه الشمس بعــد زوالهــا
* * *
ما أعظـم ( الزهـراء ) درّة عصمة*قد عـمّ هذا الكــون فيـض نوالهـا
قـد أزهـر الملـكـوت من أنوارهـا*وسمـا رواق المجـد تحـت ظلالهـا
نبويـة الأعــراق طيـبـة الشذى*عطـر الجنان يضـوع من أذيالهــا
الله شرّفهــا وعظّــم شأنهـــا*وإمامـة الإســلام فـي أنجالهـــا
سادت نسـاء العالميــن بفضلهــا*وبطهــرها وفخارهــا ومقالهـــا


( 55 )

هـي شعلـة للحــق ناطقـة بـه*يزهو الهـدى بيمـينهـا وشمالهـــا
الكوثر العـذب الطهــور بنطقهـا*نبع الهـدى ينسـاب مـن سلسالهــا
شبـه ( الرسـول ) شمائلاً وخلائقـاً*ما ( مريـم ) في الفضل من أمثالهــا
مَن ذا يماثلهـا ( ففاطــم ) علّــة*يهمي سحاب الفضل مـن أفضالهــا
* * *
ما كـان يشبهـهـا بنهــج خصالهـا*إلاّ وريثـة نهـجـهـا وخصالهـــا
هي ( زينـب ) من أشعلـت بخطابهـا*قبسـاً يضـيء على مـدى أجيالهــا
قـد ورثـتهـا كـل فضــل بــاذخ*ولذا سمـت كالشمــس فـي أفعالهـا