647 - الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)

هو علي ابن أبي طالب عبد مناف  ، وقيل عمران بن عبد المطلب بن هاشم القرشي  ، الهاشمي  ، المكنى بأبي الحسن وأبي الحسين  ، وأبي الحسنين وأبي تراب  ، والملقب بألقاب كثيرة منها  : أمير المؤمنين والمرتضى وحيدر والأنزع البطين والوصي ويعسوب الدين ويعسوب المؤمنين  .

اُمه فاطمة بنت أسد بن هاشم  ، وكانت أول هاشمية تزوجها هاشمي  ، وكانت زوجته الأولى فاطمة الزهراء بنت النبي محمد (صلى الله عليه وآله)  ، ولم يتزوج في حياتها  ، وبعد وفاتها تزوج بعدد آخر من النساء  .

هو ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) وربيبه وصهره  ، وخليفته الحقيقي  ، وأول الناس اسلاماً وأقدمهم ايماناً بالله وبرسوله (صلى الله عليه وآله)  ، وأول الأئمة الاثني عشر أوصياء رسول الله وخلفائه  .

ولد بمكّة المكرمة وفي الكعبة المشرفة بالذات في الثالث عشر من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة  ، وقيل بتسع وعشرين سنة  ، أو في السنة الثالثة والعشرين قبل الهجرة  .

ربّاه النبي (صلى الله عليه وآله) وأدبه بآدابه وعلمه الفضائل والمعارف  ، فاهتدى بهدى النبي (صلى الله عليه وآله) واقتدى به قولاً وفعلا  ، ولازمه وصاحبه طوال حياته  ، واتخذه أخاً وخليلاً لنفسه بعد أن آخى بين المسلمين  .

كان (عليه السلام) عالماً في جميع العلوم والفنون  ، زاهداً  ، ورعاً  ، لا تأخذه في الله لومة لائم  ، أعبد أهل زمانه بعد النبي (صلى الله عليه وآله)  ، وكان أحلم الناس وأعدلهم وأفصحهم وأبلغهم  ، جواداً، سخياً  ، معصوماً  ، نزيهاً  ، نبيل الطينة  ، أصيل النسب  .

جاهد بين يدي رسول الله لاعلاء كلمة الاسلام  ، فشهد مع النبي (صلى الله عليه وآله)مشاهده فأبلى البلاء الحسن  ، لكونه أشجع الناس طراً بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)  ، لا  يجاريه في شجاعته وبطولته أحد من أقرانه ومعاصريه  .

باشر الحرب وعمره الشريف عشرون سنة  ، فما فر في معركة ولا نزال قط  ، ولا بارز أحداً الاصرعه  ، وكانت ضرباته وتراً  ، ولا دعي الى نزال أو مبارزة فنكل  .

شهدت بشجاعته الفائقة وبطولته المنقطعة النظير مبيته على فراش
النبي (صلى الله عليه وآله) ليلة الغار  ، ووقائع بدر واُحد والخندق وخيبر وحنين وغيرها من المشاهد  ، حيث قتل صناديد المشركين وجندل أبطال العرب وشجعانهم  ، وكانت رآية النبي (صلى الله عليه وآله) في جميع تلك المشاهد معه  ، فهو صاحبها دون سواه  .

كان (عليه السلام) عالماً بالقرآن والتوراة والانجيل  ، وروى عن النبى (صلى الله عليه وآله) جملة من الأحاديث  ، وروى عنه خلق من الصحابة والتابعين  .

نزلت في حقه كثير من الآيات القرآنية  ، وصرح النبي (صلى الله عليه وآله) في أحاديث كثيرة بمدحه وجلالة قدره والثناء عليه  .

مناقبه وفضائله لا تعد ولا تحصى  ، فلا يعرفها إلاّ الله ورسوله  ، فكان الأعداء يشهدون بكراماته وفضائله قبل شيعته ومواليه  .

كان (عليه السلام) أحد أصحاب الكساء  ، وأول أهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا  ، وهو صاحب يوم الغدير  ، ذلك اليوم الذي توجه الله والنبي (صلى الله عليه وآله) بتاج الخلافة والامامة  .

بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) خالفوا أوامر الله والنبي (صلى الله عليه وآله) فيه  ، فأبعدوه عن ميدان الخلافة والامامة وأجلسوه في داره سنين عديدة  ، حتى بايعوه للخلافة الظاهرية بعد مقتل عثمان بن عفان في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة 35 هـ  .

أعلن اعداؤه أعداء الله ورسوله الحرب عليه سراً  ، ثم اعلنوها جهراً وذلك في حرب الجمل سنة 36 هـ  ، وفي وقعة صفين سنة 37 هـ  ، وحرب النهروان سنة 37 هـ  ، وقيل سنة 38 هـ  ، فأخذ يباشر تلك الحروب بنفسه وخرج منها منتصراً بعد أن قتل الأبطال والشجعان  .

كان من ألد أعدائه الذين ابتلي بهم  ، وقد اجتمعت فيهم كل خصال الخسّة والحسد وعدم الايمان بالله وبرسوله (صلى الله عليه وآله)  ، وكانوا يظهرون الاسلام ويبطنون الكفر والشرك منهم اُمُّ المؤمنين بنتُ أبي بكر  ، ومعاوية بن أبي سفيان  ، وعمرو بن العاص وغيرهم من حثالات البشرية وشذاذ الآفاق  .

ولم يزل يعاني الأمرّين من أعدائه - أعداء الله - حتى استشهد بالكوفة في الواحد والعشرين من شهر رمضان سنة 40 هـ  ، وعمره الشريف يومئذ ثلاث وستون سنة  ، وقيل أربع وستون سنة  ، وقيل خمس وستون سنة  ، ودفن في النجف الأشرف  .

كان استشهاده على يد أشقى الأولين والآخرين عبد الرحمن بن ملجم المرادي الخارجي  ، طمعاً في الازدواج من قطام بنت الأخضر بن شجنة التيمية من تيم الرباب  ، التي قتل الامام (عليه السلام) أباها وأخاها يوم النهروان  ، وكانت فائقة الجمال  ، فطلب عبد الرحمن الازدواج منها  ، فجعلت شروطاً لذلك منها  : ثلاثة آلاف وعبد وقينة وقتل الامام (عليه السلام)  ، فوافق على تلك الشروط  ، فأقدم على قتل سيد الأوصياء وأعظم شخصية اسلامية بعد النبي (صلى الله عليه وآله) من حيث العبادة والشجاعة والزهد والتقوى  ، وصاحب أول جامعة اسلامية انبثقت منها اشعاعات المعارف والثقافات والقيم الاسلامية  .

من جملة آثاره الكثيرة جمع القرآن وتأويله  ، وأملى كتاباً فيه ستين نوعاً من أنواع علوم القرآن  ، وألف كتاباً في زكاة النعم  ، وكتاباً في الجفر والجامعة  ، وصحيفة الفرائض  ، وألف كتاباً في أبواب الفقه  ، وله وصية مهمة ارشادية الى ابنه محمد بن الحنفية  ، وكتب عهداً الى مالك الأشتر النخعي  ، وله كتاب في عجائب قضاياه وأحكامه  ، وله (الصحيفة العلوية)  ، و(جنة الأسماء)  ، و(المسند)  .

قام جماعة من العلماء والادباء بجمع كلامه وخطبه وأشعاره في مجاميع ومؤلفات كنهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي  ، والذي استدرك عليه الشيخ هادي ابن الشيخ عباس الفقيه النجفي ما فات من كلامه (عليه السلام)  ، وجمع الجاحظ مائة كلمة من كلماته (عليه السلام)  ، وقام الوطواط الأنصاري بتأليف كتاب سماه (مطلوب كل طالب من كلام علي بن أبي طالب (عليه السلام))  : وجمع عبد الواحد الآمدي كلمات الامام (عليه السلام) وسماه (غرر الحكم ودرر الكلم)  ، وكتاب (نثر اللاليء) لأبي علي الطبرسي  ، وكتاب (دستور معالم الحكم)  ، وكتاب (قلائد الحكم وفرائد الكلم) جمع القاضي أبي يوسف الاسفرايني  ، وكتاب (معميات علي (عليه السلام))  ، وكتاب (أمثال الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام))  ، و(ديوان شعر الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)) وغيرها  .

من شعره (عليه السلام) يوم بدر  :

بازل عامين حديث سني***سنحنح الليل كأني جني

لمثل هذا ولدتني اُمي***ما تنقم الحرب العوان مني

من شعره (عليه السلام) يوم الخندق  :

أعلي تقتحم الفوارس هكذا***عني وعنهم خبروا أصحابي

اليوم تمنعني الفرار حفيظتي***ومصمم في الرأس ليس بنابي

ومن شعره (عليه السلام) يوم خيبر  :

أنا الذي سمتني امي حيدرة***كليث غابات شديد قسورةْ

ومن شعره عند مبارزته لعمرو بن عبد ود العامري  :

لا تعجلن فقد أتا***ك مجيبُ صوتك غير عاجزْ

ذونية وبصيرة***والصدق منجي كل فائزْ

اني لأرجو أن أقيـ***ـم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبـ***ـقى صيتها بعد الهزائز

ومن شعره (عليه السلام) بعد استخلافه  :

اني عجزت عجزة لا أعتذر***سوف أكيس بعدها وأستمر

أرفع من ذيلي ما كنت أجر***وأجمع الأمر الشتيت المنتشر

ان لم يشاغبني العجول المنتصر***أو تتركوني والسلاح يبتدر

وله (عليه السلام) في ذم الدنيا  :

أرى علل الدنيا علي كثيرة***وصاحبها حتى الممات عليلُ

لكل اجتماع من خليلين فرقة***وكل الذي دون الممات قليل

وان افتقادي فاطماً بعد أحمد***دليل على أن لا يدوم خليل

وله (عليه السلام) أيضاً  :

ألا فاصبر على الحدث الجليل***وداو جواك بالصبر الجميلِ

ولا تجزع وان أعسرت يوماً***فقد أيسرت في الزمن الطويل

ولا تيأس فان اليأس كفر***لعل الله يغني عن قليل

وله (عليه السلام) من أبيات قبيل استشهاده  :

تلكم قريش تمناني لتقتلني***فلا وربك لا فازوا ولا ظفروا

فان بقيت فرهن ذمتي لهم***بذات ودقين لا يعفو لها أثر

وسوف يورثهم فقدي على عجل***ذل الحياة بما خانوا وما غدروا

المراجع  :

أعيان الشيعة ج1 ص323 - ص562  . الذريعة ج9 قسم 3 ص738  . الغدير ج2 ص25 - ص33  . الارشاد ص9 - ص187  . المناقب لابن شهر آشوب ج2 وج3 من أوله الى ص317  . الموسوعة الاسلامية ج6 ص96  . اثبات الوصية ص104 - ص133  . سفينة البحار ج6 ص375 - ص386  . فرق الشيعة راجع فهرسته  . تاريخ اليعقوبي ج2 ص178 - ص214  . رجال الطوسي ص22  . المجدي في أنساب الطالبيين ص9 - ص11  . تنقيح المقال ج2 ص264  . كشف الغمة ج1 ص59 - ص374 وج2 ص2 - ص69  . مقاتل الطالبيين ص24 - ص45  . حلية الأولياء ج1 ص61 - ص87  . السيرة النبوية لابن هشام راجع فهرسته  . الروض الانف ج5 ص60 وص77 وص364 وص462  . ادباء العرب للبستاني1/260 ـ 263 و355، تاريخ أبو الفداء 2/81 ـ 95، الوافي بالوفيات 21/269 ـ 281، السيرة النبوية لابن اسحاق راجع فهرسته، اسد الغابة 4/ 16 ـ 40، البداية والنهاية راجع فهرسته، العبر ج1 ص33 وص34  . المنتظم ج5 ص172 - ص179  . الأعلام ج4 ص295 وص296  . تهذيب الكمال ج13 ص293 - ص306  . جوامع السيرة النبوية ص206  . عيون الأخبار ج2 ص235 - ص237  . تاريخ بغداد ج1 ص133 - ص138  . تجريد أسماء الصحابة ج1 ص392  . الحيوان راجع فهرسته  ، جامع كرامات الأولياء 1/154 ـ 156، الأغاني راجع فهرسته  ،  جمهرة أنساب العرب ص37 وص38  . تذكرة الخواص ص2 - ص191  . وقعة صفين راجع فهرسته  . الامامة والسياسة ج1 ص46 - ص140  . تقريب التهذيب ج2 ص39  . صبح الأعشى راجع فهرسته  . المورد ج1 ص77  . السيرة الحلبية ج1 ص268 وج3 ص182 وص205 وص206  . كتاب المناقب للخوارزمي  . تهذيب التهذيب ج7 ص294 - ص298  . خلفاء الرسول ص349 - ص481  . وفيات الاأعيان راجع فهرسته  . الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص19 - ص31  . تذكرة الحفاظ ج1 ص10 - ص13  . تاريخ الاسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص621 - ص652  . ربيع الأبرار راجع فهرسته  . غاية النهاية ج1 ص546 وص547  . العقد الفريد راجع فهرسته  . أيام العرب في الاسلام ص321 - ص389  . المعارف ص117 - ص127  . شذرات الذهب ج1 ص49 - ص52  . تاريخ ابن خلدون راجع فهرسته  . كفاية الأثر ص143 - ص159  . الثقات ج2 ص279 - ص304  . دول الاسلام ص20 وص24  . مروج الذهب ج2 ص358 - ص438  . كتاب كفاية الطالب  ، نهاية الارب في معرفة أنساب العرب ص142 - ص144 وص416 وص418 وص422  . خلاصة تذهيب الكمال ص274 وص275  . تاريخ الطبري ج4 ص2 - ص121  . نور الأبصار ص85 - ص122  . الاصابة ج2 ص507 - ص510  ، الطبقات الكبرى للشعراني 1/19 ـ 21، الاستيعاب ـ حاشية الاصابة ـ 3/26 ـ 68، المقالات والفرق 124 و125، معجم المؤلفين 7/112، الطبقات لخليفة بن خياط ص30 وص213 وص321  . طبقات الفقهاء ص22 وص23  . المغازي راجع فهرسته  ، الصواعق المحرقة 115 ـ 135  ، البيان والتبيين راجع فهرسته  ، الكامل في التاريخ ج3 ص190 - ص198 وص201 - ص287 وص289 - ص350 وص372 وص387 - ص402  . الاعلام بوفيات الأعلام ص34  . تاريخ خليفة بن خياط ص135 - ص140 وص144 - ص152  . المحبر راجع فهرسته  . النجوم الزاهرة ج1 ص97 - ص120  . الروض المعطار راجع فهرسته  . صفوة الصفوة ج1 ص308 - ص335  . نسب قريش ص39 - ص46  . التاريخ الكبير ج6 ص259  . مرآة الجنان ج1 ص108 - ص117  . مشاهير علماء الأعصار ص6  . تاريخ الخلفاء ص116 - ص187  . تهذيب الأسماء واللغات ج1 ص344 - ص349  . المدهش ص128 - ص130  . معجم الادباء ج14 ص41 - ص50  . حبيب السير (فارسي) راجع فهرسته  . تاريخ گزيده (فارسي) راجع فهرسته  . مجمع الآداب ج5 ص180 - ص182  . معجم الشعراء للمرزباني ص116  . وهناك مجاميع ومؤلفات كثيرة حول ترجمة وشخصية وعظمة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)يصعب على المتتبع حصرها  .